قيدك أدمى معصمي - عيون العرب

**حمزه عمر** · #1 03-16-2009, 08:49 AM

بسم الله الرحمن الرحيم

قيدك أدمى معصمي

اخلاص القاضي - كثيرة هي المعاصم التي ادمتها قيود الشك القاتلة وحفرت في مساماتها تفاصيل كأنها نقوش قديمة وخرائط مفتعلة فيما هي جروح عملت في القلب والمعصم معا لا يداويها مبضع جراح تجميل ناجح ولا خبرة طبيب نفسي ماهر وفقا لاحدى السيدات اللواتي يعانين قهر الرجال ممن يتلذذون في ارتكاب الشك وايداع شريكاتهم سجن الظن بلا تهمة تذكر .
تبدأ الحكاية مع ( الشكاك ) وفقا للسيدة المقيدة - وهي واحدة من بين كثيرات يشاطرنها مآساتها - باسئلة تبدو بريئة ، اين كنت ، من اتصل بك ، ما هو الحديث الذي دار بينك وبين والدتك عبر الهاتف ، ماذا قال لك شقيقك عني ، لماذا خفض لك البائع سعر القميص الذي ابتعتيه للتو ، من بعث لك برسائل عبر الهاتف .. ؟
وغيرها من اسئلة تصبح مع الوقت مقيتة وقاتلة تتمحور في ( لماذا وكيف ومتى وماذا ... )..فيما هي في حقيقة الامر تنطوي على حالات مرضية لاشخاص يغلفهم الشك وتؤطر حياتهم الغيرة بمناسبة ودونها .
وتصف واقع الشك الذي يمارس عليها دون دليل يذكر( بالموت مع وقف التفيذ والسجن الانفرادي الذي يكون منزلة بين الاحكام العرفية وديكتاتورية التسلط تزهو بها شريحة من المجتمع الذكوري) ، معلقة .. وكان الاصل في العلاقة الزوجية وجود السلطة العليا التي لابد ان تنصاع لها اخرى تكون في مرتبة دنيا لتمارس على الاخيرة التعسف حتى تجاوزا لقاعدة '' نفذ ثم اعترض '' الى نفذ وليس لك اي حق بالاعتراض. ويخفف عبد القادر محمود 32 عاما - يعمل مترجما - من حدة غضب السيدة-ذات القيد الدامي- حين يؤكد ان كثيرا من الرجال منحوا ثقتهم لشريكاتهم ممن كن اهلا للثقة فيما تتصرف بعضهن تصرفات '' بحسن نية '' قد تكون غير مسؤولة ما يثير شك الرجل وهنا يتوقف الامر علي الشريكة التي من المفروض ان توحي لشريكها بالثقة الى اكبر حد ، وحتى لو لمست منه جنوحا نحو الشك كما يضيف فعليها ان تحاول قدر الامكان تخفيفه او تجفيفه من خلال الحوار والتفاهم والصراحة وتفعيل الاهتمامات المشتركة وتعزيز الرابطة الزوجية باي طريقة كانت .
وان يشك الزوج في كل شاردة وواردة من غير وجه حق امر قد لا تتقبله معظم النساء وقد تكون علاقته بزوجته بنيت على اسس غير واضحة او سليمة وفقا للمتخصص في علم الاجتماع الدكتور عبد العزيز الخزاعلة الذي يؤكد ان الاصل في العلاقة الزوجية المحبة والاتفاق والشفافية التي تبدد كل غموض قد يلوح في الافق.
وفي عالم الطب النفسي فان هنالك تشخيصا معتمدا في التصنيف العالمي العاشر للامراض والصادر عن منظمة الصحة العالمية وهو ان الغيرة والشك يصنفان ضمن الامراض الذهانية الاضطهادية بحسب استشاري الطب النفسي الدكتور جمال الخطيب الذي يفسر بان هذه الحاله هي جزء من وهم اضطهادي يصيب الانسان - وبالاخص الذكور - تجاه محيطه والزوجه على وجه التحديد اذ ان الزوج يتحول الى ''شكاك'' باي سلوك تقوم به الزوجة فيصبح مطاردا لها متعقبا اياها بالاسئلة ويحاصرها باجراءات ذات طابع تحقيقي .
ويتابع ان بعض مرضى الشك من الرجال يصعدون تصرفاتهم الرقابية على زوجاتهم مبتكرين طرائق مختلفة لاجل ذلك تتراوح بين الملاحقة والتنصت وتكليف اشخاص بالمراقبة والقيام بزيارات مفاجئة للبيت او العمل او الطلب من الابناء متابعة ما تفعله الزوجة في البيت اثناء غيابه وغير ذلك من تصرفات تنم عن حالة مرضية تحتاج الى علاج عاجل .
ويقود الشك وفقا للدكتور الخطيب الى العنف والضرب ذلك ان الرجال الشكاكين مقتنعين بخيانة زوجاتهم ولكنهم في حلقات مفرغة بحثا عن ادلة موجودة في عقولهم المحتوية على الصور والتخيلات الامر الذي يبقيهم اسرى لذلك ، حتى ان الشك قد يقودهم الى ارتكاب الجرائم مشيرا الى ان المصادر الطبية اطلقت على الشك '' متلازمة عطيل '' استنادا الى مسرحية ( شكسبير) الشهيرة حين اصيب فيها عطيل بمرض الشك تجاه زوجته ( ديدمونة ) الذي لم ينفك يشك بها الى ان قتلها .
وتزداد الشكوك المرضية اكثر لدى الاشخاص المدمنين على شرب الكحول او الحبوب المهدئة او اي مؤثرات عقلية حيث يكونوا اكثر عرضة من غيرهم للاصابة بحالات ذهانية خطيرة تحتاج الى علاج دوائي تتوقف مدته على شده الحاله من خلال استخدام ادوية معينة تعمل على اعادة التفكير السليم للمصاب .
وللذين لا يفرقون بين الشك العادي والمرضي فان الرجل الشكاك او حتى المرأة الشكاكة هم ممن يغرقون في التفاصيل وفي محاولات معرفتها الى درجة الملل و ازعاج الاخرين حين تشكل اسئلتهم المتكررة وغير المبررة عن ذات الموضوع عبئا على متلقيها وتنطلق من قناعاتهم الخاطئة والراسخة المبنية على تخيلات واكاذيب يصدقونها ويتعاملون على اساسها ، معتمدين على مشاهدات سطحية ومقارنات ظرفية يربطون بين بعضها بعضا ربطا ذهنيا ليس له اي اساس من الصحة .
وتلعب الوراثة دورها في الشك المرضي فيما يكون للبيئة اثر في ترجيحه او التقليل منه اذا وجد المريض به من يسانده او يأخذ بيده الى بر الامان وفقا للمتخصص في علم النفس الدكتور عمر الشواشرة الذي يرى انه ليس كل من يشك مريضا به على ان لا يسمح بتصاعده وصولا الى الحالة الذهانية الخطيرة التي يصبح معه الشك قاتلا .
وينوه الى ان '' الشخص الذهاني '' يعتقد بان كل الناس ضده او يخططون لقتله او تهميشه او يتكلمون عنه همسا او يضحكون عليه مشاطرا الدكتور الخطيب ضرورة خضوع المريض بالشك للعلاج قبل تطور حالته .
وقد حرم الاسلام الشك ( يا ايها الذين امنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اياكم والظن فان الظن اكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ) ، كما يذهب علماء الدين الى ان الشك يعد صورة من صور الظلم والايذاء للمسلم .