عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة > روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة

روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة يمكنك قراءة جميع الروايات الكاملة والمميزة هنا

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #71  
قديم 06-12-2012, 04:52 PM
 
__________________
بعد عشرينْ عآم تقآبلآ صدفهْ .. !!
هَو : تغيرتي كثيراً .. !!
هَيْ : مَنْ أنتْ .. ؟
هَو ضاحكاً : ولم يتغير غرورك أيضاً .. !!


بَعضُ الأشخَاص كَالاوْطَانِ ؛ فُرَاقَهُم غُربَه !*


وَ أغَار مِنْ غَرِيب .. يَرىَ عَينَيك صُدفَة فَ يُغْرَم بهَا !
  #72  
قديم 06-12-2012, 04:56 PM
 

،،

،،

اي-شان/ البارت في الطريق ..

انين الورود/نعم 10ردود ..

ناروتو الى الابد / وهذا البارت وصل لعيونكم ..


والف شكر لكل من يتابعني خلف الكواليس ..

وهذا الجزء الخامس وصل ..

بس والله تعبت وأنا أكتبه ..

قراءه ممتعه للجميع..

،،

،،
__________________
بعد عشرينْ عآم تقآبلآ صدفهْ .. !!
هَو : تغيرتي كثيراً .. !!
هَيْ : مَنْ أنتْ .. ؟
هَو ضاحكاً : ولم يتغير غرورك أيضاً .. !!


بَعضُ الأشخَاص كَالاوْطَانِ ؛ فُرَاقَهُم غُربَه !*


وَ أغَار مِنْ غَرِيب .. يَرىَ عَينَيك صُدفَة فَ يُغْرَم بهَا !
  #73  
قديم 06-12-2012, 04:57 PM
 
[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/14_05_15143159566002739.jpg');"][cell="filter:;"][align=center].











.[/align]
[/cell][/tabletext][/align]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
الجزء الخامس ..

زمرة الدم ..

مضيت إلى درس اللغة الانكليزية وأنا أشعر بالدوار . دخلت ولم أنتبه إلى أن الدرس قد بدأ فعلاً .
قال الاستاذ مامون بنبرة مؤنبه : شكراً لانضمامك إلينا يا آنسة سوان .
أحمر وجهي فأسرعت إلى معقدي .
لم أدرك أن مايك لم يكن جالساً في مكانه المعتاد بجانبي حتى نهاية الدرس . شعرت بشيء من الذنب . لكنه التقاني مع إريك عند الباب كالعادة فاستنتجت أنه سامحني بعض الشيء . بدا لي أن مايك قد عاد إلى طبيعته بينما رحنا نسير ... كان حماسه يزداد وهو يتحدث عن التنبؤات الجوية لنهاية الاسبوع . من المفترض أن يتوقف المطر بعض الشيء ومن المحتمل أن يصبح الذهاب في رحلة إلى الشاطىء أمراً ممكناً . حاولت إظهار الحماسة تعويضاً عن تخيب آماله أمس .
كان ذلك صعباً ، سواء كانت تمطر أو لا ، لن تتجاوز الحرارة 15 درجة ، وهذا إذا كنا محظوظين .
ظللت مشوشة طيلة الفترة الصباحية . كان صعباً علي تصديق أنني لم أكن أتخيل ما قاله إدوارد ... ولم أكن أتخيل تلك النظرة في عينيه . لعل هذا لم يكن الا حلماً مقنعاً جداً اختلط عندي بالحقيقة . هذا أرجح احتمالاً من أن يكون ميالاً إلي بأي شكل من الاشكال .
لذلك كنت خائفة نافذة الصبر عندما دخلت إلى الكافيتريا مع جيسيكا . كنت أريد رؤية وجهه لارى إن كان قد عاد ثانية فأصبح ذلك الشخص البارد اللامبالي الذي عرفته طيلة الاسابيع الماضية ، أو إن كنت قد سمعت منه حقاً ماظننت أنني سمعته هذا الصباح ... ستكون عجيبة من العجائب . كانت جيسيكا تثرثر وتثرثر عن خططها لحفلة الرقص ...
لقد قامت لورين و أنجيلا بدعوة الصبيين الاخرين ، وسوف يذهبون كلهم سوية ... لم تنتبه جيسيكا إطلاقاً إلى عدم اهتمامي .
غمرتني الخيبة عندما نظرت عامدة إلى طاولته . كان الاربعة الاخرون جالسين هناك ، لكنه كان غائباً . هل ذهب إلى المنزل ؟ حاولت متابعة ثرثرة جيسيكا لكنني عجزت عن ذلك . فقدت شهيتي ... لم أشتر الا زجاجة عصير ليمون . لم أكن أرغب الا في الذهاب والجلوس من غير كلام .
قالت جيسيكا وقد أفلحت في كسر امتناعي عن الكلام باستخدام اسمه : إدوارد كولن ينظر إليك مجدداً . أستغرب جلوسه وحيداً اليوم .
رفعت رأسي بسرعة وتابعت نظراتها فرأيت إدوارد يبتسم ابتسامة خبيثة وينظر إلي من طاولة فارغة في الجهة المعاكسة لمكان جلوسه المعتاد . وعندما التقط عيني رفع يده وأشار إلي أن أذهب لاجلس معه .
وعندما رحت أحدق فيه غير مصدقة غمزني بعينه .
سألت جييكا بدهشة مهينة تنبع من صوتها : هل يقصدك أنت ؟
قلت لاتخلص منها : لعله يحتاج مساعدتي في واجب البيولوجيا ... همم ... من الافضل أن أهب لارى ما يريد .
شعرت بعينيها تحدقان في ظهري عندما مشيت باتجاهه .
عندما وصلت وقف خلف الكرسي المقابل له ... لم أكن واثقة .
سألني مبتسماً : الا تجلسين معي اليوم ؟
جلست على نحو آلي وأنا أنظر إليه بحذر وريبة . مازال يبتسم .
كان يصعب التصديق أن شخصاً بهذا الجمال يمكن أن يكون حقيقياً .
تخيلت أن يختفي فجأة وأن أستيقظ من حلمي .
بدا أنه ينتظرني ليقول لي شيئاً .
أفلحت في الكلام أخيراً فقلت : هذا شيء مختلف .
قال : (( أنا ...)) توقف لحظة ثم اندفعت الكلمات من فمه اندفاعاً : بما أنني ذاهب إلى الجحيم فقد قررت أن أفعل ذلك بشكل كامل .
أنتظرت أن يقول شيئاً مفهوماً . لكن الثواني مرت وهو صامت .
قلت له أخيراً : تعرف أنني لا أفهم قصدك أبداً .
ابتسم من جديد وقال : (( أعرف ! )) ... ثم غير الموضوع : أظن أن أصدقاءك غاضبين لانني سرقتك منهم .
(( لن يموتوا بسبب هذا )) . كنت أشعر بنظراتهم تخترق ظهري .
قال بنظرة خبيثة تلتمع في عينيه : لكنني قد لا أعيدك إليهم .
شعرت بغصة .
ضحك قائلاً : تبدين خائفة .
قلت : (( لا!)) لكن صوتي كان متكسراً ... يالسخافتي .... الواقع أنك فاجأتني ... ماسبب هذا كله ؟
(( قلت لك ... تعبت من محاولة البقاء بعيداً عنك . وها أنا ذا استسلم )) . مازال يبتسم ... لكن بعينين جادتين .
كررت بحيرة : تستسلم ؟
(( نعم ... أستسلم فأكف عن محاولة أن أكون طيباً . سأفعل ما أرغب فيه الان ... وليكن ما يكون )) . خبث ابتسامته وهو يتحدث ولمست الحدة إلى صوته .
(( لم تفهميني هذه المرة أيضاً ! )) ... عادت إلى الظهور ابتسامته المعابثة التي تقطع الانفاس .
(( دائماً أقول أكثر مما يجب عندما أتحدث إليك ... هذه مشكلة من المشاكل )) .
قلت متجهمة : لاتقلق ... لست أفهم شيئاً مما تقول .
(( أنا أعتمد على هذا )) .
(( إذن ، هل نحن أصدقاء الان ؟))
قال متأملاً ... متشككاً : (( أصدقاء ... ))
(( أم لا ! ))
ابتسم قائلاً : يمكننا أن نحاول ... كما أظن . لكنني أحذرك الان من أنني لست صديقاً جيداً لك ... كان تحذير حقيقي يطل من خلف ابتسامته .
قلت له : أنت تكرر هذا كثيراً ... كنت أحاول تجاهل الرجفة المفاجئة في معدتي ... وكنت أحاول المحافظة على هدوء صوتي .
(( نعم ، لانك لا تستمعين إلي . مازلت أنتظر أن تصدقي ذلك . إذا كنت ذكية فسوف تتجنبيني )) .
(( أعتقد أنك أوضحت رأيك في مسألة ذكائي أيضاً )) .
ابتسم ابتسامة اعتذار .
(( إذن ، طالما انني لست ... ذكية ، سنحاول أن نكون أصدقاء ! )) . ..
كنت أحاول جاهدة أن ألخص تلك الصفقة الغريبة .
(( هذا يبدو صحيحاً تقريباًً )) .
نظرت إلى يدي المتشابكتين حول زجاجة عصير الليمون ... لم أعرف ما الذي يجب أن أفعله الان .
سألني بفضول : بم تفكرين ؟
نظرت في عينيه الذهبيتين العميقتين ... شعرت بالذهول ... كما العادة قلت الحقيقة فوراً : أحاول أن أفهم ... ما أنت ! .
بدا التوتر على وجهه لكن ابتسامته ظلت كما هي ... مع بعض الجهد .
سألني بنبرة حاول أن يجعلها لا مبالية : وهل تلاقين نجاحاً في هذا ؟
قلت معترفة : ليس كثيراً .
ابتسم وقال : وما هي نظرياتك ؟
أحمر وجهي . كنت أتذبذب بين نقيضين طيلة الشهر الماضي . لا يبدو أن لدي طريقة للحسم .
سألني وهو يميل برأسه جانباً ويبتسم ابتسامة مغرية إلى حد مذهل : (( ألن تخبريني ؟ ))
هززت رأسي : (( هذا محرج جداً )) .
قال متذمراً : هذا محبط حقاً كما تعلمين .
قلت بسرعة : لا.!.. ضاقت عيناي وقلت : لا أستطيع أن أفهم لماذا يكون محبطاً ... لماذا يحبطك أن يرفض شخص إخبارك عما يفكر فيه ... حتى اذا كنت تمضي وقتك كله في قول عبارات صغيرة مصممة على تمنعه من النوم في الليل وهو يفكر بما يمكن أن يكون قصدك منها ... لماذا يكون هذا محبطاً ؟
رأيته يكشر قليلاً .
تابعت حديثي وقد راح انزعاجي كله يعبر عن نفسه بحرية : وأكثر من هذا ... افترض أيضاً أنك تقوم بسلسلة من الاشياء الغريبة ... من إنقاذ حياته بطريقة لا يصدقها العقل إلى معاملته في اليوم التالي مثلما يعاملون كلباً شارداً ... ثم لا تشرح له أياً من هذا كله حتى بعد أن وعدته بذلك ... هذا أيضاً غير محبط أبداً .
(( أنت غاضبة قليلاً ، ألست كذلك ؟ ))
(( لا أحب المعايير المزدوجة )) .
رحنا نتبادل نظرات حادة ... من غير ابتسام .
نظر من فوق كتفي ... وفجأة ابتسم بطريقة غير متوقعة فقلت : ماذا؟
ابتسم ثانية : يبدو أن صديقك يظن أنني أزعجك ... وهو يفكر الان فيما اذا كان عليه أن يأتي ليضع حداً لشجارنا .
قلت ببرود شديد : لا أعرف عمن تتكلم . لكنني واثقة من أنك مخطىء .
(( لست مخطئاً ، لقد قلت لك من قبل ... من السهل قراءة معظم الناس )) .
(( الا أنا طبعاً ! ))
(( نعم! ... الا أنت )) ... تغير مزاجه فجأة ... اكتأبت عيناه وقال : (( لا أفهم السبب ! )) .
كان علي أن أشيح بنظري لشدة نفاذ نظرته . ورحت أشغل نفسي بالتركيز على انتزاع غطاء زجاجة الليمون . أخذت جرعة كبيرة ورحت أحدق في الطاولة ولا أراها .
سألني مغيراً الموضوع : ألست جائعة ؟
((لا ! )) ... لم أكن أرغب في القول أن معدتي كانت مملوءة ... بالفراشات .
(( وأنت ؟ )) ... نظرت إلى الطاولة الفارغة أمامه .
قال : (( لا ... لست جائعاً )) . لم أفهم تعبير وجهه ... بدا كمن يستمتع بنكتة لا يفهمها غيره .
قلت بعد لحظة من التردد : (( هل أستطيع أن أطلب منك معروفاً ؟ ))
بدا عليه الانتباه فجأة : (( هذا يتوقف على الشيء الذي تطلبينه )) .
(( ليس بالشيء الكثير )) .
انتظر كلامي ... بدا عليه الفضول والحذر معاً .
(( هل يمكنك .. من أجلي أنا ... أن تخبرني مسبقاً عندما تقرر تجاهلي في المرة القادمة ... حتى أكون مستعدة فقط )) . كنت أنظر إلى زجاجة الليمون أثناء كلامي وأمر بإصبعي على فوهتها الدائرية .
(( هذا يبدو منصفاً )) ... وعندما نظرت إليه رأيته يضغط على شفتيه حتى لا ينفجر ضاحكاً .
(( شكراً )) .
قال : (( والان ، هل أحصل منك على إجابة واحدة بالمقابل ؟ ))
(( واحدة فقط ! ))
(( أخبريني بواحدة من نظرياتك عني )) .
ياللبؤس : (( ليس على هذا السؤال تحديداً )) .
(( أنت لم تحددي نوعها ... وعدتني بإجابة واحدة )) .
قلت مذكرة إياه : (( لكنك لم تف بوعودك أيضاً )) .
(( نظرية واحدة فقط ... لن أضحك )) .
(( بل ستضحك ! )) ... كنت واثقة من هذا .
أطرق برأسه ثم رفعه ونظر إلي عبر أهداب عينيه الطويلة ... كانت نظرته نفاذة .
(( أرجوك ! )) ... قالها همساً وهو يميل صوبي .
تبخر كل شيء من رأسي ... يا ربي ... كيف يفعل هذا ؟
سألته وأنا أشعر بدوار في رأسي : (( ماذا ؟ ))
(( أرجو أن تخبريني بنظرية واحدة فقط )) ... كانت عيناه تواصلان لوجيه تلك النظرة الحارقة إلي .
(( آه ، طيب ، لقد قرصك عنكبوت مشع ! )) ... هل يمارس التنويم المغناطيسي أيضاً ؟ أم أنتي مجرد ضعيفة لا أمل منها ؟
قال هازئاً : (( ليست نظرية مبتكرة كثيراً )) .
قلت مستاءة : (( آسفة ، هذا كل ما لدي )) .
راح يضايقني : (( لم تقتربي من الحقيقة )) .
(( لا يوجد عنكبوت ؟))
(( أبداً )) .
(( ولا شيء مشع ؟ ))
(( أبداً )) .
تنهدت : (( بئس الامر ))
قال مبتسماً : لا تزعجني الحجارة الفضائية أيضاً .
(( قلت إنك لن تضحك ... هل تتذكر هذا ؟ ))
حاول جاهداً أن يسيطر على تعبير وجهه .
حذرته قائلة : (( سأعرف الحقيقة في النهاية )) .
(( أتمنى الا تحاولي ! )) ... أصبح جاداً من جديد .
(( لماذا ...؟ ))
(( ماذا لو لم أكن بطلاً خارقاً ؟ ماذا لو كنت شخصاً سيئاً ؟ )) ... كانت ابتسامته مرحه مبتهجة ، لكن عينيه لم تفصحا عن شيء ... صار لكثير من الاشياء التي قالها معنى مفاجىء فقلت : (( آه ! أفهم هذا )) .
(( هل تفهمين حقاً ؟ )) ... ظهر تعبير حاد على وجهه كما لو أنه خشي أن يكون قد أسرف في الكلام من غير قصد .
(( هل أنت خطير ؟ )) ... قلتها كمن يحزر أمراً ... ثم تسارع نبضي عندما أدركت بحدسي صدق تلك الكلمات . لقد كان خطيراً . وهو يحاول أن يوصل إلي هذه الفكرة طيلة الوقت .
اكتفى بالنظر إلي . وكان ملء عينيه تعبير لم أستطع فهمه .
همست قائلة وأنا أهز رأسي : (( لكنك لست سيئاً ... لا ! لا أعتقد أنك سيء )) .
(( أنت مخطئة )) ... قالها بصوت لا يكاد يسمع . أطرق برأسه ثم خطف غطاء الزجاجة وصار يقلبه بين أصابعه . حدقت فيه وأنا أتساءل عن سبب شعوري بالخوف . لقد كان يعني مايقول ... كان هذا واضحاً . لكنني لم أشعر الا بشيء من القلق ... كنت احس أنني مسحورة أكثر من أي إحساس آخر . هكذا أشعر كلما كنت بجانبه .
دام صمتنا حتى انتبهت إلى أن الكافتيريا صارت شبه فارغة .
قفزت واقفة وقلت : سنتأخر عن الدرس ! .
قال وهو يقلب الغطاء بين أصابعه بسرعة شديدة : لن أذهب إلى الصف اليوم .
(( لماذا ؟))
رفع رأسه مبتسماً ، لكن عينيه ظلتا مضطربتين : مفيد للصحة أن لا يذهب المرء إلى الصف من حين لاخر .
قلت : حسناً ! أنا ذاهبة ... كنت أكثر جبناً من أن أغامر .
عاد إلى التركيز على الغطاء الذي يقلبه بأصابعه وقال : إذن ، أراك لاحقاً .
وقفت مترددة ... ممزقة ... لكن الجرس الاول جعلني أسرع خارجة من الباب . ألقيت عليه نظرة سريعة فرأيت أنه لم يتحرك أبداً .
عندما سرت شبه راكضة إلى الصف كان رأسي يدور بأسرع من دوران غطاء الزجاجة بين أصابعه . قليلة جداً هي الاسئلة التي حصلت على إجابتها اذا ما قورنت بالاسئلة الجديدة الكثيرة التي نشأت ... لقد توقف المطر ، على الاقل .
كان حظي طيباً ... وصلت قبل أن يصل الاستاذ بانر إلى الصف .
جلست بسرعة في مقعدي ولا حظت مايك و أنجيلا ينظران إلي . بدا مايك غاضباً ، وبدت أنجيلا مدهوشة ... بل منزعجة بعض الشيء .
دخل الاستاذ بانر طالباً الهدوء من الطلاب . كان يحمل علباً صغيرة بين ذراعيه . وضع العلب على طاولة مايك وطلب منه توزيعها على الطلاب .
(( الان ، أريد أن يأخذ كل منكم قطعة من كل صندوق )) ... قال هذا وهو يخرج من جيب قميصه المخبري الابيض زوجاً من القفازات المطاطية . ارتدى القفازات وبدا لي صوت المطاط وهو يأخذ مكانه على يديه منذراً بالشؤم . قال الاستاذ : (( هذه بطاقة كاشفة )) وحمل بيده بطاقة بيضاء عليها أربعة مربعات ورفعها حتى نراها . (( وهذا قضيب رباعي الشعب )) ، ورفع شيئاً بدا مثل ملقط شعر من غير أسنان . .. وهذا مشرط مجهري معقم ، ورفع قطعة صغيرة من البلاستيك الازرق ثم فتحها . كان نصل المشرط غير مرئي من تلك المسافة ، لكنني شعرت بتقلص في معدتي .
(( سأدور عليكم حاملاً دورقاً من الماء من أجل تحضير بطاقاتكم لذلك أرجو أن لا يبدا أحد قبل وصولي إليه )) . بدأ من طاولة مايك فوضع بحذر نقطة من الماء على كل مربع من المربعات الاربع . (( أريد من كل منكم أن يجرح إصبعه جرحاً صغيراً جداً باستخدام المشرط ... ))
أمسك بيد مايك وغرس الحافة المدببة في قمة إصبعه الاوسط . آه . لا ... انبجس سائل دبق أمام جبيني .
قال الاستاذ وهو يطبق ما يقول : (( ضعوا قطرة صغيرة على كل شعبة من شعب القضيب )) وأمسك بإصبع مايك ثم عصرها حتى خرجت نقطة دم . ابتلعت ريقي بصعوبة وأحسست بتخبط معدتي .
(( ثم ضعوا نقطة الدم على البطاقة )) ، ورفع البطاقة حتى نرى الدم عليها . أغمضت عيني محاولة أن أسمع الاستاذ من خلال الطنين الذي أصمم أذني .
(( سوف يقوم الصليب الاحمر بجولة لتحديد زمر الدم في بورت آنجلس في عطلة نهاية الاسبوع القادمه )) ... بدا فخوراً بنفسه ... (( يجب أن يحصل كل من لم يبلغ الثامنة عشر بعد على موافقة والديه ... على مكتبي أوراق مطبوعة لتلك الغاية )).




تابع السير في الغرفة موزعاً نقاط الماء . وضعت خدي على غطاء الطاولة الاسود البارد محاولة أن أعود إلى وعيي . كنت أسمع من حولي الزعقات والتذمرات والضحكات الصادرة عن زملائي وهم يثقبون أصابعهم . رحت أتنفس ببطء من فمي .
سألني الاستاذ بانر : بيلا ... هل أنت بخير ؟ كان صونه قريباً جداً من رأسي وبدا حذراً منتبهاً .
قلت بصوت خافت : أنا أعرف زمرة دمي يا أستاذ ... خفت أن أرفع رأسي .
(( هل تشعرين بدوار ؟ ))
تمتمت : (( نعم يا أستاذ )) ... كنت ألوم نفسي لانني لم أقرر عدم المجيء إلى الصف عندما سنحت لي الفرصة .
قال الاستاذ : (( من فضلكم ، هل يستطيع أحد منكم أن يأخذ بيلا إلى الممرضة ؟ ))
لم أكن بحاجة لان أرفع رأسي حتى أعرف أن مايك هو الذي تطوع لهذه المهمة .
سألني الاستاذ : (( هل تستطيعين السير ؟))
همست : (( نعم ! )) ... فقط أخرجوني من هنا ... قلت في نفسي ... سأخرج زحفاً اذا اقتضى الامر .
بدا مايك متحمساً عندما أمسك بمعصمي ووضع ذراعي حول كتفه . استندت إليه في طريقنا إلى خارج الصف .
سار بي مايك ببطء في الخارج ... توقفت عندما صرنا عند زاوية الكافتيريا بعيداً عن الصف بحيث لا يرانا الاستاذ بانر إن كان يراقبنا .
رجوت مايك (( دعني أجلس دقيقة واحدة من فضلك )) .
ساعدني في الجلوس على حافة الممر .
حذرته قائلة : (( دع يدك في جيبك )) ... مازلت أشعر بالدوخة .
استلقيت على جانبي ووضعت خدي على إسمنت الممر البارد وأغمضت عيني . ساعدني هذا قليلاً .
قال مايك بعصبية : (( آوه ! أخضر لونك يا بيلا )) .
سمعت صوتاً مختلفاً من بعيد : (( بيلا؟ ))
(( لا! أرجو أن يكون هذا الصوت المألوف إلى حد الرعب مجرد خيال )) .
(( ما المشكلة ... هل أصيبت ؟ )) ... صار صوته أقرب الان وبدا عليه القلق . لم يكن الامر مجرد خيال . فتحت عيني رغماً عنهما متمنية أن أموت في تلك اللحظة ، أو أن لا أتقياً على أقل تقدير .
بدا التوتر على مايك : (( أعتقد أنها فقدت الوعي . لا أعرف ما حدث ... إنها لم تجرح إصبعها بعد )) .
(( بيلا)) ... صار صوت إدوارد بجانبي تماماً الان وبدا عليه الانفراج : (( هل تستطيعين سماعي ؟ )) .
(( لا! )) ... قلتها بصوت كالانين : (( اذهب عني )) .
ضحك إدوارد .
راح مايك يوضح له بنبرة دفاعية : كنت أذهب بها إلى الممرضو لكنها توقفت هنا ورفضت أن تتابع .
قال إدوارد : (( سوف آخذها أنا )) . مازلت أستطيع أن أسمع تلك الابتسامته في صوته : (( تستطيع أن تعود إلى الصف )) .
اعترض مايك قائلاً : (( لا! يفترض أن آخذها أنا )) .
فجأة ، اختفى الممر الذي تحتي ففتحت عيني بدهشة . كان إدوارد قد حملني بين ذراعيه بسهولة كما لو أن وزني كان خمسة كيلو غرامات لا خمسة وخمسين .
(( أنزلني ! )) ... أرجوك ياربي لاتدعني أتقيأ عليه . لكنه بدأ السير قبل أن أنهي كلمتي .
صاح مايك الذي أصبح خلفنا بعشر خطوات الان : (( انتظر! ))
تجاهله إدوارد وقال لي مبتسماً : (( منظرك بائس )) .
قلت بصوت كالانين : (( أرجعني إلى الممر ! )) . لم تكن تموجات حركة المشي تساعدنا في شيء . كان يحملني بعيداً عن جسمه ... كان يحملني بسهولة متلقياً وزني كله بذراعيه فقط ... لم يبد عليه أي جهد .
سألني : (( إذن ! .. أغمي عليك بسبب منظر الدم ؟ )) ... بدا هذا مسلياً بالنسبة له .
لم أجيبه بشيء . أغمضت عيني من جديد ورحت أقاوم الغثيان بكل قوة وأنا أطبق شفتي بشدة .
تابع إدوارد متسمتعاً بالحديث : (( حتى أنه لم يكن دمك أنت )) .
لا أعرف كيف فتح الباب وهو يحملني لكنني شعرت بالدفء فجأة فعرفت أننا صرنا داخل الغرفة .
سمعت صوتاً أنثوياً يشهق : (( أوه ، ماذا بها ؟ ))
قال إدوارد : (( أغمي عليها في درس البيولوجيا )) .
فتحت عيني : كنت في غرفة المكتب ، وكان إدوارد يسير باتجاه باب الممرضة . أسرعت الانسة كوب ذات الشعر الاحمر ، وهي موظفة الاستقبال في المكتب الامامي ، فسبقتني حتى تفتح الباب له . رفعت الممرضة التي لها مظهر الجدات رأسها عن الواية التي بيدها ونظرت بدهشة عندما كان إدوارد يدخلني إلى الغرفة ثم يضعني برفق فوق الورق الذي يغطي السرير الوحيد المغلف بقماش بني . ثم ذهب فوقف بجانب الجدار الاخر من الغرفة أي على أبعد مسافة ممكنة مني . كانت عيناه للمعان مستثارتين .
قال كمن يطمئن الممرضة الخائفة : (( لقد أغمي عليها قليلاً فقط ... إنهم يجرون فحص الزمر الدموية في مخبر البيولوجيا )) .
هزت الممرضة رأسها بحكمة وقالت : دائماً يصاب أحدهم بالاغماء .
كتم إدوارد ضحكته .
قالت الممرضة : (( عليك الاستلقاء دقيقة واحدة فقط ياحبيبتي ... سيزول الامر سريعاً )) .
قلت : (( أعرف هذا ! )) ... كان غثياني يتلاشى منذ الان .
سألتني : هل يحدث هذا معك كثيراً .
اعترفت قائلة : (( أحياناً )) ... سعل إدوارد حتى يخفي ضحكة أخرى .
قالت له : (( تستطيع الذهاب إلى صفك الان )) .
(( علي أن أظل معها ! )) ... قال ذلك بسلطة واثقة جعلت الممرضة تمتنع عن إضافة أي كلمة ... لكنها زمت شفتيها .
قالت لي : ((سأحضر لك بعض الثلج حتى تضعيه على جبينك يا عزيزتي )) . ثم خرجت مسرعة من الغرفة .
قلت له وأنا أغمض عيني : (( لقد كنت محقاً))
(( عادة ما أكون محقاً ... لكن بم كنت محقاً هذه المرة ؟ ))
قلت : (( الهروب من الدرس شيء صحي )) . ثم رحت أحاول التنفس بانتظام .
(( لقد أخفتني لحظةً هناك )) ... قالها كمن يعترف . كان صوته كصوت من يعترف بضعف معيب . (( ظننت أن مايك نيوتن كان يجر جثتك حتى يدفنك في الغابة )) .
(( ها ها ! )) ... مازالت عيناي مغلقتين لكني شعرت أنني أعود إلى الوضع الطبيعي مع كل دقيقة تمر .
(( بصدق ... رأيت جثثاً لونها أفضل من لونك في تلك اللحظة . وقلقت لانني قد اضطر إلى الانتقام ممن قتلك )).
(( مسكين مايك ... لابد أنه غاضب جداً )) .
قال إدوارد مبتهجاً : (( لابد أنه يكرهني كثيراً الان )) .
جادلته قائلة : (( لا تستطيع أن تعرف ذلك )) ... لكنني تساءلت فجأة عما اذا كان يستطيع حقاً .
(( رأيت وجهه ... كان ذلك واضحاًً عليه )) .
(( كيف رأيتني ؟ ظننت أنك تختبىء من الدرس)) . صار وضعي جيداً الان ... لابد أن الدوار كان سيفارقني بسرعة أكبر لو أنني أكلت شيئاً عند الغداء . لكن ، لعل من حسن حظي أن معدتي كانت فارغة .
(( كنت في السيارة أستمع إلى الموسيقى )) ... إجابة عادية جداً ...فاجأتني .
سمعت صوت الباب ففتحت عيني ورأيت الممرضة تحمل كيساً بارداً في يدها .
(( خذي ياعزيزتي !)) ... وضعت الكيس على جبهتي وقالت : (( يبدو عليك التحسن )) .
قلت : (( أظن أنني بخير الان )) . انتصبت جالسة . لم أشعر بالدوار ... فقط بعض الطنين في أذني . ظلت الجدران الخضراء بلون النعناع ثابتة في مكانها .
رأيت أنها توشك أن تجعلني أستلقي من جديد ، لكن الباب فتح في تلك اللحظة ومدت الانسة كوب رأسها منه : (( لدينا واحد آخر ! ))
قفزت إلى الارض حتى أخلي السرير من أجل المريض الجديد .
ناولت الممرضو الكيس : خذي ، لم أعد بحاجة إليه .
ظهر مايك في الباب . كان يسند الان لي ستيفنز الشاحب ، وهو صبي آخر معنا في صف البيولوجيا . تراجعنا أنا وإدوارد حتى الجدار لنفسح لهم طريقاً .
تمتم إدوارد : (( لا يا بيلا ! اذهبي إلى غرفة المكتب )) .
نظرت إليه باستغراب فقال : (( ثقي بي ... اذهبي )) .
استدرت وأمسكت بالباب قبل أن يغلق وخرجت من غرفة الممرضة . أحسست بإدوارد خلفي تماماً .
قال مدهوشاً : (( لقد استمعت إلي فعلاً هذه المرة ! ))
قلت وأنا أجعد أنفي قرفاً : (( شممت رائحة الدم )) . لم يكن لي مغمى عليه بسبب مشاهدته الاشخاص الاخرين كما حدث معي .
قال إدوارد معترضاً : (( لا يستطيع الناس شم رائحة الدم )) .
(( أنا أستطيع ... هذا سبب إغمائي ، إن رائحته مثل الصدأ ... والملح )) .
كان ينظر إلي نظرة لم أستطع سبر غورها فسألته : ((ماذا ؟ ))
(( لا شيء ! ))
في تلك اللحظة خرج مايك من الباب وهو ينقل نظراته بيني وبين إدوارد . كانت نظرته إلى إدوارد تؤكد ما قاله عنه منذ قليل . نظر مايك إلي بعينين كئيبتين .
قال بنبرة اتهام : (( يبدو وضعك أفضل )) .
قلت له محذرته: (( دع بدك في جيبك ولا تخرجها )) .
قال مايك : لم تعد تنزف . هل تعودين إلى الدرس ؟
(( هل تمزح ؟ اذا ذهبت إلى الدرس فسأعود إلى هنا فوراً )) .
(( نعم ، أظن ذلك ... هل ستذهبين في عطلة نهاية الاسبوع . إلى الشاطىء ! ))
فيما كان يتكلم ألقى نظرة غاضبة أخرى صوب إدوارد الذي كان يقف قرب الطاولة من غير حراك كأنه تمثال ... كان ينظر بعيداً ... في الفراغ .
حاولت أن أقول بصوت ودي إلى أقصى حد : (( طبعاً ، قلت إنني سأذهب )) .
(( نلتقي جميعاً الساعة العاشرة في متجر والدي )) . قفزت عيناه نحو إدوارد من جديد وكأنه ستساءل عما اذا كان أفصح عن معلومات أكثر من اللازم . كان واضحاً من لغة جسده أن الدعوة ليست مفتوحة للجميع .
وعدته : (( أراك هناك )) .
قال وهو يتحرك صوب الباب غير واثقٍ بعد : إذن ، أراك في قاعة الرياضة .
أجبته : طبعا! .
نظر إلي من جديد بوجه مقطب قليلاً ثم خرج من الباب ببطء وقد تهدل كتفاه . غمرني شعور التعاطف والشفقة . وتخيلت رؤية وجهه خائب الامل مجدداً .. في قاعة الرياضة .
قلت بصوت كالانين : (( قاعة الرياضة ! )) .
لم الاحظ إدوارد عندما تحرك نحوي . لكنه تكلم الان في أذني : (( أستطيع الاهتمام بذلك . اذهبي واجلسي ... ماعليك الا أن تظهري بعض الشحوب )) .
لم يكن هذا صعباً ... أنا شاحبة دائماً . وقد تركت إغماءتي بعض العرق على وجهي . جلست على إحدى الكراسي القابلة للطي وأسندت رأسي إلى الجدار مفلقة عيني . الاغماء يرهقني دائماً .
سمعت إدوارد يتحدث بصوت خافت عند الطاولة .
(( آنسه كوب ! )) .
(( نعم ؟ )) ... لم أكن قد سمعتها عائدة إلى طاولتها .
(( لدى بيلا درس رياضة الان . لا أعتقد أنها ارتاحت بالقدر الكافي . الحقيقة أعتقد أن علي أن أذهب بها إلى منزلها الان . هل تعتقدين ان بوسعك إعفاءها من درس الرياضة ؟ )) .
كان صوته عذباً كالعسل . أستطع أن أتخيل كم كانت عيناه عذبتين في تلك اللحظة أيضاً .
قالت الانسه كوب بارتباك : (( وهل تريد أن أعفيك أنت أيضا يا إدوار د؟ ))... لماذا لا أستطيع أن أفعل هذا ؟
(( لا! ... لدي الان درس لدى السيدة غوف ... لن تمانع أبداً )) .
(( طيب ! كل شيء على ما يرام إذن . هل تشعرين أنك صرت أفضل يابيلا ؟ )) أومأت بضعف ثم رفعت رأسي قليلاً .
(( هل تستطيعين المشي أم أحملك ثانية ؟ )) ... كان ظهره إلى الموظفة ... ورأيت تعبير تهكم ساخر على وجهه .
(( سأمشي ! )) .
وقفت بحذر فوجدت أنني مازلت بخير . فتح الباب أمامي بابتسامة مهذبة لكن السخرية واضحة في عينيه . خرجت إلى البرد ... كان مطر خفيف قد بدأ يهطل . جو لطيف ! ... هذه أول مرة أستمتع بذلك البلل المستمر الهاطل من السماء ... كان المطر يغسل ذلك العرق اللزج عن وجهي .
قلت لإدوارد وهو يسير خلفي في طريقنا إلى الخارج : (( شكراً ... لا بأس في أن يغمى علي حتى أتخلص من درس الرياضة )) .
(( على الرحب والسعة )) ... كان ينظر أمامه مباشرة ... كان يحدق في المطر .
(( هل تذهب إذن ؟ أقصد يوم السبت ! )) كنت آمل أن يذهب رغم أن الامر بدا مستبعداً تماماً . لم أستطع تخيله ذاهباً في تلك الرحلة مع بقية أولاد المدرسة . إنه لا ينتمي إلى ذلك العالم نفسه . لكنني آمل فقط أن يعطيني ما يدعم تلك اللمسة الاولى من الحماسة التي أحسست بها تجاه الرحلة .
ظل ينظر أمامه من غير تعبير على وجهه : (( إلى أين أنتم ذاهبون بالضبط ؟ )) ز
(( سنذهب إلى لابوش ... إلى الشاطىء الاول )) . تمعنت في وجهه محاولة قراءته . بدت عيناه متقلصتين إلى أبعد حد .
ألقى علي نظرة سريعة من زاوية عينه مبتسماً ابتسامة ظريفة ساخرة : (( الحقيقة ، لا أظن أنني مدعو )) .
قلت : (( لقد دعوتك الان ! )) .
(( دعينا ، أنا وأنت ، لا نضغط أكثر من هذا على مايك المسكين هذا الاسبوع . لا أريده أن يغضب )) . كانت عيناه ترقصان ... كان مستمتعاً بتلك الفكرة أكثر مما ينبغي .
(( مايك المسكين ! )) ... تمتمت وأنا منشغلة البال بطريقة قوله (( أنت وأنا )) . أحببت ذلك أكثر مما ينبغي .
صرنا الان قرب موقف السيارات . انعطفت يساراً نحو سيارتي لكن شيئاً أمسك بسترتي وسحبني إلى الخلف .
(( أين تظنين نفسك ذاهبة ؟ )) ... سألني بغضب شديد . كان يمسك بسترتي ملء يده .
شعرت بالانزعاج : ذاهبة إلى المنزل ! .
(( ألم تسمعيني أعد الانسة كوب أن آخذك إلى البيت بأمان ؟ هل تظنين أنني سأتركك تقودين السيارة وأنت في هذه الحالة ؟ )) ... كان صوته ما يزال غاضباً .
قلت متذمرة : مابها حالتي ؟ وماذا عن سيارتي ؟
(( سأطلب من أليس أن توصلها بعد المدرسة ! )) كان الان يجرني من سترتي نحو سيارته . وكان تفدي السقوط هو كل ما استطعت فعله . أظنه سيستمر في جري ... حتى اذا سقطت .
قلت له بإصرار : (( اتركني ! )) ... تجاهلني ... رحت أتعثر على طول الممر الرطب حتى وصلنا إلى سيارة الفولفو . هناك أفلتني أخيراً ... تعثرت واستندت إلى باب السيارة الايمن .
دمدمت متذمرة : (( أنت ملحاح كثيراً !)).
(( الباب مفتوح ! )) ... لم يجبني الا بهذه الكلمات ثم فتح بابه وجلس في مقعده .
(( أنا قادرة تماماً على قيادة السيارة إلى المنزل بنفسي ! )) ... وقفت بجانب السيارة وأنا أغلي من الغضب . اشتد المطر الان ولم أكن أضع قبعتي ... كان الماء يقطر من شعري ويدخل في ظهري .
فتح النافذة ومال نحوي من داخل السيارة : (( ادخلي السيارة يابيلا )) .
لم أجبه . كنت أحسب في عقلي مدى فرصتي في الوصول إلى سيارتي قبل أن يستطيع الامساك بي . كان علي الاعتراف بأن الفرصة ضعيفة جداً .
هددني وقد حزر ما أخطط له : (( سأجرك من جديد ! )) .
حاولت المحافظة على مايمكن من كرامتي وأنا أدخل السيارة . لم أنجح كثيراً .. كنت أبدو مثل قطة غريقة ... وكان حذائي مشبعاً بالماء .
قلت بجفاف : هذا غير ضروري إطلاقاً .
لم يجبني . عبثت أصابعه بأزرار السيارة فزاد التدفئة وخفض صوت الموسيقى . وعندما أقلعت السيارة خارجة من الموقف كنت أتأهب لمعاقبته بصمتي ... اتخذ وجهي كل الجمود المطلوب ... لكنني انتبهت إلى عزف الموسيقى فغلب فضولي تصميمي وسألته بدهشة : (( أهذه كلير دو لون ؟ ))
(( هل تعرفين دوبوسي ؟ )) ... أوحى صوته بالدهشة أيضاً .
اعترفت قائلة : (( ليس كثيراً ... أمي تستمع إلى الموسيقى الكلاسيكية كثيراً ... أما أنا فأحب بعض مقطوعاتي المفضلة فقط ))
(( هذه من المقطوعات المفضلة عندي أيضاً )) ... وراح يحدق بعيداً في المطر مستغرقاً في أفكاره .
أصغيت إلى الموسيقى مسترخية على المقعد الجلدي الرمادي الفاتح . كان من المستحيل علي الا أستجيب إلى تلك الالحان المألوفة المهدئة . حول المطر شكل كل ماهو خارج النافذة إلى مجرد لطخات رمادية وخضراء . بدأت أدرك أن السيارة تسير بسرعة كبيرة ... لكنها كانت مستقرة جداً إلى درجة جعلتني لا أحس بالسرعة . كان منظر البلدة يبدو ويختفي خلف الاشجلر هو مايدل على السرعة .
سألني فجأة : (( كيف هو شكل والدتك ؟ )) .
التفت إليه فرأيته يدرسني بعينين فضوليتين .
قلت : (( هي تشبهني كثيراً ، لكنها أجمل مني ! )) ... رفع حاجبيه مستغرباً ... (( إن لدي الكثير من تشارلي . أما هي فإنها أكثر أنطلاقاً مني ، وأكثر شجاعة . إنها غير مسؤولة ... وغريبة الاطوار قليلاً )) ... كففت عن الكلام ... الحديث عنها يجعلني أشعر بالاكتئاب .
(( ماعمرك يابيلا؟ )) ... بدا في صوته انزعاج لم أستطع تخمين سببه ، كان قد أوقف السيارة ، فأدركت أننا صرنا عند بيت تشارلي . كان المطر غزيراً جداً إلى درجة كادت تمنعني من رؤية المنزل نفسه . كان الوضع كما لو أن السيارة غارقة في نهر .
أجبته ببعض الحيرة : (( أنا في السابعة عشرة )) .
(( لا يبدو هذا عليك )) .
حملت نبرة صوته مايشبه التأنيب . جعلني هذا أضحك .
سألني بصوت فضولي من جديد : (( ماذا ؟ ))
(( تقول أمي دائماً إنني ولدت من العمر خمسة وثلاثون عاماً ، وإنني أتقدم في السن كل عام )) . ضحكت ثم تنهدت (( فعلاً ، لا بد لا حد منا أن يكون هو الكبير )) . صمت ثانية واحدة (( أنت أيضاً لا تبدو بعمر طالب في المدرسة الثانوية )) .
قذفني بتكشيرة ثم غير الموضوع : (( ولماذا تزوجت أمك فيل ؟ ))
فوجئت بتذكره ذلك الاسم . لم أذكره أمامه الا مرة واحدة قبل شهرين .
أجبته بعد لحظة : (( أمي ... إنها صغيرة جداً قياساً بعمرها . وأظن أن فيل يجعلها تشعر أن سنها أصغر . إنها مجنونة بحبه على أي حال! )) ... هززت رأسي . كان انجذابها إلى فيل سراً مستغلقاً بالنسبة لي .
سألني : (( هل أنت راضية عن ذلك ؟ )) .
فأجبته : وهل لهذا أهمية ؟ أريد أن تكون سعيدة ... وهو الرجل الذي تريده .
قال : (( هذا كرم كبير ... لكنني أتساءل ... ))
((ماذا؟))
(( هل تعاملك بالكرم نفسه حسب رأيك ؟ مهما يكن خيارك ؟)) ...
بدا عليه الاهتمام الشديد وراحت عيناه تبحثان في عيني .
قلت متلعثمة : (( أنا ... أنا أظن ذلك ... لكنها الام بعد كل حساب ... الامر مختلف قليلاً ))
قال كمن يضايقني : (( إذن ، لا يوجد من يخاف عليك أكثر من اللازم ))
أجبته بابتسامة عريضة : (( ما الذي تعنيه بالخوف ؟ هل تقصد الخوف من أن أثقب وجههي في أماكن كثيرة لأضع أقراطاً وأن أضع وشماً كبيراً ؟ ))
(( أظن أن هذا واحد من التعريفات الممكنة )) .
(( وما هو تعريفك أمن ؟ ))
لكنه تجاهل سؤالي وطرح علي سؤالاً أخر ( هل تظنين أنني يمكن أن أكون مخيفاً ؟ )) ... رفع حاجبه وأضاءت وجهه ابتسامة خفيفة .
فكرت برهة إن كان من الافضل أن أكذب أو أن أقول الحقيقة . اخترت الحقيقة : (( همم ... أعتقد أنك يمكن أن تكون مخيفاً إن أردت ! ))
تلاشت ابتسامته وهو يقول : (( وهل أنت خائفة مني الان ؟ )) ... صار وجهه جاداً بشكل مفاجىء .
(( لا!)) ... لكن إجابتي كانت مترعة ... عادت ابتسامته .
(( والان ، هل ستخبرني عن أسرتك ؟ )) ... سألته هذا حتى أغير الموضوع ، وقلت : (( لابد أنها قصة إثارة للاهتمام من قصتي ))
بدا عليه الحذر على الفور : (( مالذي تودين معرفته؟ ))
قلت : (( لقد تبناك آل كولن صحيح ؟ ))
(( نعم ! ))
ترددت لحظة : (( مالذي حدث لوالديك ؟))
قال بنبرة محايدة : (( ماتا منذ سنين كثيرة ))
غمغمت قائلة : (( أنا آسفة )) .
(( الحقيقة أنني لا أتذكرهما بشكل واضح . كارلايل وإيزمي هما والدي منذ زمن طويل )) .
(( وهل تحبهما ؟ )) ... لم يكن هذا سؤالاً ... كان حبه واضحاً من طريقة حديثه عنهما .
ابتسم وقال: (( نعم ... لا أستطيع تخيل شخصين أفضل منهما )) .
(( أنت محظوظ جداً ))
(( أعرف أنني محظوظ ))
(( وماذا عن أخيك وأختك ؟ ))
ألقى نظرة إلى ساعة السيارة وقال : (( أخي وأختي وجاسبر وروزالي سينزعجون اذا جعلتهم ينتظرونني تحت المطر ))
((آه ، آسفة ... أظن أن عليك أن تمضي ! )) ... لم أكن أرغب في الخروج من السيارة .
قال مبتسماً : (( الارحج أنك تريدين أن تعود سيارتك إلى المنزل قبل أن يعود والدك حتى لا تضطرين إلى إخباره بما حدث في درس البيولوجيا ))
تنهدت وقلت : (( أنا متاكدة من أنه سمع بما جرى . لاأسرار في فوركس ! ))
ضحك ... لكن ضحكته كانت حادة بعض الشيء .
ألقى نظرة على المطر الذي كان يهطل مثل ستارة سميكة : (( استمتعي على الشاطىء ... إن الجو مناسب من أجل حمام شمسي )) .
(( لا ! إيميت وأنا نعتزم بدء عطلة نهاية الاسبوع باكراً هذه المرة ))
(( ماذا ستفعلون ؟ )) ... يمكن للصديق أن يطرح هذا السؤال .... صحيح ؟ رجوت أن لا يكون الخيبة شديدة الوضوح في صوتي .
(( سنذهب في رحلة بالسيارة إلى براري صخور الماعز جنوب ربنير مباشرة )) ... تذكرت قول تشارلي إن آل كولن يذهبون كثيراً في رحلات تخييم فقلت : (( جيد ، آمل أن تستمتعوا )) . .. حاولت إظهار بعض الحماسة . لكنني لا أعتقد أنه انخدع بذلك . كانت ابتسامة تطل برأسها عند زاويتي فمه .
(( هل تقومين بشيء من أجلي في عطلة نهاية الاسبوع هذه ؟ ))
استدار ونظر إلى وجهي نظرة مباشرة مستخدماً كل ما في عينيه الذهبيتين من نار .
أومأت برأسي مستسلمة .
(( لا تشعري بالاهانة ... لكنني أراك من هؤلاء الاشخاص الذين يجذبون الحوادث إليهم كما يفعل المغناطيس . لذلك ... حاولي الا تسقطي في المحيط والا تدهسك سيارة ... أو أي شيء .... موافقة ؟ )) ... قال هذا وهو يبتسم ابتسامة خبيثة .
تلاشى استسلامي أثناء حديثه فحدقت فيه وقلت بحدة : (( سأرى ما أستطيع فعله ! )) ... ثم قفزت إلى المطر . صفقت الباب خلفي بقوة زائدة .
كانت الابتسامة ما تزال على وجهه عندما قاد سيارته مبتعداً .



أنتهى الجزء الخامس ..

القاكم على خير ..

تحيتي ..
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________
بعد عشرينْ عآم تقآبلآ صدفهْ .. !!
هَو : تغيرتي كثيراً .. !!
هَيْ : مَنْ أنتْ .. ؟
هَو ضاحكاً : ولم يتغير غرورك أيضاً .. !!


بَعضُ الأشخَاص كَالاوْطَانِ ؛ فُرَاقَهُم غُربَه !*


وَ أغَار مِنْ غَرِيب .. يَرىَ عَينَيك صُدفَة فَ يُغْرَم بهَا !

التعديل الأخير تم بواسطة أخت أم خالد ; 06-03-2015 الساعة 02:28 AM
  #74  
قديم 06-12-2012, 11:48 PM
 
جميل جدا

سلمت لنا اناملك

ننتظر البارت القادم بس ياريت متتاخريش
__________________






الهٌدوء فنٌ ..

فَـ إذا كُنتَ فناناً في هُدوئكَ , ٱصبَحتَ عازفاً فيَ كلامِك
  #75  
قديم 06-30-2012, 01:34 PM
 
البارت بعد 10 ردود

no one TT
__________________
بعد عشرينْ عآم تقآبلآ صدفهْ .. !!
هَو : تغيرتي كثيراً .. !!
هَيْ : مَنْ أنتْ .. ؟
هَو ضاحكاً : ولم يتغير غرورك أيضاً .. !!


بَعضُ الأشخَاص كَالاوْطَانِ ؛ فُرَاقَهُم غُربَه !*


وَ أغَار مِنْ غَرِيب .. يَرىَ عَينَيك صُدفَة فَ يُغْرَم بهَا !

التعديل الأخير تم بواسطة Florisa ; 04-28-2015 الساعة 02:39 PM سبب آخر: مكرر
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
دروس من الحياة للمرأة - ستيفاني مارستون خالد الاشهب تحميل كتب مجانية, مراجع للتحميل 77 03-12-2020 06:17 AM
رواية قطرة وراء قطرة تكوّن بركة من الدماء "مكتملة " ورديــہ ♥ روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة 43 06-22-2015 01:00 AM
رواية جديدة للدكتورة ناعمة الهاشمي 2012 تعالوا يا بنات رواية شما وهزاع احلى رواية florance أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 2 02-26-2014 02:28 PM
الشفق القطبي Anime 4 Ever موسوعة الصور 9 08-05-2013 03:04 PM
رواية الشفق / twilight ستيفاني ماير ، كاملة غزل! أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 14 02-15-2011 06:24 AM


الساعة الآن 04:08 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011