الفصل السابع عشر :

كان رولند قد ترك الحديث مع ديريك ليتوجه بسرعة إلى غرفة أخاه آريان إلا أن رؤيته لأندرو وهو يحدق بكيس صغير يحتوي على مادة غريبة بشرود أوقفه لينظر له وهو يتذكر بأنه من أخبر لورانس بكل شيء .. أغمض عيناه وقد ابتسم وهو يتحدث بهدوء :" إذن لقد انتهى كل شيء بالفعل صحيح ؟ الآن لن تلومني حتى لو رفضت مسامحتك إلى الأبد يا صديقي الأول والأعز "

ليكمل سيره بسرعة إلى أن وصل أخيرا إلى غرفة آريان حيث كان الأخير نائماً وأنفاسه مُنتظمة .. وضع يده على جبينه ليجد أن حرارته مرتفعة لكنه لم يصب بالحُمى بعد .. ألقى نظرة على وجهه ليجد بعض الخدوش والجروح الخفيفة مما دفعه للإمساك بيده بخفة وهو يتحدث :" أحمق , من طلب منك أن تفعل هذا يا غبي !"

قتح عيناه بتعب ليبتسم بسعادة وهو يرى رولند بجانبه ويمسك بيده دون أن ينطق بأي حرف .. أما رولند فقد قطب حاجباه بضيق وهو يسأل :" لماذا تفعل هذا ؟ أخبرتك أن تحافظ على صحتك وحياتك لا أن ...."

قاطعه بابتسامة طفيفة :" لكنني سعيد هكذا .. أعني رولند بخير وهذا يكفي .. أنا كُنت قلقاً للغاية عليك يا أخي "

ابتسم بلطف وهو يمسح على شعره بهدوء قبل أن يأذن للطارق بالدخول .. ابتسم آريان لأندرو الذي كان يحمل بيديه بعض الحساء لهما بينما رسم رولند ابتسامة ساخرة وهو يتحدث :" أي من هذان لي أنا ؟"

نظر له أندرو لعله يفهم ما يرمي له محدثه إلا أن رولند نهض ليقف أمامه مُباشرة وهو يسأله مجدداً :" أي منهما قمت بوضع ذلك السم به ؟"

أشاح بوجهه عنه ليجيب بهدوء :" ليس وكأنني سأضع سماً لك وسيدي الصغير سيتناول معك الطعام .. ماذا لو حدث له مكروه ما ؟ لا أعلم ماذا قد يخطر في عقلك من أفكار مسمومة "

أمسك رولند بوجهه وجعله ينظر لعيناه مُباشرة وهو يتحدث :" الآن وأنت تنظر إلى عيناي أجب هل تظن أنني سأقوم بإعطاء الصحن المسموم لآريان ؟"

ابتلع رمقه قبل أن يجيب بتوتر وحقد :" لا , لن تفعل ذلك "

ألتف عنه وهو يتحدث بخفوت :" تعلم أندرو تبدوا متوتراً كما أنك مُصاب .. ما رأيك بيوم إجازة ؟ أعني هُنالك مقهى لطيف أعرفه في المدينة المجاورة أذهب إليه دائماً .. لم أخبرك به من قبل صحيح ؟ هذا لإنني أحببت ذاك المقهى بعد شجارنا .. يوجد به الكثير من الفتيات الجميلات وأنا عثرت على فتاة جميلة للغاية .. لذا بدأت أذهب إليه "

أعاد النظر له ليجد الغضب والحقد يتأجج بداخله بينما تقدم رولند بهدوء حتى همس بأذنه :" تعلم يا صديقي العزيز أنا أحببتها حقاً إن قررت الذهاب إلى هُناك ستعتني بك جيداً لأنك تعرفني .. ( بسخرية ) : أختك ماتت صحيح ؟ لا يمكنني البقاء وحيدا إلى الأبد "

أراد أندرو أن يلكمه إلا أن رولند أمسك به وألصقه بالحائط وهو يقول :" ألا ترى معي أن محاولتك للكم سيدك أمر سيء للغاية ! ألم أخبرك بأنك بحاجة لإجازة ؟ اذهب غدا وافعل ما يحلو لك .. بالتأكيد لك حرية العودة أو المغادرة إلى الأبد مع أنني أفضل الخيار الثاني .. و أندرو هذا الأمر كشكر بسيط لإنك أخبرت لورانس بكل أسراري "

تحدث من بين أسنانه والغضب يشع من عيناه :" أنا لم أخبره بأسرارك كلها .. أهم سر تحتفظ به كتمته مع أنك لا تستحق ذلك أبداً .. لا تستحق إلا الموت أتفهم ؟ على الأقل لم أخبره بمكان أختك وابن عمك ذاك لذا كن شاكراً "

احتدت نظرات رولند وهو يشد على يد أندرو المُصابة :" هل لمحت له بأي شيء ؟"

بغضب شديد أجاب وألم :" لا , لم أفعل ذلك .. تباً لك "

أغمض رولند عيناه وهو يتحدث بهدوء بينما يسير إلى مقعده بجوار آريان القلق :" سينتهي كل شيء ما إن ترى صديقتي غداً إن ذهبت "

ابتسم بسخرية وهو يتحدث بألم :" لقد انتهت بالفعل ! كل شيء بيننا انتهى .. صداقتنا وكل شيء لم يعد ذي قيمة بالفعل "

ليغادر المكان ... نظر آريان لرولند وقد بدا شارد الذهن تماماً , تحدث بتوتر شديد :" رولند ماذا حدث ؟"

تنفس رولند بعمق وهو يجيب :" لقد اشترى سُم ما وظننت أنه سيضعه في الحساء ولكن .. هو أساساً لن يفعلها لأي سبب كان .. إنه أجبن من أن يتحمل دماء شخص ما "

أخفض آريان رأسه بحزن ليتحدث :" لكن لماذا يا أخي ؟ أعني أندرو شخص جيد فلماذا تتشاجران ؟"

تنهد رولند بتعب وهو يجيب :" إنه بالفعل شخص طيب ولطيف للغاية .. لأن الظروف أجبرتني على ذلك ... كنت أظن أنني سأتمكن من استحمال إزعاجه وكرهه لي لكنني أريد لكل ذلك أن ينتهي "

وفي مكان اجتماع أسرة روبنز جلس لورانس بجانب أمه بهدوء وقد كان ينظر لجرح صغير في وجهها ليوجه نظره لوالده بشيء من الانزعاج قبل أن يطلق نفساً عميقاً وهو يغمض عينيه لطرد كل الأفكار من عقله لاسيما بعد شعوره بمراقبة عمه ديريك لكل حركة يقوم بها

تحدث ديريك بهدوء :" أخبرني لورانس ماذا فعلت أنت ورولند في منزلك ؟"

فتح عينيه لينظر إلى محدثه بهدوء وهو يجيب :" لا شيء مهم حقاً , هو كان يقضي الوقت في الحديقة بمراقبة الزهور أو النهر الصغير .. أما أنا فكنت أكمل عملي في غرفتي "

ابتسم ديريك له وهو يتحدث :" أجل لقد وصلتني نسخة من أعمالك لورانس وقد أعجبتني بالفعل أحسنت "

أومأ برأسه إيجاباً بهدوء .. أما أليكسس فقد تحدث بانزعاج :" وبالرغم من ذلك ما كان عليك تركه يفعل ما يشاء في منزلك ماذا لو قام بتفتيشه أو ..."

قاطعه لورانس ببرود :" وماذا سوف يجد هُناك ؟ أوارق العمل ؟! هو إن حاول إيذاء فرعنا سيؤذي نفسه أيضاً قلا تنسى أنه قانونياً هو المالك لكل الأفرع والشركات "

شد أليكسس على يد بينما أجابه ديريك بذات البرود :" لديك ذكاء حاد كما اعتدت عليك دائماً .. ولكن ربما من الأفضل لك أن لا تستغله ضدنا لورانس "

لورانس بهدوء :" أنا أستغله ضدكم عمي ؟ حسناً إن لم تكن تثق بي فيجدر بك طردي من هُنا "

تنهد ديريك بتعب وهو يجيب بابتسامة:" لا , بقائك ضمن نطاق يمكنني مراقبتك به أفضل لي وللأسرة .. وكما قلت سابقاً لورانس أنت ذكي بالفعل وأنا أثق بقدراتك وبأنك ستكون عوناً لنا "

أغمض لورانس عيناه وهو يتحدث بشك :" قبل قليل قلت أنك لا تثق بي والآن تبدل رأيك ؟ ألا يسمى هذا الأمر تناقضاً ؟ "

نهض أليكسس بغضب وهو على وشك صفعه مجددا لولا صوت ديريك الحاد الذي أوقفه :" أليكسس ! لا تقم بلمسه .. وأنت لورانس تعال إلى مكتبي في الشركة غداً لنتحدث بهدوء "

أومأ لورانس إيجاباً بينما تحدث أليكسس بانزعاج :" هيا بنا سنعود للمنزل "

نهض كل من لورانس وإيمليا ووالدتهم للمغادرة .

وبقصر الحاكم جلس بكل هدوء وهو يكمل توقيع تلك الأوراق بين يديه .. الكثير من الأفكار والذكريات تعبر بذاكرته لتعيد له الكثير من الألم الذي اضطر إلى تجرعه في السنوات السابقة .. أبعد كل أفكاره وهو يشعر بها تحتضنه من الخلف وصوتها الهادئ ينساب إلى أذنه بكل هدوء :" أخي كريس لما لا ترتاح قليلاً ؟ أعني لقد حل منتصف الليل ولازلت مُستيقظاً "

رفع رأسه لينظر لها بحنان ويجيب :" تعلمين علي الانتهاء من العمل إينوري .. وأنتي لماذا لازلتي مُستيقظة ؟ "

جلست بجانبه وهي تجيب بمرح :" لأنك مُستيقظ ولا يمكنني النوم وأنت تعمل فحسب .. ما رأيك بكوب من الشاي الساخن ؟"

مسح على شعرها بحنان وهو يتحدث :" تعلمين كم اشتقت لهذه الابتسامة ؟ لقد كنت أشعر بالضياع ولكن الآن سيكون كل شيء بخير بما أنني استعدتك على الأقل "

دفنت وجهها بين كفيه وهي تتحدث بألم :" آسفة .. لأنني لم أكن بجانبك عندما .. عندما تم قتل واختطاف أسرتك يا أخي "

عض على شفته السُفلية وشعور الألم يمزق روحه وكيف لا وقد قُتلت زوجته أمام عينيه بينما أقسم أولئك الحمقى بأن يجعلوا من ابنه الرضيع سارق أو ربما قاتل .. لقد حاول البحث عنه وعنهم ولكن الآن لم يعد هُنالك أي أمل لديه في العثور عليه أو حتى عليهم للانتقام .. فقط هو يرغب أن يعلم لماذا فعلوا به هذا دون أن يقضوا عليه هو .. شعر برعشة تسري بجسده وهو يشعر بيد أخته تمسح له تلك الدموع لتتحدث بألم:" حقاً آسفة يا أخي لأجلك "

حضنها بلطف وهو يجيب :" لا أنكر أن الأمر كان مؤلماً للغاية ولكنني الآن بخير .. فقط ربما لو أعلم أن ابني قد مات لكان الأمر أفضل من أن لا أعلم عنه أي شيء.. إن كان بخير أم لا .. هذا الأمر يؤرقني للغاية إينوري .. إنه مؤلم "

بادلته العناق بهدوء شديد ودموعها قد غزت وجهها فهي تعلم أنه الآن بحاجة لها حقاً .. لإنه وطوال تلك السنوات أخفى مشاعر الألم بداخله وأجبر نفسه على الصمود لأجلها ولأجل أبنائها وإنجيلا .

كان ريو قد استيقظ مُنذ بزوغ الفجر على صوت أنفاس صديقه الغير مُنتظمة .. اقترب منه بهدوء ليجلس بجانبه وهو يضع يده على جبينه إلا أنه لم يجد أنه مُصاب بالحُمى ... أبعد يده بذات الهدوء وهو يراقب ملامحه قبل أن يضع رأسه على صدر صديقه وهو يتحدث بصوت خافت :" أرجوك لا تُخبرني أنك لا تريد أن تفتح عيناك حتى لا تواجهني ! ( وبسخرية أكمل ) : تعلم أنني سأبقى هُنا لذا .. لن تتمكن من فعلها "

رفع يده اليمنى ليمسح بها على شعره الأشقر وهو يتحدث بتوتر :" أنت من يصبح مُخيفاً عندما يغضب "

أغلق عيناه باسترخاء وهو يجيب بشيء من الحزن :" ولكنني لستُ من يهين الآخر عند الغضب .. "

نهض من مكانه بسرعة مما أجبر ريو على الابتعاد عنه وهو ينظر له بدهشة وقد تحدث إيثن بخفوت :" لم أكن لأعيد ذات الكلمات أقسم لك .. أعترف بأنني كدت أن أخبرك بأنك مجرد خادم وسأقوم بطردك ولكنني لم أكن لأكرر ذات الكلمات .. ( أخفض رأسه بألم وهو يكمل ) : بالرغم من أن هذه الكلمات ليست ألطف أو أفضل لكن .. أنا آسف "

نهض ريو من جواره وعاد ليستلقي على تلك الأريكة التي اتخذها سريراً له هُنا .. نظر له إيثن بحزن وهو غير قادر على إبهاجه بل لن يكون قادر على ذلك .. أما ريو فقد اكتفى بإعادة الغطاء ليغطي جسده بالكامل وحتى رأسه وهو يحاول أن لا يسمح لإيثن بمعرفة أنه يبكي فقط بينما صور من ذلك اليوم بدأت بالعودة إلى مخيلته :

كان إيثن يسير بغضب شديد باتجاه غرفته وريو الذي كان خائفاً من غضبه هذا يتبعه وهو يحاول تهدئته .. كل ما كان قد فعله هو أنه أخبر أحدهم عن مرضه ليساعدهم في نقله للمستشفى بسرعة وهذا الأمر كان كفيلاً بإخراج غضب إيثن الدفين .. حاول ريو الاعتذار ولكن إيثن والذي وصل لغرفته ودون أن يلتف له حتى تحدث بانزعاج شديد :" ومن أنت لتخبره ؟ بل من أنت لتخبر أي أحد بما تريد ؟ لستَ سوى مجرد عبد .. أنت لست خادم حتى, يمكنني بيعك فحسب, لا أسرة لك ولا أي شخص سيبكي أو يحزن على غيابك مجرد شخص بلا قيمة " ليغلق الباب خلفه بقوة ولكنه ما إن سمع صوت الباب الذي أغلقه بيده بقوة شديدة حتى شهق بفزع وكأنه استيقظ للتو من كابوس مزعج وهو يضع يده على فمه وقد إمتلئت عيناه بالدموع .. أما ريو فقد ألجمته تلك الكلمات عن الحراك .. فحتى عندما أُغلق الباب بوجهه بقوة هو لم يتحرك أو يرمش .. ولكن دموعه هي الوحيدة التي لم تتجمد كبقية جسده .. مرت خمس دقائق كاملة بصمت شديد وكأن الزمن توقف بالنسبة لكلاهما .. تقدم ريو أخيراً بخطوات مُنكسرة وهو يضع يده على باب الغرفة ليتحدث بصوته الباكي وبألم شديد :" إن كان سيدي إيثن يظن أنني بلا قيمة .. وأن لا أحد سيحزن علي فهذا يعني أنني كذلك حقاً .. لأنه .. لأنني ( وبألم أكبر ) : كنت أظن بأنه هو من سيفعل .. وإن لم تكن كذلك فهذا يعني أنني حقاً بلا قيمة "

تراجع للخلف عدة خطوات حتى وصل إلى إحدى زوايا الغرفة ليجلس بها وهو يضم جسده ويدفن رأسه بين يداه ويسمح لنفسه بالبكاء بشدة .

شعر برجفة تسري في جسده وهو يشعر بيد إيثن تبعد الغطاء عنه ويمسح على شعره بحنان ليتحدث بألم :" أرجوك ريو .. تعلم أنك أغلى شخص أملكه وأقربهم إلي .. أنا آسف حقاً , يمكنني الاستمرار في الاعتذار إليك حتى اليوم الذي سأموت به .. ريو أنت لو طلبت روحي لما ترددت لحظة واحدة لإعطائها لك .. سامحني أتوسل لك "

نهض ريو وهو يرسم ابتسامة على وجهه بينما مسح إيثن له دموعه ليتحدث الأول :" أنا بخير حقاً , أعلم ولا داعي للاعتذار كل ما عليك فعله الآن هو العناية بصحتك جيداً .. لن أسامحك إن لم تتجاوز هذه العملية بنجاح أتفهم ذلك ؟"

ابتسم هو الآخر بهدوء ليجيب :" أجل أفهم ذلك , سأبذل ما بوسعي للبقاء بجانبك "

أومأ برأسه بسعادة وهو ينهض ليساعد إيثن على العودة لمكانه .

كانت قد انتهت من ترتيب نفسها وهي تهم بالمغادرة إلا أن ألفريد أعترض طريقها وهو يتحدث :" جيني إلى أين تنوين الذهاب ؟ "

ابتسمت بهدوء وهي تجيبه :" إلى المستشفى "

رفع أحد حاجبيه بقلق وهو يطرح سؤالاً آخر :" ولماذا ؟ هل أنتي بخير ؟ "

ضحكت بخفة وهي تتجاوزه لتتحدث بصخب :" أجل لا تقلق .. لكن إيثن في المستشفى وأردت زيارته هذا كل ما في الأمر "

أومأ إيجاباً وهو يكمل طريقه للأعلى بينما غادرت جينيفر القصر بعدها

وفي مكان آخر بعيد نسبياً كان يسير بين الشوارع وهو يقبض على يده اليمنى بقوة تحدث بصوت منزعج :" لماذا أنا هُنا ؟ كيف يمكنني الذهاب ورؤية تلك الفتاة التي تحدث عنها بالأمس "

نظر إلى السماء وهو يتحدث بيأس :" أريد أن أعلم من هي الفتاة التي أخذت مكان كاميليا بحياة رولند هذا فقط "

تنهد بتعب ما إن وصل إلى ذلك المقهى الذي أخبره رولند به .

وبقصر أسرة روبنز جلس رولند وقد بدا التوتر على ملامحه وهو يضع هاتفه على أذنه ويشد عليه بقوة ليتحدث :" أنا سآتي ولكن لا أعلم إن كان بإمكان آريان القدوم فهو مُصاب , أعني لقد تعرض للضرب المُبرح ليلة أمس من قبل والده لذا .. ( صمت وهو يستمع للطرف الثاني بتوتر قبل أن يغلق الخط ليردف ) : تباً , لم يكن ينقصني إلا هذا الأمر الآن ! "

جلس أمام ذلك المكتب الفخم ذو اللون الأسود وابتسامة خبيثة تزين شفتاه ليتحدث :" إذن لورانس دعنا نتحدث بصدق الآن ما رأيك ؟"

عقد حاجباه بضيق وهو يجيب :" لا أفهم عن ماذا تتحدث عمي "

تنهد ديريك بتعب وهو يسند رأسه إلى الكرسي من خلفه ويتحدث بملل :" لا أعلم كيف يمكن لأليكسس الأحمق أن يكون له ابن ذكي مثلك .. استمع لي أنا لاحظت غضبك على والدك وعلى الأسرة بشكل عام "

أوشح بوجهه عنه وهو يتحدث بشيء من السخرية :" ربما ورثت هذا الذكاء منك عمي , ( وبجدية أردف ) : تعلم أنني غاضب على أمي التي يتم ضربها وأهانتها كل يوم تقريباً بسبب لا شيء , إنها تقوم بكل واجباتها على أكمل وجه وبالرغم من ذلك هي لا تلقى أي ثناء فقط يقوم بإيذائها وإفراغ غضبه عليها حتى وإن لم تفعل أي شيء "

ابتسم بسخرية هو الآخر :" إذن يبدوا أنك تعلمت السخرية من رولند خلال أسبوع هذا ممتع ( وبجد أكمل ) : أنت تعلم أن والدك ذو شخصية حادة وهو يميل لتفريغ غضبه بإيذاء من حوله لذا فالخطأ يقع على والدتك لما لا تبتعد عن طريقه فحسب ؟"

شد على قبضة يده اليمنى بقوة وهو يجيب :" لإنها تخشى أن يفرغ غضبه على أحدنا , عمي أتذكر في العام الماضي عندما قلنا أن إيمليا في المشفى لأنها أحرقت نفسها بكوب من الشاي دون قصد ؟"

ضيق عيناه ليتحدث باندهاش:" لا تخبرني أن والدك هو من فعل ذلك "

أجابه بسخط :" بلى , لقد تشاجر معك بسبب أمر تافه وعندما لم يعثر على أمي بالمنزل بحث عني ولكنه لم يجدني فانتهى به المطاف بإيذاء إيمليا "

تنفس بعمق وهو يتحدث بجد :" إنه والدك فهل تخطط لإيذائه لورانس ؟"

أومأ سلبا وهو يجيب :" لا , ولكن أنا فقط أريد إبعاد أمي وأختي عنه .. لا أريدهما أن تتألما مرة أخرى ولكنني أفشل بذلك فحتى لو تلقيت أنا سخطه بالكامل سيأتي يوم لن أكون به بالمنزل لسبب أو لآخر إما للعمل أو للدراسة أنا مجرد شاب في السابعة عشر من العمر وأشعر بالعجز حقاً "

أغمض ديريك عيناه ليتحدث بهدوء :" وإن وعدتك أن لا أحد سيصيب والدتك وأختك بسوء .. سأطلب منه أن لا يقوم بإيذائهما ولكن لا أضمن حينها أنك ستكون بخير "

ابتسم بحزن وهو يرد عليه :" لا يهم , أنا لست بخير أساساً ليفعل بي ما يشاء لكن دعه يبتعد عنهما "

أومأ برأسه إيجاباً ليتحدث بهدوء :" أعدك بذلك والآن عد لمدرستك لورانس, سينتهي موعد الاستراحة قريباً "

انحنى له بهدوء وهو يغادر المكتب ليتوجه نحو مدرسته القريبة من هنا.

لنعد معاً إلى ذلك المقهى الذي توجه له أندرو حيث كان يجلس على أحد المقاعد بغرفة العاملين وأثار الصدمة مازالت ظاهرة على وجهه بينما تلك الفتاة ذات السابعة عشرة من العمر تقف أمامه وعيناها الخضراوتين تذرفان الدموع بينما تضع إحدى يداها على فمها و الأخرى تبعد بها بعض من خصال شعرها الأسود الطويل عن وجهها وقد تحدثت بصوت حزين :" لكنه لم يخبرني عن ذلك أبداً , أندرو كيف تمكنت من فعل ذلك .. أعني أن تحاول قتله وتتخلى عنه ! "

شد على قبضة يده وهو يقف ليتحدث محاولا الدفاع عن نفسه :" أنتي لم تشهدي على ما حدث في ذلك الوقت فهو من فعل هذا , أعني هو من ابتعد "

أخفضت رأسها بحزن شديد وقد أجابته بينما كانت تسير للخارج :" لكنك صديق طفولته وكان يجدر بك أن تثق بأن رولند ليس من الأشخاص السيئين , ولن يفكر بإيذائي فهو من أنقذني وأخذني للمشفى إلا أنه تمكن من تزييف هويتي وإحضار وثائق مزيفة عن موتي حتى لا يبحثوا عني "

غادرت تلك الفتاة الغرفة لتترك أندرو الجالس بصدمة وألم شديد وهو يهمس لنفسه :" لما فعلت هذا رولند ؟ لماذا أبعدتني عنك يا صديقي ؟ "

نهض وقد رسم الحدة على وجهه , الآن لن يكون الأمر سهلا أبدا ولكنه لن يستسلم فقط .

مضت الفترة التالية بهدوء نسبي بحيث كان كل من جينيفر و إيثن وريو وكاميليا و ريكس و آريان وحتى لورانس مشغلون بتقديم إمتحناتهم .. بينما رولند يحاول الاعتذار عن تلك الزيارة للقصر أو على الأقل استثناء آريان منها .. أما أندرو فقد عاد إلى رولند وقد استمر بالاعتذار له في كل وقت يتقابلان أو بكل خدمة يقدمها له بينما الأخير يتجاهله أو يجيب برسمية شديدة فقط !

آسفة إلا أنني سأنهي الفصل إلى هنا .. فالفصل القادم ممهد للنهاية التي اقتربت كما أنني الآن بحالة نفسية سيئة ولدي ضغوط امتحانات .. أعتذر على التأخير ولا أعدكم بعدم تكراره .. ادعوا لأبي بالشفاء العاجل رجاءا ..