عرض مشاركة واحدة
  #38  
قديم 06-11-2014, 09:06 PM
 
[align=center][tabletext="width:70%;background-image:url('http://vb.arabseyes.com/backgrounds/3.gif');"][cell="filter:;"][align=center]

الغابة السوداء (الجزأ الأخير)



- لقد كان حريصا جداً على أمواله .. و يخشى أن ترتبط به امرأة من أجل الحصول على حصة من ثروته وليس حباً به .. فكان يجعلني أوقع على تنازل عن كل شيء يشتريه لي من مصوغات و مجوهرات .. تصوروا هذا !!.. لذا فلم أجد أمامي حلاً سوى المقتنيات الأثرية الثمينة .. كنت أكذب عليه وأخبره بأنني أعشق اقتناء اللوحات الفنية و القطع الأثرية .. وأنها هوايتي المفضلة .. وكنا نذهب معاً في بعض الأحيان لشراء بعضاً من هذه الآثار .. وأحياناً أخرى كان يتركني اشتري مايروق لي .. ولكن بالطبع كل شيء مسجل باسمه هو ولا نصيب لي بشيء إلا في حالة موته .. تخيلوا هذا ؟!! .. حاولت أن أقنعه بأنني أحبه ولكن هذا لم يكن كافياً لكسب ثقته الكاملة .. نعم .. كان يحبني ولكنه لم يثق بحبي له ..
غمغمت ببغض :
- وقد كان محقاً بهذا ..
رمقتني باستخفاف .. ثم أردفت :
- ولم أجد وسيلة لسلبه نقوده سوى شراء بعض التحف واللوحات الفنية المزورة .. فمثلاً لوحة (الغابة السوداء) لم يكلف رسمها مئات الدولارات .. في حين اعتقد زوجي أن ثمنها نصف مليون دولار .. وبالطبع كنت أحصل على تلك النقود وأدخرها وأعطي البائع الذي يعاونني على خداع زوجي مبلغاً معيناً يتم الاتفاق عليه مسبقاً .. وهكذا أواصل جمع المال لتكون عندي ثروة استمتع بها لسنوات طويلة قادمة .. وبعدها أبدأ من جديد رحلة الحصول على رجل يملك أهم صفتان .. الثراء .. وفصيلة دم شبيهة بفصيلة دمي..
صمتت و كأنها انتهت للتو من إلقاء محاضرة شائكة .. فسألتها :
- وماذا عن الممرات السرية ؟ .. أنا واثق الآن من وجودها ..
قالت بإعجاب شديد :
- إن هذا بالذات ما جعلني أصفك بالذكاء .. بالنسبة للممرات السرية .. فهي موجودة بكثرة في المنزل .. وأعرفها جيداً و أحفظ مكانها عن ظهر قلب .. وقد أغويت المهندس الذي قام ببناء المنزل بصنعها .. أوهمته أنني أحبه .. ولم يكن زوجي يتابع عملية بناء المنزل .. فقد اشترى المزرعة و أوكل للمهندس أن يبني المنزل بالطريقة التي تروق لي .. ولم يتوقع زوجي بالطبع أنني سأطلب من المهندس صنع ممرات سرية .. ولن تعرفوا أبداً أين هي تلك الممرات .. ثقوا بهذا ..
سألتها و ذهولي لم يفارقني :
- لماذا لا تشتري الدماء بأموالك ؟ ..
- هذا مستحيل تقريباً .. فيجب ألا يمر على شفط الدماء من الجسم أكثر من خمس ساعات حتى تكون صالحة لصنع إكسير الشباب .. لن أخبركم بالمزيد .. خاصة فيما يتعلق بصناعة الإكسير .. فهو سري الخاص ولن أبوح به لأحد أبداً .
انتهت من شرحها الطويل .. و ظللنا مشدوهين ننظر إليها ببلاهة .. يا إلهي .. إن هذا أمر يفوق التصور بالفعل .. حتى أن (موريسا) أو (ناتاشا) – أو أياً كان اسمها – قامت تبتسم بفخر ..
ثم قالت شيئاً لم أتوقعه على الإطلاق :
- يمكنكم الرحيل إن أردتم .. فأنتم لا تشكلون أي خطر علي .. ولا أعتقد أنكم ستخبرون هذه القصة لأحد .. وإلا سيتهمكم الناس بالخبال .. أما لو أبلغتم الشرطة فكل ما سيفعلونه هو البحث عني باعتباري شخصاً مهماً في القضية .. لكنهم لن يجدوا شيئاً .. سأقوم بالتخلص من الجثتين في مكان لن يجده أحد إلا بعد أيام أكون خلالها قد ابتعدت تماماً .. إن التنكر من أسهل الأمور خاصة حين يتعلق الأمر بامرأة .. كما أنني قد جمعت أموالاً طائلة من زوجي قبل قتله و أودعتها في حسابي السري في أوروبا حيث تنتظرني حياة جديدة باسم جديد .. إنني أخطط لهذا منذ سنتين .. أما أنتم .. فستبقون مجبرين في المنزل لثلاث ساعات أخرى أكون خلالها قد اختفيت و تركت البلد .. إن أوراقي سليمة وكل شيء معد له تماماً .. كان لابد من التعب والتضحيات حتى أحصل على الدم و الأموال لأعيش حياة هانئة لخمسون عاماً أخرى قبل أن أضطر إلى القتل من أجل المزيد من الدماء .. والمزيد من الأموال ..تعتقدون بأنني أغامر بكشف أمري عندما أخبركم بقصتي ؟ .. أنتم حمقى إذاً .. فأنا أفوقكم عمراً و خبرة بقرون .. لا تعرفون نصف ما أعرف ونصف ما مررت به من تجارب .
قلت لها محاولاً أن أخاطبها بلغة المنطق :
- هل تعتقدين أن اكتشافك هذا نعمة ؟ .. إنه نقمة .. إن قانون الطبيعة يحتم حدوث حالات الوفاة لمقابلة الزيادة التي تتسبب بها المواليد .. ولو لم يحدث هذا لتكدس البشر فوق بعضهم .. ليصبح بعدها اللجوء إلى القتل أمراً حتمياً لإعادة التوازن الطبيعي إلى ما كان عليه .. ومن هنا كانت حكمة الخالق ألا يحصل الإنسان على الخلود .. وأنا فهمت الآن محاولة إيهامنا بمصرعك .. إن من يمتلك شباباً دائماً مثلك يحتاج إلى كثرة التنقل والتخفي حتى لا يكتشف الآخرون أمره .. هل تريديننا أن نحيا بهذه الصورة ؟
- ومن قال أنني أرغب بمشاركة أحد في اختراعي هذا ؟!! .. إنه لي وحدي .. وأنا لا أمانع أبداً حياة الاختباء تلك التي تتحدث عنها .. فهي ثمن بسيط جداً مقابل الإحساس بتناول هذا العقار .. شعور بالحيوية والنشاط لا يمكن وصفه .. لقد كان عمري يقترب من الأربعين عند اكتشافي لإكسير الشباب .. لكنه أعطاني حيوية و شباباً حتى صرت أبدو وكأنني في العشرين من عمري .. تصوروا كم المعلومات الهائل التي أحصل عليها بسبب معاصرتي لأجيال كثيرة خلال خمسمائة عام .. لقد عاصرت العالم العظيم (ايوناردو دافنشي) وعاصرت (بيتهوفن) وأكثر العظماء في تاريخ البشرية .. إنها متعة .. تصور أن تشهد التطور العلمي على مدى قروناً من الزمان .. أليس هذا شيئاً رائعاً يستحق كل تضحية ؟؟ .. إنني أجيد – بفضل عمري الطويل- أربع لغات تقريباً إجادة تامة .. الفرنسية و الإنجليزية و الأسبانية و الألمانية ..
ثم أخرجت من جيبها ظرفاً مليئاً بالصور :
- انظروا .. صورة تجمعني مع (آينشتين) في شبابه .. وصورة فوتوغرافية زيتية قديمة جداً مع رئيس الولايات المتحدة الأول (جورج واشنطن) .. وصور أخرى مع أعظم شخصيات التاريخ .. أليس هذا رائعاً ؟ .. إن لي مع كل من هؤلاء الرجال قصة حب .. فقد كنت عشيقة هذا .. وصديقة ذاك ..
عند هذه النقطة بالذات تصلبنا جميعاً في أماكننا .. كنا ننظر إلى الصور بذهول .. كانت الصور تبدو بالفعل قديمة جداً .. إن هذا أمراً مذهلاً يفوق الخيال .. تخيل أن تجد صورة تجمع صديقك مع (هتلر) مثلاً ..
لم يجد أي منا شيء يقال .. فقام الأستاذ (إبراهيم) بمحاولة يائسة عندما قال ل (موريسا) بصوت متخاذل :
- وهل هذا ثمن ما تفعلينه ؟ .. قتل عشرات الأبرياء ؟ ..
- ليس هذا من شأنك .. ثم أنك لن تفهم أبداً طالما لم تتذوق إكسير الشباب ولم تشعر بذلك الشعور الرائع بالحيوية ..
ثم نظرت إلى ساعتها .. و قالت :
- إن الوقت يمضي .. سأرحل الآن .
ولوحت بمسدسها مهددة :
- ولا أعتقد أنكم تحبذون الموت .. إنني أعطيكم فرصة نادرة للنجاة فاستغلوها .. سأرحل الآن ولكن قبلها علي الذهاب لسحب كمية من دماء زوجي (السابق) والسيد (حامد) لصنع الإكسير الجديد .. لا تحاولوا اللحاق بي وإلا ستصيبكم رصاصات مسدسي .. أنا لا أمزح .
قالت هذا و خرجت من الغرفة .. وكانت هذه آخر مرة أراها فيها .. لا أعرف من أين خرجت لكنها على الأرجح استخدمت إحدى الممرات السرية ..
خرجت و تركتنا نستشيط غضباً .. إلى أن عدت الساعات الثلاثة لتفتح الأبواب أوتوماتيكياً .. فخرجنا متثاقلين عاجزين عن فعل أي شيء .. كنت أشعر بحزن لا أدري سببه ..
إن الحصول على هذا الإكسير أمرا رائع بالفعل .. ولكن للاستعمال الشخصي فقط .. وليس للبيع في الصيدليات بالطبع .. إلا أن ثمن الحصول عليه بشع للغاية ..
كانت الساعة قد تجاوزت الرابعة صباحاً بقليل ..
وقد اتفقنا بعدها على بضعة أمور .. اتفقنا على عدم إبلاغ الشرطة .. وكأننا رحلنا مبكراً من الحفل ولم نعرف ما جرى بعدها .. ولا أعتقد أن أحداً قد رآنا نخرج من الفيلا و المزرعة في تلك المنطقة النائية الخالية تقريباً من البشر .. لقد تحدثت الصحف فيما بعد عن اختفاء الدكتور (علي) و زوجته السيدة (موريسا) والسيد (حامد) .. ولكن – بالطيع- لم يعرف أحد ماعرفنا .. وأستطيع الآن أن أتخيل (موريسا) أو (ناتاشا) أو أياً كان اسمها خارج (الكويت) في رحلة جديدة و بشخصية جديدة مستغلة أموالها لتعيش خمسون عاماً بإكسير الشباب الذي اخترعته .. قبل أن توقع مرة أخرى بأحد الأثرياء لتحصل على ماله و دماؤه ..
طوال عمري أمقت القصص التي ينهزم فيها البطل .. ولكن ليس باليد حيلة .. فهذا ما حدث .. و قد نقلته لكم بكل أمانة .. ولم أنس بالطبع أن أشكر مدير المدرسة الأستاذ (إبراهيم) على تلك التجربة الكابوسية التي عرضني لها دون أن يقصد !! .. تلك التجربة التي زادت من رصيد خبراتي كثيراً .. وقد بدا لي أنني ما حييت لن أعرف سوى أقل القليل عن أسرار هذا العالم .. وإن كنت قد عرفت ما لا يعرفه أحد .. إن الأنانية قد تصل بالإنسان أن يفعل أشياء يشيب لهولها الولدان .. أشياء كثيرة ليس القتل أسوأها .. كما أيقنت أننا البشر – مع كل أسف- حفنة من الأوغاد لن ينقذنا من حطب جهنم إلا رحمة ربي الواسعة .. أما أنا .. فشريط حياتي يمر الآن في ذهني كما يحدث مع من هم على وشك الموت .. فلا أجد سوى سلسلة من الإحباطات و الهزائم .. والأمل في المستقبل .. أن أصنع شيئاً .. أن أكون شيئاً .. والدراسة مع التفوق هما كل ماأملك ..
لقد جعلتني تجربتي الأخيرة على وجه التحديد أتساءل أكثر وأكثر عن أسرار الكون و عن أسرار الناس .. الناس الذين قد تراهم في الشارع أو في أي مكان ولكنهم يحملون أسراراً لايمكن أن يتخيلها أحد .. خاصة تلك المرأة التي إخترعت إكسير الشباب الدائم .. حلم البشرية !!!





النهاية



القصة منقولة

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]