عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة > روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة

روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة يمكنك قراءة جميع الروايات الكاملة والمميزة هنا

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #16  
قديم 07-03-2016, 03:46 AM
 

الفصل الثالث عشر
"نار الغيرة!"

توقفت سيارة ريكاردو أمام مرقص " الموزة الزرقاء" ونزل منها وكان متجهاً للداخل, لولا أن طرق الزجاج الامامي..., فاتجه حانقاً ليفتح الباب ...

" مابك حبيبي؟ أنت لست طبيعياً هذه الليلة؟" وهي تخرج بكامل أناقتها وفتنتها...أغلق الباب خلفها وتأبطت ذراعه مرافقة اياه الى الداخل....

" أولاً, تتصل بي هكذا بدون سابق انذار..لأسهر معك في مرقص!! وبعد عشر دقائق تعيث ازعاجاً في جميع انحناء الحي الذي أقطنه..بنفيرك المستهتر..متوقعاً أن أكون جاهزة بعد عشر دقائق من مكالمتك؟؟؟! عشر دقائق؟؟؟ ألا تعرفني يا رجل ؟؟!!"

قال بتوتر بالغ...وهو يدخل الصالة المكتظة:" اعذريني صوفيا...كنت أظن بأنكي تحبين رفقتي!!"

اقتربت منه وهي تعانقه وتتحس شعره..:" أوه حبيبي! طبعاً أحب ذلك..لكن....."


ولم يعد يسمع أي شيء مما قالته! كان نظره مركزاً على تلك الفاتنة التي ترقص فوق احدى الموائد....! كانت ترتدي بنطالاً من الجينز الاسود..وبلوزة قطنية بحمالات رفيعة باللون الاحمر الداكن..فأبرزت تفاصيل جسدها وانحناءاته الرائعة بدقة...كانت تكسو يديها أساور عريضة فضية...واما عنقها البض الرائع فتدلت منه السلاسل الطويلة..
وأنساب شعرها المتموج الثائر تحت قبعة رعاة البقر السوداء (الكاوبوي)! هل هذه سيجارة في يدها؟؟؟....كانت تضحك بهستيرية...وترقص بشكل مثير وفاتن!!! حتى أن غس لم يستطع ازاحة عينيه عنها!! لقد أرادها الفتى بكل جوارحه وكأنه يراها لأول مرة!!!

" ريكاردو!!! مابك؟؟ أنني أحدثك!!"

لم يستطع أن يزيل عينيه عن فتاته!! فاندفع كثور هائج نحو المرقص..وبالتحديد نحو تلك الفتاة...!! وما ان وصل المائدة...حتى حياه غوستاف بفرح..لكن ريكاردو أمسك الفتاة من خصرها النحيل وهو يحملها على ظهره...فتدلى رأسها للأسفل...وأخذت ترفس بقدميها...ولكن أنى لها الافلات من قبضة الوحش!!!

حاول غوستاف الكلام...لكن ريكاردو رفع يده في وجهه وكانه يشير اليه بالصمت....وقال بغضب:" لو لم تكن صديقي؟؟!!!"
احتار غوستاف بما يعنيه ريكاردو..لكنه رفع يديه علامة الاستسلام ...وقد آثر الصمت حتى يهدأ...انه يحفظ طباع صديقه عن ظهر قلب...!!!

أما صوفيا ما ان رأت ما فعل ريكاردو...حتى غرست أظافرها في راحة يديها من الغيظ...وهي تفكر كيف تزيح هذه الفتاة من طريقها!!!!

واندفع بحمله الثمين الى خارج المرقص ولما وصل سيارته...فتح الباب وألقى ايلا فيها بغضب شديد.... ثم أقفل الباب...وما ان ركب....؟؟؟

:" لا يحق لك أن تفعل هذا بي؟؟؟من تظن نفسك؟؟"

:" اخرسي!!" قال بصوت كالرعد... والشرر يتطاير من عينيه ...

التصقت ايلا بكرسيها...وهي ترتعد..., عاد للنظر أمامه وشغل السيارة وانطلق بسرعته الجنونية....وما ان ابتعد بمسافة كافية..حتى أوقف سيارته فجأة...وخرج منها متجهاً اليها.....
فتح باب السيارة وسحبها من ذراعها ...وظل يجرها حتى ابتعد عن السيارة قليلاً...

" آه ذراعي!!"

وما ان أصبحت أمامه حتى تركها...وظل يحدق بها في حنق!! اهتزت مشاعر ايلا أمام نظراته المخيفة...لم تكن تعرف ماذا ينوي أن يفعل!!! لكنه فجأة قبض بيديه الاثنتين على عنقها....فصرخت ايلا:" أوه..لا!!"
ولكنه لم يكن يضغط....كان يقاوم فعل ذلك..

قال بصوت متهدج من الغضب:" لدي رغبة قاتلة في كسر هذه العنق الجميلة!!!"

نظرت ايلا بخوف الى عينيه..انه قادر على فعل ذلك ولا شك!! لا تنقصه القوة....ولا الدافع!!!

" ولم لا تفعل ذلك؟!"

" لا تختبري صبري يا فتاة!! فانه على وشك أن ينفد!!!"

نظرت ايلا في عينيه....لقد اشتاقت لهما!! بدأ الغضب يزول...تدريجياً ويحل محله شيء آخر...شيء غامض...انزلقت يدا ريكاردو من القبضة المحكمة على عنق ايلا...وبدأت تتحرك على وجنتها المخملية.....أغمضت ايلا عينيها..وعادت لتفتحهما وتحدق من جديد في عيون ريكاردو.....

" لو كنت أعلم بأنك ستنظر الي مجدداً بهذه الطريقة!! لراقصت غس منذ زمن!!"

تبدلت النظرات الشغوفة بأخرى قاسية, فأدركت أنها أخطأت حينما أتت على ذكر غس!!
ابتعد عنها...والتفت الى الخلف وهو يمسح شعره بطريقة عصبية....ثم عاد فاقترب منها ممسكاً أكتافها بقسوة.....
" أتعلمين؟؟ لقد كنت قد بدأت أظن..بأنني ربما ظلمتك باتهامي!!! ولكنكي الآن..تثبتين لي..كم كنت محقاً بذلك!!"

" لا!!أنت مخطئ!!..."

قال مقاطعاً:" اصمتي!!! وهل يصعب عليك ذلك!!! أوه!! ألم تكوني انتي...تلك الفتاة المثيرة في لباسها..الفاتنة في رقصاتها..والمغرية بسيجارتها تلك؟؟ أنتي تدخنين أيضاً؟؟(ضحك بصفاقة)...كنتي تفعلين كل ذلك فوق المائدة....حتى يراكي كل الرجال يا ساندريلا!!! لم يكفيكي أن تحطمي قلب.....( وكأنه أراد أن يقول "قلبي"..لكنه توقف في آخر لحظة...) ولكن سحقاً..لا تستحقين ذلك القلب حتى تحطميه..."

قالت بأسى:" أنت!! أنت من دفعني لفعل ذلك!!"

قال بسخرية:" أنا دفعتكي حتى تغري جميع الرجال؟؟أليس هذا هدفك من البداية؟؟ أظن بأن لديكي نوعاً من جنون العظمة!! ولكن, مما رأيت...اطمأني يا ساندريلا....تأكدي بأن كل رجل في المرقص...سيذهب الى غرفة نومه..وهو يحلم بكي!!!"

هل هناك ما هو أكثر من هذا؟؟؟ انه يكرهها حتماً ليقول لها هذا...!! حسناً...ان كان هذا ما يغيظه....فليكن!!

قالت بنبرة ساخرة:" هذا صحيح!! ( قالت وهي تضع يديها على خصرها وتتمايل بأسلوب استعراضي مثير)...احذرن يا نساء سرميوني,وحافظن على رجالكن....فإيلا هنا!!"

لم يصدق ريكاردو عينيه...., لكنها اقتربت منه..وهي ترفع قبعة رعاة البقر قليلاً..لتظهر عينيها....وتقول بتحدي.....

" سأكون ممتنة لك دائماً حبيبي....أوبس...أقصد ريكي!!,أعتذر..أظن بأنني اصبحت معتادة على مناداة الجميع هكذا....!!"

ولم تكد تنهي جملتها..حتى وجدت نفسها ملقاة على الارض...اثر صفعة ريكاردو لها...التفتت اليه وهي تضع يدها على خدها...والدموع تترقرق في عينيها....
لكنه لم يكتف فقط بذلك, بل عاد وجذبها من ذراعها وأمسكها بوحشية من شعرها الجميل ......مسقطاً قبعتها على الارض...

" سوف تدفعين ثمن ما قلته يا ساندريلا!! وتأكدي بأنني لا أهتم بفتات غيري!!.. لكنكي لن تعودي الى المرقص مرة أخرى!! هذا وعد مني!!"

قالت وقد أخذ منها الغضب كل مأخذ, فانسابت دموعها رغماً عنها..." أنت حقير ونذل!!"

ابتسم بمرارة:" لكنني على الاقل..لست ممرغاً في الوحل!!"

كانت الكلمات قد فرت منها, كانت تود لو أنها تقتله لتشفي غليلها من كلماته الجارحة...لكنه لم يترك لها فرصة التفكير..

" هيا الى السيارة!!

كانت ما تزال دموعها تنساب على وجهها...." لا! لن أركب معك أبداً أتفهم أيها الوحش!"

تنهد طويلاً....يال هذه الصغيرة التي تحيره!!بعد كل مافعلته....و كل مايراه ويسمعه عنها..حتى يرغب بخنقها وقتلها حتى لا تستمر في ايذاء نفسها.....
هاهي الآن...تعود طفلة....لا يرى أمامه الا طفلته الصغيرة و البريئة....العزيزة جداً على قلبه..ان لم تكن هي كل قلبه!!!

" لا استطيع احتمال هفواتك أكثر من هذا!! هيا اصعدي!!"

وهي ترجع الى الوراء.." كلا..كلا!! لن أركب معك!!"

" في هذه الحال!!"

اقترب منها وكان الخوف قد أخذ منها كا مأخذ....وما ان أمسكها حتى صرخت...ورفعها عن الارض وكأنه يرفع طفلة في الخامسة...وحملها على ظهره...وعادت للترفيس بقدميها....

" اتركني..اتركني أيها الوحش...اللئيم!!"

كانت ملامح وجهه غاضبة الى ابعد حد....ومع هذا كان مستمتعاً بصراخها ومحاولتها الهرب...كانت كلما أرادت أن تبتعد...ازداد رغبة وشوقاً ليقترب...
وهذ ما كان يحيره....! ولكنه كان فرحاً لوجودها بين يديه الآن...على الرغم من كل ماحدث.....

" قبعتي!!"....لكن ريكاردو كان يبتعد ويبتعد.....

" انسيها!"

وكان قد وصلا..ففتح السيارة وألقاها في الداخل....وأغلق الباب بعنف..... ركب السيارة....وانطلق في رحلة العودة.....دون أن ينبس ببنت شفة....وهي أيضاً تجنبت النظر اليه أو الكلام معه......

كان ريكاردو حاقداً على ايلا وكانت نظراته تظهر الكره والاحتقار الذين حملهما لها, انها تبدو غريبة عن تلك الفتاة التي تخيلها في احلامه...بل والتي رآها للمرة الاولى..!!

لكن نظراته رقت قليلاً....حينما اختلس نظرة جانبية لها....وكانت قد أرخت رأسها على كرسيها...واستغرقت في النوم...بعد كل مجريات وأحداث اليوم المريرة التي أنهكتها وأتعبت روحها....

ابتسم قليلاً...وعاد ينظر أمامه!!!!

  #17  
قديم 07-03-2016, 03:50 AM
 

الفصل الرابع عشر
" أسوأ كابوس!!"

فتحت ايلا عينيها في صباح اليوم التالي..رفعت رأسها..أوه..كان يؤلمها بشدة..نظرت الى نفسها..انها ما تزال بلباس المرقص!! آه المرقص!! وحالاً عادت لها خيالات الليلة السابقة...!!ومرارة ما سمعته من ريكاردو!! ولكن كيف وصلت الى هنا؟؟آخر ما تتذكره هو حينما كانت في السيارة!! ولا تتذكر كيف وصلت المنزل وصعدت الى غرفتها؟؟؟! أيعقل أنه....!!

نهضت من مكانها, وذهبت للاغتسال وتبديل ثيابها...وحينما نزلت الى الطابق السفلي في غرفة الطعام..حيث كان الجميع بانتظارها ويترقبون أحداث الليلة الماضية...طبعاً الجميع موجود باستثناء ريكاردو!!!

" صباح الخير...!"

قالت ايلا وهي تجلس لتتناول فطورها...ولم يستطع السنيور سلفادور أن يسكت أكثر

" هل كل شيء على ما يرام يا ابنتي؟!"

رفعت ايلا رأسها..وأيقنت من نظرات من حولها بأن الجميع على علم بصراع الامس....

فقالت بدون اكتراث:" طبعاً...كل شي بخير...أشكر لك سؤالك سنيور!!"

تابعت لولا:" وكيف كانت سهرة أمس؟؟أظن بأن ريكاردو وصوفيا قد انضما اليكما أنتي وغس صحيح؟؟بالتأكيد كانت سهرة ممتعة!!!"

أطرقت ايلا وهي تتذكر تفاصيل الليلة السابقة وقالت بابتسامة يعلوها المرار

" أجل..!!كانت ممتعة للغاية!!! عن اذنكم!!"

وهي تغادر مسرعة لتمنع دموعها من الانسياب...واتجهت الى مرسمها الذي كان قد أعده لها السنيور لوبيز حينما عرف حبها للرسم.....
كان المرسم رائعاً وفسيحاً له شرفة جميلة..تطل على البلدة بأكملها...كان اختيار موقع المرسم قد حدد بعناية حتى يتسنى لايلا اختيار المناظر المناسبة لرسمها...
كانت ايلا قد ارتدت قميصاً أبيض , وشورتاً من الجينز الازرق بحمالات...وغطت مقدمة رأسها بمنديل صغير بينما انسابت جديلتها الطويلة اللامعة على ظهرها وكأنها أفعى هندية....فبدت كقروية صغيرة بريئة...أو على الاقل هذا ما لفت نظر الشخص الواقف على باب المرسم.....

" ايلا البريئة! البسيطة...الطفلة!! أهذا ما تحاولين اقناع الاخرين به؟؟! حسناً, أعترف بأن هذا مقنع جداً....ومخادع أيضاً! "

كانت ايلا منشغلة بالرسم حينما دخل الاخير وأبدى ملاحظته اللاذعة...توقفت قليلاً وأطرقت, لكنها لم تلتفت اليه...بل عادت ورفعت رأسها وأكملت الرسم وهي ترفض أن تنساب الدموع من مآقيها...وقالت بهدوء....

" يؤسفني أن يكون هذا هو رأيك بي!! وان كنت أتساءل...لم تزعج نفسك بالقدوم الى هنا والبحث عني؟"

" هممم...أنا أبحث عنكي؟؟ لم يحدث هذا على ما أذكر!! حينما مررت بالمرسم لم أكن أعرف أنكي فيه! لكن ما ان وقعت عيني على هذه النكته..لم أستطع أن أمنع نفسي من التعليق...!!"

انسابت دمعة صغيرة على خدها...وكان هذا سبب أدعى حتى لا تلتفت اليه..فقالت وهي تبتلع غصتها....

" حسناً, أوضحت وجهة نظرك...وفعلت أكثر مما تتوقع!! بإمكانك الآن أن تكمل طريقك!!"

لم يعجبه تفاديها لمواجهته, فتعمد الدخول والتوجه الى كرسي والجلوس...بينما كانت تتابعه بنظراتها, وما ان جلس مواجهاً اياها...حتى عادت فأشاحت بوجهها عنه.....

"هذا بيتي! وسأتجول فيه كيفما أشاء!!" قال بتحدي وهدوء......

حينها ألقت ايلا الفرشاة...ومسحت يديها بفوطة بالية....وقالت وهي تلتفت اليه أخيراً.....

" هذا صحيح! وبالتالي سأغادر أنا الغرفة!!!" وقبل أن تخرج...اسرع اليها وجذبها من ذراعيها وقال بقسوة وحقد....
" لا تتحملين وجودك معي في نفس الغرفة؟! ألم تعودي منجذبة الي يا ساندريلا؟! هل تحولتي الآن الى غس؟؟؟أم مايك؟؟ أم أنكي من النوع الذي يبدل الرجال بحسب الموسم؟؟!! "

كيف تقول له بأنها منجذبة اليه أكثر من ذي قبل! بل هي تريد لو أنها تضمه وتضع رأسها على قلبه...وتناجي روحه المعذبة..وتقول له بأنها تحبه حتى آخر يوم في حياتها!! لكن كبريائها!!!!؟؟

ولما لم تنكر ذلك, عاد يهزها من أكتافها بوحشية:" لا تجيبين هه؟ أنتي أحقر مخلوقة رأيتها في حياتي!! ربما أكون ظلمت فران من أجلك!!"

مزق ذلك فؤادها....فقالت بحزن وغضب كبيرين:" وربماً كنت مخطئة بكل ما يتعلق بك!!! فأنت لا تملك من صفات الامير النبيل..الا الاسم!!"

أخذ منه الغضب كل مأخذ, فنفضها من بين يديه...وهو ينظر اليها ببرود واحتقار.."و ربما أنا أيضاً...أهملت المرأة الوحيدة التي أحبتني بصدق....من أجل فتاة؟؟؟" وضحك بمرارة.....ثم خرج.....

انهارت ايلا..., انه يقصد صوفيا!! هذا غير ممكن!! لابد أنها تحلم...ريكاردو حبيبها!! يفضل فران وصوفيا عليها!! ليس هذا فقط...بل ويصفها بأنها فتاة شارع؟؟؟!!! كيف؟؟ولماذا؟؟

أمسكت فرشاة الالوان وبدأت بتلطيخ كل الصور التي قامت برسمها بالاسود وبالاحمر...وهي تبكي!
ثم ألقت الفرشاة...وكومت نفسها على الكرسي نفسه الذي جلس عليه معذبها!! فكرت بانها لن تستطيع احتمال عذابه واهاناته أكثر...! بل انها لن تحتمل أن تراه مع صوفيا...فكيف لو قرر الزواج منها؟؟؟!

" أوه يا الهي!! لا تدعني أرى ذلك!! " وهي تعود لنحيبها المحزن......



ومع مرور الايام, كانت تزداد الاوضاع سوءاً بين ايلا وريكاردو, ولاحظ الجميع ذلك!! بل انها بدأت تتحاشى الظهور في المكان الذي هو فيه..حتى تتجنب اهاناته اللاذعة ونظراته القاسية!!

ومع أن فران كانت سعيدة بهذا النزاع والكره بينهما, الا أن ذلك لم يعجب السنيور سلفادور ولا لولا! ومع هذا لم تفلح جميع محاولاتهما في اصلاح الامور!!

" والآن؟ ماذا سنفعل أبي؟؟ هاقد حل موعد حفل القطاف لهذا العام..وهما ما يزالان على هذا الحال!!! ما العمل؟؟!"

حك السنيور سلفادور جبهته, وهو عاجز أمام تصرفات حفيده العنيد....

" آه!! لست أدري لولا!! هذان الولدان يتعبانني!! كنت قد عزمت أن أعلن خطوبتهما أخيراً في حفل هذا العام!! كما كنا قد خططنا انا ودايفيد- فليرحمه الله- ولكن لا يبدو هذا قريباً أبداً"

" لقد كانا كعصفورين جميلين....لا أدري ماذا حصل لهما؟؟! انهما يرفضان الافصاح عن اي شيء!! وايلا؟ آه..حبيبتي الصغيرة...تبدو التعاسة واضحة على وجهها....حتى ريكاردو حبيبي.....لم أره هكذا من قبل!!انهما يشقيان بعضهما...ولست ادري متى سيعرفان ذلك؟!"

قال السنيور سلفادور بحزم" سيعرفان في الوقت المناسب! وعلى كل...سيجري الحفل كما هو مخطط, ولنترك اصلاح الامور بينهما الى الوقت!! هو كفيل بذلك!!"

" كما تريد أبي!! سأقوم بالتحضير لكل شيء...فلا تقلق!!"

تنهد السنيور سلفادور طويلاً..وعاد لينظرمن النافذة في البعيد....وهو يأمل بأن يستيقظ في الصباح فتكون كل المشاكل قد سويت بين حفيديه!!!
  #18  
قديم 07-03-2016, 03:59 AM
 

الفصل الخامس عشر
" أكرهكي...ولاأريدكي مع غيري!"

ومرة أخرى..وجدت ايلا نفسها مضطرة لتحمل نظرات ريكاردو التي تجلدها, وبالاخص كلما اقترب منها غس او راقصها! وماذا تفعل ان قامت لولا بدعوته على أساس أنه صديق مقرب للعائلة وبالاخص لريكاردو!!

وهاهي الغيرة تعود لتنهش عقلها وقلبها, وهي ترى صوفيا, تلك المرأة المثيرة التي تعتبر ريكاردو من ممتلكاتها الشخصية, ترافقه بكل فخر واعتزاز...! لاشك بانه يكرهها أشد الكره حتى يفعل بها ذلك!!

كانت قد قررت سابقاً حينما علمت بدعوة صوفيا, بأنها ستتجاهل وجودهما, وتستمتع بوقتها مع غوستاف. انه شخص وسيم ولطيف, ولكنه لايثير فيها أية عواطف أو أحاسيس كما يفعل ريكاردو! انه يصلح لأن يكون صديقاً مفضلاً لها, لكنه بالتأكيد....
لن يكون أبداً حبيبها!

وهذا ما تأكدت منه في الحفلة, حيث انها استمتعت كثيراً برفقة غس, لكن ما ان دخل ريكاردو القاعة بصحبة صوفيا, حتى جذبها حضوره الطاغي رغماً عنها! فوجدت نفسها تنظر اليه.. أرادت أن تبعد عينيها عنه للحظة! لكنها لم تفلح...! حتى وقع بصره عليها هو الآخر...وتشابكت النظرات من جديد!!
ولم يفرقها سوا انتزاع غس لذراع ايلا الى حلبة الرقص....

" ولكن يا غس؟؟!"

" اش!! هذا هو أفضل حل لما أنتي فيه!" وبدآ الرقص, لكنها لم تستطع الا أن تسأله عما يقصده بكلامه...

" لا تستهيني بي يا عزيزتي! أعرف تماماً ما يجري بينك وبين ريك!!"

نظرت اليه باستغراب:" هل حدثك ريك عن ذلك؟!"

" عليكي أن تعرفي بأن من المستحيل على شخص مثل ريك أن يبوح بأمور قلبه الى أي كان...!"

" واذاً؟"

" منذ ذلك اليوم في المرقص, وأنا أفكر بتفسير ما فعله ريك!! ولم أجد اجابة الا أنه يهتم بكي...! أو..يحبكي!!!"

ارتبكت ايلا:" هذا سخف!"

" اذاً لماذا فعل ذلك؟؟؟كان واضحاً بأنه يغار عليكي!! حتى أنه لم يعد يكلمني لأنه اعتبر بأنني اعتديت على حق له!!"

قالت ايلا بغضب:" لا أحد يملك الحق بي!!"

" طبعاً طبعاً! لم اقصد هذا...هوني عليكي يا فتاة!!ولكن..... ايلا؟؟!"
نظرت اليه وقد تبدد غضبها...

" لا أنكر انني منجذب اليكي...وكثيراً! لكنني أعرف بأنه لا حظ لي في حياتك!!"

أشفقت ايلا على غس , فقالت بحنان:" لا تقل هذا يا غس, بل ان لك مكاناً كبيراً فيها...فأنت بمثابة الاخ الاكبر الذي لم أحصل عليه!!"

ابتسم غوستاف بحزن:" يكفيني منكي ذلك يا صغيرتي!!"

" هذا يعني لي الكثير غس!! أشكرك من كل قلبي..فأنا بحاجة الى صديق مخلص مثلك!!"

" اذاً, فريك لا يوفرجهداً في مضايقتكي..أليس كذلك؟؟؟أنا أعرفه...حينما يغضب يتصرف برعونة وقسوة كبيرين!!! لكنه سيفهم الحقيقة أخيراً!"

" وانت؟ لم يفعل هذا معك..بعد سنين صداقتكما الطويلة؟!"

" أظن بأنه يعتقد....بأنني لم أحافظ عليكي كما يجب!!! وأعترف..بأنه محق في ذلك!!"

دهشت ايلا...." ماذا؟"

" آه ايلا!! لم يكن يجب علي أن أدعكي تفعلين ذلك!! لكنكي سحرتني وكأنكي ألقيتي علي تعويذة من نوع ما!! فلم أكن أنا الآخر في وعيي!!!"

صمتت ايلا..فهي لا تدري ماذا تقول..بعد كلام غوستاف....

" ايلا!! لا تغضبي مني!! "

" لا! لست غاضبة!!"

" سوف ينسى ريك ما حصل, وسوف يعود اليكي..صدقيني !! انه يتعذب...وأنا لم أره في حياتي..كما رأيته تلك الليلة!!"

ضحكت ايلا بسخرية:" يتعذب؟ انظر كيف يضحك بسعادة مع تلك المدعوة صوفيا!!"

" انه يكابر!! انا اعرفه!!"

" أرجوك غس! دعنا نكون واقعيين هنا! صوفيا امرأة جذابة ومغرية, مستقلة وذات خبرة وصيت واسع..أضف الى ذلك أنها تحب ريكاردو ومستعدة لفعل اي شيء لارضائه!! لم يفضلني أنا عليها؟ لم يفضل طفلة؟ ويظن أيضاً أنها خائنة ولعوب؟!"

" مع أنني أستطيع اجابتك بمجلد!! الا أنه يفضل أن تسمعي الاجابة من صاحب العلاقة!! وسيجيبكي على ذلك قريباً...أنا واثق!!"

" أتسمح لي السنيورا برقصة؟"

التفتت ايلا الى مصدر الصوت..وصعقت....لم يكن سوا ريكاردو....

" غس؟؟لم أعد أراك مؤخراً!" وهو ينظر اليه بشزر....ولكن الاخر لم يكن أقل غضباً.. بسبب هذه العدوانية والرسمية في التعامل....

" أهلاً صديقي! ان كنت تذكر!!"

" لن أبدأ الآن..!"
قالت ايلا مقاطعة" أرجوكما!! هذا يكفي!!"

انسحب غوستاف حتى لا يضيع هذه الفرصة على صديقيه...

" أرجو المعذرة!" وغادر......
وسحب ريكاردو ايلا من ذراعها الى ساحة الرقص....قالت بحنق:" لا أذكر بأنني وافقت على مراقصتك!"

كانا قد بدآ الرقص فعلاً..." أرى أنكي فعلتي!!!"

توترت ايلا..من هذا الذي يقلب عالمها رأساً على عقب...بنظرة أو كلمة صغيرة! ولا تملك هي أن تفعل شيئاً الا الانصياع له...!!! كانت قريبة جداً من ريك....وكان هذا كافياً لاشعال النيران فيها وجعلها تنسى كل ما خططت له....!!!

" استرخي قليلاً! أنتي تثيرين الانظار والتساؤلات...مابكي؟ لم تكوني هكذا بين ذراعي غس منذ قليل!!أم أن لمستي لا تعجبكي!!"
قالها وهو يقربها أكثر اليه....تصاعد الدم الى وجه ايلا, وتحدثت بصعوبة..." من فضلك سنيور! دعني أذهب!"

ابتسم ريكاردو بسخرية:" سنيور؟! هذا مدهش!"

زاد ارتباك ايلا:" أرجوك اتركني!"

رد بمزيج من الغضب والقرف....." أتراكي مللتي مني ومن مايك, وقررتي الاتجاه الى غس؟! حسناً, انه ثري حقاً...لكنني أراهن بانه لا يثيرك كما أفعل أنا! لا أحد يفعل ذلك غيري يا ساندريلا!"

انسابت دمعة على خدها وقالت بألم:" لست من هذا النوع..الواضح بأنك تعرفه جيداً...سنيور!"

وحاولت الذهاب...لكنه تشبث بها أكثر, وتساءل في سخرية

:" وأي نوع انتي يا ساندريلا؟ النوع الوديع البريء! الفتاة التي تذهب لحفلة لا تعجبها..لأمير لا يعجبها, لتوقعه في حبها...من أجل ثرائه فقط!! أليس هذا ما أنتي عليه!!أليس هذا هو نوعكي؟؟!!!"

شحب وجه ايلا...., ولاحظ ريكاردو ذلك..." هل أنتي بخير؟"
رفعت ايلا نظرها اليه..وقبل أن تتكلم...كانت صوفيا قد وصلت...

" أوه..ريكي حبيبي..أما آن لهذه الرقصة ان تنتهي! أوه...انها تلك الطفلة البديعة التي كانت برفقتك في النادي..أليس كذلك؟"

" صوفيا! اذهبي وسألحق بك!"

أمسكت صوفيا ذراعه بتملك وقالت بتحدي.:" لا حبيبي, أنا أصر على أن تراقصني الآن!!"

" صوفيا!!" قال بحدة......

" انا بخير الآن! أرجوك أن لا تقلق علي سنيور!!"
تمتمت ايلا كي تبعدهما عنها...فهي لا تطيق رؤيتهما معاً أبداً.....

" أرأيت؟ انها بخير!! فكف عن لعب دور الطبيب هنا...هيا بنا حبيبي!!"

تساءل ريكاردو بعصبية...:" هل أنتي متأكدة؟ انكي شاحبة جداً! لست واثقاً من..."

لكن ايلا قاطعته.." بل انا على أحسن حال...أتساءل أين ذهب غس....لقد أطال الغيبة!"

قالت ذلك فقط لتدفع ريكاردو عن الاهتمام بها....وقد وفقت في ذلك تماماً....,فقد عاد البرود يكسو وجهه, وارتفع فمه على شكل خط مستقيم...

" أرى بان السنيورا على أحسن حال...هيا بنا صوفيا, لقد أضعنا من الوقت مافيه الكفاية!"

" قلت لك حبيبي! آه..أتمنى لكي ولغس السعادة...فأنتما تليقان ببعضكما!"
وغادرا...., لكن هذه الكلمات أثارت ريكاردو الى أبعد حد, فراح يمعن في مغازلة صوفيا وتدليلها....

أحست ايلا بأن العالم قد عاد الى اسوداده كما كان ....قبل أن تتعرف ريكاردو أو تقع في هواه......!!
تأكدت من شيء واحد......هو أنها لن تستطيع البقاء في هذا المكان بعد اليوم! ستعود الى انكلترا...وتبحث عن عمل بعيداً عن فران....وتستقل بحياتها أخيراً! لا تريد ارثها من جدها...لا تريد أي شيء يذكرها بايطاليا....وبأميرها الساحر الظالم....!!!

وآخر ما وقعت عيناها عليه....هو احتضان صوفيا لريكاردو وهمسها بعض الكلمات في أذنيه بحراره.....أما ريكاردو فكان منسجماً الى أبعد حد....وهو يبعد خصلة من شعرها الاشقر الداكن عن جبينها...و ينظر في عينيها بافتتان......!

لم تعد ايلا تتمالك نفسها,...فالتفتت وخرجت من قاعة الاحتفال....وأسرعت الى غرفتها وما ان اغلقت الباب...حتى انهارت على سريرها......وانفجرت بالبكاء.....

" هذا ما أنتي ممتازة فيه ايلا!! البكاء والنحيب!!!" وكتمت صوت شهقاتها بوسادة قريبة...حتى لا يسمعها أحد....لكنها صحت على عالم الواقع فجأة...حينما سمعت طرقاً خفيفاً على الباب.....رفعت رأسها وأنصتت جيداً....

" ايلا؟!"

كان ذلك صوت ريكاردو....! يا الهي!! لن أستطيع أن أتركه يراني هكذا...لا يمكن!!!
فقالت بصوت متحشرج...حاولت ان يظهر لا مبالياً:" نعم!" ....وهي تقف خلف الباب...

" هل أنتي بخير؟" بدا صوته قلقاً....رقيقاً.....فعادت الدموع تنساب أكثر من عينيها.....

" بالطبع! أنا بخير..."

لم يعجبه صوتها....." هل من الممكن أن تفتحي الباب قليلاً! أريد أن أرى ذلك بنفسي!"

لا ...لا يمكن أن يراها الآن....ليعرف أنه قد انتصر عليها....! لن تعطيه هذه الفرصة ليشمت بها!!

" أرجوك ريكاردو أن تتركني الان!! أنا متعبة..وأريد أن أنام قليلاً!"

" ولكن؟"

" من فضلك! أريد أن أبقى وحدي!"

أطرق ريكاردو..." فهمت! سأترككي الآن!!" وما ان خطا خطوة بعيداً عن باب غرفتها..حتى سمع شهقة صغيرة تصدر من خلف الباب....عاد فاقترب...
حتى تعالت أنات ايلا..ظانة بأنه قد صدق كذبتها وذهب.....لكنه كان هناك ..أقرب مما تتصور...يشاركها حزنها وهمها....!! أطلق زفرة طويلة...وهو يضغط على صدغيه بشدة....اتجه الى باب غرفة المكتبة وأغلق الباب خلفه بعنف!!!!
  #19  
قديم 07-03-2016, 07:25 AM
 



الفصل السادس عشر
"ضوء القمر!!"

تقلبت ايلا في فراشها كثيراً! لقد انتهت الحفلة منذ ساعات الآن..وقد غادر جميع الضيوف...وبالتأكيد الكل الآن نيام!! ما بالها هي لا تستطيع النوم...مع أن الصداع يكاد يفتك برأسها!! لقد كانت متعبة الى أقصى حد.....لقد أنهكها ريكاردو واستهلك روحها....فلم تعد قادرة على التحمل أكثر....ليس وهي قريبة منه هكذا! انه العذاب بعينه!!! عليها ان تبتعد....أن تسافر في أقرب فرصة...!

ترسخت هذه الفكرة في رأسها..., ولكن؟؟هل تستطيع أن تبتعد عن هذا اللئيم!!! انها تحبه برغم كل ماحصل بينهما!! برغم كل الاهانات التي يتلذذ بتوجيها اليها....ومع هذا فهي لن تستطيع رؤيته مع صوفيا بعد اليوم!!

" أوه..يا الهي!! رأسي سينفجر!! أما آن لهذا العذاب أن ينتهي!!"

وهي تنزع عنها غطاء السرير...وتهب واقفة..خرجت الى الشرفة...جالت بنظراتها الحزينة في الافق البعيد...وتنهدت بمرار.....وما لبثت أن عات للنظر في الاسفل...حتى استقرت عينيها على البركة!! هذه هي!! بعض السباحة ستكون مفيدة لها..وربما تساعدها على الاسترخاء والنوم!

ارتدت مايوهاً من قطعة واحدة...وغطت نفسها بمئزرها الازرق, وما ان اقتربت من البركة...حتى خلعت المئزر وانسلت داخل البركة بهدوء حتى لا تسبب ازعاجاً أو تلفت أحداً اليها.....! كانت المياه باردة....لكنها منعشة...!
فأخذت تسبح بهدوء....وهي تحاول أن تصفي ذهنها.....استرخت الى أبعد حد...وقررت أن لا تفكر في أي شيء...., ولن تفعل أي شيء سوا الاسترخاء....!

لكنها سمعت همساً خفيفاً...ففتحت عينيها...وجالت بنظرها...حولها..حتى لمحت شيئاً صغيراً أحمر يتوهج في العتمة...ثم يعود فينطفئ...شعرت بالذعر حتى كادت تغرق نفسها....!! لم تكن تعي طوال الوقت..بأنها تسبح أمام ريكاردو!!

لم تره في العتمة, ويبدو أنه لاحظ ذلك..فاستغل الموقف لصالحه..وعمد الى جعلها لا تراه..حتى يراقبها بصمت وبحرية!! لكنه أخيراً.....تحرك من مكانه...عندما لاحظ بانها قد رأته....واقترب منها...حتى جلس على حافة الحوض...
" ألم تستطيعي النوم مثلي؟!"

كانت تحاول السيطرة على انفعالاتها ...فأجابت بالنفي....نظرت اليه...
اللعنة! هل كان ينقصني هذا! كان بثياب السباحة...وكان شعره الأسود مبللاً وجميلاً كعادته.....

قال بصوت متعب:" أرجو أن تخرجي من الماء الآن...حتى لا تصابي بالبرد!!"

ولكن؟ كيف ستخرج بهذا المايوه....وهو لا يكف عن تأملها...!! مع أنها بدأت تشعر بالبرد...

" ليس بعد! أحب أن أسبح دورة أخرى...!" وعادت لتعوم وهي تحس بأن نظراته ستحرقها.....

" حسناً! ان لم تريدي الصعود...سأنزل أنا!!"

ونزل ليسبح الى جانبها....,لكن ايلا أحست بأن ذراعيها قد فقدت الاحساس....ماذا تفعل هي هنا الى جانبه؟؟هل فقدت عقلها؟؟تسبح واياه في عتمة الليل على ضوء القمر...كأجمل عاشقين!! مانهاية هذا!!
جفلت حينما اقترب منها وهو يلمس كتفها....

" ايلا! هل أنتي بخير؟؟؟ يا الهي!! أنتي ترتجفين! هيا بنا نصعد..كنت أعرف بأنها فكرة حمقاء!!!"

أجل...لقد عرفت أن هذه الصورة التي رسمتها في مخيلتها كانت لعاشقين...وليس لهما! لأنهما ببساطة أبعد ما يكونا عن العشق...!
مد يده لايلا ليساعدها على الخروج....وحينما انتصبت أمامه واقفة..نظر اليها للحظة وكأنه مسحور...!! كانت تشبه حوريات الحكايات والاساطير...!! بجسدها الرائع...وشعرها الاسود الطويل !! هاقد عاد تأثير ضوء القمر من جديد....!

لكنها كانت ترتجف...., فتنبه فجأة...وتناول مأزرها ولفه عليها...وهو يشده ويقفله جيداً.....ثم ينظر في عينيها وهو يمسح قطرات الماء التي تبلل وجهها...

" هل تشعرين بالدفء الآن؟"

كانت تشعر بالنيران تحرقها....!!

" أه...أجل...أشكرك!!"

ثم ابتعد عنها للحظة وارتدى مئزره....وجلس في مكانه وقال مخاطباً اياها......" تعالي اجلسي قليلاً....واشربي بعضاً من مشروب الشوكولاته الساخنة! ستدفئكي وتساعدكي على الاسترخاء...."

ترددت ايلا....لكنها أذعنت لطلبه أخيراً....فقد كانت تشعر بالبرد حقاً...اقتربت وجلست على كرسي مجاور له....سكب لها بعض المشروب في كوبها وقدمه لها وعلى ثغره ابتسامة باهتة.....

" شكراً!" تناولت قليلاً من هذا السائل اللذيذ....فأحست برعشة من الدفء تغمر أوصالها وقلبها......
عاد لاشعال سيكارته....كان ينظر الى السماء وهو ينفث الدخان..وقال قاطعاً السكون الذي يلف المكان.....

" لم تكوني بخير الليلة!!!"

أطرقت ايلا...ثم عادت فنظرت اليه بابتسامة حزينة...." هذه الليلة ككل ليلة!!!"

نظر اليها حائراً..." هل انتي مريضة؟ هل هناك ما يؤلمكي؟!"

حاولت تمالك نفسها..خوفاً من أن تندفع باكية...." أجل !!هناك ما يؤلمني بشدة...!ولكن ليس بإمكان أي طبيب شفاؤه!!!"

فهم ريكاردو ما تعنيه..! في الحقيقة كانت تصف حاله بكل دقة!!

انها تعذبه بكلامها....بل هي تعذبه لأنها أمامه والى جانبه وهو لا يستطيع لمسها ولا أخذها بين ذراعيه!! وكل ذلك بسببها!! هي الخائنة الوحيدة التي دمرت حياتهما!!
ازداد حقده عليها أكثر...ولم يفطن الى أنها تتألم مثله بل وأكثر منه....فقال بحنق وجفاء....

" وهل يعني هذا أنكي تملكين الاحساس سنيورا؟ هذا شيء مثير حقاً!"

رفعت عينيها الدامعتين اليه وقالت بمرار:" هذا يكفي! لن أستمع الى اهاناتك أكثر من هذا....أيها المتعجرف...قاسي القلب!!!"

ووضعت كوبها على المنضدة وهبت واقفة..لكن قبل أن تتحرك حبسها بين ذراعيه.....

" لن أسمح لكي الآن بلعب دور الضحية!! ليس معي...! فكلانا يعرف الحقيقة!!!"

نزلت دموع ايلا رغماً عنها..ومع هذا ابتسمت..:" كنت قد وعدتني ريكاردو,,,بأنك لن تسمح لأي شيء أن يؤذيني!! "

تنفس ريكاردو عميقاً...." لكنني أعلن لك بأنني أتنازل عن وعدك هذا لي...فقد آذيتني بما فيه الكفاية!! "

قال بقسوة وهو يهزها..." وأنتي؟ ألم تؤذيني؟؟؟ عليكي اللعنة....أتظنين أن من السهل علي...أن أراكي هكذا أمامي طوال الوقت....ولا استطيع أن أضمكي الي وأدفن وجهي في شعرك ؟؟!" وهو يضمها اليه بشدة ولهفة....

" أتظنين بأنني أعيش؟؟؟ انني ميت....ميت يا ساندريلا....وأنتي سبب ما أنا فيه!! "

وهو ينزعها عنه بقسوة..وكأنه ينفض عن نفسه شيئاً قذراً....

" ولكنكي لا تستحقين شيئاً من هذا!! لا تستحقين!!"

مات آخر بصيص أمل لها مع كلماته الاخيرة....انه لن يسامحها أبداً...مع أنه يحبها.....وهي تحبه وستظل تحبه حتى تفنى هي لاهو....

" سيأتي يوم يا ريكاردو...تعرف فيه بأنك مخطئ في حقي...!! وبأنك ظلمتني مثل كل هذا العالم!! وحتى يأتي ذلك اليوم....سيكون قد فات الاوان.....! لأنني.....؟"

التفت اليها..." أشكرك على الشوكولاته.... تصبح على خير "

لكن ريكاردو جذب يدها...." لأنكي ماذا ؟!!"

" ستعرف حينها!...أما الآن....فأرجو المعذرة!"

لكنه أمسكها من يدها...." ايلا؟"

....فرأت نفسها تسحب يدها منه...وتسرع للداخل حتى لا يلحقها.....وما ان وصلت غرفتها..حتى تنفست بعمق وهي تقول بتصميم...ودموعها تنساب على وجنتيها.....

" لأنني سأغادر حياتك الى الابد! سأرحل عنك يا حبيبي!!"

مسحت دموعها بظاهر كفها...وخلعت ثيابها....ثم اندست في فراشها.....
  #20  
قديم 07-03-2016, 07:27 AM
 

الفصل السابع عشر
" الاختبار الصعب!!"

لم تعد ايلا ترى ريكاردو مؤخراً, فقد كان يغيب طوال اليوم ولا يعود الا في آخر الليل والجميع نيام. ومع أن ايلا اشتاقت اليه إلا أنها رأت أن هذا الحال أفضل لها حتى تستطيع تنفيذ خطة هروبها دون أن يعلم أحد بذلك!!, فهي لا تتخيل بأنه سيكون بامكانها أن تودع هذه العائلة الرائعة..اضافة الى أنهم لن يسمحوا لها بالذهاب...فارتأت أن تنتظر الوقت المناسب حتى تتسلل بدون أن يلحظ احد ذلك...الا بعد وصولها الى بلدها...ومن هناك, لن يعود بامكان أي أحد العثور عليها!!

كثيراً ما كانت تسمع صوت قدومه في اخر الليل وهو يصعد الدرج..وتشعر بقلبها يتوقف حين تحس بخطواته تقترب من غرفتها وتبطئ...ومن ثم تعود فتكمل الخطى نحو آخر الممر ويصفق الباب بعدها بشدة!

وذات يوم كانت ترافق السنيور لوبيز في نزهة صباحية على ظهر الاحصنة, وحين سألها عن سبب توتر العلاقة بينها وبين ريكاردو؟فأجابت بأنها لم تكن الفتاة المناسبة له, وقد اكتشفا ذلك أخيراً.....

" هراء! أنتما خلقتما لبعضيكما وأنتما تعرفان ذلك أكثر مني! فما الحاجة لكل هذا العناد؟!"

شعرت ايلا بغصة في حلقها :" أرجوك سنيور...لا فائدة من هذا كله!"

" وأنتي؟ متى ستكفين عن مناداتي سنيور؟ نادني جدي يا فتاة!"

ابتسمت ايلا رغماً عنها...:" هذا شرف كبير لي سنيور..ولكنني!"

قال مقاطعاً:" كفي عن تعذيب نفسكي يا صغيرتي وستنادينني جدي رغماً عنكي منذ الآن فصاعداً..بغض النظر عن أي شيء آخر..اتفقنا؟!"

" ولكن؟!"

قاطعها ولكن بنبرة حازمة هذه المرة :" لن تعانديني يا ابنة جايمس! لن يكون جدك سعيداً بهذا!"

تنهدت ايلا وقالت باستسلام:" كما تريد..جدي!"

قهقه السنيور لوبيز عالياً وقال بفرح:" هذه هي ابنتي! آه..هاهو ريكاردو على ظهر حصانه...لم أكن أعلم بانه يقوم بنزهة صباحية هو الآخر!"

ارتبكت ايلا أشد الارتباك...انها تعلم جيداً بأن هذا مدبر من السنيور سلفادور...فهو الذي أصر على القيام بهذه النزهة الصباحية...مع ايلا, بالتأكيد حينما لاحظ ريكاردو الذي قلما يمتطي حصانه مؤخراً...!!
وظهر التوتر على ايلا خاصة حينما رأت ريكاردو يتجه نحوهما, أحست بذلك فرسها ميدوسا..وبدأت بالتململ والصهيل مما أربك ايلا أكثر....

" اهدأي يا فتاة..! ما بكي؟" وهي تربت على شعرها محاولة تهدئتها, ولكن ما الفائدة ان كانت هي نفسها عاجزة عن التنفس!

تساءل السنيور لوبيز:" ما بها ميدوسا؟ ليست على ما يرام..! أرى أن تترجلي عنها يا ابنتي!"

" لا انها بخير..ولكن.." ولم تستطع ايلا أن تتم جملتها لأن الفرس انطلقت بسرعة كبيرة تقطع الغابة. صرخت ايلا من الذعر لكنها تشبثت باللجام, ومع هذا لم تخفف ميدوسا سرعتها.....

حاولت ايلا السيطرة على ميدوسا ولكنها فشلت! كانت ميدوسا ثائرة غاضبة مثل فارستها, لكنها أفلتت العنان لغضبها ولم تكتمه كما فعلت ايلا!!

كانت ايلا تحس بالخوف والذعر, خاصة حينما تذكرت بأن ميدوسا سبق وأن كررت هذا الموقف مع فرسانها وطرحتهم أرضاً..فماذا سيكون مصيرها هي؟
أيقظها من أفكارها صوت تعرفه جيداً......

" ايلا!!!!"

نظرت للخلف وهي ما تزال تتمسك بالفرس......" أوه..ريك!"

كان ريكاردو يجري بأسرع ما يمكن فوق ظهر فرسه, ومع ذلك كان هناك فرق شاسع بينه وبين ايلا!! صرخ من جديد.....

" انها تتجه بكي نحو المنحدر!"

ذعرت ايلا حتى كادت تسقط.." المنحدر؟"

" ايلا؟؟؟ اقفزي عنها...لن أتمكن من اللحاق بكي في الوقت المناسب!!"

ردت ايلا.." أتريد أن أتركها تموت؟!"

" لست أهتم بتلك الفرس اللعينة....ولكنني لن أسمح لها بقتلك!!قلت اقفزي الآن!!فالارض عشبية......"

صرخت ايلا والدموع في عينيها...." لا!!لا استطيع!!أنا خائفة!!!"

علا صوت ريكاردو من جديد:" ايلا أيتها المجنونة!!! ان لم تفعلي هذا..فسأقفز خلفكي الى المنحدر...!!"

" لا ريكاردو!!!"

" هيا اقفزي.....الآن!!!!!"

لم يكن يفصلها عن المنحدر الا بضع أمتار....نظرت ايلا الى يمينها...كانت الحشائش تغطي الارض...فهل ستحميها؟؟؟ أغمضت عينيها وهي تدعو الله أن ينجيها...ويحمي ميدوسا الثائرة......وألقت بنفسها...حتى تدحرجت مرات عديدة الى أن استقرت مستلقية على ظهرها وقد بدت فاقدة للوعي!!

" أوه...ايلا!!!!" وما ان وصل ريكاردو حتى هبط عن ظهر حصانه بسرعة وهرع اليها, يتحسس وجهها وشعرها, ويفحص نفسها وضربات قلبها...
" يا الهي!!أرجوك أعدها الي!!"

فتحت ايلا عينيها وهي تسمع ريكاردو يهتف باسمها...ظهر وجهه الشاحب أمامها, وعلامات القلق والذعر بادية في ملامحه...

" أين أنا؟" وهي تحاول رفع رأسها...لكنها صرخت فجأة من الألم..., أعاد ريكاردو رأسها :" آه حبيبتي ايلا!!!"
عادت ايلا تغمض عينيها تدريجياً وهي تبتسم..." هل أنا في الجنة؟ آه ريكاردو حبيبي...هذا شيء جميل!!لابد أن تكون هذه هي الجنة..وأنت أخيراً أصبحت معي!!"

صرخ ريكاردو وهو يحاول ايقاظها..." لا!!! حبيبتي ايلا..استيقظي...افتحي عينيكي!!! أنا هنا معك...ليس حلماً..هنا جنتنا حبيبتي...افتحي عينيكي!! ايلا...ايلااااااااااااااا..."
كان هذا آخر ما سمعته.....
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مــٓـــلآگـــٓيــّٓ الــٓــحــٓـّ{ــٓمــٓـ}ـــٓـراء ... هــٓــلــٓ تــَســْ{ـــٓمــٓـ}ــحـِـيــْنــٓ لــَــٓيـــٓ بــهــٓـذهـٓ الـٓــرَّقــّـ دقيوس و مقيوسxd حواء ~ 12 08-27-2017 05:57 PM
بريق ألماس : رُواية صِــرٓاعٓــــاتِ كٓــــادِحٓـــه ، بـقلم الكٓاتبة i v a n رُوفِ روايات طويلة 57 08-25-2016 09:28 AM
ॐ نـٓهريـــنْ وٓ حـٓـضآرةٌ وٓ خـآرِطـٓةةُ وتــآرِيخْ .. يـٓعنيْ أنتٓ » العِــرآقْ « أشلونْ مآ حبگ ؟! ॐ ٱۆڳسِجْينٌ ✖ أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 9 10-11-2013 06:39 PM
أٓحـبكّْـ... مٓعنــْاهـٌا إذٓا بعٓـدت عِّنيْ تبــّٓقىْ فيِنـِي...[❤] Nanachix مدونات الأعضاء 50 05-28-2013 08:43 PM


الساعة الآن 11:16 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011