عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة > روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة

روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة يمكنك قراءة جميع الروايات الكاملة والمميزة هنا

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 06-11-2014, 08:53 PM
 
ازدواج ( 10)


تحدث بثقة وهدوء وبصوت غريب قائلا :
انا ( عدل )
انتفضت كل ذرة من كياني بقوة وانا اقول :
عدل من ؟! ..
قال بهدوء صارم :
لا تكذب .. انك تعرفني بعد ان قرأت رسالة بدر لي .. لقد كشف بدر أمرك لانك لم تقم بطي الرسالة كما كانت فعرف بدر ان احدهم قد فتحها .. ولم يدخل احد غرفته سواك !! .. لقد اخبرني بهذا ..
ثم سكت قليلا وكانه يحاول ان يعرف تأثير كلامه علي ..
فاردف بعدها قائلا :
لا تخش شيئا .. فلست هنا لإيذائك .. اريد ان اعرف شيئا واحدا ..
لماذا تدخلت فيما لا يعنيك ؟! .. لماذا تجسست على بدر ؟! ...
لن اكذب .. انه يعرف كل شيء :
لقد .. لقد فعلت هذا بدافع الفضول ..
نظر ألي للحظات .. ثم قال بهدوء :
ولكنني اعني تماما ما ساقول .. انصحك الا تخبر احد بما قرات وعرفت .. انت انسان خير وطيب القلب كما عرفت عنك .. ولا اريد ايذائك .. واذا ابلغت الشرطة فلن يمنعني شيئا ولا حتى الشرطة انفسهم ... من الوصول اليك .. لقد وصلت هذة المرة الى غرفتك .. ولن يمنعني شيئا من قتلك .. لا تجبرني عل هذا .. لقد قتلت راشد لانه يستحق الموت وانت تعرف ما فعلة برهام ..
سالته بدهشه وقد تذكرت شيئا هاما :
لحظة كيف دخلت الى هنا ؟!
قال لي وهو يتجه ناحية الشرفة :
بنفس الطريقة التي ساخرج بها .
تحرك بعدها بخفة متناهية لا تصدق ناحية الشرفة حتى شعرت لوهلة بأنه يملك سرعة البرق وقوة الفيضان ..
هبط من شرفة غرفتي الواقعة في الدور الثالث ليختفي بعدها .. قمت مسرعا الى الشرفة لكنني لم اجده .. لقد اختفى .. تلاشى تماما !! .. ظللت انظر الى اسفل ببلاهه مندهشا من الوسيلة التي صعد بها وهبط دون الاستعانه بحبل مثلا .. اقسم لكم انه كان يتحرك كالقطة ان هذا الشخص ذو قدرات مخيفة بالفعل ..
جلست على الفراش أضم ركبتي الى صدري وانا افكر بتوتر شديد .. انه حتى لم يتخذ أي احتياط ولم يجلب معه سلاحا تحسبا لأي هجوم مفاجئ مني .. لقد كان يعرف تاثيرة النفسي علي وهو يثق بقوته وقدراته كما كان واضح .
سر مخيف يحيط بهذا المقنع المدعو ( عدل ) .. لم استطيع بالطبع ان اعرف عمرة .. اشعر انه يلعب دور ( باتمان ) في القصص الهزلية حين يعاون الشرطة ويصطاد المجرمين ..
حاولت ان انام لكني عجزت .. والسبب هو اني شعرت ان شيئا مهما سرق مني ..!!
الأمان ..
فلا اطيق ان اتصور ان متسللا كان في غرفتي مهما كانت دوافعه ..
وفي اليوم التالي وبعد العودة من المدرسة .. خرجت في المساء لازور بدر .. وقد استقبلني هذة المرة بترحاب كعاته على عكس طريقته الغريبة معي بالأمس .. يبدو انه لا يعرف ما فعلة صديقة في الأمس .. سأكشف كل شيء الآن .. اعتقد ان الوقت قد حان للمواجهه .. و ..

( بدر ) لقد زارني بالامس صديقك ( عدل ) او الأجدر .... ملاكك الحارس ..
نظر الي بارتباك شديد .. حاول ان يجد شيئا ليقولة .. واكملت بغضب :
اعترف انني قد قرأت رسالتك له .. وانني اعتذر عن تدخلي في شؤونك .. وقد عرفت انت بذلك واخبرت صديقك المخيف هذا أليس كذلك ؟! .. لقد اقتحم غرفتي مساء امس وهددني بالقتل ..
قال لي مذهولا :
صدقني .. انني ... انني لم اتوقع منه ان يفعل ذلك .. لقد أخبرته بأنك قد قرأت رسالتي له وعلمت بامرة .. ولكن لم اتوقع منه ان يزورك ويهددك .. هل أذاك ؟! ..

زفرت بقوة مفرغا توتري لاقول :

لا .. يظهر انه رجل خير .. ويريد تطبيق العدالة بطريقته الخاصة ولا ادري في الواقع ان كان هذا عملا خير ام لا ... ان الصراع في نفسي على اشده ... أحيانا أؤيده لا بد من احد ان يفعل شيئا ويوقف اناس ك ( راشد ) عند حدهم .. واعارضة لانه لا يجوز لانسان ان يطبق القانون بطريقته الخاصة .. ولا لتحول مجتمعنا الى غابة ..
- خالد ... أرجوك لا تدمرني .. أرجوك .. لا احد يعرف ان لي صله بالامر ...
قلت له بشيء من الحدة :
- ما فعلة صديقك امر بشع للغاية .. لماذا مثل بجثة راشد بهذة الصورة البشعه .
- انه لم يمثل بجثته .. بل فعل كل شيء قبل ان يقتله .. سوى تدوير عنقه طبعا .. كان يريد منه ان يتعذب ليذيقة بعضا مما اذاق الكثيرين .
رفعت حاجبي مذهولا .. يا الهي .. هل قام بتعذيب راشد بالفعل بتلك الوسائل البشعة من تهشيم اطرافة وطعنه في اماكن متفرقة من جسدة قبل ان يقتله ؟! .. يبدو انه قويا فعلا كي يفعل هذا بشخص كـ ( راشد ) ..
سالت بدر بحدة :
اذا فقد كان صراخك وكل ما فعلته عندما رايت جثة راشد مجرد تمثليه قمت بها كي توهم الجميع بانك مصدوم بقتله ؟! ..
صاح قائلا :
لا ... اطلاقا .. لقد تعمدت في البدايه ان اذهب الى الفصل مبكرا لاشاهد جثة راشد بعد ان اخبرني ( عدل ) ان الانتقام قد تم .. لا ادري لماذا فعلت ذلك .. قد يكون الاحساس بالذنب .. انت تعلم لسنا بقتله وحتى قتل شخص ك راشد ليس بالامر السهل .
سالته السؤال الاهم :
كيف عرفت ( عدل ) .. ومن هو اصلا ؟! ...
صمت ثم قال بهدوء :
اسف .. لا استطيع ان اجيبك .. انني اؤمن برسالته تماما فهو محارب للجريمه .. ويتحرك حين يعجز القانون عن احقاق الحق .. واخبارك بالامر سيكون مجازفه كبيرة في كشف هويته .. ولو ابلغت عني فلن انطق بحرف حتى وان كلفني هذا حياتي .
ثم قال بلهجة العليم ببواطن الامور :
ان ( عدل ) قد قام بقتل اربع مجرمين حتى الان .. من تجار مخدرات .. وسارقين ..
مصدر قوته شجاعته وهدوئه الشديدين في التعامل مع الامور .. مع اجادته التامه لفنون القتال .. انه يتحرك بسرعه وخفه .. فيضرب ضربته ويختفي .. وثقته بي هي وسام على صدري .. فلا تتوقع مني اخبارك بشء .. انا اسف



  #22  
قديم 06-11-2014, 08:53 PM
 
ازدواج ( 11)


صعقت تماما من هذا الكلام .. هل من الممكن ان يوجد شخصا كهذا في الكويت .. ان وجود محارب مقنع عينة ( باتمان ) امر خيالي لا يمكن ان يمت للواقع بصله ..
اكاد لا اصدق !!
خرجت من منزله عاجزا عن اتخاذ أي رد فعل من غرابه ما يحدث خرجت هائما لا اعرف ما افعل .. وشعرت بان معدتي فارغة حيث انني لم اتناول شيئا من الصباح بسبب انشغال ذهني بهذة القصة العجيبة .. فقررت الذهاب الى احد المطاعم لتناول العشاء .. واتصلت بجدتي من هاتف المطعم لاخبارها بانني ساتاخر قليلا .. اريد ان افكر بما يحدث .. ان هذا التطور خطير بالفعل .. لا زلت متردد بين ابلاغ الشرطه بالامر .. او نسيان الامر برمته طالما ان انتقامي قد تحقق على يد شخص لا اعرفه وبتوجيه من شخص اعرفة !!
جلست افكر وافكر دون جدوى .. ولم اكن اعلم انني بعد فترة بسيطه جدا ساكتشف الامر برمته ... وقد جاء هذا بمحض الصدفة !! ..
ظللت جالسا في المطعم افكر وافكر حتى جاء الطعام .. فشرعت بالاكل التهمه وذهني مشغول .. كان يجلس في طاولة قريبه شخصين كبيرين في السن يتحدثان بصوت مرتفع ويظهر انهما زميلا عمل .. اذ كانا يتحدثان عن رئيسهما بالعمل ويمتدحان اسلوب ادارته فقد قال احدهم :
ان شخصيته مثيرة للاهتمام بالفعل .. فهو اداري ناجح يعرف كيف يتعامل مع كل المشاكل التي يواجهها ..
فيرد زميله ويقول :
وما يثير اعجابي اكثر هو انه .. وبرغم الوداعة الظاهرة على وجهه .. يتحول الى مقاتل شرس لا يكف لحظة عن المطالبه بحقوق موظفيه اذا ما ظلم احدهم ..
ظلو يتحدثون للحظات لم اكن افعل فيها سوى الاكل والاستماع اليهما .. ليس من باب الفضول .. بل بسبب صوتهما المرتفع ..
اخاطب نفسي بهدوء واقول :
لا بد ان رئيسهما في العمل شخصا رائعا بالفعل .. انه لا ... !!

لم اكمل عبارتي فقد التفت بحدة الى الرجلين دون ان ينتبها .. افكر قليلا واربط بعض النقاط التي لم انتبه اليها في البداية ببعضها .. ووجدت نفسي انهض من على الكرسي بحدة دون قصد ..واتذكر نقطه صغيرة لم يكن لها أي معنى .. ولكنها الان تعني الكثير وتكشف كل شيء .. كل شيء دون استثناء !! ..
هل .. هل من الممكن ان يحدث شيئا كهذا ؟! .. يا الهي لقد فهمت كل شيء .. لقد كشفته بصدفة بحته !! .. وبفضل هذين السيدين اللذين تحدثا عن رئيسهما في العمل .. لقد انتبه عقلي الواعي الى نقطه بالغة الاهميه لم انتبه اليها بالسابق .. عرفت كل شيء .. يجب ان اواجه بدر بهذا .. سيكون بدر اكثر شخص يهمه ان يعرف هوية ( عدل ) الحقيقية !! .. دفعت ثمن الفاتورة وعدت مسرعا الى البيت وفي ذهني خطة بسيطة يجب ان اقوم بها للتاكد من استنتاجي ..
اتصلت ببدر وقلت له بانني قررت ابلاغ الشرطة وانني سافضح ( عدل ) وان المسالة هي مسالة مبدا .. ولم ابه لبكائه وتوسلاته .. فاقفلت السماعة بوجهه ..
ان عدل سيزورني في المساء لتهديدي .. انني اراهن على ذلك ..
قبل موعد النوم .. اعددت كل شيء عدته ... فقمت باطفاء النور في كل مكان في الشقة وقبلت جبين جدتي وتأكدت ان الخادمة الاسيويه قد ذهبت الى الفراش ..ذهبت بعدها الى فراشي وتدثرت بفراشي بالغطاء منتظر قدومة وكان قلبي يخفق كالطبل وكنت احاول ان لا اصدر أي صوت او حركة كي يظنني نائما اذا ما اقتحم غرفتي ..
وتعمدت عدم قفل الشرفة لافسح له المجال كاملا للدخول ..
ظللت متيقظا لاكثر من ساعة في فراشي افكر فيما سيحصل..
من اين سياتي .. هل من الباب .. من الشرفة .. من المطبخ من تحت الاريكه .. من يدري ؟! .. ربما هو موجود بالشقة قبل ان اطفا النور في مكان ما .. وربما هو الان قابع في الظلام ينتظر .. اقشعرت للفكرة الرهيبة !! .. تصلبت للحظة من شدة الخوف .. اعلم ان ( عدل ) لا يؤذي سوى المجرمين والمفسدين .. ولكن ماذا لو كان استنتاجي خاطئا ؟! ..
قطع حبل افكاري صوتا يوحي بان هناك من يمشي في الغرفة ..
حركة خافته جدا من المستحيل ان اشعر بها لو كنت نائما .. وشعرت بعدها بيد تحاول ان تزيل عني اللحاف ..!!
فنهضت من مكاني كالملسوع شاعر بخوف حقيقي وان كنت متوقعا تلك الزيارة !! ..
ولكن وقع المفاجأة كوني مستيقظا لم يسبب أي ارباك لـ ( عدل ) الذي وقف بثبات وهو ينظر الي بهدوء .. انه يملك اعصاب فولاذية بالفعل ..
ظللنا لوهلة نحدق ببعضنا البعض ..
وقبل ان انطق باي كلمه ... بادرني هو بالحديث قائلا :
انت تجبرني على قتلك .. لماذا تفعل هذا ؟! .. انني لا ارغب سوى بتحقيق العدالة والقضاء على المجرمين ماذا افعل كي تقتنع برسالتي ؟! ..
قلت له وقد صار قلبي يخفق كالقرد المسعور ان كانت القرود تصاب بالسعار -:
هل ثارت لــ ( بدر ) .. ام انك ثارت لنفسك ؟!!!! ....
شعرت بــ ( عدل ) قد توتر فجأة .. فقد انتفض جسدة بطريقه لا يمكن الا الاحظها وقال بعد فترة من الصمت وبصوت مبحوح بعض الشيء :
هل .. هل تريد المماطلة لسبب ما ؟! .. ام انك تمارس الحيلة لغرض في نفسك ؟!
قلت بصوت بدا اكثر ثقة بعد ان عرفت انني على حق كما يبدو من اهتزاز ثقته :
هل نسيت شقيقتك يا ( بدر ) ؟!!! ... هل نسيت ما فعل ( راشد ) مع ( رهام ) وكيف دمرها وسلبها اعز ما تملك ؟!
هل نسيت ما فعلة والدك بك وبوالدتك وبشقيقتك ؟! ..
لقد عشت حياتك ضائعا يا ( بدر ) .. كنت تعشق ابطال افلام الحركة وتعلق صورهم في كل مكان في غرفتك وتعيش بحلم خيالي هو ان تكون مثلهم وتقضي على الشر اينما وجد .
تراخى ثبوت ( عدل ) او ( بدر ) بعد ان عرفنا هويتة الحقيقية وبدا مترددا حتى كاد ان يقع على الارض ..
فقال بصوت باك متخاذل :
اصمت ... اصمت والا قتلتك ..
تجاهلت تهديدة وانا اقول بثقة :
لقد تفجرت الثورة في اعماقك منذ كنت صغيرا عندما كان والدك يشبعكم ضربا وهو تحت تاثير الخمر واحيانا المخدرات .. مما فجر في اعماقك حقد شديد عليه بسبب قسوته فتمنيت ان تتمكن من الانتقام .. كنت تتمنى لو انك شخصا قوي الشخصيه تستطيع الدفاع عن نفسك ووالدتك واختك اللتان تحبهما بجنون .. فكنت تشاهد الكثير من افلام الحركة .. واشتريت العديد من الكتب الخاصة بتعليم فنون القتال والرياضات الدفاعية الاخرى ورحت تمارسها وتتدرب عليها وقد اثار حيرتي كثيرا وجود تلك النوعية من الكتب في غرفتك .. خاصة بكمياتها الكبيرة .. لكني كنت اعزو هذا الى عقدة نفسية وشعور بالنقص .. ولكن المشكلة هي انك كنت تحتاج الى ما هو اكثر من هذا .. كنت تحتاج الى قوة الشخصيه .. والشجاعة .. وكل هذة من الاشياء مفقودة في شخصيتك النمتخاذله المسالمة .. وظل عقلك الباطن يلح عليك شيئا فشيئا ان تثار من والدك الذي كان يمثل لك الشر في هذا العالم .. في حين يكبت عقلك الواعي تلك الرغبة بسبب صفاتك السلبيه .... وشيئا فشيئا انتصر عقلك الباطن على عقلك الواعي .. وتولدت في اعماقك شخصيه اخرى .. هي شخصيه محارب الجريمة ( عدل ) ..



  #23  
قديم 06-11-2014, 08:55 PM
 
ازدواج ( 12) والاخير

سكت قليلا لاضي الغرفة .. فرايته بعدها وهو ينظر الي بعينين دامعتين دون ان ينطق بحرف .. فاكملت قائلا :
وفي ليله وضحاها اشتريت تلك الملابس وغطاء الوجه املا بالانتقام من ( راشد ) .. فوالدك توفي في السجن ولا مجال هناك للثار منه بعد وفاته بالطبع .. ولكن ( راشد ) الذي تسبب في انتحار شقيقتك كان حرا طليقا .. فقمت ببعض التحريات حتى علمت بأسلوبه في الغش فتسللت الى المدرسة بلباس محارب الجريمة ( عدل ) واقتحمت الفصل .. وهناك بالطبع مارست كل ما عرفته وتعلمته من فنون القتال التي كنت تعجز بشخصيتك الاخرى عن استخدامها .. وقمت بقتل ( راشد ) ...
واعتقد انك شعرت بنشوة رائعه عند تحقيق انتقامك من ( راشد ) فلم تتوقف .. وقتلت غيرة من مروجي مخدرات ومجرمين بوسائل اجهلها بالواقع .. لقد قمت باعمال جبارة لا يمكن ان تقوم بها بشخصيتك الحقيقيه .. وقد اعتبرت ( عدل ) شخصيتك الاخرى صديقا مخلصا ومثلا اعلى فقمت تراسلة وتحكي له اسرارك .. وتعتبرة ملاكا حارسا لك .. دون ان تعلم انك وهو شخص واحد ..
انك مصاب بمرض نفسي يطلق عليه ( ازدواج الشخصية ) يا بدر فهي حالة يجمع فيها المريض بين شخصين منفصلين يتناوبان الظهور .. فأصبحت تعيش بشخصيتين متناقضتين تماما بحيث انك نفسك لا تعلم انك ( عدل ) الجسور محارب الجريمة ..
انتهيت من كلامي .. وكان بدر وقتها قد انهار تمام بعد ان استمع الي بصمت حزين والدموع تنهمر من عينيه .. فوقع على الأرض وهو يلهث بقوة .... ويقول بعدها بخفوت وبصوت باك متخاذل :
انت كاذب ... كاذب .. لا يمكن ان اكون ( بدر ) ... مستحيل ..
اكملت حديثي بتأثير وقد شعرت بأنني أيضا على وشك البكاء :
لقد ساعدني على كشف امرك شيئين .. الاول هو حديث رجلين سمعته بالصدفة عن شخص ثالث ذكروا انه يتحول من الوداعة الى الشراسة في سبيل الحق .. وكانت هذه العبارة مفتاح كشف اللغز .. فهناك ما يطلق عليه اسم ( تداعي الأفكار ) وهذا يعني ان عبارة واحدة تسمعها في مكان ما .. قد تقودك الى تذكر مشهد او حدث ما أو عبارة ثانية وثالثة .. وهكذا تتداعى عدة احداث دفعة واحدة ليؤدي تجمعها الى صنع صورة واضحة تؤدي الى كشف الامر فعندما سمعت كلام الشخصين ... تذكرت انك في زيارتي لك في ألامس قد استقبلتني بنوع من الجمود وبنظرات صارمه لم اعتدها منك اطلاقا .. لقد عرفت السبب الان .. وهو في ذلك الوقت كنت تعيش شخصيتك الاخرى !! .. وهناك ايضا نقطة بالغة الاهمية ولا ابالغ لو قلت انها السبب الرئيسي .. الا انني لم أعرها أي اهتمام في بادي الامر .. فانا اعرف انك اعسر أي تستخدم يدك اليسرى بدلا من اليمنى .. ولكنك بالأمس واثناء زيارتي لك قد استخدمت يدك اليمنى بتلقائية واضحة لا تخطئها العين عندما قمت بتشغيل جهاز التلفاز باستخدامك الريموت كنترول بالبحث عن القنوات .. دعك من انك لم تقل الكثير في زيارتي تلك .. لانك في شخصيتك الاخرى تتحدث بثقة ودون تلعثم .. ولم انتبه لهذة النقطه لرغبتي بالخروج سريعا بعد قر ائتي للخطاب .. وقد حرمني هذا من ان اتبادل معك اطراف الحديث فبالتالي كان من غير الممكن ان انتبه الى نطقك السليم !!
انتهيت من كلامي وبالطبع انهار ( بدر ) تماما بعد كل هذا .. فنهضت من الفراش بهدوء مهيب سببته رهبة الموقف واقتربت منه وهو متكور على الارض يبكي بحرقة .. فقمت وازحت عن وجهه القناع لارى وجهه وقد احمر بسبب بكائه الذي جعل العبرات تنزل من عيني دون ان ادري .. وقلت له بتعاطف :
انك غير مسؤول عما فعلته يا بدر .. ستوضع تحت اشراف علاجي .. انها حالة مرضيه .. حالة نفسية معقدة .. لن يعاقبك احد .. صدقني .
التف الي .. وقال بانكسار :
لا .. لا يمكن ان اقضي حياتي في مستشفى الامراض النفسية .. لقد انتهى كل شيء يا خالد لقد انتهى ( عدل ) .. وانتهى ( بدر ) .. ولن أستطيع إنقاذ أي منهما نهض بعدها من مكانه وخرج من غرفتي بتخاذل ..
حاولت اللحاق به لكني خشيت ان نثير أي صوت قد يوقظ جدتي او الخادمه فتركته يبحث عن باب الخروج الى ان وجدة دون صعوبه بسبب صغر مساحة الشقة ..ليرحل بعدها وانا اخشى اعتراض سبيله ..
يالي من غبي .. لم اخطط لما قد يحدث بعد ان اكشف الحقيقة .. كيف سأوقف بدرالان ؟ ...
هل ابلغ الشرطه بالأمر ؟! .. ان هذا قد يكون امر حتميا الان .. لان بدر يحتاج الى علاج نفسي ولا يمكن ان يحدث هذا دون ان تعلم الشرطه بالامر لذا يجب ابلاغهم .
عدت الى غرفتي وجلست على الفراش افكر بحيرة بما قد يحدث .. لا اعرف كيف استطيع الوصول الى اعماق بدر ودهاليزة النفسية المعقدة .. انها الصدفة كما ذكرت .. او الحظ مع بعض الاستنتاجات .. ولم اتمكن بالطبع بعد كل هذا من العودة الى النوم .. فظللت مستيقظا الى ان جاء وقت المدرسة .. فكان يوما مرهقا بحق .. وقد بحثت عن ( بدر ) لكنه لم يأت .. فأتصلت بمنزلة بعد الظهر لاعرف من والدته انه ...
قد انتحر !!
وجدوا جثته في احد المناطق السكنيه الجديدة التي لم يمتد اليها الزحف العمراني بصورة كاملة ..وقد انتحر بنفس الوسيلة التي انتحرت بها شقيقته ..
كان خبرا مفجعا بحق .. وقد شعرت بحزن هائل تأثرا بما حدث .. وان كنت اعرف بانني لم اكن اجرؤ على ابلاغ الشرطه عن نظريتي خوفا من الا تكون صحيحة .. لذا فاثرت ان اقوم بكل شيء بنفسي .. دعكم من احد لن يصدق ان شخصا لم يبلغ الثامنة عشر من العمر قد كشف امرا كهذا من مجرد استنتاجات .. انها الصدفة .. الصدفة التي لعبت دور كبير في تلك القصة العجيبة .. وقد قيدت قضية مقتل ( راشد ) ضد مجهول بعد ان عجز رجال الشرطة عن كشف ملابساتها .. ولم أشأ إبلاغهم بما عرفت كي لا يبدو ( بدر ) للجميع بمظهر المجرم القاتل ..
لقد قابلت ام ( بدر ) بعد ان هدأت الامور وبعد تحقيقات الشرطه المكثفة معها لمعرفة اسباب الانتحار دون ان يصلوا الى نتيجه بالطبع ..وقد عزوا حادثة الانتحار الى الظروف الصعبة التي عاشها تحت ظل تلك الاسرة المنكوبه .. ولي ان اتخيل حال امه فور معرفتها بنبأ انتحارة .. لقد علمت منها انها كادت ان تصاب بانهيار عصبي .. ومن يلومها بعد ان فقدت ولديها في حوالي ثلاثة شهور ؟! .. فكانت تبكي .. وتهدأ .. فتغرق في البكاء والصراخ مرة اخرى ...
وقد اخبرت ام ( بدر ) بكل شيء اخبرتها ان ابنها كان بطلا وثأر لشقيقته .. وبالطبع لم تكن امه تعلم شيئا عن أي شيء فصعقت تماما لما سمعت مني .. واتسعت عيناها المتقرحتان من شدة البكاء ذهولا ..
لقد تجرأت اكثر من ذلك وحدثتها عن وسيلة البحث عن لقمة العيش التي تتبعها .. وطلبت منها ان تتوب الى الله سبحانه وتعالى .. كما وعدتها انني سأساعدها قدر المستطاع وبالفعل فقد تمكنت بعد فترة وجيزة ان احصل لها على راتب شهري من احدى الجهات الخيريه وقد قام احد المسؤولين في تلك الجهة بإيجاد عمل لها يدر دخلا لا باس به على الإطلاق كي تعيش بقية حياتها بعيدا عن الحرام ...
شكرتني كثيرا بعد كل هذا ...
لقد انتهت احداث هذة القصة الغريبة .. وانا سعيد جدا لنهايتها .. ( راشد ) قتل ( رهام ) وشقيقها ثأر لها .. لقد اردت ان يهلك ( راشد ) بايدي ضحاياه اشعر ان في هذا عدالة شعرية تروق لي حقا .. وان كانت للقصة جانب مأساوي وهو انتحار الشقيقين .


وها انذا بعد مرور شهرين بنهاية العام الدراسي .. اقف في شرفة غرفتي أتأمل الشارع .
فتاة لا يتجاوز عمرها الثماني سنوات تمسك بكف شقيقها متجهين سويا ناحية فرع الجمعية في حين ان طفلا اخر يقود دراجته جوار باب منزلة ..
السلام هكذا خلق الله العالم ليبقى هكذا اراد الله العلم ان يكون .......
بالطبع لم يكن ما حدث لي في تلك التجربة هو كل شيء .. فهناك المزيد .. وقصة مقبلة .. من
مذكرات مراهق



القصه المقبلة و بتكون الاخيرة عنوانها الغابة السوداء
و هي حماااااااااااااس
انتظروني قريبا
سعودي أصيل



  #24  
قديم 06-11-2014, 08:56 PM
 
يسلمووووو (كلي امل) منوره الموضوع

القصه الاخيره من مذكرات مراهق

عنوان القصه هو ((الغابة السوداء))
( 1 )


أخيرا ..!! أنهيت دراستي الثانوية
كنت اعد الأيام والساعات والدقائق .. وها انذا الآن حر طليق .. لقد نجحت بتفوق وظهرت النتيجة لتنفر الدموع من عيني من شدة الفرح .. كنت واثقا من النجاح ومن إحراز معدل مرتفع وكنت واثقا من أنني على أعتاب دخول كلية الطب .. ولكن هذه الثقة لم تقلل من شعوري بالفرحة بعد ظهور النتائج .. وبالطبع كانت فرحة جدتي لا توصف ..
فقد اغرورقت عيناها بدموعها الغالية .. وأؤكد لكم وبكل ثقة أنها لم تشعر في حياتها كلها بالسعادة مثلما شعرت وهي تتلقى خبر نجاحي .. وارتميت في احظانها وقبلت يديها في نهم .. اليدين المعروقتين العزيزتين …
أما هي فقد دفنت رأسها الحبيب في صدري :

- أخيرا يا ( خالد ) .. أخيرا يابني ستحقق أمنيتي واراك تلتحق بكلية الطب ..
- أطال الله في عمرك يا أمي لتريني طبيبا ناجحا .. ولأكون دائما عند حسن ظنك إن شاء الله .

كنت اعلم بأنني سأحصل على بعثة دراسية بسبب معدلي المرتفع .. وقد حصلت عليها بالفعل ولكنني رفضتها دون تردد فلن اترك جدتي وحدها أبدا .

كما أنني أستطيع دراسة الطب في جامعة ( الكويت ) وهذا ما انوي عمله بالفعل .
تعرفون بالطبع ما مررت به من تجارب غيرت مجرى حياتي تماما وان لم اخبر أحد عنها .. فمن سيصدقني إذا تحدثت عن تجربة تحضير الأرواح .. او عن معرفتي بملابسات قضية مقتل ( راشد ) والتي قيدت ضد مجهول .. !!
لم اكن اعلم بالطبع عما سيحدث لي .. وان نمط حياتي سيتغير اكثر واكثر .. وان ما مررت به لن يكون اغرب ما رأيت .. فهناك المزيد !! ..
كنت جالسا في غرفتي استمع إلى الراديو .. اشعر بأنني على أعتاب حياة جديدة حقيقية بعيدة عن هراء المراحل الدراسية السابقة .. أفكر بجبل الأوراق التي علي إنهاؤها حتى التحق بكلية الطب فقبولي في تلك الكلية هو أمر محسوم .. فمعدلي ولله الحمد مرتفع جدا يؤهلني للالتحاق بأي كلية أريدها .. ولكن المشكلة تكمن في إنهاء الإجراءات اللازمة لذلك فلدينا في ( الكويت ) كما هو الحال مع معظم الدولة العربية مع الأسف أساتذة في وضع العراقيل وتعقيد الحلول .. أوراق ومستندات وشهادة ميلاد زوجة عم خالة جدتك .. وما إلى ذلك من معاملات لن تنتهي قبل ثلاثة شهور على الأقل .
وان كنت عزيزي القارئ قد سافرت إلى أوروبا أو أمريكا أو اليابان .. وترددت هناك على مؤسساتها فان لك دون شك حكايات ومقارنات لا حصر لها مع المؤسسات في ( الكويت ) وجميع تلك المقارنات ليست في صالح الإدارة الكويتية والعربية بشكل عام ..
اعتذر لهذا الاستطراد .. استطرد كثيرا .. واعتذر كثيرا .. اعرف ذلك .. ولكن هذا عيبي أرجو ألا تؤاخذوني عليه .. أين وصلنا ؟ … آه .. استمع إلى الراديو .. سكرته وفرغت من خواطري فلم أجد شيئا افعله سوى فتح جهاز التلفاز لاشاهد واحده من تلك المسرحيات الهابطة السخيفة المليئة بالتهريج والإسفاف والتي تحقق أرباحا طائلة مع الأسف مما يدلك على المستوى الثقافي الذي وصلنا إليه .. إن المسرح الكوميدي هو الذي يجد فيه الناس عيوبهم ويضحكون عليها ويكون الضحك علاجا للإنسان كي يخجل من حماقته ويكف عن ارتكابها ومن ثم يقرر أن يقلل من ارتكاب تلك الحماقات .. هذا هو المعنى الحقيقي للمسرح الكوميدي .. أما هذه المسرحيات الهزلية فهي تسخر من هذا لانه سمين ومن ذلك لانه قصير .. حتى أن المشاهد يخرج بعد ساعات من الضحك دون أن يعرف قصة المسرحية إن كان لها قصة أصلا ..
اعتذر كما اعتذرت سابقا ومرار لهذا الاستطراد . . ولكن هذه مذكراتي كما تعلمون ومن الطبيعي أن تقرأوا شيئا عن أرائي في الحياة وان كانت أرائي اغلب الأحيان سخيفه لاقيمة لها ..

لم يكن هناك شيئا يستحق الذكر في هذا اليوم سوى ذلك الاتصال ..
اتصال هاتفي مفاجئ في بدايات شهر يوليو الحارق .. وانتم تعرفون أن الهاتف عندنا لايرن إلا نادرا .. وقد كان المتصل هو آخر شخص أتوقعه ..
- الو ( خالد ) ؟
- نعم …
- انه أنا .. أستاذ ( إبراهيم ) مدير مدرستك
- أستاذ ( إبراهيم ) .. مرحبا بك .. يالها من مفاجأة سارة ..
تبادلنا التحية لبعض الوقت وأنا أتساءل في سري عن سبب هذا الاتصال المفاجئ .. فهذه أول مره أتحدث فيها إلى مدير مدرستي عبر الهاتف ولم تطل حيرتي كثيرا ..
- ( خالد ) أنت تعلم يابني أنني اكن لك معزة خاصة جدا .. وأنني احترمك كثيرا وأنت من أخير الطلبه ويكفي تفوقك الواضح ..
- أنا لم أنكر هذا وأنا كذلك اكن لك كل احترام وتقدير
ثم سكت قليلا وقال بجدية ليغير مجرى الحديث ويدخل في صلب الموضوع :
( خالد ) أنني أود مساعدتك قدر ما أستطيع .. وأنا اعتبر نفسي بمثابة والدك .. لذا فان مصلحتك تهمني كثيرا ..
قلت له بامتنان بالغ :
أشكرك كثيرا يا أستاذ ( إبراهيم ) .. وتأكد بأن شعوري متبادل نحوك ..
اعرف هذا يابني .. وإنني لفخور بك ..
كم هو رائع أن يحترمنا هؤلاء الذين نحترمهم ونعتبرهم مثلا أعلى .. فهذا يمنحنا احتراما لأنفسنا وثقة بالنفس ..

( خالد ) لن أطيل عليك وسأخبرك بسبب اتصالي المفاجئ .. إنني مدعو غدا لحفل عشاء في مزرعة الدكتور ( علي ) .. وهو صديق قديم لي وشخصية مرموقة في كلية الطب بنفس الوقت ..
أريد اصطحابك معي إلى هذا الحفل .. أريدك أن تلتقي به .. وتوطد علاقتك معه ..
اعرف انك ستتفوق في دراستك بإذن الله دون الحاجة لاحد .. ولكن زيادة الحرص لا تضر .. قد يفيدك الدكتور ( علي ) في أمور كثيرة عندما تبدأ دراستك وحياتك الجديدة في كلية الطب .
هه .. ماذا تقول ؟.
قلت له ممتنا :
وهل لي أن ارفض لك طلبا يا سيدي .. إن لك اكثر من جميل علي .. ولقل ما يمكنني فعله هو الموافقة ..
قال بصوته الأبوي :
رائع .. بارك الله فيك .. سأمر لاصطحابك غدا في الساعة السابعة مساء ..
تذكرت شيئا قبل أن اغلق السماعة :
عفو أستاذ ( إبراهيم ) .. كيف عرفت رقم هاتفي ؟
وهل تعرف عنواني كي تصطحبني غدا إلى الحفل ؟
ضحك قائلا :
هل نسيت انك افضل الطلبة عندي على الإطلاق وأذكاهم ؟ .. ملفك موجود في المدرسة ومنه أخذت كل معلوماتك ..
وانهيت المكالمة وانا اشعر بالامتنان الشديد له .. غير عالما بالطبع بما سيحدث في هذا الحفل الذي سأقضي فيه ساعات سوداء لن انساها مدى الحياة
  #25  
قديم 06-11-2014, 08:57 PM
 
الغابة السوداء ( 2 )


في اليوم التالي كنت مستعدا مرتديا بذلة رسمية كحلية اللون .. لحسن الحظ كنت قد اشتريت واحدة قبل بضع شهور .. فأنا وبكل صراحة لا احب ارتداء الزي الوطني ( الدشداشه ) على الإطلاق .. ليس لشيء سوى أنني اشعر انه يعوق الحركة كثيرا عند ارتدائه .. دعك من أن المدير قد طلب مني ارتداء بذلة لان الحفل على قوله رسمي جدا وسيكون جميع المدعوين تقريبا مرتدين بذلات رسمية ..
وقبل الساعة السابعة بدقائق كانت سيارة المدير بانتظاري .. فاستأذنت جدتي بالذهاب وأخبرتها بأنني قد أتأخر قليلا ..
نزلت من الشقة لاجد بانتظاري مفاجأة .. فقد كان الأستاذ ( إبراهيم ) بصحبة زوجته التي لم اكن اعلم أنها ذاهبة هي الأخرى إلى الحفل .. الأمر الذي جعلني اركب السيارة بارتباك وخجل واضحين .. وقام بتقديمي لزوجته السيدة ( أوراد ) التي رحبت بي بحرارة وكان واضحا انه حدثها عني كثيرا ..
كانت امرأة في الخمسين من عمرها على اقل تقدير ملامحها تبعث الى الارتياح وتبدو عليها الطيبة الشديدة .. كانت نحيفة الجسد تبدو بصحة جيدة للغاية وترتدي حجابا أنيقا وفستانا ينم عن ذوق رائع كما لاحظت لاحقا بعد أن نزلنا جميعا من السيارة - حتى أنني قلت في سري أنها جديرة بالفعل بزوج طيب محترم كالأستاذ ( إبراهيم ) واحسد أولادهما بالفعل على هذين الأبوين الرائعين وان كنت اجهل أن كان الله قد رزقهما بأولاد أصلا .
طوال الطريق كنت صامتا أجيب على أسئلتهما بأدب .. لقد اخبرني الأستاذ ( إبراهيم ) أن صديقة الدكتور ( علي ) هو من اقدم أصدقاؤه وانه بالغ الثراء .. وقد اشترى للتو مزرعة هائلة في منطقة ( الوفرة الزراعية ) .. وان زوجته فرنسية الجنسية تزوجها منذ فترة قصيرة بعد أن ظل أرملا اكثر من عشر سنوات .. ولم يرزقه الله أي أولاد من زوجته الأولى .. تحدثنا بعدها عن أمور أخرى جانبية ألي أن اصبح الصمت سيد الموقف بعد أن مللنا الحديث ونحن متوجهين الى منطقة الوفرة الزراعية التي تبعد عن شقتي مسافة ساعة وربع تقريبا حيث مزرعة الدكتور ( علي ) .
صمت مطبق سوى صوت المذياع الذي يبث أغنية ( وحياة قلبي وأفراحه ) لـ ( عبد الحليم حافظ ) .. دائما اشعر أن أيام ( عبد الحليم حافظ ) مليئة بالحب والمودة وان الدنيا كانت كما يقال بخير اشعر دائما بهذا الشعور حين استمع إلى أغاني ( أم كلثوم ) و ( عبد الحليم ) و ( عوض دوخي ) .. كان الناس في تلك الأيام السعيدة بسطاء طيبون كما يقول الجميع حتى أنني أحيانا أتمنى لو كنت قد عشت في ذلك الزمان في فترة الخمسينيات او الستينيات ..
غارقا في خواطري وأنا أتأمل الطريق .. الازدحام الشديد والفوضى في بعض الشوارع تجعلني أتحسر على حالنا بالفعل وظللت غارقا في تلك الخواطر حتى وصلنا الى مزرعة الدكتور ( علي ) .
كانت المزرعة رائعة هائلة الحجم بالفعل تم الاعتناء بها بكل دقة فكانت اقرب إلى حديقة لإحدى القصور أو القلاع الأوروبية الأثرية التي نشاهدها في الصور .. حتى أننا دخلنا إلى المزرعة بالسيارة لمسافة تتجاوز المائة متر تقريبا قبل أن نصل إلى المنزل الذي بناه الدكتور في وسط المزرعة وأنني أتساءل حقا .. كيف سيبدو منزل الدكتور ( علي ) ومحل اقامتة الدائم ان كانت هذه مزرعته فحسب والتي تعتبر مكانا للراحة والاستجمام فقط ولـ ( تغير الجو ) كما نقول في ( الكويت ) .
نزلنا من السيارة ومشينا في ممر مرصوف يزدان على جانبيه بالزهور وحول الزهور حديقة خلابة معتنى بها جيدا هي الأخرى ..
وعند وصولنا فتح لنا الباب شخصا شديد الأناقة .. بدا واضحا انه هو الدكتور ( علي ) .. هيئته واعتداده الواضح بنفسه جعلني متأكد انه هو الطبيب الثري صاحب المزرعة .. ولم اكن مخطئا فقد كان هو بالفعل .. نحيل الجسم كثيف الشعر يرتدي نظارات أعطته وسامة لا بأس بها وكان الشيب يملأ فوديه حتى بدا وكأنه طبيب يمثل دور البطولة في فيلما سينمائيا ولم يكن ينقصه سوى رداء الأطباء الأبيض الشهير..
قام بمصافحتنا بود واحدا تلو الآخر ليقوم بعدها بمعانقة الأستاذ ( إبراهيم ) مما دل فعلا على عمق صداقتهما ..
- كان لابد أن أدعوك إلى مزرعتي كي أراك .. لا اصدق أنني لم أر افضل أصدقائي منذ سنتين يالك من جاحد .. كيف تنسى صديق الطفولة ؟! ..
يقولها بمرح وعتاب ..
ويرد عليه الأستاذ ( إبراهيم ) بمرح أيضا :
- إنها مشاغل الدنيا التي تسرقنا من أصدقائنا وأحبابنا ..
دخلنا بعدها الى صالة المنزل الرئيسية لنجد اكثر من ثلاثون ضيفا وضيفة .. لم اقم بعدهم طبعا لكن الانطباع العام ..
كان أول مالفت انتباهي في هذا المنزل الكبير هو النمط الأوروبي الذي بدا واضحا في كل ركن من أركانه .. فقد كان الأثاث من الطراز الأوروبي القديم شديد الفخامة .. وكان يعج بالتحف واللوحات الفنية الثمينة هائلة الحجم ..
بل أن المنزل نفسه كان بحد ذاته تحفة فنية اللون .. اللون الأزرق الهادئ الذي يمتزج مع ألوان أخرى .. لتعطي لونا واحدا ينساب بظلال هادئة جميلة .. ولا توجد أريكة أو كرسي أو قطعة أثاث ليست في مكانها الصحيح .. مع نباتات زينة رائعة لم أر معظمها من قبل .. كل شيء في منتهى الروعة والجمال وبالطبع فان هذا الجو جديد تماما بالنسبة لي .. إذ لم احضر حفلا من قبل وحتى لو كنت قد فعلت فلا أظن أنني كنت سأحضر حفلا في مكانا راقيا فخما كهذا ..
وانتبهت إلى أنني اصغر الحاضرين سنا .. في حين تبين أن الباقين رجال أعمال وأطباء وبالطبع مدير مدرستنا الأستاذ ( إبراهيم ) وزوجته السيدة ( أوراد ) .
كان جميع المدعوين تقريبا من علية القوم إن اصح تعبيري ولم يفتني بالطبع أن انتبه لزوجة الدكتور ( علي ) الفرنسية فقد بدت لي وكأنها ابنته !! ..
كانت صغيرة السن .. جميلة .. بل فاتنة .. بيضاء البشرة رشيقة القوام تحمل على رأسها شعرا اسودا قصيرا .. وعرفت أن اسمها هو السيدة ( موريسا ) وكانت تتحدث اللغة الإنجليزية بشكل جيد وان كانت لكنتها الفرنسية ونطق حرف الراء ( غ ) واضحة جدا في كلامها .. ولا اعلم في الواقع سبب زواجها من الدكتور ( علي ) الذي هو في عمر أبيها .. هل الأمر متعلق بثروته ؟ هذا جائز ولكنه ليس من شأني بالطبع



 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
^يوميات مراهق ^ علي أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 45 04-20-2015 01:41 PM
مكتملة : سنظل صديقات حتى لو فرقنا الزمان ¦₪¦╣• قلم الأحساس مودة •╠¦₪¦ روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة 40 02-28-2015 10:28 AM
{ الحب الابدي } >> كاااااملة و مكتملة Usui Takumi أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 29 12-01-2014 10:03 AM
نيران فى القلب((مميزة)) ... مكتملة Ặñâ EšRąâ CO0L ^_^ أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 11 06-04-2013 01:17 PM
روايا غير مكتملة spirit Creativity أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 8 03-01-2013 05:55 PM


الساعة الآن 07:21 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011