عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة > روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة

روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة يمكنك قراءة جميع الروايات الكاملة والمميزة هنا

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #16  
قديم 10-19-2015, 03:27 AM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://dc20.arabsh.com/uploads/image/2015/10/17/0c3e424362f104.jpg');border:2px outset gray;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


الفصل الرابع عشر
في اسكوتلانديار


ومرة اخرى انعقد مؤتمر في اسكوتلانديار وضم هذا المؤتمر نائب الحكمدار والمفتش كروم والمسيو بوارو
وانا وقال نائب الحكمدار لبوارو :
- كانت ضربة معلم تلك التي ذكرت فيها موضوع الجوارب النسائية يا مسيو بوارو فقد ثبت بما لايدع للشك
ان القاتل كان يتظاهر ببيع الجوارب النسائية.
فبسط بوارو يديه وقال :
- كان الأمر واضحا بعد ان سمعت كلمة "الجوارب" تتردد كثيرا على السنة المقربين الى الضحايا.
والتفت نائب الحكمدار الى المفتش كروم وقال :
- هل وضحت لك كل غوامض هذه الحالة يا كروم ؟
- كلها تقريبا يا سيدي هل اسرد كل ما لدينا من معلومات حتى الآن ؟
- ارجوك ان تفعل.
- لقد ثبت لنا انه كان في فندق ببيت بمصيف توركاي قبل وقوع جريمة سيرستون بيوم واحد وقد سجل
اسمه في الفندق "ا.ب.سوست" وثبت انه عاد الى الفندق في ليلة وقوع الجريمة في الساعة العاشرة والنصف
مساء اي كان في امكانه ان يستقل قطار الساعة التاسعة والسابعة والخمسين دقيقة من محطة سيرستون فيصل
الى محطة توركاي في العشرة وعشر دقائق وصمت المفتش كروم برهة قبل ان يستطرد قائلا :
- وكذلك الحال بشان بكسهيل لقد نزل في فندق جلوب وسجل بنفس الإسم المذكور وعرض جواربه للبيع على
اكثر من اثنتي عشرة سيدة منهن المسز بارنارد وغادر الفندق في ساعة مبكرة من مساء وقوع الجريمة ثم عاد
الى لندن في الساعة الحادية عشرة والنصف من صباح اليوم التالي ..اما بشان اندوفر فقد نزل في فندق ثيثرز
وعرض جواربه على المسز فاولر جارة المسز آسكر _المجني عليها_ كما عرضها على اكثر من خمس سيدات
اخريات وقد حصلت على الجوارب الذي اشترته المسز آسكر منه لإهدائها لإبنة اخيها ماري دراور كما يبدو ..
حصلت عليه من ماري وثبت انه من نفس الصنف الذي يبيعه المستر سوست.
فقال نائب الحكمدار :
- هذا عظيم جدا حتى الآن.
- وبعد المعلومات التي ادلى بها توم هارنيجيان ذهبت بنفسي الى مسكن المسز ماربري حيث علمت ان
المدعو المستر سوست خرج من غرفته دون ان يشعر به احد وقمت بتفتيش هذه الغرفة وثبت بما لايدع
للشك انه المجرم المجهول ..لقد عثرت على رزمة من اوراق الرسائل من نفس النوع الذي كتبت عليه
رسائله الى بوارو وكذلك وجدت في ذاخل خزانة الملابس كمية كبيرة من الجوارب النسائية في علب
مسطحة ولفافة بها مجموعة من دليل "ا.ب.س" للسكة الحديدية كلها جديدة وكانت اللفافة تشبه لفافات
علب الجوارب تماما بحيث يظن الذي يراها لأول وهلة انها تضم علب جوارب لا مجموعة من
دليل "ا.ب.س" للسكة الحديدية.
وقال نائب الحكمدار :
انه حتما مجنون.
وقال المفتش كروم بلهجة الإنتصار:
- وقد عثرت على شيء آخر عثرت في هذا الصباح فقط ولم تتح لي الفرصة بعد لإبلاغ النبأ رسميا
والواقع انني لم اكن انتظر ان اجد السكين المستعملة في الجريمة الأخيرة في غرفته.
فقال بوارو :
- مهما بلغت درجة جنونه فلا يعقل ان يخفي السكين في غرفته.
- ايا كان الأمر فالمجنون ليس شخصا متزن التفكير ..ومن ثم فلا يستطيع الإنسان ان يحكم على نتائج
تصرفاته بالمقدمات المنطقية ولهذا خطر لي انه ربما عاد بالسكين الى مسكنه ولكنه اخفاها في مكان
آخر فماذا يمكن ان يكون ذلك المكان الآخر ؟ انه قائمة الصالة والمفروض ان احدا لا يحرك قائمة
الصالة عن موضعها وبعد الكثير من الجهد استطعت مع رجالي ان نحرك قائمة الصالة قليلا عن
الجدار فوجدنا السكين وراءها..
- نفس السكين ؟
- أجل ..وكانت لم تزل ملوثة بالدماء.
فقال نائب الحكمدار :
- احسنت يا كروم لم يبق امامنا غير شيء واحد.
- ماهو يا سيدي ؟
- القبض على الرجل نفسه.
فقال كروم بلهجة تنم عن الثقة الكاملة:
- لسوف يتم هذا في اقرب فرصة.
والتفت الى بوارو وقال :
- ما رايك يا مسيو بوارو.
وبذا كان بوارو قد تنبه من ذهوله وقال :
- معذرة ماذا تقول ؟
- كنا نقول ان القبض على ذلك المجرم المجنون مسالة وقت ...فما رايك ؟
- اوه نعم ..نعم..بلا شك.
وكان صوته ينم عن شرود الفكر فقال نائب الحكمدار :
- هل هناك مايثير قلقك يا مسيو بوارو؟
- ان هناك ما يهمني جدا ان اعرف الإجابة عليه وهو السبب ..المبرر الدافع على هذه الجرائم.
فقال نائب الحكمدار في ضجر :
- وكان الرجل المجنون ...الا يعتبر هذا سببا كافيا ؟
- لايا سيدي ..ان هذا لايعتبر سببا كافيا في رايي.
فقال كروم :
- - ربما يتضح لنا السبب عندما نقبض عليه.
وقال نائب الحكدار :
- ترى اين هو :

×××

وتوقف المستر سوست بجوار دكان الفاكهة الواقع امام دكان المسز آسكر عبر الشارع وراح ينظر
الى دكان المسز آسكرنعم..ان اللافتة تحمل اسمها بوضوح حلوى وسجائر وصحف وبجانب اللافتة
ورقة مكتوبة عليها "للإيجار" لقد اصبح الدكان خاليا بلا حياة.
" معذرة يا سيدي"
قالتها زوجة الفكهاتي للمستر سوست لكي تتناول بعض ثمار الليمون واعتذر لها وتحرك جانبا..
وفي بطء وتمهل راح يسير متثاقلا في اتجاه الطريق العام المؤدي الى خارج البلدة
ان الأمر الشاق ...شاق تماما لأنه لم يعد يمتلك قرشا واحدا
واشق من هذا انه لم يتناول طعاما طوال يومه ويبدو ان الجوع يملأ النفس بمشاعر غريبة ويجعل
الراس خفيفا مضطربا ولاحت منه نظرة الى واجهة "كشك" لبيع الصحف فطالعته العناوين الضخمة
عن جرائم "ا.ب.س" الرهيبة وعن المجرم الذي اختفى وعن المؤتمر الذي اشترك فيه هيركيول بوارو
مع رجال المباحث
وتمتم المستر سوست لنفسه قائلا "لو ان المسيو بوارو يعرف.."
وعاد يستأنف السير
ولمنه قال لنفسه
- لن استطيع ان امضي هكذا طويلا.
انه يحرك قدما امام قدم يا لها من حركة عجيبة غريبة لمن يلاحظها
ولكن اليس كل انسان حيوانا عجيبا غريبا ؟
او ليس هو الكسندر بونابرت سوست حيوانا عجيبا غريبا بوجه خاص ؟
لقد كان هكذا دائما
كان الناس دائما يضحكون منه وعليه..وهو لايستطيع ان ينحني عليهم باللوم ..
الى اين هو ذاهب ؟...انه لا يعرف..
لقد وصل الى النهاية ولم يعد في مقدوره ان يرى شيئا غير تحركات قدميه
قدم تمضي امام قدم ورفع راسه وراى اضواء امامه ولافتة كبيرة مكتوبة عليها "مركز الشرطة"
وضحك المستر سوست وقال :
- ماعجب هذا ؟
ثم تقدم نحو المدخل وقبل ان يصل الى اولى درجات السلم تمايل واهتز ثم سقط على الأرض مغشيا عليه

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________





  #17  
قديم 10-19-2015, 03:36 AM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://dc20.arabsh.com/uploads/image/2015/10/17/0c3e424362f104.jpg');border:2px outset gray;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


الفصل الخامس عشر
بوارو يسأل

كان يوما من ايام نوفمبر الصافية الأديم وكان الدكتور ثومبسون وكروم والمفتش جاب قد جاءوا الى
مسكن بوارو ليخبروه بآخر تفاصيل قضية "ا.ب.س" وكان بوارو ملازما الفراش بسبب نوبة برد
وقال المفتش جاب :
- لقد حول القاضي التحقيق قضية ا.ب.س الى محكمة الجنايات.
وقلت انا :
- هل سيصر الدفاع الى انه مجنون غير مسؤول عن جرائمه ؟
فقال جاب :
- ان الدافع بالمجنون لن يؤدي الى اطلاق سراح المتهم بل سيدفع به الى مصحة الأمراض العقلية
حيث لايخرج منها الا بمرسوم.
ثم اردف قائلا :
- ولكنني اعتقد ان المحامي المستر لوكاس يرى امام المتهم ثغرة يمكنه النجاة منها وهي اقامة الدليل
الحاسم على ان سوست لم يكن في بكسهيل ليلة وقوع الجريمة ولكنه لن يستطيع في رايي ان ينقذ
المتهم من حبل المشنقة في نهاية الأمر.
وقال بوارو للدكتور ثومبسون :
- مارايك يا دكتور :
- تسالني عن رايي في سوست ؟ انني لا ادري ماذا اقول انه يتظاهر بتمام العقل والحكمة ولم اجد حتى
الآن اي عرض من اعراض الجنون في حديثه او تصرفاته ..ولكنه مصاب بداء الصرع.
- عجبا.
لقد فجأته نوبة الصرع وهو يدخل مركز الشرطة في اندوفر فسالت الطبيب قائلا :
- هل يمكن ان يرتكب المريض بالصرع بعض الأعمال كالجرائم مثلا دون ان يشعر بما يفعل ؟
انني احس انه صادق في انكاره امام المحققين.
- لاتنخدع بحركاته واقواله المسرحية عندما كان يقسم امام المحققين " بالله العظيم ثلاثا" انه لم يرتكب
اية جريمة من هذه الجرائم رايي انه كان على ادراك كامل بما ارتكب.
وقال كروم :
- ان تحمس المجرم في الإنكار يكون في كثير من الأحيان دليلا على ادانته.
وقال الدكتور ثومبسون:
- والدليل الحاسم على ادراكه التام لإرتكابه هذه الجرائم تلك الرسائل التي ارسلها اليك يا مسيو بوارو
انها تدل على عقلية تعرف كيف تحكم التدابير.
وقال بوارو :
- الم يقل سوست شيئا بخصوص هذه الرسائل بعد ؟
- لا انه لا يزال مصرا على انه لا يعرف من امرها شيئا.
- انني شخصيا لن اعتبر القضية منتهية حتى اعرف لماذا اختارني بالذات لكي يرسل هذه الرسائل الي.
- طبعا ..طبعا هذا من حقك.
وقال بوارو :
- وذلك الشاهد العجيب المدعو سترانج الا يزال مصرا على قوله بان المتهم كان يلعب الدومنو معه الى
ساعة متأخرة من مساء اليوم الرابع والعشرين من يوليو وفي فندق ببلدة ايستبورن ؟
واجاب المفتش جاب الذي كان قد بقي بعد انصراف الدكتور ثومبسون :
- نعم ..انه مصر عليها كل الإصرار هل يهمك امر هذه الشهادة يا بوارو ؟
- كل الأهمية.
- ولكنها لاتهمني كثيرا لأني لا اصدقها ..لا لا ان المحامي لوكاس سوف يعرف كيف يستفيد منها في دفاعه.
- صف لي هذا الشاهد العنيد يا جاب.
- انه رجل في نحو الأربعين قوي البنية متين الجسم شديد الثقة بنفسه وبارائه يعمل مهندسا في المناجم
وهو الذي تقدم من تلقاء نفسه للشهادة واصر عليها واجل بسببها سفره الى شيلي.
فقال بوارو مفكرا :
- اي انه من طراز الرجال الذين يوفضون الإعتراف بالخطأ مهما يكن الحال.
فقلت انا وكنت قد سمعت شهادته اثناء التحقيق:
- انه من اشد الناس عنادا واصرارا على اقواله لقد اقسم بكل شيء مقدس انه التقى مصادفة بسوست في
فندق هوايت كروس ببلدة ايستبورن في مساء اليوم الرابع والعشرين من يوليو الماضي اي في ليلة وقوع
جريمة بكسهيل ولما رآه وحيدا بائسا اشفق عليه وراح يتحدث اليه وبعد طعام العشاء لعبا معا الدومينو
ويبدو ان ذلك المدعو سترانج من هواة اللعبة وقد ادهشه وسره ان يجد في سوست غريما بارعا وقد اقسم
مرات عديدة انهما ظلا يلعبان ساعات طوالا متوالية وانهما لم يفرغا من اللعب الا في منتصف الليل ولهذا
فهو اقسم مرات عديدة بكل ماهو مقدس ان سوست لايمكن ان يكون مرتكب جريمة بكسهيل لأنه كان موجودا
معه في ايستبورن حتى آخر لحظة من الساعة الثانية عشرة مساء اليوم الرابع والعشرين وقد ثبت طبيا ان
الجريمة ارتكبت في هذه الساعة فكيف استطاع سوست ان يكون موجودا في مكانين مختلفين في وقت واحد
لاسيما ان المسافة بين البلدتين اربعة عشر ميلا ؟
فقال بوارو :
- هذه مسالة تستحق التفكير والتامل.
فهز كروم كتفيه وقال :
- حتى لو ظل ذلك المدعو سترانج على شهادته فلا تزل لدينا جريمة دونكاستر بما فيها من السكين الملوثة
بالدماء وكم المعطف الذي كان يغسله في الحوض ..انه لن يستطيع ان يجد في هذه الجريمة تغرة واحدة
ثم هناك جريمة سيرستون ثم اندوفر ان هذه الجرائم الثلاث الثابثة عليه تدل على انه مرتكب الجريمة في
بكسهيل مهما اقسم واصر سترانج على شهادته.
وقال جاب :
- ان مهمتك يا مسيو بوارو ان تبين لنا كيف يمكن التوفيق بين اصرار سترانج على شهادته وبين ارتكاب
سوست لجريمة بكسهيل.
وبعد انصراف النفتش قلت لبوارو :
- ما رايك في هذا كله ؟
- ومارايك انت يا هاستنغز ؟ اتعتبر الموضوع منتهيا ؟
- اعتقد هذا لأن الرجل قد وقع اخيرا والأدلة متوافرة الى حد مذهل.
- انني شخصيا لا اعتبر الموضوع منتهيا حتى اعرف كل شيء عن ذلك الرجل.
- لقد عرف عنه الشيء الكثير.
- لا..لا..لم يعرف عنه في الواقع شيء عرفنا اين ولد حقا وانه اشترك في الحرب العالمية الأخيرة
وانه جرح في راسه واعفي من الخدمة بسبب داء الصرع ونعرف انه اقام سنتين في غرفة مفروشة بمسكن
المسز ماربري وانه كان دائما هادئا منعزلا من النوع الذي لا يشعر به احد ونعرف انه وضع خطة هذه السلسلة
من الجرائم واحكم تنفيذها وانه في النهاية ارتكب عدة اخطاء عجيبة لا يرتكبها اي مبتدىء في عالم الجريمة
ونعرف ايضا انه لم يحاول ان يتهم احدا بارتكاب هذه الجريمة كما تعرف في الوقت نفسه انه كان يقتل ضحاياه
بلا رحمة او شفقة اترى يا هاستنغز مبلغ المتناقضات في شخصيته ؟ داهية وابله عطوف وقاس لايرحم هادىء
منعزل وجبار سفاك ..هذه متناقضات كلها لابد ان يكون لها عامل اساسي يربط بينها.
- اذا كنت تريد ات تحلل نفسيته على هذا النحو فلا شك.
فقاطعني بوارو وقال :
- لا..لا..انني في الواقع لا اكاد اعرف عن حقيقته شيئا.
- لعل شهوة القتل..
- أجل ..ان هذا الحافز يفسر الشيء الكثير ولكنه لا يقنعني فهناك اشياء كثيرة اريد ان اعرفها عن يقين
مثلا : لماذا ارتكب هذه الجرائم ؟ ولماذا اختار هؤلاء الناس بالذات ؟
- لأن اسماءهم مرتبة بالحروف الأبجدية ..
- هل كانت بيتي بارنارد مثلا الفتاة الوحيدة في بكسهيل التي يبدأ اسمها بالحرف "ب" آه لقد خطرت لي فكرة
لابد انها فكرة صائبة بل يجب ان تكون فكرة صائبة.
ثم استغرق في تفكير عميق حتى ظننته نائما ..ويبدو انني الذي نمت لأني لم البث ان تنبهت على يده وهي
تربت على كتفي وعلى صوته وهو يهتف بي قائلا :
- يا عزيزي هاستنغز يا ملهمي العبقري.
ونظرت اليه في ارتباك لهذا التقدير المفاجىء والإعجاب غير المنتظر اما هو فقد استمر يقول :
- انك تميمة حظ يا هاستنغز انك دائما الذي تلهمني باول ضوء ينير لي السبيل.
فسالته قائلا :
- وكيف الهمتك هذه المرة ؟
- بينما كنت القي على نفسي بعض الأسئلة تذكرت ملاحظة سمعتها منك ..ملاحظة وضيئة ملهمة الم القل
لك ذات مرة انك عبقري في ملاحظة الأشياء الواضحة وهي نفس الأشياء التي كثيرا ما تفوتني ملاحظتها.
- وماهي ملاحظتي الوضيئة الملهمة هذه ؟
- نعم...ملهمة و وضيئة لأنها اوضحت لي كل شيء انني الآن اعرف الإجابة على جميع اسئلتي اعرف
السبب الذي من اجله قتلت المسز آسكر - وان كنت اعرف السبب منذ مدة- والسبب الذي من اجله قتل
السير سيرميكال كلارك والسبب الذي من اجله وقعت جريمة دونكاستر واخيرا وهذا هو المهم لماذا وقع
الإختيار على هيركيول بوارو بالذات لإرسال تلك الرسائل اليه.
- هل تسمح وتشرح لي الأمر ؟
- لا ليس الآن اريد اولا ان اجمع بعض المعلومات وربما استطعت جمعها من فرقتنا الخاصة ثم بعد ان
اعرف الإجابة على سؤال معين سوف اذهب لزيارة صاحبنا ا.ب.س لسوف اقف معه وجها لوجه ا.ب.س
امام هيركيول بوارو.
- وبعد ذلك ؟
- وبعد ذلك سنتحدث ..وتأكد يا هاستنغز ان الحديث من اخطر الأسلحة التي تكشف عن مكنونات الصدور
ان الحديث _كما قال لي فرنسي عجوز ذات مرة_ من الضروريات التي اخترعها الإنسان لتخفف عنه كثرة
التفكير والإنسان يا هاستنغز لا يستطيع ان يقاوم عملية كشف نفسه والإفصاح عن حقيقة شخصيته عن طريق
الحديث و كلما زاد من الحديث ازدادت شخصيته وضوحا.
وهنا قلت له :
- ماذا تنتظر ان يقول لك سوست ؟
فابتسم بوارو وقال :
- كذبة ......وعن طريق هذه الكذبة سأعرف الحقيقة.


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________





  #18  
قديم 10-20-2015, 12:21 AM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://dc20.arabsh.com/uploads/image/2015/10/17/0c3e424362f104.jpg');border:2px outset gray;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


الفصل السادس عشر
في بكسهيل



ظل بوارو مشغولا بضعة ايام فكان يختفي ساعات طوالا ثم يظهر فجأة ثم يستغرق ساعات اخرى في
التفكير العميق كل هذا دون ان يدعوني للذهاب معه او يشركني في افكاره
وبالقرب من نهاية الأسبوع اعلن عن رغبته في الذهاب الى بكسهيل وما يجاورها ثم اقترح ان اذهب معه
وبطبيعة الحال رحبت بالإقتراح وتبين لي ان هذه الدعوة لم تقتصر علي فقط وانما شملت الفرقة الخاصة
ايضا وذهبنا الى بكسهيل وزار بوارو اولا المسز والمستر بارنارد حيث عرف من السيدة الموعد الذي
حضر فيه سوست اليها لبيع جواربه وماذا قال لها على وجه التحديد ثم ذهب الى فندق الذي كان سوست
قد نزل فيها وعرف الموعد الذي رحل عنه بالتحديد ورغم انني لم اجد في هذا كله جديدا الا ان بوارو
بدا لي شديد الرضا وذهبنا بعد ذلك الى الشاطىء الى المكان الذي قتلت فيه بيتي بارنارد وهناك راح
بوارو يسير حوله في دوائر ولم اجد انا في هذا كله جدوى لاسيما ان المد كان يغمز المكان اكثر من
مرة في اليوم وانتقل من الشاطىء الرملي بعد ذلك الى اقرب مكان يمكن ان تقف فيه سيارة خاصة ثم
مضى الى الموقف الذي تبدأ منه السيارات العامة رحيلها الى ايستبورن
واخيرا ذهبنا جميعا الى مقهى جنجركات حيث شربنا اقداحا من الشاي قدمتها الينا هيجللي
ولشد ما ادهشني ان رايت بوارو يداعب المس هيجلي ويتغزل في جمال ساقيها قائلا ان جمال
الساقين في الفتيات الإنجليزيات شيء نادر
وضحكت هي ابتهاجا واكدت له انه فرنسي لطيف
وقال بوارو اخيرا :
- لقد انتهيت من بكسهيل ولم يبق امامي غير زيارة لإيسبورن ولا حاجة بكم لأن تصحبوني ..والآن هلم
نعود الى الفندق لنتناول بضع كؤوس كوكتيل ؟
وعلى مائدة الشراب قال فرانكلين كلارك :
- اعتقد انك تريد ان تحطم شهادة ذلك المدعو سترانج اليس كذلك ؟
- صبرا يا صديقي صبرا.
- يبدو لي يا سيد بوارو انك راض عن نفسك جدا.
- نعم نعم لأن فكرتي الصغيرة بدات تتبلور الى حقيقة اكيدة.
ثم ارتسمت امارات الجد على وجهه وقال فجأة :
- حدثني صديقي هاستنغز ذات يوم انه كان يحب وهو شاب لعبة اسمها لعبة الحقيقة ومؤداها ان يوجه
الى كل فرد من مجموعة اللاعبين ثلاثة اسئلة عليهان يجيب _بصدق_ على اثنين منها ويمكنه ان يرفض
الإجابة على السؤال الثالث والأسئلة في هذه اللعبة تكون بطبيعة الحال بعيدة عن الخصوصيات المحرجة
ولهذا يستلزم ان يقسما كل لاعب على قول الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة .
ولما وقف عن الحديث برهة قالت ميجان بارنارد :
- حسنا.
- آه اريد ان نشترك في هذه اللعبة معا ويكفي ان يوجه الى كل واحد منا سؤال واحد فقط بدلا من ثلاثة.
وقال فرانكلين كلارك في ملل :
- اننا على استعداد لاجابة على اي سؤال.
- أوه ..ولكن الأمر اخطر من هذا هل انتم على استعداد للقسم ؟
ولما كان الجد واضحا في صوته فقد دهشنا جميعا ولم يسعنا الا ان نقسم الواحد بعد الآخر على قول
الحقيقة كل الحقيقة ولاشيء غير الحقيقة وقال بوارو مسرورا
- عظيم جدا ..لنبدأ الآن.
وقالت تورا جراي:
- فلأن انا الأولى.
- السيدات اولا ..ولكننا سنخالف هذا التقليد في هذه المرة .
ثم التفت الى فرانكلين كلارك وقال:
- ماريك في القبعات التي ارتدتها السيدات في سباق اسكوت هذا العام ؟
- هل انت جاد في هذا السؤال يا مسيو بوارو؟
- اجل.
- رايي انها قبعات مثيرة للسخرية والضحك.
- عجيبة شادة ؟
- اجل.
- وانت يا مسيو دونالد فريزر متى قمت باجازتك السنوية هذا العام ؟
- اجازتي السنوية ؟ في الأسبوعين الأولين من شهر اغسطس.
والتفت بوارو فجأة الى تورا جراي وقال :
- لو ان السير سيرميكال كلارك عرض عليك الزواج بعد وفاة الليدي زوجته فهل كنت تقبلين ؟
فوثبت الفتاة غاضبة وهتفت قائلة :
- كيف تجرؤ على توجيه سؤال كهذا الي ؟ انه اهانة.
- ربما.. ولكنك اقسمت على ان تقولي الحقيقة.
- كان السير سيرميكال شديد العطف علي وكان يعاملني كابنته وهكذا كان شعوري نحوه.
- عفوا يا آنسة ..ولكنك لم تجيبي على سؤالي بنعم ام لا.
- لا..طبعا.
- شكرا جزيلا.
والتفت بوارو الى ميجان التي كان وجهها شديد الشحوب ثم قال :
- اخبريني يا آنسة هل تتمنين حقا ان تنتهي تحرياتي بالكشف عن الحقيقة كلها ؟
- لا..
وابتسم بوارو وقال :
- انك لا تدريدين ظهور الحقيقة ومع ذلك فانت من اشد انصارها يا آنسة.
ثم التفت الى ماري دراور وقال :
- اخبريني يا آنستي هل لك حبيب شاب؟
وفوجئت الفتاة المسكينة واضطرم وجهها ثم تمتمت :
- انني...انني لست واثقة اذا كان يبادلني الحب ام لا.
فابتسم بوارو وقال :
- هذا يكفي يا ابنائي ..والآن هلم يا هستنغز الى ليستبورن.
وفي الطريق الى ايستبورن قلت لبوارو:
- هل يمكن ان القي عليك بعض الأسئلة يا بوارو ؟
- لا يا هاستنغز عليك ان تصل الى النتئج بمفردك.
ثم استغرق في سكون عميق
وبعد فترة وجيزة افاق وقال لي:
- غدا سوف ازور ذلك المدعو سوست.
ثم اضاف قائلا للسائق
- عد بنا الى لندن.
فهتفت: الى ايسبورن؟
- ما الداعي الى هذا ؟ لقد عرفت ما يكفي للوصول الى الحقيقة.


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________





  #19  
قديم 10-20-2015, 12:28 AM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://dc20.arabsh.com/uploads/image/2015/10/17/0c3e424362f104.jpg');border:2px outset gray;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


الفصل السابع عشر
الكسندر بونابرت سوست



لم احضر للمقابلة التي تمت بين هيركيول بوارو والمدعو الكسندر بونابرت سوست
لأن القاضي لم يصرح بزيارته الا لبوارو فقط
ولكني ساسرد فيما يلي تفاصيل ما دار بينهما بدقة كاملة على حديث بوارو معي بعد ذلك
لقد بدا سوست منكمشا على نفسه ولاح كأنما ازداد جسمه انحناء وهو لا يكف عن العبث باصابعه
في اطراف معطفه ومرت برهة طويلة _ كما اخبرني بوارو دون ان ينطق احد بكلمة _ وانما
جلس الإثنان كل في مواجهة الآخر في هدوء واسترخاء
وقال بوارو اخيرا بصوت رقيق:
- اتعرف من انا؟
فهز الرجل راسه ورفع وجهه الى بوارو وقال وهو يطرف بعينيه
- لا...لا اعرفك..هل انت احد المحامين في مكتب المستر لوكاس ؟
- انني هيركيول بوارو.
وحرص بوارو ان يلاحظ بدقة تاثير هذا الإسم ورفع هذا وجهه مرة اخرى وتمتم ببساطة
- آه..نعم.
وبعد لحظة عاد يقول بصوت ينم على الإنفعال وكانما بدا يتذكر
- آه المسيو بوارو هيركيول بوارو.
- انني الرجل الذي كنت تبعث اليه برسائلك.
فجأة اغضى المستر سوست بعينيه وقال باضطراب
- انني لم اكتب اليك ابدا هذه الرسائل لم اكتبها انا هذا ما قلته كثيرا طوال جلسات التحقيق.
- اعرف هذا ولكن اذا لم تكن انت كاتبها فمن يكون ؟
- احد الأعداء لابد ان لي عدوا ان الناس جميعا يعدونني ولا ادري لماذا انها مؤامرة ضخمة
مدبرة ضدي ولكن لماذا ؟
فصمت بوارو برهة وقال :
- هل كان الناس يعادونك حتى وانت طفل ؟
- لا..لا..لااظن كانت امي شديدة الحب لي وكانت تركز كل آمالها الكبار في شخصي ويعتقد اني
ساكون عظيما يوما ما ..ولهذا اسمتني الكسندر بونابرت وكانما الإسم وحده يمكن ان يخلق من
صاحبه شخصيا عظيما ولكنها كثيرا ما كانت تؤكد لي ان الإنسان هو سيد مصيره وان في مقدوره
ان يحدد مستقبله كما يشاء.
وصمت برهة قبل ان يستطرد قائلا :
- ولكنها كانت مخطئة وهذا ما عرفته بنفسي لأني لم اكن من الأشخاص الذين يمكن ان يظفروا بمكانة
رفيعة في الحياة كنت دائما ارتكب الحماقات التي تثير سخرية الناس مني وهكذا اصبحت خجولا خائفا
من الناس ولشد ما عانيت من سخرية زملائي في المدرسة من اسمي.
ومرة اخرى لزم الصمت قترة وجيزة قبل ان يردف قائلا :
- وماتت امي ماتت ميتة حزينة ساخطة والتحقت بالمعهد التجاري وتخرجت متخلف فيه عن جميع
زملائي وانا اذا كنت ابدو امام الناس غبيا الا أنني في الواقع لست غبيا.
- انني ادرك هذا استمر.
- ولشد ما كنت اتالم كلما رايت الناس ينظرون الي على اني انسان غبي متخلف ابله وقد ازداد شعوري
بالألم اثناء التحاقي بالعمل ككاتبا في احدى الشركات.
واشرق وجهه فجأة حين استطرد يقول:
- ولكنني استمتعت بالفترة التي قضيتها بين زملائي الجنود في الحرب لأني وجدت نفسي فجأة في مستوى
واحد معهم ولكنني للأسف اصبت بجرح في راسي فسرحت من الخدمة العسكرية لأني اصبت بسبب ذلك
الجرح بداء الصرع والواقع انني لا اعرف على وجه التحديد ماذا ذهاني فاحيانا اقوم باعمال على غير وعي مني.
- وبعد ذلك ؟
- اشتغلت كاتبا في شركة ولكنني لم احسن القيام بعملي فكان زملائي يتخطونني في الترقيات واصبح
مرتيب لا يكاد يكفي ضرورات الحياة لاسيما بعد الإرتفاع الجنوني في الأسعار ولهذا السبب رحبت
بالعمل كمندوب متجول لمصنع الجوارب النسائية نظير مرتب ثابت وعمولة على البيع.
وهنا قال بوارو برفق :
- ولكنك علمت ان اصحاب المصنع ينكرون انهم عهدوا اليك بعمل كهذا.
فقال سوست وقد عاوده الإضطراب:
- لأنهم مشتركون في هذه المؤامرة و ان معي ادلة مكتوبة معي رسائل مرسلة من ادارة المصنع
فيها التعليمات عن الأماكن التي يجب ان اذهب اليهم واعرض عليهم الجوارب.
- ان هذه الرسائل مكتوبة على الآلة الكاتبة.
- طبعا لأن ادارة المصنع لابد ان تكتب رسائلها على آلة كاتبة.
- ألا تعرف ان في الإمكان معرفة نوع الآلة التي كتبت هذه الرسائل ؟
- طبعا هذه مسالة بديهية.
- لقد ثبت ان هذه الرسائل مكتوبة على الآلة الكاتبة التي وجدت في غرفتك.
- ان هذه الآلة ارسلتها ادارة المصنع لي عند بدء التحاقي بالعمل.
- اجل ولكن هذه الرسائل ارسلت اليك بعد استلامك الآلة ومعنى هذا انك كتبت عليها الرسائل وارسلتها الى نفسك.
- لا هذا لم يحدث انها جزء من المؤامرة.
- ومجموعة كتب دليل ا.ب.س للسكة الحديدية التي وجدت في غرفتك ؟
- لا اعرف عنها شيئا لقد ظننت انها لفافة تحتوي على علب جوارب
- لماذا وضعت علامة المسز آسكر في اندوفر ؟
- لأني قررت ان ابدأ عملية البيع معها ان على الإنسان ان ينظم اعماله ويحدد مرحلة البدء.
ثم اردف قائلا في انفعال شديد :
- انها مؤامرة دنيئة ضدي وليس ادل على ذلك من وجودي في ليلة جريمة بكسهيل في مكان بعيد
في ايستبورن حيث كنت العب الدومينو مع المستر سترانج.
فهز بوارو كتفيه وقال :
- من السهل ان يخطىء الإنسان في التاريخ لاسيما اذا كان الخطأ في تاريخ يوم واحد ان رجلا عنيدا
مثل سترانج يرفض ان يعترف بخطئه مهما تكن الظروف ومن السهل عليك ان تكتب في سجل الفندق
تاريخ يوم سابق او لاحق على يوم الجريمة دون ان يفطن احد الى هذا.
- لقد كنت العب الدومينو في تلك الليلة.
وفجأة هتف الرجل قائلا في الم:
- آه عاودني الصداع انه مؤلم مؤلم انه يجعلني في بعض الأحيان لا ادري ماذا اقول او افعل.
وانحنى بوارو نحوه فجأة وقال :
- ولكنك تعلم انك ارتكبت هذه الجرائم اليس كذلك ؟
ورفع المستر سوست وجهه وبدت نظراته هادئة بسيطة وكانما قد تلاشت من نفسيته رغبة للمقاومة واخيرا قال :
- نعم اعلم.
- وانا على حق في قولي انك لاتعرف لماذا ارتكبت هذه الجرائم اليس كذلك ؟
- نعم اني لااعرف لماذا. ؟؟


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________





  #20  
قديم 10-20-2015, 11:41 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://dc20.arabsh.com/uploads/image/2015/10/17/0c3e424362f104.jpg');border:2px outset gray;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


الفصل الثامن عشر
بوارو يكشف الحقائق


كنا جالسين في اهتمام وترقب ونحن ننصت الى بوارو وهو يكشف لنا عن جميع الحقائق في
جرائم "ا.ب.س" قال :
- كان اهم ما يشغل فكري هو لماذا ارتكبت هذه الجرائم ..نعم لماذا ارتكب المجرم هذه الجرائم ؟
ولماذا اختارني انا بالذات للتحدي ؟ ولهذا يشهد صديقي هاستنغز انني كنت مهتما ومضطربا عندما
استلمت الرسالة الأولى لأني احسست ان حقيقة الأمر اخطر مما يبدو في ظاهره.
وهنا قال فرانكلين كلارك في جفاف :
- وثبت انك كنت على حق في هذا الشعور يا مسيو بوارو.
- نعم ولكنني اخطات حين اهملت هذا الشعور القوي ونظرت اليه على انه نوع من الإلهام او الإسراف
في الخيال او التخمين وكلنا يخمن طبعا والتخمين قد يكون صحيحا او خاطئا فاذا كان صحيحا سمي الهاما
واذا كان خاطئا اهمل امره ولكن ما نسميه الإلهام ليس في الواقع الا شعورا باطنيا قائما على اساس من
الخبرة والإستنتاج المنطقي فعندما يشعر احد الخبراء بان ثمة خطأ ما في لوحة تاريخية او قطعة اثرية او
توقيع على شيك فان الشعور بالخطأ ياتي نتيجة مجموعة كبيرة من التفاصيل ..انه في غير حاجة لأن يفحص
هذه التفاصيل بدقة كل منها في حدة ولكن خبرته تجمع هذه التفاصيل وتجعله يحس بالنتيجة.
وصمت بوارو برهة قبل ان يستطرد قائلا :
- وعلى هذا الأساس احسست ان شيئا ما خطيرا يكمن وراء تلك الرسالة الأولى ولكن ادارة اسكوتلانديار
سخرت منها وقالت انها مجرد دعابة ثقيلة من احد الفارغين التافهين ولم يلبث حادث اندوفر ان اثبت اني
كنت على حق في ذلك الشعور الخفي ولم اعرف بطبيعة الحال المجرم الذي ارتكب هذه الجريمة ...وهكذا
اوجب علي ان احاول التعرف عليه من دلالات الرسالة وطريقة ارتكاب الجريمة وشخصية المجني عليها.
ولكن اهم من هذا كله هو ان اعرف لماذا ارتكب هذه الجريمة و لماذا اختارني المجرم بالذات ليبعث الي برسائله.
فقال فرانكلين كلارك:
- رغبته في الشهرة والظهور.
وقالت تورا جراي:
- لاشك ان الشعور بمركب النقص هو المبرر لهذه الجرائم.
- هذا هو التبرير الواضح ولكن لماذا ارسل الي انا هيركيول بوارو ؟
اذا كانت الشهرة بغيته فلماذا لم يبعث برسائله الى اسكوتلانديار او الى احدى الصحف ؟ انه لو فعل هذا
لظفر بالمزيد من الشهرة ان كانت الشهرة بغيته حقا فلماذا اذن اختارني انا بالذات ؟ هل اختارني لأسباب
شخضية ؟ هذا ما لم اعرفه في حينه وصلت الرسالة الثانية التي اعقبها حادث مقتل بيتي بارنارد في بكسهيل
وقد اثبتت الحروف الهجائية في اسماء عديدة ولكنني مرة اخرى اقول ان السؤال المهم جدا ظل بلا جواب
وهو لماذا يرتكب المجرم هذه الجرائم ؟
وهنا تململت ميجان بارنارد في جلستها وقالت :
- الا يوجد شيء اسمه شهوة القتل ؟
- اجل يا آنسة ..يوجد شيء اسمه شهوة القتل فعلا ولكن هذه الشهوة اذا استبدلت برجل ما والعادة ان
يكون مجنونا فانها تدفعه الى القتل بالجملة الى قتل اكبر عدد من الناس واهم ما يشغل بال مثل هذا القاتل
هو تغطية كل اثر ينم عليه لا ان يعلن مع كل جثة دليل "ا.ب.س" للسكة الحديدية ؟ لقد كان في مقدوره
ان يرتكب هذه الجرائم الخفية تاركا عبئها يقع على اشخاص يمكن الإشتباه فيهم مثل المستر آسكر زوج
الضحية الأولى والمستر دونالد فريزر خطيب الضحية الثانية
وهكذا..
اذن لماذا حرص على ان يركز الإتهام على شخصه بالذات ؟ هل هو الدافع لأن يكون شهما كريما ؟
وهل يمكن ان تعرف الشهامة طريقها الى قلب قاتل كهذا ؟
وصمت بوارو برهة ثم استطرد يقول :
- على ان هناك معالم استطعت بها ان اعرف شيئا عن عقلية المجرم ونفسيته فقال فريزر :
- مثل ماذا ؟
- اولا ادركت ان له عقلية جدولية ..لقد راى ان من الأهمية بمكان ان يرتكب جرائمه حسب الحروف
الهجائية لأسماء الضحايا فلو لم تكن له عمليه جدولية لما اهتم للأمر كهذا كل الإهتمام ومن ناحية
اخرى لم يكن له احساس خاص نحو الضحايا فان المسز آسكر وبيتيت بارنارد والسير سيرميكال يختلفون
بعضهم عن بعض اشد الإختلاف اي لم يكن في الموضوع عقدة جنس ولا عقدة سن معينة وهذا من
الأسباب التي حيرتني كثيرا فالمجرم حين يعمد الى ارتكاب جريمة ما ولا سيما اذا كانت جريمة محكمة
اشد الإحكام فانما يهدف بذلك الى ازاحة شخص ما يضايقه من الطريق ولكن الحرص على ارتكاب هذه
السلسلة من الجرائم حسب الترتيب الهجائي لأسماء الضحايا لا يتفق مع هذه النظرية ولكن هذه عقلية
جدولية قد تدل من جهة اخرى على كراهية متأصلة للحروف الهجائية وشيء آخر اسمح به لنفسي في
ميدان الإستنتاج وهو ان اختيار دليل للسكة الحديدية ينم عن طبيعة ذكرية لأن الأطفال الذكور هم الذين
يحبون اللعب بادوات السكك الحديدية كالقطارات والقضبان وما دمنا دخلنا في ميدان اللعب يمكن ان نقول
ان للمجرم المجهول عقلية صبيانية والطريقة التي ماتت بها بيتي بارنارد قد اوحت الي باستدلال آخر
ومعذرة يا مستر فريزر فان استعمال حزامها هي في قتلها دليل على ان القاتل كان على علاقة مودة
ومداعبة معها واستطيع ان اتصور انه فك حزامها مداعبا ثم لفه حول عنقها مداعبا وهو يضحك قائلا
" هل اخنقك" وبينما هي تشاركه الضحك يكون هو قد بدأ في حنقها فعلا ونحن نعرف الآن ان بيتي كانت
فتاة تحب الغزل وتميل الى الرجل الوسيم الذي يعرف كيف يجذبها بشخصيته اللطيفة وفي هذه الحالة
ينبغي ان يكون القاتل شخصا جذابا للنساء بصفة عامة.
وهنا حاول دونالد فريزر ان يحتج ولكن بوارو اسرع وقال :
- انتهينا من هذه النقطة يا مستر فريزر ولننتقل الى الجريمة التالية ..الى مصرع السير سيرميكال كلارك
وهنا نجد المجرم يعود الى طريقه الأولى ..الضرب على الراس وهنا ايضا نجد عقدة الأحرف الهجائية
واضحة ولكن جريمة سيرستون هذه لم تزودني الا بالقليل جدا من المعالم لأن الرسالة التي ارسلت الي اخطأت
طريقها في العنوان مرتين حتى وصلت متأخرة اي بعد وقوع الجريمة ولكن عندما اعلن المجرم جريمة "د"
اتخذ رجال المباحث اجراءات ضخمة وظهر واضحا ان المجرم لن يستطيع الإفلات هذه المرة من العدالة وفي
الوقت نفسه كنا قد علمنا ان القاتل يبيع الجوارب النسائية لحساب مصنع ما ولكنني في الحقيقة لم اكن اتوقع
ان يكون على ذلك الشكل الذي وصفته به المس جراي لأ، هذا الشكل لم يكن يتفق مع الصورة التي تخيلتها
عنه ليكون قاتل بيتي بارناد وننتقل الى المراحل التالية بسرعة ....لقد ارتكبت جريمة رابعة وكان المجني
عليه في هذه المرة رجلا يدعى جورج ايرسفيلد وقد افترضنا ان القاتل حسبه رجلا يدعى داونز على نفس الشكل
والحجم وكان يجلس بجانب المجني عليه في السينما
وهنا تدور اخيرا عجلة الحظ ضد القاتل وتعتبر القضية _ كما قال هاستنغز_ منتهية، واعتقد انها بالنسبة للراي
العام وللجميع منتهية ايضا لأن القاتل في السجن ينتظر صدور الحكم عليه ولكن في هذه القضية تظهر ثغرة
بسيطة مزعجة وهي شهادة المدعو سترانج عن ليلة وقوع الجريمة الثانية في بكسهيل.
وقال فرانكلين كلارك عندئذ :
- نعم...هذه ثغرة واضحة تحتاج الى تفكير عميق.
فأومأ بوارو براسه وقال:
- تماما يا مستر كلارك وهذا التفكير العميق يجعلنا نفترض مثلا ان قاتل بيتي بارنارد ليس المستر
سوست وانما شخص آخر انتهز فرصة هذه الضجة ليرتكب هذه الجريمة وهو مطمئن الى انها ستضيع
بين سلسلة الجرائم الأخرى التي يرتكبها مجرم "ا.ب.س" هذه نظرية معقولة وتؤيدها السوابق التي
حدثت في جرائم " جاك السفاح" ذلك ان كثيرا من المجرمين انتهزوا الفرصة وراحوا يقتلون بطريقة
" جاك السفاح" ليلقوا تبعة الجرائم عليه ويزيد من تاييد هذه النظرية ان الرجل الذي استطاع ان يجتذب
بيتي بارنارد اليه ثم يقتلها لابد ان يكون رجلا جذابا له طريقته الخاصة مع النساء وهذه الصفات
غير متوفرة في المستر سوست ولكن يمكن ان نهدم هذه النظرية من اساسها بقولنا ان جريمة اندوفر
كانت تبدو للراي العام جريمة عادية لا تدل على انها الأولى في سلسلة من الجرائم لأننا لم نذكر للصحف
ايه تفاصيل عن رسائل القاتل الي او عن وجود دليل السكة الحديدية بجانب الجثة ومعنى هذا ان قاتل
بيتي بارنارد لم يكن يعلم ان هناك سلسلة من الجرائم في طريقها الى الحدوث وهنا وجدت نفسي امام
عقدة لا اعرف لها حلا ولكنني في الوقت نفسه كنت اشعر ان هناك شيئا خطيرا في الرسائل التي كانت
تصلني كنت اشعر نحوها بشعور الخبير الفني امام لوحة مزيفة انه يشعر بخبرته وعقله الباطن انها مزيفة
ولكنه لا يدري لماذا ؟ ومن ثم عدت افحص هذه الرسائل واعيد قرائتها حتى ادركت اخيرا سر شعوري
الغامض نحوها.
وهنا قال فرانكلين كلارك باهتمام :
- وما هو هذا السر يا مسيو بوارو ؟
- شعرت ان هذه الرسائل لم يكتبها رجل مجنون كما ظننا جميعا وانما كتبها رجل عاقل يتمتع بذكاء خارق للعادة.
فهتفت انا قائلا في دهشة :
- ماذا ؟
- نعم يا عزيزي هاستنغز ان كاتب هذه الرسائل اراد ان يجعلها تبدو كانما هي مكتوبة بيد رجل
مجنون بينما الأمر في الحقيقة غير هذا.
فقال فرانكلين كلارك :
- ان هذا غير معقول يا مسيو بوارو.
- حسنا لنفكر مليا في الأمر ماهو الهدف من كتابة هذه الرسائل ؟ الهدف هو تركيز الإنتباه على كاتبها
لتركيز الأنظار على الجرائم وبدا لي ان تركيز الإنتباه على المجرم والجرائم لا معنى له وفجأة وضح
الأمر امامي وضح لي ان العرض هو تركيز الإنتباه على عدد من الجرائم على مجموعة من الجرائم
الم يكن شكسبير هو القائل " انك لا تستطيع ان ترى شجرة في وسط غابة اشجار" وهذا يعني ان الإنسان
لايرى دبوسا معينا بين مجموعة دبابيس ولكنه يراي اذا كان مفردا
وهذا ايضا يعني ان الجريمة الواحدة تكون مكشوفة والدافع اليها يبدو واضحا اما اذا كانت بين مجموعة
من الجرائم التي لايعرف احد لها حافزا او باعثا فانها تتوه او تضيع بينها
ووجدت نفسي اواجه مجرما خارق الذكاء مجرما داهية قاسيا جريئا له طبيعة المغامر المحترف وهذه الصفات
كلها لا تنطبق على المستر سوست باية حال من الأحوال ..انه ببساطة ليس الرجل الذي يرتكب كل هذه
الجرائم بمثل هذه الأحكام اما المجرم الحقيقي فهو رجل مختلف تماما رجل له مزاح صبياني يدل عليه
الترتيب الهجائي ودليل السكة الحديدية رجل جذاب للنساء ولا يهتم كثيرا بالنفس الإنسانية وله مصلحة
خاصة اكيدة في جريمة من هذه الجرائم اذا وقعت جريمة ما فماذا يخطر ببال المحققين لأول وهلة ؟
انه البحث عن الدافع على القتل ومعرفة اين كان الذين يدور حولهم الإشتباه ومن هم الذين سينتفعون
من وراء ارتكاب هذه الجريمة فاذا كان الدافع الى القتل واضحا جدا فان المشتبه في امره عندئذ
_اي المجرم الحقيقي_ يبذل قصارى جهده ليقيم الدليل على انه كان بعيدا عن مسرح الجريمة عند
وقوعها ولكن هذا الجهد كثيرا ما ينكشف امره وكثيرا ما يكشف التحقيق بطلان الأدلة التي يمكن ان
يسوقها المجرم لإثبات براءته ولهذا كله راى مجرمنا ان يحصن نفسه بسد منيع من الأدلة ففكر في هذه
السلسلة من الجرائم التي تبدو في انظار الجميع انها جرائم مجنون تطغي عليه شهوة القتل
وما علي الآن الا ان استعرض هذه الجرائم المختلفة لأهتدي من ورائها الى الأشخاص الذين يمكن ان يدور
الإشتباه حولهم ثم احاول ان اركز الإتهام كله في شخص واحد بينهم يكون هو صاحب مصلحة اساسية في
ارتكاب جريمة منها ثم ارتكب الجرائم الباقية لتضيع الجريمة الأصلية بينها
ولنبدأ بجريمة اندوفر ان اول شخص يمكن ان نشتبه فيه هو فرانز آسكر زوج المجني عليها ولكن شخصية
آسكر لا تدل اطلاقا على ان في مقدوره تدبير وتنفيذ هذه السلسلة من الجرائم
فلننتقل اذن الى جريمة بكسهيل والإشتباه فيها يدور حول المستر دونالد فريزر ...انه شاب ذكي له عقلية
رصينة مدبرة يمكن ان تضع خطة محكمة لمثل هذه السلسلة من الجرائم
ولكنني عرفت انه نال اجازته السنوية في الأسبوعين الأولين من شهر اغسطس وهذا لا يتيح له اطلاقا
ان يرتكب الجريمة الأولى او الجريمة الثالثة في سيرستون ثم لماذا يرتكب جريمة بكسهيل بدافع الغيرة ؟
انه مبرر ضعيف لأسباب كثيرة اذ لم يثبت بصفة قاطعة ان بيتي امعنت في خيانته
امعانا يدفعه الى قتلها ثم انها لم تكن زوجته ..وحتى لو كانت كذلك لما ارتكب هذه السلسلة من الجرائم
للإنتقام من فتاة يمكن ان يفترق عنها ببساطة كما يفترق اي خطيب عن خطيبته لا ان الغيرة في هذه
الحالة لا تبرر اطلاقا ارتكاب هذه السلسلة من الجرائم
ومن ثم ننتقل الى الجريمة الثالثة ...وهنا نجد انفسنا واقفين على ارض من الحقائق الواضحة والمبررات
القوية فقد كان السير سيرميكال كلارك رجلا واسع الثراء فمن الذي سوف يرثه بعد وفاته ؟ زوجته التي من
حقها ان تستمتع بالثروة اثناء حياتها ثم تنتقل بعد ذلك الى اخيه فرانكلين كلارك ؟
كلنا نعرف ان الزوجة في حالة احتضار بطيء الآن.
واستدار بوارو ببطء حتى تلاقت نظراته بنظرات فرانكلين كلارك ثم استطرد قائلا:
- كنت واثقا عندئذ ان ذلك الشخص الذي طالما فكرت فيه على انه صاحب الرسائل"ا.ب.س" ليس احدا
سوى فرانكلين كلارك ..انه الشخصية المغامرة التي طافت كثيرا خارج البلاد والذي يتمتع بجاذبية خاصة
للنساء تجعل في مقدوره ان يتعرف ببساطة على اية فتاة جميلة في مقهى جنجركات وان يتواعد على اللقاء
سرا انه الشخصية ذات العقلية الصبيانية كما قالت الليدي كلارك الذي يميل الى قراءة كتب المغامرات
مثل كتاب "اطفال السكة الحديدية" للكاتب نيسيت كما ذكر لي بنفسه انه كان يقرؤه للمرة الثانية...نعم ان كل
الصفات المتوفرة في كاتب تلك الرسائل كانت تنطبق تماما على فرانكلين كلارك.
وضحك فرانكلين كلارك عاليا وقال :
- حقا انك نابغة يا مسيو بوارو وماذا عن صاحبنا سوست الذي قبض عليه ودماء المجني عليه في الجريمة
الرابعة على كم معطفه وعن السكين التي وجدت في مسكنه ؟ انه ينكر الجرائم الثلاث الأولى ولكن...
- انك مخطىء في هذا يا مستر كلارك ..لقد اعترف بارتكابه للجرائم كلها.
- ماذا ؟ اعترف ؟ أتقول اعترف ؟
- نعم..انني ما ان فرغت حديثي معه حتى اصبح يعتقد مجرد اعتقاد انه هو الجاني.
- ومع ذلك فانت غير مطمئن ؟
- نعم لأني ما ان رايته حتى ايقنت تماما ان هذا الرجل لا يمكن ان يكون الجاني باي شكل ليست
له الجرأة ولا الأعصاب ولا التفكير الآزم لتدبير وتنفيذ هذه السلسلة من الجرائم ولكنني ادركت حين رايته
انه الشخصية التي اتخذها القاتل الحقيقي ليختفي وراءها ثم يقدمها للعدالة في النهاية باعتبارها المجرم الحقيقي
وكانما لم يكفك يا مستر كلارك ان ترتكب هذه الجرائم كلها وانما ابيت الا ان تقدم عن نفسك كبش فداء
واعتقد ان الفكرة نبتت في ذهنك عندما التقيت مصادفة بالمستر سوست في احد المقاهي ولعل اسمه العجيب
لفت انتباهك ثم ازداد اهتمامك به حين رايت شخصيته الواهنة الضعيفة المسالمة وكنت في ذلك الحين
تستعرض في ذهنك مختلف الوسائل لقتل اخيك.
- احقا ؟ لماذا ؟
- لأنك كنت شديد القلق على المستقبل كنت تخشى ان يتزوج اخوك بسكرتيرته تورا جراي بعد وفاة
زوجته الليدي كلارك وينجب منها وريثا لثروته لاسيما وقد كان اخوك محتفظا بقوته وحيويته
وفي هذه الحالة تظل انت طيلة حياتك شريدا مفلسا وان خبرتك التي اكتسبتها من رحلاتك في
الخارج ومن علاقاتك مع النساء جعلتك تدرك ان تورا جراي من النوع الصياد الذي يجري وراء الرجل
الثري وهكذا قررت ان تبادر وتؤمن مستقبلك بالقضاء على اخيك قبل ان تموت زوجته وقبل
ان تسنح له فرصة الزواج بتورا جراي ولما التقيت بالمستر سوست وعرفت اسمه الكامل بدأت
فكرة جرائم ا.ب.س تتبلور في ذهنك لاسيما حين علمت انه مصاب بالصرع ايضا وبنوبات من
الصداع المؤلم الذي يجعله كما قال لك لايكاد يشعر بما يقول او يفعل واختمرت الفكرة في ذهنك
وتبينت كل معالمها وقررت ات ترتكب سلسلة من الجرائم تضيع بينها جريمة سيرستون على ان
تكون اسماء الضحايا مطابقة للتسلسل الأبجدي وهو التسلسل الذي اوحى به اليك الكسندر بونابرت
سوست اي ا.ب.س تجعل منه كبش فداء وكان تدبيرك عجيب محكم اذ كتبت باسم ا.ب.س رسالة
على آلة كاتبة عندك تطلب فيها من احد المصانع كمية من الجوارب والملابس النسائية الذاخلية
واعدت كمية من كتب دليل ا.ب.س للسكة الحديدية في لفافة تبدو كأنها لفافة تحتوي على علب
جوارب نسائية وملابس ذاخلية وكتبت له هو رسالة على الآلة الكاتبة باسم مصنع تعرض عليه
البيع مقابل مرتبا مجزيا وعمولة ثم كتبت على نفس الآلة مجموعة الرسائل التي نويت ان ترسلها
الي باسم ا.ب.س ثم ارسلت الآلة الكاتبة نفسها الى سوست على اعتبار انها هدية من مصنع
الجوارب اليه وشرعت بعد ذلك تبحث عن ضحايا تبدأ اسماؤهم بالأحرف ا.ب.س على ان يكون
كل منهم مقيما في بلدة يطابق الحرف الأول من اسمها الحرف الأول من اسمه
وبدات ببلدة اندوفر ووقع اختيارك على المسز آسكر حين قرأت اسمها بوضوح على اللافتة وحين
رايت انها امرأة عجوزا وحيدة يمكن قتلها بسهولة اما الحرف "ب" فقد استلزم منك مناورة غرامية
بارعة لكي توقع بيتي بارنارد في حبائلك ولكي تخرج معها للنزهة في اماكن بعيدة زاعما لها انك
رجل متزوج ولا تحب ان ينتشر امر علاقتك بها
ولما تمت جميع تدابراتك الأولية ارسلت الي رسائل التحدي وارسلت الى سوست قبل كل جريمة باسم
المصنع تعليمات تأمره فيها بالذهاب الى مسرح الجريمة في نفس يوم وقوعها بحجة بيع جوارب لسيدات
معينات ذكرت له اسماءههن فمثلا جعلته في صباح يوم ارتكاب جريمة اندوفر يذهب الى اندوفر ويبيع
او يعرض الجوارب على المسز آسكر والمسز فاولر جارتها وبعض السكان الآخرين وكذلك فعلت في كل
من جريمة بكسهيل وسيرستون طبعا كان المسكين يذهب وهو خالي الذهن تماما من الجرائم التي ترتكب
باسمه من وراء ظهره وهكذا نجحت في ارتكاب جريمة اندوفر وفي ارتكاب جريمة بكسهيل ..ولكنني واثق
تماما انك قتلت بيتي بارنارد قبل منتصف اليل الرابع و العشرين من يوليو على سبيل ضمان النجاح
وننتقل الآن الى الجريمة الثالثة ...الجريمة الهامة في نظري الأساسية التي اردت ان تجعلها تضيع بين
هذه السلسلة من الجرائم وهنا اشكر صديقي هاستنغز الذي كان اول من لفت نظري الى عنواني الذي كتب
خطأ عن عمد على مظروف الرسالة لكي يصلني متأخرا اي بعد وقوع الجريمة نعم لقد تعمدت ان تكتب
العنوان خطأ حتى تضمن ارتكاب جريمة سيرستون الأساسية قبل ان يتدخل رجال المباحث في الأمر وهذا
ايضا يفسر اختيارك لي بالذات لكي تبعث لي بالرسائل ...لقد اخترتني بالذات لأن في مقدورك ان تكتب
عنواني خطأ ..اما لو اخترت اسكوتلانديار او احدى الصحف لما امكنك ان تكتب العنوان الخطأ وحتى لو
كتبته فان ادارة البريد كانت سترسله فورا الى العنوان الصحيح والواقع ان هذا التفكير يدل على عقلية جبارة
خارقة للذكاء وبعد نجاحك في ارتكاب الجريمة الثالثة التي اقامت الدنيا واقعدتها رايت ان تختم سلسلة
الجرائم بجريمة رابعة تبعد بها كل اشتباه في امرك وتجعلها واضحة المعالم كثيرة الأخطاء بحيث تنتهي
بالقبض على الفداء وهكذا اخترت دونكاستر مسرحا لها وحددت يوم الإحتفال بعيد سانت ليجير واخترت
رجلا اي رجل كان في طريقه الى السينما بعد ان رايت سوست يدخلها وكنت تسير وراءه تتعقبه لتنتز
اول فرصة سانحة ترتكب فيها جريمة وتلقي بعبئها عليه وساعدك الحظ ودخلت وجلست على مقربة من
سوست ونهضت قبل نهاية العرض وسرت في طريق الخروج ثم تضاهرت بانك تعثرت وبان قبعتك وقعت
على مقعد امامي واثناء استردادك لها طعنت الرجل الجالس بجوارها بالسكين في القلب تماما ولم يهمك
اسمه يبدأ بالحرف "د" ام لا لأنك كنت تعتقد انه لابد ان يكون بين المتفرجين رجل يبدأ اسمه بهذا الحرف
فيظن الناس انه كان هو المقصود ولكن المجرم أخطأه وايا كان الأمر فقد كان هدفك الأساسي هو ان ينكشف
امر الجريمة الرابعة وان تثبت على المستر سوست ولهذا تعمدت ان تصطدم به عند الخروج من السينما
حين انتهزت فرصة عدم الإضاءة الكاملة والزحام والإصطدام به من الخلف فمسحت نصل السكين او
جانب منها في كم معطفه ثم اسقطتها في جيب المعطف ويمكننا ان نتصور حالة المسكين سوست حين يعود
الى غرفته بالفندق فيجد الدماء على كمه والسكين في جيبه ثم حين يربط بين هذا كله وبين ما يقرؤه عن
سلسلة الجرائم التي يرتكبها رجل يدعى ا.ب.س وحين يتذكر انه كان موجودا في مسرح كل الجريمة في
نفس يوم وقوعها لاشك ان الأمور اختلطت في عقله وخامره الشك في نفسه وفي انه ربما يكون قد ارتكب
هذه الجرائم على غير شعور منه ولكن ..ماذا عن الرسائل ؟ ان المسكين يخرج من غرفته من مسكن
المسز ماربري في لحظة ياس ويمضي شاردا بلا مال او هدف ولكن الى اين ؟ ان قدميه تقودانه الى
اندوفر وهناك وقف يتامل دكان المسز آسكر الضحية الأولى ثم انصرف عنها حث فاجأته نوبة الصرع
وهو يذخل مركز الشرطة ولما اعترف لي لحظة ياس واستسلام للمصير بانه ارتكب هذه الجرائم ازددت
يقينا من نظريتي.
وهنا قال فرانكلين كلارك :
- ان نظريتك هذه غريبة شادة.
- لا يا مستر كلارك لقد كنت آمنا على نفسك لعدم وجود ادلة اما الآن فقد توافرت الأدلة على اتهامك.
- أدلة ؟
- نعم لقد عثرنا على العصا التي استعملت في جريمة اندوفر وسيرستون وهي عصا عادية الشكل
ولكن طرفها الأعلى مفرغ ومصبوب فيه رصاص عثرنا هليها في خزانة قديمة بقصر اخيك في بلدة
سيرستون وتعرف على صورتك ثلاثة من الذين كانوا في السينما وقالول انك كنت احد الخارجين منها
بعد انتهاء العرض الذي وقعت اثناءه الجريمة الرابعة وتعرفت على صورتك ميللي هيجلي وفتاة اخرى
تدعى سكارليت رانز في مشرت رودهاوس الذي جلست فيه مع بيتي بارنارد في ليلة وقوع الجريمة
واخيرا وهذا هو الأهم عثرنا على بصمة من بصمات اصابعك على الآلة الكاتبة التي وجدناها في غرفة
المستر سوست فلو انك كنت بريئا لما كان لك اي شان بها.

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________





 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الجرائم الابجدية بقلم اجاثا كريستي . angelita أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 19 02-06-2013 02:06 PM
قصص الحروف الابجدية تماضر الشقيفي قصص قصيرة 0 08-25-2012 07:32 AM
لعبة الحروف الابجدية وفي حد النخاع أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 4 09-18-2010 12:47 PM
كوني كالاحرف الابجدية بنت الرمادي نور الإسلام - 8 09-22-2008 08:17 PM


الساعة الآن 01:48 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011