عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

Like Tree54Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم 06-13-2013, 08:09 PM
 
ششكرا لكِ
رد مع اقتباس
  #32  
قديم 06-13-2013, 09:00 PM
 
[frame="2 80"]
الولاء للحدود
17/10/2012
حسام حربى

******
لا يَرضى الإنسان عن نفسه إلا إذا أحس بأنه جزء من منظومة كبيرة تشمل مجتمعاً أو فكرة سامية تمتد خارج نطاقه الشخصى وتستمر بعد وفاته، وقد تجسدَت تلك المنظومة تاريخياً فى عدة أشكال سنستعرض بعضها اليوم، إلا أن أغربها على الإطلاق كانت فكرة طُرحت فى أواخر القرن الثامن عشر إبان الثورتين الأمريكية والفرنسية، وهى فكرة الولاء للدولة والمسماة بالقومية أو الوطنية. وتُعرَّف تلك الدولة بقطعة أرض تحيطها حدود، فمن وُلد بداخل تلك الحدود يكون من أبناء البلد، ومن وُلِد خارجها حتى ولو كان بأمتار قليلة فهو من “الأجانب“.
وقد لخّص برنَرد شو تعريف القومية بكلمات وجيزة وحكيمة قائلاً “هى اعتقادك بأفضلية تلك الدولة عن كل الدول الأخرى لأنك ولدت بها!“
******
ويُخطىء من يتخيل وجود ذلك الولاء منذ الأزل، فهناك من الأدلة ما يعكس أن الشعوب القديمة “المُحتلة من قِبل الأجانب“ لم يكن يعنيها أكثر من مدى عدل الملك الجديد ومستوى ضرائبه انخفاضاً وارتفاعاً.. فلم يكترث المصريون مثلاً لكون حكامهم الهكسوس “لم يشربوا من ماء النيل“، وملوك الصعيد سقننرى وكامس وأحمس الذين حاربوهم فعلوا ذلك -على الأرجح- بهدف الإنتقام والتوسع لتستعيد أسرتهم نفوذها على الوجه البحرى مرة أخرى ولم تكن “حرب تحرير“ كما يحلو لنا أن نصورها.
******
ولعل ذلك يفسر سبب حكم البطالمة لمصر طوال 300 سنة والرومان طوال 700 سنة قبل دخولها تحت مظلة الخلافة دون مقاومة أي من تلك القوى ولا غيرها، فلم يكن يهتم أحد بجنسية الحكام لأن فكرة الإنتماء القومى لم تكن قد وُلدت أصلاً.

وفى حجاز الجاهلية وسائر المجتمعات غير النهرية كان الولاء للعائلة أو القبيلة باعتبارها صلة دم ونسب، وفى أوربا الإقطاعية كان الولاء للدوق أو اللورد الذى يعمل الأقنان عنده. وإن جرينا بالزمن لأيام الدويلات والممالك الإسلامية سنجد أن “جنسية“ الحاكم لم تكن واردة كذلك (بل إن الكلمة لم تُذكر فى المعجم بغير المعنى التناسلى)، حيث كان مدى شرعيته يتحدد بقدر تقواه الشخصية وإنتصاراته العسكرية و حُسن معاملته للرعايا.. فلم يعترض أحد فى مصر على صلاح الدين مثلاً لأنه “دخيل كردى“ أو علَى محمد علِى باعتباره “عميل ألبانى“، اللهم إلا لاحقاً فى مقررات المناهج الكاذبة والأفلام التاريخية المزيفة بعدما أُشربت قلوبنا بمعتقد “الوطنية“ الجديد الذى جاءنا به الخواجة فصرنا نطبقه ليس فقط على حاضرنا بل على ماضينا بأثر رجعى.
******
هذه هى الصور التى أخذها الولاء على مر التاريخ.. أما الولاء لرقعة من الأرض يتم تحديدها على أساس مدى نجاح الملوك القدامى فى فرض سيطرتهم على مساحة معينة مِثل توحيد مصر والنوبة على يد مينا أو توحيد السعودية على يد آل سعود أو حتى حدود رسمها المستعمر الأجنبى وأذنابه مِثل تلك الفاصلة بين مصر والسودان وبين العراق والكويت وبين إيران والبحرين وتفتيت الشام والمغرب العربى فهى فكرة غريبة - لدرجة السخافة - وطُبقت علينا وقتما طبقت إعمالاً لمبدأ فرّق تسُد.
******
كما أن نفوذ ملوك مصر القدامى على سبيل المثال تغير تاريخياً عشرات المرات ليشمل الصعيد والسودان أحياناً وسيناء والشام وليبيا أحياناً أو ينكمش ليقتصر على الوادى فقط أحياناً أخرى، وما منا مَن لا تجرى فى عروقه أحد الدماء المختلطة من الأناضول شمالاً حتى النيل الأزرق جنوباً ومن الحجاز شرقاً حتى بدو الصحراء غرباً، فمن يمكنه تحديد الأبعاد الجغرافية للرقعة التى يجب علينا أن نواليها اليوم ولا نوالى سواها؟
المضحك المبكى أن الخواجة مخترع القومية شرع الآن بتخطِّى تلك المرحلة، فبدأ ولاء الأوربيين على اختلاف ألسنتهم وتاريخهم ومذاهبهم يتجه للقارة بأسرها على ما تواجهها من أزمات اقتصادية، وولاء الغربيين عموماً يتجه للتحالف الصليبى الجديد شديد البأس “حِلف النيتو“ متمثلاً فى كتلة أمريكا وأوربا، بينما لم يزل العرب والمسلمين غارقين فى مستنقع الوطنية كما كان الأوربيين فى القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، فمازلنا نتبرأ من بنى جلدتنا وإخواننا فى الدين واللغة والثقافة والتاريخ على أساس مكان الولادة وألوان العلم وأنغام النشيد. فإن احتل أحد فلسطين أو أفغانستان فهذا ليس شأنى لأننى “مصرى“، ولا أقبل أن يحكمنى سورى أو أردنى -أو حتى مصرى ذو أب سورى أو أم أردنية- باعتباره “أجنبى“.. وهذا أشبه بأحد يحتل الإسكندرية فأقول هذا ليس شأنى مادام لم يهدد القاهرة أو أرفض أن يحكمنى منوفى على أساس أنه “ليس قاهرياً“.
******
إن القومية تنسلخ اليوم من صورتها اللامعة لتظهر على حقيقتها كفكرة بالية لامنطقية من مخلفات الماضى عفى عليها الزمن، وقد حان وقت تحررنا منها للأبد فى زمنٍ يتحول فيه العالم شرقاً وغرباً لاتحادات متماسكة حتى خطَت أمريكا الجنوبية على درب أختها الشمالية مقتربة من إنشاء اتحاد يلم شملها، وأمست أوربا على مشارف إختيار رئيس لها فضلاً عن وحدتها العسكرية والتجارية والتنقلية من قبل.
وها هو قد نهض التنين الصينى وانطلق النمر الهندى وتعافى الدب الروسى وحلَّق الصقر الأمريكى والتفّت النجوم الأوربية فى عصر التكتلات العملاقة الذى يُداس فيه الأقزام، بينما ظلت أمتنا مبعثرة يلفح كل فرقة من أبنائها الغرور الطفولى والتفاخر الكاذب.. فإلى متى؟
******
*إسلام ويب*

[/frame]
-Ayad likes this.
__________________
رد مع اقتباس
  #33  
قديم 06-13-2013, 09:02 PM
 
ولك الشكر
__________________
رد مع اقتباس
  #34  
قديم 06-14-2013, 10:36 AM
 
[frame="2 80"]

الحق هو الأقوى دائماً
07/10/2012
د. توفيق الواعي
*********

الكلمة الصادقة مفتاح العقل، وملاك النفس، وقائد الفكر، ومحرك العزم، ووقود القوة، ولأن الإنسان مميز بالنطق فهو مفضل بالتأثير، ولأنه مزود بالعقل فهو مُعَدّ للقيادة، ولأنه مخصوص بالفكر فهو مُعلم للحكمة، ولهذا فقد استحق التكريم من ربه، واستأهل الخلافة عن خالقه، وأعطيت له مفاتيح المعرفة، وعُلم الأسماء كلها، وسُخِّرت له العوالم، وفتحت أمامه الأسرار، وكان الوحى له كتابا، وخطاب الله له رشادا، وهداية الله له الكلمة، ووحى الله له ألفاظا، ودستور الله لحياته قرآنا.
******
ولأن الله علمه البيان فقد أناط به بلاغ الدعوة، وكلفه بحمل الرسالة، وأمره بتنفيذ المنهج بالحكمة والموعظة الحسنة، ووجهه لفتح مغاليق القلوب بالبرهان والإقناع، والحجة والمنطق، وجعل أصل الإيمان بالشهادة، وملاكه الإقرار بـ(لا إله إلا الله محمد رسول الله)، وصيَّر الكلمة ناطقة بأعماله، وأعطى للإنسان كتابا شاهدًا عليه، فكان لسانه ملاكه، وجنته وناره، "وهل يكب الناس فى النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟!".
******
ومن يعرف متى يضع كلمته يغنم، ومن يلقى القول على عواهنه يندم، ومن أطلق لسانه فى بيان حاجته، وأبان بلفظه ما يقصد بوجهته فاز بالحسنى، وألزم بحجته، فقد قال بعض الحكماء يدعو إلى تدريب اللسان على البيان والإفصاح عن البغية: (اللسان عضو فإن مرنته مرن، وإن تركته حرن)، ومن لا يعرف كيف يوجه لسانه أو يؤدب بيانه، أو يحسن خطابه، كبا كبوة أليمة، وعثر عثرة مشينة تكشف عن جهله وانحدار فكره، وقد لا ينجو منها، وصدق من قال:
وَجرحُ السيفِ تأسُوهُ فيبرأ *** وجرحُ الدهر ما جَرَحَ اللسانُ
جراحاتُ الطِعانِ لها التئامٌ *** ولا يلتامُ ما جَرَحَ اللســانُ .

وقد قال أكثم بن صيفى: (مقتل الرجل بين فكيه). وقيل : تكلم أربعة من دهاة الملوك بأربع كلمات كأنما رميت عن قوس واحد: قال كسرى: (أنا على رد ما لم أقل أقدر منى على رد ما قلت). وقال ملك الهند: (إذا تكلمت بكلمة ملكتنى وقد كنتُ أملكها).
******
وقال قيصر: (لا أندم على ما لم أقل، وقد ندمت على ما قلت) وقال ملك الصين: (عاقبة ما جرى به القول أشد من الندم على ترك القول).
وخطر الكلمة سلبا أو إيجابا كبير، وتأثيرها في الأمم والأفراد عظيم، وأقدم سلاح فى الحروب هو سلاح الكلام:
فإن النار بالعُودَين تذكى *** وإنَّ الحربَ أولُها الكلام
فمما لا ريب فيه أن الأسلحة الحاضرة لم تكن موجودة، يوم أن كان سلاح الكلام موجودا وله أثره ومضاؤه، فقد استعان به أصحاب كل دعوة، وأصحاب كل مذهب قبل استعانتهم بالسيوف والسهام، ووقف الشجعان أمام الجيوش يرهبونهم بالكلام، ويغزونهم باللسان قبل السنان.
******
واليوم أصبح نشر الدعوات فنًّا من أدق الفنون وأحوجها إلى البلاغة والمعرفة والدراية، وأصبحت قدرة الدولة على نشر دعوتها مساوية لقدرتها على إعداد سلاحها، وتنظيم جيوشها، وأضحت دبلوماسيتها أوفق وأجدى من آلتها الحربية، وإقناعها لشعبها وسياستها لأفرادها أفضل من شرطتها ومخابراتها، يستوى في ذلك من كان على حق ومن كان على باطل، لأن الحق كثيرًا ما يكون كالدواء المجهول، ولا بد للدواء النافع من عالِم يهدِى إليه، وطبيب يوصى به، ونصيحة تسوغه وتهيئ له القبول، وقد احتاج الناس بدون الحق إلى ألوف السنين للتمييز بين دواء الطب الصادق ودواء الطب الكاذب، مع أن الأثر قريب الظهور في الأجسام، وبين الأعراض في الإنسان، فما أحوجنا إلى التمييز بين الصحيح والكاذب، والصالح والفاسد، من الدعوات والأفكار والمذاهب، وهى عرضة للتشابه والاختلاط، وبهذا يتبين لنا آثار نعمة الهداية الربانية، وأفضال رعاية الله لنا بالوحى الإلهي، حيث اختصرت الجهود، وطويت الســنون، ووفرت التجارب، بتمام النعمة، ووضوح الطريق.
******
قال ربنا سبحانه وتعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نعمتي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) (المائدة: 3). وقال تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صراطي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (الأنعام: 153).
وكانت هذه وصاة كل نبي وكل رسول لتنعم البشرية بالهداية، ويسعد الفرد بالتعاليم، والعمر قصير، والدهر يمر، وتضيع الآجال: (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِى إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ* أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِى قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (البقرة: 132، 133).
******
وكان دائما تبليغ الرسل للهدايات بالكلمة والإقناع بالحجة والمنطق، قال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بالتي هي أَحْسَنُ) (النحل: 125)، وما نزلت رسل ومعها طائرات، ولا جيوش، ولا أسلحة، ولكنها نزلت ومعها الكلمة والحكمة التي هي ضالة المؤمن، وكان" محمد صلى الله عليه وسلم " هو رسول الكلمة المعجزة، واللفظة المسكتة، التي تحدت فصحاء البلاغة، وكانت هذه نعمة للداعية والرسول لا تعدلها نعمة، وصدق الله: (وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا) (النساء: 113).
******
ولقد كونت الأمة الإسلامية ودخل الناس في دين الله أفواجا، وشرَّق الإسلام وغرَّب بالحكمة والبيان والفهم والعرفان والموعظة الحسنة، وكان صحابة الرسول فرسان الكلمة، وأرباب الحجة، قال يهودي لعلى بن أبى طالب رضى الله عنه: ما لكم لم تلبثوا بعد نبيكم إلا خمس عشرة سنة حتى تقاتلتم؟ فقال على كرَّم الله وجهه: ولِمَ أنتم؟ لم تجف أقدامكم من البلل حتى قلتم: يا موسى اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة.
******
وقال معاوية لرجل من اليمن: ما كان أجهل قومك حين ملَّكوا عليهم امرأة!! فقال الرجل: أجهل من قومي قومك الذين قالوا حين دعاهم رسول الله: (اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (الأنفال: 32)، ولم يقولوا: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا إليه.
******
وخطر الكلمة عند من يعرفها لا يعدِله خطر، ولهذا كمم الظالمون الأفواه، وقطعوا الألسنة، وأغلقوا الصحف، واستولوا على الإعلام، ولكنهم لن يستطيعوا أن يُسكِتوا كل صوت، أو يحبسوا كل كلمة، فلا بد أن نتعلم لغة الكلام، ونحارب الظلم بسلاح الفكر.
وكان بعض الدعاة يرفض العنف، ويقول: [ما حاجتنا إلى المسدس ولنا لسان؟! وما حاجتنا إلى القنبلة ودوى صوت المظلوم أعلى من انفجار الديناميت؟! نحن دعاة ولسنا قضاة].
******
فهل يتعلم الدعاة فن الكلمة حتى يسودوا ويقودوا؟ وهل يرجعون إلى طريق الأنبياء والمرسلين حتى يتصل الركب، وتسعد البشرية بالأمن والراحة في رحاب الإيمان، ويعرفوا الفرق بين الهداية والفساد، والظلم والعدالة، والضلال والإيمان؟
ولا يهولنهم حقد عدو ولا افتراءات مفترى على الإسلام أو على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعمال الرسول وأفعاله المبهرة أضاءت الطريق للبشرية، وهدت العقول الإنسانية إلى الطريق القويم، وما زالت المنارة الوحيدة اليوم التي يحتاجها العالم في كل درب وتتطلع إليها الإنسانية في كل فج عميق، ولكنها تحتاج إلى بيان حتى يظهر ضياؤها، وإلى دعاة وأعلام حتى تنمو بذرتها وتخرج ثمرتها.
******
إن عدونا يريد فتنتنا وتضليلنا بالغزو الفكري الضال، ويرصدون لذلك المبالغ الطائلة حتى تصل رسالتهم إلى الهدف الخبيث، ونحن نكتفى بالصياح والهياج الذى لا يسمن ولا يغنى من جوع، وكنا نتمنى من علمائنا ومفكرينا في العالم العربي والإسلامي أن يقوموا بتعريف الناس برسالة الإسلام ورسول الإسلام الذى أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، حينها وحين ذلك سيدخل الناس في دين الله أفواجا بدل العداء الجاهل والحقد الأعمى الذى يضل الطريق ويعمى الأبصار، وأضواء الرسالة ونبل التعاليم وشرف الهداية كفيل بهداية الضالين وإرشاد الحائرين.
******
كما كنا نتمنى من أثرياء العالم العربي والإسلامي أن يمولوا حملة تستطيع أن تظهر هذا الفتح، ويقوم كل إنسان منا بدوره الصحيح في البلاغ والبيان بالحجة والمنطق والموعظة الحسنة كما نبه الإسلام من قبل حين قال: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بالتي هي أَحْسَنُ} وبهذا نكون قد قمنا بدورنا الصحيح بالشكل الذى يحقق النفع ويمنع الضرر عن الآخرين والله نسأل أن يوفق وأن يعين وأن يوجهنا إلى ما يحب ويرضى..

******
*إسلام ويب*



[/frame]
-Ayad likes this.
__________________
رد مع اقتباس
  #35  
قديم 06-15-2013, 09:36 AM
 
[frame="2 80"]
إدارة الثقافة
30/09/2012
أ.د. عبد الكريم بكار
******
لو عدنا إلى أدبياتنا عبر القرون الماضية لوجدنا أن معظم تنظيرنا للشؤون الثقافية كان ينصب عليها بوصفها علومًا واختصاصات معرفية منظمة.
وربما سادت تلك النظرة بسبب قلة ما في أيدينا من المعارف والمعطيات المتعلقة بالإنسان باعتباره كائنًا متعدد الجوانب ومتعدد الاحتياجات.
أما اليوم فإن المفهوم (الأنثروبولوجي) للثقافة آخذ في الانتشار والرسوخ، حيث إن هناك اعتقادًا متزايدًا بمحدودية تأثير (العلم المجرد) في صياغة السلوك الإنساني وفي توجيه حركة الحياة اليومية.
******
الثقافة كما بلورها علماء الإنسان هي ذلك النسيج المكوَّن من العقائد والمفاهيم والنظم والعادات والتقاليد وطرز الحياة السائدة في بقعة محددة من الأرض.
إنها طريقة عيش شعب بعينه، أو هي ما يجعل الحياة جديرة بالعيش.
******
إن تنوع العناصر المكوّنة للثقافة يمنحها قوة هائلة في مواجهة الوافدات الأجنبية وما يمكن أن تتعرض له من ضغوطات داخلية. إنه حين يتعرض أحد أنساق الثقافة للهجوم أو الوهن، فإنها تعتمد في استمرارها واستعادة حيويتها على باقي أنساقها، لكن نقطة قوة الثقافة هذه هي أيضًا نقطة ضعفها حيث يعرضها تنوع مكوناتها في أحيان كثيرة إلى ما يشبه الانقسام على الذات بسبب التصادم بين بعض أنساقها؛ وهذا ما يجعلنا في حاجة إلى ما سميناه "إدارة الثقافة".

وأود هنا أن أدلي بالملاحظتين الآتيتين في هذه القضية: في كل مجتمع نوعان من الثقافة: ثقافة عليا وثقافة شعبية أو ثقافة نخبة وثقافة جماهيرية.
******
الثقافة العليا تتكون بطريقة واعية وتكون أكثر دراية ببنيتها العميقة؛ وذلك لأننا نتملكها عن طريق القراءة والتأمل والحوار الرفيع والمقارنة وطرح الأسئلة.
أما الثقافة الشعبية فإنها ليست كذلك، إنها تتكون بطريقة غير واعية وغير مقصودة، حيث يتشربها أبناء المجتمع ويتشبعون بها كما يتنفسون الهواء.
******
ونقطة ضعفها هذه هي نقطة قوتها، حيث إن اختراقها من قبل الثقافات الأجنبية يكون عسيرًا بسبب عشوائيتها وكتامتها ورقابة المجتمع المشددة عليها. أما الثقافة العليا التي نبدأ بنشرها منذ الصف الأول الابتدائي إلى ما لا نهاية فهي الثقافة التي تمثل الأمة أمام الأمم الأخرى، وهذا ما يجعلها على درجة حسنة من المرونة والقدرة على التكيف ، وتمثل الرموز الثقافية الأجنبية، أي أن كثيرًا من الاقتباس والتطوير يأتي عن طريقها
إلا أن تنظيمها وتمثيلها الخارجي لثقافة الأمة يعرضها لأمرين مزعجين: الأول سهولة اختراقها؛ حيث إن طريقة اكتسابها الواعية تفتح الطريق لغزوها وبالتالي تحويرها وتهجينها.
الثاني: جفول الوعي الشعبي من أصحابها والشعور بأنهم يتجاوزون حدودهم إلى درجة يسوغ معها اتهامهم بخيانة الأمة وبيعها للغرباء.
******
ومع أن شيئًا من هذا ينطبق فعلاً على بعض المثقفين إلا أن المشكلة أن الثقافة الشعبية لا تملك المعايير المنهجية ولا الأسس المنطقية التي تمكنها من الحكم الراشد على تصرفات النخبة، مما يجعل موقفها شاعريًا أكثر من أن يكون عقلانيًا. وهي بدافع من الخوف من الانقطاع تلجأ في كسب قضيتها إلى التيارات النخبوية الأكثر محافظة وتقليدية لتقدم لها العون في كبح اندفاع التيارات المتحررة والمتطلعة إلى التحديث.

وهذا يجعل من الثقافة الشعبية عاملاً مهمًا في زيادة الانقسام بين تيارات الثقافة العليا ؛ يمكن القول: إن تطوير الثقافة الشعبية وتخليصها من العادات والسلوكيات الخاطئة يقع على عاتق الصفوة أصحاب الثقافة العليا، لكن من الصعب أن يحصلوا على الاستجابة لمناشداتهم وطروحاتهم ما داموا موضع شك وريبة من أولئك الذين يحتاجون إلى خدماتهم.

في العالم الإسلامي قامت الثقافات الوطنية والمحلية منذ أمد بعيد بإفراغ طاقاتها على الحضّ والكفّ في الثقافة الإسلامية المستندة إلى الكتاب والسنة واجتهادات الفقهاء، وصار من غير الممكن المضي قدمًا في تطوير أي شأن محلي بعيدًا عن مدلولات هذه الثقافة ورمزياتها وتحديداتها.
******
وهذا يعني أن ثقافة النخبة لا تستطيع أن تصبح قوة محركة للناس ما لم تتشرب روح الدين وما لم تلتزم بقطعياته وأطره العامة. إننا في مرحلة حرجة يحتاج فيها كل من يروم الإصلاح إلى ولاء الناس وحماستهم وتضحياتهم؛ لأن المفكر لا يملك أكثر من ناصية التنظير؛ والجماهير التي ستتحمل عبء التنفيذ؛ ولهذا فلابد من الاستحواذ على رضاها وإعجابها.
وستكون النخبة في وهم كبير إذا ظنت أنها تستطيع إحداث تغييرات كبرى من غير مساندة حقيقية من طيف واسع من أبناء الأمة. وقد أثبتت التجارب الكثيرة الإسلامية وغير الإسلامية أن كل حمل يتم خارج رحم الأمة هو أشبه بالحمل الكاذب. وحين يجافي أهل الرؤية والخبرة روح الدين فإنهم يُسلمون زمام الأمة إلى عناصر تملك الكثير من الحماسة والاندفاع والقليل من البصيرة والفهم لمتطلبات المرحلة.
******
إن طاقة ثقافة الأمة تكمن في المستوى الشعبي منها، على حين أن عقلها ورشدها في المستوى الصفوي. وهذا التفاوت هو دائمًا مصدر للتوتر والنزاع، لكن في الوقت نفسه يمكن أن يكون مصدرًا للتطوير نحو الأحسن والأقوم إذا أدرنا العلاقة بينهما بما هو مطلوب من الذكاء والوعي.

إن تنوع الأنساق المكوّنة للثقافة يحيل دائمًا على إمكانية حدوث الصدام والنزاع، كما هو الشأن في التنوع والتعدد. ويبدو أن أشد أنواع التوتر تلك التي تقع بين الثقافة بوصفها (هوية) وسمات خاصة بالأمة والثقافة بوصفها تعبيرات عن نزعات استهلاكية أو تعبيرات عن تحركات لتلبية حاجات الجسد أو تعبيرات عن التكيف مع ظروف ومعطيات شديدة القسوة.
وكلما أوغل الناس في مدارج الحضارة اشتد الصراع بين هذين النسقين من أنساق الثقافة؛ ذلك لأن ثقافة (الهوية) تتسم بالتعالي عن الانشغال بالواقع، وتنزع نحو المطلق.
على حين أن التحضر يزيد وعي الناس نحو مصالحهم، ويفتح شهيتهم على الاستهلاك، مما يفضي في نهاية المطاف إلى تضخم الثقافة المتعلقة بتسيير الحياة اليومية وتحقيق المنافع الشخصية، وهذا يجعل الناس يشعرون ويظهرون بأنهم أكثر دنيوية، وهو ما يثير حساسية الترميزات العميقة للهوية في الثقافة الإسلامية.
******
من الواضح اليوم أن ثقافة (ما بعد الحداثة) تشجع على انبعاث (الهويات) في كل أنحاء العالم من خلال عمل غير مقصود، وهو المناداة بالنسبية الثقافية وتأكيد انعدام الأطر والمرجعيات وجعل (الحقيقة) شيئًا تابعًا للثقافة.
وتكمّل (العولمة) المهمة حين تعتمد (نظام التجارة) أداة أساسية في (تسليع) كثير من مظاهر الحياة وجعلها أمورًا جاهزة للمتاجرة والمساومة.
******
إن هذا الدفق الهائل من الرموز والصور الاستهلاكية يساعد على نحو استثنائي على انتشار الهويات المقاتلة دفاعًا عن الوجود قد لا يكون أمامنا لإدارة الصراع المحتدم في عمق الثقافة على هذا الصعيد إلا أن ندعم الأنشطة الروحية والأدبية والاجتماعية ذات النفع العام، وأن نحاول إضفاء المعنى على الأنشطة الدنيوية من خلال الحرص على شرعيتها وشرح ما يمكن أن يجعلها موصولة بالأعمال الأخروية.
وما لم نفعل ذلك فإننا سنعاني من الانقسام والتمزق في أعماق ثقافتنا، وسنشعر بتشتت الجذور وضياع الأهداف الكبرى.

******
*إسلام ويب*

[/frame]
-Ayad likes this.
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 03:41 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011