يعيش الموريتانيون على إيقاع الملاعب الألمانية منذ انطلاق مباريات كاس العالم في التاسع من يونيو الجاري ..وتبث التلفزة الموريتانية عبر المحطة الأرضية كل المباريات بالصورة والتعليق نقلا عن قناة art القناة العربية التي انفردت من بين مثيلاتها هذا العام بشراء حقوق البث من راعي المونديال .

المفاجأة كانت كبيرة ولكنها سارة بالنسبة للمشاهدين الذين لم يتوقعوا أن يتابعوا هذا النقل الحي والمباشر للمونديال في حين ان الدول المجاورة لم تتمكن من شرائه ..

المحطة الأرضية للتلفزة الوطنية اغتنمت فرصة المونديال لتخصص مساحات من الوقت بغرض الإشهار حيث يبدأ بثها قبل انطلاق المباريات بنحو عشرين دقيقة تخصص كلها لطرح الأسئلة والإعلان عن الفائزين .

شركات وطنية تشارك بالتعاون مع التلفزة في تنظيم المسابقات اوديو-ماغ ..موريتل موبيل ..وماتل تقدم كل منها جوائز نقدية يومية بالإضافة الى جائزتي المليون أوقية وسيارتين رباعيتي الدفع لكل من ماتل وموريتل مخصصتين لليوم الأخير من المونديال ..السبيل للحصول على هذه الجوائز وعلى جوائز أخرى يبقى مرتبطا بالاتصال الهاتفي على أرقام مخصصة لذلك تعرض على الشاشة وتقرا عدة مرات في اليوم

الناس والمونديال والجوائز

فرحة الجمهور الرياضي بمتابعة المونديال الذي حرمت منه جماهير كثيرة في العالم كانت موازية لرغبة هؤلاء في الحصول على الجوائز الكبيرة المخصصة للفائزين في المسابقات ..ولذا لوحظ في الأيام الأخيرة أن شبكات الهاتف الجوال باتت ضعيفة التغطية بسبب الإقبال الكبير من المشاهدين على الاتصال بالأرقام التي تدر الأموال والسيارات .. فكرس الكثيرون وقتهم للجلوس أمام الشاشة الصغيرة طوال اليوم ليس لمتابعة أصداء الملاعب الألمانية فحسب ولكن أيضا للمشاركة في المسابقات .

شوارع نواكشوط تخلو من الشباب عند الظهيرة وحتى التاسعة ليلا والسبب هو الدخول إلى بيوت ثبتت فيها الأجهزة التلفزيونية.. ومن كان لا يملك قبل انطلاق المونديال وسيلة لالتقاط المحطة الأرضية للتلفزيون الموريتاني سارع إلى اقتناء أجهزة صغيرة متوفرة في الأسواق باسعار لا تتجاوز 500 أوقية .

المونديال هذا العام وككل دورة يصادف امتحانات المدارس والجامعات وخصوصا مسابقات الباكالوريا وشهادة ختم الدروس الابتدائية والإعدادية وهو ما أدى إلى انشغال الطلاب والتلاميذ بالمباريات إضافة إلى المسابقات التلفزيونية وقد عبر العديد من الاهالى عن خشيتهم من انعكاس ذلك على الاستعداد الذهني والنفسي للامتحانات ونفس الشيء عبر عنه مسؤلو المؤسسات التعليمة وتبرز الخشية أكثر لدى مسيري مدارس التعليم الخاص يقول احدهم سوف يحملنا الاهالى تبعات تردى النتائج خصوصا وأنهم يدفعون مبالغ شهرية تعويضا عن الدراسة لمدارس التعليم الحر ويضيف نجد حرجا من المونديال ..فالطلاب والتلاميذ يكرسون أوقات المراجعة لمتابعة المباريات ..لاحظنا زيادة في حالات الغياب في المساء ولما بحثنا عن السبب وجدناه متابعة المباريات كما أن مستويات أداء التلاميذ في الامتحانات النهائية بدت متراجعة نوعا ما ..

الشغف بالرياضة سمة تغلب على الأجيال الشابة وذالك بالرغم من تدني مستويات الفرق الرياضية الموريتانية وعجزها عن الظهور بمستويات مقبولة في المناسبات الرياضية القارية والإقليمية بيد أن البطولات الرياضية العالمية التي تبث عبر قنوات متخصصة قد صنعت جمهورا موريتانيا يتفاعل مع تلك الرياضة عند الآخرين ..بل ويحفظ عن ظهر قلب أسماء النجوم العالميين ويتابع أخبارهم دائما .

مسابقات وجوائز

ان يبتسم لك الحظ فتحصل على مبلغ 50000 أوقية وربما سيارة رباعية الدفع .او مبلغ مليون أوقية فما عليك سوى الاتصال على الأرقام المبينة على الشاشة وإذا لم تفز اليوم فربما تفوز غدا..هذا ما تقوله الإعلانات التي يبثها التلفزيون كل يوم وتسعى شركات الهاتف النقال بالتعاون مع التلفزيون إلى ان تجني من وراء هذه المسابقات أرباحا طائلة ..أما المواطنون فقد انكبوا على الاتصال على تلك الأرقام والإجابة على الأسئلة التي تأتي في الغالب في متناول الجميع ولكن البعض من المواطنين يشكك في شفافية اختيار الفائزين ويتهم الجهات الراعية لهذه المسابقات باختيار الفائزين مسبقا وحرمان الآخرين من الحصول على الجوائز المخصصة للمتسابقين ..وفي سعينا للبحث عن وجهة النظر الاخرى التقينا احد المسؤلين في التلفزيون الوطني.. وفند هذه الادعاءات قائلا إن عملية فرز الفائزين تتم بحضور الشركاء على الشكل التالي ممثل عن التلفزيون وممثل عن شركة موريتل وممثل عن شركة ماتل وآخر يمثل اوديو- ماغ ثم يضغط على زر جهاز الكمبيوتر الذي يخزن كافة المتصلين بالصوت ولدى توقفه بعد أن يجري دورات متعددة يكون الفائز هو من يساعده الحظ في أن يقف الجهاز عنده معطيا إشارة له بالفوز وعندها تقرر اللجنة ذلك القرار الذي اختاره جهاز الفرز ودون أن يكون للعامل البشري أدنى تدخل في عملية الاختيار

من اشترى حقوق البث التلفزيوني

التلفزيون الموريتاني أحدث مفاجأة كبيرة بنقله للمباريات في وقت لم يكن احد من المشاهدين يتوقعه بالنظر إلى صعوبة الحصول على حقوق البث وهو الأمر الذي أثار جدلا في الأوساط العربية خصوصا ..هذا النقل الذي تميزت به التلفزة الموريتانية أثار العديد من التساؤلات حول الجهة التي عملت على شرائه رغم تكاليفه الباهظة ..التلفزة الموريتانية أكدت ان عملية شراء حقوق البث لمباريات كاس العالم تمت بالتعاون بين التلفزة الموريتانية والحكومة دون أن تفصح عن تفاصيل المبالغ المدفوعة مقابله لكنها أكدت على دور الحكومة الكبير في شرائه ..وكان الإتحاد الأوروبي أعلن توفير شاشات كبيرة في عدد من المقاطعات في العاصمة نواكشوط لعرض أحداث كاس العالم للجمهور الرياضي ..وقبل ذالك سعى عدد من المواطنين لشراء بطاقات القنوات المشفرة لاستعمالها في نقل المباريات في غرف وقاعات يدفع الجمهور مقابل متابعته لها رسوما تذهب الى جيوب المسيرين لها.

آراء ..وانطباعات

تباينت آراء الجمهور حول بث المحطة الأرضية الموريتانية للمباريات بين من أثنى على الخطوة ومن استنكرها معربا عن رغبته في ان توجه الأموال التي رصدت لهذا الغرض إلى التخفيف من حالة الفقر التي يعيشها اغلب المواطنين يقول محمد سالم ولد العاقل اعتقد أن إهدار أموال تقدر بمئاة الملايين من الدولارات في نقل مباريات المونديال ليس واقعيا.. في وقت تنذر فيه المنظمات الدولية بحصول مجاعة في بعض مناطق البلاد ويضيف إن الرياضة ترف وكماليات ونحن أحوج إلى سد الرمق لا إلى متابعة مباريات ابعد ما نكون منها .

آراء أخرى تقول خلاف هذا الري ..محمد شاب في العشرينيات من عمره يقول اعتقد إن المجلس العسكري قد افلح في زيادة تأييد الناس له بأقدام الحكومة على خطوة كهذه.. إن متابعة مباريات المونديال أمر في غاية الأهمية وإذا كانت الحكومة السابقة تحصل عليه مجانا فان إرادة الحكومة الانتقالية في توفير نقله وبهذه المبالغ تنم عن رؤية عميقة لمتطلبات الجماهير وتؤكد حرصا رائعا على توفير المتعة للناس ولكنني أرى بالمقابل أن التلفزة الموريتانية نجحت في التفت الناس إليها بعد طول جفاء وأنها نجحت فعلا في خلق جمهر موريتاني يتابع برامجها باهتمام ويقدر لها هذه الوقفة الكبرى مع متطلبات جمهور المشاهدين وأتمنى أن تكرس جزءا اكبر من الوقت للدعاية للاستفتاء وخاصة في الأوقات الى يكون فيها الجهور مشدودا إلى لحظات المباريات الهامة وأتمنى أن تضع شعارا ثابتا على الشاشة مكتوب عليه نعم للدستور فلا يكفي فقط العلامات الموجودة على ملابس الصحفيين