عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة

روايات طويلة روايات عالمية طويلة, روايات محلية طويلة, روايات عربية طويلة, روايات رومانسية طويلة.

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم 12-29-2015, 11:57 AM
oud
 

الفصل الثاني والعشرون


دخلت المنزل أجهز نفسي لحرب طويلة لإخراجها من هنا

وأعلم أي يوم ينتظرني اليوم ، توجهت من فوري لغرفة

والدتي فكان بابها مفتوحا فوقفت أمامه فكانت مكانها على

السرير لكنها الآن جالسة فوقه وأغراض والدتي في حجرها

ونظرها عليهم ويداها متشبثتان بهم وكأن ثمة من سيأخذهم

منها ، ما أن فتحت فمي لأتكلم حتى قالت بشبه همس

" لن أخرج من هنا "

نظرت جانبا وتنهدت بضيق ممررا أصابعي في شعري

فتابعت ببرود " قلتها سابقا أخرج من شقتنا لمنزل

خالتي ولا أغادر منه إلا لها "

نظرت ناحيتها وجمعت كل ما أملك من هدوء وقلت

" وسن توقفي عن الجنون فبقاء لوحدك لن تبقي "

سقطت دمعتها على مصحف والدتي في حجرها وقالت

بأسى " تركوني لك يا نواس جميعهم رحلوا وتركوني لك

كل من يريدني رحل عني وتركني لمن لا يريد حتى رؤيتي "

أمسكت مقبض الباب بقوة وكأني سأحطمه وقلت بضيق

" وسن توقفي قلت لك "

رفعت رأسها ونظرها لي وحضنت المصحف ولباس

الصلاة لصدرها وتابعت وكأنها لم تسمعني وقالت بحرقة

" خذلوني جميعهم ، وعدوني واخلفوا مثلك حين قلت أنه

لن تسكن حضنك غيري وخلفت , نعم وعدتني وأخلفت

وأقسمت وحنثت بيمينك وكأنك ما أقسمت "

ضربت بقبضتي طرف الباب وقلت بحدة " أغلقي الدفاتر القديمة

يا وسن كم مرة سنعيد ذات الكلام "

لوحت بيدها في الهواء وقالت بغضب " نعم لأنك ربحت

أنت من كسبت في النهاية وبقيت أنا اليتيمة العالة في

عهدتك تنتقم منها كيف تشاء "

دفعت الباب بيدي لينفتح على مصرعه وقلت بغضب أشد

" توقفي عن حشو رأسك بهذه الأفكار السوداء ، أنا

لم أفكر في الانتقام منك يوما "

ابتسمت بسخرية ولم تعلق وقالتها لي بذلك من دون

كلام ( كاذب ) , تنفست بقوة وغضب وقلت بجدية

" ستخرجين من هنا ومعي ولمنزلي ولا نقاش فيما أقول "

رمت الأغراض من يدها وخرجت من السرير واقفة وقالت بحدة

" زوجني للإمعة الآخر وارحمني فلعلي أموت على يديه "

صرخت بحدة " لا تقولي عنه إمعة "

فتحت ذراعيها وقالت بسخرية

" وما سيكون هذا الذي تتحكمون في قراراته "

ثم أشارت لي بإصبعها وقالت " لولا عهدي لخالتي ما

تركتك تتحكم في مصري وما وافقت على من ستختاره

أنت وإن كان رئيس البلاد "

قلت مغادرا " ولولا عهدي لها ما زوجتك به "

فماذا إن علمتِ أنه أنا وأني مثلك قطعت يمينا أنفذه

أحبت نفسي أم كرهت ، توجهت لغرفتها هنا وكان فيها

حقيبتان جاهزتان ومؤكد لها ، أجهل حقيقة ما حدث هنا

بعدي لكن الواضح أن جواد أوصل الأمر لنهايته ثم مزق

التوكيل وسافر ، أخرجت الحقيبتان وخرجت بهما للسيارة

حيث معاذ لازال واقفا هناك ، وضعتهم على الأرض

خلفها ثم فتحت حقيبة السيارة ووضعتهم فيها وأغلقت

بابها بقوة ووقفت واضعا يداي وسط جسدي أنظر للأرض

وأتنفس بغيض فقال معاذ " هل ستأخذها هناك "

نظرت جانبا وقلت " أسدي لي معروفا يا معاذ واسبقني

للمزرعة , أريد أثاثا في آخر غرفة في الممر

الغربي من الطابق الثاني "

قال بعد صمت " لكنك لا تستخدم غرف ذاك الممر لأنه

مطل على ساحة التدريب وجزء من الإسطبلات ولا

شيء فيه سوا مكتبك "

نظرت له وقلت " لا حل أمامي غيره فالجانب الشرقي

لا أستطيع وضعها فيه والطابق الأول فيه وليد ولن أخرجه

منه تحت أي ظرف كان ولا أريد أن يخرج في كل الأحوال "

قال بهدوء " وليد سيقدر الأمر فلم تعد الظروف كما كانت

سابقا ويمكنك أن تشتري له منزلا قريبا من المزرعة "

هززت رأسي وقلت " مستحيل ينقطع لساني ولا أقولها له "

ثم أشرت له بإصبعي وقلت بتحذير

" وإياك يا معاذ أن تلمح له ولا مجرد تلميح "

ثم أخرجت هاتفي من جيبي قائلا " الممر في الجناح الغربي

مستقل عن باقي الطابق ولا حل أمامي غيره كما أني أعرف

وسن جيدا ليست من النساء الفاسدات لتجلس للعمال في نافذتها

وإن رفع واحد منهم نظره هناك فقأت له عيناه ليكون درسا لغيره "

قال متوجها جهة سيارته " كما تريد ستكون الغرفة جاهزة

بعد وصولي هناك بأقل من ساعة "

ثم ركب سيارته وغادر فنظرت لهاتفي مطولا بتفكير

ثم اتصلت بمي فأجابت من فورها قائلة

" مرحبا نواس وحمدا لله على سلامتك "

قلت بهدوء " سلمك الله ، مي سيكون معاذ في المزرعة بعد

أقل من نصف ساعة فلا تخرجي من غرفتك لأنه والعمال

سيكونون في الأعلى وبعد أن يغادروا أطلبي من راضية

أن تنظف الغرفة التي أدخلوا لها الأثاث وتضع فيها أغطية

وكل ما يلزم في الغرفة والحمام "

قالت من فورها " حسنا سأفعل كل ما طلبت "

تنفست بعدها بقوة وقلت بهدوء " مي وسن ستعيش معنا

هناك لا أريد أن تحتكي بها تحت أي ظرف كان واستحمليها

من أجلي , هي ستكون في جانب مستقل من الطابق , وسن

ليست سيئة طباع مع الناس لكنك تعلمين ظروفنا جيدا "

قالت مباشرة " لا يحتاج الأمر أن تشرح لي

وسأفعل ما تأمرني به "

قلت بامتنان " شكرا لك يا مي وداعا الآن "

لا أعلم أي أيام تنتظرني هناك لكني متأكد من أنها سيئة على

الجميع ، تنهدت بأسى ثم عدت جهة المنزل , دخلت ووجدتها

تقف في الصالة فقلت بهدوء " وسن أقسم ليس غرضي

الانتقام منك فاخرجي معي وأريحيني "

أشاحت بنظرها عني ولم تتكلم فقلت

" أغراضك في السيارة ومكانك هناك جاهز ومستقل

ولن تحتكي بأحد أو تريه فدعينا ننتهي من هذه المشكلة "

قالت ببرود ونظرها لازال بعيدا عني " ومتى ستزوجني به "

قلت بضيق " وسن أفهم ما تفكرين فيه ولن يحصل "

نظرت لي وقالت بجدية " حللني من وعدي ووعدك إذا "

قلت بهدوء وعيناي تسافر في ليل عينيها " لا أستطيع "

كتفت يداها وقالت بجمود " ولما "

ابتسمت بسخرية وقلت " لن تفهمي مهما شرحت "

جلست على الأريكة وقالت ببرود ناظرة للأرض

" إذا لن أخرج من هنا إلا معه "

ابتسمت بألم على الواقع المرير الذي ليتها تعلمه وتعلم أي

مأساة يحمل وقلت " ولما لم تتزوجي بسليمان "

أشاحت بنظرها جانبا وقالت بسخرية

" تخلى عني وتركني لك كما الجميع "

ثم نظرت لي بعينان ممتلئة بالدموع وقالت بأسى

" وتقول أنك لا تريد الانتقام مني يا نواس وأول

ما فعلته الآن أن سخرت من حالي "

أوليت ظهري لها واستندت بقبضتي على الجدار وأنزلت

رأسي للأرض مغمضا عيناي بألم فعند هنا انتهي إلا عيناها

دامعة كل شيء أستحمله إلا هذا المشهد حدقتاها الواسعة تلمع

من سجن الدموع , وبقيت على حالي ذاك حتى وصلني صوتها

قائلة بهدوء حزين " لن تشعر بي أبدا يا نواس كما لم

يشعروا بي جميعهم لأنكم لستم في مكاني "

ابتعدت عن الجدار وتوجهت نحوها وأمسكت يدها وسحبتها

معي سائرة خلفي قائلا " ليتك أنتي تشعرين بما أشعر

لكنك لستِ في مكاني أيضا "

ثم خرجت بها من المنزل والغريب أنها لم تقاوم
*
*
بعدما اتصل نواس بحوالي الربع ساعة طرقت عليا راضية

باب غرفتي ففتحت لها فقالت باستغراب " طرقت باب

غرفتك ونواس كثيرا ولم تجيبي ظننتك هناك !! "

قلت بارتباك " كنت هنا واتصل بي نواس وطلب أن لا

أخرج لأن العمال سيصعدون ولم أستطع الخروج "

قالت مباشرة " نعم معاذ قال لي الآن أن أعطيك

خبرا أنه سيصعد والعمال للأعلى "

هززت رأسي بحسنا ثم قلت " ونواس طلب مني أن

أخبرك لتنظفي الغرفة التي سيضعون فيها الأثاث

هنا وتري كل ما يلزمها وتضعيه فيها "

قالت بحيرة " هل سيأتي أحد للعيش هنا !! "

قلت بهدوء " أجل إنها ابنة خالته المسئول عنها "

هزت رأسها بحسنا ثم غادرت فأغلقت الباب ووقفت عليه

كادت تكتشف الأمر رغم حرصي الشديد حتى أني لم أخرج

أغراضي من هناك وحتى الحمام أدخل الذي في غرفته لأنها

لا تصعد إلا مرة واحدة صباحا من أجل التنظيف ، تنهدت

بحيرة وتوجهت نحو السرير وجلست عليه أنظر للأرض

بشرود ، تري ما ينتظرني وينتظرك هنا يا وسن ؟ صحيح

أني ونواس زوجان بالاسم فقط وأنها حين التقينا في عزاء

خالتها لم يبدر منها أي تصرف عدواني اتجاهي ولا بنظراتها

حيث كانت فقط تتجنب النظر لي بل ولكل الجانب الموجودة

أنا فيه عكس شقيقتها التي كانت ستمزقني بنظراتها الكارهة

لوجودي لكني حقا متخوفة من مواجهتها ، أعلم بشعورها

وكراهيتها لوجودي لكني لا ذنب لي فيما حدث فأنا مجرد

ضحية مثلها رماهما حظهما التعيس هنا ومعا ، وضعت

يدي على خدي وجلست لوقت أبحر مع الأفكار ثم وقفت

وتوجهت للنافذة حيث أنها مطلة على جزء بسيط من نهاية ساحة

الخيل لأن أغلبه في الجانب الآخر من المزرعة وهذه النافذة

متنفسي الوحيد لأرى منه العالم الخارجي وليس كذلك فقط

بل وأراقب وليد ولو مارا أو يركب إحدى الخيول ويعبر بها

من هذه الجهة ابتعدت وعدت مكاني أراقب السماء منها بحزن

ترى هل أنا بهذا مخطأة !! متزوجة بصديقه ومشاعري معه
لي زوج أخونه بقلبي ومشاعري , لكن كيف أعطيه كل شيء

وهوا لا يحبني بل ويعشق أخرى .... يا رب ألهمني للصواب

ولا تلمني على ما غلبتني نفسي فيه , بعد قليل جاءت راضية

لتخبرني أنهم غادروا لأعود لغرفتي ولا تعلم بأنني فيها الآن

وقفت وقلت " سأنزل معك أشعر بالملل والوحدة "

قالت مبتسمة " ها هي ستأتيك من تسليك "

ابتسمت بألم وخرجت خلفها .... هذه لن تسليني بل ستزيدني

عزلة وسأزيدها ألم ووجع فوق وجعها , وصلنا المطبخ وكأني

أريد الاختباء فيه من لقائها , قلت بعد وقت

" أين الغرفة التي جهزوها لها "

قالت دون أن تنظر لي " في ممر مكتب نواس "

قلت باستغراب " ذاك الممر لا يستخدم غرفه أحد أليس كذلك "

رفعت المقلاة من على النار وقالت وهي تتوجه بها للطاولة

" نعم لأنها مطلة على ساحة التدريب والإسطبلات وهم

والعمال دائما فيها فحتى في الطابق الأرضي تلك الجهة

بها غرفة وليد فقط "

إذا اختارها لتبتعد عن كل الجهة التي نحن فيها أم لتكون

عنده في كل وقت ليشعر بها بجواره حتى وهوا هناك , ترى

هل يفكر هكذا ! لكن لا مستحيل مؤكد يجنبها ممر غرفنا بما

أن وليد يعيش هنا في هذا الطابق , رفعت رأسي لأتحدث

على صوت نواس المرتفع في وسط المنزل مناديا

" راضية "
*
*
ركبت سيارته يقودني شيء غير قدماي قد يكون قدري

الذي لا مفر لي منه أو استسلامي للأمر الواقع فعليا أن

أكمل محكوميتي التي لم ولن تنتهي, فبعد كل هذا لم

ينتهي عقابي بعد !! أقسم أنني اكتفيت أقسم أني وصلت

لمرحلة الموت البطيء وتخطيتها , كانت أحشائي

تشتعل كالسعير كلما اقتربت المسافة وأنا أكتم بكل

قوتي كي لا يلحظني فوسن القديمة عليها أن تموت

هناك مع الماضي كما مات حبه لها وكما ماتوا أهلها

جميعهم وأن أواجه كل شيء بقلب أجوف ولو من

الخارج حتى يبدأ الفصل الجديد من مسرحية عذابي

ويأتي الزوج المجهول الذي لم يدفعني ولا الفضول

يوما لمعرفته وليس يعنيني فكلهم سواسية ماداموا ليسوا

صاحب هذا العطر والنفس الواضح رغم هدوء ليست

هذه اليدين والأصابع الطويلة ومادام ليس هذا الشخص

فلا يعنيني ولن يكون هوا طبعا لأنه قتلني من تاريخه

وداس على قلبي قبل حلمي ولأني لست الأولى والوحيدة

اتكأت للخلف على مسند الكرسي مغمضة عيناي لأني

لم أعد أحتمل فوصلني صوته قائلا " إن كنتي متعبة

نذهب للمستشفى أولا مادمنا لم نبتعد كثيرا "

قلت بهمس لا أعلم كيف خرجت معه الحروف " لا "

فسمعت تنهيدته الطويلة وتابعنا السير وأنا مغمضة العينان

أريد أن أُخرج نفسي من هذا العالم , أعتبر نفسي في سيارة

ليس هوا من يقودها وليست له ولست ذاهبة لمنزله لأعيش

معه وزوجته و لم تمت خالتي ولا والدي ولا أحد ولم يرجع

نواس من سفره ولم يحدث شيء من كل ما حدث .... آه كم

كان سيكون ذلك جميلا , ابتسمت بعدها بألم عندما لم يتقبل

عقلي فكرة أن لا يكون هوا في ذاك العالم وكأنه يريد مني

رسم مخطط جديد ... ذاهبان لمنزلنا وابننا معنا في الخلف

لأننا متزوجان من عامان وخالتي تنتظرنا هناك بكامل
صحتها , نزلت دمعة من طرف عيني فمسحتها ونظرت

جهة النافذة فحتى الهروب من الواقع لم ينجح فلن ينجح

شيء يا وسن , ليثهم حين كنا صغارا لم ينبهونا عن الحديث

مع الغرباء والذهاب معهم .... لا تتحدثي مع أحد ولا تذهبي

لأحد يناديك أبدا مهما ناداك لنطبقها كالمنهاج كل حياتنا

ليثهم بدلا عنها قالوا لا تحبي أحدا مهما حدث , لا تثقي

في كلام العينين والقلوب , لا تسلمي قلبك لأي كان ولا

تدعيه يركض له ولا تصدقي أكاذيب الحب وكلام العشاق

اتكأت عليها وابتسمت بألم , وبعد مسافة وصلنا لمزرعة
كبيرة واكبر مما كانت في مخيلتي وتوجهنا فورا لمنزل كبير

من الخارج وبطابقين , وقفت السيارة أمامه ونزل قبلي

وتوجه للخلف فنزلت ببطء ووقفت انتظره حتى دخل

أمامي بالحقائب , لو يعلم ما فيها من أشياء اشترتها فرح

ترغمني على أن آخذها لمنزلي وسليمان لسخر مني أكثر

من سخريته السابقة , دخلنا ووقف في منتصف المكان

الواسع وقال بصوت مرتفع " راضية "

لتخرج امرأة أربعينية من أحد الأماكن تنشف يديها

بمنشفة مطبخ وقالت مبتسمة " نعم يا نواس "

غريب إن لم تكن خادمة من تكون أم أنها اعتادت

على أن تناديه باسمه فقط !!

وضع الحقائب وقال " هذه وسن ابنة خالتي وستعيش معنا

هنا خذيها لغرفتها وانظري ما ينقص وتريده هناك "

قالت مبتسمة " كل هذه الملاك ابنة خالتك ولا نعلم "

أنزلت نظري وابتسمت بحزن وقال نواس " سأخرج

للعمال ولا تنتظروني على العشاء سنخرج أنا ووليد من

المدينة اليوم وقد نعود متأخرين "

ثم خرج من فوره دون أن يضيف أي كلمة ولا أن

يسأل عن زوجته أو يُعلمها هي بهذا رغم انه كان في

البر لأيام حيث أنه جاء هناك بسيارته المخصصة لذلك

لابد وأنها في زيارة لأهلها لذلك ليست هنا ولم يسأل عنها

صعدتْ أمامي بإحدى الحقيبتين قائلة " اتبعيني يا وسن
سأوصلك لغرفتك وأنزل لجلب الحقيبة الأخرى "

لكني حملتها معي وسرت خلفها فأكثر ما أكره الاتكال

على الخادمات في كل شيء وكأنهن بغال يحرثون

عليهن فقط لأنهن يأخذن منهم راتبا , سارت دون التفات

حتى وصلنا لممر معين وسارت بي لآخر غرفة فيه

ووضعت الحقيبة وقالت " هذه غرفتك إن احتجت

شيئا نادني من أعلى السلالم فقط وسأكون لديك "

قلت مبتسمة " شكرا لك يا راضية فقط أريد كوب

ماء لآخذ المسكن لو سمحتي "

قالت من فورها " توجد ثلاجة صغيرة في الغرفة بها

كل ما تحتاجينه من السوائل ووقت العشاء عند التاسعة

وسأعلمك حين يجهز وإن كنتي لم تتناولي الغذاء

أجلب لك شيئا تأكلينه "

فتحت الباب قائلة " لا رغبة لي في الطعام شكرا "

غادرت من فورها ودخلت أنا للغرفة أجر الحقيبة

معي , كانت واسعة وأثاثها جديد ويبدوا راقيا لكن لم

يدخل عليه الذوق الأنثوي أبدا , توجهت للثلاجة أخرجت

علبة عصير صغيرة ووضعتها فوقها ثم أخرجت الحبوب

من حقيبة يدي وتناولت ثلاث منها فحتى الاثنتان لم تعودا

تفيان بالغرض , ارتميت بعدها على السرير أصبر نفسي

حتى يبدأ مفعول الحبوب ويزول الألم ولو تدريجيا

بعد ساعتين كان وقت المغرب صليت وبدأت في

ترتيب أغراضي في الخزانة ولم انتهي حتى مقربة

العشاء فليس بينه وبين المغرب وقت طويل , كانت أغلب

ملابسي خاصا بالعرائس ... بيجامات حريرية وفساتين

قصيرة وقمصان نوم وتفاهات كثيرة لم أكن ولا أعد

أحتاجها فرتبتها كلها في خزانة مستقلة وأغلقتها بالمفتاح

كما أغلقت سابقا الأحلام المنسية التي لن تعود ولن تُفتح

لها الأبواب مهما طال الزمن , صليت العشاء ثم استلقيت

على السرير أحاول إقناع نفسي بوضعي الجديد , بعد

فترة طرق أحدهم الباب فقلت " تفضلي "

قالت من الخارج " هلا فتحتي لي رجاء "

غادرت السرير مستغربة وفتحت لها الباب فكانت

تحمل صينية طعام دخلت بها ووضعتها وقالت

" نواس قال أنك لم تتناولي شيئا طيلة النهار فكلي

ولو مجبرة نفسك على القليل "

ثم توجهت جهة الباب ووقفت وقالت " الطابق الأرضي

يسكنه صديق لنواس فلا تنزلي إلا للضرورة وبحجابك

وقال أن أخبرك أن السائق سيأخذك صباح الغد للجامعة "

ثم قالت وهي تخرج من الباب " تصبحين على خير "

أغلقت الباب أشعر بغصة في قلبي ولا أعرف لما وعلى ماذا

توجهت للطعام رفعت القصدير عن الأطباق وتناولت القليل

فقط رغم أني لم أتناول شيئا لا اليوم ولا الأمس , توجهت

بعدها للحمام غسلت أسناني وتوضأت وخرجت ثم صليت

ركعات الليل وبعدها نمت على السرير بما أنه لا يمكنني

النزول بهذا الطعام حسب الأوامر ونمت بعد وقت قليل ولم

استيقظ إلا على صوت منبه الساعة في هاتفي وقت صلاة

الفجر , أطفأته وجلست أشعر بكسل كبير وأني لم أنم جيدا

فوقفت ونظرت جهة الطاولة فلم تكن صينية الطعام هناك

غريب هل أتت راضية لأخذها !! دخلت الحمام توضأت

وصليت ثم عدت للسرير ونمت مجددا ولم استيقظ هذه

المرة إلا على صوت طرقات على باب الغرفة فأبعدت

اللحاف وجلست ولممت شعري وقلت " من "

جاء الصوت قائلا " راضية ... هل أدخل "

قلت من فوري " نعم تفضلي "

وغادرت السرير أرتبه على دخولها بصينية الفطور

وقالت مبتسمة وهي تضعها على الطاولة

" صباح الخير ظننتك جاهزة فالسائق ينتظر "

قلت وأنا أتوجه جهة الحمام " أخبريه أني لن أذهب

اليوم سأذهب لها غدا أشعر أني متعبة وأسدوا لي

معروفا ولا تخبروا نواس أني لم أذهب "

هزت رأسها بحسنا وقالت " سآتي لأنزل الصينية

للمطبخ فلا تتعبي نفسك كالبارحة وتنزليها "

ثم غادرت وبقيت أنظر لمكانها باستغراب ثم رفعت

كتفاي وأغلقت باب الحمام وغسلت وجهي ونظرت

لملامحي في المرآة أراقب الهالات السوداء التي بدأت

تظهر في مساحة صغيرة جدا تحت عيناي ثم تنهدت بأسى
وغسلت أسناني وخرجت , تناولت الفطور وشغلت التلفاز

لبعض الوقت أقلب القنوات بلا تركيز حتى رن هاتفي

فنظرت للمتصل فكانت ملاك , لابد ستسأل لما لم أذهب

للجامعة أو ستوبخني على ما قلته لها بالأمس فهي لن

تتوقع ذهابي اليوم ولو لم تكن غاضبة مني لاتصلت منذ

البارحة , أجبت فقالت من فورها صارخة بحماس

" وجدته يا وسن وأخيرا "

قلت بانزعاج " توقفي عن الصراخ لقد ثقبت لي

طبلة أذني , من هذا الذي وجدته "

ضحكت وقالت " لو كنتِ أمامي لقتلتك بصراخي

فلم انم البارحة أنتظر الصباح لأخبرك "

ما أن فتحت فمي لأتحدث حتى قالت بسعادة

" وجدته وجدته وجدته يا وسن وجدته "

قلت بضيق " من هذا الذي وجدته يا حمقاء "

قالت بعد ضحكة " ومن غيره أحزان السنين "

قلت بصدمة " ماذا !! "

قالت من فورها " أنا أيضا لا أصدق حتى الآن "

قلت ببرود " وأين وجدته مؤكد عند باب أستوديو القناة "

قالت بضيق " وسن لا أعلم لما لا تفرحين معي مرة

واحدة فقط , أنا قادمة لك حالا فلا محاضرات اليوم "

قلت بسخرية " أين ستأتينني أنا في مزرعة نواس "

سكتت لوقت ثم قالت بصدمة " ماذا !! هل أخذك معه "

قلت بهدوء " دعينا من كل هذا وأخبريني عن

فارس أحلامك المغوار "

قالت من فورها " نواس "

بقيت مصدومة لوقت ثم قلت " ماذا نواس !! "

ضحكت وقالت " لا يتوقف قلبك ليس هوا "

قلت بسخرية " لم يتوقف حتى حين تزوج بأخرى "

قالت بحماس " هيا وضيفتك الآن "

قلت باستغراب " وما وضيفتي "

قالت " وجدته واقفا مع نواس بالأمس حين دخلت

لك في منزل خالتك , عليك أن تعرفيه من

يكون وفي أسرع وقت "

قلت بضيق " ملاك اقسم انك جننتِ كيف عرفتِ أنه

هوا ثم أنا حين خرجت لم أجد هناك أحدا "
قالت بتذمر " وسن عليك مساعدتي وما أن نتقابل

سأحكي لك كيف عرفت المهم أني متأكدة أنه هوا "

قلت ببرود " أنا لم اجن لأقول له من صديقك الذي كان

معك بالأمس لان صديقتي تعرفه من المذياع "

قالت بصدمة " حاذري أن تخبريه يا متهورة

لا أريد أن يعلم من أكون "

قلت بامتعاض " ملاك وكأنك لا تعلمين أي حال عليه

أنا ونواس , كيف أساله سؤالا غبي كهذا ودون حتى أن

أشرح السبب ثم سيسألني كيف علمت به وأنا لم أراه "

قالت باستياء " نعم كيف فآتتني هذه "
قلت بهدوء وأنا أقلب القنوات من جديد " ملاك ابتعدي

عن الحب وخزعبلاته كي لا تنتهي لمصيري "

تنهدت وقالت " لا أستطيع فلم انم البارحة أفكر فيه "

قلت ببرود " نصحتك وسيأتيك كلامي يوما "

قالت بتذمر " حسنا لأجرب الحب والجرح لا بأس المهم

هوا طويل وشعره أسود جميل وابتسامته مشاكسة

وساحرة ويده تؤلمه "

ضحكت رغما عني ورغم حزني وما بي وقلت

" ما كل هذا الوصف الدقيق يا مجنونة فجميع

الرجال تقريبا طوال وشعرهم أسود "

قالت باستياء " لا علاقة لي أخرجيه من يكون من تحت

الأرض فأنتي طريقي الوحيد إليه "

قلت " نلتقي غدا ونتحدث ولتحكي لي سبب بكائك

تلك الليلة حين اتصلتِ بي "

قالت ببرود " اتركيني في فرحتي أنسى الأسى

قليلا .... وداعا ونلتقي غدا لقد نكدتِ علي "

أنهيت الاتصال مبتسمة على حماسها وخائفة عليها

لعلها تنتهي نهاية جواد وفرح ليس بالضرورة تنتهي

لما انتهيت أنا إليه بما أنها اكتشفت انه مخلوق بشري

موجود على كوكب الأرض , رميت جهاز التحكم من

يدي ثم وقفت وتوجهت للنافذة وأبعدت الستائر وفتحتها

ثم سرعان ما عدت وأغلقتها عندما رأيت الحركة والخيول

في الخارج , فتحت فتحة صغيرة لأرى قليلا ما يجري

هنا فكانت ساحة تبدوا واسعة جدا ورجال يتحركون مارين

بها ورجلان يقفان عند السياج ويبدوان يمزحان مع بعض

لأن أحدهما ضرب الآخر على رأسه وصوت ضحكهم

واضح لقرب المكان , انتقلت بنظري بعدها للخيول وكان

منظرها مبهرا أغلبها بنية غامقة ومنها المرقطة ومنها

السوداء والحمراء وواحدة بيضاء ناصعة شعرها أسود

فاحم اطرب قلبي لرؤيتها وحدها من بين الجميع والمفاجئة

ليست هنا بل في الذي تلعب يده بشعرها وتمسح الأخرى

على وجهها وهوا نواس الذي يرتدي بنطلونا رياضيا

وقميصا قطنيا وهي كانت تستنشق ثيابه وكأنها تحضنه

وكان وكأنه يحدثها في أذنها ثم انطلقت فجأة تركض في

الساحة ليتطاير شعرها الأسود وأنا أوسع النافذة أتابع

حركتها وكأنها مغناطيس لعيناي حتى صرخ أحد الواقفان

وصفر الآخر قائلا بصوت مرتفع " ما سر فرسك اليوم

تركض منذ الصباح بنشاط "

رفع حينها نواس يده جانبا حيث كان ظهره لي ونادى

ناحيتها بصوت مرتفع " الوسن تعالي "
*****************
بقيت تنظر لي لوقت ثم قالت " نعم نزار يمكنك

السؤال عما تريد "

وما أن فتحت فمي لأتحدث حتى تقدمت للأمام بقوة

وكأن ثمة من دفعها فنظرتُ خلفها فكان ثمة طفل يبدوا

في العامين أو أقل يحضنها من ظهرها ويناديها بسم غير

مفهوم وليس اسمها فأبعدتْ يده لتبعده عنها فركض لها

من الأمام وحضنها جالسا في حجرها ولازال يناديها بذات

الاسم فأحاطته بذراعيها تقبل خده وكأنها تعرفه وتحاول

سؤاله عن اسمه ومن يكون فجلس في حجرها مقابلا

البحر وكأنه ليس يحفظها فقط بل يحفظ كيف يجلس عندها

وحضنته هي بذراعيها مبتسمة تقبل خده كل حين وهوا يحكي

لها أشياء غير مفهومة وكأنه يتحدث بلغة جديدة عن البشر لا

أفهم منها سوى ماما وبابا وبيت ونينة والاسم الغريب الذي
يناديها به , كان مشهدا غريبا جعلني أتأمله لوقت وهي وكأنها

نسيت وجودي فلم تلتفت ناحيتي ولا من باب الاستغراب لما

يحدث معها , فاتكأت بذقني على ذراعي الملتفة حول ركبتي

أشاهدهما بتأمل , تبدوا سما كما قالت والدتي تحتاج من يعوضها

عن كل ما رأت .... تحتاج طفل لها وليس لغيرها وزوج يكون

أقرب لها من الجميع , نعم تحتاج لعائلة تنسيها فقدها عائلتها

أبعدت نظري عنهما وابتسمت بسخرية على أفكاري , قل أنك

أنت ذاك الزوج لتكتمل المسرحية يا أبله , اقترب حينها

منا صوت مناديا " قصي تعالى هنا "

التفتنا كلينا على اقتراب سيدة تبدوا في منتصف الثلاثين

أو يزيد قليلا , اقتربت منا وأمسكت يد الطفل وسحبته قائلة

" عذرا منك أنتي تشبهين كثيرا ابنتي المتوفاة منذ شهرين

وهوا كان متعلقا بها كثيرا فضنك هي "

قالت سما ناظرة لها " لا عليك سيدتي يرحمها
الله ويخلفكم فقدها خيرا "

شكرتها وغادرت به تجره بصعوبة وهوا يبكي وينادي

اسم شقيقته تلك التي يضنها هي , عادت حينها سما

بنظرها للأمم وقالت بحزن " مسكين يبدوا فقد

الأحياء أمر صعب حتى على الأطفال "

ثم رفعت نظرها للبحر وقالت بعينان تكادان تدمعان

" لما وجد الموت وهوا مؤلم هكذا "

نظرت حيث تنظر وقلت بهدوء " لا يفعل الله أمرا عبثا يا

سما فلا تتركي للشيطان مدخلا فلو لم تمت الناس ما وجدنا

مكانا لنا على الأرض فأين سنعيش جميعنا "

فاجأتني حينها بضحكتها فنظرت لها باستغراب فنظرت

لي وقالت مبتسمة " لا يمكنني تخيل ذلك "

نظرت لها مبادلا إياها الابتسامة ومستغربا تبدل مزاجها

بسرعة من كلماتي ثم وقفتْ واقتربت من الموج ترفع بنطالها

الجينز لما يقرب ركبتيها وبدأت تلعب بالموج بين يديها منحنية

قليلا لتمر الموجة عليهما واقتربت للداخل أكثر حتى غمر

الماء أغلب ساقيها وجديلتها أصبحت تلامسه وهي

تلعب بيديها مع الأمواج فقلت بصوت مرتفع

" سما لا تبتعدي كثيرا "

قالت وهي لا تزال منحنية " لا تقلق أعرف السباحة "

لم تستطع عيناي تركها ليس لأراقبها مخافة أن يأخذها

الموج ولا أعلم لما تسبح عيناي في هذا المشهد وهي

تغمر يداها في الموج والماء ثم تخرجهما وتقف على

طولها يداها جانبا يتطاير منهم الماء مبتسمة لأنتبه لأغنية

( زيديني عشقا ) التي تصدح منذ وقت ليرتبط عندي

الكلام بمنظرها ( ياااااا أحلى امرأةٍ بين نساء الكون أحبيني

ياااااا من أحببتك حتى احترق الحب أحبيني ... إن كنتي

تريدين السكناء أسكنتك في ضوء عيوني ..... حبك

خارطتي ... حبك خارطتي ما عادت خارطة العالم تعنيني "

فأبعدت عيناي عنها ونظرت للجانب الآخر , ما بي

اليوم حتى منظر الأولاد يلعبون عاد يشدني بعدما

يئستهم ونسيت هذا من سنوات ولم يعد يؤثر بي

ما الذي سأقدمه لزوجة أتزوجها وأولاد أنجبهم غير

خيبات الأمل والتقصير في دفع المال لشراء ما

يلزمهم , ما سيقدمه فاشل وعاجز مثلي ؟ يبدوا أنه

كلمات سما لي في المطبخ بالأمس هي من أعادت

لي تلك الأفكار والأحلام فلم أتخيل أن ينظر لي أحد

كشخص فعل له الكثير بل أهم لديه من رئيس البلاد

وجهازها الأمني وأنهم عجزوا هم ونجحت أنا بل

وتقول أني أعرف كيف أكون في المقام الأول لدى

الجميع من حولي وأنا أرى أنهم جميعا مستغنين عني

ولست سوا شخص زائد وجد هكذا لأن الموت لم يأخذه
بعد , كيف ترينني يا سما أصلح شقيقك وزوجك وابنك

بل وشبهتِني بوالدك , عادت كلمات الأغنية لتحتل مخيلتي

مجددا ( وضلي قربي غنيلي فأنا من بدأ التكويني أبحت

عن وطن لجبيني عن حب امرأة يأخذني ..... لحدووود

الشمس ويرميني ) فأغمضت عيناي بشدة ليخرجني من

أفكاري صوتها منادية " نزااااار "

نظرت لها بسرعة فلوحت لي قائلة " تعال الماء

هنا بارد ومنعش اقترب هيا "

لوحت لها بيدي فقط ولم أتحرك فنزلت تجمع الماء بكفيها

ونظرت أنا جهة والدتي التي كانت تنظر جهتنا مبتسمة

فشعرت بقطرات ماء على جانب وجهي فعدت بنظري

هناك فكانت سما هاربة جهة المياه ونظرت لي وعادت

تجمع الماء في كفيها فقلت مبتسما " توقفي يا مشاغبة "

لكنها ضحكت ولم تكترث لي واقتربت تركض والماء

ينزل من بين أصابعها ورشتني بما تبقى منه فأخفيت

وجهي بذراعي وقلت ضاحكا " سما توقفي قلت لك "

لكنها عادت هناك ولم تكترث لي فوقفت أنوي العودة

جهة والدتي فاستوقفني صوتها المنادي قائلة

" نزار لم أعرفك جبانا هكذا أين تهرب "

وتراني شجاعا أيضا إذا لن أغير نظرتها لي , عدت

ناحيتها واقتربت منها بابتسامة مشاكسة كمن ينوي شرا

وهي تبتعد وترمي الماء ناحيتي ضاحكة فرفعت بنطلوني

ودخلت وبدأنا نتقاذفه على بعضنا بأيدينا ونضحك وهي

تبتعد لأني بالطبع سأتغلب عليها ثم توقفت وقلت

" ستتبلل ملابسك أكثر وتمرضي يكفي هيا "

لكنها استغلت الفرصة واستمرت ترميني بالماء بحركة

سريعة وتضحك فتوجهت ناحيتها مسرعا وأمسكتها من

يدها وخرجت بها مسرعا وهي تركض خلفي ضاحكان

حتى وصلنا عند والدتي وقالت سما " أرأيت يا خالتي

هزمته فأخرجني مرغمة "

ضحكت أمي وقالت " رأيتك وهوا يكاد يوقعك وأنتي

تتراجعي فأي هزيمة هزمته بها "

ضحكت وقلت وأنا أنشف ساقاي من الماء

" لأول مرة تقفي في صفي ضدها "

وضعت سما يديها وسط جسدها متضايقة فرميت لها

بالمنشفة قائلا " نشفي قدميك وساقيك كي لا تمرضي "

جلست على البساط تنشف ساقيها وقالت " كنت وشقيقي

سامي نتسابق دائما في المسبح ورغم صغر سنه كان

يسبقني وكان يحب السباحة كثيرا "

ثم تابعت ونظرها على ساقيها والمنشفة فوقهما

" والدي كان يقول عنه دائما بأنه سيكون سباحا ماهرا

أما أنا فلم تكن لدي مواهب أبدا ولا اعرف لما "

نظرنا أنا وأمي لبعضنا فلأول مرة تتحدث سما عن

عائلتها وماضيها معهم , كانت دائما تتجنب الحديث عنهم

ونحن لا نفتح أي موضوع يخصهم مراعاةً لها , يبدوا

بدأت تجتاز أزمتها شيئا فشيئا , قالت والدتي مبتسمة
" بلى لديك موهبة الطبخ فأنتي طباخة ماهرة "

طوت المنشفة وقالت وهي تنزل بنطالها ونظرها

عليه " عندما كنت في الثالثة عشرة أصررت على

والدي أن يدخلني معهدا لتعليم العزف حتى أني لم

احدد أي آلة سأعزف عليها "

ثم رفعت نظرها لنا وقالت مبتسمة " كنت أتأمل

أن تكون لي موهبة مدفونة ولا أعلم عنها "

قلت مبتسما " وما اكتشفتِ هناك "

قالت بعبوس " لم أنجح في ولا واحدة واقتنعت

أنه لا موهبة لي "

ضحكنا عليها كلينا ثم قلت " وأنا لا موهبة لي

هذا أمر طبيعي جدا "

ضمت ساقيها لبعضهم متربعة وقالت بحماس

" حقا لا موهبة لك "
ضحكت وقلت " نعم كان لدي طموح أن أصبح مهندسا

وعندي هواية وهي لعب كرة الطائرة أما موهبة

فلا يوجد ويبدوا لا يوجد شيء منهم جميعهم "

نظرت لوالدتي التي بادلتها النظرة ولا أفهم لما ثم

قالت سما " بل من يرى خرائطك التي ترسمها يكون

متأكدا أنك صاحب موهبة وليس طموحا فقط ورغم

ظروفك التي منعتك من إكمال مشوارك إلا أنك وبالدليل

لازلت ترسم الخرائط بحرفية وإتقان , لو كنت مكانك

منقطعة عن الدراسة لأعوام لن أعرف كيف أخط خطا

فوق ورقة وهذا يدل على أنك لم تتوقف عن الرسم

رغم توقف دراستك أليس كذلك "
بقيت أنظر لها باستغراب فأنا لم أفسر الأمر هكذا

يوما ثم قلت منتظرا جوابها " نعم لم أتوقف أبدا "

قالت مبتسمة " هذا يعني أنه ليس طموحا لكان مات

مع توقف مسببه فإما أنها موهبة وإما أنك إنسان

مناضل لا يعترف بالهزيمة "

قالت والدتي مباشرة " وأيهما في نظرك يا سما "

نظرتْ لوالدتي وقالت " أراها عزيمة وإصرار وقليلون

هم من ينجحون في فعل هذا فهناك من كانوا أطباء

ناجحين وتركوا مهنة الطب بما فيها بسبب خطأ طبي

لأنهم استسلموا لليأس وهم من أكملوا مشوار دراستهم

للنهاية وتركوا اليأس يتغلب عليهم "

كنت أنظر لها بحيرة .... لم يسبق وجلسنا وتحدثنا

عن أي أمر يخصنا وأولها ما اكتشفت هذان اليومان

وهي نظرتها لي ! لم أفكر في أن عقلها يترجم هكذا

وكأنها محلل للشخصيات أو درست علم النفس

وقفت بعدها وقالت " سأعد معكرونة فأجمل شيء يؤكل

عند البحر هي المعكرونة باللحم وسترون كيف ستعجبكم "
قالت أمي ضاحكة " لما تتعبين نفسك كنتِ

تركتنا نشتري أكلا جاهزا نأكله "

قالت متوجهة جهة الأغراض " مستحيل كيف

تكون نزهة مع أكل جاهز , الطعام يكون أطيب

عندما يطهى في الهواء الطلق "

قالت أمي وأنا أراقب ما تفعل هناك

" تبدوا سما بدأت تتحرر من حزنها شيئا فشيئا "

عدت بنظري منها ونظرت لقدماي على الأرض

وقلت " نعم فسما فتاة قوية وذكية لن يصعب عليها

اجتياز كل ذلك لكن أخشى أن يؤثر عليها في

شيء نحن لا نعلمه أو لا نلحظه "

قالت باستغراب " كيف ذلك !! "

نظرت للبعيد وقلت " بعض الذين يمرون بأزمات مشابهة

تظهر نتائجها في المستقبل في أمور لا تكون إلا وقتها "

قالت بعد صمت " تعني أنه عليها زيارة طبيب نفسي "
عدت بنظري لقدماي وقلت بهدوء " لولا خوفي أن تتأثر

بهذا وتفهمه بشكل خاطئ لعرضت عليها الأمر "

تنهدت وقالت " معك حق فقد تعتقد أنك تراها مريضة "

نظرت لها وقلت " أفكر أن نعرضها على أحدهم دون

علمها وجابر سيساعدني في ذلك بالتأكيد "

قالت من فورها " لكني أراها طبيعية جدا "

هززت رأسي بلا وقلت " لم تري كيف انسلخت عن

العالم حولها وهي تحضن ذاك الصغير هناك , كانت وكأنها

غائبة عن الواقع حتى أنها لم تعي ما كان يقول لها "

قالت مبتسمة " شغلتني يا أحمق "

نظرت لها باستغراب فقالت بعد ضحكة " ذاك أمر

طبيعي بني إنها مشاعر الأمومة شيء منغرس عند كل

امرأة ومنذ طفولتها ويخلقها الله عليه لترعى أبنائها ولولا

ذلك لكنا كالحيوانات كل أم تذهب وتتركهم "

قلت بجدية " هل هذا رأيك "

قالت مبتسمة " نعم ومتأكدة منه وستبقى سما تعاني

الفراغ العاطفي داخلها فلن أستطيع ولا حتى أنا ملئه , فقط

زوج وأبناء أو أم وأب وأخوة أو حتى أحدهم والمرأة

ليست كالرجل في هذا بني "

نظرت للأرض وقلت بشرود " وأنتي بعد وفاة

جدي وجدتي من ملئه لك "

تنهدت وقالت " لم يمتلئ إلا بعد أن تزوجت وأنجبتك بني

وكنت تكفيني وحدك كل عمري حتى بعد وفاة والدك رحمه الله "

غادرت بنظري عنها للبحر ولذت بالصمت لوقت حتى

جاءت سما بطبق كبير ووضعته قائلة

" سأسكبها الآن ولن نأكل حتى تبرد قليلا "

ثم توجهت نحو القدر وأحضرته تمسكه بمنشفة

مطبخ ووصلت وقالت " انزع الغطاء نزار "
ضاحكة " سيجتمع علينا كل من هنا بسبب هذه الرائحة "

رفعت الشوكة وقربتها قائلا " هذا إن وجدوا فيه شيئا "

ضربت لي شوكتي بالملعقة الخشبية وقالت " ليس بعد

حتى تبرد قليلا طعمها سيصبح أفضل "

مددتها مجددا وقلت مبتسما " لن أقاومها حتى

تبرد .... سأتذوق لقمة واحدة فقط "

أمسكت يدي وأبعدتها قائلة باستياء

" خالتي أخبريه يبتعد عن طبختي "

ضحكت أمي وقالت " نزار أتركها حتى تسمح لك هيا "

قلت بضيق " لو أعرف سر حبك الشديد لما تطهيه لتضعي

كل هذه القوانين الصرامة ولا تقدري مشاعر البشر "
وضعت يداها وسطها وقالت " هل تعرف ما هوا شعورك

حين ترسم إحدى خرائطك الصعبة المعقدة تلك وآتي

أنا واسكب لك عليها الحبر , هذا نفس شعوري أنا "

ضحكت وقلت " شعور سيء جدا "

قالت ملوحة بيدها " ابتعد إذا حتى تبرد "

قلت باستسلام " أمري لله لقد تغلبتِ علي "
*
*
كان هذا من أجمل أيامي شعرت فيه أنني مع عائلتي

الحقيقية التي فقدتها منذ أشهر وهما الاثنان أغنياني حتى

عن أهلي الحقيقيين المجهولين فأولئك تخلوا عني وعن

والداي وهؤلاء لا رغم أنهم ليسوا عائلتي ولا من بعيد

غمزت لي خالتي بعينها على نزار الذي كان يأكل المعكرونة

لآخر قطعة منها يتتبعها في الطبق وهوا يقول " لذيذة

وألذ من التي تعدينها في المنزل رغم أن تلك مذاقها رائع "

ضحكت خالتي وقالت " اترك شيئا للماء يغسله "

ضحكت أنا ورما هوا الشوكة في الطبق وقال بضيق

" قولي أنك تغارين منها "

شهقت خالتي بقوة ونظرت له أنا بصدمة فضحك كثيرا

ثم وقف قائلا " هيا يا كسولتان لنعود للمنزل سيقترب المغيب "

قلت بصدمة " كيف ونحن لم نصلي العصر بعد "

قال متوجها جهة الأغراض " ما أن نضع الأغراض

في السيارة ونغسل الأواني نكون بعد العصر

ويقترب حينها وقت غياب الشمس "

وقفت وقلت باستياء " لا أريد أن نعود الآن "

ضحكت خالتي وقالت " عليك أن تطيعيه كي

نحظى بنزهة أخرى "

قلت بتذمر " أمري لله فإن غضب خسرنا هذه وغيرها "
قالت ضاحكة " هذه انتهت لما ستخسرينها "

قلت وأنا أجمع البساط " ما الفائدة منها إن انتهت

بغضبه فستترك ذكرى سيئة لنا "

قالت مبتسمة " معك حق "

غادرنا بعدها بقليل وعدنا للمنزل وأنزل نزار خالتي ثم

الأغراض يضعهم عند الباب وأنا أدخلهم للداخل ثم قضيت

وقتا طويلا أرتب المطبخ وأعيد كل شيء مكانه بعدما غسلته

مجددا ودرست بعض دروسي بمساعدة نزار في غرفة

خالتي فهوا سيساعدني في مواد الرياضيات والفيزياء والباقي
مواد سهلة تحتاج الحفظ فقط بما أن لغتي الانجليزية والفرنسية

ممتازة , وحمدا لله لم يتبقى كثيرا على العام الدراسي وينتهي

رفع رأسه وقال " هكذا نكون انتهيا , هل كل شيء واضح لك "

هززت رأسي بنعم وقلت " شكرا لك نزار أنا أتعبك معي "

وقف وقال " أبدا فأنا اشرح للطالبات كل يوم , أنتي على

الأقل تفهمين من أول مرة ويثمر فيك التعب "

ضحكت خالتي وقالت " احمد الله أنها ذكية لكنت

طوال النهار تعيد كالببغاء "

ضحك كثيرا ثم قال مغادرا الغرفة

" لن استكثر فيها التكرار لأنها تستحق "

ثم خرج وصعد السلالم وأنا ذابت جميع مفاصلي وأشعر

أنني أصبحت كبقعة ماء على الأرض من مشاعر الفرحة

لدي وأوليت خالتي ظهري بسرعة اجمع كتبي في صمت

فوصلني صوتها قائلة " تبدين متعبة الليلة ولا رواية "

التفت لها محتضنة كتبي وقلت " بل كنت أخشى أنك

أنتي المتعبة ولم أرد أن أحرجك , سأضع كتبي

في غرفتي وأعود لك "

خرجت بهم وصعدت مسرعة أحمد الله أنها لم تنتبه

لكلماته وتعلق عليها , كم أتمنى فقط أن أعلم بمشاعره

نحوي هل أنا مجرد مسئولية كما كان يقول وأمانة سيعيدها

لأصحابها أم شيء آخر أنا أتمناه فقط وقد لا يكون له وجود

عبرت الممر راكضة وشاردة مع أفكاري لاصطدم

بشي أوقعني أرضا وتناثرت الكتب وقلت بتألم

" آي هذا مؤلم , نزار ما بك لا ترى أمامك "

ضحك وقال وهوا يجمعهم من الأرض " أنتي من لم

تريني وليس أنا , ثم لست وحدك المتضررة وأنا

حطمتِ لي ضلوع صدري "

شعرت بالإحراج من كلماته ووقفت وأشعر بمؤخرتي

تحطمت ولا أستطيع لمسها وتخفيف الألم عنها والغريب

أنه حمل الكتب ولم يساعدني أنا على الوقوف كعادته

كلما وقعت بل شغل نفسه بها عني حتى وقفت وحدي
أولا ثم رفعها عن الأرض مع بعضها , مدهم لي

فمددت يداي له ووضعهم فيهم قائلا بابتسامة

" حسنا أنا آسف رغم أن الخطأ عليك "

قلت بعد ضحكة صغيرة " لقد أفسدت الاعتذار

كنت تركتهما كلاهما بدلا من تذكيري بخطئي "

اكتفى بابتسامة أراها أجمل في كل مرة ورفع كفيه

وكتفيه علامة لم أعرف ما أقول فزادني على ما بي

آه يا نزار ليتك تعلم فقط ما تفعله في قلبي بكل هذا

تركني وتوجه جهة السلالم مغادرا فالتفت له

وقلت " نزار "

التفت لي فاقتربت منه حتى صرت أمامه حاضنة

كتبي لصدري وقلت ونظري للأرض " شكرا على كل

شيء اليوم لن أنسى هذا اليوم ما حييت ولو كان لدي

شيء غير عبارات الشكر لقدمته لك "

وصلني صوته مبتسما " ولما الشكر يا سما لم أفعل شيئا يستحق "

رفعت نظري له وقلت " بلى فعلت الكثير وتستحق الشكر "

شتت نظره بعيدا وكأنه ارتبك وقال بهدوء

" المهم أنها أعجبتك فهي من أجلك "

ثم نزل وتركني حائرة في أمره الليلة وكأنه يتهرب

مني ومن عيناي والحديث معي وليس كالسابق

رفعت كتفاي بعدم فهم وتوجهت لغرفتي ووضعت كتبي

هناك ورتبتها مكانها ثم نزلت لغرفة خالتي ودخلت

قائلة " يبدوا نزار نزل ولن نستطيع القراءة "

مدّتها لي قائلة " رأيته وهوا يصعد مجددا اطمئني "

أخذتها منها وجلست وفتحت أين وقفنا وقرأت

(( ضغط على ذراعي بقبضته بقوة وقال من بين

أسنانه " ماذا كنتي تفعلين في غرفة أشرف "

سحبت ذراعي منه بقوة وبلا فائدة وقلت بتألم

" أتركني لقد آلمتني "
قربني منه أكثر حتى بات تنفسه الغاضب يلفح وجهي ثم

قال بغضب " ماذا تفعلين في غرفة رجل نائم يا رُدين "

أبعدته بيدي من صدره بقوة حتى ابتعد وترك ذراعي

وقلت بحدة " ما تقصد بهذا يا وقح أنا أنزه من

أفكارك وهوا ابن زوجي إن نسيت "

سحبني للجدار مسندا لي عليه ووقف أمامي ويداه

تمسك ذراعاي بقوة وقرب وجهه حتى أصبح أنفه

سيلامس أنفي وفحيح نفسه يخرج كالإعصار وقال

" تكلمي هوا من ناداك أم ذهبت لوحدك "

بقيت انظر لعينيه الملتصقة بي دون كلام فقال بهمس

" تكلمي هل هوا قال لك أن تدخليها "

قلت بهدوء وعيناي لازالت في عينيه

" أنا دخلت لأسأله عن ...... "
قال بجدية وذات الهمس " عن ماذا "

وضعت يدي على صدره أدفعه وقلت بضيق

" فراس ابتعد "

اقترب دافعا يدي بصدره حتى تلامست أنوفنا هذه المرة

وقال " لا أراك في غرفة أحدهما مرة أخرى تفهمي "

قلت بضيق " ابتعد يا فراس واستحي أنت أولا

ولا تنسى هم أبناء زوجي وأنا لم أخطأ "

قال بحدة " كذ .......... "

ثم تأفف وهز رأسه بقوة وقال بحدة أكبر

" قلت لا تدخلي تفهمين "

دفعته بقوة حتى ابتعد وقلت بغضب

" هذه آخر مرة تتصرف معي هكذا يا وقح ابتعد "

قال مغادرا " حذرتك وجربي أن تفعليها مجددا ولا

تنسي أني أيضا ابن زوجك يا أم زوج "

ثم غادر وتركني اغلي من الغيظ , ما يعني بما يقول

وكيف يشك بي وبشقيقه هكذا , هذا المريض المتخلف

سيرى إن لم أخبر والده ليضع له حدا , دخلت غرفتي

أنفض ثيابي بغيض وأشعر أنني سأحترق واحرق الدنيا

بما فيها , ما قصد أشرف بما قال ! ترى هل هوا صادق

هذه المرة وفراس وجده معها سابقا ونصحه بالعذل عما
يفعل , أذكر عمتي سعاد قالت أن فراس اعتاد منذ صغره

على مراقبة تصرفات شقيقيه وينهاهم عن الخطأ لكن يبقى

أشرف لا ثقة في كلامه وفراس لا ثقة فيه كله على بعضه

أختار أشرف بشلة فتياته ولا أتزوج بهذا الخرف العفن

جلست على السرير أتأفف طوال الوقت وكأني بركان

يوشك على الانفجار حتى طرق أحدهم الباب وكانت

عمتي سعاد دخلت ويتبعها الغضنفر فراس , اقتربت

مني وجلست بجواري على السرير وهوا وقف مستندا

بالجدار فقلت ببرود ونظري للأرض " أخبري ابنك

يخرج من غرفتي بكرامته قبل أن أطرده "
تنهدت وقالت " رُدين يا ابنتي استهدي بالله فعمك

رياض منذ رآك تبكي بالأمس وهوا لا يكلمه

أنهيا هذه المشكلة المعقدة "

أشرت له بيدي وأنا انظر لها وقلت " يخرج من

غرفتي حالا فحسب ما أعتقد أني أنا فقط عديمة

الأخلاق التي تدخل غرف الرجال وهم نيام "

وطبعا ذاك الحجر لم ينطق بأي حرف , قالت بهدوء

" لما كنتي في غرفة أشرف أخبريه الحقيقة ليرتاح "

قلت بضيق " لا يهمني أن يرتاح أو لا فليمت من التعب

لا يعنيني ذلك ولن أبرر له لا هوا أبي لا أخي ولا زوجي "

أمسكت يدي وقالت " وإن طلبت منك أنا هذا

لننهي المشاكل يا رُدين "

قلت بأسى ضاربة على صدري " وحقي يا عمتي

وحقي من يأخذه لي , ذلني وأهانني بالأمس واتهمني

في أخلاقي اليوم وعليا أنا فقط أن أبرر له "

تنهدت وقالت " تكلمي وحقك لن يضيع "

وقفت مقابلة لها ووضعت يداي وسط جسدي وقلت

" ومن سيأخذه منه وماذا إن خدعني ثم بأي صفة أبرر له "

قالت بعتب " لم أتصور أن لا خاطر لي عندك "

تنهدت بضيق ثم قلت " أشرف كذب علي وخدعني

من أجل أن أساعده في مخططاته الفاشلة وحين اكتشفت

كذبته ذهبت له وأيقظته وسألته عن الحقيقة فقط هذا ما حدث "

قال حينها الحجر الصامت " وهذه أول مرة أم لا "

نظرت له وأشرت بإصبعي وقلت بغيض

" أنت لا تتحدث أبقى على صمتك "

قال بغضب " احترميني أنا أكبر منك "

قالت عمتي سعاد بحدة " فراس يكفي وأنتي

يا رُدين كلامك معي وليس معه "

نظرت جهتها وقلت " لا علاقة لي يورطوني

أبنائك في مصائبهم وأدفع أنا الثمن "

ثم تابعت وأنا أعد بأصابعي " أخذني للسوق وابتزني

وجعلني أقابل جوجو وأخبرها أني شقيقته وأنه سيتزوجها

ثم تحايل علي وجعلني أكلم أسوم وأخبرها أني شقيقته

ووالدي يرفض زواجه بها ونحن نقنعه ثم اكتشفت أنه

يكذب فيما ابتزني لأطيع رغباته ومخططاته كنت مجبرة

وكم نصحته أن يبتعد عن بنات الخلق وأن يعتبرهن

شقيقاته أو بناته وفي النهاية أنا عديمة الشرف التي

دخلت له لغرفته وهوا نائم وكان ينقص أن يقول أني

نمت معه منذ الليل , أليس هذا ما يفكر فيه "

قالت عمتي سعاد " أستغفر الله يا ابنتي هوا

لم يفكر هكذا مطلقا "

قلت بأسى " وبما فكر إذا "

نظرت له ثم لي وقالت " هوا رآك خارجة مسرعة

من غرفة أشرف وظن أن أشرف من أدخلك وأجبرك

على الدخول وأن يكون فعل شيئا فقط هذا ما حدث "

قلت ببرود " لا أصدقه فما قاله لي ليس كذلك يزمجر

بي كالتنين يضنني جدار لا يشعر ثم يغير أقواله "

ابتعد عن الجدر وقال " أنا لم أغير شيئا وما قلته لك

قلته لها ولست خائفا من أحد لأغير كلامي "

قلت ببرود " ما لدي قلته واسألوا ابنكم إن لديكم شك

هذا إن لم يكذب عليكم كما كذب علي "

قالت عمتي " المهم الآن لا يسمع رياض بكل هذا "

قلت بجدية " أبدا كله سيكون لديه وكلام ابنه هذا

بالتحديد وبالحرف الواحد أيضا "

قال بضيق " أرأيت كيف تهددني يا أمي "

نظرت ناحيته وقلت بضيق أكبر " سأسألك سؤالا واحدا

يا حضرة المحقق , عندما أخبرت شقيقاك أن يخرجا

ويتركانا وحدنا وأغلقت الباب واستفردت بي وعندما

سحبتني للمجلس وأغلقت الباب علينا وعندما جئتني

هنا لغرفتي ماذا تسمي كل هذا أم أنه لا بأس لأني

لست أنا التي ذهبت إليك "

كان سيقول شيئا فسبقته والدته قائلة

" أخرج الآن يا فراس "

كان سيتحدث معترضا فقالت بجدية

" أخرج ولنا حديث آخر معا "

خرج وضرب الباب خلفه فقلت بحرقة

" هل هذا هوا حقي الذي ستأخذينه منه "

تنهدت وقالت " أجلسي يا رُدين "

جلست أنظر للجانب الآخر وأشعر بكل مشاعر الغضب

والاستياء فوصلني صوتها قائلة بهدوء " رُدين فراس كان

خائفا عليك حقا وخاف من أن يكون أشرف أذاك , ليس

معنى أن يعتقدوا أنك زوجة والدهم يعني أنهم ليسوا رجالا

والشيطان يعرف كيف يدخل للإنسان فكم من فتيات تعرضن

لمواقف بشعة من العم أو الخال وحتى الشقيق أو الأب

وفراس معه حق في هذا "

قلت بأسى " ولما هوا يستفرد بي أليس رجلا مثل

الجميع ثم كيف يضن بشقيقه هكذا , صحيح أن أشرف

يصادق الفتيات لكنه ليس بالشكل الذي يعتقد فراس

هوا لا يستغلهن أبدا ولا يمسس شرفهن ولم يبدر منه

ناحيتي أي تصرف مشين ولا بكلمة أو لمسة بالعكس

كانت هذه الأمور أبعد ما يفكر فيه وإلا ما كنت دخلت

غرفته ثم أنا تركت الباب مفتوح ولم أغلقه "

أمسكت بيدي وقالت بجدية " رُدين عمك رياض لا يستحمل

فيك شيئا ولم تسمعي سيل الشتائم التي تلقاها فراس منه

بسبب بكائك بالأمس رغم أننا وجدناكما مبللان كليكما

والإهانة له كرجل كانت ستكون أكبر ولو لم أكن متأكدة

من أن فراس كان خائفا عليك بالفعل من لهجته وكلماته

ما كنت وقفت في صفه ففراس اعتاد كل حياته تحمل

مسئولية من حوله ويخاف على جميع المحيطين به "

قلت بحرقة " لا أريد أن يخاف علي لا شأن له بي "

وقفت وقالت " أنا متأكدة منك ومن تربيتك جيدا يا

رُدين ويستحيل أن تكوني السبب في فجوة بين رياض

وابنه قد تستمر طوال العمر لأني أعرف كم سيجن

جنونه لو أخبرته أن فراس اتهمك في أخلاقك

وفراس حقا لم يفكر هذا التفكير "
ثم غادرت الغرفة وأغلقت الباب وتركتني وحدي

ولم أغادرها حتى جاءت الخادمة تخبرني أن الغداء

جاهز ولو لم يكن عمي رياض موجودا على الغداء

ما نزلت لأني لا أريد أن يسأل لما لم أتناوله معهم

نزلت وتوجهت من فوري لطاولة الطعام وجلست

بجوار والدتهم مقابلة لهم ثلاثتهم أتجنب النظر للجميع

وبدأت بالأكل لا أنظر إلا للطبق أمامي وكانوا يتحدثون

عن عمهم القادم اليوم وابنته وأنا لم انطق بحرف ، بعد

وقت رفعت نظري فوقع على فراس ينظر لي فأبعدته

فورا ونظرت جانبا بضيق ووقف حينها عمي رياض

وتبعته زوجته ووقف بعدهم أشرف وقال واضعا

يديه وسط جسده " رُدين تعالي أريدك قليلا "

قلت ببرود وأنا أسكب مشروبا غازيا لي في كأس

" لن أذهب مع أحد ولن يخاطب لساني لسان أحد

وأي إهانة لي مجددا لن أسكت عنها ، لو لديك

شيء قله هنا وأبعدني عن خططك ومغامراتك "

قال من بين أسنانه " قلت تأتي يعني تأتي "

قال فراس بحدة " أشرف أترك الفتاة وشأنها

كلامك معي وليس معها "
نظر له أشرف وقال بحدة مماثلة " لا علاقة لك أنت "

وقفت وقلت بضيق مشيرة بإصبعي لهما بالواحد

" لا علاقة لك ولا له ولم اسكت عما حدث إلا من

أجل عمتي سعاد ولن أسكت مجددا "

قال وائل بسخرية " ها قد جاءكم كلامي ولم تروا

شيئا بعد حتى تفرق العائلة عن بعضها "

أشرت له بإصبعي وقلت بغضب " أصمت ولا تتهمني

بما فيكم من قبل مجيئي فأنا لن أكافئ الرجل الذي رباني

ورعاني أن أشتت عائلته فانظر لأنفسكم أنتم

ما عيوبكم ولا تلصق الأمر بي "

وقف وقال بحدة " ومن كانت تهدد الآن وتتوعد بأنها

لن تسكت ، بماذا يسمى هذا غير أنك تفتنين "

قلت بحرقة " وما تضنني أنا .... حجر أسمع الإهانات

والسب والشتم واسكت , احترموني احترمكم "

فتح فمه فصرخ به فراس قائلا " يكفي اتركوا الفتاة وشأنها

وإن تعدت هي على أحدهم يكون الحل بالتروي ولا

أحد يدخلها في شيء يخصه بعد اليوم "

قال أشرف بضيق " تسـ...... "

صرخ به أكثر " أنت خصوصا لا تتحدث فكم نصحتك

تترك عنك هذه الحركات الطائشة ولن تتربى إلا

بدرس تدفع ثمنه الكثير "

قال بغضب مغادرا " أترك مثالياتك لك وحدك

ولا تتدخل في حياتي "

وغادر وائل بعده بعدما قال ببرود " لقد أتبثت لكم هذه

الطفلة أنكم شلة من الحمقى يا أبناء رياض "

وابتعد حتى خرج فوقفت أنا مغادرة وقلتموجهة كلام

ي لمن بقي هنا وهوا فراس

" لا تتحدث بالنيابة عني ثانيتا ولا دخل لك بي "

ثم غادرت والمعجزة أنه لم يتحدث بشيء عما قلت

عدت لغرفتي وضربت بابها بقوة ، أنا أفتن بينهم ..أنا

الأفعى وعديمة الأخلاق ولا يرون ما يفعلون بي

عدت لسجن نفسي في غرفتي ولم أنزل إلا حين طلبت

مني عمتي سعاد أن أقابل ابنة عمهم وأتعرف عليها

فوافقت لأنهما وحدهما الآن في الأسفل ، نزلت أتبعها

حتى وصلنا وكانت تجلس في صالون الضيافة وسط

المنزل وليس غرفة الضيوف ، كانت فتاة بملامح

جذابة ذات قدر لا بأس به من الجمال وابتسامة

رقيقة وتبدوا تتسم بالهدوء ، تصافحنا وقالت مبتسمة

" سررت بالتعرف عليك يا رُدين لم أتخيلك جميلة هكذا "

جلست وقلت مبتسمة " ومن هذا الذي أخبرك أني قبيحة "

ضحكنا ثلاثتنا ثم قلت " وأنا سررت بمعرفتك

وأنتي جميلة كما تخيلتك "

قالت عمتي سعاد " طبعا هذه جوري ابنة عمك مصطفى

شقيق عمك رياض هوا لديه ثلاث أبناء وفتاة واحدة

يعيشون في الخارج ويأتي هوا وجوري مرة في

العام يبقى هنا لفترة ويرجع هناك ، لديهم منزلهم

هنا لكنهما سيقضيان يومين معنا أما رُدين

فسبق وعرفتك بها قبل أن تنزل "

قلت مبتسمة " سررت بمعرفتك وسنقضي

وقتا ممتعا معا "

قالت مبتسمة " نعم بالتأكيد "

تبادلنا أطراف الحديث وتعارفنا أكثر واكتشفت أنها في

نفس سني وترغب في دراسة المحاماة مثلي وأمضينا

ثلاثتنا وقتا ممتعا أنساني بعض الشيء كل ذاك الضيق

والهم ، بعد وقت مر فراس داخلا من الخارج واقترب ناحيتنا

وصافح ابنة عمه قائلا " مرحبا يا جوري أنورت البلاد "

وأنا طبعا لم أرفع نظري له أبدا وكنت ألعب بأصابعي بخيوط

وسادة الأريكة ونظري عليهم وأجابت جوري قائلة

" شكرا لك يا فراس والبلاد نورها بساكنيها "

ثم قال مغادرا " أتمنى أن تقضي وقتا ممتعا هنا

فرُدين مشاكسة وتعرف كيف تستمتع بوقتها "

نظرت له بصدمة وهوا يصعد السلالم , ما به هذا

منذ متى كل خفة الدم هذه ! تأففت ونظرت جهة

والدته فضحكت وقالت " أمازلتما متشاجران "

قلت بضيق " نعم وما وعدتني به لم يحدث

وقد خدعتماني أيضا "

قالت جوري مبتسمة " أمازال فراس كما كان

يتشاجر مع الفتيات ولا يحبهن "

ضحكت والدته وقالت " ووجد نموذجا أمامه لكني

أراه بدأ يخف كثيرا عن السابق "

قالت بعد ضحكة " أذكر كيف كانت والدتي تركض

خلفه لتحضنه وتسلم عليه وهوا يهرب منها "

قلت مغيرة مجرى الحديث الممل عنه

" وأين والدتك لم تأتي معك "

قالت مبتسمة " والدتي ليست عربية وتلك

هي بلادها ولا تحب الخروج منها "
وعدنا نتنقل من حديث لآخر حتى غادرت عمتي سعاد

للمطبخ وبقينا نحن الاثنتين وقد انسجمت معها كثير

فهي فتاة تدخل القلب بسرعة ، بعد وقت أشارت برأسها

بحسنا لأحدهم خلفي واعترى ملامحها ارتباك وخجل

واضحين فالتفت للخلف فكان وائل مغادرا , جميل يبدوا

ثمة شيء بينهما ولو لم أكن قررت أن أبتعد عنهم

وأتجنبهم لكنت انتقمت منه على ما قال لي هذا الحشرة

المغرورة , عدت بنظري لها وقلت بابتسامة

" ما قصتكما "

ارتبكت ونظرت للأرض مبتسمة بخجل فقلت بمكر

" اعترفي أو أفسدت كل شيء "
قالت بصوت منخفض " سيخبر والده ووالدي من أجل

خطبتي لأن والدي لن يوافق أن يزوجني قبل أن تنتهي

دراستي الجامعية وهوا سيكمل دراسته أيضا وكل ما

نخشاه أن لا يوافق والدي لأنه لا يحب الحديث في الأمر

وعمي رياض أيضا يؤجل الأمر ولم يوافق عليه "

آه جيد يبدوا أنه هناك روميو جديد , أنقذك حضك مني

يا وائل لكنت دفعتك ثمن كلامك وسأحاول أن لا أتدخل

كانت ستقول شيئا لكن قاطعنا قدوم عمتي سعاد فقلت

بهمس قبل أن تصل " لا تقلقي لن يعلم أحد بما أخبرتني "

واستمر الوقت في السمر والأحاديث حتى وقت العشاء

وكان الجميع مجتمعا على طاولة العشاء والأحاديث كانت

ساخنة والضحك وأنا ألوذ بالصمت أكثر من جوري التي

تتحدث أحيانا حتى قال عمهم " رُدين ما رأيك بعريس

تعيشين معه خارج البلاد "

نظرت له باستغراب فضحك وقال " ابني الأوسط

يريد أن يتزوج من بنات بلاده ولا يريد أن ينزل

هنا ليختارها وكلفني بالمهمة "

نظرت مباشرة لثلاثتهم فنظرا وائل وأشرف لبعضهما

وغمز وائل بعينه وابتسما وكأنه يقول له سنتخلص منها

أما فراس فكان نظره على والده وبتركيز وكأنه ينتظر

أن يبدي رأيه فيما قيل , سترى مني يا وائل يا مغرور

قلت بابتسامة جانبية " بل لما لا تزوج ابنتك وها هم أبناء

عمها كل واحد أطول من الثاني "

نظروا لي جميعهم فتابعت بابتسامة ماكرة

" أرى أشرف أنسبهم جميعا "
وكما توقعت ضحك من فوره وقال " جاهز على الفور "

ليمتقع وجه وائل وكأن سهما أصاب قلبه فنظرت له هوا

تحديدا وقلت ببرود " إلا إن كنت ترفض أبناء شقيقك "

قال عمهم بعد قليل " لا بالطبع لن نجد أفضل منهم "

كاد يغمى على وائل وهنا وكزتني جوري , أقسم من

أجلها فقط لكنت علمته درسا لن ينساه باقي حياته هذا

المتعجرف لكن لا بأس تكفيه هذه الطعنة , قلت بابتسامة

" لكن أشرف لديه واحدة يريدها زوجة له فوائل مناسب

أكثر وناجح في دراسته وسيسافر ليكملها بالتأكيد , أنا

خطبت منك ابنتك لشقيقي وائل , هيا لما لا تعطي جوابك "

تحول وجه وائل للحماس ينظر له باهتمام وقال عمهم

" وهل هناك من يخطب لأحد وهوا موجود ودون رأيه "

قلت بعد ضحكة " لو كان رافضا لتكلم , لما يتركون هذه

الماسة حتى تضيع منهم ويتزوجها أبناء الغرب , أنت فقط

وافق وكل الأمور ستسير على ما يرام "

نظر لشقيقه وضحكا معا وقال عمهم " ما هذه التي

ربيتها يا رياض تخطب لابنك أيضا وأنت جالس "

قال مبتسما " وما سأفعل إن كان لا لسان لدى غيرها

لو كان لأحد اعتراض فليقله "

عمي رياض يفهمني جيدا ويعلم أني لن أقول هذا إلا

لأني أبعدته من قائمة مخطط اختيارنا فهوا لم يعارض

خطبتها له إلا من أجل مخططنا , لكنه لم يخبرني سابقا

أنه يريد خطبة ابنة عمه آه يا عمي رياض هل رغبتي

أهم عندك حتى من رغباتهم كم أنت رجل رائع

قلت بحماس " وائل هل أنت موافق "

قال مبتهجا " بالتأكيد وكنت أنتظر أن يفاتح والدي

عمي مصطفى في الموضوع وسأنتظرها حتى

تنهي دراستها وانهي دراستي "

وقفت وقلت " وجوري موافقة ماذا قلت يا عمي "

ضحك وقال " وما سأقول معك يا مشاغبة لكن

ابني ينتظر عروسه فوافقي أنتي أيضا "

قال عمي رياض " سنضيفه للائحة وأرى

من المناسب لأزوجها به "

ضحك وقال " ولديها لائحة من الخاطبين أيضا

حسنا ننتظر الجواب "

شددت جوري من يدها وقلت " هيا يكفيك

أكل سنصعد لغرفتي "

وقفت معي ضاحكة على ضحك الجميع ومررت بوائل

وهمست له في أذنه ممررة رأسي بينه وبين فراس

" أقسم أنها من أجل جوري وليس من أجلك أما الأولى

فدرس لك كي لا تتهمني ثانيتا ومبارك يا عريس "

وما أن أبعد رأسي حتى قال فراس بصوت منخفض

" ابنه صاحب سمعة سيئة هناك "

ابعد رأسي قائلة بصوت منخفض أيضا " إذا سأوافق "

وغادرت وجوري وصعدنا لغرفتي وأغلقت الباب

فحضنتني وقالت " شكرا لك يا رُدين لقد خدمتني

خدمة لن أنساها ما حييت "

قلت مبتسمة " أقسم فعلتها من أجلك لأنك تستحقين "

ثم ابتعدت عنها وقلت بقرف " لكنه مغرور ومتعجرف

كيف ستستحملين الحياة معه "

ضحكت وقالت " أحبه كيف سأفعل مع قلبي "

ثم تابعت وهي تجلس على السرير " لكنك كدتِ توقعين

لي قلبي حين قلتِ أشرف وهوا وافق "

ضحكت وقلت " تلك مزحة فقط مع وائل "

وقضينا باقي الوقت حتى كان موعد النوم وغادرت

هي لغرفتها واتفقنا أننا صباحا سنجلس في الحديقة

واكتشفت أنها تحب الاستيقاظ منذ الفجر مثلي , كان

يفترض أن تزوجتها أنا وليس هوا ههههه , وعند

الصباح نزلت ووجدتها سبقتني في المطبخ وخرجنا معا

وأحضرت لنا الخادمة الفطور في الخارج بعدما وضعنا
بساطا لنتناوله على الأرض وانضمت لنا عمتي سعاد أيضا

ومر بنا وائل ذاهب لجامعته وقال مبتسما " صباح الخير "

ثم اقترب وقال " رُدين لن أنساها لك ما حييت "

قلت بابتسامة جانبية " الأولى أم الثانية "

قال مغادرا بضحكة " الثانية طبعا "

رغم أنك لا تستحق لكن لا بأس لما أكثر أعدائي سأربحه

في صفي , قالت عمتي سعاد " لو لم تفعلي ذلك

ما حدث هذا , لقد فاجأتِ الجميع "

نظرت لها وقلت " ليقتنعوا أنه أحيانا يكون

رُب ضارة نافعة "

وضحكنا معا لأنها تفهم مقصدي وهوا كرههم لوجودي

هنا وما جلب من منافع , مر حينا أشرف وقال مبتسما

" صباح الخير يا أفعى "

أشرف قلبه أبيض ولا يحقد أبدا وينسى بسرعة

قلت قبل أن يختفي " وما أيقظك باكرا على

غير العادة يا ثعبان "

توقف ورفع حجرا ليرميني به فاختبأت خلف والدته
أضحك فقال ضاحكا " ستري حسابك مني يا أفعى يا رقطاء "

ثم غادر وقالت جوري مبتسمة " يبدوا منسجمين معك

كثيرا ألا يفكرون في الزواج منك "

قلت بمكر " لم تتركي لي وائل لأتزوجه "

ضحكت محرجة ولم تعلق فضحكت عمتي سعاد وقالت

" أشرف كما تريه أمامك وفراس هي وهوا كالقط والفأر

لا يتقابلان دون أن يتشاجرا ووائل حجزته فلم يتبقى لها أحد "

وأمضينا الوقت كالأمس ومر النهار من أجمل ما يكون

فقد خرجنا ثلاثتنا برفقة عمي رياض وشقيقه ولم نرجع

حتى المساء من دون واحد من أولاده ثقلاء الدم ثم غادر

عمهم وابنته لمنزلهم وودعتها وطلبت منها أن نتقابل

ثانيتا فهي كانت فتاة من أروع ما قابلت وبعد خروجهم

وقف عمي رياض وقال " رُدين أريدك في أمر اسبقيني

لغرفتي سأتحدث وعمتك قليلا وألحق بك "

صعدت لغرفته وكل الظنون تلعب بي ودخلت وجلست

على الأريكة وكل مخاوفي أن يوبخني على موقف وائل

وجوري لكنه لم يتغير تصرفه معي بعدها والأمر كان

منذ ليلة أمس , بعد وقت دخل وحده وأغلق الباب

وجلس على السرير مقابلا لي وقال " خطبك أحدهم
رأتك والدته في حفل الزواج وأخرى تحدثت مع عمتك

سعاد رأتك هنا , ومصطفى شقيقي فتح معي

موضوع ابنه مجددا "

قلت من فوري " ما تريده سأنفذه "

قال بجدية " كل ما أريده "

هززت رأسي بنعم وقلت " لن أتني رأيك وأرفضه

ولو كان فيه موتي "

قال بهدوء " أريدك حقا لأحد أبنائي "

ثم تابع قبل أن يعطيني فرصة للكلام وقال

" أريدك لفراس والاختيار لك يا رُدين "

كاد قلبي يتوقف , لما فراس أشرف بنسائه أرحم منه

فقد يعتدل حاله , ذاك الفراس لا ... حتى أنه لم يعتذر

عن أخطائه في حقي , قال " ها ما رأيك وما ستقولينه

سيكون ومهما كان " ))

نظرت لها وقلت مستاءة " لما دائما تنتهي

الصفحة نهاية ناقصة وسيئة "

ضحكت وقالت " وهذا الممتع فيها أليس كذلك "

قلت مبتسمة " نعم تتركك تفكرين فيما سيجري "

وقفت ومددتها لها فأمسكتها وقالت " شكرا لك

يا سما على ما فعلته اليوم من أجل نزار "

قلت باستغراب " ماذا فعلت !! "

قالت مبتسمة " يكفي الكلام الذي سيحيي نزار الميت

داخله فحتى ابتسامته اليوم تغيرت و ضحكته ونظراته

لمن حوله , كنت متأكدة أنه سيعود يوما كما كان

ولو بالتدريج وسيكون ذلك على يديك "

نظرت للأسفل وقلت بحيرة " أنا أريد ذلك حقا لكن

لا أعلم كيف وتأتي الأمور هكذا بعشوائية وأقولها

ولا أعلم هل تصلح الأمر أم تفسده "

قالت مبتسمة " أتركي كل شيء هكذا بعفوية فلا

شيء ينجح مثلها فالخطط دائما تبوء بالفشل والدليل

أمامك في دعاء ورهام "

توجهت جهة الإنارة ونظرت جهتها وقلت مبتسمة

" علينا أن ننام كي لا نستيقظ متأخرتان وينادينا بالكسولتين "

قالت ضاحكة " نحن كسولتان لديه في كل الأحوال "

قلت مبتسمة بعدما أطفأته " تصبحين على خير "
ثم صعدت لغرفتي وأشعر كل يوم بمشاعري نحوه تكبر

وتتعاظم , ترى عند أي نقطة يتوقف الحب وإلى أي حد

يصل ! ستكون كارثة إن كان لا حد له فأنا الآن أشعر

أنه بحجم الكون , لا أعرف كيف سأعيش من دونه

كيف سيكون يومي وهوا ليس فيه ! كيف يكون هوا في

مكان وأنا في آخر ولا أسمع صوته يوميا ... ضحكته

وجهه ابتسامته وحدّته وهوا ينصحني وينهاني في كل

شيء , حتى ثيابه التي أغسلها وأكويها لا يمكنني

التفكير في أن تبتعد عني ويكون يومي من دونها

وصلت غرفتي ودخلت وكل هذه الأفكار تولِد لدي

رغبة في البكاء لأني أعلم أن كل ما أخشاه سيحدث

وكل هذا سيضيع مني يوما قد يكون قريبا جدا فبقدر

ما أريد أن يمسكوا بالمجرمين اللذين قتلوا أهلي بقدر

ما أكره أنها ستكون بداية لابتعادي عن هنا

أغلقت باب الغرفة وركضت جهة سريري وارتميت

عليه وحققت لعيناي وقلبي غرضهما واستسلمت للدموع

حتى نمت , وعند الصباح وكما توقعت استيقظت متأخرة

عن وقت ذهاب نزار ولم أعِد له ولخالتي الإفطار فنزلت

مباشرة ودخلت غرفتها أفرك عيني وقلت " خالتي لما

لم يوقظني لما تركتموني أنام كل هذا الوقت "

ضحكت وقالت " لم يرضى وركب دماغه أن تنامي

حتى تنهضي لوحدك رغم أني أخبرته أنك لا تريدين

هذا كي تنامي ليلا دون تعب "

حككت شعري وتأففت منه فقالت بعد ضحكة " اذهبي

وأغسلي وجهك وتعالي قبل أن تغيري ملابس النوم "

نظرت لها بحيرة وقلت " ولما !! "

قالت مبتسمة " ستعرفين في وقته هيا بسرعة "

خرجت من عندها ودخلت الحمام السفلي وغسلت وجهي

وعدت لها وقلت وأنا ادخل " هل تناولتِ فطورك "

قالت مبتسمة " نعم تعالي أخرجي المقص من

ذاك الدرج هناك وأحضريه لي "
توجهت حيث قالت وأحضرته لها فأخذته مني وفتحت

درج الطاولة التي بجانب سريرها وأخرجت مشطها

وقالت " أحضري ذاك اللحاف هناك "

قلت وأنا أحضره " هل ستقصين شعرك "

قالت ضاحكة " أنا لا ... غيري نعم "

أعطيته لها وقلت بصدمة " لا أنا لا أريد أن أقص شعري "

قالت مبتسمة وهي تفرد اللحاف " لن أقصه لا تخافي تعالي

سأقص لك غرة فقط وستعجبك وتزيدك جمالا فوق جمالك

بدلا من إمساكك هذا الشعر الحريري الجميل للخلف دائما "
جلست مقابلة لها وقلت " حقا ستجعلني أجمل "

قالت وهي تنزل لي رأسي أماما " بالتأكيد وستري بعينك "

مشطت لي شعري للخلف من الأعلى بعدما أخذت منه

جزئا للأمام ومشطته وحده ثم رفعته للأعلى وقصته

لينزل متدرجا على جبيني وأطراف وجهي وفرقتها

ومشطتها وقالت مبتسمة " أنظري في المرآة الآن
وستحبين شكلك وشعرك أكثر "

وقفت وتوجهت للمرآة في المكتبة ونظرت لأفاجئ

بالتغير في مظهر شعري حيث كان سابقا ينزل بطوله

لا معنى له وكأنه قطعة قماش أما الآن أصبح أجمل

ولم أعد أريد حتى أن أمسكه , كانت الخصلات القصيرة

تحتضن أطراف عيناي وخداي فقلت مبتسمة وأنا

أعدلهم أكثر بأصابعي " ما أجملني هكذا يا خالتي

الآن فقط اكتشفت أني كنت بشعة "

ضحكت وقالت " بل كنتي جميلة والآن صرتِ

أجمل وليرحم الله قلوب الرجال "

توجهت نحوها وقلت " لا أريد أن أمسكه أحببته هكذا "

ضحكت وقالت " أعانه الله إذا "

قلت باستغراب " من !! "

ضحكت كثيرا ثم قالت " المشط لأنك لن تتركيه

من يدك بعد الآن "

ثم مدت لي باللحاف بعدما جمعته وقالت

" أرمي هذا وانفضي اللحاف جيدا "

أخذته منها وفعلت ما طلبت مني ثم عدت لها وأعدته

حيث كان وعدت للمرآة مجدد وقلت وأنا أرتبها من

جديد " كم تعجبني ولا أريد أن أتوقف عن رؤيتها "

سمعنا حينها باب المنزل يغلق فقالت خالتي

" ها قد جاء الطعم "
نظرت لها بحيرة فقالت مبتسمة " ما رأيك أن

تلفي لفة كاملة حول نفسك وبسرعة "

ضحكت على الفكرة لكني سرعان ما طبقتها ولم

أنهي اللفة إلا ونزار عند الباب فأبعدت شعري

عن وجهي لتتدلى الغرة للأسفل بسبب حركته معي

حين لففت فرفعتها بأصابعي لتسقط من جديد محتضنة

وجهي وجبيني فنظرت لخالتي وكانت تنظر للمذياع

في حجرها فانتقلت بنظري سريعا لنزار فكان على

صمته وينظر لي فرفعت شعري خلف أذني أنظر

للأرض وخرجت من الغرفة مارة به وهوا دار

معي حتى خرجت وصعدت لغرفتي مباشرة لأغير

ملابس النوم أو لأهرب منه ومما فعلت
*
*
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــع
__________________
رد مع اقتباس
  #32  
قديم 12-29-2015, 11:58 AM
oud
 

" نزار هل أصابك الصمم "

نظرت لها وقلت " نعم يا أمي "

قلت مبتسمة " أكلمك منذ وقت وناديتك مرارا ولا نتيجة "

مررت أصابعي في شعري ووقعت مفاتيحي مني على

الأرض فرفعتها وبدل أن أضعها في الجيب وضعتها

خارجه فسقطت مجددا وقالت أمي ضاحكة

" ما بك وكأن أحدهم ضربك على رأسك "

لمست رأسي وقلت بحيرة " ما به "

عادت للضحك دون توقف فقلت بضيق

" أمي توقفي عن التسلي بي "

قالت وقد عادت بنظرها لمذياعها

" أنا لم أتسلى بك أنت من تتصرف بغرابة "

خرجت وتركتها ونظرت لأعلى السلالم ثم عدت ووقفت

عند الباب وقلت " هل أنتي من قص لها غرتها "

قالت ولم ترفع نظرها بي " نعم هل هي سيئة "

لم أعلق فنظرت لي وقالت " رأيك فيها أنها سيئة إذا !
إياك أن تقولها لها لأنها أحبتها وستصيبها بالإحباط "

قلت مغادرا " إما أنك بارعة أو أن شعرها هوا السبب "

ثم صعدت وتوجهت لغرفتي غيرت ثيابي وجلست على

الانترنت قليلا ولا أعلم ما الشيء الذي في داخلي يقول

لي لا تخرج من غرفتك ولا تنزل , مررت أصابعي في

شعري واتكأت للخلف على ظهر الكرسي أنظر للسقف

بشرود .... أنت لست صغيرا يا نزار لتحتار في فهم نفسك

أنت تهرب من أن تولد مشاعر في قلبك لا تريد أن تكون فيه

أنت لم تنم ليلة البارحة ليس لأن النوم جافا عينيك بل لأن

كلماتها لم تغب عن مخيلتك حتى أنك الآن تبحث في الانترنت

عن شيء نسيته منذ أعوام وهوا تطوير قدراتك في مجال

الهندسة , ما الذي فعلتْه في رأسك مراهقة صغيرة وحركت

ما مات مع الزمن وتلاشى ؟ ما هذا الذي ستوقع نفسك فيه

يا نزار ؟ هل كل هذا من تأثير فضولك الغبي , عدلت جلستي

مجددا وعدت أشغل عقلي بالشاشة أمامي لكن مشهد اليوم لم
يغب عن عيناي فأغلقته وغادرت الغرفة من فوري ونزلت


******
وقفت أنظر لها لوقت وهي تحاول مشط شعرها بيدها

اليسرى ولأنه كثيف وطويل تمسكه بالجزء للأمام

وتمشطه فتوجهت من فوري للسرير وجلست متكأ على

ظهره وقلت " لما لم تطلبي من سيلا تمشطه لك "

قالت وهي تجمعه للخلف بالمشبك نازلا للأسفل

" بتول جاءتني بالأمس وتركت رسالة لك "

قلت باستغراب " جاءت هنا من أجلي !! "

وقفت والتفتت لي وقالت " بل جاءت لتترك كلامها

لك معي لأنها موقنة من أنها لن تجدك نهارا "

ثم تابعت وهي تسير جهة الخزانة

" قالت كن في صفي وطلقني منه "

قلت بحيرة وأنا أعدل ساقي " فقط "

التفتت وقالت " فقط فلم أسالها ولم تشرح لي "

نظرت للسقف متكأ برأسي للخلف وضغطت على عيناي

بقوة , أصعب موقف تضعينني فيه يا بتول ما بكم اليوم معي

على الطلاق , لم أعتد كل حياتي إلا على إنصاف من كان
على حق وبتول محقة لأنهم غافلوها ولم يأخذوا رأيها

كنت سأحاول إقناعها فقط بأن تتقبل الأمر وتحاول أن

تكون أقرب له ولم أتخيل أن يكون هذا ما تفكر فيه

وصلني صوت أرجوان قائلة " لم أعرف سابقا أنها متزوجة "

تنفست بقوة وأبعدت يدي ونظرت لها وقلت

" نعم ومن معتصم "

قالت بصدمة " زوجة لمعتصم ! كيف!! لم أسمع بهذا "

دلكت رقبتي بيدي وقلت بهدوء ونظري للأسفل

" منذ عام وهي لا تعلم "

قالت وهي تغلق الخزانة وتقف مستندة بها
" غريب كيف تتصرفون هذا التصرف "

وضعت ذراعي خلف رأسي وقلت وأنا أنظر لها

" هكذا حدث , ثم ألم أقل لا تمسكي شعرك وأنا موجود "

توجهت جهة الأريكة وجلست حاضنة لوسادتها قائلة

" ترى بنفسك حال يدي ولن يساعدني أحد عليه "

مددت يدي لها في صمت لتأتي فهزت كتفها مبتسمة

بمعنى لا أريد فقلت بابتسامة جانبية " ألا تريني أمامك

أم لا تري السرير العريض الذي أجلس عليه لتجلسي

هناك على الأريكة سيدة أرجوان "

لوحت بيدها السليمة وقالت " يدي تؤلمني جابر

فاتركني وشأني "

مددت يدي مجددا وأشرت لها بأصابعي تعالي

فرمت الوسادة ووقفت واقتربت قائلة ببرود

" لا اعلم أين مشاغلك اليوم بالتحديد تحررت منهم "

وصلت عندي فشددتها لتجلس بجواري وقلت " هذا بدل

أن تسعدي لوجودي تتذمري يا من تناقضين نفسك "

نظرت لي بصدمة ووضعت يدها وسط جسدها

وقالت بضيق " ما تقصد بهذا "

شددتها لحظني قائلا " أقصد أن زهور سنعقد

قرانها اليوم عند الغداء "

أحاطت خصري بذراعها وقالت " غريب أمر شقيقتك

زهور من غرفتها لمنزل زوجها ! لما لا تخرج "

مسحت على شعرها وتنهدت وقلت " زواج فاشل مبهم

وغامض صنع منها إنسانة منعزلة عن الجميع "

قالت ويدها تمسح على عضلة صدري

" لكن الأولاد حين ذهبوا لها قالوا أنها تتحدث

معهم وتضحك ولم تتذمر من وجودهم "

نظرت للأسفل حيث رأسها يتكأ على صدري

وقلت بحيرة " الأولاد ذهبوا لها !! "

هزت رأسها بنعم ورفعته ونظرت لي وقالت

" بيسان كانت أول من تسلل لها بدون علم المربية

وقالت أنها أرتها صورتها في صغرها وكيف أنها

تشبهها وسألتها إن كانت تحبها بل وألبستها أحد

فساتينها في صغرها وعزفت وهي رقصت لذلك

طلبت منهم يومها أن يذهبوا لها ثلاثتهم وأن لا

يتأخروا وأحبت بالفعل زيارتهم لها "

قبلت جبينها وقلت " فعلتِ الصواب يا أرجوان كيف

لم يخطر في بالي هذا "

جلست ونظرت لي وقالت " ولن تكون الأخيرة وعلى

ذاك الذي سيصبح زوجها أن يساعد في هذا أيضا "

تنهدت وهززت رأسي وقلت " لا أعتقد هذا

فأنا أراها لا تتقبل الأمر ولا أفهم لما وافقت "

أمسكت يدي من فوق فخذي وقالت بنظرة مركزة

على عيناي " جابر هل أسالك سؤالا تجيبني عليه

دون أن تفهم مقصدي بشكل خاطئ "

بقيت أنظر لها بحيرة لوقت ثم قلبت يدي

لتصبح يدها في كفي وقلت " وهوا "

نظرت ليدها التي تلعب أصابعها بين أصابعي

وقالت بهدوء " ماذا تعرف عن طفولة والدتك "

عقدت حاجباي أنظر لها بتركيز وتفكير ثم

قلت " ماذا تعني بهذا السؤال يا أرجوان "

تركت يدي ومسحت بيدها على خدي وقالت

" جابر أخبرتك أن لا تفهمني بشكل خاطئ "

أمسكت يدها وقلت " وأنا أسألك كي لا
أفهمك بالشكل الخاطئ "

أعادت يدها لحجرها حيث يدها الأخرى وقالت ونظرها

عليهم " أرى تصرفات والدتك غير طبيعية أبدا كيف

تهمل أبنائها بهذا الشكل , كيف لا تفكر في نتائج ما تفعله

بهم أجزم أنها لم تفكر أن تجد حلا لمشكلة زهور مع العزلة

معتصم هارب من القصر ولا تهتم , حتى يوم تأخرت أنت

في الجنوب ولم تخبرنا وكنت أسأل سيلا إن اتصلت هي بك

مرت بجواري وقالت أنك لست طفلا نطاردك , كيف ترى

كل هذا الدمار المحيط بعائلتها ولا تكترث ! كيف ترى

نفسها أم ناجحة وطريقتها في التربية سليمة , أبنائك وهم

ليسوا أبنائي أقسم أن أفقد عقلي إن أصاب أحدهم مكره

والدتك عانت من شيء في طفولتها بكل تأكيد "

مددت يدي لذراعها وأعدتها لحظني قائلا " لكننا لسنا

مجرمين ولا صعاليك ولا منحرفين تربينا تربية

سلوكية جيدة أم ترين عكس ذلك "

تنهدت وغمرت وجهها في صدري وقالت بهمس

" كما ضننت ستفهمني بشكل خاطئ "

اتكأت برأسي للخلف وقلت وأنا أشدها لحظني " لم أفهمك

خطأ يا أرجوان وأعلم جيدا ما تريدين شرحه , والدتي

تحملت لأجلنا الكثير لاحظي أن لا عائلة لنا ليس لأنه لا

أعمام أو عمات لنا بل لأنهم كانوا سينهشون لحومنا كالكلاب

من أجل مال والدي الذي تركه ونحن صغار , عمي منصور

الوحيد الذي وقف في صفنا , حاربتهم والدتي ووقفت في

وجوههم وحيدة بعدما توفي حتى شقيقها الذي ساندها بادئ

الأمر , هي من اعتنت بنا حتى كبرنا وصرنا رجالا

كان نظامها قاسيا ومتجبرا وخاطئ في بعض الأمور لا

أنكر لكنها صنعت منا رجالا فحتى معتصم رغم أنه

رفض أن يكون كما تريد فهوا رجل يمكن الاعتماد عليه

وله مميزات كثيرة , هذه والدتنا فهل تبريتِ أنتي من والدك

بسبب ماضيه وهوا فار من البلاد لأنه مطلوب سياسي

هذا واقعنا يا أرجوان وعلينا تقبله , لو كانت ابنتي أو

زوجتي لعرفت كيف أتصرف معها وضربتها حتى
الضرب لكنها والدتي ولها مميزات كغيرها من البشر ولن

أنسى أنها ربتني وتحملت من أجلي , والدتي لم تمر بطفولة

صنعت منها هكذا , هذا طبعها وعائلتها جميعهم تربوا

على هذا النظام الصارم ويرونه صحيح وسليم "

سمعت حينها طرقات على الباب وصوت سيلا قائلة

" الفطور جاهز سيدي "

ابتعدت عن حضني ووقفت خارج السرير وقالت

" وما وصلت له معها بشأن ما حدث بيننا بالأمس "

قلت بابتسامة صغيرة " تأخر هذا السؤال

ظننتك ستسألينه منذ البداية "

مدت يدها السليمة لي لأغادر السرير قائلة

" كنت انتظر حتى تجيب على السؤال الذي سألته بخصوصها "

أمسكت يدها وغادرت السرير وطوقت كتفاها بذراعي

وقلت ونحن نتوجه لباب الغرفة " القصر به نظام مراقبة

كما تعلمي وبعد اليوم سأشغله على مدار الساعة

لأجد كل شيء مسجل ويشهد لك أو عليك "

دفعتني بعيدا عنها وقالت بضيق " أنا فقط "

ضحكت وفتحت الباب وقلت خارجا للردهة

" وهي طبعا وسيكون لي كلام في الأمر مع الفاعل "

وصلت حيث الطاولة المخصصة للطعام وجلست

وجلست أمامي قائلة " كيف يعمل في السابق لم أفهم "

سكبت كوب حليب وقلت وأنا آخذ الخبز " أي شيء يخترق

النوافذ يفتحه كذلك الركض بقوة لأشخاص وزنهم يزيد

عن الخمسين كيلوا غرام والزوايا مزودة بأعمدة أي شيء

يصطدم بها يفتح النظام , يعلن بصفارة إنذار ثم تشتغل

كميرات المراقبة بالصوت والصورة عدا الحمامات
وغرف الملابس الصور محجوبة فيها "

وضعت يداها وسط جسدها وقالت ببرود

" والحفلات ستراقبها أيضا "

قلت بعد ضحكة صغيرة وكدت أغص باللقمة

" إن كنتِ فيها طبعا لنرى ما يجري إن اشتكيتِ "

نظرت لي بنصف عين وقالت بضيق

" وغيره ... أقصد إن لم أحضر "

قلت بابتسامة جانبية " تغارين يا أرجوان "

رمت يدها ثم أبعدت بها شعرها خلف أذنها

وقالت ببرود " لا طبعا ولما أغار "

قلت بمكر " إذا لا بأس في أن ألقي نظرة "

رمت ما كان في يدها في الطبق وقالت بضيق

" نعم أغار ولا تراهم أو غضبت منك "

ضحكت وقلت " وها أنا أشاهد التلفاز "

وقفت وقالت مغادرة جهة الغرفة

" هؤلاء لا , ولا تتبعني ولا تتحدث معي تفهم "

ثم دخلت وأغلقت الباب فوضعت ما كان في يدي

ووقفت ولحقت بها

*
*
قلت وأنا أعدل ربطة عنقي وانظر للمرآة

" هذا اللون أفضل أليس كذلك "

قالت مبتسمة " هذا عقد قران فقط ماذا

ستفعل ليلة ستتزوجها "

أمسكت رأسها وقبلت جبينها وقلت

" لا يمكنني تخيل ما سأفعله "

أمسكت يداي ورفعت رأسها ونظرت لوجهي

وقالت مبتسمة " أسعدك الله يا رضا وعوضك

عن كل ما قاسيت في حياتك من وحدة وتعب "

قبلت جبينها مجددا وقلت بابتسامة

" وما غيّر رأيك فجأة تباركين ومبسوطة "
قالت بدمعة تملأ عينيها " يكفي الفرحة في عينيك

أعترف بأنني كنت أنانية ولم أقدر مشاعرك

التي كبرت معك منذ طفولتكما "

حضنتها وقلت " ولا أنسى طبعا تربيتك لي طفلا

وأنتي لازلت طفلة واهتمامك بي ولولا مشاعري

كما قلتي ما خالفت رغبتك في من أتزوج "

ثم أبعدتها عن حضني وقلت " سأذهب وأحاول مع

تلك التمثال الصامت علها تكون معنا اليوم "

مسحت دمعتها وقالت بحزن " كم يشغلني أمرها يا

رضا وأرى الجميع يهملها ولم يفكروا في حل لها "

تنهدت وقلت " كما تري يا أميره حاولنا جميعنا وبكل

الطرق , بتول مدللة كثيرا وعنيدة ولا نريد أن نجرحها

أكثر , جابر وعد والدها أن يتحدث معها وسنرى ما سيجري "

قالت وهي تجمع ربطات العنق المرمية أرضا

" وما ذنب جابر المسكين أي مشكلة يركض الجميع

له ليحلها , أرحموا الرجل منكم ويكفيه عمله "

قلت وأنا أعدل سترتي على المرآة " الذنب ذنبه أنا

كما تعرفيني إن أدمعت عيناها أمامي سأضعف فورا

ومنصور أسوء مني فجابر وحده يعرف كيف يقنعها

أو يجبرها وستحترمه أو تخاف منه "

نفضت لي كتفا سترتي تعدلهما وقالت " وإن أصرت

على صمتها أو أخبرته أن يطلقها منه كما قالت لكم "

التفت جهتها وقلت بهدوء " حينها سيتصرف جابر

بالتأكيد وكل الخوف في أن ينصفها ويقف في صفها

لأنه سيحدث ما سيقرره وأنتي تعرفين جابر جيدا وهذا

الأمر ستكون نتائجه عكسية في علاقته بشقيقه

معتصم لاحقا وحتى بعمه إن تطور الأمر "

ضربت كف بالآخر وقالت " المشكلة أن منصور متمسك

بوعده لشقيقه فأنت تعرف كم كان يحبه وإن قرر

جابر تطليقها منه ستكون كارثة "

قلت مغادرا الغرفة " سأتحدث معه اليوم ليحاول

إقناعها أولا قبل أن يفعل ما تقول "

غادرت الغرفة وتوجهت لغرفة بتول ولم أجدها هناك

فبحث عنها مطولا حتى وجدتها في غرفة شقيقاها الأصغران

تغير ثياب عدي ويبدوا كانت تحممه فاقتربت منها

وقلت مبتسما " ما أسعد زوجك بك أم جاهزة "

نظرت لي نظرة قاسية دون كلام , يالك من أحمق يا

رضا ما مناسبة هذا الكلام الآن , جلست بحوارها

وحضنت كتفيها وقلت " ألن تشاركي اليوم خالك
رضا حبيبك يا بتول كما تقولين دائما "

لم تتحدث طبعا فقبلت خدها وقلت

" بتول ما تفعليه بوالديك لا يجوز "

نزلت منها دمعة فضممتها لصدري وقلت بحنان

" بتول معتصم يحبك ويريدك وقالها لي بلسانه فلا

تتسببي في مشكلة بينه وبين شقيقه وبينهما ووالدك لأن

كل واحد سيصر على رأيه إن قرر جابر تطليقك منه "

ابتعدت عني بقوة وحملت عدي بين ذراعيها وخرجت

ويبدوا كلامي لم يعجبها وليس لم تقتنع به فقط

خرجت من الغرفة ونزلت للأسفل وتقابلت وأميرة

فقلت " لم ينجح الأمر ألن تغيري رأيك أنتي "

هزت رأسها بلا فقلت بعتب " ولا من أجل شقيقك الوحيد "

تنهدت وقالت " حين تتزوجا زواجا رسميا سأقيم لك

بنفسي حفلا هنا أما الآن دون أن تدعوني والدتها لن أذهب "

قلت بضيق " ولما كل هذه الرسميات والشكليات يا

أميره أنا شقيقك وزهور ابنة عم أبنائك وشقيقة

زوج ابنتك فلما كل هذا "

قالت ببرود " هي من تتعامل معي برسمية ولست أنا

وكأني غريبة عنهم ولست زوجة شقيق زوجها حتى أنها
لا تزورني إلا في المناسبات ويوم تزوج معتصم

ببتول لم تتصل حتى بالهاتف من باب الدوق "

تنهدت وهززت رأسي بقلة حيلة ثم غادرت المنزل

وتوجهت لقصرهم على دخول سيارة معتصم الذي نزل

أمامي وصافحني قائلا " ما بكم معنا تزوجت شقيقتي

وزوجتموني ابنتكم بقي بنات جابر تزوجوهم

أيضا وارتاحوا "

ضربته على كتفه وقلت ضاحكا " لا تستغرب شيئا "

وضع ذراعه على كتفي وقال سائرا بي جهة مجلس

الرجال " هيا هيا قبل أن تغير والدتي رأيها فقد يموت

جابر في أي لحظة ولن تحلم بها حينها ما حييت

لأنك صعلوك ولا مستقبل لك "
ضحكنا معا ودخلنا حيث جابر وابنه أمجد وعمه

منصور تصافحنا جميعنا وقلت وأنا أجلس

" بسرعة أين الشيخ والكاتب قبل أن يموت جابر "

ضحك جابر وقال " سحقا لبشر لا تسيرهم إلا المصالح

لن يكون هناك شيء قبل أن نتناول غدائنا "

تأففت راميا يدي أمام وجهي وقلت ناظرا جهة معتصم

" أنت ابتعد ولا تجلس بجانبي تشاءمت منك يا رجل "

ضحك كثيرا والتصق بي أكثر وقال " زد العيار إذا

من الشؤم ولن يمر اليوم على خير "
وقفت مبتعدا عنه وجلست حيث جابر وابنه وقلت

" سأجلس هنا جهة الناجح تزوج مرتين وأنجب وصيته

في كل البلاد قاهر المهمات الصعبة مالي ومال

الصعاليك طالب وحتى زوجته لم تعترف به "

ضحكا منصور وجابر وقال هوا بضيق " لن أزوجك

شقيقتي صعلوك يكتب الكلام الفارغ وحياته تقف

على بيع الورق , قم هيا غادر لمنزلك "

قال منصور ضاحكا " لا أعلم كيف ستتعاشران

صهران من الجانبين "
اقتربت من جابر وهمست له " علمت بأنك ستتحدث

مع بتول فجرب إقناعها قبل أن تأخذ بقرارها وفكر في

مصلحة الجميع فعمك مصر على وعده لوالدك "

هز لي رأسه بحسنا ثم نطر لي وقال بهمس

" سأجرب فقط لكن إن اقتنعت أنها لا تريد فلن تشرق

عليها شمس الصباح إلا وهي مطلقة منه "

هززت رأسي بقلة حيلة وقلت " جنبنا المشاكل

بين رجال العائلة يا جابر "

ابتعد عني وقال بهدوء " حتى وقته يكون
لكل حادث حديث "

بعد قليل وصلا المنتظران وأخيرا وأدخلت الخادمات

الغداء ثم قام الكاتب بتحقيق شروط العقد أولا ولم يبقى لي

سوا راتبي من الجريدة التي أعمل بها هوا الشيء الوحيد

الذي لم تسلبني إياه وكان هذا بيننا أنا وجابر لم يحضره

أحد بطلب مني وبعدما انتهينا وقفت وقلت

" بسرعة نتم باقي الأمر أخشى أن تموت الآن "

ضحك ووقف دون تعليق وعدنا حيث البقية وأتممنا

الزواج وجنيت الثمرة من كل ما خسرته للتو وصار

باسمها وصارت هي بسمي وهذا الأهم وبعدما غادروا

وقفت وقلت " هيا أين عروسي بسرعة "

وقف منصور وقال مغادرا " إن كان قبل أن يتزوجها

لم يستحي من أحد كيف الآن "
ثم تابع وهوا يخرج من الباب ضاحكا

" أعان الله زهور عليك "

نظرت له حتى خرج واضعا يداي وسط جسدي ثم

نظرت لهما وقلت " ما تفعلان أنتما جالسان هنا أريد

أن أرى زوجتي وألبسها خاتم الزواج "

وقف جابر وقال " أمجد أذهب وأخبرها تأتي وأنت يا

معتصم لا تتركهما وحدهما فلا مأمن من هذا الرجل "

نظرت له بضيق فضحك ومر بجواري ووضع

يده على كتفي وقال بهمس " أسمع يا رضا أنت صديق

طفولة لنا وأعزك وأقدرك كمعتصم وأكثر لكن إن كرهت

زهور البقاء معك وطلبت أن أطلقها فستفعل ولو بالقوة "

وضعت يدي على ذراعه وقلت بجدية

" هذا الكلام سابق لأوانه يا جابر فأنا لم آخذها من هنا بعد

وحتى وقتها سأفعلها من نفسي حين ستطلب هي ذلك "

شد على كتفي بقوة وقال " وهذا عشمي فيك يا رضا

وأتمنى أن لا تخسر زهور رجلا مثلك "

ثم غادر من المجلس وخرج من القصر أيضا من

الباب الخارجي للمجلس فنظرت لمعتصم

وقلت " ماذا تفعل هنا "
وضع ساق على الأخرى وقال " أكون موجودا

أو لن يكون هناك شيء "

قلت بضيق " حسود لأنك لم تحضا بهذا "
*
*
" عمتي زهور هذا أرسلته لك ماما "

نظرت لما في يدها باستغراب وقلت " لي أنا !! "

وضعت الكيس وقالت " هل تسمحين لها بالمجيء أيضا "

لم أعرف ما أقول فبنات جابر لم يفارقنني اليوم من

أكثر من ساعتين وترف ترقص وبيسان تصفق وتغني

وأشعراني أني في حفل زواج حقيقي وأتعباني من كثرة

الضحك حتى أني نسيت حزني اليوم وكنت أضن أني

سأبكي بحرقة وأنا أصبح زوجة من دمر حياتي

قالت ترف وهي تفرد يداها " هيا يا بيسان غني "

قلت مبتسمة " ألم تتعبي من الرقص "

أمالت خصرها بطريقة مضحكة تمد فيهما

مؤخرتها وقالت " علمتني بتول الرقص وقالت نرقص

عندما يتزوج أحدهم فاليوم تتزوجين أنتي يعني نرقص "

عادت بيسان للتصفيق يداها جانب وجهها تصفق وتغني

أغاني أطفال غريبة وترف ترقص ولا أعلم من أين
وجدت كل هذه الطاقة , نظرت لبيسان وقلت

" أخبريها تأتي "

لا أعلم لما وافقت فكم رفضت أن أقابل ممن طلبوا

مقابلتي ولم أرى أحدا غير خادمتي ووالدتي منذ أربع

سنوات لكن حب الأطفال لهذه المرأة وطريقة تربيتها

لهم جعلت عندي الفضول لأعرفها , لا أصدق أنه حتى

الرقص يكون بإذنها إن سمحت به فقط يفعلوه

خرجت بيسان مسرعة وعادت تمسك في يدها شخصا

دخل بعدها كانت بملامح جذابة ليست بجمال حسناء

زوجته الأولى لكن عيناها ملفتة للنظر وابتسامتها أيضا

جميلة وشعرها يبدوا جميلا , اقتربت مني ومدت يدها
وقالت مبتسمة " مبارك لك يا زهور وسعيدة

حقا بأن تعرفت عليك "

صافحتها وقلت بصوت منخفض " شكرا لك يا أرجوان "

شدتها ترف من فستانها وقالت " أرأيتِ عمتي زهور "

قالت مبتسمة " رأيتها بنيتي جميلة مثلكم "

ثم نظرت لي وقالت " الأطفال يحبونك كثيرا وبيسان

لا تتوقف عن التحدث عنك ولا تخلوا عبارتها من كلمة

( ما أجملها يا ماما ) وصدقت بل لم تفيك حقك "

نظرت للأسفل وقلت بابتسامة " هذا فقط لأنها تشبهني "

ضحكت وقالت " بل حقيقة هي ومحظوظ هذا الذي تزوجك "
غزى ملامحي الحزن وأشحت بوجهي وقلت

" تفضلي بالجلوس "

قالت معتذرة " أمجد جاء ليخبرك أن جابر طلب منه

إخبارك لتنزلي للمجلس لذلك لن أعطلك وكانت فرصة

سعيدة أن تعرفت بك واعذري مضايقة الأولاد لك

اليوم لكني من سعادتهم حين علموا أنك تتزوجين

لم أستطع منعهم من المجيء لك "

قلت بابتسامة صغيرة " بل كان الوقت ممتعا

معهم ووجودهم سلاني وآنسني "

ثم خرجت من الغرفة قبلها وهي تبعتني قائلة

" بيسان ترف بسرعة تعاليا معي "

وسارت هي معهم في الجانب الآخر يحدثانها عما

فعلاه عندي وتوجهت أنا حيث السلالم لأنزل للعريس

السعيد جدا بنفسه ونسي أنه سبب قهري ولولا جابر
ما كنت نزلت
*
*
ما أن خرجت من عنده حتى توجهت لمنزل عمي لأنهي

الأمور المعلقة جميعها وأجد الراحة لباقي اليوم , أرسلت

رسالة لنزار ووصلت باب منزلهم طرقت الباب ففتح لي

عمر وقال مبتسما " والدي ليس هنا ... أدخل "

قلت ضاحكا وأنا أدخل " تطردني وتدعوني في نفس الوقت "

توجهت والدته ناحيتي تلف حجابها قائلة " مرحبا يا

جابر تفضل .... ما قال لك هذا المغفل "

قلت مبتسما وأنا أصافحها " كيف حالك يا أميره"

قالت مبتسمة " بخير وما أمورك أنت وأين لا يراك أحد "

ضحكت وقلت " تعبت من كثرة ما سمعت هذه العبارة

سينتهي ما أنا فيه وتشبعون من رؤيتي "

ثم تقدمت بضع خطوات للداخل قائلا

" أريد رؤية بتول أخبريها تنزل لي رجاء "

قالت مشيرة بيدها جهة مجلس الضيوف
" تفضل وسأخبرها حالا "

دخلت المجلس وعمر يتبعني وجلس معي أيضا ومضى

بعض الوقت أسأله عن سنه وما يدرس وكأنه ليس ابن

عمي ويسكن أمامنا وبعدها بقليل دخلت بتول فقلت

" أخرج يا عمر وأغلق الباب "

امتثل لي في الفور واقتربت بتول ومدت يدها لي

قائلة بشبه همس " مرحبا يا جابر "

صافحتها قائلا " جيد أنا وزوجتي لسنا من

المغضوب عليهم أم أنا مخطئ "

أنزلت رأسها ولم تتكلم فقلت " اجلسي يا بتول "

قالت في الفور " إن كنت ستقف معي أتحدث أو لا داعي لذلك "

قلت بجدية " دعينا نتفاهم بروية ولن أخرج من

هنا إلا وأنتي راضية أعدك "

جلست وقالت " لا أريده طلقني منه يا جابر "

تنفست بقوة وقلت " حسنا نتحدث الآن فقط ولا

تفهمي الأمر وقوفا مني ضدك أو تخليا عنك مفهوم "

هزت رأسها بحسنا فقلت " السبب يا بتول , ما سبب رفضك له "

أشاحت بنظرها عني وقالت بحزن " يكرهني وأكرهني فيه

ينتقدني دائما ويعيرني ويقتنص الفرص للسخرية مني

علَمني كيف أقرف منه وأكرهه بجدارة فلما

يتزوجني وكيف يريد مني أن أتقبله "

قلت بهدوء " مسألة يكرهك أزيليها جانبا لأنه غير صحيح

أما أنك تكرهيه هذا ما عليك التحقق منه أولا يا بتول "

نظرت لي وقالت بضيق " كيف لا يكرهني هل

كل ما قلته لا يدل على ذلك "

قلت بجدية " وكيف يتزوجك وهوا يكرهك اشرحيها لي "

هزت رأسها وقالت " ذاك السؤال وجهه له أما أنا

فلن أقتنع بغير هذا "

قلت " وإن أتبت لك عكس ذلك "

هزت رأسها بلا دون كلام فقلت " أعطه فرصة يثبت

ما يقول وتتأكدي أنتي من مشاعرك وسأقف معك

يا بتول إن قررت الانفصال عنه "

كانت ستتحدث فأشرت لها بيدي وتابعت " أنتي لديك

دراسة تنهينها وهوا كذلك وتكون فرصة لكما وحين

يحين الوقت ستقررين أنتي رغم أنوف الجميع فلم

يكن الأمر باختيارك منذ البداية "
" تفضل وسأخبرها حالا "

دخلت المجلس وعمر يتبعني وجلس معي أيضا ومضى

بعض الوقت أسأله عن سنه وما يدرس وكأنه ليس ابن

عمي ويسكن أمامنا وبعدها بقليل دخلت بتول فقلت

" أخرج يا عمر وأغلق الباب "

امتثل لي في الفور واقتربت بتول ومدت يدها لي

قائلة بشبه همس " مرحبا يا جابر "

صافحتها قائلا " جيد أنا وزوجتي لسنا من

المغضوب عليهم أم أنا مخطئ "

أنزلت رأسها ولم تتكلم فقلت " اجلسي يا بتول "

قالت في الفور " إن كنت ستقف معي أتحدث أو لا داعي لذلك "

قلت بجدية " دعينا نتفاهم بروية ولن أخرج من

هنا إلا وأنتي راضية أعدك "

جلست وقالت " لا أريده طلقني منه يا جابر "

تنفست بقوة وقلت " حسنا نتحدث الآن فقط ولا

تفهمي الأمر وقوفا مني ضدك أو تخليا عنك مفهوم "

هزت رأسها بحسنا فقلت " السبب يا بتول , ما سبب رفضك له "

أشاحت بنظرها عني وقالت بحزن " يكرهني وأكرهني فيه

ينتقدني دائما ويعيرني ويقتنص الفرص للسخرية مني

علَمني كيف أقرف منه وأكرهه بجدارة فلما

يتزوجني وكيف يريد مني أن أتقبله "

قلت بهدوء " مسألة يكرهك أزيليها جانبا لأنه غير صحيح

أما أنك تكرهيه هذا ما عليك التحقق منه أولا يا بتول "

نظرت لي وقالت بضيق " كيف لا يكرهني هل

كل ما قلته لا يدل على ذلك "

قلت بجدية " وكيف يتزوجك وهوا يكرهك اشرحيها لي "

هزت رأسها وقالت " ذاك السؤال وجهه له أما أنا

فلن أقتنع بغير هذا "

قلت " وإن أتبت لك عكس ذلك "

هزت رأسها بلا دون كلام فقلت " أعطه فرصة يثبت

ما يقول وتتأكدي أنتي من مشاعرك وسأقف معك

يا بتول إن قررت الانفصال عنه "

كانت ستتحدث فأشرت لها بيدي وتابعت " أنتي لديك

دراسة تنهينها وهوا كذلك وتكون فرصة لكما وحين

يحين الوقت ستقررين أنتي رغم أنوف الجميع فلم

يكن الأمر باختيارك منذ البداية "
فتحت باب المجلس قبل أن تتحدث وقلت

" معتصم تعال أريدك في أمر "

نظر لرضا بضيق فضحك عليه وقال طاردا له بيده

" بسرعة واسمع كلام شقيقك "

قلت مبتسما " أعقل فزوجتك هنا عند الباب

لا تغير رأيها بك "

توجه جهة معتصم وأمسكه من يده وسحبه قائلا

" بسرعة تشرفنا بمعرفتك ورافقتك السلامة "

خرج معتصم يتبعني ضاحكا وتوجهت أنا وهوا جهة

المجلس العائلي حتى وصلنا لجدار المجلس فوقفت

ووقف أمامي وكنت مستندا بيدي على الجدار والأخرى

في جيبي وقلت بجدية " لقد تحدثت مع بتول "

نظر لي باهتمام وقال " وتكلمت معك !! "

هززت رأسي بنعم فقال من فوره " ماذا قالت "

قلت " تريد الطلاق "

فتح فمه فأشرت له بإصبعي على شفتاي

ليسكت ثم قلت " ومعها حق "

تحولت ملامحه للحدة يريد الاعتراض لكني كررت

حركتي لإسكاته بنظرة حازمة فسكت وتابعت بجدية

" أقنعتها أن تعطيك وتعطي نفسها فرصة حتى تنهي

دراستك فإما تكون زوجتك متى ما أذنت هي بذلك

ولو كان في الغد أو تطلب أن تطلقها بعد الثلاث أعوام "

عاد لمحاولة الاعتراض فأسكته بإصبعي على شفتاي

مجددا وقلت بجدية وهوا لازال عليهما " ستطلقها حينها

ورغما عن أنفك يا معتصم ولو بالقوة "

ثم أبعد أصبعي وقلت بجدية " والوقت أمامك طويل

وأنت وشطارتك ومتى ما وافقت أن يكون زواجكما

رسميا كان ذلك ولو الليلة وغيره لا فغيّر من أسلوبك

القديم معها فهي قالت وبالحرف أن ما أكرهها فيك

انتقادك الدائم لها وانتهازك الفرص لتسخر منها ولم

تقل أي عيب بك ولا من أي جانب وتراك تكرهها

أيضا فالأمر في يدك الآن والقرار في يدها ولن

أقف ضدها مهما حدث "

ثم رفعت أصبعي أمام وجهي وقلت بتهديد

" وإن اشتكت لي منك لن يكون حسابنا يسيرا

يا معتصم وستنسى أنه هناك زوجة لك تدعى بتول "
*
*
بقي نظري على الباب وكأني أنتظر الحياة أن تخرج

لي منه وأنا عن نفسي لا أعلم من أين أجد كل هذا الحب

الذي أحبه لها , ولا ألوم نفسي أني كدت أفقد عقلي يوم

تزوجت بغيري , مرت اللحظات تلو اللحظات ولم تدخل

وفكرة مجنونة تقول لي اقترب من الباب وافتحه وأدخلها

بنفسك قبل أن تهرب وما كادت تكون الفكرة حقيقة حتى

انفتح الباب ببطء ودخلت منه بدون حجابها بفستانها

الحريري الطويل عارية الذراعين مفتوح عند الصدر

بفتحة مربعة الشكل لتتخلله شريطة بنية تنتهي عند الكتف

معقودة هناك وكأنه ثمة من أخبرها أنه يوجد عاشق هنا

يتمنى الارتواء منك , هناك من أتبعه وأضناه الشوق

والانتظار بالسنوات , هناك من يتوق بجنون لكل هذا

لكل تفصيل من تفاصيلك أميرتي الفاتنة ونيسان قلبي

بأزهاره وعبيره , بقينا لوقت ننظر لبعضنا وكانت

لا تزال نظرة الخذلان والحزن تسيطر على ملامحها

وعينيها الزرقاء الغامقة ولا أعلم إن كانت تقرأ العشق

في نظراتي كما أقرأ كل هذا في كل انسدال من رموش

عينيها , وقفت مكانها ولن تفكر طبعا في الاقتراب فتقدمت

بخطواتي وأمسكت ذراعها وتقدمت بها للداخل أسير بجانبها

ويدي أخرى تحتضن كتفها حتى كنا في وسط المجلس فابتعدت

هي وسافرت بنظرها ورأسها للأرض فابتسمت بحب حتى

لتمنعها عني , أدخلت يدي في جيبي وأخرجت علبة الخاتمين

قبل أن أترك العنان للساني لأنه إن تحدث فلن يسكت وستخرج
وتتركني بسببه , فتحت العلبة وأخرجت خاتمها وأمسكت

يدها ورفعتها لي فكانت تطبق على أصابعها بقوة وتشيح

بوجهها جانبا معلنة رفضها لكل هذا وهي من وافقت عليه

بملأ إرادتها , رفعت يدها لشفتاي وقبلت كل أصبع فيها

على حدا وكأني أترجاهم أن يفتحوا لي الطريق وأن يفسحوا

لي المجال , حاولت مجددا وكانت على حالها ترفض

الانصياع وعلى صمتها القاتل فرفعت يدها لشفتاي مجددا

وقبلت رسغها هذه المرة لأصعد بقبلاتي على الساعد الثلجي

الناصع البياض وحينما وصلت قبلاتي المتلهفة المجنونة

لمفصل مرفقها من الداخل شدت يدها وسحبتها مني والتفتت

لتغادر فأمسكت ذراعها ولففتها لي مجددا وأعدت المحاولة

ورفعت يدها لي من جديد وفتحت أصابعها فانصاعت هذه

المرة لأنها باتت تعرف ما ستكون النتيجة إن تمردت أكثر

فتحتهم بالأصبع وكأني أفرد السنين أمامي وكأنني أعد بهم

سنين عمري التي ضاعت في انتظار هذه اللحظة

ألبستها الخاتم الذي لا يليق إلا بها ولو لبسته كل نساء الكون

الخاتم الذي كلفني راتبي من الجريدة كاملا لأكمل الشهر

بدون مال , نظرت له بين أصابعها يحتضن خنصرها

وهم مفرودين في كفي ... مسحت على يدها وقبلتها قبلة

طويلة لم يوقفها سوى سحبها لكفها مني لتخرج من صمتها

أخيرا وقالت ونظرها لا زال بعيدا ووجهها تحجبه عني

بشعرها الأشقر " لولا جابر ما أتيت فإن كنت أنت لا ترى

أنك تعيش دورا ليس دورك فأنا مقتنعة أن هذا الدور لا يليق بي "

اكتفيت بالابتسام في صمت ومددت يدي لذقتها ورفعت

وجهها لي وقلت وعيناي في عينيها " لن أطلب الكثير يا

زهرتي أريد فقط أن ارتوي هل هذا الدور أيضا لا يليق بي "

انتفض جسدها وحاولت الابتعاد لكني أحكمت بيدي الأخرى

على خصرها وشددتها لي وضممتها في حضني بقوة

وقلت " ولو هذا فقط يا زهور لا تحرميني منك يا

عينا رضا التي يرى بهما "
طوقتها بذراعاي أتحسس كل شيء فيها وكأنها حلم

لا أصدق أنه تحقق أخيرا , ابتعدت عني ببطء فمسحت

بيدي على وجهها لتحتضن أصابعي فكها الأيسر وتسللت

لتصل لذاك الجرح فأمسكت معصمي وأبعدتها وقالت

" إلا هذا يا رضا ابتعد عنه لأن عليك دفع ثمنه فقط "

عدت لاحتضان وجهها بكفاي وقربت شفتاي من

جبينها وقلت بهمس " هذا كله ولم أدفع يا زهور "

ثم قبلته وقلت " كلي لك يا زهور كلي ثمن لما خسرته

وأقسم أن أنسيك كل ما كان وفات فقط أعطني الفرصة "

أبعدت يداي وابتعدت عني ورفعت نظرها لعيناي

أخيرا وقالت بنظره ملئها أسى ونبرة ملئها حرقة وألم

" لن أنسى يا رضا ... أقسم أنك قتلتني ألف مرة وشر

قتلة كانت تلك وستدفع الثمن غاليا كما دقته أنا تماما "

ثم غادرت راكضة ولم أستطع حتى أن أدركها , ما

تعنيه بأن أتجرع ما أذقتها ماذا !!
*
*
حركت خصرها يمينا وقالت " افعلي هكذا "

ضحكت وفعلت مثلها فمالت به يسارا وقالت " ثم هكذا "

ضحكت مجددا وقلدتها فقالت " والآن كرريها بسرعة "

وأصبحت تتحرك وكأن سلكا كهربائيا صعقها فلم أستطع

أن أتوقف عن الضحك وهي لازالت على حركتها

وتقول " غني يا بيسان غني "

واشتغلت بيسان كالمذياع واكتمل المهرجان ليزيداني

ضحكا على ضحكي وتوقفت عن الضحك فجأة وأنا

أشعر بالذراعين اللتان طوقت خصري وشدتني لذاك

الجسد الصلب وصفقت ترف قائلة بحماس

" انظر بابا كيف أرقص , صفقي هيا "

وبدأت بيسان تصفق وتغني وترف عادت لرقصتها

الغريبة لأعود للضحك رغما عني وأنا أستمع للضحكة
الرجولة الخفيفة خلفي حتى قالت بيسان بتذمر

" يكفي لقد تعبت وأنتي لم يمدح رقصك أحد كلهم

ضحكوا عليك عمتي زهور وماما والآن بابا "

لكن ترف طبعا لا حياة لمن تنادي ثم توقفتْ

فجأة ونظرت لنا وقالت " ألستما متزوجان ؟ "

أبعدت يديه وابتعدت عنه أجهز نفسي للكارثة التي

ستقولها لكنه شدني له مجددا وقال " نعم "

وضعت يداها وسط جسدها ووضع جابر يده على

فمي كي لا أسكتها أو أهددها وقالت هي بضيق

" لما لم نرقص في زواجكما إذا "

لتنطلق ضحكة جابر ويتبعها قائلا " لأن والدتك

نكدته علينا ولم تترك أحدا يفرح ويرقص "

وكزته بمرفقي وأبعدت يده عن فمي وقلت هامسة بغيض

" نعم فأنا التي تركتك معهم هنا نهارا كاملا وحدكم ولم

أخبرك حتى أين غرفتك ولم أخبرهم حتى أنك ستأتي "

شدني له أكثر وقرب شفتيه من أذني وهمس فيها

" شكرا على كل ما فعلته اليوم من أجل زهور "

وما أن فتحت فمي لأتحدث حتى فاجأتني الشفتان التي

قبلت خدي قبلة طويلة أحسست فيها بمعاني كثيرة

أرسلت معها من شفتيه ومشاعر كبيرة في داخلي

حركتها , وأخيرا فعلتها يا جابر دون حيل وتحايل

لأسلبها منك سلبا , لو تعلم فقط ما فعلته بي بهذا

وما أن أنهاها حتى عاد لأذني وهمس مجددا

" هيا ردي الدين الآن ودون تأجيل "

اتكأت للخلف على كتفه وقلت بعد ضحكة

صغيرة " لن أفوت لك شيئا بعد اليوم "

ثم قبلت أسفل ذقنه وكل هذا طبعا كان على نظر بيسان

المصدومة وكأنها صورة معلقة على حائط أما ترف

فترقص بيديها فقط وتكلمنا وكأن شيء لم يحدث أمامها

طبعا لأنها سبق ورأت مشهدا أسوء من هذا بكثير ، اتكأت

على كتفه مجددا ونظرت لوجهه وقلت بهمس مبتسمة

" لما لا تقرب أذنك مني قليلا أود أن أقول لك شيئا "

ابتسم ومال برأسه فرفعت رأسي أكثر وحضنت وجهه

بيدي وهمست " أحبك جابر أحبك "
__________________
رد مع اقتباس
  #33  
قديم 12-29-2015, 11:59 AM
oud
 
التكملة غدا


دمتم في امان الله
__________________
رد مع اقتباس
  #34  
قديم 12-29-2015, 03:58 PM
oud
 
الفصل الثالث والعشرون


بقيت أنظر بصدمة للفرس التي عادت راكضة ناحيته

وقلبي ينبض بشدة ولم أكن أعلم لما لفتت هي انتباهي دون

غيرها , هل لأن اسمها كسمي ! ولكن لما سماها هكذا

مؤكد كان هذا قبل أن يحدث ما حدث وإلا ما قبِل أن

تحمل اسمي تحديدا , بقيت أنظر لها وهي تعود ناحيته

وكأنها شيء يخصني أنا وليس هوا وكأنها لي

أغلقت بعدها النافذة بهدوء حين تحرك نواس برأسه

للخلف , لن أستطيع فتح هذه النافذة إلا ليلا والنور مطفأ

لما وضعني هنا هل يريد خنقي وحرماني حتى من الهواء

*
*

ما أن عادت ناحيتي حتى عدت لاحتضانها مجددا

وهمست لها " وشيء آخر نافذة غرفتها هناك في الأعلى "

فعادت منطلقة تركض مجددا وأنا انطلقت ضحكتي هذه

المرة لأن أمر هذه الفرس لم يعد طبيعيا أبدا وتبدوا كما

قال معتصم مسكونة , ضحك معاذ من خلفي وقال

" بالله عليك ما الذي تقوله لها يا رجل "

توجهت نحوهم وقفزت خارج السياج وقلت

" أخربتها أنك ستركبها ففرت منك هاربة "

ضحكنا ثلاثتنا ثم نظرت ليده المربوطة وقلت

" ماذا قال لك الطبيب عنها "

نظر لها وقال " وضع لها شاشا خاصا بالفك وقال

إن اطر الأمر سيجبسها , ولنلحق الكذاب حتى الباب "

ضحكت وضربته على كتفه ثم قلت مغادرا

" علك تتعلم الدرس وتترك جنونك وتقود السيارة بروية "

ثم قلت وأنا أبتعد " وليد اتبعني للإسطبلات "

وقضينا هناك وقتا نخطط للتوسيع الجديد في الإسطبل

الجديد ونحاول رسم مخطط ولو تخيلي لكن المشاكل شائكة

كثيرا , وضع يده على كتفي وقال " معتصم لديه الحل "

نظرت له باستغراب فأخرج الهاتف من جيبه وأجرى اتصالا

وقال بعد وقت " لما لا تجب من أول مرة يا أحمق "

ضحك بعدها وقال " نعم أغضبوه فغضب علينا ونحن المغضــ "

ثم ضحك وقال " حسنا لن أكمل , رأيت معك مرة

صديق لشقيقك مهندس إن كنت أذكر "

سكت لوقت ثم قال " لا يهم شهادته ليست كاملة المهم شطارته "

قال مباشرة " رائع نريد أن يزور الإسطبلات هنا

ويرسم لنا مخططا توسيعي على مدى سنوات أي

كلما أردنا أن نوسع لجأنا إليه "

" جيد تحدث معه وسنتفاهم لاحقا "

ضحك بعدها وقال " أنا ونواس واحد وها هوا أمامي لو لديه

اعتراض لسمعت صوت اختناقي بسبب يديه على عنقي "

ضحك وقال " المهم تحدث معه وسنرسل له من

يحضره أو أعطه عنوان المزرعة "

" حسنا حسنا أعطنا رقم هاتفه وسيتحدث معه بنفسه وداعا "

أنهى الاتصال معه وأعاد هاتفه لجيبه قائلا

" سننتهي من هذه المشكلة سريعا "

أمسكت كتفه وقلت " جيدا صنعت , فكرة صائبة أن يكون

التوسيع كمخطط ممتد كي لا نواجه مشكلة كهذه

لاحقا , لكن ما قصة أن أكلمه أنا "

نظر جهة العمال وقال " قال أنه يرفض العروض إلا إن

كانت مخططات تقييميه مجموعة يختارون منها لكن أن يستلم

الأمر وحده لن يرضى , سيحاول التحدث معه بعد أن تكلمه أنت "

قلت بتساؤل " ولما وهوا مهندس !! "

التفت جهتي وقال " تخرج بامتياز على دفعته لكن لم ينهي

تعليمه وضاعت منه فرصة البعثة وهناك من أفسد عليه حتى

أن يكون معيدا في كليته وحسب ما أذكر عميد الكلية وراء

ذلك , حكا لي معتصم عنه مرة حين رأيته معه لكن لا أذكر

مما قال كثيرا ويبدوا لا يريد استلام مشاريع أو أي أمر

يلزم مهندسا بشهادة عالية وخبرة "

قلت بحيرة " ولما كل هذا الإحباط هوا يعتبر مهندسا

ولو بشهادته البسيطة تلك ويكفي تفوقه "

رفع كتفيه بمعنى لا أعلم ثم قال " سأرسل لك رقمه

وجرب إقناعه وإن رفض بحثنا عن مهندس غيره "

هززت رأسي بحسنا ثم خرجت من هناك وتوجهت

للمنزل دخلت وتقابلت وراضية فقلت من فوري

" هل تناولت وسن الطعام "

هزت رأسها بنعم وقالت " أفضل من البارحة "

أخرجت هاتفي من جيبي وقلت " وماذا عن الجامعة "

سكتت لوقت ثم قالت " لا أعلم أخبرتها البارحة

كما طلبت مني , لابد وأنها ذهبت "

هززت رأسي لها بحسنا واتصلت بالسائق وأنا أصعد

السلالم فأجاب من فوره فقلت " أين أنت "

قال " في الخارج سيدي أوصتني راضية على

بعض الأغراض من أجل المنزل "

فتحت باب غرفتي وقلت " هل أوصلت وسن للجامعة "

لاذ بالصمت فقلت وأنا أنظر لمي ترتب ثيابي في

الخزانة " أوصلتها أم لا "

قال " الحقيقة سيدي قالت أنها متعبة ولم تذهب

وقالت أن لا أخبرك فلا تخبرها أنك علمت مني "

تنهدت بضيق وقلت وأنا أشير بإصبعي لما أريد من

مي أخراجهم لي " مرة أخرى تخبرني تفهم "

قال " حاضر سيدي "

تابعت وأنا آخذ الثياب منها " وإن طلبت منك التستر

أخبرها بالحرف أنك لا تستطيع وستقول لي "

ثم أنهيت الاتصال منه ورميت الهاتف على السرير

وتوجهت جهة الحمام حين استوقفني صوت مي قائلة

" أرى سجن ابنة خالتك في غرفتها ليس أمرا سديدا يا نواس "

التفت لها فتابعت " وليد لا يدخل المنزل إلا أوقات الطعام

وحين ينام أو يصلي وأغلب يومه في الإسطبلات ولا

تقلق بشأني فلن أحتك بها كما وعدتك لكن لا تبقى سجينة

الغرفة بسببي , أنا جربت ذلك ولا تعلم كم هوا قاسي

السجن بين أربعة جدران "

لم أعلق على كلامها وتركتها ودخلت الحمام نزعت ثيابي

ودخلت تحت الماء وكلام وليد اليوم لا يفارقني وهوا يلمح

لأنه أصبح شخص وجوده في المنزل خاطئ لكني لن أوافق

أن يعيش في منزل العمال مهما حدث , قد أبني سلالم مستقلا

للطابق الثاني ويسكن هوا فيه وننزل نحن للطابق الأول

استحممت وخرجت ولم تكن مي في الغرفة فخرجت

وتوجهت لغرفة الطعام تناولت الغداء مع مي أما وسن طبعا

لازالت تختار غرفتها , وقفت بعدها وصعدت لغرفة المكتب

أجريت بعض الاتصالات فورائنا بضائع تخص الخيول

ستصل قريبا وسيلزمنا الكثير من أجل التوسيع الجديد

بعد وقت اتصل وليد فأجبت فقال من فوره

" أين أنت الآن أريد التحدث معك "

لم أستطع قول أني في مكتبي لأنه لن يرضى أن يصعد

وقد تخرج وسن لأي سبب وهي الآن تبحث عن حجة

لتغادر المزرعة وإن رأت رجلا غريبا في الممر

ستجدها فرصة , قلت من فوري " نازل لك حالا "

خرجت من المكتب وكانت وسن خارجة من غرفتها

بصينية طعامها وما أن رأتني حتى وقفت مكانها وأنزلت

رأسها وأشاحت بوجهها عني جانبا وقالت بصوت منخفض

" الخادمة تأخرت كثيرا عن الطعام وأردت أن أنزله "

تنفست بقوة ثم قلت " لا بأس "

تابعت سيرها مارة من أمامي فقلت وأنا أغلق باب المكتب

" داومي في جامعتك أو أخذتك بنفسي لها يا وسن "

وقفت والتفتت لي فشغلت نظري بمفاتيحي في يدي وقلت

" لا تفرطي في دراستك فأنا أكثر من يعلم معنى فقدها "

قالت وهي تتابع سيرها " وأنا أكثر من يعلم أيضا "

هززت رأسي وتنهدت بضيق , لن ننتهي أبدا من هذه

الاسطوانة... عالة ومتسولة وأنا أتصدق عليها من مالي

نزلت خلفها بمسافة فوقفت مكانها منتصف السلالم ما

أن رأت وليد يتحدث مع راضية في الأسفل فوصلت

عندها وأخذت منها الصينية قائلا " دعيني أوصلها "

نظرت حينها لعيناي لتشتبك عينانا وكأننا نرى بعضنا

للمرة الأولى , لا اعلم أي قوة كانت تسيطر على مفاصلي

حينها ولم أستطع التحرك ولا التحدث ولا إبعاد عيناي

لم افهم قصدها بهذه النظرة وكأنها تسأل عيناي عن أمر

وكأنها تريد قول شيء لا أعلمه , تحدثي يا وسن قوليه

مهما كان ..... " نواس انتظر قليلا "

أخرجنا من كل ذلك صوت مي التي نزلت راكضة لتفاجئ

بوجودنا كلينا وتقف مكانها فنظرت لها مباشرة وتركت

وسن الصينية في يداي وصعدت راكضة بسرعة فضغطت

بقبضتي على الصينية بقوة ونزلت قائلا " نعم يا مي "

لكنها لم تلحق بي ولم تتكلم , وصلت للأسفل ونظرت لها

حيث هي في الأعلى فلم تكن هناك فهززت رأسي بقلة

حيلة وأوصلت الصينية حيث جاءت راضية راكضة ما

أن رأتني وقالت " كنت تركتها وأخبرتني عنها لقد نسيتها

من حماقتي فأنا غير معتادة على وجود ابنة خالتك "

أخذتها مني ونظرت جهة وليد الذي ابتسم لي وهز

رأسه وكأنه يذكرني بكلامه صباحا فهززت رأسي

له بلا ثم قلت متوجها جهة السلالم

" انتظرني ولا تغادر سأنزل لك حالا "

صعدت وتوجهت لممر غرفتي وطرقت باب غرفة

مي ودخلت فكانت جالسة على السرير تمسح دموعها

فجلست بجوارها وقلت بهدوء " هل قالت لك وسن شيئا "

هزت رأسها بلا فتنهدت وقلت " ولما هذا البكاء إذا "

ازداد بكائها فضممتها لكتفي وقلت ماسحا على ذراعها

" أخبرتك انك لست الحاجز بيننا يا مي فأبعدي

هذه الأفكار عن رأسك "

قالت بعبرة " دموعها يا نواس كسرتني دموعها وهي

تصعد الدرجات لماذا تزوجتني لما "

أبعدتها عني وأمسكت وجهها بيداي وقلت

" مي لا تعيدي هذا الكلام أمامي مجددا تفهمي "

هزت رأسها بلا وقالت " أخبرها عن حقيقة وضعنا إذا "

قلت بضيق وأنا أنزل بيداي لذراعيها " لا وإياك وفعلها أنا

لم أحضرك هنا لتصبح قصتك على كل لسان ولا أريد أن

تعلم بكل هذا فمهما كان أنا لي كرامة لن تهان , هي اختارت

يوما بتري من حياتها وأنا اخترت أن أتزوجك ولولا رفضك

لاستمر الأمر وأنتي زوجتي وأنجبت أبناء منك أيضا "

لاذت بالصمت ولم تتحدث ونظرها للأرض فقلت بجدية

" مي ما بيني وبين وسن كان شيئا كبيرا جدا ولا أنكر ذلك

وانكسر من قبل مجيئك بعامين ولم يتبقى سوا أشلاء منه

تذكرنا بالجراح فقط , بجرحي يوم ارتبطت بغيري وهي

خطيبتي وجرحها يوم تزوجتُ بك وهي تطلب أن أعذرها

على ما كان وحدث , وأنتي خارج كل ذلك فهل

تفهمي الآن حقيقة الوضع "

هزت رأسها بنعم فقلت " لا أريد أن أراك تبكي لأجل

هذا الأمر ولا أن تضعي باللوم عليك "

ثم وقفت فأمسكت يدي ونظرت لي للأعلى

وقالت " ولما تنتهيا هذه النهاية لما لا تضمدا الجراح

وتنسيا كل شيء بماضيه وحاضره "

أوليتها ظهري وقلت بسخرية " لن يحدث ذلك

لأني أراه صعبا يا مي وعلى كلينا "

ثم غادرت من عندها ووقفت عند الباب ثم التفت لها

وقلت " ماذا كنتي تريدين قوله لي "

وقفت ومسحت دموعها وقالت " أخي عاصم طلب

أكثر مرة أن يزورنا هنا وأخبر وليد بذلك لكني رفضت "

قلت باستغراب " ولما "

أشاحت بنظرها جانبا بحزن فقلت " مي أنا أقدر ما مررت

به لكنهم في النهاية أشقائك , أنا بجانبك ولن أتركك مادام

بي نفس إلا زوجة لغيري أو لي لكن لا تخسري جميع

أخوتك , ومن كان منهم نادما على ما فات فاقبلي

عذره وأعرفك بقلب لا يحقد أبدا "

أنزلت رأسها للأسفل وقالت بحزن " وحده بينهم لم يكن

يضربني لكنه لم ينصفني ولم يقف في صفي أبدا "

قلت بهدوء " الخيار لك يا مي وهذا منزلك مفتوح لكل

من تريدي أن يزورك هنا ومتى أردت وأخبريني
كي أكون هنا في استقباله "

رفعت رأسها ونظرت لي وقالت " إذا نستقبله معا "

هززت رأسي بحسنا مبتسما ثم خرجت من الغرفة

وأغلقت الباب بعدي ونزلت

*
*

عدت للغرفة ركضا وأغلقت الباب وارتميت على السرير

متكورة أمسك أحشائي بقوة وأئن بوجع ... لماذا يا وسن

لما اعتقدتِ أنه إن سمى فرسه باسمك يعني أن ما بينكما

لم يمت , أي حماقة هذه التي فكرت فيها ! لما لا تكوني

مثله لما لا تعامليه كما يعاملك , كيف نستِ أنه تزوج

بغيرك , كيف في تلك اللحظة لم تري سواه أمامك

أقسم لو تأخرت زوجته عنا قليلا لكنت ارتميت في حضنه

باكية , لما تضعفين يا وسن لماذا وكأنك تنتظرين شيئا

بسيطا يخبرك أنه لازال يحبك ولازال كما كان حتى

إن كان مجرد اسم لخيل من خيوله

انقلبت على الجانب الآخر أئن بوجع وأمسك دموعي

على الأقل لا تخرجي أنتي يكفي ما حدث من حماقات

بقيت على ذاك الحال والوضع لوقت ثم أخذت حبتي

مسكن فقط كي لا يعتاد جسدي على الجرعات الزائدة

ثم غمرت وجهي في الوسادة وبدأت أتمتم وأتحدث عن

كل ما يوجع قلبي علي أخفف عن نفسي قليلا من هذه

الآلام فلم يترك لي قدري أحد أتحدث معه

وبقيت باقي اليوم في سجني وهي هذه الغرفة لم أرى

أحدا سوى راضية التي جلبت العشاء وعادت لأخذ

الأطباق وعند الصباح استيقظت باكرا جهزت نفسي

وخرجت من غرفتي مسرعة أحمل مذكراتي ومعطفي

الطبي وما أن وصلت السلالم حتى كان نواس قادما من

الجهة الأخرى يتحدث في هاتفه فنزلت قبله مسرعة

أركض الدرجات ركضا وما أن وصلت آخر عتبة حتى

سقطتْ المذكرات والأوراق تبعثرت بسبب سرعتي

والذي كنت هاربة منه أصبح خلفي مباشرة وأنا أجمعهم

من الأرض ثم نزل وحمل المذكرة التي اعترضت طريقه

ووضعها على التي في يدي دون أن ينظر لي وتابع

طريقه قائلا " لن أنزل ثانيتا وقت خروجك فلا

تكسري قدمك أو ذراعك المرة القادمة "

وتابع سيره للخارج فتأففت وعدلت تنورتِ وغادرت

أيضا لنفس الجهة , حتى الهروب منه لا أفلح فيه سامح

الله القدر الذي وضعني عنده أصبح وأمسي به وكأنه

ينقصني رؤيته وكأني لم أكن أراه ويحترق قلبي

خرجت للخارج وكان السائق ينتظرني ونواس يتحدث

معه ثم غادر دون أن يلتفت إلي وركب سيارته وخرج

قبلنا ونحن خرجنا بعده على الفور وما أن وصلنا البوابة

حتى دخلت سيارة أخرى فوقف نواس وتلك السيارة

ونزل منها شاب يربط يده بشاش خاص بالفك والشعب

فانفتحت عيناي على اتساعهما , هذا هوا أحزان ملاك

إذا وكان كما قالت طويل بشعر أسود طوله يكاد يفوق

نواس رغم طول نواس , نظرت للسائق وكنت سأسأله

عنه وتراجعت فهذا الجاسوس سيخبره كما أخبره أني لم

أذهب في الأمس , أشار ذاك الشاب للسائق أن يجتاز

سيارتيهما ويخرج فانطلق من فوره وخرجنا واستغرقت

المسافة قرابة النصف ساعة وكأنه ينقص الجامعة ملل

لتزداد طريق الوصول إليها طولا وما أن دخلت الجامعة

حتى استقبلتني ملاك قائلة " هل عرفت من يكون "

قلت بتذمر وأنا أدخل وهي تسير بجانبي

" ملاك ما أسخفك هل هذا ما تستقبليني به "

تأففت وقالت " وبما أستقبلك إذا ! أسالك عن همومك

وابن خالتك ومشاكلكم التي لا تنتهي أم عن مزرعته

وخيوله , أما المحاضرات فلا تقلقي فالحديث عنها

سيكون طويلا ومملا وسنلحق عليه "

استوقفنا طلال قائلا " مرحبا وسن وحمدا لله على سلامتك "

نظرت لملاك بنصف عين فضحكتْ وقلت له " شكرا لك

يا طلال تعرف كيف تستقبل البشر ليس كغيرك "

ضحك وقال مغادرا " جيد اليوم سنعمل على

رسالتنا المنسية إذا "

تابعت وملاك سيرنا قائلة

" كله بسببي أنا آسفة حقا على تأخرنا "

قالت بابتسامة " أبدا طلال اقترح أن نؤجلها

من أجلك حتى العام المقبل "

قلت ونحن ندخل مبنى الجامعة " سنتابع ما بدأنا به

وننتهي هذا العام ولو متأخرين فعلينا أن نقدر ظروفه "

وصلنا عندها القاعة ودخلت قائلة " ما أن تنتهي

المحاضرة أخبرك عن حزن سنينك "

أمسكت كم بلوزتي وقالت بصدمة

" ماذا !! وتسكتين حتى الآن "

صعدت المدرج قائلة " لا شيء مهم فاتركي

الحديث حتى تنتهي المحاضرة "

ومرت المحاضرة وملاك تتمتم بتململ وكأنها تجلس

على الشوك وما أن خرج دكتور المادة حتى أمسكت

يدي وأخرجتني معها مسرعتين حتى وصلنا الحديقة

وجلست وأجلستني أمامها وقالت " أخبريني الآن

قبل أن أموت من الانتظار "

وضعت المذكرات على العشب وقلت " عندما خرجت

صباحا كانت سيارة داخلة للمزرعة ونزل منها شاب

تحدث مع نواس وكانت يده مربوطة بشاش طبي

وكأنه بها شعب أو كسر أو لا أعلم "

قفزت وهي جالسة وضامه يديها لصدرها

وصرخت قائلة " هوا يا وسن هوا "

ضحكت وقلت " أخفضي صوتك يا مجنونة "

قالت بحماس " من هوا وما أسمه وكل شيء "

قلت بضحكة " لم أتحدث معه لأسأله "

قالت بتذمر " وكنتِ سألتِ سائقك يا غبية "

قلت ببرود " سأكون غبية إن فعلتها فلا تنسي

أنه ينقل لنواس كل شيء "

رمت مذكراتها من حجرها وقالت باستياء

" والحل الآن "

قلت " يبدوا صديقا مقربا له من وقت دخوله للمزرعة

ونزول نواس من سيارته ليحدثه لذلك قد تفيدنا الخادمة هناك

بشيء لكن أخشى أن تكون ناقلة أخبار لسيدها هي أيضا "

قالت بتذمر " وما في الأمر إن علم "

قلت بصدمة " ما تعني بما في الأمر يكفيني مشاكل معه "

قالت بهدوء " هل تخشي أن يضن بك سوءا , أمازلتِ

تحبينه لهذه الدرجة يا وسن "

نظرت للأسفل وقلت بحزن " ملاك دعينا من هذا

الموضوع وأنا حقا لا أريد مشاكل يكفيني ما بي "

تنهدت وقالت " جربي التحدث معه مجددا "

نظرت لها وقلت بضيق " أبدا ينقطع لساني ولا أكرر

أخطاء الماضي حين كنت أبرر له وألتمس منه العذر

ليصفح عني , ما كان انتهى يا ملاك ولا مجال لأن

يعود كما كان خصوصا بعدما تزوج "

هزت رأسها بقلة حيلة ثم قالت بحزن " كنت في الماضي

أشعر بك لكني الآن أشعر بك أكثر بعدما جربت أن أحب

شخصا والكارثة أني لا أعلم حتى إن كان يبادلني

ذات الشعور أم لا "

ثم وضعت يدها على خدها وتنهدت وقالت

" لما الحب هكذا ؟ لما الرجال لا يشعرون كما نشعر "

قلت بحيرة " لا أعلم وكأننا نحن فقط لدينا قلوب "

ثم نظرت لها وقلت باهتمام " أخبريني الآن ما أبكاك

يومها كل ذلك البكاء المخيف "

تنهدت بحزن وقالت بشرود " زارني والدي

وطلب مني أن أتحدث مع والدتي "

قلت بصدمة " أقسمي أنه فعل ذلك "

نظرت لي وقالت " ويا ليته ما فعل تصوري أنهم ينوون
تزويجي , هوا من شقيق زوجته لأنها لا تريد أن أعود

إليها ووالدتي تريد تزويجي من ابن زوجها كي لا أتزوج

شقيق زوجة والدي أو أعود إليهما وعليا أن أختار أحد

الاثنين شقيقها الصعلوك الفاسد أو ابن زوج والدتي الذي

أقنعوه بأني مسكينة لينقدني وهوا فاشل حتى في دراسته

وسنعيش معهم فانظري لتعاستي "

تنهدت وقلت " يا لها من مشكلة يا ملاك

وكيف ستتصرفين الآن "

قالت بحزن " لا أعلم وما أن تنتهي دراستي عليا

أن أختار أحد المصيرين المحتمين "

قلت " وصديق نواس ذاك "

ابتسمت ودمعة تترقرق في عينيها وقالت " وأخيرا أصبح

له اسم غير أحزان السنين وقريبا سنناديه باسمه "

حضنتها وقلت بحزن " وسأعمل جهدي لنعرفه

لعله ينقدك من مشاكلك "

ضحكت ضحكة حزينة وقالت " يدي على كتفك إذا "

ابتعدت عنها وقلت " وما تخططين له الآن "

رفعت كتفيها وقالت " لم أتصل بالبرنامج منذ أسبوع

فبعد زيارة والدي واتصالي بوالدتي عزلت نفسي من

الحزن ولم أستمع حتى للبرنامج وقررت أن أنساه لأن

مصيري أصبح محددا لكني ما أن تقابلت معه عند منزل

خالتك حتى طار كل ذلك وكأنه ثمة من أخبره أن ملاك

قررت أن تنساك فاظهر لها وأتعبها فوق تعبها وبعدها

لم أتصل أيضا فأصبحت أستمع فقط والآن صار لي

قرابة الأسبوعان لم أتصل بهم لأقول أني كنت مسافرة

كي لا يشك أني من رآها يومها ثم سألعب به لعبة ما أن

تأتيني المعلومات عنه فعليه أن يحبني رغما عنه إن

كان لي شيئا في قلبه أم لا "

ضحكت وقلت " لا أعلم أي تعاسة هذه التي جعلتنا صديقتان "

وقفت وحملت مذكراتها قائلة " هيا وقت المحاضرة

اقترب ولا تنسي أن تفعلي ما في وسعك "
رفعت مذكراتي ووقفت فأمسكت يدي وقالت بدراما حزينة

" قال له نواس أن يده والحادث بسبب تهوره في القيادة

أخبريه أن يقود برفق فإن مات سأفقد عقلي "

لم أستطع إمساك ضحكتي فقالت بتذمر

" بلهاء وكأنك لم تجربي الحب يوما "

سحبتها من يدها وسرت قائلة " جربته أكثر منك وأتمنى

أن لا تجربي الجرح مثلي ولا تنتهي نهايتي المأساوية "

ثم تابعنا سيرنا وقالت " لم تحكي لي ما حدث معك هناك "

قلت ببرود " لا شيء مهم "

تنهدت وقالت " لا تتخلي عن طبعك أبدا يا وسن حتى

تموتي من كبت كل شيء في داخلك "

ابتسمت بحزن وتابعت سيري في صمت ... لا أريد

أن أخسرك أنتي أيضا يا ملاك كما خسرت خالتي وفرح

لأني كنت افتح قلبي لهما حين أشعر أني أريد أن أتكلم

وها قد ضاعتا مني مثل أمي وأبي وشقيقي وحتى نواس

بقيتي أنتي فقط يا ملاك ولا أريد أن أخسرك

*
*
بعدما غادرت وسن للجامعة بوقت نزلت للأسفل

وتوجهت للمطبخ , لا أريد أن تراني كرهت نفسي منذ

أن علمت بما بينهما وكرهت نفسي الآن أكثر بعدما رأيت

دموعها بالأمس وهي تصعد , نظراتهم لم تكن تقول ما

يقوله نواس لم تؤكد كلامه عن الجرح والنسيان وانتهاء

ما بينهما , لما حضي هكذا ؟ لما أنا تعيسة وأتعس غيري

دائما كنت كصوت الواقع الذي أعادهما مما كانا فيه , كم

كان وضعي سخيفا , ليثها انكسرت ساقي قبل أن نزلت ذاك

الوقت , وصلت المطبخ وما أن وقفت عند الباب حتى وجدت

وليد يقف معطيا ظهره لي يخفي راضية عني وهي تقول

" نواس لن يرضى يا وليد كيف تذهب وتترك المنزل "

تصاعدت أنفاسي وأنا استمع له قائلا بهدوء

" وجودي هنا أصبح لا محل له من الصحة والمحامي

طمأنني أن قضيتي ستكون رابحة وسأسترجع ولو جزءا

من مال والدي وأضيفه للمال الذي جمعته من عملي

مع نواس وأشتري منزلا مستقلا لي "

تنهدت وقالت " ولما لم ترضى أن يشتريه نواس لك "

قال بسخرية " لست طفلا يا روضة , أنا رجل إن لم

أبني نفسي فلن أستحق هذه الكلمة "

سقطت دمعتي من عيني لخدي للأرض , يبدوا أني

لم أضع لتعاستي حجما حقيقيا , ما الذي لم تريه بعد

يا مي فحتى وليد سيرحل عنك وستحرمين من رؤيته

ولو من بعيد , سقطت باقي الدموع الواحدة تلو الأخرى

فابتعدت عن الباب وركضت جهة غرفة الجلوس

وأغلقتها خلفي أكمل بكائي هناك

*
*
أنهيت محاضراتي وعملنا كثيرا على رسالتنا وقضيت

وملاك وقتا في المكتبة من أجل ما فآتني من محاضرات

ولم أغادر من الجامعة إلا بعد العصر بوقت وما أن

وصلنا المزرعة حتى اقترب المغيب , نزلت من السيارة

وكان نواس يقف عند الباب فمررت من أمامه في صمت

فأمسك ذراعي ودخل بي وتوجه للسلالم وصعد يسحبني

معه في صمت وأنا أحاول تخليصها منه ودون فائدة

حتى قلت " أتركني يا نواس ماذا تريد مني "

لم يتكلم حتى وصلنا للغرفة التي في ممر غرفتي فتحها

وأدخلني لها وأغلق الباب لأكتشف أنها غرفة مكتب

أدارني ناحيته وترك ذراعي وقال بحدة " إن كنتي

تريدين التمرد والعصيان ومضايقتي بأفعالك فأقسم

أنك حققت غرضك "

قلت بغضب " توقف عن رميي بالباطل ولما كل هذا الانفعال "

لوح بيده وقال بغضب " أين حتى الآن يا سيدة الدلال

ولا تجيبين لا على رقم السائق ولا على رقمي "

مددت له بيدي وفيها المذكرات وقلت " أضن أنه لا أحد

يذهب للبارات والنوادي الليلية بمذكراته ومعطف

التمريض يا سيد نواس واسأل عني في الجامعة

لتعرف متى دخلت ومتى خرجت "

مرر أصابعه في شعره وكأنه يحاول تهدئة نفسه ثم

قال بضيق " لما لم تجيبي على الهاتف وأي جامعة

هذه تبقي فيها حتى يقترب الليل "

أمسكت إحدى المذكرات ورميت البقية على الأرض

وفتحتها وأخرجت منها الأوراق ورميتها بقوة معهم

وأريته تواريخ ومواقيت طباعة الورق فيهم وأنا أقول

" تأكد يا ابن خالتي هذه عند الرابعة والربع "

ورقت أكثر وقلت " وهذه عند الخامسة وهذه عند

الخامسة ونصف أي قبل خروجي بنصف ساعة "

رميتهم على الأرض أيضا وفتحت حقيبتي وأخرجت

بطاقة المكتبة وأريتها له وقلت " وهذا وقت استعرت

الكتاب عند السادسة أي وقت خروجي من الجامعة "

وأخرجت له ورقة فتحتها وأريتها له وقلت

" وهذا تسجيل حضوري لمحاضرات اليوم

فهل تأكدت أين كانت سيدة الدلال "

قال بحدة " أنا لم أقل أنك خرجتِ من الجامعة

أنا أقول لما تتأخرين كل هذا الوقت "

كتفت يداي لصدري وقلت ببرود " أخبرت السائق

أني قد أتأخر بسبب رسالة التخرج والمحاضرات

التي فآتتني فلما لم يخبرك بهذه أيضا "

قال بنفاذ صبر " لما لم تجيبي على هاتفك "

أخرجته من حقيبتي ومددته له وقلت " خذ وتأكد أنه على

الوضع الصامت لأنه في المكتبة لا يسمح بضجيجهم "

رفع رأسه للأعلى وضربه على الباب عدة مرات يتنفس

بغيض , أقسم أنه يمسك نفسه بصعوبة ولو يعطيها العنان

سيضربني بدون شك , نظر بعدها لي وقال بغضب

" هل تعلمي كم مرة ذهبت للجامعة لأرى إن كنتي في

الداخل ومنعوني من الدخول وجن جنوني لأن صديقتك

أيضا هاتفها مقفل , لما لا تفكرين أن لك أهلا تخبريهم

على الأقل بأنك ستتأخرين ولو أخبرتني ما وافقت

هذه المهزلة , لما تعشقين إتعابي يا وسن لما "

قلت بحرقة " أنت جلبت التعب لنفسك فتحمله "

قال بغضب أشد " وهذا غرضك أن أتركك تعيشين

كما تريدين , أن أتعب من تصرفاتك الهوجاء وأخرج

من حياتك , لا يا وسن لا تفكري في هذا لأنك ستتعبين

أنتي وصية والدتي وأمانتها ولن تتخلصي من نواس

الجلمود الظالم المنتقم مهما حاولتي "

ثم أشار بإصبعه للأرض وقال بحدة " هنا ويا وسن

هذا مكانك رضيتِ بهذا أم كرهته "

قلت بجمود " نعم علمني أكثر كيف أكرهك يا نواس "

نظر لي بصدمة وسمعنا طرقات على الباب وصوت

زوجته قائلة " نواس توقف عن هذا وأخرج الآن "

ففتح الباب وخرج وتركني فسمعتها تحدثه بصوت

منخفض لم أفهمه ثم تحدث هوا بحدة وقال مبتعدا

" مي أخبرتك منذ البداية أن لا تتدخلي "

ثم ابتعدت خطواتهم وتركاني وحدي , نظرت للأرض

حيث مذكراتي وأوراقي ... ليثني أستطيع رمي مشاعري

مثلهم ليثني أنسى ولو حبك يا نواس فجرحك أعلم أنه لن

يُنسى , ليثني مت بدلا عمن ماتوا أو سافرت بدلا عمن

سافروا وما بقيت لقسوتك وشفقة زوجتك علي

جمعت مذكراتي وأوراقي وخرجت من مكتبه ودخلت

غرفتي ورميتهم على السرير بقوة ثم توجهت للحمام

توضأت وصليت المغرب الذي أقيم الآن ثم عدت

للحمام أطفئ النار بداخلي بالماء , استحممت مطولا

وخرجت ووجدت الطعام في الغرفة , تركته وتوجهت

للنافذة وفتحتها على وسعها وأطفأت النور وعدت ناحيتها

كنت أريد هواءً نقيا لأني أشعر بكم هائل من الاختناق

كان الرجال في الأسفل يعيدون الخيول للإسطبلات فراقبت

عيناي عنوة تلك الفرس البيضاء يدخلها أحدهم لإسطبل

منفرد عن البقية وحتى شكله من الخارج لا يشبههم

بعدها خفت حركتهم حتى اختفوا ولم يبقى سوا السكون

والظلام فسحبت الطاولة المرتفعة هنا حتى صارت عند

النافذة وجلست فوقها واتكأت على حافة النافذة أراقب الليل

والنجوم بشرود وحزن ووحدة لم أعشها إلا الآن وهنا

مر وقت طويل وأنا على حالي حتى طرق أحدهم الباب

ودخل فالتفت له فكانت راضية فعدت متكئة كيفما كنت

فوصلني صوتها قائلة " لم تتناولي شيئا من طعامك "

قلت بهدوء " شكرا لك يا راضية أكلت في

الجامعة ولا رغبة لي "

ساد الصمت لوقت حتى ظننتها خرجت ثم وصلني

صوتها هادئا " لا تغضبي من نواس لم أره غاضبا

حياتي هنا إلا مرات معدودة جدا وكان قلقا عليك بشدة يدخل

ويخرج من باب المنزل كالمجنون وردة فعله طبيــ .... "

قاطعتها بهدوء " أفهمك يا راضية وشكرا لك على كل شيء "

تنهدت وحملت الصينية وغادرت وأغلقت الباب

ابتسمت بألم على كلامها , هكذا هم الرجال لأننا هكذا

نحن النساء وصمة عار قد تدنس شرف الرجل بسهولة

وإلا ما قلق عليها تأخرت أو باتت خارج المنزل

هوا خائف على نفسه وشرفه وسمعته فقط

تركت النافذة مفتوحة وتوجهت لمذكراتي جمعتهم

وجلست أراجع ما كتبته اليوم وما قمت بسحب نسخ

عنه مما فآتني من محاضرات حتى مر أغلب الليل

وسكن المكان أكثر فوقفت وعدت للنافذة مجددا لتسافر

عيناي من فورها لذاك الإسطبل بالتحديد , ترى لما هي

معزولة عن البقية ولما تشغل بالي وتفكيري طوال

الوقت , إن كان يكرهني كل هذا القدر لما لم يغير اسمها

توجهت جهة حجابي أخذته ولففته حول شعري وخرجت

من الغرفة ونزلت وكان المنزل ساكنا وكأن لا أحد فيه

فبالتأكيد الجميع نيام الآن , توجهت للمطبخ ونظرت

من نافذته فكانت سيارة نواس في الخارج وهذا يعني

أنه في الأعلى , خرجت من المنزل ولففت حوله يسارا

حتى وصلت الإسطبلات لتقودني قدماي مباشرة لإسطبل

تلك الفرس , رفعت الخشبة التي يغلقون بها الباب وفتحته

ودخلت لتقع عيناي في عينيها مباشرة تنظر لي بتركيز

دون حراك وكأنها بشرية وعرفتني

**********

نزلت أخطوا بقدماي جهة غرفة والدتي لتغير أذناي طريقهما

حيث صوت حركتها في المطبخ , وقفت عند الباب ووجدتها

تحرك ما في القدر وتبعد الغرة عن عينيها بذراعها وتتأفف

لأن يداها متسختان ولن تستطيع لمسها بهما فقلت بابتسامة

" ما كان عليك أن تطيعي والدتي ها قد سببت لك مشكلة "

نظرت ناحيتي وقالت بحزن " ليست جميلة أليس كذلك "

دخلت وفتحت الثلاجة وقلت وأنا آخذ علبة عصير

" بلى جميلة "

توجهت نحوي وضربتني بمرفقها وقالت

" أعدها فورا ولا تشرب قبل الغداء "

أعدتها وأغلقت الثلاجة ووقفت مستندا عليها مكثفا يداي

لصدري وقلت بابتسامة " أي أوامر أخرى آنسة سما "

رفعت رأسها وقالت " أجل أبعدها لي حلف أذناي

لأعرف كيف أرى وأتحرك معها "

كنت سأبحث لي عن حجة لأتهرب من هذا حين وجدت

عقلي يضحك من أفكاري ... نزار هذه ليست أكثر من طفلة

كيف تفكر أنها قد تحرك مشاعرك يكفيك ما رأيت من هذا

أنت رجل راشد وعاقل هل تظن أن مشاعرك ستتغلب عليك

مددت أصابعي وجمعت جانب منها في طرف ودسستها

خلف أذنها وكأني أختبر صدق وكذب أفكاري بل وكأني

أحاول تكذيب الصوت الذي ينادي باسمها في داخلي

والدليل أني كنت أهرب بعيناي عن وجهها وما أن مررت

أصابعي في الجانب الآخر منها حتى وجدت نفسي لا

شعوريا ألعب بشعراتها الحريرية بينهم وكأني أفرزها

خصلة خصلة لتنتقل عيناي لعينيها وتضيعان هناك وما

كانت ثواني إلا وهربت بهما ولعبت بأصابعي في غرتها

بابتسامة ماكرة أحركها بقوة وبعثرتها لها في كل اتجاه

ضحكا وهي صرخت متذمرة وابتعدت عني ورمت الملعقة

في المغسلة وفتحت الصنبور وبدأت بغسل يديها قائلة

بضيق " شكرا على المساعدة اذهب لغرفة والدتك

حالا ولا تأتي ثانيتا "

لكني انتقلت جهتها وبدأت بإخراج الأطباق قائلا

" هذا لكي لا تطلبي مني مساعدة مرة أخرى "

قالت وهي تعود جهة القدر " حرمت فعلها ثانيتا "

نظرت لها واتكأت على طرف الخزانة وقلت

" سأشتري لك قوس شعر تستخدميه في المطبخ

فقط لا تطرُديني ثانيتا "

ضحكت وهي تحرك القدر ثم أغلقته وقالت وهي ترفع

الملعقة من الأرض " جميل أنا الرابحة في النهاية "

ثم توجهتْ للمغسلة وعيناي تتبعانها غسلت الملعقة

بالصابون والماء فقلت بابتسامة " ولما تغسلينها وأنتي

تنظفين الأرضية قرابة العشر مرات يوميا "

نظرت جهتي ووضعت يداها وسط جسدها وقالت بضيق

" لا تقل أنك توقع الملاعق وتكمل بها الطبخ

دون أن تغسلها ونحن نأكل "

رفعت كتفاي وقلت مبتسما " أغلب الأحيان "

فتحت فمها من الصدمة فقلت ضاحكا

" لا ... أقصد أحيانا "

أمالت فمها جانبا بعدم رضا لتظهر إحدى غمازتيها

اللتان لا تظهران إلا وقت تضحك فأملت وقفتي وابتسمت

ابتسامة صغيرة وقلت " هل أخبرك أحدهم من قبل أنه

لديك غمازات لا تظهر إلا حين تضحكين "

وضعت يدها على خدها ثم حركت أصبعها عليه

وقالت " أين .... هنا "

ضحكت وقلت " لا .... أضحكي وسأريك أين "

قالت بعبوس " نزار لا تسخر مني "

قلت مبتسما " لا اسخر منك أبدا "

وسعت ابتسامته وبدأت تبحث بإصبعها وأنا أضحك ثم

تركتني وتوجهت للثلاجة قائلة " كاذب وتسخر مني "

قلت وأنا أراقبها " اسألي والدتي لتتأكدي "

أخرجت صحن السلطة وقالت وهي تتوجه به للطاولة

" لما لم تفكر أن تسافر أنت وخالتي بالمال الذي جمعته وتدرس

هناك وتعمل ستكون طريقة أيسر من جمع المال للعملية "

نظرت للأرض وأشعر أني كنت في عالم غير واقعي

وأعادتني إليه ثم قلت بشرود " فكرت في هذا لكنه صعب

سأكون أغلب النهار خارج المنزل إما في الجامعة

أو في عملي ووالدتي ستبقى وحدها "

تنهدت وقالت بحزن " لما أنت وحدك من بين البشر

مشكلتك لا حل لها رغم أنك تستحق أكثر منهم

أن تكون مهندسا مشهورا "

ثم عادت جهة الثلاجة وقالت وهي تخرج علب العصير

" والدتي رحمها الله كانت تقول لي أن الله لا يفعل لنا أمرا

إلا فيه خير فعلينا أن نحب حتى الشر من أقدارنا

فقد يكون باطنه خيرا "

ثم التفتت لي تحضن علب العصير وقالت بحيرة

" لم أكن أفهم هذا كثيرا فهل ينطبق عليك فيما

حدث معك وعليا فيما مررت به "

ابتسمت بمشاعر لم أعرف تفسيرها وهربت بنظري عنها

مجددا وقلت بهدوء " نعم فأنا إن سافرت منذ سنوات ولم

أدرّس في الثانوية ما التقيت بك وعلمت عن قصتك "
اقتربت من الطاولة وبدأت بوضع العلب في الصينية

وقالت ونظرها عليهم " وهذا خير لي أم لك أم لكلينا "

لم أستطع إجابتها فرفعت رأسها ونظرت لي وكأنها

تنتظر الجواب فابتعدت ووليتها ظهري وفتحت رف

الخزانة وقلت وأنا أخرج الكؤوس منها

" الأيام ستكشف لنا هذا يا سما "

أطفأت النار على القدر وأخرجت الصينية من الفرن

قائلة بحزن " أتمنى أن لا تكشف لنا شيئا سيئا أكثر "

ابتسمت ولم أعلق وساعدتها في ترتيب الطعام حتى

أدخلناه غرفة والدتي وخرجت سما وعادت بعد قليل

وفي يدها شيئا أصفر لامع وتوجهت جهة والدتي

وجلست أمامها ومدته لها ثم أنزلت رأسها قائلة

" امسكيها لي بالمشبك ستضايقني كثيرا "

أخذته منها وقلبته أمام وجهها وقالت بحيرة

" يبدوا من الذهب أليس كذلك "

رفعت رأسها ونظرت لها وقالت " نعم والدي

اشتراه لي في آخر عيد ميلاد لي قبل أن يموت "

أنزلت لها رأسها وجمعت لها غرتها للأعلى وأمسكتها

به قائلة " لا تخبري أحد أنه من الذهب يا سما اتفقنا "

رفعت رأسها لتنزل الخصلات القصيرة كلها على

جبينها وأطرافه لتجعلها أجمل مما كانت مفتوحة وقالت

" ليس لدي غيره وأتعبتني وأنا أطبخ "

ثم نظرت جهتي وقال بضيق " وابنك لم يساعدني

في إبعادها وسخر مني أيضا "

ضحكت والدتي ونظرت لي نظرتها الخبيثة تلك

وقالت " وأنا من كنت أظن أنه في الخارج وهوا كل

هذا الوقت مرابط عندك "

نظرت لها بضيق فتجاهلتني وعدلت جلستها حيث طاولة

الطعام وجلست سما مقابلة لي وبدأنا الأكل في صمت

حتى قالت والدتي " أين حسام لم نعد نراه من مدة

ولم يتصل بي أيضا كعادته "

نظرت لها باهتمام .... يتصل إذا ! بقيت تنظر لي

تنتظر جوابي فعدت بنظري للطبق وقلت ببرود

" تشاجرت معه أول أمس حين ذهبت بالخرائط "

وما أنهيت جملتي إلا وعيناي تراقبان سما التي نظرت

لي باستغراب وقالت أمي بصدمة " ولما تتشاجر معه "

قلت ونظري لم يفارق سما " موضوع سخيف وزاده سخفا

ثم تواقح علي وتشاجرنا فلا تنتظريه لأنه لن يأتي "

حولت سما نظرها عني وشغلته بالعصير الذي تسكبه

في كأسها ولم تعلق وقالت أمي بضيق " وهل أنت صغير يا

نزار تتصرف هكذا , لم أعرفك ممن يتشاجرون مع الناس "

قلت ببرود وأنا آكل ملعقة أرز " هوا المخطئ كان

عليه احترامي فأنا الأكبر منه وليس هوا "

قالت " وما سبب الشجار "

قلت بذات برودي " لا شيء مهم "

قالت بحزم " نزار "

نظرت ناحيتها فقالت بجدية

" من أجل الموضوع نفسه أليس كذلك "

عدت بنظري لطبقي وتابعت الأكل دون تعليق فقالت

" لا تصعد لغرفتك بعد الغداء سنتحدث قليلا "

تنهدت بضيق وقلت " أمي أنا لست طفلا أمامك

تعامليني بهذا الشكل وأعرف جيدا كيف أتصرف

وأعرف الخطأ من الصحيح "

اكتفت بالصمت ووقفت سما وقالت والدتي

" ما بك يا سما أنهي طعامك "

قالت مغادرة " شبعت "

وخرجت من الغرفة وعيناي يتبعانها , هوا حسام إذا

وتصرفها هذا يؤكد ذلك , قالت أمي بصوت منخفض

" هل فتح معك موضوع سما مجددا "

لا أعلم لما أشعر بكل هذا الضيق وزاده كلام أمي

الآن فقلت بحدة " أمي انتهى الأمر ولي حديث

فيه مع سما لترتاحي "

قالت ببرود " لم أفهم "

نظرت لها وقلت بضيق " ليست مشكلتي "

قالت بضيق أكبر " ما بك كنت منذ قليل تضحك وتبتسم

وتلعب بنظراتك هنا وهناك فما أشعل قلبك الآن "

قلت بصدمة " أمي ما معنى ما تقولينه "

جلست على سريرها رافعة ساقيها عليه وقالت ببرود


" لا شيء خرّفت فقط "


تأففت ووقفت وتركت أنا أيضا هذا الغداء الذي تركه الجميع

وتوجهت للمطبخ فوجدت سما تمسح دموعها هناك فوقفت

مصدوما لوقت ثم اقتربت منها وقلت

" سما إن كان حســ ..... "

قاطعتني قائلة " لا تتشاجر معه بسببي لتتشاجر مع

خالتي وأكون أنا السبب أرجوك نزار "

بقيت أنظر لها بصدمة , لقد فهِمَت الموضوع إذا

لكن حزنها وبكائها لأجل شجاري ووالدتي أم

لأجله , أبعدت يدها عن وجهها وقلت بهدوء

" هل شجاري ووالدتي ما يبكيك "

نظرت لي وقالت بعينان دامعتان " أنتم عائلتي وأكره

أن أكون السبب في خلافاتكم ككل مرة وفي نفس

الموضوع , لا أريد أن أتزوج فقط لا تتشاجرا "

أخفضت نظري وقلت مغادرا " لن نتشاجر لا تقلقي "

عدت جهة غرفة والدتي وأخرجت هاتفي وناديت على

سما بصوت مرتفع فجاءت هي أيضا واتصلت بحسام

أمامهما وما أن فتح الخط حتى قلت " اكتشفت أن والدتي

تحبك أكثر مني وخاصمتني للتو لأني أخبرتها أننا

تشاجرنا أول أمس "

ضحك وقال " معها حق ويفترض بها أن ضربتك

على رأسك أيضا "

قلت باختصار " وقح "

ثم أغلقت الخط وعيناي تراقبان سما التي توجهت

للطاولة تجمع الأواني من عليها بملامح دون أي تعبير

يمكنني فهمه أو تفسيره وها أنا لم أجني شيئا سوا توبيخ

والدتي لي , نظرت جهة والدتي التي قالت ببرود

" ولما تلك التمثلية السخيفة إذا "

جلست على الكرسي وقلت " لم تكن تمثلية تناقشنا

فعلا نقاشا قويا لكننا لم نتشاجر "

قالت ببرود " المهم لم تتشاجرا "

أخذت قطعة جزر من الطبق وقلت " فقط "

أمسكت المذياع وقالت " فقط "

غريب لم تقل اسطوانتها القديمة عن أن القرار لسما

وأن عليها أن تجد من ينسيها ما هي فيه وووو , يبدوا

أن ثمة قصة ما وراء والدتي ولا طريقة لدي لكشفها

ترى أيكون ذاك الشخص ليس حسام لهذا أمي لم تهتم !

وقفت على رنين هاتفي برقم غريب ودخول سما قائلة

" نزار هل لي بطلب "

نظرت لها بصمت فقالت " أريد زيارة بتول "

هززت رأسي بحسنا وقلت وأنا أفتح الخط " سنرى "

خرجت وصعدت السلالم وأنا أجيب قائلا " نعم "

قال الصوت الرجولي في الطرف الآخر

" نزار الأحمدي معي "

قلت وأنا أدخل الغرفة " نعم وصلت "

قال من فوره " أنا أدعى نواس من طرف معتصم حلمي "

أغلقت الباب وقلت " تشرفت بمعرفتك هل يمكنني خدمتك بشيء "

قال " معتصم مدحك لنا كثيرا ولدي مزرعة خيول بنيت

بها إسطبلات جديدة مؤخرا غير القديمة وأريد أن أجري

توسيعا وثمة مشاكل تواجهني وأخشى من غيرها مستقبلا

وبما أنك مهندس أريد مخططا للتوسيع على مراحل

أرجع له كلما أردت ذلك "

جلست على السرير وقلت " ما مدى ثقتك في عملي فلا

شهادات خبرة لدي ولم أعمل بشهادتي سابقا "

قال من فوره " أثق بك وسأرى أفكارك "

كنت سابقا أرفض مباشرة لكني الآن لم أفكر في التراجع

حتى حين قرأت رسالة جابر التي أخبرني فيها أنه سيوكلني

لرسم مخطط لمسبح في حديقتهم , لم أتخيل أن كلمات بسيطة

منها ستشعل حماسي رغم أنهم قبلها في تلك الشركة مدحوا

عملي كثيرا , قلت " أريد مساحة المزرعة والإسطبلات

وعليا زيارتها ويمكنني عمل ذلك لك بكل سهولة "

قال بصوت مبتسم " اتفقنا إذا هل أرسل من

يحضرك أم لديك سيارة "

أخرجت دفترا وقلم من الدرج بجانبي وقلت

" لدي سيارة أعطني العنوان فقط "

أخذت منه العنوان ودونته لدي وقال

" والسعر سيرضيك المهم أن يكون كما نريد "

أعدت الدفتر والقلم للدرج وقلت وأنا أغلقه " لن نختلف

في هذا الأمر المهم أن يعجبك مخططي ثم نتفق "

قال من فوره " إذا أعلمني قبل قدومك لأكون في انتظارك "

قلت مبتسما " بالتأكيد سيد نواس ووداعا الآن "

أنهيت الاتصال معه ولم أخف من الفشل هذه المرة كما

في الماضي , سأعمل جهدي على هذان المشروعان حتى

ينتهيا ويكونان كأول خطوة لي لعلي أكمل دراستي يوما

وأحقق حلمي ولو بعد حين فكما قالت سما من يشعر

بالهزيمة ويستسلم هوا الفاشل حتى لو كان بشهادة عالية

سما يا سما ماذا تريدين من رأسي أخرجي منه هيا

*
*

بعدما أنهيت أعمال المطبخ توجهت نحو غرفة خالتي وقفت


عند الباب وقلت " سأصعد لأدرس هل تحتاجين شيئا "

قالت مبتسمة " لا ولكن أريد أن أعلم فقط سبب هذه

الملامح الجميلة الحزينة "

نظرت للأرض وقلت بحزن " لا شيء "

وصلني صوتها المبتسم قائلة " تبدوا هذه الغرة

وجهها سيء عليك "

نزلت دمعتي ومسحتها في الفور فقالت

" ما بك يا سما "

نظرت لها وقلت " لا تتشاجري ونزار بسببي لا

أريد أن أتزوج أحدا فقط لا تتشاجرا "

قالت بابتسامة جانبية " ولا من ذاك الذي تحبينه "

نظرت للأرض وقلت بحزن " ذاك بالتحديد

لن يفكر في الزواج بي أبدا "

ثم غادرت من عندها وصعدت السلالم ركضا حتى

دخلت غرفتي أمسح دموعي وتوجهت من فوري

لمكتبي لأشغل نفسي بحفظ الدروس فعليا أن أجتهد

أكثر لأكون جاهزة وقت الامتحانات

وما أن مر بعض الوقت حتى عاد يشغل بالي فرميت

بالكتاب والقلم واتكأت على ذراعاي فوق طاولة مكتبي


الصغير , لما أحبه وهوا لا يشعر بي ؟ لما وحدي أملك

كل هذه المشاعر وكلما تحدث عن حسام شعرت بالضيق

لأنه لا يرى أني أصلح للزواج ومخافة أن يقول أنه يوافق

زواجي منه لأتأكد حينها أني لا أعنيه في شيء , عدلت

جلستي مجددا وأمسكت كتاب الرياضيات وحاولت فيها

مجددا كي لا أطر للذهاب إليه لغرفته

لا أريد أن أكون كرُدين وينظر لي كما نظر لها فراس

وضعت طرف القلم على شفتي وفكرت لو أنها ستتزوجه

كيف ستكون حياتهما , هي في نفس عمر جوري ووالد

جوري يرفض زواجها قبل أن تنهي دراستها , يبدوا كنزار

تماما , هذا وهي في التاسعة عشرة فكيف إن كانت مثلي

أصغرها بأربع سنين ! لكن رياض لم يمانع زواج رُدين فهل

لأنه ليس والدها !! آه يا سما أنتي علتك ليس في رفض نزار

تزويجك فقط بل لأنه هوا نفسه من تريدين الزواج به فهل

ستقولين له لا علاقة لك بي أتزوج متى أريد ثم تقولين له

تزوجني رغما عنك , رميت القلم وأمسكت خداي من

الإحراج ... سما هل تدركي معنى أن تتزوجي به ؟ وماذا

عن كل تلك الأمور , يا إلهي لا أعرف كيف تتزوج الفتيات

وكيف ستتزوج رُدين من فراس وهي تكرهه , وضعت

يدي على خدي وتنهدت بقلة حيلة , إن كان الزواج هوا

السبيل الوحيد لأكون معه فلا بأس , سندت وجهي بيدي

الأخرى أيضا وسبحت في الأفكار ..... ترى هل من تتزوج

شخصا تنام في حضنه ؟ مؤكد تفعل ذلك ... آه مابه حضي

أنا لما لا يتزوجني فقط لأنام في حضنه , تأففت من أفكاري

وعدت لأتكئ على الطاولة ذراعي ممدودة فوقها ورأسي

عليها وأمسك بيدي الأخرى القلم أخط به اسمه في هامش كتابي

وكتبت أمامه ( أحبك يا أحمق ) ثم أغلقت الكتاب وجلست

وأخذت الكراسة وكتاب الرياضيات وخرجت ووقفت أمام

باب غرفته وطرقت الباب طرقات خفيفة فوصلني

صوته قائلا " أدخلي يا سما "

جيد أنه لا فراس هنا لكان قص لي ساقاي , طرقت
مرة أخرى ففتحه لي بعد قليل ونظر للكتاب في يدي

ثم دخل قائلا " تعالي يا سما أدخلي "

وقفت عند الباب وقلت " انزل معي لغرفة

خالتي لتشرح لي مسألة لم أفهمها "

التفت من فوره ونظر لي باستغراب ثم قال

" سما هل تخافين مني !! "

بقيت أنظر له مصدومة ثم دخلت وقلت

" نزار لا تفهم الأمر كما يحلو لك أنا فقط أشعر

بأني أخطأ لأني أدخل عليك غرفتك "

جلس على الأريكة وسحب الطاولة جهته

وقال " تعالي وأغلقي الباب "

رفعت كتفاي وأغلقت الباب ودخلت , يبدوا لي نزار

كأشرف لا يهتم , لكن ترى هل هوا مثله يكلم فتيات ويخرج

معهن , رميت كل تلك الأفكار من رأسي واقتربت وجلست

بجانبه وكأني أتعمد الاقتراب منه لكني حقا لم أستطع منع

نفسي , أخذ مني الكتاب والقلم وفتح حيت أضع

الكراسة وقال " مؤكد هذه هي التي لم تفهميها "

نظرت له وقلت " كيف علمت !! "

ثم زحفت قليلا مبتعدة عنه , يالي من حمقاء ما كل


هذا الالتصاق به , وضع الكتاب على الطاولة وقال

مبتسما " لأنها المسألة الأصعب في هذا الفصل بأكمله "

أمسك بالقلم وبدأ يشرحها لي فقلصت المسافة التي ابتعدت

فيها وحاولت أن انتبه معه كي لا يسألني فيما كنت أشرد

انتهى منها ثم رفع رأسه وقال " سأختبرك بواحدة

دون أن أسألك فهمتي أم لا "

اتكأت بطرف جبيني على يدي مسندة لمرفقها على

الطاولة ونظري على الكتاب وقلت " حسنا "

كتب واحدة ودفع بالكراسة نحوي وقال

" هيا أرني شطارتك "

أمسكت بالقلم وبدأت بحلها بالخطوة وأنا أحك جبيني كل

حين لأن الشعرات التي لم يمسكهم المشبك من الغرة

تخربشني ثم تأففت ورفعت نظري ثم سويت جلستي

وقلت بضيق " نزار هذا أنت تفعل هذا "

ضحك وقال " حين كنت أتكلم لاحظتهم يتحركون مع

حركة تنفسي فاختبرتهم هل ظني صحيح أم لا "

أخذت الكراسة وابتعدت عنه قائلة

" انفخها من هنا الآن إن استطعت "

وضع ساق على الأخرى واتكأ بذراعه على

ظهر الأريكة وقال " من له شعر حريري

هكذا كشعرك والدتك أم والدك "

قلت وأنا أكمل حل المسألة " كلاهما "

ضحك وقال " لهذا هوا هكذا يكاد يختفي "

تابعت الحل ولم أعلق على كلامه فوصلني

صوته قائلا " ومن له عينان زرقاء "

قلت باختصار " والدتي "

قال من فوره " حسنا والغمازات "

نظرت له وقلت " نزار أتركني أركز "

قال مبتسما " حسنا ركزي "

ثم وقف وتوجه جهة خزانته فتح بابها ولم أرى ما

يفعل طبعا ثم قال بعد قليل " وأي لون في العينين يعجبك "

آه لو كان بيدي لقلت الرمادي , قلت دون أن أرفع

نظري عما أفعل " لم أفكر في هذا يوما "

ثم رفعت نظري له فكان واقفا عد الخزانة مستند بيده

عليها وينظر لي فتابعت وطرف القلم على خدي " حين كنا

في الهند كانت الفتيات الهنديات في المدرسة ينادينني بالقطة

بسبب لون عيناي لأنهم بالطبع ليس لديهم هذا اللون إلا نادرا

وكنت أكره ذلك كثيرا حتى أني كرهت لونهما وكنت أتذمر

دائما وأقول لأمي لما ليس لون عيناي كوالدي وسامي عسليا "

ثم تابعت وقد عدت للكتابة " لكني حين صرت في الإعدادية

لم أعد أهتم لكلامهم لأن الكثيرات أصبحن يمدحن لون عيناي

ويتمنينه , التفكير لدى الفتيات في تلك المرحة مختلف

كثيرا عن الأطفال أليس كذلك "

وصلني صوته قائلا " نعم وعند الثانوية يزداد سوءا

فلا يهتممن حينها سوى بشكلهن وجمالهن والمظاهر

والشكليات والغراميات المتغيرة كل وقت "

رفعت نظري له مصدومة وقلت باعتراض

" غير صحيح "

ابتعد عن الخزانة ووقف عند النافذة موليا ظهره لي

ولا أفهم لما ثم قال " بلى إلا إن كانت فتاة غير طبيعية "

بقيت أنظر له بحزن بل بألم في قلبي ثم قلت بأسى

" لماذا يا نزار "

التفت لي ونظر لي بتركيز أو حيرة أو لا أفهم فأخذت

الكتاب والكراسة ووقفت مغادرة حين استوقفني

صوته قائلا " سما لم أقصد جرحك بهذا لكنها مرحلة

طبيعية حتى نحن الشباب مررنا بها في ذات السن "

لكني لم ألتفت له ولم أتحدث وخرجت من عنده

ونزلت لغرفة خالتي فكانت نائمة فجلست هناك أكمل

حل المسألة وبعد قليل وقف نزار عند الباب فقلت بصوت

منخفض ونظري بعيد عنه " لا تتكلم معي أنا غاضبة

منك ولا أريد التحدث معك "

ضحك ضحكة منخفضة وقال " تلك حقيقة

يا سما لما أغضبتك "

تجاهلته وعدت لحل المسائل على صوت خالتي

من نومها قائلة " هل أذن العصر "

قال نزار " لا قليلا بعد "

قالت " وما تفعلان هنا إذا "

ضحك وقال مغادرا " ما هذه الطردة المعتبرة "

ثم صعد لغرفته ولم نره إلا نازلا بعد وقت ووقف

عند الباب وقال " سأغادر لقصر جابر وقد أتأخر "

ثم قال " سما سأخبره أنك تريدين زيارة بتول "

لكني لم أجبه ولم أرفع رأسي عن صحن العدس في يدي

فقال بضحكة " أمي ... تقول أنها غاضبة مني فجدي لها حلا "

قالت خالتي ببرود " من عقدها يحلها ما دخلي أنا "

قال مغادرا " إذا لن أرجع للمنزل حتى تتصل بي

وتخبرني أنها لم تعد غاضبة "

ثم لم نسمع سوا صوت الباب يغلق خلفه وقالت خالتي

مبتسمة " هؤلاء الرجال لا أحد أخبث منهم يعرفون

كيف يجعلون المرأة تعتذر وهم مخطئين "

قلت ببرود وأنا أحرك حبات العدس بأصابعي

" سيعود عندما يغلبه النعاس "

ضحكت وقالت " نعم ابقي على رأيك ولا

تدعيه يتغلب عليك "

رفعت نظري لها وقلت بحزن " كيف يقول أن من في

سني تفكيرهم في الشكليات فقط والغراميات التي تتغير

باستمرار وأنه من ليست كذلك لن تكون طبيعية "

ضحكت وقالت " هكذا إذا , يستحق أن تغضبي منه

ولا تتصلي به ولو نام خارجا وإن عاد سوف نسخر

منه ونقول أن الراشدين مثله ليس لديهم كلمة

ويتراجعون عن قراراتهم "

قلت بجدية " نعم سنفعل ذلك "

وأكملنا باقي اليوم وتناولت وخالتي العشاء بما أن نزار

سيتأخر كما قال وبعدما انتهيت من أعمال المطبخ

عدت عند غرفتها وقلت " لما لا نقرأ روايتنا بما

أن نزار سيتأخر في قصر جابر "

قالت مبتسمة " معك حق فإن انتظرنا حتى

يرجع وينام سنسهر كثيرا "

أخذتها منها وجلست وقلت بابتسامة

" متشوقة جدا لما سيحدث "

قالت مبتسمة " وستعرفين الآن فإقرائي هيا "

فتحت حيث توقفنا وقرأت (( بقيت أنظر له دون جواب

وهوا ينظر لي منتظرا أن أقول أي شيء ثم أخفضت

بصري وقلت " لن يوافق "

قال من فوره " أعطني رأيك فقط ولا تفكري في الأمر "

لذت بالصمت فقال " خذي وقتك وفكري يا رُدين وستبقي

ابنتي تحت أي ظرف وتحت سقف أي منزل ولن

أتخلى عنك ما حييت "

بلعت ريقي وقلت " موافقة "

لست مقتنعة أبدا بهذا لكن مظهري سيكون سخيفا جدا

حتى إن قلت سأفكر فكيف سأنسى كل ما فعله من أجلي

حتى أنه وبخه فقط لأنه أبكاني والأعظم من ذلك أنه لم

يوافق خطبة جوري لوائل حتى أختار أنا أحدهم فكيف

أكافأه أن أرفض أول طلب يطلبه مني ، أمسك يدي وقال

" رُدين لا تجبري نفسك بل افعلي ما أنتي مقتنعة به "

قلت بتبات " لن أغير رأي وما تراه أنت خير لي سأفعله

ولا أريد مخالفتك ما حييت "

شد على يدي بقوة وقال " لن تندمي يا رُدين فأنا أعرف

ابني فراس جيدا رجل يمكن الاعتماد عليه ولو كان الاختيار

لي منذ البداية لاخترته لكني تركت الأمر لك "

قلت بابتسامة " أعانه الله علي إذا "

ضحك كثيرا ثم قال " وأعانك عليه ففراس عصبي

يا رُدين فاحذري من هذه النقطة "

تنهدت وقلت " نعم أنا أكثر من يعلم "

ثم وقفت وقلت " ستجبره على الزواج بي إذا "

قال بابتسامة جانبية " أحب ذلك كرهه أجبر نفسه أقنعها

لا يهم المهم ما قررنا سيحدث "

ثم وقف هوا أيضا ووضع يده على كتفي وقال

" فراس يعلم أنك لست زوجتي "

نظرت له بصدمة وقلت " كيف ومتى !! "

ابعد يده عن كتفي وقال " منذ أيام قليلة لأنه منذ الليلة التي

أخذك ووالدته لحفل الزواج وهوا يلح أن أريه عقد زواجي

بك لشكه في الأمر ومنذ أيام بحث في العقود ووجد

أنك غير متزوجة "

قلت بصدمة " كيف يتمكن من ذلك فتلك الأمور حسب

علمي سرية وليس أي أحد يمكنه الإطلاع عليها "

رفع كتفيه وقال بهدوء " لا تنسي أنه محقق ومؤكد علم

بذلك بطرق غير قانونية كأن يساعده أحد صاحب

مركز في الدولة "

لهذا غضب كل ذاك الغضب يوم رآني أخرج من غرفة

أشرف وسخر مني حين قلت أنه ابن زوجي , وضعت

يداي وسط جسدي وقلت " وجاء ليخبرك طبعا

ويتفاخر بذكائه "

ضحك وحضن خدي بيده وقال " وقال عليك أن ترتدي

حجابك وملابس ساترة أيضا أمامهم "

تأففت وقلت بضيق " من أولها "

عاد للضحك مجددا ثم قال " أخبرته أنك بالفعل فتاة متحجبة

ولم تفعلي هذا إلا بطلب مني فلذلك وبسبب إصراره أن تنتهي

هذه المسرحية وشجاري معه ليلة البارحة قررت أن أتحدث

معك في الأمر لنلغي كل اللعبة "

قلت بضيق " لا فائدة من كل الخطة أذا بعدما أفسدها "

قال " وائل أنتي استبعدته من نفسك وأشرف مستهتر أعرفه جيدا

سيفرط فيك في أسرع وقت لأن طبعه ملول لا يدوم عنده شيء

لكن إن أردته هوا زوجتك به وكما قلت الاختيار لك "

تنهدت وقلت " أمري لله غيره لن يكون أقل عيوبا منه وهذا

ابنك وتعرفه ورشحته بنفسك غيره لن يعرفه أحد "

أمسك كتفي وقال " إن سألتني من بينهم الثلاثة ما

اخترت غيره ولا حتى وائل "

هززت رأسي بحسنا وقلت " كما تريد "

أمسك يدي وقال " إذا هيا للمواجهة الأخيرة معهم "

سرت معه بقلة حيلة ، قل المواجهة الأولى بيني وبين فراس

نزلت معه لتقابلنا الخادمة عند آخر السلالم فقال لها

" نادي الجميع لغرفة الجلوس "

أشارت له برأسها بمعني حسنا ثم قالت وهي

تصعد السلالم " فراس في مجلس ثلاثة

شاي شرب ارحم أنا منه لينام "

ضحكنا سويا وقلت ونحن نتوجه هناك

" ما أطول لسانها كيف تستحملونها "

فتح باب المجلس وقال داخلا أمامي " المشكلة ليست بها

بل بعمتك سعاد فأي واحدة سنحظرها ستفسد لها طبعها "

وقع نظري على فراس الجالس هناك فأبعدته عنه

وقلت ببرود " كله من طيبتها حتى مع الخدم لا

أعلم كيف لم يرث ذلك منها أحد "

ثم سرقت نظرة عليه فوضع ساق على الأخرى وابتسم

ببرود وكأنه يخبرني أنه لا يهتم لما أقول فأشرت له بإبهامي

على رقبتي ممررة له عليها ثم لوالده أمامي بمعنى سيذبحك

ثم أشرت بأصابعي إشارة يعرفها الجميع هنا لأن كل الصغار

يستخدمونها وتعني ويلك منه ولن تستطيع قول شيء فأشار

لي بأنه سيقص لساني رغم أن والده مقابل له فأخرجته

له على التفات عمي رياض لي فدسسته وقلت

" أخبر ابنك إنه يهددني "

ضحك وقال " هدديه أنتي أيضا "

قال ذاك ببرود وهوا ينظر لي " لا يحتاج أن تهدد

هذه تفعل مباشرة وبلا تردد "

ابتسمت له ابتسامة باردة كابتسامته تلك لأردها له قبل

أن تبرد وأنساها فضحك دون كلام ، نعم اضحك فأنت

لا تعلم أي مفاجأة يخبأها لك والدك لبكيت بدل أن تضحك

كم أنا متلهفة للحظة التي يفجعه فيها بالخبر لأشمت فيه

وهوا يزأر كالأسد ، جلست بجانب عمي رياض ودخلت

عمتي سعاد يتبعها أشرف وخلفه وائل وجلس الجميع

وقال أشرف بابتسامة جانبية " لا تجمعنا مع هذه

الأفعى إلا ومصيبة في الأمر "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت بضيق

" لا أفعى إلا زوجتك المستقبلية يا قيس النساء "

وقف وقال بغيض " انظروا للوقحة "

قاطعه عمي رياض بحدة " أجلس أنت من بدأ منذ البداية "

جلس وقال بسخرية " كنت أخبرتني مند البداية أنك تريد

الزواج كنت بحث لك عن واحدة بدلا عن هذه "

قلت بسخرية " ومن ستكون هذه "

ثم أشرت له بيدي موجة للأعلى ليفهم أنها جوجو

ثم قلت " أم لا تكن "

ثم أشرت له بحركة غنج وكأني أمضغ العلكة ليفهم أنها

أسوم فضحك بصوت مرتفع هوا ووائل وقال

" أقسم لو لم تتزوجها لتزوجتها أنا "

قلت بتقزز مشيرة له بإصبعي " يع أنا أتزوجك أنت "

أمسك وسادة الأريكة ليرميني بها فقال عمي رياض

بضيق " توقف ويكفي كلاكما وأنتما كالأطفال "

فأشار لي بأصابعه على أنيابه نازلا بهم لأفهم مقصده

وهي أفعى فلم أرى سوا الوسادة التي ضربته على وجهه

ونظرت من فوري للمكان الذي انطلقت منه فكان فراس

وقال عمي رياض " إن انتهت المهزلة دعونا نتحدث "

قلت بتذمر " هم البادئون دائما لما جميعهم علي "

قال وائل ضاحكا " أنا معك "

قلت ببرود " نعم بدليل أنك تجلس بجانبه وتضحك "

قال عمي رياض " المهم لدي ما أقوله لكم لأنام

فلا وقت لدي للعب الأطفال "

سكت الجميع ينتظرون حديثه الذي لا يجهله أحد إلا

وائل وأشرف طبعا وتابع " رُدين ليست زوجتي "

شهق أشرف وانفتحت عينا وائل من الصدمة أما ذاك

ثقيل الدم فلم يحرك ساكنا وينظر لي ببرود وكأنه يخبرني

أني أعلم بذكائي فلوحت له بيدي بمعنى لا أبالي لك

وقال أشرف " كيف ولما قلت ذلك !! "

قال بجدية " لكي تعرفك على حقيقتك طبعا يا ابن رياض "

قال وائل بحيرة " خدعة إذا لتعيش معنا ! "

قال " شيء من هذا "

قال أشرف " ولما ؟؟ "

وقف وقال " لأسبابي الخاصة وما سأقوله الآن سينفذ

فراس ستتزوج بها تفاهم مع والدتك من أجل الحفل

ولتشتري رُدين كل ما يلزمها "

ثم غادر دون أن يضيف أي حرف آخر ))

أغلقت الرواية وقلت " لا أعلم أي حياة تنتظرهما وهما هكذا "

ضحكت وقالت " كم من حب كان بعد عداوة "

قلت بحيرة " لما الحب غريب هكذا وغبي ولا يعرف

كيف يتصرف "

ضحكت كثيرا ثم قالت " لن يكون حبا إن لم يكن هكذا

وزيدي عليه أنه أعمى "

تنهدت واكتفيت بالصمت فقالت

" لم تخبريني كيف أمورك وذاك الشخص "

هززت رأسي دون كلام فقالت " سيئة لهذه الدرجة ؟ "

قلت بحزن " جدا وليتني لم أحبه يوما "

قالت من فورها " لما لا تتحدثي معه "

شهقت منتفضة وقلت " ماذا !! مستحيل "

قالت " أخبريني عنه إذا لأفهم لك منه "

هززت رأسي بلا دون كلام فضحكت وقالت

" الحب لا يجدي معه الخوف والجبن يا سما "

قلت بعبوس " الرجال يتكلمون في هذا أليس كذلك "

ضحكت وقالت " من أين علمتِ "

قلت " لا أعلم أراه أمرا كالزواج الرجل من يتكلم فيه

أو ستكون النتيجة كدعاء حين عرضت نفسها على نزار "

تنهدت وقالت " لا أريد لك الحزن والبؤس يا سما فالجرح في

الحب أمر صعب وشديد ومؤلم جدا ويصعب نسيانه وشفائه "

قلت باستياء " ولا إيقاف الحب والشفاء منه أيضا "

ثم نظرت للساعة وقلت " تأخر نزار كثيرا "

ضحكت وقالت " قد ينفذ كلامه "

قلت بصدمة " ضننت أنه يمزح فقط "

رفعت كتفيها وقالت " لنجربه إذا "

قلت باستغراب " ألست قلقة عليه قد يكون مكروها أصابه "

قالت بابتسامة " بلى وقلبي يأكلني فهذا طبع الأم "

قلت من فوري " اتصلي به إذا "

قالت بعد ضحكة صغيرة " سنفسد اتفاقنا حينها "

وقفت وقلت " معك حق علينا أن نسخر منه

حين يعود من تلقاء نفسه "

أعطيتها الرواية وأطفأت النور وصعدت لغرفتي

غيرت ملابس وارتديت ملابس النوم ودخلت سريري

لكني كنت كمن ينام على الجمر المتقد فسرعان ما

خرجت منه ونزلت لغرفتها وأشعلت النور فوجدتها

تمسك هاتفها فقلت من فوري " هل اتصلت به "

ضحكت وقالت " فشلنا كلانا على ما يبدوا "

دخلت وقلت " علينا أن نطمأن عليه فلم أستطع النوم "

قالت وعيناها على هاتفها " لم يجب على اتصالي "

جن جنون نبضات قلبي حينها حتى ضننت أنه سيخرج

من بين ضلوعي وقلت وعيناي تمتلئ بالدموع

" هل حدث معه شيء يا ترى "

رفعت الهاتف لأذنها وقالت بعد صمت

" أعذرني بني لكن نزار تأخر هل هوا معك "

سكتت لوقت ثم قالت " لا يجيب على هاتفي "

" لا أتركني أجرب أيضا برقم آخر ثم سأتصل بك "

سكتت لوقت ثم قالت " حسنا وعذرا منك يا جابر

أعلم أني أزعجتك وقت نومك "

تنهدت بعدها بضيق وقالت " وما تفعل خارج منزلك

الآن أعان الله المسكينة التي تزوجتك "

" حسنا بني تصبح على خير"

ما أن أنهت المكالمة حتى قلت من فوري

" ماذا قال لك "

قالت " قال خرج من هناك منذ ساعتين "

أمسكت قلبي فقالت " اتصلي به أنتي "

قلت وأنا أمسك دموعي كي لا تبدأ بالنزول

" وما الفائدة فلن يجيب "

قالت " جربي وإن لم يجيب عليك سأتصل بجابر

وسيعرف كيف يعلم ما به "

صعدت لغرفتي مسرعة وأمسكت بهاتفي واتصلت به

فأجاب فورا فجلست على الأرض من خور قواي

وقلت بدموع " نزار أين أنت "

قال ضاحكا " أمام المنزل منذ أكثر من ساعة

ظننتك ستتركينني أنام في الشارع "

مسحت دموعي وقلت بحزن " أحمق لقد شغلتنا

عليك ولا تجيب على هاتف والدتك "

قال " أمازلتِ غاضبة أم رضيتِ "

رميت الهاتف على السرير ونزلت مسرعة وفتحت

باب المنزل وكان بالفعل جالس على مقدمة سيارته

وهاتفه في يده فعادت دموعي للنزول مجددا فكم

خشيت أن أفقده فأقسم أني سوف اجن حينها , نظر

جهتي وقفز واقفا وتقدم ليدخل فسرت قبله راكضة

وصعدت لغرفتي وأغلقتها خلفي لأكمل مسيرة بكائي

وحدي مخافة أن يرى دموعي أو أفعلها مجددا

وأرتمي في حضنه

*
*
__________________
رد مع اقتباس
  #35  
قديم 12-29-2015, 04:00 PM
oud
 
*
دخلت وأغلقت الباب ثم توجهت لغرفة والدتي فقالت

ما أن رأتني " أين أنت بني شغلتنا عليك "

نظرت حولي وقلت " أين سما ألم تدخل هنا "

هزت رأسها بلا فتركتها وصعدت للأعلى وطرقت

على باب غرفتها وقلت " سما افتحي الباب "

لكنها لم تجب فقلت " ظننتك لم تعودي غاضبة وإلا

ما دخلت , حسنا لن أعيد ما قلته مجددا "

ثم تابعت بابتسامة " رغم أنه حقيقة "

لم تجب أيضا فقلت " تصبحين على خير "

وغادرت جهة غرفتي استحممت ولبست ملابس النوم

ودخلت سريري لكني اتكأت بمرفقي على الوسادة فوقه

بدلا من أن أنام , لا أعلم أي حماقات هذه التي أفعلها

وكأني أنا المراهق جلست بكل اقتناع خارج المنزل

أنتظر اتصالها وأقنع نفسي بأنها لعبة صغيرة نتسلى

بها وبأنه عقاب لها كي لا تغضب ثانيتا من الحقيقة

جلست متكأ على السرير وسندت رأسي بالجدر وغبت

بنظري في السقف , ما يحدث معك يا نزار عليك أن تجد

له حلا أيعقل أن تُسمع حسام ذاك الكلام وكأنك متيم بها

واليوم كما قالت والدتي مرابط لديها في المطبخ وعيناي

لم تفارقانها حتى وهي تأكل , لا تنسى أن لها شخصا تحبه

وفي كل الأحوال هي أصغر منك بكثير فتخيل أن تنجرف

في مشاعرك أكثر لتصدمك بأنها تريد الزواج بذاك الشخص

لم أتخيلك أنت يا نزار وبعدما رأيته من رهام وعفت الحب

والزواج لسنوات طويلة تشغل بالك الآن مراهقة صغيرة

وليتها حتى في الثامنة أو التاسعة عشر هي في الخامسة

عشرة ويمكنها أن تحب عشر أشخاص في عام , عليا أن

أجد حلا لنفسي قبل أن يكبر هذا الشعور في داخلي

وأجن وأفعلها وأحبها بالفعل , ولا حل غير ذاك الحل

فعليا أن أتحدث عنه مع جابر وأنفذه سريعا وأنفذ

بجلدي قبل أن تقع الفأس في الرأس وأكتشف بعد فوات

الأوان أني أحبها حقا , أمسكت هاتفي واتصلت به فأجاب

من فوره قائلا " أين أنت ووالدتك تبحث عنك "

قلت " في المنزل وبخير أريدك في أمر مهم

يخص سما وعلينا أن نلتقي سريعا "

**********

كان ذاك اليوم كالحلم وسرقه منا فما أن كان منتصف

النهار حتى خرج للمهندس الذي جاء من أجل المسبح

ولم يدخل إلا مساءا استحم وغير ثيابه وغادر لعمله الذي

لا ينتهي , لما لا يكون كل يوم كذاك اليوم لما لا يكون

موجودا معنا يشاركنا كل شيء خصوصا بعدما

أصبح الأولاد لا يذهبون للمدرسة

التفتت على بكاء ترف وقلت بحدة " أمجد لما ضربتها "

قال بضيق " أخبريها تبتعد عن كتابي "

توجهت نحوها أمسكتها من يدها وأخرجتها معي قائلة


" سنذهب أنا وأنتي وحدنا ونتركهما "

خرجت بها وتوجهت لجناحي أرسلت لجابر رسالة كتبت

فيها ( ذاهبة لمنزل عمك منصور ) ولبست عباءتي

وحجابي ونزلنا سويا وغادرنا القصر , طبعا والدة جابر

لم أرها منذ ذاك اليوم فلم أعد أتناول حتى الطعام معها بما

أن جابر ليس هنا فلما أجبر نفسي على مقابلتها , ولا أنزل

لتجمعات النساء بأمر من جابر طبعا ولن تستطيع مناقشته

والآن لا أستغرب أن تقتلني تلك المتوحشة بعدما فعلته يومها

وخصوصا بعدما سمعت المشادة الكلامية التي حدثت

بينها وبين جابر بسبب المسبح وفي النهاية ما أراده هوا

حدث رغم أنها يبدوا خاصمته لمدة ولم تكلمه , لا وقالت

له بكل جرأة أكلت دماغك ابنة فارس بالقُبل أمام الناس

هل تراني قبّلته في الشارع أم أمام الرجال ثم أنا لم

أطلب منه فعل هذا هوا من فعله من تلقاء نفسه وهل

ترى ابنها هذا يستطيع أحد أن يفرض عليه شيئا فحتى

الكلام لا يخرج إلا ما يريد قوله ولو كنت أكلت دماغه

كما قالت لعرفت كيف أجعله يتحدث عن مشاعره نحوي

أو على الأقل أسمعني شيئا تحب المرأة أن تسمعه

وصلنا منزلهم وفتحت لنا بتول قائلة بابتسامة

" مرحبا ما هذه الزيارة المفاجئة أدخلا هيا "

سلمت عليها وحضنتها ترف من فورها تصرخ باسمها

فهي المحببة لديها بين الجميع عكس بيسان التي لا تهدي

سوا باسم عمتها زهور أو معتصم فهي المفضلة لدى

معتصم وزهور المفضلة لديها ويبدوا كما قالت فقط

لأنها تشبهها , دخلنا ونزل مصعب ركضا وهوا

يصرخ " ثرف ثرف "

وكأنهما ليسا أعداء يتشاجران في لحظة , وما أن وصل

عندها حتى خرجا للحديقة فورا فهنا لا قوانين صارمة

لكن لا بأس ما أن ينتهي المسبح سيكون الخروج لأجله

ولغيره وكما أريد فأنا أرى ذاك المهندس والعمال على

قدم وساق طوال النهار لينتهي بسرعة

جلسنا عند صالون الاستقبال وقالت بتول

" عمر ومصعب لا حديث لهما إلا عن المسبح

الذي سيسبحان فيه وكأنه هنا وليس هناك "

قلت مبتسمة " ولما ليس لديكم واحدا , غريب

مع هذه الحديقة المليئة بالألعاب "

رفعت كتفيها وقالت " والدي رفض الفكرة ومعه

حق فلن نتمكن من أخراجهم منه وسيطلبون

السباحة فيه حتى في الشتاء "

ضحكنا معا ثم قالت " أرى صديقه المهندس يعمل

عليه طوال النهار يبدوا سينتهي بسرعة "

قلت بحيرة " هل ذاك الشاب صديق جابر "

قالت " نعم أعتقد صديق مقرب له كثيرا

فقريبته كانت تدرس معي "

قلت باهتمام " لهذا عرف ترف وكلمها


تلك المرة وناداها باسمها "

اقتربت والدة بتول قائلة " بتول اصعدي لشقيقك

صراخه وصل إلى هنا "

وما أن رأتني حتى قالت " مرحبا أرجوان

لما لم يخبرني أحد أنك هنا "

اقتربت مني وتصافحنا وصعدت بتول من فورها

وجلسنا وقلت " أجمل هدية لك أن بتول كانت

الكبرى لترفع عنك كل هذا الحمل "

قالت مبتسمة " نعم فأنا لا أرحمها ولا وقت

الدراسة فلا أحد لي غيرها "

قلت ضاحكة " سيأخذها زوجها يوما

ويتركك للشبان فقط "

قالت مبتسمة " الوقت يبدوا طويلا فهي لا

تعترف به زوجا حتى الآن "

قلت بصوت منخفض " عليكم أن تجدوا حلا لهذا

فمعتصم يريدها ولن يفكر في تطليقها وإن بقيت

على قرارها فسيطلقها جابر منه "

تنهدت وقالت بحيرة " لا أحد يتجرأ على فتح

الموضوع أمامها كي لا تعود لحالة الصمت تلك "

نزلت حينها بتول تحمل عدي بين يديها مع رضاعته

ومؤكد هي من أعدتها له وجلست معنا وأعطته إياها

فقلت مبتسمة " لو كان لدي شقيق لسبقناهم لك وزوجتك به "

لوت شفتيها وقالت باستياء " لكنت كرهتك حينها كرها أعمى "

ثم ضحكت وضحكنا معها فيبدوا أصبحت تتقبل ولو

مجرد فكرة أنه زوجها وأنها متزوجة

*
*

" جرائمه لم تكن قليلة "

ورقت الأوراق بيدي بسرعة ويدي الأخرى مستند

بها على الطاولة وقلت " سنرى من عائلات بعض

الضحايا رغم أننا قد لا نجني شيئا وهذه المرة أنا من

سأراهم بنفسي واثنين من رجالي وفي منازلهم أيضا "

نظر لي للأعلى وقال " لكن بعضهم لا علم لهم بما فعل "

وقفت على طولي وقلت " الميت ميت مقتول أو غيره علينا

الآن إيجاد الطريقة التي تتركه بها تلك البلاد وتسلمه لنا

دون قصة المحاكمة الطويلة العريضة وفي النهاية

سيصلون له قبلنا ويقتلوه "

وقف وقال " أنت تعلم القوانين أكثر من غيرك يا جابر

ولن يسلموه قبل أن يحاكم ويسجن أقلها عامان "

رميت الأوراق وتأففت وقلت بضيق


" عامان نكون أنا وأنت من الأموات يا أسعد "

وضع يده على كتفي وقال " جابر أن تعمل وحدك

شيء متعب لك أنظر لنفسك حتى النوم لم تعد تحضا

إلا بالقليل منه وأحيانا تنام هنا في مكتبك "

تنهدت وقلت " لا يمكنني الوثوق بأحد يا اسعد غيرك

أنت وبعض رجالي فتحركاتنا كانت مكشوفة لهم ونحن

كالمهرجان نغطي على أفعالهم "

هز رأسه وقال " لو فقط أعلم من وراء كل هذا وبكل هذه

القوة , كيف لا يكون لدينا ولا دليل ولا مشتبه به أساسي "

رفعت أصبعي وقلت " فكر في أعلى الهرم يا أسعد ثم نزولا "

تنهد وقال " أمازلت تصر أنه سيكون دو مركز في الدولة "

قلت مغادرا " بل وموقن من ذلك كما أراك أمامي "

خرجت من هناك وهوا معي لوزارة الخارجية رغم علمي

أني كمن يحرث في البحر , علينا على الأقل أن نحصل

على المعلومات التي سيستخرجونها منه هناك , كان اليوم

الاجتماع الخامس لنا هنا وأتمنى أن لا ينتهي بشجار بيني

وأحدهم مجددا فضحيتي الأخيرة كان رئيس شرطة

الجمارك , فقط لأني ذكرت أن البضائع قد تكون تعبر

من عندهم دون علمهم فكاد يأكلني ليذكرني بأن التقصير

من عندنا نحن , دخلنا مبنى الوزارة ووقف لنا كل من

مررنا به حتى كنت في مكتب الوزير وكان الجميع

قد سبقونا , جلسنا حيث طاولة الاجتماعات هنا

وقلت من فوري " خالد الصقار إن لم نحصل عليه علينا

أن نحصل على المعلومات المخرجة منه هناك ويتركوا

عنهم عبارة محاكمة سرية وأمن دولة "

قال وزير العدل بسخرية " عضم الله أجرك يا جابر "

نظرت له بصدمة وقلت " قتلوه هناك "

قال ونظره على الأوراق أمامه " بل محاولة فرار ساعدته

فيها أيدي خفية ونهايتها مات برصاص الحراس "

مررت أصابعي في شعري أتنفس بغيض وقلت من

بين أسناني " سحقا كان خيطنا الوحيد "

تحرك الوزير وجلب بعض الأوراق وجلس

وقال " السؤال الآن من هذا الذي لا يشي عنه أحد

من يقتل ويمسح الأدلة وكأنه ممحاة على ورق "

مرر الأوراق حتى وصلت لي وقال " اعتمادنا كان عليك

يا جابر فلم تثنيك قضية سابقا من مجرمي سيارات الدفع

الرباعي لجرائم الجامعات في العاصمة كيف عجزت الآن "

هززت رأسي وقلت " كم مرة وصل الدليل بين يداي

وتخلصوا منه وهوا في قسم الشرطة أو التحقيق ولم

يتركوا إلا ما أرادوا تركه , أوراق لبضائع تدخل

دون ترخيص أي مهربة وتحركاتي مكشوفة

وكأني أعيش في وسطهم "

قال من فوره " لنجعل لهم طعما إذا "

لممت الأوراق وثنيتها وقلت " أخبرتك أن تحركاتنا

مكشوفة فأي طعم سيجدي معهم لقد جبت حتى أغلب

المصانع ولا شيء غريب عندهم , نظمنا حملة تفتيش

للبضائع وللمصانع الكبيرة المعروفة ولا نتيجة , لو كنا

نتعامل مع جني لأمسكنا عليه زلة "

استمر ذاك الاجتماع لساعات ناقشنا فيها الأمور المهمة

عدى ما أتكتم عنه لنفسي ولن أؤمن عليه أحد وهي سما

تلك الفتاة ستكون مفتاح اللغز خصوصا أنها الشخص

الوحيد بين أهالي الضحايا من يبحثون عنه وسأستفيد

منها ولو اضطررت لأن أجعلها طعما

خرجت من هناك أشعر بالإحباط من كل هذا فها

قد مات الصقار ليلحق غيره فيبدوا المخطط كان قتله

وليس إخراجه من هناك فجعلوها تكون على أيدي الحراس

في السجن فهل سيكون لدي شك آخر في أن من وراء كل

هذا ذراع في الدولة , خرجت من هناك للقصر مباشرة

فيكفي تعبي كل هذه المدة ضاع بلا نتيجة وككل مرة

دخلت القصر وصعدت الجناح ومؤكد ستكون نائمة لأني

لأكثر من ليليتين لم أنم هنا , فتحت باب الغرفة وشغلت

النور لأفاجئ بها نائمة مرتمية على السرير ومتزينة

ورائحة عطرها تملأ الغرفة وكأنها عادت للتو من حفل

اقتربت منها وجلست على طرفها من السرير وانحنيت

للأسفل أفتح خيوط الحداء وقلت " أرجوان استيقظي "

همهمت قليلا ثم قالت بهمس مبحوح " جابر "

خلعت حدائي ورفعت جسدي والتفت لها

وقلت " نعم وليس حلما "

ابتسمت وهي ما تزال مغمضة عينيها وقالت

" فقط الأحلام التي توجد فيها "

ثم مدت لي يدها وفتحت عيناها فأمسكتها وقلت مبتسما

" من أي حفل زواج هربتِ ونمتِ فورا "

أبعدت الخصلات عن وجهها وقالت مبتسمة

" أتزين كل ليلة يا ظالم وأنام وأنا أنتظرك "

قبضت على أصابعها بقوة وقبلت ظهر يدها وقلت

" لا أجد أحمر الشفاه على وسادتي ثانيتا تفهمي "

ضحكت ضحكة صغيرة وشدتني من ربطة العنق حتى

ملت جهتها وعانقتني تدس وجهها بين كتفي وعنقي

وقالت بهمس " اشتقت لك جابر "

مسحت على ظهرها وقلت " لو تعلمي حال عظام

جابر لرحمتهم فالتعب حطمهم "

تمسكت بي أكثر وقالت " لا دخل لي وأنا لي فيك حق "

ضحكت ضحكة صغيرة وقلت

" اتركيني أستحم ولنا حديث طويل "

ابتعدت عني وغادرت السرير ولفت جهتي ومدت

لي يدها قائلة " جهزت لك حماما لن تحلم به حياتك

مع زيوت استرخاء ستنام فيه من جماله "

ضحكت وقلت وأنا أقف معها " أنتي الخاسرة إن نمت هناك "

دفعتني جهته قائلة " بسرعة ولا تفهم الأمور كما يحلو لك "

دخلت الحمام وكان بالفعل جاهز ورائحة الزيوت تفوح

منه ولا إنارة إلا من الشموع الموزعة فيه فخلعت ملابسي

ودخلت مياهه من فوري لأشعر بخلايا جسدي تنفك عن

بعضها من كثرة ما كانت مشدودة من التعب , لما لا يوجد

واحد كهذا في المكتب ؟ اتكأت للخلف وأغمضت

عيناي أشعر أني في عالم غير هذا العالم

*
*

شغلت الفواحات في الغرفة وخرجت لمطبخ الجناح

سخنت الطعام الذي أتركه كل ليلة حتى الصباح دون

أن يأكل منه أحد لأنزله للمطبخ السفلي , ثم حملته في

أطباقه ساخنا لطاولة الجناح وعدت بعدها للغرفة

ولم يكن هناك , ما به هل كل هذا يستحم !!

طرقت الباب عدة طرقات , يبدوا نام هذا أو مات في

الداخل ! فتحت الباب ودخلت وكان مسترخ تماما في

حوض الاستحمام مغمضا عينيه , نعم أنا المخطئة ما الذي

سيخرجه من هنا الآن , جمعت ثيابه وقلت وأنا أخرج

" الطعام سيبرد لا تنم هنا "

وضعت الثياب مكانهم وخرجت من غرفة الملابس

على خروجه من الحمام كعادته شعره مبلل وجلس على

طرف السرير فتوجهت للمكيف أطفأته وأخرجت منشفة

وتوجهت نحوه وضعتها على رأسه وقلت وأنا أجففه له

" أخبرتك أني لست مستغنية عنك فابق حيا ولو من أجلي "

قال ووجهه مخفي عني بالمنشفة

" كيف تسير دراسة الأولاد "

أبعدت المنشفة وأنزلتها على عنقه وقلت

" جيدة و إن استمرا هكذا سيجتازان العام بتفوق كعادتهما "

ارتمى للخلف على السرير وقال " جيد "

قالها بتكاسل وأغمض عينيه فأمسكت يده وشددته
منها قائلة " قم هيا لتأكل شيئا وأين الحديث الطويل


الذي قلت عنه أم أنه هذيانك وأنت نائم "

شدني له بقوة لأقع على صدره وقال

" أنا لا أتحدث في النوم يا كاذبة "

قلت وأنا أحاول الابتعاد والوقوف مجددا

" بلى وما يدريك وأنت نائم "

شدني بذراعه لصدره بقوة وفتح عينيه وقال

" وما أقول إذا يا من تنامين قبلي "

قبلت خده وقلت مبتسمة " بل أنام بعدك وأسمعك أيضا "

ضحك ضحكة صغيرة وقال " وماذا تسمعين "

قبلت ذقنه ثم قربت شفتاي من أذنه وهمست

" تقول أرجوان لا تتركيني لا أستطيع العيش بعدك "

ضحك بصوت مرتفع ثم قلبني لأصبح تحته وقبل عنقي وقال

" يبدوا تحلمين كثيرا بسبب كثرة النوم يا لعوب "

تعلقت بعنقه وقلت " لن أجهز لك عشاء ثانيتا يا من تنام بعدي "

انشغل بقبلاته المجنونة ولم ينتبه حتى لما كنت أقول

ونمت في حضنه ممتنة لمن طرده اليوم ليعود لعائلته

وأولهم حضني المشتاق له بعدما أدمن جسدي وجوده فيه

ونمت وكأني أنا من كنت أكاد انهار تعبا ولم أشعر إلا

برنين الهاتف فانقلبت ومددت يدي أفتش عنه حتى أقفلته

وجلست ونظرت لمكان جابر فكان لا يزال نائما , غريب

أين تركه الديك الذي في رأسه يوقظه على الوقت تماما

شغلت الإنارة عند السرير وراقبت ملامحه على ضوئها

الخافت وهوا نائم بهدوء , ابتسمت ومررت أصابعي على

صدره وانحنيت على كتفه وقبلته قبلة صغيرة وابتسمت

ابتسامة جانبية على أفكاري ثم قبلت أسفل فكه ثم خده

فقال بهمس " لما لا تتابعين طريقك "

ضربته بأطراف أصابعي على كتفه وقلت مبتسمة

" سيفوتك وقت الصلاة تحرك بسرعة "

رمى اللحاف من عليه فغادرت السرير وشغلت النور

وخرجت للردهة جمعت الطعام الذي لا أمل في أن يؤكل

شيء منه وأشباهه هنا على ما يبدوا وأعدته للمطبخ ثم

عدت للغرفة أخرجت له ثيابه لحظة خروجه من الحمام

فقلت وأنا أمسك البذلتين " أيهما سترتدي "

قال وهوا يتوجه للخزانة " ولا واحدة منهما أخرجي

لي أي شيء تجديه أمامك غير هاذين "

رميتهما على السرير وقلت بابتسامة " تركوك لنا أخيرا "

قال وهوا يبحث في الخزانة " بل أنا من تركتهم "

توجهت نحوه وحضنت خصره واتكأت برأسي

بين كتفيه وقلت بحنان " ما هذا اليوم رائع "

دار ناحيتي وأمسك وجهي وقبل شفتاي وقال

" أريد معرفة سر هاتين الورقتين على الباب وفورا "

اتكأت على صدره وحضنت خصره قائلة " لن أخبرك أبدا "

قال بصوت مبتسم " اتركيني أدرك الصلاة إذا "

تركته وقلت وأنا أتوجه لغرفة الملابس " لا تمن سيد

جابر لا تمن .... كم مرة سأقولها "

وصلني صوته مرتفعا " لا تحظري ذاك القميص

الذي تحبينه أو خنقتك به "

قلت ضاحكة " أقسم أنه الأجمل عليك يا عديم الذوق "

أخرجت له ثيابا وقلت وأنا أعطيهم له

" سأوقظ أمجد خذه معك "

قال وهوا يلبس القميص " لا وقت أمامي سأتأخر "

قلت وأنا أغادر الغرفة " سأجرب إن أدركك خذه معك "

غادرت الجناح وتوجهت لغرفته فكان مستيقظا كما توقعت

لأنه المدة الأخيرة يذهب إما مع معتصم أو عم جابر وابنه

توجهت نحوه ورفعت القميص وقلت وأنا ألبسه له

" بسرعة لتذهب مع والدك "

قال وهوا يغلق الأزرار معي " هل عاد "

وضعت له حدائه أمامه وقلت " نعم وإن أدركته ستذهب معه "

لبسه بسرعة وخرج يركض ووصل السلالم قبل جابر بقليل

وانتظره هناك حتى وصل عنده ونزلا معا يمسح على شعره

وهوا يكلمه وراقبتهما حتى نزلا , كم نفتقد جميعنا وجوده هذا

معنا وما يعزيني أنه على الأقل على قيد الحياة ونراه ولو مرة

في اليوم أو بعد أيام , عدت جهة غرف الأولاد ودخلت غرفة

الفتاتين ووجدت ترف تلعب بالأساور في يدها وتكلم نفسها

كعادتها طبعا فتوجهت لسرير بيسان أيقظتها وأدخلتها للحمام

وهي تفرك عينيها قائلة " ألم نصبح بلا مدرسة لما نستيقظ مبكرا "

أوصلتها للمغسلة غسلت لها وجهها وقلت " صلي ثم

عودي للنوم فكما اتفقنا كل شيء إلا الصلاة "

تركتها في الحمام وهوا مفتوح طبعا ففوبيا الحمامات لم

تغادرها بعد وعدت جهة ترف , لا أريد أن أتهاون في

صلاتهم فبيسان تخطت السابعة وهوا سن التعليم وبما أن

ترف تستيقظ وحدها فلن أواجه مشكلة ( لما ترف فقط

نائمة ) جلست بجوارها وقبلت خدها وقلت وأنا ألعب

بشعرها " ما يشغلك عني ؟ أين صباح الخير ماما "

قالت وهي تحرك الأساور في معصمها

" صديقتي معي لم أنتبه لك "

ضحكت وقبلت خدها مجددا وقلت " وأي صديقة

هذه التي تزور الناس وقت الفجر "

حضنتني متعلقة في عنقي وقالت

" صباح الخير مامتي حبيبتي "

ضممتها لصدري بقوة وقلت " صباح

النور يا قلب مامتك "

خرجت بيسان حينها من الحمام فأدخلت ترف ثم

صلينا معا وبعد قليل طرق أحدهم الباب وفتحه

فكانت سيلا وقالت من فورها " صباح الخير سيدتي

السيد جابر ينتظركم عند طاولة الطعام "

وقفت وقلت " من معه "

قالت " أمجد والسيدة الكبيرة "

تنهدت وقلت " حسنا قادمون "

خرجت وهما تتبعانني والأسئلة لا تتوقف طبعا عن الوالد

الموجود على الطعام اليوم وعلى تناوله في الأسفل حتى

وصلنا وجلست بجانب جابر بعدما ألقيت تحية الصباح

بعمومية ولم أخصصها بها وجلست ترف بجواري وأمجد

وبيسان مقابلان لنا وبدأنا إفطارنا في صمت سوا من صوت

ترف التي لا تعرف كيف تسكت ولا أعلم كيف ليست كهذه

العائلة الموقرة ! يبدوان هي ومعتصم ورثا شيئا من

والدهم فهوا الغائب الوحيد والذي قد يكون مختلفا , بعد

وقت قالت والدته " متى قال لك زوج زهور سيأخذها "

شرب القليل من الماء وقال " أسبوعان أو يزيد قليلا "

عادت للصمت فنظر جابر ناحيتي وقال

" سنجرب إقناعها معا لتتسوق "

هززت رأسي بحسنا دون كلام فعاد بنظره على

الطعام وقال " بطاقتي لديك ولتشتري ما تريد "

قالت حينها والدته " أموالها من والدها تكفيها

وزيادة فلتقتنع هي فقط "

قلت ونظري على ترف أطعمها الزيتون

" عندما تكون من شقيقها ستكون بمعنى آخر "

قال ونظره على والدته " هل ستقيمين حفلا لها "

قالت ببرودها المميت ذاته وعيناها على كوبها

" لن ترضى شقيقتك فهل سنقيم حفلا بلا عروس "

حك جبينه ثم مرر أصابعه في شعره وقال بهدوء

" أميرة ستقيم حفلا من أجل شقيقها وعلينا

إقناع زهور لتكون هناك ولو قليلا "

قالت بسخرية " جرب ولن تخسر شيئا "

ما أبرع هذه العجوز في فن الاستفزاز وكأني ضرتها

ولست زوجة ابنها فما في الأمر إن طلب مني أن أقنعها

معه ولما تستهين بمقدرتي على ذلك فعلينا أن نجرب فقط

وليس بالضرورة أن ننجح , أفضل من إهمالها هكذا

وقف بعدها وقال " الحمد لله "

ثم قال مغادرا مكانه " أمجد الحق بي لمكتبي "

فتبعه من فوره وغادرت والدته بعدهم ونظرت

لي ترف وقالت " لما أمجد فقط "

مسحت لها فمها وقلت بضيق " لأنه ليس علينا

التدخل , إن أرادك لقال ترف تعالي "

مدت شفتيها كعادتها ثم قالت بعبوس " أمجد فقط يدخل

لمجلس الرجال ويخرج مع عمي منصور ومع عمي

معتصم ويزور الخيول ويدخل معه الآن للمكتب "

ضحكت وأنزلتها وقلت " علينا إيجاد حل

لك مع الأبواب المغلقة "

نزلت بيسان وقالت تخفي فمها بيدها موجهة

حديثها لترف " قد يكون سيوبخه أو يضربه "

ضحكتْ ضحكة صفراء وقالت " نعم حمدا

لله أنه لم يأخذني معه "

ثم ضحكتا معا وسارتا مسرعتين جهة الباب وتبعتهما

أضحك على خبثهما , معهما الحق يموتان فضولا لأن

أمجد لن يقول أبدا ما سيقول له خصوصا لو طلب منه

أن لا يخبر أحدا فلن يموت ذاك الفضول إلا بالتوقعات

السيئة , صعدت خلفهما ودخلت لغرفتهما وقالت ترف

" نلعب بالقلعة ماما "

هززت رأسي بحسنا وأنزلت مفتاح الغرفة من أعلى

ومددته لبيسان وقلت " لا أريد شجارا مفهوم "

قالتا وهما تغادران " مفهووووم "

بدأت بترتيب غرفتهم على دخول أمجد قائلا

" أبي قال أن تلحقي به لجناح عمتي زهور "

ابتسمت له وقلت " شقيقتاك عند القلعة اهتم

بهما بني تعرفهما تتشاجران دائما هناك "

قال مغادرا الغرفة " حاضر "

خرجت بعده أراقبه مبتسمة .... أمجد بدأ يكبر حتى

أنه أصبح أحيانا يناديني أمي وينادي والده أبي

التفت ناحيتي ثم عاد جهتي ووقف أمامي وقال

" أبي قال أن أنتقل لغرفة بجوار غرفة عمي معتصم "

مسحت على شعره وقلت مبتسمة " وعليك أن تفعل فورا "

هز رأسه بنعم وقال " قال أن أخبرك لتخبري الخادمات "

هززت رأسي بحسنا ثم قبلت خده وغادرت , يبدوا

حتى جابر أصبح يفكر فيه على أنه أصبح كبيرا

وعليه أن يعلم ويتعلم أن يعتمد على نفسه كي لا يكبر

معتمدا على غيره , سرت باتجاه ممر جناح زهور

فكان جابر يقف في بدايته يتحدث بالهاتف مستندا بيده

على الجدار فوقفت بجانبه وأحطت خصره بذراعي

فأنهى المكالمة وأمسك كتفي وسرنا سويا حتى باب

جناحها وقال " إن اتخذتْ أسلوب الصمت في

أي وقت يعني غادرا من نفسيكما "

ضحكت وقلت بهمس " طردة بأسلوب غير مباشر إذا "

طرق الباب وفتح مقبضه قائلا " لم تكن هكذا أبدا "

دخلنا وكان جناحها رائعا ويظهر عليه ذوق الأنثى ووقع

نظري على حوض الأسماك مباشرة من كثرة ما حكت

عنه ترف وبيسان , نظرت له وقلت " منذ يومين أرسلت

خادمتها وقالت أنها تريد أبناءك وقضوا معها وقتا هنا "

نظر لي باهتمام وقال بهمس " هذا تقدم كبير "

هززت رأسي بنعم مبتسمة على انفتاح باب غرفتها

وخرجت منه تنظر لنا بحيرة فقلت مبتسمة

" متسللان وأمسكتِ بنا "

ابتسمت ابتسامة صغيرة وعلى ما يبدوا هذا أكثر ما

تقدر عليه وتعتبر ضحكة طويلة , كانت ابتسامة جميلة

مثلها , لا أعلم هذا الذي تزوجها كيف سيخرج من المنزل

ويتركها لو كنت مكانه ما فارقت وجهها ليلا ولا نهارا

أشارت بيدها للأريكة وقالت " تفضلا "

توجهنا حيث أشارت وقال جابر " أحضرت لك معي

ثرثارة ستجعلك تطرُدينا بالصوت العالي "

جلسنا ونظرت له بضيق وقلت " كنت تركتنا حتى

خرجنا لما الإهانات أمامها هل تريد أن تنفرها

من الزواج من قبل أن تذهب له "

جلستْ والابتسامة لم تفارق وجهها , لهذا جابر يمزح

على غير عادته فيبدوا يحبها ولا يعجبه حالها هكذا

ويتمنى ولو زرع الابتسامة على شفتيها , جابر من لا

يقترب منه لا يعرفه على حقيقته , وطبعا لأني أعلم أنه

أحضرني لأتحدث أنا ووجوده هوا فقط لكي يكون وجودي

منطقيا فتحدث أنا قائلة " قبل زواجي زرت مجمعا للتسوق

رائع وكل شيء فيه أعجبني حتى كدت أشتري كل شيء

ما رأيك أن نذهب له معا لتشتري كل ما يلزمك "

أشاحت بوجهها وقالت ببرود " شكرا لك لكني لا أريد "

قلت من فوري " أنتي عروس لا تجعلي شيئا يعكر هذه

الفكرة في رأسك ومهما كان فعيشي حياتك , شقيقك

سيدفع كل ما ستشتريه فالعرض مغري حقا "

نظرت ليداها في حجرها وقالت " لا أحتاج شيئا "

قلت مبتسمة " لو كان لي شقيق لسحبت ماله حتى انتهى "

ثم تنهدت وتابعت بهدوء " كم تمنيت حياتي أني لست

وحيدة فأجمل شيء أن يكون لك عائلة يحبونك لذلك

غطى أبناء جابر حين كانوا معي كل ذاك المكان وكنت

متلهفة لأن يكبروا وخصوصا أمجد كي أشعر بمعنى

الشقيق الذي يرعاني ويوفر ما أحتاج وإن كان

أصغر مني بكل هذه السنوات "

ثم نظرت لجابر وقلت مبتسمة " لكن أمجد أحضر

لي هدية أكبر رجلا جاهزا وفر كل ذلك وأكثر "

ثم نظرت جهتها وقلت " جربي أن نزوره فقط ولا

تشتري شيئا إن أردتي "

قالت بحزن " أنا حقا لا أحتاج شيئا "

قلت بخيبة أمل " لم أتخيل أن تخجلينا وترُدينا خائبين "

نظرت للأرض بحزن ولم تتكلم ويبدوا دخلت حالتها التي

حكا عنها جابر فوكزت جابر وأشرت له بعيناي ليغادر

فهمس لي في أذني قائلا " لا تضغطي عليها كثيرا "

هززت له برأسي بمعنى حسنا وخرج في صمت فقلت

" أفهم شعورك يا زهور ويبدوا أنك مثلي حين تزوجت

جابر , أنا لا أعرف سبب نفورك منه لكني أعرف معنى

أن تتزوجي بغير اقتناع فتصوري أني لم أشتري ولا قميص

نوم أو ملابس خاصة ألبسها له ولبست قميص نوم من أول

ليلة ولو عاد بي الزمن للوراء لاشتريت تلك الأشياء

المبهرة ولكنت ارتديت في أول ليلة على ذوقي "

لم تتكلم فقلت بدون يأس " أنتي لا تعلمي قيمة نفسك

أقسم لو كنت في جمالك لبقيت طوال النهار

بقميص النوم ولن أخلعه "

نظرت حينها جانبا وابتسمت تمسك ضحكتها فقلت

مبتسمة " البسيه له فقط وانظري ما سيحدث له "

ماتت ابتسامتها وقالت " لن يفهم أحد وضعي يا أرجوان "

قلت بهدوء " لا أريد أن أتدخل في أمور لا تريدين

التحدث عنها يا زهور وأشعر أن ثمة ما يكدرك في

هذا الزواج لكني لا أريد أن تكسري بخاطر شقيقك

فاشتري ولو حليا وفساتين خروج وحين تقرري أنك


تريدين تلك الأشياء فقط أعطني الإشارة فتكون

لديك جميعها في لحظات "

تنهدت ورفعت شعرها خلف أذنها وقالت

" من أجله سأشتري ما قلته فقط "

وقفت وقلت " إذا لن نخرج مرة واحدة

وسنختار على مهل "

وقفت وقالت " لا هي مرة واحدة فقط "

اقتربت منها وأمسكت يدها وقلت " تلك من أجل

جابر وهذه أريدها من أجلي اتفقنا "

نظرت للأرض لوقت لكني لم أتحرك من مكاني

حتى أسمع رأيها فهزت رأسها بحسنا وقالت

" إذا مرتان أو ثلاث فقط "

قلت مبتسمة " موافقة رغم أن جسدك وبشرتك

الناصعة لن تتعبنا في الاختيار "

ثم قلت مغادرة " سنتفق فيما بعد على وقت خروجنا "

وخرجت من عندها وهي على صمتها وأرى جيدا

عدم اقتناعها بكل هذا لكن لن أيأس أبدا فعلى الأقل

تخرج من غرفتها وعزلتها , وصلت غرف الأطفال

وغرفة القلعة ولا أحد هناك ... غريب أين ذهبوا !!

توجهت لجناحي فلم يكن هناك أحد ولا حتى جابر

غيرت ثيابي وارتديت ملابس أكثر جمالا وأناقة

تنوره قصيرة عند الركبتين وقميص ضيق ملون

ومشطت شعري وأمسكته بمشبك ووضعت كحلا

وأحمر شفاه وخرجت من الجناح لأبحث عنهم في

الطابق السفلي فاختفائهم ليس طبيعيا وما أن وصلت

السلالم حتى كانوا صاعدين هم وجابر وما أن رأوني

حتى قالت ترف راكضة جهتي " ماما رأينا المسبح "

نزلت عندها وقبلت خدها وقلت " جميل وأين أصبح "

قال أمجد " سينتهي قريبا هكذا قال صديق أبي "

قال جابر " هيا لدراستكم الآن كي لا تحرموا منه "

توجهوا جهة غرفهم يتحدثون بحماس ووقفت أنا على

طولي وتوجهت جهته مبتسمة ووقفت على رؤوس

أصابعي وحوطت عنقه بذراعاي وقبلت خده وهمست

" حياتي بدونك لا تساوي شيئا يا جابر "

لف ذراعيه حول خصري وضمني له وقال

" والدليل "

ابتعدت عنه ونظرت لعينيه وقلت مبتسمة " اختبرني "

أمسك أنفي وقال " ماذا حدث مع زهور "

أبعدت يده وقبلتها وضممت ذراعه وسرنا

معا قائلة " وافقت أن نخرج وأكثر من مرة

لكن لتشتري أشياء محددة فقط "

فتح باب الجناح ودخل ودخلت بعده قائلة

" ما قصة رفضها لهذا الرجل رغم موافقتها عليه "

قابلني وقال ويداه في جيوبه ونظره جانبا " لا أعلم ولا

يبدوا أمرهما طبيعيا لكن لا أريد أن تدخل الظنون

رأسي فأنا أعرف زهور جيدا ورضا أيضا "

قلت بهدوء " يبدوا زواجها السابق السبب "

نظر لي وتنهد في صمت فحضنت وجهه بيداي وقلت

" ذاك لزهور والآخر للأولاد فماذا من أجل زوجتك "

أبعد يداي وقبل إحداهما والأخرى وضعها على صدره

وقال مبتسما " غداء في النرجسة البيضاء "

فتحت فمي من المفاجئة فتابع بابتسامة جانبية

" وليس الذي في السقف طبعا "

ضحكت وحضنته بقوة أدس وجهي في صدره

وقلت مبتسمة " أقسم أنها من دونك بلا معنى

ولا تسوي شيئا وبلا دليل "

*

*

وقفت أمام باب منزلهم وضربت الجرس فخرج

لي عمر فقلت له " أذهب وأخبر بتول أن ثمة فتاة

تريدها أمام الباب الخارجي ولا تتركها تخرج

دون عباءة وحجاب مفهوم "

هز رأسه بحسنا ودخل مسرعا وخرج بعد لحظات

وأخرج رأسه لي وقال " قالت اسألها من تكون

وأدخلها للباب الداخلي "

قلت مبتسما " قل لها لا تريد الدخول وتقول

أخرجي لي بسرعة "

قال بتساؤل " ولما لا تدخل لها بنفسك !! "

قلت ببرود " عمر نفذ بسرعة بلا كثرة أسئلة "

دخل وبقيت واقفا مستندا بجدار سور منزلهم يداي

في جيوبي حتى سمعت صوت خطوات حدائها فنظرت

خلسة فكانت ترتدي عباءتها وتضع حجابها على رأسها

فابتسمت بمكر وابتعدت قليلا حتى اقتربت خطواتها أكثر

وفتحت الباب ولم تجد أحد أمامه فأخرجت جزء من جسمها

تنظر للجانب الآخر فأمسكت بيدها التي تمسك بالباب

وسحبتها لي فصرخت قائلة " معتصم هل جننت أترك يدي "

لكني لم أكترث لها وسحبتها معي فقالت وهي تركض

خلفي " معتصم ما هذا الذي تفعله "

وصلت بها للسيارة قائلا " زوجتي وأريد الخروج معها "

استلت يدها من يدي وقالت بضيق

" لست زوجتك ولا زوجة أحد تفهم "

أمسكت يدها مجددا وقلت

" حسنا لستِ زوجتي أنا زوجك فقط "

شدت يدها مني بقوة فأمسكتها وفتحت باب السيارة

وقلت " اعتبري أني ابن عمك فقط يا بتول

ولا تجعلينا فرجة لخلق الله "

دخلت السيارة تتأفف فأغلقت بابها وركبت

فقالت بضيق " ومنذ متى يا ابن عمي تتنزه بي "

انطلقت وقلت مبتسما وأنا أنظر لها


" منذ الآن يا ابنة عمي "

كتفت يداها لصدرها ونظرت للأمام وقالت بضيق

" وما هذه الطريقة السيئة بدون علم أهلي ولا موافقتي "

نظرت لها ثم للطريق وقلت " أخبرت والدك أني سأآخذك

من المنزل ووالدتك لن يخفي عنها عمر شيء أو

ستتصل بوالدك وسيخبرها "

تأففت ونظرت جهة النافذة ولم تعلق فقلت مبتسما

" فرصة كما تريدين فأعطني إياها "

قالت ببرود ولازالت تنظر للنافذة

" أنا لم أرد ذلك ولم أطلبه "

لذت بالصمت ولم أعلق كي لا تقفز من نافذة السيارة

وشغلت مسجل الصوت وبدأت أغني مع الفنان

((احبك جدا واعرف أن الطريق إلى المستحيل طويل .... ))

قطعت صوته بأن مدت يدها وأغلقته ثم عادت بنظرها

للنافذة وقالت ببرود " لا أحب هذه الأغنية "

قلت مبتسما وأنا أمد يدي له " لا بأس نغيرها "

مدت يدها وأبعدت يدي قائلة " لا أحب جميع الأغاني "

ضحكت وقلت " لا مشكلة أغني أنا "

نظرت لي بصدمة فقلت بعد ضحكة " سيعجبك صوتي "

نظرت للأمام وقالت بضيق " إلا إن كنت تريد

أن أتقيء لك في سيارتك "

قلت بضحكة " وما نفع معامل غسل السيارات فلنجرب "

نظرت لي وقالت بحدة " معتصم "

أوقفت حينها السيارة وقلت مبتسما " لا أريد أن أقول

نعم يا حبيبة معتصم لأني أخاف أن تؤذيني "

نظرت جهة النافذة وقالت بضيق " كاذب "

قلت وأنا أفتح باب السيارة " لا بأس كاذب كاذب هيا انزلي "

نظرت لي وقالت بصدمة " ننزل أين "

أشرت بإبهامي للمكان وقلت " للمطعم طبعا "

قالت من فورها " وما نفعل في المطعم "

ضحكت وقلت " سنلعب لعبة النادل والزبون "

ثم تابعت وأنا انزل " سنتناول الغداء طبعا "

وقفت أنتظرها ويبدوا لا تفكر في النزول فتوجهت

جهة بابها وفتحته وقلت " هيا أنزلي "

مدت لي ساقها لخارج السيارة وقالت بضيق

" بحداء المنزل وعباءتي وحجابي كالأرملة "

قلت بصدمة " لا تفاولي علي لازلت في عز شبابي "

أمسكت الباب لتغلقه فأمسكته منها وقلت

" أنزلي هيا ما به حذائك ما أجمله وملابسك

أيضا ولا تهتمي لأحد مادمتِ تعجبينني "

نظرت لي نظرة قوية غاضبة فقلت بضحكة وأنا

أسحبها من يدها " ولا أعجبك ولا تحبينني بسرعة

قبل أن يلغوا حجزنا ويطردونا "

نزلت تتأفف فأمسكت يدها ولففتها حول ذراعي داخلان

حتى وصلنا الطاولة فقالت " اترك يدي لأجلس

ولا تخف لن أهرب منك "

ضحكت وتركت يدها وقلت وأنا اسحب لها

الكرسي " لا تضنين بي خيرا أبدا "

جلست ولم تعلق وما أن جلست حتى كان النادل

عندنا وقال " مرحبا بكما وماذا تطلبان "

نظرت له ثم لبتول وهي ترى قائمة المأكولات

وقلت مبتسما " سآخذ على دوق زوجتي "

خبأت وجهها في ورقة القائمة وتأففت بصوت

منخفض ثم أبعدتها ورمتها على الطاولة وقالت

" أريد سمكا مشويا وطبق قريدس وبلح بحر وإن

كان لديكم عصيرا من شيء من البحر فأحضره "

نظرت لها بضيق ... هذه المحتالة تعلم أنني اكره

المأكولات البحرية , اختفى النادل في طرفة عين

كي لا نغير شيئا وقلت ببرود " ستأكلين كل ما طلبته "

قالت بابتسامة جانبية " الم تدعوني للغداء فتحمل إذا "

قلت بنفاذ صبر " بتووول "

قالت بضيق " أعدني للمنزل إذا "

تنهدت وقلت " أمري لله سأستحمل "

ضربت بقبضتها على الطاولة وقالت بحدة

" لم أطلب منك جلبي لتستحملني "

قلت بابتسامة جانبية " أخفضي صوتك أم

تريدين أن يروا حدائك "

قالت بأسى " لما تكرهني لما تفعل بي

هذا ولماذا تسخر مني "
تنهدت وقلت بهدوء " بتول أرفعي


هذه الأفكار من رأسك "
أحضروا الطعام فأخذت المنديل وأغلقت انفي

به وقلت " كلي بسرعة ليأخذوه "

كتفت يداها لصدرها وقالت " لا أريده "

قلت بضيق " بتول توقفي عن لعب الأطفال "

قالت ببرود " قلت لا أريده فكله أنت أو تصرف به "

أشرت للنادل وما أن جاء حتى قلت له " أرفع كل هذا

واحضر لي طبقي المعتاد وسأدفع كامل الحساب "

حملوا الأطباق بسرعة فأبعدت المنديل وقلت بهدوء

" بتول لا تفكري أنك بهذا ستجعلينني أطلقك "

شربت من كوب الماء وقالت ببرود

" لا يهم ففي النهاية ستطلقني "

جلبوا لنا الأطباق الأخرى وأمسكت الشوكة وقلت

وأنا آكل من طبقي " كيف تسير أمور دراستك "

نظرت للجانب الآخر وقالت " كالعادة "

قلت بذات هدوئي وأنا منشغل بالطعام

" أنا سأجتاز العام بسهولة فلا أروع من أن

تدرس ما ترغبه وتتمناه "

نظرت لي فقلت مبتسما " وماذا عنك أنتي ماذا

تريدين أن تدرسي في الجامعة "

نظرت للأسفل وقالت " لم أقرر "

وضعت الشوكة وقلت " لابد وأن لك ميولا لشيء

ما فلا أحد لا يريد أن يكون شيئا "

قالت بحزن ونظرها لازال للأسفل " لم يتركني أحد

أتمنى شيئا فمدرس اللغات تسبب بإعادتي لعام كامل

ووالدتي نزعت وقتي في تربية أبنائها الذين لا يكبرون

ولا ينتهون ووالدي نزع مني حريتي الشخصية

وزوجني دون علمي , هذا غير من سخر مني حتى

أصابني بالإحباط وجعلني أكره اسمي ونفسي "

تنهدت بحيرة وأنا أراقب ملامحها , هل ترى نفسها

هكذا ؟ هل هي محبطة لهذا الحد ولا يلحظها أحد

كانت نظرتي لها دائما أنها مدللة حد أنها لا تعرف

الصحيح من الخطأ والغير المهم من الضروري

قلت بهدوء " وأنا كنت دائما اشعر أني شيء لا معنى

له في الحياة فمن هم في سني أنهوا دراستهم وتخرجوا

وتزوجوا وأنا لم ابدأ دراستي بعد لأني أريد شيئا ووالدتي

تريد مني أن أكون كما تريد وحتى من أردتها زوجة

تكرهني وحين تزوجتها أخفيت الأمر عنها كي لا أشعر

أكثر أني غير مهم بالنسبة للجميع "

نظرت لي بعينان تمتلئ دموعا وقالت بأسى

" لما تزوجتني وأنت تكرهني "

تنهدت وقلت " أنا لا أكرهك يا بتول "

هزت رأسها بلا لتنزل أول دمعتين فوقفت وجلست

في الكرسي المجاور لها ومسحت دموعها بالمنديل

وقلت " حسنا لا تبكي ولن نتكلم في الأمر "

ثم أدخلت يدي في جيبي وأخرجت علبة فتحتها وقلت

" دعيني على الأقل ألبسك خاتم الزواج "

خبأت يداها تحت الطاولة فأخرجتها وقلت

" ارميه حين يطلقك مني لكن الآن اقبليه "

قالت بضيق وهي تشد يدها " لا أريد قلت لك لا أريد "

تركت يدها وأعدته لعلبته وأغلقتها وقلت بحزن

" أعلم أني فاشل في كل شيء راعي مشاعري على الأقل "

لم تتكلم ولم ترفع رأسها فتابعت " لا تكوني

ووالدتي دراستي وحياتي جميعكم علي "

انتظرتها في صمت حتى أخرجت يدها ومدتها

لي قائلة " الآن فقط ولا أعترف بك "

ابتسمت ابتسامة انتصار تخالطها ابتسامة مكر

وأمسكت يدها وألبسته لها ثم رفعتها لشفتاي وقبلتها


وحضنتها بكلتا يداي وقلت وأنا انظر لملامحها

" أتمنى أن يبقى فيهم للأبد "

نظرت لي لتلتقي عينانا ثم سرعان ما شدت يدها

وسحبتها من يداي وقالت " يكفي أعدني للمنزل "

قبلت خدها بسرعة لتقف منتفضة ثم وقفت وقلت

ضاحكا " للمنزل يا متعبتي "

*
*

كان اليوم مميزا ولا أصدق أنه أخرجني للغداء رغم

أننا عدنا سريعا لاتصال ورده ثم غادر فورا لكنه الآن

اتصل وقال أنه عائد للقصر والوقت لازال مبكرا , لما

يصبح الرجال مهمين في حياتنا بسهولة وبلا تعب ولا

مجهود بينما تسعى المرأة وتتعب كي تحضا بحبه

سمعت خطواته في الجناح فعدلت قميص النوم ورتبت

شعري لحظة دخوله وأغلق الباب خلفه ثم نظر له

وأمسك طرف الورقة المعلقة به وقال ونظره عليها

" متى سأعرف سر هاتين الورقتين "

توجت نحوه وأبعدت يده عنهما ثم وقفت على رؤوس

أصابعي وقبلت خده وقلت " عليك أن تكتشف وحدك "

نظر لهما وقال بتفكير " القبلة بأحمر الشفاه عمودك

أنتي بالتأكيد والآخر تحت الشارب عمودي أنا "

ثم نظر جهتي وقال بضيق " ولما عمودك في واحدة

يكاد يمتلئ والأخرى مثله وأنا في واحد

عدد قليل والآخر صفر "

حركت كتفي مبتسمة بمعنى لا أعلم فتتبع بإصبعه

العمود وقال " اليوم زدتِ لي واحدة فما يعني "

حضنت ذراعه واتكأت عليها وقلت

" فكر واسترجع ذكريات اليوم وستعرف "

لاذ بالصمت لوقت ثم حضن خدي بكفه ومال

برأسه ورفع وجهي له وقبل شفتاي ثم قال بمكر

" أضيفي واحدة لي الآن "

أملت فمي وقلت بضيق " كيف علمت "

ضحك وقال " سهلة جدا "

تنهدت بقلة حيلة وتركت ذراعه وأمسكت القلم المعلق

معهما على الباب وأضفت له واحدا في عموده فقال

متجها للخزانة " لكنك مخادعة فأنا أملأ العمود في ليلة "

وقفت مستندة بالباب وقلت بابتسامة

" الليل لا يحسب منه شيء "

عاد بعدها ناحيتي ووقف أمامي محاصرا لي

بيديه وقال " وماذا إن ملأته الآن "

قلت بعد ضحكة صغيرة " تحسب واحدة طبعا "

أمسك ذقني ورفع وجهي له وقال " هل تقصدي

أنك تعطيني على كل ليلة واحدة فقط "

قلت بهمس " نعم "

رفع ذقني له أكثر لارتفع على رؤوس أصابعي ومال

برأسه وقبلني قبلة طويلة ثم أبعد شفتيه ببطء

وقال بهمس " محتالة "


ضحكت ضحكة صغيرة ومسحت بيدي على خده

وقلت ونظري في عينيه " سأجعل هذه اثنتان لروعتها "

ابتسم بمكر ثم قال " والورقة الأخرى "

هززت كتفي أرفض الإجابة فشدني له وحاصر

خصري بذراعيه وقال " تجيبين الآن وإلا "

ابتسمت ومسحت بكفي على صدره الصلب العريض

وكتبت عليه بإصبعي وأنا أقولها مع حركته وبهمس

" أحـــــــبـــــك "

ثم رفعت نظري له وأملت رأسي قليلا وقلت بابتسامة

" عليا أن أضيف واحدة لي الآن "

رفعني للسرير ورماني عليه وجلس فوقي فقلت

بضحكة " ألن تملئ فيه شيئا كالآخر "

مسح بكفه على طرف وجهي ومال وقرب وجهه

حتى تلامست أنوفنا ثم قبلني قبلة طويلة أفقدني

فيها نصف حواسي ثم ابتعد قليلا وملأ صدره بالهواء

وقال بهمس " أنا لا أعترف بالحب يا أرجوان "

لتتصلب جميع مفاصلي وتنفتح عيناي على اتساعهما

من الصدمة وما أن فتحت فمي لأتكلم حتى أغلقه

بأصابعه وقال وعيناه في عيناي " هل سألتِ نفسك يوما

لما لم تحبيني من قبل أن أتزوجك أو من قبل أن تريني

قبّل بعدها عنقي قبلة واحدة ثم نظر لي مجددا وقال

" أنتي اعتدت وجودي في حياتك فقط يا أرجوان

أعترف أن هناك شيء أسمه عشرة وأسمه تعود

واحترام بين الزوجين لكن حب هذه كلمة اخترعها

الناس ليغطوا بها بعض أكاذيبهم فكم من علاقة

وزواج فشلا تحت هذا المسمى "

أبعدت يده على شفتاي وقلت بهمس مصدوم

" لكني أحبك "

قال مبتسما وهوا يمرر إصبعه على شفتاي " بل اعتدتِ

وجودي في حياتك ووفرت لك أشياء تفتقدينها "

هززت رأسي بلا وعيناي تمتلئان بالدموع من فظاعة

ما سمعت منه , قبل شفتاي قبلة صغيرة وقال

" الحب مجرد كذبة اخترعها البشر "

بدأ تنفسي يعلو ويهبط ليحرك صدري للأعلى

وأسفل بقوة وقلت ببحة " وهذا بما تسميه "

قبل شفتي مجددا وقال بهمس " هذا فطرة وغريزة يا أرجوان "

وانتقل بعدها لعنقي يقبله بشغف لتنزل الدموع التي أمنعها

من النزول وكلماته تحرق قلبي حرقا ... غريزة وتعود

وعشرة , هل يرى هذا غريزة فقط هل نحن حيوانات

نعم لهذا مارسه معي من أول ليلة فهوا صادق لا يراه سوا

غريزة بل شهوة لن يختلف عنده الأمر إن كنت أنا أو غيري

في هذا الموضع الآن , هل يراني شخص اعتاد وجوده

في حياته فقط , كنت أشعر بقبلاته على جسدي كالجمر

ولأول مرة أشعر بهذا الشعور معه وكأني أنام في حضن

الشوك بل وكأن حضنه تحول لأشواك , أغمضت عيناي

بشدة والدموع ترفض التوقف , الآن فقط فهمت وضعي

هنا ومكانتي لديه , الآن فقط أدركت أني مجرد أداة لغرض

ما يمكنه إبدالها بأخرى دون أن يبالي فكل ما بيننا في

نظره عشرة وتعود وشهوة تغطيها أي امرأة


نهاية الفصل
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اوجاع مبعثرة روحي الاوتشيها نثر و خواطر .. عذب الكلام ... 4 08-28-2012 05:23 PM
العاصفة nabillo محاولاتك الشعرية 5 05-10-2011 12:10 AM
اوجاع الحب **سعادتي وياك** أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 1 08-14-2009 10:16 PM


الساعة الآن 10:38 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011