عرض مشاركة واحدة
  #23  
قديم 06-11-2014, 08:55 PM
 
ازدواج ( 12) والاخير

سكت قليلا لاضي الغرفة .. فرايته بعدها وهو ينظر الي بعينين دامعتين دون ان ينطق بحرف .. فاكملت قائلا :
وفي ليله وضحاها اشتريت تلك الملابس وغطاء الوجه املا بالانتقام من ( راشد ) .. فوالدك توفي في السجن ولا مجال هناك للثار منه بعد وفاته بالطبع .. ولكن ( راشد ) الذي تسبب في انتحار شقيقتك كان حرا طليقا .. فقمت ببعض التحريات حتى علمت بأسلوبه في الغش فتسللت الى المدرسة بلباس محارب الجريمة ( عدل ) واقتحمت الفصل .. وهناك بالطبع مارست كل ما عرفته وتعلمته من فنون القتال التي كنت تعجز بشخصيتك الاخرى عن استخدامها .. وقمت بقتل ( راشد ) ...
واعتقد انك شعرت بنشوة رائعه عند تحقيق انتقامك من ( راشد ) فلم تتوقف .. وقتلت غيرة من مروجي مخدرات ومجرمين بوسائل اجهلها بالواقع .. لقد قمت باعمال جبارة لا يمكن ان تقوم بها بشخصيتك الحقيقيه .. وقد اعتبرت ( عدل ) شخصيتك الاخرى صديقا مخلصا ومثلا اعلى فقمت تراسلة وتحكي له اسرارك .. وتعتبرة ملاكا حارسا لك .. دون ان تعلم انك وهو شخص واحد ..
انك مصاب بمرض نفسي يطلق عليه ( ازدواج الشخصية ) يا بدر فهي حالة يجمع فيها المريض بين شخصين منفصلين يتناوبان الظهور .. فأصبحت تعيش بشخصيتين متناقضتين تماما بحيث انك نفسك لا تعلم انك ( عدل ) الجسور محارب الجريمة ..
انتهيت من كلامي .. وكان بدر وقتها قد انهار تمام بعد ان استمع الي بصمت حزين والدموع تنهمر من عينيه .. فوقع على الأرض وهو يلهث بقوة .... ويقول بعدها بخفوت وبصوت باك متخاذل :
انت كاذب ... كاذب .. لا يمكن ان اكون ( بدر ) ... مستحيل ..
اكملت حديثي بتأثير وقد شعرت بأنني أيضا على وشك البكاء :
لقد ساعدني على كشف امرك شيئين .. الاول هو حديث رجلين سمعته بالصدفة عن شخص ثالث ذكروا انه يتحول من الوداعة الى الشراسة في سبيل الحق .. وكانت هذه العبارة مفتاح كشف اللغز .. فهناك ما يطلق عليه اسم ( تداعي الأفكار ) وهذا يعني ان عبارة واحدة تسمعها في مكان ما .. قد تقودك الى تذكر مشهد او حدث ما أو عبارة ثانية وثالثة .. وهكذا تتداعى عدة احداث دفعة واحدة ليؤدي تجمعها الى صنع صورة واضحة تؤدي الى كشف الامر فعندما سمعت كلام الشخصين ... تذكرت انك في زيارتي لك في ألامس قد استقبلتني بنوع من الجمود وبنظرات صارمه لم اعتدها منك اطلاقا .. لقد عرفت السبب الان .. وهو في ذلك الوقت كنت تعيش شخصيتك الاخرى !! .. وهناك ايضا نقطة بالغة الاهمية ولا ابالغ لو قلت انها السبب الرئيسي .. الا انني لم أعرها أي اهتمام في بادي الامر .. فانا اعرف انك اعسر أي تستخدم يدك اليسرى بدلا من اليمنى .. ولكنك بالأمس واثناء زيارتي لك قد استخدمت يدك اليمنى بتلقائية واضحة لا تخطئها العين عندما قمت بتشغيل جهاز التلفاز باستخدامك الريموت كنترول بالبحث عن القنوات .. دعك من انك لم تقل الكثير في زيارتي تلك .. لانك في شخصيتك الاخرى تتحدث بثقة ودون تلعثم .. ولم انتبه لهذة النقطه لرغبتي بالخروج سريعا بعد قر ائتي للخطاب .. وقد حرمني هذا من ان اتبادل معك اطراف الحديث فبالتالي كان من غير الممكن ان انتبه الى نطقك السليم !!
انتهيت من كلامي وبالطبع انهار ( بدر ) تماما بعد كل هذا .. فنهضت من الفراش بهدوء مهيب سببته رهبة الموقف واقتربت منه وهو متكور على الارض يبكي بحرقة .. فقمت وازحت عن وجهه القناع لارى وجهه وقد احمر بسبب بكائه الذي جعل العبرات تنزل من عيني دون ان ادري .. وقلت له بتعاطف :
انك غير مسؤول عما فعلته يا بدر .. ستوضع تحت اشراف علاجي .. انها حالة مرضيه .. حالة نفسية معقدة .. لن يعاقبك احد .. صدقني .
التف الي .. وقال بانكسار :
لا .. لا يمكن ان اقضي حياتي في مستشفى الامراض النفسية .. لقد انتهى كل شيء يا خالد لقد انتهى ( عدل ) .. وانتهى ( بدر ) .. ولن أستطيع إنقاذ أي منهما نهض بعدها من مكانه وخرج من غرفتي بتخاذل ..
حاولت اللحاق به لكني خشيت ان نثير أي صوت قد يوقظ جدتي او الخادمه فتركته يبحث عن باب الخروج الى ان وجدة دون صعوبه بسبب صغر مساحة الشقة ..ليرحل بعدها وانا اخشى اعتراض سبيله ..
يالي من غبي .. لم اخطط لما قد يحدث بعد ان اكشف الحقيقة .. كيف سأوقف بدرالان ؟ ...
هل ابلغ الشرطه بالأمر ؟! .. ان هذا قد يكون امر حتميا الان .. لان بدر يحتاج الى علاج نفسي ولا يمكن ان يحدث هذا دون ان تعلم الشرطه بالامر لذا يجب ابلاغهم .
عدت الى غرفتي وجلست على الفراش افكر بحيرة بما قد يحدث .. لا اعرف كيف استطيع الوصول الى اعماق بدر ودهاليزة النفسية المعقدة .. انها الصدفة كما ذكرت .. او الحظ مع بعض الاستنتاجات .. ولم اتمكن بالطبع بعد كل هذا من العودة الى النوم .. فظللت مستيقظا الى ان جاء وقت المدرسة .. فكان يوما مرهقا بحق .. وقد بحثت عن ( بدر ) لكنه لم يأت .. فأتصلت بمنزلة بعد الظهر لاعرف من والدته انه ...
قد انتحر !!
وجدوا جثته في احد المناطق السكنيه الجديدة التي لم يمتد اليها الزحف العمراني بصورة كاملة ..وقد انتحر بنفس الوسيلة التي انتحرت بها شقيقته ..
كان خبرا مفجعا بحق .. وقد شعرت بحزن هائل تأثرا بما حدث .. وان كنت اعرف بانني لم اكن اجرؤ على ابلاغ الشرطه عن نظريتي خوفا من الا تكون صحيحة .. لذا فاثرت ان اقوم بكل شيء بنفسي .. دعكم من احد لن يصدق ان شخصا لم يبلغ الثامنة عشر من العمر قد كشف امرا كهذا من مجرد استنتاجات .. انها الصدفة .. الصدفة التي لعبت دور كبير في تلك القصة العجيبة .. وقد قيدت قضية مقتل ( راشد ) ضد مجهول بعد ان عجز رجال الشرطة عن كشف ملابساتها .. ولم أشأ إبلاغهم بما عرفت كي لا يبدو ( بدر ) للجميع بمظهر المجرم القاتل ..
لقد قابلت ام ( بدر ) بعد ان هدأت الامور وبعد تحقيقات الشرطه المكثفة معها لمعرفة اسباب الانتحار دون ان يصلوا الى نتيجه بالطبع ..وقد عزوا حادثة الانتحار الى الظروف الصعبة التي عاشها تحت ظل تلك الاسرة المنكوبه .. ولي ان اتخيل حال امه فور معرفتها بنبأ انتحارة .. لقد علمت منها انها كادت ان تصاب بانهيار عصبي .. ومن يلومها بعد ان فقدت ولديها في حوالي ثلاثة شهور ؟! .. فكانت تبكي .. وتهدأ .. فتغرق في البكاء والصراخ مرة اخرى ...
وقد اخبرت ام ( بدر ) بكل شيء اخبرتها ان ابنها كان بطلا وثأر لشقيقته .. وبالطبع لم تكن امه تعلم شيئا عن أي شيء فصعقت تماما لما سمعت مني .. واتسعت عيناها المتقرحتان من شدة البكاء ذهولا ..
لقد تجرأت اكثر من ذلك وحدثتها عن وسيلة البحث عن لقمة العيش التي تتبعها .. وطلبت منها ان تتوب الى الله سبحانه وتعالى .. كما وعدتها انني سأساعدها قدر المستطاع وبالفعل فقد تمكنت بعد فترة وجيزة ان احصل لها على راتب شهري من احدى الجهات الخيريه وقد قام احد المسؤولين في تلك الجهة بإيجاد عمل لها يدر دخلا لا باس به على الإطلاق كي تعيش بقية حياتها بعيدا عن الحرام ...
شكرتني كثيرا بعد كل هذا ...
لقد انتهت احداث هذة القصة الغريبة .. وانا سعيد جدا لنهايتها .. ( راشد ) قتل ( رهام ) وشقيقها ثأر لها .. لقد اردت ان يهلك ( راشد ) بايدي ضحاياه اشعر ان في هذا عدالة شعرية تروق لي حقا .. وان كانت للقصة جانب مأساوي وهو انتحار الشقيقين .


وها انذا بعد مرور شهرين بنهاية العام الدراسي .. اقف في شرفة غرفتي أتأمل الشارع .
فتاة لا يتجاوز عمرها الثماني سنوات تمسك بكف شقيقها متجهين سويا ناحية فرع الجمعية في حين ان طفلا اخر يقود دراجته جوار باب منزلة ..
السلام هكذا خلق الله العالم ليبقى هكذا اراد الله العلم ان يكون .......
بالطبع لم يكن ما حدث لي في تلك التجربة هو كل شيء .. فهناك المزيد .. وقصة مقبلة .. من
مذكرات مراهق



القصه المقبلة و بتكون الاخيرة عنوانها الغابة السوداء
و هي حماااااااااااااس
انتظروني قريبا
سعودي أصيل