عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي > روايات الأنيمي المكتملة

Like Tree632Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 9 تصويتات, المعدل 4.56. انواع عرض الموضوع
  #321  
قديم 09-01-2016, 01:57 PM
 


شكرا جزيلا لك عزيزتي هاك على الردين الرائعين أسعدتني حقا بهما حب6
ستكون لي عودة بعد نشر الفصلين الاخيرين خصيصا للرد عليهما (لقد بدأت كتابة الرد فعلا لكن لم أستطع إكماله ، فذهني مشتت كليا >.<)


أرجو أن تنال النهاية إعجابكم (:6



رد مع اقتباس
  #322  
قديم 09-01-2016, 02:01 PM
 



الفصل الرابع و الستون
*بزوغ الضياء*




أخذت تشهق و تكفكف عبراتها ، ثم تجلس باعتدال على كرسيها ، و انشغل آلويس بدوره بتجفيف عينيه في صمت ، و فيما هم على هذه الحال فتح الباب بدرجة لم تلفت انتباههم و أطل عبره رأس صغير . أخذت عيناه الخضراوان تختلسان بتردد و شك النظر إلى الداخل ، و ما كاد بصره يمر بآلويس حتى تنبه هذا الأخير و نظر ناحيته.

تبسم بود و هو يقول :

"أهلا بك مايا !"

التفتت لونا و قد اتسعت عيناها المحمرتان في تفاجؤ ، و تطلعت بمحبة رقيقة إلى حيث تقف مايا مرتبكة ، و شبه متوارية خلف الباب.

مالت لونا في اتجاهها و قالت بابتسامة ترحيب عذبة :

"لم ما زلت واقفة هناك ؟! تعالي !"

دفعت الصغيرة الباب ، و تقدمت تجر ساقيها باضطراب . بدت محرجة و غير واثقة من صواب دخولها عليهما في هذا الوقت ، فقد دل احمرار عيونهما و الآثار الرطبة التي حفرتها الدموع في وجهيهما على أن حوارا عاصفا بالاحاسيس قد جرى لتوه.

ألقت على آلويس نظرة اعتذار سريعة ، ثم دارت بعينيها نحو لونا و شرعت تقارن باستغراب بين صورتها الحالية و الصورة التي قابلتها فيها للمرة الأولى . كان الاختلاف كبيرا جدا ، من حيث الشكل و ردود الأفعال و حتى الجو ، و لولا الصوت لما كان في وسعها معرفة أن هذه الفتاة اللطيفة ذات الشعر الأحمر الطويل هي نفسها كوبرا المتسلطة حادة الطباع بشعرها الأسود القصير و عينيها الزرقاوين.


بدت محتارة إلى أي واحد منهما تذهب أولا ، لكن لونا وفرت عليها عناء التفكير حين مدت يديها نحوها ، فاستجابت الطفلة سريعا لدعوتها.

احتضنتها بدفء و رقة و قالت متأسفة :

"آسفة جدا لأني تركتك في عهدة ذاك المجرم يا صغيرتي ، لم أكن أعرف أبدا أي شيء عن حقيقته !"

تدخل آلويس مبتسما :

"كان لفعلك هذا فوائده أيضا ، فمايا الصغيرة أنقذت حياة بيكارت و أمه و أكدت لي أيضا صحة شكوكي حول لامارك !"

بدت لونا مبهورة ، طرفت عيناها في دهشة قبل أن تحطا ببطء على وجه مايا المبتسم في فخر.

"إذن فهذه الشقية كانت تعمل جاسوسة لديك كما توقعت !"

أطلق ضحكة قصيرة.

"أفضل وصف العميلة السرية !"

فرفعت لونا رأسها نحوه و زوت ما بين عينيها في تشكك.

"و ما الفرق ؟! مهما اختلفت التسمية تبقى الوظيفة واحدة .. و هي التجسس علي !"

"قد تستغربين إن قلت لك أن ذلك لم يكن هدفي الأول من إرسالها إليك !"

"حقا ؟! و ما هو إذن ؟!"

تضاءلت ابتسامته قليلا فيما نظراته ترق و تسكن و تنحدر تدريجياً من وجه لونا نحو الجدار.

"كنت أريد .. أو بالأحرى تمنيت أن تكون مايا قادرة على انتشالك من حزنك و عزلتك .." تنهد بعمق ، ثم عاد ببصره إليها لكن بابتسامة أوسع "كنت أنت من أنقذني من وحدتي و يأسي .. أنت الطفلة المشاكسة طويلة اللسان !" ألقى نظرة حانية على مايا "لقد رأيت عينيك في هذه الطفلة ، تمردك ، ذكاءك ، و صخبك . إنها تشبهك من عدة نواح ، و حين أدركت ذلك ، خطر لي أنها ربما تستطيع مساعدتك كما ساعدتني أنت في وقت ما.. "


تطلع إليها ، فأطرقت و أزاحت خصلات شعرها الأحمر عن وجهها الذي جمدته علائم الذهول.

"لم .. أتوقع شيئا .. كهذا !"

"أعلم !"

عندها دخلت مايا الحوار الدائر عابسة :

"لكنني لم أكن مثل أختي .. فقد فشلت في النهاية !"

فأخذتها لونا ببن ذراعيها و هي تقول :

"لم تفشلي يا صغيرتي .. لقد أثرت فيّ فعلا ، و لولا العودة المفاجئة لذلك الشرير لاستطعت إتمام مهمتك بنجاح منقطع النظير !"

بدا عليها التفاجؤ و أوشكت أن تبتسم برضا ، لكن فكرة ما مرت بخاطرها و جعلتها تمط شفتيها و تعقد ذراعيها في استياء.

"لكن مهمتي مع ذلك لم تكن سرية كما كان يفترض بها . لست أنت وحدك بل حتى ذاك المزعج بيكارت اكتشف سري !"

"حقا ؟! هل فعل بيكارت ذلك ؟! متى ؟!"

أجاب آلويس :

"في نفس اليوم الذي جاءتك فيه . لقد شك بيكارت في أن يكون أحد الأعداء قد أرسل مايا للتجسس عليك ، فقام بتخويفها و ظل يهددها و يحاول انتزاع المعلومات منها حتى أعطته عنواني .. فجاء إلي ، و .. أقنعته بطريقتي الخاصة !"

تراقصت ابتسامة مفعمة بالخبث على أطراف شفتيه و هو يضيف عبارته الأخيرة . تطلعت لونا إليه و ضيقت عينيها بارتياب . مرت لحظات قصيرة قبل أن تتنهد و تنهض قائلة :

"حسنا.."

سأل آلويس في غير سرور :

"هل ستذهبين ؟!"

"نعم ، لكن سأمر على بيكارت قبل ذلك.. "

"آه .. سمعت أن الزيارة ممنوعة عنه في هذا الوقت !"

كان يتحدث بصورة طبيعية ، هادئة ، دون عبوس أو تجهم ، لكن لونا لم تكن لتنخدع بهذه البساطة ، تبسمت بمكر و قالت :

"ستصبح مسموحة عندما يعرف بقدومي !"

فهز منكبيه مبديا حيادا و عدم اكتراث.

"افعلي ما يحلو لك ! هذا ليس من شأني !"


كادت تنفجر ضاحكة . إنه بارع في أي شيء إلا إخفاء غيرته.


و فيما توليه ظهرها و تسير نحو الباب ، رمق آلويس مايا بنظرة لها مغزاها ، فهزت الطفلة النبيهة رأسها ثم جرت نحو لونا قائلة :

"أريد المجيء معك أختي !"

حلت الدهشة على وجه المعنية ، و سرعان ما اكتسحها الشك و حدقت إلى آلويس بنظرة اتهام ، فتظاهر الأخير بالبراءة و الانشغال بمطالعة كتابه.

قالت لمايا مبتسمة و هي تدير مقبض الباب و في الوقت ذاته تحدج آلويس بنظرة ماكرة :

"في المرة القادمة .. عزيزتي !"

ثم خرجت كاتمة ضحكتها ، و تبادل الكونت مع مايا نظرات الخيبة العابسة.


⭐⭐⭐


بينما كان الكونت مجتمعا بأبناء خاله كان جاستن يجلس متثاقلا في غرفته يشاهد بملل و قدر ليس بقليل من الاحتقار فلما حديثا للبطل الخيالي الشهير باتمان.

لم يكن يشاهد بقدر ما ينتقد و يشتم و يلعن في باتمان و حتى الجوكر و الذي كان يمكن أن يحوز على إعجاب جاستن لولا بعض تصرفاته الخرقاء و أخطائه غير المقبولة.

و فيما هو يترقب نهاية الفيلم منتظرا أي تحسن في سير الأحداث كموت باتمان على سبيل المثال .. انتفض فجأة و تنبهت كل خلية في جسده و تحضرت لاقتراب كائن غير طبيعي.

نظر تلقائيا نحو الباب ، ثم أطفأ شاشة التلفاز ، و أرهف سمعه . حسب أنه سمع جلبة و أصوات أقدام في الممر أثناء مشاهدته الفيلم ، لكن كل شيء بات هادئا الآن.

قطب جبينه في انزعاج ، و رفع جهاز التحكم ليعيد تشغيل التلفاز ، لكنه ما كاد يضغط زرا حتى انتصبت قرون استشعاره الخفية و توهجت بالأحمرار منذرة خطرا يقترب.
و قد أكدت الضوضاء التي تعالت فجأة خلف بابه صحة هذا النذير.


"هذه غرفة رون ، أليس كذلك ؟!"

شحب وجهه لدى سماعه صوت آخر بشر في الدنيا يمكن أن يسعد بلقائه.

و بكل ما استطاع من سرعة ألقى جهاز التحكم ، و لف الغطاء الأبيض حوله فلم يعد يظهر منه شيء.

لم تكن به رغبة و لا حتى قوة لرؤية تلك المزعجة ، فقد استنزف ذلك اللعين آلويس كل طاقته و احتماله.

تدثر بالغطاء جيدا و قال مجيبا على طرق الباب :

"ا.. دخل !"

كان يهم بأن يقول "انقلعي من هنا أيتها الشمطاء الغبية" ، لكنه تدارك نفسه في اللحظة الأخيرة - فذلك التصرف العنيف سيؤكد وجوده بلا شك - و ضغط بإصبعيه على أنفه ، فخرج صوته رفيعا حادا أشبه بصوت العجائز.

فتحت الباب بروية ، و مشت خطوتين داخل الغرفة ، ثم قالت بشك :

"أ .. هذا أنت يا رون ؟!"


رد جاستن بذات الصوت العجائزي الرفيع :

"لا .. من يكون رون هذا ؟!"

أجابت ويندي بسرعة كما لو كانت تحفظ الإجابة عن ظهر قلب :

"إنه شاب عنيف ، غريب الطباع ، قذر اللسان لا يتوقف عن قذف السباب و الشتائم في وجه كل من يمر به ، لكنه صديقي !"

و دون سابق تفكير صرخ حانقا مشمئزا بصوته الطبيعي :

"لست صديقـ.."و ابتلع باقي الكلمة بعدما انتبه للخطأ الفادح الذي كاد يرتكبه ، و قال مصححا : "أعني .. لم أر شخصا بهذه المواصفات في هذا الطابق !"

"حسنا.. "

قالت ويندي بقليل من الخيبة و كثير من اللامبالاة ، و عندما أحس جاستن بإقتناعها أرخى الغطاء عن وجهه و رفع طرفه قليلا ليستنشق بعض الهواء ، فتغضنت قسماته و اخضر لونه جراء الرائحة المقيتة التي تسللت إلى أنفه.

حاول إغلاق أنفه و تجاهلها قدر إلامكان ، لكنها كانت أبشع من أن يغض الطرف عنها ، فألقى الغطاء و انفجر صائحا :

"أيتها الخرقاء اللعينة كيف تجرؤين على إدخال هذا الـ... إلى غرفتي ؟!"


كانت ويندي تقف قرب الباب ، حاملة بين يديها علبة بيتزا ساخنة مفتوحة الغطاء قد فاحت رائحتها العابقة بنكهة الفليفلة الخضراء في أرجاء الغرفة.

رفعت حاجبها في استنكار مصطنع لرد فعله العنيف و قالت ضاحكة :

"إنها مجرد فليفلة !"

"تعلمين أني أكرهها أيتها الحقيرة !"

و أمسك جهاز التحكم و الذي كان آخر ما تبقى من الأغراض التي في مقدوره حملها و قذفه في اتجاه ويندي ، لكنها انحنت بسرعة فاصطدم بالجدار و تناثر حطامه عند قدميها.

فغرت فاها و هي ترمق بعين الذهول ما تبقى من جهاز التحكم ، ثم التفتت نحو جاستن .. أمعنت النظر فيه بصورة غامضة ثم تنهدت قائلة :

"رون ! إنني آسفة حقا لكني مضطرة لرفض عرضك !"

"عرض ؟! عن أي شيء تتحدثين أيتها الغبية ؟!"


ففتحت ويندي عينيها مبدية دهشة و عجبا و قالت كمن يفسر شيئا من البديهيات :

"عرض الزواج بالطبع !"


زمجر و عضلات وجهه تتشنج و تضطرب و دماؤه تغلي و تفور داخله :

"أنا أعرض الزواج عليك ؟! متى حصل ذلك .. يا ذات الرأس الفارغ ؟!"


و تلفت حوله بحثا عن أي شيء يمكن رميه عليها ، لكن لسوء حظه و حسن حظها لم يجد ضالته ، فبعد السلوك العدائي الذي أظهره و ما زال يظهره أبعد الطبيب عن متناول يده كل شيء تقريبا.

و في الأثناء وقفت ويندي ببطء و أخذت تفسر بجدية غريبة دونما ابتسام أو أي إشارة تدل على المزاح :

"قديما في اليونان حين يرمي الرجل إمرأة بتفاحة فذلك بمثابة عرض بالزواج ، و بالنظر إلى فرق القيمة بين التفاح و جهاز التحكم نستنتج أنك لا تعرض علي الزواج فقط ، بل أنك ستشنق نفسك بحبل الغسيل إن لم أقبل عرضك !"

و هزت رأسها مزمومة الشفتين في اقتناع لا يقبل الشك ، و
حدق جاستن إليها و هو لا يكاد يصدق أن يوجد من بين البشر شخص بهذا الدرجة غير الطبيعية من الغباء و الاستفزاز.

ارتجف صوته غيظا حين تكلم :

"من أين جئت بهذا الهراء ؟! ثم ما علاقة اليونان بالموضوع يا .. ؟!"

تجاهلت السبة الوقحة التي رماها بها في نهاية سؤاله و قالت بهدوء تتخلله مسحة تأنيب :

"كيف لا علاقة له يا رون ؟! من واجبنا الالتزام بعادات أجدادنا و المحافظة عليها !"

"حقا ؟!"


بلغ عندها قمة غضبه و بدا في تلك اللحظة على أتم استعداد لحمل الطاولة الثقيلة بجواره و رميها على رأسها.

"تغربين عن وجهي الآن .. أو أشطر رأسك نصفين بهذه الطاولة ؟!"

و هم بالنزول من سريره متجاهلا كليا إصابة قدمه ، فتراجعت ويندي و هي تضحك :

"أنت سريع الاشتعال فعلا !" و رفعت علبة البيتزا مضيفة : "و بالمناسبة هذه لجميس و ليست لك ، لكني استعرتها كي أستعين بفليفلتها الخضراء في كشفك !"

رسمت على شفتيها ابتسامة ماكرة مفعمة بالثقة ، و دخل جيمس و هو يضحك ممسكا كيسا مملوءا بالحلويات .. قال مخاطبا جاستن :

"مرحبا روني ! أحضرنا لك وجبة خفيفة !"

"انقلع من هنا أنت و وجبتك ! و لا تنادني بهذا الاسم السخيف مجددا !"


فعبس جيمس دونما انزعاج حقيقي:

"تبا لك ! لم تتغير مطلقا ، على الأقل قل شكرا !"


"أنتم من عليه شكري و تقبيل قدمي امتنانا لأني لم أقتلكم حتى الآن !"

فتبادل ويندي و جيمس النظرات الضاحكة قبل أن يقولا معا على الطريقة الناعسة لطلاب المدارس الكسالى :

"شكرا سيد رون !"


جعد المعني جبينه و ضيق عينيه بحدة على وجهيهما ، لكنه لم يصرخ بل حدجهما بنظرة تحذير أخيرة و عاد يستلقي في سريره.
و عندما استشعرت ويندي خمود بركانه أعادت لجميس البيتزا و أخذت بدلا منها كيس الحلويات ، ثم أخذت تخطو ببطء و حذر من سرير جاستن الذي ما إنفك يصوبها بنظرة غير مأمونة.

لوح جيمس مودعا ، ثم غادر الحجرة في الوقت الذي حط فيه الكيس على طاولة جاستن.

"أراك قريبا.. "

قالت ويندي مبتسمة قبل أن توليه ظهرها و تهم بالابتعاد عنه ، لكنه استوقفها بسؤاله الحاد :

"ما الذي كنت ترمين إليه بكلامك ذاك ؟!"

التفت إليه في عجب سرعان ما اختفى و حلت محله ابتسامة قططية مشاكسة :

"تعني عرض الزواج اليوناني ؟!"

فصرخ جاستن حتى كادت حنجرته تتفتت :

"لا يا غبية !"

انتظر حتى هدأت أعصابه و خف احمرار وجهه ، ثم قال بصوت أكثر هدوء :

"أقصد ما قلته لي في كان .. ماذا كنت تقصدين من وراءه ؟!"

و ارتمى الغباء بكل تعابيره السمجة على وجهها ، زمت شفتيها و حكت رأسها محاولة التذكر.

"عن ماذا تتحدث بالضبط ؟!"

"ترهاتك عن النصر الشريف يا عقل الذبابة !"

فضحكت عندها باستمتاع.

"أها الآن تذكرت !" أحاطت وسطها بيديها من كلا الجانبين و أردفت بابتسامة ثقة مفرطة : "كنت أعرض فلسفة وينفلاطون الخاصة حول هذا الموضوع !"

"وينفلاطون ؟!"

"إنه اسمي الفلسفي !"

"كفي عن التغابي أيتها الغبية !"

"كيف أكف عن التغابي إن كنت غبية كما تقول ؟! هذا أشبه بأن تقول لسمكة ألا تسبح أو لطير ألا يطير !"


و سكت جاستن ليسيطر على أعصابه و يمنع نفسه بالكاد من تكسير رأسها .
أغمض عينيه و استنشق نفسا طويلا ، ثم زفره ، و بعدما خففت هذه العملية من غضبه إلى حد ما فرج جفنيه و نظر نحوها بحدة و خرج صوته جادا :

"كنت تعرفين هدفي من وراء زيارة شقيقة وليام أليس كذلك ؟!"

هزت كتفيها و ردت دون أن تتبدل تعابيرها المستغربة :

"لم أكن أعرف . شككت فقط !"

"و كيف ساورك هذا الشك ؟!"

"أنت لست شخصا اجتماعيا و لا تواقا لملاقاة الناس يا رون ، ثم إنك لا تحب كلارك ، و لم تبد مطلقا أي اهتمام سابق بشقيقته . لم يمر ذكرها على لسانك قط ، لكن ما لفت انتباهي و جعلني أرتاب فيك أكثر من أي شيء آخر .. هي النظارات !"

بدت الدهشة عظيمة على وجهه و هي تتابع :

"لم تكن ترتديها ، و حسب ما أذكر فإن النظارات هي ما تبقيك تحت السيطرة !"

أزاح عينيه عنها ببطء مأخوذا بالمفاجأة . كان يحسب خطته كاملة محكمة ، و لم يصدق أن يكون قد ارتكب غلطة فادحة واضحة كالشمس مثل هذه الغلطة . شد على قبضتيه في غضب و خيبة عارمين من نفسه و لم يردف شيئا حتى قالت ويندي و قد ابتسمت فجأة :

"يجدر بك أن تكون سعيدا و ممتنا لهذه الهفوة ، فقد أنقذتك من عار قد يدنس كبريائك حتى الممات !"

فالتفت نحوها في سرعة و عنف و فاضت العدائية من بين كلماته :

"هل أنت مسرورة لأن محاضرتك السخيفة ردعتني ؟!"

"بل لأن كبريائك لم يخيب ظني !"


فاجأه جوابها العفوي غير المتوقع بالنسبة له ، و لم يجد ما يمكن قوله ، فلزم الصمت ، و تهاوى غضبه فجأة تاركا وجهه ساكنا ، خاليا من التعابير.

تبسمت بعذوبة و استدارت لتغادر.

"شغلي التلفاز و ناوليني كيس الفوشار !"

قال جاستن بلهجة آمرة ، فاتسعت ابتسامتها حتى صارت ضحكة و نفذت طلباته بنفس راضية.

و فيما كانت جاثية عند التلفاز تضبط درجة الصوت على المستوى الذي يريد .. انفتح الباب و دلف إلى الداخل رجلان.

التفت ويندي و جاستن ناحية الباب يتوقعان رؤية كلارك و جيمس ، لكن توقعهما لم يكن صائبا ، بل بعيدا جدا عن الواقع.

هتفت ويندي في دهشة :

"رفاييل !"

و نظرت بمتعن للرجل الآخر رسمي المظهر و التعابير ، لكن لم تتعرف عليه ، أما جاستن ففي تلك اللحظة فقط استطاع تذكر من يكون رفاييل هذا ، فبدا عليه مزيج غير لطيف من الدهشة و الاشمئزاز.

"كنت أستاذ الرياضة المزعج في مدرسة ستراسبورغ ، أليس كذلك !"


التفت المعني بشيء من التفاجؤ ، و ما لبث أن تبسم بطريقة مشاكسة و أومأ بالإيجاب.
تجهمت ملامح جاستن في عدم ترحيب و غير مودة ، و قال رفاييل بلا اكتراث :

"كيف حالك الآن ؟!"

"كنت بخير .. قبل مجيئك أنت و .."

و حدج الآخر الغريب بنظرة فاحصة محاولا أن يتذكر إن كان التقاه قبلا أم لا ، و قد أكد له رفاييل الاحتمال الثاني حين قال معرفا به :

"السيد والتر !"

حيا السيد والتر جاستن بهزة مهذبة من رأسه ، لكن الأخير لم يردها ، لم يبتسم ، و لم يبد على وجهه الترحاب بقدومهما.

قالت ويندي بشك مخاطبة رفاييل :

"من الأفضل أن أنصرف .. صحيح ؟!"

"لا ، يمكنك البقاء إن أحببت !"

و تطلع الاثنان مع السيد والتر إلى جاستن ، و الذي لم يعجبه تحديقهم به و هتف بفظاظة :

"إلى ماذا تنظرون أيها الحمقى ؟!"

ضحكت ويندي ، و التفت السيد والتر مدهوشا نحو رفاييل الذي أطرق رأسه و بدا عليه الحرج.

رفع بعدها عينيه بنظرة تأنيب إلى جاستن و قال :

"ثمة أمر هام نود التحدث إليك بخصوصه .. هل تسمح و تعطينا شيئا من اهتمامك ؟!"

قال جاستن بحدة و تعالي :

"و ما هو هذا الأمر ؟!"

عندها انحنى السيد والتر ، فتح حقيبته ، ثم أخرج منها مظروفا و استقام قائلا :

"إنه بخصوص ثروتك .. سيد جاستن مور !"


تباعد حاجباه عن عينيه الذاهلتين بالغين أقصى ارتفاع ، و استغرق الأمر منه وقتا قبل أن ينفض عنه الدهشة و يستعيد لهجته الحادة غير الودودة.

"قلت ثروتي ؟! كيف ؟! ألم يكتب ذلك الحقير وصيته ؟!"

كان يتوقع أن يتزوج و ينجب أطفالا آخرين يوصي لهم بكل أملاكه عند وفاته ، لكن يبدو أنه لم يفعل و لم يكتب وصيته أصلا و إلا كيف آلت إليه الثروة ؟!

رد السيد والتر بعدما أزال عن وجهه العجب الذي أثارته وقاحة جاستن في الحديث عن أبيه :

"في الواقع .. نحن نعمل وفق وصيته !"


طوال كل سنين حياته لم يسبق أن مرت به صدمة مماثلة لهذه التي حطت على سحنته بغتة . تصلبت عضلاته ، انسحبت الدماء من وجهه ، و ضاعت كلماته في حلقه.

عاد السيد والتر يقول و هو يسير نحو جاستن :

"كنت محامي أبيك السيد باتريك مور ، و قد كلفني قبل موته بالبحث عنك و تحويل ثروته بكاملها إليك ! و هذا هو نص الوصية !"

و أخرج من المظروف ورقة طويلة سلمها برفق لجاستن . التقطها الأخير بأصابع متخشبة و أخذ يقرأ ما دون فيها و هو شبه حابس أنفاسه.


«أنا باتريك توماس مور ، أوصي و أنا بكامل إرادتي و قواي العقلية بكل أملاكي و أموالي المنقولة و غير المنقولة لابني الوحيد من هيلين جين سكوت !»

رفع عينيه ببطء عن الوصية و نظر إلى المحامي ذاهلا.

"ا.. ابنه الوحيد ؟!"

"أجل ، أنت ابنه الوحيد فهو لم يتزوج ، و مع أنه كانت لديه خليلة إلا أنه لم يرزق منها بأطفال .. "

"قلت أنه كانت لديه خليلة ؟!" و تذكر على الفور تلك الشقراء المتكبرة التي رآها برفقة والده في المطعم الإيطالي "لماذا لم يشركها في الوصية إذن ؟!"

"في الحقيقة كان قد أوصى في وصيته السابقة بكل ثروته لها ، لكنه قبل موته بأسبوع جاء إلي و كتب وصية جديدة هي هذه التي بين يديك !"

تنهد ثم أردف بغم مجيبا على السؤال الحائم في نظرات جاستن :

"لقد ترك والدك معي رسالة أخيرة طلب مني ألا أفتحها حتى يموت !"

و دس يده في حقيبته برشاقة و أمسك ظرف رسالة تركه يسقط في يد جاستن . فتح الأخير الظرف بسرعة نسبية و فض الرسالة بسرعة أكبر.


«عندما تقرأ هذه الرسالة سأكون قد مت و ربما دفنت أيضا . لا شك أنك تساءلت عن السبب الذي دفعني لكتابة وصية جديدة .. لقد امتنعت عن إخبارك به في حياتي ، لكن بعدما رحلت عن عالمك المشؤوم لا يسعني غير أن أترك كلماتي تخبرك به . لقد قُتِلت يا والتر ! قتلتني يدان آثمتان إحداهما لي و الأخرى لديانا الخائنة ! أنت تعرفها تلك الفتاة الشقراء نصف الإيطالية التي عاشت في قصري و أنفقت أموالي في شراء الجواهر و الملابس و السيارات لأجلها . أحببتها كثيرا .. كثيرا جدا ، و أوصيت بكل ما أملك لها ، و كانت الأخيرة أفظع و أغبى غلطة .. أو ربما لم تكن كذلك .. لا أدري حقا ، لكنها كشفتها على حقيقتها .. جشعة ، جاحدة ، عديمة الضمير لا تتوانى عن اقتراف أي جريمة في سبيل مصالحها . كان من المؤسف أني اكتشفت الأمر متأخرا بعد أن ظلت تسمني نصف شهر . كانت تخفي داخل علبة الأسبرين في حقيبتها الفرنسية الحمراء حبوبا مشبعة بسم بطيء المفعول خفي الأثر . قد تسأل الآن لم لم أمسكها متلبسة و أبلغ الشرطة ؟! الإجابة في غاية البساطة .. لأني أستحق هذه الميتة و هي تستحق أن تتعفن في السجن لآخر حياتها . كانت أسوأ امرأة و كنت أنا أسوأ رجل و كل منا يستحق مصيره . لا أعتقد أنك تدري فقد بذلت كل ما في وسعي ليظل الأمر طي الكتمان ، لكن زوجتي هيلين لم تهرب مع رجل آخر كما سولت لي نفسي الاثمة أن أشيع ، و إنما طردت طردا من بيت أبيها بأمر مني أنا . لقد نهبت كامل ثروتها و استوليت على كل بنس من أموالها ، ثم رميتها في الشارع هي و ابني الذي لم يكن قد ولد بعد . هل رأيت يا والتر إلى أي مدى يمكن أن يصل الطمع بالإنسان ؟! إنه لا ينسيه مبادئه و قيمه فقط بل يتعدى ذلك إلى إنسانيته نفسها ، يدوسها ، يسحقها ثم يتركه كائنا بائسا أدنى منزلة من أقذر الحيوانات . لقد أغوتني أنانيتي و هيامي بالثراء و دفعاني ليس للتخلي عن المرأة التي أحبتني من كل قلبها فقط بل حتى عن ابني الوحيد و الذي لا أعرف أين هو الآن و لا كيف يعيش . الحقيقة أني أردته و سعدت يوم أخبرتني هيلين باقتراب قدومه ، فرغم أني لم أكن أحبها إلا أني أحببته هو لأنه جزء مني بعد كل شيء ، لكن الخوف صار يتملكني خاصة بعد طردي لهيلين .. الخوف من أن يأتي ذلك الابن مختلفا عني . لا يهم إن جاء شبيهاً بأمه فهي ليست ذكية و لا مثيرة للانتباه ، لكن المشكلة كل المشكلة أن يأتي شبيهاً بجده . لو حصل ذلك ستكون نهايتي . لن يرحمني ، سينتقم مني ، و يفضح حقيقتي بين كل الناس ، و لأني لست شجاعا بما يكفي لمواجهته و طلب الصفح منه أوكلك بذلك يا والتر . ابحث عنه في كل مكان ، و عندما تعثر عليه أعطه هذه الرسالة . أريده أن يقرأ كلماتي .. أن يعرف ما حصل معي .. أن يدرك أن العدالة موجودة ، و هي أقوى و أكمل من أن تكون بشرية . أريده أن يسامحني ، و يسامح أمه ، فرغم اختلاف الأسباب كلانا تخلى عنه . سامحني يا بني .. اغفر لأبيك الآثم .. اصفح عني .. و عش حياتك !»



وقفت ويندي إلى جوار رفاييل و أخذت تراقب وجه جاستن شبه الخالي من التعابير محاولة استقراء أحاسيسه دون نتيجة تذكر .. قالت هامسة :

"كيف عرفتم بشأن أبيه ؟!"

بزغت على طرف فمه ابتسامة ماكرة و همس بدوره :

"لنشكر مكتشف الـ dna على هذا !"

تبسمت أيضا لكن ابتسامة مشرقة مفعمة بالبهجة ، و تطلعت إلى جاستن و هي تقول :

"أتمنى أن يغيره ذلك نحو الأفضل !"

"هذا ما أرجوه أنا أيضا !"











رد مع اقتباس
  #323  
قديم 09-01-2016, 02:09 PM
 



الفصل الخامس و الستون و الأخير





سرت بين المقاعد متلفتة يمينا و يسارا بحثا عن مقعد شاغر حتى وجدت أخيرا واحدا مناسبا . أسرعت و رفعت حقيبتي الصغيرة إلى رف الامتعة ، ثم انسللت إلى مقعدي و تنفست الصعداء.

و ريثما يصعد الركاب شغلت بنفسي بالنظر عبر نافذتي إلى الرصيف المقابل الذي بدأ يخلو سريعا من الناس و يغدو فارغا ، و لم أرفع بصري عنه حتى أحسست بحركة إلى جواري . كانت فتاة في الرابعة عشر من العمر قد جلست في المقعد الملاصق لمقعدي ، مع أني كنت لأفضل الجلوس بمفردي إلا أن رفيقتي في الرحلة لم تكن مزعجة بل لم أشعر بوجودها معي أصلا ، إذ كانت منشغلة طوال الرحلة بتصفح هاتفها و الاستماع إلى الموسيقى.


أغلقت الأبواب ، و بدأ المترو يشق طريقه برشاقة و سرعة فائقة داخل نفق مظلم طويل قبل أن يخرج مرة أخرى للسطح و يتابع مسيره تحت شمس الضحى.

أخذت أراقب المناظر المتلاحقة و التي ما تكاد تظهر حتى تختفي بلمح البصر ، البيوت المتشابهة بأسقفها القرميدية و أسيجتها الخشبية البيضاء ، الأبنية الشاهقة ، المتنزهات الخضراء ، و السماء الزرقاء شبه الصافية المزينة بنتف متفرقة من الغيوم البيضاء الجميلة.

كان من اللطيف مراقبة هذه المشاهد المختلفة الطبيعية منها و البشرية على حد سواء ، لكن المتعة لم تستمر طويلا بسبب التكرار الممل و طول مدة الرحلة.

لذا فتحت حقيبتي الصغيرة و أخرجت دفتر مذكراتي القديم و الذي انقطعت عن الكتابة فيه منذ سنة أو أكثر بقليل لانعدام وجود ما يستحق التدوين في يومياتي . تبسم وجهي في شوق و حنين لعبق الماضي العذب الذي يفوح كلما قلبت صفحة جديدة و استرجعت ذكرى أيامي الممتعة.

كان اختياري للصفحات عشوائيا ، أفتح صفحة ما ، ثم أقرؤها و أحاول تذكر ما حدث قبلها و بعدها . هذا فوضوي نعم ، لكنه أكثر تسلية و شغلا للذهن من القراءة الرتيبة.

انتقيت صفحة في النصف الثاني من الدفتر و فتحتها . كان أول ما كتب فيها :

«نادني وليام !»

اتسعت ابتسامي حتى برزت أنيابي ، و عقدت حاجبي قليلا محاولة تذكر المناسبة التي قال وليام - نعم فقد استجبت لرغبته و توقفت عن مناداته كلارك منذ ذلك اليوم - ذلك فيها.

آه ، أجل .. كان ذلك بعد عودتي من زيارة غير طويلة لقريتي لم تدم ثمانية أيام . في الحقيقة لم أكن أنوي العودة إلى فرنسا بتلك السرعة ، أردت قضاء المزيد من الأوقات الهادئة المسالمة مع عائلتي و أصدقائي ، لكن وليام اتصل بي و رجاني - دون مبرر - إلى مرافقتهم في رحلة علاج لونا في سويسرا . قال أن معنوياتها انخفضت كثيرا بعد رحيلي و أصبحت أقل انفتاحا و مرحا .. أراد أن يستفيض و يسترسل طويلا في شرحه لولا أني وافقت على الفور مبينة له أنه أحمق و أن ما من داع لتوسلاته المبالغ فيها ، فلونا صديقتي و من واجبي الوقوف معها في هذه المحنة حتى تخرج منها سالمة.


استغرقت مدة العلاج تسعة أشهر كانت بالمجمل ثقيلة ، صعبة ، و مؤلمة بشدة على لونا ، بصرف النظر عن استئصال جزء من رئتها كان العلاج الكيميائي كابوسا حقيقيا ، أنهك قواها ، ذهب بشهيتها و زادها نحولا و شحوبا و كأن ما بها من ضعف لا يكف ، لكن الأسوأ من كل ذلك في نظرها كان تساقط شعرها الجميل . لم أكن قد عرفت حتى تلك اللحظة مدى حبها و تعلقها به ، و كان ذلك غباء مني ، فنصف جمال المرأة في شعرها و من غير الممكن ألا تتأثر بفقدانه.


و لم تتوقف تبعات خسران شعرها و نضارة جمالها عندها فقط بل تعدتها إلى الرجل الذي تحبه ، إذ لم تكن لتسمح له برؤيتها و هي في تلك الحال المزرية ، و على الرغم من أنها كانت تغطي رأسها بقبعة أو شعر مستعار عند خروجها إلا أن هذا لم يكن كافيا بالنسبة لها فهو في النهاية مجرد ستر زائف كما اعتادت أن تقول.


بحركة تلقائية رحت أتلمس أطراف شعري القصير . لقد طال بشكل جيد خلال هذا العام ، و لم يتبق غير سنتيمترين حتى يبلغ الطول المحبب عندي . إني على خلاف لونا أفضل الشعر القصير و أجده أكثر راحة و ملائمة لاستدارة وجهي مما سواه.

و أمام عناد لونا و رفضها القاطع لم يجد المسكين غير أن يكتفي بمحادثتها عبر البريد الإلكتروني و المكالمات الهاتفية ، و يرسل لها كل يومين علبة شوكولاتة فاخرة كانت تتقاسمها معي على الدوام . لا تقولوا عني شرهة ! فالحقيقة أني لم أحبذ مشاركتها في هديتها الخاصة أبدا ، لكني وافقت كنوع من التحفيز حين رأيت انعدام شهيتها و ندرة إقبالها على الطعام ، و قد كلفتني دعواتها السخية المتتالية شراء ملابس جديدة بعدما زاد وزني ثلاث كيلوغرامات ، هذا بغض الطرف عن الحمية الجهنمية التي أخضعتني لها أمي حال عودتي للقرية.


اعتاد الكونت - أو لندعه بأول اسم عرفته به آدم - أيضا أن يبعث لها مرتين إسبوعيا صورة لمريض بالسرطان مرفقة بتقرير موجز يحكي كيف تمكن من قهر المرض و مواصلة حياته كأي شخص آخر معافى . كان ذلك أفضل شيء يمكن أن يفعله أحد من أجلها ، لقد أثر فيها عميقا و رفع معنوياتها بطريقة عجزنا جميعا عن مجاراته فيها.

وليام و الأصدقاء كذلك كان يبذلون كل جهودهم لابهاجها ، و صرفها عن التفكير بأوجاعها ، لم نكن نمكث في المنزل إلا قليلا فالجدة لويز و ابنها خفيف الظل سامويل و زوجته الحنونة ريبيكا كانوا يدعوننا لتناول العشاء في منزلهم يوميا ، و كان رانكورت يرسل الرسائل بين حينا و آخر و يتصل ليحدثها عن ديكور فيلتها في باريس الذي يعمل بنفسه على تصميمه ، و لا يكاد يمر أسبوع دون أن يزورنا بيكارت و جان و ليون معا أو كلا على حدا ، و كان وليام يستغل وجود الزائرين و ينظم لنا رحلات إلى أروع المناطق السياحية في سويسرا.


اتسعت ابتسامتي في دفء و الذكريات المشرقة تمر على بالي كشريط من الصور المتلاحقة . كان ذلك رائعا ، بل أكثر من ذلك بكثير ، إنه شيء تعجز الكلمات عن وصفه كما يستحق.


تنهدت و أطبق الدفتر و رحت أنظر عبر النافذة بعينين غائمتين . أفتقد حقا تلك الأيام و أولئك الناس . منذ عودتي لمانشستر إنطفأت شعلة الإثارة من حياتي و بدأت الأوقات تدريجيا تستعيد رتابتها و تكرارها المضجر ، و لم يغير التحاقي بالمباحث الجنائية من هذا الوضع بل على العكس زاده سوءا ، لأني حين اخترت دراسة العلوم الجنائية كنت أتوقع حياة مفعمة بالحماسة و الإثارة و أياما مليئة بالمطاردات و التحقيقات حول مجرمين فائقي الذكاء و المهارة ، لكن كل ما وجدته هي جرائم قذرة مقرفة مكررة لدرجة كادت تقتلني من الاشمئزاز ، و مجرمون مختلون عقليا تفوح رائحة الإجرام من أنفاسهم ، و رؤساء عابسون متجهمون الابتسامة و الفكاهة في نظرهم خيانة عظمى تستحق الشنق.

تقوس فمي في عبوس مرتعب .. يا ويلي ! أين كان عقلي حين اخترت هذه المهنة ؟! ليتني استمتعت لك أمي !

لكني بالطبع لم و لن أخبرها بما آلت إليه حالي ، فإني أفضل مديري الذي يغسل وجهي ببصاقه كلما فتح فمه الكبير ليتحدث على أن تهز أمي رأسها و تقول لائمة : "ألم أخبرك قبلا ؟! هذه هي نهاية من لا يستمع لأبويه !"


غطيت وجهي بكفي و إتكأت بمرفقي على إطار النافذة و أنا أردد بيني و بين نفسي : (لا بأس سيكون كل شيء على ما يرام ! كوني متفائلة فمن يدري ؟! قد تجدين رؤسائك و زملاءك موتى غارقين بدمائهم حين عودتك و تبدئين مغامرة جديدة للبحث عن مجرم مثير ! و قد تصبحين محققة .. المحققة ويندي ماكستر التي يخشاها كل المجرمين بلا استثناء !)

نبض قلبي أملا بعد هذا الخاطر المشرق و كادت البسمة تعود متهللة إلى وجهي ، لكن الواقع المرير عاد يرتسم أمام ناظري مصحوبا بالعبوس و الشؤم و بصاق المدير.


عقدت ذراعي أمام صدري ملتوية الشفتين . أطلقت زفرة طويلة مشبعة بالسخط و القنوط و استرخيت في مقعدي ، و دون أن أدري كيف و متى سقطت في النوم ، و ليتني لم أفعل ! فقد راودني كابوس بقدر ما هو مرعب دموي بقدر ما هو سخيف غبي عديم المنطق ، لم أنجو منه حتى طرق سمعي نداء لحوح ساخر النبرة فأفقت مذعورة ، و صرت أتلفت حولي كالبلهاء :

"المدير ! السيد بصاق هو المجرم ! إنه ليس إنسانا ، بل مصاص دماء مناصر للاتحاد السوفيتي لقد ر.. "

و ما استعدت وعي كاملا حتى رأيت الفتاة بجواري تنهج و يحمر وجهها من الضحك ، لكنها لم تكن الفتاة نفسها التي كانت موجودة قبل نومي . خللت أناملها بين تموجات شعرها الأحمر القصير و أرجعته للوراء برشاقة و جسدها بكامله يترنح مقهقها.

"أنت لم و لن تتغيري .. يا ويندي !"

طرفت مرارا بأغبى صورة ممكنة و حدقت فيها بعينين ملؤهما الذهول : "لونا ؟!"

مسحت بأناملها البيضاء الطويلة الدموع المتعلقة برموشها كقطرات اللآلئ ، تنحنحت محاولة استرجاع جديتها و اعتدلت جالسة.

عدت أسأل و الدهشة تغالبني : "لم أنت هنا ؟!"

كانت قد زارتني مع وليام مرات عديدة في شقتي الصغيرة في المدينة ، لكن لم يسبق لها أن رافقتني في زيارتي للقرية.

انخفضت زاويتا فمها الأحمر في عبوس غير حقيقي و احتل البرود نظراتها و صوتها.

"أليس واضحا ؟! أنا ألبي دعوتك التي لم توجهيها إلي بعد لزيارة قريتك و استضافتي في منزلك بضعة أيام !"

حملت نبرتها قدرا غير خفي من اللوم و التأنيب ، فتملكني الإحراج و قلت مبررة تصرفي :

"آسفة .. ظننت أنك قد لا تحبين العودة لقريتي مرة أخرى بعد .. "

بعد محاولة القتل التي تعرضت لها من قبل أقرب صديقاتها ، لكني فضلت ترك العبارة مبتورة فهي ستفهم قصدي على كل حال.
و كان ظني في محله .. في نصفه على الأقل ، فهي لم تعبس أو تحزن أو يطف على ظاهر وجهها أية علامة تدل على الضيق ، هزت منكبيها و قالت بطريقة طبيعية تماما و هادئة :

"لا ، لقد تجاوزت الأمر منذ زمن ، و لم تعد ذكرى سونيا تؤثر علي بأي شكل !"

كان ذكرها لاسم صديقتها الغادرة بتلك الجرأة و اللامبالاة هو ما جعلني أوقن صحة كلامها ، فتبسمت بسرور و قلت مرحبة على الطريقة الانجليزية الغريبة لأهالي قريتي :

"إذن أهلا بك في سانت ماري !"

كشرتْ ضاحكة فيما أخذت في حبور أتأمل مظهرها و طباعها و ما يمكن أن يصيبهما من تغييرات ، لكني لم أجد أي اختلاف ملحوظ عن آخر خر مرة رأيتها فيها قبل شهرين تقريبا . كان شعرها القصير بتموجاته الأنيقة يلمع تحت ضوء الشمس و يتألق ببريق الذهب ، و لم يكن ذلك بالشيء الغريب فلونه أصبح أفتح بعد العلاج الكيميائي لكنه ظل جميلا ، بل يرى بيكارت و آدم أنه أجمل من السابق.

انحدرت عيناي من وجهها إلى ثوبها الصيفي البسيط ، فلاحظت حينها شيئا فاتني ! تبسمت تلقائيا و قلت متفاجئة :

"آه لقد زاد وزنك لونا !"

و شلت ابتسامتي حين رأيتها تجفل و تدير وجهها المظلل بالرعب نحوي :

"ماذا ؟!"

أخذت تتفحص جسمها بتمعن كأنها لم تره قبل هذه المرة .. حسنا .. لقد قلت شيئا أرعنا ما كان يجدر بي قوله . بالنسبة لبنات جنسي - أو لنقل الطبيعيات منهن - لا شيء أسوأ من أن تشير إلى زيادة وزنهن . في الواقع إنها الطريقة الأسرع و الأسهل و الانجع لجعلهن يكرهنك و يدرجن اسمك تحت قائمة الأعداء الغدارين.


"يا إلهي ! هل أصبحت بدينة ؟!"

تمتمت لونا بقلق حقيقي و هي تمد ذراعها و تتفحصها بنظرة شك غير راضية ، فتنهدت و قلت بنفاذ صبر :

"هل تمزحين ؟! قلت أن وزنك زاد .. ربما كيلو غرامين ، و ليس أنك سمينة . أنت الآن أفضل كثيرا مما كنت عليه قبل عدة أشهر ، كنت نحيلة حتى الهزال !"

نظرت إلي بشك : "هل هذا صحيح ؟!"

"طبعا ، ما كنت لأخفي عليك لو كان العكس و أنت تعرفين هذا !"


فتنفست الصعداء و عادت تسترخي على ظهر مقعدها مقطبة الجبين قليلا.

سألت بعد لحظة دون أن أستطيع منع ابتسامتي الماكرة من التسلل إلى وجهي :

"بالمناسبة كيف حصل ذلك ؟! لا أظن أنه من تدبيرك ، هل هو .. آدم يا ترى ؟!"

مطت شفتيها باستياء طفولي عند ذكر اسمه و هزت رأسها بالإيجاب ، ثم عقدت ذراعيها و قالت شاكية :

"لقد أحضر لي طباخا خاصا و طلب مني أن أتبع النظام الغذائي الذي يحدده و ألتهم كل ما يقدمه لي من طعام .. "

قلت مندهشة : "و هل أطعته بهذه السهولة ؟!"

رمقتني بنظرة تقريع كما لو أني رميتها بإهانة لا تغتفر و قالت :

"لا.. لم أوافق في البداية و بقيت أعترض و أجادل ، لكنه .. هددني .. بشيء.. "

لوت شفتيها بخليط من الامتعاض و الغيظ و الاستياء ، و ضيقت الخناق على صدرها بذراعيها المعقودتين و لم تكمل عبارتها . لم يبد عليها الخجل ، فاستنتجت أن ما هددها به لم يكن يتعلق بتركه لها . ربما كانت تقدم على بعض الأفعال الهجينة في طفولتها ، و كان هو يعلم بها فهدد بفضحها . ممكن و ليس مستبعدا من خبيث مثله.

تورد وجهها بحمرة ظريفة حين أضافت بغيظ أفقده الإحراج قوته :

".. ثم بدأ يسخر مني . قـ.. قال أني لو كنت دجاجة .. " و رمشت بعينيها مرات عدة و وجهها يتلون بحمرة البندورة الطازجة ، كانت غاضبة أيضا ، لكن الخجل كانت له السطوة الأقوى " فحتى الكلاب البرية الجائعة كانت لتعافني بنظرة إشفاق مشمئز .. و ربما كانت لتتصدق بطعامها علي .. بسبب هزالي .. الذي يسد الشهية .."


لم أستطع تمالك نفسي أكثر ، فانفجرت ضاحكة ، ترنحت و سقطت للأمام و اصطدم رأسي بالمقعد الذي أمامي ، لكني واصلت الضحك ، و بدا أني خيبت أمل صديقتي التي توقعت مني المواساة و التربيت على كتفها بتعاطف ، حدجتني بنظرة نارية و قالت :

"هذا .. ليس مضحكا !"

حاولت التوقف كيلا أزيد انفعالها ، لكن رد فعلها المضحك لم يساعدني أبدا ، فكان كل ما استطعته أن أخفض صوت قهقهاتي و أعود لمكاني.

أشاحت بوجهها تقول باستياء :

"أنت لا تختلفين عن وليام الغبي !"

أفلتت مني ضحكة دون قصد و أنا أقول : "و هل ضحك أيضا ؟!"

"نعم و لثلاث أيام متواصلة كلما وقعت عيناه علي يبدأ بالضحك !"

فغطيت فمي كيلا تفر ضحكة أخرى ، ثم قلت محولة دفة الحديث عنها :

"بالمناسبة .. أين وليام ؟!" جلت بناظري بين المقاعد منقبة عن وجهه الباسم "في العادة هو يرافقك !"

"آه إنه مشغول .. هذه الأيام !"

عدت أنظر إليها مستغربة . كانت نبرتها غامضة غير مقنعة و تخفي الكثير ،
لكني لم أستفسر أكثر ، فقد أحسست أنها قد لا تصدق معي أو لا تجيب بقدر ما أريد . كانت لها أسباب أجهلها تدفعها للتصرف بهذه الطريقة الغريبة.

قالت بسرعة بذات الأسلوب الذي لجأتُ إليه قبل لحظات لتغيير الموضوع :

"إذن كيف يسير عملك ؟!"

تجهمت و حلت تعابير التقزز على وجهي : "أفضل عدم الحديث عنه !"

ضحكت ، فسألتها بدوري : "و أنت ؟!"

فزمت شفتيها و هزت رأسها : "إنه جيد !"

"فتحت مكتب محاماة خاصا بك إذن ؟!"

"لا ، ما زلت صغيرة و قليلة الخبرة على فتح واحد خاص بي . أنا أعمل في مكتب متواضع يديره محام حسن الصيت رغم أنه ليس مشهورا !"

"و لماذا لم تختاري مكتبا أفضل و أكثر شهرة ؟! أنت الأولى على دفعتك حسبما أذكر و كانت كل المكاتب لتوافق على التحاقك بها !"

فردت صديقتي و عيناها تلمعان بدهاء :

"أعلم ، لكن العمل معها سيكون مملا ، إضافة إلى أن أحدا لن يلاحظ وجودك أو يهتم لإنجازاتك إن كنت محاطة بالناجحين المشهورين الذي يسرقون الأضواء و يجذبون الانتباه بعيدا عنك !"

هززت رأسي عندها : "أها .. فهمت ، أظنك على حق !"

فقالت مبتسمة بغرور : "أنا دائما على حق !"


في تلك اللحظة صدح صوت أنثوي رقيق يخبر بقرب وصولنا إلى محطة القرية ،
فتأهبت أنا و لونا و باقي الركاب ، و بعد دقيقة أخذنا ننزل حقائبنا و نجرها وراءنا أثناء اجتيازنا الممر الضيق المزدحم . كان الوقت ظهيرة عند خروجنا من المترو . الشمس تتوسط كبد السماء بقرصها الدائري المتوهج الطافح بالحرارة و ترسل أشعتها الذهبية المشرقة في كل اتجاه.


كنا مسرورتين بسيرنا في هذا الجو الجميل رغم حرارته . مشينا عبر الطرقات المتعرجة المحفوفة بالأعشاب النضرة و الأزهار المتفتحة زاهية الألوان ، و في الأثناء أخذت أعرف لونا على معالم القرية ، و أسرد لها تقريرا مفصلا عن كل بيت أو شخص نمر به ، حتى الطيور التي ترفرف فوقنا و القطط الشاردة التي تتسكع في الازقة لم تنجو مني.

كنا قد تجاوزنا أكثر من نصف المسافة إلى منزلي عندما ارتفع فجأة هتاف شخص ما :

"هي انتظري ! ويندي !"

استدرت و كذلك لونا إلى الوراء . كان جوني ينهج و هو يسرع محاولا اللحاق بنا و حقيبته الصغيرة ذات العجلات تكاد تنقلب و تفلت من يده جراء حركاته العجلة.

شقت وجهي ابتسامة عريضة و حين اقترب من مكاننا لوحت له مرحبة :

"مرحبا دكتور جوني !"

اعترض عابسا : "لم أصبح طبيبا بعد .. على الأقل بشكل مستقل !"


و أخذ يبطئ خطاه و يسير على مهل حتى توقف أمامنا . نظر إلي ، ثم تحول بصره سريعا إلى لونا ، فأخذت مهمة التعريف :

"إنها صديقتي الفرنسية التي حدثتكم عنها .. لونا آيون . لونا هذا جوني كلايتون ، صديقي منذ الطفولة !"

في الواقع لم تكن لونا في حاجة إلى تعريفي ، فهي تعرف جوني اسما و شكلا ، أما جوني فلم يعرف عنها سوى ما أخبرته أنا به ، و هو لحد هذه اللحظة لا يعلم أن هذه الفتاة اللطيفة رائعة الجمال هي نفسها ذاك المجهول المرعب الذي خرج من تحت الأرض قبل سنوات و بث في نفسه فزعا لم يسبق أن جربه.

كانت نظرة الإعجاب واضحة قوية في عيني جوني حين بسط يده قائلا :

"سررت بلقائك !"

ردت له لونا الابتسامة و صافحته و هي تقول بلهجة إنجليزية متقنة :

"و أنا كذلك سيد كلايتون !"

ضحكت في سري . بدا مبهورا بابتسامتها ، لكن شيئا ما وخزه على حين غرة و بدد عنه السحر . كان خاتم لونا . خاتم الخطوبة الرائع باهض الثمن الذي يحيط بنصرها مزينا بقطعة براقة مدببة من الماس.

تجهمت ملامح جوني دون شعور منه و أخذ يفرك يده التي صافحت لونا . ضحكتُ خفية .. لا أظن أن اختيار خاطب لونا لهذه الماسة المدببة كان مجرد صدفة ، يا له من خبيث !


******


فوجئت والدتي برؤية لونا ، و لم تكن المفاجأة من النوع السار ، لأني لم أعلمها مسبقا بقدومها كما كان يفترض أن أفعل . رمقتني بنظرة تأنيب غير أن مزاجها تغير حالما انتهيت من تعريفها بصديقتي ، و غشاها الذهول و عدم التصديق .

كانت قد أقامت في فرنسا عدة سنوات قبل زواجها و ذلك أثناء دراستها الجامعية ، لذلك فهي تعرف عن أسرة آيون و تعرف أيضا أنهم ماتوا جميعا في الانفجار و هذه المعلومة هي ما سبب لها الانشداه.

لكنها بدت أقل استنكارا و أقرب للاقتناع حين أخذت لونا بصبر و لطف تشرح لها كيف نجت و لم ظلت مخفية عن كاميرات الصحفيين و أعين الناس الفضولية ، و مع مرور الوقت أصبحت الفكرة تدخل رأس أمي و تتموضع داخل عقلها في ثقة ، فرحبت مجددا بلونا لكن بحرارة أكبر و صدق أعمق.


أقامت لونا معي في غرفتي خلافا لرغبة أمي حيث أرادت أن تقضي فترة إقامتها في غرفة الضيوف المريحة ، لكن لا أحد يمكن أن يجاري صديقتي في عنادها.. حتى أمي.

لم يظهر على والدي الكثير من التفاجؤ لوجود لونا ، بدا مستغربا فقط و قد حياها بإيماءة مهذبة حين عرفته عليها ، و لم يستفسر عن عائلتها كما فعلت أمي . تصرف بلباقة لكنه لم يكن مهتما كثيرا.

خشيت أن تتضايق صديقتي من استقبال عائلتي غير المشجع و تحسب أنها غير مرحب بها ، لكنها ضحكت ملء فمها حين أفصحت عن مخاوفي أمامها و قالت متعجبة :

"بربك ويندي ! أسرتك طبيعية تماما و قد أحببتها حقا !"

"هل أنت جادة ؟!"

قالت و هي تنسل داخل كيس النوم بجوار سريري :

"طبعا !"

أراحني كثيرا كلامها لكني لم أرتح لمكان نومها . لم يعجبني أن تنام صديقتي التي تكاد تبلغ منزلة الملوك بالثراء و نبالة الأصل على أرض غرفتي بينما أستلقي أنا على السرير المريح ، لكن هذا غير مجد فكلما عرضت عليها أن تأخذ مكاني ترفض على الفور قائلة بحماسة لا أفهمها :

"أحب أن أجرب النوم على الأرض .. كنوع من التغيير !"



⭐******⭐


فيما كانت ويندي تستغرق في النوم .. أخذت لونا تسترجع مبتسمة ما حصل قبل ثلاث أيام من مجيئها إلى مانشستر.


كانت جالسة مع أخيها و خاطبها يشربون الشاي في الحديقة البديعة تحت مائدة أنيقة مظللة . بدا وليام عابسا عكر المزاج على غير عادته و لم يلمس شيئا من الكعك بل اكتفى برشفة صغيرة من كوبه.

لم تفت ملاحظة تصرفاته الغريبة على الاثنين الآخرين ، لكنهما تظاهرا بعدم الانتباه . تركت لونا كوبها فوق الصحن و سألت بجدية :

"إذن.. كيف كانت فيكتوريك ؟!"

تجعد جبين وليام و قال مشمئزا :

"لم تعجبني !"

"و لم لا ؟! إنها لطيفة و جميلة حقا !"

لوى المعني شفتيه و دارت عيناه في محجريهما التماسا لفكرة قد لا تكون موجودة . أخفى كوب آلويس ابتسامته الساخرة عن ناظري وليام ، و بدت لونا صارمة و في أتم الجدية.

توقفت عيناه أخيرا عن الدوران و قال :

"إنها مملة و متصنعة !"

فزفرت شقيقته و تشكلت عقدة بين حاجبيها و هي تسأل ببرود :

"حقا ؟! ماذا عن أماندا إذن ؟!"

أجاب وليام بسرعة غير منطقية و بذات التعبير المنزعج :

"متكبرة !"

"و نورما ؟!"

"بدينة منتفخة !"

ففتحت لونا عينيها على مداهما و قالت مستنكرة :

"بدينة ؟! هل تمزح ؟! إنها أنحف مني !"

بدا وليام مضطربا و تلعثم سائلا :

"آه .. نعم أكيد .. لابد أني خلطت بينها و بين واحدة أخرى !"

كان منشغلا بالتفكير و لم يلحظ ضحكة آلويس الصامتة.

أضافت لونا بحنق ترن فيه نغمة اتهام :

"لا توجد من بينهن و لا واحدة سمينة !"

ارتبك وليام أول الأمر ، لكنه فجأة رفع نظره إليها بحزم و قال رادا الهجوم بواحد أقوى :

"أنا من يحكم هنا و ليس أنت يا أنطوانيت !"

تنهدت و عادت تقول بلهجة متململة :

"حسنا .. ستيفاني ؟!"

"ثقيلة الظل !"

"سوزي ؟!"

"لا يروقني لون شعرها.. " و أضاف سريعا حين استشعر ضعف مسوغه و إمكانية دحضه بسهولة "و لا لون عينيها و لا بشرتها و لا طولها !"

طغت الدهشة المصحوبة بالتهكم على شقيقته و هي تواصل أسئلتها :

"و ماذا عن كارين ؟! هل تأكل من منخيرها يا ترى ؟!"

زم وليام شفتيه ، ثم على حين غرة نهض بطريقة عنيفة و هتف ساخطا :

"أنا لا أريد أي واحدة منهن هل تفهمين يا أنطوانيت ؟! و أرجو أن تكفي عن اقتراح الفتيات علي ! لست طفلا و أنت لست أمي ، لذا توقفي عن التدخل في شؤوني ، سأختار بنفسي و بالطريقة التي تعجبني !"

بدت لونا أكثر هدوء و إقبالا على التفاوض السلمي حين وجدته ثائرا ، قالت بتؤدة :

"أنا لا أحاول إرغامك على شيء لا تريده يا ويل ، أنا أفقط أنتقي لك خيرة الفتيات من الطبقة الراقية لتختار أنت من بينهن من تشاء !"

"حقا ؟! و من قال لك أني مهتم بالطبقة الراقية هذه ؟!"

تنهدت لونا و قالت بصبر يكاد ينفذ :

"نحن من هذه الطبقة يا أخي شئت ذلك أم أبيت !"

"أعرف ، لكن هذا لا يعني أن نحصر الاختيارات عليها ، صحيح أن المنتسبين إليها أثرياء شريفو النسب ، لكنهم ليسوا ملائكة و لا معصومين من الخطأ ، إنهم يقترفون الآثام كغيرهم من الناس ، فلا أدري لم هذا التمييز !"

سكتت لونا و تبادلت النظرات مع خطيبها الذي لزم الهدوء و الحياد و لم يشارك في الجدال بكلمة.
أطلق وليام تنهيدة طويلة و ألقى بنفسه فوق كرسيه مرة أخرى . وضع مرفقيه على المائدة و صوب شقيقته بنظرة حادة خائبة الأمل :

"لقد اقترحت علي عشر فتيات غريبات عنك ، لكنك لم تأت مطلقا على ذكر صديقتك التي تحبينها و تولينها كل ثقتك فلماذا ؟! ألأنها من أسرة متواضعة لا تنتمي إلى الطبقة الراقية السخيفة ؟!"

فأدارت وجهها نحوه و ردت بلهجة صارمة :

"أنت لا تفهم يا ويل . أنا أحاول أن أكون موضوعية محايدة و أختار لك بعيدا عن عواطفي أنسب فتاة لتكون زوجتك و سيدة العائلة . أنا أحب ويندي جدا و أعدها أفضل صديقة لي ، لكنها .. " تنهدت بهم "غير ملائمة يا ويل ، إنها لا تصلح لهذه المهمة !"

طفحت المرارة و الغضب من نظرات عينيه المثبتة على ملامحها المغتمة :

"و ما يدريك أنت ؟!"

"إنها صديقتي المقربة ، ثم لماذا تطرح هذه الأسئلة ؟! هل أنت مهتم بها فعلا ؟!"

أطرق رأسه و التقى حاجباه بصورة لا تبعث على الطمأنينة . أشاح بوجهه و تمتم بصوت أجش :

"إنني أتساءل فقط.. " عاد فجأة يلتفت لكن ليس تجاه شقيقته بل نحو ابن عمته الصامت و سأل : "ما رأيك أنت ؟!"

نظر آلويس إليه ، ثم إلى تعابير لونا المتحفزة و قال بهدوء :

"رأيي من رأيها !"

ارتخت عضلات وجه الفتاة في ارتياح على نقيض وليام الذي تجهم و علت وجهه نظرة محتدة :

"هكذا إذن .. تقف معها ضدي !"

رمقه المعني بنظرة باردة من طرف عينه

"أنا أقف مع الصواب ضد الخطأ . الأصل النبيل مهم و لا يجب أن تغفله أثناء اختيارك !"

و لم يتريث وليام في هجومه و قال في سخرية لاذعة :

"حقا ؟! إذن فأسرة مورفان نبيلة الأصل ؟!"

نظر آلويس نحوه دون أن يظهر عليه الغضب ، لجأ للسكون و لم يعلق ، فقالت لونا متنهدة :

"الأمر مختلف معنا يا وليام . أنا لن أحمل اسم الأسرة بعد زواجي كما تعرف !"

"كفي عن اختلاق الأعذار ! أنا لن أهتم بما تقولين بعد الآن لا أنت و لا هو !"

ثم استدار و اندفع مغادرا يثير الرياح حوله ، و ظل يتمتم بعبارات سخط غير مفهومة حتى اختفى داخل المنزل.

التفت لونا ببطء نحو آلويس ، و بادلها هو النظرات ، ثم فجأة و في اللحظة نفسها راحا يضحكان.


قالت لونا ممتنة : "شكرا على المساعدة !"

هز كتفيه مبتسما : "على الرحب .. " ثم ضيق عينيه و حدق إليها بنظرة ذكية "إذن .. أين وصلت في خطتك ؟!"

قهقهت و قالت غير مندهشة : "هل كشفتني ؟! متى ؟!"

"منذ البداية !"

فعبست متصنعة الخيبة "هل كنت مكشوفة لهذا الحد ؟!"

"لا ، لكني أعرفك أكثر من أي شخص آخر حتى أخيك ، لذا لم يصعب علي كشف تمثيلك !"

"آه لقد أرحتني .. خشيت أن يرتاب فيّ !"

"لا أظنه شك في الأمر فالحنق يسيطر عليه ، على كلٍ أخبريني .. ما الذي تفكرين فيه بالضبط ؟!"

بزغت على جانب فمها ابتسامة ماكرة : "أفكر في الخطوة التالية من خطتي !"

قال آلويس بابتسامة مشابهة : "الخطوة التالية من خطتك الدكتاتورية المستبدة لجمع وليام مع ويندي ؟!"

كتمت لونا ضحكتها و قالت مدافعة : "ليست دكتاتورية و لا مستبدة ، لكن كيف عرفت ؟!"

"لأنك كنت تتصرفين بطريقة منافية لطبيعتك . أنت لست متمسكة لهذه الدرجة بالعادات و التقاليد القديمة ، بل إنك في غالب الأوقات متمردة يستهويك حب العصيان . هذا إضافة إلى أن طريقة تعاملك مع وليام كانت لها نتائج عكسية تماما لدرجة أني أيقنت من كونك تعمدت اللجوء إليها . علم النفس العكسي كما يقولون . تستخدمين النهي لتحثي على الفعل . أسلوب خبيث ، لكنه ناجح جدا ، فالإنسان بطبيعته متمرد تسحره الممنوعات !"

فتبسمت مزهوة : "تحليل ذكي . أنت محق ، أنا لا تهمني العادات و التقاليد خاصة إن كانت تعترض سعادتي !"

أرجع ظهره للوراء و قال بنبرة نصف موبخة و نصف مستمتعة :

"ألا ترين نفسك متسلطة بأفعالك هذه ؟!"

"لا لست كذلك ، أنا فقط أمهد لهما الطريق ، لأني أعرف تمام المعرفة أنهما يناسبان بعضهما و يتبادلان الإعجاب !"

"هذا ليس كافيا ، هناك عوامل أخرى يجب أخذها في الحسبان !"

"أعرف و أنا أدرس الأمر جيدا !"

تنهد في يأس و نظر إليها عابسا : "حسنا.. لكن عليك أن تعرفي حدودك و متى تنسحبين . لا تتدخلي في كل شيء و اتركي لهما حرية التفكير و الاختيار !"

مطت شفتيها شاعرة بالاهانة و لزمت السكوت و الانزعاج باد على ملامحها.


التقط آلويس كوبه و ارتشف منه قليلا ، ثم تطلع إلى مخطوبته فجأة بنظرة شك :

"هل محبتك لها .. هي ما دفعك لاختيارها دون باقي الفتيات ؟!"

"هذا جزء من السبب و ليس كله ، فلو لم أجدها ملائمة أو شككت في إمكانية إسعادها أخي ما كنت لأقدم على اختيارها و لا تدخلت في الأمر أصلا !"

تنهدت بعمق .. وضعت خديها بين راحتيها و سرحت نظراتها في البعيد . اعترى آلويس الفضول حين لمح طيف ابتسامة رقيقة يتسلل إلى شفتيها ، و لم تتركه يتحير كثيرا عن السبب إذ قالت :

"حين كنت في سويسرا أتلقى العلاج .. كانت هي إلى جانبي في كل لحظة ، في كل آهة و مع كل وخزة ألم . لم تتركني أشعر بالوحدة أو الاكتئاب يوما ، و لم توفر أي جهد في سبيل بث البهجة و السرور في نفسي ، و عندما .. رحت أبكي في أسى على فقدان شعري .. دخلت هي علي و قد حلقت شعرها تماما ! كانت تضحك بلا أدنى اكتراث لما حل بمظهرها .. فقط لتخفف عني !"


اتسعت عينا آلويس في دهشة و سرعان ما أخذ يضحك :

"صديقتك مجنونة بلا شك !"

لم يبد على لونا أنها سمعته ، غلبت عليها الحماسة و الاندفاع و هي تقول :

"لن يجد أخي فتاة مثلها و لا بنصف نقائها و طيبتها و وفائها . ستكون عائلتنا هي الأسعد إن وافقت أن تكون جزءا منها ، و أنا لن أدخر أي جهد في إقناعها ، لكن بطرق غير مباشرة لا تثير الريبة !"

"لكن.. "

"ليس هناك لكن ! يتزوجان أو أشنقهما !"

ضحك ملء فمه و قال متهكما :

"و بعد كل ذلك تقولين أنك لست مستبدة يا آكلة الورق ؟! اسمعيني أنا لست معارضا لفكرتك ، لكني أطلب منك التريث و التدقيق قبل إصدار أي قرار !"

لوت شفتيها و رمقته بنظرة استياء.

"أعرف ، لست متعجلة و لا متهورة كما تظن ، بل إني أفضل الروية و الهدوء و الدراسة المتعمقة ، و سأذهب بعد يومين لزيارة ويندي في قريتها !"

"تريدين التعرف على عائلتها و البيئة التي ترعرعت فيها ؟!"

"أجل ، سأذهب وحدي لذا لا تخبر وليام ! لن يكون من الحكمة أن يرافقني ، فهذا قد يؤثر على ردود أفعالهم و يشوش علي !"

هز منكبيه في قلة اهتمام و قال : "حسنا .. لكن ما أدراك أنه لن يتوقع ذهابك إليها ؟!"

"لن يفعل ، فهو يعتقد أني ما أزال غير قادرة على دخول قرية سانت ماري بعد حادثة سونيا ، كما أن لدي وسائل أخرى لتضليله !"

ابتسمت و تألقت عيناها ببريق دهاء شيطاني ، لكنها ارتبكت فجأة حين أحست بأنامله تتخلل شعرها ، توترت و احمر خداها . كانت تحسبه يداعبها ، فنظرت نحوه خجلة ، ثم عبست حين وجدته يضحك و يقول :

"أبحث عن القرون !"


⭐******⭐


نزلت في الصباح التالي لمساعدة أمي في إعداد الفطور فلحقت بي لونا ، و أصرت بأسلوبها العنيد غير القابل للتفاوض على مشاركتنا . كانت ما تزال محافظة على براعتها في أعمال المطبخ ، تتحرك بمرونة و رشاقة و تعرف جيدا ما يتوجب فعله .. على عكس البعض.
و بعونها أتممنا العمل في نصف الوقت الذي نستغرقه عادة فرمقتها أمي بنظرة امتنان و تقدير.

رحت أسألها في همس حين أخذنا بتجهيز الأطباق و الفناجين :

"بالمناسبة.. ما أخبار العقارب ؟!"

"آه ، لقد تفرقوا . سافر معظهم إلى بلدان شتى و بقي الآخرون المقربون من آلويس في فرنسا !"

"إذن ما زالوا أصدقاء ؟!"

"نعم ، لم تتغير علاقتهم كثيرا ، لكن حياتهم أصبحت مملة نوعا !"

عبست في غم و أنا أتذكر العمل المضجر الذي ينتظرني في المدينة :

"نفس الشيء عندي !"

"هل تشعرين بالملل في عملك ؟!"

"لأقصى درجة !"

ارتسمت على وجه لونا ابتسامة شريرة واعدة.

"لا تقلقي إذن ، ثمة الكثير من المصائب تختمر داخل رأسي و لن يطول الوقت حتى تجهز و نستمتع بحياة الإثارة مجددا !"

أشرق وجهي بابتسامة أمل واسعة.

"حقا ؟! هذا رائع !" ثم أضفت مستدركة و أنا أصب القهوة في الفناجين : "و هل من جديد عن رون ؟!"

كان آخر ما وصلني عنه من معلومات هو أنه رفض بشكل قاطع تسلم ثروة أبيه . كان يعتبر من الإهانة لكبريائه أن يأخذ أموالا لم يجنها بجهده و عرق جبينه ، أما ما أخذ منها من مال لإكمال دراسته الجامعية ، فكان يعتبره ديناً و أقسم على تسديده حالما يجد وظيفة مناسبة.

إن تفكيره غريب جدا ، لكني ارتحت للغاية حين لم يأتنا أي خبر عن عودته لحياة الإجرام.

هزت كتفيها و قالت دون أن تتوقف يداها السريعتان عن تقطيع الخبز :

"لا.. ما زال يدرس !"

قلت و الفضول يعتريني : "ما الذي يدرسه بالتحديد ؟!"

"الفيزياء النووية !"

فأفلتت مني صيحة رعب تبعتها ضحكة طويلة :

"يا إلهي ! هل يخطط لصنع قنبلة نووية ؟!"

قالت لونا نصف مبتسمة :

"ربما.. كي يفجر قريتك و ينتقم منك شر انتقام !"

و شرعنا نضحك و نقهقه و أمي ترمقنا بنظرة استغراب كلما مرت بنا .. لو عرفت عن أي شيء نضحك لما ترددت في إرسالنا لمصحة عقلية.


بعد الفطور جاءت فلورا و الحماس ظاهر على وجهها . كانت قد تعرفت إلى لونا في زيارتها ما قبل الأخيرة للمدنية ، فلم تندهش كثيرا لرؤيتها و رحبت بها بحرارة ، و بعد ذلك دعتنا لحفل الشواء الذي سيقام في مزرعتها هذه الليلة ثم غادرت على عجل.

لم أستطع منع نفسي من الشعور بالعجب ، فأسرة فلورا غير معتادة على إقامات حفلات الشواء . هذا يبدو غريبا ، لكن لا يهم ما دام هناك طعام لذيذ و صحبة مسلية.


كان الجو مناسبا فعلا لحفلة في الهواء الطلق . السماء صافية و القمر مكتمل و محاط بملايين النجوم الساطعة ، و النسمات عليلة عذبة.
مع ذلك حملت معي كشافا تحسبا لكل شيء ، و سرت مع لونا في الطريق إلى المزرعة ، و بعد فترة من المشي بين الأشجار المظلمة لمحنا الأضواء المنبعثة من منزل فلورا و بعد لحظة علت الضوضاء من المكان نفسه.


كان الفناء أمام المنزل مكتظا بالناس بصخبهم و ضحكاتهم ، و فاحت رائحة اللحم و الفحم و البهارات في الهواء.

و حالما اقتربنا من الجموع فغرت فاي و توسعت عينا لونا في انشداه . كان وليام واقفا بجوار الشواية يلوح لنا و على وجهه ابتسامة خلابة.

تلقائيا رحت أتصفح وجوه الحاضرين . فزادت دهشتي و فرحتي . ضحك بيكارت من تعابير وجوهنا و هو يجلس فوق أحد الكراسي القابلة للطي و قال بلهجة ساخرة :

"مرحبا ! كنا سنلتهم الطعام من دونكما !"

تقدم جان و قال مخاطبا بيكارت :

"لا تقل هذا ! ستصاب الزرافة الشرهة بالجلطة !"

جعدت أنفي و عبست قائلة :

"لم أكن لأصاب بالجلطة .. على أية حال أين طعامي ؟! أنا جائعة !"

أخذوا يضحكون مجددا ، و ناداني وليام مشيرا إلى الطاولة خلفه :

"إنه هنا لا تقلقي ! مستقبلك في أمان !"


مططت شفتي و بينما أهم بالتوجه إلى حيث أشار انتبهت لنظرة لونا المصوبة نحوه . كانت نارية مشتعلة ! من الواضح أنها لم تحبذ مجيء أخيها إلى القرية ، لكن لماذا ؟! إنه لطيف و مرح جدا و لا يسبب أي مشاكل . حاولت أن أفكر ، لكني لم أستطع التوصل لسبب مقنع.


كانت ما تزال واقفة في مكانها عاقدة ذراعيها بصورة تشي بالسخط عندما قلت مترددة :

"لونا.. هل من خطب ؟!"

بدا أنها فوجئت بسماع صوتي ، ارتبكت لحظة ، ثم أشاحت بوجهها و قالت بلهجة غير مقنعة :

"لا شيء.. "

"إذن .. هلا ذهبنا ؟!"

فاستدارت تجاهي و تنهدت :

"حسنا.. "

و تقدمتني إلى الطاولة متجهمة . لم أفهم كيف اعتل مزاجها بهذه السرعة.

و لما مررنا بشقيقها رمته بنظرة حارقة رد عليها بتكشيرة متحدية مغالية في الثقة.

لم تأخذ غير قطعة صغيرة من اللحم ، و لن أذكر كم كانت حصتي أنا درءا للحسد.

سحبتُ كرسيا و جلست إلى الطاولة في حين ظلت لونا واقفة . عرضت أن أحضر لها مقعدا ، لكنها رفضت بهزة مقتضبة من رأسها . كانت لتظل طوال الحفلة متكدرة لولا أن المنقذ أتى قائلا :

"ما الأمر آنسة نكدة ؟!"

أجفلت لونا ، ثم تطلعت إلى خاطبها المبتسم بنظرة غاضبة ، و همست من بين أسنانها عبارات لم أسمعها ، فأمسك ذراعها و سحبها بعيدا عن الطاولة.

"كيف حالك ؟!"

أزحت بصري عن صديقتي و وجهته نحو أخيها و قلت :

"في أحسن حال !"

و حشرت قطعة من اللحم داخل فمي . كان لذيذا حقا و بدا ذلك من تعابير وجهي المسرورة‘

عاد وليام يسأل : "هل أعجبك ؟!"

"نعم إنه رائع !"

فتبسم مبتهجا : "صحة و عافية !"

ابتلعت اللقمة في عجلة و سألت مندهشة : "هل أنت من أعده ؟!"

"نعم !"

"واو لم أكن أعرف أنك طباخ ماهر . شكرا على الطعام !"

رد بابتسامة خجول : "آه .. على الرحب و السعة .. يسرني أنه أعجبك !"


عدت آكل باستمتاع و ناولني أحد الشبان علبة كولا ، فأخذت أشرب و في الوقت نفسه أسترق النظر إلى لونا . أردت أن أعرف إن كان مزاجها قد تحسن أم لا ، لكن يبدو أن خاطبها لم ينجح كثيرا في تهدئتها ، بل ربما زاد الطين بلة بسبب تصرفاته المستفزة . كانت تجادله و الغيظ يستشيط داخلها في حين كان هو يرد ضاحكا مستمتعا.


توقف جدالهما للحظة حين تقدم منهما الشاب موزع المشروبات الباردة . لم تأخذ لونا شيئا ، لكن آدم اختار مشروب برتقال غازيا ، و حالما ابتعد الشاب عادت لونا تعبر عن استيائها ، لكن كلامها قوطع حين فتح مرافقها علبته و انفجر المشروب في وجهه !


تراجعت فزعة و سرعان ما انفجرت ضاحكة على منظره و قد نسيت كل شيء عن انزعاجها . وقف بوجه جامد غسل المشروب الغازي نصفه ، و مسح بكمه القطرات المنزلقة على وجنته و عنقه.

ضحكت أنا ملء فمي و شاركني الحضور ، لكن أيا منا لم يضحك بقدر الشاب مزوع المشروبات ، و الذي لم يكن في الواقع غير رون !







تمــت بحمد الله




يــاه ما زلت لا أصدق أنها انتهت !
الحمد لله الذي يسر لي و وفقني و مد في عمري حتى أنهيتها
أشكركم من أعماق قلبي أصدقائي الغوالي على متابعتكم و صبركم و ردودكم الرائعة
و بالنسبة للقراء الصامتين فهذا هو الفصل الأخير ، لن يكون هناك واحد آخر لذا تفاعلوا هذه المرة فقط و شاركوني آرائكم ، سأكون سعيدة حقا بها (:6


لنبدأ بالاسئلة :

- ما هو رأيكم الكامل بالرواية ؟!

- من هي شخصيتكم المفضلة ؟! اختاروا واحدة فقط :3

- ما هو الحدث الأجمل بالنسبة لكم ؟!

- مقولة نالت إعجابكم ؟!

- أي انتقادات أو ملاحظات ؟!


شكرا لكم مجددا و مجددا سررت و استمتعت بهذه التجربة و تشرفت كثيرا بالتعرف عليكم (:5


أترككم في رعاية الله






رد مع اقتباس
  #324  
قديم 09-01-2016, 07:06 PM
 
🌹مرحـــــــــــــــــبــــــــــــــــا mygrace

اخييييييييرا وصلنا للحظة التي انتظرتها
كثيرا , البارت ما قبل الاخير"بزوغ الضياء"
راااااائع مليئ بالمزاح اللامتناهي من ويندي
المجنونة 😂 كم تحب هي و آلويس استفزاز
رون ، لم افهم لما مزاجه دائماً عكِر هههههه
مازالت لا اصدق بانه ذكي فقد كشفته الغبية
ويندي في غرفة لونا (يجب ان يتحلى بالروح
الرياضية هههه) لقد فاجئتني حقاً ويندي
عندما تحدثت عن الزواج كنت مندهشة و
غاضبة اكثر من رون ، حقاً لقد صدقتها
في اول الأمر بأن رون أراد الزواج منها
ههههه حقاً تلك الطفلة غير مبالية 😩

أما عن البارت الاخير فقد كانت نقلة زمنية
و نوعية حقاً ، لقد أحزنني كثيرا سقوط
شعر لونا و تغير لونه لكن بالتأكيد مع ويندي
لن تحزني أبدا فكيف اصدق بان هنالك فتاة لا تهتم
بشعرها و تذهب لحلقه مجنونة حقاً تلك الفتاة مثلما قال
آلويس هههه و بالحديث عن لونا و آلويس حقاً
هما ماكران و بالأحرى شيطانان بمحاولة جمع
ويليام و ويندي لو كنت مكان ويليام لرميتهما من
الطابق العشرين ليعرفوا مع من يتعاملان هههه
، رون يدرس في الفيزياء النووية حقاً يناسبه
و بالنسبة للحفلة فهي مفاجئة رائعة بالتأكيد
بوجود الأصدقاء ( أعجبني جداااا عندما اصبح
آلويس و رون أصدقاء ) 😊☺

و بالنسبة للأسئلة :
- مارأيكم الكامل للرواية ؟؟
_ بالنسبة لي فهي من أوائل الروايات التي
أعجبتني في المنتدى و حتى في الواتباد
( بما أنها منشورة هناك) لقد أعجبتي من
كل النواحي فالعنوان ملفت و غامض و
نوعها هو النوع المفضل لدي غموض و
بوليسية و حتى كوميدية مثلما قلتِ في
البداية انه مزيج غريب لكنه أعجبني
و أقول لكِ الصراحة انا عندما قررت
قراءة الروايات العادية او روايات الانمي
كنت اقرأ و لا ارد فهذا لم يعجبني كثيرا
و لم ارد التسجيل في أي منتدى كان.
لكن عندما قرات رواياتك و تعمقت فيها
لم اجد نفسي حتى سجلت فيه و ذهبت
للرد عليها فربما لاحظتي أني لم ارد في
بداية الرواية .
- ماهي شخصيتكم المفضلة ؟! اختاروا واحدة
فقد ؟؟!
_ أولا انا محتارة بين اثنين و هما ويندي
بالتأكيد و آلويس او الكونت فالأولى لديها
شخصية تشبهني بعض الشئ في المرح
و الجنون و الشخصية الإيجابية دائماً فانا
أعطيها من ناحية الشخصية المفضلة 60%
أما آلويس هذا الشخص لم يعجبني كثيرا في
البداية لكن عندما اتضحت نواياه و عرفت
ماضيه الأليم أعجبني كثيرا دهاءه و مرحه
و استفزازه ههه لذا أعطيه 40%
- ماهو الحدث الأجمل لكم ؟؟!؟
_ الحدث الأجمل هو غير محدد فهل أقول لك
خروج الشئ لغريب من الأرض او معرفة
من هو او انكشاف ذكريات كل واحد منهم
او موت مورفان ...... لذا لا استطيع المعرفة
فالرواية بالنسبة لي كلها أحداث جميلة ☺
- مقولة نالت إعجابكم ؟!؟،
_ لقد أصبح الموت رحمة ..!
في هذا العالم القاسي.. الموتى هم الأكثر
حظا و راحة !
و الناس الصالحون.. لأنهم صالحون
لا يستحقون المعاناة فيه !
لهذا.. هم يموتون !
_ إن الحياة لا تفتأ تعلمني دروسها القاسية
كل يوم ، و درس هذه المرة هو ..لا تتوقع
الكثير من البشر ، لأنك بقدر ما تكثر
من التفاؤل بقدر ما تزيد خيباتك
_ مهما كان الناس حولك كثر سيأتي
يوم تجد فيه نفسك وحيدا بلا سند يعينك ،
و إن لم تكن قويا بما يكفي.. سيقضى عليك !
نحن نعيش في عالم الغاب
كما تعرف حيث القوي يأكل الضعيف
( هذه اجمل المقولات في الرواية )😉
- انتقادات او ملاحظات ؟؟!
_ بالنسبة للانتقادات فكما قلت مسبقا انا
لا الحظها البتة فالجانب الإيجابي يطغى
على الجانب السلبي فمع الحماس
المفاجئات لا ألقي لها بالا ، مممم ملاحظات
لايوجد ما عندي لاقوله

و في النهاية لا يسعني غير القول شكرا لأنك أعطيتنا فرصة كي نرى هذا الإبداع ( بدون مجاملة) و تحملتي ردودنا التي ربما كانت مبالغ في او لاسعة لذا شكرا لك
و ارجوا ان أرى المزيد و المزيد في المدى القريب
تحياتي
** اميرة ماساكي**

💐💐💐💐💐💐💐💐
Mygrace likes this.
رد مع اقتباس
  #325  
قديم 09-02-2016, 03:24 PM
 
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة HAQ! مشاهدة المشاركة
ههههههههههههه
ههههه

الكونت وجاستين ثنائي رهيب

قتلوني ضحك ههه


ههههههههه توم و جيري الرواية :33:


السلام عليكم :heee:

كيفك؟


و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
يا مية أهلا و سهلا
تمام الحمد لله (:6 كيفك انت ؟!

بعرِف إنّي مُتابعة سيئة وما بنتبه لكتير تفاصيل بخصوص الشّخصيات >.<2
تحمليني.. بس أنا هرجع أقرأ الرّواية كلها مرّة تانية
واحتمال تالتة.. لأنّه هيك طبعي الفيلم أو الأنيمي اللي بيعجبني بحضره خمسين مرّة
وما بمل منّه
وروايتك بالنّسبة لي شي نادر
فأقل واجب الواحد ممكن يعمله إنّه يقرأها بتركيز
لأنّه فيه كتير تفاصيل أنا شخصيّاً ممكن بتجاهلها
وانتِ بتكوني تعبانة عليها
وأنا ما بتجاهلها عن قصد إنّما لأني مُتابعة سيئة متل ما حكيت x.x1
وممكن السبب لأنّي بقرأ بوقت وبرد بوقت تاني
فبكون نسيت شغلات x.x1


من الطبيعي أن تنسي عزيزتي و لا علاقة لذلك بكونك متابعة جيدة أم سيئة ، حتى أنا الكاتبة تصادفني أوقات أسهو فيها عن بعض التفاصيل ! جل من لا ينسى (:5

نرجع لموضوعنا


الجزء الستين:


قرأته بسيارة الأجرة، وكانت هاي أكبر غلطة بعملها
ما عرفت شلون بدي خبّي حالي وأنا ميتة ضحك
ولأنّي كتمت ضحكتي حسيت قلبي بوجّعني بالنّهاية..


هههههههههههه سلامة قلبك ! جد الموقف صعب XD

مشهدهم كان رهييييب بكل شي فيه

طريقة وصفك لتحرّكاتهم
ودقّة الوصف بشخصياتهم
مجرّد الفكرة بشخصيتهم كانت حلوة
والعلاقة بينهم حلوة برضك وممتعة.. على الأقل هاد لحد هلأ.. ما منعرف شو رح يصير بعدين!
لسّاتني مو قادرة أوثق بهالجاستين
رغم إنّه أبدى براءة وصدق رهيبين لكن..
ما بعرف يمكن من فرط خوفي ع الكونت :heee:


يسعدني جدا جدا أن المشهد نال إعجابك عزيزتي شكرا على الإطراء المبهج حب6
هههههههههههه الصراحة ما ألومك جاستن ما له أمان :7


أحلى نقطة حسيت حالي رح طق ضحك عليها هي التالية:



ههههههههههههههههههه
هههههههههههه

يا ويلي كل ما أقرأها بموت ضحك
آلويس بجنن .. وعصبيّة جاستين حلوة

ايييييه مزعوني ضحك


ضحكة دايمة يا رب (:6



ههههه.. مش هيك :lamao:





بمرّة من المرّات احتجت أكتب نفس التعبير اللي تحته خط.. بس للأسف ما عرفت أعبّر عنه

أحسنتِ عزيزتي


تسلمي يا الغلا (:5

وبالنّسبة للعنوان "أزرق ضد أصفر" خايفة أقول ما فهمت تقولي عنّي غبيّة
رغم إنّي أثبتت غبائي بالرّدود السابقة الحمد لله :heee:


لا ما كنت لأقول ذلك أبدا أبدا !
تفسير العنوان بسيط جدا و لهذا أعتقد أنك لم تفهميه فربما توقعت شيئا أكثر عمقا و تعقيدا ، المهم الأصفر يشير إلى آلويس (حيث أن لون عينيه أصفر) و الأزرق إلى جاستن (فلون عينيه أزرق) أي المراد بالعنوان آلويس ضد جاستن .. بس :33:

لكنّي عرفت إنّه كان تسجيل لمّا قال :


فيمكن لا زال فيي أمل :heee:


هذا يدل على ذكائك عزيزتي ! كل القراء (و لا أبالغ هنا) لم يتوقعوا أن يكون الأمر بهذه البساطة و حصروا توقعاتهم في أن يكون الصوت صادرا من شخص حي (أيا يكن هذا الشخص)


الجزء الواحد والسّتون:




ههههه..
ههههههههههه

ذكرني بميماتيه بوادي الذّئاب :lamao:


ههههههههههههههههه هناك تشابه حقا XD



هههه
الحمد لله
أحدهم بشاركني صفة الغباء :heee:


ههههههههههههههه هم ليسوا أغبياء و كذلك أنت لكن الجميع حتى العباقرة يمرون بلحظات غباء :3

....




استمتعت كالعادة يا الغالية


ذلك من دواعي سرووووووري غاليتي

وفيه شغلة حابّة أعترف فيها

وهي إنّك كاتبة نادرة..

صحيح.. نادرة

لأنّه نادراً ما بتلاقي كاتب يجمع ما بين:

- جمال الفكرة
- جمال الشّخصيات
- جمال الوصف
- مُناسَبة الرّواية لجميع الأذواق (هذا باعتقادي، لأنّها شاملة كل التصنيفات؛ أكشن، مغامرة، رومانسي، كوميديا وتراجيديا)
- جمال السّرد
- توافُر التّشويق
- انعدام الأخطاء
- متابعة ردود المُتابعين
- الإحاطة بكل تفاصيل الرّواية ومواقع الأحداث
- التّفرُّد في الاسلوب (ما بين الانتقال بين الماضي والحاضر وتجميع الأجزاء لتصل إلى نقطة واحدة
هي المطلوبة.. دون نقص.. دون تناقض.. دون عجز.. كل شي كاامل ومتكاامل)


قلتها ورح أحكيها كمان مرّة

أنتِ:
- نادرة
- ذكيّة
- عندك كاريزما

وأنا:
معجبة فيكِ وبكتابتك
وبحبّك جدّاً
وأتمنّى من كل قلبي إنّك ما تتركينا
لأني احتمال أعيّط
نادر ما ألاقي حد يأثّر عليّ هالتأثير بروايته حتّى أكبر الكتّاب

ما بعرف إزا غيري بشوفو إنّي مجنونة بحبّي لروايتك
وممكن يحسّو إنّي ببالغ
لكن هذا ذوقي
وأنا سعيدة
وهذا يكفي لإرضائي


سعيدة معكِ

أعظم أمنياتي لكِ بالتّوفيق
بكل حياتك


تستحقين الأفضل يا جميلتي


كل الحبّ



يااااااه يا الهي ! لا أعرف ما أقول ! لقد ألجمت لساني تماما ! أنا حقا عاجزة عن مجاراتك في العبارات الجميلة و إعطائك القدر الكافي من الشكر و الامتنان
أسعدتني و شرحت صدري بطريقة تفوق الوصف شكرا لك .. شكرا لك جدا جدا جدا أقولها من كل قلبي




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة HAQ! مشاهدة المشاركة
[cc=إحبااط -_-]
يا للعار ح8

نزلتي الفصول الجديدة وأنا لسّا بزيّن بردّي

إييخ لا زلت بثبت إنّي مُتابعة فاشلة

هقرأ البارتين الجداد وأرد ع طول إزا قدرت x.x1
[/cc]


لا لا تقولي ذلك مطلقا عزيزتي أنت واحدة من أروع و ألطف و أوفى المتابعات التي حظيت بهن على الإطلاق (:6


همممم

ما أجملهم البارتين هدول!


الحسّ الفُكاهي عندك راائع


شكرا لك غاليتي يشرفني حقا هذا الثناء خاصة عندما يبدر من فتاة مرحة خفيفة الظل مثلك (:5






ههههههههههههههههه
هههههههههههه
هههههه

يا ويلي.. شو هااد!!
مش طبيعي
وربّي انمزعت ضحك..

ولك هاي شلون بهونلها تحكي هيك
هو بنفع أصلاً ملاك متله ينضرب!!
ههههه
بس ردها خااارق ههههههههه

أحلى نهفة بتصير بكل الرّواية


هههههههههههههه ملاك ؟!! من ؟!! آلويس ؟!! أظننا سنختلف في هذه النقطة .. سنختلف كثيرا XD

سعيدة كثييييييرا لأنها أعجبتك لهذا الحد عزيزتي (:6 إن شاء الله أيامك كلها ضحك و ابتسامة

وهو الصّراحة كل الجزئين كانوا حلوين
حبيت إنّه ما في عودة للوراء (من الذّاكرة) كتير
لأنّه بعتقد كل شي صار واضح وما عاد نرجع لورا! أعتقد!


عيونك الحلوين
نعم ، لم يعد هناك ما يستلزم التوضيح .. الرواية خلصت :33:

امممم

ضايل جزئين كمان..

أتمنّى تنتهي هالرّواية ع خير وما تطلع مطبّات جديدة

بس فصلين!! هيكون فيه كتير أحداث فيهم

إن شاء الله تكون كلها سعيدة لأنّه نفسيتي تعبت معهم من كتر ما زعلت عليهم
ومن كتر ما إنّي خايفة بالنّهاية حد يصير له شي x.x1


هههههههههههههه إن شاء الله تكون حلوة و كما تتمنين :3

الرّد قصير.. لكن هذا لا ينفي إنّي استمتعت


و لا ينفي أيضا أنه كان رائعا جدا و باعثا على البهجة

ولأنّه كل شي عجبني ما رح أحط اقتباسات لأنّي هضطر أقتبس كل شي :heee:


هذه الجملة وحدها تغني عن ألف اقتباس (:6

الجزئين خرااافيات


وكنت ناسية أحط ضمن اعترافي بالرّد السابق إنّي أقول:

إنّك كاتبة خلوقة

أسلوبك هادي وراقي...
.....


طيب طيب بكفّي هيك


متشوِّقة للقاادم

ودّي







أشكرك حقا جميلتي هاك على الردين المبهرين سلمت يداك (:5
و على الإطراء اللطيف في الأخير.. تسلميييييييي أخجلتني كثيرا .. و عندما أخجل أصير دبة و لا أعرف كيف أتكلم XD لذا إن كنتم ستمدحون فعلى الرواية أو شخصياتها لا علي أنا .. لأني فعلا لا أجيد الرد :heee:


كل الود و المحبة و التقدير لك





رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 04:15 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011