عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيــون الأقسام العلمية > علوم و طبيعة

علوم و طبيعة علوم الأرض و البحار, علوم النباتات, علوم الحيوانات, الفلك وعلوم الفضاء , و البيئة

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-21-2009, 09:08 AM
 
عالم النفس الذي أخفق في اختبار الذكاء

بسم الله الرحمن الرحيم

حكاية عالم النفس الذي أخفق في اختبار الذكاء



أ. د. تيسير صبحي - في شهر تموز (يوليو) الماضي كنا على موعد مع المؤتمر الدولي الأول حول التعليم النوعي وتربية الموهوبين والمبدعين الذي نظمه المركز الدولي لتطوير التعليم (The International Centre for Innovation in Education) والذي يعرف اختصاراً باسم (ICIE) وقد انعقد المؤتمر في العاصمة الفرنسية بمشاركة 56 دولة وأكثر من (400) مشارك ومشاركة. ومن الملاحظ غياب الدول العربية عن هذا المؤتمر باستثناء الأردن.
وفي الشهر الماضي انعقد المؤتمر الأوروبي حول الموهبة والإبداع في مدينة براغ التشيكية. وكان المؤتمر فرصة أخرى لاستكمال النقاش الذي دار حول الأوراق الرئيسة التي تمت مناقشتها في المؤتمر الدولي الأول حول التعليم النوعي وتربية الموهوبين والمبدعين في باريس. واللافت للنظر، أيضاً، ضعف المشاركة العربية في هذا النمط من الأنشطة العلمية والتربوية الدولية.
وتشكل المؤتمرات بالنسبة لي فرصة للالتقاء بزملاء وأصدقاء ينتمون إلى ميدان التخصص الذي أعمل فيه، وفي مقدمتهم، رينزولي، ستيرنبيرغ، فريمان، سالي ريس، دونالد تريفنجر، كين مكلوسكي، وغيرهم.
كما تساعدني هذه اللقاءات في تحفيز المتخصصين على تقديم نتاجات بحوثهم ودراساتهم للنشر في المجلة المحكمة للمجلس العالمي للموهوبين والمبدعين، والمعروفة باسم (Gifted and Talented International)؛ حيث أشغل منصب رئيس تحرير هذه المجلة منذ عام 2005.
عندما تعيش في الغرب تجد أنّ النوافذ المتاحة للبحث العلمي والدراسة الجادة مشرعة وواسعة. كما أنّ المؤسسات التي تعمل فيها توفر لك الإمكانات الكبيرة التي تمكنك من تحقيق إنجازات رفيعة المستوى. وفي المقابل تجد حملة الألقاب العلمية في دول العالم الثالث وكذا الحال في دول العالم الرابع والخامس يقضون جل وقتهم في البحث عن فرص الارتزاق وتأمين لقمة العيش. وما أن يبلغ ذلك الحد تجده يقفز في طموحاته ويبدأ رحلة البحث عن منصب ما يعمل من خلاله على تأمين رصيد المستقبل. وفي غمرة ذلك ينسى أبجديات تخصصه.
كثيرون هم حملة الألقاب العلمية. وفي مقدوري الساعة الادعاء بأنّ العلاقة بين عدد حملة الألقاب العلمية وبين درجة النماء والتقدم في بلادنا هي علاقة عكسية قوية؛ بمعنى أنّه كلما ارتفع عدد حملة الألقاب العملية انخفضت درجة النماء والتقدم. أضف إلى ذلك مساهمة جملة من العوامل التي أدت إلى تفاقم هذا الوضع الخطير. وبات اللقب هو الغاية، وتوظف السبل كافة من أجل الحصول عليه. وباتت دكاكين الشهادات منتشرة في بلادنا.
هذه مجرد خواطر كانت موضع معالجة في ذاكرتي قصيرة المدى. أما ذاكرتي طويلة المدى فقد كانت مشغولة في معالجة أمر آخر أرغب في عرضه من خلال هذه المقالة.
حدثني روبرت ستيرنبيرغ عن تجربته المريرة عندما كان في المرحلة الابتدائيّة. وإليكم الحكاية: كان ستيرنبيرغ في الصف الثالث الابتدائي، ويدرس في إحدى المدارس الأميركية. وفي بداية العام الدراسي خضع ستيرنبيرغ لاختبار ذكاء يتم بوساطته تحديد نسبة ذكائه. ومن المعروف أنّ نسبة الذكاء تشير إلى العلاقة بين العمر العقلي وبين العمر الزمني. وإذا افترضنا أن عمر ستيرنبيرغ حينذاك كان (10) سنوات، وتبين أنّ قدراته العقلية في مستوى (13) سنة؛ فتكون بذلك نسبية ذكائه (130). أي أنّ ستيرنبيرغ يعد من الطلبة الأذكياء بحسب معيار الذكاء. إلا أن واقع الحال أشار إلى غير ذلك، وأظهر أنّ ستيرنبيرغ يعاني من ضعف قدراته العقلية. وبفعل هذا المؤشر أصبحت حياته الدراسية مليئة بالتجارب غير السارة.
تمكن ستيرنبيرغ من تجاوز تلك المرحلة، وحاول بقدر المستطاع أنْ يحافظ على ديناميكية طاقته العقليّة، وعمل جاهداً من أجل كشف الممارسات غير التربوية والخاطئة التي تسود المدارس الأميركيّة حينذاك.
ولكن، ماذا فعل ستيرنبيرغ؛ وكيف تمكن من تحقيق إنجازات لم يسبقه إليها أحد؟ عندما أخفق ستيرنبيرغ في اختبار الذكاء بدأ رحلته في عالم تطوير اختبارات الذكاء؛ حيث قام وهو في الصف الثالث الابتدائي بإعداد اختبار ذكاء مبسط، وبدأ تجريبه على زملائه وزميلاته في المدرسة. واستمرت محاولاته إلى أن انتهى من دراسة المرحلة الثانوية.
وبعد ذلك اصطدم بمسألة اختيار التخصص. فكانت الأم تدفعه باتجاه دراسة الطب؛ وكان الأب يدفعه باتجاه دراسة الهندسة؛ وكان دماغه يدفعه باتجاه دراسة علم النفس. وفي المحصلة تمكن من إقناع الجميع بأنّه سيدرس هذا التخصص كي يتمكن من كشف أسرار الدماغ وتحديد ماهيّة الذكاء ومفهوم الإبداع. أضف إلى ذلك رغبته في تعرية الممارسات الخاطئة التي تسود التربية والتعليم حينذاك.
بدأ حياته الجامعيّة، وبذل قصارى جهوده في دراسة الأدب التربوي والتجارب العالمية في تطوير مقاييس الذكاء الفردية والجمعية، وتبين له أنّ الموهبة لا يمكن أنْ تقاس بوساطة اختبارات الذكاء فقط. وتمخضت محاولاته المتواصلة عن تطوير النظرية الثلاثية في الذكاء. وقد كانت ثلاثية لأنها تمثل ثلاثة أنماط من الأشخاص.
مما سبق، يتبين لنا أنّ الإنجاز العلمي الذي حققه ستيرنبيرغ يعزى إلى درجة عالية من الدافعيّة، ودرجة عالية من الالتزام والمثابرة من أجل كشف أسرار هذا المفهوم (أي مفهوم الذكاء). وهو لم يفكر لحظة واحدة أنّ الغرض هو الحصول على لقب علمي بأي وسيلة ممكنة. فكان له ما أراد، وبات ستيرنبيرغ من أبرز علماء علم النفس. كما أنّ نظرياته في جوهرها مشتقة من واقع الحال الذي يعيشه. وهو يسعى باستمرار إلى الإجابة عن تساؤلات يثيرها سلوك الإنسان، وقدراته، وميوله، واهتماماته، ونمط تعلمه، وغير ذلك كثير.
وقد شهدت حياته الأكاديميّة إنجازات كثيرة. وتمخضت تجاربه عن كثير من المفاهيم، والنظريات والنماذج. واذكر في هذا السياق نظريته الخاصة بالتعليم من أجل الحكمة؛ حيث أشار إلى أن الموهوب، بحسب هذه النظرية، هو الشخص الذي يتمتع بنسبة ذكاء مرتفعة، ودرجة من الإبداع، ودرجة من الحكمة. وهي جميعها في حالة انسجام وتناغم وتفاعل نشط.
وفي ضوء النقاش المعمق مع كل من رينزولي وستيرنبيرغ وتريفنجر توصلت إلى نتيجة مفادها أنّ علم النفس لم يتمكن حتى الساعة من مجاراة العلوم الأخرى ومن ضمنها علوم الحاسوب والبرمجة والهندسة بمختلف فروعها.
في عام 1978 كنت أدرس الفيزياء، وكانت لغات البرمجة من ضمن تفضيلات الدراسة لدي. إلا أنّ إمكانات الحاسوب حينذاك كانت محدودة للغاية. وفي عام 1986 بدأت الحواسيب الشخصية بالانتشار، وفي عام 1994 باتت الحواسيب الشخصية تغزو مجالات الحياة كافة. وفي عام 2008 أصبحت الاستخدامات المحوسبة لا تعد ولا تحصى. ومن يتتبع خط التطور التاريخي لهذا العلم وهذه التقانة يدرك أنّه سار بسرعة كبيرة جداً. وفي المقابل نجد أنّ العلوم التربوية وعلم النفس ما زالت تسير بخطى بطيئة، وما زالت إنجازاتها متواضعة.
وختاماً، لا يفوتني الساعة الإشارة إلى أنّ إنجازاتنا التربوية ما زالت محدودة، ولم تخرج عن إطار التقليد والمحاكاة؛ وهي مدفوعة برغبة جامحة لتحقيق منافع شخصيّة ضيقة؛ هي في أحسن صورها الحصول على الترقية الأكاديميّة.
ليست هناك وصفة جاهزة يمكن توظيفها للارتقاء بالتربية والتعليم والعلوم المتصلة بها. ولكن، في مقدور مؤسّساتنا الأكاديميّة اتخاذ جملة تدابير تساعد في إقالة العثرات وتحقيق درجة من التقدم في هذه الميادين الحضاريّة.
فولبرايت، جامعة السوربون - فرنسا
  #2  
قديم 02-06-2009, 04:02 PM
 
رد: عالم النفس الذي أخفق في اختبار الذكاء

  #3  
قديم 02-08-2009, 09:51 AM
 
رد: عالم النفس الذي أخفق في اختبار الذكاء

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جينا الرقيقة مشاهدة المشاركة
تسلمي جينا
  #4  
قديم 02-08-2009, 10:21 PM
 
رد: عالم النفس الذي أخفق في اختبار الذكاء

بارك الله فيكم ونفع بعلمكم
فعلامواضيع مميزه دوما
__________________
ربًي
أؤمْن كثًيرآ بأن المًسآإحْه الفآإصًله بين الحْلم ۆالۆآقْع مجْرد دعْآء
..
:ht:
  #5  
قديم 02-09-2009, 02:49 PM
 
رد: عالم النفس الذي أخفق في اختبار الذكاء

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحاسيس حالمه مشاهدة المشاركة
بارك الله فيكم ونفع بعلمكم
فعلامواضيع مميزه دوما
تسلمي احاسيس وبارك الله فيك
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الذكاء زهرة اليقين علم النفس 11 11-11-2012 09:35 PM
الطب النبوي ABUMOHANAD أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 2 09-02-2007 11:24 AM
الذكاء الروحي أطروحة القرن الحادي والعشرين بــو راكـــــان أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 2 02-19-2007 07:49 AM
الذكاء العاطفي......!! همس2009 أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 1 09-07-2006 07:53 AM


الساعة الآن 04:01 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011