عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة > روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة

روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة يمكنك قراءة جميع الروايات الكاملة والمميزة هنا

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #91  
قديم 12-28-2015, 05:53 PM
oud
 
حـولّ تـلك الطـاولةّ اجتمـع الكـل نـايت مرتديـاّ قميصـا أزرق اللون داكنّ و سـروالاّ جينز مع حـذاءّ بـوت إن صح الـقول أسود اللـونّ على الجـانب الأيمـن
بجـانبه كانتّ ماري فـستانها الـورديّ الـقصيرّ تشرب عصير البرتقـالّ بـبطءّ أمـامّها من الـجهة اليسرى كـايلّ مرتـدياّ ملابسّ رياضيةّ يأكل قـطعةّ الخبرّ
بـنوع من الضجر و هو يـراقبّ ماريّ مبتسما بكسل أمـا أليكساندر فكان بجـانبه زمّ شفتيه غير راضي على مقعدهّ لكنه لم يقل شيئاّ بل اكتفى فقط بتناول
طعـامه و هوّ يرمق سوزي التي تكلفتّ بالـتقسيـمّ بكل استياء بينمـاّ بقى الكرسيّ السيد بيتـرّ فارغـاّ ، تـحدث كايل فجـأة بـتململّ
ـ سـوزي أريد تـناول معـكرونة على الطريقة الإيطالية أيضـاّ بعض الجبن السويسري فوقها فهلا طلبت منهمّ تـحضيرها ليّ ؟
رمقـته سوزي بـحدةّ ثمّ أشارت على صحنـه بـعصبيةّ لكي يعبسّ لقد بدى واضحا أنها تأمره بأكل ما قد حضر له دون تـذمرّ ففـعل ذلكّ حقيقة هوّ لا يريد
أن يأكل على الإطلاقّ لكنه يجبرّ نفسه على ذلكّ بينما تنهدتّ سوزي بـقلة حيلةّ إذ أنها ليست المرةّ الأولى التي يطلب فيها تغير طعـامه و حالما يجلبون له
ما طلبه لا يـأكل شيئـاّ ، رفع نايت عينيـه الداكنتين نـحوه يـراقبه قبل أن يتنهد ببرود ألن ينساها ؟ لقد حان الوقت لذلك فـتحدث بنبرةّ بـاردةّ
ـ كل طعامك و كفاك تـذمراّ ..
حالما قال نايت أمره تـوتر كايلّ أسقطّ الملعقة من بين يدهّ فـنظر ناحيتهّ بإرتباك ثمّ أومـأ إيجابـا و هو يأكل ما بصحنه دونّ أن يقول شيئاّ بينما رمقـته ماريّ
بـتحذيرّ و هي تـضربّ ذراع نايتّ بـخفةّ فاستدارّ ناحيتهاّ أشارت له أن يتوقف عن الكلامّ لكيّ يقطب حاجبيه باستنكار ،
ازدادت تـقطيبة نايت لكيّ يتنهد بـقلةّ حيلةّ لقد فهم ما ترميّ إليه إنها لا تـريد منه أن يقسوا على كايلّ لكن و هل يعتبر ما قاله تـهديدا ؟ لقد أمره فقط أن
يتوقف عن إهدار الطعـامّ دفـعّ بـيد ماريّ بعيدا عنّ جبينه لكي يمسكّ بـكأسّه احتسى القليلّ قبل أن ينـظر بطرفّ عينه إليها كانتّ تشرب عصيرهاّ ببطّء قد
اعتـبرّ هذا كـأسها الـثالثّ عـاد ينظر نحو كايلّ الذيّ يبتسم بـغـرابةّ حينهّا تـحدث أليكساندر فجأة قائلاّ بنبرةّ مستاءة
ـ ما هذا ؟ إن ذوقه غـريب ..
ازدادت ابتسـامةّ كايل اتساعـاّ ثم استـدارّ ليغمز بكلّ شقاوة لإحدى الخادماتّ التي شاركتـهّ الضحكّ لما فتحّ بـاب القـاعةّ ببطءّ و هدوءّ رفع نايت عينيه
الحادتينّ يرمق فيها فرانسواّ القادم ببرودّ قبل أن يبتسمّ متهكمـاّ قد كانت بـرفقته كلير التي انحنت بسرعة لما رأتهّ ألقى التحية عليهم جميـعاّ بعد ذلكّ
وقف بجانب سوزي يسألها حول ما حدث سابقاّ في حين وقفت كليرّ بالخلفّ حينما رأتهما ماري وقفت بّسرعة و هي تبتسمّ بسـعةّ صدر كادت أن تناديها
لما شعرتّ بالدوار فعادت تجلسّ مكانها حينها تحدث أليكساندر بـإستياء
ـ نايت أنـظر إلى هـذا الـ ..
وضع كايل يده على فمه مانعا إياه من إكمال حديثه لكي يقطب أليكساندر حاجبيه فهز كايل رأسه نفياّ بتحذير شديد ازداد استياءّ الأخيرّ و كاد أن يتحدث
لولا أن ماريّ سبقته قائلة بإبتسامة
ـ كليـر ، فـرانسواّ تفـضلاّ هيـا ..
ابتسمتّ كليرّ بـلطفّ و هي تـخبرها بأنها تناولت عشائهاّ رفقة فرانسواّ تـرفضّ دعوتها بخفـةّ بالغةّ بينماّ اعتذر فرانسوا بلباقةّ حينها وضعت ماري ملعقتها
جانبـاّ نظرتّ بطرف عينها إلى كايل المبتسمّ بـخبثّ لقد كانت تصرفاته غريبة طوال الليلةّ أهي مخيلتها أم أن هناك شيء يدور بباله ؟ بينما رمق أليكساندر
كايل بـغيضّ منزعجا من أفعاله و هو يتنهد بقلة حيلةّ مكملا أكله ..
بـعدّ فترة غـادر نايت القـاعةّ متجها إلى مكتبـهّ قد تـبعه فرانسواّ بتقريره فيّ حين اتجه كل من أليكساندر و كليرّ إلى غـرفته من أجل جلب لعـبةّ لقضاء
وقتهماّ بينما بقيتّ ماري بالأسفلّ جالسةّ عل الأريكةّ مغـمضة عينيهاّ بنعـاسّ بجانبها كان كايلّ حالما اختفى الكل عن أنظارهما استدارّت ماري ناحيته قدّ
فتـحتّ سوزي البـابّ ببطءّ و بـخفةّ قدّ جلبت شـايّ ساخن لتـخفيفّ إرهاق ماريّ لكنها توقفت فجأّة قد انتـقلّ إلى مسامعها صوتّ ماريّ الـهادئّ قد برز
اهتمامها فيهاّ
ـ إذن ما الأمر ؟
عمّ الصمتّ لوهلة من الزمنّ فتنهدت ماري بحيـرة تـعلم تماما ما الذي يدور في ذهنـهّ إنه الشخصّ الوحيد الذيّ يفكر به دومـاّ و من غير إليـزابيث ؟ فـعادتّ
تنظر للأمامّ بقليلّ من الإرهاقّ بينما تنهد كايلّ بدوره و هوّ يسند رأسه للخلفّ على ظهر الأريكـةّ بتعب مبتسما لكي يتحدث بعد ذلك بنبرةّ هادئة
ـ تلك المـرأة لعبت بي كالدمـيةّ جعلتني أقـعّ في حبهـا كما لم يسبق لأحد أن فعل لكي تخوننيّ في النهـايةّ مـعه هو بالرغـم من أنني كنت أعلم بخيانتها إلا
أننيّ تجاهلت ما رأت عينايّ و فضلت بقـائها بجانبي على مواجهـة الواقـعّ حتى و هي تأخذ أموالي فضلت تـركها تفعـلّ وثقت بها كمـا لو كأنها خالية من
الأخطـاءّ ، أنـا وغد سـافل أدرك ذلكّ لكن ..
نـظرت نـحوه بلطف ثمّ رفعت ذراعها لكي تـحرك خصلات شعره البني بـرقةّ تحاول أن تجعله يستمر بالحديثّ حينها أخفضّ رأسه لكي يمسكه بين يديه
بدأت دموعه تشـقّ طريقها عبرّ وجنتيه بصمتّ ارتجـافّ جسـده بـأكمله و دموعهّ صـوته المتحشرج مكملاّ كلامه
ـ ليست عـلاقة دامت سنـةّ لاّ .. لقد أعطيتها حياتي بأكملـها ماري ، وثقـتّ بها و أحببتهـاّ كما لم أحبب إمرأة سابقـاّ فـأخبرني أين أخطـأت ؟ ماذا فعلت
لكي أستحق هذه المعاملة ؟
التـزمت الصمت لـوهلة قبل أن تـراه يتجـه بخطواتّ بطيئةّ إلى تـلكّ المـائدة الزجـاجيةّ ثم أمسكّ بـكأس نبيذّ حينهـا وقفتّ ماري بـسرعةّ كي تـبعده عنه
لكنه تجـاهلهاّ و هو يحتسيه قطبتّ ماري حاجبيها ثمّ تـحدثت بنبرةّ هـادئةّ
ـ كايل أعطني إيـاه الشرب لن يحل لكّ مشـاكلك ..
لما أمسك بـكأس مرةّ أخرى دفـعتّ ماري المشـروب من بين يديه بقوةّ لكي يسقطّ على الأرضّ متناثرا زجـاجه فيّ كل الأنحـاءّ قد علت عينيها نـظرةّ
تصميمّ واضحـةّ هـادئةّ حينها تـنهد كايلّ بـقلة حيلةّ بالرغم من أنها محـقةّ إلا أنه لا يستطيّع تجـاوز ما فـعلته إليزابيثّ به لقد خلفت ورائها صـدمةّ خيانةّ
ستتركّ في قـلبه جرحا لن يندمل على الإطلاقّ حينما قـررتّ سوزي الـدّخول قد فعلتّ كانت عابسةّ الملامحّ مستاءةّ حينها أدركّ كايل أنها كانت تستمع لما
يحدث طوال هذه الفترةّ ، قدّ تحدثتّ بنبرةّ حادةّ
ـ ما الذي تـقصده بما الذي أخطـأت فيه ؟ تـركها تتـلاعب طوال هذه المدة بكّ هو أكبرّ خطـأ لكّ سيديّ إنها لا تستحقّ جزءا من اهتمـامكّ أجل أعـلم أنك
تحبهـاّ نحن كلنا نعـلمّ لكن ألم يحن الوقت بعد لنسيانها ؟
نـظرّ إليه كايلّ بـهدوء الكـلّ يعلم بحبـه لها لكن تـماما مثلمـاّ قالت سوزي لقد حان الوقت لنسيانـهاّ إمرأة مثلها لا تستحـقّ أن يرهق نفسه من أجلهاّ لما
استـدارتّ ماري نحوهّ كانتّ هادئةّ شـاحبة الملامحّ لكنهاّ جـادةّ و حـادةّ قدّ اقـتربت منه قـائلةّ بنبرةّ هـادئةّ بـادرةّ
ـ بالمـختصر المفـيد دعنـاّ نلقن تـلك السافلة درسا لن تنـساه ..
فتح كايل عينيه على وسعهما بدهشـةّ قبل أن يضحك بنبرةّ مبحوحـةّ و هوّ يوافقها الـرأيّ لكي تقترب منه سوزي و هي تضـّربه بخـفة على ظهره تعلن
عن مساندتها لـهّ لم يكن أبدا وحده أبـداّ لأنهم جميـعاّ كانوا معـه منذ البداية لكنه لم يدرك ذلك حتىّ الآن بينمـا نـظرتّ إليهما ماريّ بهدوءّ إنها معـهّ سوزي
لطالما كانتّ تـراقبـه تهتمّ لأمرهّ دون أن يضطر نايت لإخبـارها فابتسمت بـابتسامةّ باهتـةّ لكنهاّ مرحـةّ نوعا ماّ ، إنهـاّ سعـيدةّ لكـونّ كايلّ قدّ وجد شخصـاّ
مثل سوزي يقفّ بجـانبه

/

رنـتّ الجرسّ مراراّ و تـكراراّ دون تـوقفّ على تـواليّ مستمـرةّ قد عـمرتها السـعادةّ العـارمةّ كان ذلكّ ظاهراّ من خلال مـلامحـهاّ ابتسـامتهاّ الـمـرحةّ
المليّئة بالفرحّ قدّ كانت عينيها مشرقتينّ تـلمعانّ سعادةّ تـلكّ النظرةّ لم تكنّ سوى نـظرةّ إمرأة قدّ وقعتّ فيّ الحـبّ بينماّ و بجـانبهاّ يقفّ ويليامّ الذيّ أخذّ
يحاول أن يبعدّها بلطفّ عنّ الـجرسّ لكن دونّ جدوىّ فهاهي تعـودّ لقـرعهّ مجدداّ بعنفّ أكبرّ لكيّ يـقطبّ حاجبيه بتـوترّ قدّ أخذّ الجـيرانّ ينظرون إليهماّ
بـنوع من الاستغـرابّ و الذهول أيضاّ الانزعـاجّ قدّ همسّ ويليامّ لها بنبرةّ مـحرجةّ
ـ فـلوراّ تـوقفيّ إنهمـاّ ليسا هنا
نـظرتّ إليه فـلوراّ بـإستنكار من المستحيلّ أن لا تكون السيدة ّفرانسيسّ هنا في شقتهاّ بهذه الساعةّ فليسّ لديها أيّ مكان آخر تـذهبّ إليه غـير مبناهاّ
لذاّ استمـرتّ القرعّ غيرّ مباليةّ لما كان يتفوه بهّ حينها لماّ فـتحّ الباّب على وسعه بإنـزعاجّ تـامّ قدّ ظهر من خلفّه السيدةّ فرانسيسّ مرتديةّ ملابسّ نومهـاّ
من فستانّ أبيضّ طويلّ و تضعّ قبعة علىّ شعرهاّ معّ غـطاءّ يحميّ عينيهاّ كما أنها تمـسكّ بـمقلاةّ مستعدةّ لضربّ أي كان القـادمّ حينماّ قفزتّ إليها فـلورا ّ
قـائلةّ بسعادةّ بالغةّ
ـ سيدةّ فرانسيسّ إننـاّ ثنائيّ الآنّ .. لقدّ حصلت علىّ حبيبّ عكسّ ما قلته تـماماّ
قدّ أطلقت ضحكة متفـاخرةّ للغـايةّ لكي تقطبّ السيدةّ فرانسيسّ حاجبيهاّ مستغـربةّ محاولةّ أن تركزّ قليلاّ إذ أنها حتىّ الآن لمّ تستوعبّ ما يحدثّ نـظرتّ
نحوّ فلوراّ المتفاخرةّ بـدهشةّ ثمّ وجهت نظرتهاّ نحو ويليامّ الذيّ يبتسمّ بلطفّ و هو يـلقيّ التحيةّ عليهاّ بكلّ لباقةّ
ـ عـمت مساء سيدة فـرانسيسّ ..
قـالّ ذلك و هو يسحبّ فـلوراّ بـقوة من خصرها مبعدا إياهاّ لكنها رفضت التـحرك جانبا بينما بقيت السيدة فرانسيس تنظر إليهما بدهـشةّ هل أخيرا
اعترفا لبعضهما ؟ ضربتّ وجنيتها بصدمةّ بالغةّ مهما نظرت إليهما فهما لا يبدوان أبدا كثـنائيّ أين التغـيرّ ؟ تحدثت بـأسى و هي تهز رأسها نفياّ
ـ يـا إلهي .. ما الذي رأيته في هذه المفتـرسة ؟
ضحك ويليام بإحـراجّ شديدّ لكن ابتسـمّ بكل لطفّ و هو ينظر ناحية فلوراّ التي بـادرته بإبتسامة محـرجةّ نوعا مـا فيّ حين فتـحتّ السيدة فرانسيسّ بـابها
على وسعه لكيّ تدعوهما لداخلّ قد غـادرت توقظّ زوجهـاّ بول لإسماعـه هذّه الأخبـارّ بينما اتجـهتّ فلورا إلى المطبـخّ من أجل تـحضير الـشايّ لهم جميعاّ
فيّ حين اكتفى ويليام بتنهيدةّ خفيفةّ قبلّ أن يدخلّ هو الآخر قـائلاّ بهمسـةّ
ـ هـو جنونـّها أكثـرّ ما أحببته فيـها ..


آنتهـى ~
__________________
  #92  
قديم 12-28-2015, 05:54 PM
oud
 
الجزء الواحد و الخمـسين

~ أكـاذيب أم حـقيقةّ ؟ ~

لنـدن المـعروفة بمـدينة الضباب غـشتها الثـلوج هذه الأمسيةّ معطيةّ إيـاها غـطاءا أبيـض جدا بتـلك الغـرفة حيث كـانت ستائر الشـرفة تروح
و تجيء مع نسمـاتّ الريـاح الخافتة قدّ تساقطت حباتّ رقيقةّ من الثلجّ بداخلها حيث وسطّ هذه الغـرفةّ يوجد مكتـب من ذلك الخشبّ المترفّ جلس
خلفـه ذلكّ الرجل ذو خصـلات شعرّ سوداء حريـرية تساقطتّ على جبينه عـينين حادتين ناعستين تـحللان بيانات الأوراق التي أمامه مـرتّ فترة
طـويلة و هو على حـاله هذّه لما نـزع نظارتيه الطبيتين لكي يفركّ عينه بنوع من التعـب ثم تنـهد بكسل يعود لوضعهما مجددا ..
من تـلك المكتـبة الصغيرة سقط كتـاب ما مما استرعى انتباهه فـنظر نحوه بـهدوء و هو يسند رأسه على خـده ثم وقفّ و بخطـوات بـطيئة كسـولة
أتجه إليه رفـعه لكي يقلب بين صفحـاته بقليل من الاهتمام لقدّ كان الكتـاب لروايـة عنوانها الـجريمة و العـقابّ قد كانت للكاتب المشهور تنهـدّ ببرودّ
و هو يجلس مستنـدا على المكتبة خلفّه يمسك الكتـاب بيد و يعدلّ نظاراته بيده الأخرى بينما أسند ذراعه على ركبتـهّ ..
تتـحدث الـرواية عن نـظرة رجـل اعتـبر من حثـالة للمجتـمع الذي حوله قد كان يحـاول أن يصبح بطلا بـطريقته الخـاصةّ و بتفـكيره الغـريبّ لكي
يصير في النهـاية مجرد مـجرمّ فـار من العـدالةّ لأنه أراد فقط أن ينفذ تـلك العـدالة بنفسه ، ابتسـم نايت بـهدوء لطالما نال إعجـابه شخصيـةّ الـبطل
قد كان غـريباّ هادئا و يفـعل ما يريد دون أن يـأبه للغيرّ ذكي بطريـقة مخيفةّ ..
قـلبّ صفـحةّ الأولى ثـم الثـانيةّ بعد ذلكّ وجد نفـسه فيّ المائة يقـرأ الفـصل السادس المسمى بالمصير بإهتـمام شديد حيثّ قـرر راسكولينكوف حينهـا
الاعتراف بجريمته لم يـرغبّ فيّ ذلك بالبدايةّ لم يحبذّ أن يراه المجتمعّ كمـجرمّ ففي نـظره كان بـطلّ لكن ضميره لم يتـركه و شـأنه فأتجه إلى وسط
الشـارعّ لكي يجلس على ركبتيه راكـعاّ و هو يبكـيّ ألما لأنه أنهى حـياة شخصين لم يكن من حقـهّ قتلهما فـحتى لو أن من قتله كان يستـحق الموتّ
و بـأشنع طريقة إلا أنها تـبقى إمرأة تستحق الـعيشّ أيضا ..
نـظرّ إلى تـلك الكلمـاتّ تـلك الأسطرّ كيفّ اعـترف بـجريمته نـادما ثمّ تنهد بـهدوء و هو يـرفع رأسه نـظر بعينينّ باردتين باهتتين إلىّ الـسقفّ لولهة
من الزمن بدى له أن ما حدث كان مجرد حلماّ لاّ بل كابوساّ قد انتهـى لكنّ تـوابعه لا زالت تـطارده حتىّ الآن ، أجل لا شكّ من ذلك إن ما حـدثّ تـلك
الليلةّ و نـظرته المفـعمةّ بالحقدّ و الكـرهّ هو يوجـه المسدسّ نحـو نيـكولاسّ نبـرةّ صوته الحادةّ و المجـنونةّ ، همسّ نايت لنفـسهّ متحدثاّ بنبرةّ هادئةّ
ـ ديـميتري
وضع الكتـابّ على وجـهه مانعـاّ الضوء من التسربّ إليه قبلّ أن يعـود ليفكر مجددا لو أن بيده .. لوّ أن الأحداث تـعودّ للـوراءّ هل كان سيمنـعه ؟ ربـما
لاّ فحتى الآن بعد مرور كل هذه السنينّ هو لا يزال يكـره نيـكولاسّ و حتىّ لو عـاد الوقت إلى الوراءّ و رأى تـلك الجريمة مـجددا تـحدثّ أمام عينيه لماّ
أوقفها ، ما فـعله والده بـه و بـوالدته بـهمّ جميـعاّ يستحقّ المـوتّ لأجله أفـعاله و خطـآياه التيّ حتىّ فيّ آخر لحظاته رفـضّ الاعتـرافّ بها ، همسّ نايت
لنفسه بـنبرةّ شـاردةّ
ـ أيّ إنسـان هذا ؟
صـورةّ سكـارليت المنتـحرةّ تـمرّ أمام عينيهّ ، كـذلكّ أحـداثّ موت نيـكولاسّ أمـامهّ كمـآ لو كـأنه يعيشّ تلك الأحـداث مجدداّ ثـم مـوتّ السيدّ بيتر جـدّه
أول شخص رعـاه و أحبـه لما كان عـليه بعد والدتـه أخفضّ رأسه للأسفـلّ لكي يمسك الكتـاب بيدهّ ، خيـانة إليـزابيث لـه مع أقـرب صديق له و خيـانة
ديميتري له مجـددا و مـجددا أهو مخـطئ إن قـرر عدم الثـقة بشخص بعد الآن ؟ عـدم حب أيّ شخص بعد الآن ؟ تـنهد بقلة حيـلةّ و نـظر إلى الشـرفةّ
لما رنّ هـاتفه دون أن يضطر لـكي يرى من المتصل فقد كان يعلم مسبـقا بهويته ، لكيّ يضغط على زر الرفـعّ ابـتسم بهدوءّ قد انتقلت إلى مسامعه
صوتّه ..
ـ يـا لها من استجـابة سريـعةّ نـاي ، لم أكن واثقـا أنه سترفع السـماعةّ لكنّك تستمر بمفاجأتي إذن أخبرنـيّ .. ما الذي تـفعله ؟
وقف نـايت بهدوءّ ثـم أغـلق الإنـارةّ لكي يسود الظلام فيّ الغـرفةّ ثمّ اتـجه بخـطواتّ كسولةّ إلى الـشرفةّ جلس على الكـرسيّ الموجود هنـاكّ قد كان خشبياّ
يهز مجيئاّ و إيـابا كان لسيد بيتر ، بينما و في الـجهةّ الأخرى للهاتفّ كان يـجلس ديميتري هـناك فيّ أحد المقـاعد المنتـشرةّ بكثرّة فيّ الـحديقةّ يضع
وشـاحاّ حول رقبته مـرتدياّ معـطفه الأسودّ و أمـامه رجلّ ثـلجّ كان قد صنعه تـواّ ، أجـابه نايت بنبرةّ مبـحوحةّ بـاردةّ
ـ إن صـحّ القـولّ فـأنا أقـرأ روايــةّ قـديمةّ ..
ابتسـمّ ديميتري فـوراّ و هو يعـتدل فيّ جلسته لكيّ يـربع قدميه بـنوعّ من الـراحةّ فيّ حين أخذ نايت ينـظرّ إلى غـطاءّ ذلك الكـتابّ الذيّ رسم عليه شـخصيةّ
البـطلّ قد التـزم الاثنين الصمتّ حينما قطـعهّ نايت بـهدوءّ
ـ أزرتّ قـبره ؟
لم يتـحدث ديميتري لوهلة من الـزمنّ فـأدرك نايت فـورا الإجـابةّ إذ ديميتري لم يكـن فيّ لنـدنّ بل بروسيـا مقـرّ عـائلة ماكاروف و أين يقبـعّ قبـر
نيـكولاسّ مـاكاروف الـرجل الأسطورةّ الذيّ خلف خلفه سـراباّ من الـفساد فـتنهد نايت بـهدوءّ لكيّ يجيبـه ديميتري بـضحكةّ
ـ يقـال أن القـاتل يعود دوما إلى مسـرح الجريمة ..
مـا قـاله بالرغم من أنه بدى كمـزحةّ خفـيفةّ إلاّ أنها كانتّ مليّئة بالمرارةّ التـعبّ و الإرهاقّ كـماّ لو كأنه يحمـلّ جبـالاّ بين كتفـيه قدّ جعل ذلك نايت يقطـبّ
حاجبيه لوهلة من الزمنّ سرعانّ ما عادت ابتسامته الـباردة تكسوّا شفـتيه فيّ حين تحدث ديميتري مجددا بـمرح
ـ عـجيبّ أمرك دومـا تـعلم ما أفـعلّ و ما أفـكر بـه ..
تمتـمّ نايت بشيءّ ما بـدى فيه كمـا لو كأنه يشتـمه و فعلاّ فعل بـلكنتـه الـروسيةّ الـباردةّ لكيّ يبتسم ديميتري فـوراّ كم مضى على سمـاعه نايت يتـحدث
بلغـتهم الأمّ ؟ منذّ وفـاة نيكولاسّ أجلّ ، فـضحكّ بخفةّ لكيّ يـتنهد نايت بقلةّ حيلةّ حكّ جبينه بـكسلّ ثمّ قـال بنبرةّ مبحـوحةّ
ـ لمـا عدت إلى هناك ؟ لا يوجد سوى بقـايا فقطّ ..
بالفـعلّ وقفّ ديميتري فجـأة ثمّ عـاد بخطواتّ سريـعةّ للوراّء كي يقفّ بجـانب رجل الثلجّ بعد ذلك وجه نـظره نـحوّ ذلك المنـزلّ كـآن كبيراّ جداّ يحتوي
على عـدةّ طبقاتّ و قـديمّا مصممّ على أسلوبّ الارستقراطي النبيـلّ قدّ دمرّ مـعظمه فـالجزء الأيمن منّ الـمنزل حرق كلياّ بينما بقيّ الجزء الأخر صـامدا
نوعاّ ما بينما كان ديميتريّ يقف فيّ حـديقته بجـانبه نـافورةّ قـديمةّ بها تمثـالّ ما رسم عليه حرفّ لاتينيّ يرمزّ لـسلالةّ العـريقةّ لعائلة ماكاروف ..
تـحدث ديميتري بـخفةّ
ـ أعتـقد أنه الحـنينّ ، أتعـلم لا يزال المكان تـماما مثلما تـركناه و حتى و أنا أقف هـنا بعد مرور كل هذه السنين لا زالت قدمايّ ترتجفان ، قـلبيّ يخفقّ
بقوةّ كما لو كـأنني سأراه مجدداّ فيّ أي لحـظةّ لاّ أزال أعـتقد أنه على قيد الحيـاةّ نايت يـريد قـتليّ لاّ بل تـعذيبيّ مراراّ و تكراراّ .. ربمـا هيّ مجرد عـادةّ
فقطّ لكنّ حتىّ و أنا أعـلم أن لا شيء من هذا سيحدثّ إلا أنني أرتجف خـوفاّ
اتسـعتّ عينا نـايت بدهشـةّ قد ظهر لونهماّ الأزرق الداكنّ وقفّ على قدميـهّ لكيّ يتقدم نحو الـشرفةّ مسندا ذراعيه علىّ حافتهاّ يضـعّ هاتفه بـجانبهّ التـزم
الصمتّ انتـقلتّ إلى مسامعه صوتّ تنفس ديميتري المضـطربّ لكيّ يغلقّ عينيهّ و يعـيدّ فتحهماّ ، تـحدث بنبرةّ هـادئةّ
ـ لقد مـاتّ نيكولاس ، أنـا و أنت .. كلانـا شهد مـوته ،
حالمـاّ قـال ذلكّ ارتخت قـليلاّ ملامح ديميتري المضطربة القـلقةّ قد كانّ شـاحبّ الوجـه جـسدّه بأكمله يرتجفّ لما انتقـلّ صوت نايت الهادئّ إليه زالّ خوفه
قـليلاّ ثمّ جلسّ بـكلّ إرهاق علىّ الثـلجّ حينهاّ عـادتّ نـبرةّ نايت الـمبحوحةّ تـسربّ من الهاتفّ
ـ عـد إلى لنـدن و دعـك من المـاضي ، فنيكولاس ليس على قيد الحيـاةّ هو لن يـعود لن ينتقـمّ منكّ حتىّ لو أنه عـاد فـلن يستطيـعّ فعل شيءّ لنـا بعد
الآن كل ما كنا نـملكه قد فقـدناه ، أولائك الأشخـاصّ الذين سعينـا جاهدينّ لحمـايتهمّ كل مـا كنـا نـملكه يوما ما قدّ خسرناه ..
لمـا قـال ذلك أصدر ديميتري آهة خفيـفةّ و هو يشيحّ وجهه بـعيداّ عن الهاتفّ ليعيد النـظرّ إلىّ المنزلّ أجل هو يـعلمّ هـذا و يدركّه لقدّ تـخلى عن كلّ شيء
يـملكه من أجل الانتقـام فـعل جلّ ما يستطيـعّ لهزيمته لكنّ و بالرغم من عـلمه لهذاّ فلا ينفك شبح نيكولاس مطـاردتهّ فيتخيل له أن ذلكّ المنـزل قدّ عـاد إلى
مـا كان عليه سـابقا مليئاّ بالـخدم الجـدّ يـجلسّ على كرسيهّ بـفخرّ بجانبه نيكولاسّ مبتسم بتـهكمّ و هوّ ينـظر نحوهمـاّ فـهز رأسه نفيـاّ لكي يتحدث
بنبرةّ مرتجـفةّ
ـ سأقتـل جميعّ أفـراد ماكاروف ، سآخذ حياتكّ بيديّ هاتين نايتّ
حينهـا نـظر إلى يديه المرتجفـتين من الغـضبّ و نـار الانتقـامّ فتنهد نايت بقلةّ حيلةّ لكي يبتسـمّ بكلّ سخريـة ها قد عـاد ديميتري إلى نفسه القـديمة مجدداّ
بتصميمّ أكبر على قـتله و هو من سـاعده على استعـادةّ ذلك التصـميمّ الغـريبّ ، تـحدث بنبرةّ باردةّ
ـ لسـت أبالي بما تـريد لكنّ دعني أخبرك شيئاّ واحد ، أنـا لست بالخصم السـهل
ضحكّ ديميتريّ بّكل سخريةّ أقـال أنه سيخسرّ مجددا ؟ لاّ هـذا مستحيلّ يذكرّ مقـولة لأحد الفـلاسفةّ إن كنت تـخاف من عـدوك فـاهزمه اهزمه بقـوةّ تـجعلك
لاّ تخاف أبدا منه أجل كانت يرتعبّ من سيرةّ نيكولاس يـكرهه يحبـهّ و يهابه فيّ نفسّ الوقت لكنّ و لأنه يـخافه فهل منـعه ذلك من تنفيذ انتقامه ؟ لا علىّ
الإطلاقّ بلّ جعـله أكثر تصميماّ فيّ القضاء على نقطةّ الضعفّ هذهّ ، ارتجفّ جسده مجدداّ فـوضع يديه فيّ جيبه و هو ينظرّ إلى المنزلّ حينما تـحدثّ ديميتري
بنبرته المـرتجفةّ مجدداّ
ـ كـذلك أنـا سـأحرقك و أنت حي .. تـماما مثلما فـعلت قـبلاّ،
أغـلق ديميتري السماعة فـورا بينما نـظر نايت إلى هاتفه لوهلة من الزمن قد كانت ملامح وجهه بـاردةّ شديـدةّ الهدوء
ياله من مصيـر يلحق كل فـرد من أفراد ماكاروف كمـا لو كأنها لعنـةّ قدّيمة ألقيت عليهّم
من قبـل لاّ شيء سوى ضمائرهم النائمة تلاحقهمّ واحدا تلو الآخر و لن تنتهي هـذّه الـتعويذةّ إلا بموتهم جميـعا ،
أغلق عينيـهّ ثم فتحهماّ كانتـا داكنـتينّ شديدتاّ الـحدةّ و خطيـرتينّ قدّ رسم على شفتيه ابتسامـةّ بـاردةّ متهكمـةّ استـدار متـجها نحو مكتـبه حينما توقفّ حالما
لمح ذلك الكتـابّ جريمـة والعقاب في النهـايةّ صحو ضميـر القـاتلّ بفعل الأشخاصّ الذين حوله يحثونه للعودةّ إلى طـريقّ الصحيحّ متخليا عن عـدالته الخيـاليةّ
لكنّ ماذا عن ديميتري ؟ ألن يصـحو من كـابوسه ؟ ألن يعترف أبدا بجـرائمه ؟ تنهدّ بهدوءّ قـائلاّ ببحةّ
ـ تـبقى دوما مجرد روايـةّ ..
هـذاّ ما قـاله و هوّ يتـرك الكـتابّ على ذلك الـكرسيّ الخشبيّ لكي يتـجه نحو مكتـبهّ عاد يجلسّ خلفه واضعاّ نظارتيه أخـذّ ملفّ الذيّ كان يدرسه منذّ مدةّ
بعدّ ذلك وقـعّ عليه معلناّ عن موافقته ،

/

كـان يجـلسّ وحيـداّ في غـرفة المعيـشةّ يضـعّ حاسوبه على الأريكـةّ و بجـانبه عدةّ أوراق مرميةّ حوله يـقوم بـقـراءةّ ملفّ ما ثمّ يضـعّه جانباّ بعدّ أن
يحيطّ جميـعّ النقاطّ الغـامضةّ و التي تحتـاج إلىّ إعادةّ النظر من قبلّ نايت نفـسهّ ، أزاحّ سترته الـسوداءّ كذلك ربطة عـنقه تـاركاّ قميصه مفـتوحاّ نظرّ
نحو بياناتّ الحاسوبّ لوهلةّ ثمّ تأوه بألّم و هو يمسك رأسه ألاّ يخف حجم هذا العـمل أبدا ؟ هـذاّ ما قاله لنفسهّ و هو يمسكّ ورقـةّ أخرى حينمـا انتقـل
إلى مسامعـه صوت خـطواتّ لشخص ماّ قطبّ حاجبيه باستغراب لعـلمه لا أحد مستيقظ عـاداه و على الأرجح نايت ،
لمـا تـوقفت خـطواتّ ذلك الشخصّ فتح بـاب غـرفةّ المعيشةّ ببطءّ لكيّ تـطلّ كليرّ بـرأسها من خلفه نـظرّ نحـوها مستنـكراّ ثمّ عـاد ينظر إلى السـاعةّ قد
كان الثـانية عشرّ ليلاّ ما الذي كانت تفعله طوالّ هذه المدةّ هنـا ؟ لقد ظن أنها قدّ عـادت للمنزل منذ فترةّ طـويلةّ و قبلّ أن يتحدثّ خطتّ إلى الأمامّ أغلقت
البابّ خلفها ثمّ حـكتّ وجنتها بّتوتر مصطحبّ بإرتبـاكّ واضحّ قـالت بنبرةّ محرجة
ـ كنـت ألعـب مع أليكساندر حينمـاّ غفوت قـليلا أدرك أنه تصرفّ أحوج و ربما أنا عـديمة اللباقةّ لكن هل ربما إن كنـتّ تستطيـعّ هلاّ أوصلتني إلى المنـزل ؟
تـمتمت بذلك لنفسها فقـطب فرانسوا حاجبيه لما لديه إحساس أنها فعلت ذلك عن عـمد ؟ إنها تعـلم الآن بـعدما أخبرها أنه لن يستطيـعّ أبدا أن يكون معها
مهما حاولت و مهما فعلتّ فلن يكونا معـاّ إنهما فقطّ من عـالمين مختلفينّ لذاّ لما تـحاول أن تكسبّ بعض الوقت معه ؟ أشـاح وجهه بعيدا عنها لعمله متـجاهلا
وجودّها و هو يقول بنبرةّ هـادئةّ
ـ إقضي الليلةّ هنـا ..
قطبـتّ حاجبيها ثمّ أصدرت آهة تـدلّ على أنها سمعتّ ما قاله كان يجدر بها أن توقظ ماريّ لكنها لم تستطعّ الذهـابّ إليها خصوصاّ و أن رفيق غـرفتها
هو نايت و هي لا تحبذ تعامل معهّ لذاّ استـدارت مغادرةّ لما تـحدث فرانسوا بهدوء دون أن ينظر نحوها
ـ لا تحـاولي المغـادرةّ جميـعّ الحراسّ هنا تحتّ و أستطيعّ أن أرسل لهم اّ إنـذاراّ بعدم سماحهم لكّ بالمغادرة خارجّ القصرّ لذا اذهبي و اختاري أيّ غـرفةّ ،
سوفّ أعلم فوراّ السيد نايت ببقائك هنا و أنا متأكد أنه لن يمـانعّ ..
نـظرتّ إليه بـعصبيةّ عوض اصطحابها و بكلّ سهولة إلى منزلها هوّ يفتعل كل هذه الضجةّ إنه فعلا يشبه سيدهّ أجلّ و أليسّ هو رفيقه الدائمّ و يده اليمنى ؟
زمتّ شفتيها لن تجلسّ هنا ليسّ بعد أن قال لها هذاّ لكنها ابتسمتّ فجـأة و هي تتحدث بنبرةّ مـرحةّ
ـ سـوفّ لن أغادر إن بقيت فيّ غرفتكّ ..
سقطتّ أوراقه جميـعاّ أرضاّ و كاد أن يّفلت الحاسوب من بين يديه غيرّ أنه أمسكه فيّ آخر لحظةّ استدارّ نحوها ينـظر إليها بـصدمة واضحـةّ بينما اكتفت
كليرّ بهز كتفيها دلالة على عدم اهتمامها بما قالتهّ قطبّ حاجبيه باستنكار فابتسمتّ بكل لطفّ لأجله ، كاد أن يتحدثّ لولا أنه لم يجد الكلماتّ المناسبةّ تـباّ
لو أن نايت سمع ما قالته توا لسوف يسيء الفهمّ أكثرّ و ما الذي تحاول هي إثباته ؟ ألا تـدرك أن من المستحيل أبدا أن يحدث شيء بينهماّ و كاد أن يّخبرها
بذلك لما قـالت بـخفةّ
ـ أعني أنت سوف تبقى تعمل هنا أليس كذلك ؟
رمشّ عدة مراتّ غيرّ مستوعب لكلماتهاّ حينما ضحكتّ هي بكلّ قوةّ فـقطبّ حاجبيه قدّ احمرت وجنتيه قليلاّ من إحراجه الشديد كيّ يلم أوراقه بعـصبيةّ
خفيفةّ تنمّ عن خجلهّ في حينّ اقتربت هيّ منه جلست بجانبه على الأريكةّ و أسندتّ ظهرهاّ عليهاّ قبلّ أن تتحدثّ بـلطفّ
ـ أنا أمزح فقط ..
تنهدّ بقلة حيلـة متجاهلاّ ما قـالته تواّ لكن ذلك لم يمنـع ابتسامةّ خفيفة من التسللّ نحو شفتيه إنها غريبـةّ لاّ بالأحرى هي تشبـه سيدته نوعاّ ما لكن ماريّ
يمكننا القـول أنها بلهـاءّ و حمقـاءّ فبالرغم من أنها تـحاول كسبّ قلب سيد نايت إلاّ أنها دوما ما تفشل بأسوأ طريقة ممكنة فـنظرتّ نحو كليرّ بهدوءّ مبتسمةّ
لا تدري لما لكنها تـنجذب نحوه يوما بـيومّ أكثر ،
__________________
  #93  
قديم 12-28-2015, 05:56 PM
oud
 
ما كانتّ تـنظرّ إليه لاّ يقارن أبداّ بما رأته سابقاّ كمـاّ لو كأنه حلم يتحققّ على أرضّ الواقـعّ فـابتسمتّ لاّ إرادياّ بينّ يديها تـلكّ الأوراقّ العديدّة أظافرها
مطليةّ باللون الأسودّ ترتديّ فستاناّ قرمزيّ قصيرّ يناسب أحمر شفاههاّ و كعبّ عـاليّ تـضع قـبعةّ فـرنسيةّ حول رأسهاّ و قفازتينّ نـظرتّ نحوّ آرثر الذيّ
يجلسّ علىّ الكرسيّ يـراقبهاّ بـهدوءّ وّ بـعيداّ عنهما قـليلاّ بجانبّ النافذة كانّ يقف أوسكارّ مستندا على الجدارّ الذيّ خلفـهّ مغـمضاّ عينيه بنوعّ من التركيزّ
حينماّ أنطلقتّ ضحكاتّ إليزابيثّ العاليةّ فيّ أرجاءّ الغرفةّ غيرّ مصدقةّ هاهوّ الـسرّ الذيّ رفـضّ ديميتري إعلامهاّ به يقعّ بين يديهاّ ، كانتّ تبتسمّ بكلّ
خبثّ الآنّ وجدتّ نـقطـةّ ضـعفّ ماريّ إنهاّ لاّ تساوي شيئاّ لهما الآنّ يستطيـعونّ تهديدهاّ فقطّ بكشفّ عقدهـاّ مع نايتّ ،
أجلّ لقد استـطاعّ ويليام سابقاّ أن لاّ يدع هذاّ الخبر ينتشرّ لصحافةّ و استطاعّ منعه فيّ آخر لحظةّ لكنّ الآن لن يقدرّ على ذلكّ بهذا ستتشوه سـمعةّ عـائلةّ
روبرت بأكملها و تستطيعّ هي أن تضيفّ بعض التعديلاّت على المقالّ الذيّ ستطرحه الجريدةّ كـأن ماريّ صـائدةّ ثروات مثـلاّ تسعى خلفّ أموال لبيرّ
كذلكّ أختهـاّ التي ألقتّ بذراعيهاّ حول ويليامّ دويلّ حينهاّ سيتخلصانّ من اثنينّ و سيبقى ويليامّ فقطّ أشـارتّ بأناملها علىّ الملفّ قائلةّ بـضحكةّ
ـ أوسكار آلا تـوافقني الرأي ؟ يمكنناّ أنّ ندع الإعلام يهاجمها و نحن سنشاهدّ فقطّ ..
هـزّ أوسكارّ رأسه نفياّ فـنظرتّ إليه بدهشةّ لقدّ كانّ ملتزما الصمتّ طوالّ هذه الفترةّ لمّ يقلّ شيئاّ حينما عـرضّ آرثر الفـكرةّ عليهماّ لكنّ هاهو الآن يعلنّ
رفضه ّزمتّ شفتيها بنوعّ من العصبيةّ حينما اقتربّ منهما بخطواتّ هادئةّ أمسكّ الملفّ ذلكّ و فتـحّه قبلّ أن يرميهّ فيّ نارّ مدفـئةّ شهقتّ إليزابيث بصدمةّ
بينماّ تحدث أوسكارّ بنبرةّ باردةّ
ـ لو يـعلم ديميتري بخـطتكّ هذه لسوفّ يجعلكّ تـسقطين أنتّ أولا قبلهاّ ، ألم تكنّ أوامره واضحةّ بالنسبةّ لكما ؟ مـاريّ خطّ أحمر لاّ يجب علينا تـجاوزهّ
هوّ لا يريدّ تحطيمها بلّ يريد أن يمتلكهاّ و كسبها إلىّ جـانبه ، لذاّ جـدا فكرةّ أفضلّ من هذهّ أو خصماّ آخر ..
نـظرتّ نحوهّ إليزابيثّ بعصبيةّ و أخذتّ يديها ترتجفانّ بكلّ غضبّ ما هو الشيءّ الذي يراه فيهاّ ؟ إن نايت لاّ يحبها هذاّ واضح من خلال العـقدّ الذيّ كان
لديها قبلّ أن يرميه أوسكارّ ، فتلكّ العلاقةّ بين نايت و ماريّ ليست حقيقيةّ على الإطلاقّ و إنما هي مجردّ تمثيليةّ لا أحد يعلم سببهاّ بعدّ أن وجدت الوثيقة
الرسميةّ التي تـؤكدّ صحةّ كلامها رمى أوسكارّ كل شيءّ كما لوّ كـأن .. تحدثّت بنبرةّ حادةّ
ـ ماّ دمنا نـملك الأدلةّ فلما لاّ نهاجمها ؟ إنها الخصمّ الأضعفّ بينهم جميعاّ فـلما لا نستغلّ الأمر ؟
أخفضّ رأسه للأسفلّ متنهدا بقلةّ حيلةّ و هوّ يحكّ جبينه أجلّ كان موافقتها أمرّ سيءّ للغايةّ فـلاّ يجب عليه مهما كانتّ الأوضاعّ مرافقةّ إليزابيث في
خططها حركّ خصلات شعرهّ بـعشوائيةّ و هو يتحدثّ مجددا
ـ أنـتّ من ترينها بالخصمّ الأضعفّ لكن هي ليست كذلّك على الإطلاقّ و كشفّ وثيقة العقدّ فّي الصحفّ لن يزيد الأمر سوى سوءا لناّ لا تنسي أن هوية
ديميتري قد كشفت و هوّ ملاحقّ من قبلّ الإعلامّ و الشرطـةّ في آن واحدّ لذاّ دعينا نتجنبّ و حالياّ أي تعامل مع الإعلامّ ،
زمتّ شفتيها بعصبيةّ ربماّ يكن محقّا فيّ ما قاله لكنّ أهذا يعنيّ أن يقفوا مكتوفي الأياديّ و هو ينتظرون رد نايتّ لهما الصاع بصاعينّ ؟ إنها لن تـقبلّ
أبدا بأن تـخسرّه زفرتّ بحدةّ حينماّ تحدثّ آرثرّ بنبرةّ هادئةّ
ـ أنـا أوافق إليزابيث الرأي دعنـا نشوه سمـعةّ ماريّ و فلورا أولاّ ثم ننتـقلّ بعدها إلىّ ويليامّ ،
زفرّ أوسكار بكلّ حدةّ ما الذيّ لا يفهمانه فيّ أمره بـأن يتجنبوا أيّ اتصـالّ بـالإعلامّ لأن هوية ديميتريّ قد كشفت ؟ ألا ّيدركون المخاطر ّالناجمة عن ذلكّ ؟
لوّ يـعلم ديميتريّ بما يحاولان فعله لسوفّ ينهي أمرهما أولاّ قبلّ ماري و فـلورّا إنه لا يجد أي نقطةّ يستطيعّ التفاهم معهما حولهاّ لما تحدثت إليزابيثّ بضجرّ
ـ لكنّ ما الذيّ تريده أنت أوسكار ؟ نحن هناّ من أجل الإطاحة بهمّ لا أن نختبـئ فيّ الظلام كالخفافيشّ ، هـذه ليست من صفاتيّ ..
ابتسمّ بكل سخريةّ على كلامهاّ أو ليست تـريدّ التخلصّ من ماريّ لأنها تراها قدّ أخذت مكانها كسيدةّ لعائلة لبيير ؟ بالرغم من أنها تعلم الآن جيداّ أن ماريّ
مجردّ واجـهةّ لزواجّ نايت و هي تـنفذّ أوامره ربماّ فيّ الأرجحّ لكنّها تستمر في الإصرار على تحطيمها ؟ تـباّ كم حقد النساءّ فظيع ، هز كتفيه بـعدم مبالاةّ
ثمّ اتجـهّ بخطواتّ بطيئةّ نحو النافذةّ و هو يتحدث بنبرةّ باردةّ
ـ هذه المرأة المدعوةّ بماري التي تتحدثينّ عنها قد حاول ديميتري قبلـكّ تحطيمها لكنه لم يستطعّ ، إنها متمسكةّ جدا بمبادئها على عكسكّ أنت فهي مخلصةّ
لـشخصّ واحدّ حتىّ لو كان الأمر مجرد تمثيليةّ
استـدارّ نحوها يرمقها بـنظراتّ باردةّ حاقدةّ فـتوترت و هيّ تشيحّ بأنظارها بعيدا ّعنه الكلّ هنا يعلم بطبيعتها الخـبيثةّ فّيوما تكونّ برفقتكّ تدعمكّ و غـداّ
ستـكونّ برفقةّ عدوكّ تحاول التخلصّ منكّ ، هذاّ ما يجعلها مكروهة من قبلّ أوسكار بالرغم من أنها لم تخنّ ديميتري أبداّ لكنّ يكفيّ الإطلاعّ على ماضيهاّ
لكنّ يـعلمّ المرء أن الثـقةّ بها أكبرّ خطـأ يرتكبه الإنساّن في حقّ نفسه فإلتزمتّ الصمتّ قدّ إزداد كرههاّ لهذه المرأة المدعوّة بماري بينماّ تنهد آرثر بقلةّ حيلةّ
و هو يحتسيّ قهوته بكلّ هدوءّ البقاّء برفقتهما فيّ نفسّ الغـرفةّ بمثابة الانتحار البطيءّ فإن كانا لاّ يثقان ببعضهما البعضّ و يكرهان بعضهما البعضّ إلى
هذه الدرجةّ فلماّ يتعاونان إذن ؟ تـحدثّ بهدوءّ
ـ ما رأيكما ببعض المقالبّ الخفيفةّ ريثما عودةّ ديميتري ؟
التفت إليه الاثنين ّبنوع من الاستغرابّ فابتسمّ هو بخـفةّ ربما يكونّ صامتاّ منفذاّ للأوامر فيّ كثيرّ من الأحيانّ لكنّه ليس أبلهاّ هو يعلم تماماّ ما يريدّ و كيفّ
يصل إليه و الآن ما يريدّه واضحّ للغـايةّ ، تـخلصّ من ذلكّ الـرجلّ المدعو بفـرانسواّ جعـلّ فلوراّ تضع أصابعها ندمـاّ و الحصـولّ على أمواله من قبلّ ماريّ ..

/

يـد تمتـدّ نحوها وسط تـلك الظلمةّ دامسةّ و البـاردةّ فنـظرتّ إليها بعينين واسعتين تحدقـانّ دون القدرةّ على معـرفةّ ما يحيطّ بها أتمسكهاّ أم تتركهـاّ ؟ هـزتّ
رأسها نفيا غير قـادرة على استيعابّ ما يحدثّ إنها تـدرك جيدا أنه مجرد كـابوس آخر ينتابهاّ تـعلم هذاّ تماما لكنها لا تستطيعّ أن تستيقظّ أو يعقـل أنه ليسّ
خيالاّ و إنما حقـيقةّ مجردة ملموسة ؟
ـ مـاري تعـاليّ إلى هنـا ..
شحب وجهها بأكملـهّ أجلّ نـغـمةّ الصوتّ هذّه و هل ستنساها ؟ إنه والدهاّ جوناثان مجدداّ يمد يدهّ نحوهاّ بـتصميمّ شديدّ و هذّه المرةّ لمّ يكن يظهر من جسده
سوىّ يده الممتدةّ فـهزتّ رأسها نفياّ بقوةّ محـاولةّ الابتعـادّ عنه لا تـريدّ الـرحيلّ ليسّ الآن حينماّ فعلتّ ذلكّ منّ وسطّ تلكّ الظلمةّ خرجّ جوناثانّ لكيّ يمسكّ
هو بيدهاّ نـظرتّ إليه بذعرّ لكيّ يتحدث هوّ بنبرةّ بـاردةّ
ـ لاّ مجـال للهربّ ماريّ واجهي الـواقـعّ . .
صـاحتّ بذعر أقوى لما استيقـظت من نومهاّ العـرقّ يكسوّ جسدها بأكمله عينيها زائغتين من شدةّ الخـوف كذلكّ جسمها يرتجـفّ تأوهت بـألم و هي تضعّ
يديها على وجههاّ يا له من كـابوسّ آخر ينتابها لم تـعد قـادرة على احتـمال هذاّ بعد الآنّ إنها بالكاد تستطيعّ النومّ لساعتينّ متواصلتينّ دون أن تستيقظّ
برعبّ كمـاّ لو كأنها هوجمتّ من طرفّ مجهولّ ما ..
مـدتّ يدها المرتجفةّ نحو هاتفها ثمّ أمسكتـهّ إنها الثـانيةّ بعدّ منتصف الليلّ بدى التـرددّ واضحاّ عليها قد ارتبكتّ ملامحهاّ فيّ حين تساقطتّ خصلات شعرهاّ
البنيّ حولّ كتفيهاّ و ظهرهاّ ماّ تفـعله خاطئّ هي تدركّ ذلكّ و تـعلمه جيداّ لكنها لا تستطيـعّ مواجهة الأمرّ بنفسهاّ إنه يفوق قدرتّها بـأميالّ و أميـالّ عديدةّ ،
بدأتّ دموعها بالنـزولّ على خدهاّ قد ازداد ارتجافهاّ
ـ إنهـاّ أكـاذيبّ ..
مرتّ دقيـقةّ فقطّ لما مسحتّ وجنتيهاّ بـكلّ هدوءّ و قد عـادتّ ملامحّ وجهها إلىّ ما كانت عليه سابقاّ كذلك نـظرةّ عينيهاّ الشّاحبة عـادتّ لكونهاّ تتسمّ بـصفةّ
الهدوءّ و الـرقةّ لكنها لمّ تـخلوا من الخوفّ و الذعرّ ففيّ النهايةّ عينيها بمثابةّ المرآة التيّ تكشفّ مشاعرهاّ ، وقفـتّ بترددّ ثمّ بخطواتّ صغيـرةّ مترددةّ عـبرت
نحـوّ غـرفةّ نايتّ ، لمّ يكن يوجدّ هناك أي أثـرّ له إنها تشعرّ بالدوار وّ النعاسّ أيضاّ لكنها لا تستطيعّ النـومّ ليسّ و تـلكّ الغـرفةّ صارت بمثابةّ سجنّ لها فـاتجـهتّ
حافيةّ القدمينّ خارجّا لكيّ تعـبرّ الـرواقّ بخطواتّ لاّ تكاد أن تكون مسـموعةّ ..
بـعدّ عدةّ لحظاتّ كانتّ تـقفّ أمام بابّ مكـتبه لقدّ كان النورّ مضاء فازدادت توترا ربماّ كان يجدر بها أن تـذهب إلى غـرفةّ سوزي لكنّها لاّ تعلم بالتحديدّ أين
تـقع غرفتها تـماماّ فـقررتّ فتحّ البابّ ببطءّ قدّ رسمت على شفتيها ابتسـامة حمقـاءّ نوعاّ ما لكيّ تـطلّ برأسها عليهّ كانّ مندمجاّ فيّ كتـابةّ شيءّ ما حينمـا
انتقل إلى مسامعه صوتّ صريرّ البابّ نـظرّ نحوها مستغـرباّ فـقفزتّ إلى الداخلّ بحركةّ مرحةّ و هيّ تتحدثّ بنبرةّ ضاحكـةّ
ـ مـرحباّ سيدي أتسمح ليّ بـمرافقتكّ ؟ أعـدك أنني سـأكون ذاتّ فـائدةّ ..
نـظرّ إليها من خلفّ نـظارتيه الطبيتينّ قدّ بدتّ عليه ملامحّ الهدوءّ و البرودّ في آن واحدّ مجردّ ما أن وقعت عينيه عليـهاّ أدركّ حـالتها إنها غـيرّ طبيعيـةّ
منّ إصفرارّ وجهها إلىّ توترهاّ الملحوظّ ثمّ تجنبها النظرّ نحوهّ مباشرةّ فأومأ بالإيجـابّ لكي تـضحكّ بخفةّ و هي تتقـدمّ نحوهّ كانّ يـجلسّ خلف مكتبه محاطاّ
برزمة كبيرّة من الـورقّ فـجلستّ أمامه على الكـرسيّ أو بالأحرى بمثابةّ أريكةّ مصغرةّ ثمّ ابتسمتّ بـخفةّ ، لكيّ يـعودّ إلىّ العـملّ قـائلاّ بنبرةّ هادئةّ
ـ أهو كـابوسّ آخر ؟
التزمـتّ الصمتّ لوهلة من الزمنّ قبلّ أن تـومئ إيجاباّ فلاّ فائدةّ من إنكارّ ذلكّ أمامه فبقيّ ساكناّ يكمل قـراءةّ ملفّ آخر لكي تضـعّ ماري رأسها علىّ المكتبّ
بـنوعّ من النعاسّ و التعب في آن واحدّ مغـلقةّ عينيهاّ حينمـاّ تـحدثتّ بنبرةّ غـريبةّ نوعاّ ما
ـ نـايت ..
همهمّ بـهدوءّ دلالةّ على سماعهّ لندائهاّ لكنهـّا لم تقـلّ شيئاّ فـرفع أنـظارهّ ناحيتهاّ لم يستطعّ أن يرى وجههـاّ إذّ أنها كانّت مختـبئةّ خلفّ عـدةّ ملفاتّ تمسكّها
بينّ يديهاّ بمثابةّ حاجزّ فقطبّ حاجبيه مستغرباّ بينمـاّ قاومت ماريّ دموعهاّ لكنها لم تستطع فـعادتّ تنزل على وجنتيهاّ بقوةّ فقـالتّ بنبرةّ حاولتّ جاهدةّ فيهاّ
أن تخفيّ بكاءهاّ و لأول مرةّ استطاعتّ أن تفعلّ ذلكّ إذ بدتّ نبرتها مبحـوحةّ
ـ أنـا فـعلا أحـبك ..
ثمّ وضعت تلكّ الملفاتّ على رأسهاّ لكي تمنـعهّ من رؤيةّ دموعهاّ فيّ حين تـوقفّ نايت عنّ الكتـابةّ فنظرّ نحوها كانت ملامحـه هادئةّ قدّ سقطتّ خصلاتّ شعرهّ
الأسودّ على جبهته بينماّ عينيهّ الداكنتين تنظرانّ إليهـاّ قبلّ أن يتـحدثّ بنغـمةّ ذاتّ بحةّ خفيفةّ
ـ أعـلم ذلك ..
فـهزت رأسهاّ بـالإيجـابّ قدّ ازدادت دموعهاّ لكي تغـمرّ وجنتيها حينما و بـحركةّ منهّ أمسكّ الـملفاتّ لكي بعدّها عنّها لكنها زادتّ من قوة قبضتهاّ عليهاّ تـوقفّ
عنّ جذبّ لما تـركتها ماريّ فجأةّ فـرفعهاّ بعيـداّ عنهاّ حينمـاّ رأىّ ملامحّ وجـههاّ كانـتّ وجنتيهاّ حمراوتيـن أنف كذلكّ بينماّ عينيها مرققتين بدموعهاّ فيّ حين
أخذتّ البعضّ طريقهاّ علىّ خديهاّ قـالتّ لها بابتسـامة صـادقةّ ضـاحكةّ
ـ أنـا سـعيدةّ لأنكّ تـصدقنيّ الآن ..
اتسعتّ عينيهّ بدهشـةّ و لأول مرة يفقد لسـانه التعبيرّ عنّ ما يجول بذهنه كماّ لو كأن الكلماتّ لم تسعفـه ربـماّ أوّ لم تكنّ منـاسبةّ لما يريدّ التفوه به فيّ حين
عـادتّ ماريّ لكي تضع رأسها على المكتبّ بابتسامة خفيفةّ مـجرد أكـاذيبّ لاّ ليست كذلكّ لم تكنّ كذلّك على الإطلاقّ ، أرادتّ حينها أن تتجـّه لوالدها تـخبرهّ أنها
واجهـتّ واقعهاّ إنها تفعل المستحيلّ لتـواجهّ واقعهاّ بالرغمّ من أن الجهدّ الذيّ تبذله ليسّ كافياّ ،
ـ ما نـوعّ الكابوس ؟
ضحكـتّ بـخفةّ يـا ليته كانّ مجردّ حلماّ فقطّ لاّ إنه يعبر عن مخاوفهاّ تلكّ الأشياءّ التيّ لا تريدها أن تحدثّ أبداّ بينمـاّ قطبّ نايت حاجبيهّ بإستـغرابّ أكبر غير أنه
قد عـادّ لكتابةّ تـقريره منتـظراّ إجابتها لم يطل الانتظار كـثيراّ فقدّ تحدثّت هي بنبـرةّ مرحـةّ نوعا ماّ
ـ أنـنيّ لم أقـلّ الـحقيقةّ أبدا و ذلك آلمني بشدةّ لكن لاّ بأس الآن ..
لمّ يـعد يـعلم عن أيّ أمر تتحدث لكنه اكتفى فقطّ بالاستماعّ إلّى ما لديها لتـقوله فرفعتّ ماري رأسهاّ لكي تستند على ذراعهاّ و هي تنـظرّ نحوه مبتسمة بكلّ
حماقة إنه مجرد قـناع آخر تضعـه أو لا تدرك أنها لا تجيد التمثيلّ أبدا ؟ أن الحـزن مهما حاولت إخفاءه فهو بـاديّ عليها ؟ قبلّ أن يتـكلمّ وجدها تقفّ لكيّ
تسحب كرسيهاّ و تـضعهّ بجانبـهّ ثم عـادتّ تـجلسّ عليه مبتسمـةّ بـخفةّ
ـ ألديك أي عـمل ليّ ؟ أستطيـعّ أن أقوم بأي شيء سيدي
قطبّ حاجبيـهّ ببـرود أي شيء يدعها تقوم به لكيّ تـفسده ؟ نـظرّ إليها بطرفّ عينه كيّ يتنهد بقلةّ حيلة ثـمّ أمسك مجـموعةّ من الأوراقّ كانتّ تـحملّ كلها
تواريخ معـينة و عدةّ بياناتّ حول نسبةّ تصدير و استراد الشركةّ مع عائداتهاّ خلالّ هذه الأعوام الماضيةّ فقدّمها إليهاّ بـهدوءّ قـائلا
ـ لوني عائدات شهر أبريل خلال السنوات الثـلاث الماضيةّ ..
أومـأت بالإيجاب و هي تبتسمّ بـكل حماس أمسكت رزمـة الأوراقّ تـلكّ ثمّ أخذتّ لونا أصفر بارزّ لكي تقومّ بما قدمه لها من عـملّ كانتّ عينيه عليهاّ مستغـربا
حماستها لكنه سـرعان ما عـاد إلى عـمله بتركيزّ أكـبر فيّ حين و لما غـابت أنظاره عنها رمـقته بلطف بنـظرهاّ هذه اللحـظاتّ لم تكنّ لتقدر بثمن فهاهمـاّ الآن
بـعدّ أن كاناّ مجرد غـريبين بالكاد يتحدثان مع بعضهماّ البعض، بـعدّ كل شجاراتّ التي دارت بينهمـا تـلكّ بعدّ كل ما مرا به منّ أحداث ها هما يجلسان جانبا إلى
جنب ليسّا حبيبينّ مـستحيلّ و ربما أمنيتها هذه لن تتحققّ أبـدا لكن على الأقلّ .. استـطاعتّ في النهاية أن تبقى إلى جانبه تتحدث معه دون قـيودّ..
أغلقت عينيها قدّ ازدادت رغبتها فيّ النوم لكنها عـادتّ تـفـعلّ ما طلبته هي منه متـذكرةّ ما أخبرتها سيليـا به لقد طلبـتّ منها أن تتوقف عنّ ما تفـعله فلن
تجب سوى الألم لنفسهاّ لكنها مخطـأة هذّه المشـاعرّ التي تنتابهاّ طـوال رحلتها بـهذا القصرّ معه أجل كانتّ مـؤلمةّ فيّ كثيرّ من الأحيانّ و لاّ تستطيعّ أن تـحتملّ
ذلك الحزنّ لكن لحـظةّ كهذه تمحيّ كل ما فـعله سابقاّ و حينما يحينّ الوقت فلن تكون ذاكرتها مملوءة سوى بمثّل هذه اللحـظاتّ السعيدةّ لها ،
فتحتّ عينيها ببطءّ و نـظرت نحوه طـريقة تـركيزه فيّ عـمله تـقلصّ عضلاته كلما انزعج من شيءّ ما و شـحوب وجهه عـندما يلاحظ شيئاّ لا يعـجبه نـظرات
عينيه الحـادةّ الداكنةّ أنفه المسلولّ و خصلاتّ شعره الأسودّ الحريريّ الذيّ دوما ماّ يزعـجه فـيرفعه عنّ جبهته بعدم صبر هذّه الصـورةّ لاّ تقدر بثمن أيضاّ ،
و قبلّ أن تدرك ما يحدث وجدت يدها تسقطّ في حضنها كـذلكّ رأسهاّ ليجد كتفه استـدار نحوهاّ ثمّ تنهد بقلة حيـلةّ ما دامتّ لا تستطيع البقاء
مستيقظة فلماذاّ تـفعل ؟
مـدّ يده نحوهاّ لكيّ يوقظها لكنهّ توقفّ في منتصفّ الطريق كانت تبتسم خلالّ نومها بهدوء و لاّ يزال يوجد آثر لتـلكّ الدموع التي حاولت أن تخيفهاّ عنه سابقاّ
إنه يعلم أن تلك الحقيقة التي لم تقلهاّ لاّ زالت عالقةّ بين شفتيهاّ تـرفضّ البوحّ بها لمّ تعتد أبدا أن تخبأ أسرارا عنّ أي أحد فلم تكن تـجيد فعل ذلك أبدا لكنهـاّ
تغيرت قطب حاجبيه بـنوع من الاستغراب كيفّ له أن لا يعلم ماّ يدور بذهنها و هو الذي اعتاد قـراءة تصرفاتهاّ ؟ تنـهدّ بقلةّ حيلةّ ليعودّ إلى أوراقهّ لن
يستطيعّ أن يفهمها على الإطلاقّ فـأيّ شيءّ بشـأنه هي تحبـه ؟ تحدت بـنبرةّ باردةّ
ـ مـاري .. ما الـذيّ علي فعله بك ؟
وقف بـهدوء ثمّ أحـاطّ جسدها بذراعيـه ليرفعهـاّ بكل خفـة لقد فقدت القليل من الوزن ، سـارّ بخطوات هادئة مغـادراّ مكتـبه ثمّ عـبر الـرواقّ حينما وقعت أنظاره
على أليكساندر الذيّ خرج تـوا من جناحهما كان يحمـلّ بين يديه كأسي حليبّ ساخن قد بدى عليه الاستغـرابّ لما استـدارّ كيّ يجد نايت أمامه فشهق بـرعبّ
و كاد أن يسقط ما بجعبته لماّ تمالك نفسه فيّ آخر لحـظةّ بينما تحدث نايت بنبرةّ مبحوحةّ
ـ افتـح البـابّ ..
بلع أليكساندر ريقـه بإرتباك ثم فتـح الباب تماما كما طلب منه نايت لكي يتجـه الأخير إلى الداخلّ فتبعه ، وضـع مـاري على سـريره بهدوءّ بـعدّ ذلك رفـعّ الغطـاء
جذبه نحوهاّ ثم جلسّ بكسل حينها ابتسم أليكساندر و هو يـقلدهّ ، قد كـانت شرفة الغـرفةّ مفـتوحةّ و على حافتها تساقطّ الثـلج بكثرةّ فيّ حين أغلق نايت عينيه
بـعدّ ذلك فتحهما مجدداّ ثمّ أمال رأسه قليلاّ ناحية أليكساندر و هو يتحدث بنبرةّ هادئة
ـ هل وجـدتّ حريتك بعد ؟
ضحك أليكساندر بخفـةّ كي يومئ إيجـابا مبتسمـا لقد كانّت الإجابة أمام عينيهّ طـوال هذه المدةّ و لم يدركها هوّ من أطال الـنظرّ من حوله بجـانبه و لم ينـظرّ
أبدا أمامهّ و قبل أن يسـأله نايتّ أجابه أليكساندر بنبـرته الـمرحةّ
ـ وجـدتّ طريقيّ أيضـا ، شـكرا لك نايت
ابتسـم نايت بـهدوءّ لكيّ يحرك خصلات شعر أليكساندرّ عابثاّ بها متمتما بـكلمةّ [ هـذا جيد ] له فضحكّ أليكساندر ثـم نـظرّ نحو ماريّ النـائمةّ بـعمقّ كانتّ
تـبدوا مسالمةّ للغـايةّ فـابتسمّ لن ينكرّ فضلها هي الأخرى لأنه بسببهاّ وجدّ طريقه لقدّ قالت له مرةّ عـشّ مثلما تـريد أنـت بسـلامّ تـماما مثلما قـالتّ فقد فـعلّ
اسمه لن يكون الـورقة الـرابحةّ ليسّ بعد الآن لكن يكونّ مجرد تـابع لديميتريّ أو الأصح قولا مجرد دميةّ يحركها كيفما يشاءّ لأنه أخيـراّ تخلص من تـلك
القـيود التي عـرقلته طوال هذه الفترّة ، لقدّ تخلص من مخـاوفه و من تـلك القوانينّ أيضـاّ
ـ مـاذا عنك ؟
استـدار نحوه نايت مستغـرباّ قبلّ أن يرمـقهّ بنوع من البـرودّ و هو يتنهدّ أيسـأله عن حريته ؟ لا يعلم ما الإجـابةّ فهو لم يرد الحـريةّ قطّ لم يبحثّ عنهاّ أبداّ
و لم توجدّ فيّ قاموسه كلّ ما أراده و ما عاشّ من أجله طـولّ حياته هو الانتقـامّ لاّ أكثرّ و لا أقلّ لقدّ فقدّ من أجلّ غايته كلّ شخصّ أحبه وّ كل ما امتـلكه فما
الذيّ تعنيه الحرية له الآن ؟ قـال بنبرةّ هادئةّ
ـ لست مقيدا لأبحث عن الحـريةّ ..
بـعدّ ذلك ابتسـمّ بـبرود و هو يحرك خصلات شعر أليكساندر المذهول لقدّ كانتّ نظراته إليه مليئةّ بالفخر و الإعـجابّ كـذلكّ السعادةّ فأطلقّ ضحكّة خفيفةّ
بالكادّ تسمعّ و هو يستمتعّ بـعبثّ نايت بشعرهّ قدّ احمرت وجنتيهّ قليلاّ ، تـحدثّ أليكساندر بترددّ
ـ نـايت أيمكنني البـقاء هنا ؟
أومـأ نايت بالإيجـابّ قد رسمّ ابتسـامةّ هادئةّ على شفتيهّ فـكتم أليكساندر سـعادتّه و كاد أن يحتضن نايت إلاّ أنه تمالك أعصابه فيّ آخر لحـظةّ قدّ ضحكّ بكلّ خفةّ
فلم يسبقّ له أن شعر بمثلّ هذه السعادةّ إنها لا توصفّ و لا تـقدرّ بثمنّ ، حـريتهّ هذّه التيّ عرفها تـواّ حينماّ تخلصّ من كلّ تلكّ الأعرافّ و من سلاسلّ الـقوانينّ
التيّ تـربطّه بمصيرهّ و بكونه الورقة ّالـرابحةّ لماّ تـركّ كل شيءّ جانباّ لماّ تخلى عنّ كل ما يحددّه عـرفّ نفسه و طـريقهّ فكادّ أن يشكرّ نايتّ لولا أن الأخيرّ
سبقّه بنبرةّ مبحـوحةّ
ـ إن ديميتري آتي وّ هذه المرةّ من أجلّ دمائي .. لذاّ قبلّ أن ينتهي كل شيء لا تتدخل لاّ تظهر موقفكّ لأي أحد هل فـهمت ؟
نـظر إليه أليكساندر بـدهشةّ هـذا يعنيّ أن ديميتري سوفّ يقـتل نايت إنه لا يريد أن يحطمه بلّ أن يزهق روحـهّ فشحبّ وجـههّ لاّ شيء يثيرّ خوفه يرجفّ كيـانه
و يرعبهّ أكثرّ من ديميتريّ إنه بكلّ بساطةّ قد تركّ جميع الصفاتّ البشرّ لن يباليّ بأيّ أحدّ أو أي شيءّ يفعل ما دام يخدم مصلحتهّ هوّ و بالرغم من أنه خائفّ
الآن لاّ يستطيعّ أن يقفّ باستقامة إلاّ أنه نـزل على ركبـتهّ يضع ّيده عليهاّ قـائلاّ بنوع من الترجيّ
ـ أرجوكّ دعني أقف بجانبك .. أنـا حتىّ لو لم يعترفّ بيّ علنا إلاّ أنني أبقى
وضـعّ نايت يده علىّ فمّ أليكساندر المرتجفّ و هو رأسه نفيا ثمّ أشـارّ بحركةّ خفيفةّ إلى ماريّ النائمةّ بـعمقّ ترددّ أليكساندر آكثر لكيّ تـنزل دموعه علىّ خده
بقلةّ حيلةّ لا يستطيعّ أن يساعده حتىّ لو أراد هو يعلمّ ذلكّ فإن تـدخل لنّ يزداد الأمرّ سوى سوءا بالنسبةّ لنايتّ لكنه يريدّ مساعدتهّ تماماّ كما فعل هو له فقدّ أنقذه عـامله كـشخصّ كإنسـان على قيد الحياةّ لاّ كدمية يحركهما كيفما يشاءّ و هو يريدّ بشدةّ أن يردّ له عونهّ ، زم شفتيه كيّ يمنعّ نفسه من البكاء لكيّ يـعبثّ
نايت بخصلاّت شعره الأشقرّ قائلاّ بنبرةّ مبـحوحةّ هادئةّ
ـ سـوفّ أجعله يعـودّ إلى رشده ، سأحرصّ على فعلّ ذلك مهما كلفني الأمرّ

آنتهى ~
__________________
  #94  
قديم 12-28-2015, 05:56 PM
oud
 
الجزء الثالث و الخمسين

~ الغـطاء الأبيـضّ ~


حينمـا غادرت عـينيـه ذلك المنظر لكي يتلاشى تـدريجيا من أمـامه و لم يبقى سوى الذكريـات تلكّ الأحداث المـاضيةّ السـابقةّ التي تـركتّ آثـرا عـميقاّ
في نفـسه فجعلته يصبحّ على ما هـو الآنّ رجـل يتـعامل بـمسدسه فقطّ غـايته الانتقـام و لا غـير حتى لو عـنى ذلك مـوته ، كان يمسك بين أنـامله سيجـارةّ
يدخـنّ بكثـافة بالرغم من أنه لمّ يكن يدخن قبـلاّ و بخـطواتّ هادئةّ اتجـهّ نحـو المـدّخل رفعّ أنـامله ثمّ حرك المقبضّ لكي يفتـحّ البـاب لوحدّه مصدرا صريـراّ
مزعـجاّ مرعـباّ
استنشقّ كميـةّ أخرى ثمّ حرك خصـلاّت شعره الأسودّ بعـفويةّ لكيّ تصبحّ مبعثرةّ في كل اتجـاهّ حينماّ فتـح البـابّ دخل إلى قـاعةّ كبيـرة نـوعاّ ما دمر نصفها
نـظرّ إلى تـلك المدفـأة القـديمةّ بجانبها يوجد كرسيّ فـخمّ أسـود اللونّ بزخرفاتّ ذهبيـةّ ملفتة فـابتسمّ بكل سخـريةّ لطالما احتـلّ هذا الكرسيّ نيكـولاس قدّ كان
يجـلسّ عليه واضـعاّ قدما على الأخرىّ و بين يـديه يوجدّ مسدس صـغيرّ ماكاروف هـذا قد كـان اسمـهّ يمسحـهّ دومـاّ و العـجيبّ في الأمرّ أن ذلك المسدسّ
لطالما كان متسخـاّ
ـ أعـدت ديميتري ؟ أيـن هو تـقريرك ؟
تـجاهل نغـمةّ صوت نـيكولاسّ البـاردةّ المنـاديةّ نحوهّ قد كانّ يدرك أنه مجرد خيالات لا أكثـرّ و لا أقـلّ ثم نـظرّ إلى الأعـلىّ يوجد سـلمّ طـويلّ يـصلّ للطـابقّ
الأعـلىّ فعـبرهّ بهدوءّ لقدّ كان مهتزا يوشك على التحطم لكيّ يصـل إلى رواق مـظلمّ داكنّ لا أكثر للحيـاةّ فيه جالّ بعينيه على ذلكّ السـجادّ الأحمرّ قدّ صـارّ
لونه داكناّ ثمّ نـظرّ إلى الجـدارّ حيثّ عـلقتّ صـورّ لكل من نيـكولاسّ و جـدّه أيضاّ جميـعّ أسلافّ ماكاروفّ السابقينّ كانتّ نـظراتهم واحدةّ تعـلوها الكبرياءّ
و البـرودّ أيضاّ الـكرامةّ العـاليةّ و الفـخرّ ..
ـ مـا الذيّ تـفعله ؟ لقدّ طـلبت منـك أن تـقتله ..
استـدار ديمـيتري إلى الخلفّ حيثماّ كان مصدرّ الصـوت قدّ بدت مـلامحـهّ هادئةّ للغـايةّ ثمّ تـقدمّ بخطواتّ بطيئةّ نـحوهّ لكيّ يقفّ أمـامّ بـابّ ما بدى عـادياّ
جداّ فلفّ يده حول المقبضّ لكي يفتحّه لولا أنه ترددّ لمّ يبدوا أنه راغبّ بالدخول إلى الغـرفةّ لكـنهّ بـتصميمّ عـبرّ أول خـطوةّ نـحو ماضيهّ كانتّ حالة تـلكّ
الغـرفةّ أسوءّ من المنـزلّ بأكمله كلّ شيءّ محـطمّ فيها الأوراقّ متنـاثرةّ فيّ كل مكانّ و كتـبّ عـديدةّ مزقتّ لنفسّ الصـفحة الأثـاث قدّ قـلبّ رأسا على عـقبّ
إلا كـرسيّ واحدّ
أغـلق ديميتري عينيه لم يستـطعّ أن يوقف سيل الذكـرياتّ ، لقدّ كان الأمرّ صـعبا في البـدايةّ لكنه أجبر نفسه علىّ تـقبلّ ما يحدثّ من حوله فعـادّ ينـظرّ إلى
الكرسي بعينين بـاردتينّ إن أراد أن يقتـل نايت هذهّ المـرةّ سوفّ يسدد فوهة المسدس نحوه دونّ تـردد فيجب عليه أن يـواجه أحداثّ تـلك الليلةّ مجددا تمتم
بـكلماتّ خافتةّ
ـ لقد عـدت أبي ..
بالرغم من أن ما قاله كان متأخـراّ لكنه بدى صـائبا بالنسبةّ له ثمّ جـلسّ على ذلك الـكرسيّ يضع قدما على الأخرى مغـلقاّ عينيه قدّ انهـالتّ إلىّ ذهنه
مجـموعةّ منّ الصـورّ كان بطلها نيـكولاسّ نفسهّ بنبرةّ صـوته المبـحوحةّ و نـظرتّه البـاردةّ وجـهه الشـاحبّ و عينيه الداكنتينّ قدّ كان يتـحدثّ بـنغـمةّ متهكمـةّ
للغـايةّ موجهاّ فيهاّ سيـلاّ من الغـضبّ الشديد الشتمّ إليهما ..
ـ لقدّ قـلت لك بـوضوحّ أن تـقتله ألم أفـعل ؟ فـما الذي تـفعله أمامي الآن ؟ اقــتله إنه الـعقبة الوحيدة التي تقف فيّ طـريقك أقـتل نـايت ..
بالفـعلّ لطالما كان نـايت العـقبة الوحيدةّ التي تقفّ بينــّه و بين تـحقيقّ أحـلامه ، إنه الـرجلّ الوحيد الذي استـطاعّ لا أن يقفّ فيّ وجهه فقطّ بلّ حتىّ أمـام
نيـكولاسّ لقدّ كان فـريدا بـطريقةّ غـريبّة خاصةّ كما لو كـأن قـلبه لم يـعرفّ الخوف قـطّ و لمّ يترددّ قطّ فحتىّ لما أخبرهما نيكولاسّ أن الطـريقةّ الوحيدةّ لكيّ
يعتـرف بأحدهما للملأ هو أن يقوم أحد منهما بهزيمة الآخرّ آخذ أخلى ما يملك و المـهمة الأخيرةّ تكمن في قــتله ، أخذ حياة نايتّ ..
وقفّ ببطءّ ثم عـبرّ الغـرفةّ إلى مكـتبةّ صغيرةّ بالـزاويةّ أمسكّ كـتاباّ أحمـرّ كان لفيلسوف ما عـرف بـميله للجانبّ الآخر رغبـته الشديدةّ في الانتقـامّ ثم فتـحه
لكيّ يجد مسـدسا مميـزاّ فيّ نهايتـهّ علقّ أول حرفّ من اسم نيـكولاسّ كان غـريباّ لكن جدّ متقن العـملّ فرفـعهّ ديميتري بهدوءّ ثم أغـلقّ عينه لكيّ يسدد فوهته
نحوّ كرسيّ الذي كان يجلسّ عليه سـابقاّ ، همسّ لنفسه بنبرةّ بـاردةّ تعـلواّ تدريجياّ معّ كلّ كـلمةّ ينطقّ بها
ـ كيفّ تـطلبّ مني أخذ حيـاته و أنت عجـزتّ عن ذلكّ أبي ؟ لمـاذاّ قـمت بتلك اللعـبةّ و أنتّ تـميل له منذّ البـدايةّ ؟ لمـاذاّ أعجبت به و أنتّ مدرك لخيـانته لكّ ؟
لمـاذاّ ؟ و أنا الذيّ نفذّ كل أوامرك لم أنل و لو بجزء من ذلك الاهتـمامّ ؟ أنـتّ غيرّ منصف ّأبيّ غيرّ منصف على الإطلاقّ فبسببّك أنظر ما صرت عليه الآنّ ..
تـلكّ الكلماتّ التيّ كانت حبـيسةّ قلبه طـوالّ حيـاته قدّ سمعهـاّ الصدى الآنّ بعد فواتّ الأوانّ فـلاّ نيكولاسّ على قيدّ الحيـاةّ و لاّ كل شيءّ كان مثلما كانّ بلّ
مجرد حطـامّ وّ ظلمـةّ هـذاّ ما صارت عليه عـائلةّ ماكاروف العـريقةّ ، أمسكّ المسدسّ جيـداّ و هو يصيـحّ بحدةّ
ـ قـمت بكلّ شيء من أجـلكّ لقدّ تـخليت عنّ سيرينا من أجلكّ تـركتّ أميّ من أجلكّ و كلّ أصدقائيّ لكّ فقطّ ، تـعلمتّ أن أحب المـادةّ مثلكّ و أتصفّ بالكبرياءّ
مثـلكّ أيضاّ فـأيّن أخطـأتّ ؟ لماذا لم تعترفّ بيّ ؟ لماذاّ لم تثني عليّ قـطّ ؟ أو لست الأحقّ بأن أكون جانبكّ ؟ أخبرنيّ .. لقدّ قلتّ لك أخبرنّي بحق السماءّ
أين أخـطأت ؟
أطلق رصـاصةّ على ذلكّ الكرسيّ تـلتها أخرىّ و الغـضبّ يـعلوه فيّ لحظة نسيّ تـماما أن نيكولاسّ لم يعد قـيد ّالحياةّ فـتـقدمّ بخـطواتّ سريعةّ و أخذّ يضربّ
أيّ شيءّ أمـامه بعصبيةّ و هوّ يرددّ كلماتّ كانت حبيسةّ قـلبهّ
ـ أيهـا السافلّ الوغـدّ ما الذيّ فـعلته لتـنال حب الكـلّ ؟ أنت لا تستحقّ حب أحدّ يجدر بكّ الـموت ، أيهاّ الـجرذ الـحقيرّ ابن الـ .. أنـا أحق بالفوز منـكّ ، نـايتّ
أكرهـكّ أمقــكّ أكرهكم جميـعاّ
دفـعّ بالكرسيّ جانباّ ثمّ صـاحّ بقوة قدّ علت صرختـهّ الغـاضبةّ في الأرجاءّ لماذاّ لم يمسكّ نيـكولاس بالمسدسّ لماذا لم يقتـل نايتّ حينهاّ ؟ لمـاذاّ لم يقتله و
قد عـلم بخيانته له ؟ لمـاذاّ لم يوجه فوهته نحـوهّ حينماّ أدركّ أنه قدّ أخذّ أحبّ الأشياءّ إليه كبريائه و أمواله سمعـتهّ و دمائه فلماّ لم يفعل ؟ لا بلّ ازدادّ إعجابه
بهّ بينما هوّ الذيّ نفذّ كل شيءّ على أكمل وجه تماما مثلماّ أراد لم ينل أبدا ثناءا منهّ صـاحّ مجدداّ بـحدةّ
ـ أبـيّ أنـا سوف أنجز المهمـةّ التي أنت فشلت بهاّ سوفّ أقتل نايت و هكـذاّ سأهزمكما مـعاّ ..
بـعدّما قال ذلك فتح عينيه على وسعهماّ بدهشة قدّ وضع يده على جبينه مستغـربـا سرعان ما تحولت دهشته تلكّ إلى ضـحكاتّ مدوية فيّ الأرجاءّ بـاستمتاع
لما قـالهّ لمّ تتوقفّ تـلكّ الضحكاتّ على الإطلاقّ بل ازدادت قـوةّ كـأنه قدّ حررّ نفـسهّ أخيـراّ من تلكّ القيود الملتفةّ حولهّ ، حـولّ يديهّ قدميهّ و عـقله أخيراّ و قدّ
نزعّ تلكّ الكمامةّ من حولّ فمه فأطلقّ العنان لتلكّ الأسرار التي احتلها قلبه طوالّ هذه المدةّ قدّ أخذ يرددّ بكلّ ضحكةّ
ـ سأقتـلّ نايت ، نـاي أخي العـزيزّ الصغير أنت التـاليّ ..
تـوقفتّ ضحكـاتهّ فجـأةّ قدّ عـاد يضعّ يده على جبينه عينيـهّ داكنتين كماّ لو كأنهما لمّ تريا النـورّ قطّ كذلكّ قـلبه حالماّ فتـحّ العـنانّ له و لما تـركّ حقدّه كرههّ
و مقـته يتغلغلّ أكثـرّ فيّ جسدهّ فيّ عـروقهّ و دمائهّ حينهـاّ فقد القـدرةّ على التحكمّ بنفسـهّ لماّ يبلغّ المـرء أشدّ أنـواعّ الـكرهّ يفقّد القـدرة على التميزّ بين الخطأ
و الصـوابّ فـيرى ما يفـعله هوّ الـصوابّ بعـينهّ و غـايتهّ أي كانت وسيلته فيصّل إليهاّ ، قـالّ بنبرةّ مستمـتعةّ
ـ لنـجعلّ هـذاّ مسرحّ الأحداثّ مجـدداّ ، مـا رأيكّ أبيّ ؟ سوفّ أنهي سلالةّ مـاكاروف العـريقةّ في نفسّ البقعـةّ التي بدأتّ بهاّ لاّ تـقلقّ سأحرص علىّ تنـفيذّ الأمرّ
على أتمّ وجه بمثـاليةّ لم تـرها عيناكّ قبلاّ ، حينهاّ سأتخـطاكم ..
نـظرّ من حـولهّ بنوعّ من الخبثّ ثمّ حـملّ غـطاءّ أبيضّ كان على الـسريرّ ليـضعهّ فوقّ الكرسيّ و يعيده إلىّ مكـانه السابقّ أخـذّ يعـيدّ تـرتيبّ المكانّ إلى نفسّ
ما قدّ كان عليه سابقاّ باستمتاع غـريبّ و هوّ يتمتمّ بـأيّ كان من المفترضّ أن تكونّ الأريكةّ و أيّن صفحـةّ كـتابّ قدّ كان مفتوحاّ عليهاّ بالرغم من أن ما حوله
كانّ محـروقاّ نصفهّ أو محـطمّ إلاّ أنه وجـدّ متعتهّ فيّ إعـادّة ترتيبّ كلّ شيءّ .. كماّ لو كأنه لاّ يرى ما أمامـهّ و أنّ هذه الغـرفةّ التي يقفّ فيهاّ هي على ما كنت
عليه سـابقاّ و أنّ ذلك الـكرسيّ يجلسّ عليه نـيكولاسّ ينتـظرّ المـواجهةّ الأخيرةّ بينّ أبنائهّ ..
ـ نـايّ أيها العـزيزّ ستواجه نهايـتكّ قـريباّ،

/

كانّ يجلس أسـفلّ الأرض على السـجادةّ متكأ علىّ الأريـكةّ خلفه ممسكاّ بين يديه أوراقّ كتب عليها عدةّ نوتات مـوسيقيةّ جـديدةّ يحـاولّ تـجريبها حينمـاّ زم
شفتيه بـنوعّ من الكسلّ لكيّ يرفع نـظرّه نحو السـاعةّ قد كانتّ تشيرّ إلى الثـانيةّ زوالاّ فابتسـمّ لا إرادياّ و هو يـدرك تـماماّ أن صـديقه لاّ يزال مستيقظا يـعملّ
كعـادتهّ حـمل هاتفه يـريد أن يتصل به لكن سرعان ما احمرت وجنتيه إحراجاّ إنه يدرك جيـداّ أن الجميـع سوف يستلـمه على ما فـعله خلال تـلك المقـابلةّ أجل
لقد كان متـهورا للغـايةّ لكنّ حينما تـكلم قـلبه عما يكتـمه قـررّ عـقله التـزام الصـمتّ ..
ضحك بـخفةّ على نفسه و استـدارّ للخلف حيثما كان فـلورا نائمةّ كانتّ تـمسك بأوراقّ عديدةّ تخص قضيتهاّ و التي رفضتّ رفضاّ تـاما أن تـسلمه إياهاّ لكي
ينتهي بها المطافّ نائمةّ دون أيّ تـردد ، عـفويتها هـذّه و صفاتهـا الساذجةّ هي ما جذبته نـحوهاّ أكثـرّ و أكثـر فـمد يده ناحيةّ خصلةّ من خصلات شعرهاّ
الأصهبّ الـطويلّ و أبعدها عنّ وجههاّ لكي تـقطبّ هي حاجبيهاّ بإنزعاجّ و هي تستديرّ للجهة الأخرى معـطيةّ إياه ظهرهاّ قـائلةّ بشتيمةّ سريـعةّ
ـ الـلعـ .. عـليك أيـها الـوغد
كتـمّ ضـحكته يبدوا أن لسانها مستعـدّ دوما لإطلاقّ كيل من الشتائـم مما جـعله يستمتـعّ أكثرّ و هو يعـيد نفـسّ الـحركةّ بـطرفّ ورقـته لكي تـستدير مجددا نحوهّ
و هي تشتـمّ بانزعاج قبل أن تفتحّ عينيها نـظرتّ نـحوه بدهشـةّ لم تستـوعبّ موقفها حتىّ الآن حينما تـحدثّ ويليامّ بنـبرةّ مـرحةّ هادئةّ
ـ فـلورا عـزيزتي دعينـا نتـزوجّ ..
حالما قـال ذلكّ اعتـدلت بسرعة في جلستها و هي تنـظرّ حولها بعدم استيعابّ لقد كانت في شقتهاّ هي حيثما غـفتّ بعد مجيئها من حفـلةّ نجاحها مع السيدة
فرانسيس و قد كانّ ويليام برفقتها لما قرر أن يجلسّ معها قـليلاّ لكن كيفّ آل الأمرّ لكي يطلبّ يدها لزواجّ فرمشتّ بعدم فهم لكيّ يضحك ويليامّ بخفةّ و هوّ
يـمسكّ بمعصمهاّ قـائلاّ بخفةّ
ـ حينما تنتهـيّ هـذه الحـربّ و يـعود كل شيء إلى ما كان عـليه سـابقا هلا تـزوجت بي آنستي الجميـلةّ ؟
قـطبت حاجبيها مسـتغـربةّ و هي تنـظرّ إليه كان مبتسـماّ كعـادته بكلّ جاذبية خصلات شعرهّ الأشقرّ ربطتّ معظمها بعيـداّ عن جبينه عينيه الزرقاوتين تراقبانهاّ
بـلطفّ شديدّ مما جعل وجنتيها تحمرانّ بشدةّ إنها لا تستطيـعّ مقاومته على الإطلاقّ فأشاحتّ وجهها بعيداّ عنه قـائلةّ بـتوترّ
ـ لكن ما الذي تـقوله ؟ هل أنت ثـمل ؟
ضحـكّ بـخفةّ ثمّ ضرب جبينها بـطرفّ أنامله لكيّ تـستديرّ نحوه حينما أحـاط ذراعيه حـولّها ضاما إياهاّ إلى صـدره حينها فقدتّ الإحساس بآخر ذرةّ تـفكيرّ فيّ
ذهنها كما لو كـأن عقلهاّ بأكمله صارّ فارغـاّ بينماّ وضع ويليام رأسه على كتـفهاّ قـائلاّ بنبرةّ هادئةّ
ـ لا أريـد أن أفقـدك ..
لما قـالّ ذلك ابتسـمت فـلوراّ بهدوء هي الأخرىّ مـدركةّ سببّ جملته تـلكّ لكيّ تـضع يدها علىّ رأسه ربتت عليه حينمـاّ تنهد ويليامّ بنوعّ من الـراحةّ قـولّ تلكّ
الكلماتّ لا شيءّ أسهل من ذلكّ فـلماذاّ لا يعبرّ نايت عنّ مشـاعره ؟ لاّ شيء أفـضلّ من الحـبّ المتبـادلّ و أن يجدّ شـريكته هيّ فـلوراّ الفتـاةّ التي لطالما ساندتهّ
يـا له من محـظوظّ ، تـحدثتّ فـلوراّ بـخفةّ
ـ أنـا لن أذهب إلى أيّ مكان سنبـقىّ معـا ..
حينهاّ ضحكّ ويليامّ بـخفةّ و هو يضـعّ يجلسّ بجانبها رمقـته فـلوراّ بلطفّ فبادرها هو بنفسّ النـظرةّ لكيّ ينـطلقّ ضحكاتهماّ الـرنانةّ فيّ الأرجاءّ حينماّ رن الهاتف
فجـأةّ أمسكّه ويليام بإستـغرابّ من هذا الذي سيتصلّ بهذه الساعةّ ؟ مهمـاّ كان المتصـلّ فـلابد أنه لم ينـظر لسـاعةّ قبلّ أن يرفع هاتفـه بينمـا وجهت فـلورا أنـظارهاّ
نحو الشـاشةّ مستنـكرةّ قبل أن يأخذّه ويليام من بينّ يدهاّ و يـرفع السـماعة لينتقلّ إلى مسامعه صـوتّ رجل مـاّ
ـ مسـاءّ الـخير هـل هـذاّ رقم الآنسـة لاّ أقـصد السيـدةّ آ .. ؟
لقدّ بدى أن الـرجلّ قد وجـدّ صـعوبةّ كبيرةّ فيّ لفظّ إسم السيدةّ أو أيّ كان الـشخصّ الذيّ يبحثّ عنه قدّ كانتّ لهـجتهّ نوعاّ ما غـريبةّ كما لوّ كـأنه يجاهدّ نفسهّ
فيّ العـثورّ على الكلماتّ المناسبةّ فقطب ويليام حـاجبيه ثمّ أخـبره بـهويته و أنه اتصـلّ بالـشخصّ الخطـأ لكيّ يعتـذرّ الـرجل فـوراّ قد بدى أنه يستخدمّ ألفـاظّا
متلعثمةّ لكيّ يتـحدثّ بلغـةّ انجليزية صـحيحةّ إذّ بدت لكـنتهّ غـريبةّ كمـا أن الـرقمّ خارجيّ لكنّ لم يبديّ ويليامّ فـعلاّ اهتـماماّ بـل أغـلقّ الهاتفّ لكيّ لا يـزعجهما
أيّ أحد آخر ثمّ استلقى على الأريكة مجدداّ بجانب فـلوراّ التي نـظرتّ إليه بـدهشةّ إذ لم يبدي أي رغـبةّ في المغـادرةّ بلّ حتى أنه عـدلّ من جسده لكيّ يستـطيعّ
الاستلقاءّ جيـداّ فقـالتّ له بنبرةّ محـذرةّ
ـ أنـتّ لن تـنام هنـا ، أتسـمعني ..
فتـح عينه اليمنى ليّ يـرمقهاّ بنوعّ من الاستعـطافّ لكن نـظراتهاّ له كـانتّ مهددّة و محـذرةّ فيّ آن واحدّ لن تسمـحّ له بالبقاءّ أكثـرّ فـوقفّ بخيبةّ أمل كبيرةّ و
هوّ يمسكّ بطانيتهاّ عـابراّ غـرفةّ المعيشةّ ببطءّ مدركاّ أنه لا جـدوىّ من النقـاشّ معهاّ و بالفعلّ لم يكنّ هناكّ جدوىّ فـنظراتهاّ كانتّ أكثرّ من كافيةّ لتخبره أن
يـحمل نفسهّ مغـادراّ قبل أن تـقومّ هي بحـملهّ و طردّه فـرافقتهّ إلى غـايةّ البـابّ لكيّ يقومّ بضغط على المقبضّ مستديراّ ناحيتهاّ رامقاّ إياهاّ بنظرةّ مترجيةّ
ـ ألا أستطيـعّ ؟ شقتي فيّ فوضىّ عـارمةّ هيـا من فـضلكّ ..
أومـأتّ نفياّ بـرفضّ قـاطعّ لقدّ كانتّ تسمحّ له سـابقاّ بالبقاءّ ليسّ برغبتها الخـاصةّ لكنّ لأنه كان عـنيداّ لكن ليسّ بعد الآن يجبّ عليهما الحذرّ من تصرفاتهماّ
فلا أحد يدركّ متىّ يلتقطّ أيّ صحافيّ صـورةّ لهما و يقومّ بنشرهاّ خصوصاّ و أن الإعـلامّ لا يدركّ حقيقةّ الفتاةّ التي اعترفّ لهاّ لكيّ يتنهدّ ويليامّ بقلةّ حيلةّ قبلّ
أن يبتسـمّ بـمرحّ مشيـراّ على وجنتهّ
ـ ألن أحصلّ على قـبلةّ ؟
احـمر وجهها بـأكمله لمّ يعلم ويليام إن كان احمراره خـجلاّ أو غـضباّ فلمّ يعلم ما الذيّ يفعله فهلّ ينتظرّ قبـلته أم ينجو بحياتهّ لكنه اكتفى فقطّ بابتسامة مرتبكةّ
لكيّ تقطبّ فلوراّ حاجبيهاّ قائلةّ بنبرةّ غاضبةّ حاولتّ فيها أن تخفيّ إحراجهاّ
ـ إن لمّ ترحلّ فسوف تـحصلّ على ركـلةّ ..
ضحك بـتوترّ أهيّ جـادةّ ؟ لكنّ حالما رآها تـرفع كم قـميصهاّ الأبيض بـلع ريقهّ مغـادراّ بسرعة حينماّ وصل إلى بـابّ شقته استـدارّ نحوهاّ ينـظرّ إليهاّ قبل أن
يـغمزّ لها بـنوعّ من الـمرحّ و يبتسمّ بكلّ جاذبيةّ قـائلاّ بنبرةّ ضـاحكةّ
ـ إن كانتّ منكّ فهي بمثـابةّ جـنةّ ليّ ..
لمّ ينتظرّ لكي يرى ردةّ فعلها بلّ دخلّ بسرعةّ مغلقاّ البابّ خلفهّ فيّ حينّ نـظرتّ إليه فـلورا ّبدهشـةّ قد احمرتّ وجنتيهاّ خـجلاّ لكيّ تخفضّ رأسهاّ محـاولةّ أن
تـنزعّ ذلك الاحمرارّ من على خديهاّ لكنها لم تستطعّ فيّ النهايةّ عـادتّ إلى شقـتهاّ و هيّ تـجسّ نبضـاتّ قلبها المتسـارعةّ لم تعـتدّ بعد على تصرفاتهّ العـفويـةّ
إنهاّ تـجعلهاّ تـرتبكّ أكثرّ و أكثرّ إنـه الـرجلّ الذيّ لطالماّ أحبتـه لقدّ نالتّ حبه أخيـراّ ..
لكنّ لم تـدمّ سعادتهاّ تـلّك كثيراّ إذّ و حالما أغـلقّت البـاب انتـقلّ إلى مسامعهاّ صوتّ الـجرسّ استغربتّ فيّ البدايةّ لكن سرعانّ ما ابتسمت بـخفة لابد أنه ويليامّ
قدّ يكون نسي شيئاّ غيرّ أنها و عندماّ فتحتّ بـابّ شقتها على وسعه اندفعت الـشرطةّ إلى الـداخلّ فجأّة و دونّ أن يحق لها الـحديثّ تـحدثّ الـرجلّ الأولّ قـائلاّ
بنبرةّ بـاردةّ و هو يكبل ّيديها بالأصفادّ
ـ فـلوراّ روبرت أنتّ رهن الاعـتقالّ
__________________
  #95  
قديم 12-28-2015, 05:57 PM
oud
 
تـنهدتّ بقلةّ حيلةّ و هي تنـزعّ وشاحّها من رقبتهاّ لكيّ تعـلقهّ بعدّ ذلكّ نزعتّ معطفهاّ و وضعتّ مطريتها أرضاّ جالتّ بعيهاّ فيّ أرجاءّ المنـزلّ قد كانّ هادئا
للغـايةّ كماّ لو كـأن لا أثرّ للحياةّ به فـعادتّ ملامحّ الحزن تـكسوّا وجههاّ متىّ سوف يستـمرون على هـذّه الحـالّ ؟ نـظرتّ إلىّ سـاعةّ المـوجودةّ فيّ أعلىّ
الجدارّ قدّ كانت تشيرّ إلى الـثـالثةّ صباحاّ لم يكن يفترضّ بها المجيء الآن لكنّها أصرتّ على فـرانسواّ أن يقلها للمنزلّ و انتـظرته حتىّ ينهي عـملهّ غيرّ
أنه توقفّ عنّ أيّ كانت أعـمالهّ لكيّ يوصلهاّ ثمّ يـعودّ أدراجهّ بسرعةّ غيرّ ملتفتّ للخلفّ ...
عـبرتّ الـرواقّ ببطءّ و هيّ تحمل معطفهاّ و وشاحهاّ تحرصّ على عدمّ إصـدارّ أيّ صوت فوالدها لّن يسامحها على تأخرهاّ لنّ يـعفوّ لهاّ فقطّ لأنها كانتّ
بـمنزلّ ماريّ بلّ ربما سيشددّ عقابهّ عليهاّ خصوصاّ و أنهاّ فيّ الفترةّ الأخيرةّ أعـلنتّ تـمردها عليهمّ جميـعاّ إذ أنهاّ أخبرتهمّ بـأنهاّ لن تـقفّ مع ديميتريّ
مهماّ تـطلب الأمرّ و إن أرادا أنّ يكوناّ بصفهّ فليفعلاّ .. تـنهدتّ بقلةّ حيلةّ والدها لاّ يملك خياراّ حقيقـةّ فهو يفعلّ ما يـفعله لأنه يـظنّ أن آرثرّ مهدد من قبلّ
هـذاّ الـرجلّ الفـظيعّ المدعوّ بديميتريّ و لاّ يدرك تـماماّ أن آرثرّ هو خـلّف تـصرفاتهّ و يـفعلّ كلّ شيءّ طـواعيةّ بلّ حتىّ أنه يعرضّ أفكارهّ الخاصةّ على
ديميتريّ و مجـموعتهّ ..
حينماّ أشعلتّ الأضواءّ فجـأةّ فجـمدتّ كلّ أطرافّ جسدهاّ قبلّ أن تستديرّ ببطءّ إلىّ الخلفّ لكيّ تـرىّ آرثرّ أخيهاّ يقفّ هـناكّ فيّ الـطابقّ العـلويّ أمامّ غـرفته
الـخاصةّ يرمقهاّ بنـظراتّ باردةّ للغايةّ فاتسعتّ عينيهاّ بدهشـةّ و سـألته عـفوياّ لم تستطعّ منعّ الابتسامةّ
ـ آرثـر لقدّ عـدتّ .. هل استعـدتّ صوابكّ أخيـرا ؟
بالـرغّم من أنهاّ لم تـكنّ تقصدّ الـسخريةّ إلاّ أن جملتهاّ بدتّ كذلكّ لمّ تدركّ كليرّ أنها زادتّ غـضبهّ أميالاّ قدّ قطبّ حاجبيهّ بكلّ عـصبيةّ كيّ يتـقدمّ نحوهاّ
فـرمقتهّ كليرّ باستغراب عندماّ قـالّ بنبرةّ حادةّ لم يستطعّ أن يخفيّ فيهـاّ غـيضه الشديدّ و حقـدّه
ـ لقدّ أخبرتكّ أن تبـتعديّ عن تـلكّ الـمقعدةّ بحقّ السمـاءّ لكنّ لاّ لم يكنّ مصاحبتهاّ أمرّ كافياّ لكّ بل حتـىّ أنكّ قـررتّ مواعدةّ ذلكّ الـرجلّ الـسافلّ و الـوقوفّ
بجانبّ الشيطانّ أو لا تـدركينّ حجمّ الأخطاءّ التيّ تـرتكبينها واحدةّ تـلوّ الأخرى ؟
لمّ تـستوعبّ كلامه فيّ البـدايةّ أهـذاّ يعني أنه لاحـظّ حينما أوصلهاّ فـرانسواّ ؟ أو كانّ ينتـظرهاّ أم يراقبهاّ طوال هـذّه المدةّ ؟ هـذاّ ما جعـلّ الغضبّ يتصاعدّ
فيّ كيانها بأكملهّ أن يحـكمّ على تصرفاتهاّ هوّ الـرجلّ الذيّ يحـتاجّ إلىّ إعادةّ تـأهيلّ فقالتّ له بـعصبيةّ
ـ تـوقف عنّ سخافاتكّ آرثر فمنذّ متىّ أنا أنـفذّ طلباتكّ ؟ لا تـجعلنيّ أضحك ..
رمقهاّ بحدةّ و قدّ فقدّ أعصابهّ كلياّ لكيّ يمسكّها من ذراعهاّ بكلّ قـوةّ محـاولّا أن يفرضّ أوامرهّ ربماّ بينماّ لمّ تـزلّ نـظرّة الـتحديّ تلكّ من ملامحّ كليرّ بـلّ
أمسكتّ بياقـتهّ جـاذبّة إياهّ للأسفـلّ رافضةّ الصـراخّ أو بالرغمّ من أنهّ ألمهاّ قدّ قالّ بـغضبّ هادرّ
ـ أيتهـا الـ .. مهمـا فعلتّ فلنّ يسامحوكّ أبدا لن تصبحيّ صديقة مـاريّ على الإطلاقّ و لن تـواعديّ ذلكّ الرجلّ أبداّ ألا تـدركين أنهم يستغـلونكّ لسيطرةّ علي ؟
ألاّ تـدركينّ أنكّ كالدميةّ بينّ أياديهم ؟
لوهلةّ ضـعفتّ قبضةّ يدها منّ حولّ ياقتهّ قدّ لمستّ كلماتهّ قلبها لكنهاّ سرعان ما استعادتّ شتاتّ أفكارهاّ بصـعوبةّ و هيّ تـحاولّ أن تـفكّ ذراعه منهاّ عـندّما
إزدادّ دفـعه لهاّ كما لو كـأنه يحاولّ أن يجبرها سـواءّ أرادتّ أم لمّ تـردّ لأوامرهّ هو فـصاحتّ بحدةّ
ـ ابتعـد عـنيّ آرثر ..
على إثر نـبرتهاّ الحـادةّ الصاخبةّ استيقظّ كل والدهاّ رويّ و والدتهاّ قدّ ركضاّ مسرعينّ لكيّ يرى كلّ من آرثر و كليرّ فيّ صـراعّ جادّ للغايةّ أبنايهما اللذانّ لم
يتشاجراّ قد طـوالّ حياتهماّ كانّا متـعاونينّ جداّ و كلّ منهما مراعيّ للآخرّ هماّ الآن فيّ شجـارّ حادّ فحـاولّ رويّ أن يتـدّخل لكنّ آرثرّ دفعه بغيرّ قصدّ منه للخلفّ
لكيّ تـمسكّه زوجتـهّ بسرعةّ خوفاّ عليه صـاحتّ عليهماّ بـعصبيةّ
ـ آرثـر كليرّ ما الذيّ تـفعلانه ؟ ..
تـوقفّ آرثرّ عن إحكامّ قبضته على ذراعهاّ لكنّ بـدفعةّ بسيطة منه وجدتّ قدميهاّ تعوداّن للخلفّ فـنظرتّ بدهشةّ إلى الـدرجّ قبل أن تسقطّ بقـوةّ عليهّ لكيّ تتوقفّ
أخيرا عنّ الـحركةّ فيّ نهايته كانتّ تمسكّ ذراعهاّ بقـوةّ و هيّ تـكزّ على أسنانهاّ قد انتقلّ إلى مسامعهاّ صوتّ والدتهاّ الـخائفّ بينماّ قطبّ آرثرّ حاجبيهّ لماّ اقتـربّ
منه رويّ قـائلاّ بنبرةّ حادةّ
ـ ما الذي تـفعله ؟ جميـعنا نـدركّ أنه لاّ حيلةّ لك لكنّ ما فـعلتّه يتعدىّ الحـدودّ آرثرّ .. ليّ حديثّ معك
بدى رويّ أنه يقاومّ نفسه لكيّ لاّ يضربّ آرثرّ محاولاّ أن يتفهمّ أنه مجبرّ على تـصرفاتهّ هذّه و لاّ يستطيعّ رفضّ أوامّر ذلكّ الـرجلّ لكن ما فعله لاّ يغـتفرّ فركضّ
مسرعاّ تـاركاّ ابنه خلفهّ نـاحيةّ كليرّ التيّ لمّ تقلّ شيئاّ بل اكتفت بنـظراتّ حـادةّ غـاضبةّ نحوّ أخيهاّ الذيّ تـحدثّ بتهكمّ
ـ ماذا ؟ أتـريدينّ قـتلي ؟ لمـا لا تـطلبي ذلك من حبيبك فـهو قـاتلّ محتـرفّ في النهـاية ؟
استـدارّ بهدوء عـائداّ إلىّ غـرفته وسطّ دهشـةّ أفرادّ عـائلتهّ بأكملهمّ لمّ تستطعّ كليرّ قولّ أيّ شيءّ بل اكتفت فقطّ بالإمساك بذراعها بينماّ غـادرّ رويّ لجلبّ
سيـارته من أجلّ نقلها إلى المستشفىّ فيّ حينّ لم تستطعّ والدتها احتـمالّ الأمرّ لكيّ تـبدأ فيّ البكاءّ دونّ جدوىّ فـوقفتّ كليرّ بـرفقةّ والدتها مغـادرينّ المنـزلّ
اتجـاهّ الـمستشفىّ عنـدها عـاد الهدوءّ إلى المنـزلّ حينمـاّ جلسّ آرثر على سريره بجانبه كانتّ إليـزابيثّ جالسةّ تبتسمّ ببرودّ لما قـالّ آرثرّ بـحدةّ
ـ تـباّ لها ..
لم تـقلّ شيئاّ بل اكتفت فقطّ بالتـربيت على ظهرهّ كانّ غـاضباّ للغـايةّ لكنهاّ استـطاعتّ بطريقةّ ما أن تـبعدّ غـضبه تـدريجياّ كانتّ مـرتديةّ سـروالّ جينز قصيرّ
إلىّ ما فـوقّ الـركبةّ و قميصاّ قطنياّ مع حذاّء ذو كعب عاليّ أسودّ قد تـركتّ رفعت خصلات شعرها على شكلّ ذيلّ حصانّ هادئةّ جـداّ و مبتسـمةّ ببرودّ مصممـةّ
على تنفيذّ خـطتهاّ أي كانتّ الـطرقّ قدّ تحدثت بنبرةّ هامسةّ
ـ يمكنهـا أن تكون بمثـابةّ عـون لناّ الآن دعنا نستغـلّها قـليلاّ قبل أن نبعدها عنّ ماري و فرانسوا نهائياّ أعني لنـذيقهما قليلّ من الـعذابّ .
استـدارّ ناحيتها و لم يقلّ شيئاّ بل أومأ إيجابا و هو يتنهدّ بحدةّ ماّ الذيّ تفعله كليرّ بتعاونها معهّم ؟ إنها تـدرك جيدا أن نايت رجلّ خـطيرّ للغايةّ و التواجد بجانبه
ليسّ بالقرارّ الأمثلّ و الصحيحّ فأيّ إمرأة عاقلةّ تذهب إلى بيته تـلعب بـرفقةّ زوجـتهّ أو بالأحرى دميتـه إن صحّ القولّ و تـحبّ صديقهّ الأيمنّ إنهاّ مجنونةّ كلياّ
و لاّ يعلم كيفّ يجعلها تعودّ إلى جانبه ..
بينمـاّ وقفتّ إليزابيثّ بهدوء و هي تنـظرّ من خلالّ الشرفةّ إلىّ بـاحةّ المنـزلّ قدّ لا يكون انـضمام كليرّ لنايت قـرارا صـائباّ لآرثر لكنّ بالنسبةّ لها فهي بطـاقةّ
دخولهاّ للقصرّ مجدداّ و هذه المرةّ لن تخرجّ قبلّ أن تـأخذّ نايتّ معهاّ سوفّ تفعل المستحيلّ لتنـاله و لن يكون لديهاّ أي شجارّ فـماريّ قد كشفتّ أخيراّ هي لمّ
تـكنّ سوى موظفةّ لديه إن صحّ القولّ و هوّ لم يحببهاّ قطّ الـمرأة الوحيدةّ التيّ نـظر إليها استدارّ نحوهاّ و اهتـم بهاّ هيّ إليـزابيثّ وحدهاّ فقطّ ، ابتسمتّ بخفةّ
قـائلةّ
ـ دعنـا نبقيّ أمر تـحركاتنا هـذّه سراّ عن أوسكارّ فـأنا لا أعتـقدّ انه سيوافقّ على أيّ ستكونّ خطواتّنا القــادمةّ ، إنه لا يريد أن يجذبّ الانتباه من أجل تـجنب
التفات الإعلام لديميتريّ لكن نحن ليسّ لدينا شيءّ لنخسرهّ فعلا و كمـاّ أن موعد الاجتـماعّ قـريبّ للغـايةّ لمّ يبقى سوىّ ثلاثةّ أيام على انعقاده
استـدارّ آرثرّ ناحيتها مستغـرباّ لم يتم الإعلان أبدا عنّ موعد الاجتماعّ القادم لاختيارّ رئيسّ شركةّ لبيير فـكيفّ لها هي أن تـعلم ذلّك تـحدثّ بنبرةّ مستغـربةّ
مستنـكرةّ
ـ لكنّ كيفّ لك أن تعلمي بذلكّ ؟
ابتسـمتّ بخفةّ و هي تستديرّ نحوه كانتّ نـظراتها باردةّ خبيثـةّ وشديدةّ الـمكرّ و لوهلة من الزمنّ نظر إليهاّ آرثرّ بدهشةّ كـبيرةّ بدتّ جميلةّ للغـايّة بلّ كانتّ
الجمالّ نفسهّ لكنّ بالفعلّ هذاّ الجمالّ و ذلكّ الجسدّ ليساّ كاملينّ قـدّ قالت له بنبرةّ ضاحكةّ
ـ أنـا من قـمتّ بتـحديدّ الاجتـماعّ لقدّ صـرتّ الآن منـافسةّ له على الـسلطةّ لاّ كايّل ..

/

ـ إذّن أخبـرنيّ مـا رأيك ؟
كانتّ نـظراتّه موجـهةّ نحوهّ قدّ علتّ ملامحه الدهشةّ و الصـدمةّ فيّ آن واحدّ إنه بالكادّ يصدقّ ما سمعتّ أذناهّ و ما تـراه عيناه فيّ هذّه اللحـظةّ حينماّ أدرك
أخيـراّ أنه و بالرغمّ من كونه فـرداّ من هـذّه العـائلةّ إلاّ أنه لا يعـلمّ شيئاّ عنها و ما سمـعهّ الآن أكبرّ دليلّ على ذلكّ بيـنماّ نـظرّ أليكساندرّ بهدوءّ إلىّ صـورةّ
ما موضوعـةّ بجانبّ الـسريرّ قد كانتّ لكلّ من كايلّ و إليـزابيثّ فيّ حفلةّ زفافهماّ بعدّ ذلكّ عـادّ ينـظرّ نحوه فتـحدثّ كايلّ بـعدم تصديقّ و الـرجفةّ صرتّ فيّ
كيانه بـأكمله
ـ ماّ الذيّ تـقصده بـأنه سوفّ يقـتلّ ؟ إنكّ تتحدثّ عنّ نايت بحقّ الـسماءّ ذلكّ الـرجلّ لم يهزم قطّ فيّ حياته فـكيفّ لكّ أن تـقولّ بهذه البساطةّ أنه سوفّ يقتل ؟
أتمزحّ معي يـا فتى ؟
رمـقهّ أليكساندرّ ببرودّ لوهلة من الزمنّ قدّ اغتاظّ من لهجةّ الاستصغارّ الظاهرةّ في نبرةّ صوتّ كايلّ لكنهّ لا يملّك شخصاّ آخر ليـخبرهّ لاّ بل يتـوجب عليهّ أن
يخبر كايلّ فاقـتربّ منه قـليلاّ و هوّ يتحدثّ بّحدةّ
ـ أنا لا أمزح ، إن لمّ نفعل شيئـاّ فهو حتما سوفّ يقتـلّ .. إنه لاّ يريد مني التـدخلّ لكنّ أنت تـستطيعّ يمكنك أن تـمنع هـذاّ من الحصولّ
تنهدّ كايلّ بقلةّ حيلةّ و هوّ يفرك جبينهّ ما الذيّ دفعه لكيّ يصدقّ أقاويلّ طفلّ هو بالكاد يعرفّ عنه شيئاّ ؟ أو قـال ّأن نايتّ سوفّ يقتلّ و من طرفّ ديميتري ؟
هـذاّ مستحيلّ الـحدوثّ كلياّ قـدراتّ نايتّ عـاليةّ جداّ و هوّ لم يخسرّ أبداّ منـذّ أن ولدّ هوّ لم يذقّ أبداّ طعمّ الخسارةّ لقدّ كان يحصلّ على كلّ ما يريده بالتخطيطّ
مسبقّ فـلماذاّ سوف يخسرّ الآنّ ؟ لاّ بلّ لما هو لاّ يزالّ ينصتّ إلى هذا ّألفتى ؟ إنه بالكادّ يعرفّ إسمهّ أكانت ماريّ تـناديه بـأليكسّ أوّ ماذا ؟ فـأمسكّه من كتفه
قـائلاّ بنبرةّ هادئةّ
ـ عـد إلىّ النومّ فكل ما رأيته كانّ مجرد كابوسّ ، هياّ أخبرني أين غـرفتكّ سوف أعـيدكّ ..
قـطبّ أليكساندرّ حاجبيهّ بـعدّ ذلك ابتسمّ بسخريةّ ثمّ استـدارّ مستعداّ للمغادرةّ يبدوا أنه كانّ مخطئا حينماّ لجأ إليهّ لمّ يكن عليه أبدا ّأن يثّق به حينما تستيقظّ
ماريّ سيخبرهاّ بالرغمّ من أن نايتّ لاّ يريد لأحد أن يعلمّ بشـأن هذّه المواجهة الأخيرةّ لكنه سيفعلّ فهو لن يسمحّ أبداّ لنايت أن يقتلّ ، قـالّ بنبرةّ متهكمةّ
ساخرةّ
ـ أنتّ محقّ لمّ يكنّ يجدر بيّ أبدا أنّ أخبرّ جبانا مثلكّ.. لقدّ عـجزّت عنّ مواجهةّ إليزابيثّ فكيفّ لك أن تـواجه ديميتريّ و هو أسوءّ منها بـأميالّ و أميالّ ؟
عـدّ إلىّ النومّ عـزيزيّ فأنتّ لن تستيقظّ أبدا
نـظرّ إليه كايلّ بدهشةّ أقـالّ له تـواّ جبانّ و عدّ إلىّ النومّ ؟ هـذاّ الفتى لا يبدواّ عادياّ على الإطلاقّ طريقةّ كلامه و حتىّ تـفكيرهّ أكبرّ من عـمره بكثيرّ إنه يبدواّ
نوعاّ ما شبيها لنايت فـقطبّ حاجبيه غيرّ مصدقّ ما يحدثّ و اقتربّ منه لكيّ يمسكهّ رغماّ عنه و هوّ يحاول أن يعيدّه إلى ّغـرفته عندماّ تحدثّ أليكساندرّ
بحدةّ محاولاّ التخلصّ من قبضتهّ
ـ أيـها الانجليزيّ الـوغدّ أتركنيّ ..
لقدّ أخطـأ فعلاّ بقدومه إلى كـايل فـهو حتى لو أراد لما استـطاع أبدا إيذاء إليزابيثّ و حينما تـخلصّ من قبضـةّ كايلّ التيّ تجذبّه نحو المخـرجّ ، فتـحّ البـاب
لكيّ تدّخل سوزي بـكل هدوء أغلقتّ البـابّ خلفهاّ قدّ بدى أنها تـعلمّ كل شيءّ عما كان أليكساندر يتـحدثّ تواّ لكيّ يقطبّ حاجبيه و هو يزم شفتيهّ عندما تحدث
كايلّ باستياءّ
ـ هـل كنت تـراقبيننيّ مجـددا ؟
نـظرتّ إليه سوزي بـبرودّ ثمّ أومـأتّ إيجابا هـذّه هي مهمتهاّ حـالياّ و تتمثلّ فيّ حمـايةّ مـراقبةّ و الحرصّ على جعـل كايلّ يـعود إلى رشـده فلابد أن إليزابيث
سوف تستهدفه عندماّ تـحدثت بنبرةّ هادئةّ
ـ بالـطبعّ ، و أعتـقد أن ما قـاله أليكساندر صحيح
زفـر كـايلّ بإرهاقّ شديدّ منهما ثمّ وضـعّ يده على جبينه لكيّ يبعد بضعةّ خصلات بنية أزعـجته معـرباّ عنّ فقدانه لأعصـابه أيضاّ تنهـدّ بعد ذلكّ لكيّ يجلس
على الأريـكةّ و يقفّ أليكساندر أمامه كـذلكّ فعلت سوزي فعـادّ كايلّ يتـحدث بنبرةّ واثقـةّ و غيرّ مصـدقاّ لظنونهما
ـ بحقّ السـماءّ هـذا نايت الذي نـتحدث عنه إنه لنّ يقتل بـكل سـهولةّ كمـا أنه و الآن بعدما علمنا جميـعاّ هو من عـائلةّ ماكاروف ، تـلكّ العـائلة تحمل جينات
الـخداعّ و الدهاء كما لو كـأنها وراثـةّ و أنا أأكد لكم أن خـوفكم هـذاّ ليسّ إلا هذيان فقطّ
بالـرغّم من أن ما قـصده عنّ نايت كان بمثـابةّ مديحّ إلا أن أليكساندرّ اعتـبره إهـانةّ زم شفتيـه بعصبيةّ واضـحةّ و فــتحّ شفتيه مستعـداّ لردّ عنّ اعتـقاداتهّ
الهـاذيةّ عن سلالةّ ماكاروف عندما تـراجعّ فجـأةّ وهو يشيحّ وجهه بعيـداّ باستياء لاّ فـائدةّ تـرجى منه فـعـادّ أدراجه للخلف قـائلاّ بنبرةّ باردةّ حادةّ و غاضبةّ
أيضا
ـ سـافل وغـد ..
قـالّ ذلكّ بكل عصبيـةّ لكيّ يستدير مجددا نحو كايل المصدومّ ثمّ يتمتم بـكلماتّ شتيمـة حتماّ قد كانتّ بلكنـتهّ الـروسيةّ مغـادراّ بعد ذلكّ بينماّ تنهدتّ سوزي
بـقلةّ حيلةّ نـظرتّ نحو كايلّ و هزت رأسهاّ بأسى ، قـائلةّ له بنوعّ من التعب
ـ كـايل ألم يحن وقـتّ تدخلك بـعد ؟ ألا تـريد أن تلقن إليـزابيثّ درسـا ؟
شـحبّ وجهه إذّ ذكر سوزي لأسم إليزابيثّ أعاد ذكريـاتّ أليمةّ لم تمحىّ بعد منّ ذهنه قدّ فتحتّ جرحاّ حاول جـاهدا أن يتـجاهلهّ أنّ لا يشعرّ بألأمه عـندماّ
غـادرتّ سوزي أيضـاّ قد فقدتّ الأمل فيّ تغـيره لنّ تستطيـعّ أن تفـعلّ أيّ شيءّ له بعدّ الآنّ لن تكون قادرةّ على دفعه للأمامّ أكثرّ ليسّ و هو يـعودّ للخلفّ
خائـفاّ من مواجهةّ الواقـعّ بينماّ و حينماّ أغلقت الأبوابّ و عـادّ الهدوءّ ليعمّ الغـرفةّ وقفّ كايلّ متـجهاّ إلى تـلكّ ألصورةّ التيّ احتـوتهّ و إليزابيثّ فيّ حفلةّ
زفافهماّ قبلّ أن ينزلهاّ للأسفلّ و يبعـدّها عنه متنهداّ تماما كما لم تـعدّ إليـزابيثّ بجانبه
__________________
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 05:44 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011