عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي > روايات الأنيمي المكتملة

Like Tree246Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 1 تصويتات, المعدل 5.00. انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 08-05-2015, 05:19 PM
 
[align=center][tabletext="width:100%;background-color:silver;border:4px double gray;"][cell="filter:;"][align=center]

{مُقدِمة الفصل الخامس}

وقفَ شابٌ وشابة بارِعا الجمال مُتقابليَن.
الشاب مُبتَسِمٌ بِسعادَة كاشِفاََ عن أسنانِِ من لؤلؤ.
وعلي يمينُه وقَفَ قِسٌ يرتدي الأسود بين يديهِ كِتابٌ مُقدَس.
الفتاة ترتدي فُستاناََ أبيض اللون, شَعرُها مَجدول بِطريقة مُميزَة وقد تداخَلَت في خُصلاتُه البُرتُقالية وردات بيضاء صغيرة, لحظة!
خُصلات بُرتقالية؟!
نظَر القِس للشاب من تحت نظارَتَهُ الطبية بِهدوء : ردد خلفي لو سمحت, أنا لاندرين بوغاريوس أطلُبِك لِتكونين زَوجتي , أعِدِك بالتواجُد مِن أجلِك فالصِحة والمرَض , أُحِبِك وأُشَرِفِك ما بقي في عُمري مِن أيام حتي الموت.
ردد لاندرين هذهِ الكلِمات تحت عيون سيرين التي ألتمعت بشيء غير مفهوم, لينظُر لها القِس : وأنتِ لو سمحتِ رَددي أنا سيرين جارود أقبَل بِك زَوجاََ , أعِدَك بالتواجُد مِن أجلَك في الصِحة والمرَض , أُحِبَك وأُشَرِفَك ما بقي في عُمري من أيام حتي الموت.
رَبَت القِس علي رأسيهما بإبتسامة أبوية حنون : ليكُن الرب شاهِداََ! ما جَمَع الرَب لا يُمكِن لبشر فَصلُه, يُمِكنَك تقبيل العروس!

فقط! ماالذي يحدُث هُنا؟! علي أحدهم أن يستيقِظ الآن! أم أنّ ما يحدُث هذا حقيقي؟! لكن كيف وصلنا إلي تلك النُقطة تحديداََ؟!

أسبَق وكَذَبت؟ بالتأكيد فعلت! فأنتَ بَشَر, كُنتَ تَعتَقِد إن هذه الكذبة ستُنقِذَك؟ هكذا بدا الأمر!
لكِنَك الآن بالتأكيد تَعلَم إن الكَذِبة تَجذِب الأُخري, من يدري؟ رُبما قد تصِل إلي وقت لا تستطيع فيه معرِفة الحقيقة أو.. قد تَنقَلِب الكذِبة لِواقِع! لكن هل أصبحَت حقيقة؟! ماذا كانَ ليحدُث إن لم تَكذِب؟ قد كذبت لتنجو أصلاََ! إذن؟ في كِلتا الحالَتين كُنتَ لِتتأذي؟!
من يعلَم.. أين قد يكون الخير..

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]

التعديل الأخير تم بواسطة imaginary light ; 09-22-2015 الساعة 06:36 PM
رد مع اقتباس
  #22  
قديم 08-05-2015, 05:21 PM
 
[align=center][tabletext="width:100%;background-color:silver;border:4px double gray;"][cell="filter:;"][align=center]

{الفصل الخامِس : حتي لا نَنفَصِل!}

كانَ لاندرين مُريحاََ ظهرُه علي شجرَة بينما سيرين تدور حول نفسها في دوائِر! مُمسِكة بِصندلها في يديها وقد مزَقَت فُستان لورانس البُني لينتهي عِند رُكبَتيها نَظراََ لإنها قد تعثَرَت فيه مِراراََ!

صاحَت أخيراََ غَير مُحتَمِلَة : هلا أخبرتَني لِماذا نَحنُ واقِفانِ هُنا بِهذا الشكل؟! ألم تقُل إننا علي حِدود بَلدَة؟! لِماذا لم ندخُلها حتي الآن؟!
أجاب بِهدوء : لا يُمكِنُنا أن ندخُل أي بلدة فقط إن شِئنا! أحتاج إلي جمع بعض المعلومات!
صمَت قليلاََ ليُتابِع وكأنما يُحدِث طِفلاََ : وأرتدي صَندَلِك ستؤذين قَدميكِ.
جَلَست أرضاََ نافِخة وجنتيها وهيّ ترتدي الصندل لِتُكمِل : وما الذي وجدتُه حتي الآن؟
أنزَل القلنسوة عن رأسُه وكأن الحر قد ضايَقُه أو لم يعُد مُحتاجاََ لإخفاء عينيه فقد أنهي بحثُه ! : ليس الكثير, فقط سيحدُث لِكِلانا أشياء سيئة إن تم فَصلَنا.
ردَت بحيرَة : ولِماذا يَفصِلونَنا؟!
هُنا ظهرَت حيرَتُه هوَ : هذا ما لا أفهمُه أيضاََ! أعتقِد إننا لن نفهم إلا إذا حاوَلنا الدخول.
فتَحَ مِعطَفُه مُفكِراََ, أيخلعهُ تماماََ أم يُبقيه إن أراد ألا يبدو كراهِباََ؟
لكنهُ أكتفي بخلع القلنسوة وفتح المعطف.

___

وقفا عِند بوابَة كبيرَة وقد تقدَمَ إليهما شاباََ : من أنتُما؟
ليُجيب لاندرين بصوت خالِِ من المشاعِر : أُدعي لاندرين وهذِه أُختي سيرين.
تعجبت سيرين من قُدرتُه علي الكَذِب بهذِه البراعة لكن بدا لها في صوتُه شيئاََ غريباََ, أو بالأصَح لم يكُن بِصوتُه شيء أصلاََ.
تابَع حارِس البوابَة : ولِماذا جِئتُما إلي هُنا؟
-للبحث عن عمل.
أشار الشاب بتفَهُم : حسناََ, تفَضَل أنت مِن هُنا وهيّ مِن هُنا!
أمسَكَ لاندرين يدها قبل أن تبتعد بسُرعة مُتَبِعَة تعليمات الشاب : لقد كذَبت! إنها عشيقتي! وقد هربنا من أهلينا الذين رفضوا تزويجَنا وجِئنا إليكُم لاجِئين!
رفَعَ الشاب حاجِباََ بإستنكار لثانية بينما أحمر وجه سيرين وكإنها أصبحَت فجأة فتاة سِيئة السُمعة فبدا الحارِس وكأنهُ تفهم : ما أعمارَكُما ؟
-أنا فالثالثة والعشرون وهيّ فالثانية وعشرين.
قال الشاب بإبتسامة : بإمكانِكُم الدخول.

أرسَل شاباََ أمامَهُما كدليل بينما تم أخذ الحِصانان مِنهُما!
لاحظ الدليل نظرات لاندرين التي تَبَعت شامايل وماتشي ليقول : لا تقلق, إنهُما يُقادان إلي إسطَبل بِجوار بيت الضيافَة الذي ستبيتان فيه الليلَة.
لَكِن هذا الجواب لم يُرِح لاندرين وبقي شاعِراََ كمن حُبِس أو وضِع تحت المُراقبَة.
بعد عِدة دقائِق أنقطَع صَندَل سيرين فَخلعتهُ لتسير حافية لكن الأرض كانت ساخِنة لِتعرُضها للشمس لساعات فأخذَت تقفز علي قدمها اليُمني مرة وعلي اليُسري مرة, نظر الدليل لها بِشفقة وللاندرين بإستنكار, لم يفهم لاندرين ماالذي يُفترَض أن يفعلُه لماذا ينظُر لهُ ذلك الشاب بِهذا الشكل؟
توقف لاندرين عن المشي لثانية, من المُفتَرَض إنهُ يُحِبها وهذا لا يتماشي مع لا مُبالاتُه!, أنخفض ليفُك حِبال حِذاءُه ومَدُه لسيرين بإبتسامة : أرتدي هذا!
لم تُفكِر سيرين لثانية برغم إستغرابِها لِلُطفُه المُفاجيء بل أخذت الحِذاء لِترتديه وتَربِط الحِبال علي البنطال الجلدي : أتعلم؟ يبدو أجمل عليّ!
إبتسم لاندرين بينما تحرك عِرق فوق حاجِبُه الأيمَن : بالطَبع!

رفعت سيرين رأسها عن الحِذاء لتري قَفَصان خشبيان بِداخِل أحدِهما فتيات وبالأخر فتيان ويُجَر القفصان فوق عربتان خشبيتان من قبل الحَمير!
تسمرَت قليلاََ رأسها تنظُر للمشهد الذي أمامها وكفاها مازالا علي الحِذاء, لحظة! أي زمن هذا؟! متي كانت تِجارِة العبيد؟!
تشوش عقلها لِتنظُر إلي لاندرين الذي بدا في صدمة أكثر مِنها! , إذن هذا ليس طبيعياََ بالتأكيد!!, تلك البلدة! ماالذي يحدُث فيها بالضبط؟! علي الأقَل هيّ تَعرِف الآن لِماذا سيحدُث لَهما شيئاََ سيئاََ إن إنفَصَلا!

تابَعا السير خلف الدليل ليسأل لاندرين مُحاوِلاََ ألا يبدو مُرتاباََ : هل ستأخُذنا إلي البيت الذي سَنُستَضاف فيه اليوم؟
أجاب الشاب بإبتسامة سعيدة : لا! سأخُذكُم إلي البيت الذي سيتم فيه تجهيز العروس! لمراسِم زِفافَكُما! وإن أردتُما بعدها أن تعودا إلي بلدتكُما فأنتُما أحرار! نحنُ نُريد فقط مُساعَدَتِكُما حتي تستطيعا مواجَهِة أهليكُما مرة أُخري! فقد لجئتُم إلينا!
ظَهر الفزَع جلياََ علي وجه سيرين ليرُد لاندرين : نحنُ نحتاج فقط المكوث ليوم أو إثنان خارج بَلدتَنا! للتظاهُر بإننا قد هربنا منهُم وحين نعود سيُزوِجونا بِلا شَك! ليُداروا الفضيحَة!
أومأت سيرين بِسُرعة ليُتابِع الشاب : ولِمَ التظاهُر؟! الهجوم خير وسيلة لِلدِفاع!
بحَثَ لاندرين بِعقلُه عن حُجة مُقنِعة ليستخدِمها فلم يجِد : مِنطقهُ قوي!
قالها لسيرين لِتدوس علي قَدمُه الحافية بِحِذاءُه!
هُم سيهرُبون بِلا شك! من تلك البلدة المجنونة !, حاوَل إخبار سيرين بأن تتأهب لكنها ليست أحد أفراد فريقُه كي تفهمُه بإشارَة!

___

دق الباب لينفَتِح كاشِفاََ عن فتاتين واحِدة شقراء وأُخري بُنية الشعر جميلتان الشكل باعِثتان للبهجَة.
-ماذا؟ عروس أُخري يا رفاييل؟!
ضَيَقَ لاندرين عيناه, ماذا تقصِد بأُخري أهيّ مُعتادَة هذا؟ إلي هُنا كُن يهرَبن القاصِرات إذن مع أبناء الفلاحين!! لكن هذه ليست مُهمتُه وليس تحقيقُه وهوَ لا يهتم!
ليتزوجوا إن شاءوا!

دخلَت سيرين بتوتُر وهيّ تنظُر خلفها مُنتَظِرة من لاندرين أن يلحَق بِها وبالفِعل فَعَل لِتَدفعهُ الفتاة الشقراء بِكفِها في صدرُه : أنت! ليس هُنا! المنزِل المُجاوِر!
ثُم أغلَقت الباب في وجهُه! لِتَلتَفِت إلي سيرين بإبتسامة لئيمة؟
قالَت بُنية الشعر بصدمة : لدينا الكثير من العمل! لا بُدّ إنك.. أصعب عروس تُقابِلنا!
نظرت سيرين لنفسها بِلا فِهم, ماالذي يجِدانُه خاطِئاََ جِداََ بِها؟!
فُستان مُمَزَق, بِنطال جلدي للخَيل, حِذاء رجالي! طبيعي جِداََ!
من نخدَع؟ لا شيء صحيح بِها!
قالت الشقراء بمرح وعلي وجهها نفس الإبتسامة اللئيمة : هيه تشارا لكِنها خامَة جيدَة!
حكَت تشارا جبهتها مُفكِرة : رُبما أنتِ مُحِقة مالوري!

كانَت سيرين تُراقِب حديثَهُما بِتوَتُر إلي أن زَجا بِها في حمامِِ لا بُدّ إنهُ أغرَب حمام رأتهُ مُذ أتت إلي ذلك الزمن والأقرب شكلاََ إلي شكل الحمام العادي, قد كانَ حتي بِهِ ما يُشبِه حَوض الإستحمام.
وقفت بغرابة لثواني حتي لم تعُد تحتَمِل الإغراء! فهيّ مُتعبة ومُسافِرة مُنذُ يومان!
دقائِق وأصبَحَت فالمياه وسَط أوراق الوِرود الحمراء التي غَطتها تماماََ ولم يظهر مِنها سِوي رأسها الذي أراحَتهُ لِلخَلف وأستَرخَت.

وفجأة فُتِحَت نافِذِة الحمام ليُطِل مِنها لاندرين : ماالذي تفعلينه! يجب أن نهرَب!
لكن ما كان مِنها إلا أن صرخت! ليظهر رفاييل خلفُه ويسحبُه مِن قفاه!, قد سَبَت نفسها بعدها علي هذا! تُري ماالذي يحدُث معهُ الآن؟!

___

-قد فَعلها أخرون! هذا مُمِلٌ حقاََ.
قالَ هذا شابٌ أشقر كانَ جالِساََ مع لاندرين مُحاوِلاََ التخفيف من توتُر لاندرين لكنهُ لم يكُن متوتِراََ من أمر "التلصُص علي العروس" هذا أصلاََ بل كان تفكيرُه مشغولاََ بِفكرة الهرَب!
حين وجد الشاب إنهُ لا فائِدة أعطي لاندرين شيئاََ أخضر اللون ليرُد بِلا أكتراث : ما هذا؟
-عُشب طبي, مُخفف للتوتُر.
تظاهر لاندرين بإنه أكلُه ثُم بصقُه بعدها بدقيقة في رُكنِِ مِن أركان المنزل فأخِر ما يحتاجُه الآن هوَ فُقدَان قوَتُه.. أو أسوء! عقلُه!
أنت لا تأخُذ فقط أي شيء وتضعهُ في فمك! قد يكون مُخدِراََ من نَوعِِ ما!
دخل رفاييل وفي يدُه شيء يبدو كجِلباب أبيض لكن مع أختلاف بسيط فقط كان بِهِ خرَز أزرق علي جانبيه وعلي شكل سبعة عِند العُنُق مشغول يدوياََ وطولُه يصل للرُكبة فقط , معهُ بِنطال بِنفس اللون!
صاح بِسعادَة : هاقَد وصَلَت حُلَة العُرس! بَدِل ثيابَك لا أحد يحضَر مراسِم زِفافُه مُرتدياََ الأسود!
رفاييل لا يعلَم إنّ بِزَمَن سيرين البِذَة السوداء هيّ تحديداََ ما يرتديه صاحِب العُرس!

خَلَع لاندرين مِعطَفُه ثُم القميص الذي بِلا أكمام أو أزرار تحت نظرات الشابين ليَكشِف عن بنيَة غير مألوفَة في أوساط الشباب العاديون, علي الأقل ليس شباب هذا الزمن الخالي مِن المراكِز الرياضية! "أهلاََ! أنا مُغتالٌ قد حَصَل علي أعلي تدريب مُمكِن, الأمير نفسُه قد لا يُجاريني" نعم! هذا تماماََ ما لا يَجب أن يقولُه!
-ماذا؟ كُنت أُساعِد أبي فالحَقل والحِطابَة!
أومأ كِلا مِن رفاييل والشاب الأخَر وكأن ما قالُه أقنَعَهُما.

أدار ظهرُه وأبتَعَد مُتجِهاََ لغُرفَة كي يُكمِل فيها تبديل ثيابُه ساباََ نفسُه علي تلك الفلتَة, دقائِق وكانَ قد خرَج , أبديا رِضَاهُما عن شكلُه بينما بقي فيه شيء من التوتُر كونَهما رُبما يشُكان في أمرُه كما أنشغل تفكيرُه بالفُرصَة الثانية التي قد تسنَح لهُ ولسيرين بالهرب, متي ستوجَد فُرصَة كتلك؟!

أمسَك بِكوب فُخاري بِهِ لَبن ساخِن كانَ موجوداََ علي طاوِلة خشبية وجلس علي كُرسي يرتَشِف مِنهُ, كانَ حُلو مَيز طَعم العسل فيه, أكمل الكوب لتعتريه راحة غريبة, كانَ هُناكَ طعماََ لم يستَطِع التعرُف عليه.
نظر للشاب الأشقر : هيه موريس
-ماذا؟
-هذا لبن بالعسل, صحيح؟
-بالطبع! ماذا سيكون؟
قهقه لاندرين قليلاََ وكأنهُما أصدِقاء عُمر : لا أدري, فقط شعرت لثانية إن طعمُه غريب لكنك مُحق!
تردد موريس قليلاََ : بِهِ نفس العُشب! لكن لا تقلق! إنهُ ليس مُضِراََ!!

لاندرين لا يحتاج إلي إمضاء وقت أكثر في هَذِه البلدة كي يُصبِح لديه "شعور سيء"

ستكون ليلَة طويلَة !

___

دارَت سيرين حَول نَفسها بِسعادَة!, رُبما هوَ زِفاف مُزَيف سَتهرُب مِنه لكن هذا لا يمنع الإستمتاع قليلاََ كونَها بِداخل الفُستان الذي تحلُم بِهِ كُل فتاة!
أبتَسمت تشارا بحنان كأُخت كُبري : تعالِ لِأجدِلَ لَكِ شَعرِك, مالوري أحضرِ لي بعض زهور الليلَك من الخارج.

___

أتت سيرين رغبة خفيفة فالتقيوء, أحشائَها تتقلَب فهيّ الآن بِداخِل الكنيسة وعلي وشك فِعلاََ أن يتم تزويجَها مِن شاب قابَلتهُ مُنذُ يَومين! آه وهوَ مُغتالٌ!
كادَت تَنفَجِر فالضَحِك الهستيري لكن هذا كانَ ليُخيف جميع الحضور, بمُناسَبِة الحضور, من هؤلاء الناس أصلاََ؟!

لَوَحَ لها لاندرين مِن علي بُعد بِسعادَة, رُبما تلك أوَل مرة تراه في شيء غَير الأسوَد وبدون أن يكون جُزء من وجهُه مُختَبِئاََ وأيضاََ أسنانُه ظاهِرَة وكأنُه.. يواجِه صعوبَة في أخفائِها؟
حسناََ! من هَذا وما الذي فعلوه بلاندرين؟!

لم تُطِل التفكير فقد سَحَبَ كهلٌ ما يدها ليسير بِها إلي المذبح, هل يُفتَرَض إنهُ يشغَل مكان أباها الآن؟!
طفلتان تَنثُران الورودَ أمامَهُما, صوت نبضات قلبَها يُصبِح أعلي مع كُل خطوة, طمأنَت نفسها في ثوانِِ بدَت كأعمار أُخري "لا بُدّ إن لاندرين لديه خُطَة" !

وقفا مُتقابلين أمام القِس بينما هوَ يتحدَث عن الزواج والرِباط المُقدَس! كانت سيرين تنظُر للاندرين بإستنجاد بينما بقي مُبتَسِماََ بغرابة!
أقترَبَت مِنهُ لِتهمِس : أفعَل شيئاََ!
هَمَسَ راداََ : لا أستطيع التوقُف عن الإبتسام! لقد أعطوني شيئاََ غريباََ!
-ماالذي تقولُه! هل أنتَ ثَمِل؟!
-لا , أنا لاندرين!

مُبَشِر! هل يكون زواجاََ شرعياََ حتي إن كانَ أحد العروسان شِبه في غير عقلُه؟
لم تجد حَلاََ إلا أن يهرُبا "بعد" المراسِم! حين يترُكوهم!
لم يقُل القِس كُل شيء ليقولا "أقبل" فالنهاية بل جعلَهُما يقولا القَسَم كامِلاََ! مِما أخافَها فِعلاََ, رُبما تطور الأمر فالمُستقبل ليُختَصَر بِكَلِمة واحِدَة؟ أنتهي القسم بالجملة المعهودَة "يُمكِنَك تقبيل العروس" , لم يتحرَك لاندرين!
وكزُه القِس قليلاََ ليقول ببراءَة : أوه أنا من عليه تقبيلَها؟
ضرب القِس جبهتُه ورمي ببصرُه علي موريس متوَعِداََ!
-حسناََ! حسناََ! سأفعَل!
أقترَب مِنها قليلاََ لِتصرُخ فجأة : لا! أنا لن أتزوج في غياب والِدَيّ!
سَحبها لحُضنُه مُخفياََ وجهها في صَدرُه ليكتم صُراخَها ثم أنخفض قليلاََ ليهمس بإبتسامة لا تُناسِب الموقِف : سيقتلونَنا!
ثم أبتعد مُحدِثاََ الحضور : إنها خجولة قليلاََ!
ثم نظر إليها مُنتظِراََ منها تصحيح سلوكَها!, مدَت يَداََ مُرتَعِشَة إلي شَعرها لِتُخرِج مِنهُ زهرَة وتمُدها له, ضَحِك بخفة, حقاََ؟ هل هَذا كُل ما تستطيعين فعلُه لتصحيح الموقف؟
أخَذَ الزَهرَة وقبلها ناظِراََ لسيرين, بالطبع تأثَر الحضور بهذا العرض! هه "خدعناهُم" ! هكذا فكر لاندرين بما بقي عامِلاََ مِن عقلُه لكن حقاََ من خدَعَ مَن؟

___

بجوار الإسطبل في بيت الضيافة, وقفَت سيرين بفُستان لورانس البُني في رُكن بعدما أعادا حُلتا العُرس بالطبع تنظُر في ذهول للاندرين الذي يُحطِم كُل ما هوَ قابِل للتحطيم! تباََ! فقط ماالذي أعطوهُ له!؟
-ليس لديّ أدني فِكرة لِمَ أنا غاضِب! لكني فقط كذلك!
أتجهت إليه بحزم وقد قررت أن تتدخل قبلما يزداد المبلغ الذي سيصبح عليهما دفعُه في مُقابل كُل تلك الأشياء المُحطَمَة!
أمسكَت كتفيه بقوة : تَنَفَس لاندرين! تَنَفَس!
بدأ يُحاوِل تنظيم أنفاسُه معها علي غير المتوقَع فقد شعر جُزء جبان مِنها بإنها سترتدي لكمة في وجهها لفترة قادِمة لكن لم تأتي أية لكمات, بل جلَسَ أرضاََ وكتفيه يَرتَعِشان ليُظهِرا صعوبِة قمع هذا!, أشفَقَت عليه, لا يجب أن ننسي أيضاََ إن لاندرين ليسَ شخصاََ عادياََ فإن كان هذا الشيء يُزيد من الطاقة, فقد.. إزدادَت بلا شَك! بشكل مُرعِب!
أخذت تبحث حولها عن شيء ما لا تدري ما هو, هيّ فقط يجب أن تُساعِدُه! حتي وجدَت دلواََ من الماء!, رَمَت بالمياه عليه بسُرعة ليسترخي بشكل ملحوظ : أفضَل؟
-أعتقِد, سنبيت هُنا الليلة ونُغادِر فالغَد فقد أنتهي ما كُنا نُحاوِل الهرب منهُ.
أومأت بلا كلام مُتَجِهة لرُقعَة مُعينة فالأرض لِتنام , نظرت لهُ بِشَك : لا تقتَرِب مِني!
فهوَ مُجرَد غريب بعد كُل شيء, رُبما لم يُصَدِقها غيرُه لكن هذا لا يعني إنها تَثِق بِه!
رد بسُخرية : هه مَن يرغب بالأقتراب منكِ؟ سأُصبِح راهِباََ فِعلاََ قبل أن أفعل هَذا!
هز هذا ثِقتها بشكل أو بأخر لِتُمسِك بِدلو ثانِِ من الماء وتُفرِغ محتوياتُه عليه!
صاحَ بإستنكار : تباََ لكِ! ما كانَ هذا!
أجابَت وكإنها لم تفعَل شيئاََ : أوه لقد ظننتك مازِلت غاضِباََ, خَطَئي!

بدأت تغُط فالنوم حتي : سيرين؟
لم تلتَفِت : ماذا؟
خرَجَ صَوتُه مهزوزاََ : هل أطفأتِ المِصباح؟
فتَحَت عيناها لِتنظُر للشُعلَة بِداخِل الزُجاج, تمتمت بخفوت وكأنها لا تُريد أن تَنطِق : لا...
هل ما تعتَقِد أنهُ يحدُث يحدُث فِعلاََ؟
قال لاندرين مُطَمئِناََ : لا داعِِ للقلَق!
ليرفَع صوتُه قليلاََ : فقد أُصِبت بالعمي فقَط!!
كانت سيرين تقف إمامُه وكأنها تدرس حالَتُه : حسناََ... ليس العمي تحديداََ هوَ ما أصابَك..
صمتت قليلاََ تُحاوِل التفكير بكيف تُخبِرُه أن كِلتا عيناه تتبادلان الإضاءَة كإشارات المرور, هذه تُضيء ثم تنطفيء لتُضيء الأُخري وهَلُمَ جرا..
همسَت بخفوت لنفسها : قد ضاعَت الهيبة.
صاح بشيء من الطفولية : هيه! لقد سمعت هذا! أنا أعمي لا أصَم!
-مُتأكِدة إنَكَ ستعود لطبيعتَك حين يذهب عنك تأثير ذلك الشيء! أيضاََ يبدو إن الطاقة الكونية لا تتعامل يشكل جيد مع أياََ كان ما شَرِبتُه!
نطق بسُخرية : لاحظت!

بعد ساعة, خَبَطَت علي كَتِفُه بخفة : هيه لاندرين.
-ماذا؟!
-ما كان ذلك الصوت؟!
-لم أسمع شيئاََ!
-ذلك!!
-أوه إنها فقط سلعوة, عودي إلي النَوم!
-ماذا تَظُنَني؟! أنا مِن زَمن أخَر لا بَلهاء! لا يوجَد شيء أسمُه "سَلعوَة" !
-ماذا؟! هل إنقرَضَت في زَمَنِك؟!
-إنها لم توجَد قَط!
-السَلعوَة موجودة صَدَقتِ أم لا!

فجأة قفَزَ شيءٌ مِن النافِذَة علي صَدر لاندرين ليأخُذه ويقع بِهِ! : أخبريني إن هذا ليس ما أظُنُه!
قالت بصدمة : فالواقِع هوَ ليس كذلك! هذا ليسَ سَلعوَة! هذا جريفين!
-ماالذي تقولينَه! الجريفين ليسَ حقيقياََ!
قال هذا وهوَ يدفَع المخلوق عنهُ بِعصا أمسكها مَسكِة الرُمح!
-هيه أنا المُبصِرَة هُنا! أُقسم إنهُ جريفين!
-أتقصدين أني دفعت عن صَدري أسَدٌ وأنا واقِفٌ أمامُه الآن؟!!
-نعم..
صاح : ماالذي مازِلتِ تفعلينه هُنا! أحضري سيفي!
أخذت تركُض فالمكان : أين هوَ؟!
-لا أذكُر! هوَ هُنا في مكانِِ ما!
كانَ يستخدم سمعُه ليتفادي المخلوق ذو الأجنِحة, ويُحرِك العصا بطريقة بدا فيها نوع من العشوائية المُقنَعَة وكأنهُ يُحاوِل إيهام المخلوق بإنهُ يراه.
-وجدتُه!
رمت بِهِ إليه ليلتقطه بيد بينما بقت العصا فالأُخري, قذَفَ بالسيف إليها مجدداََ : أخرجيه من الغمد! أنا لن أستخدمه هكذا!
بالطبع لم تستطع إلتقاطُه وقد وقع أرضاََ وجذبته بسرعة, إنهُ ثقيل نسبياََ لكنها تمكنت من فصلُه عن الغِمد, كانَ نِصف الأسَد قريباََ جداََ من لاندرين! لم يكُن لديها حل أخر سِوي أن تستخدم هيّ السيف! لا وقت!
لم يغرِس السَيف فيه بالكاد أخترَق جلدُه! لكنه بِلا شك ألَمُه ليزأز كُل ذلك الزئير ويرتَفِع عن الأرض بقدميه الخلفيتان!
هبَطَ بنابيه علي كَتِف لاندرين! ما لَبِث أن أبتعَد وطارَ مِن النافِذَة كما أتي!
أمسَكَ لاندرين كَتِفُه بألَم : أنتِ عروس جالِبَة للحَظ السَعيد! لم أعلَم أن هذا الشيء موجوداََ حتي!
بالطبع كانَ ساخِراََ, ردَت بتذمُر : ليس خطَئي إن الطبيعة تكرهك لأنك لستَ طبيعياََ!
-ها؟ أن هكذا مُنذُ سنتان! ولم تُهاجِمني الطبيعة أبداََ! مُتأكِد أني لستُ عدواََ للطبيعة!
أبعدَت يدُه عن كَتِفه : فقط أرِني الجرح!
كانَ عميقاََ لكن هذا لم يكُن ما أخافَها, ما أخافَها إنهُ ألتئَم في ثواني!
-ممم لاندرين هل كانت جروحَك تلتَئِم بسُرعة عادَةََ خلال السنتان؟
-لا, لِماذا؟!
-لا لشيء! فقط أختفي جرحَك للتو! أتظُن أن لهذا عِلاقَة بِلُعاب الجريفين؟!
كانَ ينظُر لِكَتِفِها وهيّ تُحدِثُه, بالطبع! فهوَ لم يكُن يري لكنهُ أبتعَد فجأة ونظر لوجهها : لقد عاد بصري!
رمَشَت مُحاوِلة الأستيعاب : أظُن إن الجريفين كانَ يُحاوِل مُساعَدَتَك! لاا! قد طَعنتُ كائِناََ نبيلاََ!
-مُتأكِد إنهُ يستطيع مُعالَجِة نفسُه!
بالنظر فالأمر, كيف يستطيع شابٌ أعمي وفتاة مُحارَبِة مخلوق أسطوري؟ فقط إن لم يكُن يُريد المُحارَبَة مِن الأساس!؟
-أنا أسعَد عروس فالعالَم!
مازِحة أم ساخِرة أم حتي أستَخدَمَت تلك الجملة لتتعجب من كُل ما حَدَث لا أحَدَ يدري!

بقي لاندرين مُمسِكاََ بالسيف لساعة خشيةََ أن يدخُل مخلوقاََ غريباََ أخر عليهما من تلك البلدَة العجيبة! بينما نامَت سيرين كطفل!
___

تخطيا بوابات البلدة الخلفية, سيرين تسير بجوار لاندرين وهوَ يَسحَب لِجامَي الحِصانان, هُما الآن خارج تلك البلدة رسمياََ!
سرَح فكر سيرين للجريفين لثانية فأقشعر بدَنها, قد كانَ ضخماََ! والدماء! وأقفاص العبيد!!
قفزَت فجأة بسعادَة : خرجنا أحياء!!
قالَ لاندرين بِهدوء مُذَكِراََ ليُخَرِب سعادَتَها : وَمُتزوِجان!! أحياء ومُتزَوِجان!!

-أنتهي الفصل الخامِس.

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]

التعديل الأخير تم بواسطة imaginary light ; 09-22-2015 الساعة 06:38 PM
رد مع اقتباس
  #23  
قديم 08-05-2015, 09:18 PM
 
Smile

هيييييييييييييييييييييييييييييييييييييه انا اول رد
احم احم
اولا السلام عليكم
ثانيا كيف حالك اتمنى تكونى بخير
ثالثا القصة روعة جدا جدا
انتى حقا مبدعة بمعنى الكلمة
رابعا شكرا على تنبيهي بوصول البارت
خامسا لا تنسينى في الرابط
في امان الله
آميوليت likes this.
رد مع اقتباس
  #24  
قديم 08-11-2015, 06:34 PM
 
[align=center][tabletext="width:100%;background-color:silver;border:4px double gray;"][cell="filter:;"][align=center]
{مُقَدِمة الفصل السادِس}

الكَلِمَة مُهِمَة ، أليسَت كذلك؟
كَلِمَة واحِدَة قَد تُغَير أشياء كثيرَة
"توَقفوا ، لا ، نعم ،أنتَهَينا ،بدأنا"
متي ظَهرَت اللُغات أصلاََ؟ حين كَثُر الناس وأحتاجَت كُل فِرقَة مِنهُم ما يُعَبِر عَنها ، حسناََ! أنسي هذا السؤال! متي ظهرَت الكَلِمَة نفسها؟!
حين ظَهرَت الرغبَة فالتعبير عن شيء؟ إذن فقد كان المعني موجوداََ قَبل أن يَظهَر اللَفظ المُطلَق عليه!
رأيتَ حِصاناََ سَميتَهُ حِصان ، تُدرِك الشيء بعَقلَك أولاََ ثُم تُعطيه أسماََ ، ماذا لو لم تُدرِك شَيئاََ مُعيناََ؟
لم تفهمُه ولو حتي قليلاََ؟ صحيح! لن توجَد الكَلِمَة التي تُعَبِر عَنهُ!!
هل سَبَق وبَحَثت في عَقلَك عن كَلِمة تَصِف بِها شيئاََ مُعيناََ ولم تَجِد؟ رُبما لآن هذا الشيء بداخِلَك فقط ولم يتم الأعتراف بِهِ خارِجاََ ، فتلَعثَمت مُتأرجِحاََ بَين الكَلِمات .. لأنَك رُبما لم تَفهمُه، هل تُدرِك فِعلاََ ما تظُن إنَك تُدرِكُه؟!

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]

التعديل الأخير تم بواسطة imaginary light ; 09-22-2015 الساعة 06:40 PM
رد مع اقتباس
  #25  
قديم 08-11-2015, 06:37 PM
 
[align=center][tabletext="width:100%;background-color:silver;border:4px double gray;"][cell="filter:;"][align=center]

{الفصل السادِس : ما هذا؟}

تَوَقَفَت فجأة بِماتشي ليَصيح لاندرين : هيه أنتِ! ما خَطبِك؟!
نطَقَت مِن تَحت خُصلاتِ غُرَتها البُرتُقالية : طَلِقني!!
تعَجَب : هاه؟
أنتَفَضَت صائِحة : كما سَمِعت أمر زواجَنا هذا كانَ مُجرَد خطأ! ويجِب أن ينتَهي!
حاوَلَ تهدِئتها : أُقسِم أني لا أفهم ماالذي تَتحدثين عنه! أنا لا أُحاوِل إغضابِك!
تنَفَسَت بِعُمق : فقط طَلِقني, الأمر سَهل !
قالَ مُفَكِراََ : هذا فِعل أمر! لَكني فَقَط لا أستَوعِب المُراد مِنهُ ، هلا كَرَرتيه بصيَغ أُخري؟! أنا مِن زَمَن أخَر كما تَعلَمين! للأمر عِلاقَة بِزواجَنا أفهم هَذا!
ظَلَت فاغِرَة فاهها لثواني, هل يُمكِن أن هذا الشاب لا يَعلم فِعلاََ معني كَلِمة "الطلاق" ؟
أخذَت تشرَح بِهدوء : طَلِق ، طَلَقَ ، يُطَلِق مِن الطلاق تَطليقاََ
أبتَسمَت بِرضا ليرُد : والطلاق تَطليقاََ هذا هو..؟
-أنفِصال الزَوجَين!
-هل تُريدين السَفَر وَحدِك؟!!
-ماذا! لا! فقط أُريد الطلاق مِنك!
-الإنفصال يعني الذَهاب في طُرُق مُختَلِفَة!
-ليس حَرفياََ! أعني معنوياََ!
-وهَل كُنا يوماََ مُتَصِلان معنوياََ كي نَنفَصِل؟! إننا غريبان!!
زَفرَت بِحُنق : أتعلَم ماذا؟! لا شيء يُثبِت إننا زوجان أصلاََ! لا أوراق! لا خاتِمان! لا شيء!
صَمَت لثواني مُعطيها فُرصَة لِتهدأ : الرَب شاهِداََ..
رَمَشَت في دَهشَة : هيه لاندرين
-ماذا؟
-ماذا يفعَل الناس عادَةََ في هذا الزمن إن أرادوا الزواج بشخص أخر غير الذي هُم متَزَوجون مِنه؟
-ماذا؟! الخيانَة؟!
-لا! لا خيانَة! زواج عادي!
-أحد الزوجان قد مات؟!
نفَذَ صَبرها : ماذا ستَفعَل إن أردت الزواج فِعلاََ!؟ زواج حقيقي غير مُزَيَف! نحنُ بِمُشكِلَة حقيقية هُنا!
رد بهدوء : ليس فِعلاََ, لا أُفَكِر بالزواج, أنا لا أهتَم!
جمُدَت لثانية : ماذا عَني؟
أردَف بِنَفس الهدوء : ماذا عَنكِ؟ هذا ليس زَمَنِك حتي! لديكِ مشاكِل أكبر!

هل هوَ مُحِقٌ؟!

___

مَر علي تلك المُحادَثَة شَهر أو أكثَر ، النقود التي دُفِعَت عِندما حَطَم لاندرين نِصف غُرفَة تقريباََ كانَت كثيرة, زادَهم بالطبع أنتهي وقاموا بالتوقُف لِشراء الطعام أكثَر مِن مرَة من القُري الصغيرة التي مروا بِها ، لكن تلك المرة..؟

أفرَغ لاندرين سُرِة العُملات أمام عيونٌ زَرقاء فلم يخرُج مِنها شيء, قالَت وهيّ تنظُر للكيس البُني : لا نِقود ها؟
أدخَل الكيس بالحقيبة المُعلقَة علي يَمين سِرج شامايل : كما تَرين..
-ماذا سنفعل؟
رَدَت علي نفسها بسعادَة : سنأكُل مِن توت الغابَة أخيراََ؟!
رَد لاندرين بمَلَل : لا, مازال "قد يكون مسموماََ"
هَبَطَت عن ماتشي بِقَفزَة رَشيقَة : إذن؟
-سوفَ نَعمَل!
-هل أنتَ جِدي؟!
-نعم! نحنُ في مَدينَة كُبري الآن مُتأكِد أننا سَنَجِد وَظِيفَةََ في مكانِِ ما !
-لكن ماذا سنعمَل؟!
-أي شيء! وظيفة مؤقتَة لمُدِة يَوم! ، الأمر بسيط ، نفتَرِق الآن, نتقابَل في نفس المكان مُجدداََ عِند الغروب بعد أن نكون قد أنتهينا مِن يوم مِن العمل وقد حَصَلنا علي نِقود!

هل لَديها حَل سِوي الموافَقَة أصلاََ؟

__

دَقَت باب مَتجَر بَسيط ، فتَحَ لها عجوزٌ فالأربعينيات ، أخذَت جاهِدَة تُحاوِل إقناعُه أن يوَظِفها : أنا فالسنة الأخيرَة بِكُلية ...
توقَفَت عن الكلام ، المؤهِلات لَن تَنفَعها هُنا وأسلوب مُقابلات الوظائِف العادي أيضاََ لا قيمَة لهُ! رفَعَت أصبعها السبابة : أستَطيع أن ..
توقَفَت عن التحدُث مرة أُخري ، ما الحِرَف التي تُجيدَها؟!
رَفَعَ العجوز حاجِباََ لِتَقول بإبتسامَة بلهاء : لا عَليك أغلِق الباب مَرة أُخري!

فَقَط ، ما كانَ هَذا؟! مَشهَدٌ مِن مَسرَحية هزلية؟

قابَلَها مَكانٌ كالذي زَيَنَتها فيه تشارا ومالوري ، رُبما هيّ وظيفَة حقيقية في ذلك الزَمَن ، عَرَضَت أن تُساعِدهُم في تَزين الفتيات لذلك اليوم لكنهم قالوا "لا" !
تستَطيع الأعتِناء بالأطفال، "لا" !
التَنظيف؟ لا ،الطَهو؟ لا ،تستطيع القراءَة! الأُمية كبيرة في تلك الحُقبَة لا بُدّ إنّ شخصاََ ما يحتاجَها! أيضاََ لا!
"لا" أُخري وسَتُصاب بِنَوبِة غَضَب! ما خَطبُهم ألا يَحتاجَها هذا العالَم في شيءٌ ما؟!

قدماها تؤلِماها ولَم تَعمَل شيئاََ طوال اليَوم ولم تَكسِب أيَة نِقود، جَلَسَت علي الجُزء الباقي مِن شَجرَة قَد جُزَت تَنتَظِر قِدوم لاندرين ،تُري هل وَجَد عَمَل؟ بالطبع قد وجَد! شَخصٌ مِثلُه ماالذي لا يستَطيع أن يَعمَلُه أصلاََ؟

أرتَفَعَت قَدَميها فجأة عن الأرض!، نظرَت بِفَزَع لِعملاق أسمَر ذو بَطن كبير بِلا قميص قد رَبَط بِنطالُه بِحَبل وهوَ حافي القدَمين : ماذا تَفعَلين هُنا يا جميلَة؟ لِمَ لا تأتين معي؟!
تأرجَحَت قدماها فالهواء مُستَنجِدَة بالجاذبية الأرضية داعية أن تُسقِطها مِن يَدُه لكن لا فائِدَة! قَد أمسَكَ رِسغٌ واحِدٌ مِنها بقوة وبِهِ عَلَقها فالهواء كَدُمية!
هيّ بالطبع تُدرِك مُرادُه ليسَت طِفلَة ،هل تَصرُخ؟ رُبما تركُله؟!
لاحَظَت بِبُطء توتُر عضلاتِها الذي أفقَد رَكلَتها القوَة عندما ضَحِك وكإنها دَغدَغَته!

أحاطَت يدٌ أُخري بِخِصرِها لكن من المُستَحيل أن تَنتَمي هَذِه اليَد للعِملاق حيثُ أنّ كِلتا يداه أمامَها إلا إن نمي لهُ ذِراعٌ ثالِث!
واليَد الأُخري لِلشاب الذي تَدخَل أنتَزَعَت رِسغَها بِقوة مِن العملاق, ألَمتها لكنها لم تَنطِق بل سَقطَت في حُضن ... نعم ،لاندرين ،من غيرُه سيكون؟!
صاح بغضَب : ما مُشكِلتَك؟!
رَد الأسمر بصوتُه الأجَش : وما دَخلَك أنت؟!
-إنها زَوجتي!
-لكن أنتَ راهِب!
رمي لاندرين بالقلنسوة عن وجهُه : والآن! لم أعُد كذلك!
من المُحتَمَل إنها كانَت لِتَضحَك في موقِفٌ أخَر لكنها أكتفَت بالمُشاهَدَة في صَمت رُبما رَمَت بالقليل مِن وَزنَها لا إرادياََ علي لاندرين وإن لاحَظ فهوَ لم يتَحَدَث, لم تَعلَم مدي ضَعف أعصابَها إلا حين أتَت إلي ذلك الزمان فهيّ لم تُعَرَض لِمواقِف كتلك أبداََ من قبل وعاشَت حياة آمِنَة.
أشار لاندرين بيدُه للرجُل بغرور : أغرُب عن وجهي بِسُرعَة!
تعجبَت مِن تلك الثقة ،قد يكون لاندرين قوي لكن الرجُل ضَخم ولاندرين يبدو ضَئيلاََ بطريقة أو بأخري أمامُه ،رَفَعَ الرجُل حاجِبُه الأيمن : ومن أنت لِتأمُرني؟! أنا أفعَل ما أشاء!
تَرَكها لاندرين بِبُطء وكأنهُ يَخشي أن تَسقُط وأبعَدها لِتُصبِح خَلفُه، قَفَزَ بسُرعَة أو لِنَقُل تَشَقلَبَ فالهواء لِتَطول قَدَمُه رأس الرجُل, لم تَري سيرين الحركَة التي أداها فعلياََ بسبب سُرعَتُه لكنها سَمِعَت صوت رَكلَة قوية سقط العِملاق بعدها فالأرض كجُثة مَغشياََ عليه : لاندرين ،حارِس المَلِكَة سينامون!
قالَ هذا رداََ علي سؤال الرجُل "من أنت لِتأمُرني" ،من المؤسِف إنهُ ليس مُستَيقِظاََ ليَسمَع الإجابَة!

أخذا فالسَير لِلمكان الذي رَبَطا فيه الحِصانان في صَمت بعد أن عَلِمت إنهُ لم يجد عملاََ أيضاََ ،رُبما أغضبُه ذلك حتي سيرين نفسها غضبت وهيّ تقريباََ بلا مؤهِلات تجعل من أي شخص يقبَلها بماذا سيشعُر هوَ؟
أخَذَت سيرين تَرتَعِد بِشَكل غير مَلحوظ، هيّ لا تَثِق فيه هذا أمر طبيعي فلا أحَد يَثِق بالغُرباء إلا إن كانَ مجنوناََ لكنها الآن تَخشاه أيضاََ! ،هوَ لم يقتُل ذلك الرجُل صحيح؟! وكإنها للتو تُلاحِظ من هوَ فِعلاََ وأهمية مَنصِبُه ،لِماذا شَخص مِثلُه يُساعِدها؟!
-لاندرين؟
-همم؟
-لِماذا تُحارِب؟!
ألتَفَتَ لها بإستغراب : ماالذي تعنينَه؟
تَلَعثَمَت : ماالذي تُحارِب مِن أجلُه؟ ما هَدَفَك مِن كُل ما تفعَل؟! ماالذي تعيش له؟!

هل توضِح أكثَر؟ رُبما "كيف تُفَكِر؟!!" ستكون غريبة! بعض الشيء أو "لماذا أنتَ معي مُجدَداََ؟!" ستكون أغرَب ،هيّ لا تَستَطيع قول هَذا!

ضَحِك فجأة بِسُخرية : أنا لَستُ كَلب المَلِكَة إن كان هَذا ما يَدور في ذِهنِك!
فالواقِع كان هذا أخِر ما يَشغَل ذِهنَها ،هيّ لم تَستَصغِرُه! لكنها جارَت الحوار : إذن، ألستَ تُحارِب من أجلها؟
قال بلا أهتمام : أنا لا أُحارِب مِن أجل أحَد ،أنا أُحارِب من أجل الحقيقة!
أستَرخَت قليلاََ : هه لا يُمكِنَك أن تَكون بِهذا الكمال!
-فِرقِة المُغتالين تَنظيم مُنفَصِل عن الحُراس العاديين ،قَد نأتَمِر بأوامِر المَلِكَة لكن ولاءَنا الحقيقي.. للحقيقة فقط! نحنُ نحتاج مكاناََ فالمُجتَمَع وجوار المَلِكَة هوَ المكان الوحيد الذي نستطيع من خلالُه التحرُك بحُريَة!
فَكَرَت قليلاََ : لكن من أعطاكُم الحق؟!
نَظَر للسماء فجأة عِندما سَمِع صَوت صَقر, تسائَلَت "فقط ماالذي يدور بذهنُه" : علي الجميع فِعل شيء من أجل هذه الأرض.
صمَت ليُتابِع بعد ثوانِِ : أعتَرِف رُبما لم يتم تفويضَنا للتصرُف مِن قِبَل العامَة ،رُبما العائِلة الحاكِمة تَستَغِلَنا! لكننا لا نهتم! نحنُ لدينا المعلومات الحقيقية كجواسيس، القوة للتَصَرُف! هذا بِنَظَري يُعطيني حَق التَدَخُل فأنا لن أقِف كالمُتفَرِج!
هُنا سَقَط خوفَها مِنه ،نَظَرَت لعيناه مُحاوِلَة قِراءَتُه : لكن ،أنتَ مُجرَد بشري بعد كُل شيء ،نحنُ نُصيب تارَة ونُخطيء أُخري، لا شيء يؤكِد إن معلوماتَك صحيحَة تماماََ!! لا شيء يجعلها يَقيناََ!! أنتَ لستَ معصوماََ!!
إبتَسَم لأوَل مرَة بِصِدق : سيرين، أنا لستُ رجُلاََ واحِداََ! نحنُ موزَعون علي العالَم! نحنُ نفعَل ما نفعَل من أجل الصالِح العام!
شَهِقَت : العالَم! ونحنُ لا نَعلَم شيئاََ عنكم؟! هل مازِلتُم موجودون فالمُستَقبَل؟! أعني زَمَني!!
-كيف سأعلَم هذا؟!
أستَمَرَ لحنٌ مِن القَلَق بالرَقص في صَدرَها وقد أستَشعَر هذا ليقول : علي الأقل نحنُ نفعَل شيئاََ!
أومأت في موافَقَة لِتَرُد بجدية : لاندرين!
صمَتَت لثانية لا تدري كيف تقول ما ستقول : إن العالَم سيسير إلي ما هوَ أسوء..
أشاحَت بوَجهها عنهُ! لا تَستَطيع أحتمال هذا ،حِس العدالة الخارِق الذي لديه هذا! هوَ أسوء مِن مُجرَد قاتِل! أو كَلب المَلِكَة! هوَ.. لديه قضية حقيقية؟

سرَحَت بِفِكرَها للزَمَن الذي أتت مِنهُ ،لاندرين لا يعلم شيئاََ عن الحرب العالمية ،الأولي أو الثانية!
لا يعلم شيئاََ عن ثَقب الأوزون، لا يعلَم شيئاََ عن المجاعات بأفريقيا أو أنقراض الملايين من الحيوانات التي رُبما يعرفها في زَمنُه أو حتي أختفاء مساحات كثيرة من ذلك الأخضر، لا يعلم معني كِلمة أحتلال ،لا يعلَم شيئاََ!! وكونَها فتاة مِن المُستَقبَل لا يُعطيها الحُريَة في تَدمير أحلامُه أو تحطيم إيمانُه بالصالح العام!
نظرَت لعيناه المُلتَمِعَتان بإنعكاس ضوء الشَمس عَليهُما ،لا تستَطيع أخبارُه إنهُ سيُضَيع عُمرُه من أجل اللا شيء! إن قَضيتُه خاسِرَة ،إنهُ لا يوجَد ما يُسَمي بالصالح العام أو السلام العالمي والصراعات ستبقي ما دامَ الناسُ أُمَماََ أو فِرقَتان وعلي فِرقَة أن تُبيد الأُخري كي يحِل السلام!

مَن الطِفل الآن؟! هيّ أم هوَ؟!
رُبما ولِد علي هذه الأرض قبلَها لكنها الأقدَم!

___

كانَ هُناكَ طِفلاََ يرتدي ملابِس غريبَة يُطعِم الحِصانان! وفالجوار خَيمَة كبيرة بألوان مُزَكرَشَة!
السِرك؟! فِعلاََ؟!

إنسَلَت كالماء علي أطراف أصَابِعها لتختَلِس نظرَة بداخِل الخَيمة وَتبِعَها لاندرين بِدون أن تَشعُر! ليأتي نفس ذلك الطِفل من خَلفَهما ويُفزِعهُما!
-أتعملان مَعَنا؟
نظرا لبعضَهُما بتعجُب ، هل سيأتي الفرَج بعد أن يَئِسا؟!
أومأ كِلاهُما بِسُرعة ليأخُذهما في جَولة حول السِرك حتي أنتهيا عِند مُديرُه الذي أخذَهُما إلي أحد التمارين بالتحديد.
كان هُناك شابٌ وشابَة يَقِفان في مكانِِ عالِِ، يقفِزان مِن جِهة للأُخري، يستَخدِمان الحِبال، كانَت حركاتُهم بالفِعل رشيقة وصعبة علي غَير المُحتَرفين، كانَت عيون لاندرين مُسَمَرَة علي حركات الشاب دارِسَة لَها في حِساب دَقيق وكأنهُ يَنسَخها : أستَطيع فِعل هذا!
هَبطا علي الأرض ليَنزِل الشاب علي رُكبَة مُعطياََ الفتاة وَردَة حمراء ،تلألأت عينا سيرين : عَرض روميو وجوليت السِركي!
تعَجَب المُدير : عَرض ماذا؟!
أردَفَت وكأن الإنبهار قد زال : لا تهتم!
قد يكون الأمر مُحبِطاََ بعض الشيء حينَ لا يعلم أحد عمَ تتحدَث، تابَع المُدير : روبَرت وباتريشيا يرغبان في عُطلة لذلك كُنا نُفَكِر في إلغاء فَقرَتهُما حتي ظَهرتُما لنا!
أصبح ينظُر للاندرين : من الجيد حقاََ إنَكَ تستطيع فعل هذا!
نقل نظرُه لسيرين : ماذا عَنكِ؟
ماذا عنها؟! إنها تخشي الأماكِن المُرتَفِعة وليس لديها ذَرِة إتزان!
-إنها مُناسِبة تماماََ!
قالها لاندرين قبل أن تَجِد فُرصَة للتَنفُس حتي، لاحَظ شيء مِن المُعاناة علي وجهها : لكنها تحتاج فقط إلي بعض التدريب!

صحيح؟! هذا كُل ما تحتاجُه؟!

___

فُستان أحمَر قصير ضَيق، حِذاء أسوَد علي الأرض ،شرائِط سوداء ألتَفَت علي كِلتا ذِراعَيها ، أصبحَت فتاة السِرك الآن! كانَ علي وجهها علامات خِطوط، أثَر السِقوط علي الشبَكَة لأكثَر مِن مَرَة! مع ذلك قد صاحَت بحماس : لاندرين هل رأيت هذا؟!
قميص أسود بلا أكمام مع بِنطال بنفس اللون لكنهُ ليس جلدياََ كملابس لاندرين العادية! ،شريطَة حمراء غريبة الشَكل طَوَقَت عُنُقُه ،فتي السِرك! أبتَسَم بِخفة : أصبحتِ أفضَل بسُرعَة! أظُنِك ستكونين مُستَعِدَة مع حلول الغَد!

قَبل أن يَنتَهي اليَوم وَجَدَت سيرين نفسَها تتناوَل الطعام مع فتيات السِرك، مِنهُن من يُعطيها النصائِح ،مِنهُن من تُحدِثها عن أهمية الإبتسام في وَجه الجمهور، قَد أحبَت الجميع وتأقلَمَت بطريقة غريبة لا تبدو معها كفتاة مِن زَمَن أخَر، أليسَ هذا أيضاََ عمَل محفوف بالخَطَر؟! لِماذا لم تتوَتَر؟!
خَطِر؟ رُبما، مُمتِع؟ بالتأكيد!!
مع حلول الليل كانَت نائِمة بالفِعل في سَرير مُعَلَق فالهواء!
تساءَلَت قليلاََ قبل أن تغفو "تُري هل تأقلَم لاندرين جيداََ مع زُملاءُه؟"
هوَ فالأصل يَنتَمي لأخوية! بالتأكيد تأقلَم! وإن لم يَفعَل فإنهما سيرحلان بعد العرض التالي علي أي حال ولن يبقوا معهُم!

___

لم يَسبِق لسيرين أن وَقَفَت أمام جمهور كبير ،حسناََ، علي الأقل ليس بِملابِس السِرك وبالتأكيد ليس في زَمَنِِ ماضِِ!

لم تكُن تَبتَسِم لأن الفتيات أخبروها أن تَفعَل! هيّ كانَت بالفِعل سَعيدَة! هل كانَت سعادَتها تَنتَقِل للجمهور أم أن سعادِة الجمهور هيّ من أنتقَلَت لها عبر التَصفيق والتَهليل؟! لا أحد يَعلم! فقط كان المكان مُمتَلئاََ بالكثير مِن.. السعادَة! رُبما الطاقَة أيضاََ! لاندرين نفسُه كانَ يَبتَسِم إلي جِوارَها!

لم تؤدي كُل الحركات كما يَجِب لَكِنَها أدَتها! ،هَبَطَ لاندرين وجاءَ دَورَها فالنزول وبالطَبع لم تكُن الشبَكَة مُعلَقَة فهذا ليسَ تَمريناََ!

دارَ المكان بِها فجأة وَخَفُتَت كُل الأصوات وكإنها فَقَدَت السَمع، كانَت تَنِزل علي حَبل، قد قطَعَت أكثَر مِن نِصف الطَريق لكنها فقط توَقَفَت!
لاحَظ لاندرين أنّ شيئاََ غريباََ يحدُث! كذلك جميع المؤدين الأخرين لكن لم يكُن للجمهور أدني فكرة عن ما يحدُث! وَقَف عند نهاية الحَبل وفَتَح ذِراعيه : فقط أقفِزي! سأمسِكِك!

لم تَسمَع شَيئاََ غَير الجُزء الخاص بـ"أقفِزي" لكنها فهمت البقية مِن حركاتُه ،زاغَ بَصَرَها، هل تستَطيع أن تَقفِز بين يديه؟ ماذا إن أخطأت التصويب؟ ماذا إن لم يَستَطِع إمسَاكَها؟ هوَ شاب غريب يرغَب في إنقاذ العالَم! ألن يَستَطيع إمساكَها إن قَفَزَت مِن هذا البُعد القريب؟!
وبُناءََ علي هذه الفِكرَة الأخيرَة قَفَزَت! لكنها أُغشي عليها قَبل أن تَصِل إليه!، قامَ بِعَدل رأسها المُتَدلي بِسُرعة لتُصبِح علي كَتِفُه ليُخفي حقيقِة إغماؤها، وَضَع الوَردَة الحمراء التي كان من المُفتَرَض أن يُقَدِمها لها في شَعرها!

لم يَظُن الجمهور شَيئاََ سِوي أنّ هذا جُزء مِن العَرض!
أختَفَت إبتسامِة لاندرين وهوَ يختفي عن أنظار الجميع وأستُبدِلَت بوَجه مُمتَعِض، الجمهور سَيُهَلِل فَقَط علي أي حال!!
نعم أراد إخفاء الأمر لكن كيف لهم أن لا يَشعُروا؟!

نَظَر لِصاحِبُه "المُهَرِج" بِشَفَقة, لم يَنضَم للسِرك إلا بِسَبَب مرَض أُمُه الذي جعلُه في حاجَة إلي النقود! وكانَ جميع الشُبان يُحاوِلون إضحاكُه بالأمس! كيف أضحَك هذا الجمهور كُلُه أمر يتَخَطي عَقل لاندرين!

كانَت تِلك أخِر فَقرَة ،غادَر الناس بَعدَها وبدأ جميع المؤَدين بجمع أغراضُهم وحزمها للرحيل إلي بلدَة أُخري ،رَغَب لاندرين في المُساعَدَة لَكِن المُدير أبي إلا أن يُعطيه نُقودَهما ويذهبا في طريقِهما إن شاءا!
كان الحُزن واضِح علي ملامِح العجوز : لِماذا لم تُخبِرني إنها تخشي المُرتَفَعات؟!
لم يكُن لاندرين أفضَل حالاََ مِنهُ فلا إنسان طبيعي في حالَة جيدَة سيتَمَني رَكل نَفسُه ! : لم أعلَم! هيّ كانَت.. سَعيدَة!
لاحَظ العجوز تأنيبُه لِنَفسُه : لكنها كانَت جيدة! بالنِسبَة لفتاة تخشي المُرتفعات !
تابَع بإبتسامَة مواسياََ : الحُب يَهزِم الخَوف في أي وَقت وأي مكان!

___

جلَسَ في رُكنِِ مِن غُرفَة بسيطَة في فُندُق أبسَط لم يدفَع بِها غير قِطعتان نقديتان، ينظُر مِن النافِذَة للسماء بتفكُر ،سيرين علي السرير الوحيد.
ما كانَ ذلك الإحساس عندما سَقَطَت؟ كانَ مُتأكِداََ! إنّ بإمكانُه إلتقاطَها! وقَد فَعَل! لِماذا إذن سَقَطَ معها قَلبُه؟!
الفَزَع الذي أنتابُه وهيّ كالجُثَة بين يَديه ،ما كان هَذا؟! كان يستطيع سماع نَبضها! بمهاراتُه الغريبة التي أمتَزَجَت بالطاقَة الصاعِقَة ،كانَ مُتأكِداََ من كَونَها حيَة! لِماذا كانَ خائِفاََ إذن؟!
هل، هل حقاََ كانَ خائِفاََ؟! أياََ كانَ ما شَعَر بِهِ فقد تغلَب عليه! لكنهُ بقي في حالَة مِن الصدمَة الخفيفة وكإن كياناََ طُفيلياََ قَد إختَرَقُه وأصبَح يُشَكِل تَهديداََ علي وجودُه!
فقط ما هذا الإحساس الذي لا يستطيع أن يَجِد لهُ "إسماََ" !

أستَيقَظَت سيرين ،نظرَت حولَها دون أن تَنهَض ففهمت إنهما أصبحا في مكانِِ أخَر الآن! وعلي الأغلَب وقت أخَر!، تذَكَرَت أخِر الأحداث التي عاشَتها ،تباََ! لا بُدّ أنّ لاندرين غاضِبٌ مِنها الآن! علي ذلك الموقِف الذي وضَعتهُ فيه!، هيّ لا تُتقِن ركوب الخَيل إتقاناََ تاماََ, لا تُتقِن السِباحة أصلاََ! وأيضاََ تخشي المُرتفَعات! ،سيوَبِخها وكأنها طِفلَة كما يفعَل حين يُخبِرها أن ترتدي حِذائَها أو لا تتناوَل التوت الذي بالغابَة ؟
تفاصيل! السَفَر مع أحدَهم لأكثَر من شَهر يملأك.. تفاصيلاََ!

كانَ يَعلَم إنها أستيقَظَت فقد تسارَع نَبضُها لكنها لم تقُل شيئاََ؟ ماالذي تُفَكِر فيه؟!

قررَت التشَجُع وأخذ التوبيخ الذي تَستَحِقُه! ليس وكأن توبيخ لاندرين قاسِِ عادَةََ علي العَكس , من الواضِح إنهُ ليس مِن الرِجال الذين يُجيدون توبيخ الفتيات وهذا علي الأغلَب يرجَع لثقتُه العالية في مقدار قوَتُه ،هوَ فقط لا يُضايق الفتيات!! فهو ليسَ ضعيفاََ ليفعَلَ هذا! ،فالمُنافَسَة عادَةََ تنشأ بَين الواقِفون علي مستوي واحِد في مُقارَنَة وهذا أيُ شيء إلا لاندرين وفتاة؟
ليس وكأنهُ يستَصغِر الفتيات ،هوَ فقط لم يَعتَد جَذب شعورِهِن عندما كانَ طِفلاََ!

لكن كُل هَذا لم يَجعلها تشعُر بشيء إلا وكأنها طِفلَة حولُه، لنتجاهَل حقيقة إنها طِفلَة مُعظَم الأوقات!، نطَقَت بترَدُد : لقد أستَيقَظت ..
"أخيراََ!" زفَرَ لاندرين زَفرَة خفيفة وقد علَت تقاسيمُه إبتسامَة غريبة، لم ينظُر لها أو يُشِح بوجُهه عن السماء فلَم تري مِنهُ إلا جانِباََ واحِداََ ، نطَقَ بِبُطء : هل أنتِ أفضَل الآن؟
أومأت لكنهُ لم يري فشعرَت بالغباء لِتَرُد بصَوت : نعم!
أتَسَعَت إبتسامَتهُ شيئاََ قليلاََ لا يُلحَظ فقد شَعَر بإيمائَتها! : جَيد!

أنتَظَرَت التوبيخ لَكِنَ شيئاََ كهذا لم يأتِ ، كانَت تَشُمُ رائِحة طعام فقامَت مِن السَرير باحِثَةََ عن مَصدَر تِلك الرائِحة لتَكتَشِف إنها ترتدي فُستان لورانس الآن! كانَت ماتزال تشعُر بِملابِس السِرك الضيقة مِن تحتُه لكن فقط من الذي أعطي لنفسُه الحُرية لِقلبَها بين يديه؟! ، أمتلأ وجهها إحمراراََ مِن الغضَب : لاندرين ، من الذي ساعَد في إدخالي بالثَوب؟!
قال وكأن الأمر ليس إلا واضِحاََ : لا أحَد غَيري بالطبع!
كتَفَت ذراعَيها تحت صَدرها : ومن أعطاك الحَق؟!
رَد بِهدوء : كانوا ينظرون إليكِ فالشوارِع ، كُنتِ في مقام الغائِب بينَما كُنتُ أنا حاضِراََ ، هذا يُعطيني الحَق! لأني كُنتُ موجوداََ!

ألتَمَعَت عيناها ، ليس لديها رداََ علي هذا ! ، مُعظَم الناس لا تَجِدهُم أصلاََ حينَ تَقَع وإن طَلَبتَهم وهُناكَ من يَقِف بموقِف المُتَفَرِج ، لَكن لاندرين؟ أعطي نفسُه حق التدخُل لمُجرَد تواجُدُه ، وكإن المُعادَلَة أنقلَبَت !

___

مرَ شهرٌ أخَر ومازالا في حِلِِ وتَرحالِِ ، كانَ لاندرين يُمسِك بِلِجام الفَرَسَان ويسير وعلي مسافَة بِجوارُه كانَت سيرين تَسير ، هُما لا يستَطِيعان ركوب ماتشي وشامايل طوال الوقت! ، تلك مخلوقات تَتعَب أيضاََ وتحتاج للراحَة!

وقفَت سيرين فجأة : هيه لاندرين! توقَف أُريد قِراءِة تلك اللافِتَة!
أقترَبَ لاندرين حيثُ وقَفَت بِصَمتِِ لتقرأ بصَوتِِ عالِِ :
"حية لِحية وفارِس لِفارِس
إن لم يَكُن مَعَك حَية فليسَ لَكَ حارِس
سَتُقتَلُ قَتلاََ لَيسَ كأي حادِث
وَتَحِلُ عَليكَ لَعنِة الحابِس"
نظرَت لهُ بِهدوء تنتَظِر رَدِة فِعل ليَنطِق بإستنكار : ماذا؟! هذا فقط هُراء! تلك أخِر مَدينَة كُبري سَنَمُر بِها! نحنُ لن نَعود الآن!

دخلا إلي تلك المدينة كأي غريبان وسارا بين الناس، سَقَطَ شابٌ غريب أخَر قد رأوه عند عبورهم للحدود أرضاََ فجأة ، تعالي صُراخ الناس : إنها اللعنة!

-أنتهي الفصل السادِس.

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]

التعديل الأخير تم بواسطة imaginary light ; 09-22-2015 الساعة 06:42 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
امسك بصحن ؟ احمد اطيوبه مواضيع عامة 8 01-18-2014 02:48 AM
من تزين البطيخ jehan1970 موسوعة الصور 6 05-18-2011 03:23 AM
تزين اغافر نبا عايد حواء ~ 1 02-27-2011 07:41 PM
كيفية تزين الفطيره سنيورة أمواج أطباق شهية 8 08-19-2007 05:36 PM


الساعة الآن 05:03 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011