عيون العرب - ملتقى العالم العربي

عيون العرب - ملتقى العالم العربي (https://www.3rbseyes.com/)
-   روايات الأنيمي المكتملة (https://www.3rbseyes.com/forum183/)
-   -   قلمٌ ذَهبيّ || قرية الزهور (https://www.3rbseyes.com/t530268.html)

- إكسينو. 08-21-2017 05:45 PM



الزهرة الثانية و الستون : ساحرة الفراغ..
" غوبر : يبدو أنها فعلًا النهاية... لَم اتخيل أن تكونَ نهايتي على يديكِ أنتِ بالذات.. لكنها تبقى نهايةً مناسبةً لشخصٍ مثلي... تخليتُ عَن عالمي، قريتي، أسرتي، أحلامي و حتى ذاتي... فقط لأنني تُقتُ لكِ... من أجلِ رغباتي الخاصة و أنانيتي، لَم أمانع يومًا تحويل نعيمِ البعضِ إلى جحيم... و في النهاية.. هذهِ الميتة المثيرة للشفقة... في تلكَ القرية المحترقة حتى الفحام.. هيأة تلكَ الجميلة و هيَ ترتوي بدماءِ أسرتي.. كانت فاتنة بكُلِّ بساطة... أجل فاتنة.. لا أهتمُ لَو تمَ الجماعُ على أنني حثالة بسببِ تفكيري هذا... فأنا رُغمَ كوني أبلغُ أربعةَ عشرةَ عامٍ فقط، أغرمتُ بها.. تلكَ الحقيقة التي احتفظتُ بها لنفسي طوالَ مائة و تسعة و عشرونَ عامًا.. سآخذها معي إلى قبري فقط... صحيح، لطالما ظنّ الاطفالُ أنني في الثانية و الثلاثونَ مِن عمري.. و هياتيَ الضخمة ساعدتهم على تصديقِ ذلكَ... السببُ وراءَ ذلكَ كونيَ أخبرتُ هايدن أنني في العشرينَ عندَ أولِ لقاءٍ ليَ معهُ تمامًا قبلَ اثنا عشرَ عامًا، هُم يظنونَ أنني أتقدمُ في العمرِ كُلَّ عامٍ تمامًا مثلَهُم.. لكنهم مخطئون، و إلا لما كُنتُ أقفُ هُنا حتى بعدَ مرورِ مائة و تسعة و عشرونَ عامًا... يا رجل أن أموتَ في السادسة و العشرونَ مِن عمري حقًا مثيرٌ للشفقة.. أظنُ أنني كُنتُ دومًا منَ النوعِ الذي يموتُ شابًا، لكن ليسَ النوع الذي يتهورُ في سبيل الآخرين... أنا قتلت، أحرقت، حطمت، و دهست آلاف البشر.. فقط من أجل أن أثبت لها أنني قويٌ و استحقُ الثناء !، و ها أنا يتمُ الدوسُ على قلبيَ كالحشرة... إيلينا... لطالما وددتُ مناداتكِ بذلكَ الاسمِ، ليسَ جلالتكِ، و لا ملكتي، و لا سيدتي، و بدونِ تعظيم.. الوداع.. محبوبتي إيلينا."
هوت سكينُ راين نحو عُنُقِ غوبر و إذ بها الدماءُ تتطايرُ في كُلِّ مكانٍ، و للمرةِ الثانيةِ يتلطخُ هذا الوجهُ الشاحب و الشعرُ الأسودُ بدماءٍ لا يدري كيفَ سالت، فهاهيَ تلكَ الحربة السوداء ذات الشريط البنفسجي نفسها تخترقُ الرقبة التي كانَ من المفترضِ لراين فصلها عن سائرِ جسدها، سادَ الصمتُ للحظةٍ و الصدمة شَلت تفكيرَ كُلِّ المتواجدينَ في المكانِ ليهوي جسدُ غوبر إلى الجانبِ مرتطمًا بالأرضِ بقوةٍ همسَ راين بخفوتٍ : نيغرو.. فينوس.
صوتٌ أنثويٌ تخللَ مسامعهُم بنبرته اللعوبة قائلا : يا للأسفِ... معَ أنني حذرتكَ غوبر.. و بصريحِ العبارة.. أنّ الفشل غيرُ مسموحٍ بهِ قطعًا... لقد خيبتَ ظني حقًا.
همست بياتريس دونما وعي : هيَ.. قتلت رفيقها...
هيَ ظهرت منَ العدمِ كما المرةِ السابقةِ تمامًا، لكن هذهِ المرةِ ليسَ لإنقاذِ حياةِ غوبر إنما لأخذها بعيدًا.
التفتت نحوَ بياتريس لتقول : مرّ وقتٌ طويلٌ حقًا.. آننا.. أم يجبُ أن اُناديكِ بياتريس الآن ؟.
تسائلت المعنية هامسة : آ.. ننا ؟.
فإذ برأسها يطنُ فجأةً و صورٌ تجتاحُ عقلها بسرعةٍ شديدةٍ، حوطت رأسها بكلا كفيها تصكُ على أسنانها بقوةٍ علّ الألمَ يتوقفُ
هتفَ لوكي بقلق : ما الأمر بيارين ؟
أردفت ذاتُ الرداءِ الداكن قائلة : اوه، لوكي لا يزالُ يعتبركِ أولويتهُ القصوى أيضًا.
قطبَ راين حاجبيهِ لتبرقَ عيناهُ بحدةٍ قائلًا : إيلينا فيكتوريون.
التفتت إيلينا ناحيتهُ قائلة : أولا، راين... كيفَ حالك ؟.
*اولا، مرحبًا.
راين : لماذا ؟، أليسَ منَ المفترضِ بهِ أن يكونَ حليفُكِ ؟.
ردت بعفوية : إنهُ مجردُ خادمٍ.. و من حقِ الملكةِ عقابُ الخدمِ المقصرين في عملهم.
راين : الملكة ؟، أنتِ ؟، الرأس الأعلى للنيغرو فينوس !!.
إيلينا : بالضبط، أنا الزهرة السوداء الأولى، ملكة الزهور و ساحرة الفضاء، إيلينا فيكتوريون.
هجمَ راين عليها بسكينهِ بسرعةٍ عاليةٍ غيرَ أنها قابلتهُ برفسةٍ قويةٍ دفعت بهِ بضعَ مترٍ إلى الخلفِ فهتفت ميرا بقلق : راين !.
إيلينا : أوتعلمُ راين ؟، غوبر ليسَ سوى اسمٍ مستعار... في الواقعِ هوَ كانَ أحدُ أطفالِ تلكَ القرية.. أنتَ تعلم.. قبلَ مائة و تسعة و عشرونَ عامًا.
أجفلَ راين الراكعُ على إحدى ركبتيهِ لتكملَ هيَ بعدَ أن التفتت نحوَ أليكسي و ميرا : وكذلكَ ليكس، أنا من أمرَ بقتلِ والدك أتعلم ؟، لقد قمتُ بغرسِ سكينٍ فضيةٍ مغمورةٍ بالماءِ المقدسِ في معدتهِ و ماتَ بعدَ أن انتشرَ العفنُ وصولًا إلى دماغهِ... لقد كانت ميتةً بطيئةً حقًا.
ماركوس الذي كانَ يجثو مصدومًا محدقًا بالفراغِ كانَ كَمن تلقى صفعاتٍ متتاليةٍ اختتمت بلكمةٍ قويةٍ على وجهه، أما راين و بعدَ سماعهِ لذلكَ توقفَ عن كبحِ نفسهِ أكثر
همسَ : تابو ماجيكو : بريساس ديمونيوس
*السحر المحرم **نسماتُ الجحيم.
ابتسمت إيلينا قائلة : التعويذة التي نالت من غوبر في المرة السابقة.. لكن للأسف.
سكتت لتردف : باثيو.
*الفراغ.
اتسعت ابتسامتها بعدَ أن لم يكن هُناكَ أيّ تأثيرٍ لتعويذةِ راين قائلة : كما ترى، لا يمكنُ لرياحكَ أن تنتشرَ في فراغي
إيلينا : الرياحُ و الفراغ، هذا هوَ سحري.. لا يمكنكَ الفوزُ ضديَ راين ديستيلا، لا أنتَ ولا أيُّ أحد.
حاولَ راين النهوض قائلًا : و كأنني سأخسرُ من شخصٍ يعاملُ رفاقهُ كالقمامة !.
ظهرت أمامهُ إيلينا قبلَ أن يتمكنَ من ذلكَ لتمسكَ بغرتهِ رافعةً إياهُ إلى مستواها لتقولَ بنبرةٍ مخيفة : أنتَ لا تفهم صحيح ؟، لهذا بالضبطِ أستطيعُ التخلصَ منكَ في أيِّ لحظة !.
وجهَ راين إليها نظراتٍ ساخطة ليهوي بسكينهِ نحوَ عنقها غيرَ أنها راوغتهُ بسهولةٍ فَلم تتلقى أي خسائرٍ سوى تمزقُ ردائها ليكشفَ عن عينيها الحمراوتينِ و شعرها الأسود ذو الأطرافِ البنفسجيةِ
اتسعت حدقتا عيني بياتريس لتهمسَ : ...لينا..


- إكسينو. 08-21-2017 05:45 PM



الزهرة الثالثة والستون : تَسَمُم.
همست بياتريس بصدمة : ...لينا.
ردت لينا بودٍ تتصنعُ الصدمة : يا إلهي بياتريس !، أمازلتِ تذكرينَ تلكَ المرأة ؟، يا لكِ من مسكينة.
نظرَ راين إلى بياتريس التي هتفت مندفعة : مستحيل !.. لكن لينا ماتت قبلَ خمسةِ أعوامٍ بالفعل... هيَ قامت بحمايتي.. كما أنّ لونَ الشعرِ العينين مختلف كذلك.. لَم أعد أفهمُ شيئًا.
ابتسمت إيلينا فجأة ثُمَ رَمت برأسِ راين نحوَ الأرضِ ليرتطمَ بها بقوةٍ شديدةٍ مما سببَ للأخيرِ صداعًا حادًا و طنينًا اجتاحَ أذنيهِ بقوة، هوَ بالكادِ اتكأ على كوعهِ ينظرُ إلى بياتريس بقلةِ حيلةٍ فتتجهُ هيَ نحوَ بياتريس دونَ أن تنطقَ بأيِّ كلمةٍ، عانقتها بشدةٍ بينما تقفُ الأخيرةُ متصنمةً تمامًا.
سألت إيلينا : هيي بياتريس... أتذكرينَ ماذا كانَ لونُ عيني لينا ؟.
لَم تقوى بياتريس على الإجابةِ فوجهت إيلينا سؤالها نحوَ لوكي قائلة : أتذكر ؟، لوكي.
أجفلَ لوكي ليزدردَ ريقهُ فأجابَ بتردد : بـ بنفسجي...
و فورَ ما أجابَ هوَ أدركَ ما كانَ مقصدها من سؤالهِ فربتت هيَ على شعرِ بياتريس بهدوءٍ شديدٍ قائلة
إيلينا : لقد استعملتُ تعويذةً لاستعادةِ لونِ عيني الأصليِ لمدة.. فالعينانِ الحمراوتانِ مخيفتانِ بعدَ كُلِّ شيء... صحيح ؟، بياتريس..
بياتريس : مـ ماذا ؟.
عانقتها إيلينا أكثر لتدمعَ عينا بياتريس فترفعُ يديها بمحاولةٍ منها مبادلة الأولى بالعناقِ غيرَ أنّ إيلينا وضحت : أعني.. إنهُ لونُ عيني الشخص الذي سلبكِ حياتكِ السابقة.. سيكونُ سيئًا لو استعدتِ ذكرياتكِ كمفتاح ألا تظنين ؟.
كزّ راين على أسنانهِ قائلًا : بما تتفوهونَ بحقِ الجحيم !، آننا ماتت !، لقد تمَ سحقُ أعضائها الداخلية !، و هيَ استخدمت ما تبقى من حياتها لتمنعَ أحدًا من الولوجِ إلى القريةِ مرةً أخرى !.
نظرت بياتريس إلى راين الجاثي خلفَ لينا و أمامها لتهمسَ متسائلة : لينا ؟..
إيلينا : كانَ منَ الضروريِ أن أقدمَ على تربيتكِ بنفسي.. لِأضمنَ أنكِ لن تفتحي بابَ القريةِ لغيري.. لكنَ الأمورَ لم تسري كما يجب.. الوداع بياتريس.. لا حاجةَ لي بكِ بعدَ الآن.
ما لبثت أن أنهت حديثها حتى طعنت خاصرةَ بياتريس منَ الخلفِ ففتحت الأخيرة عينيها على أوسعيهما بينما جفت دموعها تلقائيًا لتهمسَ بينما تتهاوى إلى الأرض : ليـ.. نا ؟.
إيلينا : إنها إيلينا، بياتريس.. لا، آننا.. سواءَ لينا أو بياتريس.. كلتاهما لم يكن لهما وجودٌ منَ الأساسِ.
سقطت بياتريس أرضًا و الدماءُ تسيلُ مِن جسدها بغزارةٍ بينما ابتعدت لينا مفسحةً المجالَ لرفاقِ الأولى بالتجمعِ حولَها، رفعها راين عن الأرضِ هاتفًا : بياتريس !!.
إيلينا : أتعلم راين ؟... الحيواناتُ البحرية هُنا تُعرفُ بسمها القاتل ما إن يلامسُ جسدَ الضحية فما بالكَ إن دخلَ جسدَ إنسان ؟.
اتسعت حدقتا عيني ماركوس ليسألَ مستنكرًا : أنتِ حقنتيها سمًا ؟.
إيلينا : صائب.. ذكيٌ كعادتكَ أليكس، و الآن، أليست حياةُ هذهِ المسكينة أهمَ مِن كُلِّ الأسئلة ؟
استعدت ميرا لشنِ هُجومها غيرَ أنَّ راين أوقفها هاتفًا : توقفي ميرا !، هيَ ليست خصمًا يمكنكِ التعاملُ معهُ !.
ميرا : لكن --
راين : رجاءً ميرا.. توقفي.
إيلينا : آستا لويغو.. راين.
*إلى اللقاء.
و كالمرةِ السابقةِ تحولت إلى دخانٍ أسودَ كثيفٍ ثُمَّ تشتتَ في العدمِ لتختفي.
ضربَ راين الأرضَ بقبضتهِ بقوةٍ ليهتفَ غاضبًا : تبًا لهذا !!.
همسَ ماركوس بينما ينظرُ إلى الأرضِ : آسف.. كُلُّ ما حدثَ بسببي...
قطبَ راين حاجبيهِ زافرًا بغضبٍ ليقول : أنتَ لستَ سببَ أيِّ شيءٍ سوى كونيَ حيًا الآن.. لذا اخرس و ساعدني في إيقافِ النزيف !.
التفتَ ماركوس نحوَ لوكي و همّ يقولُ شيئًا لولا كون الأخيرِ قاطعهُ قائلًا
لوكي : ثلاثتنا نتحملُ المسؤولية.. أنا لَم أشكَ بلينا طوالَ عشرِ سنواتٍ الماضية.. هيَ تلاحقُ راين.. و أنتَ صمتَ دونَ قولِ أيِ كلمة.. لذا جميعنا ملامون.
ماركوس : أنا فعلًا آسف...
راين : على أيّ حالٍ نحنُ بحاجةٍ لإحضارِ ترياق !، إن كُنتَ آسفًا حقًا أخبرني كيفَ وصلتَ إلى هذا العالم !.
تفاجأ ماركوس ليهتفَ سائلًا بقلق : مستحيل !، أتنوي العودةَ إلى هُناكَ حقًا سول !
ابتسمَ راين بهدوءٍ ليقولَ : سول.. هاه...
أشاحَ ماركوس بوجههِ إلى الجهةِ الأخرى ليردفَ راين : لم أتخيل يومًا أن تتمَ مناداتي بهذا اللقب مجددًا.. شكرًا لكَ ليكس.. هذا يشعرني بالسعادةِ نوعًا ما...
*للتذكير سول = شمس.
لمعت عينا ماركوس الذي شهقَ بخفةٍ فأردفَ راين : لا يمكنُ لأحدٍ مساعدتنا الآن سوى والدتي.. أنتَ تفهمُ هذا صحيح ؟... أعدكَ عندما أعود سنتحدثُ بالقدرِ الذي نشاء.. لكن علينا إنقاذُ بياتريس أولًا.
فتحَ ماركوس حقيبتهُ مترددًا ليقدمَ لراين زجاجةً شفافةً حوت مادةً زرقاءَ غامقة اللون فأخذها راين قائلًا : شكرًا لكَ ليكس.
عضَّ ماركوس على شفتيهِ ليهمسَ بتردد : توخَ الحذر.
أومأ لهُ راين بالإيجابِ ليسألَ لوكي : ما الذي تنوي فعلهُ راي تشي ؟.
فأجابَ المعني : سأعودُ إلى عالمي.. والدتي صيدلية ماهرة، معَ عينةٍ واحدةٍ من دمِ بياتريس تستطيعُ إيجادَ الترياقِ لها.
لوكي : أوليسّ ذلكَ المكان يشعركَ بالسوء ؟
راين : أتقولُ لي أن أتركَ بياتريس هكذا لسببٍ تافهٍ كهذا ؟.
لوكي : أوالدتكَ جديرةٌ بالثقة ؟.
راين : بدونِ أدنى شك، هيَ من ساعدني لتركِ عالميَ سابقًا من الأساس.
ابتسمَ لوكي قائلًا : شكرًا لكَ راي تشي.. لَن أنسى صنيعكَ ما حييت !.
ابتعدَ راين بضعَ خطوةٍ قائلًا : لا لستَ كذلك !، أنا اقومُُ بهذا من تلقاء نفسي !.
حلقت ميرا لتجلسَ على كتفِ راين فسألَ الأخيرُ موجهًا كلامهُ نحوَ ماركوس : إذًا ؟، كيفَ تعمل ؟.
ماركوس : اسكبها على الأرضِ و اخطو داخلها ثمَ ستجدُ نفسكَ أمامَ شجرةِ الدم.
فسكبها راين تحتَ قدميهِ لتشكلَ بركةً دائريةً تحيطُ بهِ كطبقةٍ رقيقةٍ منَ الزجاجِ الملونِ ليبدأ بالغرقِ داخلها و ميرا، سُكبت آخرُ قطرةٍ من السائلِ على الأرضِ و معها إختفى كُلٌّ من راين و ميرا لتتحطم البقعةُ الزجاجيةُ فتتلاشى شظاياها.


- إكسينو. 08-21-2017 05:46 PM



الزهرة الرابعة و الستون : الوطن.
عندما أدركَ نفسهُ كانَ الهدوءُ يُهيمنُ على محيطهِ، لا شيءَ سوى صوتُ تدفقِ المياهِ يتخللُ مسامعهُ، فتحَ عينيهِ البنفسجيتينِ بصعوبةٍ و أولُ ما أبصرهُ هوَ تلكَ السماءُ الرماديةِ المشبعةِ بالسحب، اعتدلَ في جلوسهِ متمسكًا برأسهِ و جالَ بنظرهِ في المكانِ بهدوءٍ، خلفهُ تلكَ الشجرةُ سوداءُ الجذعِ حمراءُ الأوراقِ ذات الجذورِ العريضةِ و التي يجلسُ على أحدها و حولهُ تلكَ البحيرة حمراءُ اللونِ تكادُ تمتدُ حتى الأفقِ لولا تلكَ الغابة التي تحدها و الجبالُ خلفها، و على إحدى ضفافها قلعةٌ رماديةٌ داكنةٌ على الطراز الغربي فأخذَ يتأملها بشرودٍ و قد مرّ شريطُ ذكرياتهِ السعيدةِ منها والحزينةِ داخلَ جدرانها
التفتَ نحوَ تلكَ الجنيةِ الصغيرةِ التي تنامُ قربيًا منهُ فأخذَ يهزُّ رأسها بسبابتهِ قائلًا : استيقظي ميرا.. حانَ وقتُ الذهاب.
اعتدلت ميرا بدورها لتتثائبَ بينما تفركُ عينيها الناعستينِ ثُمَ حَلقت تنظرُ إلى المكانِ حولها عَن كثبِ فقالت : أهذهِ بحيرةُ الدم، إنها تبدو أغربَ على أرضِ الواقع !.
همهمَ راين مجيبًا بينما يغمرُ يديهِ في تلكَ البحيرةِ مشكلًا بهما كأسًا بينما أردفت هيَ : و شجرةُ الدمِ أصغرُ من الشجرة العظيمة بكثير معَ أنها كبيرة...
رفعَ راين كفيهِ المليئان بالدماءِ مقربًا إياهما من فمهِ فردَّ موافقًا : معكِ حق...
ارتشفَ من تلكَ الدماءِ جرعة تلوَ الأخرى دفعةً واحدة ثُمَّ زفرَ بعمقٍ قائلًا : تبًا !، أشعرُ و كأنني عدتُ إلى الحياة !
ميرا : أيكفيكَ هذهِ الكمية الصغيرة ؟، بعدَ كُلِّ تلكَ المدةِ دونَ دماء ؟.
أجابَ : ليسَ هُناكَ متسعٌ منَ الوقت... الأولوية لبياتريس !.
زفرت ميرا بقلةِ حيلةٍ ليردفَ : لا بأس، سأشربُ بالقدرِ الذي أشاءُ داخلَ القلعة !.
ميرا : ماذا عن والدك ؟.
زفرَ بضيقٍ ليجيب : لنأمل أن لا يكونَ هُناك فقط.
ابتسمَ لها مردفًا : اجلسي على كتفي ميرا.
استجابت ميرا مِن فورها فتلولبت الرياحُ حولَهُما لتتكثفَ تحتَ قدمي راين رافعةً إياهُ إلى الأعلى فحلقا وصولًا إلى القلعةِ فهبطَ راين أمامَ جدرانها
حدقَ راين بها مجددًا ليهمسَ لنفسهِ قائلًا : لَم تتغير و لو قليلًا هاه..
هوَ بللَ شفتيهِ مزدردًا ريقهُ بينما قبضَ كفهُ بشدةٍ لتلاحظَ ميرا قبضتهُ المرتجفة فحلقت نحوها تمسكُ بها بيديها الاثنتين
حدقَ بها راين بدهشةٍ لتقولَ هيَ : ابذل جهدكَ !.
ابتسمَ لها ليسحبَ كفهُ من بينِ كفيها بهدوءٍ ثُمَّ يربتُ على شعرها بسبابتهِ هوَ همسَ محدقًا بوابةِ القلعة قائلًا : حقًا عليَّ شكرُ الشخص الذي استبدلَ الحراس بجهاز الحراسة.
أحنت ميرا راسها إلى الجانبِ قائلة : لِمَ ؟.
ابتسمَ راين بهدوءِ لتعصفَ الرياح أعلى البوابة مدمرَةً تلكَ البلورات التي تطفو فوقها قائلًا : لأنهُ يسهلُ تعطيله !.
فزعت ميرا قائلة : مـ مهلًا لو انكسرَ هذا الشيء سيطلقُ إنذارًا !!
رغمَ هذا لَم تُكسر البلورات فحدقت بها بتعجب ليجيبَ راين : تعطيله !، لا تدميره، كيفَ بحقِ الجحيم تظنينَ أني نجحتُ في التسلل من القلعة كُلَّ ليلةٍ عندما كُنتُ طفلًا ؟.
مدَّ يديهِ نحوَ قضبانِ البوابة الحمراء بترددٍ بينما يزدردُ ريقهُ تباعًا و ما إن كادَ يلمسها حتى استوقفتهُ ميرا محذرة : مهلًا !.. أواثقٌ أنتَ كونَ أختكَ لن تكونَ كأخيها ؟.
ابتسمَ راين مجيبًا : لا بأس.. لا ماري و لا لوكا أشخاصٌ سيئون.
أمسكَ راين بأحدِ القضبانِ يدفعُ البوابةَ إلى الأمامِ ببطءٍ لتصدرَ صريرًا عاليًا، أخذَ نفسًا عميقًا و حدقَ بتلكَ الحديقة التي تلونت بورودٍ بيضاء، حمراء و سوداء فعضَّ على شفتهِ السفليةِ متحاملًا على نفسهِ
قالت ميرا مهونةً : راين.. هذهِ الزهور و تلكَ الزهور أمرانِ مختلفان تمامًا.
رفعَ أسنانهُ عن شفتهِ فاتحًا فاهُ قليلًا فازدردَ ريقهُ ليقولَ بصوتٍ مرتجف : معكِ حق.. أجل..
دخلَ القلعةَ بخطواتٍ بطيئة متوجهًا نحوَ غرفتهِ السابقة، دفعَ ذلكَ الباب البني ليطلَ على تلكَ الغرفة سوداء و ذهبية التصميم
قالَ : لَم أتصور أن تكونَ نظيفة بهذا الشكل...
خطا إلى الداخل و أوج من الذكريات يجتاحُ عقلهُ، وقفَ أمامَ السريرِ يتلمسهُ متذكرًا حينَ أفاقَ بعدَ تلكَ المأساة التي حلت بتلكَ القرية و وجود أليكسي قربهُ، توجهَ نحوَ ذلكَ الدرج الذي فتح قبلَ مائةٍ و تسعةٍ و عشرونَ عامًا و حملَ تلكَ السكين الفضية نفسها التي حملها قبلا بنيةِ إنهاء حياتهِ و هو يفكرُ كم أنهُ كانَ محظوظًا بوجودِ أليكسي وقتها ليمنعهُ عن ذلك، وضعَ السكينَ مكانها متلمسًا سطح المكتبِ بشرودٍ حتى انتشلهُ صوتُ صريرِ الباب يفتحُ من شرودهِ معيدًا إياهُ إلى الواقعِ، التفتَ إلى البابِ فإذ بهِ يبتسمُ بلطفٍ فورَ رؤيتهِ لمن يقفُ على عتبتهِ


- إكسينو. 08-21-2017 05:47 PM



الزهرة الخامسة و الستون : اشتقتُ إليكَ.
وضعَ السكينَ مكانها متلمسًا سطح المكتبِ بشرودٍ حتى انتشلهُ صوتُ صريرِ الباب يفتحُ من شرودهِ معيدًا إياهُ إلى الواقعِ، التفتَ إلى البابِ فإذ بهِ يبتسمُ بلطفٍ فورَ رؤيتهِ لمن يقفُ على عتبتهِ
همسَ صوتها الناعمُ بهدوء : أ- أخي الأكبر...
حدقت عيناها البنفسجيتانِ بهِ باتساعٍ بينما نسيت فاها مفتوحٌ لتنزلَ دموعها بغزارة، أخذت تمسحها سريعًا غيرَ أنَّ الأخيرة تأبى التوقف
روزماري : ماذا ؟، إنها لاوتتوقف.. لـ لا بد بأنني أحلم..
اقتربَ منها راين ليحتضنها بقوةٍ فهمسَ في أذنها مطمئنًا : هذا ليسَ حلمًا ماري... لقد عدت.
بادلتهُ شقيقتهُ العناقَ فقالت من بينِ شهقاتها : لقد اشتقتُ إليكَ !، اشتقتُ إليكَ حقًا !، أخي الأكبر !!.
ربتَ على رأسها بهدوءٍ ثُمَ قادها نحوَ سريرهِ يجلسانِ على الحافةِ معًا، أحاطَ وجنتيها بكفيهِ آخذًا يمسحُ دموعها بإبهاميهِ بلطفٍ
قالَ : لا تبكي ماري.. ستفسدينَ جمالَ عينيكِ.
اكتفت بالإيماءِ إيجابًا متمسكةً بيديهِ لتهمس : أنتَ حقًا هُنا.. لا أصدقُ ذلكَ..
أردفت بقلق : لكن كيف ؟، لوكا ني لم يفعل شيئًا صحيح ؟، أعرفُ أنَّ آلي تشان لن يفعل لكن لوكا ني قد تغيرَ كثيرًا..
ابتسمَ لها راين بلطفٍ مجيبًا : لا بأس، لقد جئتُ إلى هُنا بإرادتيَ الخاصة.. لا أحدَ يعلمُ لذا ابقيهِ سرًا حسنًا ؟.
أومأت ماري إيجابًا ثُمَ سألت : لكن لِمَ عدتَ إلى هذا المكان الفظيع ؟.
تحولت ملامحهُ إلى الجدية ليقولَ : استمعي إليَّ جيدًا ماري، و إلى ماوحدثَ معي خلالَ السنةِ الأخيرة.
أومأت لهُ روزماري إيجابًا ليبدأ بسردِ ما حدثَ معهُ إبتداءً من كيفَ أبحرَ مع غوبر داخل مثلثِ الشيطانِ و كيفَ انتهى بهم الأمر في مقبرة الجشعِ و لقائهِ مع بياتريس، أخبرها عن سكانِ أتلانتس و عن غابة المساءِ ووالشجرة العظيمة و كذلكَ الجزيرة العائمة و غابة المحيط، عن لوكي و هاري، جوليا، روبي وعن كُلِّ شيءٍ بالتفصيل، بينما كانت روزماري تعرفُ كُلَّ تلكَ الأمورِ كونها تراقبهم بفضلِ ماركوس لكن ما أمتعها حقًا هي سخرية أخيها و تعليقاتهِ المضحكة على أشدِّ الأوضاعِ جديةً و قسوة.
راين : و لذلكَ، أحتاجُ رؤيةَ أمي من أجلِ الترياق.
روزماري : فهمت !، إذًا سأساعدُ أخي الأكبر أيضًا !، سأتركُ المكانَ معكَ حينَ تغادر !.
اعترضَ راين من فورهِ : لا تستطيعين، سيكونُ خطرًا !.
ابتسمت روزماري قائلة : لكنكَ ستحميني صحيح ؟.
حدقَ بها راين متفاجئًا فابتسمَ لها بلطفٍ بدورهِ وربتَ على شعرها مجيبًا : بكلِّ تأكيد.
ثُمَ أردفَ سائلًا : لكن إن كُنتِ حقًا تراقبيننا من خلالِ ليكس طوالَ الوقتِ كيفَ لكِ أن لا تعرفي شيئًا بشأنِ غابة المحيط و قدومي إلى هُنا ؟.
هي أخفضت نظرها إلى الأسفلِ مجيبة : بشأنِ هذا أخي الأكبر.. لقد كُنا مشغولينَ في التحضير لمراسمِ سن الرشد.
سألَ راين متعجبًا : سن الرشد ؟.
روزماري : بدأوا يقومونَ بها بعدَ أن رحلتَ.. أصبحوا يقيمونها لمن يبلغُ السابعة عشرةَ من العمرِ.. هُم يشربونَ فيها دماءَ البشرِ لأجلِ الخلود.. و بالطبع هيَ تقامُ للنبلاءِ أو أصحابِ القوة السحرية الكبيرةِ فقط..
سكتَ راين دونَ إجابةٍ لتردفَ هي : لقد امتنعتُ عن شربها بحجةِ أنني أودُ أن أبدو بالغةً أكثر لكن.. لوكا ني قد...
أخذ راين نفسًا عميقًا مغلقًا عينيهِ مقطبًا حاجبيهِ : قبلها دونَ تردد.
أومأت روزماري بهدوءٍ و الحزنُ يهيمنُ على ملامحها لكنها سرعانَ ما وجهت نظرها نحوَ ميرا لتهتفَ بسعادة : إذًا فأنتِ هي ميرا !، لطالما وددتُ شكركِ لبقائكِ قريبًا من أخي !، لذا شكرًا لكِ على كُلِّ شيءٍ ميرا.
ابتسمت ميرا بلطفِ لتقول : لأقولَ الصراحةَ لقد ظننتُ أنكِ كتوأمكِ الأحمقِ ذاكَ لكنكِ لطيفةٌ حقًا، سررتُ بلقائكِ ماري !.
روزماري : و أنا كذلكَ !.
التفتت نحوَ راين لتنهض مبتسمةً فقالت : لا بدَّ و أنكَ عطش !، سأذهبُ لجلبِ بعضِ الدماءِ لأجلكَ اخي.
بادلها راين الابتسامةَ مومئًا بالإيجابِ لتخرجَ مغلقةً البابَ خلفها فإرتمى راين على سريرهِ بتعبٍ واضحٍ مغطيًا عينيهِ بساعدهِ الأيسر لترتسمَ ابتسامةٌ خفيفةٌ على شفتيهِ، بعدَ بضعِ دقيقةٍ أقبلت روزماري على الغرفةِ تحملُ دلوًا و كوبينِ بينَ يديها
أغلقت البابَ خلفها بينما تقول : لقد عدتُ أخي.
لم تتلقى أيَ إجابةٍ فالتفت نحوَ سريرهِ فتجدهُ قد غطَّ بالفعلِ في نومٍ عميق، كانَ نائمًا على جانبهِ الأيمنِ متوسدًا كفَ يمينهِ و ميرا قربهُ فأشارت لها الأخيرة بأن تلتزمَ الهدوء لتقتربَ ماري من شقيقها تداعبُ شعرهُ الناعم، و ها هيَ عينهُ اليسرى تذرفُ بضعَ دمعةٍ كالعادة.


- إكسينو. 08-21-2017 05:48 PM



الزهرة السادسة والستون : الصيدلية إيفا.
الظلامُ يعتنقُ كُلَّ ما حوله مغرقًا إياهُ ببحورهِ
هوَ همسَ بتعبٍ : أينَ.. أنا ؟.
قطرة سقطت وسطَ الظلامِ ليليها صوتُ تلكَ الطفلةِ قائلة : أختكَ الصغرى إلى جانبكَ، أليسَ هذا رائعًا ؟، ران تشان..
راين : سا..را ؟..
سألَ إدغار : هيي راين.. لِمَ أنتَ سعيد ؟، ألا تعتقدُ أنَّ هذا خاطئ نوعًا ما ؟.
سارا : هذا صحيح !، هُناكَ خطأ ما بكلِّ تأكيد !، أعني لِمَ عساكَ تكونُ سعيدًا وأنتَ لم تفعل شيئًا جيدًا يذكرُ في حياتكِ قط !.
إدغار : أرأيت ؟، حتى سارا تظنُ ذلكَ !، إنهُ غريب تمامًا !، توقف عَن كونكَ سعيدًا !.
عَمّ الصمتُ للحظةِ ليكسرهُ صوتها : ما الأمر ران تشان ؟، لِمَ لا تجيب ؟.
قالَ إدغار ساخرًا : لقد فهمت !، أنتَ تشعرُ بالذنبِ و الندم !، الندمُ لأنكَ تخليتَ عنا !، الندمُ لأنكَ التقيتَ بنا !، لأنكَ تجاوزتَ الحدود المرسومة لكَ بكلِ وقاحةٍ و إهمال !!.
سارا : لكن..
أكملَ إدغار : ندمكَ لن يغيرَ شيئًا... لن..
سارا : يعيدَ الموتى إلى الحياة.
استيقظَ معتدلًا في جلوسهِ فزعًا يلهثُ بشدةٍ و شعورٌ بقلبهِ و كأنهُ قد سقطَ في معدتهِ يفتكُ بكلِ خليةٍ في جسدهِ، كأنَّ حنجرتهُ على وشكِ الخروجِ من حلقهِ و بالبردِ يرعشُ في جسدهِ المرتجف، هو بقيَ شاردًا محدقًا بالفراغِ في محاولاتٍ منهُ لتهدأة نفسه، عقلهُ يقولُ لا بأس لكنَ جسدهُ يأبى الاستجابةَ والحراك،تخللَ مسامعهُ خشخشةٌ هي لتحركِ الملائاتِ قربهُ لتظهرَ حمراءُ الشعرِ من بينها بشعرها المنفوشِ و عينيها الناعستينِ تتثائبُ بشدةٍ
قالت : صباح الخير.. أخي الأكبر...
ابتسمَ لها بهدوءٍ مربتًا على شعرها فأجاب: صباحُ الخير ماري.. أنمتِ جيدًا ؟.
عانقت ذراعهُ بشدةٍ متكأة على كتفهِ فهمست بسعادة : أجل.. إنهُ بفضلِ كونكَ قربيَ أخي.
فتحت عينيها تنظرُ إلى وجههِ فتحسست وجنتهُ سائلة : ما الأمر أخي ؟، لِمَ تبكي ؟.
أشاحَ بوجههِ عنها سريعًا ليغطيَ كفهُ بكمِ يدهِ و يبدأ بفركِ عينيهِ بسعادهِ بقوةٍ هاتفًا : لا شيء !، مجردُ حلمٍ سيء !.
تركت روزماري السريرَ لتبرزَ ميرا النائمة على إحدى الوسائدِ على حافةِ السريرِ فسكبت الأولى من الدلوِ دمًا إلى الكوبينِ و قدمت أحدهما إلى راين
قالت : أولًا عليكَ بشربِ البعضِ و استعادة عافيتك!، فحينَ لا نشربُ من الدمِ كفايتنا تطاردنا كوابيسٌ و هلوساتٌ مزعجة !.
ابتسمَ لها راين آخذًا الكوبَ من يدها ليشربهُ دفعةً واحدة فقال : أنذهب ؟، إلى حيثُ والدتي...
و في مكانٍ آخر... مكانٌ مظلمٌ يضيئهُ سوى نورٌ خفيفٌ مسلطٌ على تلكَ الطاولات التي ازدحمت سطوحها بالأوراقِ و الأنابيبِ المخبريةِ و الدوارق الحاوية على سوائلٍ بشتى الألوانِ فضلًا عن علبِ المساحيقِ و قناني الغازِ المقعدية الصغيرة، ثُمَّ مكتبٌ غمرتهُ الأوراق حتى آخرِ إنشٍ منه فحجبتهُ بالكاملِ و تلكَ المرأة بشعرها الأحمر الداكن الطويل و المجعد المبعثر بفوضويةٍ تامةٍ تنامُ على سطحِ المكتبِ بهدوءٍ ففُتحَ بابهُ ليعكرَ مزاجها ويفسدَ نومها
همهمت بانزعاجٍ بسببٍ صريرهِ العالي ثُمَّ قالت متململةً بينما تنهض : سواءَ ماري أم لوكا، كم مرة عليّ أن أقولَ لكم ابتعدوا عن مخبري !.
لكن ما صدمها كانَ صوتًا لم يتخلل مسمعها منذُ قرنٍ و ثلاثةِ عقودٍ منَ الزمنِ تقريبًا
قالَ : أعتذرُ عن التطفلِ أمي.
رفعت رأسها بسرعةٍ نحوَ مصدرِ الصوت لتقفَ مصدومة : راين !.
اقتربت منهُ لتحوطَ وجههُ بكلا كفيها فقالت : لقد كبرت حقًا !، حتى أنكَ أمسيتَ أطولَ مني !.
ضربت رأسهُ بكفِّ يدها لتردف : كم مرة أخبرتكَ أن لا تناديني بأمي !، لا تجعل مني عجوزًا !.
هو قهقهَ بهدوءٍ فقال : أرى أنكِ لم تتغيري أبدًا !، إيفا...
ثُمَ تذمرَ مستكملًا : كُلُّ الناسِ يستقبلونَ بالأحضانِ عندَ عودتهم إلا أنا يتمُ إستقباليَ بضربةٍ على رأسي !.
عانقتهُ إيفا على حينِ غرةٍ و اعتصرتهُ بقوةٍ لتجيب : لا تكن سخيفًا !، أنتَ أكبرُ أولادي فكيفَ لي أن لا أحتضنك ؟، مرحبًا بعودتكَ عزيزي...
بادلها راين العناقَ من فورهِ بينما يشعرُ بالنيرانِ تتأججُ في صدرهِ و قلبهِ فهمّ بعضِ شفتهِ السفلية مانعًا نفسهُ من البكاءِ، فمهما كانَ هذهِ والدتهُ التي لم يحتضنها منذُ قرنٍ و ثلاثةِ عقود.
همسَ بصوتٍ مرتجف : لقد اشتقت إليكِ كثيرًا.. حقًا.
ما لبثَ أن أنهى جملتهُ فإذ بدموعٍ حارةٍ تسيلُ على رقبتهِ فهي و على عكسهِ لم تحاول أبدًا قمعها، أمسى راين غير قادرٍ على الحركةِ أو النطقِ بأيِّ حرفٍ لبضعِ وقتٍ لكنهُ استجمعَ شتاتَ نفسهِ في النهايةِ ليهمسَ بهدوء
راين : بربك !، تبكين ؟، لا أصدق أنّ إيفا تبكي !.
تذمرت إيفا منزعجة : اخرس !، و إن يكن ؟، أنا شيطانةٌ تملكُ مشاعرَ أيضًا !، ماذا تظنني وحشًا؟.
اكتفى راين بالقهقهةِ بهدوءٍ بينما هي تحتضنهُ إليها أكثرَ فأكثرَ ليستمرا على هذهِ الحالةِ بضعَ وقتٍ.


- إكسينو. 08-21-2017 05:49 PM



الزهرة السابعة و الستون : عائلة.
أبعدَ راين إيفا عنهُ بهدوءٍ بينما لا يزالُ متمسكًا بكتفيها، تأملَ وجهها ليبدأ بمسحِ دموعها مبتسمًا
قالَ : هيا، كفي عن البكاء حسنًا ؟.
مسحت ميرا دموعها لتقولَ : لا داعي للتظاهرِ بالقوةِ راين.. أشعرُ بقلبكَ يحترق..
هتفَ راين منزعجًا : اخرسي!.
نظرت إيفا إلى ميرا سائلة : من هذهِ القزمة ؟.
أجفلت ميرا تحدثُ ذاتها : لقد نعتتني بالقزمة !!.
نظرَ راين إلى ميرا بدورهِ قائلًا : صحيح، إيفا، هذهِ ميرا متعاقدتي، ميرا، إيفا، والدتي.
انحنت ميرا قائلة : سررتُ بلقائكِ، إيفا ساما
زفرت إيفا مجيبة : لاداعي لألقابِ التعظيم، إيفا وحدها تكفي.
تمسكت إيفا بكفِّ يدِ راين تسحبهُ و ماري للجلوسِ على ثلاثٍ من أصلِ أربعِ كراسٍ فارغةٍ على جانبي المكتبِ
قالت : إذًا ؟، أستتكلمُ أم ماذا ؟، أينَ كنتَ حتى الآن ؟، ماذا فعلتَ ؟، كيفَ أبليتَ ؟.
راين : في ذلكَ اليوم، لقد انتقلتُ إلى عالمِ البشر... هُناكَ التقيتُ معلمي، تدربتُ تحتَ يدهِ على سحرِ الرياحِ و أنا أتقنهُ تمامَا الآن، مرت السنينُ و توفيَ بينما بدأتُ أنا أجوبُ العالم فقط، و قبلَ عامٍ و نصفِ عامٍ من الآن وجدتُ الطريقة لبلوغِ هدفي و ها أنا في طريقيَ إليهِ.
إيفا : هذا فقط ؟.
أومأ راين بالإيجابِ قائلًا : معَ ذلكَ قلةٌ منَ الشياطينِ استطاعوا بلوغَ ذاكَ العالمِ كذلكَ، انتشرَ بينَ البشرِ كونَ الشياطين مخلوقات تملكُ عيونًا حمراء ياقوتية مرعبة و يقتاتونَ على دماءِ البشرِ.. لقد أصبحنا مصدرَ رعبٍ لهم.
إيفا : على عكسِ البشر، نحنُ نمتلكُ شجرةَ الدمِ لتزودنا بما نحتاجهُ من غذاء لنعيش... نحنُ لا ندخلُ حروبًا مع بعضنا و لا نقتاتُ على كائناتٍ حيةٍ أخرى.. و لم يسبق لنا أن قتلنا من أجلِ المتعة.. مما جعلَ البشرَ مجردَ خرافةٍ يخيفون بها الأطفال ليحافظوا على موعد النوم... لكن الآنَ أصبحَ العكسُ تمامًا.. و كلُّ ذلكَ بسببِ والدكَ و تلكَ المرأة.
تمتمَ راين قائلًا : المسؤولية تقع على عاتقي قبل أن تقعَ على عاتقِ أيِّ أحدٍ آخر..
ثُمَ أردفَ سريعًا : بالمناسبة، لم أشعر حتى بحظورِ والدي في المكان، هوَ ليسَ هُنا ؟.
أومأت إيفا لتقول : أجل.. هو غادرَ المكانَ قبلَ ثلاثةِ أيام.. إذًا بأيِّ غايةٍ جئتَ إلى هُنا ؟.
حكى لها راين القصة إبتداءً من صعودهِ على متنِ السفينة و حتى وصولهِ إلى هُنا فهمهمت متفهمةً : لقد فهمت، باختصار إنتَ تودُ مني انقاذَ حبيبتك.
هو أجفلَ فزعًا لتكتسيَ وجههُ حمرةٌ خفيفة فهتفَ منزعجًا : هي ليست كذلك !.
بينما أخفت ماري فاها بذراعيها معبرةً عن صدمتها من صراحةِ والدتها
قالت الأخيرة متذمرة : يا رجل وجهكَ كتبَ عليهِ أحبها.
عضَّ راين على شفتهِ : هي مجردُ طفلةٍ حمقاء !.
ضحكت إيفا حتى أدمعت عيناها ثُمَّ قالت : سأساعدُ بكُلِّ سرورٍ.
تحولت نبرتها إلى الجدية : على أيِّ حالٍ راين.
همهمَ راين مستفهمًا لتردف : كيفَ تزودتَ بالدمِ كُلَّ تلكَ الفترة ؟، عيناكَ لا تزالانِ بنفسجيتانٍ تمامًا، أنتَ قطعًا لم تشرب قطرةَ دمٍ بشريٍ واحدة
سكتَ دونَ إجابةٍ لتكمل : أنتَ لم تشرب من دمكَ صحيح ؟.
أخفضَ راين رأسهُ إلى الأسفلِ و اكتفى بالصمتِ لتنهض إيفا منفعلةً
هتفت : أجننت !!، بِمَ كُنتَ تفكر !، ما قمتَ بهِ أشبهُ برميِ نفسكَ في الجحيم !!.
راين : آسف.. لَم يكن أمامي خيارٌ آخر...
ابتسمَ بانكسارٍ ليردف : لكن من وصفهُ بالجحيمِ لم يكن يمزح.
أمسكت روزماري بكفِّ يدهِ بمحاولةٍ للتخفيفِ عنهُ بينما ملامحُ الحزنِ تهيمنُ على وجهها
أمسكت إيفا بخدهِ بلطفٍ قائلة : أنتَ أحمق رائع !، لكنكَ أحمقٌ أكثرَ من كونكَ رائعًا !، و كمكافئة أعدكَ بأن أنتهي من الترياق خلالَ ثلاثةِ أيام !.
هو تمسكَ بيدها ليهتفَ بسعادة : حقًا ؟، بهذهِ السرعة ؟.
أومأت لهُ إيجابًا ليحتضنها بقوةٍ مردفًا : أشكركِ جزيلًا !، شكرًا لكِ أمي !.
تذمرت إيفا : أخبرتكَ أن لا تناديني أمي !.
راين : بربكِ !، أستحرمينَ ابنكِ الذي لم يركِ منذُ قرنٍ من هذهِ الكلمة ؟.
أجابت متفاجئة : و- وجهةُ نظر...
قضى راين و روزماري بالإضافة إلى ميرا وقتهم في غرفةِ الأول يمزحونَ و يقصونَ على بعضهم بعضَ المواقف التي صادفتهم حتى الآن أو يقلدونَ أشخاصًا بشكلٍ مضحك فإن لمحَت بياتريس أو أحدُ رفاقِ راين الأخير الآن لما عرفهُ فهوَ رغمَ طبيتهِ و اندفاعه إلا أنهُ فاترٌ عكسَ الآن تمامًا، حلَّ الليلُ و لم تعد إيفا قادةً على مقاومةِ رغبتها في رؤيةِ أكبرِ ابنائها، هي ماتزالُ غَيرَ مصدقةٍ لكونهِ أصبحَ شابًا بعيدًا عنها، فتحت بابَ غرفتهِ بهدوءٍ شديد لتقبلَ على الغرفةِ فإذ بها ترى روزماري و قد نامت قربَ أخيها لتدركَ إيفا كونَ ابنتها لم تترك جانبَ شقيقها منذُ وصلَ و حتى الآن، اقتربت منهما تمسحُ على شعرِ ابنها الأسود بهدوءٍ شديدٍ نزولًا إلى وجهه ثُمَّ إلى رقبتهِ، عانقتهُ و أخذت تشبعُ نفسها من رائحتهِ التي افتقدتها كثيرًا ربما أكثرَ من افتقادهِ هوَ لها، دفنت وجهها في صدرهِ ليتخللَ مسامعها صوتُ تمتماتهِ بطلاسمَ عجزت عن فهمها رفعت رأسها تنظرُ إلى وجههِ المعكرِ و دموعهُ العالقة بينَ رموشهِ و قد نطقَ ما فهمتهُ أخيرًا و لم تكن سوى كلمة سامحاني.


- إكسينو. 08-21-2017 05:51 PM





الزهرة الثامنة و الستون : نحنُ ذاهبانِ.
" راين : مرت الأيام الثلاثُ سريعًا بينما أقضيها معَ ماري و ميرا، أدركتُ خلالَ هذهِ المدة القصيرة كم كنتُ أشتاقُ لها و لوالدتي و كم كنتُ أشغلُ نفسي عمدًا لأمتنعَ عن التفكيرِ بهما... و في الواقع فأنا أشتاقُ للوكا بالقدرِ الذي اشتاقُ فيهِ لهن ، لا أعلمُ ما حدثَ خلالَ المدة التي غبتُ فيها لكن ما أعرفهُ هوَ أنّ لوكا يستحيلُ أن يكونَ شخصًا سيئًا، على كُلِّ حال فأمي قد أنهت الترياقَ بالفعلِ و ها نحنُ ذا."
وضعت أمامهُ أربع قاروراتٍ متباينةِ الأحجامِ و الالوانِ، فأحدهما أصفرُ و الآخرُ أزرقُ داكن، زهريٌ و أحمرُ بقراورةٍ كبيرةٍ على عكسِ البقية.
أشارت إيفا إلى القواريرِ بالترتيب قائلة : الأصفر ترياقُ بياتريس، الأزرقُ النيلي لفتحِ بوابةٍ إلى البعد المحايد، الزهري ليبعدَ عنكَ الكوابيس والأحمر دمٌ مركزٌ منَ الشجرة العظيمة، تضعُ مقدارَ ملعةٍ في كأسٍ و تملأ الباقي ماءً، لا مزيدَ من شربكَ لدمك !.
ابتسمَ راين بهدوءٍ مجيبًا : شكرًا لكِ أمي... لكني مضطرٌ لإعادةِ اثنينِ منهما.
رفعت إيفا أحد حاجبيها مستنكرة ليدفعَ بالسائلان الأزرق النيلي و الزهري ناحيتها بهدوءٍ قائلًا : لا أنوي الدفعَ بتلكَ الكوابيسِ بعيدًا.. إنها تذكرني بهدفيَ مرارًا كي لا أنساهُ يومًا ما..
إيفا : و الثاني ؟.
أجابَ راين : هُناكَ عدوٌ لا أستطيعُ لمسَ شعرةٍ منهُ بقواي الحالية.. و عليهِ أخططُ للعبورِ من خلالِ شجرةِ الدم..
إيفا : حتى و لو، خذهُ معكَ، قد تحتاجُ يومًا العودةَ إلى هُنا كما الآن.
ابتسمَ لها و أخذهُ فعانقها بقوةٍ قائلًا : أنا ذاهب..
همست بدورها : انتبه إلى نفسكَ.
تركها ليقفَ أمامها فسألت : ألا بأس بالمغادرة هكذا حقًا ؟، أستتركُ ماري خلفكَ ؟.
أومأ راين بالإيجابِ قائلًا : لا أودُّ إقحامها في الأمر.
التفتَ مغادرًا باتجاهِ البحيرةِ فقالت إيفا : أرسل تحياتي لبياتريس !.
لوحَ بيدهِ معطيًا إياها ظهرهُ فهتف : لن أفعل !.
قهقهت إيفا لتهتفَ بهِ : وغد !.
همّ راين بعبورِ بحيرة الدمِ لولا تلكَ الكف التي تمسكت بمعصمهِ فهتفت صاحبتها بصوتٍ مرهقٍ من بينِ لهثاتها : مهلًا !، لا تذهب.
التفتَ نحوها متفاجئًا : ماري ؟.
روزماري : لا تتركني دونَ التفوهِ بأيِّ كلمةٍ مجددًا.. رجاءً..
ربتَ راين على رأسها قائلًا : آسف، لا يمكنني أخذكِ معي.. سأعبرُ شجرةَ الدمِ، أنتِ تدركينَ ماذا يعني ذلكَ صحيح ؟، احتمالُ 95% أننا سنموتُ في الداخل.
روزماري : حتى و لو !، إن متنا دعنا نموتُ معًا !.
نظرَ راين إلى والدتهِ مستنجدًا فقالت الأخيرة : و لِمَ لا ؟، اذهبا، إن كانَ قراركما فلن أمنعكما ابدًا.
هتفَ راين منزعجًا : حقًا أمي !، كيفَ لكِ أن تسمحي لها بذلكَ ؟.
إيفا : و لِمَ أسمحُ لكَ و أمنعها ؟، ماري بالغةٌ مثلكَ تمامًا !.
بانَ الانزعاجُ على وجهِ راين ليبعثرَ شعرهُ بقوةٍ و ما لبثَ أن استسلمَ موافقًا، تشبثَ الأخوانِ بيدِ بعضهما ليرفعَ راين نفسهُ و إياها في الهواءِ بينما تحلقُ ميرا قريبًا منهم
هتفت إيفا : احمها جيدًا ما إن تصل إلى البعد المحايد !.
بينما اكتفى هوَ بالابتسامِ لنفسهِ فقط، حطَّ الثلاثة على جذعِ شجرةِ الدمِ ليسكبَ راين قطرة منَ الترياقِ على الأرضِ قائلًا : ميرا، شجرةُ الدمِ لا يدخلها سوى الشياطينِ لذا اسبقينا إلى هُناك.
رمى لها زجاجةَ الترياق أصفر اللونِ لتتمسكَ بهِ بكلتا يديها هاتفة: ثقيل !، هذا بِطوليَ تقريبًا !.
راين : ترياقُ بياتريس !... أعتمدُ عليكِ !.
أومأت لهُ بالإيجابَ لتذهبَ كما جاؤوا بينما التفتَ راين و روزماري إلى شجرةِ الدمِ فابتسمَ الأولُ مربتًا على شعرِ أختهِ
قال : أنذهب ؟.
أومأت لهُ بالإيجابَ بينما تحدقُ بتلكَ الفجوة التي تتوسطُ جذعَ الشجرةِ أمامها
همست : إن خرجنا منها أحياءً... سنكونُ اكتسبنا قوةً توازي الكوارث الطبيعية.. و معرفة تساوي العالم... صحيح ؟، أخي الأكبر..
هو أومأ إيجابًا ليطمئنها قائلًا : لا بأس.. نحنُ لن نخسرَ أمامَ شجرة صحيح ؟.
تشبثت ماري بمعصمِ شقيقها مزدردةً ريقها ليدخلَ الاثنانِ إلى الفجوةِ معًا.


القطة الثاقبة 08-22-2017 01:41 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخبارك؟
البارتات رائعة جداً لقد انصدمت كثيراً من ايلينا عندما قتلت غوبر
ولكن كيف راين جلس ثلاثة أيام في بلده ثلاثة أيام كفيلة بموت بياتريس هل من الممكن أن يكون الوقت عند البشر يختلف عن الوقت الذي عند الشياطين
ما أقصده هو أن ثلاثة أيام عند الشياطين يكون عند البشر وقت أقصر
عند عودة ميرا سيكون مرة دقائق على رحيلها
متحمسة للأحداث القادمة
بالتوفيق

- إكسينو. 08-23-2017 01:52 AM






الزهرة التاسعة و الستون : القرية أحادية الألوان.
في تلكَ الأثناءِ في أرضِ الزجاج.
سارَ هايدن برفقةِ روبي و هاري خلفَ سَيلاه لتلتفتَ الأخيرةُ نحوهم قائلة : لقد وصلنا.
" هايدن : تبعنا سيلاه نمشي وسطَ السهولِ لينتهي بنا الأمرُ داخلَ غابةٍ منَ الأشجارِ الكرستالية، كانت تعكسُ صورنا سواءَ على جذعها أغصانها أو أوراقها، و رغمَ كونها شبهَ شفافةٍ إلا أنَّ العجيبَ كونَها لا تعكسُ ما خلفها، كما لو كنا في عالمٍ منَ الزجاجِ أو المرايا، فجأة التفتت سيلاه ناحيتنا تخبرنا بوصولنا إلى وجهتنا و هي قريتها، تمسكت بأغصانِ الأشجارِ تزيحها عن الطريقِ لتبرزَ قريتها من خلفها، و يا للمفاجأة فهذهِ الأشجار لينةٌ عكسَ ما تبدو، أما تلكَ القرية ؟، فقد كانت مملوءة بعواميدٍ منبثقةٍ من الأرضِ و في القمةٍ تقعُ منازلهم، ما أثارَ استغرابي هو عدمُ وجودِ أيِّ سلالمٍ تؤدي بهم إلى أعلى فكيف بحقِ السماءِ يطالونها ؟، ليسَ و كأنهم يمتلكونَ أجنحةً على أيِّ حال !، وقفت سيلاه أمامَ أكبرِ المنازلِ، مدت سيلاه قدميها كالفرجالِ فلا تطالُ الأرضَ سوى أصابعها لتدورَ حولَ نفسها ترسمُ دائرةً بإحدى قدميها ما حدثَ بعد ذلكَ هو أنَِّ دائرةً مضيئةً توهجت حولها لترتفعَ قطعةٌ من الأرضِ، هي أشارت لنا بالصعودِ لنمتثلَ لها و ما إن لبثنا حتى ارتفعت بنا إلى الأعلى حتى وصلنا مدخلَ المنزلِ"
ابتسمت سيلاه قائلة : سأعرفكم بزعيمِ القرية !.
تذمرت روبي قائلة : فليكن لطيفًا رجاءً.. لقد اكتفيتُ منَ الزعماءِ بصراحة..
سألَ هاري : على أيةِ حالٍ، أأنتِ ساحرةُ رياحٍ ؟، سيلاه سان، هذا نادرٌ بالفعل.
أحنت سيلاه رأسها إلى الجانبِ سائلة : سحر ؟، ما هذا ؟.
ابتسمت بإشراقٍ لتفتحَ البابَ هاتفةً : لقد عدتُ أمي !، أبي !.
أطلت والدتها منَ المطبخِ قائلة : مرحبًا بعودتكِ سيـ-
ما إن لمحت الأمُ روبي و من معها قريبًا من ابنتها حتى تقدمت منهم بخطواتٍ متسارعةٍ عنيفةٍ تسحبها إليها من معصمها فتعانقها بينما ترمقُ الثلاثةَ بنظراتٍ عدائيةٍ
هتفت : من أنتم !.
أما سيلاه فقد همست ببراءة : أمي ؟.
ابتسمَ هايدن بلطفٍ ليقتربَ من والدة سيلاه متمسكًا بكفها بكلا كفيهِ قائلًا بلطفٍ : المعذرة جميلتي !، لم يكن بمقصودنا إزعاجكم.. كنا تائهينَ قريبًا من هُنا و عرضت علينا ابنتكِ بكُلِّ لطفٍ مكانًا نستفسرُ فيهِ عن موقعنا و وجهتنا.
توردت وجنتا الأمِ لترد بلطف : اوه يا إلهي !، لا بدَّ أنّ هذا كانَ صعبًا عليكم !، تفضلوا إلى الداخلِ لتأكلوا بعضَ الطعام.. سيلاه دليهم على غرفةِ المعيشة...
ذهبت الأمُ إلى مطبخها بينما ابتسمت سيلاه بسعادة : لنذهب !.
تعمقت سيلاه في المنزلِ بدورها ليربتَ هاري على كتفِ هايدن قائلًا : أحسنتَ يا قاتلَ النساء !، أدعو أن لا يقتلكَ زوجها..
ابتسمَ هايدن ببلاهةٍ يحكُ رأسهُ بينما يضحكُ بتكلفٍ ليقول : حسنًا، لن يعلمَ ما لم يخبرهُ أحد..
تنهدَ كُلٌّ من هاري و روبي معًا تعبيرًا عن يأسهما بتغيرِ الأولِ و فقط إتجها إلى غرفةِ المعيشة.
سألت سيلاه : هل عادَ أبي ؟.
فأجابت والدتها : لا، ليس بعد، لِمَ ؟.
لَم تكد الأمُ أن تُنهيَ جملتها حتى تخللَ مسامع الحاضرينَ صوتُ البابِ الرئيسيِ يفتحُ و بعدها صوتٌ عميقٌ قائلًا : لقد عُدت !.
انتفضت سيلاه بسعادةٍ لتهرولَ نحوَ والدها معانقةً إياهُ فقالت : مرحبًا بعودتكَ أبي !.
ربتَ والدتها على شعرها ليقهقهَ مستمتعًا فقال : سيلاه !، ما سرُ هذهِ الحيويةِ و السعادةِ كُلها اليوم ؟!.
تمسكت سيلاه بكفِّ يدهِ تسحبهُ نحوَ غرفةِ المعيشةِ قائلة : هُناكَ ما يجبُ أن تراهُ حالًا !.
دخلَ الاثنان غرفةَ المعيشة و ما إن لمحَ والدها الثلاثةَ حتى تحولت ملامحهُ إلى الغضبِ هاتفًا : ما معنى هذا سيلاه !!.
نهضَ هايدن مبتسمًا ليمدَّ يدهُ إلى والدها قائلًا بلطف : أدعى هايدن تُركواز.. سررتُ بلقائكَ سيد..
نظرَ والدها إلى كفِّ هايدن ليتجاهلها مستمرًا بتوبيخِ ابنتهِ : أنى لكِ إحضارُ البشرِ إلى هُنا ؟!!!.
هيَ قالت بتردد : أبي إنهم ليسوا--
بينما استمرَ هايدن ينظرُ إلى كفِّ يدهِ بتعجبٍ، صاحَ بها بعضب : صمتًا !، لا أودُ سماعةَ كلمةٍ أخرى !.
هوى بكفِّ يدهِ محاولًا صفعها فور ما أنهى جملتهُ الأخيرة.


- إكسينو. 08-23-2017 01:52 AM






الزهرة السبعون : نحنُ لسنا ابطالًا، نحنُ مرتزقة.

همَّ والدُ سيلاه بصفعها لتغمضَ الأخيرةُ عينيها بانتظارِ تلكَ الصفعة غيرَ أنَّ الثوانِ مرت بينما لَم تشعر بشيء، فتحت عينيها فإذ بهايدن ممسك بمعصمِ والدها ليقولَ بجدية
هايدن : لا يجبُ عليكَ صفعها من الأساسِ فما بالكَ بصفعها أمامَ غريب ؟.
لم يبدِ والدها أيَّ ردةِ فعل فأردف هايدن : في المقامِ الأول نحنُ من ألحٌَ عليها بإرشادنا إلى هُنا لذلكَ الأمرُ ليسَ خطأها، و إن كانَ وجودنا هُنا غيرُ مرحبٍ بهِ فسنرحل.
زفرَ الأبُ مجيبًا : إذًا فلتغادروا سريعًا.
هتفت سيلاه بقلق : غيرُ صحيح !، أنا من عرضَ عليهم المجيءَ إلى القرية !.
ابتسمَ لها هايدن بودٍ قائلًا : لا بأس سيلاه، شكرًا لدفاعكِ عنا.
همست روبي في أذنِ هاري سائلة : ألا بأسَ بألا نتدخل ؟.
أجابَ هاري : من الأفضل أن ندعَ الأمرَ لهاي ني حاليًا.
نظرَ هايدن إلى والدها بجدية قائلًا : لكن رغمَ ذلكَ ألا تجدُها مضيعة ؟.
رفعَ والدُ سيلاه أحدَ حاجبيهِ مستنكرًا فأكمل : أعني، يمكننا الإستفادة من بعضنا بعضًا..
زفرَ والدُ سيلاه بنفاذِ صبرٍ فقال : اختصر رجاء.
هايدن : نحنُ جئنا منَ الجانبِ الآخرِ منَ العالمِ، هدفنا الوحيدُ هوَ بلوغُ قريةِ الزهورِ، ولنقومَ بذلكَ يجبُ علينا العبورُ من هُنا.. لكن، يجبُ علينا أن نصبحَ أقوى أولًا بما أننا في صددِ مواجهةِ عدوٍ ذو قوةٍ جبارة.. و هُنا، سيلاه تشان استخدمت قوةً ما لترفعنا إلى هُنا، معَ ذلكَ هي قالت أنهُ ليسَ سحرًا !، نحنُ نودُ لو تُعلِمُنا طريقةَ استخدامِ تلكَ القوة.
كتفَ والدُ سيلاه ذراعيهِ قائلًا : وماذا سأستفيدُ أنا ؟.
ابتسمَ لهُ هايدن مجيبًا : إن استطعنا دمجَ أساليبكُم و سحرنا سيفتحُ هذا المجالَ لكلينا ليسَ لزيادةِ القوةِ فقط إنما لتحسينِ المعيشةِ أيضًا !.
سألَ مقابلهُ : و كيف ؟.
هايدن : في عالمنا إن صحَّ القول، نستخدمُ السحرَ لتحسينِ المعيشة، مثلًا نستعملُ سحرَ الضوءِ لإنارةٍ أفضلَ في الظلام، و سحر التخاطرِ لنتواصلَ بشكلٍ أسرعَ من الرسائل، أو سحرَ الجليدِ لتبريدِ الجوِ صيفًا و الحرارةِ لتسخينِ الجو شتاءً بالإضافةِ إلى أمورٍ أخرى كثيرة، تخيل كم ستسهلُ حياةَ كلينا إن تعلمَ أحدنا أساليبَ الآخر...
همهمَ والدُ سيلاه مفكرًا ثُمَ قالَ : مبدأيًا موافق، لكن ما الذي سيضمنُ لي أنَّ العدوَ الذي يواجهكم لن يظهرَ في قريتنا ؟.
هايدن : لا داعي للقلقِ من هذهِ الناحية، المستهدفُ هوَ رفيقٌ قد انفصلنا عنهُ مؤقتًا، أما نحنُ فنودُ لو نساعدهُ فقط.
مدَّ الأبُ يدهُ نحوَ هايدن مصافحًا : لا مشكلةَ إذًا !، إتفقنا.
صافحهُ هايدن مبتسمًا ليومأ بالإيجابِ : أجل !.
هتفت سيلاه بينما تعانقُ روبي بسعادة : أجل !!.
اقتربَ والدُ سيلاه من هايدن كثيرًا متمعنًا في وجههِ فقال : على أيَّ حال...
سكتَ ليمسكَ بخصلِ هايدن الشقراءِ مردفًا : ماذا تسمونَ هذا اللون ؟.
أجابَ هايدن مبتسمًا : أ- أصفر..
أكملَ الأخيرُ محدثًا ذاته : أشعرُ أنني كُنتُ في موقفٍ مشابهِ لهذا منذُ وقتٍ قصير...
حدثت روبي نفسها قائلة : أراهنُ أنّ هذا كُلُّ ما كانَ يشغلُ تفكيره !.
حمحمَ الأبُ قائلًا : و الآن، لنذهب و نعرفَ أهلَ القريةِ عليكم.
في وسطِ تلكَ القرية وقفَ الزعيمُ و الذي هوَ والدُ سيلاه أعلى تلكَ المنصة العملاقة أمامَ شعبهِ معلنًا عن ضرورةِ تجمعهم من رضيعِ و إلى مشيبٍ، و معَ أنها قرية إلا أنَّ سكانها بالفعلِ تعدوا المائة نسمة، و بالطبعِ جميعهم بعيونٍ رماديةٍ و شعرٍ ما بينَ الأبيضِ و الأسودِ تمامًا كما سيلاه و أسرتها.
هتفَ الزعيمُ قائلًا : هدوء !.
إنجلت الضوضاءُ تمامًا ما إن نطقَ كلماتهِ ليردفَ : اليوم، أنا زعيمكم فيليب تيديوس لديَّ إعلانٌ مهمٌ أثقُ بأنهُ سيغيرُ حياتكم إلى الافضل دونَ أدنى شكٍ !.
أردفَ : اليوم، ابنتي سَيلاه شهدت وصولَ الأبطال و جائت بهم إلينا !، نحنُ الذينَ حُكمَ علينا مِن قبلِ ذلكَ الشخصِ بالعيشِ بينَ الأبيضِ و الأسود، جائونا من أجلِ تغييرِ عالمنا و ملأهِ بالألوان !.
التفتَ إلى ابنتهِ قائلًا : أنا فخورٌ بكِ سَيلاه، و أعتذرُ عما حدثَ قبلَ لحظات.
عاودَ النظرَ نحوَ شعبهُ هاتفًا : و الآن شعبي، هلّا رحبتم بالأبطال !.
التمعت الأعين الرمادية لشعبِ القريةِ ما إن وقعت أبصارهم على هايدن، روبي و هاري لتتعالى الهتافاتُ حولهم، رفعَ هايدن يدهُ ملوحًا في الهواءِ و ابتسامةُ الثقةِ لا تفارقُ شفتيهِ فلطالما كانَ قائدًا ناجحًا و مثلًا أعلى يحتذى بهِ من قبلِ الكثيرون
مدَّ فيليب يدهُ نحوَ هايدن مصافحًا ليبادلهُ الآخرَ فقالَ الأول : نحنُ تحتَ رعايتكم من الآنَ فصاعدًا، هايدن
هايدن : نفسُ الشيءِ هُنا، سيد فيليب.
قالَ هايدن محدثًا ذاتهُ : إذًا فقد كانَ يستمعُ حينَ عرفتُ بنفسيَ بعدَ كُلِّ شيئ...
التفتَ هايدن نحوَ تلكَ الحشودِ المتجمعةِ أمامهُ ليهتف : يا شعبَ أرضَ المرايا !، نحنُ لسنا أبطالًا صالحونَ جائوا من أجلِ أن يتخذوا سعادتكم ثمنًا لهم !، نحنُ مرتزقةٌ جئنا بغرضِ تبادلِ المنفعة !، نعلمكم سحرنا لتعلمونا أساليبكم !، نساندُ بعضنا بعضًا بغرضِ أن يطورَ أحدنا الآخر !
هتفَ سكانُ القريةِ بالإيجابِ تعبيرًا عن رضاهم التامِ بكلِ ما يحدثُ و بكاملِ إرادتهم الحرة.


- إكسينو. 08-23-2017 01:53 AM






الزهرة الحادية و السبعون : تشي.
وقفَ هايدن موجهًا أبصارهُ تلكَ الحشودِ المتجمعةِ أمامهُ ليهتف : يا شعبَ أرضَ المرايا !، نحنُ لسنا أبطالًا صالحونَ جاءوا من أجلِ أن يتخذوا سعادتكم ثمنًا لهم !، نحنُ مرتزقةٌ جئنا بغرضِ تبادلِ المنفعة !، نعلمكم سحرنا لتعلمونا أساليبكم !، نساندُ بعضنا بعضًا بغرضِ أن يطورَ أحدنا الآخر !
هتفَ سكانُ القريةِ بالإيجابِ تعبيرًا عن رضاهم التامِ بكلِّ ما يحدثُ و بكاملِ إرادتهم الحرة، لم يمضِ على هتافهم سوى بضعِ وقتٍ و إذا بتلكَ الأجنحة السوداء كما الغربانِ تتشكلُ منَ العدمِ منبثقةً من أوسطِ ظهورِ كُلِّ تلكَ الحشودِ و من بينهم سيلاه و والدها بينما يتطايرُ ريشها في الأرجاءِ متأرجحًا من أعالي السماءِ و حتى الأرض .
استمرت أجواءُ الاحتفالِ ليومين، و بالطبعِ استفسرَ هايدن و من معهُ عن هويةِ سيلاه و سكانِ قريتها ليتضحَ إنهم جنسٌ مختلفٌ تمامًا يطلقُ على نفسهِ " المجنحون "، مرت الاحتفالات بصخبٍ و على خيرِ ما يرام و أخيرًا جاءَ اليومُ الذي سيبدأ فيهِ تدريبُ الثلاثة على يدِ سيلاه و العكس، جلسَ الثلاثة على الأرضِ بينما وقفت سيلاه أمامهم مبتسمة
قالت الأخيرة بحماس : إذًا فلنبدأ أولًا بماهيّة الطاقة التي نستعملها !
أومأ الثلاثة ايجابًا و التركيز يتجلى على ملامحهم بوضوحٍ شديد
أكملت سَيلاه : تشي، هذا ما نطلقه على القوة التي نستعملها، التشي هوَ طاقة الحياة الموجودة داخلَ كُلِّ شخصٍ وكُلِّ شيء، تشي الهواء، الماء، النباتات، و الانس تختلفُ من مادة و أخرى و شخصٍ لآخر... و عليه إن تمكنتَ من الاحساس بالتشي حولكَ و داخلكَ عندَئذٍ ستتمكنُ من تسخيرِ كُلِّ ماحولكَ ليصبحَ قوةً لكَ، أكلاميَ واضح ؟.
روبي : إذًا فالتشي و المانا تتشابهانِ إلى حدٍ ما...
هزت سيلاه كتفيها بغيرِ مبالاة قائلة : ربما، على أي حالٍ التشي هيَ مفتاحُ السلامِ أولًا قبلَ أن تكونَ أي شيءٍ آخر، لذا لإتقانها عليكم البدء بالتأملِ أولًا ، ثُمَّ سنبدأ بالتدريب على تحويلها إلى ظواهر ملموسة !.
سادَ الصمتُ و بدأ تدريبُ الثلاثةِ الذي استمرَ لثلاثةِ ساعاتٍ متواصلةٍ منَ التأملِ المتواصلِ
هتفت روبي متذمرة : تبًا لهذا !، لا فائدة لا أشعرُ بشيء !!.
زفرَ هايدن بقلةِ حيلةٍ ليجيبَ بملل : تمامًا !، لا أستطيعُ تكوينَ فكرةٍ واحدةٍ حتى و إن كانت صغيرة... الأمر فقط مستحيل...
أشارت سيلاه نحوَ هاري لتقول : ليسَ مستحيلًا، انظرا صديقكما يبلي جيدًا !.
التفتَ الاثنان إلى هاري بلهفةٍ فإذ بهالةٍ فضيةٍ تغطيهِ بالكاملِ و شعرهُ قد بدأ يتحولُ إلى الأسودِ بالفعلِ، بشرتهُ شحبت لتمسيَ بيضاءَ نقيةً فقط كما حدثَ عندَ جزيرة التنين.
أردفت سيلاه : ليسَ ذلكَ فحسب بل إنَّ طاقتهُ فضية !، كُلما اقتربَ لونُ التشي من الأبيض كلما أصبحَ أقوى و العكس !.
ازدردَ هايدن و روبي ريقهما ليقولَ الأول : الأهم من ذلكَ...
روبي : إنهُ يتحولُ إلى ذلكَ الشخص...
سألت سيلاه بفضولٍ و براءة : ذلكَ الشخص ؟، لماذا تبدوانِ فزعانِ على أيةِ حالٍ ؟.
نظرَ كُلٌّ من روبي و هايدن إلى سيلاه ليقولَ الأول : حسنًا.. لطالما كانَ لهاري جانبٌ آخر.. و عندما أقولُ جانبٌ آخر فأنا لا أقصدُ شخصيةً أخرى إنما شخصٌ مختلفٌ تمامًا...
روبي : إن غضبَ أو مَرِضَ يتحولُ شعرهُ إلى الأسود و بشرتهُ إلى الأبيض كما أنّ لونَ عينيهِ يصبحُ رماديًا... و بالمناسبة ذلكَ الشخصُ ليسَ لطيفًا البته... هوَ عبارةٌ عن آلةِ قتلٍ متنقلة لا ترضيهِ سوى الدماء...
في تلكَ اللحظة فتحَ هاري عيناهُ الرماديتانِ ليتلاشى وهجُ الطاقةِ حوله فسألَ هايدن بحذر : هاري.. أهذا أنتَ ؟...
أحنى هاري رأسهُ إلى الجانبِ قائلًا : عمّ تتحدث ؟، من سيكونُ غيري ؟
روبي : لـ لكن.. هذا الشكل...
أخذَ هاري يحدقُ براحتي يديهِ فقالَ بهدوئهِ المعتاد : أنا لا أفهمُ الأمرَ تمامًا أيضًا لكن أشعرُ أنني لم أكن أنا فعلًا طوالَ تلكَ السنين...
سيلاه : شعرٌ أسود و عينانِ رماديتانِ... كما لو كانَ واحدًا منا...
هتفَ هايدن فجأة : هذهِ هيَ سيلاه تشان !!، ربما لو اطلعَ عليهِ والدكِ سيعرفُ أمرًا ما !!.
و بالطبعِ ما إن هتفَ هايدن بجملتهِ تلكَ حتى سحبَ ساعدَ كُلٍّ من هاري و روبي متوجهًا نحوَ منزلِ سيلاه التي تبعتهم بدورها هاتفة : مهلًا !، لا تتركوني خلفكم !.
أما والدُ سيلاه فقد بدأ يتفحصُ هاري الجالسَ على الأرضِ من كُلِّ ركنٍ و زاوية ليزفرَ بعدها قائلًا
فيليب : هوَ و من دونِ أدنى شكٍ مجنح.. نصفهُ على الأقل ...
روبي : مـ مجنح ؟، بتعبيرٍ آخر مثلكم تمامًا ؟.
أومأ فيليب ايجابًا فقال : كونكم وصلتم هنا يعني أنكم مررتم بالشجرة العظيمة، أي قابلتكم ملكة الكيميائيين تلك.. مما يعني أنكم سمعتم منها عن اختلال الزمكان قبلَ مائة و تسعة و عشرونَ عامًا...
نظرَ الثلاثةُ إلى بعضهم بعضًا فقالت روبي : أجل .. سمعنا..
هايدن : لقد فهمت... أنتَ تقولُ أنَّ المثلَ قد حدثَ معكم ؟.
فيليب : تمامًا... لذا.. أليسَ منَ المنطقيِ اعتبارهُ هجينا ؟، و مما فهمتهُ من كلامكم هوَ أنهُ حينما يتحولُ إلى هذهِ الهيئة فهوَ يصبحُ متوحشًا متعطشًا للدماء.. صحيح ؟، هاري..
أجابَ هاري متعجبًا : لست أدري حقًا... انا لا أمتلكُ أيَّ ذكرياتٍ عن الأمر ...
هايدن : لكننا شهدنا حصولهُ مراتٍ لا تعدُ و لا تحصى...
فيليب : حسنًا.. هيجانهُ حاصلٌ نتيجةَ كونهِ غيرُ مدربٍ على التشي.. نحنُ جنسٌ متوحشٌ إلى حدٍ معين حينَ نغضب.. لذا ابتكرنا التشي للحدِ من نوباتِ غضبنا--...
نظرَ فيليب نحوَ وجوهِ الثلاثة المتوترة ليضحكَ بهدوءٍ قائلًا : ماذا.. لا داعي للقلق.. كونهُ سيطرَ على نفسهِ و هو بهذا الشكلِ خيرُ برهانٍ على كونهُ تخطى الأمر بالكامل !، و الآن عودوا إلى التدريب عودوا إلى التدريب...
عاودَ الثلاثة تدريباتهم بعدَ أن بدأوها منَ البداية و كلٌّ يشاركُ نصائحهُ مع الآخر حولَ كيفيةِ إتقان الأمر مما أعطى تقدمًا ثابتًا و تحسنًا ملحوظًا في السيطرة على التشي الخاصِ بهم.
و في تلكَ الأثناء داخلَ الشجرة العظيمة لم تختف حالُ جوليا عنهم كثيرًا فهي الأخرى تدربت حتى أمست تتقنُ أكثرَ من نوعٍ للخيمياء الطبيعية و بالكادِ تعلمت الكيمياء الصناعية فباتت تكوّنُ شظايا صغيرة من الأحجار الكريمة كما تفعلُ والدتها تمامًا.
أما عندَ بياتريس، لوكي و ماركوس كانَ الوضعُ متوترًا جدًا بانتظارِ عودةِ راين و ميرا الذي مرَّ على ذهابهم عدةُ أيامٍ و وسطَ ذلكَ الهدوءِ المدوي حضورٌ جبار أجبرَ حواسهم أن تحتدَ رغمًا عنها.


- إكسينو. 08-23-2017 01:54 AM






الزهرة الثانية و السبعون : التِرياق.
داخلَ غابة المحيط، تحديدًا حيثُ مجموعة لوكي، ماركوس و بياتريس، القلقُ يهيمنُ على الأولِ بينما يحدقُ الثاني بالفراغِ فقط، أما الأخيرة فكأنما جسدٌ بلا روح، مرّ ما يقاربُ الأربعة أيام منذُ رحيلِ راين و ميرا و أخيرًا هاهوَ ضوءٌ ينبثقُ منَ الأرضِ لتظهرَ ميرا و معها الترياق، لم تلبث أن حلقت بجناحيها حتى انهارت أرضًا فتوجهَ لوكي نحوها مسرعًا
هتفَ : ميرا !، ما الأمرُ معكِ ؟، ماذا عن راي ؟!!.
أجابت بصوتٍ متعب : لا بأس.. هوَ في الطريق، الأهمُ من ذلكَ... أسرعوا بإعطاءِ الترياق إلى بياتشان !.
أومأ إيجابًا متجهًا نحوَ بياتريس المستلقية أرضًا : شكرًا لكما، ميرا.
ابتسمت الأخيرة بتعبٍ مجيبة : ماذا.. هذا لاشيء.
ما لبثَ لوكي أن رفعَ جسدَ بياتريس عن الأرضِ حتى هيمنَ حضورٌ جبارٌ على المكانِ مكتسحًا إياه مما أجبر لوكي على الهتافِ بكلِ ذرةِ عدائية امتلكها : من هُناك !!.
جالَ لوكي ببصرهِ في المكانِ حتى لمحَ شخصان، أحدهما أسودُ الشعرِ و الأخرى صهباءهُ
همسَ أسودُ الشعرِ : يبدو أننا خرجنا من هُناكَ قطعةً واحدةً في النهاية...
ازدردَ لوكي ريقهُ هامسًا : راي تشي و... من ؟.
اقتربَ راين من بياتريس قائلًا : التعريف لاحقًا، بياتريس أولًا .
رمقَ لوكي روزماري بنظرةٍ جانبيةٍ أخيرةٍ ثُم قامَ يساعدُ راين حيثُ حملَ الأخيرُ بياتريس بينما صبَّ الأولُ بضعَ قطراتٍ من الترياقِ داخلَ فمها بحذر تفاديًا لاختناقها الذي كانَ ليزيدَ الطينَ بلة.
لم يمضِ من الوقت الكثير حتى استعادت بياتريس وعيها لتحدقَ بأولِ وجهٍ توارى أنظارها فهمست بخبو : راين...
انتفضَ الأربعة من حولها بسعادةٍ عارمة فهمَّ راين باحتضانها لو لا كونَ لوكي سبقهُ بذلكَ آخذًا يهتفُ باسمها بسعادة فزفرَ الأولُ بقوةٍ قائلًا : يا لكِ من مسببة للمتاعب !.
همست ميرا في أذنه : أستطيع الشعورَ بأحدهم يستشيطُ غيضًا ~
هتفَ راين بانزعاج : ارحميني !.
بدأت ميرا بالضحكِ بينما نهضت بياتريس تمسكُ جبينها فقالت : آسفة لإقلاقكم جميعًا...
زفرَ لوكي بقلةِ حيلة قائلًا : بجدية !، تلكَ كانت تجربة لا أود خوضها مجددًا...
ضحكت بياتريس بارتباكٍ لتقعَ عينيها على روزماري فسألت : مَن ؟.
ابتسمَ راين قائلًا : صحيح !، نسيتُ أن أعرفكُم، بياتريس، لوكي، هذهِ ماري، شقيقتي الصغرى، ماري، بياتريس و لوكي
انحنت ماري بنبلٍ ترفعُ أطرافَ فستانها : أدعى روزماري، سررت بلقائكم.
تخلت روزماري عن الرسمية في لحظة لتتمسكَ بيدي بياتريس و تتكلم بينما تلمعُ النجومُ حولها : إذًا فأنتِ هيَ بياتريس !، مقابلتكِ شخصيًا تجعلني سعيدة فعلًا !، لقد سمعتُ الكثيرَ عنكِ من أخي الأكبر أرجو أن ننسجمَ معًا !!
بياتريس : أ- أجل.. سررتُ بلقائكِ أيضًا ماري تشان...
ازدردَ ماركوس ريقهُ بارتباكٍ مستجمعًا شتاتَ نفسهُ فقالَ بتردد : كيفَ عدتما دونَ استخدامِ محاليل إيفا ؟، بل و كيفَ سمحت لكما بالعودة ؟، و أيضًا ماذا بحق الجحيم تكونُ هذه الهالة المنبثقة من جسديكما !!.
أجابَ راين : إيفا لم تعترض أبدًا ، و أجل ، عبرنا من خلالِ شجرة الدم.
هتفَ ماركوس : كيفَ بحق الجحيم فكرتما بذلك !، الأمرُ يمكن أن يصلَ إلى تحطمِ جسديكما تمامًا !.
ابتسمَ راين لا شعوريًا فقط لتفكيرهِ بكونِ الواقف أمامه قلقٌ عليه لا أكثر فأجاب : لكن انظر إلى الجانب المشرق !، نحنُ هُنا قطعة واحدة !، و الأكثر من ذلكَ أكثر من مستعدان لمواجهة النيغرو فينوس !.
شددَ ماركوس على قبضتهِ هاتفًا : افعل ما تشاء !، لم أعد مهتمًا !!.
رفعت بياتريس يدها سائلة بتردد : عن ماذا تتحدثون ؟.
ابتسمت لها روزماري و بدأت تشرحُ لها ما قامت بهِ و راين و المخاطر المترتبة عليه فهمست بياتريس بندم : أنا فعلًا آسفة راين.. أجبرتَ نفسكَ على المرورِ بكُلِّ ذلكَ بسببي...
راين : لا بأس، فقد قابلتُ ماري و أمي مجددًا، بالإضافة .. أفضلُ شكرًا على أسف.
إبتسمت بياتريس بلطفٍ لتقول : أجل.. شكرًا لكَ راين..
رفعَ راين رأسهُ ينظرُ نحوَ ماركوس الذي حملت تعابيرهُ خليطًا من الحزن الندم و القلق فحدّثَ الأولُ ذاتهُ قائلًا : و بعد أن تم حلُ المشكلة الأولى نتوجه إلى الثانية
هتفَ : هيي يا أنت !.
رفعَ ماركوس نظرهُ نحوَ المنادي ليردفَ راين : رافقني لبعضِ الوقت !.


- إكسينو. 08-23-2017 01:54 AM






الزهرة الثالثة و السبعون : سوء فهم المائة و عشرونَ عامًأ.
داخلَ إحدى غابات الصنوبر الصغيرة في غابةِ المحيط، سارَ راين يتقدمُ ماركوس و هدوءٌ ظهاريٌ يسيطرُ على كليهما عكسَ القلقِ و التوتر الذي اجتاحهما من الداخل، كيفَ لا و أحدهما يعتبرُ نفسهُ قد خانَ الآخر .
توقفَ الأولُ فجأة ليهتفَ بنبرةٍ بانَ فيها الانزعاج : فقط ما هيَ مشكلتك !، تتجولُ حاملًا وجهًا أحمقَ كهذا هُنا و هُناك، من المفترضِ أن يكونَ العكس !.
استمرَ الأخيرُ بصمتهِ ليتمسكَ راين بكتفيهِ بقوةٍ قائلًا : بحق الجحيم توقف عن صمتكَ هذا و أجبني ليكس !!.
شدد ماركوس على قبضتهِ بقوةٍ ليهمسَ بصوتٍ مرتجفٍ بينما يحدقُ بالأرض : و كيفَ لهُ أن يكونَ العكس... لقد خُنتكَ مرتين سول... لا يحق لي النظر في وجهكَ بعد الآن ...
تركهُ راين مجيبًا : ما الذي تتحدثُ عنه ؟، أنتَ كُنتَ هُناكَ لتمنعني عن إنهاءِ حياتي اللعينة بكُلِّ حماقةٍ !، وقوفي هُنا ليس بفضلِ شيءٍ إنما بفضلكَ !
همسَ ماركوس بنبرةٍ ركبتها العجلة : لقد أفشيت سركَ.
أجابَ راين بنفسِ النبرة : لأن حياة والدكَ كانت في خطر.
ماركوس : لقد أحرقتُ القرية التي اعتبرتها منزلكَ.
راين : لأن حياة والدكَ كانت في خطر !.
هتفَ ماركوس بشيءٍ منَ العلو : هذا ليسَ عذرًا !!
فصاحَ بهِ راين بحدة : بل و اللعنة هوَ كذلك !.
سادَ الصمتُ للحظةٍ حيثُ يقفُ ماركوس مصدومًا بينما يجاهدُ راين لالتقاطِ أنفاسهِ
أردفَ الأخيرُ بهدوء : ولو كُنتُ مكانكَ لقمتُ بالمثلِ...
ماركوس : و لو كُنتُ مكانكَ لما سامحتُ نفسي...
زفرَ راين مغمضًا عينيهِ بمحاولةٍ منهُ لاستعادة هدوءهِ فقالَ بنبرةٍ حاولَ جعلها مطمئنةً قدرَ الإمكان : ليكس... أنا لم أفكر يومًا بهذهِ الطريقة حسنًا ؟، أنتَ فعلتَ ما يجبُ عليكَ فعله.. لو كُنتَ تخليتَ عن والدكَ لأجلي لما سامحتكَ حينها... بالإضافة .. ألم يقتل بسببي ؟، لأني... أنا من وجدها... و دلهم على الطريق إلى ترهات الخلود و الشباب الدائم.. لذا من المفترضِ بالموضوعِ أن يكونَ العكس... أنا من يجبُ عليهِ أن لا ينظرَ في وجهكَ هُنا...
ماركوس : والدي قُتلَ لأنهُ عارضَ الفكرة !، أنتَ خارج الموضوع !!
فتحَ راين فاهُ بمحاولةً منهُ الردَ غيرَ أن ماركوس سبقهُ مردفًا : في ذلكَ الوقت... حينَ أخبرتكَ دافعيَ لافشاء الأمر ... أنتَ همستَ بـ" إنهُ خطأي"... ألم تكن تعني أنكَ كُنتَ مخطئًا بشأنِ إخباريَ بأمرِ تلكَ القرية ؟، إذًا أنى لكَ ان تقولَ كلامًا كـ"لم أفكر بهذه الطريقة قط" الآن ؟.
اجتاحت راين الدهشة لينفيَ قائلًا : أنتَ مخطأ ليكس !، آنذاكَ، ما قصدتهُ بتلكَ الجملة كانَ ما حلّ بالقريةِ و من فيها و بالطبعِ أمرَ والدك !.
ازدردَ ماركوس ريقهُ بصعوبةٍ يحدقُ براين بدهشة ليهمسَ مرتجفًا : ماذا مع هذا... أتعني أني كنتُ أعيشُ في سوء فهمٍ طوالَ مائة و تسعة و عشرونَ عامًا ؟.
احتضنَ الأخيرُ جسدهُ مرتجفًا فسقطَ جاثيًا على ركبتيهِ لتسيطر عليهِ ضحكةٌ هستيريةٌ اتبعها قولًا : و معَ هذا... و معَ هذا ذلكَ لا يغيرُ حقيقة كوني أتيتُ لأعيدكَ إلى ذلكَ الجحيم..
نزلَ راين إلى مستواهُ ليقولَ : كونكَ لم تفعل طوالَ ستةِ أشهر يعني أنكَ لن تفعلَ أبدًا ليكس...هذا يثبتُ أنكَ هُنا لأجلي لا لأجلهم !.
تلاشت ابتسامةُ ماركوس ليهمسَ بصوتٍ مرتجف : حتى لو كُنتُ قد شربتُ من دماءَ البشر ؟...
اتسعت حدقتا عيني راين ما إن سمعَ جملةَ مقابلهِ التي نزلَ وقعها عليهِ كالصاعقة ليهتفَ بعدَ جمودٍ دامَ عدةَ ثانية : ليكس !، قُل أنكَ تكذب !!، هُم لَم يجبروكَ على ذلكَ صحيح !!.
ماركوس : حدثَ ذلكَ في مقبرة الجشع... أمامَ عيني غوبر... لقد--
قاطعهُ راين معانقًا إياهُ بشدةٍ فقالَ بصوتٍ مرتجف : أنا آسف ليكس... ليسَ لأنكَ شربتَ دماءَ البشرِ بسببي... بَل لأنني لن أعتذرَ عن ذلكَ... أنا و بكُلِّ أنانيةٍ سعيدٌ كونكَ فعلتها لأجلي، أشكركَ حقًا ليكس.. على كُلِّ شيء...
شهقَ ماركوس بخفةٍ شهقةً مرتجفةً بينما تجمعت الدموعُ في عينيهِ البنفسجيتينِ المائلتينِ إلى الحمرة ليقولَ بصوتٍ مهزوز : ألا بأس بكوني أنانيًا ؟، ألا بأس ببقائي مع الجميع ؟.
راين : كُن أنانيًا بالقدرِ الذي تشاء...
- حيثُ بياتريس و البقية -
مرت أكثرُ من ساعةٍ على ذهابِ راين و ماركوس و ما تزالُ الأجواءُ متوترةً هُنا أيضًا، ليسَ فقط لقلقِ الأربعة على هذين الاثنين بل لأنَّ صدمةَ كونُ لينا و إيلينا هُما الشخصُ ذاتهُ ما يزالُ وقعها على بياتريس قويًا جدًا، لَم يمضِ الكثيرُ من الوقتِ بعدها حتى عادَ الاثنينِ من الغابة لكنَ ما فاجأ بياتريس لوكي و ميرا هوَ شعرُ ماركوس الأشقر الباهت أصبحَ مجعدًا و بشرتهُ مالت إلى السمرة، و بالطبعِ فإنَّ عيناهُ أصبحتا بنفسجيتانِ كراين تمامًا غيرَ أنهما مائلتانِ إلى الأرجوانيِ أكثر .
لاحظت ميرا الحزنَ على محياه بالإضافة إلى الحمرة تحتَ عينيه و التي تفضحُ كونهُ قد بكى كثيرًا فعلًا فقالت مازحة : واو لقد تغيرتَ كثيرًا !، أكادُ أجزمُ أنكَ لستَ الشخصَ ذاتهُ الذي علقتهُ على حافة منصة الفيروز ذات مرة !!.
اقتربت منهُ بياتريس لتقولَ متسائلة : هـ هل أنتَ بخير ؟، ماركوس سان...
سكتَ ماركوس دونَ إجابةٍ بضعَ ثانيةٍ ليتمسكَ بيديها فجأة و شلالاتٌ من الدموعِ تهطلُ على وجهه فهتفَ بصوتٍ مرتجف : بياتريس تشان... شكرًا لكِ
قالت بإستغراب : شـ شكرًا ؟
ماركوس : لأنكِ لو لم يحدث ما حدث لما حضينا بفرص للحديث هكذا...
بياتريس : أ- أجل...
و هكذا، استمرَ ماركوس بالبكاء كالأحمق إلى ما بعد حين...


- إكسينو. 08-23-2017 01:55 AM






الزهرة الرابعة و السبعون : بياتريس
زفرَ راين قائلًا : وبما انَ سوء الفهمِ قد حُل... حانَ الوقتُ للكشفِ عَن الماضي... قبل ما--
وضعت بياتريس كلتا يديها امامَ وجهِ راين الذي دُهشَ بالكاملِ من تصرفها لتبقي الاخيرة على سكوتها بضعَ وقتٍ
اخيرًا قالت : رجاء... دعني ابدأ اولًا...
اومأ راين أيجابًا ببطأ شديدٍ ليخيّم الهدوء على المكان فتبدأ بياتريس بالحديث : لقد أتيتُ من قرية سميت إسترياس كلايس ... بالفيلادية تعني تساقط النجوم ... حيث كانت سماءها صافية ، لم تتجمع الغيوم فيها يومًا ، في المساء تتزاحم النجوم في سماءها حتى تكاد تبدو سماءً بيضاء بنجوم سوداء ، و القمر الهلالي الكبير لم يتركها أبدًا ، لم يكن ليكونَ بدرًا يومًا ، هلال على الدوام فقط ، حتى حين تمطر ، سمائنا لم تتلبد بالغيومِ قط ، كان فقط كما لو أنّ النجوم تسقط إلى الأرض و كذلك الأمر مع ثلوج ...
لذا ... قبل تسعةِ أعوامٍ و نصف ... حين كنتُ في الثامنة
- قبل تسعةِ أعوام ( قرية تساقط النجوم) -
الشمس الساطعة تنشر أشعتها على المكان ، المنازلُ الخشبية و الأشجار و العشب و كل شيء يبرق بألوانٍ مشعة ، حيث تقف تلك المرأة كستنائية الشعر بنفسجية العينين لتنشر الغسيل في الهواء الطلق و قربها تجلس طفلة واضعةً يديها على خديها بملل و ذلك السنجابُ الفضي يطفو قرب كتفها
فتذمرت الفتاة متململة : يا ليتني فقط أبصرُ نهارًا ، لكنتُ ساعدتكِ في أعمالِ المنزل لينا !
قهقهت لينا لتردّ بلطف : أتريدين الإبصار نهارًا لتلك الدرجة ؟ بياتريس
بياتريس : خطأ ! أشعر بالسوء لأنكِ تقومين بكل شيءٍ وحدك ! أريد أن أساعد لينا !
تركت لينا ما بيدها لتجلس قربَ بياتريس و تقبل جبهتها : مشاعركِ وحدها تسعدني ! كم أنتِ لطيفة ! لينا سعيدةٌ حقآ الآن !
ضحكت بياتريس بسعادة و عانقت لينا بقوة : أحبكِ كثيرًا ! لينا !
فبادلتها لينا : و أنا أكثر ! عزيزتي !
ابتعدت بياتريس عنها لتقول بالقليلِ من الحزن : لكني ما زلت أودّ الإبصار نهارًا !
لينا : إن أبصرتي حقا ، ماذا ستفعلين ؟
ابتسمت بياتريس ابتسامةً عريضة لتقول : سأساعد لينا في المنزل ! ثم أطهو طعامًا لذيذًا كلينا ! ثم أذهبُ لقريةِ الزهور ! ثم أحلق في السماء !!
قالت جملتها الأخيرة و هي تفردُ يديها في الهواء كالأجنحة بينما لينا تقهقه و تشجعها على ما تقوم به من تصرفاتٍ طفولية ، مرّت الأيام و هن يقضين أيامهن في القرية بهدوء بعيدًا عن أهلها فهم مع أنهم طيبون إلا أنّ الأطفال يؤذون بياتريس لاختلافها و لا والدين ليقران بخطأ طفلهما بل ينعتون بياتريس بالكاذبة ، و بالنسبة لبياتريس فلينا و لوكي يكفيان و أكثر
و في أحد الأيام ، فتحت بياتريس عينيها لتجد نفسها في غرفتها ، جاثيةً على الأرض ، و مكبلة
همست بياتريس بقلق : لينا ؟...
ابتسمت لينا لتقولَ بلطف : لا بأس بياتريس ! هذا من أجل مصلحتك
بياتريس : عن ماذا تتحدثين ؟
لينا : ما إن أنتهي من هذا ... ستبصرين ضوءَ النهار
لم تعرف بياتريس لماذا لكنها شعرت بالفزع ! لينا على وشكِ أن تتلاشى فصرخت بصوتٍ عال
بياتريس : لا تفعلي لينا ! رجاءً ! لا أودّ أن أبصر نهارًا ! لن أتمنى هذا ثانيةً !
بدأت تذرفُ الدموعَ بغزارة بينما تبتسم لينا برضى لتردِفَ بعد أن بحّ صوتها : أنا آسفة أنا آسفة، أنا فعلًا آسفة، رجاءً لا تتركيني ! أعدكِ أن أكون فتاةً مطيعة سأفعلُ أيّ شيء !، سافعلُ أيَ شيءٍ لذا...
اتسعت ابتسامة لينا لتقول : قايضتُ حياتي ببصرك ! لا تستطيعين منعي ، لذا ... اقبلِ هديتي و ابتسمِ ... الوداع بياتريس !
فصرخت بياتريس : لينا !!!
- عودة إلى الحاضر -
بياتريس : لكن هذا لَم ينجح ... لطالما كانت لينا مريضة بجسدٍ ضعيف ، لذا لم تكن طاقةُ حياتها كافية..
أضاءت القرية بموجةٍ حلقية من الضوء ، و حين أفقت لم يكن في القريةِ أحد غيري و لوكي ... تعويذة نور الحقيقة ليست سحر ضوء ، إنها سحرٌ أسود قدمته لي لينا ، لذا ، أنا أبدًا ، لم أعتقد أني قتلتها ! لأنه حينئذٍ سيكون موتها دون معنى ... لكن ... أن يكون كل ذلك كذبة ...
راين : أنا آسف... لا بد أنه سحر لوكا ... لقد تسبب شقيقي بمتاعب كثيرة !
ابتسمت بياتريس و هزّت رأسها نافية : غير صحيح ! أنا سعيدة كونه وهمًا و أنه فقط تمّ العبثُ بذكرياتي قليلًا ، لقد جعلني أشعرُ بشعورٍ أفضل !
زفر راين الهواء ليقول بهدوء : لقد حان دوري إذًا ...
بياتريس : لا بأس أن لم تخبرنا ، لا تجبر نفسك ...
راين : لا ، أودّ إخباركم بالفعل ، ليس أنتم فقط ، حتى روبي و البقية ...
فقصّ عليهم راين حكايته كاملةً .


- إكسينو. 08-23-2017 01:55 AM






الزهرة الخامسة و السبعون : معًا ، دومًا ، و أبدًا
" بياتريس : أنا أدعى بياتريس ، ثمانية عشر عامًا ، و أنا متوجهة نحو قريةِ الزهور ! مرّ على ذلك اليوم عامٌ كامل ، راين أصبح في التاسعة عشر و ماري تشان في الثامنة عشرة ، بينما أليكسي في العشرين ، و هذا يعني أنّه قد مرّت مائة و ثلاثون عامًا على الحادثةِ التي حطّمت راين تمامًا ، على كلّ حال ... لقد أصبح راين قويًا جدًا ، و أنا أصبحت أسيطرُ على نبوآتي بشكلٍ شبه كلي... انسجمتُ كثيرًا مع ماري تشان هي لطيفةٌ جدًا ، و من الممتع رؤية راين يعاملها بلطف ، الآن لم أعد أستغرب حب عائلته له ! فهو لطيفٌ جدًا معهم ! ، و لا بدّ أنّ للوكا كن سببًا كما لأليكسي !، على كُلِ حال، إستمررنا بالترحالِ في الجانب القريب طوال العام و اخيرًا ها نحن ذا نقفُ أمام بوابةِ الجانب البعيد !"
اقتربَ راين من البوابة ليفتحها فالتفتَ خلفه سائلًا : ما الأمر ؟ بياتريس ... خائفةٌ من لقائهم ؟
هزّت رأسها نافيةً لتجيب : لا .. أنا متحمسةٌ لذلك فقط !
ابتسمَ راين ليلتفت إلى ماري : و أنتِ ماري
روزماري : متوترةٌ لحدِّ الموت !
قهقه راين بخفة ليقول : إن كان على أحد أن يكون كذلك فهو ليكس ، صحيح ؟ لوكي
لوكي : بالضبط أتساءل إن كانوا سيتعرفون عليه !
هتفَ ماركوس متذمرًا : إيـ~ـه، لا تسخر مني ~
اصطنعت ميرا الحزن لتقول : لا بدّ أنّ الجميع أصبح أجمل و أوسم تمامًا مثلكم ! إلا أنا لم أتغير ولو بمقدارِ شعرة...
أصبح شعر بياتريس أطول بالفعل فصار يتعدى فخذها ، كما غيّرت تسريحة شعرها فتركته منسدلًا إلى الاسفل، أما ماري فقد أصبحت أطول و اختلفَ أسلوب انتقائها للملابس فأصبحت ترتدي ملابسًا بسيطة استعارتها من بياتريس سابقًا ، شعرها لم يتغيّر فعلًا فهي تحبه قصيرًا و تقصه باستمرار ، راين أصبح أطول كذلك ، و تركَ شعره ينمو قليلًا بعد إلحاحِ ماري و كذلك الأمر للوكي فماري من النوعِ المهتم بتغيير مظاهرِ الآخرين إلى الأجمل و الأنسب و بالطبعِ لن تتركَ جانبهم حتى ينفذوا ما تقول ، أما ماركوس فقد أصبح يشبك جزءً من غرته إلى الأعلى كنوعٍ من التغيير ، و سواء كانوا فتيان أو فتيات فقد أصبح يبدو عليهم النضجُ أكثر !.
فتحَ راين البوابة الأمامية المؤدية إلى أرضِ المرايا عابرينَ اياها و كلهم شوق لرؤيةِ البقية ، و فعلا كانوا ينتظرونهم على الجانبِ الآخر ، و كما تغيرت مظاهر المجموعة الاولى فهناكَ تغييراتٌ طرئت على المجموعة الثانية كذلكَ، فقد تركت روبي شعرها يطول كثيرًا حتى أصبحَ إلى منتصفِ ظهرها ، هاري لم يقم بأيّ تغيير لكنه أصبح يبدو بالغًا بحق ، وبالنسبة لهايدن لم يتغير بتاتًا ، أما جوليا ؟ فقد قصّت شعرها كالأولاد بينما لا تزال تلك الخصلةُ الحمراء تزينهُ
فور خروج بياتريس و من معها من البوابة قفزت جوليا عليها معانقةً إياها
هتفت : أهلا بعودتك ! بيا تشان !!!
ابتعدت عنها لتلمحَ وجه بياتريس متجمدًا تمامًا و قد اكتسته الحمرةُ بالكامل، وبالطبع هي لم تهتم او تنتبه اصلًا
جوليا : واااه لقد أصبحتِ أجمل فعلًا !!
تنهدت روبي بيأس لتقول : أراهن بكل ما لدي على أنها تظن أنكِ فتى !
صدمت جوليا شاهقةً بدرامية لتشير إلى نفسها و تقول بتعجب : بيا تشان ! هذه أنا ! جوليا !
عادت بياتريس إلى الواقعِ أخيرًا لتهتف بذهول : مستحيل ! جوليرين !! لقد تغيرتِ كثيرًا !! لم أتوقع أن تقصي شعركِ هكذا !! روبي رين يناسبها الشعر الطويل كذلك !
أومأت جوليا بالإيجاب لتقول : أستطيع إطالته متى شئت بالخيمياء لذا لا يهم مهما قصصته !
راين : و هذا يعني أننا آخر الواصلين هاه ؟
التفتَ الجميع إلى راين و من معه لتقول روبي : راي ! من اللذان معك ؟ أين ماركوس ؟
وضعَ راين يده على فهمِ وإلتفتَ إلى الجانبِ محاولًا كبت ضحكته الواضحة من إهتزازاتِ جسدهِ المستمرة فانزعج ماركوس هاتفًا بإستياءٍ طفولي : لا تضحك ! سول !! توقف !!
فقال الآخر بينما يكبت ضحكته : آسف آسف !! إنه خطأي !
هايدن : هذا الصوت ! مار ؟
حمحم راين ليقول بجدية : دعوني أعرفكم ! ماري هؤلاء روبي ، جوليا ، هايدن ، هاري ، الجميع هذه روزماري ! أختي الصغرى !
روبي : أأنا أتخيل أم أنه قال أختي ؟
التفتت نحو بياتريس و أشارت إلى راين
هزّت بياتريس رأسها نافية لتقول : إنها الحقيقة !
راين : لقد حدثَ الكثير ! سنروي لكم ذلك لاحقًا ! الأهم من ذلك ، الجميع ، أعرفكم بماركوس ، ماركوس الجميع
فهتف ماركوس : سول ! هذا ليس مضحكًا !!
هايدن : مهلًا مهلًا ! دعني أستوعب هذا هو ماركوس ؟
أومأ لهُ راين ايجابًا ليهتفَ هايدن : كف عن العبث و أخبرني ماذا فعلت بأخي !!
ماركوس : إنها الحقيقة ... لقد حدثَ الكثير لذا ...
ميرا : الأهم من ذلك ، ألن تعرفونا بهذه الجميلة هناك ؟
التفتَ الجميع إلى سيلاه ليمسكَ هايدن كتفها قائلًا بمرح : أعرفكم بسيلاه ، خطيبتي !
فتحَ ماركوس فمه على أوسعه بصدمة ليقول : مهلًا ! ما الذي فاتني ؟ هاي تشان !! خائن ! متى حدثَ هذا و كيف ؟!
ابتسمَ هاري و قال : لِمَ لا نذهب إلى القرية في الوقتِ الحالي ؟ لدينا الكثيرُ من الأمور لنوضحها لبعضنا بعضًا !


- إكسينو. 08-23-2017 09:59 PM






الزهرة السادسة والسبعون : معًا دومًا و أبدًا 2.
في قرية المجنحونَ داخلِ أرضِ المرايا، و تحديدًا في منزلِ سَيلاه، اجتمعَ العشرة بالإضافةِ إلى سَيلاه يقصونَ ما خاضوهُ في رَحلاتهم خلالَ العالم المنصرم و هالةٌ من الدفئِ و السعادة تحيطُ بهم من كُلِّ ركنٍ و زاوية، فقد وابسطها هوَ أنهم افترقوا تسعة و التقوا أحدَ عشرة، لكن معَ كُلِّ تلكَ التغيرات هُم مازالوا أولئكَ الرفاقَ الذينَ خاضوا السراء و الضراء معًا.
قالت جوليا بحماس : لقد تدربتُ بجدٍ حقًا من أجلِ أن لا أخسرَ من قبلِكم جميعًا !!، لا أزالُ لستُ بمستوى والدتي لكنِ أملكُ مُطلقَ الثقةِ بأني لن أخسرَ بسهولة !!، اوه صحيح !، حتى مع أني لم أعد أملكُ سببًا للذهابِ إلى تلكَ القرية بعد الآن لكن كما توقعت أمي محقة !، يكفي أن أكونَ راغبةً في رؤيتها معكم جميعًا بعد كُلِّ شيء !!.
أجابت روبي مبتسمة : معكِ حق، على الأرجحِ فقد تغيرت أسبابُ الجميعِ على أيةِ حالٍ... فحتى بالنسبة لي لم يعد لديَّ أيُ سببٍ للذهابِ سوى إكمالُ ما بدأتهُ.
ابتسمَ هايدن ابتسامةً عريضةً كما عادتهُ و حوطَ رقبةَ هاري بذراعهِ بقوةٍ ليقولَ بمرح : تمامًا !، بالإضافة أنا و هاري نتشاركُ نفسَ الهدفِ كذلكَ !!.
وقع نظرُ هايدن على راين لتتلاشى تلكَ الابتسامة فيردفُ بجدية : حولَ ما حدثَ قبلَ عام.. أنا فعلًا أعتذر ... ليسَ لديَّ أيُّ مبررٍ لما فعلتُه...
نظرَ لهُ راين بإستغرابٍ فحدّثَ ذاتهُ قائلًا : ما حدث قبلَ عام ؟...
هوَ فجأة قالَ بهدوء : اووه !، ذلك.. لا بأس أنا حقًا لستُ أهتم ...
ظهرت ابتسامةٌ بلهاء على وجهِ هايدن محدثًا ذاتهُ : لِمَ يبدو و كأنهُ نسي الأمر تمامًا ؟!!!
سأل هاري : ماذا عنكما ؟، راين و بياتريس.. أمازالت أهدافكما كما هي ؟
تبادلَ راين و بياتريس النظراتِ في ما بينهما ليجيبَ الأول : حسنًا.. ليسَ حقًا...
بياتريس : أنا كذلكَ...
غيرَ لوكي الموضوعَ قائلًا : إذًا.. ألن يخبرنا أحدٌ كيفَ حصلَ هاي تشي على خطيبة ~
نظرَ كُلٌّ من روبي و هاري إلى بعضهما و قالًا بصوتٍ واحد : أو~ه، هذا...
روت لهم مجموعةُ روبي عما حدثَ معهم في أرضِ المرايا ابتداءً من مقابلتهم لسَيلاه لأولِ مرةٍ و حتى باشروا في تعلمِ التشي، كيفَ أتقنوهُ خلالَ نصفِ عام و احترفوهُ بعدَ أربعةِ أشهرٍ أخرى، و خلالَ تلكَ الفترة كانَ هذان الاثنان مقربانِ كثيرًا من بعضهما بعضًا، كما روت لهما بياتريس عن غابة المحيط و كُلِّ تلك المخلوقات العجيبة داخلها و أخيرًا و بشكلٍ ما تطرقَ الموضوعُ إلى حكايةِ ماركوس، بالطبعِ حاولَ راين شرحَ الأمرِ لهم لكن انتهى الامرُ بماركوس أن يحكيَ لهم عن نفسهِ، و عن نفسهِ الحقيقية هذهِ المرة، و بالطبعِ دخلَ مقابليهِ في دوامةٍ منَ الحيرة فما يقولهُ الآن يعني أنَّ ماركوس الذي كانَ معهم منذُ سنواتٍ و حتى الآن ليسَ سوى وهمٍ لَم يكن لهُ وجودٌ منَ الأساسِ، بالطبعِ هوَ اعتذرَ لهم مرارًا و تكرارًا لكن الصمتَ أخذَ عنوانًا لثلاثتهم
في النهاية ابتسمَ هايدن بمرحٍ كعادته و أخذَ يصفعُ ظهرَ ماركوس بقوةٍ شديدةٍ هاتفًا : أهذا كُلُّ شيء !، يا رجل لقد ظننتُ أنكَ تسببتَ في حربٍ عالميةٍ في مكانٍ ما !!.
أردفَ بنبرةٍ هادئة : حتى و إن تغيرَ اسمكَ أو شكلكَ... مار يبقى مار بالنسبة لي !، صحيح يا رفاق ؟.
أومأ كُلٌّ من روبي و هاري بالإيجابِ و ابتسامةٌ دافئةٌ تزينُ ثغريهما مما دفعَ ماركوس للنظرِ إليهما بتعجبٍ تارة و إلى هايدن تارةً أخرى
هوَ فقط تجمعت الدموعُ في عينيهِ بكثرةٍ لتتساقط بصمتٍ فسألَ هاري : إذًا بما نناديكَ منذُ الآنَ فصاعدًا ؟
هتفَ هايدن من فورهِ : أنا لَن أتخلى عن مار الخاصة بي أبدًا !!
مسحَ ماركوس دموعهُ سريعًا ليستبدلها بابتسامةٍ مشرقةٍ قائلًا : لا بأس بمناداتيَ بماركوس كما اعتدتم... و أيضًا هاي تشان.. أعطيكَ الإذنَ لمناداتيَ بذلك !.
حوطَ هايدن رقبةَ ماركوس بذراعهِ و أخذَ يعبثُ بشعرهِ بالذراع الأخرى قائلًا : أأتخيلُ أم أنكَ أصبحتَ مغرورًا مؤخرًا !.
لحظاتٌ من السعادة أدفأت قلوبَ تلكَ المجموعة التي تبدو فقط كعائلةٍ كبيرة فاستمرَ أفرادها بالمزاحِ و تحويلِ الأوضاع الجدية إلى مزحاتٍ سخيفة و أخرى جيدة بينما يتناولونَ الحلويات، و كم من مرةٍ كادَ هذا و ذاك أن يختنقَ بطعامهِ من الضحك، و أخيرًا إنتهى اليومُ و حلَّ اليومُ التالي ليقررَ كُلٌّ من بياتريس و راين رويَ ما لديهما للبقية، عن تلكَ المعركة... و ماضيهما الذي يشتركانِ فيهِ مع النيغرو فينوس، لكن هذهِ المرة، كان راين هوَ البادئ.


- إكسينو. 08-24-2017 05:22 PM






الزهرة السابعة و السبعون : فلوريس بيوبلو 1.
" - : مـ ما هذا... أنا أهوي إلى الأسفل ... غريب... مع أني كُنتُ أحدقُ بظهرِ والديَ قبلَ لحظة... معَ ذلكَ لا أبصرُ الآنَ سوى الظلام... لم أعد أميّزُ إن كُنتُ أهوي حقًا أم أنها مخيلتي فقط... كُلُّ ما أشعرُ بهِ هوَ اللاشيء، كما لو كُنتُ أعومُ في الفراغ، فراغٌ غيرُ محدود.. و عتمةٌ دمساء... و.. اللاشيء."
كوخٌ بنيَ بجذوعِ الشجرِ عسليةِ اللونِ مرتبةٌ أفقيًا فوقَ بعضها بعضًا تتشبثُ ببعضها بتلكَ الحبال النباتية خضراء فاقعة اللون، السماءُ فوقهُ تشعُ زُرقةً كما لَم تفعل من قبل، و الشمسُ تمطرُ بأشعتها الدافئة على المكان، بينما نباتاتٌ بأشكالٍ عجيبة تحتلُ الأرضَ فبعضها سياطٌ متسلقة أو عواميدٌ خضراء مقوسة بنهاياتٍ حلزونية مدورة تكتسيها الأشواك و حتى زهورُ عبادِ شمسٍ تكادُ تطالُ السماء فتمردت بعضُ الأغصانِ و النباتات المتسلقة لتزحفَ على السقفِ المثلث لذلكَ الكوخ، أما داخلهُ، طفلٌ أشقر تربعَ متكئًا على الجدارِ و عيناه الخضراوتانِ تركزانِ على الكتابِ بينَ يديه، و قريبًا منهُ تستلقي بنية الشعر على معدتها و تسندُ كوعيها إلى الأرضِ ثُمَّ خدها على راحتها اليسرى بينما تقلبُ صفحاتِ الكتاب المستلقِ أرضًا بيدها اليمنى ملوحةً بقدميها في الهواء و ابتسامةٌ لطيفة مرسومةٌ على شفتيها
لم يدم ذلكَ السلامُ طويلًا فإذ بأشقرِ الشعرِ يرمي كتابهُ في الهواءِ فيضربُ الأرضَ بقدميهِ هاتفًا : تبًا لهذا !، سأموتُ مللًا !!.
استلقى أرضًا يحدقُ بالسقفِ لتقلبَ الفتاة صفحةً من كتابها فتقولُ : اخفض صوتكَ إتشان..
اكتفى الاشقرُ بالهمهمة إيجابًا دونَ أن يحركَ ساكنًا لينهضَ بعدَ مدةٍ متوجهًا نحوَ تلكَ المرآة الكبيرة المعلقة على الحائط و التي تكادُ تطالُ الأرضية و السقف لولا بضعِ سانتيمترات حالت بينها و بينَ ذلكَ.
تذمرَ هامسًا بينما يطالعُ إنعكاسهُ عليها : أتمنى أن يحدثَ شيءٌ مثيرٌ للاهتمام.. كأن يخرجَ إنعكاسيَ من المرآة مثلًا..
ابتسمَ ساخرًا في النهاية قائلًا : و هذا أمرٌ مستحيل...
توهجت المرآة حلقيًا كسطحِ الماءِ إذ بشيءٍ يخرجُ منها و تزامنًا مع توسعِ عيني الأشقر خرجَ شخصٌ ما من المرآة فعلًا، ابتعدَ الأولُ ليسقطَ الأخيرُ على الأرضية
قالَ الأشقرُ بفزع : واااااههه !!!، لقد خرجَ فعلًا !!!!
تقدمت الطفلة منهُ مع ابتسامتها المعتادة لتقول : تعلمُ أنَّ هذا مستحيل صحيح ؟، إتشان.
أشارت إلى الطفلِ المستلقي أرضًا لتقول : انظر !، إنَّ شعرهُ أسودٌ على خلافك.
هتفَ الأشقرُ فزعًا : أنتِ تركزينَ بالجزءِ الخاطئِ من الموضوع !!
نظرَ أشقرُ الشعرِ نحوَ أسودهِ ليلتقطَ عصا تقليبِ الحطبِ فيبدأ بوكزِ الأخيرِ بها
قالَ : كيفَ لشخصٍ ما أن يخرجَ من المرآة فجأة على أيِّ حال ؟.
قررَ الأشقر أخيرًا قلبَ أسود الشعر على ظهرهِ ليبرزَ وجههُ بوضوحٍ أخيرًا ، كانَ بشعرٍ أسودَ فاحم و بشرة بيضاء كغيومِ الصيفِ تمامًا، لمسهُ الأولُ بحذرٍ شديدٍ مستعملًا طرفَ إصبعهِ ليتحسسَ برودةَ جسدهِ كما لو كانَ أحدَ الأموات
فزعَ ليهتف : هـ هذا الشخص... ميت ؟.
ازدردَ ريقهُ مقطبًا حاجبيهِ ليقتربَ من النائمِ بحذرٍ شديدٍ فوضعَ أذنهُ فوقَ صدرِ الأخيرِ يستمعُ إلى نبضاتِ قلبه
قالَ هامسًا : نبضهُ ضعيف...
وضعَ يدهُ أمامَ أنفِ أسود الشعر ليردف : و.. نفسهُ طبيعي...
توجهَ أشقرُ الشعرِ نحوَ بنيتهِ واضعًا العصا بينَ يديها فقال : ساتشي، احملي هذهِ قليلًا.
أومأت الطفلة باستغرابٍ بينما توجهَ هوَ نحوَ أسودِ الشعرِ مجددًا مشرعًا بسحبهِ من قميصهِ إلى خارجِ الكوخِ و بنية الشعرِ تلحقهُ بترددٍ حتى ابتعدا بضعَ أمتارٍ عن المنزل بشقِ الأنفس ، أخذَ الأشقرُ عصاهُ مجددًا و وقفَ ينتظرُ إفاقةَ ضيفهِ القادم من المرآة بصحبةٍ كستنائية الشعرِ، لم تمضِ مدةٌ طويلةٌ حتى أفاقَ أسودُ الشعرِ و ما كانَ أولُ ما يبصرهُ سوى تلكَ العينان الخضراوتان الواسعتانِ تحدقانِ بهِ عن قرب
نهضَ فزعًا يزاحفُ إلى الخلفِ فهتف : و- واااااااهه، مـ.. مـ مـ مـ من أنتِ !!.
و ما لبثَ حتى حجبَ الشمسَ بساعدهِ متذمرًا : ساطع !!.
التفتت الطفلة نحوَ الطفلِ بجانبها تشيرُ نحوَ أسودِ الشعرِ بسببابتها فقالت بهدوء : لقد أفاق ، إتشان.
رفعَ أشقرُ الشعرِ عصاهُ في وجهِ أسودهِ ليقول : ابتعدي عنهُ ساتشي !!، إنهُ خطر !.
هتفَ أسودُ الشعرِ منزعجًا : عن ماذا تتحدث !، ليس وكـ -
حدقَ أسودُ الشعرِ بعيني الطفلانِ أمامهُ ليهمس : لون عينيهما.. مختلف..
هتفَ أشقرُ الشعرِ بعناد : هذهِ جملتي أنا !، جميعُ سكانِ هذهِ القرية بعيونٍ خضراء إلا حظرتك !، من تكون !!
حدقَ بهِ أسودُ الشعرِ فاغرًا فاهُ بذهولٍ ليهتفَ بعد بضعِ وقتٍ بفزع : بـ.. بـ بـ بشر !!
رفعَ أشقرُ الشعِر أحدَ حاجبيهِ مستنكرًا : هاه ؟، بالطبعِ نحنُ كذلك !.
ازدرد أسودُ الشعرِ ريقه و عادَ إلى الخلفِ أكثر ليقول : و- وااااههه، لستَ تملكُ أنيابًا كبيرة صحيح ؟، كما أن أظافركَ لا يبدو أنها مخالب... لـ لن تقومَ بأكلي صحيح ؟.
رفعَ أشقرُ الشعرَ حاجبهُ الآخرَ كذلكَ ليقولَ مستغربًا : و لِمَ قد أفعلُ ذلكَ ؟، على أيّ حال أأنتَ بخير ؟، أمتأكد أنك لم تصدم رأسك أو تجنَ من الجوع ؟.
ردَّ أسودُ الشعر : لـ لأن البشر مخلوقاتٌ مخيفة تأكلُ الكائنات الأخرى .. لن تأكلني لأنني شيطان صحيح...
عادَ أشقرُ الشعرِ خطوةً إلى الوراء قائلًا : شـ شيطان..
هتفَ مردفًا : أوليسَ العكس !، أنتم مسوخٌ مرعبة تتغذى على دماء البشر !!.
تقدمَ أسودُ الشعرِ من أشقرهِ ليقولَ منزعجًا : غيرُ صحيح !!، نحنُ لا نؤذي شيئًا أو أحدًا !!.
هتفَ الأشقر : كما لو أنني أصدقك !!.
اقتربت بنية الشعرِ من أسودهِ فقالت : هيي، أدعى سارا... و هوَ إدغار... ماذا عنكَ ؟.
ازدردَ راين ريقهُ فهمس : ر.. راين...


- إكسينو. 08-25-2017 05:04 PM






الزهرة الثامنة و السبعون : فلوريس بيوبلو 2.
اقتربت بنية الشعرِ من أسودهِ تمدُّ يدها لهُ فقالت : هيي، أدعى سارا... و هو إدغار... ماذا عنكَ ؟.
صاحَ بها أشقرُ الشعرِ : اوي ساتشي !، لا تفصحي لهُ باسمكِ هكذا !.
ردت : و لِمَ لا ؟.
ازدردَ راين ريقهُ فهمس : ر.. راين..
التفتت نحوهُ تتسائلُ منزعجة : ماذا ؟، لماذا ؟، إنهُ كئيبٌ جدًا !.
ابتسمت ثُمَّ أردفت : إذًا سأناديكَ ران تشان من الآنَ فصاعدًا !.
أنكرَ راين سريعًا : مهلًا !، لا تتوقعي مني تكوينَ صداقةٍ معكِ أيتها البشرية !!.
هتفَ إدغار بغضب : أنى لكَ الحديثُ معَ شقيقتي بهذهِ الطريقة !.
تجاهلتهُ سارا لتردَّ على راين : لكنكَ تصافحُ يدي بالفعلِ...
راين : ماذا ؟.
نظرَ نحوَ يدهِ فإذ بهِ متشبثًا بكفِّ يدها بالفعلِ كما قالت
سارا : إيهيهي، أرأيت !.
حدّقَ راين بوجهها باستغرابٍ بينما يطرفُ بعينهِ بضعَ مرةٍ ليبتسمَ بعدها بودٍ قائلًا : لقد فهمت.. سررتُ بلقائكِ سارا.
ابتسمَ إدغار بتكلفٍ محاولًا بكلِّ جهدهِ أن يكبتَ غضبهُ فقالَ مشددًا : لا تتجاهلني.
التفتَ راين نحوهُ ليقولَ بعفوية : إن بقيتَ غاضبًا طوالَ الوقتِ هكذا ستصبحُ أصلعًا...
هتفَ إدغار : إذهب إلى الجحيم !!.
رفعَ راين كفيهِ بموازاةِ كتفيهِ باسطًا إياهما مغمضًا عينيهِ ليقولَ : و إن كُنتَ توّدُ أن اُسعدَ بلقائكَ فقل ذلكَ بوضوح
هتفَ إدغار مجددًا : كما قلت اذهب إلى الجحيم !!.
نظرَ راين إلى سارا سائلًا : أهو هكذا دومًا ؟.
أومأت سارا بالإيجاب لتجيبَ ببراءة : أجل .
هتفَ إدغار بغضب : هَي !!.
سألت سارا : إذًا، ران تشان، كيفَ جئتَ إلى هُنا ؟.
أمسكَ راين برأسهِ مجيبًا بهدوء : هذا ما أوّدُ أنا معرفته...
هدأ إدغار قليلًا ليقول : أنتَ فقط ظهرتَ مِن مرآةِ منزلنا فجأة !، لقد كانّ ذلكَ مخيفًا بصراحة، وفي النهاية اضطررتُ لسحبكَ إلى هُنا.
راين : آخرُ ما أتذكرهُ هوَ أني سقطتُ في فجوةِ شجرةِ الدمِ و...
أكملَ محدثًا ذاته : هذا صحيح... والدي أمرني أن أكتسبَ القوةَ عابرًا تلكَ الفجوة التي أمست طريقةً فعالةً للإنتحار... هو كما لو أنهُ تخلى عني فقط...
إدغار : و ؟.
راين : لا.. لا تهتم.
سألت سارا بفضول : ماهيَ شجرة الدم ؟.
راين : اوه، هيَ مصدرنا للدماء، أخبرتكم ألم أفعل ؟، نحنُ لا نشربُ دماء البشر !.
التفتَ حولهُ سائلًا : إذًا، ما هو هذا المكانُ على أية حال ؟.
تخلى إدغار أخيرًا عن وضعية الهجوم ليردَ بجدية : إنهُ البداية و النهاية لكُلِّ شيء... فلوريس بيوبلو.
رفعَ راين أحدَ حاجبيهِ مستنكرًا بينما يعقدُ ذراعيهِ قائلًا : هوووه، و ما الذي يجعلُ هذا المكانَ مميزًا إلى هذهِ الدرجة ؟.
أشارت سارا بسبابتها إلى مجموعةٍ منَ الزهورِ الحمراء التي تطلقُ وهجًا خفيفًا حولها ليتقدمَ إدغار منها قائلًا : أترى هذهِ الزهور المشعة ؟.
أومأ راين بالإيجابِ لتشيرَ سارا نحوَ الزهورِ البيضاءِ هذهِ المرةِ فيقولُ إدغار : و أترى تلكَ الزهور البيضاء المشعة ؟.
أومأ راين مجددًا ليشيرَ إدغار و سارا إلى زهورٍ ذهبية و أخرى رمادية كذلكَ : و أترى تلكَ الذهبية والرمادية هُناك ؟.
راين : اُقسمُ إنني أراها !، ما الخطبُ معها بأيّةِ حالٍ ؟.
إدغار : الزهورُ الحمراء تمثلُ البشر، البيضاء تمثلُ الشياطين، الذهبية للخيميائيين و الرمادية للمجنحين.
ابتسمَ راين زافرًا بسخرية ليقول : أتودُ إقناعيَ بأنني زهرة ؟.
تنهدَ إدغار بقلةِ حيلةٍ ليقول : ابحث بعينيكَ بينَ الزهور البيضاء، من المفترض أن تكونَ هُناكَ واحدةٌ تتوهجُ بلونِ قوسِ المطر، أخبرني إن وجدتها لكن لا تدلني على مكانها.
قامَ راين بما أملاهُ عليهِ إدغار ليقول بعدَ مدة : أنتَ على حق، إنني أراها ...
سارا : من المفترضِ بهذهِ الزهرة أن تكونَ زهرتكَ إذًا، بالنسبةِ لنا فكلُّ الزهور البيضاء تتوهجُ بياضًا، فقط ساحب الزهرة يستطيعُ رؤيةَ قوسِ المطرِ حولها، لذا وبما أننا بشر فزهرتنا الحمراء تتوهجُ هكذا كذلكَ.
راين : زهرتي ؟.
إدغار : بعبارةٍ أخرى، إن ولدتَ تَنبُت، و إن نَبَتت تولدُ، إن ذبلت و اختفت متَ و إن متَ تذبلُ و تختفي، أما إن قطفت فستمسي جسدًا بلا روح... أنتَ هوَ الزهرة و الزهرةُ هيَ أنت.
همهمَ راين مطولًا و قد بانَ عليهِ عدمُ تصديقِ أقوالِ مقابلهِ فزفرَ إدغار قائلًا : أرني مكانَ زهرتكَ.
رفعَ راين أحدَ حاجبيهِ مستنكرًا : ألم تقل أن لا أفعلَ توًا ؟.
تقدمَ إدغار نحوَ الزهورِ البيضاء مجيبًا : سأريكَ، سأثبتُ لكَ كلامي عن طريقِ تجربةٍ بسيطة.. لا تقلق ليسَ و كأنني ي ساقتلكَ.
أشارَ راين إلى زهرتهِ دونَ ترددٍ فبالنسبةِ لهُ مايقولهُ إدغار ليسَ سوى ترهاتٍ لا أساسَ لها، أحاطَ الأخيرُ إبهامهُ و سبابتهُ بساقِ الزهرة المنشودة ليعتصرها بقوةٍ كما لو كانَ يحاولُ قطفها، في تلكَ اللحظةِ بالذاتِ نبضٌ قويٌ اجتاحَ قلبَ راين بقوةٍ كما لو أنّ جسدهُ بالكاملِ ينبض، أخذَ يرتجفُ جاثيًا على ركبتيهِ متمسكًا بيمينِ صدرهِ بقوةٍ شديدةٍ معتصرًا ملابسهُ علَّ الألمَ يختفي و لَم يأخذ الأمرَ فترة حتى بصقَ دمائهُ خارجًا .


- إكسينو. 08-25-2017 05:38 PM






الزهرة التاسعة و السبعون : فلوريس بيوبلو 3.
نبضٌ قويٌ اجتاحَ قلبَ راين بقوةٍ كما لو أنّ جسدهُ بالكاملِ ينبض، أخذَ يرتجفُ جاثيًا على ركبتيهِ متمسكًا بيمينِ صدرهِ بقوةٍ شديدةٍ معتصرًا ملابسهُ علَّ الألمَ يختفي، حدثَ ذاتهُ قائلًا : مؤلم.. مؤلمٌ جدًا... أشعرُ كما لو أنَّ جسديَ سينفجر أو يسحق.. توقف !، فقط توقف.
همسَ راين : توقـ--
و ما كادَ أن ينهيَ جملتهُ إذ بأوجٍ من الدماءِ يخرجُ من فمهِ مما أفزعَ كُلٌّ من سارا و إدغار ليقتربوا منهُ بقلق
قالَ الأخيرُ متأسفًا : آسف، لقد بالغتُ قليلًا !، أأنتَ بخير ؟!!.
أومأ راين برأسهِ نافيًا ثُمَّ هدأ قليلًا ليهتف : بوضعِ ذلكَ جانبًا هذا مذهلٌ تمامًا !!، أن تكونَ حياتكَ متوقفةٌ على زهرةٍ صغيرةٍ و هشةٍ يمكنُ دهسها عن طريقِ الخطأ !!
ضحكت سارا بخفةٍ لتقول : ران تشان شخصٌ مختلفٌ فعلًا !.
رفعَ إدغار أحدَ حاجبيهِ مستنكرًا ليردَّ عليها : بل تعنينَ مختلًا !، من المفترضِ بكَ هُنا أن تفزعَ قائلًا " وااه ما هذا مخيفٌ جدًا " أو أن ترتجفَ قائلًا " لا تعبث معي !، يستحيلُ أن يكونَ هذا حقيقيًا " ولكنكَ فقط تبدي إعجابكَ بأمرٍ حدوثهُ ضرب من الجنون.
أجابَ راين باستغراب : لكنهُ فعلًا مذهل، الأمرُ كما لو كانَ يخبركَ أنّ قيمةَ حياةِ الزهرة التي تقطفها و حياتكَ بنفسكَ هُما الشيءُ ذاته !.
أشارَ إدغار بإبهامهِ نحوَ منزلهما قائلًا : على أيّ حالٍ لِمَ لا نبدأ بفحصِ مرآتنا على سبيل المثال ؟.
أومأ الاثنانِ إيجابًا ليدخلَ الثلاثة إلى الكوخِ مجددًا يقفونَ أمامَ المرآة التي خرجَ منها راين نفسها
أمسكَ بها إدغار ينظرُ إلى انعكاسه : لا يبدو كما لو أنّ فيها خطبًا ما...
أمسكت بها سارا بدورها لتقول : معكَ حق.
مدَّ راين يدهُ نحوَ زجاجها بينما يقول : مهلًا أتقولانِ أنني محبوسٌ هُنا إلى أجل غيـ--
ما كاد ينهي جملتهُ حتى تلامست أناملهُ معَ زجاجِ المرآة لتشكلَ نورًا حلقيًا كما لو كانَ سطحَ سائلٍ ما فتغطسُ يدهُ في المرآةِ بالكاملِ
هتفَ راين فزعًا بينما يحاولُ إخراجَ ذراعهِ التي تستمرُ بالغطسِ داخلها : وااااهه، ما هذا !!، مخيف !، لا بل مقرف !!.
بنبرةٍ لامباليةٍ قالَ إدغار : وااوو~
هتفَ راين بهِ بفزع : كفَّ عن التحديقِ و تعالَ ساعدني !!.
تقدمَ إدغار من راين بهدوءٍ ليقولَ بعدمِ المبالاة ذاتهِ : قادم ~.
تمسكَ إدغار بظهرِ راين ليدفعهُ إلى الداخلِ مما دفعَ بالأخيرِ للهتافِ بصوتٍ أعلى : مهلًا ماذا تفعل ماذا تفعل !، بحقِ الجحيمِ إسحبني إلى الخارج !!!.
ظهرت علاماتُ الدهشةِ على وجهِ إدغار ليضربَ قبضتهُ بكفِ يدهِ بعموديةٍ قائلًا : اوووه !.
قامَ إدغار و سارا بسحبِ راين ليخرجَ من المرآةِ بصعوبةٍ فيسقطُ الثلاثةُ أرضًا
زفرَ راين براحه : واهه هذا كانَ وشيكًا !.
سأل إدغار : ألم تكن تنوي العودة إلى عالمكَ ؟.
أشاحَ راين بصرهُ قائلًا : وددتُ لو أستكشفُ المكانَ بما أنني هُنا على أيّةِ حالٍ...
إدغار : ألستَ تودُّ لو تبقى هُنا أكثرَ فقط ؟، هل أعجبتَ بي ؟.
هتفَ راين منزعجًا من فورهِ : و لا حتى لو كُنتَ إخرَ إنسانٍ في العالم !!.
قاطعتهما سارا : على أيّ حال..
نظرَ لها الاثنان باستغرابٍ لتشيرَ نحوَ المرآةِ بينما تقولُ بعفوية : لِمَ لا يملكُ ران تشان إنعكاسًا في المرآة ؟.
سيطرت ملامح الفزع على راين ليتجهَ نحوَ المرآة بينما يتحسسُ جسده : غير موجود !!، جسديَ غيرُ موجود !!، هذا مقرف !!.
سألَ إدغار ساخرًا بنبرةٍ لا مبالية : واو ألستَ في الواقعِ مصاصَ دماء أو شيء من هذا القبيل ؟
هتفَ بهِ راين منزعجًا : لستُ كذلك !، و ما الذي تعنيهِ بمن هذا القبيل !!.
إدغار : حسنًا إهدأ، أنتَ من عالمٍ آخر لذا ربما هذا هوَ السبب.
نظرَ راين نحوَ سارا ليقولَ بهدوء : شقيقكِ ذكيٌ بشكلٍ غير متوقع.
سارا : أليسَ كذلكَ ~، الجميعُ يقولُ هذا.
هتفَ بهما إدغار منزعجًا : ماذا تعنيانِ بشكلٍ غير متوقع !!.
" راين : هذا كانَ أولَ لقاءٍ لي مع سارا و إدغار... بعدَ كُلِّ ما حدثَ انتهى بيَ الأمرُ في مكانهما حتى غروب الشمس، و رغمَ شجاريَ الدائم معَ إدغار و غرابةِ سارا فقد أصبحنا أصدقائًا بسهولة، حتى قررتُ العودة و انتهى بيَ الأمرُ بعبورِ المرآة "
فتحَ عينيهِ ببطء شديدٍ ليتجهَ نحوَ الستائرِ مزيحًا إياها فيبرزُ أمامهُ منظرُ تلكَ السحب الرمادية التي تحجبُ أشعةَ الشمسِ فلا يعبرُ منها سوى القليل، نظرَ إلى ساعتهِ المعلقة على الجدارِ فإذ بها السادسة صباحًا
تخللَ مسامعهُ صوتُ صريرِ البابِ يُفتحُ فقالَ متسائلًا : ما الأمرُ إيفا ؟، تأتينَ في هذهِ الساعة...
احتضنتهُ إيفا سريعًا لتجيب : حمدًا لله أنكَ بخير !، آسفة راين مع أنّ والدكَ أحمق لكن أعدكَ أنني سأوبخهُ جيدًا لأجلكَ !.
سأل راين مستغربًا : عمَّ تتحدثين ؟.
إيفا : ألا تتذكر ؟.
إيفا : تمَّ اجباركَ على دخولِ شجرة الدم، إختفيتَ لوهلةٍ لكنكَ ظهرتَ قريبًا منها مع طلوعِ الفجرِ وبقيتَ فاقدًا لوعيكَ منذُ ذلكَ الحين.
" راين : في تلكَ اللحظة، شعرتُ بسعادةٍ غامرةٍ لم أشعر بها في حياتيَ قبلًا !، ذلكَ لَم يكُن حلُمًا !، أستطيعُ رؤيةَ سارا و إدغار مجددًا !، تلكَ القرية لم تكُن سرابًا !، ذلكَ التفاح المصنوع من الذهب !، تلك البحيرة ذات لونِ العسل !، كُلُّ شيءٍ كانَ حقيقيًا تمامًا !، أتطلعُ لذلكَ حقًا... للذهابِ إليها مجددًا."


- إكسينو. 08-26-2017 06:10 PM






الزهرة الثمانون : ما قبل المأساة .
في تلكَ القريةِ نفسها ، داخل ذلك الكوخ ، جلس إدغار و سارا أمامَ تلك المرآةِ نفسها ، جلس الاثنانِ يحدقان بها بنظراتٍ ثاقبة هيمن عليها الإصرار كأنما ينتظرانِ شيئًا منها و هاهي تتموجُ حلقيًا كالمرةِ السابقة أخيرًا و يسقطُ منها ذلك الفتى ذا الشعرِ الأسود
ارتطمَ بالأرض ليهتف : مؤلم !!
فتحَ عينيه سريعًا ليجدَ سارا و إدغار يحدقانِ به بتركيز فسأل : مـ .. ماذا ؟
إدغار : لا ... ظننتُ أني كنتُ أحلم فقط ...
راين : و كيف لكما الحلمُ بالأمرِ ذاته جديًا !
سارا : الأمرُ يحدث كثيرًا بين التوأم ، لا فائدة من سؤالِ بعضنا بعضًا ...
همهم راين بهدوء بينما ينهضُ من على الأرض لتهتف سارا مشيرةً إليه
سارا : أنظر إتشان ! إنه حقيقيٌ بالكامل!
اقتربَ إدغار من راين ثم قال : اوه ، أنتِ على حق !
هتفَ بهما راين منزعجًا: بالطبعِ انا كذلكَ !!...
سارا : ماذا يعني هذا ؟ لم يحدث أمرٌ مماثلٌ من قبل !
راين : لا يهم صحيح ؟ فلنذهب لنحضى ببعضِ المرح !
" راين : هكذا أصبحت زياراتي إلى قريةِ الزهور شبه يوميّة ، اكتشفتُ كون تعاقب الليل و النهار فيها مقلوب عنه في عالمنا ، أصبحتُ إن حلّ الليل و ذهبتُ للنوم ، أتسللُ إلى قريتهما ، أما والداي ، لوكا و ماري ، أصبحوا يعتقدون أني بدأتُ السير أثناءَ النوم ، لا ألومهم فلسببٍ ما وعيي هو كلُّ ما ينتقل إلى القرية ، و جسدي ينهار أمام شجرةِ الدم فقط ، على ما يبدو فإنهم يعثرون عليه هناك في كلّ ليلة ، في النهاية أخبرتُ ليكس عن تلك القرية ، و منذ وقتٍ ليس ببعيد عن ذلك أصبحَ جسدي ينتقلُ إليها كذلك ، و في أحد تلك الأيام ."
يجلسُ إدغار فوق أغصانِ الأشجار كالعادة ، سارا تطاردُ الحلزونات العائمة في الأسفل و راين يتشبثُ بالشجرة بمفاصلِ ركبتيه و يعلّق جسده رأسًا على عقب على الغصن أعلى إدغار كالعادة
سأل إدغار بهدوء : نيه يا أسود ...
فردّ راين بهدوء بدوره : ما الأمر يا أشقر ...
إدغار : لِمَ كان نبضُ قلبك ضعيف حين وجدتك آنذاك ؟ بالأحرى هو ضعيفٌ دومًا ...
أمسكَ راين بكفّ يد إدغار و وضعه على يمين صدره قائلًا : ما الذي تقوله ؟ انظر إنه طبيعي ...
فقالَ إدغار بتعجب : أقلوبُ مصاصي الطماطم على اليمين ؟
فردّ راين بتملل : و هل الشمس هنا ساطعة ؟ بالطبع هي كذلك !، كما أنني شيطان !.
إدغار : قـ ... قلوبنا على اليسار أتعلم ؟
تأرجحَ راين ثمّ ترك غصنه و تشبّث بالغصن قربَ إدغار فجلسَ فوقه القرصاء ليهتف : أقسِم !! أنتم كائناتٌ غريبةٌ بحق !!
إدغار : هذه جملتي أنا !!
حوّطت سارا فمها بكفيها و هتفت : ران تشان ! إتشان !
أشارت بإحدى يديها إلى الخلف و أردفت : الشمس على وشك أن تغرب !!
راين : هذا سيئ !
التفتَ إلى إدغار ثمّ قال : ننهي المحادثةَ لاحقًا !
هبطَ راين عن الشجرة و تقدّم نحو سارا مربتًا على شعرها بلطف : سأعود قريبًا !
فأومأت له سارا بالإيجاب و هتفت بسعادة : أجل !
عادَ راين إلى المنزل و وقفَ أمام المرآة ، مدّ يده إليها فإذ بصاعقةٍ تجري في جسده تدب فيه فزعا فهتف مستغربًا و الفزع يهيمن على وجهه : لـ ... لا يمكنني العبور !! لِمَ ؟
و ما لبثَ أن أنهى جملته حتى شعرَ برئتيه على وشكِ الإنفجار ، حاولَ أن يأخذ أنفاسه لكنه توقفَ قبل أن يبدأ ، إن تنفس مات ، و إن لم يتنفس مات ، وهنَ جسده بعد أن شعرَ بتلك الصاعقة تأتيه من جديد تسري من رأسه وصولًا إلى قدميه ، جثا راين على ركبتيه ، فقدَ وعيّه تزامنًا مع سطوعِ المرآة وهجًا بنفسجي اللون ، غرقَ راين في الظلام ، غرق فيه في تلك الليلة ، فعليًا و معنويًا ، جسديًا و عاطفيًا ، بعد برهة تسلل الضوء إلى عينيه ليلمحَ تلك النيران التي أحرقت قلبه ، القرية التي لطالما أشارَ إليها بقريتي ، تحترق أمام عينيه ، إدغار يموت متوسلًا له إنقاذَ شقيقته ، يهرولُ راين إليها ، الدماءُ داخل عينيها ، يمسكها من يدها ساحبًا إياها نحو الغابة ليصدمهُ ذلكَ الشخصُ الواقفُ امامهُ.
توقف راين فجأة ليهتف : مايكل ؟ ما الذي تفعله هنا ؟ اهرب سريعًا
كانَ فتى يكبرُ راين بأكثرِ من خمسةِ أعوام ، برتقالي الشعر أخضر العينين ، بشرة مائلة إلى السمرة
همسَ الفتى : مايكل ؟ تقول ...
قهقه الفتى باستهزاء : من كانَ ذلك يا ترى ؟
تشبثت سارا بيد راين الذي عادَ خطوةً إلى الخلف خطوةً أكثر ، فسألَ بتردد ما الذي تقوله ؟ مايكل ...
خطا المدعو مايكل خطوةً إلى الأمام مترنحًا ، طأطأ رأسه إلى الأسفل لتغطي خصلاتُ غرته عينيه
مايكل : كما قلت ... لم يعد مايكل موجودًا ! لقد وقعت في حب قاتلة والداي ! المجرمةُ التي مزقتهما بينما ترتشف دماءهما !، يا والدي غوردون ، و يا والدتي بِرونيكا ، من أجل ألا أنسى من تكونان ... من الآن فصاعدًا ، سيكون اسمي ... غو.. بر ، هذا هو دليلُ كونكما كنتما على قيدِ هذه الحياةِ البائسة !
فتحَ راين عيناه على أوسعهما و هو يراقبُ الفتى الذي أمامه يضحكُ بهستيرية كالمجنون و هو يمسكُ بطنه و هو يترنح هنا و هناك ، لكن راين سرعان ما حمل الجدية في ملامحه و قطّب حاجبيه و ضغط على كف سارا ، لم يمضِ الكثيرُ من الوقت حتى جرى متخطيًا غوبر و غاصَ عمق الغابة
هتفَ أسمرُ البشرة : إلى أينَ يا فريستي !، سيكونُ تمزيقكما هوَ أولُ عملٍ لي من أجلِ التقربِ إليها !!.
همس لنفسه : حتى لو دفعتُ حياتي ثمنًا ، أنا فقط سأحميكِ سارا !!
كانَ راين يجري سريعًا، و سارا بالكادِ تجاريهِ في السرعة، و أما مايكل أو غوبر كما يدعو نفسه فسرعتهُ نافست فهدًا، و على غيرِ هُدى، فقط لأجلِ الخلاص، استمرَ الاثنانِ يركضانِ نحوَ المجهولِ.


- إكسينو. 08-27-2017 08:34 PM






الزهرة الحادية والثمانون : ثقة.
قالَ راين موجهًا نظرهُ نحوَ الارضِ : الدافع وراء إحراقِ تلكَ القرية وقتلُ كُلِ سكانها هوَ من اجلِ دمائهم... كما ذكرتُ سابقًا الشيطان الذي يشربُ دماءَ البشر يكسبُ حياةً شبهَ ابدية... وعليه، زهورنا البيضاء ينتهي بها الامر بلونٍ أسودَ فاحم... ومن هُناكَ جاءَ إسمُ النيغرو فينوس، الزهرة السوداء.
سكتَ ثُمَ اردف : وعليه، سواءَ موتُ سارا وإدغار، او كُلُ ما حدثَ مع بياتريس ومعكم... كُلُ ذلكَ بسببي.
صمتَ راين وكذلكَ جميعُ مَن حولهُ، ليسَ وكأنهم يضعونَ اللومَ عليه، بل الكلمات فقط تآبى الخروجَ من افواههم، فماذا عساهم يقولونَ لهُ للتخفيفِ عنهُ في مثلِ هذا الموقف، ومعَ إنَ كلامهُ غيرُ قابلٍ للتصديق من الوهلة الاولى إلا إنهُ يفسرُ الكثير، معرفتهُ الواسعه حولَ القرية، حقده تجاهَ النيغرو فينوس، وتحميلُ نفسهِ ذنبًا لم يقترفه.
كسرَ هايدن صمتهم بصوتهِ الخافتِ قائلًا : هذا ماعنيتهُ بخيانتكَ لهم... ولهذا تودُ العودةَ إلى فلوريس بيوبلو... وماذا بعد ؟، تحرقُ نفسكَ بنارِ الندمِ مجددًا ؟.
إزدردَ راين ريقهُ ثُمَ اجاب : لديَ هدفانِ من العودة، الاولُ هوَ لقاءُ سارا وإدغار، طالما لم يتمَ شربُ دمائهما عندما كانا على قيد الحياة فروحيهما لن تبرحى ذلك المكانَ قبلَ مرورِ مائة وخمسونَ عامًا، اودُ الاعتذارَ بشكلٍ صحيح، اما الثاني، وبما انَ الزهرة وصاحبها متصلان، ساقومُ بقطفِ جميعِ الزهور السوداء وبالتالي ستختفي النيغرو فينوس.
إرتخت تعابيرُ وجهِ جوليا وتجلى الحزنُ مرتسمًا عليها لتقول : إنهُ ليسَ خطأكَ، راي..
هتفت روبي فورًا : بل هوّ كذلكَ !!.
اتسعت حدقتا عيني راين مجفلًا فقط كما سيطرت الصدمة على البقية ليخفضَ الاولُ رأسهُ إلى الاسفل
اردفت روبي : اوتضنُ إننا سنقولُ شيئًا كذها ؟، الهذا اخفيتَ الامَ عنا ؟، بعدَ كُلِ ما مررنا بهِ معًا !!، اضننتنا سنلقي اللومَ عليكَ ؟، سنترككَ ؟، اجبني !، الاتثقُ بنا كما نثقُ بكَ !.
حدقَ بها راين بذهولٍ لوهلةٍ ثُمَ قالَ بهدوء : اهذا هوَ رأيُكِ ؟.
وقفَ راين متجهًا نحوَ الباب لتلحقَ بهِ ميرا وروزماري وفورَ خروجهما نظرَ ماركوس نحوَ روبي قائلًا : أ أنتِ جادة روبي ؟.
هتفت المعنية : انا لَم اقل شيئًا خاطئًا !.
التفتَ ماركوس مغادرًا بدورهِ فقال : اوه حقًا !.
هتفت روبي مجددًا : ماذا عنكَ !، أ أنتَ جادٌ حقًا ؟، ماركوس !.
أجابَ دونَ النظرِ إليها : لاتنسِ إنني هُنا مِن اجلهِ روبي...
وما إن أنهى جملتهُ حتى خرجَ تاركًا البقية فحدقت بياتريس نحوَ روبي بنظراتٍ منكسرةٍ لتقولَ الاخيرة : ليسَ انتِ ايضًا.
عانقتها بياتريس بقوةٍ لتخففَ عنها هامسة : كلاكما غيرُ مخطأ، هما ليسا غاضبانِ منكِ !.
حيثُ راين، ميرا وروزماري هتفت الاخيرة بينما تجري : إنتظر اخي الاكبر !.
توقفَ راين عن السيرِ ملتفتًا نحوها لتتوقفَ الاخيرةُ بدورها راكعةً تلتقطُ انفاسها، رفعت رأسها نحوهُ فإبتسمَ لها مبعثرًا شعرها بفوضوية
سأل : ما الامر ؟، لما تصنعُ عزيزتي ماري مثلَ هذا الوجه ؟.
وضعت ماري يدها على يدهِ التي تعتلي رأسها وهيمنَ الحزنُ على تعابيرِ وجهها لتوقل : كَيفَ لي ان اكونَ بخيرٍ وانتَ لستَ كذلكَ اخي ؟.
إبتسمَ راين بإنكسارٍ وقد بانَ الحزنُ على عينيهِ : أ أبدو كذلكَ حقًا ؟.
تذمرت ميرا مجيبة: اكثرَ من ما تعتقد !.
تلاشت إبتسامةُ راين ليجلسَ وروزماري ارضًا قائلًا : في الواقعِ كلامُ روبي صحيح...
هتفت ماري من فورها : لا ليسَ كذلكَ !، وحتى وإن كانَ فانتَ لديكَ كُلُ الحقِ لتعتقدَ ذلكَ !، بعدَ كُلِ ما مررتَ بهِ...
راين : الافصاحُ عن الامرِ فعلًا صعبٌ جدًا.. لكنَ اكثرَ ما اخافني هوَ تركهم لي وإبتعادهم عني.. انا لم اثق بهم كما وثقوا بي، هُم وضعوا حياتهم في عهدتي اكثرَ من مرة.. لكنني.. فقط لم اثق بهم كما فعلواهم.. انا لستُ غاضبًا منها.. انا فقط غاضبٌ من نفسي... وحتى معَ ذلكَ... لازالَ مؤلمًا سماعُ ذلكَ منها مباشرة.
هتفَ ماركوس من بعيد : إنهُ كما قالت ماري تمامًا !.
جلسَ قريبًا امامهما مردفًا : حينَ لم اثق بكَ انا في ذلكَ الوقت انت قلتَ ان ذلكَ ليسَ بخيانة.. لَو إعتبرتَ ما حدثَ الانَ خيانة الا تضنُ انَ اعتقاديَ انكَ تكرهني خيانهَ ايضًا ؟.
راين : هذا وذاكَ امرانِ مختلفان.
وقفَ ماركوس هاتفًا : لا ليسا كذلكَ !، لما هُما مختلفان ؟، الأنكَ انتَ من تم إتهامهُ بالخيانةِ هذهِ المرة !، اتضنُ انكَ إن كُنتَ من يتأذى فلابأسَ بذلك ؟، احمق !!.
مد راين يدهُ نحوَ ماركوس قائلًا : ليكس--
ماركوس : لاتقترب حتى تجدَ حلًا لتفكيركَ الاحمقِ ذاك !.
ما إن انهى جملتهُ حتى ذهبَ تاركًا راين الذي ماتزالُ يدهُ ممدودةً بينما يحدقُ بأثرِ صديقهِ ليخفضها شيئًا فشيئًا.


- إكسينو. 08-28-2017 08:52 PM






الزهرة الثانية والثمانون : تفاؤول.
قطرة تسقط وسط الظلام.
رسمت إبتسامة بريئة على شفتيها لتقول : ران تشان المسكين ~
تقوسَ فاها إلى الاسفلِ لتقولَ ببراءة : لقد تَم التخلي عنكّ فورَ إفصاحكَ عن سركَ... مجددًا
سكتَ راين دونَ إجابةٍ لتردف : وها انتَ وحيدٌ مجددًا... للمرة الثالثة.
اكملَ عنها إدغار معاتبًا : لذلكَ اخبرتكَ.. ان لاتثقَ بايِ شخصٍ غيرنا... ومع ذلكَ...
سارا : انتَ فقط قمتَ برمينا بعيدًا...
اجابَ راين بصوتٍ مرهق : غيرُ صحيح.. انا لم نساكما يومًا..
سارا : اتركهم.. بقوتكَ الحالية لَن يهزمكَ احد...
إدغار : حتى تلكَ المرآة التي تدعو نفسها بياتريس.. هيَ ستترككَ كما البقية... هيَ ليست إستثناءً.. انها فقط تستغلكَ...
راين : هذا غير صحيح.... بياتريس.. ابدًا لن...
عبست سارا وقطبت حاجبيها بطفولية لتقول : ماذا ؟، بياتريس ماذا ؟.
إدغار : هَيي راين، يستحيلُ ان تكونَ نسيتَ بشأنِ بيتر وجوانا..
سارا : صحيح !، جوانا وبيتر، لاينر، فانيسا، تَيا، لقد تخلوا عنكَ فورَ إخباركَ لهم بالحقيقة الم يفعلوا !.
فتحَ عينيهِ البنفسجيتينِ بهدوءٍ محدقًا بالسقفِ الزجاجي فوقهُ بشرودٍ لوهلة فإلتفتَ يمينهُ ليلمحَ بياتريس التي تجاهدُ لإبقاءِ جفونها مفتوحةً بينما تجلسُ على الكرسيِ شبهُ نائمة
همسَ راين مستفهمًا : ما الذي تفعلينة ؟.
اجفلت بياتريس لتهتفَ بطفولية : كيا !.
قالت بإرتباكٍ بينما تشتتُ نظراتها في الغرفة : حسنًا.. بدوتَ وكأنكَ تعاني من بعضِ الكوابيس لذا...
إبتسمَ راين بلطفٍ مربتًا على رأسها فقال : لنذهب إلى حيثِ الجميع.
ردت بياتريس مستغربة : أ- أجل...
إتجهَ الاثنان إلى غرفة الجلوس حيثُ البقية فبدأ راين بالتحديقِ بوجوههم واحدًا تلوَ الاخر محدثًا ذاته : يستحيلُ ان يكونوا كبيتر وجوانا.. اليسَ كذلكَ ؟.
ودونَ ان ينطقَ احدهم بكلمة إستمرَ كُلٍ بالتفكيرِ بما يشغلهُ تحتَ اجواءٍ مشحونةٍ بالتوتر
قالَ هايدن محاولًا تلطيفَ الاجواء : إذًأ !، مارأيكم لو توقفنا عن الكآبة وإتخذنا قرارنا بشانِ متى سنواصلُ رحلتنا ؟، ماتزالونَ تودونَ الذهابَ إلى فلوريس بيوبلو صحيح !.
حدقت بهِ جوليا لوهلة ثُمَ إبتسمت بتفائولٍ بدورها لتهتف : هذا صحيح !، اعني لم يبقَ سوى القليل ولابدَ أنَ الجميعَ متلهفٌ لرؤيتها اليشَ كذلكَ !.
إتسعت إبتسمةُ هايدن قائلًا : إذًا لقد حسمَ الامر !.
وقفت بياتريس بدورها تهتف : هذا صحيح !، لايفصلني عن ضوءِ النهار سوى عدةِ ساعات !، ساذهبُ لحزمِ امتعتي !.
لحقت بها جوليا : ساساعدكِ بيتشان !.
ظربَ هايدن ظهرَ الفتاتينِ بقوةٍ هاتفًا : هذهِ هيَ الروح !، هيا، هاري، مار، روبي، راين، لوكي، ميرا !، ماري كذلكَ !
نهضَ الجميعُ منهم من يتأفأفُ ومنهم غيرُ المبالي او ذاكَ الذي لايستطيعُ كبحَ إبتسامتهِ العريضة عن الظهور ليتبعوا بياتريس وجوليا، اما راين فقد نسيَ نفسهُ بينما يحدقُ بهايدن بذهول
نتبهَ الاخيرُ إليهِ ليسألَ معَ إبتسامةٍ بلهاء : ما الامر ؟.
بادلهُ راين إبتسامةً صغيرة : لاشيء، تذكرني بشخصٍ أعرفهُ.
جلسَ هايدن قربَ راين مرتميًا على الاريكةِ فسأل : ايُ نوعٍ من الاشخاصِ هوَ ؟.
اجابَ راين : مثلكَ تمامًا، شخصٌ إيجابيٌ ويعتمدُ عليه، كانَ قائدًا عظيمًا.
إلتمعت النجومُ قريبًا من وجهِ هايدن الذي قالَ بفخرٍ : هوووه !، لقد تمَ وصفي بالعظيمِ توًا فقط، كم انا فخورٌ بي !.
قهقهَ راين بخفةٍ قائلًا : هاها، انتما فعلًا متشابهان.
هايدن : إذًا، كان ؟، اينَ هوَ الان ؟.
لم يتخلى راين عن إبتسامتهِ لكنَ عينيهِ حملتا الحزنَ في بريقهما ليجيب : حسنًا، مرَ خمسونَ عامًا على فراقنا لذا.. إما ان يكونَ عجوزًا في السبعينَ من عمرهِ او إنهُ قد ماتَ فعلًا...
قالَ هايدن مازحًا : كانَ يدعى هايدن صحيح ؟، ذلكَ كانَ انا ياصديقي !.
راين : لا، للاسفِ فقد كانَ إسمهُ لاينر !، واجل، الاختلافُ في شكليكما كالارضِ والسماء !.
همهمَ هايدن كأجابةٍ ثُمَ اردف : من مايعني إنكَ كُنتَ في مجموعةٍ كهذهِ قبلًا.
راين : انتم اقلُ صخبًا منهم صدقني !، مع إننا كُنا ستة إلا انهم فقط كانوا كالعاصفةِ فقط !.
هايدن : و ؟، لما إفترقتم ؟، من ما قلتهُ فهمتُ إنكم كُنتم جميعًا قريبونَ من العشرون.
دهشَ راين لوهلةٍ ثُمَ اجابَ : اجل، حدثت بعضُ الامورِ من ما دفعنا للافتراق.
فورَ إنهاءِ راين لسطرهِ نهض مردفًا : إذًا، فلنذهب لتوضيبِ اغراضنا نحنُ ايضًا !، لايجبُ ان نتأخرَ اكثر !.
أومأ هايدن ايجابًا لينهضَ بدورهِ متوجهًا إلى غرفةِ الامتعة حيثُ الجميع.


- إكسينو. 08-29-2017 09:49 PM




الزهرة الثالثة و الثامنون : الجانب الآخر
وقفَ الأحد عشرات على حافةِ جرف أمامه وادٍ غرق في الظلمات ، و جسرٌ معلق من الزجاج يربط هذا الجانب بالجانبِ الآخر ، و الذي لم تستطع أنظارهم بلوغه لبعدِ المسافة
حدقوا بذلك الجسر بهدوء حتى همسَ هاري : إذًا فهذا هو الجسرُ المؤدي إلى قريةِ الزهور ...
فأجابته سيلاه بابتسامة : ليس تمامًا ... إنه جسرٌ يربطُ أرضَ المرايا بمدخلِ القرية ... عند عبوركم لهذا الجسر ستجدون نفسكم في قرية ، و لن تستطيعوا العودةَ أدراجكم ما لم تدخلوا قريةَ الزهور و تكسبوا حق في هذا العالم !
اقتربَ منها هايدن مبتسمًا و أمسكَ كتفيها بيديه ليقول بنبرةٍ لطيفة : إذًا سأذهب سيلاه
ارتبكت سيلاه و قالت : مـ مهلا ! ماذا تعني بسأذهب ؟ أنا سآتي أيضًا !
أغمض هايدن عينيه : لا تستطيعين !
سيلاه : لماذا ! والدي وافق أخيرًا ! لِمَ تقول أنه لا يمكنني ؟!
هايدن : الطريق من الآن فصاعدًا خطيرة جدًا ، سندخل في معارك حياة أو موت مع أعداء أقوياء ! لذا أعدكِ سيلاه ، حالما أعود ... سآخذكِ إلى جميعِ أنحاءِ البعد الفاصل ، ليس فقط لرؤيةِ الألوان بل و كلّ شيء آخر !
التمعت عينا سيلاه بسعادة و هتفت برقة : أجل !
وضعَ أليكسي قبضته أمام فمه و حمحم جاذبًا انتباهيهما نحوه فقال بهدوء : نحن ما زلنا هنا كما تعلمان ...
ابتسمَ هايدن و وضعَ يده خلف رأسه بينما أحرجت سيلاه قليلًا فقال : آه ، أجل أجل آسف !
أليكسي : أنتَ لا تهتم أتفعل !
هايدن : أنتم و الهواء على حدٍّ سواء ~
في هذه الأثناء كانت جوليا منغمسةً في الموقف تفكر كم هو رائع و روبي تغطي عينيّ روزماري لسببٍ ما
اما بياتريس تمسك بوجنتيها المحمرتين و تحدث نفسها : بـ بـ بـ بماذا تفكرين بياتريس !! يستحيل لراين أن يقول لكِ شيئًا كهذا ! كيا ! أنا محرجة لمجرد التفكيرِ في الأمر !
أما راين هاري و ميرا اكتفوا بالإشاحةِ بوجوههم كما لو كانوا يقولون استمروا
تذمر هايدن : ما هذه الوجوه حقا ! لِمَ لا يمكنكم أن تكونوا كراين و البقية !
زفرَ راين الهواء و حاولَ أن يبدو طبيعيًا فأمسك كتف بياتريس و قال : هلّا أسرعت ؟ أنا و هي مستعجلون فنحن لدينا أمور لننهيها هناك !
أجفلت بياتريس لتقطب حاجبيها : هذا صحيح ! سارا تشان و إدغار كُن ينتظران !
نظرَ راين إليها ثمّ قال : ألستِ ذاهبةً من أجل عينيك ؟
ظلت تحملق به بضع ثوان ثمّ ابتسمت ببلاهة لتقول : اوه أ .. أجل لقد تحمستُ كثيرًا فقط !
تنهد راين و لوكي معًا فقال لوكي : لا فائدة منها !
وافقه راين : أبدًا !
وقفَ هاري و جوليا منتصفَ الجسر فلوحت لهم هاتفة : بياتشان ، راي ، سنترككم !
هتفت بياتريس بدورها : قادمة !
تشبثت بسياجِ الجسر و خطت بضع خطوة على الجسر و بعدها راين الذي توقف ما إن تشبث بالسياج فقال بجدية و هو ينظر إلى الفراغ : أحد الأسبابِ التي دفعتني للكتمان كانت أنّ الحديث بشأنهما مؤلم ، كما أنّ معرفة حقيقةَ ما حدث في ذلكَ الوقت قد تقودكم للموت ... لكن في الحقيقة ... كنت خائفًا مِن أن تتركوني فور سماعها كما فعلت جوانا و بيتر ... أنا آسف لأني لم أثق بكم ...
خطا راين أولى خطواتهِ على الجسر لتستوقفهُ روبي متشبثةً بمعصمه فقالت : فسر أكثر !
نظرَ لها لبضعِ ثانية ثمّ تنهد قائلا : التنهيداتُ التي أطلقتها خلالَ العامِ و النصف السابق فقط تعادل ضعف التي أطلقتها طوالَ حياتي قبل أن ألتقيكم !
سكتَ ثمّ قال دون النظرِ إلى وجهها : هم مجموعة من خمسة أشخاص ، و أنا سادسهم ، جوانا و أخيها الأكبر بيتر ، فانيسا و تَيا ، و أخيرًا لاينر و أنا ... كنا نتسكع هنا و هناك قبل خمسون عامًا
روبي : و ؟
زفرَ مجددًا : و في يومٌ ما حدثَ واخبرتهم بالامر، وماحدثَ بعدها كانَ إنهم إبتعدوا عني.
سكتت روبي لوهلةٍ ثُم قالت روبي : آسفة ...
راين : علامَ ؟
روبي : لقد كنتُ جاهلةً تمامًا ... و لم أستطع الوثوقَ بك ... لقد خُنتك ...
ابتسمَ راين بانكسار : هذا يجعلنا متعادلان إذًا ...
أومأت له روبي بهدوء فقامَ لوكي بدفعهما إلى الأمام متململًا : أنتما تسدانِ الطريق !
ضحكَ راين بخفة و هموا بعبورِ الجسر فهمس هايدن لسيلاه : إذًا ... أنا ذاهب !
أومأت لهُ سيلاه بهدوء لتقول : رافقتكَ السلامة
حبال من الزجاجِ الأبيض التفت حولَ بعضها حاملةً لجسرٍ معلقٍ في الهواء ، بينَ منحدرين و وادٍ فاقعِ السواد، جسر يتصل بأحلامهم في الجانبِ الآخر ، هل الحكاية توشكُ على نهايتها السعيدة ؟ أم ...
فتحت بياتريس عينيها الزرقاوتان على أوسعيهما تحدّقُ بذهول بما تراهُ أمامها
بياتريس : هذه القرية ...


- إكسينو. 08-30-2017 05:55 PM




الزهرة الرابعة و الثمانون : إسترياس كلايس.
فتحت عيناها الزرقاوتانِ على أوسعيهما آخذةً تحدقُ بالمنظرِ حولها، تلكَ الأشجارُ الكثيفة، الأعشابُ الطويلة التي اكتست أغلبَ الأرض بينما تخللتها بقعٌ منَ الرمالِ الذهبية، نباتاتٌ زاحفة زينت بقاعًا منَ الأرضِ و أخرى متسلقة إلتحمت معَ أخشابِ المنازل، السماء السوداء الحالكة رُصعت بما يتجاوز اللانهاية من أعدادِ النجوم، و بينَ سوادِ السماءِ و بياضِ النجومِ أزرقٌ انتشرَ بعشوائيةٍ كالضبابِ و ذاكَ الهلالُ الضخم يتوسطُ السماء التي تمطرُ شهبًا بينَ الحينِ و الآخر.
همست بياتريس بهدوءٍ اكتسحتهُ دهشةٌ عارمة : هذهِ القرية... إسترياس.. كلايس.
سألت جوليا : ما الأمر ؟، بياتشان ؟.
خطت بياتريس بضعَ خطوةٍ إلى الأمامِ ببطء قائلة : منزلي...
أمست تهرولُ دونما شعورٌ لتهتفَ : المنزلُ الذي عشتُ بهِ و لينا !.
لحقَ بها لوكي هاتفًا باسمها ليلحقَ بهما البقيةُ باستغرابٍ، و بعدَ مدةٍ ليست بطولية توقفت بياتريس أمامَ كوخٍ مكونٍ من طابقينِ بُنيَ من الخشبِ كما اصطفت قطعٌ من الحجارة المسطحة أمامَ بابهِ
همست بياتريس بصوتٍ مرتجف : لَم يتغير و لو قليلًا...
روبي : ما الأمرُ بياتريس ؟.
التفت بياتريس نحوهم قائلة : هذهِ القرية دونَ أدنى شكٍ قريتي !، و هذا المنزلُ منزلي !، هوَ لم يتغير عن الوقتِ الذي تركتهُ بهِ قط !، لا العشبُ طالَ و لا طحالبُ نَمت !، كما لو أنَّ الوقتَ توقفَ فجأة فقط !.
تمسكت جوليا بكتفي بياتريس قائلة : لا بأس بياتشان، لا بدَّ من وجودِ تفسيرٍ ما.. على أي حال.. فلندخل إلى الداخلِ حسنًا ؟.
أومأت بياتريس إيجابًا لتستديرَ نحوَ البابِ فتفتحهُ بهدوءٍ ليصدرَ صريرًا عاليًا نسبيًا و رغمَ كونِ المكانِ معتم إلا أنَّ تلكَ العتمة انحصرت شيئًا فشيئًا ليتخللها نورٌ تسربَ من فجوةِ البابِ ستسعُ كُلما إتسعت، دخلت بياتريس و الجميعُ خلفها لتتجهَ نحوَ فانوسٍ وضعَ أعلى تلكَ الطاولة الخشبية التي توسطت المكان لتشعلهُ علهُ ينيرُ و لو جزءً منَ المكانِ لتتوجهَ بهِ نحوَ تلكَ الفوانيس المعلقة على الجدرانِ منيرةً إياها بدورها ليتوهجَ المكانُ بالبرتقاليِ الدافئ
وقفت في منتصفِ المنزلِ لتهمس : حقًا... كما تركتهُ تمامًا... حتى أنّ ذرةَ غبارٍ واحدةً لم تلوثه أبدًا .
حدقت بتلكَ الساعة البندولية المعلقة على الحائط فإذ بها تشيرُ إلى الثالثة بعدَ منتصفِ الليل، والتقويمُ السحريُ لا يزالُ يشيرُ إلى اليومِ الذي غادرت بهِ لتبدأ رحلتها
تراجعت خطوةً إلى الوراءِ تهمس : الوقتُ كما هوَ حينَ خرجنا
وافقها لوكي قائلًا : كما لو أنهُ توقفَ فورَ خروجنا منَ القرية...
دنا منها راين هامسًا بتردد : بياتر--
قاطعهُ هُتافُ المعنيةِ قائلة : قبرُ لينا !!.
وسرعانَ ما هرولت خروجًا منَ المنزلِ و حتى تلكَ التلة ليتبعها البقية، تلكَ التلة التي زارتها قبلَ ذهابها في رحلتها، و فعلًا لَم تتغير، ما زالَ القبرُ كما هوَ، و لا تزالُ باقةُ الأزهارِ صامدةً دونَ أن تذبل
بياتريس : ما الذي يعنيهِ هذا ؟، لَم أعد أفهمُ شيئًا... أهذا يعني أني كُنتُ دومًا أقربَ إلى القرية من أيِّ شخصٍ آخر ؟، إذًا كيفَ انتهى بيَ الأمرُ في عالمِ البشر ؟، هَل لينا حقًا--
قاطعَ كلامها أنينٌ صدرَ منها بحدِ ذاتها لتتشبثَ برأسها جاثيةً على ركبتيها تصكُ أسنانها علَّ الألمَ يتوقفُ لكنهُ يأبى بل و يتزايدُ أكثر وسطَ هتافاتِ رفاقها القلقة لتنهارَ أخيرًا فاقدةً لوعيها فيهمُ لوكي بحملها غيرَ أنَّ راين سبقهُ
هتفَ الأخيرُ بصوتٍ مبحوح : بياتريس !، هيي بياتريس !!.
لكن دونما إجابة، فَهَمسٌ بصوتِ لوكا جاءَ من الفراغِ ليتخللَ آذانهم قائلًا : و سقطت الأميرةُ نائمة.


- إكسينو. 08-31-2017 07:50 PM




الزهرة الخامسة و الثمانون : ظلالٌ و نيران.
وشوشاتٌ متقطعة تليها وشوشاتٌ أخرى ثُمَّ يليها مشهد حيثُ ألسنةُ اللهبِ تأكلُ كُلَّ شيءٍ، ليلةٌ منَ المفترضِ أن تكونَ عتماءُ مسالمةٌ لا ينيرها سوى ضوءُ القمرِ أصبحت تشعُ برتقاليًا يتدرجُ بينَ الأصفرِ و الأحمرِ جاعلًا من دماءِ الانسِ حولهُ تغلي خوفًا و رهبة، هُناكَ حيثُ تجثو تلكَ الطفلة ذاتُ الشعر الأسود الطويل تفتحُ عيناها الخضراوتانِ المرتجفتانِ على أوسعيهما فقط كما شفتيها الشبه مفتوحتينِ تعقدُ حاجبيها و تتشبثُ برمالِ الأرضِ بشدة بينما تحدقُ بذلكَ الجحيمِ أمامها .
همست دونما وعي : كيفَ آلت الأمورُ لتصبحَ هكذا ؟...
سكتت لتردفَ بعدَ بضعِ ثانية : لما.. ذا ؟، لماذا.. لا أستطيعُ حمايتهم ؟.
شهقت شهقةً مرتجفةً و ممدودةً ببطءٍ شديدٍ لتزفرها أشدَ إرتجافًا و سرعة
أردفت : كيفَ لي أن أحميهم ؟، فليخبرني أحدكم كيفَ لي أن أحميهم... رجاء...
صوتٌ قادمٌ منَ الغابةِ بالكادِ تخللَ أذنيها، لكنهُ كانَ أكثرَ من كافٍ ليجذبها نحوهُ، نهضت ببطءٍ شديدٍ لتتوغلَ في الغابة و سرعانَ ما لمحت عيناها طفلانِ و طفلة أخرى ، أحدهم بشعرٍ أحمر ، و الآخرُ بشعرٍ أسود أما الأخيرةُ فهيَ كستنائيةُ الشعرِ، غيرَ أنَّ أذناها لم تسعفاها سوى في سماعِ طلاسمٍ لا تفهم و على حينِ غرةٍ بدا لها أحدُ الثلاثةِ كما لو كانَ يضحكُ بجنونٍ بينما جرى الاثنانِ الآخرانِ نحوَ الغابة بينما لحقَ بهما الطفلُ الأخير ، هيَ كانت على يقينٍ بهويةِ الثلاثة، و لم تستغرق وقتًا حتى حسمت أمرها لتلحقَ بهم سريعًا، ألقت تعويذةً ما دونَ اللجوءِ إلى تلاوتها لتبرزَ عدةُ ظلالٍ منَ الأرضِ مقيدةً الطفلَ ذو الشعرِ الأحمرِ و البشرة السمراء
هتفَ مايكل : اللعنةُ عليكِ آنا اتركيني أذهب !!.
همست بينما تتخطاهُ راكضة : آسفة مايكل، يجبُ عليَّ حمايتهُ مهما كلفَ الأمر !.
أما حيثُ راين و سارا فهما واصلا الجريَ حتى وجدا نفسيهما أمامَ تلكَ البحيرة الذهبية فاتخذا منَ الكهفِ قريبًا منها مخبأ
قالَ راين من بينِ أنفاسهِ المتقطعة : انتظري هُنا... سأعودُ حالًا.
التفَ خارجًا لتتشبثَ سارا بقميصهِ دونَ أن تهمسَ بأيِّ كلمةٍ مما دفعَ الأخير لإظهارِ ابتسامةٍ متكلفةٍ قائلًا : لا بأس سارا، تريدينَ مني جلبَ إدغار أليسَ كذلكَ ؟.
اتسعت حدقتا عيني المعنية لتقول : هوَ ما زالَ حيًا صحيح ؟.
صمتَ راين متشبثًا بملابسهِ محتارًا بما يجيبها وقبلَ أن يفعلَ انقضَّ عليهِ أحدُ الشياطينِ ذوي المعطف الأسودِ منَ العدمِ ليطرحَ راين أرضًا راكبًا فوقهُ، الغريبُ يحاولُ الهجومَ و راين يدافعُ بيأسٍ بينما يدركُ أنَّ خسارتهُ هيَ مسألةُ وقتٍ لَن يطول، و على حينِ غرةٍ اخترقت جسدهُ شفراتٌ سوداءٌ عملاقة ليهويَ جسدهُ فوقَ جسد راين، أبعدهُ الأخيرُ بصعوبةٍ لتتضحَ أمامهُ هيئةُ تلكَ الفتاةِ سوداءُ الشعرِ خضراء العينانِ
قالَ متفاجئًا : آنا...
تمسكت آنا بكفِ راين تسحبهُ نحوها لينهض الأخيرُ فقالت : أ أنتما بخير ؟.
أومأ راين إيجابًا ليحيطَ بهم عشراتٌ من ذوي المعطفِ الأسود فهتفت آنا : تعرفُ أينَ تجدُ حقلَ الزهورِ صحيح ؟، رجاءً إقتلع تلكَ الزهور السوداء و الملطخةَ بالاحمر !، سأهتمُ بالبا--
قاطعت كلامها صرخةٌ أطلقت من سارا التي حوصرت من قبلِ عددٍ من ذوي المعطفِ الأسودِ فما كانَ منها و راين سوى التوجهِ نحوها، غيرَ أنَّ تياراتٍ من الرياحِ تشكلت حولهما لتدفعهما مقيدانِ إلى شجرةٍ بحبالٍ منَ العدمِ عاجزانِ عنِ الحركة
حدثت آنا نفسها قائلة : سحرُ الرياح، مما يعني أنها سيدتي، يجبُ أن تكونَ قريبةً مِن هُنا..
و بالطبعِ مستخدمة السحرِ الوحيدة بينَ الأطفالِ الثلاثة هيَ آنا لذا هيَ و بصعوبةٍ حررت نفسها و راين، و رغمَ ذلكَ هيَ كانت متأخرة بالفعلِ، شجرةٌ انقسمَ جذعها إلى اثنينِ لتهويَ فوقَ جسدِ سارا لتسحقهُ تمامًا و تتناثرُ دمائها في كُلِّ مكانٍ أمامَ عيني راين و آنا اللذانِ بقيا يحدقانِ بذلكَ المنظرِ بتعابيرٍ اختلطت بينَ الفزعِ و النكران دونَ أن يكونَ بيدهما شيء، لحظاتٌ مرت لتستعيدَ آنا حسها بالواقعِ فتلقي تعويذتها لتخترقَ الظلالُ أجسادَ ذوي المعطفِ الأسودِ واحدًا تلوَ الآخر ثُمَّ تلتفتُ نحوَ راين
قالت : سامحني.. لَم تعد هُناكَ طريقةٌ أخرى.
تراجعَ راين خطوةً إلى الخلفِ فتلت آنا تعويذةً ما ليفقدَ الأولُ وعيهُ تدريجيًا أو هذا ما اعتقدتهُ هيَ، فقد تمسكَ راين بيدها قائلًا : توقفي مهما كانَ ما تفعلينه آنا، لَن تتخلصي مني بهذهِ السهولة
فتحت آنا عينيها على أوسعيهما لتقولَ مدافعة : أنتَ مخطأ !، لَم أكن أقصدُ شيئًا كهذا أبدًا !، كُنتُ أحاولُ إخراجكَ منَ القر--
هتفَ بها راين : من سمحَ لكِ بذلك !.
أردفَ بهدوء : سأساعدكِ آنا، أنتِ تخططينَ لشيءٍ ما صحيح ؟، رجاء دعيني أساعدكِ.
بعدَ صمتٍ طويلٍ أجابت آنا : آسفة، لن تستطيعَ مساعدتي بوضعكَ الحالي... راين ساما... رجاءً كُن هادئًا.
التفت ظلالُ آنا حولَ قدمِ راين لتدفعَ بهِ مصطدمًا بشجرةٍ فيفقدُ الأخيرُ وعيهُ تدريجيًا لتواصلَ آنا توغلها في الغابةٍ جريًا، وشوشاتٌ تليها وشوشاتٌ أخرى، و مشهدٌ حيثُ تقفُ آنا في أرضٍ زجاجيةٍ بينَ مجموعةٍ منَ المجنحين، ثُمَ مشهدٌ آخرُ حيثُ تطلبُ شيئًا مِن ملكةِ الكيميائيين فتنحني إحترامًا لها، و أخيرًا مشهدٌ حيثُ يحيطُ بها سكانُ قرية ما
سألها العجوزُ قائلًا : أمتأكدةٌ مِن قراركِ ؟، آنا ساما..
أومأت آنا بالإيجابِ : أجل، ليسَ هُناكَ طريقةٌ أخرى، لذا رجاءً جدي.. إن حدثَ وجاءَ شابٌ بشعرٍ أسودَ وعينانِ بنفسجيتان، أرشدهُ إلى الطريق.


- إكسينو. 09-01-2017 04:07 PM




الزهرة السادسة و الثمانون : معركة ضد المستعبد.
يتجمعُ التسعة حولَ جسد بياتريس المنهارة أرضًا بينما يقفُ لوكا على بعدِ بضعِ مترٍ منهم و ابتسامةٌ ساخرة تعلو وجهه
تركَ راين بياتريس بينَ يدي لوكي ليسألَ لوكا بنبرةٍ حادة : ما الذي فعلتهُ بها لوكا ؟.
أغمضَ المعني عينيهِ وعبسَ متذمرًا : لا شيءَ على وجهِ الخصوص، لم ألمسها أبدًا.
قطبَ راين حاجبيهِ مضيقًا حدقتا عينيهِ ليقولَ : أتحاولُ إقناعيَ بأنها انهارت هكذا دونما سبب ؟.
فتحَ لوكا عينيهِ و ابتسمَ باتساعٍ قائلًا : بالضبط !، ثُمَّ إنَّ هذهِ البشرية على وشكِ أن تختفي دونَ أن تدركَ لماذا !.
هتفَ لوكي بعدائيةٍ من فورهِ : ما الذي تعنيهِ بكلامك !.
أحنى لوكا رأسهُ إلى الجانبِ ليردَّ ساخرًا : من يعلم ~
ضبابٌ أسودُ تشكلَ يمينَ لوكا و يساره و لم يطل الوقتُ حتى اتضحت هيئةُ زاك و سيلفر
حدق راين بزاك مطولًا و بشكلٍ أدقٍ فقد حدقَ إلى عينيهِ التي تلونت إحداهما بالذهبي والأخرى بالبنفسجيِ ليقولَ مستنكرًا : هجين ؟، لا أنتَ بشري شَرِبَ دماءَ شجرةَ الدم.
ابتسمَ زاك بمرحٍ ليجيب : لقد أصبت !، شعرُ الهجناءِ يكونُ أسود و معَ ذلكَ هذا لا يعني بالضرورة أنه لا وجود لأي شيطانٍ كامل بشعرٍ أسود، و لذا فإن التفريق بينَ الهجناء و الشياطين صعبٌ لدرجةٍ ما.
التفتَ نحوَ لوكا ليقول بحماس : أليس كذلكَ لوكا ساما !.
ردّ لوكا ببرود : أجل أجل صحيح.. كُفّ عن افتعالِ ضجةٍ حولَ الأمر لم يكن هُناكَ أي هجينٍ حتى ماقبلَ مائة و ثلاثونَ عامًا لذا لايهم
سألَ راين مندهشًا : أيوجدُ هجناءٌ في عالمنا ؟.
التفتَ لوكا نحوَ راين ليجيبَ : أجل يوجد !، فأنتَ لستَ الأحمق الوحيد في عالمنا أخي، وبالمناسبة فهم فقط قمامة.
أغمضَ لوكا عينيه مقوسا فمهُ بعبوس فقال : حان الوقت لتسويةِ الأمر مرة واحدة و إلى الأبد ... زاك ، سيلفر ... لنقم بما جئنا من أجله !
أومأ الاثنانِ إيجابًا فقال زاك بمرح : حا~ضر اعتمد علينا لوكا ساما ~
فتحَ لوكا عينيه مقطبًا حاجبيه فقال بحزم : إنها فرصتكَ الأخيرة أخي ... سلّم لنا آنا ...
راين : هي ليست آنا ، إنها بياتريس ...
لوكا : أيا يكن ! فقط سلم فتاة المفتاح النائمةِ هناك !
أجابَ راين بعدائية من فوره : أرفض ! بياتريس هي بياتريس ، ليست مفتاحًا ولا غيره !
رمقهُ لوكا بهدوءٍ مخيف اجتاحَ عينيه و عبوس على وجهه ، سحبَ سيفه الطويل المعلقِ على خصره ببطء فقال : لقد سمعتماه لا ؟ سنقومُ بالأمر بالطريقةِ الصعبة !
سحبَ زاك بضع حربة استقرت بين مفاصلِ أصابعه طبع عليها علامةُ الزهرة السوداء تمامًا كما الحربات التي تستعملها إلينا ، أما سيلفر فقد سحبَ رمحهُ الثقيل من خلفِ ظهره استعدادًا للقتال ، كذلكَ فعلَ راين و من معه ، سحبَ راين سكينتيّ الصيد الخاصتين به ، و روبي فعّلت سحرها ، جوليا أمسكت بسكينها الصغيرة ، هايدن سيفهُ الضخم و أليكسي استعدّ لتفعيلِ سحره كما الحال و لوكي و هاري
همسَ راين : ماري ، هاري ، لوكي ، خذوا بياتريس إلى مكانٍ آمن ...
أومأت لهُ ماري سريعًا و فعّلت سحرَ الانتقالِ الآني الخاصِ بها و فورَ تركهم للمكان احتدمت المعركة ، أما تقسيمُ المعركة فقد كان هايدن ضد زاك ، روبي ، أليكسي ، جوليا ضد سيلفر و راين ضد لوكا .
في جهةِ روبي ، أليكسي ، جوليا و سيلفر ، كانت الفتاتان تهاجمه في الوقتِ ذاته بينما يأخذُ هو وضعيةَ الدفاع ، فتارةً يتفادى ركلة و تارةً يصدّ قبضةً برمحه ، أما أليكسي فهو يرسمُ دائرةً سحرية في الأرض لغرضٍ ما ، توقفَ القتالُ للحظة و قفزت الفتاتان إلى الخلف
نظرت له روبي و قالت باستنكار : أحقًا تظن أنّك وحدكَ كاف لهزيمتنا نحن الاثنتين ؟
فهمست لها جوليا بشك و تعجب : مهلًا ! أتعنين أنّ مار ــ أليكسي لن يقاتل معنا ؟
اكتفت روبي بالابتسام كإجابة بينما ردّ سيلفر بهدوء : بكلّ تأكيد ، سيكون فوزًا سهلًا ..
هتفت روبي : نيغرو ويذو : نيتورك.
*الأرملة السوداء **شبكة.
وسرعانَ ما تشكلت الشباكُ لتحيطَ بأطرافِ سيلفر، معدتهُ وعنقهُ لتثبتهُ في الهواءِ بقوةٍ شديدة كما هوَ الحالُ مع رمحهِ
اعتلت شفتيّ روبي ابتسامةُ نصرٍ عريضة فقالت : كش ملك !، أيها الشيطان !
أخذَ سيلفر يحاولُ جذبَ ساعديه نحو جسده بقوة و ملامحُ الهدوء لم تفارق وجهه ، و بسبب قيودِ روبي كانت يداه بالكاد تقتربان إلى جذعه فقال : لقد فهمت ... يبدو أنني استخففتُ بكم فقط لأنكم بشر ! ... لكن ...
أردفَ بصوتٍ أشبه بالهتافِ الخابي : كونسلاسيون
*إلغاء.
ما إن تلا تعويذته حتى فكّت خيوطُ روبي نفسها عنه ، وجهها حملَ تعابير الصدمة فحدقتاها على أوسعهما و فاها مفتوح ، عادت خطوة إلى الوراء و همست بصوتٍ مرتجف : مستحيل ! سحري يتلاشى !!
هبطَ سيلفر على قدميه بهدوء فقال : سحركِ لن يجدي نفعًا ضد سحرِ الإلغاءِ خاصتي .. طالما أفهمُ التركيبة الأساسية للسحر أستطيعُ إلغائه بسهولةٍ تامة ...
فهتفت جوليا فجأة : إذًا ماذا عن هذا ؟ الخيمياء القديمة : مطرٌ من الحجارة !
ارتفعت كُتلٌ من الحجارة عن الأرض فجأة و اتجهت نحو سيلفر بأحجامها المتفاوتة فمنها العمالقة و منها من بحجمِ الحصى الصغيرة
سيلفر : لقد فهمت ... سمعتُ أنّ الكيمياء معقدة ... لكن الحجارة تبقى حجارة، لذا... كونسلاسيون...
*إلغاء.
مع ذلك حجارةُ جوليا لم تختفِ بل و واصلت التقدمَ نحوه بسرعةٍ كبيرة فأردف : ماغيا إسكلافيدوث : إيخي.
*سحر الاستعباد **رمح.
أشارَ بإصبعه السبابة نحو الحجارة قائلًا : حطمها !
و فعلًا رمحهُ قد أمسى يعومُ في الهواء محطمًا كلّ تلك الحجارة إلى قطعٍ صغيرة ، استاءت جوليا و أطلقت " تشه" عصبية و هي تنظرُ نحوه بحاجبانِ مقطبان و نظرةٍ ثاقبة
روبي : ثنائي العناصر...
سيلفر : يبدو أنّ الكيمياء فعلًا معقدة...
ابتسمَ ابتسامة واسعة و قال بثقة : لكن ليس و كأنه لا يمكن تدميرها ...
جوليا : المرحُ يبدأ الآن يا سيد ... الخيمياء القديمة : سوطُ الماء !
حكّ سيلفر مؤخرةَ رأسه فزالت ابتسامته و قالَ بتعجب و نبرة هادئة : اريه ؟ ظننتُ أنّ الكيميائيون يستعملون عنصرًا واحدًا فقط ... هذا غريب ...
جوليا : إذًا عليكَ تصحيحُ معلوماتكَ منذ الآن !
عادت تلك الابتسامةُ للظهورِ على وجهه فقال : لكن ...
همست روبي بضع كلمة لجوليا فأردفَ سيلفر : ماغيا إسكلافيدوث : آرينا.
*سحر الاستعباد **رمال
اتجهت نحوه موجةٌ من الرمال لتشكل جدارًا يحولُ بينه و بين سياط جوليا ! استغلت الأخيرةُ فرصةَ انحجابِ رؤيته لهم لتتمتم بضع كلمة ، و سرعانَ ما زالت الرمال و عادت إلى الأرض لكن ما استقبلَ سيلفر كان ركلة قذفت بهِ بضع عشراتٍ من الأمتار من قدمِ روبي التي هتفت : لا تجرؤ على تجاهلِ وجودي !
سيلفر الذي ارتطمَ بأحدِ المنازل مخترقًا جدرانه ابتسمَ ابتسامةً شيطانية عريضة و قد بدا عليه الاستمتاع ، فرغمَ كونه محشورًا وسطَ الحطام و بصقه لكمياتٍ كبيرةٍ من الدماء ، كانت عيناه تبرقانِ لهفةً للقتال
سيلفر : تبا ! يبدو أنني تحمستُ حقًا الآن ... لا تلوموني إن متم بأبشعِ الطرق ! أيها البشر !!


- إكسينو. 09-02-2017 07:31 PM




الزهرة السابعة و الثمانون : الهواءُ الصلب.
في تلكَ الأثناء ، عند راين و لوكا ، كانَ الأولُ في وضعِ الدفاع و لا زال ، بينما ينهالُ عليه الآخر بالهجمات
أخيرًا هتفَ لوكا بغضب : أنا لا أفهم ! يستحيلُ أن تكون هذه هي كلّ قوتكَ أخي ! إذًا لماذا ؟ لماذا لا تقومُ بشيءٍ سوى الدفاع ؟
راين : أحقًا لن تعدل عن قرارك ؟ لوكا ...
رصّ المعني على أسنانه و صرخ : لقد فهمتُ الآن أنتَ تراني غير مؤهلٍ بما فيه الكفاية لقتالك !
ضيق راين حدقتا عينيه فأردفَ لوكا : ريغلاس دي اينتيروبتوريس ! : اولا دي روكا !
*كاسر القواعد **الموجة الصخرية.
لانت الأرض تحتَ قدميّ راين ثمّ فجأةً غطسَ فيها فاتسعت ابتسامةُ لوكا لكن سرعانَ ما تحولت إلى عبوس ، نبضَ رأسهُ بقوة ساريًا فيهِ الألم ، فاحتدت ملامحه و أمسكَ برأسه يحاولُ جاهدًا عدمَ فقدانِ توازنه ليهمس : أخي ... الأكبر ...
أما راين فتزامنًا معَ همسةِ لوكا خرجَ من تحتِ الأرض و النسيمُ يهوي حوله فبقي عائمًا في الهواء
سقطَ نظرُ لوكا عليه إذ به يزفرُ مطولًا و ترتخي ملامحه مجددًا ، وقفَ معتدلًا ينظر إلى راين و باستغراب حدّث ذاتهُ قائلًا : ايه ؟ ما كان هذا قبل قليل ؟ كما لو أنّ شيئًا ما لم يكن في مكانهِ لوهلة ... لِمَ ... أخي ما يزالُ واقفًا هناك ؟ أيّ نوعٍ من الحمقى أنا لأتركَ شخصًا مثله ينجو ... شخصٌ مثله ؟ هذا غيرُ صحيح ! أنا و بكلّ تأكيد أقوى منه ... هذا صحيح ! لذا ... ليس عليّ أن أقلق حيالَ أيّ شيء ، من سيفوز هو أنا بكلّ تأكيد !
قالَ لوكا بصوتٍ خافتٍ مرتجف : ريغلاس دي اينتيروبتوريس : آثفيرو أل آيري
*كاسر القواعد **الهواء الصلب.
رجعت الأرضُ صلبةً كالسابق و في المقابل أخذت تتبخر بعدها ، ترتفع ذرات في الجو كأنها بخارٌ متلون ببرتقالي التربة ، ابتسمَ لوكا لحظةَ توقفِ راين عن إنشاءِ نسيمٍ حول جسده ، وطأت قدميه الأرض و في اللحظةِ الأخرى بصقَ كلاهما كمًا كبيرًا من الدم ، اكتست الصدمة جسدَ و عقل راين بالكامل لحظةَ رأى لوكا يمرّ بنفسِ حاله بينما الآخر أطلقَ ضحكةً مرتجفة كما نبرةُ صوته التي تلتها : ما رأيك أخي الأكبر ؟ هذه التعويذة ...
كح لوكا دمًا كما المرةِ السابقة و أكثر ، لهث ثمّ أكمل : تعويذةٌ قاتلة ... و من أقوى تعاويذي ... مع أنها ذات حدين ... فهذا بسبب كون الهواء الذي نتنفسه الآن ملوث بالتربةِ و الحجارة ...
اجتاحتهُ نوبة سعال أقوى من سابقاتها ، اجتاحَ الرعب راين بالكامل ، اتسعت حدقتا عينيه و تجمّدت أوصاله تمامًا لهولِ ما يسمعهُ من شقيقه الأصغر
- من جهة هايدن و زاك -
سحبَ هايدن سيفه الثقيل و اتخذَ وضعيةَ المعركة ، بينما وقفَ زاك باستقامة مبتسمًا ، سأل هايدن : لِمَ تبتسم ؟
فردّ الآخر بنبرةٍ مرحة : لا شيء ! أحب الابتسام فحسب ...
ابتسمَ هايدن بدورهِ مستهزئًا ثمّ قال : هوووه لنرى إن كنتَ ستحافظُ على رأيكَ حتى النهاية
زاك : سأفعل ! فما من أحدٍ يمكنه تغييرُ مزاجي إلى الأسوأ هنا ...
اندفعَ هايدن نحوه قائلًا : سنرى بشأنِ ذلك !
ثمّ أردف : سحرُ التعزيز : دوبلي بروموفير
*التعزيز المزدوج
ازدادَ هايدن سرعةً بحيثُ بدا كأنه اختفى من مكانه و ظهرَ قربَ زاك على حين غرة ، اتسعت ابتسامةُ الأخير تزامنًا مع اتساعِ عينيه و صدّ الركلة التي استهدفت يسار عنقه بيديهِ الاثنتين ، لم تفارق قدما زاك الأرض لكن هجمةَ هايدن كانت كفيلة بزحزحته حتى بضعةِ أمتار إلى الجانب ، و بالعكس ارتمى هايدن بعيدًا كذلك و هبطَ على قدميه لهولِ قوة دفاعِ الآخر
قالَ زاك بنبرةِ إعجاب : مذهل مذهل ! إنّ سحركَ رائعٌ بحق ! أصبحتُ أود جعله ملكي !
ضاقت حدقتا عينيّ هايدن ثمّ حدّث نفسه سرًا : إنه قوي بشكلٍ مزعج ... لم أستطع التغلبَ عليه حتى معَ سحرِ التعزيز الخاص بي ... كذلك ... يجعل سحري ملكه ؟ أهو كهاري ساحرٌ سارق ؟ إن كان كذلك فسيكونُ مزعجًا !
أردفَ زاك كلامه : إذًا ... إنه دوري للهجوم !
نشرَ حرباته في الجو متجهةً نحو هايدن بينما حدّث الأخير نفسه : تبا، نسيتُ أمرَ الحرباتِ تمامًا ! إنه جيدٌ في القتالِ البعيد ، مما يعني أنه سيكون قتالًا صعبًا خصوصًا أني مقاتلٌ قريب ! ومجددًا، سيكونُ الأمرُ مزعجًا ...
استفزهُ زاك قائلًا : ما الأمر ؟ أأكل الهرُ لسانك ؟
همسَ هايدن : حتى و لو
فاستنكرَ الآخر : ماذا ؟
ليهتفَ هايدن : سحرُ التعزيز : بروموفير براثوس مولتيبليغاذور
*تعزيز الأسلحة المضاعف.
غُلّف سيف هايدن بالمانا فرفعه إلى الأعلى و هوى به إلى الأرضِ بقوةٍ شديدة لتتمزقَ إلى نصفين كما لو كانت قطعةً من البسكويت الهش و تفجرت منها مانا المهاجم ، قفزَ زاك إلى الخلف و يدهُ اليمنى في وضعيةِ الدفاع بعد أن همسَ في نفسه سرًا : ما .. !!!
ابتسمَ هايدن قائلًا بثقة : كش ملك !
سطعَ نورُ المانا الخاص بهايدن و فجأة صدحَ صوتُ زاك القائل : هذا صحيح ... كش ملك ! أيها البشري !
صُدمَ هايدن بهجمته تنحرفُ عن مسارها فحاولَ تحريكَ جسده إذ به لا يستجيب
حدّث ذاته قائلًا : جسدي ... يرفضُ الحراك ؟
فإذ بها ابتسامةُ زاك تتسع.


- إكسينو. 09-03-2017 12:08 PM




الزهرة الثامنة والثمانون : كما لو كانَ حطامًا.
هبطت روبي على قدميها لتجتاحها قشعريرةٌ فقالت : إنهُ يبتسمُ رغمَ تلقيهِ لكُلِ هذا الظرر.. مُقرف..
ظهرَ سيلفر أمامها فجأة هاتفًا : لاترخِ دفاعاتكِ وسطَ المعركة، ايتها البشرية !!.
ثُمَ فجأة تلقت روبي ركلةً من حيثُ لاتدري، ولحسنِ حظها فإن جسدها قد تحركَ وحدهُ لتصدَ الظرر عن اعضائها الحيوية غيرَ إنَ ذلكَ لم يمنعها من التحليقِ عاليًا
كشرَ سيلفر مبتسمًا : لستِ سيأة !، لقد تصديتِ لركلتيَ بمهارة !.
هتفت جوليا : وغد !.
احاطت كراتٌ من المياهِ بسيلفر لتتجهَ نحوهُ بسرعةٍ كبيرةٍ بإشارةٍ واحدةٍ من جوليا
قالَ : حتى وإن كانت الكيمياءُ معقدة... قتلُ مستخدمها سيكونُ كافيًا لجعلها تختفي.
أشارَ بسبابتهِ ثُمَ اكمل : فيذا، إخترق معدتها.
تراجعت جوليا خطوةً إلى الخلفِ قائلة : يستحيلُ ان تتمكنَ مِن إتقانِ ثلاثةِ انواعٍ منَ السحر..
إبتسمَ سيلفر مجيبًا : الاستعباد، الألغاء، والاثر المقدس فيذا... صدقِ او لاتصدقِ، حظكِ عاثرٌ لدرجةِ أنكِ وقعتِ في معركةٍ مع ثلاثيِ العناصر الوحيد في العالمِ اجمع !!.
هتفت جوليا : يستحيلُ أن يكونَ ذلكَ ممكنا !!.
عبسَ سيلفر آمرًا : إفعلها، فيذا.
صوتٌ حملَ معهُ بعضُ الصدى خرجَ من الرمحِ قائلًا : هااااه، سيلفر ساما ليسَ في قلبكَ رحمةٌ حقًا... فتاة جميلة كهذه، يالها من مضيعة.
تصنمت جوليا مصدومة لتهتفَ بعدها : الرمحُ يتكلم !!!.
إلتفتَ إليها الرمحُ قائلًا : اليسَ كذلكَ ؟، يا الهي الجميعُ ردةُ فعلهم واحدة !، الم تروا رمحًا متكلمًا قبلًا ؟، في اي عالمٍ تعيشونَ ؟.
هزت جوليا كفَ يدها بضعَ مرةٍ يمينًا وشمالًا بضعَ مرةٍ قائلة : لالالالا، هذا حقًا غريب !، ومقرفٌ تمامًا !!!.
ظهرت علامةٌ عصبيةٌ قريبًا من نصلِ الرمحِ ليترنحَ ذهابًا وايابًا هاتفًا : يالها من وقاحة !!، ولكنني ساسامحكِ رغمَ ذلكَ بما انكِ ستموتينَ على اي حال، لاتأخذي الامرَ على نحوٍ شخصيٍ آنستي..
إندفعَ الرمحُ نحوَ جوليا لتبتسمَ الاخيرةُ بثقةٍ ورضى فيسطعُ ضوءٌ ناصعُ البياضِ حاجبًا المنظرَ امامَ الجميع.
- حيثُ هايدن وزاك -
حدثَ هايدن نفسهُ قائلًا : جسدي.. يأبى الحراك ؟.
قالَ زاك بمرح : هذا هوَ سحري، مسرحُ الدمى... بفضلهِ استطيعُ السيطرةَ على اي شخصٍ واي شيءٍ طالما المانا في جسدهِ اقلُ من المانا في جسدي... وبما انكَ قذفتَ بالمانا الخاصة بكَ خارجًا توًا فأنتَ حققتَ ذلكَ الشرطَ بالفعل ~
ساحبةٌ منَ الغبارِ شقت طريقها نحوَ هايدن وساك ليسألَ الاولُ مستنكرًا : ما الامرُ معَ هذا الغبار ؟.
بينما قالَ الاخر : اوه هذا سيء هذا سيء، يبدو انَ لوكا ساما قد اصبحَ جادًا حقًا... اضن ان وقتَ الانسحابِ قد حان...
إلتفتَ نحوَ هايدن ليردفَ : اما انتَ ساترككَ هُنا لتموتَ وحيدًا
إبتسمَ ملوحًا بيدهِ بينما يغادر : باي باي، هاي تشان ~
وكما الحالُ معَ راين ولوكا بدأ هايدن بالسعالِ ثُمَ بسقِ دماءهِ خارجًا بكمياتٍ كبيرةٍ ولم يمرَ وقتٌ طويلٌ حتى جثى على ركبتيهِ ثُمَ على كوعيهِ يجاهدُ للبقاءٍ بوعيهِ
في هذهِ الاثناء حيثُ راين ولوكا، هتفَ الاولُ مرعوبًا : توقف لوكا !، رجاء !، لكَ كُلُ ماتريد !، لَن اقاومَ بعدَ الان اعدك !!، لذا اوقف هذه التعويذة حالًا !، لاتؤذي نفسكَ اكثرَ مِن--
نوبةٌ من السعال الحاد صاحبتها كمياتٌ كبيرةٌ من الدماء
أما الاخرُ فقالَ بعنادٍ من بينِ لهثاته : لاتعبث معي.. انا--
المٌ حادٌ إجتاحَ رأسهُ وطنينٌ عالٍ صدحَ في أذنيهِ فأغمضَ عينيهِ لوهلةٍ بينما فتحهما في وهلةٍ أخرى فهمسَ بصوتٍ مرتجفٍ مبحوح : أخي... الاكـ.. بر...
ردَ راين سريعًا وبلهفة : لوكا ؟، ما الامر ؟، لوكا ؟!!
تلاشت تعويذةُ لوكا تزامنًا معَ صراخهِ الحاد المًا فاغمضَ عينيهِ يصرخُ تارةً ويلهثُ تارةً اخرى، نهضَ راين بصعوبةٍ متوجهًا نحوَ شقيقهِ الاصغر ليجثو على احدِ ركبتيهِ قريبًا منهُ ينادي بإسمهِ مرارًا
توقفَ لوكا عن الصراخِ اخيرًا ليهمسَ بصوتٍ مرتجف : أ-- أنا... أنا اكرهُ.. اخي الاكبر...
شهقَ ليردف : هوَ تركنا... حازَ على... كُلِ إهتمامِ والدينا... خـ .. خطأ !، أ- أنا لطا--
شهقةٌ اخرى صدرت منهُ فاكمل : لطالما... تطلعتُ.. انا لطالما تطلعتُ إلى اخي الاكبر...
اخذَ يلهثُ تحتَ ناظري راين الذي يفيضُ قلقًا فإستأنفَ لوكا مجددًا : لَم... ارغب يومـ.. ـًا... بشربِ دماءِ البشر.. لطا.. لما.. اعتقدُ انَ اخي.. رائعٌ لرفـ..ـضهِ الفكرة...
إتسعت حدقتا عينيهِ صدمةً ليردف : مـ ماذا ؟، لكن.. لكنني شربتها... ماذا ؟، ماذا ؟، ما الذي يجري ؟.
مدَ راين يدهُ ببطأ نحوَ شقيقهِ هامسًا : لو--
رفعَ لوكا نظرهُ نحوَ راين متشبثًا بملابسِ الاخيرِ هامسًا : أخي... ساعد.. ني...


- إكسينو. 09-04-2017 06:17 PM





الزهرة التاسعة والثمانون : دفعُ الثمنِ غاليًا.

ذرفَت عيني لوكا بضعَ دمعةٍ متشبثًا بثيابِ شقيقهِ فقالَ بصوتٍ مهزوز : رجاءً أخي .. ساعدني... لا أريدُ إيذائكَ بعدَ الآن ... أتمنى الموتَ عوضًا عَن ذلكَ...

بقيَ لوكا يعتذرُ مرارًا و تكرارًا بينما ينظرُ إليهِ راين و الصدمةُ قد عقدت لسانهُ بالفعلِ حتى تخللَ مسامعهما صوتُ زاك قائلًا : آآه، يا لها من مضيعة... يبدو أنني لَن أستطيعَ اللعبَ بكَ بعدَ الآن ...

ثُمَ أردفَ ساخرًا : لوكا ساما ~

حدقَ بهِ راين بعينانِ متسعتانِ و فاهٍ مفغورٍ بينما ينطقُ تلكَ الكلمات

ربتَ راين على شعرِ لوكا ليقولَ بنبرةٍ حانية : لا بأسَ لوكا، أخوكَ الأكبر ليسَ غاضبًا منكَ البتة... انتظر هُنا حسنًا ؟، سأتكفلُ بكُلِّ شيءٍ لأجلكَ.

أومأ لوكا بالإيجابِ كالطفلِ تمامًا فنهضَ راين واقفًا أمامَ زاك ليسألهُ بهدوءٍ عكسَ الغضب المتأجج داخلهُ في هذهِ اللحظة

قالَ : هَل أنتَ المسؤولُ عن هذا ؟.

ردَّ زاك مستهزءًا : ماذا ؟، لا يمكنني سماعكَ ~

هتفَ راين بحدةٍ : لقد سألتكَ إن كُنتَ مَن جعلَ شقيقي يتمنى الموت !!

عبسَ زاك ليقولَ بدهشةٍ طفولية : يا إلهي هذا فظيع !، لَن أفعلَ شيئًا كهذا !، أنا تلاعبتُ بمشاعرهِ و أفعالهِ قليلًا فقط !.

حجبت غرةُ راين عينيهِ ليقولَ : فهمت...

في لحظةٍ أصبحَ راين أمامَ زاك مباشرةً فتراجعَ الأخيرُ خطوةً إلى الوراءِ و في اللحظةِ الأخرى بُترت ذراعهُ دونَ أن يتلو الأول أيّ تعويذةٍ، في المقابلِ سيطرت الدهشةُ على زاك ليتصنمَ و عيناهُ على أوسعيهما و فاهُ مفغورٌ ليدركَ أخيرًا ما حَلّ بهِ فيشهق شهقةً تلتها صرخةٌ مدويةٌ بصوتهِ المبحوحِ ليجثو على الأرضِ ممسكًا ذراعهُ اليسرى بيمناه و لَم يمضِ الكثيرُ منَ الوقتِ حتى انبطحَ على بطنهِ صارخًا تارةً و هاتفًا بـ " ذراعي " تارةً أخرى .

قالَ راين بنبرةٍ باردة : ألغي التعويذة

ابتسمَ زاك بصعوبةٍ و أخذَ يكابرُ رغمَ الألمِ الشديد الذي يسري في كتفهِ و ينهشُ قلبهُ فقالَ بثقةٍ و إصرار : أبدًا !.

راين : إذًا... التالي سيكونُ ساقكَ اليمنى.

اتسعت حدقتا عيني زاك لتهويَ شفرةٌ منَ الرياحِ نحوَ ساقهِ لتجرحها فتسيلُ منها الدماءَ ليهتفَ زاك بفزع : لقد فهمت !، لقد فهمت لذا تمهل قليلًا !، سألغيها !!.

سكتَ راين يحدقُ بزاك بعينانِ مظلمتانِ ليردفَ الأخير قائلًا : أوتعلم... مَن هو الشخص الذي أمرني بإلقائها ؟.

راين : يا للأسف...

تناثرت الدماءُ على وجهِ راين، شعرهُ و ملابسهُ و ما كانت سوى دماءِ زاك الذي صرخَ بقوةٍ مجددًا و مابترَ هذهِ المرة كانَ ساقهُ اليمنى

راين : أوتعلمُ ماذا ؟.

شهقَ زاك بفزعٍ ليكملَ راين : سيكونُ قتلُكَ كفيلًا بإلغائها.

مدّ زاك ذراعهُ المبتوره نحوَ راين ليهتفَ فزعًا : مـ- مهلكَ !.

راين : الوداع.

توجهت شفراتُ راين نحوَ جسدِ زاك و هي على أتمِ الاستعدادِ لتقطيعهِ إربًا ليغمضَ الأخيرُ عينيهِ هاتفًا بفزعٍ شديد : لقد ألغيتها !، أقسمُ لكَ أنني ألغيتها !، ألغيتها لذا !!--

توقفت الشفراتُ بعدَ أن لامست جسدَ زاك قليلًا تاركةً بعضَ الخدوشِ و الجروحِ السطحية فرمقهُ راين بنظرةٍ امتزجت بينَ النارِ المتأججة والصقيعِ البارد ليلتفَ متوجهًا نحوَ لوكا

قالَ راين بلطف : لوكا.. أنتَ بخيرٍ الآن حسنًا ؟.

هزَّ لوكا رأسهُ نافيًا ببطء ليقول : ليسَ بخير... لقد حاولتُ قتلكَ بجدية !.

عانقهُ راين هامسًا : لا بأس، لستُ أمانع ... الأهم هو أن تكونَ بخير لذا... لا تقم بشيءٍ متهورٍ كتلكَ التعويذةِ مجددًا حسنا ؟.

أومأ بالإيجابِ بترددٍ ليقول : لكنني شربتُ دماءَ البشر...

راين : لقد تَمّ إجباركَ على ذلك !، أنتَ لم تقم بهذا بملءِ إرادتكَ لوكا... إنهُ ليسَ خطأكَ.

أومأ لوكا باإايجابِ مجددًا لتغرقَ عينيهِ بالدموعِ مشددًا على عناقهِ يهمسُ متأسفًا بينَ تارةٍ و أخرى ، أما هايدن فقد اكتفى بالنظرِ إليهم مِن بعيدٍ متكئًا على شجرة.

حيثُ روبي، جوليا، ماركوس وسيلفر، أخذَ الأخيرُ يتمشى في المكانِ متفحصًا إياهُ بعينيهِ فقد كانَ عجيبًا فعلًا، الأرضُ تحتَ قدميهِ صحراءٌ بيضاءُ الرمالِ و السماءُ فوقَ رأسهُ ليست سوى ظلامٍ ادمسَ و القدرةُ على الرؤية بوضوحٍ في هذا البعدِ ماهيَ إلا معجزةٌ، إضافةً إلى ذلكَ فقطعُ الحطامِ غريبةَ الشكلِ تملأ المكان، تكونت من مادةٍ صلبةٍ شبيهةٍ بالحجارةِ محشوةٌ بالقضبانِ المعدنية الصدئة

أخذَ سيلفر يتحدثُ معَ نفسهِ متذمرًا : أين أنا بحقِ الجحيمِ حتى !، تغيرَ المكانُ حولي فجأة من غابةٍ إلى هذهِ الصحراء القاحلة و السماء السوداء الخاليةِ من النجوم !، و قطعِ حطامٍ لَم أشهد لها مثيلًا قبلًا !!.

اتسعت عيناهُ لحظةَ رأى ذلكَ الحطامَ مردفًا : ما-- منزل ؟، بالحكمِ على البابِ و النوافذِ فهوَ كذلكَ... إلى أيِّ حقبةٍ ينتمي بحقِ الجحيم !، كما لو كانَ قادمًا منَ المستقبل.

تلمسهُ بيدهِ محدثًا ذاتهُ : أينَ أنا ؟، أيعقلُ أن يكونَ هذا هوَ المستقبل ؟، أهوَ حطامٌ وسطَ صحراءٍ قاحلةٍ لا غير ؟، إذًا ما الذي سنفعلهُ نحنُ الشياطينُ الذينَ حصلوا على حياةٍ أبدية ؟.

قاطعَ حبلَ أفكارهِ صوتُ ماركوس مترددًا في الأرجاء : مرحبًا سيداتي و سادتي، و عندما أقولُ سيداتي و سادتي أنا أعنيكَ بالمناسبةِ سيلفر !، أهلًا بكَ في عالمي ~

احتدت نظراتُ سيلفر ليقولَ بسخط : هذا الصوت... إذًا فقد كانَ أنتَ أليكسي


- إكسينو. 09-05-2017 12:04 PM





الزهرة التسعون : حتى و إن سُلبتُ عضوًا أو اثنين.

ماركوس : مرحبًا سيداتي و سادتي، و عندما أقولُ سيداتي وسادتي أنا أعنيكَ بالمناسبةِ سيلفر !، أهلًا بكَ في عالمي ~

احتدت نظراتُ سيلفر ليقولَ بسخط : هذا الصوت... إذًا فقد كانَ أنتَ أليكسي !!.

أجابَ ماركوس بمرح : أصبتَ !، ذكيٌ كعادتكَ سيل !، مع أن اسمي الآن أصبحَ ماركوس لكن لا بأس ~

تجاهلَ سيلفر تعليقَ ماركوس ليسألَ بسخط : أينَ هذا المكانُ بحقِ اللعنة !.

لَم يتخلَ ماركوس عن مرحهِ البتةِ فأجاب : واو واو لا تغضب حسنًا ؟، بما أنكَ قليلُ الصبرِ دعنا ندخلُ صلبَ الموضوعِ إذًا ~

صمتَ الاثنانِ للحظةٍ ليردفَ ماركوس : سحريَ يسمى باللعبة الملعونة، ننتقلُ إلى بعدٍ موازٍ، نضعُ القوانين، و نلعبُ بناءً عليها !.

ابتسمَ سيلفر ساخرًا فسأل : و من كُنتَ تقصدُ بنضعُ القوانين ؟.

ردَّ ماركوس بمرح : أنا و دميتيَ الملعونة بكُلِّ تأكيد !، لِمَ السؤال ؟.

أجابَ سيلفر بنفسِ النبرة الساخرة : لا، لا شيءَ البتة.

ماركوس : إذًا القواعدُ بسيطة ~ سنلعبُ اهرب و أمسك ، إن أمسكتَ عدوكَ تفوز، إن تمَّ الإمساكُ بكَ تخسر أحدَ أعضاءِ جسدك !، استعمالُ الأسلحةِ ممنوع، القتلُ ممنوع، إفقادُ أحدهم وعيهُ ممنوع، مهاجمة دميتي الملعونة ممنوعة، و الابتعادُ عنها خمسونَ مترًا ممنوعٌ كذلكَ، و أخيرًا مخالفةُ القوانينِ ممنوعة !، مخالفةُ القوانين ستكلفكَ أحد أعضاءِ جسدكَ كذلكَ !، على فكرة لكلِّ واحدٍ منكم دميةٌ خاصة أي ثلاثُ دمى إلى جانبِ الدمية الحقيقية يصبحنَ أربعة ، فليبقي كُل واحد منكم دميتهُ قريبًا منهُ رجاء ~ و الآن ، استعدا~د... إبدأ !.

هتفَ بهِ سيلفر بكُلِّ ذرةِ سخطٍ و غضب : لا تعبث معي أيها اللعين !!.

أجابَ ماركوس بمرح : واو لقد تمَّ شتمي توًا !، لنضف الشتمَ إلى قائمةِ الممنوعاتِ إذًا ~ و الآن إلعبوا بعدلٍ و إنصاف رجاء ~

أكملَ بنبرةٍ جديةٍ : لأنكم إن لم تفعلوا سينتهي بكم الأمرُ موتى.

عادَ إلى مرحهِ السابقِ مردفًا : ابذلوا جهدكم حسنًا ~

و ما إن أنهى ماركوس كلامهُ حتى اندفعَ سيلفر بسرعةٍ تنافسُ الضوءَ يبحثُ بينَ الحطامِ عن روبي و جوليا أو هذا ما ظنهُ ماركوس، فهدفُ الأولِ ليسَ سوى الأخير ، ظهرت روبي أمامَ سيلفر فجأة لتوجهَ لهُ ركلةً قويةً و بالطبعِ فقد تمكنَ هو من صدها إلا أنَّ ذلكَ لم يمنعهُ من التحليقِ بضعةَ أمتار

احتدت ملامحهُ و بنبرتهِ المعتادةِ هتف : و كأنني سألعبُ بقوانينكَ آليكسي !.

فرقعَ أصابعهُ ليظهرَ رمحهُ الناطق و المدعوُ فيذا من اللامكانِ فيهوي بهِ نحوَ روبي محاولًا قتلها إلا أنَّ حركتهُ قد شلت تمامًا إثرَ الألمِ الذي اجتاحَ أوصالهُ ليستفرغَ كمًا مهولًا منَ الدماءِ

ظهرت دميةٌ عائمةٌ قريبًا منهُ حملت لونًا بنيًا، رأسًا مدورًا و عينانِ سوداوتانِ كبيرتانِ تسيلُ منهما دموعٌ سوداءُ داكنه وابتسامةٌ عرضيةٌ زينتها خيوط منكسرة أما الجزء السفلي منها فماهيَ سوى قطعةٌ من القماش

نطقت الدميةُ فجأة : كيكيكيكي... خرقٌ للقواعد.. أخذتُ كليتكَ.

ترنحَ سيلفر عائدًا خطوتانِ إلى الخلفِ فهمسَ : هذهِ ليست مزحةً أهي...

أخذَ نفسًا عميقًا ثُمَ زفرهُ بارتجافٍ ليبتسمَ مكشرًا فهتفَ بصوتٍ مبحوح : و كأنني أهتمُ لخسارةِ عضوٍ أو اثنين !!.

ظهرَ ماركوس على بعدِ مسافةٍ من سيلفر ليقولَ بهدوءٍ و جدية : فقدانُ الأعضاءِ بعشوائيةٍ هكذا يعني أنّ التالي ربما يكونُ قلبكَ سيلفر... حتى لو كنتَ زهرةً سوداء فإن خسرتَ قلبكَ لَن تنجو من الموت...

أجابَ سيلفر بنبرةٍ مستمتعةٍ مبحوحة : أنتَ مخطأ آليكسي !، حتى و إن خسرنا قلوبنا !، نحنُ لَن نموتَ ما لم تقتلع زهورنا !!.

بعثَ سيلفر هالةً تنذرُ بالسوءِ لتستجيبَ لها جوليا على الفورِ فهتفت : فورماسيون ماديرا: خولا ديافيس

*تكوين الخشب**قفص الطيور

انبثقت جذوعُ الأشجارِ تحتَ قدمَيّ ماركوس و سيلفر الذي نطقَ بضعَ كلمةٍ لتشكلَ قفصًا حولهُ، مرَّ الوقتُ كأنهُ دهرٌ و الصمتُ سيدُ الموقف، و في النهاية سالت الدماءُ لتلونَ الترابَ الأبيضَ بحمرتها

- حيثُ راين، لوكا و هايدن -

ابتعدَ راين عَن لوكا قيلًا بعدَ أن كانَ يعانقهُ قائلًا : لوكا، فلنعد إلى حيثُ ماري

ما إن وقعَ نظرُ راين على شقيقهِ حتى ابتسمَ لا إراديًا فاقتربَ منهُ هايدن بينما يعرجُ قائلًا : لقد نام هاه ؟.

أومأ راين بالإيجابِ ليدسَ أصابعهُ بينَ خصلاتِ شعرِ لوكا مجيبًا : لا بدَّ و أنهُ متعبٌ و مشوش.. لقد كانَ على هذهِ الحال طوالَ مائة و ثلاثونَ عامًا على الأرجح ...

نهضَ حاملًا لوكا على ظهرهِ فقال : لنبحث عن البقية.

نظرَ هايدن إلى زاك الذي يستلقي أرضًا مرتجفًا و دماءهُ تسيلُ بغزارةٍ خارجَ جسدهِ فقال : ماذا عنه ؟.

هتفَ راين بسخط : فلينزف حتى الموتِ هُنا أو فليذهب للجحيم ماشأني أنا !!.

هايدن : أتتكلمُ بجدية ؟.

راين : هو لم يؤذي لوكا فقط بل و قد خانَ بني جنسهِ من أجلِ حياةٍ أبديةٍ لا نفعَ لها !.

هايدن : بغض النظر عن الدوافع، ألم تفعل المثل ؟.

راين : بالضبط !، لذا أنا و هو حثالة !، لكني قطعًا لَن أموتَ قبلَ تحقيقِ أهدافي !!.

صمتَ هايدن غيرَ مقتنعٍ بكلامِ مَن أمامهِ ليسيرَ راين فيتبعهُ الأولُ ، و بعدَ بضعِ خطوةٍ توقفَ الأخيرُ ليتوقفَ هايدن من بعدهِ محدقًا بهِ بتعجبٍ، أما راين فقد اتسعت حدقتا عينيه و اضطربت أنفاسهُ، شعرَ بقلبهِ يخفقُ حتى يكادُ يخترقُ صدرهُ و بأطرافهِ قد تجمدت تمامًا، ففي هذهِ اللحظة، وقتهُ قد توقفَ تمامًا.


- إكسينو. 09-06-2017 10:08 PM





الزهرة الحادية والتسعون : سقوط الشيطان الأقوى.
ابتسمَ سيلفر مكشرًا فهتف : مُت !!.

ثمّ تبعته جوليا : فورماسيون ماديرا: خولا ديافيس !!

*تكوين الخشب**قفص الطيور

أحاطت جوليا ماركوس بقفصٍ من النباتات و وقفت أمامه تفتحُ ذراعيها على عرضهما ، فاستقرّ رمحُ سيلفر في كتفها الأيمن لتصرخ بصوتٍ مبحوح و حدقتانِ متسعتان غرقتا في الدموع ، شدّ سيلفر شعرها و صرخَ بغضب بينما يرميها جانبًا : لا تعترضي طريقي أيتها البشرية !

ارتطمَ رأسها بالأرض و توقفت عن الحركة فهتفَ ماركوس بقلق : جوليا !

إذ بكفّ يدِ روبي يستقرُ على معدةِ سيلفر و بجزءّ من الثانية طارَ بعيدًا ، فقالت بسخطٍ و غضب : أعدكَ أنكَ لن تخرج على قيدِ الحياة

الدمية الملعونة : خرقٌ للقواعد ، استعمالُ السلاح ... خرقٌ للقواعد ، إفقادُ المنافسِ وعيه ، سيلفر ... أخذتُ معدتك و إحدى رئتيك ...

تلوى سيلفر من الألم و هو يطلقُ صرخاتٍ متقطعة بصوتٍ مبحوح و يسعلُ من بينها تارةً أو يشهقُ ألمًا ، صرخَ بصوتٍ مبحوح متألم : اللعنةُ عليكَ أليكسي ! أقسمُ أنني سأقتلك ! تبًا !!

الدمية الملعونة : خرقٌ للقواعد ، شتمُ سيدِ اللعبة ، أخذتُ كبدك !

توجهت روبي نحوه بهدوء و هي تنظرُ نحوه بعيونٍ باردة كانت لتكونَ كالثلج لولا أنهما ذهبيتين

قالت ببرود : مت

صرخَ أليكسي مادًا ذراعه لها : توقفي روبي !! القوانينُ مطلقة ! لا يمكنُ لأحدٍ خرقها !

مالَ أحدُ أغصانِ القفص الذي صنعته جوليا فهمست بصوتٍ مرتجف : رجاءً ... سا ... عد ... رو ...

لم تكد تنهي جملتها حتى فقدت وعيها ، في تلكَ الأثناء توجه رمحُ سيلفر نحو روبي بمحاولةٍ منه لطعنِ ظهرها ، ركز ماركوس على سبابةِ الأول فوجدها مرفوعةً بنوعٍ من الإشارة ، غطّت غرةُ ماركوس على عينيه و قامَ بدفعِ روبي بعيدًا بعدَ أن همسَ لها بضع كلمة ، اتسعت عينا الأخيرة و شهقت بهدوء ، دماءٌ قرمزية صبغت الرمال ، و زالَ سحرُ ماركوس ، نهضت روبي من على الأرض بصعوبة بينما جوليا فقدت وعيها فقط ، هرعت الأولى عند ماركوس و قالت بصوتٍ مهزوز : ما ... ركوس ؟ ...

لكن لم تكن هناك إجابةٌ من ذلكَ الجسد الذي تسيلُ منه الدماء ، شعرهُ الأشقر يغطي عينيه، و جسدهُ لا يتحرك بينما فجوةٌ حفرت في خاصرته اليسرى ، و على الجانبِ الآخر يستلقي سيلفر على ظهره يحدقُ بالسماءِ المرصعةِ بالنجوم معَ ابتسامةٍ عريضة على شفتيه فضحكَ ثمّ أردف : هذا ما تستحقه أيها اللعين ! من هو الفائزُ الآن هاه ؟ من هو الأقوى !!

سعلَ بضع مرة لينبع من فاه دمًا ، أغمضَ عينيه ألمًا رغمَ هذا لم تفارق الابتسامةُ شفتيه أبدًا

تحسست روبي وجنةَ ماركوس التي هبطت عليها بضع دمعة لتهمسَ بصوتٍ مرتجف : لا أريدُ ذلك ! لا تتركني ... ماركوس ... افتح عينيكَ أرجوك ... هيا ! لا ترحل بكلّ أنانية بعدَ أن قلتَ شيئًا كذاك ! نيه !

أخذت دموعها تنهمرُ بغزارة دون أن تنطقَ بكلمة أو تهمسَ بحرفٍ واحد ، تحركت الحشائشُ قربها و صوتٌ مألوف همس : روبي...

و ما لبثت هذهِ الحروفُ الخروجَ من فمه حتى لمحَ جسد صديقه و أخيه ممدودٌ على الأرض و دمائه تتسربُ إلى الخارج ، و من ناداها للتو تبكي و دموعها قد بللت وجهها بالكامل

التفتت إليهِ بهدوء و همست : ساعدني ... هاري ... ماركوس يأبى الاستيقاظ ...

حرارةٌ اشتعلت داخلَ حلقِ هاري فورَ سماعهِ لتلكَ الجملة ، اقتربَ من رفيقه ببطءٍ شديد و هو يحدقُ بوجههِ الذي يزدادُ شحوبًا ، جثا على ركبتيه و انهمرت بضع دمعة على خده ، بقي مصدومًا بضعَ ثانية ثمّ أجفلَ ملتفتًا نحو روبي و هتف : ماذا عن قلبه ؟

وضعَ أذنه على الجهةِ اليمنى من صدرِ ماركوس ثمّ همسَ بصوتٍ مرتجف : من هو المسؤولُ عن هذا ؟

نظرت روبي نحو سيلفر دونَ أن تتفوه بكلمة ، نهضَ هاري و قالَ بهدوء : روبي ... قلبُ مار لا يزالُ ينبض ... رجاءً امنحيهِ دمك ... سأنهي أمرَ هذا الشخص

عادَ بريقُ الأملِ لعينيها و اتسعتا على آخرهما ، أمسكت إحدى حرباتها و جرحت باطنَ كفّ يدها ثمّ شدت على قبضتها لتقطرَ دمائها على وجههِ بضع قطرة ثمّ على شفتيه و داخلَ فمه ، فتحَ ماركوس عينيه على أوسعيهما فجأةً و شهقَ بقوة ، أما هاري فقد وقفَ أمامَ سيلفر المستلقي أرضًا ، نظرَ الأخيرُ نحوه و قال : ماذا تريد أيها البشريُ الوضيع ؟

هاري : ما رأيكَ أن تعطيني حياتكَ رجاءً ؟

رفعت جوليا نفسها عن الأرضِ بصعوبة و همست بأعلى ما تملكُ من صوت في هذهِ اللحظة : هاري ... ماركوس قد سلبهُ كبده ، رئته ، كليته و معدته بالفعل ... لذا رجاءً ... اقضي عليهِ تمامًا ...

نظرَ هاري إلى سيلفر ليقول : أ هكذا....

تحولَ شعرهُ إلى الأسودِ و بشرتهُ إلى البيضاءَ شاحبة بينما صبغت عيناهُ بلونِ الفضةِ فأردف : لادرون ماجيكو : اكتفيفار

*سحر السارق **تفعيل

شعرَ سيلفر بنفسهِ يُمزقُ لأشلاء من الداخل فأطلقَ صرخةً مدوية أجبرت العصافير على الطيران و راين و هايدن على الإسراع ، دمعت عيناه ثمّ انسابت تلكَ الدموعُ منهما رغمًا عنه

أخذَ يصرخُ بصوتٍ مبحوح : هذا مؤلم ، هذا مؤلم ، هذا مؤلم !!!

و يكررها بضع مرة ثُمَ هتفَ بسخط : اللعنة عليكم جميعًا !!، تبًا !!!

فتحَ عينيه لتتوسعا على آخرهما تزامنًا معَ شهقتهِ المبحوحة عندما لمحَ ما يحملُ هاري في يده ، هنا سمعَ هاري صرخةً مكتومة بصوتِ روبي فالتفتَ إليها ، و هذا كان عندما وصلَ كلّ من راين و هايدن و هما يحملانِ لوكا ، و لم يمضِ سوى بضع وقت حتى سطعَ ضوءٌ من جهةِ القرية .


- إكسينو. 09-07-2017 08:36 PM







الزهرة الثانية و التسعون : آنا ، الخادمة و سيدها.
- من جهةِ بياتريس ، ماري لوكي و هاري -

لوكي الذي يحملُ بياتريس أنزلها برفق لتستلقي على نفسِ السرير الذي كانت تستعمله قبلَ بدءِ رحلتها ، سحبَ كرسيًا قربهُ و جلسَ عليه بينما جلست ماري على حافةِ السرير و هاري اكتفى بالوقوفِ عندَ الباب فهمسَ الأخير : أستكونُ بخير ؟بياتريس تشان ...

هزّ لوكي رأسهُ نافيًا و قال : لا أعلم ... لم يحدث لها هذا قبلًا ...

حدّقت روزماري ببياتريس النائمة بحزن و همست : أرجوكِ أفيقي سريعًا ... بياتشان ...

- في مكانٍ ما عندَ فترةٍ غير معلومة من الزمن -

فتاةٌ بشعرٍ أسود طويل تتركهُ منسدلًا ، ترتدي فستانًا أخضر فاتح يكادُ يكون أبيضًا ، زَيّنه شريطٌ على خصرها بلونٍ أخضر كالعشب و عقدة عند ظهرها بلونٍ أخضر مصفر ، كانَ يتناسب مع عينيها الخضراوتين كالزمرد ، و أقراطٌ خضراء مصفرة كما عقدةُ فستانها بشكلِ برسيم ذو أربع أوراق ،بشرتها شاحبةُ البياض على عكسِ من يعيشون حولها ، كانت تطفو كما لو كانت تعومُ في الهواء فوقَ مياهِ تلكَ البحيرة ذات الماء الذهبي المتوهج ، أطلقت صوتًا نمّ عن التعجب و همست : أشعرُ بقوةٍ تطابقُ سيدي ... إمرأة ؟... كما توقعت ... هي ليست سيدي ...

رفعت رأسها إلى السماءِ الزرقاء و همست : نيه ، سيدي ... متى ستأتي من أجلي ؟لقد تعبتُ من كوني على قيدِ الحياة ...

- في فترةٍ أخرى في نفسِ المكان -

تلكَ الفتاةُ نفسها ، لكن هذهِ المرة هي لا تطفو فوقَ المياه ، بل تستلقي غامرةً لجسدها و فستانها بها

تنظرُ للسماءِ بهدوءٍ كعادتها ، لكن عيناها توسعتا فجأة لتهمس : أريدُ رؤيتكَ حقًا سيدي ...

ثمّ أجفلت لتقول : هناكَ طاقةٌ أخرى بدت كما لو أنها لسيدي ... بل هي طاقتهُ نفسها لكن أضعف ... فتى ؟إذًا هذا يعني أنّ سيدي قد عادَ لأجلي أخيرًا !أنا سعيدةٌ فعلًا ، لوكي ...

فقالَ المدعو لوكي بسعادة : اذهبي للقائهِ إذًا !آنا !

ابتسمت تلكَ الطفلة بدفء و أغمضت عينيها لتهزّ رأسها نافية : لا أستطيعُ ذلك ... على سيدي أن يأتي لاصطحابي بنفسه ... إنهُ يشبهُ علاقتنا تمامًا ، لوكي ... على السيدِ الانجذابُ أولًا !

لوكي : إذًا ، ما رأيكِ بمراقبته من بعيد ؟لبضع وقتٍ فقط !

نهضت لتجلسَ على الماء و عبست بتعجب لتقول : ماذا عن ينبوعِ الحياة ؟لا يمكنني تركُ البحيرة السرمدية دون حارس !

لوكي : اذهبي !دعي أمرَ حمايةِ البحيرة لي !آنا !

عانقتهُ بقوة لتهتفَ بسعادة : شكرًا لكَ لوكي !أنتَ الأفضل !

فهمسَ الآخر : سأختنق !

لتهتفَ مجددًا بعد أن تركته : سأعودُ سريعًا أعدك !

طارت آنا نحو مصدرِ طاقةِ سيدها المزعوم ، كانَ كوخًا من أكواخِ القرية فأطلت من إحدى نوافذهِ لتلمحَ ثلاث أطفال بعمرها ، أحدهم فتى بشعرٍ أشقر و الأخرى فتاةٌ بشعرٍ بني ، لكن ما لفتَ انتباهها هو الطفلُ أسود الشعرِ بنفسجي العينين فهمست بسعادة : سيدي !

حدثت نفسها قائلةً : القرية ترفضُ وجودهُ جزئيا ... لِمَ ؟...

سحبَ الطفلان ذاك الطفل أسود الشعر إلى الخارج ، أخذوا يتحدثونَ بعدما بدأوا بالشجار و بدا كما أنهم يستمتعونَ حقًا ، همست بحزن : كما توقعت ... أنتَ لا تذكرني ... سيدي ...

عادت آنا إلى البحيرة تعومُ ببطءٍ شديد و الحزنُ يبرقُ في عينيها مطأطئةً رأسها إلى الأسفل

سألَ لوكي بقلق : ما الأمر ؟آنا ؟

أجابتهُ بحزن : سيدي لا يذكرني ... كما أنهُ أصغرُ بكثير من سيدي الذي أذكره ...

قالَ الأولُ بجدية : أستنسيني يوما ؟آنا ...

ابتسمت المعنية بلطف و قالت : و من سيقدرُ على نسيانِ سنجابٍ عائم ؟

لوكي : أرأيتِ ؟كذلكَ لا أحد يستطيعُ نسيان فتاةٍ جميلة عائمة !سيتذكركِ قريبًا لذا لا تقلقي !

قهقهت آنا بلطف و قالت : معكَ حق !سيتذكرُ قريبًا !

لوكي : أليسَ كذلك ؟في المرةِ القادمة تحدثي معه قليلًا !

ابتسمت بإشراق و أومأت مهمهمةً بالإيجاب ، فتحت عينيها ثمّ قالت بلطف : شكرًا لك !لوكي ...

- عودة إلى حيث بياتريس -

همهمت بياتريس أثناءَ نومها : لوكي ...

أجفلَ لوكي من فوره و هتفَ بقلق : بيارين !!

ضبابٌ أسود كثيف تجمعَ لتظهرَ إيلينا قائلة : يبدو أنّ آنا تستعيدُ ذكرياتها ... مما يعني أنّ بياتريس بدأت تختفي ...

التفتَ إليها الجميع بحذرٍ شديد اخذين وضعية القتال لتردف مع ابتسامة ساخرة : على مهلكم لست هنا للشجار معكم ان لم تبداوا اولا... على الاقل ليس حاليا...

قالَ لوكي بحدة : آنا ماتت منذُ مائة و ثلاثونَ عامًا !

إلينا : اوه حقا ؟إذًا لِمَ بدأ وشمُ المتعاقد يظهرُ على صدرك ؟

اتسعت عينا لوكي و هرعَ إلى المرآة ، أمسكَ بياقةِ قميصه و وسّع فتحةَ عنقه ليصدمَ بوشمِ المتعاقد الخاص به يعودُ مجددًا ، التفتَ نحو بياتريس النائمة ليهمسَ بقلق : بيارين !رجاءً لا تختفي !


- إكسينو. 09-09-2017 08:07 PM








الزهرة الثالثة والتسعون : آنا : ذلكَ اليوم.

قبلَ مائة و ثلاثونَ عامًا، عندَ النافذة خارجَ منزل سينابيل تقفُ آنا و هيَ تحدقُ براين بينما تحدثُ ذاته : هذهِ المرة سأبدأ حديثًا معهُ بكُلِّ تأكيد !.

أما في الداخل، كانَ راين يقفُ أمامَ مكتبةِ سينابيل يحدقُ بها و أخيرًا انتشلَ أحدَ تلكَ الكتبِ آخذًا يقلبُ صفحاتهِ مطالعًا إياها

قالَ بهدوءٍ دونَ أن يزحزحَ عينيهِ عَن الكتابِ : هيي سينابيل... لغتكم تختلفُ عَن تلكَ التي في عالمنا... على الأقلِ في الكتابة.

اقتربت منهُ سينابيل بابتسامةٍ دافئة لتقول : أتودُ مني أن أعلمكَ الكتابة ؟، راين...

أعادَ راين الكتابَ إلى المكتبة ثُمَّ أومأ إيجابًا لتسألَ سينابيل مجددًا : لِمَ لم تطلب ذلكَ من إدغار قبلًا ؟، ألستما مقربان ؟، متأكدة أنهُ ما كانَ ليرفض..

زفرَ راين مغلقًا عينيهِ ليجيب : مقربان ؟، ماكان ليرفض ؟، سينا دعينا نكن واقعيين هو سيجعلني أترجاهُ حتى العامِ الجديد !، أفضلُ البقاءَ أميًا على أن أتعلمَ على يدهِ !.

ابتسامةٌ مرتبكة و دهشةٌ طفوليةٌ رُسمت على وجهِ سينابيل لتجيبَ : هـ.. هيـ~ـه....

انتشلَ راين ورقةً و قلمًا من على إحدى الرفوفِ ثُمَّ جلسَ مقابلًا لطاولةِ الشاي فنادى على سينا قائلًا : إذًا ؟، ألن نبدأ أم ماذا ؟.

سألت المعنية بتعجب : منذُ الآن ؟.

أومأ إيجابًا ليجيب : لا أودُ منهُ أن يسخرَ من عدمِ مقدرتي على القراءةِ يومًا ما !.

قرعٌ على النافدةِ تخللَ مسامعهما ليلمحَ راين طفلةً سوداءَ الشعرِ خضراءَ العينينِ خارجَ النافذة ففتحها قائلًا : مَن ؟.

أجابت : آنا !، اسمح لي بتعليمكَ رجاءً !.

همهمَ راين مُفكرًا فأجاب : و لِمَ لا، سينا مشغولةٌ دومًا على أيةِ حال !، سيكونُ هذا أسرعَ بكثير !.

ابتسمت آنا بسعادة لتهتف بنشاط : أجل !.

" آنا : الوحدة، الفراغ، الاختلاف، الألم ، الحزن...طوالَ خمسينَ ألفَ عامًا... وأنا أحملُ هذهِ المشاعرَ داخلي و لاشيءَ سواها... قبلَ خمسمائة عام... تعرفتُ على لوكي... هوَ خففَ من هذهِ المشاعر شيئًا لكنَ هذا لَم يكُن كافيًا... كُنتُ طوالَ الوقت أشتاقُ إلى شخصٍ واحد... إلى سيدي... أشتاقُ إليكَ جان.. كثيرًا.. لذا يومَ علمتُ راين القراءة، و لأولِ مرةٍ شعرتُ بأنَّ العالمَ تملأه ألوانُ قوسِ المطر... الفراغُ في قلبيَ يتلاشى و كأنهُ لَم يوجد، قضيتُ أوقاتًا ممتعةً لأولِ مرةٍ منذُ وقتٍ طويلٍ... و نسيتُ أمرًا مهمًا... هذا النسيان... أودى بنا إلى كارثة."

صباحُ ذلكَ اليوم، ظلامٌ دامسٌ أغرقَ عينيها و هدوءٌ شديدٌ طغى على أذنيها حتى تخللهما ذلكَ الصوتُ المرحُ و المألوفُ قائلًا بمرح : آنا، استيقظي آنا !، إنهُ الصباح !!.فتحت المعنية عيناها بهدوءٍ لتطرفَ بهما بضعَ مرةٍ بثقلٍ، استندت على يمينها تفركُ عينيها بيسارها ثُم تثاءبت لتتشبثَ بعينيها بضعَ دمعةٍ لتستمرَ بفركهما، توقفت لتفتحَ عينيها فتبتسمُ بلطفٍ هامسة : صباحُ الخيرِ لوكي...

بقيَ لوكي يحدقُ بها بهدوءٍ لوهلةٍ ثُمَّ هَتفَ بمرح : آنا ظريفةٌ اليومَ أيضًا !، يا إلهي أودُ أكلكِ.

قهقهت آنا لتقولَ مجيبة : لستُ ظريفةً بقدركَ لوكي !.

تحدثَ لوكي كسيدةٍ نبيلةٍ داخلَ حفلٍ قائلًا : اوه يا إلهي آنا ساما امتدحتني توًا !، هذا مخجل !.

قلدتهُ آنا بدورها : لا لا لوكي ساما، لَم نقل سوى الحقيقة

حاولا كبتَ ضحكتهما إلا أنهما انفجرا معًا في النهايةِ فابتسمت آنا قائلة : أتطلعُ لمقابلةِ راين اليومَ أيضًا !، أتسائلُ إن كانَ يتطلعُ لمقابلتي كذلكَ...

لوكي : لم تمضِ سوى خمسةُ أيامٍ منذُ التقيتما و تحولَ إلى راين بدلًا من سيدي، هووه لقد فهمت آنا الخادمة الصغيرة قد وقعت في حُبِ سيدها، كَم هذا مشين كَم هذا مشين...

احمرَ وجهها تمامًا لتندفعَ نحوَ لوكي هاتفة : هذا خاطئ هذا خاطئ !!، لقد كانت زلةَ لسانٍ لأني اناديهِ هكذا دومًا !

تنهدَ لوكي مغلقًا عينيه : كوني صريحة مع نفسكِ آنا، أنتِ كذلكَ ألستِ ؟.

سكتت لتخفضَ رأسها إلى الأسفلِ قائلة : حتى لو كُنتُ كذلكَ... الأمرُ ليسَ و كأنهُ سيهتم.. بالإضافة هوَ مقربٌ لسارا كثيرًا...

ربتَ لوكي بكفهِ الأبيض الصغير على كتفها قائلًا : هذا ليسَ صحيحًا آنا، أنتِ ألطفُ من المدعوةِ سارا بكثير !، كما أنَّ وجهكِ أظرفُ منها !، لدرجةِ أنني أنا ملكُ الظرافة بلحميَ ودميَ و فرائيَ أمتدحُ ظرافتكِ !.

هتفت آنا بطفولية : هـ هذا صحيح !، عليَّ أن أبذلَ جهدي !.

هتفَ لوكي مشجعًا : هذهِ هيَ الروح !.

نهضت آنا متوجهةً نحوَ البحيرة لتعبرَ إلى الجانبِ الآخر ، لكنَ ما حدثَ هذهِ المرة لَم يكن في الحسبان، آنا لم تستطع أن تعومَ في الهواء هذهِ المرة، بل سقطت في البحيرةِ فقط، أنفاسها تشكلُ فقاعاتٍ متصاعدةٍ إلى الأعلى و جسدها يهبطُ إلى الأسفل ، بقيت هكذا لثوانٍ حتى أدركت نفسها فلفت جسدها ليقابلَ بصرها القاع بنيةِ السباحةِ إلى السطح، لكنَ ما صدمها منظرٌ لم تتوقع رؤيتهُ أبدًا.

حدثت آنا نفسها : هذا الجسد... مستحيل... سيدي ؟.


- إكسينو. 09-09-2017 08:07 PM




الزهرة الرابعة و التسعون : لقاء.
أخذَ سيلفر يصرخُ ببحة من الألم و هو عاجزٌ عن الحركةِ تمامًا بينما كانَ هاري يحملُ ما تبقى من أعضائهِ الداخلية بيدهِ قائلًا ببرود : أنتَ لن تحتاجَ هذهِ بعد الآن ... حتى و إن فرض أنكَ خالد ... لن تستطيعَ سوى الاستمتاع بخلودك و أنتَ ممدد هنا إلى الأبد ...
هتفَ سيلفر : اللعنة عليك ! اللعنة على كلّ البشر ! اللعنة على هذا العالم !!
هنا سمعَ هاري صرخةً مكتومة صدرت من روبي ليلتفتَ نحوها ببرود و عيونٍ خالية من الحياة لكن ما لبثت أن اتسعت على مصراعيها حين أبصرت ما أمامها ... هو لم يكن في وعيه ، هذا ما أدركه هاري فورَ رؤيتهِ لماركوس و قد اخترقت أنيابهُ عنقَ روبي دونما رحمة ، أما روبي فهي لم تقاوم بل على العكس كبتت ألمها في سبيلِ عودةِ المتسبب به سالمًا ، ثوانٍ حتى تصاعدَ البخارُ من جروحِ ماركوس و التأمت كراين تمامًا ، و بعد مضيّ فترة لم يبتعد أبدًا عنها فهمست روبي بضعف : مار ...كوس ... أنا ...
و فقط هنا أجفلَ المعني و عيناه التي كانتا خاليتينِ من البريق استعادتا بريقهما متسعتين تمامًا ، تركها برفقٍ و هدوء محاولًا أن لا يؤلمها ثمّ همس : أنا آسف ! لم أقصد حقًا !
و كلّ هذا حدثَ أمام عينيّ راين و هايدن الذان وقفا مصدومانِ تمامًا مما يحدثُ حولهما، كما لو كان الزمن قد توقفَ بهما تمامًا ، ماركوس شربَ توًا دمَ رفيقته ، هاري صُبغَ بالأحمرِ بالكامل و سيلفر ممددٌ على الأرض كجثةٍ هامدة
" ماذا حدثَ هنا ؟ " همسَ راين دونما وعي ففجر هاري أعضاءَ سيلفر إلى قطعٍ من الفتات
هاري : سنشرحُ لاحقًا ! راين ، بياتريس في خطر ! تلك المدعوةُ إلينا تنوي فتحَ مدخلٍ إلى فلوريس بيوبلو في أيّ وقتٍ الآن !
انفعلَ راين و تقدّم من هاري ليهتف : كيف وصلت إلى هنا ؟
هاري : اخبرتكَ انهُ لاوقتَ لدينا ! علينا أن نسرع !
نظرَ راين إلى أليكسي الذي لا يزالُ مصدومًا مما فعله و ملابسه ملطخةٌ بالدماء و ممزقةٌ بشدة لكن لا أثرَ لأيّ جرح و هنا اتضحَ له الأمر فقال : أستبقى هنا فقط كالأحمق ؟! احمل روبي و اتبعنا سريعًا ! ليكس
أفاقَ المعني من صدمتهِ ليهتف : حـ- حالًا !
ما لبثوا أن ابتعدوا عن مكانِ سيلفر قليلًا حتى شعرَ راين بهالةٍ مألوفة ، هالة مقيتة حقدَ عليها منذ الأزل و ذلك الصوتُ العتيق تخللَ مسامعهُ لأول مرة منذ زمن قائلًا : إلى أين تظن نفسكَ ذاهبًا ؟ راين ...
عكست عيناه البنفسجية صورةَ ذاك الرجل ذو الشعرِ الأشيب ، البشرةُ شاحبة البياض و تلك العيونُ الياقوتية التي تشعُ حمرةً وسط الظلام ، اضطربت أنفاسُ راين فأخذت تتسارعُ كما ضربات قلبهِ تمامًا ، ازدرد ريقه و شعرَ بحلقهِ جافًا و شفاه متيبسة ، أطرافه بردت و اقشعرَ جسده ليهمسَ بحنق و بحةٍ حادة : لويدغير ديستيلا ! ...
بينما حالُ ماركوس لم تكن أفضل من راين أبدًا لكنهُ تراجعَ بضع خطوة إلى الخلف و آثرَ الصمت على الكلام
همسَ راين و غرته تغطي على تقاسيمِ وجهه قائلًا : ابتعد عن طريقي ...
شدّت تلك الجملة انتباهَ لويدغير ليصرخ راين بسخط : لقد قلتُ لكَ ابتعد عن طريقي !! ماذا تود بعد ؟ لقد سلبتني صديقاي الوحيدان ! القريةُ التي اعتبرتها كمنزلٍ لي ! الناسُ الذين أحبوني و تقبلوني بصدق كما لم تفعل أنت ! الأشخاصُ الذين لم يرموا بي داخلَ شجرةِ الدم مواجهًا الموت كما فعلت يا مَن مِن المفترضِ أن تكون والدي و أبي ! و الآن ماذا ؟ أتود أن تسلبَ مني كلّ شيء مجددًا ؟ أليسَ لديكَ شيء لتفعله سوى تدميري ؟!
فقالَ المعني بهدوء : راين ...
سكتَ ثمّ أردف : ثق بي ... هذا لمصلحتنا جميعًا ... لا تكن أنانيًا ...
شدد راين على قبضتهِ بقوة و ابتسمَ ساخرًا مع حدة تبرقُ في عينيه : فلتذهبوا إلى الجحيم ! سأكونُ ما أريد و أفعل ما أريد ! ثم أحقا تقولُ ثق بي ؟ بعدَ كلّ هذه المدة ؟ أحقًا تتوقع أن أقول أجل بكلّ تأكيد ؟
لويدغير : راين.
هتفَ راين : ماذا !، فلتشرح كما يجب !، انتَ دومًا هكذا !، فقط تقومُ بكُلِ شيءٍ بصمتٍ ودونَ مبررات !!، لقد كنتَ هكذا دومًا وستبقى !، بحق الجحيم فقط تنحى جانبًا !!.
زفرَ لويدغير بحدة و قالَ بهدوء : جاك ذا ريبير
*جاك السفاح.
اتسعت عينا راين و هتفَ من فوره : ابتعدوا عنه حالًا !
و كرد فعل طبيعي من أجسادهم قفزوا متراجعين إلى الخلف ، و طاقةٌ سوداء تشعُ بالأحمر تتلوى كما الأميبا خرجت من خلف لويدغير لتحول كلّ ما أمامها إلى أشلاءٍ صغيرة
لويدغير : كن مطيعًا راين ... أنتَ و أليكسي أكثر من يعرف أنّ هذا السحرَ لا يرحم ...
أمسكَ راين مقبضَ سيفه الطويل و الكبير، ذاك الذي لم يسحبهُ قط منذ سلّمه معلمه له قبلَ موته
غطت غرته على عيناه و همس : امنحني قوتك ، سيف إمبراطور الرياح ، فينيا .
هتفت الرياحُ داخلَ رأسه : أأنتَ مجنون راين !!، توقف حالًا !، أ انت مدرك لما انت على وشكِ ان تفعله !!.
فجأةً غرائزُ لويدغير أخبرته بالتراجع و احتدت نظراته مركزًا على الدفاع استعدادًا لما سيحصل ، فأصبحَ الجو عاصفًا حولَ راين الذي بدأ جسده ينتجُ ريحًا بقوة حتى أصبحت تبدو بيضاء لكثافتها ، تقدّم راين بهدوء من لويدغير ليقول : التعويذةُ صفر من أصل خمسة ... سيد الكوارث ... تفـ ...
ازدرد لويدغير ريقه ليقاطعَ راين هاتفًا : مهلًا ! مهلك راين ...
بقي راين يحدّق به و قد توقفَ مكانه ، إلا أنه لم يكن يبدو و كأنه سيعدلُ عن قراره هذا فأكملَ مردفًا : أواثق أنكَ تود القيام بهذا ؟ صحيح أنها ستكونُ آخرتي لكن ... ماذا عنك ؟ أمستعدٌ للموت ؟
سكتَ البقية فهم لا يعلمون ما ينوي راين على فعله إنما استنتجوا من الحديث أنه أمرٌ سيء
فأجابَ راين : لا تقلق ... لا أنوي الموت بعد ... و ذلك لن يحدث بكلّ حال ...


- إكسينو. 09-10-2017 07:02 PM



الزهرة الخامسة و التسعون : القليلُ فقط..
أثناء المعركة بينَ راين و والدهِ في الجهة الأخرى ، تحديدًا منزلُ بياتريس و غرفتها
قالت إيلينا مبتسمة : و الآن ، هلّا بدأنا.
أجفلَ لوكي و ماري ملتفتانِ نحوَ إيلينا و قلبيهما يدقانِ بجنونٍ فزعًا، أما هاري فما كانَ سوى انعكاسٍ لصورتهِ قبلَ ثوانٍ من تركهِ للمجموعة قامت روزماري بصنعهِ مستخدمةً سحرَ مراياها لا حولَ لهُ و لا قوة
أردفت إيلينا بينما تقتربُ من بياتريس : سأقعُ في ورطةٍ إن حدثَ و استعادت آنا ذاتها.. بياتريس الآنَ تحلم.. و لا شكَ أنها ستلمحُ جان في حُلُمها عاجلًا أم آجلًا.. حينَئذٍ.. هيَ ستختفي لتحلَ آنا محلها.
نظرت إلى إنعكاسِ هاري لتردفَ مجددًا : يمكنكِ إزالةُ سحركِ ماري.. ليسَ و كأنهُ يخدعُ أحدًا و إن فعل... فستكونُ أنتِ المخدوعة بفعاليةِ سحركِ علي.
ابتسمت روزماري مقطبةً حاجبيها رغمَ الخوفِ الذي يجتاحها لتقولَ بثقةٍ تخللتها السخرية : للأسفِ فواجبهُ كانَ التغطية على هاري حينَ يتركُ المكان و قد أداهُ سلفًا عزيزتي !.
اتسعت ابتسامتها لتهمسَ بسخريةٍ أقربَ منها للغيض : يا لكِ من فتاةٍ مشاكسة..
اقتربت إيلينا من بياتريس لتمدَّ يدها نحوَ رأسِ الأخيرةِ فظهرت ميرا من أسفلِ شعرِ بياتريس لتهتف : و كأنني سأسمحُ لكِ بأذيتها !.
انبثقت جذوع الشجرِ من أرضيةِ الغرفةِ و جدرانها مستهدفةً إيلينا، أما الأخيرة فلم تستغنِ عن ابتسامتها حينَ تذبذبَت الرياحُ حولها لتقطعَ أغصانَ ميرا بسهولة
تقدمت إيلينا من ميرا لتصفعها إلى الأرضِ قائلة : قريبًا ستكونُ بوابة العالمِ بأسرهِ بينَ يدي.. حتى ذلكَ الوقت أحتاجُ منكم أن تكونوا مطيعينَ لفترة.
فجأة هالةٌ مخيفةٌ اجتاحت المكانَ حتى أنَّ راين وجميعُ مَن تواجدَ قريبًا منهُ قد شعروا بذلكَ الشعور السيء المنبعثِ من منزلِ بياتريس، أما لوكي روزماري و ميرا فقد شعروا بضغطٍ هائلٍ تلاهُ تلاشي الأوكسجين من الجو فشهقت ماري بحثًا عن الهواء إلا أنَّ الدماء أخذت تخرجُ من فاها جراءَ ذلكَ
قالت إيلينا محذرة : إياكِ و محاولةُ التنفسِ داخلَ العدم، ستنفجرُ رئتيكِ في طرفةِ عين.
احنت ايلينا رأسها ناحيةَ بياتريس ترمقها بنظراتٍ معقدة وبريقٌ من نوعٍ ما التمعَ في عينيها، سقطَ لوكي أرضًا ليحاولَ الزحفَ نحوَ بياتريس رغمَ كُلِّ شيء، فحتى أقوى السحرة عديمو الفائدة أمامَ الفراغ
هتفَ بسخطٍ و عدائية : لا تلمسي بياتريس !!!.
ابتسمت إيلينا ساخرةً : و من سيمنعني ؟، أنتَ مثلًا ؟.
لوكي : حتى لو ضحيتُ رمادا !!.
إيلينا : من المفترضِ بكَ أن تكونَ سعيدًا، عزيزتكَ آنا ستعودُ إليكَ مجددًا.
لوكي : آنا ماتت منذُ مائة و ثلاثونَ عامًا !!، لَن أخسرَ بياتريس كذلكَ !.
ابتسمت إيلينا مطلقةً تنهيدةً ساخرةً لتقول : أيا يكن.
أما حيثُ راين ولويدوغير فقد استمرَ الأولُ في محاولةِ الهجومِ بينما الآخرُ لَم يجرؤ على الدفاعِ قط إنما استمرَ بتفاديها مِما أججَ غضبَ راين أكثر ، في النهاية قررَ لويدغير الدفاعَ بسحرهِ أخيرًا إلا أنَّ ذلكَ السحرَ تلاشى في طرفةِ عينٍ، و بعدَ كفاحٍ طويلٍ من أجلِ الهربِ بالنسبة للأب ومن أجلِ الإطاحةِ بالخصمِ بالنسبة للابنِ تلقى الأولُ ضربةً عنيفةً مما دفعَ بهِ للارتطامِ بالأرضِ الصلبة ليعتليهُ الأخير موجهًا سيفهُ نحوَ والدهِ و عيناهُ تبرقانٍ بحدةّ شديدة، توقفَ الزمنُ بالنسبةِ لراين لحظتها و هوَ يتذكرُ والدهُ الذي يرمقهُ ببرودٍ شديد، يعاملهُ كما لو كانَ دمية، يعاقبهُ بشدةٍ إن اقترفَ خطأ واحدًا أثناء التدريب، يمنعهُ من قضاءِ الوقتِ مع شقيقيهِ الصغيرينِ، يرفضهُ فقط لأنهُ يفتقرُ للقوة، و يقتلُ صديقهُ العزيزَ أمامَ عينيه... ثُمَّ لمعت في ذكرياتهِ صورةٌ حيثُ يجلسُ هوَ و والدهُ في المكتبةِ يقرآنِ كتابًا و الابتسامةُ تعلو وجهيهما، فقط حينَئذ اتسعت حدقتا عيني راين اللتانِ ترقرقتا بالدموعِ ليهويَ بسيفهِ نحوَ والدهِ فأغمضَ الاخيرُ عينيهِ بهدوءٍ مستسلمًا و الابتسامةُ ترتسمُ على شفتيهِ
ابتسمَ راين بمرارةٍ ليرفعَ رأسهُ نحوَ الأعلى مغمضًا عينيه هامسًا : و كأنني أستطيعُ قتله...
عاودَ إخفاضَ رأسهِ ينظرُ إلى والدهِ قائلًا : هذا فظيع.. لِمَ تظهرُ تلكَ الذكرى داخلَ رأسي الآن من بينِ كُلِّ الأوقاتِ.. هذا هوَ الأسوأ
حدقَ بهِ لويدغير بتعجبٍ ليردفَ راين معاتبًا : ما بالُ تلكَ الابتسامة المرتاحة قبلَ قليل ؟، ما بالُ هذه النظرة الخائبة التي تصنعها ؟، إن كانَ لديكَ عذرٌ لما قمتَ بهِ فلتنطق بهِ الآن !.
لحظةُ صمتٍ أطبقت على المكانِ وكلٌ يحدقُ بالآخرِ، راين متلهفٌ و لويدغير لا يبدي أيّ رغبةٍ في الحديثِ فهتفَ بهِ الأول : لطالما كُنتَ هكذا !، تقومُ بما يحلو لكَ دونَ أن تعطيَ أيّ مبرر !!، انطق و أرحني !، لماذا قتلته !.
لويدغير : اقتلني راين... انهي الأمرَ و اقتلني !.
هتفَ راين : أرفض !، لا تقرر من تلقاءِ نفسكَ أن الأمرَ سينتهي إن قتلتكَ أبي !.
خبا صوتُ راين ليكمل : إنهُ العكسُ تمامًا..
اتسعت حدقتا عيني لويدغير ليعضَ على شفتهِ السفلية بقوة، في مكانٍ آخر، تحديدًا عندَ التلة التي توسطها القبرُ الذي كانَ من المفترضِ بهِ أن يكونَ للينا دائرةٌ سحريةٌ رُسمَت على الأرضِ توسطتها بياتريس ذات العينان الخاليتانِ من الحياة و زاك يقفُ على قدمهِ الواحدة مستندًا إلى شجرة متمتمًا ببعضِ الكلماتِ فمدّ لها سكين صغيرة لتتناولها الأخيرة بصمتٍ و طاعة لتجرحَ نفسها دونَ ترددٍ تحتَ أنظارِ إيلينا التي تعضُ شفتها السفلية
قالت الأخيرة محدثةً ذاتها : بقيَ القليلُ فقط...
سقطت دماءُ بياتريس على الدائرة السحرية لتشعَ نورًا ساطعًا امتدّ إلى السماءِ ثُمّ ابتلعَ إسترياس كلايس بما فيها و من فيها


- إكسينو. 09-11-2017 11:13 AM



الزهرة السادسة و التسعون : بارسولوميو.
حيثُ راين و من معهُ تحولَ المنظرُ حولهم فجأة ليمسيَ غابةٌ تعجُ بالنباتاتِ و الأشجارِ غريبة الشكل إلا أنّ راين لم ينتبه لذلكَ الصداع الذي اجتاحَ رأسهُ فكيفَ لهُ أن ينتبهَ لتغيرِ ما يحيطُ بهِ، كُلُّ تفكيرهِ الآن منصبٌ على تلكَ الجملة التي قالها والدهُ توًا
همسَ بهدوء : مـ- مهلًا.. لا أعتقدُ أنني سمعتكَ بشكلٍ صحيح.. أنا.. أختفي ؟.
لويدغير : تمامًا.. و أنا لي يدٌ في الأمر .. لذلكَ لا أريدُ ان أحيى لأراكَ تختفي.. أن أرى إبني يختفي...
راين : أنا لا أفهمُ على الإطلاق ..
لويدغير : أنتَ و آنا وجهانِ لعملة واحدة... كلاكما لستما ذاتكما القديمة... و كلاكما لستما من هذهِ الحقبة... مجردُ تجسيدٍ للندمِ الذي تكدسَ في هذا العالم.. و ندمُ العالمِ نفسه... بعبارةٍ أخرى.. ميرين.
فورَ سماعِ راين للكلمة الأخيرة التي نطقها لويدغير تعالى أزيزٌ و ضوضاء داخلَ رأسهِ و احتدَ صداعهُ ليردفَ لويدغير قائلًا : حتى الآن ، أنتَ راين، إبني... لكن ما أنتَ على وشكِ أن
تكونه هوَ شخصٌ آخرٌ تمامًا... راين، نجلُ إمبراطور الرياح، جان الذي قسمَ هذا العالم إلى ثلاثةِ أبعاد ، و قررَ مكانًا ليعيشَ فيهِ كُلُّ جنسٍ على حدى... كُلّ ما حدثَ حتى الآنَ كان خطةً مِن ملكةِ الزهور.. فإما استعادتكما لذاتكما القديمة أو الهلاكُ لهذا العالم... و أنا لَم أودَ أن أرى ما سيمسي عليهِ إبنيَ بسببِ إتباعيَ لها.
في تلكَ اللحظة إنبثقَ مشهدٌ داخلَ رأسِ راين... العديدُ منَ المشاهد... و آخرها حيثُ وقفَ هوَ على حافةِ منحدرٍ و امامهُ فتاةٌ ما بدت منفعله، ابتسمَ و أخبرها بضعَ كلمةٍ ثُمَ تركَ جسدهُ ليهويَ أسفلَ الوادي و في لحظةٍ اجتاحهُ شعورٌ مقيتٌ كما لو أنّ قلبهُ يعتصرُ ضيقًا و أن أنفاسهُ سلبت.
احتضنَ نفسهُ بصمتٍ و عينانِ متسعتانِ يخففُ إرتجافَ جسدهِ ليهمس : لقد متُ قبلًا...
قالها بشرودٍ ليعودَ إلى الواقعِ على صوتِ والدهِ هاتفًا : راين !، أمازلتَ هُناك ؟!.
نظرَ إلى والدهِ بفزعٍ لوهلةٍ ليهمسَ بعدها : لا بأس .. لَم و لَن أختفي ...
صمتَ لويدغير محاولًا إستيعابَ كلماتِ الذي أمامهُ لينهضَ راين عَن والدهِ أخيرًا معيدًا سيفهُ إلى غمدهِ لينظرَ نحوَ هايدن قائلًا : هايدن.. على شمالكَ و بخطٍ مستقيم... ستسيرُ لتجدَ بحيرةً ذهبيةً ذاتُ ماءٍ حلو المذاق.. اجعل المصابينَ يشربونه... أما أنا فسأذهبُ إلى حيثُ بياتريس.
سارَ راين في طريقهِ ليهتفَ هايدن قلقًا : مهلًا !، أتودُ قتالَ تلكَ المرأة وحدك ؟، أفقدتَ صوابكَ ؟.
التفتَ راين نحوهِ مبتسمًا : لا بأس هايدن.. لَن أتأذى !.
ثُمَ تابعَ طريقهُ نحوَ القريةِ تاركًا البقيةَ في حيرةٍ مِن أمرهم ، هُناكَ حيثُ إيلينا تقفُ في انتظارهِ و قربها بياتريس ذات العينان الخاليتانِ من الحياة و زاك المستند على جذعِ شجرةٍ، ليسَ و كأنّ جراحهُ شفيت أو توقفت عن النزيف، كلّ ما في الأمرِ أنها لم تعد تنزفُ بغزارةٍ كما في السابق.
نظرَ راين نحوَ إيلينا ليهمسَ لها : آسفٌ لجعلكِ تنتظرين... سأحرركِ من كُلِّ شيءٍ الآن .. أختي .
ابتسامةٌ عذبةٌ ظهرت على شفتا إيلينا و ما لبثت أن كادت تنطقُ كلمةً حتى غُرزَ سيفٌ منَ العدمِ في معدةِ راين الذي وقفَ متصنمًا يحدقُ بمن طعنهُ بعيونٍ متسعة، سرعانَ ما قطبَ حاجبيهِ لتبرقَ عيناهُ متأججةً بالغضبِ فيكشرُ عن أسنانهِ مطبقًا إياها بقوةٍ يكادُ يقتلُ زاك بنظراتهِ فقط
ضحكَ الأخيرُ بصوتٍ مبحوحٍ و هستيريةٍ شديدةٍ و بعيونٍ متسعةٍ و ابتسامةٍ عريضة هتفَ زاك بصوتهِ المبحوح : هذا هو !!، هذا هوَ الوجهُ الذي أردتُ أن أراكَ تصنعهُ !!، لطالما وددتُ رؤيةَ هذهِ التعابيرِ على وجهكَ اللطيف و الهادئ !!، ما هوَ شعوركَ كونُها هيَ من بينِ كُلِّ الناسِ قد طعنتكَ دونَ تردد !!، راين ديستيلا !.
أجابَ راين بهدوء : أنتَ مخطأ... أنا لستُ ديستيلا...
برقت عينا إيلينا ليكملَ راين : راين بارسولوميو... هذا هوَ اسمي...
ضحكَ زاك بإستهزاءٍ ليقولَ ساخرًا : مهلًا مهلًا أنتَ لَم تفقد عقلكَ أو شيءٌ من هذا القبيل صحيح ؟، أتودُ أن أشوهَ لكَ هذا الوجهَ مِن أجلِ أن تستعيدَ جزءً مِن عقلكَ ؟.
و معَ السطرِ الذي تفوهَ بهِ زاك تحولَ بريقُ الأملِ في عيني إيلينا إلى بريقِ حقدٍ عدائيٍ لتخترقَ حربتها صدرَ زاك فلَم يشعر الأخير إلا و الدماء تتدفقُ من فاهِ، نظرَ نحوَ إيلينا بعينانِ متسعتانِ يصعبُ تفسيرُهُما
صرخت بهِ الأخيرةُ بسخطٍ و غضب دونَ أي اهتمامٍ لنظراته : إياكَ و التفكيرُ بلمسِ شعرةٍ من شعراتِ أخي أيها الحثالة !!!.
هوى المعني إلى الأرضِ ليهمسَ بصوتٍ مبحوحٍ مرتجفٍ و منكسر : إيلينا... ساما...
لَم يتلقى أيَ إجابةٍ فهمسَ بصوتٍ متعب : رجاء... افعليها للمرةِ الأخيرة ...
تبددَ غضبها في لحظةِ أدركت ما فعلت لترتخي تعابيرها و تترقق عيناها بالقليلِ منَ الدموعِ فتجلسُ على ركبتيها لتحتضنَ رأسَ زاك، ابتسمت مع القليلِ من الألم لتربتَ على شعرهِ هامسة بلطف : تصبحُ على خير... زاك...
حرقةٌ تأججت في حلقهِ و غصة أطبقت على حنجرتهِ بإحكام، سالت من عينيهِ بضعَ دمعةٍ ليبتسمَ بلطفٍ و انكسار : تصبحينَ على خير.. أحبكِ كثيرًا أمي .. لا تنسي أن تبتسـ--
خبا صوتهُ و ارتخت تعابيرُ وجههِ آخذةً معها ابتسامتهُ الدافئة
همسَ محدثًا ذاتهُ : آه.. لقد متُ حقًا... كانت حياةً قصيرةً بالفعل...


RÊÐ RÖŠE 09-13-2017 11:31 PM

سأغرز سيفي هنا ~

angel1
جذبتني المقدمة بحق زهور غريبه وعوالم وفتاه كالخفافيش سنجاب ظريف سحره شياطين
خخ3
امم شئ اخر هل الروايه مكتمله ام لا هي في القسم المكتمل والرد الاخير لايوحي بذالك:confused:
على كل حال ربما اكون مخطئه سأعرف عندما انتهي .اووه هذا مشوق سأعود بعد القراءة بثرثرة طويله بإذن الله
:0:

- إكسينو. 09-23-2017 08:46 PM



الزهرة السابعة والتسعون : زاك.
" زاك : آآه.. لقد متُ حقًا... لقد كانت حياةً قصيرة وتافهة فعلًا... لكني لا احملُ ندمًا تجاهها... إيلينا ساما... لا، امي.. انتِ كُنتِ اجملَ شيءٍ حصلَ في حياتي.. شكرًا لاعطائيَ هذهِ الحياة.. وادركُ انَ لكِ كُلَ الحقِ في سلبها... لكن... مازال كونكِ فعلتِ مؤلمًا..."
قبلَ عشرةِ اعوامٍ وستةُ اشهُر... مدينة صاخبة عجت بالحياةٍ غُمرت باصواتِ العرباتِ وهرولة الاحصنةِ وصهيلها، كما مُلأت بهتافِ الباعة الذينَ يروجونَ لبضاعتهم بالاضافة لثرثرةِ العامةِ وضحكاتهم... وكما كُلُ مدينةٍ ذاعَ صيتها بالثراء والترف، سكنَ ازقتها فقراءٌ فاقوا اعدادَ النبلاءَ اضعافًا، تلكَ الازقة التي لايجرؤ احدٌ على وطئ ارضها بقدمهِ وإن كانَ ماكان، وفي احداها جلسَ طفلٌ في الخامسة على صفيحةِ قمامةٍ يهزُ قدميهِ الحافيتينِ ذهابًا وأيابًا، شعرهُ الذهبيُ مبعثرٌ وعيناهُ الذهبيتان الواسعتان برتقا حدةً لا براءة، اما ابتسامتهُ الواسعة فقد شُبعت بالمكرِ تمامًا
همسَ لنفسهِ قائلًا : ضحيةٌ جديدةٌ اليوم ~ لا اصدقُ انَ هُناكَ احمقًا بكاملِ قواه العقلية يدخلُ هُنا بارادته... شاكرٌ لحماقتكَ سيدي، ادخل رجاء ~
وبالفعلِ دخلَ الغلام ذا المعطف الصحراوي المهترئ يغطي وجههُ وجسدهُ كاملًا فقفزَ الطفلُ امامهُ هاتفًا بمكرٍ وثقة : قف مكانكَ !.
وبالفعلِ توقفَ صاحبُ المعطفِ امامهُ فإتسعت إبتسامتهُ التي حملت الانتصارَ ليردف : سَلمني كُلَ ا معكَ مِن مالٍ وطعام !!
لَم يستجب لهُ صاحبُ المعطفِ فقطبَ حاجبيهِ منزعجًا ليهتف : الم تسمع !، قُلتُ سَلمني كُلَ ما تمتلكُ مِن مالٍ وطعام !!.
اجفلَ صاحبُ المعطفِ ليتخللَ مسامعَ الطفلِ صوتٌ انثويٌ ناعم قائلًا : اوه يا الهي !، انا آسفة !، بِكُلِ تأكيد !.
حدثَ الطفلُ ذاتهُ بريبةِ قائلًا : إ- إمرأة ؟!، وفوقَ هذا سحريَ لا يجدي معها على الاطلاق !!.
اخذت صاحبةُ المعطفِ تعبثُ بحقيبتها ليتراجعَ الطفلُ خطوةً إلى الخلفِ قائلًا بفزع : من انتِ بحقِ الجحيم !، لما لايعملُ سحريَ عليكِ !، من المفترضِ ان يكونَ مطلقًا !!.
توقفت عن العبثِ باشيائها لتميلَ راسها إلى الجانبِ متسائلة : سحر ؟.
اجفلت لتعاودَ البحثَ بينَ اغراضها : صحيح !، المال !.
اخرجت من حقيبتها قارورةَ ماءٍ وكيسًا مليئًا بالمجوهراتِ النفيسة لتقدمها نحوهُ قائلة : آسفة لا احملُ معي ايَ طعام.. اهذا القدرُ منَ المالِ كافٍ ؟.
حدقَ بها الطفلُ بعينانِ متسعتانِ دهشةً فإزدردَ ريقهُ بصعوبةٍ قائلًا : الكثيرُ من الاحجارِ النفيسة..
المرآة : آمل ان يكونَ كافيًا لكَ واشقائكَ...
قطبَ حاجبيهِ وعبسَ قائلًا : آسفٌ لتخييبِ ضنكِ لكنني طفلٌ وحيد !، ثُمَ مابالُ هذا اللطف ؟، اجزمُ انكِ تاجرةُ عبيدٍ وانَ هذا الماء يحتوي على مخدرٍ من نوعٍ ما !، وكانني ساخدعُ بحياةٍ رخيصةٍ كهذه !!.
تسائلت المرأة قائلة : عبيد ؟، ماهذا ؟.
سألَ الطفل : الاتعلمين ماهم العبيد ؟.
شتعلَ غضبهُ فجأة ليهتفَ قائلًا : بالتأكيدِ لاتعرفين !، انتم النبلاء لاتهتمونَ سوى بانفسكم !، العبيدُ ايتها النبيلة الفاسدة هُم اولئكَ الاشخاص الذينَ تسلبونهم حريتهم وحقوقهم من اجلِ ان يعملوا لديكم حتى الموت بينما تنعمونَ انتم بالترف والرفاهية !!.
سهقت المرأة لتهتفَ بأسى : يا الهي كم هذا فضيع !!، من قد يفعلُ شيئًا كهذا وبأي حقٍ يفعل !!.
هتفَ الطفلُ بإستغرابٍ اقربَ إلى البلاهة : هاه ؟!!!
ارخى تعابيرَ وجههِ قائلًا : بحقكِ اختاه من ايِ عالمٍ اتيتِ ؟.
المرأة : امم.. من قريةٍ بعيدةٍ اقصى الشرق ؟
الطفل : هـ هيه...
ثُمَ هتفَ بغيضٍ مرتبكًا : ليسَ كذلكَ !، تبًا لكِ ايتها الساذجة ارحلي مِن هُنا قبلَ ان تُفسدي عقلي !!
سالت المرأة بتردد : امم.. وماذا عن الاحجار ؟.
هتفَ الطفلُ منزعجًا : لا اريدها !.
المرأة : لكنها قد تؤمنُ لكَ حياةً آمنة حتى تكبرض وتعتمدَ على نفسكَ...
شددَ الطفلُ على قبضتهِ قائلًا : انتِ حقًا ساذجة اختاه...
حكَ رأسهُ بإرتباكِ وإكتست وجنتيهِ حمةٌ طفيفةٌ لستصنعَ الالغيض والانزعاجَ قائلًا : تبًا لاخيارَ آخر...
مدَ يدهُ نحوها مصافحًا بينما اشاحَ بوجههِ إلى الجانبِ الاخر قائلًا : ادعى زاك.. ماذا عنكِ اختاه ؟.
إبتسمت المرأة بسعادة لتنزلَ على ركبتيها فتصافحهُ هاتفة : إيلينا !، إيلينا بار-- إيلينا فقط !.
همسَ بإرتباك : لستُ بحاجةٍ إلى المال.. لكن..
إيلينا : لكن ؟.
تقدمَ زاك منها ليقفَ على اطرافِ اصابعهِ يرفعُ المعطفَ عَن رأسها وبإرتباكٍ قال : خذيني معكِ أختاه !.
" زاك : هذا كانَ اولُ لقاءٍ بينيَ وبينها... بدأنا بعدهُ رحلةً قصيرة كانت خاتمتها كوخٌ صغيرٌ في قرية صغيرة.. وقبلَ ان الحظ.. بدأتُ أناديها امي..."


- إكسينو. 09-23-2017 08:47 PM



الزهرة الثامنة و التسعون : زاك 2.
بعدَ مرورِ نصفِ عامٍ على لقاءِ زاك بإيلينا، و قبلَ عشرةِ أعوامٍ منَ الانِ، دخلَ زاك عابسًا إلى الكوخ الذي سكنَ فيهِ مع إيلينا بثيابٍ متسخة كلهُ كدمات و جراح
تقدمت إيلينا نحوه لتحوط خداهُ بكفيها قائلة بقلق : زاك ؟، ما الذي حدثَ لكَ ؟، أدخلتَ في قتالٍ مجددًا ؟.
تشبثَ زاك بملابسهِ مطأطأ رأسهُ إلى الأسفل : هذا لأنهم كانوا ينعتونكِ بالمشعوذة مجددًا...
ابتسمت لهُ إيلينا بلطفٍ قائلة : هيــه، أنتَ حقًا لطيفٌ ألستَ ؟، لكن لا بأس.. إنهُ لا يزعجني على الإطلاق.. لذا...
ربتت على شعرهِ بلطفٍ لتكمل : عدني أن لا تؤذِ نفسكَ مِن أجليَ مجددًا !.
أومأ زاك إيجابًا دونَ أن يتفوه بأيّ كلمة لتنهضَ إيلينا هاتفة : و الآن !، ماذا تريدُ على العشاء ؟.
هتفَ زاك بسعادة : حساء الدجاج !.
" زاك : وهكذا مرّت الأيام كما المعتاد.. لكن، هذه الحال لَم تَدم طويلًا.."
جلست إيلينا قريبًا من زاك قائلةً : زاك...
همهمَ المعنيُ كإجابةٍ على ندائها لتردفَ هيَ : ماذا لَو أخبرتكَ أني مشعوذةٌ حقًا ؟.
رفعَ أحدَ حاجبيهِ مستنكرًا : هاه ؟.
اقتربَ منها ليضعَ إحدى يديهِ على جبينها و الأخرى على جبينهِ قائلًا : أمتاكدة أنكِ بخير ؟.
إيلينا : لنكونَ أكثرَ دقة.. فأنا شيطانة...
تحولَ لونُ عيناها منَ البنفسجيِ للأرجوانيِ ثُمَ الوردي الداكن وصولًا إلى الأحمرِ تحتَ أنظارهِ ليزدردَ زاك ريقهُ قائلًا ببلاهةٍ و خفوت : بجدية ؟
إيلينا : خائف ؟.
أومأ زاك نافيًا من فورهِ ليقولَ : إيلينا هيَ إيلينا مهما كانت !، لِمَ سأخاف بعدَ كُلِّ هذا الوقت ؟.
إيلينا : زاك... أنا عائدةٌ إلى عالمي.. تعرفُ ماذا يعني هذا صحيح ؟.
عقدَ زاك حاجبيهِ و يديهِ مفكرًا ثُمَ قال : إما أن نَفترقَ هُنا أو أن أذهبَ معكِ..
ابتسمَ مردفًا : أختارُ الثاني !.
" زاك : و هكذا... تبعتُ إيلينا إلى عالمها، و لأجلِ ذلكَ شربتُ من بحيرةِ الدمِ لأمسيَ نصفَ شيطان... كُنتُ سعيدًا جدًا كوني سأعيشُ معها إلى الأبد.. دونَ أن أدركَ أني سأحطمُ نفسيَ شيئًا فشيئًا مستقبلًا... إيلينا.. لا، أمي كانت شخصًا مختلفًا هُناكَ، قاسية، باردة، و غيرُ مهتمة... لكن.. حينَ كُنا نجتمعُ بمفردنا تعودُ إلى أميَ القديمة اللطيفة و الحنون... هيَ أعطتني الكثيرَ من المهماتِ المؤلمة.. كأن أسيطرَ على هذا أو أن أتلاعبَ بذكرياتِ ذاك.. كُنتُ أجبرُ نفسي على طاعتها رغمَ أنهُ مؤلم... رغمَ أني لا أودُ القيامَ بهِ... متشبثًا بتلكَ اللحظاتِ القليلة السعيدة التي نقضيها سويًا... فبعدَ كُلِّ شيء.. هيَ المرأة التي أنقذتني منَ التعفنِ في ذلكَ الزقاقِ القذر حتى آخر يومٍ في حياتي.. و في أحدِ الأيام... أصدرت أمي أمرًا معينًا "
داخلَ غرفةِ زاك و تحديدًا على حافةِ سريرهِ تجلسُ إيلينا و تمسدُ على شعرِ زاك الذي يريحُ رأسهُ فوقَ فخذيها مغمضًا عينيهِ بهدوءٍ، قالت : زاك.. أتستطيعُ أن تساعدَني بأمرٍ آخرَ بعد ؟.
أجابَ زاك بينما يفتحُ عيناهُ اللتانِ تبرقانِ حزنًا و رجاءً منهُ أن لايكونَ طلبها هذِه المرة كسابقاتها فأجاب : بكُلِّ تأكيد.. أمي..
إيلينا : لوكا ديستيلا.. أودُ منكَ أن تقلبَ مشاعرهُ رأسًا على عَقِب... معَ ذلكَ اترك مشاعرهُ تجاهَ شقيقتهِ الصغرى كما هيَ...
استغربَ زاك استثنائها فسأل : ما السبب ؟
توقفت عن العبثِ بشعرهِ للحظةٍ لتكملَ تزامنًا معَ قولها : أوتعلمُ زاك ؟، لقد كانَ لديَ شقيقٌ قبلَ زمنٍ بعيد... لكنهُ أنهى حياتهُ بيديهِ لبعضِ الأسباب.. كُلُّ ما في الأمرِ هوَ أنني لا أريدُ من شقيقةِ لوكا أن تمرَ بنفسِ ما مررتُ بهِ..
زاك : شقيق ؟.
إيلينا : أجل... هوَ قد عادَ مجددًا، و شقيقُ لوكا يكونُ حاويةَ شقيقي.. كُلُ ما قمتُ بهِ حتى الآن.. هوَ مِن أجلِ استعادةِ ذلكَ الشقيق.. لاستعادةِ راين...
" زاك : أتعرف.. في هذهِ اللحظة... أنا كرهتُ راين ديستيلا من أعماقِ قلبي... وددتُ لَو لَم يكُن موجودًا من البداية !، لَو أنني أكونُ محلهُ !، لقد كنتُ أغارُ منهُ بشدة.. كيفَ يجرؤ على إنهاءِ حياتهِ و هوَ يمتلكُ شقيقةً كهذه ؟، شقيقةً تشاركهُ الدمَ و الطفولة.."
أخذّ زاك يمشي في غرفتهِ ذهابًا و إيابًا بخطواتٍ عريضة سريعة و متوترة بينما يعقدُ حاجبيهِ و يتحدثُ إلى نفسهِ غاضبًا : تقولُ أنهُ شقيقها !!، و كُلُّ ذلكَ من أجلهِ ؟!، لا تمزحي معي !، ماذا عني إذًا ؟، أدوري أن أتلاعبَ بالآخرين من أجلِ شخصٍ كهذا ؟، أقسمُ أني سأحولُ حياتكَ جحيمًا.. راين ديستيلا.
" زاك : وَ مِن فوري توجهتُ نحوَ قصرِ آلديستيلا لأقابلَ ضحيتي التالية، هذا صحيح، أنا سأمهدُ الطريقَ نحوَ جعلهُ حطامًا في منتصفِ منزلهِ... و بالفعلِ سمحَ ليَ بالدخولِ بكُلِّ سهولة لأتوجهَ نحوَ غرفتهِ بدونِ مقدمات، هُناكَ حيثُ صُدمتُ تمامًا، إنهُ مجردُ ساذجٍ احمقَ لا يكفُّ عن الحديثِ عن روعةِ شقيقهِ الأكبر !، يتكلمُ بحماسٍ و عيناهُ تلمعانِ بشكلٍ مقرف.. ابنُ زعيمِ الشياطين ماهوَ إلا طفلٌ بعينانِ بنفسجيتانِ تفضحانِ كونهُ لَم يتذوق قطرةً مِن دِمِ البشرِ في حياته و لا يبدو كما لو أنهُ قَد كذبَ يومًا حتى، و ببضعِ كلماتٍ زائفة هو وضعَ كُلَّ ثقتهُ بي ليبدأ بالحديثِ عن نفسهِ و أسرارهِ دونَ توقف... في ذلكَ اليومِ عُدتُ إلى المنزلِ مترنحًا.. انتابني شعورٌ فظيعٌ للغاية بشأنِ ما أنا مقدمٌ على فعلهِ.. لكنني فعلتهُ على أيةِ حال.. لَم يحدث شيءٌ مثيرٌ للاهتمامِ بعدها.. أنا فقط استمررتُ بكونيَ الحثالة الذي أنا عليه حتى هذهِ اللحظة."


- إكسينو. 09-23-2017 08:48 PM



الزهرة التاسعة و التسعون : محبوبتي
استمرّ راين في النزيف فانتزعت بياتريس السيف الذي غرزتهُ في معدتهِ ببطءٍ شديد و ما إن خرجَ بالكامل حتى تدفقت دماءُ راين إلى الخارجِ بغزارة فأمسى بالكادِ قادرًا على الوقوف ، فما كان ذلك السيف سوى نصلٍ صنعَ من الفضةِ الخالصة و التي عُرفت بفتكها ببني جنسه ... بياتريس التي صبغها الأحمر من أعلى رأسها و حتى أخمصِ قدميها و ما كانت سوى حمرة دماءِ راين الواقف أمامها ، عيناها الخضراوتان منعدمتا البريق و الحياة استعادتهما شيئًا فشيئًا ، و ما كان ما لمحتاهُ فورَ استعادتها لوعيها سوى نفسها تمسكُ سكينًا و راين أمامها بالكاد يقف ، كلاهما كانا أحمران بالكامل ، بدأت ترتعدُ بقوة و قد غزا الفزع قلبها فهمست بصوتٍ مرتجف : راين ؟ ..
كانت تلك لحظة عاد الجميعُ بخير خالين من أيّ جرح ، و لحظة توهجت بياتريس بالأبيض الذي تخلله أسود داكن ليشكلَ نورًا أسطوانيًا شقّ السماء و غيومها ، ارتفعت الأولى في الهواء محلقةً و شعرها الطويل أمسى يتطاير إلى الأعلى ، عيناها لا تتوقفان عن ذرفِ الدموع ، و حينها فقط موجةٌ من القوةِ السحرية مسحت نصف القرية من الوجود ، و بمعجزةٍ ما لم يتأذى كائنٍ على قيدِ الحياة ... حتى الآن على الأقل ، أسواطٌ سوداء من الظل و سهامٌ بيضاء من الضوء ظهرت حول بياتريس من العدم بينما الأخيرة تزمجرُ دونما وعي منها و الحقدُ يتطايرُ من عينيها تبحثُ عن المسؤول عن هذا
ابتسمت إلينا و قالت محدثةً ذاتها : يا لكَ من وغدٍ محظوظ غوبر ... هي كانت لتفقد السيطرة هكذا تمامًا في غابةِ المحيط ! لكنكَ فقط نجوتَ من الأمرِ بأعجوبة !
لعقت شفتاها و اندفعت تهاجم غير أنّ سوطًا أرداها أرضًا ، لم تتضرر بقوة كهايدن و من معه جراءَ إصابةِ نفس السوط لهم لكن لم يكن دونما فائدة أبدًا ، أما هايدن و البقية فقد أصيبوا بقوة حتى لم يعودوا قادرين على الوقوف ، قال ماركوس بصعوبة : يصعبُ تصديقُ ذلك ! أهذه هي بياتريس تشان نفسها !
روبي : لا ... هي فقد السيطرة بالكامل !
همسَ راين : لا تتدخلي أختي ... سأنهي الأمرَ سريعًا ...
نسماتٌ خفيفة تشكلت حول راين ليرتفعَ في الجو متجهًا نحوها بهدوء و هو يكادُ يفقدُ تركيزه في أيّ لحظة فهو بالكاد واعٍ ، إلا أنّ بياتريس لم تتعرف عليه أبدًا فتوجه سوط نحوه مخترقًا جسده بقوة و أحدُ السهام قد نال من ساقه و آخر من كتفه بينما هي استمرت بالزمجرة غير واعية لما تفعل و من تهاجم حتى مدّ يده إليها ممسكًا بوجنتها ، اقتربَ أكثر متجاهلًا الألم الذي دبّ في كاملِ جسده فحتى لو كان يحتملُ ضوء الشمس هو ضعيف ضد الضوء المباشر ، ربت على شعرها قائلًا بلطف : لا بأس بياتريس ... أنا هنا معك ...
خبا صوتُ زمجرتها قليلًا إلا أنّ دموعها لم تتوقف عن الانهمار فأردفَ هامسًا : انظري إليّ جيدًا ... أنا بخير أترين ؟ ما أزال على قيدِ الحياة و لن أموت لأجلك ! لن أجرؤ على ذلك هذه المرة ! فأنا قد وجدتُ نصفي الآخر حرفيًا !
توقفت عن الزمجرة أخيرًا و قد استعادت وعيها و خفت دموعها لتقول : لما ... ذا ؟ ...
ابتسمَ لها و ضمها إليه معانقًا إياها ثمّ همسَ في أذنها : أحبكِ بياتريس ... هذا هو السبب ...
اتسعت حدقتا عيناها هامسةً : إيه ؟
عادت دموعها تنهمرُ أكثر من السابق فهمست : راين ؟ ...
همهم لها المعني مستفهمًا فقالت : و أنا كذلك !
خبا وهج جسدها أخيرًا لتهبطَ و هو إلى الأرض بخفة غير أنها استهلكت كلّ مل في جسدها من مانا فأمست غير قارة على الحراك بل و بالكاد تفتح عينيها ، أسندها راين إلى إحدى الأشجار هامسًا : سأعودُ قريبًا !
نظرَ نحو إلينا و أخذَ يحدّقُ بها مطولًا بنظراتٍ معقدة و ذكرياته قبلَ عشرة آلاف عام تتدفقُ إلى رأسه
- قبل عشرة آلاف عام من الآن -
كانَ أسودُ الشعر مستلقٍ على ظهره فوق الأريكة و رأسه يعتلي فخذها ، ممسكًا كتابه فتركزت عيناه بنفسجيتا اللون على تلك الصفحات المحشوة بالحروف ، قلبَ إحدى صفحاته ثمّ قالَ بهدوء : نيه أمي ...
همهمت المعنية بصوتها الأنثوي الناعم متسائلة و هي تدّس أصابعها في خصيلاتِ شعره الناعمة فقالت : ماذا ؟
ليسأل أسود الشعر بشرود : لماذا سميتني راين ؟ أوليس المطرُ كئيبا ؟ ...
قهقهت بهدوء ثم قالت : أحقا ؟
أومأ أسودُ الشعر إيجابًا و أجاب : هكذا يقول الكتاب ... فهي لا تمطر في قريتنا أبدًا ...
أخذت تمسحُ على شعره رافعةً غرتهُ إلى الخلف مرارًا : و ألم يذكر الكتاب كون المطر أساس الحياة ؟ هو يحول الصحاري القاحلة إلى مروجٍ خضراء و أراضي خصبة ، كما يمنحُ الحياة لكلّ مخلوقات العالم ... راين ... منحتكَ هذا الاسم لتكونَ كالمطر تجلبُ السعادة و الحياة أينما حللت .
شبحُ ابتسامة ظهرَ على شفتيه فقال : يا لكِ من ماكرة ! غيرتِ رأيي عن اسمي مائة و ثمانون درجة في سبعِ ثوانٍ !
فأجابته بحماس : صحيح ! أوليست ماما مذهلة !
قهقه أسودُ الشعر بسعادة ثمّ قالَ بجدية : أتظنيني سأكون مثل ذلكَ المطر يوما ؟
أما هي فقد اكتسى اللطف نبرة صوتها لتجيب : أنتَ كالمطر سلفًا ! انظر إليّ كم أنا سعيدة أراكَ شابًا في السابعة عشر من عمرك بالفعل ! أنتَ و شقيقتك كل ما أملك !
أطلت ذات الشعر الأسود و الأطرافِ البنفسجية من بابِ الغرفة التي لم تكن سوى غرفة الجلوس لتهتف بمرح : كنتُ على وشكِ الاعتراض لكن تمّ الثني عليّ قبل ذلك ! أسامحكما هذه المرة !
ابتسامةٌ أكبر شقت طريقها إلى شفاه والدتها ذات الشعر الأحمر و فردت ذراعيها قائلةً : تعالي إلى هنا ... إيلينا ...
هرولت المعنية إلى والدتها محتضنةً إياها ثمّ أراحت رأسها على كتفها لتسأل : ألستِ سعيدةً في رؤيتي شابةً كذلك أمي ؟
قهقهت الأم قائلةً : بالطبع أنا كذلك عزيزتي !
لم يزحزح راين عيناه من على الكتاب و قال بلا مبالاة : تعنين عجوزًا ...
فهتفت إلينا بغيض من فورها : يا لكَ من وقح ! من هي العجوز ؟ ثمّ إذا كنتُ عجوزًا فأنتَ عجوزٌ كذلك توأمي العزيز
لكن الآخر ردّ بلا مبالاة : أجل ! أنا عجوز و أقرّ بذلك !
- عودة إلى الواقع -
عضّ راين على شفته بقوة و هو يتذكرُ أمرًا آخر ، ذكرى لطالما آلمتهُ في حياته السابقة !



الساعة الآن 04:34 AM.

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011