عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

Like Tree35Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-16-2013, 02:02 PM
 
Question قصـص قـرآنيـة

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]













قصص القرآن
هي القصص التي أخبر بها الله في القرآن عن أحوال الأمم الماضية، والنبوات السابقة، والحوادث الواقعة ‘ وقد اشتمل القرآن على كثير من وقائع الماضي، وتاريخ الأمم، وذكر البلاد والديار. وتتبع آثار كل قوم، وحكى عنهم صورة ناطقة لما كانوا عليه وذلك لقوة تأثيرها في إصلاح القلوب والأعمال والأخلاق

مجموعة من الايات القرآنية التي نزلت على نبي الله محمد والتي تقول مجموعة منقصص الانبياء واقوام خالفوا الانبياء, ومنها قصص لاشخاص صالحين ومنها تحذير وإنذار لاقوام عصوا الله.


مواضيع القصص القرآني


من وجهة نظر الفقهاء فان القصص القرآني يقسم إلى ثلاث أنواع من القصص:



  • الأولى وهي قصص الانبياء.
  • الثانية قصص قرآني تتعلق بحوادث غابرة، وأشخاص لم تثبت نبوتهم.


  • الثالثة قصص تتعلق بالحوادث التي وقعت في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم.




القصص القرآنية

الانبياء في القصص



  • محمد صلى الله عليه وسلم.






قصص اخري


قصة لقمان.







أهمية القصص القرآني





تكمن أهميتها في:
  • إيضاح أسس الدعوة إلى الله، وبيان أصول الشرائع التي بعث بها كل نبي (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون) [الأنبياء: 25].
  • تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم وقلوب الأمة المحمدية على دين الله وتقوية ثقة المؤمنين بنصرة الحق وجنده وخذلان الباطل وأهله (وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين) [هود: 120].
  • تصديق الأنبياء السابقين وإحياء ذكراهم وتخليد آثارهم.
  • إظهار صدق محمد صلى عليه وسلم في دعوته بما أخبر به عن أحوال الماضين عبر القرون والأجيال.
  • مقارعته أهل الكتاب بالحجة فيما كتموه من البينات والهدى، وتحديه لهم بما كان في كتبهم قبل التحريفوالتبديل كقوله تعالى (كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين) [آل عمران: 93].
  • والقصص ضرب من ضروب الأدب، يصغي إليه السمع، وترسخ عبره في النفوس، تكرار القصص وحكمته يشتمل القرآن الكريم على كثير من القصص الذي تكرر في غير موضع، فالقصة الواحدة يتعدد ذكرها في القرآن، وتعرض في صور مختلفة في التقديم والتأخير، والإيجاز والإطناب.


حكم القصص القرآني





و من حكم القصص:
  • بيان بلاغة القرآن في أعلى مراتبها. فمن خصائص البلاغة إبراز المعنى الواحد في صورة مختلفة، والقصة المتكررة ترد في كل موضع بأسلوب يتمايز عن الآخر، وتصاغ في قالب غير القالب، ولا يمل الإنسان من تكرارها، بل تتجدد في نفسه معان لا تحصل له بقراءتها في المواضع الأخرى.
  • قوة الإعجاز- فإيراد المعنى الواحد في صور متعددة مع عجز العرب عن الإتيان بصورة منها أبلغ في التحدي.
  • الاهتمام بشأن القصة لتمكين عبرها في النفس، فإن التكرار من طرق التأكيد وأمارات الاهتمام. كما هو الحال في قصة موسى مع فرعون، لأنها تمثل الصراع بين الحق والباطل أتم تمثيل- مع أن القصة لا تكرر في السورة الواحدة مهما كثر تكرارها.
  • اختلاف الغاية التي تساق من أجلها القصة- فتذكر بعض معانيها الوافية بالغرض في مقام، وتبرز معان أخرى في سائر المقامات حسب اختلاف مقتضيات الأحوال.



الى الملتقى في اول قصة


[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________
ليلى
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-16-2013, 05:49 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]




صفحة أخرى من صحائف قصة البشرية؛ وهي تمضي في خضم التاريخ، ونكسة أخرى إلى الجاهلية؛ ومشهد من مشاهد اللقاء بين الحق والباطل، ومصرع جديد من مصارع المكذبين، يقصه علينا القرآن من خلال قصة النبي صالح عليه السلام، وهو يدعو قومه إلى توحيد الله، وإفراده وحده سبحانه بالعبودية، وترك ما سواه من الآلهة المصطنعة، التي لا تملك من الأمر شيئاً.


وقصة النبي صالح عليه السلام مع قومه ثمود وردت في سور متعددة: فجاءت مفصلة في سور: (الأعراف)، و(هود)، و(الحِجر)، و(الشعراء)، و(فصلت). وجاءت أقل تفصيلاً في سور: (الإسراء)، و(النمل)، و(الذاريات)، و(الحاقة)، و(الفجر)، و(الشمس)، وأشير إليها في سور: (التوبة)، و(إبراهيم)، و(الحج)، و(الفرقان)، و(العنكبوت)، و(ص)، و(غافر)، و(ق)، و(النجم)، و(البروج).

حاصل القصة

أرسل الله نبيه صالحاً عليه السلام إلى قبيلة ثمود، وهي من قبائل العرب، وكان صالح واحداً منها، وكانت مساكنها بـ (الحِجْر)، وهو مكان يقع الآن بين الحدود الشمالية للمملكة العربية السعودية وشرق المملكة الأردنية. وكان قوم صالح عليه السلام قد أنعم الله عليهم بمظاهر الحضارة من العمران والبنيان، بيد أنهم كانوا جاحدين لأنعمه، منكرين لوحدانيته. وقد طالبوا نبيهم بمعجزة تثبت أنه رسول من الله إليهم، فأتاهم بالناقة. وأمرهم أن يتركوا الناقة وشأنها، ولا يمسوها بسوء، غير أنهم لم يلتفوا لأمره، وقتلوا الناقة، فعاقبهم سبحانه شر عقاب، ونجى نبيه صالحاً والذين آمنوا معه.


تحليل عناصر القصة


تدور وقائع هذه القصة وأحداثها على ستة عناصر رئيسة، هي على النحو التالي:

العنصر الأول: دعوة النبي صالح عليه السلام قومه إلى عبادة الله وحده والإخلاص له، ونبذ كل معبود سواه، سواء أكان المعبود صنماً، أم وثناً، أم غير ذلك. وقد تعددت الآيات الواردة في تقرير هذه الدعوة، منها قوله تعالى: {قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} (الأعراف:73). وقوله عز وجل: {إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون} (الشعراء:142). ومنها أيضاً قوله سبحانه: {أن اعبدوا الله} (النمل:45). وقوله عز من قائل: {فاستغفروه ثم توبوا إليه} (هود:61). وقوله تعالى: {لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون} (النمل:46).

العنصر الثاني: ذِكْر المعجزة التي جاءهم بها، تصديقاً لرسالته، وانقياداً لدعوته، جاء ذلك في قوله تعالى: {قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية} (الأعراف:73). وقوله سبحانه: {وآتينا ثمود الناقة مبصرة} (الإسراء:59). وقوله عز وجل: {قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم} (الشعراء:155).

العنصر الثالث: تذكيرهم بما أنعم الله عليه من نعم، وما منَّ عليهم من مِنَن، جاء في ذلك قوله عز من قائل: {واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا} (الأعراف:74). وقوله سبحانه: {هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها} (هود:61).

العنصر الرابع: الإنكار عليهم لما هم عليه من فساد عريض وطغيان كبير، وإيثار للحياة الدنيا على الحياة الآخرة، نقرأ في ذلك قوله تعالى: {فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين} (الأعراف:74). وقوله سبحانه: {وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين} (الحجر:82). وقوله عز وجل: {أتتركون في ما ها هنا آمنين في جنات وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين} (الشعراء:146-149). وقوله عز من قائل: {يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة} (النمل:46).

العنصر الخامس: موقف قوم صالح عليه السلام من دعوته نحا منحى السخرية والتكبر والاستعلاء في الأرض، وهو ما أشارت إليه الآيات التاليات: قوله سبحانه: {فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين} (الأعراف:77). وقوله تعالى: {قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب} (هود:62). وقوله سبحانه: {وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين} (الحجر:81). وقوله عز وجل: {قالوا إنما أنت من المسحرين ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين} (الشعراء:153-154). وقوله عز من قائل: {قالوا اطيرنا بك وبمن معك} (النمل:47). وقوله تعالى: {فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر * أؤلقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر} (القمر:24-25).

العنصر السادس: بيان عاقبة المعرضين عن دعوة الله، والمنكرين لها، وعاقبة المستجيبين لها، والمنقادين لأمرها، وهو ما عبرت عنه الآيات الآتية: قوله تعالى: {فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين} (الأعراف:78). {وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود} (هود:67-68). وقوله سبحانه: {فأخذتهم الصيحة مصبحين} (الحجر:83). وقوله عز وجل: {فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ} (هود:66). وقوله تعالى: {فأخذهم العذاب إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين} (الشعراء:158). وقوله عز وجل: {فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين * فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون} (النمل:51-52). وقوله تعالى: {فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون} (فصلت:17). وقوله سبحانه: {فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين} (الذاريات:44-45)، وقوله تعالى: {فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية} (الحاقة:5). وقوله عز وجل: {فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها} (الشمس:14).

ويلاحظ أن الآيات الكريمة عبرت عن {العذاب} الذي أصاب قوم صالح عليه السلام، تارة بـ {الصيحةوتارة بـ {الرجفةوتارة بـ {الصاعقة وتارة {بالطاغيةولا تعارض بين هذه التعبيرات؛ لأنها متقاربة في معناها، ويكمل بعضها بعضاً، وهي تدل على شدة ما أصابهم من عذاب.

وعلى العكس من ذلك، فقد كانت عاقبة المؤمنين النجاة والتأييد من الله رب العالمين؛ وذلك ببركة تقواهم، وخوفهم من عذاب خالقهم، واتباعهم للحق الذي جاءهم به، قال تعالى: {نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ} (هود:66). وقال عز وجل: {وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون} (النمل:53). وقال سبحانه: {ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون} (فصلت:18). وفي هذا البيان تأكيد لسُنَّة من سُنَن الله التي لا تتخلف ولا تتبدل، ألا وهي عقاب الظالمين، ونجاة المؤمنين.

ما يستفاد من القصة

قصة النبي صالح عليه السلام مع قومه -كسائر قصص القرآن- غنية بالعبر، وزاخرة بالعظات، نذكر منها:


أولاً: أن صالحاً عليه السلام بذل مع قومه غاية ألوان الترغيب والترهيب، وهو يدعوهم إلى عبادة الله، ونبذ كل شيء سواه. وقد داوم على هذه الدعوة دون يأس أو ملل إلى أن بلَّغ رسالة ربه على الوجه الأكمل.

ثانياً: أن العقلاء من الناس يعتبرون بآثار الظالمين، ويربؤون بأنفسهم عن أن يسلكوا، أو أن يسكنوا مساكن الذي ظلموا أنفسهم؛ خوفاً أن يصيبهم ما أصاب أولئك الظالمين.

ثالثاً: أن الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب، واستقر في النفوس، ولَّد فيها الشجاعة، والقوة، والإقدام، والصراحة.

رابعاً: أن العقلاء المخلصين يستعملون دائماً في دعوتهم الأساليب المنطقية الحكيمة مع غيرهم، وهذا نراه واضحاً في جدال صالح عليه السلام مع قومه، كما تجلى ذلك في قوله سبحانه: {لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون} (النمل:46). وأن صالحاً سلك في دعوته لقومه أحكم الأساليب وأقومها وأقواها.

خامساً: أن النعم التي يُنعم الله بها على عباده، إذا لم يُحْسِن العباد تسخيرها في طاعة الله، فإنها تنقلب عليهم نقماً.






[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
da ra and sara125 like this.
__________________
ليلى
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01-17-2013, 01:34 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-image:url('http://vb.arabseyes.com/backgrounds/19.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]






تمثل قصص الأنبياء في القرآن الكريم منارات يهتدي بها المؤمنون عموماً والدعاة منهم خصوصاً في درب هذه الحياة، التي يسود فيها صراع الحق والباطل، والإيمان والشرك، والخير والشر، والفضيلة والرذيلة.


ومن القصص القرآني الذي يندرج تحت هذا المعنى قصة هود عليه السلام، حيث ذُكرت هذه القصة في سور متعددة من سور القرآن الكريم، تارة بصورة فيها بعض التفصيل، كما في سور: الأعراف، هود، المؤمنون، الشعراء، الأحقاف. وتارة بصورة موجزة، كما في سور: فصلت، الذاريات، القمر، الحاقة، الفجر. وقد سميت سورة كاملة بسورة هود، تضمنت قصص عدد من الرسل عليهم السلام، وكان من بينها قصة هود مع قومه. قال ابن كثير: وقد ذكر الله قصتهم في القرآن في غير ما موضع؛ ليعتبر بمصرعهم المؤمنون.

وقد وقعت مجريات قصة هود عليه السلام في منطقة اسمها (الأحقاف)، (جمع حقف: الجبل من الرمل)، وهي منطقة تُعرف اليوم باسم (الربع الخالي) في أرض الجزيرة العربية، ما بين عُمان وحضرموت.

حاصل القصة


محصل القصة أن الله سبحانه أرسل رسوله هوداً عليه السلام إلى قومه يدعوهم إلى عبادة الله الواحد الصمد، ويطلب منهم نبذ عبادة غيره من الأوثان والآلهة، فاستخف به قومه، وسخروا منه، واستمروا في طغيانهم يعمهون، فعاقبهم الله على موقفهم، بأن أرسل عليهم ريحاً قوية، استأصلت شأفتهم، وجعلتهم حصيداً، ونجَّا الله هوداً والذين معه من المؤمنين.

تحليل عناصر القصة


إن الحقيقة الأولى التي واجه بها هود عليه السلام قومه هي تقرير أن المستحق للعبادة هو الله وحده، ولا أحد سواه يستحق العبادة، فها هو ذا يخاطب قومه بقوله: {يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} (الأعراف:65).

وقد كان خطابه لقومه عليه السلام خطاب الناصح المشفق عليهم، الذي يريد الخير لهم، ويتألم لما هم عليه من الشرك والضلال، يرشد لهذا قوله: {أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين} (الأعراف:68).

ثم أعلن لهم مبدأ المفاصلة، فبين لهم أن موقفه منهم موقف المتبرئ من شركهم، والمتحدي لطغيانهم، والمعتمد على الله في الانتصار عليهم، وهذا ما عبر عنه بقوله: {إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون إني توكلت على الله ربي وربكم} (هود:54-56).

ثم هو بعدُ يذكر قومه أنه لا يريد على دعوته جزاء ولا شكوراً، {ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله} (هود:29)، فهو عليه السلام -كغيره من الرسل والدعاة الصادقين- يلتمس أجره من الله.

ليس هذا فحسب، بل إن هوداًيذهب في دعوته أبعد من ذلك، فيبين لقومه أنهم إن تركوا ما هم فيه من الضلال والغي، والتزموا شرع الله، فإن الله سوف يفتح عليهم من خزائن رحمته، ويمدهم من فضله، ويزيدهم قوة إلى قوتهم، وغنى إلى غناهم، {ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم} (هود:52).

وأردف ذلك بتذكير قومه بما أنعم الله عليهم من نعم، وما منَّ عليهم من منن، {واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة} (الأعراف:69)، وتخبرنا بعض الآيات الواردة، أنه عليه السلام بذل أقصى جهده في تذكير قومه بنعم الله عليهم، وتحذيره إياهم من كفرانها، وختم إرشاده لهم بأن بين لهم أنه حريص على مصلحتهم، وأنه يخشى عليهم إذا لم يستجيبوا لدعوته أن ينزل بهم عذاب عظيم، {أمدكم بأنعام وبنين * وجنات وعيون * إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم} (الشعراء:133-135).

غير أن هذا التذكير لم يزيد قومه إلا إصراراً في غيهم، وعناداً في ضلالهم، حيث أجابوه بقولهم: {قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين} (الأحقاف:22)، وكان موقفهم من دعوته موقف المتكبر والمتجبر والمستعلي، حيث خاطبوه بقولهم: {إنا لنراك في ضلال مبين} (الأعراف:60)، وقالوا له أخرى: {إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء} (هود:54).

ولما لم يفلح هود في ثني قومه عما هم فيه من الضلال والغي، واجههم بالعاقبة التي سيؤول إليها أمرهم، فقال لهم فيما حكاه القرآن عنه: {قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب} (الأعراف:71).

وقد أخبر القرآن الكريم عن العذاب الذي حلَّ بقوم هود بعبارات متنوعة ومعبرة، ونجى الله هوداً والذين آمنوا معه، فقال: {فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين} (الأعراف:72)، وقال: {وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود} (هود:60)، وقال: {فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم} (الشعراء:189). وقال: {فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون} (فصلت:16). وقال: {فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم * تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم} (الأحقاف:24-25)، وقال: {وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم} (الذاريات:41): وقال: {وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية} (الحاقة:6). وقال: {فصب عليهم ربك سوط عذاب} (الفجر:13).

ما يستفاد من القصة


تضمنت قصة هود عليه السلام العديد من العبر والعظات، نذكر منها:

أولاً: أن الغرور والبطر والتباهي بالقوة وشدة البطش يؤدي إلى أسوأ العواقب، وأوخم النتائج؛ ذلك أن قوم هود كانوا يتفاخرون بقوتهم، ويتباهون ببطشهم، ويتطاولون بشدة بأسهم، {وقالوا من أشد منا قوة} (فصلت:15)، ويقولون لرسولهم وهو ينصح لهم: {سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين} (الشعراء:136)، فكانت نتيجة تكبرهم وغرورهم، أن أرسل الله عليهم ريحاً صرصراً، عصفت بهم عصفاً، وجعلتهم عبرة لمن يعتبر.

ثانياً: مداومة التذكير بنعم الله على عباده، وبيان أن هذه النعم تزداد بشكر الله، وتنمو بطاعته، {ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم}.

ثالثاً: من المهم للدعاة إلى الله أن يجمعوا في أسلوب دعوتهم بين الترغيب والترهيب، ولا يقتصروا على أحدهما؛ إذ في الاقتصار على أحدهما قد لا تحقق الدعوة الغرض المرجو منها، بل قد تأتي بعكس النتائج المرجوة منها.

رابعاً: من أعظم العبر المستفادة من هذه القصة، أن الداعي إلى الله عندما يخلص في دعوته، ويعتمد على الله سبحانه في تبليغ رسالته، ويغار عليها كما يغار على عرضه أو أشد..فإنه في هذه الحالة سيقف في وجه الطغاة المناوئين للحق كالجبل الراسخ، الذي لا تنال منه ريح عاصف، ولا سيل جارف، بل يقف شامخاً برأسه، لا يلوي على أحد يعترض سبيل دعوته؛ لأنه يأوي إلى ركن شديد. وهكذا الدعاة المخلصين يبلغون رسالة ربهم، ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله، ويغارون عليها، ويدافعون عنها بكل شجاعة وثبات، وبكل عزم وإصرار.





[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
da ra and sara125 like this.
__________________
ليلى
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 01-20-2013, 12:05 AM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-image:url('http://vb.arabseyes.com/backgrounds/19.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]





إن قصص الأنبياء تمثل مراكز للتأهيل للدعوة إلى إظهار الحق وإبطال الباطل، كما أنها تعدُّ مدارس للتدريب على الصبر والجهاد من أجل إرشاد العباد إلى ما فيه صلاحهم في الدنيا، وفلاحهم في الآخرة.

وقصة نوح عليه السلام في القرآن الكريم تأتي ضمن الإطار المشار إليه آنفاً، فهي تعدُّ منارة للدعاة يستضيئون بهديها في طريق دعوتهم، كما تعد مدرسة للمجاهدين في سبيل إعلاء كلمة الحق وإزهاق الباطل. وهي قبل هذا وذاك تعتبر مثالاً يحتذى للمضي قدماً في طريق الثبات على المبدأ، وتحمل المشاق والصعاب من أجل نشره بين الناس.

وقد تكررت قصة نوح عليه السلام مع قومه في القرآن الكريم في سور عديدة، وبأساليب متنوعة، فجاءت في سورة هود أكثر تفصيلاً. وجاء الحديث عنها في سور الأعراف، ويونس، والمؤمنون، والشعراء، والعنكبوت، والصافات، والقمر بشيء من التفصيل. وجاءت إشارة إليها في سور الأنبياء والفرقان والذاريات. وثمة سورة كاملة في القرآن سميت باسم سيدنا نوح عليه السلام، تحكي لنا ما دار بين نوح وقومه، وما قاله لقومه، وما ردوا به عليه.

حاصل القصة

وحاصل قصة نوح مع قومه، أنه عليه السلام أرسله الله إلى قوم كانوا يعبدون الأصنام، ويتخذون لها أسماء ما أنزل الله بها من سلطان، فأخذ نوح عليه السلام يدعو قومه بكل السبل الترغيبية والترهيبية ليتركوا عبادة تلك الأوثان، ويعبدوا الله الواحد القهار. وقد أخبرهم عليه السلام أنه لا يبتغي من وراء ذلك أي أجر، بل هو يبتغي الأجر من الله، {وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين} (الشعراء:109)، فهو عامل لله، ومبلِّغ رسالة ربه، بيد أن قومه لم يستجيبوا له، ووصفوا دعوته بالضلال، فقالوا: {إنا لنراك في ضلال مبين} (الأعراف:60)، ليس هذا فحسب، بل أصروا على كفرهم وشركهم، {وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا} (نوح: 23). وقد مكث نوح في دعوة قومه ما يقرب الألف سنة، بيد أن قومه لم يستجيبوا لندائه، ولم يلبوا دعوته، حتى أخبره سبحانه: {وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون} (هود:36). ولما لم تنفع معهم أساليب الدعوة كافة، أغرقهم الله سبحانه، وجعلهم عبرة لمن يعتبر، كما قال تعالى: {إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين} (الأنبياء:77).

تحليل عناصر القصة

تندرج قصة نوح عليه السلام ضمن سياق القصص القرآني للأنبياء عموماً، فهي تخبر بأن نوح عليه السلام أُرسل إلى قومه ليخرجهم من عبادة الأوثان والأصنام، ويدعوهم إلى عبادة الواحد الرحمن، ويحذرهم من عذاب يوم أليم. وهذه هي المهمة الأساسية للرسل. كما جاء ذلك على لسان نوح مخاطباً قومه بطبيعة المهمة التي جاء لأجلها: {يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم} (الأعراف:59).

ثم إن نوحاً -بالرغم من موقف قومه- يخبر قومه أنه ماض في طريقه، ثابت على عزمه، لا يثنيه عن قصده إعراضهم، ولا يمنعه من تبليغ رسالة ربه موقفهم، فها هو ذا يخاطب قومه بقوله: {فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين} (يونس:72).

غير أن قوم نوح لم يستجيبوا لدعوة نبيهم، بل ظلوا في طغيانهم يعمهون، وفي ضلالهم يرتعون، بل أخذوا يسخرون منه، ويصفون دعوته بالضلال، وهو ما عبر عنه سبحانه بقوله: {إنا لنراك في ضلال مبين}، وهذا حال الفجار والكفار دائماً وأبداً، حيث يرون الأبرار في ضلالة، كما قال تعالى: {وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون} (المطففين:32).

وتخبرنا القصة أيضاً، أن قوم نوح استهزؤوا من الذين آمنوا معه، ووصفوهم بأنهم من أراذل قومهم، وهذا هو حال الطغاة والمستكبرين في كل عصر ومصر، يصفون أتباع الحق بأنهم شرذمة قليلون، يبغون الفساد في الأرض، ويعكرون صفو الحياة وبهجتها ورونقها، قال تعالى على لسان قوم نوح: {وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي} (هود:27)، وقال أيضاً: {قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون} (الشعراء:111).

ثم إن نوحاً يخبر قومه، أنه لا يمكن أن يتخلى عمن آمن برسالته، ولا أن يغلق الطريق أمام من انقاد لأمر ربه، {وما أنا بطارد المؤمنين} (الشعراء:114)، وهل يستقيم في ميزان العقل أن يدعوهم إلى الإيمان بربهم، وترك ما هم عليه من عبادة الأصنام، ثم يتنكر لهم بسبب ما آمنوا به، ويطردهم مما دخلوا فيه!

وبعد أن يجابه نوح قومه بهذا الموقف، يؤكد لهم أن مهمته الأساس التي جاء من أجلها بعد الدعوة إلى عبادة الله وحده، هي إنذار الناس من عذاب يوم عظيم، ومن ثم فهو يخاطبهم بقوله: {إن أنا إلا نذير مبين} (الشعراء:115).

وكما هي عاقبة الأمور، فإن الله نجى نوحاً والذين آمنوا معه، وأغرق الرافضين لسبيل الحق، والمعرضين عن طريق الهدى، وجعلهم عبرة لمن بعدهم، {فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون * ثم أغرقنا بعد الباقين * إن في ذلك لآية وما أكثرهم مؤمنين} (الشعراء:119-121)، {قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم} (هو:48).

هذا، وقد تخلل قصة نوح عليه السلام حوار بين نوح وابنه الكافر، ذلك الابن الذي أصر على كفره، وأبى أن يسلك طريق الإيمان والهداية، فكانت عاقبته عاقبة من أصر على كفره وشركه، فكان من المغرقين، ولم تنفعه شفاعة أبيه عند الله، {قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح} (هود:46).

ما يستفاد من القصة

كما ألمحنا بداية، فإن قصة نوح من أكثر القصص التي تكرر ذكرها في القرآن الكريم، وما ذلك -فيما نحسب- إلا لأنها تحمل العديد من العبر والدروس التي يستفيد منها المسلم عموماً، والداعون إلى الله على وجه الخصوص، ومن تلك العبر والدروس المستفادة:

أولاً: الصبر على أداء التكاليف التي كلفنا الله بها، والصبر على أذى السفهاء والجهلاء، والصبر في مواجهة الأعداء، والصبر على صعاب الحياة كافة. وقد قال بعض العلماء في هذا الصدد: بعث الله نوحاً وهو في سن الأربعين، ومكث يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، وعاش بعد غرق قومه ستين سنة، والمقصود بذكر هذه المدة الطويلة التي قضاها نوح مع قومه تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم عما يلاقيه من مشاق الدعوة، وتثبيته على الحق المبين.

ثانياً: أن الإنسان العاقل الحكيم هو الذي يتلقى شبهات خصمه وأكاذيبه بقلب سليم، وعقل رحب، ثم يرد عليها بما يدحضها من قواعدها.

ثالثاً: الشجاعة في إبداء الرأي، والغيرة على الحق، وإفهام المعترضين على دعوته أنه سيمضي قدماً في طريقه، لا يلوي على شيء، ولا يثنيه عن ذلك وعد أو وعيد.

رابعاً: أن الإنسان العاقل، والداعي الحكيم هو الذي يسوق لغيره النصائح والإرشادات بأساليب متنوعة، تارة عن طريق الترغيب والترهيب، وتارة عن طريق الدعوة إلى التأمل والتدبر في خلق الله، وأحياناً أخرى عن طريق بيان مظاهر نعم الله على عباده.

خامساً: العفاف عما في أيدي الناس، وعدم التطلع إلى ما في أيديهم من أموال..والاستخفاف بكل ما يملكون من حطام الدنيا، وإيثار ما عند الله على ما عندهم، أرشد إلى كل ذلك مصارحة نوح قومه بأنه لا يريد أجراً منهم على ما يدعوهم إليه، وأن ما يدعوهم إليه فيه صلاحهم في الدنيا و سعادتهم في الأخرى.

سادساً: أن العاقبة للمتقين المؤمنين، قال تعالى: {فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون} (الشعراء:119)، وأن العدوان على الظالمين: {ثم أغرقنا بعد الباقين} (الشعراء:120).

سابعاً: أن القرابة والنسب، وكذلك الجاه والمال والسلطان، لا اعتبار لها في ميزان الشرع، بل العبرة بداية ونهاية للعمل الصالح، وتصحيح العلاقة مع الخالق، وغير ذلك لا يجدي عند الله شيئاً.






[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
da ra and sara125 like this.
__________________
ليلى
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 01-20-2013, 11:41 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-image:url('http://vb.arabseyes.com/backgrounds/19.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]




من القصص المعبرة والمثيرة التي قصها علينا القرآن الكريم قصة ابني آدم عليه السلام، تلك القصة التي جرت وقائعها مع بداية الوجود الإنساني على هذه الأرض، والتي انتهت أحداثها بقتل الأخ لأخيه، حسداً وعدواناً.

حاصل القصة

ذكر سبحانه حاصل أحداث هذه القصة في موضع واحد من كتابه الكريم، وهو قوله تعالى: {واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين} (المائدة:27-31).


تحليل أحداث القصة

جاءت هذه الآيات عقيب حديث طويل عن رذائل قوم موسى عليه السلام، الذين خالفوا نبيهم، وامتنعوا عن طاعته، والاهتداء بهديه، وقالوا له بكل صلافة وسوء أدب: {فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون} (المائدة:24). فساق القرآن عقيب ذلك قصة قابيل وهابيل؛ تخفيفاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم عما أصابه من قومه، وتبياناً أن الذين عصوا أنبياءهم، واعتدوا عليهم، قد اقتفوا الطريق الذي سلكه قابيل الظالم في عدوانه على أخيه هابيل المظلوم.

ومجريات القصة تفيد أن كلاًّ من قابيل وهابيل قدَّم صدقة قربة إلى الله سبحانه، فتقبل الله صدقة هابيل؛ لصدقه وإخلاصه، ولم يتقبل صدقة هابيل؛ لسوء نيته، وعدم تقواه، فقال قابيل -على سبيل الحسد- لأخيه هابيل: {لأقتلنك}، بسبب قبول صدقتك، ورفض قبول صدقتي، فكان رد هابيل على أخيه: {إنما يتقبل الله من المتقين}، فكان ردُّ هابيل لأخيه قابيل ردًّا فيه نصح وإرشاد؛ حيث بيَّن له الوسيلة التي تجعل صدقته مقبولة عند الله، ألا وهي التقوى، وصيانة النفس عن كل ما لا يرضاه الله سبحانه.

ثم إن هابيل -الأخ الناصح العاقل- انتقل من حال وعظ أخيه بتطهير قلبه من الحسد، إلى تذكيره بما تقتضيه رابطة الأخوة من تسامح، وما تستدعيه لحمة النسب من بر، فقال لأخيه: {لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين}، فأخبره أنه إن اعتدى عليه بالقتل ظلماً وحسداً، فإنه لن يقابله بالفعل نفسه؛ خوفاً من الله، وكراهية أن يراه سبحانه قاتلاً لأخيه؛ إذ القتل جريمة نكراء شنعاء، ولا سيما إذا كانت من أخ لأخيه!

ثم انتقل هابيل إلى أسلوب آخر في وعظ أخيه وإرشاده؛ إذ أخذ يحذره من سوء المصير إن هو أقبل على تنفيذ فعلته السوداء الهوجاء {إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين}. بيد أن قابيل لم يرعوِ لنصائح أخيه، وضرب بها عُرْض الحائط، ثم انساق مع هوى نفسه، وزينت له نفسه الإقدام على تلك الفعلة الشنعاء، فارتكب جريمته النكراء، فقتل أخاه حسداً وظلماً، فخسر دنياه وأخراه، خسر دنياه؛ لأنه قتل أخاه أقرب الناس إليه رحماً، والأخ سند لأخيه وعون له، وخسر أخراه؛ لأنه ارتكب جريمة من أبشع الجرائم وأفظعها.

على أن قابيل القاتل لم يكتف بفعل تلك الجريمة البشعة، بل ترك أخاه ملقى في العراء، معرضاً للهوام والوحوش، ما يدل على قساوة قلبه، وشنيع فعله، بيد أن الله سبحانه لا ينسى عباده الصالحين، فهو يرعاهم بعنايته ورعايته، ويكلؤهم بحفظه وحمايته، فقد بعث غراباً يحفر في الأرض حفرة ليدفن تلك الجثة الهامدة التي لا حول لها ولا قوة من البشر، فلما رأى هابيل -القاتل الظالم- ذلك المشهد، تحركت فيه عواطف الإنسانية، وأخذ يلوم نفسه على ما أقدم عليه، وعاتب نفسه كيف يكون هذا الغراب -وهو من أخس أنواع الطيور- أهدى منه سبيلاً، فعض أصابع الندامة، وندم ندماً شديداً، ولات ساعة مندم.

ما يستفاد من القصة

تضمنت هذه القصة جملة من الفوائد والعبر:

أولاً: أن هذا القرآن من عند الله سبحانه؛ لأن هذه القصة العريقة في القِدَم، لم يكن للرسول صلى الله عليه وسلم علم بها، وإنما أخبره الله سبحانه بأحداثها كما أخبره بأحداث غيرها من القصص، كما قال تعالى: {تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا} (هود:49)، وذلك لينتفع بها العقلاء بما فيها من هدايات وعظات.

ثانياً: أن تقوى الله وإخلاص النية له قولاً وعملاً، أساس القبول عنده سبحانه، وقد قال تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} (الكهف:110)، وقال أيضاً: {إنما يتقبل الله من المتقين} (المائدة:27).

ثالثاً: أن الناس في كل زمان ومكان فيهم الأخيار الأبرار وفيهم الأشرار الفجار، وهذا ما عبرت عنه الآية الكريمة: {إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا} (الإنسان:3). ويمثل هابيل صنف الأخيار الأبرار، ويمثل قابيل صنف الأشرار الفجار.

رابعاً: أن رذيلة الحسد إذا تمكنت في النفس، وتأصلت فيها، أوردتها المهالك، وزينت لها البغي والعدوان، والإثم والطغيان، وفي هذه القصة نرى هذا المعنى واضحاً تماماً؛ فإن حسد قابيل لهابيل كان في مقدمة الأسباب التي حملته على قتله، وكان هذا القتل من الأخ لأخيه هو أول جريمة تُرتكب على ظهر الأرض، وقد جاء في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تُقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كِفْلٌ -نصيب- من دمها؛ وذلك لأنه أول من سن القتل) متفق عليه. وأخرج الطبري عن عبد الله بن عمرو، قال: إنا لنجد ابن آدم القاتل يقاسم أهل النار قسمة صحيحة العذاب، عليه شطر عذابهم.

خامساً: أن ندم الإنسان على ما وقع منه من أخطاء، لا يرفع عنه العقوبة؛ لأن هذا الندم أمر طبيعي، يحدث لكثير من الناس في أعقاب ارتكابهم للشرور والآثام. أما الندم الذي يرفع العقوبة عن الإنسان عند الله تعالى، فهو الذي تعقبه التوبة الصادقة النصوح، التي تجعل الإنسان يعزم عزماً أكيداً على عدم العودة إلى ما نهى الله عنه في الحال أو الاستقبال، والتأسف على ما فرط في جنب الله، ورد الحقوق والمظالم إلى أهلها.





[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
da ra and sara125 like this.
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لۈ حيَـآتڪ قصـَۂ ، ، فمَـآذآ سيَڪۈن عنۈآنهَـآ . .!* الدلع كلو حوارات و نقاشات جاده 4 09-09-2010 07:02 AM
مـن قصـص ملــوك الفراعنــة نبيل المجهول أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 0 02-10-2007 04:26 PM


الساعة الآن 08:00 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011