عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-24-2007, 06:39 PM
 
غٌربة تطبيق السٌنة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
:::غربة تطبيق السٌنة:::




الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فإنَّ من ظواهر الغربة التي فشت وانتشرت في الأمة ؛ فقدان تطبيق سنن النبي صلى الله عليه وسلم في الحياة اليومية ليس عند العامة ؛ بل حتى عند بعض طلاب العلم،( وهذه الغربة قد تكون في مكانٍ دون مكان ، ووقت دون وقت، وبين أقوام دون قوم ) ،
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ ( من صفات هؤلاء الغرباء الذين غبطهم النبي صلى الله عليه وسلم التمسك بالسنة ، إذا رغب عنها الناس، وترك ما أحدثوه، وإن كان هو المعروف عندهم، وتجريد التوحيد، وإن أنكر ذلك أكثر الناس) روى الترمذي من حديث كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مِلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " إِنَّ الدِّينَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْحِجَازِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا وَلَيَعْقِلَنَّ الدِّينُ مِنْ الْحِجَازِ مَعْقِلَ الْأُرْوِيَّةِ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ إِنَّ الدِّينَ بَدَأَ غَرِيبًا وَيَرْجِعُ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِي مِنْ سُنَّتِي" وروى ابن وضاح في البدع والنهي عنها، عن بكر بن عمرو المعا فري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "طوبى للغرباء ، الذين يمسكون بكتاب الله حين يترك ، ويعلمون بالسنة حين تطفأ " وقال أبو بكر بن عياش: ( السنة في الإسلام أعز من الإسلام في سائر الأديان ) ويقول يونس بن عبيد (رحمهُ الله تعالى): (ليس شيء أغرب من السنة، وأغرب منها من يعرفها) .
أيها الأخوة في الله: لقد تكاثرت أقوال السلف في بيان هذه الغربة، في أزمانٍ تُعد من أفضل الأزمان، وقرونٍ هي من أفضل القرون بشهادة من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌّ يوحى.
يقول أبو الدر داء- رضي الله عنه-: لو خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم؛ ما عرف شيئاً مما كان عليه هو وأصحابه إلا الصلاة ).
وقال الأوزاعي: فكيف لو كان اليوم ؟
وقال عيسى بن يونس: فكيف لو أدرك الأوزاعي هذا الزمان ؟
ونحن نقول : كيف لو رأوا أزمنة تحولت فيها البدعة إلى سنة، والسنة إلى بدعة، والله المستعان .
وعن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: ما أعرف شيئاً اليوم مما كنا عليه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ قلنا له: فأين الصلاة ؟ قال: أولم تصنعوا في الصلاة ما قد علمتم)
وعن ميمون بن مهران قال: لو أن رجلاً أُنشر فيكم من السلف؛ ما عرف غير هذه القبلة.
وعن سهل بن مالك عن أبيه قال: ما أعرف شيئاً مما أدركت عليه الناس إلاَّ النداء بالصلاة ).
وهذه حقيقة واقعة في هذا الزمن، ليس بين عوام الأمة، بل حتى بيّن طلاب العلم أحياناً، فإذا ما قام أحدهم بتطبيق سنة من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم إذ بنظرات الاستغراب تنهال من كلِّ حدبٍ وصوب ، وكأنَّك فعلت أمراً منكراً، بل أشد من ذلك أحياناً- ولا حول ولا قوة إلا بالله- أن يكون المنكر أخف ، فكم من الناس من يرتكبُ المعاصي، ومع ذلك لا تجد من ينكر عليهم، ويحتسب في مناصحتهم، أما لو طبق سنةً من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم فهذا إن سلم من العقوبة أحياناً فقد لا يسلم من السكوت عنه، وأقل الأحوال أن توجه إليه الأنظار !!
وسأذكر لك أخي الكريم نماذج يسيرة من هذه الغربة فمن ذلك:
` إقامة الخطبة قبل صلاة الاستسقاء: كما في حديث عائشة- رضي الله عنها- الطويل ولفظه قالت: ( فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس، فقعد على المنبر فكبر وحمد الله عز وجل ثم قال: " إنكم شكوتم جدب دياركم، ونزل فصلى ركعتين .." فتصور لو أنَّ أحد الخطباء خطب بالناس قبل الصلاة ماذا سيحدث له؟ وماذا سيقال عنه ؟
` ما يفعله الإنسان عند الغضب: روى الإمام أحمد في مسنده عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: كَانَ يَسْقِي عَلَى حَوْضٍ لَهُ فَجَاءَ قَوْمٌ فَقَالَ: أَيُّكُمْ يُورِدُ عَلَى أَبِي ذَرٍّ وَيَحْتَسِبُ شَعَرَاتٍ مِنْ رَأْسِهِ ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا، فَجَاءَ الرَّجُلُ فَأَوْرَدَ عَلَيْهِ الْحَوْضَ فَدَقَّهُ، وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ قَائِمًا فَجَلَسَ ثُمَّ اضْطَجَعَ !! فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا ذَرٍّ لِمَ جَلَسْتَ ثُمَّ اضْطَجَعْتَ ؟! قَالَ : فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَنَا " إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلَّا فَلْيَضْطَجِعْ "

فهذه سنةٌ من سنن النبي صلى الله عليه وسلم يغلب على ظني أنَّها قد هجرت من كثيرٍ من الناس حتى لو أردت أن تفعلها ذات يوم والغضب جبلة في الناس لأصبحت محل استغراب الناس ، وكأن حالهم يقول: يأتي إليه رجلٌ فيغضبهُ ويتكلمُ عليه، أو يكسر له متاعاً ثم يجلس أو يضجع على جنبه ؟!!
ثم تلحظ حرص السلف- رحمهم الله تعالى- على التطبيق العملي للسنة، فأبو ذر قبل أن يعلم الناس، قام هو بفعل السنة ثم علَّمهم ، وهذا يعطينا درساً في تعليم الناس ودعوتهم، أن نحرص على التطبيق العملي لأنَّ تأثر الناس به أكثر.
` السنة في المشي حافيا: روى أبو داود في سننه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَحَلَ إِلَى فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ وَهُوَ بِمِصْر، فَقَدِمَ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ آتِكَ زَائِرًا، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ أَنَا وَأَنْتَ حَدِيثًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَكَ مِنْهُ عِلْمٌ، قَالَ وَمَا هُوَ ؟ قَالَ كَذَا وَكَذَا ، قَالَ فَمَا لِي أَرَاكَ شَعِثًا وَأَنْتَ أَمِيرُ الْأَرْضِ ؟ قَالَ: (( إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَنْهَانَا عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الْإِرْفَاهِ)) ،
قَالَ: فَمَا لِي لَا أَرَى عَلَيْكَ حِذَاءً؟ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " يَأْمُرُنَا أَنْ نَحْتَفِيَ أَحْيَانًا "

وهذه سنة مهجورة، ولو فعلها الإنسان أحياناً لقيل: ما هذا التخلف والرجعية ؟ فكيف لو فعلها مسؤول كبير،أو أمير أو وزير، كفضالة بن عبيد-رضي الله عنه-؟!
` إعفاء اللحية: من السنن الواجبة إعفاء اللحية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " وفروا اللحى وأحفوا الشوارب " وقوله صلى الله عليه وسلم : " أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى " وغيرها من النصوص الشرعية الدالة على تركها وإعفاءها، ومع ذلك فبعضُ المجتمعات لا تكادُ تجد من يستطيع إعفاءها بسببِ ما يواجهُ من ضغطٍ وإكراه، فنسألُ اللهَ تعالى أن ينصر دينهُ وأن يخذلَ أعدائه.
` السنة في لباس الرجل: روى مسلم في صحيحه عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ مَرَرْت ُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفِي إِزَارِي اسْتِرْخَاءٌ فَقَالَ: " يَا عَبْدَ اللَّهِ ارْفَعْ إِزَارَكَ ، فَرَفَعْتُهُ ثُمَّ قَالَ: زِدْ ؛ فَزِدْتُ، فَمَا زِلْتُ أَتَحَرَّاهَا بَعْدُ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ إِلَى أَيْنَ فَقَالَ: " أَنْصَافِ السَّاقَيْنِ " وروى ابن ماجه في سننه عَنْ الْعَلاء بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي سَعِيدٍ هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا فِي الْإِزَارِ؟ قَالَ : نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ وَمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ فِي النَّارِ يَقُولُ ثَلَاثًا لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا "

ولعلك أخي الكريم تلحظُ عدم الاستنكارِ على من يسبل إزاره، أو على الأقل تبلد الإحساس لدى الناس، ولكن من رفعَ إزاره كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم فانظر ما تجد من ملاحقة الأنظار، ومن العتب والتوبيخ والله المستعان .
` لعق الأصابع والصحفة بعد الانتهاء من الطعام ومسح اللقمة إذا وقعت على الأرض ثم أكلها :
روى مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلعق الأصابع والصحفة وقال: "إنكم لا تدرون في أيهِ البركة " وفي حديث جابر أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها فليمط ما كان بها من أذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان .." الحديث رواه مسلم وبعض الناس لو رأى رجلاً يلعق أصابعه بعد الطعام أو يلعق الصحفة لاستقذر ذلك منه، وعدها عادة سيئة، وطريقة رجعية !!
أيها الأخوة في الله: وإذا تساءلنا عن الأسباب التي أدت إلى هذه الحالة المأسوية مع سنن النبي صلى الله عليه وسلم ، فإننا نقول:
:::إنَّ هناك عدة أسباب أدت إلى غربة السنة فمن ذلك:::
أولاً : الجهل بالسنن: فكما قيل:
الإنسان عدو ما يجهل، فينشأ المسلم على شيءٍ ويظن أنه هو الصحيح ، فيتشبث بها على أنَّها سنة من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فإذا جاء من يحي السنة قابله بالإنكار، ورماه بالجهل والبوار، قال الشاطبي رحمه الله ( سبب الخروج عن السنة الجهل بها، والهوى المتبع الغالب على أهل الخلاف ، فإذا كان كذلك ؛ حمل على صاحب السنة أنه غير صاحبها ، ورجع بالتشنيع عليه والتقبيح لقوله وفعله
و يقول ابن القيم- رحمه الله- : ( قد غلب الشرك على أكثر النفوس لظهور الجهل ، وخفاء العلم ، فصار المعروف منكراً ، والمنكر معروفاً، والسنة بدعة، والبدعة سنة، ونشأ في ذلك الصغير وهرم عليه الكبير، وطُمست الأعلام، واشتدت غربة الإسلام، وقلّ العلماء، وغلب السفهاء، ولكن مع هذا لا تزال طائفة من العصابة المحمدية بالحق قائمين، ولأهل الشرك والبدع مجاهدين، إلى أن يرث اللهُ سبحانه الأرض ومن عليها، وهو خيرُ الوارثين).
وقال محمد بن الفضل البلخي: ( ذهاب الإسلام من أربعة: لا يعملون بما يعلمون، ويعملون بما لا يعلمون، ولا يتعلمون ما لا يعلمون ، ويمنعون الناس من التعلم )
ثانياً : التعصب المذهبي: قد يؤدي التعصب إلى المذهب إلى مخالفة سنة النبي صلى الله عليه وسلم بل وصل الأمر ببعضهم أن يكون المذهب وقول الإمام هو الأصل، والقرآن والسنة هي الفرع، يقول أبو حسن الكرخي:
كل آية تخالف ما عليه أصحابنا فهي مؤولة أو منسوخة ، وكل حديث كذلك فهو مؤول أو منسوخ ونقل الرازي عن شيخه المجتهد رحمه الله أنه قال :
شاهدت جماعة من مقلدة الفقهاء ،قرأت عليهم آيات كثيرة من كتاب الله تعالى في بعض المسائل ، وكانت مذاهبهم بخلاف تلك الآيات ، فلم يقبلوا تلك الآيات ولم يلتفتوا إليها ، وبقوا ينظرون إليّ كالمتعجب ، يعني كيف يمكن العمل بظاهر هذه الآيات ، مع أن الرواية عن سلفنا وردت على خلافها ؟
ولو تأملت حق التأمل وجدت هذا الداء ساريا في عروق الأكثرين من أهل الدنيا
ثالثاً : الانبهار بحضارة الغرب الكافر والهزيمة النفسية : أدى هذا السبب إلى ترك بعض السنن النبوية ، خاصة في هذا الزمن الذي غزا الإعلام الغربي ديار الإسلام وهيمن عليها فأصبح يصور للناس أن ما خالف حضارتهم فيعد تخلف ورجعية ، وتقهقر ووحشية ، ورجوع إلى العصور الحجرية ، فإذا بفئام من الناس تستحي أن تطبق سنة النبي صلى الله عليه وسلم خشية أن يوصموا بهذه الصفات ،ولذلك تلحظ عندما يذهب بعض المسلمين إلى ديار الكفر تجد أن بعضهم يتخلى عن بعض معالم دينه ؛ فإذا بالمرأة مثلا تدع حجابها ، وإذا بالرجل أحيانا يتخلف عن أداء الصلوات ، ويستحي من رفع الأذان في المطارات أو في أماكن عامة كالحدائق والمنتزهات . والله المستعان .
رابعاً : عدم تعظيم السنة في القلوب : ولذلك يسأل كثير من الناس عن العمل الذي توجهه إليه هل هو سنة أم واجب ؟ فإذا قلت سنه ، قال الأمر يسير والدين يسر والله تعالى غفور رحيم ، وهكذا يتساهل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم حتى تنعدم بين الناس ويعد من يفعلها غريباً.ولذلك جاءت أقوال السلف في بيان عظمة السنة ووجوب الأخذ بها والتشديد في من تهاون بها فمن ذلك ما قاله ابن عباس رضي الله عنهما : يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء ؛ أقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتقولون : قال أبو بكر وعمر ؟ وقال الإمام أحمد : عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته ، ويذهبون إلى رأي سفيان . والله تعالى يقول : (( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) [النور:63] أتدري ما الفتنة ؟ الفتنة : الشرك ؛ لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك . وقال الشافعي : أجمع الناس على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد
وقال الحميدي : كنت بمصر فحدث محمد بن إدريس الشافعي بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رجل : يا أبا عبدالله تأخذ بها ؟ فقال : إن رأيتني خرجت من الكنسية أو ترى علىّ زنارا ؟! إذا ثبت عندي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قلت به وقولته إياه ولم أزل عنه ، وإن هو لم يثبت عندي لم أقول إياه ، أترى على زناراً حتى لا أقول به . وقال الربيع بن سليمان سأل رجل الشافعي عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم فقال له الرجل : فما تقول ؟ فارتعد وانتفض وقال : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلت بغيره . وقال الربيع أيضا سمعت الشافعي وذكر حديثا فقال له رجل : تأخذ بالحديث ؟ فقال لنا : ونحن خلفه كثير أشهدوا أني إذا صح عندي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم آخذ به فإن عقلي قد ذهب
خامساً : خوف العجب والشهرة : فبعض الناس قد يترك السنة في زمن الغربة خوفا من فساد نيته بما يدخل عليه من العجب والشهرة المنهي عنها !!
فكأنه يقول : اترك السنة في زمان الغربة خوف الشهرة ودخول العجب !!
وهذا لاشك خطأ فادح فلو قلنا به لترك كثير من الأحكام الشرعية بحجة خوف العجب والشهرة وكما قيل ترك العمل من أجل الناس شرك والعمل من أجل الناس رياء .
سادساً : عدم وجود من يعمل بها
فيخشى من يطبقها الإنكار عليه ، وقد أشار إلى هذا المعنى الإمام الشاطبي حينما قال : " كان بعضهم تسرد عليه الأحاديث الصحيحة في خيار المجلس ونحوه من الأحكام ؛ فلا يجد له معتصما إلا أن يقول : هذا لم يقل به أحد من العلماء ..
سابعاً : كثرة البدع :
فالمجتمع الذي تنتشر فيه البدع تغيب فيه السنن حتى تصبح السنة غريبة وقد دل على هذا المعنى كلام جماعة من السلف رحمهم الله : وقال حسان بن عطية المحاربي : " ما ابتدع قوم بدعة في دينهم ؛ إلا نزع الله من سنتهم مثلها ، ثم لا يعيدها عليهم إلى يوم القيامة
وقال ابن سيرين : ما أحدث رجل بدعةً فراجع سنة

:::أيها الأخوة في الله : إن لترك السنن أثاره الخطيرة فمن ذلك::::
أولاً : البعد عن الله تعالى : كما جاء في حديث أنس بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا فَقَالُوا وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ أَحَدُهُمْ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ "أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي "
فظاهر من هذا الحديث أن مراد هؤلاء التقرب إلى الله تعالى بهذا الفعل ومع ذلك قاله عنهم النبي صلى الله عليه وسلم : " من رغب عن سنتي فليس مني" .
يقول أيوب السختياني :ما ازداد صاحب بدعةٍ اجتهادا إلا ازداد من الله بُعداً "
ولا أدل على ذلك ما يفعله الخوارج فإنهم يمرقون من الدين مع ظنهم أنهم يتقربون إلى الله تعالى بفعلهم حتى قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم : " يَخْرُجُ فِيكُمْ قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلَاتَكُمْ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ وَعَمَلَكُمْ مَعَ عَمَلِهِمْ وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ يَنْظُرُ فِي النَّصْلِ فَلَا يَرَى شَيْئًا وَيَنْظُرُ فِي الْقِدْحِ فَلَا يَرَى شَيْئًا وَيَنْظُرُ فِي الرِّيشِ فَلَا يَرَى شَيْئًا وَيَتَمَارَى فِي الْفُوقِ "
ثانياً : الضلالة عن الهدي : يقول الله تعالى:
(( فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى* وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ))
(طه:123-124) .
قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية :
تضمن الله لمن قرأ القرآن واتبع ما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة

وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما مسكتم بهما : كتاب الله وسنة نبيه " فمن أعرض عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم فإن الضلال طريقه والحيرة مصيره . ففي حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله ،وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة "
وفي رواية : " وكل ضلالة في النار "
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : " يا معشر القراء خذوا طريق من كان قبلكم ، فو الله لئن استقمتم لقد سبقتم سبقا بعيدا ، ولئن تركتموه يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا "
ثالثاً التفرق : يقول الله تعالى : (( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ )) (الأنعام:153). ولقد صارت الفرقة قرينة البدعة والانحراف عن الحق والغلو في الدين كما أن السنة قرينة الجماعة فيقال : أهل السنة والجماعة .





::: ثمرات التمسك بالسنة في زمن الغربة :::

أولا
ً : دخول الجنة : فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى " قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : وَمَنْ يَأْبَى ؟ قَالَ " مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى "رواه البخاري .
ثانياً
: مضاعفة الأجر والثواب : روى الترمذي وغيره عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيِّ قَالَ : أَتَيْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ فَقُلْتُ لَهُ : كَيْفَ تَصْنَعُ بِهَذِهِ الْآيَةِ ؟ قَالَ أَيَّةُ آيَةٍ ؟ قُلْتُ : قَوْلُهُ تَعَالَى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ))قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيرًا سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : " بَلْ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعْ الْعَوَامَّ فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ "قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَزَادَنِي غَيْرُ عُتْبَةَ : قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ ؟ قَالَ:" بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ " .
ثالثاً
: أنه لا يخاف عليه من سوء الخاتمة : من استقام على سنة النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يخاف عليه من أن تختم له خاتمة سيئة ، يقول عبدالحق الأشبيلي رحمه الله : ( إن سوء الخاتمة لا يكون لمن استقام ظاهره ، وصلُح باطنه ، ما سُمع بهذا قط ، و لا عُلِم به ، والحمد لله ، وإنما يكون لمن كان له فساد في العقل ، وإضرار على الكبائر ، وإقدام على العظائم ، أو لمن كان مستقيما لم يتغير عن حاله ويخرج عن سننه ويأخذ في غير طريقه ، فيكون عمله ذلك سببا لسوء خاتمته ،’وشؤم عاقبته والعياذ بالله ، قال تعالى :
(( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ))
[الرعد : 11] )
رابعاً
: ثناء النبي صلى الله عليه وسلم عليه : روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة – رضي الله عنه - ، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : "إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء" . وعن سهل بن سعد الساعدي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباَ كما بدأ ، فطوبى للغرباء . قيل : من هم يا رسول الله ؟ قال : "الذين يَصلُحون إذا فسد الناس" وروي بزيادة بلفظ:" قيل ومن الغرباء ؟ قال : " النُّزاع من القبائل " .

خامسا
ً: الهداية والتوفيق: قال تعالى : (( وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا))
و روى مسلم في صحيحه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ " فتأمل كيف جعل ترك السنة ضلالة !! فإذن التمسك بها هداية وسعادة .
سابعاً : قوة الفراسة ، والنطق بالحكمة : قال أبو عثمان الحيري :
( من أمّر السنة على نفسه قولا وفعلا ؛ نطق بالحكمة ، ومن أمّر الهوى على نفسه قولا وفعلا ؛ نطق بالبدعة ؛
قال الله تعالى : (( وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا )) [النور :54] )
وقال أبو العباس بن عطاء : ( من ألزم نفسه آداب السنة ؛ نور الله قلبه بنور المعرفة ، ولا مقام أشرف من مقام متابعة الحبيب صلى الله عليه وسلم في أوامره وأفعاله وأخلاقه ) وقال شاه الكرماني : ( من غض بصره عن المحارم ، وأمسك نفسه عن الشهوات ، وعمّر باطنه المراقبة وظاهره باتباع السنة ، وعود نفسه أكل الحلال ؛ لم تخطئ له فراسة ) .
::: دورنا في أحيا السنن : ::
أخي القارئ : يبقى علينا تجاه سنة نبينا صلى الله عليه وسلم ماذا نفعل لها ؟ وما دورنا ؟
أولاً : أن نحيي سنة النبي صلى الله عليه وسلم ،وذلك بنشر العلم بين الناس وتطبيقها ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ " رواه مسلم قال الإمام النووي رحمه الله في شرح الحديث : قوله صلى الله عليه وسلم : " من سن سنة حسنة ومن سن سنة سيئة " الحديث وفي الحديث الآخر " من دعا إلى الهدى ومن دعا إلى الضلالة " . هذان الحديثان صريحان في الحث على استحباب سن الأمور الحسنة ، وتحريم سن الأمور السيئة ، وأن من سن سنة حسنة كان له مثل أجر كل من يعمل بها إلى يوم القيامة ، ومن سن سنة سيئة كان عليه مثل وزر كل من يعمل بها إلى يوم القيامة ، وأن من دعا إلى هدى كان له مثل أجور متابعيه ، أو إلى ضلالة كان عليه مثل آثام تابعيه ، سواء كان ذلك الهدى والضلالة هو الذي ابتدأه ، أم كان مسبوقا إليه ، وسواء كان ذلك تعليم علم ، أو عبادة ، أو أدب ، أو غير ذلك . قوله صلى الله عليه وسلم : " فعمل بها بعده " معناه : إن سنها سواء كان العمل في حياته أو بعد موته . والله أعلم ) وقال عبدالله بن الحسن : قلت للوليد بن مسلم : ما إظهار العلم ؟ قال : إظهار السنة ، إظهار السنة .
ثانيا : ترهيب الناس من مخالفة سنة النبي صلى الله عليه وسلم وتذكيرهم بذلك :روى مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه : أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا آكُلُ اللَّحْمَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ " مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي " . وروى الترمذي عَنْ أَبِي رَافِعٍ وَغَيْرِهِ رَفَعَهُ قَالَ : ( لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ أَمْرٌ مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ )
وجاء رجل إلى الإمام مالك بن أنس رحمه الله فقال : من أين أحرم ؟ فقال : من الميقات الذي وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحرم منه ، فقال الرجل : فإن أحرمت من أبعد منه ، فقال مالك : لا أرى ذلك ، فقال : ما تكره من ذلك ؟ قال : أكره عليك الفتنة ! قال : وأي فتنة في ازدياد الخير ؟ فقال : فإن الله تعالى يقول :
(( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) [النور : 63]
وأي فتنة أعظم من أنك خصصت بفضل لم يختص به رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثالثا : أن نبين للناس أن الأعمال لا تقبل إلا إذا وافقت سنة النبي صلى الله عليه وسلم :
لما جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ " وفي رواية لمسلم : " مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ " وقد جمع الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله شروط قبول العمل فقال :
شرط قبول السعي أن يجتمعا فيه إصابةٌ وإخلاصٌ معا
للهِ ربِّ العرشِ لا سواهُ موافقَ الشرعِ الذي ارتضاه

قال النووي رحمه الله في شرحه حديث عائشة رضي الله عنها: (هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام ، وهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم فإنه صريح في رد كل البدع والمخترعات . وفي الرواية الثانية زيادة وهي أنه قد يعاند بعض الفاعلين في بدعة سبق إليها , فإذا احتج عليه بالرواية الأولى يقول : أنا ما أحدثت شيئا فيحتج عليه بالثانية التي فيها التصريح برد كل المحدثات ، سواء أحدثها الفاعل ، أو سبق بإحداثها.. وهذا الحديث مما ينبغي حفظه واستعماله في إبطال المنكرات ، وإشاعة الاستدلال به ).
رابعاً : أن يبين للناس أن المحبة للنبي صلى الله عليه وسلم تقتضي متابعته : قال تعالى : (( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) [آل عمران : 31] قال ابن كثير رحمه الله : " هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية ، فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي ، والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله وأحواله ، )
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وكتبه
:::الشيخ :محمد بن عبدالله الهبدان :::
:::والله اسأل ان ينفعنى واياكم به
ملحوظه::يمكنكم حفظ الموضوع في ملف مضغوط عن طريق الضغط على الصورة في اول الموضوع
وفقنى الله واياكم الى الخير :::


السنّه مثل سفينة نوح عليه السلام
من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق

منقول للفائدة القيّمة للموضوع
أخوكم في الله
فارس السنّة
__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11-24-2007, 07:52 PM
 
رد: غٌربة تطبيق السٌنة



وبارك الله فيكم على المرور والإضافة القيّمة
أخوكم في الله
فارس السنّة
__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11-24-2007, 07:56 PM
 
رد: غٌربة تطبيق السٌنة

رائع اخي

بارك الله فيك وجزاك عنا كل خير
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11-24-2007, 08:09 PM
 
رد: غٌربة تطبيق السٌنة



وبارك الله فيكم على المرور والإضافة القيّمة
أخوكم في الله
فارس السنّة
__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قريباًً الدورة التعليمية لتعلم نظام لينوكس -- رشح التوزيعة التي تريد تطبيق الدروس عليها -- م. أبونجم™ أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 1 08-09-2007 12:56 AM
**...(( اللهم انى صائم ))...(( أصبحت عادة بلا تطبيق ))...*** MAMDOUH أرشيف القسم الإسلامي 2005-2016 0 10-07-2006 01:20 PM


الساعة الآن 11:07 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011