<< كيان مضطرب ((الموت)) >>
انطلقت الحافلة نحوه مسعاها و كان جميع سعداء ومبتهجين ،كانت ماري مستندة على نافذه تراقب طريق، كل شيء يتحرك حولها بحرية شعرت بانها طير يحلق في فضاء واسع تمنت الا تتوقف هذه حافلة عن سير ، ولكن إزعاج من حولها كان يقطع عليها انفرادها مع نفسها وتلذذ طعم هذه لحظات مريح للنفس بصرخات وضحكات عالية، نظرت نحوهم بانزعاج وهي تقول في بالها: لم تخبرني تلك غبية بأن طلاب مدرستنا مشاركين في هذه رحلة!!
اخرجت جهاز أم بي و وضعت سماعات في أذنيها وفتحت موسيقى وهي تنظر لخارج نافذه:
Playground school bell rings again
تدق أجراس فناء المدرسة مرة أخرى
Rain clouds come to play again
سحب مليئة بالأمطار جئت مجدداً
Has no one told you she's not breathing?
هل قال لك أحداً أنها لا تتنفس؟
Hello I'm your mind giving you someone to talk to
أهلاً، أنا عقلك أعطيك شخصاً لتتحدث معه
Hello
أهلاً
If I smile and don't believe
إذا ابتسمت و لا أصدق
Soon I know I'll wake from this dream
أعرف أنى سأستيقظ قريباً من هذا الحلم
Don't try to fix me I'm not broken
لا تحاول أن تعالجني فأنا لست مكسور
Hello I'm the lie living for you so you can hide
أهلا، أنا الكذبة التي تعيش من أجلك لذا يمكنك أن تختبئ
Don't cry
لا تبكى
Suddenly I know I'm not sleeping
فجأة علمت أنى لست نائماً
Hello I'm still here
أهلاً، ما زلت هنا
All that's left of yesterday
هذا كل ما تبقى من أمس

ومن بعيد في مقعد من جانب اخر في امام كانت هناك عيون تراقبها بشغف وهيمان كل حركة لو كانت صغيرة حركت رموشها و شعرها وعينيها كأنها تحاول نحث ملامحها في عقلها ،وقف دان امامه وهو يقول: لم ارك سعيد هكذا من قبل!!

ابتسم لوكا وكانت عينيه بنيتين تلمعان سعادة وهو يقول: ارغب ان ابقى اراقبها هكذا لأبد!!

بعد فترة كانت سيارات تتسابق في طريق كأنها تركض هاربة من مدينة ،استسلمت ماري لنوم وهي متكئة على نافذة و فجاء سمعت صوت صراخ عالي ، فتحت عينيها وهي مفزوعة وهي تقول: ما الذي يحدث؟
عينيها كانتا معصوبتان لكنها شعرت ببرد يتسلل لعظامها و ظلام يطبق على صدرها ، حاولت ان تنزع عصابة ولكن يديها كانتا مقيدتين ،شعرت بخوف شديد وهي تقول: اين انا؟

سمعت صراخا مرة أخرى ، كانت تلك صراخات عالية وحادة تكاد تهز مكان وأحست بشيء دافئ يتناثر على وجهها وهي مرتعشة من رعب و تقول بصوت عالي: هل هناك احد؟ هل يسمعني أحد!!

انطلق صوت أنثوى وهي تضع يدها غلى فمها: أهدئ ارجوك!!سأخرجك من هنا!!....رفعت من على عينيها عصابة ،كانت رؤية غير واضح في بداية و بعد لحظات استطاعت ماري رؤية جيد ,كانت فتاة بعينين زرقاء بحري ووجه ابيض واذنين غريبتان وشعر بني فاتح مموج وجناحين من كرستال ملون وكأنهما جناحا فراشة ،علا وجه ماري صدمه وهي تقول في بالها: بحق سماء!!ما الذي يحدث؟ من تكون هذه غريبة ؟وما هذا مكان؟ لما أنا مقيدة؟.....أخذت تتفحص مكان حولها وهي تقول في بالها: إنه كهف!!هذا مستحيل!!...أنه كابوس أخر!!...نظرت للفتاة وهي تقول: أين انا؟ من انت؟

أخذت فتاة تفك وثاقها وهي تقول: انت محجوزة في كهف جيل يوس !!....شعرت ماري بيديها حرتان وهي تشعر بهما باردتان وكأن دماء هجرتهما .

أمسكت فتاة يدها وهي تقول: لنهرب قبل ان يعود!! ....جذبت ماري وهي تقف معها لمحت وجهها في بركة مياه على ارض ،اتسعت عينيها واصفر وجهها من صدمة وهي تقول بهستيرية: ما هذه دماء؟ من أين جاءت؟

فجاءه من ظلام قابع في عمق كهف انطلق صوت زمجرة قوية ،هزت جدران كهف وتشققت لتنهار بعض حجارة ،ارتعش جسد تلك فتاة نحيلة كغصن اخضر وهي تقول برعب شديد وبؤبؤ عينيها يدور داخل مقلتها في جميع انحاء وهي تترقب طيفا او ظل ينقض عليهما : لقد فات أوان لقد أستيقظ!!

بينما كانت ماري كتمثال حجري لا يمكنها حراك تلك زمجر جمدت جسدها وانحبس صوتها من شدة خوف وهي تحاول جاهدة سؤال: ما كان هذا!!

عندما نطقت تلك فتاة تلك كلمات صرخت ماري بقوة وهي تقول برعب: ما كان هذا صراخ!!

نظرت لها فتاة ودموع في عينيها وهي تقول: لا يجب أن تعرفي!!لا يجب ان تريه هذا!!يجب ان تعودي!!

دفعتها بقوة وكأنها عاصفة هوجاء تلقي بورقة خريف بعيدا ،اعتقدت ماري هذه نهايتها وهي طائرة في سماء ،اغلقت عينيها وهي تنتظر ارتطام في ارض ،ارتطم راسها في شيء انعم من ارض ولكنه مؤلم ،فتحت عينيها وإذا راسها يلامس ظهر مقعد الذي امامها و صراخ يملئ حافلة ،رفعت رأسها وهي تقول: ما الذي حدث؟

ردت عليها فينيسيا التي كانت بين يدي دان يحميها :سائق حافلة فقد سيطرت!!....وهي غارقة في دموع قالت بخوف شديد: سنموت!!

امسكت ماري مقعد وهي تقول في بالها: كيف لم أشعر بهذا ؟ كيف لم أشعر باهتزاز حافلة بتاتا!! أيعقل بأنه ليس حلم!!......

كانت حافلة فاقدة سيطرة كجدع تقذفه أمواج بحر هائج يمينا ويسارا وسائق يحاول سيطرت عليها وإبعادها عن سيارات اخرى ، كان جميع في حالة ذعر شديد وهم يرتمون يمينا ويسارا وكان وحش يلهو بهم بين يده ، بينما ماري لم تكن تحس بما حولها كانت محبوسة في قوقعة تساؤلات وتحاول إيجاد تفسيرات .

نظر جميع للأفق وعلموا انهم ميتون لا محالة ، تقدمت نحوهم شاحنة بنزين كبيرة !! يال هذه صدفة او يقولون يال هذه نهاية!! لقد كان يقودها في اعينهم فارس موت أسود ويركض نحوهم بسرعة فائقة ، عيناه تلمعان حمروا تان كجحيم تنادي ارواحهم لتتدلى كلألاء في سلسلته ضخمة نارية ، كم قلوبهم تخاف موت وهي متعطشة للحياة لتزال في ريعان شباب ، ارواحهم معلقة تتدرع لرب ان ينقذهم من هذا مصير!!

إلى روح واحدة تائهة تبحث عن مستقر حتى لو كانت في سلسلة حاصد أرواح لم تبالي !! تريد منزلا حتى لو كان جحيم مستعر !! ابتسمت ماري لهذا شيطان اسود وهي تنظر له بعينين اشتياق !! نعم مدت يدها نحوه وهي تتقدم طالبة خلاص!!كل مصدوم وهم متسائلون ما الذي تفعله؟ وهم يتفرجون على هذا جنون وهل هناك من يفكر في غير نفسه في لحظة موت ومن هذه عيون ناظرة مترقبة ،عين كانت مترقرقه من دموع وهي تلحق بها وتدعو رب ان يحميها !!

حدث مصير محتوم فهذه ارواح قد أشترت من قبل ما من سبيل لاسترجاعها .

ازدحمت طريق بسيارات شرطة ومطافي و إسعاف وناس بتأكيد فجميع يشعر بحزن وشفقة على هؤلاء ناس ،يال هذا قناع كاذب فجميع يشعر في قرارة نفسه بسرور لأنه لم يكن مكانهم ،فبشر ضعفاء يعتقدون عندما يموت اخرين فهم ماتوا بدلا عنهم أو ان موت يحموم في اجواء واختارهم بدل عنهم ،و لكن ملامح التي تعتلي وجههم كانت صدمة و انذهال كأنهم يرون معجزة .

فتحت ماري عينيها بصعوبة وهي تشعر بعظامها مسحوقة كأن مر عليها قطار ، نظرت على يمينها كان دماء تملئ مكان وجثث مرمية في ارجاء حافلة التي انتبهت إنها مقلوبة!!شدة على شفهها وهي تقول بحسرة في بالها: لما!! لما لا تريد اخذي؟

انطلق صوت ضحك شيطاني في ارجاء حافلة ، كان صوت موت الذي يرقص يصطاد غنائمه ثمينة ، نظرت حولها وهي تقول بصوت غاضب: سحقا لك!!أيها جبان!!دائما تهرب مني!!

أحست باختناق وكان هناك من يمسك رقبتها ،ظهر امامها ذلك فارس اسود مخيف وعينييه ملتهبتان من غضب وهو يقول: ليست خائفا منك أيتها بشرية ضعيف !! لكن لديك كثير من فرسان يحمونك؟

تركها واختفى وهو يقول: يوما ما!!سأحصد روحك!!...اخذت ضحكاته تختلط مع عبق موت ورائحة دماء منفرة!!

فجاءها وجه لوكا امامها وهو يقول: هل انت بخير ماري؟

رفعت رأسها ونظرت لذلك وجه حنطي مختلط بدماء حمراء قانية وعينيه بنيتان لماعتان وشعرت بتلك دموع ساخنة التي تنزل على جسدها بارد فتشعرها بقشعريرة ، انزعجت ماري وهي تقول ببرود: انهض !!

استغرب لوكا وهو يقول: ماذا!! .....وقف وأردف قائلا :كنت احاول حمايتك!!

جلست ماري وهي غاضبة حقا وهي تقول في بالها: فرسان إذا !!...أخذت تضحك بهستيرية ولكنها احست بقلبها الذي لمسته تلك دموع برغبة في ان يطهر روحه من أتمها، غطت عينيها بشعرها أسود وسمحت لتلك ذنوب بنزول من عينيها لتحرق خدها من شدة سخونتها ، لقد كانت تغلي منذ زمن بعيد داخل جسدها.

بعد فترة في مستشفى عام لأقرب مدينة من مكان حادث ، كانت ضجة في كل مكان صوت حزن مختلط بفرح يقاطعهما صرخات موت ومنظر دماء مختلط بدموع يتمسكا بأمل ، يال هذه سخرية هذا ما قالته ماري عندما أدخلت للمستشفى !!
نظرت حولها كم ان بشر يحبون دراما خاصة درامة الموت !! صور التي تلتقط ولقاءات ودموع وصراخ وسقوط !! لا يوجد أي شخص من هؤلاء يحس بما شعر به هؤلاء فقط هم من خضعوا الاختبار أصعب !!سحقا لك ايتها دنيا !! لسنا سوى دمى خشبية يسهل كسرها في مسرحك واسع!!

بعد فترة هدئت الممرات واختفى صوت وكأن جميع اختفوا ، فإما اموات او سيموتون او احياء جميع نام على سرير الذي أختاره له قدر ،بارد كقلب موت او لدغ كأنياب افعه او مريح كحديقة من ورود!! نظرت حولها هذه غرفة كبيرة فارغة ذكرتها ببيتها خالي ولكن يضيقها صوت هذا جهاز الذي يغرس في جسدها كأنياب ثعبان كبير يذكرها بأنها حية!!

ضغطت على شفائها وقبضت يدها وهي تقول: الجميع لديهم من ينتظرهم ولكنهم رحلوا اما انا...!!سحقا!!...ضربت بيدها على فراشها !!

قاطعها صوت أنثوى سمعته من قبل : هناك من ينتظرك؟

شعرت ماري بانزعاج وهي تقول: لقد عاد جنون مرة أخري!!

ظهرت تلك فتاة من عدم وهي تقول: هناك من ينتظرك منذ قرون !! لهذا لم يسمح لك بموت!!

تفاجأت وهي تقول بانزعاج :إذا انت من فعل ذلك؟ لما ؟لما اخبرني؟

هزت راسها وهي تقول بلطف: لم اكن انا !! الا تتذكرين!! اغمضي عينيك وتذكري!!...

اختفت من امامها كما تختفي رمال في هبوب رياح وكأنها لم يكن لها وجود !! أغلقت ماري عينيها وهي تقول: إذا هو لوكا!!...

Flash back

وقفت وهي تمد يدها وشاحنة وقود أمامهم، فجاءه توقف كل شيء حولها عن حركة صدمت ماري وهي تقول: ماذا يحدث؟

ظهر امامها شاب من عدم كانه صاعقة هبطت من سماء ،كان طويل قامة بشعر ذهبي باهت طويل وذلك معطف طويل مطرز بني لون كأنه احد نبلاء من عصر قديم ،رفع يده برقة نحو شاحنة وقود .

نظرت له ماري وهي تقول :ما الذي تفعله ؟ما هذا جنون مقدم عليه ؟من اين أتيت؟

رد عليها بصوت وقور :انت تسألين كثيرا!!

فجاءه ظهرت ملامح انذهال على وجه ماري ،كانت شاحنة وقود مرفوعة في هواء ، حرك يده نحو يمين بقوة ،وإذا بشاحنة ترمى نحو جانب طريق وكأنها ورقة ،دوى صوت انفجار كبير ، اغلقت ماري عينيها من شدة انفجار ولم تشعر بشيء بعدها!!....

Reality

فتحت ماري عينيها وملامح وجهها لا يمكن تفسيرها ، بما تحس ،بما تفكر كان قلبها وعقلها عبارة عن حفرة سوداء عميقة ، فضلت ان تنام وتنسى كل هذه امور احست بانها فوق طاقة احتمالها واستيعابها!!