عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة

روايات طويلة روايات عالمية طويلة, روايات محلية طويلة, روايات عربية طويلة, روايات رومانسية طويلة.

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #16  
قديم 12-29-2015, 11:36 AM
oud
 
الفصل السادس عشر


بقيت أنظر له بصدمة حتى كسر نظرته وقال بهدوء

" كيف حالك يا مي "

تنقلت بنظري بين ملامحه ثم قلت ببحة " بخير "

قال ونظره لازال أرضا

" إن احتجت أي شيء فترة غياب نواس فأخبريني فقط "

قلت وعيناي لا تزالان معلقتان به " هل أنت صديق نواس الذي يعيش هنا "

رفع نظره لي وقال " نعم إن لم يضايقك ذلك "

قلت من فوري " أبدا ولما سأتضايق فقط تفاجأت لأني لم أكن أعلم "

قال باستغراب " ألم يخبرك نواس !! "

هززت رأسي بلا وقلت " قال فقط أنزلي بالحجاب "

قالت راضية مبتسمة " عرفاني بكما فيبدوا أني

أعرفكما ولا أعرفكما أيضا "

نظر وليد جهتها وقال " مي تكون ابنة خالتي "

كانت تتحدث معه بمفاجأة وأنا عيناي علقنا على ملامحه

كنت أعلم أني منحوسة ولكن ليس لهذا الحد , وليد وهنا ! وبعدما

علمت أنه أراد خطبتي ! لو أعلم فقط من هذا الذي دعا عليا دعوة

سيئة وصلت للسماء فورا , كنت أعلم أن وليد يواجه مشاكل مع أحد

أعمامه وأخذ كل أموال والده منذ سنوات وأنه يعمل في مدينة

بعيدة لكن لم أتوقع أن يكون هنا

قالت راضية بابتسامة " إذا أنتما أبناء خالة ولا أعلم "

قال مغادرا ونظره للأرض " نعم وإن احتجتما شيئا فلا تترددا "

ثم غادر , نعم اختفى من أمامي كما جاء , ترى أيكون احد

أسباب زواج نواس بي طلب من وليد ؟ ولكن مستحيل ثم لما

لم يرجع لخطبتي رسميا أم صدّق كل ما حدث ولكن ما كان

ليخاف إن كان نواس يعاملني بقسوة إن كان بالفعل يصدق أني

فتاة سيئة , أخرجني من أفكاري صوت راضية وهي تقول

" مي أنا أكلمك "

نظرت لها وقلت " ها ... لم أسمعك "

قالت بابتسامة " أتحدث معك منذ وقت وعيناك معلقتان

عند الباب , يبدوا فوجئت بوجوده هنا "

هززت رأسي بنعم دون كلام فلازلت أعيش تأثير الصدمة

وإعصار اللقاء بعد كل هذا الوقت , قالت بابتسامة

" وليد نكهة المنزل هنا رغم أنه مزعج ويزعجني كثيرا لكني

لا أتخيل المكان من دونه ولم أتصور أن يكون ابن خالتك "

قلت بشبه همس " ولا أنا "

ضحكت وقالت " ولا أنتي ماذا "

قلت وعيناي ستدمعان " ولا أنا تخيلت هذا "

ثم غادرت المطبخ وصعدت لغرفتي فورا أحاول فقط أن لا أبكي

فتحت النافذة ووقفت أمامها لأجده في طرف ساحة الخيول المقابلة

يمسك لجام إحدى الخيول ويلف بها حول نفسه في حركتها البطيئة

وهي تدور حوله , فأغلقت النافذة وابتعدت عنها , تخيلي هذا يا مي

هوا أمامك الآن في كل مكان في المزرعة ولا مهرب لك منه

توجهت من فوري للخزانة أخرجت الصندوق وأخرجت منه علاقة

مفاتيحه وجلست على السرير قبضت بيدي عليها بقوة وضممتها

لصدري لتنزل دموعي التي أسجنها منذ وقت

*
*
أخرجتْ إحدى سماعتي الأذن من تحت حجابها

وقالت " وسن بسرعة ضعيها واستمعي "

نظرت لها ثم نظرت للبعيد وقلت ببرود " ملآك توقفي عن الجنون

واتركي هذه الإذاعة , حتى في الجامعة تستمعين لها "

وضعت لي السماعة تحت حجابي عند أذني ورغما عني ثم رفعت

الصوت في هاتفها وقالت " سيتصل بالبرنامج الآن لقد ذكروا اسمه "

تنهدت بضيق وأنا أستمع معها للمذيع وهوا يقول

" سنترك لك الخط مفتوحا يا أحزان السنين "

جاء حينها الصوت الرجولي الهادئ وكأنه روحاني يبعث في

النفس السكينة قائلا " شكرا لك أردت فقط أن أقول أنّنا كلنا في

الحياة مسافرون والحياة باقية كما الحزن باقي , موضوع حلقتك كان

مميزا جدا كنت انتظر أن أستمع لمداخلة ملاك الليل أولا ولكن يبدوا

ثمة ما منعها الليلة , رأيي في موضوعك أن الموت نعمة أكثر من

كونه نقمة فنحن نحزن على موتانا ونشتاق لهم ونفتقدهم وفي ذات

الوقت نحمد الله أنهم غابوا عنا ونحن نحبهم ويحبوننا فبعض الأحياء

ماتوا من وجودك وهم على قيد الحياة فتتمنى أنهم ماتوا قبل أن تصدم

بهم وبحقيقتهم , جعلتني الليلة أسافر كثيرا بذكرياتي لكل من ماتوا

وغابوا عني من سنوات وتذكرت أشياء جميلة عنهم وجعلتني أبتسم

تلك الابتسامة الحزينة فشكرا لك وتحيتي لكل مستمعيك الليلة

وكما أقول دائما لن أحزن إن سرقت من فرحي السنين "

نزلت دمعتي ومسحتها وأنا أتذكر أمواتي أيضا على صوت

المذيع يقول " مداخلة مميزة ككل حلقة ومداخلات كثيرة وجهت

لك التحية وتنتظر مداخلتك وملاك الليل فشكرا أحزان السنين "

أخرجت السماعة من حجابي ورميتها عليها قائلة بضيق

" من قال لك أني أريد أن أحزن على حزني , لا بارك الله

فيك ولا في أحزان سنينك ذاك "

ضربتني على كتفي وقالت " لا تدْعي عليه يا مغفلة "

ثم ضمت يداها لصدرها وقالت

" استمعت له البارحة والإعادة فجرا والآن ثالث مرة "

نظرت لها بنصف عين وقلت

" ولما لم تصدعي رؤوسهم أنتي أيضا بشعاراتك ككل حلقة "

ضحكت وقالت " أردت أن أرى إن كان سيفتقدني أم لا "

قلت ببرود " ملاك ما هذا الهراء لا تتعلقي بالأوهام وتنتهي كنهايتي "

وقفت وقالت بضيق واضعة يداها وسط جسدها

" مابك يا وسن تعكرين المزاج وتتعسينني في غمرة فرحتي "

وقفت أيضا وقلت " لا أعلم كيف تتعلقين بشخص عبر برنامج في

المذياع كل ما بينكم شكرا يا ... شكرا يا .... وكلامك رائع وووو

ملاك لا أريدك أن تسقطي على قلبك فنحن الفتيات مغفلات دائما

ونصدق الرجال بسهولة وأراك أكبر مغفلة في الوجود , هوا

حتى لم يقل شيئاً تصدقين به نفسك "

تجاهلتني وغادرت داخلة لمبنى الجامعة ووقف أمامي

طلال قائلا " مرحبا وسن أين ملاك وماذا عن رسـ ..... "

قلت مغادرة من أمامه " ليس بعد سنوقف كل شيء الآن "

ثم خرجت من الجامعة عائدة للمنزل , نواس سيعود اليوم ومؤكد

سيزور والدته الآن لأني غير موجودة فأنا بث كالوباء يهرب منه

دائما لذلك علينا تصفية الحسابات سريعا

*
*
طرقت الباب وفتحته على ابتسامتها الحنونة قائلة

" مرحبا بني وحمدا لله على سلامتك "

دخلت واقتربت منها وقبلت رأسها وقلت

" سلمك الله كيف أنتي الآن "

قالت بهدوء " أشعر أنني أفضل , كيف كان عملك وتجارتك "

جلست وقلت " جيدة ولم يضع تعبنا سدا "

قالت مبتسمة " وفقك الله بني ولي عليك عتب يا نواس "

قلت من فوري " لماذا يا أمي ما الذي فعلته "

قالت بلوم " ألم نتفق أنك لن تدفع أي نقود بخصوص دراسة

وسن فلما تذهب للجامعة وتدفع كل المال "

قلت بضيق " لأن ابنة شقيقتك فقدت عقلها , كيف تقدم على منحة

الجامعة من أجل رسالة تخرجها كالأيتام والمتسولين ليدرجوا أسمها

معهم وكأنهم يتصدقون عليها وعلينا والمال لدينا يكفيها وكل دفعتها ويزيد "

قالت بجدية " ولكنك تعلم وجهة نظرها وسبق واتفقنا هنا جميعنا

ووافقت هي على كلامك وجاءت للعيش معي وأنت ضربت كلامي

وكلامها عرض الحائط بأن تنهي دراستها بعيدا عن مالك "

قلت بحدة " أي جنون هذا الذي تقولينه يا أمي كيف لا أدفع لها المال

هي في النهاية ابنة خالتي وأنا وليها ووكيلها "

قالت ببرود " ذاك قبل أن ينكسر كل شيء , وسن مجروحة مثلك

يا نواس ولست وحدك تشعر بالذل ولك كرامة "

قلت بضيق " تقفين في صفها دائما وضدي , تشعرين بها وبي لا "

تنهدت وقالت " بل اشعر بكل واحد منكما وكما أقول لك ضع

نفسك في مكانها أقولها لها دائما "

أشحت بنظري للجانب الآخر فقالت " تكلم لما سكت "

نظرت لها وقلت بحدة " وهل تعلمي أنها طردت السائق من أمام

الجامعة وتركب سيارات الأخرى فكيف أتعامل معها برأيك "

فتحت حينها وسن الباب وقالت

" تتركني وشأني ولا دخل لك بي هكذا تتعامل معي "

وقفت وقلت بحزم " اسمك لن يدرج مع من تتصدق عليهم

الجامعة بالمال قلتها وانتهى الكلام في الأمر "

رمت بإصبعها في الهواء وقالت بغضب

" كم مرة قلت لا أريد مالك لما لا تفهم أنت "

صرخت أمي بتعب " توقفا وأنتما كالأطفال "

نظرت لها وقلت صارخا " لا لن نتوقف هل تراني رجلا أمامها

أم طرطور تفعل ما يحلو لها وأوافق على ما تريد وكلها

أمور أبعد ما تكون عن العقل "

قالت وسن بحدة " نعم بت أنا الآن في نظرك المجنونة الطفلة وأصبحتُ

الآن صاحبة الأفكار الناقصة عديمة التربية التي لا تحترم الرجال "

نظرت لها وقلت بحدة " وسن احترميني "

قالت بحرقة " وزدها عليهم هي أيضا "

قلت بغضب " وسن توقفي "

امتلأت عيناها بالدموع وقالت ببحة بكاء

" نعم فأنت بعدها أصبحت لا تراني سوا نكرة ناقصة عقل "

أشحت بوجهي جانبا قبل أن أرى دمعتها تنزل على خدها

فوصلني صوتها قائلة بحزن " سأتزوج وأرحمك مني يا ابن

خالتي لترتاح ويرتاح دماغك "

رفعت نظري جهتها بسرعة مصدوما فلم أجدها عند الباب

اختفت !! رمتني بها وغادرت , نظرت جهة والدتي فقالت بضيق

" متى ستعقلان كليكما , حمدا لله أنكما لا تملكان السلاح "

بقيت انظر لها بجمود ثم قلت " من هذا الذي ستتزوجه ؟ "

قالت بجدية " كيف ترفض ابن خالة فرح من نفسك

ودون أن تسألها عن رأيها "

قلت بعد صمت " وكيف علمتم بذلك "

قالت ببرود " علمت منها وهي لا اعلم كيف علمت "

نظرت جهة الباب بغيض .... تحدث معها إذا , لم يخطر

في بالي أن يفعلها , ما قصده بهذا أيلعبها من ورائي

" وهي وافقت "

أعادت هذه الجملة عيناي لوالدتي لأنظر لها نظرة من أصابوه

برصاصة في قلبه وبقيت انظر لها كالتائه فتابعت " قالت أنها موافقة

فأتمم الأمر معه , هوا الحل الوحيد لكما والسنين كفيلة بمحو كل ما كان "

رميت بيدي في الهواء وقلت بحرقة

" أي سنين وأي هراء يا أمي ما الذي ستمحوه السنين من ماذا "

قالت بهدوء " أنت تزوجت ولك حياتك وستصبح لك عائلة وهي

أيضا عليها أن تُقدم على هذه الخطوة وتبتعد عن هنا هوا

الحل الوحيد بكل سلبياته "

نفضت سترتي أريد الكلام بغضب الصراخ أي شيء ولم يخرج من

حنجرتي ولا صوت فتوجهت لباب الغرفة وأغلقته بقوة وعدت جهتها

وقلت ضارباً على صدري وبحرقة " تقتلينني يا أمي هل

تريدي قتلي بالبطيء "

امتلأت عيناها بالدموع وقالت بأسى

" ولما تقتلها هي يا نواس , توقفوا عن إحراق قلبي عليكما "

كانت المرة الأولى التي أرى فيها دموعها تملأ عيناها رغم

مرضها وألمها لسنين فجلست بجانبها وضممتها لحضني

استمع لبكائها المكتوم ثم قبلت رأسها وقلت

" كل ما تريدينه سيحدث , أموت أنا ولا أرى دمعتك يا أمي "

ابتعدت عن حضني وقالت " وتفعلها حقا ومهما كانت "

مسحت دموعها وهززت رأسي بنعم فقالت

" حتى إن لم ترضاها نفسك "

قبضت على يدي بقوة وقلت بألم " أعدك بذلك "

قالت من فورها " تزوجها إذا "

بقيت أنظر لها بصدمة فقالت " أنت وعدت فأفي لي بوعدك "

وقفت انظر لها بصمت فقالت بجدية " تزوجها أو اتركها تتزوجه "

قلت بضيق " وهل تري زواجي بها حلا وسينهي المشكلة ؟ هوا

سيعقدها أكثر وزيدي عليه أن تعلم أنك من طلب هذا "

نظرت لي بصمت وثبات وكأنها تذكرني بوعدي لها منذ قليل

فهززت رأسي ثم نظرت لها وضربت على صدري بقبضتي

وقلت بأسى " مجروح منها يا أمي مجروح حد الوجع وأنتي

تري بعينك كيف تزيد جرحي في كل مرة أكثر "

قالت بجمود " وتحبها ولا تستطيع تزويجها لأحد وكلما تحدثت

معك في الموضوع انتفضت واقفا وكأن الكرسي تحتك تحول

لمسامير , أنت تناقض نفسك يا بني "

أبعدت نظري عنها وأمسكت عيناي بأصبع يدي أتنفس بقوة

فوصلني صوتها هادئا " تزوجها وارحم نفسك على الأقل

والجراح كفيلة أن يداويها القرب يا نواس "

أبعدت يدي عن عيناي ونظرت لها وأشرت بإصبعي للباب

وقلت بسخرية " أنتي ترينها بعينك كيف تهينني ومع هذا لا

تعلمي ما تفعله بداخلي , هي لا تزيدني إلا جروح "

قالت بهدوئها ذاته " أنا أراها كما أراك وكل واحد منكما يجرح نفسه

قبل أن يجرح الآخر , لا تمت بحسرتك يا بني فلن ترتاح إلا وهي

في حضنك فلا تتركها لغيرك ولا تستهن بالأمر فأنت لم تجربه "

لذنا بالصمت لوقت طويل حتى وصلني صوتها قائلة

" ماذا قررت "

نظرت لها وقلت " ليس الآن "

قالت من فورها " متى إذا "

أبعدت نظري عنها وقلت " لا أعلم حتى أنسى جرحي أولا "

قالت بهدوء " عامان مرا يا نواس إن كنت لا تعلم "

نظرت لها وقلت " هي لن توافق في كل الأحوال "

قالت بسخرية " تبحث عن الحجج يا نواس ؟؟ أتركها

تتزوجه إذا وأرني كيف سيشفى جرحك "

تركتها وخرجت من الغرفة ومن المنزل برمته

*
*
وصلت المنزل مقربة العصر فأنا وطلال قررنا العمل على

رسالة التخرج بالخفية عن وسن ولن ننتظر حتى تحل مشاكلها

وابن خالتها على حساب وقتنا ومستقبلها ومستقبلنا , توجهت

للداخل ومررت بغرفتها أولا طرقت الباب ومددت رأسي

قائلة بابتسامة " مساء الخير على أروع جدة في الوجود "

رفعت رأسها مما كانت منشغلة به وقالت ببرود " أي جامعات

هذه التي يبقون فيها حتى المساء ! أين تذهبين يا فتاة "

دخلت وقلت ضاحكة " وأين لي غير الجامعة نحن نعمل على

رسالة التخرج , أخبرتك مرارا "

تنهدت وقالت " أعرفك مجنونة وتعرفين والدك جيدا لا يرحم "

جلست بجوارها على السرير وضممت كتفها وقلت بحنان

" ووالدي لم يتركني هنا معك لأدرس في جامعة العاصمة إلا

لأنه يثق بك وبخالي وبي وإلا ما وافق وأنتي تعرفيه أكثر مني "

هزت رأسها بنعم دون كلام فقلت " الم ترجع إيمان بعد "

قالت بضيق " متى ذهبت لترجع ومتى رجعت لتذهب اتركيها

هناك علنا نرتاح من شجارهما الدائم قليلا "

ضحكت وقلت " لم يكن هذا كلامك سابقا وكنتِ تقولين

دائما أن ابنك لا يخطئ "

قالت ببرود " اذهبي وأعدي شيئا نأكله بدلا من الجلوس والثرثرة "

وقفت وقبلت رأسها وقلت " من عيناي ولتعلمي فقط فوائد إيمان

على الأقل تطهوا لكما الطعام "

تمتمت بكلمات لم أفهمها فخرجت مبتسمة , أعان الله إيمان

عليك وعلى ابنك , طهوت شيئا سريعا نأكله ووقف خالي

عند الباب وقال " رائحة طعام هنا "

نظرت له وقلت مبتسمة " بل رائحة رجل بلا زوجة فاذهب

وأحضرها فأنا لا يمكنني الدراسة والاهتمام بالمنزل معا "

قال ببرود مغادرا " هي خرجت من نفسها وهي تعود ومن نفسها "

تنهدت بضيق وأكملت ما كنت أفعله , وضعت له ولجدتي الطعام

وأخذت طعامي لغرفتي فلست بمزاج لهما فسيفتحان

الموضوع نفسه ويصدعان رأسي بمشاكلهم

أنهيت طعامي وصليت المغرب ونمت من فوري حتى

صلاة العشاء استيقظت وصليت وخرجت للمطبخ طبعا لأعد

شيئا للعشاء , ألم تجد وقتا لترجع لأهلها غاضبة إلا الآن

آه منكم أنتم الرجال , ترى هل أحزان السنين مثل خالي وابن

خالة وسن !! لا لا هوا يبدوا هادئا ورقيقا وصوته يا إلهي عذبا

كالماء ليس ذنبي بل الذنب عليه هوا علقني به , نعم ليس وهم هوا

حقيقة وهذا يكفي , ترى كيف شكله وما هوا اسمه وما هي قصته مع

اسم أحزان السنين , نظرت للمقلاة وصرخت بصدمة وأبعدتها عن

النار , لقد كاد يحترق العشاء بسببه , تعشينا معا ثم عدت لغرفتي

وانشغلت بدراستي وعند الحادية عشرة والنصف فتحت المذياع في

هاتفي ووضعت السماعات في أذناي وأنا جالسة على السرير كي لا

يفوتني شيء من البرنامج ولا أسمع مداخلته , بدأ المذيع في استقبال

الاتصالات حتى شعرت بالمرض من الذي يشكي والذي يبكي

ويحكي قصته وكان موضوع الحلقة عن النسيان , انتظرت طويلا

ويبدوا أنه لن يتصل هذه الحلقة , أمسكت الهاتف واتصلت بالبرنامج

فأدخلوني بسرعة لأني بث صاحبة مداخلة مهمة فيه ولا يتركوها

تنتظر طويلا , قال المذيع بصوت مبتسم

" ها هي ملاك الليل سوف تعطينا رأيها في موضوع حلقتنا "

قلت بصوت هادئ " لا أذكر أنني نسيت لحظات بائسة وأشخاص

آذوني لكن بعض الأحيان يسألني أحدهم أتعرفينني ؟ أنا في ذاك

العام مررت أمامك وابتسمت لك فأضحك عليه في قلبي وأقول ما

يضنني لأذكر من يكون بينما وفي يوم آخر أتقابل مع شخص آخر

بالمصادفة فأقول هذا أذكر يوما رأيته نظر لي نظرة سيئة أو قال

لي كلمة جرحتني فنحن نذكر الإساءة ونتحجج بأننا لا نستطيع

النسيان بينما ننسى الإحسان مثلما ننسى ديونا يريدها الناس منا "

ضحك المذيع وقال " معك حق كم ننسى ديوننا وكم نذكر مآسينا "

قلت بابتسامة " نعم فإن سألت أحدهم عن اللحظات السعيدة في

حياته سيستغرق وقتا لتذكر حدث كبير جدا وإن سألته عن أحزانه

لسرد لك منها حتى تعبت , هذا بالنسبة للأحداث والأشخاص بصفة

عامة أما الحبيب فشيء لن أتكلم عنه لأنه أصعب أنواع النسيان "

قال المذيع " شكرا لملاكنا الليلي وبما أنك المتصل الخامس

فإهداء الأغنية سيكون لك كالعادة فلمن ستهديها "

قلت بعد تفكير " اممم للمتصل بعدي وعمتم مساء "

قال المذيع " إذا أغنية ( لم أنساك ) إهداء من ملاك

الليل للمتصل القادم "

استمعت الأغنية حتى نهايتها وانتهت موسيقاها على صوت

المذيع قائلا " وهذا المتصل الجديد معنا أحزان السنين "

صرخت بحماس ضاحكة وارتميت على السرير على صوت

ضحكته الهادئة وهوا يقول " كانت الأغنية من نصيبي إذا فشكرا

يا ملاك , لن أتحدت عن النقاط الأولى لأنها وفتها حقها ككل مرة

أود فقط أن أتحدث عن مسألة الحبيب ونسيانه يكون بحجم مساوئه

وهنا ستنجح معادلة ملاك فحين ستذكر مآسيه جميعها فسيسهل

عليك نسيانه إلا إن انكسرت المعادلة وأصبحت تذكر محاسنه فقط

بالنسبة لي لم يصعب عليا نسيان الإنسانة التي أحببتها لأنها

لا تستحق ولكنها سدت نفسي حقا "

ثم ضحك هوا والمذيع وقال المذيع " جرب مجددا قد ينجح الأمر "

قال بصوت مبتسم " كل شيء في الحياة يجوز , ليلة سعيدة

أتمناها للجميع ولن أحزن إن سرقت من فرحي السنين "

ثم أنهى المكالمة ولم أوقف المذياع طبعا حتى انتهى البرنامج وكأني

أخاف أن يتصل ثانيتا ولا أعلم به , استمعت لباقي المكالمات وأنا

أموت غيضا من الفتيات اللاتي يسألن عنه ويطلبن من المذيع سؤاله

عن معلومات شخصية عنه رغم علمهم أنه لا يريد التحدث عن نفسه

وأنا لا أجني من متابعة باقي البرنامج سوى أن تحترق أعصابي

أبدوا غبية لكنه شعور يتملكني حقا

*
*
منذ عاد نواس قبل يومان ومزاجه لا يعجبني أراه كئيبا ويجلس

لوحده يفكر كثيرا لا أعلم في ماذا ! وكأنه يحمل هموم الدنيا

فوق كتفيه , يبدوا حدث معه شيء في سفرته الأخيرة أو بعد

قدومه , اقتربت منه وقلت " هل أعد لك شايا بالزنجبيل هوا

مهدئ جيد للأعصاب وأراك منزعجا جدا "

قال ورأسه في الأرض جالسا على الأريكة

" لن ينفع في شيء أريد فقط أن أبقى وحدي "

قلت بهدوء " سأعده لك واشربه ولن تخسر شيئا وأريد

زيارة والدتك متى وجدت الوقت مناسبا "

قال وحاله كما هوا علية " في الصباح آخذك لها "

قلت بابتسامة " جيد فأنا متشوقة للتعرف عليها "

نزلت بعدها للطابق السفلي دون أن أزيد كلمة , ترى هل قابل

المدعوة وسن في رحلته ! لابد وأنها سبب حزنه مادامت أمور

تجارته على ما يرام , دخلت المطبخ وبدأت بإعداد الشاي له

وأضفت له الزنجبيل ووقفت أنتظر أن يجهز على دخول

راضية قائلة " ابتعد عني لست في مزاج لك يا وليد "

تبعها قائلا بضحكة دون أن يراني

" لا مفر لك مني يا روضة باق لك هنا "

وماتت ضحكته حينما رآني في المطبخ وقالت راضية

" ماذا تفعلين يا مي لما لم تخبريني أفعل لك ما تريدينه "

قلت بابتسامة صغيرة ونظري للأرض " لاشيء متعب كوب شاي فقط "

قالت وهي تتوجه للثلاجة " خلصيني من ابن خالتك

هذا فسأهرب من هنا بسببه "

قلت بابتسامة ونظري عليها " لن يسمح نواس بذلك

وهوا أكثر من أخ له "

أخرجت رأسها من الثلاجة قائلة " فقط دعينا نجد حيلة

فالنساء لا يغلبهم شيء "

قال وليد بضيق " كنت أعلم من البداية أنك خائنة والآن تأكدت "

نظرت له وقالت ببرود " لم أكن أعلم بأني أعمل في جهاز مخابرات "

ضحك وقال " لهذا أمن البلاد بخير لأنك لست فيه "

ضحكتُ بضحكة غلبتني فنظرت لي راضية وقالت بضيق

" نعم تضحكين , هوا ابن خالتك وأنا ليس لي إلا الله "

قال وليد بمكر " وأين ذهبت أنا "

رمت بيدها في وجهه قائلة " أخرج هيا لا تعكر لي مزاجي أكثر "

نظر لي وقال " هل تسمعينها يا مي وقالت إن خرج

وليد من هنا خرجت بعده "

بقيت أنظر له بصمت بل بحسرة , لم أقترب من وليد قبلا كما

الآن ولم أعرفه هكذا بروح طيبة تبعث السرور لمن حولها

أبعدت نظري عنه حينما لاحظت أن نظراتنا علقت في بعضها

دون أن ننتبه وغادر هوا من فوره وكأنه هرب من شيء أو فهم

شيء , يا حمقاء يا مي كيف تغلبت عليك مشاعرك ؟ أنتي في

نظره متزوجة وبصديقه أيضا , سكبت الشاي في كوب وصعدت

به ولم أجده , بحث عنه فكان في مكتبه يقف أمام النافذة اقتربت منه

وكان وكأنه في عالم آخر ولم ينتبه لوجودي , كانت عيناه على

إسطبل الوسن المنفرد عن باقي الإسطبلات وكأنه يراها من

خلفه ويتحدث معها ويمنع نفسه من النزول لها

وضعت كوب الشاي بقربه وقلت بهدوء " سأذهب للنوم هل تريد شيئا "

قال بهدوء وعيناه مكانهما " شكرا يا مي وتصبحين على خير "

تركته وغادرت المكان وأغلقت الباب خلفي وتوجهت لغرفتي

عند الصباح جهزت نفسي وغادرنا لزيارة والدته , وصلنا العاصمة

بعد مقربة النصف ساعة ووقفنا أمام منزلهم هنا ونزل وأنا أتبعه

دخلنا وتوجه من فوره لغرفة معينة وأنا خلفه , طرق الباب ودخل

ملقيا التحية ثم نظر لي للوراء وقال " أدخلي يا مي "

دخلت ووقع نظري على الجالسة على السرير بملامح متعبة

وأول ما خطر في بالي مكالمتها لي يوم العيد دون كل مكالماتها

اقتربت منها وقبلت رأسها وقلت بهدوء

" كيف حالك يا عمتي وأمدك الله بالعافية "

قالت مبتسمة " حفظك الله يا ابنتي وسررت بلقائك "

قلت مبادلة لها الابتسامة " بل أنا من سررت بهذا حقا وكنت

أود زيارتك منذ وقت لكن نواس كان مشغولا "

اكتفت بالابتسام دون تعليق وقال نواس

" سأغادر قليلا وأعود لك بعد ساعة يا مي "

نظرت له وقلت باستغراب " ولما بسرعة هكذا !! "

نظر لوالدته ولم يتحدث وشعرت وكأن ثمة سبب وراء ذلك

سمعنا حينها باب المنزل يغلق وكان نواس سيقول شيئا على وقوف

فتاة أمام الباب بحقيبة على كتفها ومذكرات في يدها , كانت مبتسمة

وماتت تلك الابتسامة ما أن رأتنا وكأن ثمة من سكب عليها ماءً باردا

كانت بملامح جميلة لكني لم أركز على شيء سوا عيناها , لقد

كانت أغرب عينان رأيتها في حياتي بل أجمل وأوسع ما رأيت

تجعلانك تنظر لهما فقط ولا تركز على باقي ملامحها , كانت تنظر

لي بجمود وكأنها تمثال حجري وشككت أن تنفسها توقف , لابد وأنها

الفتاة التي تقرب لنواس , ظننتها صغيرة حين قالت راضية أنه وليها

وذهب لأخذها للمستشفى ليلا , كنت أنظر لها بحيرة من نظرتها

الجامدة لي فنظرتُ لعمتي فكانت تنظر للفتاة بتوجس وريبة وكأنها

تخاف أن يحدث لها شيء , نقلت بعدها نظري لنواس فكان ينظر

للأرض دون أي ردة فعل وكأنه تجمد هوا أيضا فعدت بنظري

للفتاة فكانت على حالها تنظر لي فقلت بابتسامة

" لابد وأنك قريبة نواس التي يكون وكيلها لقد سرر.... "

قاطعتني قائلة بسخرية " نعم أخبرك أيضا أني اليتيمة العالة المتسولة "

نظرت لها بصدمة وقال نواس بضيق ونظره لازال للأسفل

" وسن يكفي "

*****************

خرجنا اليوم صباحا لنزور قبو منزلنا , ركبت سيارة نزار وانطلقنا

لتتبعنا بعد مسافة ثلاث سيارات سوداء , وصلنا المكان ونزلنا على بعد

مسافة ونزلوا هم في أماكن لم أراها , سرت برفقة نزار في المساحة

الخالية حتى وصلنا الأشجار وسلكنا الطريق المؤدي للباب وصلنا هناك

ووصل صديق نزار ورجاله بعدنا على الفور , نظرت لهم جميعهم

ثم نظرت لنزار فقال " هيا يا سما "

نظرت لعيناه مطولا ثم توجهت نحو اللوح أزلت الأوراق

وفتحت لهم الباب ووقفوا ينتظرونني فنزلت الأولى وهم يتبعونني

شغلوا مصابيح كثيرة حتى أصبح كل الممر مضاءً فسرت وهم

خلفي وكأنهم يخشون أن يكون ثمة فخ لأقع أنا فيه قبلهم , وصلنا

للفتحة أغلقتها وتابعنا سيرنا حتى وصلنا القبو فوقفت وشعرت بالخوف

وكأني لم أكن فيه لأشهر وحيدة , شعرت بيد على كتفي فنظرت لصاحبها

فكان نزار ينظر للبعيد ثم أشار بإصبعه وقال " مفاتيح الإنارة هناك "

توجه واحد منهم وشغل جميع مفاتيح الإضاءة لتنير القبو بأكمله وابتعد

نزار جهة صديقه جابر وتوزع رجاله يبحثون في كل مكان وهوا واقف

يداه وسط جسده ينظر لكل شيء نظرة شاملة , تبدوا شخصيته مخيفة

جدا ونظرته حادة رغم أن نزار طويلا وعريضا إلا أنه أضخم منه , نظر

ناحيتي وقال " ستفتحين لنا الباب الموصول بالمنزل أيضا نريد أن

ندخله دون أن يلحظ أحد أننا دخلنا إليه "

نظرت لنزار فأشار لي برأسه أن أفعل ما يريد فتوجهت حيث السلالم

وفتحت لهم الباب وصعد عدد منهم للأعلى , اقترب رجل من جابر

بحقيبة في يده وقال " من الخارج يستحيل اللعب في نظام الأبواب

لكن الداخل ممكن وأستطيع إضافة بصمة واحدة "

قال جابر " جيد "

اقتربت منهم وقلت " ماذا ستفعلون "

قال جابر ونظره على جدران القبو البعيدة " سندخل بصمة

أخرى غير بصمتك لفتح الأبواب تحسبا لأي طارئ "

قلت ونظري معلق به " لمن "

نظر لي مطولا بصمت ثم قال " لي أو لأحد رجالي طبعا "

هززت رأسي بلا فقال بضيق " لا تتعبينا معك يــ .... "

صرخ نزار بحدة " جابر "

نظر له نظرة قوية فقال نزار بضيق " ليس هذا اتفاقنا لكي

تأتي بكم إلى هنا وأعرفك جيدا عند كلمتك "

قال جابر بضيق أكبر " جد لنا حلا لهذا إذا "

نظر نزار لي في صمت فنظرت للأرض وقلت بهدوء

" أنت وغيرك لا "

قال جابر بضيق " نفذ بسرعة "

فتح ذاك حقيبته وأخرج شيئا أخذ به بصمات نزار وبصماتي وابتعد

جاب رجاله كل المكان وفتشوه تفتيشا دقيقا وكلما عاد ناحيته واحد

منهم قال أنه لم يجد شيئا فنظر لنزار وقال

" النقود يجب أن تخرج من هنا فعددها كبير وبقائها غير مستحب "

قال نزار " وأين سنذهب بها ؟ أنا أرى أن القبو أأمن مكان لها

خصوصا أن سما لا حساب مصرفي لديها "
قال جابر " لا يمكن فقد يحدث حتى ماس كهربائي أو يتعمدوا

إحراق المكان وهم في الخارج لظنهم أن ثمة دليل بداخله ولن

نستبعد حتى أن يدخلوه بأي طريقة كانت "

نظر نزار ناحيتي وكأنه يريد رأيي فقلت " نخرجهم "

لأن كل غرضي من المجيء هنا إخراج النقود , قال جابر

" سنضعهم في حسابك "

قال نزار معترضا " مستحيل هذا لن يحدث أبدا "

قال جابر بضيق " ولما ؟ ومن غيرك فأنت تعلم أنها مبرمجة

عليك أنت وحدك ولن ترضى بأن نضعه في أي حساب آخر "

قال نزار بحدة " جابر هذا الكلام لا داعي له "

ابتعد جابر بنا عن البقية وقال بغيض

" نزار احترمني أمام رجالي وتحدث معي بأدب "

قلت بضيق " يكفي لا تتشاجرا بسببي "

قال نزار " لن يحدث ذلك ولا تنسى أن لها عائلة سيضنون فيما

بعد أني سرقت من نقودها لذلك لديك سيكون أفضل ولن يحاسبوك

على شيء وأعرفك نزيها ولن تقرب منهم قرشا واحدا "

قلت بضيق " لما لم يسألني أحد عن كل هذا

هي أموالي لذلك سآخذها معي أنا "

نظرا لي باستغراب فقلت بإصرار " أريدها عندي "

فتح جابر فمه ليتحدث والسوء باديا على ملامحه فأوقفه نزار

مشيرا بيده وأمسكني من يدي مبتعدا بي عن الجميع وقال

" سما ما هذا الذي تقولينه ؟ كيف تأخذين الأموال معك

ماذا إن سرق أحدهم المنزل وكما تعلمي المفتاح كان

لدى أغلبهم وقد يكونوا أخذوا نسخة عنه "

قلت من فوري " استبدله بآخر "

قال بضيق " سما لا يمكنني النوم مرتاحا وكل هذه الأموال في

منزلي وتحت عهدتي , يكفي أني لا أنعم بنوم هادئ وأتجول حول

المنزل ليلا أكثر من مرة خوفا من أن يكون أحدهم يراقبك أو وجدك "

هززت رأسي بلا وقلت " بل أريدها معي نزار أريدها "

نظر لي مطولا بصمت ثم قال

" ولما وأنتي بنفسك قلتي أنها لم تعد تعنيك ولا تريدينها "

لذت بالصمت فقال " ليس من العقل فعل ذلك يا سما "

قلت بضيق " لما تعاملني دائما كالطفلة , لا أقول شيئا سليما

ولا أتصرف بحكمة , لما تجرحني دائما يا نزار "

نظر لي بصدمة وقال " متى حدث ذلك !! "

قلت وقد ملأت دموعي عيناي " كثيرا "

تركني وتوجه ناحية جابر تحدثا لوقت ثم عاد ناحيتي

وقال " سنفعل ما تريدينه لكن عديني أولا أنه لن ينقص

منها مليما واحدا ولأي سبب كان "

بقيت أنظر له بصمت فقال بجدية

" عديني يا سما أولا وأنا أتق في وعودك جيدا "

يا إلهي إن وعدته لن أستطيع أخذ شيء منها لأدفع باقي ثمن

الهدية وأشتري الأشياء التي تلزمني دون أن أكلفه بها وإن لم

أعده سيعلم أني أفعل ذلك لآخذ منها , نظرت للأرض بخيبة

أمل وقلت " أعدك "

عاد حينها ناحية جابر وبدأ رجاله بإخراج النقود وغادرنا القبو

وكان نزار هذه المرة من أغلق الطريق وفتح باب الخروج

وأغلقه أيضا لأن بصمته أصبحت معرفة لبرمجة الأبواب

صعدنا السيارة وعدنا جهة المنزل ونحن في الطريق رن

هاتف نزار فأخرجه ونظر للمتصل وقال " وأخيرا "

ثم أجاب عليه دون كلام ثم قال " رهام "

سكت بعدها لوقت ثم قال بهدوء " أنا مشغول الآن وداعا "

رهام !! أليست خطيبته التي ذكرت دعاء وخالتي اسمها

هل عادت له كما قالت دعاء ! نظرت لوجهه وكأنني كنت

أبحث عن جواب لديه , تمنيت أن يتحدث معي ويحكي لي ما

قالته له وما بينهما , شعرت بضيق كبير ودموعي تريد النزول

ولا أعلم لما !! نظرت جهة النافذة أحاول كتم دموعي ولم أستطع

فبدأت أمسح كل واحدة تنزل منها حتى قال نزار " سما مابك "

قلت ببحة " لا شيء "

وقفنا حينها عند باب المنزل ونظر باتجاهي وقال

" كيف لا شيء , ما الذي يبكيك "

نظرت لعينيه بحيرة وصمت ثم نزلت من السيارة ووقفت عند

باب المنزل فنزل وفتح لي الباب فتوجهت من فوري لغرفة

والدته وأدخل هوا والرجال صندوقَي الأموال , ركضت

لحضن خالتي من فوري فقالت ماسحة على كتفي

" مابك يا سما من هذا الذي أبكاك "

بقيت أبكي في حضنها بصمت فدخل نزار وقالت له

" من الذي أبكاها وما الذي حدث "

وصلني صوته قائلا " الجواب لديها فلم نفعل شيئا اليوم ضد رغبتها "

ابتعدت عن حضنها ومسحت دموعي وقلت

" لا أريد زيارة القبو فقط لقد أشعرني بالحزن "

قال نزار " لن نأخذك له بعد أن أصبح بإمكاني فتحه لهم "

وقفت وقلت ونظري أرضا " سأصعد لغرفتي لأرتاح قليلا "

*
*
خرجت سما من الغرفة ونظري يتبعها وقالت والدتي

" ما بها "

نظرت لها ورفعت كتفاي وقلت " لا أعلم لم نغضبها في شيء

وفعلنا كل ما طلبته وكما تريد "

رن حينها هاتفي فأخرجته وكان رقمها مجددا , بعد كل تلك

الرسائل اتصل بي الرقم اليوم لأفاجئ أنها رهام ولم أكن أتوقعها

أبدا , استأذنت من والدتي وصعدت لغرفتي ليعود الرقم للاتصال

مجددا فأجبت قائلا " ماذا يا رهام "

قالت من فورها " اشتقت لك يا نزار "

قلت بسخرية " ضننت أنك لا تعرفين الشوق "

قالت بحزن " أعرفه كما أعرف الندم والحسرة لقد لعبوا

بي وتزوجته رغما عني أقسم لك "

قلت ببرود " أتعلمي آخر ما توقعته أني حين سأسمع صوتك لن

أشعر حتى بالألم أو الجرح ولا حتى الكره فأنتي ميتة من

حياتي نهائيا والآن فقط اكتشفت ذلك "

قالت بعد صمت " بل لم تنسني ونحن نحب بعضنا

مثلما لم أنساك أنا "

قلت بسخرية " أنتي لم تعرفي الحب يوما أما أنا فقد كان

هناك منه الكثير لك ومات "

قالت من فورها " أنت عاتب عليا فقط وأنا أعذرك "

قلت بضيق " لا تعذريني ولا لدي ما أعتب عليك فيه أنتي ماض

وانتهى يا رهام ومن باعنا بالمال نبيعه بالتراب "

ثم أغلقت الهاتف في وجهها ورميته على السرير بغيض

تافهة وتتذكر الآن أن لها حبيبا هجرته منذ سنين

*
*
دخلت غرفتي وفتحت صندوق النقود ونظرت له بأسى , لم يعد لك

نفع بعدما وعدته , سأتركهما لأيام هنا ثم سأطلب من نزار أن يضعهما

في حسابه , ولكنه رافض لذلك ... إذا يضعهم عند جابر فلم أعد أريدهم

جلست على السرير أشعر بالضيق من تلك المسماة رهام , لو فقط

يشرح لي أحدهم ما يحدث معي , لما لا أريد أن يرجع لها ! نعم لأنها

لا تستحقه ولأنها تركته وهوا يحتاجها , حسنا ودعاء أيضا لا أريده أن

يتزوجها لأنها.... !! ممكن سيئة , إذا يتزوج غيرهما .... لا لا أريد

تأففت واستلقيت على السرير أحاول التفكير في أشياء أخرى ثم

وقفت وتوجهت للخزانة وأخرجت المجسم الذي سأهديه له و لمّعته

مجددا رغم أنه يلمع ثم حضنته بابتسامة , ترى هل ستعجبه هديتي

ثم ماتت ابتسامتي حين تذكرت أن تلك التي اسمها رهام قد تهديه

شيئا أجمل من هذه , نظرت بعدها للسلسال الذي أهداه لي في عنقي

وفكرت أن أنزعه لكني تذكرت وعدي لخالتي أن لا أنزعه أبدا

أعدت المجسم لخزانتي , سيكون عليا جمع مصروفي مجددا حتى

أعطي لبتول نقودها , آه خمس وسبعون كثير وسأحتاج وقتا لجمعها

جيد أني حصلت على الهدية لأني ما كنت سأحلم بها أبدا ولكن ماذا

إن لم تحضر بتول المبلغ فلن يكون أمامي حينها سوى أن أعطي

المدعوة مروى إحدى قطع حليي الذهبي بدلا من النقود لأني لن

أستطيع لمس النقود بعدما وعدته ومن الجيد أنها أحضرتهم بل

أحضرت معها مئة كاملة ومروى تلك كذبت علينا ولم تغب كما

قالت فسددت لها بتول باقي المبلغ , نزلت بعدها للمطبخ وأعددت

الغداء ومر باقي اليوم لم نرى نزار إلا وقت الأكل وكان صامتا

طوال وقت الطعام على غير عادته ولم يتحدث سوى بجمل

مختصرة ونام مبكرا أيضا , جلست مع خالتي وقالت

" هل نقرأ قصتنا أم ليس بعد "

قلت مبتسمة " فكرة جيدة لأني أشعر بالضيق "

قالت باستغراب " نزار يبدوا ليس طبيعيا اليوم وأنتي أيضا فما بكما "

فكرت أن أخبرها بما حدث لكني تراجعت فالأمر يخصه وليس

من أحقي أن أخبرها به , نظرت لها وقلت

" خالتي هل أسألك عن أمر "

قالت من فورها مبتسمة " بالتأكيد بنيتي "

قلت " كيف يكون الرجل صديقا وحبيبا "

ضحكت وقالت " لا يكون الاثنان معا "

قلت مبتسمة " لم أقصد نفس الشخص عنيت كيف

يكون حبيبا وكيف يكون صديقا "

بقيت تنظر لي في صمت فقلت " هل سألت شيئا سيئا "

قالت مبتسمة " لا طبعا لكن هل أجيب فقط أم ستتحدثين

معي عن معنى السؤال لديك "

قلت باستغراب " لم أفهمك خالتي "

قالت مبتسمة " حسنا سأشرح لك مثلا نزار ودعاء صديقان أو لنقل
نزار يعد دعاء صديقة له أي يسلم عليها يطلب منها شيئا تستطيع تقديمه

له ويساعدها إن احتاجته لكن لا يكن لها مشاعر خاصة فهي صديقة

وليست حبيبة وهكذا بالنسبة للرجال "

قلت بحيرة " كيف يكن لها مشاعر خاصة "

قالت من فورها مبتسمة " أي يفكر فيها دائما يحب التحدث عنها يريد

رؤيتها في كل وقت ولا يريد أن تبتعد عنه أبدا وغيره الكثير "

قلت بحيرة أكبر " يعني إن فكرت في أحد طوال الوقت واحتجت

له ولم أرد أن يبتعد عني أكون أحبه "

قالت " ممكن "

قلت مباشرة " وكيف أتأكد "

قالت بمكر " عن ماذا ستتأكدين "

شعرت بالارتباك وقلت " سمعت صديقتاي في المدرسة يتحدثان عن

رجل تحبه إحداهما وآخر صديقها وخفت أن أسأل وتضحكان علي "

قال " لا عليك يا سما أنا أشرح لك كل ما تريدي فليس من العيب أن

تحب الفتاة العيب أن تخطأ وتبيع نفسها لشاب لا يستحقها ويخسرها الكثير "

قلت باستغراب " كيف يُخسر الشاب الفتاة أنا حقا كالحمقاء التي لا تفهم شيئا "

ربتت بيدها على سريرها وقالت " تعالي واجلسي هنا عليك معرفة كل

هذا يا سما كي لا تتعلميه من صديقاتك أو تعلمي عنه بعد فوات الأوان "

توجهت نحوها وجلست بجانبها فبدأت تحكي لي بصوت منخفض

وعيناي مفتوحتان على اتساعهما حتى انتهت فنظرت لها وقلت

بصدمة " ماذا تعني بأنه لا يحدث إلا بين الرجل وزوجته "

قالت " أعني كما قلتيه الآن , فكوني حذرة دائما يا سما واعلمي

أنه لا تُسلم المرأة نفسها إلا لزوجها "

وقفت وقلت " لا لن أتزوج أبدا "

ضحكت وقالت " بلى وستنجبين أبناء جميلين ومؤدبين مثلك

تلك هي سنة الحياة وفطرة البشر "

هززت رأسي بلا غير مستوعبة فقالت بضحكة

" حينما ستحبين أحدهم ستريدين ذلك بنفسك "

شعرت بجسمي كله ارتجف من الإحراج وقلت وعيناي

أرضا " مستحيل "

وصلني صوتها قائلة " لما سنستبق الأحداث فستجربين بنفسك

وستعلمين أن هذا شيء تشعرين به اتجاه شخص واحد دون البقية

كما في مشاعر الحب لا تكون إلا لشخص واحد ولن تشعري بها

اتجاه غيره , أي البقية كلهم في كفة وهوا وحده في كفة "

أمسكت قلبي بيدي وتذكرت كل تلك الأشياء التي أشعر بها

اتجاه نزار , مثلا أني لا أريد إغضابه ولا أن أخرج من حياته

ولا أن يرجعني حتى لأهلي وأن أراه كل يوم , تزاحمت في رأسي

الأفكار فهززت رأسي أنفض كل تلك الأفكار منه قبل أن أفكر في

الأمور المحرجة التي حكتها لي خالتي وأتخيلها معه ثم نظرت لها

وقلت " وهل من ضمنها أن لا تحبي أن تقترب منه امرأة أخرى "

قالت بابتسامة " تلك اسمها الغيرة ويسمونها ملح

الحب فمن لا يغار لا يحب "

قلت " كيف تكون "

قالت " أن تري أي رجل يقف مع فتاة أو يبتسم لها فلا يعنيك ذلك

لكن الشخص الذي تحبينه سيزعجك فعله لها جدا حد أن تتألمي في

قلبك وتبكي وقد تخاصميه أيضا وتغضبي منه لفعلته تلك "

قلت بصدمة " وهل قلتي أنه من لا يغار لا يحب "

هزت رأسها بنعم وقالت " نعم ومن يغار على شخص فهوا يحبه "

جلست على الكرسي بذهن شارد فوصلني صوتها قائلة

" ألن تحكي لي الآن سبب كل هذه الأسئلة بعدما أجبتك عليها جميعها "

نظرت لها وقلت " بقي سؤال آخر "

قالت من فورها " عليك به إذا لأجيبك عليه "

قلت بعد تردد " ماذا أفعل إن أحببت يوما شخصا "

نظرت لي نظرة غريبة ثم قالت

" تعالي وأخبريني عنه لنجهز عليه وأزوجك به "

هززت رأسي بلا مصدومة فضحكت كثيرا ثم قالت " لا تخافي من

الأمر هكذا يا سما انظري الكثيرات متزوجات وسعيدات أيضا "

أمسكت الرواية وقلت " لنقرأ روايتنا وننسى كل ذلك "

ضحكت واكتفت بالصمت فقرأت رغم أني بنصف تركيز أو أحاول

الهرب من أن أفكر في شيء (( في اليوم التالي وتحديدا عند الصباح

كان أشرف في انتظاري في الخارج لأخذي للسوق طبعا كما وعد

ولم يخبرني ما يريده مني كمقابل , خرجت أركض مسرعة وأعدل

حجابي ففتح بابه قائلا " ساعة لتخرجي يا مستهترة "

فتحت الباب وركبت قائلة " صبرك قليلا أنت قلت سنخرج

عند العشرة وهي لم تأتي بعد "

انطلقنا وهوا يقول " في المرة القادمة أقول العاشرة يعني

تكونين جاهزة عند التاسعة مفهوم "

ضحكت وقلت " يعني يوجد مرات قادمة "

ضحك كثيرا ثم قال " حسب تعاونك معي طبعا "

نظرت له باستغراب فنظر لي وقال

" لا شيء بالمجان يا زوجة والدي العزيزة "

قلت ببرود " يالك من مبتز لا تفعل شيئا لوجه الله أبدا "

قال ببرود " لا شيء بدون مقابل هذه الأيام "

وقفنا حينها عند إحدى الإشارات وكان في السيارة التي بجانبنا

فتاتان ففتح أشرف نافذته ورمى لهما من نافذة سيارتهم ورقة

صغيرة مطوية فنظرت له الفتاة بابتسامة ولوح لها وانطلق على

ضوء الإشارة الخضراء فقلت " ماذا رميت لهما "

قال ونظره على الطريق " لا تتدخلي فيما لا يعنيك يا فتاة "

قلت ببرود " خفت فقط أنك تتاجر في المخدرات ويمسكوك وأنا

معك , أنا صغيرة ولم أعش حياتي بعد "

ضحك كثيرا ثم قال " أفضل شيء فعله والدي أن تزوج بك "

قلت بضيق " لا تسخر مني أو ألغيت الاتفاق "

قال بلا مبالاة " أنتي الخاسرة "

حركت كتفي بلامبالاة أيضا ولم أجب عليه , وصلنا عندها

لمجمع للتسوق أوقف السيارة عند المواقف المخصصة وقال

" وصلنا يا أم لسان , هيا تشرف المكان بمعرفتك "

ضحكت وقلت " شكرا يا أبو عينين زائغتين وتشرف المكان بطلتك "

نزلت واقفة خارج السيارة فنزل هوا أيضا ونظر لي وقال

" احترميني يا طفلة أنا أكبر منك وابن زوجك إن نسيتي "

ضحكت ضحكة ساخرة وقلت " جيد كنت سأنسى يا ابن زوجي

فتذكر أنت أني زوجة والدك وأني صغيرة فأرفق بي "

أغلق بابه قائلا " من يراك وأنتي صامتة يقول لنفسه ما هذه

الملاك برب الكون فإن سمعك كره جمالك الخداع "

ضربت باب سيارته بكل ما أوتيت من قوة فأنا أعرف أن هذا أكثر

ما يؤدي الرجال فصرخ بغضب " إن كررتها ثانيتا لن تركبيها تفهمي "

سرت جهة الدخول للمجمع التجاري قائلة ببرود " أنت الخاسر حينها "

سمعت صوته ورائي يتمتم بغيض " إن لم يربيك فراس فسأربيك أنا "

وقفت والتفت له وقلت " أنا متربية وأحسن تربية

لن يربيني فراس ولا غيره "

اجتازني قائلا بسخرية " سنرى يا ابنة الحسب إن لم يجعلك

تخافين من ظله لا أكون أشرف ابن رياض "

سرت خلفه ولم أبالي بكل ما قال فلن يخيفني فراس ولا أنت

صحيح أنه مخيف لكني لن أخاف منه مادام والدهم خلف ظهري

وكما في البارحة حين زارني في غرفتي يقول بكل وقاحة لننهي

حديثنا وما أن مر والده أمام غرفتي قائلا ( لغرفتك يا فراس )

حتى غادر من فوره منصاعا ولو مكرها

دخلنا وقال " اذهبي تسكعي كما تريدين سأكون في المطعم في

الطابق الثالث , أمامك ساعتين ثم أجدك أمامي هناك لنكمل

الاتفاق أو أبقيتك هنا وغادرت "

غادر بعدها على الفور فأخرجت لساني له وغادرت لأجد شابا

يضحك على حركتي ثم حياني بيده فتجاهلته وتابعت طريقي

تجولت كثيرا واشتريت ما أريد لأن عمي رياض أعطاني

مالا يكفيني بزيادة ثم صعدت للطابق الثالث , ساعتين قليل لقد

كنت أركض ركضا لأدرك كل شيء الفستان والإكسسوارات والحداء

ولم أشتري الماكياج لأن الوقت لم يكفيني , وصلت عنده وقلت

بضيق " لم أكمل تسوقي بعد فساعتان قليل جدا "

قال ببرود " اجلسي هيا يكفيك طمع "

جلست متضايقة فقال " علينا أن نتم الاتفاق الآن "

قلت بنفاذ صبر " نعم أسمعك "

قال بصوت منخفض " ثمة فتاة سأقابلها هنا بعد ربع ساعة

وستقولين لها أنك شقيقتي وكل ما سأطلبه منك "

نظرت له بصدمة وقلت

" ماذا !! هل ستختطفها أم ستخدعها وتأخذها لشقة "

قال بحدة " أخفضي صوتك يا غبية ماذا أختطفها وآخذها لشقة لسنا

في فيلم يا مجنونة فقط هي صدعت لي رأسي تزوجني وتعالى لخطبتي

فستخبرينها أنك شقيقتي وأني قلت لكم أني سوف أخطبها قريبا "

نظرت له بنصف عين وقلت " هكذا إذا أنت تخدع الفتيات ومغازل أيضا "

قال بعد ضحكة صغيرة " بل أتسلى قليلا قبل أن أتزوج

وأرتبط من عنقي فلا شيء في هذا "

قلت ببرود " بل مخادع وتخدع الفتيات "

قال بلامبالاة " أنا لم أخدعهن هن يصدقن أنفسهن "

قلت " وما الذي تريدني أن أقوله للفتاة إن كنت

لست تخدعهن يا نبيه "

اتكأ على ظهر الكرسي وقال " تلك شيء آخر غيرها حين

تقول تعالى لخطبتي أطردها من حياتي نهائيا "

قلت " آه فهمت هذه لا تريد طردها "

قال " نعم يا ذكية "

قلت بمكر " ولما يا ذكي "

قال بعد ضحكة " تعجبني قليلا ولكن ليس زواج ووجع رأس أريدها

هكذا نتحدث عبر الهاتف ونلتقي في أماكن عامة وفقط "

تململت في جلستي وقلت " أنا جائعة ولم أكمل تسوقي

أو لن ننهي الاتفاق "

اقترب وقال بغيض " لا تستغليني يا رُدين خيرا لك "

قلت بعد ضحكة رقيقة " سأخبرها أني خطيبتك إذا "

تأفف وقال " قابليها أولا ثم سأفعل ما تريدين "

قلت ببرود " لا تفكر في خداعي "

قال بهمس " أش أش ها هي قادمة "

وصلت حينها لطاولتنا فتاة طويلة وممشوقة القوام بملامح جذابة

وبدون حجاب بشعر أسود فاحم وناعم يغطي كتفيها , ألقت علينا

التحية وجلست بكل وقاحة فابتسم لها هذا الخبيث وقال

" مرحبا بجوجو حبيبتي "

قالت مبتسمة " استحي من شقيقتك يا أشرف "

ثم نظرت لي وقالت " سررت بمعرفتك يا رُدين "

نظرت له بصدمة , وأخبرها باسمي أيضا !! ماذا لو علم أني

في مخطط مع والده ليزوجني لأحدهم , قلت بابتسامة

" وأنا كذلك يا جوجو "

ضحكت وقالت " يبدوا أن أشرف لم يخبرك باسمي رغم

أنه قال لي انه حكا لك عني كثيرا "

نظرت له بشماتة فهددني بعينيه فقلت مبتسمة

" نعم ولكني أحب طريقته في مناداتك "

ثم أخرجت هاتفي وقلت " أريد رقم هاتفك لأني أحببتك

من قبل أن تصبحي زوجة شقيقي "

ثم نظرت له بمكر كي لا يفكر في خداعي لأني سأفسد عليه كل

شيء حينها فنظر لي بغل وتجاهلته ناظرة لها وهي تسجل رقمها

لدي ثم أخذت هاتفي منها ووقفت وقلت " لدي مشوار لأحد المحال

انتظرني حتى أعود يا أشرف ولا تنسى أنا أحب الدجاج المشوي

مع الأرز بالخضار ومشروبي الكولا "

ثم غادرت من عندهم ضاحكة وأنهيت تسوقي وعلى مهل

ولم أفكر في الجالس ينتظرني في الأعلى وبعدما انتهيت

عدت له فكان جالسا مكانه مكتفا يداه لصدره وأمامه الطعام

الذي طلبته فجلست وقلت " رائع أنا أشعر بالجوع حقا "

قال ببرود " كلي بسرعة علينا المغادرة وإن

أحضرتك ثانيتا اقطعي لي ساقي "

قلت بمكر " ولا من أجل جوجو "

نظر لي بضيق فقلت بضحكة " ما هذا الذوق الذي لديك

تبدوا كعارضات الأزياء وأكبر منك أيضا "

قال بذات بروده " لا شأن لك , كلي بسرعة وبدون كلام "

رميت يدي باتجاهه بلا مبالاة وقلت " مهلك علينا لما أنت

منزعج من أجلها كثيرا , ظننتك لا تحبها كما قلت "

قال بابتسامة ساخرة " هل تغارين منها "

ضحكت كثيرا ثم قلت " ولما سأغار منها يا غبي لا هي

أجمل ولا أصغر مني ثم أنت ابن زوجي فلما سأغار "

قال ببرود " لا يعنيني لما فما أعرفه أنكن تغرن بدون

سبب وحتى الأم قد تغار من زوجة ابنها "

وقفت وقلت " لقد سددت لي نفسي هيا لنعود للمنزل بسرعة "

وقف وقال من بين أسنانه " آه لو لم يتزوجك والدي فقط "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت " لكنت لعبت بي مثلهن أليس كذلك "

ضحك وقال مغادرا أمامي " بل لكنت تزوجتك أنتي وتسليت معهن "

حملت أكياسي وسرت خلفه وقلت بضيق

" لا أحسد المسكينة التي ستتزوجك "

قال بلامبالاة رافعا كتفيه " ومن قال لها أن تتزوجني ثم أغبى الرجال

من يربط نفسه بواحدة , لما خلق الله الكثير من النساء "

تأففت وأنهيت الحديث بصمتي , هذا يبدوا صعلوكا وإن اخترته

هوا سيكون عليا إصلاحه أولا وهذا إن صلح , ضننت لوهلة

أنه أفضل إخوته لكنني أخطأت , كانت فكرة عمي رياض جيدة

في أن أعيش معهم وأعرفهم عن قرب , وصلنا السيارة وركبت

قائلة بضيق " عديم ذوق أنت الرجل تسير أمامي خالي

اليدين وأنا أحمل الأكياس "

انطلق قائلا " أكياسك وليست أكياسي يا سيدة الحسن "

رن حينها هاتفه فأجاب عليه قائلا " مرحبا مرمر حبيبتي "

سكت قليلا ثم قال وهوا ينظر في مرآته الجانبية

" حقا خلفنا لم انتبه لك يا ملاكي "

جميل وهذه جديدة غير جوجو , قال بعد ضحكة " هل تغارين

يا قطتي هذه شقيقتي هل أعطيها لك تكلميها لتصدقي "

هددته بيدي أني سأريه ولن أكلمها فأخذ صندوق نظارته الشمسية

وضربني به على رأسي فنظرت له بكره ثم ملت جهته وقلت بصوت

عالي ورقيق " أشرف حبيبي هل هذه التي تقول عنها مزعجة "

أغلق الخط بسرعة ونظر لي بحقد فتجاهلته ونظرت جهة النافذة

ووصلنا حينها للمنزل ونزلت على توعده أنها آخر مرة يأخذني

فيها فسرت متجاهلة له وعندما وصلت الباب التفت له وهوا

يقف أمام سيارته وقلت ويدي وسط جسدي والأكياس في الأخرى

" بل أنا التي لن تذهب معك ثانيتا فراس وثقل دمه أرحم منك "

قال بابتسامة جانبية " لو سمعك لقطع لسانك "

قلت بعد ضحكة ساخرة " ومن سيخبره ؟ لا تفكر بها فلن

يصدقك لأنني سأنكر ذلك يا قيس النساء "

قال بابتسامته الجانبية ذاتها " وماذا إن أخبرته أنك قلتي عنه كونان "

قلت بسخرية " وهل يطال أن يكون كونان على الأقل

ذاك صغير بعقل كبير وتأتي منه المنافع "

ضحك وغمز بعينه لشخص ما خلفي فالتفت بريبة لأجد فراس

واقفا مستندا بالباب المفتوح وينظر لي فشهقت بذعر وقال هوا

بغل من بين أسنانه وبنظرة حارقة

" أفهم من كلامك أني كبير بعقل صغير ولا نفع مني " ))

رفعت نظري لها وقلت " سيريها على ما قالته "

ضحكت خالتي وقالت

" طويلة لسان وإن كان ثمة من سيربيها فسيكون فراس "

قلت بهدوء ونظري على الرواية

" أشعر وكأني لم أقرأ شيئا فلم أركز أبدا "

وصلني صوتها قائلة " هذا لأن بالك مشغول بما تحدثنا عنه "

رفعت نظري لها وقلت " لكن أشرف كان سيئا يخدع الفتيات

تماما كما قلتي , هوا يتلاعب بمشاعرهن "

هزت رأسها بنعم وقالت

" وهذا ألطفهم لأنه لا يستغل الأمر ليخسرها براءتها "

قلت بحيرة " وكيف تعلم الفتاة أن الرجل يتلاعب بها "

قالت بابتسامة " لابد وأن تكتشفه يوما لكن المشكلة أن تكون أحبته "

تنهدت وقلت " والحل يا خالتي "

قالت من فورها " الحل في ماذا يا سما "

قلت بضيق " في كل هذه الأمور المعقدة فيبدوا كما

قالت بتول لا حب إلا بعد الزواج "

قالت مبتسمة " كما أخبرتك يا سما ليس عيبا أن تحب الفتاة لأن

الحب إن دق بابها لن يسألها أبدا فهوا شعور يفرض نفسه

لكن الخطأ أن تحب من لا يستحق "

وقفت حاضنة للرواية في صمت فقالت

" ماذا عن الهدية التي حدثني عنها ألن تريني إياها "

هززت رأسي بنعم مبتسمة وقلت

" بالتأكيد مادام نزار نائما كي لا يراها قبل الغد "

لاذت بالصمت مبتسمة فنظرت للأرض وقلت بحيرة

" ترى هل ستعجبه "

وصلني صوتها قائلة " بالتأكيد يكفي تعبكم لشرائها "

نظرت لها مبتسمة ثم وضعت الرواية بجانبها وخرجت من

عندها وصعدت السلالم لأحضرها لها ففوجئت بنزار خارج

من غرفته وما أن وقعت عيناي في عينيه حتى شعرت بقلبي

يخفق بشدة وكأن كل كلام خالتي مر أمامي حينها فأنزلت نظري

واجتازني قائلا " سأخرج قليلا يا سما خليل جارنا ابنه مريض

سنأخذه للمستشفى فأخبري والدتي كي لا تقلق "

ثم نزل السلالم مسرعا ونظري يتبعه حتى اختفى فضربت

قلبي ضربات خفيفة وهمست " اهدأ ما بك جننت هكذا "

ثم دخلت الغرفة أخرجت المجسم ونزلت أريته لخالتي فأعجبها

كثير واثنت على اختياري وقالت أن نسخته الأصلية في الأسواق

باهظة الثمن كما قالت مروى فأعدته سريعا لغرفتي ونمت أتجنب

التفكير ودون جدوى والسؤال الوحيد الذي يدور في دماغي

( هل أنا أحب نزار فعلا )

في اليوم التالي أحضر نزار شخصا غيّر قفل الباب وقال أنه

لن يعطي نسخة عن المفتاح إلا لصديقه جابر و أمضيت أنا

أغلب الوقت في إعداد قالب كعك من أجل نزار , هذه الكعكة

لم أعدها هنا قبلا ولم نكن نعدها أنا ووالدتي إلا في أعياد الميلاد

وبما أن اليوم إجازة ولا مدرسة لدي فتركت لها كل وقتي لتكون

جميلة وكما أريد , وعند مقربة المساء أدخلت الطاولة لغرفة

خالتي أجرها وحدي حتى أوصلتها وأخرجت المفرش المخصص

للأعياد وغطيتها به وجهزت كل شيء .... الكعك والعصير

والحلويات وأحضرت المجسم ووضعته عند طرف الطاولة

وبدون تغليف طبعا لأنه لا نقود لدي لأشتري غلافا وبعد وقت

طويل سمعنا باب المنزل يفتح وعاد نزار أخيرا , وقف عند

الباب ونظر للكعكة مباشرة دون أن ينتبه للمجسم وقال مبتسما

" ما سر هذا الاحتفال "

ضحكت خالتي وقالت

" عيد ميلادك يا غبي ألا ترى الكعك وهدية سما يا أعمى "

نظر للمجسم حينها ثم نظر لي نظرة بلا أي تعبير ثم دخل

مقتربا منه ووقف عنده وقال " من أين اشتريته يا سما بل بماذا "

فتحت فمي لأتحدث فسبقني قائلا بلهجة قاسية لم أعرفها منه

سابقا " ألهذا أردت المال من القبو , لتصرفيه علي وتشتري

هذا الشيء المكلف , وتعدينني وتخلفين وأنا من وتقت في

وعدك لي , هل أخرجتهم لتتصدقي بهم علينا "

امتلأت عيناي بالدموع وعجز لساني عن قول أي شي من

الصدمة وقالت خالتي بحدة " نزار يكفي هل جننت "

تأفف وغادر لتعلق مفاتيحه في خيوط مفرش الطاولة

فسحبها بقوة وسحبه معه ليقع المجسم أرضا ويتحول لقطع

أمام عيناي المصدومتان لأنه تقليد وإن وقع سيتفتت بالتأكيد

ثم خرج دون حتى أن يلتفت لما أحدثه من ضجيج بتحطمه

***************************

فتحت جريدته الصباحية التي تركها على الطاولة لأتسلى بها

قليلا فوجدت صورته فيها يقف في مكان أرتعش له كل جسدي

من الدماء المنتشرة فيه والخبر تحت عنوان ( سلسلة جرائم المصانع )

نزلت للخبر وقرأته كان يتحدث عن جرائم متسلسلة تمر بها البلاد

وهذه الجريدة أول من حصل على صورة لمسرح أحد الجرائم وأبشعها

ولفتَ انتبهي عبارة في المقال تقول ( الجرائم التي أعجزت رئيس

الشرطة الجنائية جابر حلمي من عُرف بأنه لا جريمة في البلاد

تصمد أمامه ) ثم انتقلت لآخر المقال وفيه ( فمتى سيتحول اللواء

جابر الحلمي لهدف لهم وهم يرونه يلاحق جرائمهم ويربط ليله بالنهار )

عدت بعدها لصورته وشعرت بغصة في صدري وألم في قلبي

حين فكرت أن يقتلوه ويتركوني وأبنائه , صحيح أني كنت أعيش

وهم معي من دونه لكن الآن وهنا لا يمكننا ذلك من غير وجوده

وصحيح أني لم أجتز مسافة كبيرة معه ولم أغير فيه شيء بعد

فلم يحبني ولم يقل لي ولا حتى كلمة غرامية ولم تتغير أوقات

عمله المزدحمة وها قد علمت لما , لكني أشعر بالاحتياج له حقا

ولازالت تدور في عقلي كلماته لي البارحة حين كنت في

حضنه وهمس وشفتاه تلامس شفتاي

" كم أصبحت حياتي هنا هادئة بعدك يا أرجوان "

كورت الجريدة بين يداي ورميتها في سلة المهملات في ردهة

الجناح , لا بارك الله في أخباركم ولا تساؤلاتكم ولا جريدتكم

خرجت بعدها من جناحي وتوجهت لغرفة الفتاتين لأنه من

الغريب أن لا تزورني ترف حتى الآن ! دخلت ووجدتها وسيلا

تلعبان لعبتها المفضلة فابتسمت بعفوية , مسكينة هذه الخادمة

ستصيبها بالجنون قبل وقتها , دخلت لداخل الغرفة فقفزت

ترف لي واحتضنتني قائلة " صباح الخير ماما "

قبلت خدها وقلت " صباح الخير يا حبيبة ماما , أين

أنتي لم تزوريني اليوم "

ابتعدت عن حضني وقالت " سيلا لم تتركني "

نظرت لها فقالت من فورها " أوامر السيد جابر سيدتي "

نظرت لترف وقلت " بابا لا يريد حبيبتي "

مدت شفتاها مستاءة فضحكت وقلت


" ستعلق شفتاك هكذا ويبقيان ممدودتان دائما "

ضحكت وقالت " لكن بابا سمح لي أن أجلس بجوارك

على طاولة الطعام كي لا أذهب لغرفتيكما صباحا "

قلت بابتسامة " لأجل هذا إذا "

قالت بعبوس " لكني أريدهما كلاهما , لما لم نعد ننام معا كالسابق "

خرجت حينها سيلا وقلت " لا يمكن حبيبتي "

قالت باستياء " لماذا "

ضحكت ضحكة صغيرة وقلت " لأني أصبحت مثلك في السابق "

نظرت لي باستغراب فحضنت وجهها الصغير الجميل بيداي

وقلت مبتسمة " أنتي أصبحتِ كبيرة الآن أليس كذلك "

هزت رأسها بنعم فقلت " والكبار لا يحتاجون لحظن أحدهم

ليناموا فيه بنيتي إلا إن ابتلوا بذلك "

لوت شفتيها غير مقتنعة فقلت " ما رأيك لو دخلنا نلعب بالقلعة

قليلا دون علم أمجد وبيسان ويكون سرنا "

قفزت موافقة بمرح وتوجهنا كلينا للغرفة وبدأت هي باللعب والتحدث

دون توقف عما تفعل الآن وأنا سافرت بذهني للبعيد , عليا البدء

في الخطوة التالية وهي والدته العزيزة , جولة له وجولة لها كي لا

يتشاجرا على الدور , ضحكت ضحكة صغيرة فقالت ترف

" لما تضحكين وحدك ماما "

نظرت لها وقلت بابتسامة " جننت بنيتي , ومن يعرفه ولا يجن "

" ومن يكون هذا "

التفت للخلف مصدومة بالواقف أمام الباب ينظر لي بابتسامة

سخرية فأمسكت المشبك من شعري وأخرجته ورميته بعيدا ثم

عدت بوجهي أماما حيث ترف وقلت مبتسمة من حركتي

" شخص لا تعرفه طبعا "

توجه نحونا ونزل يلعب بإحدى الدمى بين يديه واقفا بجانبي

وقال ونظره عليها " خيانة في وضح النهار سيدة أرجوان "

عدلت شعري منزلة له لينساب على ظهري مغطيا له وقلت بمكر

" من يترك زوجته طوال النهار دون أن يراقبها يستحق "

اقترب مني وهمس في أذني قائلا

" لم أعلم أنها لن تكون على قياسك لما كنت اشتريتها "

نظرت له بصدمة توقفت معها أنفاسي , كيف علم أني قستها

اليوم وأنها ليست على مقاسي ! قلت بصدمة " تراقبني ! "

ضحك وقال " ليس دائما لكنت اكتشفت مكانك ليلة الأشياء تلك "

نظرت له بضيق فقال " ترف نادي لي سيلا من جناحي "

وقفت وخرجت من فورها قائلة " حاضر بابا "

ونظرت أنا له وقلت " ظننتك تعمل وليس تراقبنا "

غرس يده في شعري وقال وعيناه في عيناي

" القصر مزود بجهاز مراقبة للحماية وأنتي حين رميته

مغتاظة فتح جهاز الإنذار والمراقبة يا ذكية "

أبعدت يده عني وقلت بضيق " جابر لا تسخر مني "

جلس بجواري على الأرض وأخذ إحدى الدمى ورماها علي

فتأففت في صمت فشدني له حتى بات وجهي في وجهه وقال

" ضننت أنني تنين وليس جابر "

نظرت له نظرة عابثة ثم قلت بهمس " أنت قلت ذلك يا تنيني ولا

ترميني بشيء ثانيتا يا جابر خيرا لك فلست ندا لي "

ضحك بصوت عالي فادعيت الإغماء على كتفه وقلت وعيناي

مغمضتان " ما هذه الضحكة الرائعة التي لا نسمعها إلا نادرا "

أمسك وجهي بيديه وقابله لوجهه وقال بابتسامة جانبية

" أخبريني كيف أتعامل معك أنتي ومع مزاجك المتقلب "

قلت بابتسامة " جابر لا تنسى أن ابنتك ستدخل علينا في أي

وقت , وبسرعة لعملك يا سيد مشغول "

قرب وجهه مني أكثر وقال " اثبتي على شيء تنين أم مشغول "

غمزت له بعيني وعضضت شفتي ثم ابتسمت وقلت

" بل تنين مشغول "

ابتسم واقترب ليقبلني على صوت شهقة ترف التي تعرف دائما

متى تظهر فاختبأت خلف ظهره وظهري عليه جالسان على

الأرض ليصبح هوا مقابلا لها وحده فسمعت صوتها المصدوم

وهي تقول " ماذا تفعلان "

ضحكت بصمت واتكأت برأسي على قفا عنقه وقلت بهمس

" جد لك حلا الآن ولا تنسى أنني حذرتك "

قال بغيض هامسا من بين أسنانه

" بل أنتي تخرجينا منها بسرعة أو أريتك حسابك "

قالت ترف بضيق " ماما ألم تقولي سابقا حين رأيناهم مرة

في التلفاز أنهم سيئين ولا يفعل الجيدون ذلك "

عدت للضحك في صمت فوكزني جابر بمرفقه لأتكلم فقلت

" نعم حبيبتي لكن نحن لا بأس لأننا متزوجان "

قالت ضاربة بحدائها الأرض " بل سيئان أنتما الاثنين "

قال جابر بحدة " ترف "

فغادرت باكية وابتعد واقفا وقال بضيق

" ولما تتركين الأولاد يرون هذا في التلفاز يا فاضلة "

وقفت ونظرت له وقلت ويداي وسط جسدي

" أخبرتك منذ البداية أن تكون حذرا ثم أنا لم أكن أشاهد

هذا ليشاهدوه وحدث الأمر بالخطأ في منزل جارة

لي وكان مرة ولم يتكرر "

سمعنا حينها صوت إحدى الخادمات تقول من

الخارج " سيد جابر "

نظر جهة الباب وقال " تعالي "

وقفت عند الباب وقالت " السيدة الكبيرة تريدك في المجلس العائلي "

توجه نحو الباب مغادرا وهي غادرت أمامه فتبعته للممر وأمسكت

يده قائلة " انتظر لن تذهب قبل أن نصلح الأمر "

ثم سحبته نحو غرفة الفتاتين ودخلنا وكانت ترف مرتمية على

السرير تخفي وجهها في ذراعيها وتبكي فقلت بهدوء

" ترف حبيبتي انظري إلي "

نظرت لنا ثم عادت كما كانت فقلت " هل يرضيك أن أغضب منك "

جلست ونظرت لنا بعبوس فابتسمت وقلت " ترف ألسنا متزوجان "

هزت رأسها بعم فقلت " والمتزوجان لا بأس أن يفعلا هذا وغيرهم لا "

نظرت لي بصمت وتشكك فنظرت جهة جابر ورفعت جسدي على

رؤوس أصابعي وقبلت خده من الأسفل ثم نظرت لها وقلت

" فقط لأننا متزوجان هذا عادي جدا حبيبتي لكنه لم يحصل أمامكم "

هزت رأسها بحسنا فابتسمت لها ومددت يداي قائلة

" إذا تعالي لحضن ماما "

نزلت من السرير راكضة نحوي وخرج جابر في صمت

احتضنتها مطولا ثم قبلت خدها وقلت

" وكما علمتكم دائما حبيبتي ما نراه لا نقوله لأحد "

قالت بهمس " حسناً "

أبعدتها عن حضني وقلت " سننزل قليلا الآن وستسبقينني

للمطبخ حتى ألحق بك حبيبتي حسنا "

هزت رأسها بالموافقة وخرجت ويدها في يدي حتى وصلنا للأسفل

وتوجهت هي للمطبخ وسرت أنا نحو غرفة الجلوس التي نزل لها جابر

طرقت الباب ودخلت فكانا معا كما تمنيت , ألقيت التحية وتوجهت

نحوه جلست على الأريكة بجانبه مقابلة له , ساق على الأرض

والأخرى تحتي وهمست في أذنه وأصابعي تلعب على ظهر كفه أمام

مرأى من والدته " أريد زيارة سوسن أنا والأبناء , نسيت أن

أخبرك فوق ولا أريد إزعاجك في عملك "

نظر لي بصمت ثم هز رأسه بحسنا دون كلام فابتسمت له وقبلت

خده وانتقلت لأذنه مباشرة وهمست له مجددا " شكرا يا تنيني "

ثم نظرت لعيناه فضحك ضحكة صغيرة غلبته ووقفت

من فوري وغادرت قائلة " آسفة على مقاطعتي لكما "

ثم خرجت ولم أغلق الباب وبقيت واقفة بجانبه فسمعت

والدته تقول بضيق " لكل شيء حدوده وهناك أمور اسمها حياء "

وقف وقال " سأتحدث مع رضا في الأمر ونرى ما سنفعل "

فابتعدت مسرعة حين سمعت خطواته تقترب , رائع نجحت

في الخطوة الأولى ولن يقول لي شيئا طبعا , أولاً لأنه لا يريد

التدخل بيننا كما قال وها هوا ينفذ ذلك حتى أنه لم يعلق بشيء

على ما قالت , وثانيا لن يستطيع قول شيء بعدما فعلتها أمام

ابنته ولم يتكلم , هذه البداية وانتظري الخطوة الثانية يا عجوز

النار , توجهت حينها للمطبخ وانشغلت مع ترف في إعداد

شطيرة إفطارنا المعتادة

*
*
دخلت القصر أحمل الكيس الصغير في يدي , هوا لم يأتي منذ أيام ولن

يأتي الآن بالتأكيد إلا إن جلبه حضي التعيس ككل مرة , تسللت لغرفته

وفعلت ما جئت لأجله ووضعت السلسال الذي يضم حرفا الباء والميم

بالإنجليزية وكنت أضن أنه حرفي وحرف والدي واستغربت أساسا

كيف لذوق والدي أن يتغير هكذا فجأة ويحضر لي سلسالا جميلا هكذا

تركت له أيضا ما يعدل مزاجه كما قال وتوجهت لغرفة الأطفال

دخلت وقلت " مرحبا لابد وأنك أرجوان "

التفتت لي الجالسة تعطيني ظهرها وقالت ترف بمرح " بتووول "

ثم انطلق نحوي فحملتها وقبلتها ووقفت أرجوان وقالت مبتسمة

" مرحبا يا بتول وأخيرا تعرفت عليك , ترف تتحدث عنك دائما "

قبلت ترف وقلت " كنت مشغولة قليلا بدراستي "

وطبعا أنا لم أزر القصر بعد ذاك اليوم الذي قص فيه شعري

سوى تلك المرة التي أخذني فيها لتلك الغرفة وكاد يقتلني بالخوف

أنزلت ترف على دخول بيسان وأمجد الذي قال من فوره

" أين عمر ومصعب "

ضحكت وقلت " يالك من رجل عديم ذوق سلم عليا أولا "

رمى بيده بلامبالاة وغادر لغرفته على ضحكتي وأرجوان

ثم جلست معها نتحدث قليلا ونتعارف وبيسان دخلت الحمام

لتستحم بمرافقة ترف طبعا فهي لا تفوت فرصة يمتلئ فيها

حوض الاستحمام ولا تكون أول داخليه , بعد قليل دخلت

علينا الخادمة وقالت " سيدتي السيد معتصم هنا "

تيبس جسدي وقالت أرجوان " حسنا شكرا لك "

وقفت من فوري فقالت " مابك يا بتول وقفتي "

قلت باستعجال " سآتي بعد قليل لقد نسيت شيئا , وداعا الآن "

وغادرت مسرعة وأسرعت أكثر وأنا أجتاز غرفته التي

كان بابها مفتوحا ومؤكد هوا بدخلها الآن , ولم استطع

التنفس بارتياح إلا حين صرت أمام باب منزلنا

دخلت وصعدت لغرفتي ووقفت عند النافذة أراقب

الطريق لأرى سيارته حين تمر مغادرة لأرجع لأرجوان

*
*
دخلت غرفتي ليلفت انتباهي كتابة حمراء على مرآة الخزانة

اقتربت منها ووقفت أمامها فكان مرسوم بأحمر شفاه وجه

دائري بعينان وفم مبتسم يخرج لسانه وتحته مكتوب

( تُسلم عليك أجمل علكة بالفراولة وتركت لك أمانتك )

نظرت للغرفة باستغراب فكان ثمة كيس صغير عند طاولة

السرير فتوجهت نحوه وحملته وأخرجت ما يحوي فكانت باقي

نقودي التي أعطيتها لها وهي خمس وأربعون والسلسال أيضا

فأعدتهم للكيس وخرجت من الغرفة من فوري ومن القصر أيضا

وتوجهت لمنزلهم , طرقت الباب ففتحت لي والدتها فقلت

" أين هي بتول "

قالت بحيرة " في غرفتها , عادت من قصركم للتو "

قلت ونظري جهة السلالم " هل لي أن أصعد لها "

قالت مغادرة " بالتأكيد بني لا يحتاج أن تسأل "

غادرت هي مبتعدة وصعدت أنا من فوري لغرفتها وفتحت

الباب فكانت واقفة عند طرف النافذة وتنظر للخارج ولم تنتبه

أنه أنا من دخل فلوحت لي بيدها قائلة " لم أكلمها يا أمي سأعود ما

أن يغادر معتصم , لا أعلم أي حظ تعيس يجلبه كلما ذهبت "

قلت بسخرية " حظك تعني أم حظي أنا "

نظرت لي بسرعة وشهقت بصدمة وتوجهت من فورها

للسرير وصعدت فوقه فقلت بضيق

" لن تهربي مني ولو تسلقتِ الخزانة "

قالت مشيرة بسبابتها للباب " أحرج من غرفتي يا وقح "

توجهت نحوها وأمسكت بساقها قبل أن تقفز من السرير

وأسقطتها عليه وتبت كتفيها على السرير وقلت صارخا

في وجهها " متى سيتوقف لعب الأطفال "

قالت بضيق وهي تحاول أن تبتعد

" باقي نقودك وسلسالك أنا لم أفعل شيئا خاطئا "

ضغطت على كتفيها أكثر وقلت بغيض " لم أعطيك النقود

ولا السلسال لترجعيهم يا بتول فهل أخبرك عقلك الصغير

أنها إهانة لا يقبلها أي رجل في الوجود "

ثم ابتعدت عنها وأخرجت الكيس من جيبي ورميته على

صدرها وقلت بحزم " إن كنتي تريدين رؤية معتصم جديد

فلا أرى السلسال في عنقك يا بتول "

ثم غادرت من عندها ومن المدينة بأكملها
*
*
دخلت القصر متوجها لجناحي فعليا أخذ القرصين والأوراق

والتحدث مع رضا أيضا قبل أن أغادر لأني لن أرجع قبل الغد

دخلت غرفة النوم وأخذت الأوراق والقرصين من الخزنة هناك

ثم ضغط زر الهاتف وقلت " أخبري أرجوان تأتيني للجناح "

وقفت أفتش في الأوراق حتى دخلت فنظرت لها وقلت

" سأغادر ولن أرجع قبل الغد والدتي لديها مجمع

نساء الليلة وتريدك معها "

لاذت بالصمت فقلت " أرجوان عليكما التغاضي عن

مشاكلكما أمام الناس على الأقل "

بقيت على صمتها فقلت " أريد سماع رأيك "

قالت حينها " لم أرد إدخالك في مشاكلنا كما طلبت

مني سابقا لذلك لن أتكلم "

قلت وقد عدت بنظري للأوراق " تكلمي وسأستمع فقط "

عادت للصمت فنظرت لها وقلت " أرجوان ليس ورائي أنتي فقط "

امتلأت عيناها بالدموع دون كلام , أي سياسة تتبعها هذه المرأة

أعترف بأني بت لا أفهمها أحيانا , اقتربت منها حتى وقفت أمامها

مباشرة وقلت " تكلمي يا أرجوان وسأنصفك إن كان الحق معك "

نزلت دمعتها فمسحتها وقالت " هذه فتاة يتيمة تزوجها جابر لأنه

رأف لحالها , كنت أريد أن أزوجه ابنة راضية لكن الأعرج يسبق

العداء أحيانا , لولا الأولاد ما كان تزوجها من أساسه , لا ليست ابنة

حسب ولا عز وقد أجرها الله على اعتنائها بالأبناء بأن انتشلها

جابر من الفقر وأحضرها هنا "

ثم سكتت وأنزلت رأسها أرضا فقلت " هل قالت لك هذا "

قالت ورأسها لازال أرضا " بل قالته كتعريف لي لبعضهن وأمامي "

تنفست بقوة واستغفرت الله ثم قلت " إذا لا تنزلي لضيوفها "

رفعت نظرها لي وقد عادت لصمتها وكأنها تخبرني أنها عند

اتفاقنا وأنها تكتم وجعها لأنه لا أحد لها فتنهدت وقلت " أعلم أن أمي

تخطأ أحيانا لكنها والدتي وعليا على الأقل أن لا أتطاول عليها بلساني "

ابتسمت من بين حزنها وقالت " أريد أن يصبح أمجد مثلك أنت حين

يكبر لذلك يعجبني برك بوالدتك ولا أنتقدك فقد ينصفني هوا حينها "

ابتسمت ابتسامة جانبية وقلت " هل أخبرك سرا صغيرا "

نظرت لي بحيرة فقلت وأنا العب بخصلة من غرتها بين أصابعي

" أحيانا ألعب مع عقلي لعبة صغيرة بأن أتوقع ما ستقولين "

بقيت تنظر لي باستغراب فقلت مارا بإبهامي على بقايا دمعتها

" ولما أمجد وليس ابنك أنتي مني "

شتت نظرها بعيدا عني وقالت

" هوا ابني أيضا إلا إن كنت لا تعتبره هكذا "

أمسكت ذقنها وأعدت نظرها لي وقلت

" بالتأكيد ابنك , وما تريدين أيضا أن يكون فيه مثلي "

أشارت بإصبعها على الشارات في بذلتي وقالت ونظرها

عليه " هذا "

ثم انتقلت لكتفي وقالت " وهذا "

ثم لرأسي وقالت " وهذا "

ثم وضعت إصبعها على قلبي ولاذت بالصمت فقلت

" وماذا عنه "

هزت رأسها بلا ثم نظرت لعيناي وقالت " ليس كهذا طبعا

لأنه خالي وأنا أريد أن أكون فيه عند أمجد "

بقيت أنظر لها بحيرة متنقلا بنظري بين عينيها ثم فتحت فمي

لأتحدث فوضعت أصابعها على شفتاي مسكتة لي وقالت

" لا تتحدث عن هذه النقطة الآن يا جابر ولا تغضب مني "

ثم أزالت أصابعها وقبلتهم قبلة صغيرة وغادرت من أمامي قائلة

" سأنزل الليلة من أجلك أنت ومن أجل مكانتها لديك "

أوقفتها مناديا لها فالتفتت لي فقلت

" إن كان من أجلي فانزلي أو لا "

التفتت مجددا وضننت أنها ستغادر لكنها توجهت لأدراج

طاولة التزيين ونزلت للدرج السفلي فتحته وأخرجت منه

شيئا وعادت ناحيتي ثم أمسكت بيدي ووضعته فيها وقالت

" لاحظتك هنا دائما تقرأ في المصحف بعد أن تصلي الفجر

اشتريت لك هذا المصحف الصغير لتأخذه معك حين

تبات خارجا كي لا تترك وردك اليومي "

ثم نظرت لعيناي وقالت " اعتني بنفسك من أجلنا يا جابر أرجوك "

قبضت على المصحف بقوة ثم ضممتها لصدري وقبلت رأسها

وخرجت من عندها في صمتي لأني لا أريد قول شيء وليس

لأني لم أجد ما أقول , وصلت للأسفل وقابلتني الخادمة قائلة

" السيد رضا ينتظرك في المجلس "

قلت متوجها نحوه " أخبري ( آني ) لتخبر زهور تنزل لي هناك "

ثم دخلت للمجلس فوقف من فوره وقال " وأخيرا ألقيت القبض عليك "

صافحته بقوة وقلت ضاحكا

" بل أنا من سيلقي القبض عليك ويرميك في السجن لأرتاح منك "

ثم جلست وقلت " أجلس لأنها تريد قول شروطها لك بنفسها وفي حضوري "

*
*
جلست مصدوما ولم أستوعب ما قال , لما تطلب أن تقولها هي

ولما بوجود جابر وليس والدتها أو حتى معتصم أو عمها

بقيت جالسا بتوجس أحاول توقع ما ستشترط حتى انفتح

باب المجلس ببطء ودخلت منه ترتدي حجابا أبيضا يكشف

زرقة عينيها ويزيد بشرتها الثلجية توهجا , أخفضت نظرها

ما أن وقع علي وأغلقت الباب وبقيت واقفة مكانها فقال جابر

" تعالي أجلسي يا زهور "

قالت بشبه همس ونظرها لازال أرضا " مرتاحة هكذا "

قلت أنا من فوري " قولي شروطك يا زهور واعلمي أني

موافق عليها من قبل أن تقوليها "

رفعت نظرها لي ثم نظرت لجابر ثم عادت به للأرض وقالت

" شقتك وسيارتك وحسابك في المصرف كلها تنتقل لي وباسمي

كتابك الذي ستنشره بعد أربعة أشهر ثمن كل طبعاته مهري

وقبل ذلك لن أخرج معك من هنا "

وقف جابر وقال " زهور هل جننتي "

وقفت ووضعت يدي على كتفه وقلت بهدوء " أنا موافق "

نظر لي جابر بصدمة وكان سيتحدث فقلت

" الزواج يكون الآن ولن آخذها قبل أن تأخذ مهرها "

خرجت حينها زهور في صمت ونظر لي جابر وقال بضيق

" هل جننت يا أحمق ستضع نفسك على الحديدة "

قلت بابتسامة صغيرة " كل ذلك لن يوفي شيئا "

نظر لي باستغراب ثم قال " ما الذي بينك وبين زهور يا رضا "

قلت بابتسامة " لا شيء لكنها لن تتق في رجل بسهولة

بعد زواجها الأول يا جابر "

بقي ينظر لي بحيرة فقلت مغادرا

" بعد أن ترجع نحدد وقت عقد القران "

نهاية الفصل .....
__________________
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 12-29-2015, 11:37 AM
oud
 

الفصل السابع عشر


عدت حينها بنظري عليها مصدومة , إذا هذه هي وسن وهذا

هوا سر تلك النظرة , لم أتوقع أن تكون قريبته هي نفسها وسن

غادرتْ حينها من أمامنا واختفت في طرفة عين وقالت عمتي

" آسفون يا ابنتي وسن تتحسس كثيرا من هذه المسألة "

قلت بابتسامة " لا عليك يا عمة أنا أعذرها "

تحرك حينها نواس وخرج من الغرفة ويبدوا من المنزل بأكمله

تلك إذا وسنك يا نواس تبدوا الأمور بينهما سيئة جدا ومطربة

أعادني من أفكاري صوت والدته قائلة

" اجلسي يا مي لما أنتي واقفة "

جلست وانخرطنا في بعض المواضيع وتعارفنا وبالي كله كان

مع نواس وابنة خالته كما فهمت من والدته , أنا لا ألومها على

موقفها مني فلو كنت مكانها لفعلت نفس الشيء بل لن أقبل بزوجة

الرجل الذي أحب أن تكون معه أمامي , كانت عمتي متوترة طوال

الوقت وتتصل بأحدهم ولا يجيب عليها ثم قالت لي

" مي هلا أسديتِ لي معروفا "

قلت من فوري " بكل سرور "

قالت " المطبخ في نهاية الممر على يسار باب الصالة

نادي لي على فتحية من هناك "

وقفت من فوري وذهبت حيث قالت توجد المسماة فتحية

وتبدوا الخادمة , وصلت معها للغرفة فقالت لها عمتي

" اذهبي لوسن في غرفتها "

أشارت لها برأسها بحسننا دون حتى أن تخبرها لما تريد منها

الذهاب لها , غابت للحظات ثم عادت وقالت " لم تفتح لي "

تنهدت بضيق وقالت " شكرا لك يا فتحية يمكنك المغادرة "

أجرت بعدها مكالمة وقالت " مرحبا فرح يا ابنتي "

" بخير اتصلي بوسن هي لا تجيب علي وكما تعلمي لا

يمكنني الذهاب لها والممرضة خرجت للصيدلية منذ وقت

ولم ترجع وفتحية لم تفتح لها الباب "

سكتت لوقت ثم قالت

" تحدثي معها أخاف أن تمرض ولا نعلم عنها "

غريب ما بها وما الذي يتعبها دائما !! مهلا هي مرضت ليلة

أحضرني نواس إلى المزرعة والرسالة التي وصلته وتوتره

حينها كله كان من أجلها والآن يخافون أن تعود لها ذات الحالة

عجيب ما الذي جعلهما يفترقان وهما يحبان بعضهما هكذا !!

كم أشعر بأن وضعي سخيف , تماما كالشوكة في حلقوم الجميع

ليتك لم تتزوجني يا نواس , ليتك تركتني للسب والمهانة

والضرب عند إخوتي ولم تجعلني جدارا بينكما

أنهت عمتي مكالمتها ولم أسالها عن شيء فوعدي لنواس تلك

الليلة أن لا أتحدث عما حدث يمنعني , رن حينها هاتفي

ونظرت للمتصل فكان نواس , أجبت فقال من فوره

" أنتظرك في السيارة "

قلت بهدوء " سأخرج حالا "

سلمت على والدته وخرجت بعدما انتهت الزيارة القصيرة المملوءة

بالشحنات السالبة والأجواء المتوترة , ركبت السيارة ولم ينطق أي

منا بحرف طوال الطريق ولم أرغب في أن أفتح معه الموضوع

وعند منتصف الطريق أجاب نواس على هاتفه الذي كان يرن

طوال الوقت ولا يجيب عليه , وضع السماعة في أذنه وفتح

الخط قائلا " نعم يا أمي "

سكت قليلا ثم قال بحدة " لا .... وأفهمي ابنة شقيقتك ذلك

جيدا وما قلته سيحدث رغما عن أنفها "

تأفف بعدها وقال بضيق " أمي يكفي تدليلا لها لتكف عن

هذا الجنون يكفي ما قالته لمي وهي لا ذنب لها "

سكت يستمع لوقت طويل ثم قال بغضب " أقسم يا أمي وها قد أقسمت

وأنتي تعرفينني ولن يحدث إلا ما قلت فلتترك الجامعة هي الخاسرة

لكن تلك المهزلة لن تستمر وموضوع سليمان لي حديث معها فيه "

قال بعدها بضيق " انتهى يا أمي وداعا "

ثم استل السماعة من أذنه بغيض ورماها بعيدا عنه وتابعنا

الطريق يتأفف بغضب كل حين , وبالنسبة لي لم أجد غير

الصمت فأخاف أن أتحدث فأزيد الأمور سوءا خصوصا أني

لاحظت على نواس أنه لا يحب التكلم ولا حتى إجابة الأسئلة

حين يكون متضايقا , عجيب أمره من يراه لا يصدق أنه يحبها

كل ذاك الحب ! صدقت جدتي رحمها الله حين كانت تقول

( لا تصدقوا من كلام العشاق شيئا وهم غاضبون )

وكانت ترددها كلما تشاجر أحد أبنائها مع زوجته وأصبح

يزمجر ويتوعد فيها وفي النهاية كما قالت يعودان لبعض وكأن

شيء لم يكن , ساد الصمت بعدها حتى وصلنا للمزرعة وأنزلني

أمام باب المنزل وغادر من فوره ولم يرجع إلا المساء

*

*
سجنت وسن نفسها في غرفتها ولم تخرج منها طوال نهار أمس

حتى اتصلت بنواس فهوا حلي الوحيد ليرى إن كانت حية أم ميتة

فأنا لم أنسى بعد تلك الليلة حين أحضر مي للمزرعة وخفت الآن

أن تموت ولا نعلم عنها ونلوم أنفسنا حينها , جاء نواس وكسر

عليها الباب ولم أسمع سوى صراخهما وبكائها ولم أعلم أو أسمع ما

حدث بينهما سوى صوته الغاضب خارجا من عندها وهوا يقول

" متشردة ومتسولة وعالة افهميها كما تشائي وسليمان ذاك

لن تتزوجيه ولا غيره إلا حين أقرر أنا "

ثم سمعت ضربته القوية للباب التي كادت تحطم الجدران

هذا الباب المسكين لن يعيش طويلا بسببهما , يبدوا من كلام

نواس أنه لن يزوجها بسليمان يعني أنه اختار الخيار الثاني وهوا

تزويجها لنفسه , هوا حلهما الوحيد لأنهما بعيدان عن بعض لن

يرتاحا ولن يعيشا حياة طبيعية مهما طالت بهم السنين فيكونان

معا حتى تعيسان أفضل بكثير من أي حل آخر

صحيح أننا سنظلم مي بهذا والله أعلم متى سيقرر نواس الزواج

بوسن وهي لازالت عروس لكن لا حل آخر ولو كان هناك غيره

لأسرعت له , ثم أنا أعرف نواس جيدا قادر على العدل بينهما

ولو في المعاملة فقط أما الحب فمستحيل وهذا ما

سيتعبه هوا وليس هما

بقيت وسن بعدها ليومين سجينة غرفتها ولم تخرج ولا حتى

للجامعة ولم يؤثر كسر نواس للباب شيئا سوا زيادة الأمر سوءا

*
*
بقيت داخل الغرفة بقلب مكسور كبابها وحلم أسود كجدرانها

الغامقة وروح فارغة كفراغها المميت ونصب عيناي كلماته الغاضبة

وهوا يقول " لا دخل لمي فيما بيننا يا وسن فلا تسيئي لها رجاءا "

كانت كلماته كالسم على أحشائي وكالنار على قلبي , نعم لا يتحمل

جرح مشاعرها أما أنا فبلى ولا يهم إن مت من قهري وحزني

طرقت الممرضة الباب ودخلت قائلة " خالتك تسأل عنك وتريد

مغادرة السرير , صحتها لا تعجبني هذه الأيام فاخرجي لها يا وسن "

غادرت السرير قائلة بهمس " حسنا "

رتبت شعري ولبست حجابي تحسبا لقدوم ابنها وخرجت

توجهت لغرفتها من فوري وما أن دخلت حتى مدت لي

بيدها قائلة " تعالي يا ابنتي لما تحبين أن تشغلي بالي عليك "

وصلت عندها وجلست أمامها وقلت بابتسامة حزينة

" من لا يموت يعيش في كل الأحوال والضربة التي

لا تقتل تقوي يا خالتي "

تنهدت بتعب فقلت وعيناي على ملامحها

" تبدوا صحتك ليست بخير "

قالت بابتسامة متعبة " تعب معتاد وسيغادر بعد أيام , ماذا

عن جامعتك يا وسن , إن كان لي رجاء لديك لا تتركيها "

نظرت للأسفل وقلت " لا تخافي يا خالتي لن أتركها فلن يكون

لي مستقبلا غيرها ولن أعيش عالة على ابنك طوال العمر "

قالت بعتب " ما هذا الذي تقولينه يا وسن كيف

تكونين عالة عليه فهوا ابن خالتك "

نظرت لها وقلت بقهر " ليس شقيقي ولا والدي لا عمي

ولا خالي ولا حتى زوجي فبأي صفة أقبل ماله , أجل

عالة ومتسولة يتصدق عليها وسيأتي اليوم الذي أسدد له

كل هذا ولن أرتاح قبل أن يحدث ذلك "

تنهدت وقالت " يستحيل أن يكون كل أولائك سوى

الزوج فهل تقبلي ماله حينها "

قلت بضيق " لا ..... لن يكون زوجي ولن أكون له "

نزلت دمعة من عيني فمسحتها وتابعت بألم

" كما تعلمي يا خالتي فطوال سنين خطوبتنا لم يتحدث معي

نواس سوى بكلمات عادية ورسمية جدا والجملة الوحيدة

التي قالها لي وعاشت في قلبي طوال تلك السنوات وفي

كل مرة أتذكرها تكون وكأنها اليوم "

ضممت يدي لحضني وقلت بدمعة حسرة " قال لن تسكن هذا

الحضن غيرك يا وسن أقسم لن يعرف أن يحتضن غيرك , وأخلف

يا خالتي ... أخلف بوعده وسكنته غيري , إذا لا مكان لي فيه "

اتكأت للخلف وقالت

" المهم الآن عودي لجامعتك ولنترك الباقي لوقته "

*
*
عليا أن أضحي وللنهاية ومن أجلها فقط فيكفيها ما

أتاها مني , عليك أن تستحمل نارك التي كويت بها نفسك يا

وليد وأنت تستحقها , لكن ما يحيرني كيف لم يخبرها نواس بأني

من يعيش معه ! ألا يتحدثان أبدا ! كم تنتابني من شكوك حيال

الأمر وأخشى أن يظلمها فوق ما رأته من ظلم

" النشارة جاهزة أستاذ وليد هل نبدأ "

نظرت له وقلت " نعم فبالكاد يكفينا النهار "

أحسست بيد أحدهم على كتفي فنظرت جانبا فكان معتصم

نظرت لملامحه مطولا وهوا ينظر للعمال وقلت

" ما بك عابس هكذا منذ أتيت "

نظر لي ثم عاد بنظره عليهم وقال ببرود " لا شيء مهم "

ضحكت وقلت " أقسم أنها الزوجة العزيزة وراء هذا "

قال بذات بروده " وليد لست بمزاج لك تفهم "

قلت بابتسامة " لا أحد ليس لديه هموم يا صديقي "

تأفف وقال " النساء .... لا أعلم أي نقمة ابتلينا بها "

قلت بعد ضحكة صغيرة

" نحن جلبناه لأنفسنا هم لم يجرّونا من شعورنا "

قال بضيق " أنت لم تجرب فلا تتحدث "

نظرت للبعيد مبتسما بألم ثم قلت " الخطأ عليك لما تزوجتها "

قال بتذمر " نفس الجملة تكررونها لي كلما تكلمت , لما

تزوجتها ولما ولما , أحبها يا رجل بأي لغة أشرحها لكم "

ضربته على كتفه وقلت مغادرا

" تحمل إذا أو جد لك أسلوب آخر معها فثمة حل بالتأكيد "

توجهت للمنزل ودخلت لغرفتي أخرجت الحاسبة وبعض

الأوراق وخرجت على دخول نواس دون أن ينتبه لي

ما به هذا الرجل حتى منزله لم يعد يبقى فيه وكأنه ليس متزوج

ومزاجه مشتعل كالنار , لابد تشاجر مع ابنة خالته ككل مرة

وكالعادة , توجهت للمطبخ بدلا من أن أخرج ووقفت عند الباب

وقلت " راضية هل لي بسؤال تجيبي عليه وليس ككل مرة "

نظرت لي ثم عادت بنظرها لما في يديها وقالت ببرود

" ابتعد عن نواس وزوجته واسأل "

تأففت وقلت " وما في الأمر إن سألت هوا صديقي وهي

ابنة خالتي وأراه طوال الوقت خارج المزرعة أو في

مكتبه وهي مسجونة في الأعلى "

لم تجب طبعا فقلت بضيق " أجيبي أو أشعلت النار في ثيابك "

ضحكت بضحكة غلبتها ثم قالت

" ستعيش في تأنيب الضمير طوال حياتك "

قلت ببرود " لا أضن "

نظرت لي وقالت " أخبرني لما كل هذا الإصرار والاهتمام

بل والتدخل وسأخبرك بأكثر مما تريد "

نظرت لها بحيرة وقلت " ما قصدك بأكثر مما تريد "

رفعت كتفها بلامبالاة وقالت " أجب أولا "

قلت بعد صمت " أخبرتك لأنه صــ .... "

قاطعتني قائلة وقد عادت تشغل نفسها بما تفعل

" صديقي وابنة خالتي حفظتها ولم تقنعني بها "

قلت بصدمة " ما قصدك بهذا "

قالت " لا شيء "

خرجت وتركتها فكم أبدوا أحمقا والفت الانتباه لي كثيرا

بتصرفاتي فما علاقتي بهما مادامت مي لم تطلب مني

مساعدتها فأنا ابن خالتها وإن كان لديها مشكلة لقالت

لي إن كانت تريد القول

*
*
قربت رأسي من رأسها وقلت بهمس " وسن أنظري لذاك الشاب

هناك ينظر جهتنا من مدة , لم أره سابقا في الجامعة "

نظرت جهته ثم قالت " وما علاقتنا به قد يكون معجبا بالأشجار خلفنا "

ضحكت كثيرا ثم قلت " ألم يجد غير هذه الأشجار ليعجب بها

ما رأيك أن نجلس مبتعدتان عن بعض لنعلم لمن ينظر فينا "

نظرت لي بضيق وقالت " ملاك هل تعلمي أنك فقدتِ

عقلك بسبب برنامجك السخيف ذاك "

قلت ببرود " سخيفة أنتي "

ثم قلت بسعادة ويدي تلعب في الهواء

" أهدى الأغنية في الحلقة الماضية لي وكان عنوانها أنتي ملاكي "

ثم أمسكت قميصها جهة ذراعها وهززتها وقلت

" قال الأغنية القادمة أهديها لملاك ياااي كدت أموت من الفرح "

هزت رأسها بيأس ثم قالت " لو يراك هكذا مجنونة سيغير رأيه

في تفاهاتك التي تقولينها في ذاك البرنامج "

ضربتها بخفة وقلت باستياء

" صديقتي وتقولين هكذا ماذا تركتي للذين يكرهونني "

نظرت لي وقالت " بربك ملاك كم مرة تستمعي

لذاك البرنامج أسبوعيا "

ضحكت ضحكة صغيرة وقلت " البرنامج يعرض ثلاث أيام

أسبوعيا والإعادة مرتين أي تسع مرات كل حلقة مع إعادتين "

فتحت عيناها من الصدمة وقالت " تستمعين للإعادتين أيضا "

هززت رأسي بنعم فقالت بدهشة " وكل حلقة ساعتين متواصلتين

أي ثماني عشرة ساعة تضيع منك أسبوعيا هباءً منثورا "

وقفت وقلت ويداي وسط جسدي " ليس هباء ولا منثورا

دعيني أجرب حضي في الحب مرة "

دخل علينا حينها صوت رجولي قائلا

" من هذا التعيس الذي ستجربين فيه الحب "

نظرنا له فكان طلال قالها ومر متابعا طريقه فتجاهلته

ونظرت لوسن وقلت " حلقة الليلة سيسأل كل متصل سؤالا

يجيب عليه الآخر الذي يتصل بعده , لن تفوتني حلقة اليوم

إلا ميتة وكل ما أخشاه أن لا يتصل أحزان السنين "

وقفت وقالت " لا أحزان سنين غيرك أنتي وأنا قبلك طبعا

بسرعة ها هوا الدكتور عادل جاء "

مر حينها بجوارنا قائلا دون أن ينظر إلينا

" ملاك تأخير هذه المرة طرد لأول مرة في تاريخي "

تأففت وقلت " ليخبرني أحدهم لما يكرهني هذا الرجل "

سحبتني وسن معها دون كلام حتى وصلنا القاعة ودخلنا

جلسنا ودخل دكتور المادة وبدأ بشرحه الطويل وسافرت أنا

بنظري جهة النافذة أشاهد أشياء لا يمكنني رؤيتها بوضوح

بسبب نوع الزجاج وبالي مع حلقة الليلة من البرنامج

لا أعلم لما يسيطر على أفكاري كل حين , كم أتمنى أن أراه

فقط مرة ولو من بعيد بل أتمنى أن أعلم بمشاعره نحوي أم

أني كما قالت وسن أخدع نفسي فقط بالأوهام , سافرت بي

الأفكار في كل ما يخصه حتى أيقضني من شرودي صوت

الدكتور عادل قائلا بصوت مرتفع " الذي يرى المحاضرة مملة

ولا تعجبه ليس مجبرا على الحضور , من الأفضل له أن

يخرج ليشاهد السماء مباشرة دون عوائق "

نظرت له بصدمة فكان ينظر لي , لما أنا من بين الجميع !

ألا يوجد أحد غيري يسرح والجميع في دفعتنا يقولون أن مادته

مملة ولا يمضونها سوى بالسرحان عما يقول كي لا يموتوا قهرا

لا أعلم كيف يكون شابا بهذا الأسلوب أعان الله زوجته عليه

علمت الآن لما هي في المستشفى منذ أسبوعان ولن تخرج أبدا

أنهيت محاضراتي وعملنا على رسالة تخرجنا لأنها ستكون

عملية ونظرية ولم أرجع للمنزل إلا بعد العصر , فتحت الباب

ودخلت ثم قلت بمفاجأة " إيمان متى رجعتِ !! "

قالت بابتسامة " يبدوا لا مفر لي منكم "

أغلقت الباب ودخلت قائلة " لا تقولي أنك عدتِ لوحدك "

قالت بابتسامة " أبدا هوا من ذهب لإرضائي وإحضاري "

ضحكت وقلت " وكان يتبجح وينفخ رؤوسنا أنه لن يعيدك "

" عمتي ملاك تعالي وانظري في التلفاز "

نظرت جهته وقلت بضيق

" أنا لست عمتك , والدتك أكبر مني وتناديها إيمان "

ضحكت إيمان وقالت " لم يتوقف عن التحدث عنك طيلة

الأيام الماضية أنتما عدوان هنا فقط "

ضحكت ونظرت جهة باب المطبخ وقلت

" يوجد طعام هناك أليس كذلك "

قالت مبتسمة " غدائك في المطبخ ينتظرك "

توجهت نحوه قائلة " آه يا إيمان لا أحد هنا يعرف قيمتك غيري "

دخلت المطبخ فتحت القدر واستنشقت الرائحة , آه وأخيرا وجبة

دسمة فطيلة الأيام الماضية كنت أعد وجبات خفيفة بسبب جامعتي

توجهت لغرفتي استحممت وتناولت غدائي صليت المغرب

ونمت كعادتي حتى صلاة العشاء ثم قمت وصليت وتعشيت

ودرست حتى وقت برنامجي الذي بت مدمنة عليه فقفزت على

سريري ووضعت السماعات في أذناي وشغلت الراديو انتظر

حتى ابتدأ البرنامج وفي حلقة اليوم طبعا سيتحدث كل واحد عن

السؤال الذي وجهه له المتصل الذي قبله حتى كانت مداخلة أحزان

السنين وخان توقعاتي ولم يهرب من الحلقة لكن السؤال كان

سخيفا ولم أتمنى أن يكون كذلك , تكلم بصوته الهادئ قائلا

" إذا لم يكن السؤال ورطة كما قال البعض في حلقة اليوم عن

أسئلتهم التي وجهت لهم , بالنسبة لأصعب موقف مررت به

في حياتي كان وفاة والدي فموت السند أمر متعب للرجل

أكثر حتى من المرأة , كنت مراهقا ووالدتي رفعت الحمل

بادئ الأمر حتى صرت يعتمد علي واهتممت بشقيقتاي حتى

تزوجتا , لا أنكر أني كنت أحتاجه في كل وقت ليس لعجزي

عن تأدية واجبي ناحية والدتي وشقيقتاي لكنه كان والدا رائعا

وخسارته ليست سهلة على جميعنا وخصوصا والدتي "

قاطعه المذيع كعادته وقال " بالفعل الأبناء يتزوجوا

ويسعدوا والأم وحدها تبقى الخاسر في النهاية "

قال بصوت مبتسم " هي تحب برنامجك وتتابعه

فأحييها على تضحيتها لأجلنا "

قال المذيع " ونحييها جميعنا وها قد حضينا بمعرفة أشياء عنك "

قال " سررت جدا بالتحدث إليكم خصوصا هذه الحلقة وتبقى العقبات

طوال ما عاش الإنسان ولا أحزن كلما سرقت أفراحي السنين "

قال المذيع " السؤال أخي لا تنسى "

قال ضاحكا " كدت أنسى , أسأل المتصل بعدي لمن

تهدي كلمة أشتاق إليك "

تنهدت بحسرة وقلت " لو كنت أنا لقلت أنت طبعا "

بعد قليل اتصلت كي لا أكون أنا من هربت من الحلقة وكانت

المداخلة قبلي لم تنتهي فسألت الفتاة قبل أن تنهي مكالمتها قائلة

" أسأل المتصل بعدي كيف تصف ترابطك الأسري "

ففتحت عيناي عل اتساعهما من الصدمة , قطع الله لسانك يا

حمقاء , كنت سأوقف الاتصال لكن المذيع ذكر اسمي وقال أن

المداخلة الجديدة لي ولم يكن أمامي من مفر فقلت بعدما فتحوا لي

الخط " مساء الخير جميعكم حلقة اليوم مميزة جدا ولا تفوت

مشكلتي لم أعرف سؤالي إلا وأنا في الانتظار "

ضحك المذيع وقال " إذا كنتي تنوين الهرب منه "

قلت بعد ضحكة " أكذب لو أنكرت ذلك , بالنسبة لي لم أنعم بشيء

اسمه ترابط أسري فوالداي انفصلا وأنا صغيرة وتزوج والدي

بأخرى ووالدتي كذلك وعشت مع والدي لأنه صارم قليلا ويرفض

فكرة أن أعيش مع زوج والدتي وعندما أكملت المرحلة الإعدادية

وافق والدي أن أعيش مع جدتي والدة أمي وابنها وأدرس الثانوية

والجامعة في العاصمة لأن حياتي مع والدي كانت ستجعل مني

ابنة فاشلة فحتى دراستي تراجعت فيها كثيرا بسبب زوجته

لم أحب التحدث عن كل هذا لكني احترم برنامجكم وصراحة

كل المتصلين فلست بأفضل منهم ولن أكذب عليكم فمن ينعم

بنعمة الأبوين والاستقرار معهما أو حتى مع أحدهما فلا

يحزن أبدا لأنه اكتسب كل شيء وعمتم مساء "

*
*


يتبع
__________________
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 12-29-2015, 11:38 AM
oud
 
كنت أمسح على وجه الوسن وألعب بشعرها وهي تستنشق

ثيابي ووجهي وهذا طبعها كلما غبت عنها لأيام فيبدوا تشتاق لي

وتفتقدني عكس سميتها التي تكره رؤيتي , قربت شفتاي من أذنيها

فتبثثْ مكانها فابتسمت لأنها اعتادت على هذه الحركة مني وباتت تفهم

أن معناها حديث خاص بيننا , حضنت وجهها بذراعي وهمست لها

" والدتي تقول لي تزوجها , صدقي يا الوسن أتزوجها وأنا مجروح

منها حد الألم وهي تكره حتى رؤيتي وتكره مي والمزرعة , هل

تريدي رؤيتها يا الوسن ؟ هل تريدي رؤية فارستك , هل توافقي أنتي "

بقيت ثابتة على حالها رغم أن كلامي انتهى وأني أبعدت رأسي

عنها وكأنها تنتظر المزيد فابتسمت وقلت بصوت منخفض

وأنا أمسح على شعرها الأسود " يبدوا أنك موافقة لكن لعلمك

ستكرهك أنتي أيضا لأنك تخصينني "

رن حينها هاتفي في جيبي فأنزلت الوسن رأسها له وبدأت

تحرك سترتي بفمها جهة الجيب الذي فيه الهاتف في حركة

لأول مرة تفعلها فابتعدت عنها وأخرجت الهاتف لأصدم بالاسم

في الشاشة ... وسن تتصل بي أنا نواس وفي وقت جامعتها !!


************************************************** **

خرج نزار وترك دمارا خلفه ليس على الأرض فقط بل وفي

عينا سما الدمعتان ونظراتها المصدومة على المجسم الذي تحول

لقطع على الأرض ثم سرعان ما بدأت دموعها تتساقط عليه

الواحدة بعد الأخرى فقلت بهدوء

" سما لا تغضبي منه فهوا فهم الأمر بشكل خاطئ "

قالت ونظرها لازال حيث هديتها المتحطمة " انكسر يا خالتي

رفض هديتي وكسرها وصرخ بي أيضا , أقسم لم أشتريه

بنقودي وكنت عند وعدي له "

تنهدت وقلت " أعلم يا ابنتي ونزار الأحمق سيعلم بخطئه "

غادرت من فورها مسرعة ولم أسمع سوى خطواتها الراكضة

تصعد السلالم , أمسكت بهاتفي واتصلت به كثيرا ولا يجيب

اتصلت بسما أيضا وبالتأكيد لن تجيب علي ولم يرجع نزار

حتى وقت متأخر والحال هنا كما هوا عليه الزجاج وقطع

المجسم في كل مكان والكعك والحلويات مكانها لم يقربها

أحد , بعد منتصف الليل سمعت صوت باب المنزل انفتح

وخطواته تتوجه جهة السلالم فقلت " نزار تعال لا تصعد "

وقف عند الباب ونظر للأرض حيث حطام المجسم ثم نظر

لي فقلت بضيق " ما هذا الذي فعلته يا نزار "

أشاح بوجهه للجانب الآخر متضايقا ولم يتحدث فقلت بحدة

" هل هذا ما تستحقه منك وهي التي تعبت لتحصل على الهدية

ووقفت طوال اليوم تعمل في المطبخ لأجل حفل بسيط لك ولم

يتذكرك غيرها أحد , هل هذا جزائها لأنها جمعت مصروفها

وحرمت نفسها منه واستلفت من صديقتها لتشتري لك

الهدية دون أن تخلف بوعدها لك "

نظر لي وقال بضيق مشيرا بإصبعه على حطام المجسم

" هل تعلمي كم ثمن هذا يا أمي أي صديقة ستستلف منها ثمنه "

قلت بجدية " نزار سما لا تكذب وأنت تعلم ذلك جيدا "

فتح فمه ليتحدث فقلت بضيق " مالا تعلمه يا حضرة

المهندس أن هذا المجسم تقليد عن الأصل وثمنه لم يتجاوز

المئة ثم هي أموالها ومن المفترض أن لا يحاسبها عليها

أحد ورغم ذلك احترمت وعدها لك "

غادر متضايقا فقلت منادية " انتظر "

التفت لي فقلت " لا تتحدث معها الآن "

قال " لن أتحدث معها أبدا فمهما كان ما كان عليها

أن لا تمد يدها لأحد "

قلت بضيق " نزار ما بك وكأنك تبحث لها عن الزلة , ثم لا

تنسى أنها تمد يدها لك أيضا رغم أنها تملك أموالا تكفيها لباقي

حياتها ويزيد فلما أنت لا بأس وغيرك لا وبأي صفة وهل

بضنك وحدك لديك كرامة وعزة نفس "

قال بضيق أكبر " أمي لاحظي أنك بتِ تنتقدينني في كل

شيء أفعله أو أقوله يخص سما "

قلت ببرود " لا تتهرب من خطأك في حقها واعترف

ولو بينك وبين نفسك "

غادر دون كلام فقلت بصوت مرتفع ليسمعني

" نزار لا تتحدث معها عن أي شيء وأي كان "

ثم اتكأت على السرير بعدما انتهى الحفل الذي لم يكن مخططا

له هكذا أبدا ولم يطفئ أحد حتى النور , بعد وقت غلبني النعاس

واستيقظت على صوت حركة في الغرفة ففتحت عيناي فكان نزار

يجمع قطع المجسم من الأرض ويضعها على القاعدة الخشبية

المخصصة له فقلت بهدوء " أتعلم كم مرة سألتني سما بالأمس

قائلة : ترى هل ستعجب هديتي نزار "

وقف ينظر لي بصمت فقلت " لقد جرحتها بما فعلت , لا

وصرخت بها واتهمتها بالكذب وإخلاف الوعد وبأنها تتصدق

بأموالها علينا , لو كنت مكانها لما سكت لك وقتها ولقلت

لك بصحة وجه : ولما تتصدق عليا أنت بمالك "

عاد منحنيا للأرض يجمع باقي القطع وقال ببرود

" أخطأت يا أمي وإن كنت مخطأ في حقها فهي أخطأت أيضا "

قلت بضيق " نعم أخطأت في أن تذكرتك في عيد ميلادك "

حمل حطام المجسم خارجا به بصمت فقلت

" خذ الكعكة للثلاجة فلا أحد سيأكلها وأطفأ النور "

غادر به ثم عاد وحمل الكعك والحلويات والكؤوس وكل ما كان

على الطاولة وأطفأ النور وغادر دون حتى أن يقول لي تصبحين

على خير , ثمة أمر ما يضايق نزار هذه الأيام وها هوا نفث كل

ضيقه في المسكينة سما , كل ما أخشاه أن تصدق ظنوني حيالها

فهوا لا يكن لها أكثر من شعور المسئول عنها

*
*
سجنت نفسي في غرفتي ولا شيء سوى البكاء ولست أعلم

أبكي هديتي التي تحطمت أم تعبي من أجل الحصول عليها أم

جرحه لي بما فعل , لما لا أتقبل هذا منه ! لما حين كان يصرخ

بي مدير المدرسة أو حتى جابر ذاك اليوم لم أشعر بهذا الكم من

الحزن والألم ! هل صحيح ما قالت خالتي وأن من يحب شخصا

لا يحتمل منه الجرح وسيكون مختلفا عن غيره في كل شيء !

لا أعلم كم ساعة بكيت الليلة , كل ما أعرفه أني بكيت لوقت

طويل جدا كبكائي ليلة نمت في منزلنا وحيدة , بكيت بحرقة أدس

وجهي في الوسادة حتى نمت ولا أعرف كيف ولا متى واستيقظت

وقت الفجر ورأسي يؤلمني بشدة من كثرة بكائي وأشعر بمعدتي

تؤلمني أيضا , صليت بصعوبة ثم عدت للسرير ولم أنم بعدها

أبدا وفات وقت المدرسة ولم أغادر سريري , إنه موعد دورتي

الشهرية وحين أكون منزعجة أتألم منها كثيرا , غادرت السرير

دخلت الحمام وعدت له من جديد وعند العاشرة سمعت طرقا

على الباب فاختبأت تحت اللحاف ولم أجب , تكرر الطرق عدة

مرات ثم انفتح الباب وبعد لحظة وصلني صوت نزار قائلا

" سما المدرسة لا ذنب لها "

نزلت دمعتي ولم أتكلم فقال

" والدتي منشغلة عليك , على الأقل انزلي لتطمئن "

قلت من تحت اللحاف " متعبة قليلا "

لاذ بالصمت لوقت ثم قال " هل آخذك للمستشفى "

قلت بهمس " لا "

لم اسمع بعدها سوى الباب يغلق وعدت لبكائي من جديد

يبدوا مستاء مني من نبرة صوته فما ذنبي أنا وما الذي فعلته

أستحق عليه كل هذا , كنت أتألم كثيرا ولم أستطع مغادرة

السرير لأعد الطعام كي لا يعتقد أحد منهما أني أتعمد ذلك فقط

لأني غاضبة وكأني أمن عليهم بخدمتي لهم , بعد وقت سمعت

الباب ينفتح من جديد ثم صوت عجلات كرسي خالتي المتحرك

يقترب مني وصوتها الحنون يقول " سما هل أنتي مستيقظة "

أبعدت اللحاف وجلست وجمعت شعري المفتوح جانبا , كانت

أمام سريري بكرسيها المتحرك ونزار يقف خلفه , نظرت ليدي

في حجري وقلت " آسفة خالتي كنت متعبة ولم أستطع النزول لك "

أمسكت يدي وقالت " وجهك متعب جدا ما الذي تشعرين به "

نظرت لها ونزلت دموعي من فورها ودون شعور

فمسحتها وقلت " معدتي تؤلمني كثيرا "

مسحت بظهر أصابعها على خدي وقالت

" ومن معدته تؤلمه يبكي هكذا !! "

خرج حينها نزار وتركنا لتنزل دموعي مجددا وأمسحها

بسرعة فتنهدت وقالت " متعبة أم غاضبة منه "

نظرت لها ثم نظرت للأسفل وقلت بصوت منخفض

" هذا موعد دورتي الشهرية وتؤلمني كثيرا ونزار

يبدوا هوا الغاضب وليس أنا "

قالت بضيق " ليس غاضبا هوا فقط لا يريد أن يعترف بخطئه "

عدت بنظري لها وقلت " هل أخطأت حقا يا خالتي , قولي أنتي "

قالت بهدوء " لو فعلتِ كما ضن تكونين مخطأة "

نظرت لها بعينان دامعتان وقلت " لكني لم أفعل ذلك أقسم لك "

هزت رأسها بنعم وقالت " أعلم وأخبرته أيضا فتحول لومه

على أن تطلبي النقود من صديقتك "

قلت بحزن " لكني لم أطلب منها بل هي من عرضت علي

مساعدتها وأخبرتها أني سأعيدهم لها من مصروفي "

تنهدت وقالت " نزار يبدوا مستاء ويتضايق من كل شيء

لا تغضبي منه سيعود لطبيعته ويدرك خطأه "

رفعت شعري خلف أذني وقلت " لست غاضبة منه "

قالت مبتسمة " اتصلت بدعاء ستأتي لتراك هي ممرضة لكنها جيدة "

هززت رأسي بلا وقلت " لا أريد خالتي لا أريدها "

قالت باستغراب " ولما يا سما ! ستكتب لك اسم علاج يفيدك "

قلت بتذمر " لا أريد لا , ثم هي ممرضة ما سيفهمها في الأدوية "

مسحت على يدي وقالت " حسنا لن تأتي مادمت لا تريدين سأسألها

عن شيء ينفع وأوصي نزار يحضره من الصيدلية "

عدت للإضجاع عل السرير وغطيت رأسي باللحاف أبكي فسمعتها

تقول " سما يكفي بكاء هل تريدي أن تقلقيني عليك "

جاء حينها صوت نزار قائلا " هيا يا أمي سأنزلك لغرفتك

وسما تجهز نفسها لآخذها للمستشفى "

قلت من تحت اللحاف " لا أريد سأكون بخير "

قال بضيق " لست غاضبا منك يا سما سنذهب أو سأغضب حقا "

ثم لم أسمع سوى صوت عجلات الكرسي خارجا به

إذا كان هنا ويستمع لكل ما نقول , جيد أني لم أخبر خالتي

عما كان يزعجه لسمعني ووجد شيئا جديدا يلومني عليه

وأكون أستحق حينها فتلك أمور تخصه لا يحق لي قولها

غادرت السرير غيرت ثيابي ولبست حجابي الأبيض ونزلت

للأسفل فوجدته ينتظرني أمام غرفة والدته عند أول السلالم

فأرخيت نظري ونزلت دون أن أنظر إليه وسار هوا قبلي

جهة الباب وخرج وأنا أتبعه , ركبنا السيارة وأنطلق ونحن

في صمتنا سوى من الأوجاع التي تزداد علي , لاحظت

بعدها أنه زاد السرعة فيبدوا لاحظ أني أتألم كثيرا

وصلنا المستشفى ونزلنا ودخل وأنا أتبعه ودخلت لحجرة

الطبيب وحدي , وصف لي علاجا وحقنني بالمسكن فشعرت

بعدها بالراحة كثيرا ومن ثم خرجت فكان نزار يقف بعيدا

ودعاء معه , كان يتحدث بضيق فاقتربت وهما لا يشعران

بي لكني لم أستمع سوى لبعض الكلمات وهوا يقول لها

" لا أريد أن أراها ولا أسمع صوتها فأخبريها أنتي أن كل

ما بيننا انتهى فيبدوا لا تريد أن تفهم مني "

نظرت حينها دعاء ناحيتي فالتفت لي نزار وقال

" هل نغادر "

هززت رأسي بنعم دون كلام فتحرك قائلا

" وداعا يا دعاء وشكرا لك "

سار معطيا ظهره لنا فنظرت لها فكانت تنظر لي نظرة

غريبة لم أفهمها ثم ابتسمت بسخرية وغادرت في صمت

لحقت بنزار مسرعة لأدركه وتركت ترجمة تصرفات المدعوة

دعاء فلازلت مؤمنة بكلام والدتي حين كانت تقول لي دائما أن

الأخيار يدافع الله عنهم وأن الأشرار هم من يخسرون في النهاية

ومهما طال الزمن , أجل الآن فقط فهمت ما كانت تقصده من

كلامها معي سابقا , هي تخاف أن يحبني نزار وتبدوا تحبه

لكن ترى ما علاقتها بخطيبته السابقة فيبدوا كانا يتحدثان عنها

وصلنا السيارة ركب وركبت بعده وانطلقنا عائدين وبعد

مسافة قليلة نزل للصيدلية وأخذ لي العلاج ثم عاد للسيارة

ركب ووضع الكيس في حجري ثم انطلقنا وقال بعد قليل

ونظره على الطريق " كان يفترض بك أن تخبريني أنا

أنك تريدين نقودا يا سما "

أنزلت رأسي وقلت بحزن " كنت سآخذها منك على أية حال

فأنا كنت سأرجعها لها من مصروفي الذي تعطيه أنت لي "

سكت قليلا ثم قال " أنا آسف كنت منزعج من بعض

الأمور وأزعجتِني كثيرا بما فعلتِه "

نظرت جهة النافذة وقلت " لم يكن أمامي وقت أجمع فيه

المال وأردت أن أشعر أني أنا من اشترها لك وليس من مالك

أردت شكرك ولو مرة واحدة على ما تفعله من أجلي "

قال بانزعاج " مالا تعلميه يا سما أني أنا من يلزمه شكرك

على كل ما تفعليه من أجلي ووالدتي "

نظرت له وقلت " هذا يجرحني أيضا كما يجرحك أن

أدفع من مالي عليك "

أوقف السيارة أمام المنزل ونظر لي وقال بابتسامة صغيرة

" إذا لنتفق أن لا يجرح أحد منا الآخر في هذان الأمران "

هززت رأسي بحسنا مبتسمة ونزلت من السيارة ودخلنا

المنزل معا , ترى هل من علامات الحب أيضا أنك لا تستطيع

أن تغضب ممن تحب وتسامحه بسهولة ما أن يعتذر منك !!

دخلت وتوجهت لغرفة خالتي فورا فمدت يدها لي مبتسمة

فاقتربت منها وجلست بجوارها فاحتضنت كتفي وقالت

" كيف تشعرين الآن "

قلت بهمس " جيدة "

وقف نزار عند الباب وقال " سأخرج من العاصمة لأزور الشركة

التي يعمل فيها حسام لآخذ لهم الخرائط التي رسمتها "

قالت خالتي مبتسمة " وفقك الله بني "

قال مغادرا " لا تفتحي الباب لغير جابر يا سما وكان من يكون "

نظرت لي خالتي وقالت " يبدوا تصافت الأمور "

هززت رأسي بنعم ثم قلت " ما قصة الخرائط "

قالت " حسام تحدث مع صاحب الشركة فهوا والد صديقه

وسيتعاملون مع نزار ليرسم لهم لو أعجبهم أدائه لذلك

هوا يعمل عليها منذ أيام "

قلت بهدوء " لكنه ذهب دون أن يتناول غدائه وأنا لم أعد شيئا "

قالت مبتسمة " لا تقلقي عليه سيأكل في الخارج "

وقفت وقلت " إذا سأعد الطعام لنا وأنظف المنزل "

أمسكت يدي وقالت

" اذهبي لغرفتك لتنامي وترتاحي فلازلت متعبة "

قلت مبتسمة " لم أعد متعبة سأطهو الطعام حالا "

خرجت من عندها أعددت الغداء ثم بدأت بتنظيف المنزل

نظفت الصالة والحمام ثم صعدت للأعلى رتبت غرفتي ثم دخلت

لغرفة نزار وفوجئت بالمجسم قد أعاد تركيبه كما كان فقط بدون

الزجاج فوقه , اقتربت منه ولمسته فكان تابتا تماما فيبدوا أنه

ألصقه بالغراء , لفت انتباهي صندوق بجانبه فتحته فكان فيه

ساعة رجالية , قلّبت الصندوق كثيرا ولم يكن مكتوبا عليه

شيء وحين أعدته مكانه لاحظت البطاقة المقلوبة في

مكانه على الطاولة فرفعتها فكان مكتوبا فيها

( كل عام وأنت بخير يا نزار ...... دعاء )

شعرت برغبة كبيرة في تحطيمها ورميها في القمامة لكنه

سيعلم أنها أنا لكنت فعلتها دون تردد , نظفت بعدها الغرفة

وكويت له ثيابه ورتبتها في الخزانة وجمعت الأوراق من

الأرض لأضعها في سلة المهملات ففوجئت بهدية مغلفة

لم يفتحها مرمية بداخلها فرفعتها أنظر لها باستغراب

ترى من أهداها له ولما يرميها دون حتى أن يفتحها !

فتشت في السلة فوجدت بطاقة صغيرة ممزقة لأربع أجزاء

أخرجتها وتوجهت بها للطاولة جمعتها فكان مكتوبا فيها

( كل عام وأنت بخير يا نزار ومن أجلي وحدي فقط )

جمعتهم من جديد ورميتها في السلة وقلت بضيق

" غبية , من أجلك أنتي فقط يكون بخير يا وقحة "

خرجت من الغرفة ونزلت لخالتي تناولنا الغداء معا ثم

قلت " لما لا نقرأ قليلا في الرواية أنا متحمسة لها كثيرا "

قالت بعد ضحكة " هذا سيكون جزء الليل ولن نقرأ الليلة "

قلت بابتسامة " ندعه لليل إذا "

رن حينها هاتفي فكانت بتول فأجبت عليها فقالت من

فورها " مرحبا سما أين أنتي لم تأتي اليوم "

قلت " كنت متعبة قليلا وأنا الآن أفضل "

قالت بصوت مبتسم " حمدا لله على سلامتك إذا

ظننت صاحب الهدية قتلك "

قلت بابتسامة صغيرة " من أين تأتين بهذه الأفكار "

قالت ضاحكة " اعتني بها جيدا وأوصيه عليها

فلست تعلمي ما عانيته بسببها "

قلت بإحراج " أنا آسفة حقا يا بتول إن سببت لك مشكلات "

قال مباشرة " أبدا لا تفكري في الأمر ووداعا الآن ونلتقي بعد غد "

قلت بهمس " وداعا "

*
*
" ماذا تعني بهذا يا دعاء "

غيرت الهاتف لأذني الأخرى وقلت " أعني ما فهمته جيدا

قال ما بيننا انتهى منذ سنوات ولا أريد تجريحها أكثر

فلتبتعد بصمت كما في المرة الأولى "

قالت بضيق " هل أحبها لهذا الحد وأفقدته عقله تلك الطفلة "

قلت بتذمر " رهام لما لا تتوقفي عن ذكرها دائما , هوا كان

بين يديك ويحبك بصدق لكنك أضعته "

قالت ببرود " أنتي صديقتي لما تقولين هذا ثم كان يفترض

بك مساعدتي كما وعدتني "

قلت بابتسامة جانبية " فعلت ما في وسعي ولم يبقى سوى الترجي لم

أترجاه لكنه بالفعل طوى صفحة الماضي يا رهام "

قالت بضيق " لن تأخذه تلك ولا غيرها نزار لي وسيعود لي كما كان "

لذت بالصمت وما يصبرني أنها لن تستطيع إرجاعه لها مهما

حاولت , قد تتمكن فقط من إبعاد سما عنه لكن أن يعود لها

ويحبها كما كان فمن سابع المستحيلات , قالت بهدوء

" أحمد شقيقي سألني عنك بالأمس وقال أن لديه ما يود قوله لك "

قلت من فوري " مشغولة هذه الفترة ولا وقت لدي وداعا

الآن هذه أمي تناديني "

ثم أنهيت الاتصال معها وخرجت من المنزل وتوجهت لمنزل

نزار طرقت الباب وقرعت الجرس عدة مرات ولم يفتح لي أحد

سيارة نزار ليست في الخارج يعني أنه ليس هنا وتلك الطفلة

مؤكد رأتني من عين الباب ولم تفتح لي والمفتاح لم يعد موجودا

تحت الدواسة ومؤكد بمخطط منها , أخرجت هاتفي واتصلت

بوالدته وهاتفها مقفل , تبدوا تلعبها جيدا سما تلك وأخطر مما توقعت

*
*

عند المساء عاد نزار ودخل عليا وخالتي الغرفة وفي

يده أكياس كثيرة وقال مبتسما " أعجبتهم جميع رسوماتي

وأعطوني فيها ثمنا جيدا وسأتعامل معهم بوقت وعدد

محددين وسأجني منه قدرا لا بأس به من المال "

ابتسمت أنا له وقالت خالتي بسعادة

" حمدا لله بني , الله لا يضيع تعب من اجتهد "

مد لي بالأكياس التي في يده اليمنى وقال " خديها للمطبخ يا

سما فبعضها أغراض من أجل المطبخ والباقي أحضريه

لنا مع كعكتك التي في الثلاجة "

وقفت وأخذت منه الأكياس وقلت بحزن

" الكعكة لم تعد صالحة للأكل "

قال باستغراب " ولما !! "

نظرت لخالتي ثم للأرض وقلت " لأن بها قطع كثيرة من

الفواكه ومر عليها أغلب الليل خارج الثلاجة ففسد طعمها "

ثم خرجت من فوري وتوجهت للمطبخ رتبت الحاجيات التي

أحضرها ووضعت الحلويات في طبق وأخذتها معي للغرفة

كانت خالتي تقلب فستانا جميلا بين يديها أحضره لها فدخلت

ووضعت الصينية وقلت بابتسامة " كم هوا جميل "

نظرت لي وقالت مبتسمة " نعم ويبدوا ثمنه مرتفع "

فتح نزار الكيس الآخر وهوا يقول

" لا تفكري في شيء سوى أن يكون على مقاسك "

أخرج من الكيس صندوقا جلديا فتحه وقال

" أتمنى أن تعجبك يا سما "

مده لي فكان به عدة كاملة من الأمشاط الخشبية

المزينة بالفصوص , أخذته منه وقلت

" هذا كثير , لدي ذاك الذي جلبته لي "

وضع باقي الكيس بجانبي وقال

" هذا فيه ثياب لك أتمنى أن أكون أصبت في مقاسك "

ثم قال مغادرا " سأصعد لأصلي العشاء وأنام اشعر

بالتعب في كل جسمي "

ثم غادر من فوره دون أن ينتظر حتى أن أشكره

نظرت لخالتي من فوري فقالت بابتسامة

" يبدوا خشي أن تردي عليه هديته كما فعل معك "

نظرت للصندوق في يدي وقلت بحيرة

" وجدته جمع أجزاء المجسم وأعاده كما كان "

وصلني صوتها قائلة " أخبرتك أنه كان متضايقا قليلا فقط ثم

الرجال يا سما والكرماء منهم خصوصا لا يحبون أن يظهروا

بمظهر العاجزين عن دفع المال للمرأة ولا أن تصرف عليهم

من مالها , الله خلقهم هكذا يا ابنتي والمرأة الغبية فقط من تقتل

في الرجل هذه الخصلة التي جبله الله عليها فيتحول الرجل

لوحش يأكل مالها ولحمها وتكون هي السبب "

نظرت لها بحيرة فضحكت وقالت " ستفهمين ما أقول يوما

هيا أرني ما جلب لك من ثياب وهرب كي لا نراهم أمامه "

فتحت الكيس وأخرجت ما به , كانت بيجامة نوم بيضاء برسوم

صغيرة تملأها وبنطلون من الجينز وقميص , كانت كلها جميلة

وألوانها رائعة ثم نظرت لآخر ما في الكيس وبعدها نظرت

لخالتي فقالت " ماذا هناك غيرهم ؟ لما لم تخرجيه "

أغلقت الكيس وقلت بحياء " ملابس داخلية , كم هذا محرج "

ضحكت وقالت " محرج له أكثر منك لكنه يعلم جيدا انك

ستحتاجينها ولا امرأة غيري هنا وحالي تعلمين به "

ثم مدت لي باقي الثياب وقالت

" ضعيهم في الكيس وخذيهم لغرفتك وتعالي لنقرأ روايتنا "

ابتسمت لها وأخذت الأغراض فقالت بضحكة " أحضر لي فستانا

فقط ولك كيسا مليئا , يبدوا هذه طريقته في الاعتذار "

قلت مبتسمة " قد يكون لأنك لن تحتاجي إلا الفستان "

قالت بابتسامة مماثلة " ممكن "

أعدت الأغراض للكيس وصندوق الأمشاط وصعدت به

لغرفتي , دخلت ووضعتهم في الخزانة ثم لفت انتباهي ورقة

على الطاولة فتوجهت نحوها وفتحتها فكان فيها نقودا , قرأت

ما في الورقة فكان ( أعيدي لصديقتك نقودها يا سما وآسف

مرة أخرى ولا تغضبي مني فقط لا أريدك أن تعتمدي على

غيري وأنا موجود ولا حتى أموالك أنتي , حتى أعيدك

لأهل والدك فكوني متفهمة لموقفي حتى أعيد لهم

أمانتهم التي وضعت في عنقي )

حضنت الورقة ونزلت دمعتي فرحا بكلماته واعتذاره وحزنا

على نظرته لي كمسئولية وأمانة سيعيدها لأصحابها ثم مسحت

دموعي ونزلت لغرفة خالتي , عليا أن أحاول إبعاد هذه الأفكار

من رأسي وألتفت لدراستي , وصلت الغرفة أخذت الرواية

وجلست وقلت " سنرى اليوم ما سيفعل لها فراس "

قالت ضاحكة " قد تحبه هوا في النهاية ويحبها "

قلت بصدمة " هل تحبه وهوا يعاملها هكذا !! "

قالت بابتسامة " الحب لا يسأل يا سما فكم من بشر

أحبوا أبغض أعدائهم "

قلت بهدوء حزين " ولما لا يسأل ! ألا يحق لنا أن نختار من نحب "

قالت " بلى يكون باختيار قلبك ولن يحب قلبك عبثا لأنه مثلك "

قلت بعد صمت " هل أخبرك إن أحببت شخصا يوما ما "

قالت مبتسمة " إن أردتِ ذلك يا ابنتي سأكون سعيدة به "

قلت باستغراب " ولن يزعجك أبدا "

هزت رأسها بلا ثم قالت بضحكة

" إلا إن كان مجرما أو خريج سجون فلن أكون سعيدة "

ضحكت وقلت " ولما أحب مجرما "

قالت مباشرة " لندع الأمر لوقته وهيا إقرائي بتركيز

هذه المرة وليس كسابقتها "

ضحكت ثم فتحتها حيث وصلنا وقرأت

(( تلعثمت ولم أعرف ما أقول فابتسمت له وقلت

" لم أقصد ما فهمت "

قال ببرود " ما قصدتِ إذا يا حية "

سكت بعدها ونظر لأحدهم خلفي فالتفت له فكان ويالا

سعادة حظي عمي رياض , نظر لي وقال

" ماذا حدث معك يا رُدين كيف كان مشوار السوق "

نظرت لأشرف خلفه عند سيارته ثم نظرت له وقلت

" كان رائعا ولن أخرج للسوق مع غيره "

ثم نظرت له فكان يتوعدني ويمرر يده على عنقه بمعنى سأقتلك

فسمعت ضحكة من خلفي فالتفت مصدومة بفراس يضحك

ودخل عمي رياض قائلا " المهم أن تكوني اشتريت ما تريدين "

التفت جهة أشرف ونظرت له بشماتة فقال " سأريك يا حية يا رقطاء "

أخرجت له لساني ودخلت لأشعر بيد تسحبني جهة المجلس

وكانت لفراس طبعا , دخل بي هناك وأغلق الباب وأجلسني

مرغمة على الأريكة ووقف أمامي واضعا يديه وسط جسده

وقال ونظره في عيناي " ألن تقولي الحقيقة "

أزلت حجابي ورميته بعيدا وقلت " أي حقيقة "

قال ببرود " صبري سيكون معك أطول مما تتصوري يا رُدين "

وضعت ساق على الأخرى وقلت " وأنا ليس ورائي غيرك أنت

فاجلس نمضي الوقت نتسامر قليلا يا ابن زوجي "

أمسك خصلة من شعري وقال وهوا يبرمها بين أصابعه

" كيف عرفك والدي ومن أين أتيتِ "

استللت الخصلة من بين أصابعه بقوة وقلت

" ابنة صديقه كما أخبركم ووالدي توفي وعمري سبعة أعوام

ووضعني عمي رياض في مدرسة داخلية سنوية حتى وقت

العطلات لا أخرج منها وبعدما أنهيت المرحلة الثانوية

أخرجني وها قد جلبني هنا وانتهى يا حضرة المحقق "

سند قدمه على حافة الأريكة بجانبي تماما واستند بمرفقه على

ركبته وقرب وجهه من وجهي وقال " وكيف وافقته على

هذه اللعبة السخيفة يتزوجك ليزوجك لغيره "

رفعت كتفي بلامبالاة وقلت ونظري في نظره " لا يهم عندي

فلن يفعل عمي رياض شيئا ليس فيه مصلحتي , ثم هوا تزوجني

ولا تحترمونني ولا تتقبلونني وأنا فتاة يتيمة لا أحد لها غيركم

فكيف إن جلبني دون أن يتزوج بي "

قال بنظرة ثابتة على عيناي لم تتغير

" ولما لم يختصر الطريق ويزوجك بأحد أبنائه "

نظرت بعيدا عن عينيه وقلت

" لا يحق لي أن أسأله وكل ما يريده سأفعله ولن أناقشه "

أمسك ذقني بأصابعه وأعاد وجهي أمام وجهه ونظري

لنظره وقال ولا يزال ممسكا بذقني " الحقيقة يا رُدين "

أبعدت يده ووقفت وقلت بضيق " لا تمارس عمل المحققين علي

وأخبرتك مرارا إن كان لديك شيء قله لوالدك واسأله عنه "

أبعد قدمه عن الأريكة منزلا لها للأرض واستقام في وقفته

وقال واضعا يديه في جيوبه " لم أقتنع بكلامه ولا جوابه "

قلت مغادرة جهة الباب " ليست مشكلتي "

أمسك ذراعي مجددا وأعادني ناحيته قائلا

" ولكنها مشكلتي فأحضري لي عقد الزواج أراه بعيني لأقتنع "

أبعدت يده عني بالقوة وقلت

" لديه هوا فاطلبه منه بنفسك ألا لسان لديك "

قال مغادرا الغرفة " حسنا إذا "

خرجت من الغرفة وتذكرت أن أحد الأكياس وبه الثوب بقيي في

سيارة أشرف فخرجت للخارج فلم أجده , قيس النساء ذاك فعلها

وأخذ الثوب ولن يعيده لي بالتأكيد حتى يمر اليوم , دخلت للداخل

وبحثت عن عمي رياض حتى وجدته وطلبت منه أن يتصل به

ليحضر أغراضي فلن يقدر عليهم إلا والدهم وبالفعل بعد قليل دخلت

الخادمة وقد أحضرته وقالت أنه تركه عند الباب وقال لها تأخذه

لي فأخذت الكيس وخرجت من عنده على صوت رسالة وصلت لهاتفي

فكانت من رقم مجهول وفيها ( سأنتقم منك بغيرها يا حية يا رقطاء )

الرسالة منه إذا , أرسلت له ( لا حية سوى جوجو خاصتك

عمود النور تلك يا قيس النساء )

ثم أغلقت هاتفي نهائيا وصعدت لغرفتي وعند مقربة المساء

كنت جاهزة لأغادر مع عمتي سعاد لحفل الزواج , لبست عباءتي

فوق الفستان وحدائي وأخذت حقيبتي وخرجت أركض على

صوت منبه السيارة في الخارج يملأ الدنيا بضجيجه , مؤكد ليس

عمي رياض أبدا , وصلت للخارج وأنا ألف حجابي فكان فراس

واقفا خارج السيارة ويده داخلها ووالدته جالسة في المقعد الأمامي

اقتربت منه بخطوات عادية , لو كنت اعلم انه هوا ما نزلت الآن

فتح بابه وقال بضيق " ساعة لتخرجي يا سيدة الحسن "

فتحت باب السيارة وقلت وأنا أركبها " ألا يعجبك حسني "

انطلقنا قائلا " أمي أخبري هذه التي جلبتها معك أن

تحفظ لسانها خيرا لها "

قلت ويداي وسط جسدي " ومن بدأ أليس أنت "

قالت والدته بضيق " يكفي وأنتم كالأطفال , وارحموا الفتاة كلكم عليها "

تجاهلها وفتح مسجل السيارة على أغنية غربية يردد كلماتها مع

المغنية , جميل ظننته لا يعرف حتى أنه توجد أغاني في الحياة

أخرجت عدة الماكياج من حقيبتي والمرآة وبدأت أعدل

زينتي فأطفأ عليا الإنارة في سقف السيارة فتأففت وشغلته

فأمسك السرعة فجأة لتسقط جميع القطع من حجري في مكان

القدمين في الأسفل وبدأت أتلمس في الظلام لأجدها وقلت بضيق

" انظري ما يفعله ابنك بي عمتي سعاد , يكرهني دون سبب "

قالت بهدوء " أمرك لله يا ابنتي اصبري قليلا حتى

يزوجك عمك رياض وترتاحي منهم "

قال بسخرية " قد تعجبه يا أمي وترميك خارج منزلك غير مبالية بك "

لم استطع احتمال تلك الكلمات منه رغم أني ضد الإهانات

وأتحمل كل شيء لكن كلامه هذا كان جارحا جدا فبدأت

بالبكاء دون شعور وقلت بعبرة " أعدني للمنزل حالا

ولن أبقى فيه بعد اليوم "

قال بسخرية " نعم ستطلبين منزلا لك وحدك "

قالت والدته بحدة " فراس أسكت حالا وتوقف عن إهانتها تفهم "

تأفف ولاذ بالصمت فوصلنا حينها ونزلت قبل حتى أن تتوقف

السيارة جيدا وسبقت عمتي للداخل رغم أني لا أعرف المكان

ولم أزره قبلا , كان الحفل في منزل العائلة لكنه كان واسعا

جدا , جلست بجوار عمتي طوال الوقت ومزاجي سيء جدا

لقد أفسد عليا ذاك المعتوه سليط اللسان , كانت العروس جميلة

أو من تأثير المساحيق لا أعلم وكانت تبدوا سعيدة ومعها حق

تسعد فهي تتزوج بمن تحب كما فهمت من الجالسة بجواري

ما به حضي أنا هكذا عليا أن أتزوج واحد من أولئك الثلاثة

الذين يكرهونني حد الموت ولن أستطيع خذل عمي رياض

في أن أتركهم ثلاثتهم أمامي وأتزوج من غيرهم رغم أنه

لن يمانع , لكن لن تطاوعني نفسي وهوا من اهتم بي كل

حياتي وكان يتمنى أن أكون زوجة لأحد أبنائه

بعد قليل دخل عريسها وجلس بجوارها ووجهه في

وجهها يضحكان طوال الوقت ويتهامسان

أما أنا فكنت كبطاقة التعريف فالجميع يأتي ويسأل عمتي

من هذه التي معك ؟ هل زوجت أحد أبنائك ولا نعلم ؟

وكل واحدة تقول وجدتِ عروسا لأحدهم وكادت تقتلني تلك

التي قالت ( كم هي جميلة ابنة صديق زوجك وتليق بفراس

وكأنها له ) حتى أني كدت أقفز عليها وأخنقها وأفقأ عينيها

وبعدما انتهى الحفل ورقص جميع الفتيات عداي رغم أني كنت

قد قررت أن أرقص الليلة حتى تتعب قدماي لكني عفت هذا

كنت واقفة بتململ وعمتي تقول " استهدي بالله يا رُدين

وعودي معه وأعدك لن يتكرر ما قاله "

قلت بضيق " قلت لا يعني لا وليأتي عمي رياض أو أشرف

أو حتى وائل لأخذي ولن أركب معه أبد الدهر ما حييت "

استغفرت بهمس ثم قالت " سيغضب عمك إن علم بذلك "

نظرت لها وقلت بعبرة " أهانني يا عمتي وجرح كرامتي

استحملت منهم كل شيء إلا هذه "

ربتت على كتفي ولاذت بالصمت وما هي إلا لحظات ورن

هاتفها فقالت " هذا فراس قد جاء ألن تخرجي لنغادر "

قلت بإصرار " لا "

قالت وهي تفتح الباب لتخرج " أخبرته أن لا يأتي هوا

ولكنه أصر على غير عادته , ما أحبكم للمشاكل "

ثم خرجت هي للخارج تاركة الباب مفتوحا ولم أتحرك

أنا من مكاني في الممر الذي يوجد به الباب منعزلا عن

باقي المنزل وبعد لحظات انفتح الباب فكان هوا أمامي

تراجعت لأدخل للداخل لكنه أمسك بيدي وسحبني للخارج

حتى وصلنا السيارة فاستللت يدي من يده وقلت بغضب

" أتركني , قلت لا أريد الركوب معك ألا تفهم "

قال بغيض " اركبي ولا تفضحينا أمام الناس "

بقيت أنظر له فتأفف وقال ببعض الهدوء

" اركبي يا رُدين "

قلت بحزن " إلا على موتي "

هز رأسه بيأس ثم فتح لي الباب وقال بهدوء

" أنا آسف على كل ما قلته لك " ))

أغلقت الرواية وقلت " جيد أنه اعتذر منها لقد أهانها كثيرا بما قال "

قالت بابتسامة " ألا تري أنه اكتشف لعبتهم "

قلت بحيرة " كيف علمتِ "

قالت بذات ابتسامتها " كلامه الآن تغير كثيرا حتى إصراره

على المجيء بنفسه رغم أن والدته طلبت منه أن لا يأتي

ولكنه على غير عادته أصر على المجيء "

قلت بحيرة اكبر " وكيف علم ! هل حكا له والده أم اكتشف

ذلك من تهربهم من حكاية عقد الزواج "

رفعت كتفيها وقالت بهدوء

" لا أعلم وستكشف لنا باقي الرواية حقيقة ما حدث "

وقفت وقلت " كل مرة أزيد تشويقا أكثر لمعرفة ما سيجري "

قالت بعد ضحكة صغيرة " وهذه هي المتعة فيها , هيا

تصبحين على خير فورائك مدرسة غدا "

ابتسمت لها وقبلت خدها وقلت

" تصبحين عل خير وغدا يوم الجمعة إن نسيتي "

ضحكت وقالت " بالفعل نسيت إذا هوا يوم إجازة "

هززت رأسي بنعم ثم أطفأت نور غرفتها وصعدت لغرفتي

وعند الصباح استيقظت ونزلت للأسفل فكان نزار غير موجود

وقالت خالتي أنه خرج مبكرا , أعددت الإفطار لنا ثم سمعت قرعا

لجرس الباب فخرجت له ونظرت من عينه فكانت فتاة لا أعرفها

وأراها للمرة الأولى , عادت لقرع الجرس مجددا ففتحت لها

وقلت " مرحبا بما أخدمك يا آنسة "

نظرت لي نظرة غريبة ثم تجمدت نظرتها على السلسال

في عنقي وكان السلسال الذي أهداه لي نزار سابقا


************************************************** **

يتبــــــــــــــــــع
__________________
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 12-29-2015, 11:40 AM
oud
 

خرج جابر من عندي ولم اشعر بخيبة الأمل لأنه لم يقل سأتحدث

معها عما تقوله عنك , فعليا أن أكون صبورة فلن أحصل على كل

شيء مرة واحدة فيكفي أنه على الأقل سألني عما يزعجني منها

شغلت نفسي باقي النهار مع الأولاد ثم اتصلت بمصففة شعر

وخبيرة ماكياج للمجيء فمن حقي أن أظهر بأحسن مظهر

مادامت إحدى بطاقات جابر تحت يدي وتصرفي

وعند أول الليل نزلت رغم أني أعلم أن والدته ستعدها

انتصارا علي لاعتقادها أنه جابر من أرغمني على هذا

توجهت نحو الضيوف وسلم الجميع علي وكنت أتجنبها

طوال الوقت كي لا تتعمد إهانتي بما تقول , وقفت مع اثنتين

لوقت كانتا لبقتين وأعجبني حديثهما كثيرا فاقتربت عمتي

وكأنها تتعمد هذا ووقفت معنا فقالت لها إحداهما " لقد أحسن

جابر الاختيار , أين كنتي تخفين زوجة ابنك الجميلة عنا "

قالت ببرود " البركة في مساحيق التجميل والنقود والمزينين "

لذت بالصمت ولم أجب عليها وكنت سأغادر حين قالت

" مبارك زواج ابنك يا عائشة , عرف بمن يتزوج وعافاه الله

من بنات المجرمين خريجين السجون خطاف البشر "

كنت سأرد على كلماتها ولكني تذكرت كلام جابر حين قال

انزلي من أجلي فتركتهم وصعدت للأعلى لأن هذا كان فوق

احتمالي , توجهت لغرفة الفتاتين وفتحتها فنظرتا لي باستغراب

فاقتربت منهم وجثوت أرضا أبكي بمرارة فاقتربتا مني

وقالتا معا " ما بك ماما "

فتحت ذراعاي لهما فأسرعتا لحظني وحضنتهما بقوة

كل ما كنت أريده أن أذكّر نفسي أني هنا من أجلهم وأني

أحتمل كل هذا وأكتر من أجلهم هم , كنت أحضنهما بقوة

وابكي وهما تبكيان معي ثم أبعدتهما عني ومسحت دموعي

فقالت بيسان بشهقة " ما بك ماما هل بابا مات "

حضنتها وقلت " لا حبيبتي لا قدر الله ذلك هوا بخير "

قالت ترف " ما الذي يبكيك إذا "

وقفت وقلت " لا شيء فقط كنت متضايقة قليلا ثم

أليس هذا وقت نومكم بسرعة لأسرتكم "

توجهتا لسريريهما وقالت ترف " ماما نامي معي "

مددت يداي لهما وقلت " تعاليا لتناما معي كليكما "

قفزتا من سريرهما فرحتان وتوجهنا لجناحي ونمت وهما

في حضني وقد نامتا سريعا وبقيت أبكي طوال الليل وقد

فارق النوم عيني , غادرت بعدها السرير وغطيت الفتاتين

جيدا وغادرت الجناح ولا أعلم أين ولا لما فقط كنت أريد أن

أخرج من كل هذا المكان , نزلت للأسفل فسمعت موسيقى

تأتي من مكان ما يبدوا بعيدا وخلف باب مغلق أو شبه مغلق

بحثت قليلا عن مصدرها فكانت من غرفة عند آخر أحد الممرات

فاقتربت ونظرت لمن في الداخل لأفاجئ بفتاة بشعر أشقر تجلس

على بيانو وتعزف بحركة انسيابية لأناملها ورأسها كان للأسفل

ولم أتبين ملامحها , كانت الموسيقى حزينة جدا وكأني سمعتها

قبلا ثم فجأة رفعتْ رأسها للأعلى لتبتعد خصلات شعرها

الذهبية عن وجهها ففتحت عيناي من الصدمة , ما أجملها من

امرأة والأعجب تشبه بيسان نعم وكأنها ابنتها , علمت الآن

من أين اكتسبت بيسان ذاك الحسن أكثر حتى من شقيقيها

هوا من عمتها إذا التي هي هذه بالتأكيد , توقعت أن شقيقة

جابر ومعتصم لن تقل جمالا عنهما لكني لم أتخيلها هكذا

هذه هي زهور إذا , اسمها مثلها هي زهرة حقا لكنها زهرة

حزينة فملامحها تحمل كل معاني الحزن مجتمعة , كنت سأغادر

قبل أن تراني فوقفت مكاني حين بدأت بالغناء بصوت عذب

لا أجمل منه سوى وجهها الفاتن , كانت عيناها مغمضتان وتغني

مع الموسيقى بحزن , نعم إنها أغنية أحزان الشتاء المشهورة

في العشر سنوات الماضية أذكر جيدا حين صدرت كنت تقريبا

في الرابعة عشرة أو يزيد قليلا , بقيت مكاني استمتع بالحسن

والصوت , غبي هذا الذي طلقك يا زهور لو كنت مكانه لتمسكت

بك ولو من اجل جمالك وصوتك , توقفت بعدها عن العزف

وأنزلت رأسها للأسفل لتصعقني بمفاجأة جديدة حين بدأت بالبكاء

جمدت مكاني وأنا أراها تحضن وجهها بكفيها ناصعتان البياض

وتبكي بحرقة وكأنه مات لها أحد وسمعت خبره للتو , تراجعت

حينها عائدة للأعلى بل ولجناحي , ما قصتها يا ترى وما سبب

كل هذا الحزن والدموع , ما فهمته من كلام جابر ووالدته حين

دخلت عليهم المجلس أنه خطبها أحدهم وهي وافقت عليه فلما

البكاء والحزن إذا , يبدوا لست وحدي من بكت هنا الليلة فثمة

من شاركني في حزني وبكائي وإن كان لأسباب مختلفة

*

*

جلست على السرير ونظري للسقف متكأ للخلف ونظرة

الحزن والخذلان في عينيها اليوم لم تفارق خيالي أبدا

تطلبين كل ما أملك ثمنا لك يا زهور أقسم أن روحي لا تغلا

عليك , أعلم فيما تفكرين تريدين الانتقام مني لا بأس فما أن

تصيري لي سأرجعك حبيبتي السابقة كما كنا وإن لم أنجح

في ذلك أكون أستحق أن ترميني للشارع بلا مسكن ولا

سيارة ولا مال لأني أستحق أن أدفع ثمن ما حدث لك

أغمضت عيناي بشدة وأنا أتذكر ذاك المشهد وهي واقفة

تبكي وتتألم والدم ملأ فستانها وأنا أحاول فقط طمأنتها أن كل

شيء سيكون على ما يرام وأن لا تخف , اعتقدت أنها تفهم الأمر

وتعلم بما حدث , كنت سأتزوجها ويموت ذاك الحادث معنا ولم

أتخيل أن تتزوج بغيري وهي تعلم أنها لم تعد عذراء

كان حادثا أقسم لم أقصده وما كنت لأؤذيها بشيء وهي عيناي

التي أرى بهما , سمعت طرقات خفيفة على الباب أعادتني

من شرودي فنظرت له وقلت " تفضل "

انفتح الباب فكانت بتول , نظرت لي بابتسامة وقالت

" مرحبا بخالي الحبيب "

عدلت جلستي وقلت

" تعالي يا مشاغبة حتى الليل لتسلمي علي "

دخلت واقتربت مني وقبلت خدي وجلست بجواري وقالت

" ظننتك ستغادر سريعا ككل مرة وأنا كنت أدرس في غرفتي "

قلت بابتسامة " كيف هي الدراسة معك "

قالت بضيق " سيئة لا أعلم متى ستنتهي "

ثم قابلتني وقالت بحماس " لكن لي صديقة جديدة ذكية

جدا وباتت تساعدني كثيرا وسأجتاز هذا العام "

ابتسمت لها وهززت رأسي بحسنا فقالت

" أمي تقول بأنك ستتزوج وأراها مستاءة فلما "

نظرت للفراغ وقلت " لأن العروس تكون زهور "

قالت بدهشة " زهور ابنة عمي "

هززت رأسي بنعم دون كلام فوصلني صوتها قائلة

" يا عيني لهذا لم تتزوج حتى الآن "

نظرت لها بصدمة وقلت

" وقحة أنا خالك فاحترميني وأخجلي قليلا "

ضحكت وقالت " أخبرني منذ متى تحبها "

ضربتها بالوسادة فوقفت وقالت بغنج " ويلكم منا أنتم الرجال نلعب

بكم بسهولة وتشيخون لأجلنا ولا تتزوجوا بسبب واحدة فقط "

عدت متكأ على ظهر السرير وقلت ببرود " أنا لم أشيخ وأنتي

سيأتي اليوم الذي أشمت فيك به يا طويلة اللسان "

قالت مغادرة " هذا إن تزوجت من أساسه ومبارك لك يا

خالي الحبيب ولا تكترث لوالدتي "

ثم وقفت عند الباب وقالت بخبث قبل أن تخرج

" معك حق تنتظرها كل هذا العمر "

ثم هربت ضاحكة لترتسم الابتسامة على شفتاي بسببها

ككل مرة , لو تعلمي ما يخبئونه لك يا بتول يا من لا

تريدين الزواج وستري ما سأفعله بك حينها , عدت

بنظري للسقف ليسافر بي الليل الطويل مكاني وعلى

حالي , لا صبر لدي حتى يأتي جابر وتكون زوجتي

لن أرتاح حتى يحدث ذلك

*

*
ضرب بيده على الطاولة وقال بغيض " سحقا نطارده طوال

الليل ويموت في النهاية , كيف حدث ذلك يا جابر "

قلت ورأسي بين يداي مستندا على الطاولة

" كان يحاول التسلل خارج البلاد ولم نمسكه سوا في ساعة متأخرة

وكأن يدا قوية تدعمه وكاد أن يفلت من قبضتنا وأمضينا باقي

الليل في التحقيق معه لثلاث ساعات خر بعدها ميتا مباشرة

لنكتشف أنه محقون بمادة سامة قبل قبضنا عليه بدقائق "

قال بغيض " إذا هذه هي سياستهم نهربك أو نقتلك "

رفعت رأسي وقلت بهدوء " لم أخرج منه بالكثير كان

خيطا مهما في القضية وفقدناه "

قال بهدوء مماثل " وما أخبار زوجته المدعوة عفراء "

وقفت وقلت " ما تزال في المستشفى , عليا العودة للمنزل الآن

فلم يعد لبقائنا جدوى سأصلي الفجر وأغادر , أنام قليلا ثم نلتقي "

ضربني بكفه على كتفي وقال " نعم فعليك أن ترتاح قليلا "

فتحت الباب وخرجت دون كلام , مررت بالمسجد وصليت

الفجر ثم خرجت وأخرجت هاتفي واتصلت بأرجوان فلا

أريد أن أجدها نائمة وأفقد أعصابي لتكون متنفسا لغضبي

دون سبب , اتصلت كثيرا فانفتح الخط وجاءني

صوت طفولي قائلا " من أنت "

عقدت حاجباي وقلت وأنا اركب السيارة

" أنتي بيسان أم ترف "

قالت من فورها " أنا بيسان "

قلت " أين والدتك "

قالت " في الحمام هل أنت بابا "

قلت وأنا أنطلق بالسيارة

" نعم وما أخذك أنتي لغرفتها هذا الوقت "

قالت " ماما تركتنا ننام معها كانت تبكي كثيرا

وبكت البارحة في السرير أيضا "

قلت باستغراب " وما الذي أبكاها !! "

قالت من فورها " لم نغضبها بابا أقسم لك "

تنهدت بضيق وحركت المقود يسارا لألف بالسيارة وقلت

" هل نزلت للأسفل للضيوف "

قالت " نعم "

قلت " حين تخرج من الحمام أخبريها تتصل

بي ولا تخبريها عما قلته لي حسننا "

قالت " حاضر "

أغلقت الهاتف ورميته بعيدا , إذا سأجد أمامي سيلا من

الدموع والشكاوي وأنا لست بمزاج له فلو تنام يكون أفضل

بعد قليل رن هاتفي وكانت هي فأجبت عليها قائلا

" أنا في الطريق "

قال مباشرة وبقلق " هل أنت بخير صوتك ليس طبيعيا "

قلت " بخير متعب فقط , أعيدي الفتاتان لغرفتيهما وجهزي

لي الحمام وثياب النوم سأنام قليلا وأغادر "

قالت من فورها " حسنا في الحال "

أنهيت المكالمة ووصلت القصر بعد قليل , دخلت وصعدت

من فوري وصلت الجناح فتحته ودخلت الغرفة , كانت أرجوان

تغلق الستائر فالتفتت لي وقالت " حمدا لله على سلامتك "

دخلت وقلت وأنا انزع السترة " سلمك الله "

نزعتها مني ففتحتُ أزرار القميص ونزعته وأعطيته لها

أيضا مع ربطة العنق وأخذت المنشفة ودخلت الحمام في صمت

جيد لم تنفجر القنبلة الموقوتة بعد لكن الغريب أن الفتاتان لم

تذكرا أنها بكت سابقا رغم أن هذه ليست الأولى , استحممت

سريعا وخرجت بالمنشفة وجلست على السرير أحرك كتفاي

بتعب وأحضرت أرجوان تسط صغير ووضعته عند قدماي

وسكبت فيه ماء من الإبريق وملح ثم قالت

" ضع قدميك فيه ستشعر بالراحة "

انصعت لها فورا فبدأت بتدليكهما بالماء وقالت ونظرها عليهما

" تبدوا متعبا جدا , انظر لأصابعك كيف متورمة , حتى رحلتك

تلك للجنوب لم ترجع منها بهذه الحالة , ارحم نفسك يا جابر

فمثلما الوطن يحتاجك أنت تحتاج صحتك ونحن نحتاج إليك "

اضطجعت على السرير مرتميا عليه للخلف وقدماي لازالا

مكانهما ينعمان بنعومة يديها وإحساس رائع بالراحة فيهما

ولم تزد هي حرفا على ما قالت ولم أتكلم أنا حتى غلبني

النعاس وأنا على حالتي , بعد وقت استيقظت فوجدت

نفسي نائما كما كنت والأريكة عند طرف السرير وساقاي

عليها فيبدوا سحبتها لترفعهما لها , كانت تنام بجانبي ويدها

على صدري العاري فأمسكتها وقبلتها ثم أعدتها عليه ووضعت

يدي فوقها وشعوري بالنوم لازال قويا فاستسلمت له فورا

استيقظت بعدها على صوت رنين الهاتف فجلست ورفعته

وفتحت الخط على جلوس أرجوان وقلت

" نعم يا أسعد هل من جديد "

قال من فوره " إنها عفراء "

قلت بصدمة " لا تقل قتلوها أيضا "

قال " لا ... كادوا يفعلونها "

قلت بضيق " وما تفعلون أنتم لقد اعتمدت على رجالك

كثفوا الحراسة عليها أكثر نريدها حية فقد نحصل منها

على شيء ولو بسيط "

قال " لا تقلق سأقوم بالمطلوب "

قلت " أنا قادم بعد قليل وداعا "

وقفت خارج السرير فأمسكت أرجوان يدي ونظرها لي للأعلى

وقالت " أنت لم تنم سوى ثلاث ساعات فقط "

نظرت لها بضيق وقلت بتذمر " ارجوااان "

وقفت وأحاطت خصري بذراعيها وكأنها تمسكني مكاني واتكأت

برأسها على صدري وقالت " لست أرجوان من قال لك أنني هي "

قلت بابتسامة جانبية " اتركي عنك مشاغبتك المعتادة فليس وقتها "

نظرت لي بعبوس فنظرت بعيدا عنها وتنفست بضيق فصعدت

على قدماي ووقفت على رؤوس أصابعها وقبلت ذقني وابتعدت

في صمت وتوجهت للخزانة فوضعت يداي وسط

جسدي وقلت " وما افهمه من هذه القبلة "

التفتت لي ومدت لي ملابسي الداخلية وقالت

" معناها حسنا فقط لا تغضب مني "

تركتني حتى لبستهم ثم اقتربت مني وقالت وهي تلبسني القميص

" هل ثمة أمل أن يصبح يوما ما لديك وقت فراغ نراك فيه "

قلت وأنا أغلق أزرار القميص " نعم "

ربطت لي ربطة العنق وقالت " حسنا علينا بالصبر إذا "

ثم مدت لي البنطلون فأخذته منها وقلت وأنا ألبسه

" هل تعلمي ما سبب دمار زواجي السابق "

هزت رأسها بنعم وقالت " كثرة الشكوى "

قلت بابتسامة " إذا تجنبي ذلك "

رفعت كتفيها وقالت وهي تلبسني السترة

" فرق كبير بين الشكوى والسؤال وأنا قلت لك

سأصبر مادام الجواب نعم "

ثم وقفت أمامي وقالت

" وهل تعلم أنت سبب ترك حسناء البلاد بأكملها "

دسست مسدسي في الحزام وقلت

" غبية ولم تعرف كيف تفكر "

هزت رأسها بلا , إن كان جوابها عيبا بي أنا تكون جنت على

نفسها وخانها ذكائها الدائم , رفعت نظرها لي وحضنت وجهي

بكفيها وقالت بابتسامة " لأنها لم تعرف قيمة ما لديها

وخسرته منذ البداية "

ابتسمت لها رغما عني أحببت إظهار ذلك أم لا ثم أمسكت

بوجهها أيضا وقلت " ويبقى الجواب واحدا .... غبية "

وضعت كفيها على يداي وقالت وعيناها في عيناي

" بل لم تعرف قيمة ما لديها "

قربت وجهي منها وحضنت شفتيها بشفتاي في قبلة طويلة

ثم خرجت من عندها ككل مرة وأنا أتعمد الصمت

تبدوا على اتفاقنا حقا ولم تتكلم ولا مجرد تلميح عما حدث

البارحة معها رغم أن والدتي لا تترك شيء في نفسها

ولا تخبرني عنه رغم علمها أنني لن أتدخل بينهم أبدا

تتّبعين سياسة غريبة يا أرجوان لا أعلم احتراما لاتفاقنا

أم لغرض ما تصبوا إليه والمهم أنها تصرفت بحكمة

وصلت العاصمة وتوجهت لمكتب أسعد دخلت من

فوري وقلت " إن قتلوها قتلتك "

ضحك وقال " وقتلوا زوجها وهوا بين يديك

فمن حاسبك أو قتلك "

وضعت يداي على طاولة مكتبه وقربت وجهي منه

وقلت بجدية " ذاك كان ميت قبل أن يصلنا , هذه إن

ماتت لدينا نكون فاشلين بالضعفين "

وقف وقال " لا تخف الحراسة عليها مشددة ونراقب

حتى الأطباء الذين يدخلون لها ونخضعهم للتفتيش أيضا "

عدلت وقفتي ونظرت جهته وقلت " وكيف هي حالتها الآن "

قال " أوقفوا النزيف لكن ما تزال في حالة سيئة ولا يمكنك

استجوابها قبل وقت يا جابر "

قلت مغادرا مكتبه " المهم أن تبقى على قيد الحياة "

*

*
يتبــــــــــــــــــــــــــــــع
__________________
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 12-29-2015, 11:41 AM
oud
 

أمضيت وقت الظهيرة وما قبلها في غرفة أمجد أدرسه لأن

لديه اختباران غدا ولم أترك حتى بيسان وترف يدخلان معنا

وعند وقت الغداء طلبت من الخادمات إحضاره لنا في الغرفة

لأن عيني لم تغب عليه لحظة وأتابع دراسته بالدرس كي لا

يقول أنه درس كل شيء ثم أكتشف العكس وبقينا على حالنا

حتى مقربة العصر حتى تأكدت انه درس جيدا ثم فتحت الباب

وخرجت لأجد ترف تجلس عند الجدار المقابل ونائمة فابتسمت

على شكلها وتوجهت نحوها من فوري وحملتها بين ذراعاي

فاستيقظت فمسحت على وجهها وقلت

" ترف ماذا تفعلين نائمة هنا "

اتكأت برأسها على كتفي وقالت بعينان مغمضتان

" كنت أنتظر أن تخرجا "

ضحكت وقبلتها وقلت " لم تغيري عاداتك أبدا تموتين

فضولا لو أغلقوا الباب وأنتي لستِ معهم "

تعلقت بعنقي تخبئ وجهها فيه فقلت وأنا أسير بها

لغرفتيهما " وأين بيسان "

قالت " مع مصعب وعمر وسيلا في الشرفة "

خرجت بها حيث البقية وقلت

" عمر يمكنك اللعب مع أمجد بعدما انتهت دروسه "

نزل من فوره مسرعا وقال مصعب الذي تمسكه الخادمة

" ثرف سغيرة ثبثي "

قالت ترف بغيض " بل أنت الصغير أنا كبيرة ولا أبكي "

أنزلتها وقلت " عيب لا تتشاجرا "

نظرت لي للأعلى وقالت " رأيته كيف يقول "

ثم بدأت تقلد طريقته في الكلام فقال وهوا يحرك ساقيه

" انذليني أنذليني "

أنزلته سيلا فأمسك ترف من شعرها لتقلب الدنيا بصراخها

ولم نخرج أصابعه من شعرها إلا بصعوبة لتلطمه على وجهه

فقلت بحدة ممسكة يدها ومبعدة لها " ترف ما هذا الذي تفعلينه "

قالت ببكاء " ضربني ماما ألم تريه "

جمعت لها شعرها المبعثر وقلت بضيق

" هوا أصغر منك وأنتي سخرتِ منه "

قالت من بين شهقاتها " وهوا سخر مني أولا , أنا لم أكلمه "

حملت مصعب من الأرض باكيا وقلت وأنا أمسح دموعه

" يكفي بني أنت رجل والرجال لا يبكون سأطلب من والدك

أن لا يتركك تأتي هنا ولن تجد ترف مع من تلعب "

قال بعبرة " بل أليد المذيء "

ضحكت وقلت " علينا أن نعاقبها لأنها ضربتك "

شعرت بشي شد فستاني فنظرت جانبا فكانت سيلا تشير لي

على الداخل فنظرت هناك فكانت ترف متكورة أمام السرير

تلك الأنانية الغيورة , قلت لمصعب " ولما تشد لها شعرها

هكذا وتقول عنها تبكي , لن أتركك تلعب معها بعد اليوم "

هز رأسه بلا فقلت مبتسمة " إذا نذهب لها وتعتذر منها "

هز رأسه بلا بقوة فضحكت وأنزلته على الأرض وقلت

" هيا يا بيسان سندخل .... بسرعة للداخل "

نزلت ودخلنا جميعنا وأغلقت باب الشرفة وقلت

" يمنك الذهاب لترتاحي يا سيلا شكرا لك "

غادرت من فورها وانتقلا بيسان ومصعب للعب بالمكعبات

وترف على حالها متكورة على الأرض , توجهت نحوها

وجلست على السرير فوقها وقلت " ترف انظري إلي "

لكنها لم تتحرك طبعا فقلت

" ترف أنا أكلمك هل تريدي أن أغضب منك "

ولا فائدة ترجى من كل هذا وتبدوا غاضبة حقا أو أنها

نامت من جديد , انفتح الباب حينها فكان جابر واقفا أمامه

ألقى السلام فرددت عليه ووقفت ترف من فورها متوجهة

نحوه وحضنت ساقيه وبدأت بالبكاء فحملها وقال

" مابك تبكي من ضربك "

تعلقت بعنقه وقالت بعبرة " ماما تحب مصعب أكثر

مني لقد ضربني وأسكتته ووبختني "

نظر لي وقال " وما نفعل لها لنعاقبها "

نظرت له بضيق وقالت ترف " لا اعلم "

قال بابتسامة جانبية ونظره لازال علي

" سنتركها تنام في الحديقة وحدها الليلة "

وقفت واضعة يداي وسط جسدي , ما هذا الذي يعلمه للأطفال

اقترب مني مصعب وقال " أنا أباث معت لن تخافي "

نظرت له ترف وقالت بحدة " لن تبات مع ماما لديك والدتك "

قلت بضيق " بل أنا من ستذهب مع مصعب وأعيش

معه وتبقيا أنتما هنا "

نظر لي مصعب وقال " ليث لدينا ثرير لك "

ضحك حينها جابر فنظرت للجانب الآخر متضايقة

فأنزل ترف وقال " لا سرير لها إلا هنا "

ثم قال مغادرا " تعالي يا أرجوان "

غادر الغرفة ونظرت أنا لترف فقالت بشفتان

ممدودتان " أنا غاضبة منك ماما "

لم استطع إمساك ضحكتي فبدأت بالبكاء فاقتربت منها

ونزلت عندها وحضنتها وهمست لها " أنتي أكثر من أحب أنتي

ابنتي ومصعب لا , هوا فقط صغير وكان يبكي وعلينا

أن نسكت الأطفال الصغار كما علمتكم "

حضنتني بيداها وقالت بحزن " لا تحبيه أكثر مني ماما لا أريد "

أبعدتها عن حضني ونظرت لوجهها وقلت " ترف لا أريد أن

أغضب منك وتعرفينني حين أغضب فلا أريد ما يحدث مع

أمجد أن يتكرر مع مصعب , أنا أحبك أنتي بنيتي حسنا "

قبلت خدي وقالت " نعم ماما سألعب معه "

ثم وقفت ونظرت لبيسان فكانت منشغلة بالمكعبات ومن

الجيد أنها لم تركز على حديثنا لصرنا في مشكلة جديدة

خرجت من غرفتهم وتوجهت لجناحي , دخلته ودخلت لغرفة

النوم فكانت ثيابه مرمية على الأرض وهوا يبدوا يستحم

جمعت ثيابه ووضعتها في سلة الغسيل في غرفة الملابس وأخذت

لي فستانا قصيرا ولبسته على عجل , مؤكد سيغادر فورا فلا

حاجة لأكثر من هذا , خرجت بعدها للغرفة فتحت شعري

ووضعت كحلا في عيناي , هذا الرجل لا يعطيك وقتا حتى

لتتزيني له فيه , دائما غير موجود وإن جاء يكون في وقت

لا تتوقعينه , حتى في الليل يرجع متأخرا ويتصل بي وهوا

بالمقربة من هنا وأكون حينها نائمة ومتعبة , جمعت شعري

كله للأمام على غير العادة وانفتح حينها باب الحمام وخرج

منه بمنشفته وكالعادة شعره يقطر بالماء وتوجه لغرفة الملابس

فأطفأت التكييف , خرج بعد قليل لأصدم به مرتدي بنطلون

رياضي وقميص قطني أسود بكتابة فضية عند الصدر وتوجه

من فوره للخزانة دون أن ينظر لي وأنا أتبعه بنظري

عجيب لابد وأن جنيا سكنه , هذه المرة الأولى أراه بهذا

اللباس فقد اعتدت على رؤيته إما بالبذلة الرسمية السوداء أو

بذلة الشرطة أو بيجامة النوم , توجه نحو السرير وأنا أسير

معه بعيناي حتى جلس عليه ونظر ناحيتي فوقفت وقلت بمكر

" لقد أخطأت في الغرفة يا سيد زوجي أعرفه أين يكون الآن "

قال بنصف عين " أرجوان أخبرتك أن لا تلعبي معي هذه اللعبة "

رميت شعري للخلف وقلت بغنج

" أنا حرة أقول ما أريد ومتى أريد "

أشار لي بإصبعه على المكان بجانبه دون كلام فهززت كتفي

ولم أتحرك من مكاني فقال " أرجوان لا تلعبي معي فستكونين الخاسرة "

توجهت للأريكة ووقفت فوقها حافية وقلت " أنا لا ألعب معك "

قال بابتسامة " وما سر الوقوف هناك "

ضحكت ضحكة صغيرة وقلت وأنا أحرك شعري بيدي

" وما أدراني أنك زوجي دعني أتأكد أولا "

غادر السرير وتوجه نحوي وأمسكني من خصري

وأنزلني للأرض ثم أمسك وجهي بيديه وقربه من وجهه

وقال بهمس " ليس من مصلحتك أن أتبث لك أني هوا "

تركته وتوجهت للسرير جلست حيث أشار سابقا وقلت

" لقد تأكدت الآن تعال هيا "

هز رأسه مبتسما ثم اقترب وجلس بجانبي شبه مضجع

ومستندا بمرفقه على الوسادة ومقابلا لي فاختبأت في حضنه

وقلت بهمس " ما سر هذا التغيير الرائع حضرة المحقق "

قال بهدوء شبه هامس " تصمتي أو غادرت الآن "

مررت يدي على عضلات صدره البارزة وقلت ونظري

عليها " توبة لن أعيدها "

أمسك بيدي من على صدره ورفعها له وقبلها وقال ونظره

عليها " هل نزلتِ للضيوف البارحة "

كنت أنظر له باستغراب كانت المرة الأولى التي يُقبل يدي

ويسألني عن أمر أقوم به أو فعلته فلم يكن يهتم بشيء , لا

كثرة حديث ولا كثرة استماع , قلت بهدوء " نعم ومن أجلك "

نظر لعيناي وقال " فقط "

اتكأت على صدره وقلت " أقسم على ذلك "

رفع وجهي له من ذقني وقال " إذا انتهينا من هذه المشكلة "

هززت رأسي بلا وقلت " لن أنزل مجددا ولا تربط

الأمر بمكانتك لدي يا جابر كي لا أجبر نفسي "

مسح بإبهامه على خدي وقال

" إذاً تكرر ما يحدث في السابق "

دسست وجهي في صدره مجددا ولم أتكلم فقال

" ماذا قالت عنك "

أحطت خصره بذراعي وغمرت وجهي في صدره أكثر

ونزلت دموعي دون شعور فمسح على ظهري وقال

" أرجوان هل أفهم من صمتك التزامك بشرط زواجنا

أم لأنك لا ترين أني سأكون منصفا لك "

قلت وأنا لازلت أتمسك به بقوة " أنت تنصف كل المظلومين

فلن تعجز عن إنصافي ولأجل الاثنين أنا أصمت "

قال بهدوء " أريد إجابة واضحة والآن "

رفعت رأسي ونظرت له وقلت " أجبني أنت عن سؤالي أولا "

تنقل بنظره بين عيناي ثم قال " أي سؤال "

عدت للاتكاء على صدره وقلت

" أنت وضعت لنفسك حدا بيننا فلما تسألني الآن "

دسني هوا في حضنه هذه المرة وقال

" لما كنتي تبكي طوال الليل "

ابتعدت عنه وجلست ونظرت لعينيه وقلت

" لا تقل أنك تراقب الغرفة لأنها كانت مظلمة "

مد يده وأشار لي دون كلام أن أعود لحضنه فقلت

" كيف علمت يا جابر "

أعاد الإشارة مرة أخرى في صمت فاقتربت منه مجددا

فقال وهوا يمسح على شعري " علمت وانتهى ولا يهم

كيف وسأتحدث مع والدتي في الأمر ولن يتكرر مجددا "

ابتعدت عنه ونظرت لعينيه وقلت بدهشة " أَقسم على ذلك "

نظر لي بضيق وقال " أرجواااان "

ابتسمت وقبلت خده وعدت لحضنه فوصلني صوته مبتسما

" هل أفهم من هذه القبلة أيضا أنك آسفة وأن لا اغضب "

قلت بهمس " نعم "

*

*

" بتول توقفي عن كثرة الأسئلة "

وقفت ووضعت يداي وسط جسدي وقلت بضيق

" بلى أريد أن أفهم لما أحضرت لي السلسال ولم تقل

أن معتصم من اشتراه ولما تسكتون عن تصرفاته معي

حتى أنه يراني بالبيجامة القصيرة وبدون حجاب وكأن شيء

لم يكن بالنسبة لكم , يومها دخل عليا لغرفتي ولم يستحي

على نفسه ولم يمنعه أحد ولما يرفض الآن وما علاقته بي "

تأفف وقال " اذهبي واسأليه بنفسك "

ضربت بقدمي الأرض وقلت بتذمر " لما تتركوه يهينني دائما

والأسوأ يراني هكذا وكأني شيء يخصه , لا هوا شقيقي ولا

زوجي لا خالي ولا عمي , أنا لم أعد صغيرة لما أصبح

هكذا وقحا فجأة "

وقف وقال " هوا أمامك في قصرهم فاسأليه لما هوا وقح معك

ولما يرفض تغيير دراستك فإن كان لديه جواب سيقوله لك

ثم هوا ابن عمك ويفكر في مصلحتك "

ثم غادر وتركني أنظر له بضيق , لا يتصرفون بشكل طبيعي أبدا

من المفترض به أن يغضب لمعرفته بكل هذا لا أن يتصرف ببرود

لبست عباءتي وحجابي وخرجت من المنزل قاصدة قصر عائلة عمي

*
*

دخلت القصر منذ قليل بعدما تقابلت وعمي منصور في الخارج

ليخبرني أن بتول تريد الذهاب مع خالها رضا لتدرس هناك

وتغير كل سير دراستها , ما هذا الهراء والتسيب والعقل الصغير

وعمي يدللها زيادة عن اللزوم ولا يرفض لها طلبا , دخلت غرفتي

متضايقا وكل مناي أن أغادر قبل أن أراها لأني لا اعلم ما

سأفعل لها , فتحت الخزانة وأخرجت عدة الرسم الجديدة

ووضعتها في كيس وجمعت بعض مذكراتي على

صوت طرق على الباب فقلت " تفضل "

انفتح الباب ولم يتحدث من فتحه فالتفت له فإذا بها بتول تقف

أمامه ويدها وسط جسدها ومتضايقة أيضا فعدت لما كنت أفعل

وقلت ببرود " اشتري سلامتك مني يا بتول واختفي من أمامي "

قالت بضيق " بل تقول الآن بأي صفة تتحكم بي "

نظرت للأعلى وقلت بنفاذ صبر " إن لم تغادري الآن يا

بتول ستسمعين مني كلاما لن يعجبك "

قالت بحدة " قله وأرحني "

التفت لها وقلت بغضب " لن تغيري دراستك ولن تغادري

من هنا رغما عن أنفك وأحب من أحب وكره من كره "

قالت بغضب أكبر " بأي حق أخبرني حتى جابر لا يتحكم بي مثلك

وهوا أكبر منك ثم أنا والدي على قيد الحياة وبعده خالي ثم أنتما "

اقتربت منها وأمسكت ذراعاها وقت من بين أسناني

" لا تضعيني بعدهما تفهمي "

قالت بضيق " ولما وبأي صفة "

هززتها وقلت بحدة " لأنك زوجتي تفهمي ... زوجتي "


نهاية الفصل
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اوجاع مبعثرة روحي الاوتشيها نثر و خواطر .. عذب الكلام ... 4 08-28-2012 05:23 PM
العاصفة nabillo محاولاتك الشعرية 5 05-10-2011 12:10 AM
اوجاع الحب **سعادتي وياك** أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 1 08-14-2009 10:16 PM


الساعة الآن 05:03 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011