عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > ~¤¢§{(¯´°•. العيــون الساهره.•°`¯)}§¢¤~ > أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه

أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه هنا توضع المواضيع الغير مكتملة او المكرره في المنتدى او المنقوله من مواقع اخرى دون تصرف ناقلها او المواضيع المخالفه.

Like Tree97Likes
 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #241  
قديم 03-22-2010, 03:50 PM
 
الجزء الاربعون
"صورة"

تطلع مازن بحنان الى ملاك التي كانت تحاول باستماتة بذل كل الجهد..في تدريبها التأهيلي لأطرافها.. وعلى الرغم من ملامح الالم على وجهها الا انها كانت تحاول اظهار الشجاعة بكل عزيمة واصرار.. ولاحظ في تلك اللحظة قطرات العرق التي اخذت تتجمع على جبينها.. ونقل بصره بين ملاك وساعة يده وعلم مقدار المجهود الذي بذلته هذا اليوم.. وسمع الطبيب يقول في تلك اللحظة: هل تشعرين بأي شيء الآن؟..
هزت ملاك رأسها نفيا وقالت: لا شيء سوى التعب..
ابتسم الطبيب وقال: حسنا سأسألك سؤالا اخيرا.. هل حاولت الوقوف على قدميك من قبل؟..
قالت ملاك نافية: ابدا.. ولم افكر في ذلك حتى..
- ولو طلبت منك ان تجري تدريبات قد تساعدك في الوقوف على قدميك.. فهل ستحاولين ادائها؟..
قالت ملاك وهي تومئ برأسها: بلى ولكني اشعر بالتعب اليوم ..ولا اظن ان لدي القدرة على المواصلة..
قال الطبيب بهدوء: فليكن غدا سأكمل التدريب معك.. يمكنكما الانصراف..
ابتسمت ملاك ابتسامة شاحبة وقالت بصوت مرهق: شكرا لك..
اجابها الطبيب بهدوء: العفو.. لم اقم الا بالواجب..
في حين اقترب مازن من ملاك ومنحها ابتسامة حانية لعلها تخفف ما تعانيه من آرهاق جسدي ..وقال برقة: كيف تشعرين؟ ..
بادلته ملاك الابتسام وقالت وهي تتنهد: على ما يرام..
مد يده لها وقال وهو يتطلع اليها: سأساعدك..
مدت يدها لتحتضن كفه وتتشابك اناملها ونظرات عينيهما لفترة.. ومازن يتطلع الى ملاك وهو يحاول ان يكتشف ما تحمله في ذلك المكان الصغير القابع في قلبها.. وملاك بدورها تحاول ان تكتشف من نظرات عينيه اليها ما يكنه لها من مشاعر ..
وقطعت ملاك تلك اللحظة بينهما وهي ترفع جسدها من على ذلك الفراش وتلقيه على مقعدها المتحرك..ومازن بدوره اكتفى بأن يدور حول مقدمة المقعد ليمسك بمقبضيه ويدفعه..وتحرك مغادرا غرفة الطبيب ليتجه الى المصعد.. ويضغط الزر المجاور له ..ولم تمر ثواني حتى كان المصعد قد وصل الى الطابق الثالث حيث هما.. فاستقلاه بهدوء.. وهنا فقط قالت ملاك فجأة: اريد ان اذهب لرؤية ابي..
كان مازن قد ضغط زر الطابق الارضي.. فتطلع الى ساعته وقال : انها الثامنة والنصف.. سآخذك اليه غدا.. فاليوم سنذهب الى المطعم -كما اخبرتك مسبقا- لتناول العشاء..
قالت ملاك وهي تشعر بخفقات قلبها المتسارعة: لكن اشعر بشوق شديد لرؤيته.. ارجوك .. خذني لرؤيته..
قال مازن وهو يتطلع اليها وفي الوقت ذاته يدفع المقعد عندما وصلا الى الطابق الارضي: لو بقيت معه اليوم.. فلن تظلي الا لنصف ساعة فقط وسنغادر بعدها حتى لا نتأخر.. ولكن ان ذهبت اليه غدا.. فلديك اليوم بطوله للبقاء معه..
ويبدوا ان ملاك قد اقتنعت بما قاله.. فلم تعلق.. فقال مازن مبتسما عندما غادر المشفى: اخبريني أي مطعم تريدين ان آخذك اليه؟..
داعبت ملاك قلادتها وقالت: أي مطعم تراه مناسبا..
قال مازن متسائلا وهو يتوقف بجوار سيارته ويفتحها بالقفل الآلي: الست متحمسة للفكرة؟..
قالت ملاك بابتسامة باهتة: بلى..
لكن اجابتها تلك اشعرت مازن بأن هناك ما يراود ذهنها.. وتركها تستقر على المقعد المجاور لمقعد السائق.. ليغلق الباب خلفها..ويضع مقعدها المتحرك في صندوق السيارة.. ومن ثم يقول وهو يستقر على مقعد السائق بدوره وينطلق بالسيارة: لم اشعر بأنك لا تريدين الذهاب معي الى المطعم؟..
وضعت ملاك يدها على صدرها وتنهدت قائلة: ليس الامر هكذا..
تطلع لها بطرف عينه وقال: اذا؟..
قالت ملاك بقلق وتوتر: قلبي يخفق بقوة.. اشعر بأن امر ما قد حدث .. وكنت اريد رؤية ابي لهذا السبب..
ابتسم لها مازن مطمئنا وقال وهو يمسك بكفها ويضغط عليها بحنان: ذلك لأنك كنت معه في مبنى واحد.. ولهذا شعرت بهذا الاحساس.. ثم الم تكوني معه بالامس وكان بخير؟ .. فما الذي سيحدث له اليوم؟..
هزت ملاك رأسها وقالت: لست اعلم..
قال مازن مبتسما: سأخذك اليه غدا .. اعدك.. لكن لا تتضايقي هكذا..هيا ابتسمي..
لم تبتسم ملاك او حتى تعلق على ما قاله.. واكتفت بأن تغمض عينيها.. وذهنها مشغول البال بوالدها.. وبما قد يكون قد حدث له ويسبب لها كل هذا التوتر.. كان من الافضل لها ان تقنع مازن بأن تذهب اليه.. او حتى تذهب اليه بمفردها لو تطلب الامر.. لكن سبق السيف العزل الآن..
ولم تشعر الا بكف مازن التي ربتت على كتفها وقال بهدوء: لقد وصلنا..
فتحت عينيها لتتطلع الى ذلك البناء الراقي والفاخر.. الذي صمم بتصميم يوناني .. وقد ملأته التماثيل الاغريقية.. اعطى ملاك انطباعا انها تعيش بين ارجاء اسطورة اغريقية ما.. وهي ترى تمثالين للطائر الاغريقي الاسطوري (الرخ)..تحتل المدخل وتصنع شكلا اشبه بالبوابة..
وساعدها مازن لتغادر السيارة.. وارتسمت ابتسامة على شفتي ملاك عبرت عن اعجابها بالمكان وهي ترى التصاميم الاغريقية تملأ ارجاء المطعم.. وتلك النافورة التي تضفي روعة على حديقة المطعم الصغيرة..
وسمعت مازن يتحدث الى النادل عندما دلفا الى الداخل ويطلب منه ان يرشده الى الطاولة التي قد قام بحجزها بالامس.. فطلب منه النادل ان يتبعه الى ان فتح باباً يطل على غرفة صغيرة تتوسطها طاولة واربع مقاعد..ولم تخفي اللمسات اليونانية على ملاك التي ملأت ارجاء تلك الغرفة ايضا..
واخيرا قام النادل بوضع قوائم الطعام على الطاولة ومن ثم قال قبل ان ينصرف: اتأمر بأي خدمة أخرى يا سيد؟..
هز مازن رأسه نفيا.. وقال: لا..شكرا..
انصرف بعدها النادل.. فاغلق مازن الباب وقال وهو يتقدم لملاك بابتسامة: إلام تنظرين؟..
كان هناك نافذة تطل على النافورة المائية الموجودة بالحديقة.. فالتفتت ملاك له وقالت وهي تتطلع عبر النافذة: كما ترى..
قال مازن مبتسما وهو يجذب لها مقعدا لتجلس عليه: أأعجبتك الى هذه الدرجة؟..
اومأت ملاك برأسها وقالت بابتسامة وهي ترفع ثقل جسدها وتجلس على المقعد: وخصوصا التصاميم اليونانية..
ابتسم مازن بدوره وقال وهو يحتل المقعد المواجه لملاك: اذا استطيع القول الآن اني قد وفقت في اختيار المطعم..
قالت مبتسمة: نوعا ما..فكثيرا ما تمنيت رؤية التصاميم الاغريقية التي اقرأ عنها في الكتب والروايات..
وضع مازن كفه اسفل ذقنه وقال : سآخذك الى اليونان يوما لتري الشكل الاصلي لها..
ضحكت ملاك ضحكة قصيرة وقالت: حقا؟.. ومتى سيكون هذا؟..
رفع مازن حاجبيه وقال باستنكار بسيط: اتحسبينني امزح؟ .. لا ابدا.. وسترين انك ستذهبين معي الى هناك يوما..
قالت ملاك مجارية لما يقول بابتسامة: حسنا..
قال مازن وانامله تتسلل لتحتضن كف ملاك: وفي شهر العسل ان اردت..
ارتجفت اطراف ملاك كلها.. لا تعرف لم؟.. اللمسة مازن؟.. ام لذكرى شهر العسل؟.. ام للأثنين؟.. ووجدت نفسها تتطرق برأسها في خجل وتقول متهربة من الموضوع: بصراحة لست اعرف ماذا اطلب من الاطعمة الموجودة في القائمة.. اطلب لي انت..
اومأ مازن برأسه.. ولم تمض لحظات حتى كان النادل قد طرق باب الغرفة.. فحرر مازن كف ملاك من بين انامله.. وطلب من النادل الدخول.. ومن ثم اخبره بطلبهم من طعام وشراب.. فمازن قد اعتاد زيارة هذا المطعم لسنوات عدة .. ويعرف افضل الوجبات لديه..
اما ملاك فقد شردت في التأمل من النافذة.. ولم يرد لها مازن ان تستيقظ من شرودها هذا.. فقد سمح له بأن يتطلع اليها بحرية مطلقة .. ويدقق في كل تفصيلة من تفاصيل وجهها.. وكل سكنة من سكناتها.. وهي تبدوا اشبه بالاطفال بنظراتها البريئة تلك.. وفي غاية الجمال والروعة بمنظرها الرقيق ..
واستغل مازن الموقف.. فأخرج هاتفه المحمول المزود بـ(كاميرا) .. والتقط لها صورة على حين غفلة منها وهي في وضعها ذاك.. وما ان فعل حتى التفتت له ملاك بحدة وشهقت قائلة: ماذا فعلت؟..
ابتسم مازن ابتسامة واسعة وهو يتطلع الى الصورة ومن ثم لم يلبث ان غمز بعينه قائلا: لا شيء.. فقط التقط لك صورة..
مدت ملاك ذراعها قدر الامكان لتتمكن من الوصول الى الهاتف قائلة: اعطني اياه.. سأمسحها..
قال مازن بسخرية وهو يضع الهاتف في جيبه: في احلامك فقط..
قالت ملاك برجاء وهي لا تزال مادة ذراعها له: ارجوك.. اعطني اياه.. لا احب ان تؤخذ لي الصور دون ان اعلم..
قال مازن وهو يبتسم لها ابتسامة جذابة: لا تقلقي بدوت رائعة فيها.. ثم هل تبخلين علي ان احتفظ بصورة لك؟..
توردت وجنتي ملاك وقالت بحرج وتوتر: ليس الامر هكذا.. ولكن اعلم ان الصورة التي التقطتها لي لم تكن جيدة..
قال مازن وهويمسك بكفها بحنان ويبتسم بعذوبة: لا شأن لك انت.. انا من سيحتفظ بها لا انت..
شعرت ملاك بالخجل والارتباك.. ولم تجد بدا من الاستسلام لما حدث.. وقالت بصوت غلفه بعض المرح بعد برهة من الوقت: لكن سترى.. سالتقط لك صورة على حين غفلة منك..
ضحك مازن بمرح وقال: ومن قال اني هذا سيغضبني؟.. او اني سأمانع لو فعلت..على العكس سيسعدني هذا.. لانك تريدين الاحتفاظ بصورة لي.. ولن اقول مثلك.. (سأمسحها.. لانها لم تكن جيدة)..
قالت ملاك وخجلها يتفاقم: مازن .. ارجوك.. لاجلي امسحها..
قال مازن وهو يتطلع اليها وابتسامة تعلو شفتيه: لاجلك افعل أي شيء.. الا ما لا اريده انا..
ارتفع حاجبا ملاك باستنكار وهمت بقول شيء ما.. لولا ان ارتفع رنين هاتف مازن في تلك اللحظة..ورأت مازن يخرجه من جيبه ويتطلع الى شاشته ومن ثم يزفر بضيق.. فقالت ملاك وقد استغربت هذا الضيق الذي بدد ملامح السعادة التي كانت تعلو وجهه منذ لحظة: من المتصل؟..
قال مازن بصدق وبصراحة : ندى..
ودق ناقوس الخطر في قلب ملاك مع كلمته.. وهو ينبئها ان هذا الاتصال قد يتسبب في العودة الى نقطة الصفر.. لو كان مازن قد خدعها كل ذلك الوقت.. وان علاقاته مع مختلف الفتيات لم تنتهي بعد...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تشعر بصوت دق متواصل يسبب الصداع لرأسها.. ويجعلها تحاول فتح عينيها لتعرف مصدر هذا الدق.. وتوهمت سماع صوت يهتف باسمها.. لكنها لم تأبه.. بل تلفتت حولها لتجد نفسها نائمة على الارض.. منذ متى ؟..لا تعلم.. والى متى؟..ايضا لا تعلم؟..كل ما كان يهمها ان يكون ما يحدث لها الآن هو مجرد كابوس وقد افاقت منه اخيرا..
ونهضت من مكانها ببطئ لتتوجه الى دورة المياه.. لعلها تسترد شيئا من نشاطها وراحتها لو غسلت آثار الحزن والدموع من على وجهها..وغابت فيها لبضع دقائق قبل ان تخرج منها وتسمع صوت الدق لا يزال متواصلا.. ولتكتشف انه ليس الا صوت طرقات على باب غرفتها.. وتنهدت بحرارة وهي تسمع من خلفه صوت شقيقها كمال وهو يهتف بها: مها افتحي الباب.. الا تزالين نائمة حتى الآن ام ماذا؟.. انها الرابعة عصرا..
ابتسمت مها باستخفاف ومرارة.. الرابعة او حتى العاشرة .. فما الفارق بينهما؟.. لاشيء سوى ان موعد اعدامها قد اقترب ..وسارت بخطوات بطيئة باتجاه الباب.. يسبقها اليه صوت انفاسها المتعبة.. وفتحته وهي تقول ببرود: ماذا؟..
تطلع كمال الى عينيها الحمراوين من كثرة البكاء.. والى شعرها المسرح باهمال شديد.. والى ملامح وجهها التي طغت عليها المرارة.. وشعر ان مها تعاني من حزن شديد اما بسبب رفض والدها لحسام.. او لسبب آخر..
وتحدث قائلا بتساؤل: لقد قلقت عليك .. فلم تأتي لتناول طعام الغداء معنا كعادتك.. اخبريني ماذا هناك؟.. ولم كل هذا الحزن الذي اراه على وجهك؟..
هزت مها كتفيها وقالت بلامبالاة مصطنعة: لا شيء ابدا.. فقط كنت متعبة بعض الشيء..
تطلع اليها كمال بنظرات متفحصة ومن ثم قال: والدي.. ماذا قال لك بالامس؟..
شعرت ببعض الارتباك من سؤاله المفاجئ ومن ثم قالت مصطنعة عدم الفهم: متى؟..
لاحظ كمال ارتباكها الشديد وقال متسائلا بحزم وهو يكرر سؤاله: ماذا قال لك بعد ان خرجت انا من غرفة المكتب؟..
تحاشت مها النظر اليه.. وكأن نظراته ستتولى بكشف كذبها.. وقالت بكلمات مبعثرة: لم يقل.. شيئا مهما.. سأل عن احوالي.. وعن.. وعن...
وتوقفت الكلمات على طرف لسانها دون ان تجرأ على مواصلة الكذب .. فقال كمال وهو يتطلع اليها بجدية ونظرات ثاقبة: وايضا عن ماذا؟.. تحدثي يا مها بصدق.. فالحزن الذي يغطي وجهك لا يعجبني..
تطلعت له مهابتردد.. بقلق.. اوتجرأ على البوح بالحقيقة لكمال؟.. ربما حينها سيعارضها وسيرفض ما قد تفعله.. وسيقول كما قال حسام .. ان لا تضحي بسعادتها ونفسها من اجلهم..وانهم سيقبلون بأي شيء حتى لا يكون هذا على حساب نفسها وسعادتها.. ولكن هي لن تقبل.. لن تقبل ان تسبب لهم مثل هذه التعاسة.. لا تقبل ان ترى نظرة انكسار في عيني والدها.. او نظرة الم في عيني اشقاءها.. لا تريد ان تكون سببا في ذلك..
ورفعت رأسها لتقول بحزم زائف: ابدا لا شيء.. كما اخبرتك .. سأل عن احوالي فقط..
لم يقتنع كمال بأي حرف مما نطقته وقال بتشكك ونظراته تحاول سبر اغوارها: أأنت واثقة؟..
اومأت برأسهابثقة على عكس اعماقها التي كانت متوترة ومهزوزة..فالقى عليها كمال نظرة اخيرة قبل ان يقول: على اية حال .. انا في غرفتي ان اردت قول أي شيءلي..
عادت لتومئ برأسها .. ولكن هذه المرة بألم واضح.. لم ينتبه كمال له الذي ابتعد عن غرفتها ومضى في طريقه.. والتقطت هي نفسا عميقا علها تطفئ النار التي بصدرها..وابتسمت بسخرية مريرة قبل ان تقول كمن يحادث نفسه: علي ان افعلها الآن .. اليس كذلك؟.. لن يختلف الامر كثيرا.. سواء اليوم او الغد.. ففي الحالتين مصيري هو الموت..
وخرجت مغادرة غرفتها وشاهدت في طريقها احدى الخادمات .. سالتها عن والدها.. فقالت لها انه في غرفته ..فتقدمت من تلك الغرفة بخطوات مترددة.. خائفة ومتوترة.. فخطواتها هذه ستحدد مصير حياتها ومستقبلها..
كانت مع كل خطوة تتقدم بها الى الغرفة.. تتوقف لتلتقط نفسا عميقا او لتزدرد لعابها.. لعل توترها يتلاشى.. وتُصمت صوت القلب الذي ما فتأ يذكرها بحسام وحبها له..ووصلت اخيرا الى حيث ذلك الباب .. باب غرفة والدها..الذي تمنت ان تكون مثله.. شيئا جامدا بلا مشاعر او روح او قلب ..وباصابع مترددة ومرتجفة طرقته..طرقات خافتة ولكنها واضحة ايضا.. ووصلت تلك الطرقات الى مسامع والدها الذي قال: تفضل..
دخلت ونبضات قلبها ترتفع مع كل خطوة تخطوها.. ورددت بينها وبين نفسها : (اهدئي يا مها.. اليس هذا هو القرار الذي اتخذته بعد طول تفكير؟.. اهدئي وفكري في عائلتك.. دعي عنك الانانية والتفكير بسعادتك دائما.. فلتعيشي لغيرك .. العالم ليس هو انت فقط.. بل لديك عائلة تستحق التفكير في مصيرها)..
رأت والدها منشغل بمحادثة هاتفية.. وتطلع اليها بنظراته متسائلا.. ومن ثم لم يلبث ان واصل مكالمته عندما رآها تجلس على احد المقاعد..في حين كانت مها تتطلع الى كفيها وكأنها تطلب منهاالمساندة.. تطلب منها القوة والدعم..وسرعان ما انهى والدها مكالمته.. ليقترب منها ويقول بتساؤل: ماذا هناك يا مها؟..
رفعت مها عينيها اليه ببطء .. لا شيء سوى انني سأقتل نفسي يا والدي.. وقالت بصوت خافت: جئت اخبرك بقراري..
قال والدها بقلق: اخبريني اولا.. ما بالك شاحبة هكذا؟..
تطلعت الى والدها بنظرات حزن وتحمل شيئا من العتاب.. وتسال ايضا يا والدي؟..ماذا تعتقد ان يكون السبب وانت تسلمني للموت بيديك؟..وقالت بصوت خافت وهي تتطلع الى كفيها: لا شيء.. لكني لم انم جيدا الليلة الماضية..
- ولم؟..
التفتت له مها في هذه اللحظة والتقطت نفسا عميقا الى اشبعت به رئتيها ..ومن ثم قالت وهي تستجمع كل مالديها من شجاعة: لاني كنت افكر في موضوع زواجي من... ابن اخيك..
مجرد ذكر اسمه يا مها.. يولد في قلبك كل هذا الضيق و الكره والبغض له.. فكيف بزواجك منه؟.. فتطلع لها والدها بحيرة ومن ثم قال: خذي وقتك يا مها.. فكري جيدا قبل ان تمنحيني جوا....
قاطعته مها قائلة وهي تشد من قبضتها: لكني اتخذت قراري بعد تفكير طويل..
وضع كفه على كتفها وقال ببعض التردد وكأنه يخشى من قرارها هذا الذي سيكون متعلقا بمصيره ومصير امواله وشركاته: وما هو قرارك الاخير؟..
اغمضت عينيها بقوة.. لعلها تبعد كل شيء عن ذهنها.. وتنسى ما تشعر به لوقت قصير..ولعلها تجد ان كل ما يمر امامها الآن ليس سوى كابوس وستستيقظ منه.. وفتحت عينيها ببطء شديد.. وتوقفت الكلمات في حلقها دون ان تجرأ على عبوره.. وحاولت النطق بأي حرف وهي تلتفت الى والدها وترى نظراته اليها.. وقال والدها في تلك اللحظة مكررا سؤاله: ما هو قرارك الاخير يا مها؟.. هل قبلت بأحمد ام لا؟..
اعاد عليها ذكراه كل ما عانته بسببه.. المشكلة التي احدثها احمد عمدا ليفرق بينها وبين حسام.. والآلام الذي جعلها تعانيها كل تلك الفترة.. وها هو ذا يفرق بينهما مرة اخرى ولكن بطريقة اشد قساوة وفظاعة..
وفغرت فاهها عسى الكلمات تخرج من حلقها.. وقالت اخيرا بكلمات مختنقة: انا .. انا...
وأخذت صوت انفاسها تتسارع وهي تهتف بألم وبكل ما تملك من قوة قبل ان تخونها شجاعتها: انا .. موافـ..قة يا والدي ..موافقة..
"مشاكل الآباء يدفع ثمنها الابناء".. ومها هي خير دليل على هذه المقولة.. التي ضحت بنفسها من اجل والدها ..ومن اجل مشاكله المستمرة مع عادل وفؤاد.. وقررت ان تنهي سعادتها بيديها لأجل ان تسعد اسرتها.. قررت ان تدفع ثمن هذه المشكلة .. وكان الثمن غاليا.. غاليا جدا....
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
هل نستطيع القول ان نظرات ملاك لمازن في تلك اللحظة كانت غضب؟.. ام لوم وخيبة امل؟.. ام حزن على حالها؟.. ام مزيج من كل هذا؟.. وهي تستمع من مازن ان المتصلة ندى ابنة عمه.. ومنافستها الاولى عليه.. والتي تطمح ان يكون مازن لها هي .. لا ملاك..
ورفع مازن حاجبيه وهو يرى نظرات ملاك اليه والتي استطاع ان يفسر منها عدم الثقة والشك.. فقال بسرعة: رويدك.. لا تتطلعي الي هكذا.. لو كنت احادث ندى الى الآن لتظاهرت اني احادث صديقا.. ولم اتعب نفسي باخبارك انها ندى من تتصل منتظرا ردة فعلك..
قالت ملاك بشك: وكيف عرفت انه رقمها اذا مادمت قد مسحت اسمها من هاتفك؟..
تطلع اليها مازن وقال بابتسامة ساخرة لا تتناسب مع الموقف: اهذا ما يهمك؟.. حسنا اذا.. انها ابنة عمي ومن الطبيعي اني أحفظ رقمها او على الاقل اعرفه ..
قالت ملاك وهي تواصل تساؤلاتها التي كان منبعها الشك: وكيف حصلت على رقم هاتفك؟..
وضع مازن هاتفه على الطاولة بينه وبين ملاك ومن ثم هز كتفيه قائلا: لست اعلم.. ربما من مها ..او من احمد او من والدها..
واردف وهو يلقي نظرة سريعة على الهاتف: وها هو ذا الهاتف امامك.. ولن اجيبه.. افعلي انت ما تريدين به لكن توقفي عن النظر الي بهذه الطريقة..
صمتت ملاك ولم تنبس ببنت شفة وهي ترى الهاتف الذي يتوقف رنينه للحظات ومن ثم يعاود الرنين لدقائق.. حتى ان النادل كان قد احضر الوجبات التي قام مازن بطلبها وغادر.. والهاتف لا يزال على وضعه.. وتحولت نظرات ملاك الى القلق لتقول بصوت خافت: ربما كانت تريد شيئا مهما..
مط مازن شفتيه بضيق وقال: لا اظن..
والتقط العصير ليرتشف منه بعض رشفات لكن الهاتف عاود الرنين من جديد فقالت ملاك وهي تتطلع الى مازن: اجب عليها.. لو لم تكن تريد شيئا مهما لما اتصلت لأكثر من سبع مرات..
تطلع لها مازن باستغراب ومن ثم قال: انت تقولين هذا يا ملاك.. تريديني ان اجيب على ندى بعد كل ما فعلته بك.. وبعد كل الكلمات الجارحة التي كانت تلقيها على مسامعك..
تنهدت ملاك ومن ثم ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتيها وقالت: اهم شيء هو ان يكونوا جميعا بخير.. وان لا يكون اتصالها بسبب مكروه قد حصل لعائلتها – لاقدر الله-..
منحها مازن ابتسامة.. تعبر عن امتنانه لقلبها الكبير.. فندى التي كانت تتلذذ بجرح ملاك وتفرح عندما تراها غارقة في احزانها.. ملاك اليوم تقلق عليها وعلى عائلتها.. حقا الكلمات تعجز عن وصف قلبك الكبير هذا يا ملاك..
واكتفى بأن التقط الهاتف واجابه قائلا بضيق: نعم..
جاءه صوت ندى كما اعتاده يمتلأ رقة ودلالا.. وكأنها تتعمد اظهار كل هذه الرقة امام مازن فحسب.. وهي تقول: اهلا مازن.. كيف حالك؟..
قال مازن ببرود وهو يشغل نفسه بالتطلع الى قائمة الطعام الخاصة بالمطعم: بخير.. اخبريني ما الامر؟..
عقدت ندى حاجبيها بغضب في تلك اللحظة .. مازن لم يعتد التحدث اليها بهذه الطريقة الا بعد عقد قرانه على ملاك..حسنا يا ملاك.. فلتستمتعي به الآن.. لكن سيكون لي انا وحدي في النهاية.. وقالت مصطنعة المرح: رأيتك لا تسأل عني.. قلت اسأل انا عنك.. وخصوصا وانك لم تعد تأتي الى النادي يوميا كالسابق .. كما انك قد غيرت رقمك بدون ان تخبرني..
قال مازن بابتسامة هادئة: شكرا على اهتمامك.. هل من امر آخر؟..
شعرت ندى انه يفكر في انهاء المكالمة سريعا.. ربما لانه يجالس ملاك.. بالتأكيد هو كذلك والا لما تعمد عدم الرد عليها عندما اتصلت به في المرات السابقة.. ولكن لن ادعك تهنئين به طويلا يا ايتها العاجزة.. فقط انتظري..
وابتسمت ندى بخبث قائلة: اخبرني اولا لم غيرت رقم هاتفك؟ ..
زفر مازن بحدة وقال متحدثا الى نفسه: (وما شأنك انت؟)..
لكنه تمالك اعصابه حتى لا تفلت هذه العبارة من بين شفتيه وقال ببرود: هناك بعض الاشخاص الذين ازعجوني باتصالاتهم المتكررة والتافهة .. فقررت تغيير رقم هاتفي للتخلص منهم..
قالت ندى بمكر وهي تتطلع الى اناملها بدلال: هكذا اذا..
لمح مازن في تلك اللحظة علامات الضيق بدأت ترسم خطوطها الاولى على ملامح ملاك.. فقال متسائلا في سرعة: اهناك أي شيء آخر يا ندى؟..
- اجل.. متى ستأتي الى النادي؟..
- لست اعلم.. عندما اجد الوقت الكافي لذلك..
قالت ندى متعمدة: اظن انك فعلا مشغول هذه الايام كثيرا فلم نعد نراك ابدا.. يا ترى ما الذي يشغلك عنا الى هذا الحد؟..
قال مازن ببرود: ظروف..
واردف قائلا: مضطر لأن انهي المكالمة الآن يا ندى.. الى اللقاء..
وانهى المكالمة دون ان يمنح ندى فرصة للحديث قائلا: هاقد تحدثت اليها بطلب منك.. فلا داعي لكل هذا الضيق..
قالت ملاك بابتسامة باهتة: واتظن ان من السهل ان تتحدث الى فتاة امامي ولا اتضايق؟..
قال مازن باستغراب: الم يكن هذا مطلبك انت؟..
تنهدت ملاك ولم تجب وبدأت بشرب كأس العصير المجاور لها .. ومازن الذي آثر الصمت للحظات ومن ثم قال وهو يتطلع لها: اانت متضايقة حقا مما حدث؟..
رسمت ملاك ابتسامة على شفتيها وقالت: لا.. دعك مني وتناول طعامك..
بادلها مازن الابتسامة.. وشرع في تناول طعامه.. قبل ان يسمع بغتة صوت مألوف لديه.. ورفع راسه باستغراب.. ليعرف ان ذلك الصوت لم يكن سوى صوت التقاط صورة له بهاتف ملاك.. التي كانت تضحك بمرح وهي تقول: لست انت الوحيد الذي بامكانه التقاط الصور على حين غرة..
تطلع لها مازن بدهشة وقال: االتقطِ لي صورة وانا اتناول الطعام حقا؟..
ضحكت ملاك وقالت وهي تسرع بوضع هاتفها في حقيبتها: اجل..الم تقل ان هذا سيفرحك؟..
قال مازن بضيق: لكن ..ليس وانا اتناول الطعام..اعطني الهاتف الآن..
قالت ملاك مقلدة لاسلوبه: في احلامك فقط..
قال مازن بسخرية: عليك اطاعة زوجك يا فتاة.. اعطني الهاتف الآن..
هزت ملاك رأسها نفيا وقالت بعناد: لن تحلم بمسح الصورة .. فمادمت ترفض مسح صورتي من هاتفك..فأنا الأخرى لن امسح صورتك..
قال مازن بضجر: سأمسح صورتك.. فقط اعطني هاتفك..
قالت ملاك وهي تتطلع اليه باستنكار: اتظن اني طفلة لتخدعني بما قلته؟..
نهض مازن من مجلسه وقال بسخرية: لا تجبريني على القدوم اليك واخذ الهاتف منك بالقوة..
قالت ملاك بتحدي: لا تستطيع..
- فليكن .. سنرى من هذا الذي لا يستطيع..
وتقدم من مقعدها .. في حين اسرعت هي باخفاء حقيبتها خلفها.. فقال مازن وهو يمد يده: هاتِ الحقيبة الآن..
ابتعدت ملاك عنه اكثر وقالت وهي تهز رأسها نفيا باصرار: لا..
تقدم منها مازن اكثر وقال : سآخذها بالقوة يا ملاك.. لا اريد ان اؤلمك..
قالت ملاك بابتسامة:لن يمكنك ذلك..
كان مازن يميل نحوها محاولا اختطاف الحقيبة من خلفها وهي تتراجع في الاتجاه الايمن.. ومازن لا يزال يحاول ان يمسك به من خلف ظهرها.. ودون ان تشعر ملاك.. وجدت مازن يميل نحوها في شدة وسرعة ليختطف الحقيبة..وشهقت هي وهي تتراجع بفوة للاتجاه الايمن للمقعد.. ولم تشعر بنفسها الا وهي تهوي من عليه وتقع ارضا...
وخفق قلب مازن بخوف وتبخر أي شيء آخر من عقله.. وتقدم من ملاك وقال بخوف ممزوج بالتوتر والقلق: ااصبت بأي مكروه؟ .. اتريدي ان آخذك الى المشفى؟..
اصدرت ملاك انات من بين شفتيها كان سببها آلام ظهرها التي اشتدت عليها بعد سقوطها هذا.. واغمضت عينيها بقوة لعلها تحتمل الالم قليلا.. ومن ثم قالت وهي تفتحهما وتلتفت الى مازن: انا بخير.. اعدني فقط الى المقعد..
قال مازن وهو يمسك بكفها بحنان وقلق: اانت متأكدة ؟..
اومأت برأسها..فتقدم منها مازن ليحملها بين ذراعيه ويساعدها على العودة الى مقعدها من جديد.. ويقول وهو يعود ادراجه الى مقعده ليجلس عليه هو الآخر: ان اردت المغادرة وشعرت بأي الم..فقط اخبريني..
اومأت ملاك برأسها وعلى شفتيها شبه ابتسامة.. صحيح انها قد تألمت من وقوعها ارضا.. لكنها عوضت بالمقابل على شيئين .. الشيء الاول هو رؤية الخوف الصادق في عيني مازن تجاهها .. والحنان الذي يغدقها به..والشيء الآخر هو صورة مازن والذي نسي امرها تماما من خوفه عليها.. .
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
فتح عينيه وهو يشعر انه افاق من حلم طويل.. كم من الوقت قد استغرق في النوم؟.. لا يعلم.. يرى ان الوقت نهار لكن ما هو تاريخ اليوم؟.. يشعر ان انامله تصلبت.. واطرافه قد تجمدت.. تلفت حوله لعله يجد أي شي يدله على الوقت.. لكنه لم يعثر على أي شيء سوى الاجهزة المتصلة بجسده..
وشعر بغتة بصوت الباب وهو يفتح وتدخل منه ممرضة.. وتقترب منه.. لكنها تفاجأت عندما رأته قد فتح عينيه .. وقالت بابتسامة هادئة: واخيرا استيقظت..
قال خالد متسائلا: منذ متى وانا هنا؟..
قالت الممرضة بهدوء وهي تراقب الاجهزة..وتعدل من وضع بعض الانابيب المتصلة بجسده: منذ شهر تقريبا.. ولم تستيقظ من غيبوبتك الا بالامس..
قال خادل وهو يفتح عينيه على آخرهما بصدمة: شهر كامل؟! ..وابنتي ملاك.. ماذا حل بها؟..
هزت الممرضة رأسها بمعنى انها لا تعرف.. فقال خالد متسائلا وهو يلتفت لها: الم تكن تأتي لزيارتي؟.. الم تريها؟..
التفتت له الممرضة متسائلة: وكيف هو شكل ابنتك؟..
قال خالد بابتسامة : شعرها اسود وينسدل على كتفيها .. بيضاء البشرة وبريئة الملامح..و...
قاطعته الممرضة قائلة: اتعني تلك الفتاة التي تجلس على مقعد متحرك.. وتزورك يوميا تقريبا مع شاب؟..
عقد خالد حاجبيه وقال وهو يحاول الجلوس: مع شاب؟؟..
اسرعت الممرضة ترفع له السرير قليلا بجهاز التحكم وتقول محاولة التذكر: اجل مع شاب طويل القامة.. ذا شعر اسود ..ووسيم الملامح.. ويتمتع بسمرة خفيفة..
ازداد انعقاد حاجبي خالد وقال: مع مازن ام كمال؟؟..
- لست اعرف اسمه.. ولكن احيانا كنت اراها تأتي بصحبة فتاة ايضا..
قال خالد بابتسامة باهتة: حسنا.. اشكرك..
قالت الممرضة بهدوء: العفو..
وكادت ان تغادر لولا انه استوقفها قائلا: متى سأخرج من هنا؟..
التفتت له الممرضة وقالت بابتسامة: ليس قبل ان نجري لك بعض الفحوصات.. وبعد ان تستعيد اعضائك نشاطها.. فالفترة التي قضيتها في الغيبوبة لم تكن قصيرة..
اومأ خالد برأسه بتفهم.. فغادرت الممرضة المكان..في حين تطلع خالد الى الفراغ .. ورأسه يمتلأ بتساؤلات عدة.. محورها ابنته ملاك.. وقال وهو يتنهد بصوت عالي: ترى ما الذي حدث لك يا ملاكي؟..هل تألمت في فترة غيابي عنك؟.. هل عشت حياة هادئة ؟.. ام كنت مطمع لفؤاد وعادل؟.. هل كنت سعيدة ام ان الحزن لم يفارق عينيك؟..هل قام امجد بحمايتك ام انه اختبئ كعادته وتركك في وجه المدفع تواجهين العالم الذي لا تعرفين عنه شيئا وحدك؟.. ومازن الذي طلبت منه حمايتك.. هل سيخذلني ام انه سيحميك من شرور اعمامه حقا؟..
واستند برأسه الى الوسادة قائلا: يا الهي .. لست اعلم ماذا حل بك وانا فاقد للوعي كل هذا الوقت؟.. كل ما اتمناه هو ان تكوني بخير يا صغيرتي.. وان تكوني تشعرين بالسعادة في منزل عمك..
واغمض عينيه وهو يتمنى حضور ملاك له في اية لحظة حتى يطمأن عليها ويعرف بكل ما حدث لها في فترة غيابه..
لكن.. كيف ستكون ردة فعله ان علم بزواج ابنته الوحيدة من مازن بدون ان يكون له علم بذلك؟.. وهل سيقبل هذا الزواج الذي حدث لظروف قاهرة؟.. ام سيسعى لانفصال ابنته عن مازن الذي تحبه بكيانها ومشاعرها كلها .. والذي لا يجده خالد جديرا بها ابدا؟؟..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
marwa_97 likes this.
__________________
?Đō ũ bεĪεīνε īή Ļύν
Ļīķε Ĩ bεĪεīνε Ĩή ρaīή
  #242  
قديم 03-22-2010, 03:52 PM
 
الجزء الواحد والاربعون
" عدت لأجلك"


تطلعت مها الى نصف القلب الذي يحتل كفها بنظرات طويلة وتحمل معاني الحب والحسرة والحزن..ومسحت دمعة خانتها وكادت ان تسيل على وجنتيها .. وتنهدت قائلة بألم: ليتك تشعر بي يا حسام وبما اعانيه.. ولا تتخلى عني وتتهمني بأني لا اهتم بك او افكر فيك.. لو تعلم اني قد تناسيت كل شيء عندما وافقت على احمد.. فيما عداك.. انت لم تغادر ذهني لحظة واحدة وجعلتني اتردد ملايين المرات قبل ان اوافق.. صورتك والحزن يطغى على ملامحك.. كانت سببا في ترددي هذا.. لم اكن اريد لك ان تحزن او ان تتألم.. اذا كان هناك من يجب ان يتألم فليكن انا فقط.. لكن انت لا.. لا احتمل رؤيتك تتعذب وتتألم.. ليتك تنساني يا حسام ..وتنسى كل لحظة حب جمعتنا.. حتى لا تتألم عندما تعرف بهذه الموافقة التي حدثت بالرغم مني..
وعادت لتتنهد.. دون ان تدرك ان في هذه اللحظة تماما كان حسام ينظر لنصف القلب الآخر وهو يقول بمرارة : بكل هذه السهولة يا مها؟.. تريدين الموافقة على هذا الحقير .. متناسية كل شيء بيننا..متناسية الحب الذي جمعنا منذ ان كنا اطفالا.. الهذه الدرجة لم اعد اعني لك أي شيء؟.. واصبح خسارة والدك لبعض المال هو الاهم عندك.. لو كان والدي يمتلك رأس مال جيد وشركة تضاهي شركة والدك.. لما ترددت في ان اطلب منه مشاركة والدك.. لكن رأس المال الذي سيقدمه والدي سيعتبره والدك مجرد قطع نقدية بسيطة.. لا تساوي شيئا في رأس المال الذي يحتاجه..احيانا اتمنى يا مها لو كنت ثريا .. لو كان المال هو ما سيجمعني بك .. والعن هذه الحياة الاقرب الى البساطة التي اعيشها والتي كانت سببا في تفريقنا عن بعضنا البعض..
واغمض عينيه لوهلة ليتخيل صورة احمد وهو يجلس بجوار مها في حفل الزفاف والابتسامة تعلو شفتيه.. وبريق الانتصار في عينيه.. وكأنه بذلك يثبت لحسام انه حصل على مها بالرغم من كل الحب الذي يجمعها بالاول..
وكور حسام قبضته بعصبية والم وهو يقول بصوت غاضب: انت من سمحت له يا مها.. انت من ترك له المجال ليفرق بيننا.. لو تمسكت بموقفك ورفضت هذا الوغد.. لما استطاع احد فعل شيء ورفض هذا الارتباط الذي سيجمع قلوبنا.. ويكون بداية للسعادة في حياتنا..لكن كل احلامنا تلاشت الآن بسبب موقفك الضعيف هذا.. وكل ما اخشاه هو ان يأتي اليوم الذي تنسي فيه من يكون حسام..
من جانب آخر.. كان كمال يطرق باب غرفة مها بطرقات سريعة وعصبية..فانتفضت مها بغتة كمن ينهض من نوم طويل .. والتفتت الى الباب بحيرة من هذا الطارق وقالت متسائلة وهي تقترب بخطواتها من الباب وتضع نصف القلب في جيبها: من؟..
جاءها صوت كمال يقول: افتحي الباب يا مها..
فتحت الباب وقالت بحيرة: ما الامر؟..
ابعدها عن الباب بخشونة ليدلف الى الداخل ويغلق الباب خلفه قائلا بحدة: اصحيح ما سمعته؟..
استغربت مها تصرفه معها وقالت متسائلة بدهشة: وما هذا الذي سمعته؟..
قال وهو يتطلع اليها بنظرات حادة وبصوت غاضب: ان عمي عادل واحمد سيأتون لزيارتنا اليوم لخطبتك بشكل رسمي.. وان والدي موافق على هذه الخطبة..
وصمت للحظات وهو يقول وقد اشتد غضبه: وانت كذلك قد اعلنت موافقتك عليها..
توقفت الكامات في حلق مها امام هذا الهجوم المباشر من كمال.. وتطلع اليها كمال بنظرات تشتعل غضبا منتظرا أي تفسير على موافقتها هذه ..ومها التي لم تجرؤ على نطق حرف واحد.. هتف فيها كمال اخيرا لعلها تتحدث: اخبريني يا مها.. احقا وافقت على احمد؟..
ازدردت مها لعابها .. ومن ثم لم تلبث ان اطرقت براسها وقالت ببطء: اجل.. وافقت..
اتسعت عينا كمال في دهشة وذهول وصرخ فيها قائلا: وافقت.. أي جنون هذا؟.. بكل سهولة تقولين انك قد وافقت .. وحسام.. ماذا عنه؟.. اذا كنت تظنين اننا جميعا لا نعرف العاطفة الكبيرة التي تجمعكما..فأنت مخطأة .. كان واضحا لنا جميعا مقدار ما يعني لك حسام.. ولهذا لم نتخيلك يوما ان تكوني لسواه وان توافقي على احمد هذا..
كادت مها ان تصرخ في وجهه قائلة : ( ولا انا اتخيل نفسي ان اكون لانسان غيره.. لكن علي ان اضحي بنفسي لاجلكم جميعا.. لا اريد ان احيا بسعادة على حسابكم) ..
ولكنها اخفت كل تلك الكلمات في اعماقها لتقول بصوت حاولت ان تجعله طبيعيا وغير مرتجف قدر الامكان: لقد رفض والدي زواجي من حسام.. واخبرني بأن احمد جاء لخطبتي اليوم.. فلم ارفضه ما دام ابن عمي؟..
التقط كمال نفسا عميقا ومن ثم قال بصوت حاد: اتريدين القول ان ما جعلك توافقين على احمد هو رفض والدي لحسام فقط؟..
اشاحت مها بنظراتها وقالت وهي تشبك انامل كفيها معا بتوتر: اجل ولأنه شاب ..جيد..
ارتفع حاجبا كمال وقال بحدة: احمد شاب جيد يا مها؟!.. على من تكذبين؟.. انت تعرفين انه شاب مستهتر لا يهمه شيء اكثر من نفسه والمال.. مها هناك شيء آخر يدعوك الى الموافقة اليس كذلك؟..
صمتت مها وهي تحاول تمالك اعصابها.. وحاولت ان تنطق بأي حرف تقنع به كمال بوجهة نظرها .. لكن هي نفسها لم تتمكن من اقناع نفسها بما فعلته.. فكيف باقناع غيرها ..وسمعت كمال يقول في تلك اللحظة بحنق وهو يتطلع اليها بنظرات اتهام: لكني سأعرفه يا مها .. حتى ان رفضت انت ان تخبريني به.. سأعرفه..
واسرع يغادر غرفتها .. تاركا مها خلفه تعيش في الم ومرارة .. وهتفت قائلة بصوت هامس: انتم.. السبب الوحيد الذي جعلني اوافق هو انتم يا كمال.. ولا شيء آخر..
في حين كان كمال يسرع بهبوط درجات السلم وهو قد قرر الحديث الى والده في هذا الشان وفي السبب الذي دفع شقيقته على الموافقة على شخص لا تكن له بأية مشاعر..
وفي طريقه الى الطابق الارضي شاهد مازن يطلق من بين شفتيه صفيرا منغوما وتبدوا على وجهه علامات الفرح والسعادة وهو يصعد الدرج للتوجه الى الطابق العلوي.. وما ان التقت عيناهما حتى قال كمال بسخرية: من منا الآن الذي لم يعد يبالي بشيء؟ ..
ارتفع حاجبا مازن لوهلة ومن ثم قال : اوضح.. ماذا تعني بقولك هذا؟..
قال كمال بحدة: اعني انك اصبحت تهتم بنفسك فقط.. متناسيا ما يحدث في هذا المنزل..
قال مازن متسائلا باهتمام: وما الذي حدث؟..
قال كمال بعصبية: شقيقتك المجنونة.. علمت اليوم من والدي ان احمد قد خطبها وهي قد وافقت..
اتسعت عينا مازن في حدة وقال بدهشة بالغة: مستحيل.. مها وافقت على احمد؟؟.. لا بد ان في الامر خطأ ما..
قال كمال وهو يبعد نظراته: لا يوجد أي خطأ .. لقد ظننت هذا في البداية.. لكني تأكدت عندما سألتها بنفسي..
قال مازن بعصبية واصابعه تتخلل شعره: يبدوا ان رفض والدي لحسام جعلها تصاب بالجنون..
قال كمال وهو يهبط بضع درجات: سأذهب للحديث مع والدي لأعرف منه سبب موافقتها.. وانت بدورك حاول ان تغير رايها وتعرف منها سبب هذه الموافقة..
صعد مازن درجات السلم وهو يقول: سأكون غبيا لو تركتها تتزوج من ذلك المدعو احمد الذي لن ننتهي منه ومن مشاكله ابدا..
ووصل مازن الى غرفتها اخيرا ليطرق الباب ويقول وهو يزفر بحدة واصابعه تتخلل شعره بين الحين والآخر: مها .. افتحي الباب من فضلك .. اود الحديث معك..
قالت مها من الداخل ببرود: ان كان يتعلق بموافقتي على احمد.. فهذا شأني وحدي.. لا داعي لأن تتدخلا في الموضوع.. لقد وافقت عليه بملئ ارادتي..
قال مازن متسائلا بحدة: والدي هو من اجبرك على الموافقة.. اليس كذلك؟..
- لا..
وصمت كلاهما بعد ردها المقتضب هذا.. لكن مازن لم يلبث ان قال محاولا تغيير رأيها: وحسام يا مها؟.. ماذا سيفعل لو انك تزوجت بغيره..
قالت مها وهي تشعر بغصة مرارة بحلقها: سينساني طال الزمن ام قصر..
قال مازن بحنق: لكنه يحبك.. وانت كذلك تبادلينه الشعور..
قالت مها وهي تغلق اذنيها بألم وكأنها ترفض سماع المزيد: لكنه الواقع الذي علينا ان نتقبله جميعا..وهو الذي فرض علينا ان نفترق انا وحسام الى الابد..
قال مازن وهو يكور قبضتيه بغضب: بهذه السهولة يا مها؟.. المجرد ان والدي قد رفض هذه الزيجة؟.. تنهارين هكذا.. وتسلمين نفسك لذلك المستهتر احمد..
صرخت مها قائلة: اذهب.. يكفي هذا.. لم اعد احتمل.. دعوني وحدي.. لا شأن لأحد بي..
ضرب مازن الباب بقبضته وهتف بها: افتحي يا مها.. واخبريني سبب ما تفعلينه بنفسك وبحسام..
صرخت مها مرة اخرى قائلة والدموع قد تفجرت من عينيها: قلت لك اذهب.. الا تفهم.. اذهب.. لا شأن لاحد بي..
ورمت بنفسها على الوسادة وهي تقول بصوت مرير لم يصل الى مسامع مازن: يكفيني ما حل بي.. فلا تزيدوا آلامي ارجوكم.. دعوني انسى حسام وانسى مشاعري ونفسي ولو لحظة.. لا داعي لأن تذكروني به في كل لحظة.. انا سأموت..فدعو موتي يكون بفائدة لكم كلكم..
ومازن الذي تنهد بحرارة .. وقف ينتظرها لمدة جاوزت الربع ساعة وهو يعيد طرق الباب.. ولما شعر باليأس.. تركها ومضى..وهو يقسم في قرارة نفسه ان لا يسمح بهذا الزواج ان يتم .. مهما كلف الامر..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
التفت عادل الى احمد وقال بهدوء: ها انت ذا قد بت قاب قوسين او ادنى من تحقيق رغبتك.. هل انت راض الآن؟..
قال احمد وهو يتطلع الى الطريق الذي امامه: ليس بعد.. لن اشعر بالرضى الا اذا تم عقد قراني على مها..
قال عادل ببرود: واليوم هو الخطوة الاولى لعقد القران هذا..
ران الصمت بينهما بعد عبارة عادل هذه.. حتى توقفت السيارة اخيرا بجوار منزل امجد.. ليهبط منهما الاثنان ويتوجها لطرق جرس الباب.. ولم يلبث ان استقبلهما امجد وهو يقول: تفضلا بالدخول..
دلف عادل ومن خلفه احمد.. وقادهما امجد الى غرفة الجلوس .. حيث اجتمع عادل واحمد وامجد.. وكمال ومازن اللذين انضما اليهما بعد دقائق..ودارت محادثات مختلفة بينهم.. قبل ان يقول عادل وهو يضع كأس العصير على الطاولة: طبعا يا امجد انت تعلم مسبقا.. اننا جئنا الى هنا.. لطلب يد ابنتك مها لابني احمد..وارجو ان اسمع منك الجواب بالموافقة..
قال مازن بسخرية وهو يتظاهر بحك ذقنه: اخبرني يا احمد ايهما تريد بالضبط؟.. قبل فترة جئت لخطبة ملاك.. واليوم جئت لتخطب مها .. يجب عليك ان تحدد مو قفك..
تطلع اليه احمد وقال بسخرية مماثلة: في الواقع عندما فوجئت بأن ملاك قد اختارتك ورفضتني.. ادركت انها لا تناسبني.. فذوقها في الاختيار كان بسيطا ولم يعجبني..
قال مازن باستفزاز: ذلك لانها اختارت الشخص الافضل ..
تدخل امجد في الحديث قائلا لينهي هذه المشادة الكلامية: في الحقيقة يا عادل .. انا موافق على مطلبك و...
قاطعه مازن في سرعة: وسنترك لمها فرصة للتفكير..
التفت له امجد وقال بحدة : مازن..
اما كمال فقد قال ببرود: وستمنحكما هي جوابها بعد ايام.. وان كنت اتمنى ان يكون كالجواب التي منحناكما اياه عند خطبتكما لملاك..
قال عادل وهو يعقد حاجبيه: لكن امجد قال انه موافق وكذلك ابنته..
قال كمال وهو يسند ذقنه لمسند المقعد: غير صحيح..
(بل صحيح)
التفت الجميع في دهشة الى مصدر الصوت الذي اخترق حديثهما بغتة.. واتسعت عينا مازن.. وشعر كمال بالغضب وهو يرى ان ناطق العبارة السابقة لم تكن الا مها..في حين تقدمت مها منهم وهي تقول بصوت اشبه بهدوء الليل؛ انا موافقة على احمد..
التفت لها احمد وتطلع اليها من رأسها حتى اخمص قدميها وارتسمت على شفتيه ابتسامة تحمل مزيجا من السخرية والانتصار.. في حين التفتت له مها لتحدجه لنظرة باردة تخفي ما تعانيه بداخلها.. ومن ثم اكملت طريقها لتجلس في المقعد المجاور لوالدها والذي كان قريبا من مازن.. وما ان فعلت حتى قال عادل بابتسامة: جيد انك اعلنت موافقتك السريعة على هذا الزواج.. فهذا يختصر علينا الكثير من الوقت..
في حين مال نحوها مازن.. وامسك بذراعها في قوة وقسوة وهو يقول: ما هذا الذي فعلته؟..
حاولت جذب ذراعها من قبضته وهي تقول ببرود: فعلت ما اراه صوابا..
قال مازن بحدة وعصبية: حمقاء.. اتظنين ان هذا سيجعلك تنسين حسام؟..وتنسين رفض والدي له؟..
اشاحت بوجهها قائلة: لست اظن أي شيء.. ومن فضلك دع ذراعي فأنت تؤلمني..
ترك مازن ذراعها وقال بعصبية وهو يضغط على حروف كلماته: فليكن يا مها.. سأدعك تفعلين ما تشائين.. وتحملي وحدك نتيجة موافقتك هذه..
قالها ونهض من مكانه قائلا بضيق واضح : بالاذن..
وغادر المكان بأكمله .. في حين تطلعت مها الى مكان قبضة يده وقالت متحدثة الى نفسها: ( انت لا تفهم يا مازن.. لا احد منكم يفهم ما افعله ابدا)..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
كان الصمت هو سيد الموقف في تلك السيارة التي جمعت ملاك ومازن.. وهذا الاخير ينطلق بها في صباح اليوم التالي الى المستشفى كما وعدها سابقا لرؤية والدها.. وكلما حاولت ملاك ان تسأله عن شيء كان يجيبها باجابة مقتضبة ويعود الى صمته من جديد.. وقد شعرت ملاك حينها بأن مازن يفكر في امر ما.. او انه متضايق من امر معين..
وتسائلت قائلة بعد ان ملت هذا الصمت: مازن ما بك؟..هل هناك ما يضايقك؟..
ظل مازن صامتا لبرهة ومن ثم قال مجيبا: ليس تماما.. ولكن ...
قالت ملاك متسائلة: لكن ماذا؟..
زفر مازن بحدة وقال بضيق وحنق: تصرفات مها بدأت تدهشني في الآونة الاخيرة..
- لم؟.. ما الذي حدث؟؟..
قال مازن وهو يلتقط نفسا عميقا: لابد وانك تعلمين بأن والدي قد رفض حسام كزوج لها..
اومأت ملاك برأسها قائلة: بلى.. مها اخبرتني بهذا..
قالى مازن وهو يشد من قبضته على مقود السيارة: ولكنها بالتأكيد لم تخبرك بأمر خطبة احمد لها.. وموافقتها عليها..
شهقت ملاك وقالت بذهول كمن لم يتوقع خبرا كهذا: ماذا قلت؟؟.. هل هذه مزحة؟.. مها وافقت على احمد؟؟.. هذا غير معقول .. مستحيل تماما..فهي .. فهي...
بترت عبارتها دون ان تجرأ بأن تكملها قائلة بأن مها تحب حسام فكيف لها ان توافق على آخر سواه.. ولكن مازن فهم ما ترمي اليه.. فقال وهي يتطلع الى ملاك بطرف عينه: فهي تحب حسام.. اليس هذا ما تودين قوله؟..
التفتت له ملاك بحدة ودهشة ..ومن ثم لم تلبث ان عضت على شفتيها ظنا منها انها المسئولة عن معرفة مازن بهذا الامر قائلة: كيف عرفت ذلك؟؟..
هز مازن كتفيه قائلا: انها شقيقتي يا ملاك.. وامر بديهي ان اكون عالما بكل شيء يعنيها.. خصوص مشاعرها تجاه حسام.. والتي كنت اراها عليها منذ الطفولة..
صمتت ملاك وادارت وجهها عنه لتقول متسائلة بغرابة: اذا لم وافقت على احمد؟؟.. بالتأكيد هناك سبب..
اومأ مازن برأسه موافقا وقال: اظن هذا انا ايضا.. لهذا حاولت سؤالها مرارا وتكرارا .. لكنها تمسكت بالصمت.. او بعبارتها الدائمة بأن لا شأن لأحد بها..
غرقت ملاك في تفكير عميق لثواني ومن ثم قالت فجأة: انها تفعل هذا لسبب مهم وخطير جدا.. والا لما ضحت بنفسها وبحسام.. وقبلت الزواج من احمد وهي لا تحمل له اية مشاعر ..
توقف مازن بالسيارة بعد ان دخل من بوابة المشفى الخارجية .. واوقف سيارته في احد المواقف قائلا وهو يلتفت الى ملاك: يبدوا لي انك تعرفين تقريبا سبب ما تفعله هي بنفسها؟..
هزت ملاك رأسها وقالت: ليس تماما.. ولكني اظن ان هناك سببين يجعلانها توافق على احمد..
استمع لها مازن باهتمام وانصات شديدين..في حين اكملت ملاك قائلة: فاما ان تكون مها قد جُرحت من حسام جرحا عميقا دقعها لأن تنساه بأي طريقة او الانتقام منه بزواجها من احمد.. واما ان تكون مها تريد ان تتزوج من احمد لسبب يخصها او يخصكم..
وضع مازن كفه اسفل ذقنه وقال وهو يفكر: لا اظن ان حسام من النوع الذي قد يسبب لمها أي احزان.. لهذا فأنا ارجح الاحتمال الآخر.. ولكن ماهو هذا السبب الذي يجعلها تضحي تضحية كهذه؟.. انها ترفض اخبارنا حتى..
صمتت ملاك دون ان تجد جوابا تقوله.. فقال مازن وهو يبتسم ابتسامة شاحبة: دعك من كل هذا .. يجب علينا ان نسرع لتجري تدريباتك اليومية و...
قاطعته ملاك قائلة في سرعة: اريدان اذهب الى ابي اولا..
- لكن يا ملاك.. تدريباتك...
تطلعت اليه بعينين راجيتين وقالت: ارجوك اريد ان اطمئن عليه اولا..
قال مازن وهو يتنهد: فليكن..
وهبط من السيارة..ليخرج مقعد ملاك.. وتجلس عليه هذه الاخيرة.. قبل ان يتوجها الى داخل المستشفى ويستقلا المصعد الى الطابق الثاني.. وهناك غادرت ملاك في لهفة وهي تشعر بخفقات قلبها تزداد.. وهي تتوجه الى تلك الغرفة بكل ما استطاعت من سرعة بدفع عجلات مقعدها.. وابتسم مازن وهو يرى حماسها قائلا: انتظري يا ملاك.. سأدفعك ان اردت ..
قالت ملاك في سرعة وهي تمسك بمقبض الباب وتفتحه: لا داعي لذلك.. المهم ان ارى ابي و...
بترت عبارتها لينعقد حاجبيها بحيرة.. صحيح انها قد اعتادت ان تكون الغرفة هادئة.. لكن ليس الى هذا الحد.. انها حتى لا تسمع جهاز قياس ضربات القلب.. وحركت عجلات مقعدها اكثر لتصل الى داخل الغرفة قليلا.. وهنا هتفت وهي تضع كفها على شفتيها مانعة شهقة كادت ان تلفت من بينهما وتقول بخوف: اين ابي؟؟..
تطلع مازن بدوره بدهشة الى ذلك الفراش الابيض المرتب الذي بدا له وكأن لم ينام عليه احد بالامس.. واستغرب هذا الامر .. وراودته المخاوف حول هذا الامر.. فحسم امره وربت على كتف ملاك قائلا: سأسأل الطبيب عن والدك.. فربما قد نقل لغرفة اخرى..
قالها واسرع يغادر الغرفة تاركا ملاك في حيرة وخوف وقلبها ينتفض كطير ذبيح..
وتوجه مازن بخطوات سريعة وهو يحاول ان يجد أي ممرضة في الممر يسألها عن عمه خالد.. وما ان رأى احدى الممرضات اخيرا حتى قال: لو سمحت يا آنسة..
توقفت الممرضة وتسائلت قائلة: ماذا؟..
قال مازن بهدوء: اردت ان اسألك عن حالة السيد خالد الموجود بغرفة رقم (...)..
ومن جانب آخر.. كانت ملاك تحاول السيطرة على قلقها وخوفها وهي تحاول طمأنة نفسها قائلا: ربما تحسنت حالة ابي .. لهذا تم نقله الى غرفة اخرى .. اجل بالتأكيد هذا ما حدث.. لن يصيبه مكروه لانه سيعود الي ولن يتركني وحيدة..
وفاجأها دخول مازن الذي قال بهدوء وهو يتقدم منها: لقد تم نقل والدك الى غرفة اخرى.. فلنذهب..
تسائلت ملاك قائلة بقلق: لم؟.. ماذا حدث حتى يتم نقله الى غرفة اخرى؟..
ارتسمت على شفتي مازن ابتسامة غامضة لم ترها وهو يقول: ستعلمين بنفسك عندما تصلين اليه..
ودفع مقعدها ليسير في ممرات المشفى..ليصل الى تلك الغرفة.. وسمح لملاك ان تفتح الباب وهي تزدرد لعابها بقلق.. وحركت عجلات مقعدها ببطء وكأنها تخشى مما ستراه في داخل الغرفة..ولمحت بغتة جسد والدها الممدد على الفراش.. فاسرعت تدفع عجلات مقعدها في لهفة.. دون ان تنتبه الى ان الاجهزة والاسلاك التي كانت متصلة بجسده دائما لم تعد موجودة ..فيما عدا انبوب واحد يوصل اليه الفيتامينات التي فقدها جسده طوال فترة الغيبوبة..
والتقطت كفه في راحتها لتقول بهمس: كم اشتقت اليك يا ابي..
شعرت بكفه تضغط على كفها .. واتسعت عيناها بدهشة ولهفة وكادت ان تهم بقول شيء ما.. لولا ان فتح خالد عينيه وقال وهو يتطلع اليها بحنان: وانا اكثر يا ملاكي الصغير..
توقفت الكلمات في حلقها وهي تظن انها قد اخطأت السمع او ربما انها تتوهم من كثرة تمنيها لأن ينهض والدها..وتطلعت الى عينيه المفتوحتين بدهشة وذهول.. فقال مبتسما: ماذا بك يا صغيرتي؟.. لم تتطلعين الي هكذا؟.. لقد افقت من الغيبوبة وعدت لأجلك وحدك يا ملاكي..
تطلعت ملاك بعدم فهم للوهلة الاولى الى والدها والتفتت الى مازن وكأنها تطلب توضيحا منه او ان يؤكد لها ان ما تراه امامها حقيقة وليس من محض خيال..فقال بابتسامة حانية: ملاك .. انه والدك.. لقد نهض اخيرا وعاد اليك كما تمنيت طويلا ..
التفتت ملاك الى والدها بعينين مرقرقتين بالدموع وشاهدته في تلك اللحظة يعتدل في جلسته .. وقالت بصوت متحشرج وهي تمد كفها لتتحسس وجنة ابيها .. وكأنها لم تصدق بعد وجوده: اهذا انت حقا يا ابي؟..
امسك بكفها بحنان وقال وهو يتطلع اليها بحب: نعم انه انا يا صغيرتي.. كم اشتقت اليك يا..
وقبل ان يتم عبارته كانت قد القت نفسها بين ذراعيه وهي تقول بصوت باكي: لماذا ذهبت وتركتني؟.. الا تعلم اني في امس الحاجة اليك؟.. اني في حاجة لوجودك معي دائما.. لماذا تركتني يا ابي؟.. لماذا؟..
ربت والدها على ظهرها وقال بحنان: ملاك يا صغيرتي.. انت تعلم ان هذا اقوى مني ومنك.. انها مشيئة الله تعالى التي يجب علينا ان نتقبلها وان نصبر عليها.. ولتحمدي الله الآن على اني قد عدت اليك من جديد..
تمسكت ملاك به اكثر وقالت: حمدلله.. حمدلله.. لا تتركني مرة اخرى يا ابي.. لقد كدت ان اموت بدونك..
مسح على شعرها بحنان ابوي ومن ثم قال: لا تقولي هذا يا صغيرتي ..
وارتفعت عيناه الى مازن الذي قال مبتسما: حمدلله على سلامتك يا عمي.. وعلى عودتك الينا من جديد..
قال خالد بهدوء: الشكر لله..
فقال مازن مبتسما بسرور: لقد كانت ملاك تزورك يوميا وتدعو الله ان تعود اليها.. وهاقد استجاب الله دعوتها اخيرا ..
واردف قائلا:سأبشر والدي بهذا النبأ السعيد .. بالاذن..
كان يريد ان بفسح المجال لهما ان بتحدثا بحرية لهذا غادر الغرفة في سرعة.. وهو يخرج الهاتف من جيبه ويتصل بوالده في سرعة.. ليبشره بهذا الخبر..
ومن جانب آخر قال خالد وهو يمسح على شعر ملاك بحنان: يكفي يا صغيرتي.. لا احب ان ارى دموعك.. دعيني ارى وجهك الجميل وابتسامتك الرائعة..
وابعدها برفق عن صدرها ليقول مبتسما: هيا ابتسمي.. ولا تدعيني اقلق عليك..
ابتسمت ملاك ابتسامة صغيرة وقالت: لو تعلم كم اشتقت اليك يا ابي.. وكم احبك..
داعب وجنتها في حنان وحب قائلا: وانا اكثر يا صغيرتي انت كل شيء بقي لي في هذه الدنيا من بعد والدتك..
واخذ يتطلع اليها بحنان ولهفة وشوق وملاك تتطلع اليه بكل حب واشتياق لصوته.. لملامحه..لكلماته.. لحنانه.. وكل ما يخصه..
ورأته بغتة يتطلع اليها فية اهتمام قائلا بتساؤل: اخبريني يا ملاك.. كيف هي احوالك في منزل عمك طوال الفترة الماضية؟..
ابتسمت ملاك قائلة: على خير ما يرام يا ابي.. الجميع هناك يعاملوني بلطف وحب كما وان...
بترت عبارتها فجأة وقد شعرت بالتردد مما كادت تقوله.. لقد كادت ان تعترف له انها قد تزوجت من مازن.. لكن.. لقد افاق والدها من الغيبوبة لتوه..وهو سعيد برؤيتها وبعودته اليها..فهل يمكنها ان تخبره بذلك وقد يضايقه هذا الامر وهو بالكاد قد رآها؟..ثم هل سيقبل والدها بهذا الزواج؟.. وخصوصا من مازن الشخص الذي كان لا يحب ان تكون لها علاقة معه.. ظنا منه انه شاب غير جيد وانه لا يتمنى لها الخير وانه سيسبب لها الآلام بكلماته الجارحة او غير المبالية بها.. وان صدقت بعض من ظنون والدها.. صدقت في ان مازن قد سبب لها جروحا وآلاما قد لا تبرئ ابدا..
وجاءها صوت والدها ليوقظها من شرودها قائلا: كما وان ماذا يا صغيرتي؟..
قالت وهي ترسم ابتسامة مصطنة على شفتيها: كما واني كنت آتي لزيارتك يوميا مع مازن او مها..
واستمرت في الحديث اليه بكل اشتياق.. وهو كان يحاول ان يطمئن عن كل شيء يعنيها عندما غرق في تلك الغيبوبة.. عن احوالها.. صحتها.. معاملة عمها لها.. وفؤاد وعادل ان كانا قد اشتركا بأي عمل قد يؤذيها.. واجابت عليه ملاك بما تعرف قائلة اخيرا: لا.. فأنا لم ارى عمي فؤاد او عادل الا مرة او اثنتين.. ولا اظن انهما قد كانا يخططان لأي شيء تجاهي..
ابتسم والدها باشفاق قائلا وهو يتحدث الى نفسه: ( بل انت يا ملاك التي لا تفهم البشر.. انت التي تظنين الخير بالجميع.. وتحاولين تجاهل الشر الذي ينبع من عيونهم تجاهك.. لكن ها انذا قد عدت اليك اخيرا..لأحميك لآخر نفس يتردد في صدري .. ولن يتمكن شخص حينها من لمس شعرة واحدة من رأسك)..
واستيقظ من افكاره على صوت مازن وهو يدلف الى الغرفة قائلا وهو يبتسم: سوف يسرع الجميع بالحضور الى هنا فورا.. فلقد فرح والدي كثيرا بعد ان نقلت اليه خبر استيقاظك اخيرا ..
اومأ خالد برأسه لحظتها بتفهم.. في حين التفت مازن الى ملاك قائلا: هه يا ملاك.. الا تريدين ان نذهب الآن لتمارسي تدريباتك؟..
قالت ملاك في سرعة وهي تهز رأسها نفيا: لا.. اريد البقاء مع ابي..
قال مازن باصرار: لكنها ساعة واحدة يا ملاك وبعدها يمكنك العودة الى والدك..
تشبثت ملاك بذراع والدها وقالت بعناد: لا.. لن اتحرك من مكاني.. انا لم اصدق انه قد عاد الي اخيرا..
اما خالد فقد قال بحيرة: أي تدريبات تلك التي يتحدث عنها مازن يا ملاك؟..
وقبل ان تجيبه ملاك بنطق أي حرف.. قال مازن وهو يحاول الشرح: لقد سألت احد اطباء المخ والاعصاب عن حالة ملاك وقال لي حينها ان هناك املا لمن هم في مثل حالتها وقد تعود للسير على قدميها من جديد.. ولكن عليها اولا ان تجري بعض التدريبات التي ستساعدها لا حقا..
ظهرت ملامح الفرح على وجه خالد.. وبرقت عيناه في سعادة ونشوة قائلا: احقا؟..
ابتسم مازن وهو يومئ برأسه قائلا: بلى.. ولكن عليها ان تواظب على التدريبات اولا.. لمدة معينة..
التفت خالد الى ملاك قائلا بابتسامة واسعة وسعيدة: اذهبي يا ملاك.. اذهبي .. الاهم عندي هو ان اراك بصحة جيدة.. واراك تسيرين على قدميك من جديد.. هيا اذهبي..
هزت ملاك رأسها نفيا وتشبثت بذراعه اكثر قائلة: اريد البقاء معك فقط يا ابي ولست اريد الذهاب الى أي مكان آخر ..
ربت والدها على كفها وقال وفي عينه نظرة رجاء: لأجلي.. لساعة واحدة فقط..
قال مازن بدوره وهو يحاول اقناعها: ملاك هيا لنذهب.. لا تضيعي تعب اليومين السابقين .. لاجل يوم واحد..
قالت ملاك بتردد: سأذهب فيما بعد..
تطلع مازن الى ساعته وقال: لا يوجد وقت يا ملاك.. لنذهب لنصف ساعة فقط.. وبعدها يمكنك العودة..
التفتت الى والدها الذي ابتسم لها موافقا.. ومن ثم قالت وهي تزفر بحدة وتترك ذراع والدها ببطء: فليكن ولكن لنصف ساعة فقط..
اما خالد فقد قال وهو يتطلع الى مازن في امتنان: اشكرك يا مازن.. لقد ادخلت الفرحة الى قلبي من جديد..لا اعرف كيف اشكرك على معروفك هذا..
قال مازن وابتسامة واسعة تعلو شفتيه: انا لم افعل شيئا.. كل ما فعلته هو اني قد حاولت تقديم يد العون لملاك..ومنحها املا قد يرسم السعادة على شفتيها من جديد..
تطلع خالد اليه مرة اخرى بابمتنان.. في حين ابتسم له مازن بهدوء قبل ان يدفع مقعد ملاك بهدوء التي قالت بلهفة: سأعود سريعا يا ابي.. ابقى مستيقظا..
ضحك قائلا: فليكن يا صغيرتي..
ومن ثم لم يلبث ان شرد بذهنه.. وهو يتخيل ملاكه تعود للسير على قدميها من جديد.. ورقص قلبه بفرحة كبيرة وهو يتمنى ان يتحقق هذا الامل ويتحول الى واقع ذات يوم...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
( مها.. فلتجهزي بسرعة.. فسنغادر)
استغربت مها صوت كمال المتلهف الذي جاءها من خلف الباب والذي يطلب منها ان تجهز ليغادروا الى مكان مجهول.. فقالت متسائلة وهي تفتح الباب: نغادر؟.. الى اين؟..
قال في عجلة: الى المشفى.. فقد افاق عمي خالد من غيبوبته اخيرا..
خفق قلب مها في فرح وقالت بابتسامة سعيدة: اخبر ملاك بسرعة.. فسوف تفرح بذلك..
قال كمال وهو ينصرف مبتعدا: انها معه في المشفى.. هي ومازن.. فهذا الاخير هو من ابلغنا بأمر عمي..
ابتسمت مها وقالت وهي تخرج هاتفها من جيبها وتعود لتدلف الى غرفتها: اذا سأخبر حسام.. بالتأكيد سيفرح عندما يعلم بهذا الـ....
وتصلبت اناملها قبل ان تضغط رقما واحدا.. وتجمدت نظراتها على الهاتف المحمول.. تريد ان تخبر حسام؟.. بأي صفة؟.. انسيت في غمرة فرحها هذا انها مخطوبة لأحمد؟.. وانها قد وافقت على هذه الخطبة.. يالها من حمقاء.. انسيت واقعها المر الذي تحياه بهذه السرعة؟.. ونسيت ان حسام الذي تحبه بكل نبضة من نبضات قلبها لم يعد لها ابدا...
وتوجهت الى خزانتها وعلى شفتيها ابتسامة مريرة قائلة: يكفي احلاما يا مها.. احلامنا هي من تقتلنا.. هي من تحطمنا.. انت الآن مخطوبة لأحمد.. فأنسي أي شيء يتعلق بحبك الوحيد.. وتذكري ان ليس كل ما نتمناه.. يجب ان نحصل عليه.. فالواقع شيء.. والامنيات شيء آخر...
وافاقت من افكارها على صوت رنين هاتفها المحمول.. ولم تعلم لم توجهت اليه في لهفة وهي تأمل ان يكون حسام هو المتصل .. لكن نظرة الالم في عينيها وهي ترى اسم احمد يضيء على شاشة هاتفها.. جعلها تشعر بالحنق وتقول بغضب: تبا لك يا احمد.. كل ما حدث بسببك انت.. ليتك ترحل من حياتي.. ليتك لم توجد في هذه الدنيا اصلا.. انت سبب كل ما يحدث لي.. اتمنى لو تختفي من حياتنا نهائيا.. اتمنى هذا..
وتنهدت بمرارة.. وهي تغير ملابسها على عجل.. قبل ان ترسم على ثغرها ابتسامة مفتعلة.. وتغادر غرفتها.. ويدها قد تعلقت بشيء ما في جيبها.. شيء غالٍ على قلبها واغلى من أي شيء تمتلكه.. كانت يدها تقبض على نصف القلب بكل لوعة ومرارة والم....
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
__________________
?Đō ũ bεĪεīνε īή Ļύν
Ļīķε Ĩ bεĪεīνε Ĩή ρaīή
  #243  
قديم 03-22-2010, 03:54 PM
 
الجزء الثاني والاربعون
"انفصال!"


كان خالد غارقا في افكاره حول ابنته.. حين اقتحم افكاره تلك.. صوت لفتح الباب.. وصوت شقيقه امجد وهو يقول: حمدلله على سلامتك يا خالد.. لم اصدق انك قد افقت عندما نقل الي مازن الخبر..
قال خالد ببرود: لم؟.. هل كنت تتمنى لي العكس؟..
قال امجد وهو يعقد حاجبيه: خالد.. ما هذا الذي تقوله؟.. انت شقيقي واتمنى لك كل خير بكل تأكيد..
قال خالد بلامبالاة: وعادل وفؤاد شقيقاي كذلك.. ومع هذا لم يتمنيا لي الخير..ولتعلم انهما السبب في وصولي الى المشفى..
وقبل ان يتساءل امجد عن كيفية ذلك تقدم كمال من عمه وقال بابتسامة هادئة: حمدلله على سلامتك يا عمي.. سعدت كثيرا عندما علمت انك قد عدت الينا اخيرا..
ومهاالتي قالت بابتسامة واسعة: لو تعلم يا عمي كم فرحت عندما علمت بهذا الخبر.. وخصوصا وان ملاك ستحلق من السعادة عندما تراك قد عدت اليها اخيرا..
وتسائلت وهي تتلفت حولها: بالمناسبة .. اين هي؟..
قال خالد بهدوء: لقد ذهبت لاجراء تدريباتها..
قالت مها وهي تعقد حاجبيها: أي تدريبات تلك؟..
قال خالد بحيرة: الم يبلغكم مازن بشيء عن هذا الامر؟..
قال امجدوهو يعقد حاجبيه: ابدا..
قال خالد وحيرته تتضاعف: لا اعرف لم فعل..لكنه قد وجد املا لأن تقف ملاك على قدميها من جديد.. ولهذا عليها ان تمارس بعض التمرينات التأهيلية اولا..
اشرق وجه مها بالفرحة وصاحت هاتفة: احقا؟؟..
اما كمال فقد قال بدهشة: لم يبلغنا بشيء كهذا ابدا..
هز خالد كتفيه في عدم فهم من اخفاء مازن لهذا الامر .. في حين جذب امجد لنفسه مقعدا وقال بهدوء: دعنا من هذا الآن.. سأسئله فيما بعد عن هذا الامر.. اخبرني الآن .. لقد قلت ان عادل وفؤاد كانا سببا في دخولك الى المشفى .. فكيف ذلك؟..
قال خالد بضيق : ظنا اني احمق ولن الحظ السيارة التي كانت تلحق بي يوم الحادث.. والتي هدفها معرفة مقر سكني.. ولكني لاحظتها ولهذا حاولت الفرار من امامها.. لكن ما حدث هو اني اصطدمت بسيارة اخرى.. وهذا ما جاء بي الى هنا ..
قال امجد غير مصدقا: عادل وفؤاد يفعلان هذا.. لست اصدق ..
- ولماذا لا تصدق؟.. اتظنهما يتمنيان لي الخير.. على العكس انهم يتعجلون موتي.. لتكون املاكي من نصيبهم .. ولكن هذا لن يحدث ابدا.. فكل املاكي قد سجلتها باسم ملاك..
قال امجد بهدوء: خيرا فعلت .. وان كان هذا قد سبب لنا بعض المشاكل مع فؤلد وعادل.. ولكننا تمكنا من السيطرة عليهافي الوقت المناسب..
قال خالد متسائلا: وكيف ذلك؟..
تطلع اليه امجد وهو متردد من اخباره بأمر زواج ملاك من مازن دون علم منه.. لكنه في النهاية قد حسم امره وقرر ان يخبره.. لهذا فقد تطلع اليه وقال بجدية: في الحقيقة لقد...
وقبل ان ينطق بحرف واحد اضافي كان قد قاطعه دخول.. شخص ما الى الغرفة.. شخص لم يرد ان يتحدث امامه بأي شيء عن هذا الموضوع...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
كانت ملاك تبذل جهدا كبيرا في محاولة جاهدة للتمسك بالقضبان الحديدية التي على كلتا جانبيها والتي ستساعدها على الوقوف.. وتجمعت قطرات العرق على جبينها لتعبر عن مدى ارهاق جسدها.. وشعرت بنبضات قلبها المتسارعة وانفاسها المضطربة .. وهي تسمع الطبيب يهتف بها قائلا: هيا حاولي..
هزت ملاك رأسها قائلة بتعب وارهاق وهي تلهث: لا استطيع ..
قال الطبيب باصرار: لا اريد سماع مثل هذه الكلمات.. هيا حاولي..
قالت ملاك بارهاق: انا فعلا لا استطيع.. واشعر بارهاق شديد.. والم في كلتا ذراعي في محاولتي لرفع جسدي..
قال الطبيب وهو يعقد حاجبيه و يتطلع اليها: لقد بدأنا التدريب منذ عشرون دقيقة فقط.. وانت لا تزالين بحاجة الى تدريب لربع ساعة اخرى على الاقل..
التفتت ملاك الى مازن الذي كان يقف بانتظارها بهدوء وتطلعت اليه بعينين راجيتين ومن ثم قالت وهي تزفر بحدة: لكني تعبت..
اقترب منها الطبيب وقال بهدوء: الا تريدين ان تسيري على قدميك؟..
اومأت ملاك برأسها..فقال الطبيب بابتسامة هادئة: عليك اذا الصبر واحتمال تدريباتك.. فكل علاج يكون صعبا في بدايته وان كان ينتهي في النهاية الى نتيجة مُرضية..فمثلا الدواء ذا الطعم المر الذي يضطر الانسان لتناوله لكي يشفى من مرضه.. والعمليات الجراحية التي تسبب الما كبيرا لمن يجريها.. لهذا اطلب منك يا ملاك مجرد المحاولة والاصرار.. وصدقيني لو كان لديك امل بأنك ستستطعين فعل ما تريدين وعزيمة على ذلك.. فحينها سيمكنك فعل ما تريدين حقا..
ابتسمت ملاك وقالت ببعض الارهاق: حسنا .. سأحاول من جديد..
قال الطبيب بابتسامة: هكذا اريدك.. هيا حاولي..
عاودت ملاك محاولاتها وفي كل مرة كان الم ظهرها يشتد .. لكنها كانت تتحامل على نفسها.. لترفع جسدها من جلوسه.. وتقف ولو لثانية.. لكن محاولاتها باءت بالفشل ..
ومازن الذي اشفق على حالتها اقترب منها في تلك اللحظة وقال بابتسامة مشفقة: يمكنك فعلها يا ملاك انا اعرف..
قالت ملاك وهي تحاول التقاط انفاسها: لقد بدات اشعر بالعجز .. لن استطيع الوقوف ابدا..
قال مازن بحزم: بل تستطيعين .. فقط لا تستسلمي..
لم تعلم ملاك لم في تلك اللحظة راودتها ذكرى ذلك الحلم.. ربما لان الحوار الذي تبادلاه الآن مشابه لما دار بينهما في حلمها .. ومنحتها هذه الذكرى مزيدا من الاصرار وهي تتذكر انها قد تمكنت من الوقوف في الحلم.. فعادت تحاول من جديد.. وحينها سمعت الطبيب يقول: حاولي بجهد اكبر .. بقوة اكبر.. يمكنك فعلها..
لكن ملاك توقفت عن ما تفعله وقالت بتعب وارهاق شديدين: لن يمكنني.. اشعر ان عضلات ذراعي قد تمزقت..
تطلع اليها الطبيب في اشفاق ومن ثم نظر الى ساعته ليقول بهدوء: فليكن يكفي لهذا اليوم..
اما مازن فقد عاد ادراجه ليلتقط كأس من الماء كان قد احضره معه ووضعه على احدى الطاولات جانبا.. وقدمه لملاك قائلا بابتسامة: اشربي.. فلا بد انك تشعرين بالعطش بعد هذا التدريب الطويل..
التقطت ملاك منه الكأس وقالت بامتنان : شكرا لك..
منحها مازن نظرة حانية.. ورآها تملأ جوفها بنصف ما يحتويه الكأس من الماء ومن ثم قالت بابتسامة: حمدلله..
واردفت في سرعة: والآن فلنعد الى ابي يا مازن..
اومأ مازن برأسه وهو يلتقط الكأس من كفها ومن ثم لم يلبث ان تطلع اليها قائلا: أأخبرك بشيء يا ملاك؟..
تطلعت اليه بتساؤل.. فقال وهو يغمز بعينه: تبدين مختلفة هذا اليوم .. اجمل من كل مرة رأيتك فيها..ربما هذا من تأثير سعادتك لدى رؤية والدك..
اطرقت ملاك برأسها وتوردت وجنتاها بخجل.. فقالت محاولة تغيير دفة الحديث: فلنذهب اليه بسرعة..
قال مازن مبتسما بمرح: فليكن يا ملاكي..
وسار وهو يدفع مقعدها بين ممرات المشفى حتى وصل اخيرا الى غرفة والدها ودلف اليها هو وملاك وسمع والده يقول في تلك اللحظة: في الحقيقة لقد...
ووجد والده يبتر عبارته ويتطلع الى ملاك ومن ثم يصمت وملاك التي تجاهلت الجميع وتوجهت الى والدها قائلا: كيف حالك الآن يا ابي؟.. هل تشعر انك بصحة جيدة؟.. ومتى ستخرج من المشفى؟..ام انهم لم يخبروك بعد؟..
ابتسم لها والدها وقال وهو يربت على راسها: لن تتغيري ابدا يا صغيرتي..
ومن ثم اردف قائلا: لا اعرف متى سأغادر بالضبط لكنهم يريدون اجراء بعض الفحوصات اولا..
اومأت ملاك برأسها بتفهم.. ومن ثم سالها قائلا: اخبريني انت .. كيف كانت تدريباتك؟..
ظهر الضيق على وجه ملاك وقالت: مرهقة..
ربت على كتفها بحنان وقال مشجعا: عليك ان تحتملي يا صغيرتي حتى تعودي للسير على قدميك..
اما امجد فقد التفت الى مازن وقال متسائلا وهو يعقد حاجبيه: لماذا لم تخبرنا بأمر هذه التدريبات يا مازن؟..
وتسائلت مها بدورها قائلة: صحيح.. لم لم تخبرنا بأمرها؟..
التفت مازن الى والده وقال ببعض الارتباك: في البداية كان الامر مفاجئا ولم اكن متأكدا من ان هناك امل حقا.. ومن ثم عرضتها على الطبيب فقرر اجراء بعض التدريبات التأهيلية .. وكنت سأخبرك يا والدي حقا اليوم..
صمت عنه امجد ومن ثم التفت الى خالد الذي ظل يتحدث الى ابنته دون ان يلحظ خاتم الخطبة الذي يحيط باصبعها.. وتنهد وهو لا يعرف بم سيجيب خالد لو سأله عن هذا الخاتم امام ابنته.. لكنه حينها لن يجد مفر من قول الحقيفة امام ملاك.. مهما كانت ردة فعلها..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
سار حسام بين ممرات ذلك النادي وهو يبحث بعينيه بين كل رواده .. بحثا عن شخصا ما والشرار يقدح من عينيه.. حتى ان زملائه في النادي قرروا تحاشيه هذا اليوم.. وهم يجدونه عصبيا.. غاضبا وغير متقبل لأية كلمة.. واستغربوا هذه الحالة التي يبدوا عليها حسام بعد ان عرف بالهدوء والمرح اغلب الاوقات ..
لكن احدهم لم يكن يعلم ان سبب هذه الحالة هو فقدانه لأغلى شخص على قلبه.. شخص مستعد لأن يضحي باي شيء لأجله.. ومستعد لأن يدفع حياته ثمنا لسعادته..وهذا الشخص بالتأكيد لن يكون الا مها.. حب حياته الوحيد وعشقه منذ الطفولة.. الذي يرفض ان تكون لسواه بهذه السهولة..
وظل يسير في كل ارجاء النادي بحثا عن شخص ما بعينه.. وما ان لمحه وهو يقف بجوار كافتيريا النادي.. حتى اسرع في خطواته وتوجه اليه ليقول بغضب وهو ينقض عليه ويمسك بسترته بقوة: ايها الوغد الحقير.. ايها الجبان المخادع..كيف تسمح لنفسك بفعل هذا بمها وبي؟..
شعر احمد بالمهانة من امساك حسام له على هذا النحو في النادي وامام الجميع وشتمه علىمرأى ومسمع من الجميع.. وقال بعصبية وهو يحاول ان يبعد ذراع حسام عنه: دعني ايها الحقير.. والا..
قال حسام مقاطعا اياه وهو يشد من قبضته على سترته وبكل غضب الدنيا متجاهلا عبارة احمد تماما وكأنه لم يسمعها: كيف سمحت لنفسك بخطبة فتاة تكرهك؟.. تبغضك.. لا تريدك.. وفوق كل هذاتستخدم هذه الطريقة القذرة في تهديدها لتقبل الزواج بك..
قال احمد وهو يزيح ذراعي حسام في قوة وخشونة: اذهب الى الجحيم.. مها لن تكون لشخص آخر غيري..
قال حسام بانفعال: اصمت.. انا من يحبها وهي تبادلني هذا الحب .. فلم تحشر نفسك بيننا وتحاول الزواج من فتاة تكرهك ولا تكن لك الا كل بغض..
رتب احمد سترته وقال وهو يتطلع الى حسام بسخرية وانتصار: لا يهم.. المهم انها وافقت على الخطبة.. وسيتم عقد قراننا الاسبوع القادم..
تضاعف الغضب في صدر حسام اضعافا مضاعفة ليجعله ينقض على احمد مرة اخرى ليمسك بياقة قميصه هذه المرة قائلا بثورة وهو يدفعه ليصطدم بجدار المبنى: انت تكذب.. لست سوى مخادع .. لن اصدق حرفا واحدا مما تقول ايها الوغد..
قال احمد وفي عينه نظرة شماتة: هذا شأنك سواء صدقت ام لا.. فسيعقد قراني على مها الاسبوع القادم .. وستكون انت اول المدعوين..
صك حسام على اسنانه بقوة وقهر.. وشعر بالغضب والانفعال يكادان يجعلانه يقتل احمد بين يديه.. وهو يزداد من شده على رقبة هذا الاخير.. ولم يلبث ان دفعه بقوة.. ليسقط ارضا وهو يقول: ستندم يا احمد.. اقسم على انك ستفعل.. سأحول حياتك الى جحيم.. ولن تهنأ مع مها ابدا.. لأنك تزوجتها مستغلا حبها لعائلتها.. ولا تنسى انك بهذا تظلمنا.. والظالم لا يهنأ بحياته طويلا.. وسترى هذا بنفسك..
قال احمد وهو يهب واقفا من سقطته ويحاول ان يتظاهر بالقوة: لا تحاول انكار انتصاري عليك مع كل هذا.. فلقد حظيت انا بمن تحب في النهاية.. وانت ستعيش في عذاب الى الابد.. يالك من مسـ...
عند هذا الحد لم يحتمل حسام ووجد نفسه يكور قبضته ليلكم احمد بكل ما ملك من قوة.. لكمة ادمت شفتيه وجعلته يتراجع ثلاث خطوات الى الخلف.. وما ان تنبه احمد لما حدث ولامست انامله شفتيه ليرى الدماء التي سالت منهما حتى قال بغضب وجنون: ايها الحقير..
وتعارك الاثنان بكل ما يملكان من قوة..احدهما يدافع عن حبه وحياته التي ستنتهي .. والآخر يحاول الانتقام ممن اهانه.. وكان ظاهر للعيان ان حسام هو المنتصر بقوامه الرياضي ..واسرع عدد من رواد النادي بمحاولة لفك هذا الاشتباك.. ولكن حسام ظل يردد في قوة وهو يفلت نفسه من بين الاشخاص الذي حاولوا الامساك به: لن تتزوج مها ولو على جثتي يا احمد.. سأحول حياتك الى جحيم لو فكرت فيها فقط .. اتفهم؟..لن تتزوجها.. ولو كلفني ذلك حياتي..
ومسح الدماء التي كانت نتيجة لعراكه مع احمد من على شفتيه.. قبل ان يقول بحقد: ليتك تموت يا احمد .. لنحيا في سلام .. كل ما يحدث لنا من مشاكل انت سببها.. ليتك تموت ليتخلص العالم منك..
اما احمد الذي اخذ يلهث في تعب قال بانفعال: فلتذهب الى الجحيم.. لن يموت الا امثالك من الضعفاء..
تطلع اليه حسام بحقد.. بثورة وبغضب..ومن ثم لم يلبث ان ابتعد عن المكان وهو لا يجد جدوى من مواصلة هذا العراك الغير مجدي مع شخص وغد مثل احمد.. لكنه كور قبضتيه في مرارة وغضب وهو يغادر النادي .. وما ان وصل سيارته حتى القى نفسه بداخله.. وقال وهو يحاول التقاط انفاسه بكل مرارة الدنيا: احقا وافقت على هذا الحقير يا مها؟.. احقا فعلت وقطعت الامل الأخير الذي بيننا؟.. لست اصدق هذا.. ولا اريد ان اصدق.. تبا لكل شيء.. وسحقا لهذا العالم الذي لا يحيا فيه بسعادة وهناء الا الاغنياء.. اما امثالي فهم يعانون الامرين من هذه الدنيا الغادرة.. التي تفرق بين الناس لمجرد قطع نقود لن تلبث ان تنتهي في يوم.. سحقا.. والف سحقا..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
قال امجد بهدوء وهو ينهض من مقعده: هيا فلنذهب يجب ان نترك خالد يستريح قليلا..
قال خالد بهدوء: اشكرك على الزيارة على اية حال..
قال امجد بابتسامة: لا مكان للشكر بين الاشقاء..
رمقه خالد بنظرة دون ان يعلق.. في حين قال مازن وهو يتحدث الى ملاك: هيا يا ملاك.. علينا ان نغادر..
تطلعت ملاك الى مازن وقالت برجاء: اريد ان ابقى مع ابي وقتا اطول..
قال مازن مبتسما: الم يكفيك كل هذا الوقت التي قضيته هنا؟..
استغرب خالد هذا التبسط في الحديث بينهما.. وكأن كلاهما يعرف الآخر جيدا ومنذ وقت طويل.. يا ترى هل تغير شيء في اثناء سقوطه في الغيبوبة؟..
وقالت مها في تلك اللحظة متحدثة الى مازن: دعها تبقى مع والدها يا مازن.. فهي لم تره الا منذ ساعتين فحسب.. لابد وانها تشعر بشوق كبير له.. ولا تقلق عليها.. فقط ارسل لنا السائق بعد ساعة او اثنتين من الآن لو كنت مشغولا..
تطلع اليها مازن وقال متسائلا: استبقين معها انت الأخرى ايضا؟..
قالت مها مبتسمة: وماذا في ذلك؟..انني سأبقى مع عمي وشقيقتي..
قال مازن باستسلام وهو يهز كتفيه ومن ثم يضع كفيه في جيبي سترته: فليكن.. فلتبقيا انتما الاثنتان مع عمي خالد وسارسل لكما السائق بعد ساعة من الآن..
قالت ملاك بلهفة ورجاء: اجعلها ساعتين..
تطلع لها مازن في استخفاف ومن ثم قال: وما رأيك ان آتي لكي آخذك غدا.. افضل صحيح؟..
ابتسمت ملاك باحراج في حين قال خالد وهو يحيط كتفي ابنته بساعده بحنان: ولم لا؟.. انا اريد ان تبقى صغيرتي بجواري اطول وقت ممكن..
قال مازن بتوتر: لكن يا عمي .. انت بحاجة الى الراحة و...
قال خالد بهدوء: ارسل من تريد لاصطحابهما بعد ساعتين كما تريد ملاك..
ابتسم مازن وقال : فليكن يا عمي.. لا يمكنني قول شيء من بعدك.. حمدلله على السلامة مرة اخرى.. ومع السلامة..
وقبل ان ينصرف مال على ملاك قليلا ليقول بصوت خافت: حاولي ان تعرفي سبب الموافقة من مها؟..
اومأت ملاك براسها فقال بصوت هامس شعرت بدفئه: سأشتاق اليك..
تضرجت وجنتي ملاك بحمرة الخجل ولكنها حاولت اخفاء ذلك حتى لا يلمح والدها هذا التغير الذي ظهر عليها.. لهذا قالت بسرعة: حسنا سأفعل..
كان يدرك مازن انها محاولة منها لعدم توضيح الامر امام والدها.. وادرك انها لا تريد لوالدها ان يعرف بهذا الزواج.. لسبب ما كامن في اعماقها..لكنه لم يحاول معرفته بل انصرف من الغرفة.. وما ان فعل.. حتى استدار خالد الى ملاك وقال وهو يعقد حاجبيه في ضيق: هل معتاد مازن على التعامل معك بكل عفوية هكذا؟..
قالت مها بحيرة وهي تجيب عن سؤاله: بكل تأكيد .. فهو ...
قاطعتها ملاك في سرعة قائلة: فهو قد اعتاد الحديث الي والتعامل معي ونحن في منزل واحد بكل عفوية طوال شهر كامل..
لم يقتع خالد كثيرا ونظر الى ابنته بتشكك التي لم تكن تخفي عنه أي شيء في الماضي.. لكنه هذه المرة شعر انها تخفي شيئا ما عنه.. ولم يلمح حركتها المتوترة في تشبيك اناملها في محاولة منها لاخفاء خاتم الخطوبة..
اما هو فقد تسائل بهدوء: حسنا ومن كان يدير الشركة في اثناء ما جرى لي؟.. اهو والدك يا مها؟..
قالت مها بعد تفكير: اظن انه مازن.. بتوكيل رسمي من ملاك..
قال خالد باستغراب: مازن؟؟.. وكيف له ان يدير شركة بأكملها..
قالت مها مبتسمة: والدي يساعده احيانا.. ولكن مازن له خبرة في هذا المجال عن طريق عمله مع والدي لعامين تقريبا..
اضافت ملاك قائلة: كما وان مازن قد تخصص في مجال السياحة الذي اظن انه سيفيده في مجال عمل الشركة الذي يختص بالاستيراد والتصدير..
التفت لها والدها ورمقها بنظرة طويلة قبل ان يقول: يبدوا انك تعلمين الكثير عن مازن..
ارتبكت ملاك وقالت : لقد قضيت في منزل عمي لاكثر من شهر تقريبا..ولهذا اعلم عنهم الكثير كما تقول يا ابي ..
التقط نفسا عميقا ومن ثم قال: كلها ايام واغادر المشفى وبعدها سيعود الوضع كالسابق.. وستعودين معي الى المنزل اخيرا يا ملاك..
ابتسمت ملاك وقالت بفرحة: نعم اخيرا يا ابي .. اخيرا..
لكن تلك الفرحة تبددت من على وجهها وهي تتذكر ارتباطها بمازن.. صحيح ان حفل زفافها لم يقم بعد.. لكن هذا لا ينفي انه زوجها.. ولا تعرف حقيقة كيف ستنقل مثل هذا الخبر الى والدها..وكيف سيكون وقع الخبر عليه.. لكنها حسمت امرها بأن تخبره بذلك بعد ان يغادر المشفى نهائيا .. وعندها ستعرف ردة فعل والدها على هذا الزواج.. وستحاول اقناعه بأن هذا الزواج قد حدث برغبتها.. لمشاعرها القوية تجاه مازن .. وحبها الكبير له...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
كان مازن في طريقه لمغادرة المنزل.. حين سمع صوت والده الذي كان يجلس على مقعد في ردهة المنزل الواسعة يناديه قائلا: مازن..
التفت مازن الى والده وقال متسائلا: ما الامر يا والدي؟..
قال والده بحزم وهو ينهض من مكانه ويقترب منه: اريدك في موضوع مهم.. اتبعني الى المكتب..
قال مازن بحيرة: الآن؟..
قال والده بصرامة وهو يستدير عنه ويدلف الى غرفة المكتب: اجل الآن.. فالموضوع مهم ولا يحتمل التأجيل..
شعر مازن بالقلق والفضول من هذا الموضوع الذي يستدعيه لأجله والده والذي لا يحتمل أي تأجيل كما يقول.. ودلف الى غرفة المكتب ليجد والده يقترب منه ويقول: ها قد نهض خالد اخيرا من غيبوبته .. وبذلك انزاح عن كاهلنا حملين ثقيلين.. اولهما شركته واملاكه التي سيعود لادارتها بمعرفته.. وثانيهما ...
وتوقف لحظة عن مواصلة الكلام قبل ان يلتفت الى مازن ويقول بحزم: وثانيهما ابنته ملاك ..
قال مازن بعدم فهم: لم افهم ما تعنيه يا والدي..
تطلع والده الى عينيه مباشرة وقال بصرامة: لقد كان زواجك من ملاك لأجل حماية املاكها.. ومنعها من ان تقع بين يدي فؤاد وعادل.. ولقد انتهت مهمتك الآن..
خفق قلب مازن بقلق وتوتر وقال بكلمات متوترة: لم افهمك ايضا يا والدي..
اقترب والده منه وقال وهو يعقد حاجبيه : اعني انه جاء الوقت لكي تنفصل عن ملاك كما اتفقنا سابقا..
بهت مازن.. واتسعت عيناه في قوة..وقد زلزلت الصدمة كيانه .. لتجعله يردد: انفصل عن ملاك؟؟..
اومأ والده برأسه وقال بتأكيد: اجل .. فلم يعد هناك أي حاجة من استمرار هذا الزواج.. وخصوصا بعد ان افاق خالد من غيبوبته..
هز مازن رأسه بقوة وكأنه ينفض عن راسه هذا الامر قائلا بحدة: كلا.. مستحيل.. لن انفصل عن ملاك..
شعر والده بالدهشة والذي لم يتوقع منه ردا كهذا.. وقال بحيرة: ماذا بك؟.. انسيت اتفاقنا السابق؟.. ثم الم تكن انت بنفسك رافضا لزواجك من ملاك لكونها فتاة عاجزة حسب قولك؟.. فما الذي تغير الآن؟..
قال مازن في سرعة وصدق: اشياء كثيرة يا والدي قد تغيرت في هذه الفترة.. لقد اصبحت ملاك اهم انسانة في حياتي.. لقد اصبحت كل شيء بالنسبة لي..ملاك جعلتني ابدوا انسانا مختلفا.. لقد غيرتني تماما ..
واردف قائلا وهو يشير الى قلبه: وغيرت هذا ايضا..
تطلع له والده للحظة مبهوتا مما يقول ومن ثم قال بحدة وهو يعقد حاجبيه: أي قول تقوله؟.. اتعني انك تريد اتمام زواجك على ملاك حقا؟.. تريد ان تحول الكذبة الى واقع..
عقد مازن ذراعيه امام صدره وقال بحزم: اجل.. سأتمم زواجي على ملاك..
تطلع له امجد غير مصدقا وقال بحيرة: من المستحيل ان تكون انت مازن.. الذي رفض الزواج من فتاة عاجزة بكل اصرار.. ولو اني لم اقنعه بنفسي بعد عشرات المحاولات لما رضخ لهذا الامر .. والآن تريد ان تكمل هذه المهزلة وتتزوج حقا من ملاك.. هذا مستحيل..
ولم ينتبه ايا منهما الى ذلك المقعد المتحرك الذي توقف بغتة بجوار غرفة المكتب.. وصاحبته تبدوا كتمثال جامد وعيناها متسعتان على آخرهما وهي تستمع الى هذه الحقيقة القاسية .. وقد تلقت من الصدمات والطعنات القاتلة ما يكفي.. وشعرت بخفقات قلبها تخفق بسرعة كبيرة وكأنها ستتوقف.. ووجدت دموعها تتساقط على كفيها دون ان تمتلك قدرة على مسحهم حتى مع تلك الانامل المرتجفة..ولم تلبث تلك الارتجافة ان انتقلت الى جسدها كله..
ومن جانب آخر كان الحوار لا يزال دائرا .. ومازن يقول بكل اصرار وتحدي: ولم مستحيل يا والدي؟..
قال والده وهو يلوح بكفه: كيف سنواجه المجتمع والناس بزواج ابني من فتاة عاجزة؟؟..
قال مازن وهو يعقد حاجبيه: لقد واجهناه بالفعل عندما عقدت قراني على ملاك..
قال والده بعصبية: كان ذلك امرا مختلفا.. وكنا مضطرين لعقد القران هذا.. لم لا تفهم؟..
قال مازن بعصبية مماثلة: بل لم لا تفهم انت يا والدي بأني من المستحيل ان انفصل عن ملاك.. من المستحيل ان اطلقها بكل سهولة واتركها..لقد غدت اغلى ما املك.. اغلى الناس على قلبي واحبهم الي.. اصبحت كالهواء الذي اتنفسه والذي لا يمكنني التخلي عنه.. اصبحت هي الروح التي تغذي هذا الجسد.. اخبرني يا والدي.. هل يمكنك ان تحيا جثة هامدة بلا روح؟.. اخبرني..
قال والده بخشونة وقسوة: يكفيك كلاما شاعريا لا نجد له مثيل الا في الروايات..ملاك لا تناسبك.. ولقد كان زواجك بها خطئا منذ البداية .. وها انذا احاول اصلاحه الآن ..
كور مازن قبضته وضرب بها الجدار بكل قوة ليقول بعصبية وانفعال شديدين: لا يهمني احد.. لا تهمني المظاهر او الناس.. لن اطلق ملاك مهما يحدث..
قال والده بخشونة: مازن انظر الى من تتحدث.. انا والدك.. من واجبك اطاعتي..
قال مازن بحدة: ومن واجبك انت ايضا مراعاة مشاعر ابنك.. كيف تفكر بكل هذه القسوة ان تحرم ابنك ممن يحب؟.. وملاك الم تفكر ما الذي سيحدث بها وانت تعلم يقينا انها متعلقة بي بكل كيانها..
قال والده وهو يشير الى رأسه: لم لا تفكر بمنطقية؟.. ستصبح انت المسئول عن ملاك بعد زواجك منها.. وبدلا من ان ترى هي حاجياتك .. سترى انت حاجياتها.. ستساعدها في كل شيء.. ستكون كالحمل الثقيل الذي لن يمكنك ان تتحمله..
حزت كلماته نفس مازن.. فهذا التفكير كان يدور في عقله حقا قبل ان يرتبط بملاك .. وشعر بالخجل من نفسه.. وهو يرى ان افكاره وافكار والده متشابهة.. لكنه قال وهو يحاول ان يجد سبيل لاقناع والده: لكني المسئول عنها الآن ..وارى كل حاجياتها.. وهذا لا يسبب لي أي تعب على العكس اشعر اني سعيد عندما اقوم به.. لاني افعل ذلك لمن احب..
اشاح امجد بوجهه وقال ببرود: هذا الموضوع يجب ان ينتهي عاجلا ام آجلا..وملاك ستنفصل عنها شئت ام ابيت.. لن اوافق ابدا على اتمام زواجك منها..
قال مازن بتحدي واصرار: افعل ما شئت يا والدي.. لكني لن اطلق ملاك..ويكفيك ما فعلته بمها وقتلها ببطء على ذلك النحو .. فلا تتسبب في قتل ابنا آخر من ابناءك بكل تلك القسوة وبدون أي رحمة او شفقة منك..
شعر امجد بقلبه يرق في تلك اللحظة على ذكر مها.. تذكر الحزن الذي تعانيه هذه الايام.. وشحوب وجهها.. وذبولها على ذلك النحو.. ووجد نفسه يتنهد بألم.. وهو يرى مازن يغادر غرفة المكتب.. ومن ثم يقول بكل حزم ما ان اصبح خارجها: لن يفرقني شيء عنك ابدا يا ملاك.. مهما كان الثمن..
وبحث بعينيه عنها في الردهة ..ولما لم يجدها ادرك انها في غرفتها..فتوجه بخطوات سريعة الى غرفة ملاك ليطرق الباب ..لكن لم يأتيه الجواب على ذلك الطرق.. وعاود الطرق مرات عديدة وهو يهتف بصوت عالي: ملاك .. هل يمكنني الدخول؟.. هل انت نائمة؟.. ملاك..
لم يأتيه الجواب كذلك.. ووجد نفسه مضطرا لادارة مقبض الباب.. والدخول الى الغرفة.. وحينها وجد ملاك جالسة بكل هدوء أو هذا ما هيىء له لحظتها..وهو يراها تتطلع الى طائرها بصمت .. واقترب منها ليقول بتساؤل وعلى شفتيه ابتسامة باهتة: ملاك.. لم لم تجيبي على طرقات الباب؟..
لم تستدر له ملاك.. ولم تكلف نفسها حتى عناء النظر اليه.. بل ظلت جامدة في مكانها.. تطلع الى ذلك الطائر بسكون .. فقال مازن بحيرة مستغربا هذا الصمت: ملاك لم لا تجيبين؟ .. تحدثي الي..
ظل الصمت على حاله .. وملاك كالصورة الجامدة التي لا تتحرك فيما عدا صوت انفاسها المنتظمة.. وقد ظهرت على وجهها علامات البرود التي تخفي البركان الذي يعتمرفي اعماقها..
وللمرة الثالثة عاد مازن ليتساؤل بدهشة وقد ارتفع صوته: ملاك.. تحدثي الي.. لم انت صامتة هكذا؟.. ما الذي حدث لك فجأة؟.. اخبريني..
التفتت له ملاك هذه المرة وتطلعت له بنظرة باردة اقشعر لها بدنه .. فقال مازن وقد ارتفع حاجباه بدهشة: ما بك يا ملاك؟.. لم تتطلعين الي هكذا؟..
تطلعت اليه ملاك مرة اخرى بنظرة قاسية.. جعلته يشعر بالقلق من نظرتها هذه ومما ستقوله..ومن ثم انفرجت شفتاها لتنطقان بكلمة.. تمنى مازن بعد ان سمعها لو لم يطلب من ملاك التحدث او حتى يسألها عما بها.. تمنى لو كان اصما لا يسمع او يكون هذا مجرد كابوس وسيستيقظ منه بعد قليل..
لقد قالت وبكل قسوة وثورة في صدرها : طلقني...
،،،،،،،،،،،،،،،،

ملاك يا من تحملين قلبا عكس قوانين البشر
يا من أحببت شخصا بك قد غدر
تمنيت الحب والحنان فغرقت في لعبة القدر
وباتت حياتك كالبحر.. بين مد وجزر
فامضي في طريقك مع أول إطلالة للفجر
لتعرفي كيف يحيا البشر؟

ملاك يا حبا رفرف على أجنحة الطيور
يا زهرة كادت أن تذبل بين الزهور
حلقي بأحلامك.. فستعوضين يوما عما حرمتك منه الشرور
وابتسمي للحياة يا ملاكا تنشرين الخير والنور

فربما يقترب ذلك اليوم الموعود
وتتحقق أحلامك بعد كل هذا الصمود..

ليقترب منك فارس الأحلام بعد أن تبرئ الجروح
ويهتف بكل حب أنت "ملاك حبي" يا مهجة القلب والروح
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
__________________
?Đō ũ bεĪεīνε īή Ļύν
Ļīķε Ĩ bεĪεīνε Ĩή ρaīή
  #244  
قديم 03-22-2010, 03:56 PM
 
هذي كل الاجزاء المتبقية
ما يقا منها غير الأخير اللي رح يكون مقسم على 4 بارتات أخرى
كل بارت رح أحط في يوم
يعني مازال 4 ايام ان شاء الله تخلص هذي الرواية
تابعونا
اتمنى لكم وقت طيب و متابعة ممتعة
__________________
?Đō ũ bεĪεīνε īή Ļύν
Ļīķε Ĩ bεĪεīνε Ĩή ρaīή
  #245  
قديم 03-22-2010, 06:33 PM
 
روووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووعة
وانتظر النهاية بفارغ الشوق
__________________
سبحان الله العظيم
سبحان الله وبحمده


فاضي دقيقتين؟
ادخل هنا
وشاركنا
هنا
مشاركة في دورة عيون العرب لتعليم الفوتوشوب خطوة بخطوة 2


يا كاشفني
ღ. ŚḿĨŁę ğĩŕĻ .ღ.
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 08:43 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011