عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة > روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة

روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة يمكنك قراءة جميع الروايات الكاملة والمميزة هنا

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #36  
قديم 06-11-2014, 09:04 PM
 
الغابة السوداء (13)


- أحسنت يا (خالد) إنك محلل بارع بالفعل ..
لم يكن هذا سوى صوت القاتلة (موريسا) زوجة الدكتور (علي) رحمه الله .. إلتفتنا جميعاً وإذا بها واقفة عند باب الغرفة وهي تبتسم ابتسامة مخيفة تختلف تماماً عن ابتسامتها الرقيقة التي كانت تصطنعها خلال الحفل ..
كانت تصوب إلينا مسدساً صغيراً .. وفي يدها الأخرى مصباحاً قوياً أنار المكان كله .. وقفنا جميعاً في تحفز .. فنظرت إلينا بإبتسامتها الشرسة .. وأردفت :
- إنك لست محلل بارع فحسب .. بل أنت عبقري يا (خالد) .. لقد حدثنا الأستاذ (إبراهيم) عنك و عن ذكائك برغم صغر سنك .. إن الأمر يحتاج إلى عقلية غير عادية لكشف كل مايحدث .. ولكنك رغم ذلك لست ذكياً بما فيه الكفاية .. إذ لم تعرف حتى الآن الدافع وراء ما جرى ..
قلت لها و بتحدٍ وقد زالت معظم مخاوفي كون أن مانواجهه ليس شبحاً .. بل إنسان .. علماً بأن هذا قد يكون أشد خطراً على حياتنا :
- ومن يهتم بأفكار و دوافع معتوهة مثلك ؟! ..
ظلت تنظر إلينا نظرة ساخرة استفزت الأستاذ (إبراهيم) حتى أنه صرخ بها كالمسعور :
- ماهو دافعك وراء كل هذا ؟!! .. لقد قتلت أفضل أصدقائي .. وسببت لنا رعباً مابعده رعب .. لماذا ؟!! .. لماذا ؟!!
لكنها لم تهتم إطلاقا لثورته .. وقالت وهي تبتسم بقسوة جعلت من وجهها الجميل أكثر قبحاً من أي وجه آخر رأيته بحياتي :
- هل تعرفونني ؟؟ .. بالطبع لا .. طوال الحفل كنتم تتغامزون وتتحدثون عن سبب زواج تلك الأجنبية الصغيرة بذلك الكهل الذي هو في عمر أبيها .. أنتم لا تعرفون شيئاً .. وأكرر .. لازلتم تجهلون الدافع وراء كل مايجري .. سأخبركم أنا بكل شيء وإن كنت لاأتوقع منكم أن تصدقوا حرفاً مما سأقول .. ولكنني أستطيع إثبات كلامي بسهولة ..
ثم صمتت قليلاً كمن يستعد لإلقاء مفاجأة غير متوقعة ..
وهذا مافعلته حقاً .. فقد فجرت قنبلة عندما قالت بضحكتها الاستفزازية :
-إن الواقفة أمامكم هي زوجة الدكتور (علي) بالفعل ولكنني لاأدعى (موريسا) .. إنني من يطلقون عليها اسم : الساحرة (ناتاشا) .. والتي عرفتم قصتها أثناء الحفل !! ..
صاحت بها السيدة (أوراد) بعصبية بالغة :
- كفي عن التلاعب بنا والسخرية والاستهزاء ..
- إن ماأقوله لكم هو الحقيقة .. أنا الساحرة (ناتاشا) ..
وأنا أبلغ من العمر مايقارب الخمسمائة وأربعون عاماً .. إنها الحقيقة .. فكل خمسون عاماً تمر على العالم تساوي في جسدي عاماً واحداً فقط .. فقد توصلت إلى السر .. سر الخلود .. حلم البشرية منذ الأزل ..
قلت لها بصرامة :
- الخلود لله وحده .. لايوجد أحد لايموت .. وإن كانت هذه خدعة جديدة ف ....
قاطعتني و هي تقول ببساطة :
- ألم أخبركم بأنكم لن تصدقوني؟؟ .. إنها الحقيقة .. ولايوجد سبب يجعلني أكذب عليكم بعد أن انكشفت كل الأوراق .. ثم من قال أنني سأعيش للأبد ؟ .. سأموت يوماً ما بالطبع .. لكني سأعيش طويلاً .. طويلاً جداً .. قد أعيش لألفي أو ثلاثة آلاف عام قبل أن أموت .. وأنا بالمناسبة لست ساحرة .. إنما أخبرتكم بذلك كي أثير جواً من الرعب والغموض حول قصة (الغابة السوداء) .. فأنا في الواقع كيميائية .. أمارس ماكان يطلق عليه في القرون الوسطى اسم : علم (الخيمياء) <<--- (علم الخيمياء علم ظهر قبل ألفي عام تقريباً ويختلف عن الكيمياء التي نعرفها كثيراً ،إذ تنقسم الخيمياء إلى قسمين ، قسم يعتمد على التجارب العلمية ، وقسم آخر يعتمد على السحر ، وقد كان لعلم الخيمياء عدة أهداف رئيسية منها تحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب وإطالة الحياة إلى درجة قد تصل للخلود)
وهو مايطلق عليه في زماننا الحالي اسم (الكيمياء القديمة) .. لقد تمكنت من بناء بيت متواضع هو أقرب إلى الكوخ .. و قمت بتزويده بكل مايلزمني للإستمرار بأبحاثي التي بدأتها على الفئران والأرانب .. كنت أحلم طوال الوقت بالتوصل إلى سر الخلود .. ودرست الجسد البشري لسنوات طويلة .. كما درست تركيب دم الانسان حتى توصلت إلى فصائل الدم المختلفة والمعروفة حالياً قبل أن يتوصل إليها العلماء بزمن كويل .. وعندما كشف العلماء وجود فصائل الدم كنت أضحك في سري لشدة غبائهم .. فقد سبقتهم إلى هذا الإنجاز قبل حتى أن يفكروا به .
ثم صمتت وكأنها تسترد ذكرى مريرة .. وقالت :
- مرت بعدها سنوات طويلة من العمل اليومي بلا توقف أو انقطاع تقريباً .. كم من محاولات فاشلة غصت فيها .. كم من احباطات عشتها وأنا وحيدة أعيش في تلك الغابة بعيدة عن الناس الذين كانوا يظنوني ساحرة .. وبعد أكثر من عشرون عاماً تقريباً من العمل الشاق والسعي المتواصل توصلت إلى تركيبة كيميائية تستخدم فيها ثلاثون لتراً تقريباً من دم الإنسان لصنع الأكسير .. لاأحتاج الدم بصورته الأولية طبعاً .. بل أحتاجه كمادة خام .. تماماً كما نحتاج إلى الحديد الخام لصنع الآلات الحديثة .. وعندما توصلت إلى اكسير الشباب كان المركب الكيميائي يكفي لإبقاء شبابي خمسة أعوام تقريباً .. أي أن كل خمسة أعوام كانت تمر على العالم تساوي عاماً واحداً في جسدي .. وخلال سنوات قليلة تطورت أبحاثي كثيراً .. وتطور إكسير الشباب الدائم ليكون أكثر فاعلية .. لتصبح كل خمسين عاما تمر على أجسادكم تساوي عاماً واحداً في جسدي .. كل هذا بكميات قليلة من الدماء لاتتجاوز العشرة لترات .. وهي قليلة بالفعل مقارنة مع كمية الدماء التي كنت أحتاجها في البداية ..
لم ننتبه إلى انتهائها من الكلام إلا بعد لحظات .. فقد كنا ننظر إليها في بلاهة .. ياإلهي !! .. لوقمت بتأليف رواية حول موضوع كهذا لإتهمني الناس بالإغراق في الخيال .. فما بالكم أنني أراه حقيقة واقعة أمام عيني ..
كنت أول من أفاق من هول المفاجئة .. بل الصدمة !! ..
وقلت وعلامات التفكير تبدو على وجهي .. فأنا أعرف تماماً كيف أبدو حين أفكر :
- أعتقد أنك قتلت الدكتور (علي) والسيد (حامد) لأنك كنتي تريدين جثتين كي تستخلصي منهما عشر لترات من الدم .. فكمية الدماء الموجودة في جسم الإنسان تساوي ستة لترات تقريباً <<--- (حقيقة) .. هذا مفهوم .. وأعتقد أنك اخترت قتل زوجك مع صديقه السيد (حامد) لأن فصيلة دماؤهما تشبه فصيلة دمك .. هذا هو التفسير الوحيد لأختيارك لدماؤهما على وجه التحديد .. والأمر سهلاص جدا ً في معرفة فصيلة دم زوجك .. ولكن كيف عرفت فصيلة دم السيد (حامد) ؟؟!!!
ابتسمت بإعجاب شديد كان سيروق لي كثيراً في ظروف أخرى :
- إنك فعلا ذكي يا (خالد) .. لقد كشف الكثير من الحقائق المتعلقة بالأمر .. وعرفت أنني كنت بحاجة بالفعل إلى فصيلة دم شبيهة بفصيلة دمي ..
قلت لها ببرود :
- الأمر واضح .. وإلا كنت قد قتلت الخدم مثلاً للحصول على دماؤهم ..
استمرت نظرات الإعجاب - بإستنتاجاتي المتواصلة طبعاً وليس بوسامتي - وأكملت قائلة :
  #37  
قديم 06-11-2014, 09:05 PM
 
الغابة السوداء (14)


- بالنسبة لفصيلة دم السيد (حامد) فقد عرفتها لأنه من المترددين على عيادة زوجي .. وكل معلوماته

متوفرة في ملفه الخاص في الكمبيوتر .. ولم يكن من الصعوبة معرفة أمراً كهذا ..
قلت لها بشيء من الحدة :
- إذاً فلوحة (الغابة السوداء) كانت كذبة قمت بإختراعها لأنك كنت بحاجة إلى شهود يخبرون رجال

الشرطة بأن البيت مسكون بالجن مثلاً .. وكنت بحاجة لمن يشهد بأننا رأيناك مقتولة حتى تبتعد عنك

الشبهات حين تختفي جميع الجثث ..
ابتسمت بفخر وهي تقول :
- الفكرة كلها من ابتكاري .. وأصدقكم القول أنني كنت أشعر باستمتاع لا مثيل له وأنا أثير الخوف في

قلوبكم وأتلاعب بكم .. ولن أبالغ لوقلت أن أحد دوافعي كان استمتاعي الشخصي بما سيحدث .. لقد

قمت بالتخطيط للأمر جيداً وأعددت لكل شيء اعداداً دقيقاً و تدربت على القيام بكل مراحل الخطة منذ

بدايتها .. فقد طلبت من أحد الرسامين في أوروبا أن يرسم لي تلك اللوحة بتفاصيلها التي تعرفونها ..
وطلبت منه رسم لوحة أخرى تحوي نفس التفاصيل باستثناء الساحرة (ناتاشا) .. وبعد أن حصلت على

هاتين اللوحتين طلبت من أحد مزوري اللوحات أن يعرضهما لدرجات حرارة مرتفعة و معاملات

كيميائية خاصة حتى تبدوان وكأنهما مرسومتان منذ قرون .. وهذا أسلوب مألوف يستخدمه رسامي

اللوحات المزيفة <<---- (حقيقة) .. وهكذا انتظرت حتى تحين اللحظة المناسبة .. وقد حانت عندما

قرر زوجي دعوة أقرب أصدقائه بمناسبة شراؤه لهذه المزرعة الكبيرة و الانتهاء من بناء هذا المنزل

الشبيه بالقصر .. ثم قمت بعدها بإعداد كل شيء كما ذكرت يا (خالد) ..
- يا للدهاء.
قالتها السيدة (أوراد) باشمئزاز .. فنظرت إليها (موريسا) نظرة ساخرة .. وضحكت ضحكة عابثة

مستفزة كانت أسوأ بالنشبة لنا من صفعة على قفانا ..
حتى أنني سيطرت على أعصابي بصعوبة بالغة وأنا أسألها :
- ولكن كيف عرفت بأن الأستاذ (إبراهيم) سيتركك تذهبين مع السيد (حامد) عندما قمتم بالبحث عن

زوجك ؟؟!
مرة أخرى ابتسمت في اعجاب لأسألتي الذكية - كما تقول - وأردفت :
- لقد اعتمدت كثيراً على العامل النفسي .. فلن يطلب مني أحد الذهاب مع الأستاذ (إبراهيم) إن اخترت

الذهاب مع السيد (حامد) كي أستفرد به وأقتله .. كنت واثقة من أن أحداً منكم لن ينتبه إلى هذه النقطة

في حينها بسبب الجو العام المليء بالتوتر والغموض إلى جانب الظلام الذي كان له حضوراً لاينكر .. لم

أكن أود قتلهما بصورة تقليدية .. خاصة حين يتعلق الأمر بزوجي .. لأن كل الشكوك سوف تحوم حول

الزوجة الأجنبية الشابة التي سترث الأموال من هذا الكهل .. وسيتساءل رجال الشرطة عن سبب

زواجي منه وعن أمور كثيرة قد تكشفني .. إن رجال الشرطة في أي بلد جبابرة وليس من مصلحتي

إقحامهم في القضية ..
سألتها مرة أخرى عن أهم نقطة متعلقة بهذه القصة الرهيبة :
- كيف تزوجت من الدكتور (علي) ؟؟!! ..
- زواجي من الدكتور (علي) كان أمراً سهلاً .. فقد كان في بعثة علمية في (باريس) والتقيت به هناك

وقمت بجمع كل المعلومات الممكنه عنه .. وعرفت أنه يحمل فصيلة دم شبيهة بفصيلة دمي .. وأنه

ثري .. وهذا أهم مافي الأمر !! .. فأنا لاأعمل .. وفي نفس الوقت أحتاج إلى المال أكثر من أي شيء

.. لن أعيش فقيرة أبداً .. أريد أن أستمتع بحياتي بعد سنوات طويلة من الوحدة عشتها في الغابة .. لذا

كنت أوقع الأثرياء - خصوصاً كبار السن - في شراكي مستغلة جمالي .. لأنهم يدفعون بسخاء ..فلا

يحلم أحد منهم أن يحصل على فتاة تبدو لهم في العشرينات من عمرها .. وهذا ماظللت أفعله .. في

البداية كنت أقتل أزواجي وجميع أفراد القصر من خدم وغيرهم .. وكنت أحياناً كثيرة أقع في مأزق .. إذ

لم يكن من السهولة معرفة فصيلة دم الناس دون قتلهم أولاً .. لذا فقد قتلت الكثيرين الذين لم أستفد من

موتهم مع الأسف ..
غمغمت ببغض :
- يا للحقارة ..
لم تكترث لهذه الاهانة وأكملت قائلة :
- أما في الزمن الحالي فمعرفة فصيلة دم الأنسان من أسهل الأمور .. لقد كنت أحتاج إلى دماء من

فصيلة (b+) - وهي فصيلة دمي - وأحتاج إلى موت زوجي كي أحصل على أمواله لأعيش برفاهية

لأعوام طويلة .. وبحثت في ملفات زوجي الطبية عن مرضاه الذين يترددون على عيادته فوجدت أن

هناك الكثيرين ممن يحملون تلك الفصيلة .. منهم السيد (حامد) .. وخططت لإبقاء السيد (إبراهيم) و

زوجته حتى يكونا شهوداً على أن المنزل مسكون بالأشباح وأنهم شاهدوني قتيلة .. و عندما حضرتم

إلى الحفل برفقة (خالد) زاد الأمر من بهجتي .. فهذا معناه وجود ثلاثة شهود وليس اثنان .. ولاأنسى

أن أخبركم بأنني قد طلبت من زوجي إبقاءكم على أن هناك أمرا نود إخباركم به .. كنت قد أخبرت

زوجي بأنني أرغب أن تبقوا لأنني أحمل لكم مفاجأة .. كون أن الأستاذ (إبراهيم) والسيد (حامد) هما

أفضل أصدقائه .. لقد اعتقد زوجي أن الأمر لايتعدى هدية سأقدمها لكما باسمه .. ولم يكن بالطبع

يتوقع ما حدث ..
صمتت قليلاً لتلتقط أنفاسها .. ثم قالت :
- نسيت أن أخبركم بأن أكثر التحف واللوحات الفنية مزيفة .. لقد خدعت زوجي من أجل الحصول على

أكبر قدر من أمواله ..
وأضافت بشيء من البغض :



  #38  
قديم 06-11-2014, 09:06 PM
 
[align=center][tabletext="width:70%;background-image:url('http://vb.arabseyes.com/backgrounds/3.gif');"][cell="filter:;"][align=center]

الغابة السوداء (الجزأ الأخير)



- لقد كان حريصا جداً على أمواله .. و يخشى أن ترتبط به امرأة من أجل الحصول على حصة من ثروته وليس حباً به .. فكان يجعلني أوقع على تنازل عن كل شيء يشتريه لي من مصوغات و مجوهرات .. تصوروا هذا !!.. لذا فلم أجد أمامي حلاً سوى المقتنيات الأثرية الثمينة .. كنت أكذب عليه وأخبره بأنني أعشق اقتناء اللوحات الفنية و القطع الأثرية .. وأنها هوايتي المفضلة .. وكنا نذهب معاً في بعض الأحيان لشراء بعضاً من هذه الآثار .. وأحياناً أخرى كان يتركني اشتري مايروق لي .. ولكن بالطبع كل شيء مسجل باسمه هو ولا نصيب لي بشيء إلا في حالة موته .. تخيلوا هذا ؟!! .. حاولت أن أقنعه بأنني أحبه ولكن هذا لم يكن كافياً لكسب ثقته الكاملة .. نعم .. كان يحبني ولكنه لم يثق بحبي له ..
غمغمت ببغض :
- وقد كان محقاً بهذا ..
رمقتني باستخفاف .. ثم أردفت :
- ولم أجد وسيلة لسلبه نقوده سوى شراء بعض التحف واللوحات الفنية المزورة .. فمثلاً لوحة (الغابة السوداء) لم يكلف رسمها مئات الدولارات .. في حين اعتقد زوجي أن ثمنها نصف مليون دولار .. وبالطبع كنت أحصل على تلك النقود وأدخرها وأعطي البائع الذي يعاونني على خداع زوجي مبلغاً معيناً يتم الاتفاق عليه مسبقاً .. وهكذا أواصل جمع المال لتكون عندي ثروة استمتع بها لسنوات طويلة قادمة .. وبعدها أبدأ من جديد رحلة الحصول على رجل يملك أهم صفتان .. الثراء .. وفصيلة دم شبيهة بفصيلة دمي..
صمتت و كأنها انتهت للتو من إلقاء محاضرة شائكة .. فسألتها :
- وماذا عن الممرات السرية ؟ .. أنا واثق الآن من وجودها ..
قالت بإعجاب شديد :
- إن هذا بالذات ما جعلني أصفك بالذكاء .. بالنسبة للممرات السرية .. فهي موجودة بكثرة في المنزل .. وأعرفها جيداً و أحفظ مكانها عن ظهر قلب .. وقد أغويت المهندس الذي قام ببناء المنزل بصنعها .. أوهمته أنني أحبه .. ولم يكن زوجي يتابع عملية بناء المنزل .. فقد اشترى المزرعة و أوكل للمهندس أن يبني المنزل بالطريقة التي تروق لي .. ولم يتوقع زوجي بالطبع أنني سأطلب من المهندس صنع ممرات سرية .. ولن تعرفوا أبداً أين هي تلك الممرات .. ثقوا بهذا ..
سألتها و ذهولي لم يفارقني :
- لماذا لا تشتري الدماء بأموالك ؟ ..
- هذا مستحيل تقريباً .. فيجب ألا يمر على شفط الدماء من الجسم أكثر من خمس ساعات حتى تكون صالحة لصنع إكسير الشباب .. لن أخبركم بالمزيد .. خاصة فيما يتعلق بصناعة الإكسير .. فهو سري الخاص ولن أبوح به لأحد أبداً .
انتهت من شرحها الطويل .. و ظللنا مشدوهين ننظر إليها ببلاهة .. يا إلهي .. إن هذا أمر يفوق التصور بالفعل .. حتى أن (موريسا) أو (ناتاشا) – أو أياً كان اسمها – قامت تبتسم بفخر ..
ثم قالت شيئاً لم أتوقعه على الإطلاق :
- يمكنكم الرحيل إن أردتم .. فأنتم لا تشكلون أي خطر علي .. ولا أعتقد أنكم ستخبرون هذه القصة لأحد .. وإلا سيتهمكم الناس بالخبال .. أما لو أبلغتم الشرطة فكل ما سيفعلونه هو البحث عني باعتباري شخصاً مهماً في القضية .. لكنهم لن يجدوا شيئاً .. سأقوم بالتخلص من الجثتين في مكان لن يجده أحد إلا بعد أيام أكون خلالها قد ابتعدت تماماً .. إن التنكر من أسهل الأمور خاصة حين يتعلق الأمر بامرأة .. كما أنني قد جمعت أموالاً طائلة من زوجي قبل قتله و أودعتها في حسابي السري في أوروبا حيث تنتظرني حياة جديدة باسم جديد .. إنني أخطط لهذا منذ سنتين .. أما أنتم .. فستبقون مجبرين في المنزل لثلاث ساعات أخرى أكون خلالها قد اختفيت و تركت البلد .. إن أوراقي سليمة وكل شيء معد له تماماً .. كان لابد من التعب والتضحيات حتى أحصل على الدم و الأموال لأعيش حياة هانئة لخمسون عاماً أخرى قبل أن أضطر إلى القتل من أجل المزيد من الدماء .. والمزيد من الأموال ..تعتقدون بأنني أغامر بكشف أمري عندما أخبركم بقصتي ؟ .. أنتم حمقى إذاً .. فأنا أفوقكم عمراً و خبرة بقرون .. لا تعرفون نصف ما أعرف ونصف ما مررت به من تجارب .
قلت لها محاولاً أن أخاطبها بلغة المنطق :
- هل تعتقدين أن اكتشافك هذا نعمة ؟ .. إنه نقمة .. إن قانون الطبيعة يحتم حدوث حالات الوفاة لمقابلة الزيادة التي تتسبب بها المواليد .. ولو لم يحدث هذا لتكدس البشر فوق بعضهم .. ليصبح بعدها اللجوء إلى القتل أمراً حتمياً لإعادة التوازن الطبيعي إلى ما كان عليه .. ومن هنا كانت حكمة الخالق ألا يحصل الإنسان على الخلود .. وأنا فهمت الآن محاولة إيهامنا بمصرعك .. إن من يمتلك شباباً دائماً مثلك يحتاج إلى كثرة التنقل والتخفي حتى لا يكتشف الآخرون أمره .. هل تريديننا أن نحيا بهذه الصورة ؟
- ومن قال أنني أرغب بمشاركة أحد في اختراعي هذا ؟!! .. إنه لي وحدي .. وأنا لا أمانع أبداً حياة الاختباء تلك التي تتحدث عنها .. فهي ثمن بسيط جداً مقابل الإحساس بتناول هذا العقار .. شعور بالحيوية والنشاط لا يمكن وصفه .. لقد كان عمري يقترب من الأربعين عند اكتشافي لإكسير الشباب .. لكنه أعطاني حيوية و شباباً حتى صرت أبدو وكأنني في العشرين من عمري .. تصوروا كم المعلومات الهائل التي أحصل عليها بسبب معاصرتي لأجيال كثيرة خلال خمسمائة عام .. لقد عاصرت العالم العظيم (ايوناردو دافنشي) وعاصرت (بيتهوفن) وأكثر العظماء في تاريخ البشرية .. إنها متعة .. تصور أن تشهد التطور العلمي على مدى قروناً من الزمان .. أليس هذا شيئاً رائعاً يستحق كل تضحية ؟؟ .. إنني أجيد – بفضل عمري الطويل- أربع لغات تقريباً إجادة تامة .. الفرنسية و الإنجليزية و الأسبانية و الألمانية ..
ثم أخرجت من جيبها ظرفاً مليئاً بالصور :
- انظروا .. صورة تجمعني مع (آينشتين) في شبابه .. وصورة فوتوغرافية زيتية قديمة جداً مع رئيس الولايات المتحدة الأول (جورج واشنطن) .. وصور أخرى مع أعظم شخصيات التاريخ .. أليس هذا رائعاً ؟ .. إن لي مع كل من هؤلاء الرجال قصة حب .. فقد كنت عشيقة هذا .. وصديقة ذاك ..
عند هذه النقطة بالذات تصلبنا جميعاً في أماكننا .. كنا ننظر إلى الصور بذهول .. كانت الصور تبدو بالفعل قديمة جداً .. إن هذا أمراً مذهلاً يفوق الخيال .. تخيل أن تجد صورة تجمع صديقك مع (هتلر) مثلاً ..
لم يجد أي منا شيء يقال .. فقام الأستاذ (إبراهيم) بمحاولة يائسة عندما قال ل (موريسا) بصوت متخاذل :
- وهل هذا ثمن ما تفعلينه ؟ .. قتل عشرات الأبرياء ؟ ..
- ليس هذا من شأنك .. ثم أنك لن تفهم أبداً طالما لم تتذوق إكسير الشباب ولم تشعر بذلك الشعور الرائع بالحيوية ..
ثم نظرت إلى ساعتها .. و قالت :
- إن الوقت يمضي .. سأرحل الآن .
ولوحت بمسدسها مهددة :
- ولا أعتقد أنكم تحبذون الموت .. إنني أعطيكم فرصة نادرة للنجاة فاستغلوها .. سأرحل الآن ولكن قبلها علي الذهاب لسحب كمية من دماء زوجي (السابق) والسيد (حامد) لصنع الإكسير الجديد .. لا تحاولوا اللحاق بي وإلا ستصيبكم رصاصات مسدسي .. أنا لا أمزح .
قالت هذا و خرجت من الغرفة .. وكانت هذه آخر مرة أراها فيها .. لا أعرف من أين خرجت لكنها على الأرجح استخدمت إحدى الممرات السرية ..
خرجت و تركتنا نستشيط غضباً .. إلى أن عدت الساعات الثلاثة لتفتح الأبواب أوتوماتيكياً .. فخرجنا متثاقلين عاجزين عن فعل أي شيء .. كنت أشعر بحزن لا أدري سببه ..
إن الحصول على هذا الإكسير أمرا رائع بالفعل .. ولكن للاستعمال الشخصي فقط .. وليس للبيع في الصيدليات بالطبع .. إلا أن ثمن الحصول عليه بشع للغاية ..
كانت الساعة قد تجاوزت الرابعة صباحاً بقليل ..
وقد اتفقنا بعدها على بضعة أمور .. اتفقنا على عدم إبلاغ الشرطة .. وكأننا رحلنا مبكراً من الحفل ولم نعرف ما جرى بعدها .. ولا أعتقد أن أحداً قد رآنا نخرج من الفيلا و المزرعة في تلك المنطقة النائية الخالية تقريباً من البشر .. لقد تحدثت الصحف فيما بعد عن اختفاء الدكتور (علي) و زوجته السيدة (موريسا) والسيد (حامد) .. ولكن – بالطيع- لم يعرف أحد ماعرفنا .. وأستطيع الآن أن أتخيل (موريسا) أو (ناتاشا) أو أياً كان اسمها خارج (الكويت) في رحلة جديدة و بشخصية جديدة مستغلة أموالها لتعيش خمسون عاماً بإكسير الشباب الذي اخترعته .. قبل أن توقع مرة أخرى بأحد الأثرياء لتحصل على ماله و دماؤه ..
طوال عمري أمقت القصص التي ينهزم فيها البطل .. ولكن ليس باليد حيلة .. فهذا ما حدث .. و قد نقلته لكم بكل أمانة .. ولم أنس بالطبع أن أشكر مدير المدرسة الأستاذ (إبراهيم) على تلك التجربة الكابوسية التي عرضني لها دون أن يقصد !! .. تلك التجربة التي زادت من رصيد خبراتي كثيراً .. وقد بدا لي أنني ما حييت لن أعرف سوى أقل القليل عن أسرار هذا العالم .. وإن كنت قد عرفت ما لا يعرفه أحد .. إن الأنانية قد تصل بالإنسان أن يفعل أشياء يشيب لهولها الولدان .. أشياء كثيرة ليس القتل أسوأها .. كما أيقنت أننا البشر – مع كل أسف- حفنة من الأوغاد لن ينقذنا من حطب جهنم إلا رحمة ربي الواسعة .. أما أنا .. فشريط حياتي يمر الآن في ذهني كما يحدث مع من هم على وشك الموت .. فلا أجد سوى سلسلة من الإحباطات و الهزائم .. والأمل في المستقبل .. أن أصنع شيئاً .. أن أكون شيئاً .. والدراسة مع التفوق هما كل ماأملك ..
لقد جعلتني تجربتي الأخيرة على وجه التحديد أتساءل أكثر وأكثر عن أسرار الكون و عن أسرار الناس .. الناس الذين قد تراهم في الشارع أو في أي مكان ولكنهم يحملون أسراراً لايمكن أن يتخيلها أحد .. خاصة تلك المرأة التي إخترعت إكسير الشباب الدائم .. حلم البشرية !!!





النهاية



القصة منقولة

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]
  #39  
قديم 06-15-2014, 05:09 PM
 
تنقل للقسم المناسب..


الرجاء قراءة قوانين القسم..،
__________________
-

(..أحْياناً ألصّمْتْ أجْمَلْ مُوسِيقَى فِي ألعَالَمْ ..)

-
في الدنيآ ثلآث ~
[ أمـل ، ألـم ، أجر ]
فعشْ الأولى ~ و تحمّل الثانيه ~ لأجلْ الثّالثه !
  #40  
قديم 06-15-2014, 06:04 PM
 
بس على فكرة هي قصة مو رواية...
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
^يوميات مراهق ^ علي أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 45 04-20-2015 01:41 PM
مكتملة : سنظل صديقات حتى لو فرقنا الزمان ¦₪¦╣• قلم الأحساس مودة •╠¦₪¦ روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة 40 02-28-2015 10:28 AM
{ الحب الابدي } >> كاااااملة و مكتملة Usui Takumi أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 29 12-01-2014 10:03 AM
نيران فى القلب((مميزة)) ... مكتملة Ặñâ EšRąâ CO0L ^_^ أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 11 06-04-2013 01:17 PM
روايا غير مكتملة spirit Creativity أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 8 03-01-2013 05:55 PM


الساعة الآن 12:27 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011