عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي > روايات الأنيمي المكتملة

Like Tree632Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 9 تصويتات, المعدل 4.56. انواع عرض الموضوع
  #126  
قديم 06-20-2016, 06:08 PM
 





الفصــل الرابع و العشـرون
*ملك ضد ملكة*






حملقت فيه كوبرا بتقطيبة حادة : ما الذي تقوله أيها العجوز ؟!

بابتسامة ماكرة مفعمة بالثقة جاء رده : كما سمعت ، الكونت في طريقه إلى هنا و قد يصل في أي لحظة !

بحركة لا إرادية التفت كوبرا خلفها .. لكنها لم تر أحداً ، فعاودت النظر إلى السيد لامارك تكاد تخترقه بعينيها اللتين تقدحان شراً : اسمع أيها العجوز ليس لدي وقت لترهاتك !

ضحك السيد لامارك : و لم قد أكذب عليك ؟!

أشاحت ببصرها عنه و لم تجب.. فأكمل السيد لامارك بجدية : أنت في موقف خطير فالقائد الأعلى يريد قتلك بأي وسيلة ، و لا أحد يستطيع مساعدتك إلا الكونت ! لذا ألم يحن الوقت لتتخلي عن عنادك و تنضمي إليه ؟!!

كزت على أسنانها و هي تستشيط غيظاً : إنك تثير أعصابي بحق أيها العجوز اللعين ! من قال لك أني أريد عونا من أحد أصلا ؟! خصوصاً منه هو ! إني أفضل الموت مئة مرة على مجرد التفكير في طلب مساعدته ! ثم إنك تستخف بي لدرجة لا يمكنني تحملها ! هل تحسبني ضعيفة إلى الحد الذي يستطيع به ذلك القائد الدجاجة قتلي ؟!!

- أنت من يستخف بعدوه أيتها الصغيرة ! القائد الأعلى ليس كأؤلئك الرجال المرتجفين تحت إمرتك ! إنه خبيث جداً و ليس في قلبه ذرة من رحمة أو إنسانية ! و لن يتوانى عن فعل أي شيء مهما كان وحشيا في سبيل قتلك !

- هه ! حتى لو كان كذلك لا أكترث ، و لن أتراجع قيد أنملة عن تحقيق هدفي !

تنهد السيد لامارك متجهما في ضيق و استسلام : أنت أعند بكثير مما كنت أتصور !

أدارت له ظهرها مواصلة إبتعادها بخطوات عصبية !

فقال السيد لامارك رافعا صوته : ماذا لو قلت لك.. أنه هو الذي يرغب في رؤيتك ؟!!

في تلك اللحظة توقفت.. و إثر فترة من الصمت المطبق قالت بصوت هادئ هدوء الليل : إن كنت لا تدري .. فهو لا يكره شيئاً بقدر أن يكذب أحد على لسانه ! <و ببطء أدارت رأسها إليه فظهرت عيناها باهتتين جداً تعكسان فراغا مريعا لفجوة عميقة في قلبها : من المستحيل أن يقول هو شيئاً كهذا.



"بالطبع ذلك مستحيل !"


فالتفتت في اندهاش و تفاجؤ شديدين .. إلى ذلك الرجل الذي تعرفه جيداً !! كان يقف أمامها لا تفصل بينهما سوى مسافة قصيرة أخذت تتناقص باستنئنافه تقدمه في تأن و تمهل.. حدقت إليه بعيون ذاهلة أما هو فبتقطيبة بسيطة ثبت نظره عليها :
من المستحيل أن أرغب برؤية شخص يرمي حياته إلى الهاوية بكل حماقة و استخفاف كأنها شيء تافه عديم القيمة !"

شدت على قبضتها و احتد صوتها في حنق : ماذا تقول ؟!!

تأرجحت ابتسامة ماكرة على طرف فمه : إن واصلت أساليبك البائسة هذه فسيكون من المستحيل قطعاً بالنسبة لك أن تصلي لربع ما وصلت إليه فكيف بتجاوزي ؟! قلت فيما مضى أنك تسعين للتفوق علي لكن كل ما أراه هو أنك تقذفين بنفسك للهلاك بشكل يثير الشفقة ! صحيح أننا نقاتل مجازفين بحايتنا و لكننا نخاطر بها لحمايتها و من نحب و لنستطيع العيش كباقي الناس ، فلا شيء أقوى من الرغبة في الحياة ! <و توقف عن خطوه عند تلك الكلمة ، فقد أصبح أمامها مباشرة : إن أردت حقاً هزيمتي.. فأمامك طريق طويل و شاق ، و لتجتازيه عليك أن تعيشي و تتشبثي بحياتك بقوة و صلابة ! <رفع يده و بدأ يطرق بخفة على رأسها في حركة استفزازية : هل دخل ما قلته إلى هنا ؟!! آه أظنني سمعت صدى صوت طرقي في هذا الرأس ! لابد إذن أنه فارغ !

بحركة عنيفة سريعة حاولت دفع يده لكنه سحبها قبل ذلك بلحظة ضاحكا باستمتاع ! صرخت في وجهه و هي تشتعل غضبا : آلويس أيها اللعين ! هل تقول أني بلا عقل ؟!!

بتكشيرة ماكرة وضع سبابته على ذقنه متظاهرا بالتفكير : همم لا طبعا لديك واحد ، لكنه معطل مع كل أسف !

فشحذت مخالبها و قفزت لتخرمش وجهه بها : أيها الحقير !!

لكن الخادم أحاط بوسطها محاولا منعها من الانقضاض على الكونت : أرجوك اهدئي.. يا آنسة !

صاحت و هي تصفعه على وجهه مراراً : ابتعد عني أيها الغبي ! <و التفتت إلى الكونت و عيناها قد احمرتا غضباً : انتظر فقط ! لحظات و سأزيل ابتسامتك المتعجرفة إلى الأبد !

علت ضحكاته التهكمية : انظروا إليها لقد تحولت لهرة برية شرسة ! كم هذا مضحك ! من حسن الحظ أننا أتينا يا لينيكس !

كان لينيكس الذي قدم مرافقا للكونت شاباً أشقر هادئ الملامح ، يرتدي معطف أسود أنيقا ضيقا ، و ساكن لدرجة أن أحداً لا يلحظ وجوده !
فكر في نفسه مندهشا (هذا غريب ! لم أر الكونت قبلا يشاجر أحداً بهذا الاستمتاع ! خصوصاً أنها فتاة !)


ضحك السيد لامارك : يا إلهي أنت لا تتغير أبداً ! تمالكي أعصابك يا صغيرتي ! فذلك الخبيث يستمتع بمشاهدتك على هذه الحال.

كشر الكونت بمكر .. بينما ضغطت كوبرا على نفسها و بصعوبة بالغة كتمت غيظها : لن أضيع وقتي مع شخص مثلك !

و بعدما أفلتها الخادم و ابتعد عنها مشت بتعال و تجاوزت الكونت الذي ينظر إليها رافعاً أحد حاجبيه دون الآخر : ستهربين إذن ؟!!

دون أن تتوقف وبغرور ردت : صف الأمر كما يحلو لك ! لست مهتمة بما تقول !
- لقد دعيت للعشاء و قبلت الدعوة ! لذا أليس من الوقاحة أن تغادري بهذه الطريقة دون أن تتناولي أي شيء ؟!!

قالت بلهجة حادة : هذا لأني لست جائعة أيها المزعج !

فرد بنبرة ساخرة مستفزة : أوه حقاً ؟! لقد أخطأت اعذريني ! لكن بساقيك النحيلين تلك كسيقان النعامة و جسمك الهزيل الذي لا يحمل أي علامات أنثوية ظننتك فارة من إحدى المجاعات !

مع أنها كانت تدير لهم ظهرها إلا أنهم رأوا أذنيها المحمرتين بشدة من الخجل و يديها اللتين ترتعشان غضباً ! تراجع الجميع من حولهما.. في حالة تأهب لإنفجار قنبلة !

"آلويــــس !"

صرخت كوبرا بصوت يصم الآذان ، و انقضت على الكونت بركلة مرة و لكمة مرة أخرى و صفعة بين الحين و الآخر ، و تستمر على هذه الحال بينما يتفاداها هو ببراعة و استمتاع كبير : ها ها ها ركلة بطيئة ! حركة يدك غير صحيحة ! توجيهك للضربات ليس دقيقا بما يكفي !


توقفت لتلتقط أنفاسها.. و قالت بصوت متقطع وهي تلهث : سحقاً ... لك !

ثم هوت إلى الأرض بعدما عجزت ساقاها المنهكتان عن حملها أكثر !

انتقل بصر الكونت إلى لينيكس الذي فهم الإشارة مباشرة و تحرك من فوره متجهاً نحو كوبرا ثم انحنى ليحملها.. لكنها أبعدته بعنف و عدائية : ابتعد عني يا هذا ! أستطيع النهوض وحدي ، لا أريد مساعدة من شخص يعمل تحت إمرة هذا المتبجح !

ضحك الكونت ملء فمه ، أما السيد لامارك فتنهد في قلة حيلة ، و استدار بنظرة إشفاق نحو الخادم الذي ما يزال وجهه محتفظا بطبعات كفيها : اذهب يا بني و ساعدها على المشي ! لا شك أن تحضيرات العشاء قد انتهت الآن !

ازدرد الخادم لعابه و قال مشيرا بإصبعه المرتجف إلى صدره في خوف و ارتباك : أ.. أنا ؟!! هل تحدثني.. أنا سيدي ؟!!

ربت العجوز على كتفه في تشجيع .. فحزم الخادم أمره ، أخذ نفسا عميقا طويلا و اتجه نحو كوبرا في تردد مضحك ، فكانت تحركاته كرجل آلي نصف معطل !

"هل تقبيلين .. مساعدتي لك .. يا آنسة ؟!"

نظرت إليه مطولا.. ثم لوت شفتيها بطريقة توحي باضطرارها لقبول هذه المساعدة !
فتقدم بحذر متجهزا لصفعة منها قد تأتيه في أي لحظة ، ساعدها على النهوض برفق ، و تمسكت مكرهة بذراعه كي لا تسقط مجدداً !


خاطب السيد لامارك ضيوفه بدماثة : و الآن لندخل إلى القصر فالعشاء جاهز !

ثم تقدمهم ليقودهم إلى الداخل ، تبعه الكونت خلفه لينيكس ، أما كوبرا فمشت ببطء و حذر مستندة إلى ذراع الخادم.. حتى وصلت غرفة الطعام الواسعة بعد ثلاث دقائق من دخول مضيفها و الكونت.

ساعدها الخادم على خلع معطفها فظهر جسدها أكثر نحولة بذلك الفستان الكحلي شبه القصير و الذي كان يتلاءم كثيراً مع رشاقة قوامها و طول ساقيها ! رمت جسدها بإرهاق على أحد الكراسي في الجهة المقابلة للكونت و لينيكس و أخذت تلتقط أنفاسها المتقطعة !

كانت المائدة مملوءة عن آخرها بما لذ و طاب من الأطعمة بمختلف أنواعها و التي لا يمكن رؤيتها إلا في المطاعم الراقية ذات الأسعار الخيالية !

شرع الثلاثة الآخرون في الأكل.. بينما وضعت كوبرا يدها تحت خدها محدقة ببرود في سمكة شبوط أمامها ، فهي لم تكن تشعر بالجوع كما أن شهيتها مسدودة كالعادة !

"هل تجرين حوارا مع السمكة يا ترى ؟!"

قال الكونت في سخرية ، فعقدت حاجبيها و ردت بحدة : لا شأن لك بي !

ترك شوكته ثم تحدث موبخا بقسوة : اسمعي يا ذات العقل المتحجر نحن لسنا متفرغين لحملك في كل مرة تسقطين فيها ! لذا كفي عن التصرف كطفلة مدللة و كلي طعامك حتى يمكنك على الأقل الوقوف على قدميك دون إزعاج أحد !

رمقه السيد لامارك بنظرة عتاب معدومة الرضا .. أما لينيكس فكان متفاجئا تماماً ، صحيح أن الكونت صريح دوما إلا أنه -و بخلاف هذه المرة- يعبر عن الحقيقة بلطف و لباقة مراعيا مشاعر الأشخاص من حوله !

و على عكس ما توقع الجميع لم تثر كوبرا أو تغضب بل كانت ساكنة مع قدر بسيط من الاستياء في عينيها ! التقطت ملعقتها و بعد فترة من التردد.. ارتشفت قليلاً من الحساء الساخن .. استساغت طعمه الحامض الممزوج بحرارة الفلفل ، فتابعت الأكل بترو و هدوء !

نظر السيد لامارك و أمارات الاستحسان تعلو وجهه إلى الكونت الذي عاد لأكله في صمت !

و تبسم المضيف العجوز بحنان حين وقع بصره على كوبرا : جربي تناول السمك المشوي يا صغيرتي فهو لذيذ جدا كما أنه مفيدا جداً لك لتتعافي بسرعة !

"تتعافي بسرعة"
كانت هذه هي الكملة السحرية التي حولت كوبرا من هرة برية شرسة إلى قطة منزلية أليفة ! أخذت الشوكة و السكين و تناولت بضع لقيمات من سمك السلمون.. لم تكن تحب الأطعمة البحرية لكنها أجبرت نفسها على أكل أكبر قدر ممكن منه !
و بعد أن وصلت حدها .. أمسكت منديلا و مسحت به فمها الذي اسطبغ بحمرة خفيفة ، ثم انتصبت واقفة و على عجل قالت ببرود : لقد شبعت ! شكراً على الطعام !

تفاجأ السيد لكن لم يكن في مقدوره الاعتراض ، فهذه النتيجة كانت أفضل مما كان يتوقع ، لذلك ابتسم بود : أتمنى أننا لم نقصر في ضيافتك آنستي الصغيرة !

نظرت إليه ثم بشكل تلقائي حولت بصرها للكونت الذي رفع عينيه إليها و على شفتيه ارتسمت ابتسامة صغيرة مستفزة ! قالت ببرود ساخر : أوه أجل .. لم تقصروا ... على الإطلاق !

ناولها الخادم معطفها فارتدته بسرعة ، ثم اتجهت صوب الباب !


"إياك أن تخسري !"

فوجئت و كذلك الاثنان الآخران من كلام الكونت هذا ، و همت أن تفتح فمها ، لكنه أدار وجهه نحوها بعينين جادتين و قال بصوت حازم : سأحطم رأسك إن سقطت مغلوبة أمام ذلك الوغد و حرسه ! فأنا الشخص الوحيد..< أكمل و هو يبتسم في تعال : الذي يحق له سحقك و جعلك تذرفين دموع الإنكسار و الهزيمة !

استدارت كوبرا بكامل جسدها نحوه تبادله الابتسامة الواثقة و عيناها تلتهبان حماسة و تحديا : لا تقلق ! أنا لن أخسر أو أموت.. حتى يأتي اليوم الذي أراك فيه راكعا أمامي ذليلاً مهزوما !

كان السيد لامارك ينصت إلى حوارهما مستمتعا و يضحك في سره بين الحين و الآخر..

أضافت كوبرا و ابتسامتها المغرورة تزداد اتساعا : حسناً إذن.. نلتقي مجدداً ذلك اليوم !

رد الكونت بلهجته المتهكمة : سنرى حين يأتي.. إن كان يومي أم يومك !

و بينما يفتح لها الخادم الباب لتخرج..

"صحيح !"

هتف الكونت فجأة لتتوقف كوبرا و تحدجه بنظرة استفهام حادة !
حث خطاه نحوها ، و بعدما اقترب بمسافة كافية .. مد يده في اتجاهها ... خفق قلبها بشدة و توردت وجنتاها البيضاوان ... ثم...

"اللون الكحلي و الأسود لا يناسبانك أبداً !"

قالها و هو يشد كم معطفها بسبابته و إبهامه فقط تعبيراً عن الاشمئزاز كأنه يمسك قطعة قماش قذرة !

"رغم أنك أصغر سنا مني إلا أنك تبدين بهذا المظهر عجوزاً شمطاء تملأ وجهها بطبقات مكدسة من مساحيق التجميل لتظهر في ريعان الشباب ! <كشر مضيفا بنبرته الاستفزازية الماكرة : هل فهمت آنسة منشن ؟! إنها تشبهك جداً تلك المرأة فهي شريرة مغرورة أنانية و متسلطة !"


"آلويــــــس !"


نطقت كوبرا بصوت مرتعد.. ثم هجمت عليه بركلة من قدمها اليمنى ، لكنه قفز متراجعا إلى الوراء في آخر لحظة !

ضحك عاليا من أعماق قلبه : "أووه كانت وشيكة آنسة منشن ! يبدو أنك قد أفدت من نصائحي لك المرة السابقة !"

لم تحاول الهجوم مجدداً بل مكثت في مكانها ، تصوبه بنظرات سوداء حاقدة ، بينما تصطك أسنانها ببعضها مصدرة صوتاً أشبه بحسيس الأفاعي ، لتبدو كما لو أنها تلقي عليه لعنة أو تتمتم بشيء من تعاويذ السحر الأسود !

كان يراقبها و الضحكة لا تفارق وجهه ، أما هي.. فلأنها تذكرت أنه يفعل كل ذلك ليتسلى بإثارة غضبها و اللعب بأعصابها اختارت تجاهله و أدارت وجهها ، لتخرج صافقة الباب خلفها بعنف و قوة جعلت الجدران الأربعة تهتز !

ضحك السيد لامارك : يا إلهي ! <ثم خاطب الكونت ممازحا : يا لك من لئيم ! بالمناسبة لم يسبق لي من قبل رؤيتك تتسلى بمضايقة شخص إلى هذا الحد !

ضحك الكونت و هو يعود أدراجه إلى مقعده : الأهم من ذلك.. ما الذي كنت تخطط له بجمعنا سوية هنا أيها الثعلب العجوز ؟!!

رد السيد لامارك بحماسة ممزوجة بالمرح : حسناً.. أنتما الاثنان المسيطران حالياً على مجريات الأحداث و سببب كل المصائب التي تحل علينا ، لذلك شعرت بالفضول لمعرفة النتيجة الكارثية لاجتماعكما في المكان نفسه !

- يا إلهي ألم تفكر حقاً في عواقب تصرف متهور كهذا ؟! أظنك أصبحت تدرك جيدا كمية الجنون الرهيبة التي يمتلئ رأس تلك الفتاة بها !

ضحك السيد بخفوت : بلى بلى إنها مرعبة جداً ، أعترف أني شعرت بالخوف حين غضبت ! كنت أحس بموت أسود تنذر به عيناها الحادتان !

نطق لينيكس أخيراً بصوت هادئ مفاجئا العجوز الذي ظنه أخرسا : سيد لامارك ! لا شك أنك تدرك أيضاً الكره العميق الذي تضمره تلك المرأة للكونت و سعيها الدؤوب لقتله ! ألست تخاطر بحياة الكونت بدعوتها إلى هنا و دون إعلام سيدي بذلك حتى ؟!

تبسم العجوز : لا يا بني لقد أسأت الفهم ! حين دعوت "الآنسة منشن الجميلة" -كما يدعوها سيدك الماكر- إلى قصري ، فحياتي أنا وحدها هي التي دخلت دائرة الخطر !

استغرب لينيكس دون أن يظهر ذلك على ملامح وجهه : كيف ؟!

- تلك الفتاة.. في حقيقتها ليست كما تظهر للناس ! إنها تكذب و تخدع الجميع حتى نفسها ! < التفت إلى الكونت ذي الوجه الساكن : أنت تعلم بلا شك .. أن دافعها لهزيمتك و التفوق عليك .. لم يكن يوما الكره و الحسد كما ادعت هي !
بل شيئاً أكثر قوة و أشد رعباً ... الحب !!

طفت لأول مرة تعابير الدهشة على وجه لينيكس الجامد ، أدار بصره نحو الكونت ، فرآه مغمضا عينيه و على شفتيه ما وصفه الشاب في نفسه ببقايا ابتسامة !

أكمل السيد لامارك محدقا في الثريا فوقه بعيون شاردة : قالت أنها تكرهك لتميزك بشكل استثنائي عن الطلاب الآخرين و انبهار الجميع بك.. لكن أليس رد الفعل هذه مستهجنا ؟!! لو كان رجل من يقول ذلك لبدا الأمر طبيعياً ، لكن أن تكون فتاة ؟!! هذا غير منطقي أبداً كما أرى ! فالأنثى حين ترى رجلاً ذكياً وسيما بشخصية قوية و قيادية ساحرة ، فهل من المعقول أن تكرهه أو تشعر بالغيرة منه ؟!! بالطبع لا ، بل تغدو مفتونة به ! و هذا ما حصل مع الآنسة المخيفة !!

- إذا كان كما تقول .. فلماذا إذن تتظاهر بكره الكونت ؟!!

- حسناً إن أمعنت النظر في شخصيتها ستجد هذا التصرف هو المتوقع منها ! إنها من نوع نادر من البشر ، "ذوي الدم النبيل" كما أحب أن أسميهم ! أؤلئك الذين يعشقون كبرياءهم لدرجة التقديس ، يعيشون بهه أو يموتون لصيانته ، و لا شيء في الكون يمكن أن يجبرهم على التخلي عنه ! و بالنسبة لهذه الآنسة فاعترافها بمشاعرها لشخص لا يبادلها إياها ما هو إلا إهانة لكرامتها و اعتزازها القوي بنفسها ! لذلك.. بدلا من الاعتراف المحرج عديم الجدوى هي تسعى للوصول إلى مستواه و أن تصبح ندا له ، لتثبت وجودها و تحظى باعترافه بها دون أن تنقص من قدر نفسها !
<ضحك ملتفتا نحو الكونت و قد استفاق من شروده : على الأقل هذا ما كانت عليه قبل مقابلتك ! أما الآن و بفضل أخلاقك الحسنة و لسانك المعسول فلا شك أنها أضحت تكرهك حتى الموت !


شاركه الكونت بضحكة شبه مكتومة ، فتحدث السيد لامارك معبرا عن استغرابه : من الغريب أن تظل صامتاً و لا تعلق على استنتاجاتي كما تفعل عادة !

هز المعني رأسه متظاهرا بالتفكير : هممم نظريتك هذه جيدة جدا لكنها ليست صحيحة بكاملها !

- إذن صحح لي الخطأ فيها !

- لا ، من الأفضل أن تكتشف أخطاءك بنفسك !

قال السيد ناقما : لئيم كعادتك !

ضحك الكونت و رد ببراءة مصطنعة : كل ما هنالك أني لا أريد حرمانك متعة العثور على حلول هذه الألغاز بنفسك و دون عون من أحد !

- آه فعلاً ؟!!



إثر إنتهاء العشاء...
أخذ لينيكس يتجول في أرجاء الحديقة تاركاً الكونت يلعب الشطرنج مع السيد لامارك في الشرفة الواسعة المطلة على الحديقة الخلفية..

تكلم السيد لامارك و هو يغير موقع أحد جنوده على الرقعة : تحرك القائد الأعلى كان مفاجئا حقاً ! ظننت أنه سيظل بعيداً و لن يتدخل في هذه الحرب ، لكنه لم يتدخل فقط بل أرسل حرسه الخاص أيضا ! يبدو أنه أدرك أخيراً خطورة الموقف الذي هو فيه الآن !

لعب الكونت دوره بصمت .. فرفع السيد عينيه عن الرقعة و سأل بجدية : ما الذي ستفعله ؟!!

أجاب بطريقة غامضة : سأفعل ما علي فعله !

تنهد السيد و قال متذمرا : لطالما كنت كتوما فيما يتعلق بأفكارك و خططك ! < غير أنه اعترف على مضض : لكنه التصرف الأمثل في وقت حرج مثل هذا !


صمت قصير ساد المكان لكنه تلاشى بسؤال السيد لامارك الذي خطر على باله فجأة : صحيح ! ما الذي حصل بشأن ذلك الطفل ؟!

رفع الكونت أخيراً بصره إليه فوضح السيد لامارك أكثر : أعني ذلك الطفـ.. أوه لا شك أنه لم يعد طفلاً بعد الآن ! قلت لي قبل أربع سنوات أن حالته أصبحت سيئة جداً !

عاود الكونت النظر إلى رقعة الشطرنج أمامه لكنه هذه المرة كان سارحا بأفكار غير سعيدة : لا أدري حقاً.. إني أحاول مساعدته بكل الطرق الممكنة ، لكني لست متأكداً إن كان الأمر سينجح أم لا !

- ألم تجرب التحدث إليه ؟!

أرجع رأسه للوراء و تنهد عميقاً : لا أعرف حقاً ما علي قوله له ! إنه غاضب مني دون شك ، و لا أظنه حتى سيوافق على لقائي !

قال السيد لامارك بحكمة : لا تجعل اليأس يتسلل لقلبك مهما حدث ، فما دام أنه ما زال حياً فالأوان لم يفت بعد و كل شيء يمكن إصلاحه !

تحركت شفتا الكونت مشكلتين ابتسامة أمل حزينة : أتمنى ذلك من أعماق قلبي..



⭐⭐⭐



قبل ساعات من ذلك و حينما كان الكونت ما يزال موجوداً في قصره.. هناك بعض التجهيزات و الاستعدادات قد تمت !

قطع غلبيرت طريقه في الممر الطويل في الطابق الثاني تحت الأرض والذي ينقسم لمستودع للملابس و آخر للأسلحة !
توقف أمام غرفة المسؤول عن قسم الملابس ، ثم فتح الباب على عجل و ولج للداخل !
كان هناك بالفعل أربعة أشخاص آخرين لكن المسؤول ليس من بينهم !

ماريان تقف متكئة إلى الجدار ، إيريك يجلس بهدوء على كرسي خشبي في الزاوية ، آليكسي يتربع على الأرض يأكل الدونات ، أما إلسا فواقفة تطالع نفسها في المرآة و هي ترتدي ملابس سوداء أنيقة مكونة من بنطال ضيق و سترة قصيرة بأكمام طويلة تحتها كنزة صوفية ، كان زيا ذا تصميم فريد و أنيق !

عبس غلبيرت في استغراب : أنتم هنا أيضاً ؟!

هزت ماريان كتفيها قائلة باستسلام : وهل أمامنا من خيار آخر ؟!

حك إيريك رأسه : لقد استدعانا سيزار لتجربة أزيائه الجديدة !

قال غلبيرت بتعابير باردة : ألهذا طلب مني القدوم ؟!!

في تلك اللحظة انفتح الباب الباب بقوة ليدخل سيسار ذو الشعر الأشقر الأشعت بابتسامة عريضة و هو يحمل في يديه أربعة أكياس : آسف على تأخري ! <أشرق وجهه لرؤية غلبيرت : لقد أتيت بسرعة أحسنت ! إذن ها هي أزياؤكم الجديدة ! < وزع الأكياس الأربعة عليهم ثم قال بصوته الناعم في غرور واعتزاز : كونوا فخورين لأنكم سترتدون أزياء رائعة من صنع المصمم العظيم سيزار !

نظر غلبيرت إلى الكيس ثم إلى سيزار في تململ : إذن.. لماذا علينا تبديل ملابسنا ؟!!

حدق فيه سيزار بعينين جاحظتين بصورة مجنونة و قال بصوت أجش : قلت لماذا ؟! هل من المفترض أن يكون هناك سبب لتظهر بمظهر لائق ؟! الأناقة و الجمال أهم شيء ! يجب أن تكونوا مهندمين حتى و أنتم تموتون ! <وضع يده على رأس غلبيرت الذي صار يرتعش : هل فهمت ما أعني ؟!!

هز غلبيرت رأسه مذعنا و الخوف يطل من عينيه ، فربت سيسار على رأسه بلطف و قال مستعيدا ابتسامته الودودة و صوته الرقيق : أحسنت فتى جيد ! < ثم استدار و خاطب الجميع بحماس : والآن هيا قوموا بتجربتها الآن !

سأل إيريك : لكن هل من الجيد أن نرتدي جميعنا زيا موحدا ؟! أعني.. سيكون اكتشافنا سهلاً بهذه الطريقة !

رد سيسار سريعا : لا تقلق ! لا تقلق ! لقد استأذنت الكونت بالطبع ! و أجابني ألا بأس بذلك فهذه هي معركتنا الأخيرة على أية حال !


بذكره لهذا الأمر الذي حاولوا تناسيه قدر ما استطاعوا ساد الجو هدوء تتخلله كآبة ثقيلة.
تمتمت ماريان بحزن : معركتنا الأخيرة هاه ؟!


هتف آليكسي بشكل مفاجئ مبددا الجو المتكدر : أنا لن أرتدي هذه الملابس ! أكره اللون الأسود !
اندهش سيزار و قال مستنكرا : ماذا تقول ؟! اللون الاسود لون الفخامة !

مط آليكسي شفتيه معاندا : لا يهمني أنا أكرهه و لن أرتديه مهما حصل !

اقترب سيزار منه و بذات النظرات و الصوت المرعببين في المرة السابقة : أيها الفتى الجاحد ! هل تدرك كم قضيت من الوقت و أنا أصنعها لكم ؟!! سهرت يومين كاملين بلا لحظة نوم لأنهيها في الوقت المناسب ! حتى أنني لم أجد الوقت لتمشيط شعري !

فوثبت إلسا بينهما و قالت بارتباك تحاول تهدئته : لا تقلق ! س.. سيرتديها ! أعدك بذلك !
اعترض آليكسي : ماذا ؟! من المستحـ..

غير أن إلسا أغلقت فمه بيدها ثم سحبته للخارج معها قائلة : من بعد إذنك سنذهب.. للبحث عن سيباستيان !

تحدث سيزار بابتسامته البريئة المشرقة : حسناً لا تنسي أن تحضريه هو الآخر إلي حالما تعثرين عليه !

- بالطبع !

و خرجت مسرعة !

صاح آليكسي : هي يا وجه الكنغر ! كفي عن سحبي هكذا ! لست كيس طحين !

أفلتته إلسا و قد انتبهت أخيراً إلى أنها كادت تبلغ نصف الممر و هي تجره خلفها دون أن تشعر ! ضحكت باستمتاع من أعماقها ، فغافلها آليكسي بالكيس الذي رماه على وجهها : أنا لن أرتديه أيتها الكنغر البلهاء !

حدقت فيه إلسا بعينين يملؤها الخوف : هل تدرك ما تقوله أيها الأحمق ؟! إنه سيزار ! وحش الموضة !!

رد بلا اهتمام : حقاً ؟! لست خائفا من ابن عرس ذاك !

تنهدت إلسا : حسناً.. إن إرتديته سأشتري لك كعكة بالفانيليا ! ماذا تقول ؟!

ابتسم آليكسي ابتسامته القططية و رفع أصابعه الخمسة : مع مشروب الشكوكولا الساخن و أربع علب من حلوى الكراميل !

وافقت على مضض : حسناً حسنا
ً
نهض آليكسي ليأخذ الكيس منها : إذن.. اتفقنا !


وبينما هما يمشيان نحو المصعد انضمت إليهما ماريان بزيها الجديد ! عبرت إلسا عن إعجابها : وااو يبدو رائعاً عليك يا ماريان !

احمر وجهها قليلاً : شكراً..

كان هناك شيء يشغل بالها.. و قد لاحظت إلسا ذلك فسألت : ما بكِ ؟!

ترددت ماريان بعض الشيء.. لكنها تحدثت في النهاية : إنه.. حسناً.. كنت أفكر بماذا يمكن أن يكون قد حصل بين الكونت و تلك الأفعى الخبيثة في الماضي ! قال إنزو أنه رآهما يتحدثان في إحدى المرات عندما كنا في المدرسة !

قالت إلسا مفكرة : همم أنا أيضاً أشعر بفضول كبير حول هذا الموضوع !

تكلم آليكسي ببساطة : ولم لا تسألينه ؟!

فزعت ماريان من هذه الفكرة : ما الذي تقوله ؟! من المستحيل أن أفعل ذلك !

سأل ببرود : و لم لا ؟!

قالت بانفعال و وجهها يحمر : هل أنت أحمق ؟! و من أنا حتى ألقي عليه الأسئلة ؟!

- أنت الحمقاء هنا أيتها التنين ! ليس و كأنه سيقطع رأسك لسؤال بسيط كهذا ! إن كان لا يريد أن يجيب فسيتجاهل الأمر فقط !

قالت إلسا على غير العادة : أظن أن آليكسي محق في هذا !

- لكني .. لا أستطيع سؤاله مع ذلك !

وضع آليكسي يده على كتفها : لا تقلقي سأتي معك و أدعمك !

- حقاً ؟!

- أجل ثقي بي !



نزلت إلسا في الطابق الأول : حسناً سأنتظركما في الحديقة.

ثم ضغط آليكسي على زر الطابق الثاني ، و بعد ثانيتين توقف المصعد عند الطابق المطلوب !
فخرج الاثنان منه متجهين إلى مكتب الكونت.. و قابلا هناك لينيكس الذي كان قد خرج لتوه من عند الكونت !

سألت ماريان باضطراب : أ.. لينيكس ! هل الكونت موجود في مكتبه ؟!

اكتفى الأشقر الهادئ بهز رأسه !

حياه آليكسي بابتسامته الطفولية : مرحباً لينيكس ! أريد سؤالك بشأن ما علمتني إياه سابقاً...

لكن ماريان جذبته من ذراعه : ألم تقل أنك ستأتي معي و تساعدني ؟! إذن لا تضيع الوقت !

التفت الفتى الروسي إلى لينيكس : حسناً سنتحدث لاحقاً.

و حينما وقفا أمام باب المكتب تجمدت يدها من الرهبة و لم تقو على رفعها ، فقام آليكسي بالطرق بدلاً منها !

جاؤهما الصوت الرزين : "ادخل"

فسرت رعشة في جسد ماريان و قالت لآليكسي في توتر : ادخل أنت أولا !

هز الفتى كتفيه : حسناً !

فتح الباب ثم دلف للداخل بشكل طبيعي جداً دونما توتر أو ارتباك ، ثم و بعد أن اطمأنت قليلاً لحقته و دخلت المكتب !

وقفت منتصبة إلى جانب آليكسي .. فترك الكونت الكتاب الذي كان منهمكا في قراءته و نظر إليهما مستفهما : ما الأمر ؟! هل حدث شيء ما ؟!

تلعثمت ماريان : إنه.. بصراحة...

تحدث آليكسي بنبرته المرحة اللامبالية لشيء -فتنهدت ماريان في ارتياح كبير- : في الحقيقة لم يحدث شيء ، لكن هذه <وأشار بيده نحو ماريان> تريد أن تسألك عن شيء ما و كانت خائفة أن تأتي وحدها !

ربت على كتفها و على وجهه تشكلت ابتسامته القططية الماكرة : حسناً إذن أتركك عزيزتي لتأخذي حريتك في الحديث ! آه و لا داعي لأن تشكريني !

حملقت ماريان فيه و في عينيها تنفجر براكين من الغضب (أيها الهر اللعين ! هل هذا ما تعنيه بدعمي ؟! انتظر ! انتظر فقط حتى أخرج من هنا !)

كان القط الخبيث يكافح ليمنع نفسه من الضحك ، لوح لها بتكشيرة مستفزة و خرج من المكتب !


تحدث الكونت في نفاذ صبر : إذن ما الذي تريدين السؤال عنه ؟!

انتفضت ماريان و اضطرب صوتها : إنه.. بخصوص..

تنهد الكونت : تحدثي بشكل طبيعي فأنا لا آكل بشراً كما تعلمين !

اعتذرت في إحراج شديد : أنا آسفة حقاً سيدي ! لكني كنت أخشى أن يضايقك سؤالي ..

- لن نعرف ما لم نجرب صحيح ؟!

- بلى سيدي.. الأمر و ما فيه .. أني سمعت من إنزو عن حقيقة تلك التي تدعى كوبرا أو آنجيلينا فيما مضى ، و أنها كانت معي في الصف نفسه في مدرسة النجوم المضيئة ! لكني مع ذلك لا أستطيع تذكر أي شيء عنها !

قلب الكونت الصفحة من الكتاب وقال بهدوء : آه هذا هو الأمر إذن ! من الطبيعي ألا تتذكريها فهي كانت منعزلة تماماً و لا تحادث أحداً مطلقاً ! أتدرين لماذا ؟!

نظرت إليه في تساؤل ، فالتفت إليها مجيباً عن سؤاله : كانت لديها مشاكل في نطق بعض الحروف !

فتحت ماريان عينيها مذهولة.. بينما أكمل الكونت : لهذا السبب كانت تتجنب التحدث مع باقي الطلاب ! فتاة حساسة مثلها لا تتحمل أن يجرحها أحد كان عليها التزام الصمت و تحاشي التجمعات حتى لا تكشف علتها و يبدأ الطلاب المتعجرفون القساة الضحك و السخرية منها !

أطرقت ماريان رأسها : قال إنزو.. أنه رآك تكلمها في أحد الأيام.. فهل هذا صحيح ؟!

انفرجت شفتاه عن ابتسامة فاتنة : أها أرى ذلك ! لقد مررت بكل هذا لتصلي إلى هنا !

ضحك و هو ينظر إليها فاحمر وجهها حتى بدا كأنه حبة كرز ضخمة ! (ماريان الغبية ! غبية غبية غبية.. إلى الأبد !)

نهض من كرسيه المريح : إذن ترغبين في معرفة الحوار الذي دار بيننا ؟!

ابتلعت ريقها و تجرأت لتقول : إن لم تكن تمانع.. سيدي !

استند الكونت على مكتبه و كشر قائلاً : "عذرا"ً !

فرفعت ماريان رأسها معتذرة : آسفة على إزعاجك سيدي ، سأنصرف فورا !

فندرت عن الكونت ضحكة ساخرة : لا يا ذكية ! هذا ما قالته لي آنجيلينا ذلك اليوم !

بتعابير بلهاء : هاه ؟!

- نعم هذا هو كل ما قالته بعد أن اصطدمت بي ، و منه اكتشفت مشكلة النطق التي تعاني منها !


ألقى نظرة على الساعة في معصمه و قال : حسناً.. علي الذهاب الآن !


تجاوزها و خرج من الغرفة.. و ظلت هي متسمرة في مكانها كتمثال حجري !

"عذراً !!"

ثم وبشكل مفاجئ قفزت إلى خارج الغرفة و شرعت تركض بسرعة خارقة !

في ذلك الوقت كانت إلسا و آليكسي جالسين على مقعد وسط الحديقة !
استقام الفتى فجأة في جلسته : قرون استشعاري الخفية تنبؤني بخطر عظيم يقترب بسرعة مئة كم في الساعة !

نظر كلاهما إلى الباب الرئيسي للقصر.. ليريا ماريان قادمة في اتجاههما بسرعة البرق ! ضحك آليكسي و هو يركض هارباً : يا إلهي أتت الآنسة تنين !


شاهدته ماريان و هو يلوذ بالفرار لكنها أجلت تصفية حسابها معه لوقت لاحق و توقف عند إلسا !

سألت الأخيرة بلهفة : إذن ماذا قال ؟!

قالت ماريان بخيبة : "عذرا" هذا كل شيء !

فوجئت إلسا : ماذا ؟!!

جلست ماريان على المقعد بجوارها : قال أنها كانت تعاني من مشكلة في نطق الحروف ، لذلك تخشى التحدث إلى أحد و تتحاشى الاختلاط بالتلاميذ !

هتفت إلسا مستنكرة : تعاني من مشاكل في مخارج الحروف ؟! ما الذي تتحدثين عنه ؟! كوبرا نطقها سليم تماماً !! لقد سمعتها تتكلم بأذني هاتين !!

حملقتا في بعضهما في ذهول و قد تلاشى صوتهما هنيهة من الصدمة !

ثم صاحتا فجأة بوقت واحد : هذا لا يمكن أن يعني ..



⭐⭐⭐


في الصباح الباكر من اليوم التالي..
طرقت ويندي باب غرفة رانكورت ، و بعد انتظار دام دقيقتين.. فتح الرجل الباب بوجه عابس و قال بجفاء : ماذا تريدين ؟!

مطت شفتيها : ما بال هذه الكآبة ؟! جئت إليك بطلب من كلارك فهو يريد التحدث مع شادو بأسرع وقت ممكن !

زفر بقوة في إنزعاج : كم مرة علي أن أكرر أن هاتفه مغلق !

نظرت إليه بحدة و قالت بنبرة عنيفة : لكنك لم تحاول الإتصال به منذ صباح أمس !

تنهد مستسلما : حسناً حسناً أيتها المزعجة ! سأجلب هاتفي و أوافيك عند ذلك الكلارك !


و عادت ويندي أدراجها إلى الغرفة الكبيرة حيث يتواجد الجميع.. فسألها كلارك عند دخولها : ماذا حدث ؟!

جلست على كرسي بجانب جان : قال أنه سيحضر هاتفه و يأتي !

و لم تمر ثلاث دقائق حتى جاء رانكورت.. لم يجلس حتى بل بدأ يجري الإتصال بينما هو واقف ، إذ أراد أن ينهي الأمر بسرعة و يعود للنوم !

تأفف : قلت لكم أنه..

لكنه فوجئ بـ"ألو !"

فوضع الهاتف على أذنه بسرعة..
و قبل كل شيء قال معنفا : لماذا كان هاتفك مغلقاً كل هذه المدة ؟!

كان الآخرون و على رأسهم ويندي يترقبون في لهفة !

عاد الصوت الهادئ الخالي من الاهتمام ليقول بكل صراحة : " حسناً أردت الإرتياح منكم لبعض الوقت ، فأنتم مزعجون حقا ! هذا كل شيء !"

قال رانكورت و نار الغضب تستعر في صدره : "هذا كل شي" هاه ؟!

- "تحدث بسرعة فوقتي ضيق !"

أومأ كلارك له.. فواصل رانكورت حديثه بنبرة حادة : هل تعرف حضرتك أين نحن الآن ؟!

- "أجل !"

دهش رانكورت تماماً لكن سرعان ما تلاشى تفاجؤه : أنت تعرف إذن الشخص الذي نحن معه ؟!

- "طبعا !"

ر لم يملك إلا أن يهدأ بعد معرفته ذلك ! فترك شادو لهم مع كلارك دليل قاطع على أنه شخص يمكن الوثوق به !

تنهد مطمئناً : حسناً.. ذلك الشخص يود الحديث معك !

- "لا أستطيع الآن ! سأعاود الإتصال بكم غداً في مثل هذا الوقت ! لكن أخبر ذلك الشخص أنني اشتريت كل البيتزا من المطعم المقابل لبنايتكم !"

صاح رانكورت ببلاهة : ماذا ؟!

- "وداعاً "

قال كلمته هذه وأقفل الخط مباشرةً !

اقتربت منه ويندي لينهمر من فمها سيل من الأسئلة : ماذا حدث ؟! لماذا كان هاتفه مغلقاً ؟! ماذا قال بشأن كلارك و لماذا لم يكلمه ؟!

تجاهلها رانكورت و التفت نحو كلارك عابسا : قال أنه مشغول و سيعاود الإتصال غداً ! لكنه طلب مني إخبارك أنه .. اشترى كل البيتزا من المطعم المقابل !

قال جملته الأخيرة بصوت بليد مضحك !

اتجهت هاي صوب النافذة ثم قالت متعجبة : لا يوجد مطعم للبيتزا قريب من المبنى !
تحدث جان ببرود : هل هذه مزحة ثقيلة أم ماذا ؟!


أما كلارك فوقف على قدميه مظهرا ابتسامة جميلة واسعة و قال مخاطبا رانكورت : صاحبك ذاك.. أدهى بكثير مما كنت أتخيل !












رد مع اقتباس
  #127  
قديم 06-21-2016, 10:45 AM
 
مرحبا...

هذه المرة زدت أحداثك...

و لا تقولي لي أن الخطأ في استنتاج أن الكونت يبادل انجليليبادلنا الحب..!
إن كان حبها صدمة فحبه لها الف..
...........
أعجبتني كذبة الكونت الصغيرة على ماريان، بدت فضوليةأكثر من اللازم..هههههه

...........
أعجبني شجار الكونت بمرح مع الكوبرا...

كان شيئا مثاليا ...
و بصراحة:
مرح الكونت الظاهر لأول مرة يعني أنه يميز آنجلينا..

هع ، حقا لم أتخيل أن يدخل الحب بشكل أساسي...

بعد كل هذا...

و أيضا، لا تقولي أن الشخص الذي تحدث آلويس عنه مع نواه لم يمت...

دعيني أستوعب

لا أمان لتلميحاتك..!

و بالنهاية....
ما الذي فهمه كلارك من جملة شادوا القريبة
من لغز...؟!

و هل هناك شيئ غير لغز هنا
أتعرفين، عندما أدخل يجب أن بكامل الوعي لكي لا أفقده تماما...هههههه

أنتظرك بفارغ الصبر
*Regina* and Mygrace like this.
رد مع اقتباس
  #128  
قديم 06-21-2016, 06:00 PM
 
Smile

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته :
كيفك اختي انشاء الله بخير شو أخبارك وشو احوالك مع الشهر الفضيل
أتمنى ان ينعاد عليك بالصحة والعافية
اعذريني لاني لم ارد ولم اضع لايك للبارتين السابقين
قبل ان ادخل في مناقشة البارت _كالعادة_ اود ان اخبرك بان حالي كحال BriGht hEaRt | NaRjeeS ✖
فأنا لدي شهادة التعليم المتوسط العام القادم باذن الله تعالى
لذا اتمنى ان تنتهي الرواية قبل بداية العام الدراسي لئلا اقصر في حق روايتك من حيث الرد واللايك والمتابعة كذلك
وأردت ايضا ان اشكرك جزيل الشكر على تلبيتك لطلبي في وضع البارت كل اثنين وخميس
يبدو انني قد ثرثرت زيادة عن اللزوم خ
ننتقل الان الى البارتات (المناقشة العامة) :
بعد ما حصل لكوبرا وانقاذها لحياة السيد لامارك وخروجها من المشفى بعد يومين من عمليتها واجتماع العجائز الجبناء _كما اسميهم انا_ كذلك قرار القائد الاعلى الغريب ترى لماذا يريد التخلص من كوبرا الا يثق بها ام ماذا ؟؟
هذا غير ردة فعل كوبرا حول الموضوع وعدم اكتراثها بذلك مطلقا
ومازاد حيرتي الطفلة الصغيرة البريئة التي ادعت ان كوبرا هي اختها الكبيرة
وما اضحكني هو خوف كوبرا من ترك الطفلة لوحدها في المنزل وتعبيرها عن ذلك بطريقة غير مباشرة وتفهم بيكارت للامر .
وفوق كل هذا دعوة العشاء من طرف ذلك العجوز لامارك وحضور الكونت غير المتوقع واضافته لجو المرح المشحون بغضب كوبرا و تطاير الشرر من عينيها
وعنفها الكبير تجاه كل من حولها ومعاناتهم بسببها
كذلك انصياعها للكونت بخصوص تناول الطعام
وفي النهاية التحدي الذي بينهما على المواجهة الأخيرة
ولن انسى اللقب الجديد لكوبرا وهو الانسة منشن (اليست الانسة منشن هي نفسها مالكة معهد الفتيات الصغيرات والتي انضمت اليه سالي _اذا كانت هي فلا الوم الكونت على اطلاقه لقبا كهذا لكوبرا ابدا ههههه_)
ما زاد حيرتي هو الطفل المجهول الذي تحدث عنه الكونت مع السيد لامارك
لقد تعرفنا على شخصية جديدة من العقارب ألا وهي سيزار او كما يسمونه وحش الموضة
هذا غير اكتشافنا لحقيقة كوبرا الماضية حول تلعثمها بالكلام ومواجهتها لمشكلة في نطق الحروف وكيف استطاعت التغطية على مشكلتها يا ترى ؟؟
لننتقل الى ماحصل مع الاخرين :
رد شادو المنتظر وعلمه بمكان ويندي ورانكورت
هذا غير معرفته بكلارك
وفوق كل هذا اللغز الذي ألقاه في النهاية
ويبقى السؤال المطروح هنا من يكون شادو بالضبط وهل هو شخصية جديدة ام معروفة في الرواية ؟؟؟
اتمنى ان نعرف الاجابة في اقرب وقت ممكن
من دون مجاملات فانا تعودت على الصراحة
البارت رائع جدا واسلوبك المميز هو الذي يزيده متعة واثارة فوق متعته واثارته
هذا غير مهارتك في الوصف والتشبيه والتي تساعد القارئ على التخيل
كل الشخصيات مميزة في روايتك
كذلك كدت انسى رون مساعد كلارك الوحش الهائج الثائر في ما يخص القتل بالتفجير نالت شخصيته اعجابي وكذلك ما حصل معه في الماضي وتدخل كلارك الذكي ليجعله تابعا له ويوقفه عند حده " class="inlineimg" />
اتمنى انني لم ازعجك بثرثرتي الكبيرة .
انتظر جديدك بفارغ الصبر
صحة بعد الفطور انشاء الله وسحورا مباركا باذنه تعالى
دمتم بود



__________________
رد مع اقتباس
  #129  
قديم 06-23-2016, 03:40 PM
 


أرجو المعذرة منكم أعزائي لكني مضطرة لتأجيل الفصل للغد
لن يتغير الموعد بشكل دائم فقط هذه المرة بسبب ظروف طارئة !





رد مع اقتباس
  #130  
قديم 06-23-2016, 05:50 PM
 
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته :
لا داعي للاعتذار ابدا فكلنا نمر بظروف
لذا انتي معذورة
ننتظر جديدك
دمتي بود
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 11:07 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011