عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي > روايات الأنيمي المكتملة

Like Tree1249Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 8 تصويتات, المعدل 5.00. انواع عرض الموضوع
  #406  
قديم 03-01-2015, 08:53 PM
 
كان المكان حالك الظلمة مثل الديجور، شعرت بالخوف، شعرت بأنني تائهة، ظللت أنادي و أنا في أعماق المحيط الموحش، لا أتذكر أي شئ، ماذا حدث قبل أن آتي إلى هذا المكان المظلم يا ترى؟ لا أتذكر، لا أتذكر أي شئ، أين أنا؟ لماذا أنا هنا؟ كيف وصلت هنا؟ فالينقذني أحد ما! أي أحد! لوي! أين أنت ؟!
صحيح، لوي، لحظة! تذكرت! لقد كنا في المقبرة هناك حيث مات لوكا، ظل لوي يزحف و يزحف إلى حيث صديقه، أتذكر بأنني قد ذرفت دموعاً ساخنة أسفل تلك الامطار القاسية، لكن لحظة، ما حدث بعدها، مات لوكا، عندها جاء لي مايكل، أتذكر بأنه ..بأنه.. أطلق النار علي.. لحظة! أهذا يعني بأنني ميتة الآن؟
نظرت حولي فلم ارى سوى الظلام يغطي الظلام لا أكثر و لا أقل، و كأنني في صندوق محكم الاغلاق توقف الزمان فيه، لم أكن أشعر بأطرافي أو باقي جسمي، ليس هنالك قلب ينبض،و لا عين ترمش، و لا دم يجري داخل عروقي، حتى خصلات شعري التي كانت تداعب كتفي و عنقي بإستمرار فقدت إحساسي بها، ماذا أصبحت يا ترى؟
ظللت مكاني أفكر في لا شئ، كنت أتذكر بين الحين و الآخر وجه لوي، آخر الملامح التي رأيتها قد غزت وجه، حزن صارخ كان ينبض الالم منه و هو يعانق الارض، الدم يسيل من بين عينيه و هو يصرخ وسط وابل أمطار الربيع التي كان من المفترض أن تكون باب خير لنا، لماذا حدث هذا يا ترى؟ هل كنت أنا السبب؟
صحيح، لوي؟ كيف حاله الآن؟ هل هو بخير الآن؟! لحظة، لا أعتقد بأنني أملك دافع لكي أفكر في الآخرين الآن، في البداية يجب أن أعرف ماذا حدث لي أنا، هل أنا ميتة الآن؟ أم لا أزال على قيد الحياة؟ لا أعلم، لا أعلم، لا أعلم!! شعرت بألم و حيرة فظيعان و بشكل غريب بين عرصات الظلام التي كنت أقبع فيها.
عندما وجدت بأن لا فائدة من التفكير، أخليت عقلي الذي لا أشعر فيه من الافكار و ظللت أحدق في الظلام، مع هذا، لم يفارق لوي مخيلتي، كنت قلقة، قلقة كثيراً بشأنه، ماذا حدث بعد أن نامت روحي؟ حاولت أن أفكر في نفسي أكثر، إلا انه يظهر لي من عدم.
نظرت حولي مرة اخرى و فكرت، إذا كنت ميتة، أهنا من المفترض أن تكون روحي؟ ألا يفترض أن تصعد للسماء أو ماشابه؟ لماذا أنا هنا؟ لماذا أشعر بأنني معلقة بين السماء الشاهقة و الارض العميقة المخيفة؟ لماذا أشعر بأنني على خيط أدق من حد السيف؟ أنتظر مصيري، و هو إما أعبر على الخيط أو أسقط إلى أسفل القاع المخيف المظلم وحدي.
فرغت عقلي و قلبي من هذه الاسئلة المبهمة المتكررة التي كانت تخطر بشكل مستمر طبيعي، شعرت بالهدوء و السكينة و أنا أفكر في الاخرين، على سبيل المثال، لورين! صديقتي في الثانوية، فتاة نشيطة مرحة مفعمة بالروح الفكاهية دائماً.
تذكرت عندها جاك و ليندا، أتذكر بأنها قد تزوجا، هل علاقتهما على ما يرام؟ اتمنى هذا، صحيح! كارولينا و إيان، كان آخر لقاء لهما مؤثراً جداً، كلما أتذكرهما تفيض عيناي بالدموع، صحيح! ليليان و كارل، بجانب هانتر.
لذت بجناح الصمت عندها، شعرت بالضيق للأنني كنت أحاول أن أشغل نفسي بتذكر الآخرين بدون أن أجد طريقة لنفسي للخروج من هنا.
ظللت ساكنة صامتة لفترة لا أعلم مداها، كان المكان هادئاً مظلماً لا ارى شيئاً أو أشعر بشئ، صوتي لا يخرج مهما حاولت الصراخ أو التكلم مع نفسي، الدموع لا يسمح لها بالخروج، حالة غريبة حقاُ التي كنت أشعر بها.
و أنا هكذا أصارع أفكاري الخاصة، فإذا بالمكان الذي كنت فيه يهتز بشكل مزعج و مخيف، و كأنني في بعد ما في الفضاء على وشك الانهيار، كان الامر اشبه بأسوار شاهقة الارتفاع قد بدأت بالانهيار و الانكسار.
ظل المكان يرتج هكذا و كأنه زلزال يشق الارض بين الحين و الآخر، إلى أن هدأ ذلك الزلزال بعد فترة لا أعلم كم قدرها، هدأ المكان مرة اخرى، و عدت للسكينة المخيفة التي كانت تستحوذني، أوجه قديمة تثير في نفسي حنين الذكريات، أو حزن اللحظات، أناس عرفتهم و عرفوني، أحببتهم و أحبوني.
قولوا لي، أين أنا؟ كيف أخرج من هنا؟ ليساعدني أحدهم !!
. . .
فتحت عيني بتثاقل شديد، و كأنني افتحها للأول مرة في حياتي، و كأن حياة جديدة قد بدأت لي، للأرى فوقي ضوء المصباح الذي قد جعلني اغلقها مرة اخرى، بجانبه السقف المغطى برخام أزرق، الجدران كانت مطلية باللون الابيض و الارض كانت مشمعة باللون الازرق الفاتح.
حركت رأسي بهدوء، محاولة التذكر، من أنا؟ أين انا؟ ماذا يحدث؟ كم الساعة الآن؟ فرأيت يدي مغورسة فيها ابرة تمتد إلى انبوب لكي يدخل في جسمي سائل غريب كان ينزل قطرة خلف قطرة، الاجهزة تحيطني و هي تصدر أصواتاً مزعجة، الاسلاك في كل مكان، بعد فترة من الهدوء و التفكير ربما أخذت مني خمس عشرة دقيقة كاملة أو أكثر، أنا في المستشفى ! صحيح! كنت مع لوي في المقبرة، عندها أطلق مايكل علي النار، ثم ماذا حدث؟ لا أتذكر، كل ما اتذكره بعد هذا بأنني وجدت نفسي هنا.
ظللت هكذا مرة اخرى أحدق في السقف الذي فوقي، بدأت أسمع صوت خطوات البشر الذين خارج الغرفة، و أصوات حديثهم، بكائهم و ضحكاتهم، كانت عيني نصف مفتوحة، اطرافي مشلولة لا أستطيع تحريكها، خصلات شعري كانت مسحوقة تحتي بعضها مستلقي على الوسادة معي و الآخر يغطي جبهتي، ظللت هكذا أحاول جاهدة تحريك أطرافي، أحاول في أن أعيد الحياة للأعصاب التي كانت في جسمي عبثاً، عندها حركت عيني للأرى يدي على التي كانت فوق بطني، فرأيت وردة حمراء كانت تقبع هناك، ماذا كان اسمها يا ترى؟ صحيح! شقائق النعمان! هكذا كان اسمها! لكن، لما هي هنا؟
فجأة فتح الباب، دخلت ممرضة شابة طويلة القامة، شعرها كستنائي و عينيها العسليتان كانتا تنبضان بالحياة بشكل ملفت للنظر، ما إن دخلت و هي تحمل في سجل ما، عندما رأتني تراجعت للخلف و قد بدت على وجهها ملامح الدهشة و الخوف بعض الشئ، خرجت في نفس الوقت و أنا أسمعها تنادي بصوت عال: ايها الطبيب! طبيب!
بينما أنا ظللت مكاني عاجزة عن الحركة، عندها بعد قليل من دخل كان نيكولاس و ليس الطبيب، توجه حيث كنت مستلقية و على وجه كانت تعلو معالم خوف، شوق، فرحة، صدمة، كان مزيجاً من هذه العواطف الصارخة بفرح و سرور، فإذا به فجأة قد أمسك يدي ووضع جبهته عليها، كنت ارى الدموع قد فاضت من عينيه بشكل مؤلم تعلن تحرره من إنتظار ما كنت اجهله.
عندما جاء الطبيب، أبعدت الممرضة نيكولاس عني و اخرجته خارج الغرفة، بينما الطبيب قد كان معه ممرضة اخرى، كان يجري علي فحوصات و هو لا يزال مندهشاً، أما الممرضة كانت تسجل في الملف الذي كان بحوزتها، بينما أنا لم أستطع التكلم أو تحريك عضلاتي، كل ما قدرت على فعله هو تحريك عيني يميناً و شمالاً.
بعد فترة سمعت الطبيب يقول للممرضة بإبتسامة: حالتها الصحية جيدة، يمكننا نقلها الآن إلى خارج العناية .
عندها لا أعرف ماذا حدث بالتحديد، كل ما اعرفه هو انني وجدت نفسي في غرفة مشفى عادية بعيداً عن تلك الاجهزة، كل ما بقى هو تلك الابرة المغروسة في يدي التي تمد بأنبوب إلى كيس يحتوي سائل ما، بينما أنا كنت مستلقية على السرير أحدق في السقف، شعرت بأنني أتنفس الهواء للأول مرة في حياتي، بأن قلبي ينبض للأول مرة في حياتي!
كنت أواجه مشكلة بسيطة في تحريك أطرافي حيث كانت مشلولة بشكل غريبة، بعد فترة فتح الباب فدخل الطبيب و الممرضة مع نيكولاس، تقدم الطبيب لي و قال: كيف تشعرين؟ أفضل؟
صمت للحظة ثم قلت له: حسناً، لا أعلم ماذا أقول لك لكن، أشعر بأنني ضائعة نوعاً ما.
عندها أعطتني الممرضة وردة شقائق النعمان التي كانت معي، و قالت: هذه الوردة قال لي حبيبك بأن أعطيك إياها، لابد انه كان قلقاً عليك.
فقلت متمتمة: حبيبي؟
فجأة توسعت عيني و كدت أن أعدل جلستي إلا أن قواي قد خانتني و أنا أقول: صحيح! لوي! أين هو؟
عندها هدأتني الممرضة و جعلتني أستلقي مرة اخرى، عندها قال نيكولاس للطبيب و الممرضة: المعذرة، لكن إن كانت على ما يرام، أتمانعان بتركي معها قليلاً؟ أريد التحدث معها.
إبتسم الطبيب و قال: أتفهمك، لابد انك تملك الكثير لقوله لها.
إستأذن كل من الطبيب و الممرضة ثم انصرفا، عندها جلس نيكولاس على الكرسي القريب من السرير، جعل يدي تمسك تلك الوردة أكثر و قال لي بهدوء: حسناً، لدي الكثير من الاشياء اقولها لك و لا أعرف من أين أبدأ.
ظللت أحدق فيه بهدوء، عندها تنهد و قال: كم تظنين من الوقت انه قد مضى منذ تلك الحادثة؟
نظرت له بنوع من الحيرة، وضعت يدي على رأسي و قلت: لا أعلم، أشعر بأن يوماً قد مضى، لكن..
ثم أردفت: يبدو انني مخطأة، فأنت مختلف، المكان مختلف، الهواء مختلف، كل شئ مختلف!
وضعت يدي الاخرى على رأسي، شعرت برغبة في البكاء ففاضت عيناي بعبرات حارة ساخنة قد أحرقت وجهي عندما أطلقت عواطفي لها العنان، شعرت بقلبي يعصر، لم أكن أعرف سبب تلك الدموع الحارقة، لم أكن أعلم سبب تلك النيران التي كانت تضطرم داخل جوفي، بخارها أسخن من بخار الحمم البركانية، حرارتها قد أحرقت كياني و جعلني ضائعة تائهة.
أطلقت صرخة قد دوت في المكان قد جعلت الممرضة تدخل للغرفة في عجلة، كنت أصرخ ،أصرخ، و أصرخ لكي أخرج ما في جوفي من هواجس، محاولات نيكولاس و الممرضة في تهدئتي كانت عبثاً، لا أعرف ماذا حدث لي في تلك اللحظة، و كأن السماء قد إنهارت و تهدمت فوق رأسي، شعرت بكياني يرتعش بشكل فظيع و الدموع تفيض مثل عين الماء! شعور غريب اجهله كان يتملكني، يحفزني للصراخ بشكل هستيري للأخرج ما فيني من هواجس كانت مدفونة ميتة!
عندها جاء الطبيب و هو يحمل إبرة، ثبتني كل من نيكولاس و الممرضة و أنا لا أزال أصرخ و أترنح في مكاني مثل عباب أمواج غاضبة هائجة وسط عاصفة! بينما الطبيب غرس في يدي الابرة التي شعرت مع مرور الوقت بأنها تغلق جفني بشكل لا إرادي، مثل ستار النهاية على مسرحية قد إنتهت بنهاية مفتوحة، هدأت، رجعت للإستلقاء مرة اخرى على السرير و أنا اسمع نيكولاس يسأل الطبيب: هل ستكون بخير؟
فأجابه الطبيب: نعم، لا تقلق، أغلب من يستيقظون من غيبوبة تكون هذه ردة فعلهم الاولى، إنه امر طبيعي.
إبتسم براحة، ثم إقترب مني، طبع قبلة على جبهتي ثم مسح دموعي التي كانت محفورة على وجهي و قال بإبتسامة حزينة: آسف، كاثرين.
. . .
فتحت عيني في اليوم التالي أو الذي بعده لا أعلم و لا أريد أن أعلم، ما أعلمه بأن الوقت كان صباحاً، حيث تسللت أشعة الشمس إلى غرفة المشفى التي كنت أقبع فيها، بعثت فيها ضوء حياة كانت الغرفة تفتقره، فقد كانت كئيبة و هادئة بشكل لا يطاق، حتى أنا لا أستطيع أن أتحرك، فعضلاتي أشعر بأنها متصلبة بشكل غريب و كأنني مشلولة.
نظرت بقربي فرأيت نيكولاس نائماً على الكرسي الذي بجانبي، كان مكتفاً ذراعيه و رأسه يسقط تارة و يرتفع تارة، عندها أخذت نفساً عميقاً و حاولت أن أعدل جلستي عبثاً، فنظرت للساعة التي كانت أمامي اعلى الباب، كانت تشير للساعة 8:00 صباحاً.
ثم نظرت لزهرة شقائق النعمان التي كانت فوق الطاولة الصغيرة بجانب سريري، تم وضعها في مزهية صغيرة ذات لون أبيض، قطع حبل أفكاري عندما فتح الباب ،دخلت نفس الممرضة التي كانت هنا بالامس، عندما دخلت و هي تدفع العربة التي عليها وجبات الافطار لمن في المشفى، رأتني و أنا أحدق في تلك الوردة الحمراء البريئة، فتقدمت و هي تقول: أتعرفين ماذا تعني هذه الزهرة في لغة الزهور؟
أومأت نافية، فإبتسمت و قالت: تعني الشوق و الانتظار.
لم أعلم ماذا أقول، أو بالاحرى كان عقلي فارغاً و رأسي يؤلمني، لم أكن أريد التفكير في أي شئ! وضعت وجبة الفطور على رجلي بعد أن عدلت سريري لوضعية الجلوس للأنني لا أستطيع أن أحرك نفسي، فسألتها بعد أن وضعت الفطور: المعذرة، لماذا لا أستطيع الحركة؟ و كأن عضلاتي متصلبة.
إبتسمت و قالت :آسفة، أخوك قال لي بأن لا أقول لك شيئاً، فهو يريد أن يخبرك بكل شئ بنفسه.
لم أكن أمتلك الشهية، إلا ان الممرضة قد أصرت على أن آكل، فتناولت الطعام على مضض و هي تراقبني حتى انهيته كله، ودعتني و إنصرفت، كنت على وشك أن أوقظ نيكولاس، فالاسئلة التي كانت تهاجمني لا تعد و لا تحصى! فجأة! و قبل أن أوقظه، فتح الباب و دخلت لورين و هي تجري! أمسكتني و إحتضنتني بحرارة، جاك و ليندا كانا ورائها، بينما نيكولاس قد وقع من على الكرسي بسبب دخول لورين المفاجئ! ظللت هادئة، بينما لورين كانت تبكي حتى شعرت بدموعها قد بللت قميصي.
ابعدها جاك عني و هو يقول لها بإنزعاج: دعيها !
عندها تقدمت ليندا و سألتني بقلق: هل تشعرين بأنك بخير الآن؟
اومأت بإيجاب، بعدما إستيقظ نيكولاس، ظللنا نتكلم في محادثات جانبية، عندها أخذت نفساً طويلاً للأقطع محادثاتهم تلك و سألت نيكولاس بحزم: الآن، قل لي ماذا حصل، آخر ما اتذكره عندما أطلق مايكل النار علي.
ليسألني جاك بهدوء: كم تظنين من الوقت قد مر؟
ظللت أفكر ثم قلت له: لا أعلم، ربما يوم واحد.
عندها نظر كل منهم للآخر بصمت غريب، عندها إبتسم نيكولاس على مضض و قال: حسناً، لا أعرف من أين أو كيف ابدأ الشرح لكن ..
ثم لاذ بجناح الصمت، بينما القلق كان ينمو في قلبي و جوفي، جميع الافكار المتشائمة قد زارتني في تلك اللحظة، حتى أن بعضها تفوق التفكير الطبيعي، إلى أن فتح الباب و دخلت فتاة ركضت نحوي و عانقتني، شعرها أسود طويل يصل لنصف ظهرها، وضعت يدي للأتحسس شعرها بينما هي كانت تحضنني و تبكي، ميزت صوتها، إنها ليليان.
إبتعدت عني، أخذت تحدق فيني و الدموع لا تزال في مقلتيها، بينما أنا كنت أحدق فيها، شعرها الاسود قد أصبح أطول، طريقة لبسها قد تغيرت، صوتها، مظهرها، أصبحت أكثر أنوثة من ذي قبل، فظللت أفكر و أفكر في لاشئ، كنت تائهة و حسب في مساحة تفكيري الضيقة، إلتهمتني الحيرة للأول مرة في حياتي بهذا الشكل، و كأنني قد إستيقظت من نوم عميق للأرى نفسي في عالم آخر.
قطع حبل أفكاري صوت شاب و هو يقول: ألم تلاحظيني أنا؟
نظرت له، إنه كارل، هو الآخر لا يزال كما هو، إبتسامة غريبة كانت تعلو وجه، على كل، بعد المحادثات الجانبية جلس كارل و ليليان على الكراسي التي بجانب سريري، سألتني ليليان عن حالي، حالي التي كنت اجهلها حتى، كل ما كنت اريده في تلك اللحظة هي أجوبة عن أسئلتي التي اجهلها أنا نفسي!
عندها قال كارل لنيكولاس بإبتسامة: هل سوف تقول لها أنت، أم أقول لها أنا؟
إلتزم نيكولاس الصمت معطياً كارل الاذن، عندها توسعت إبتسامته أكثر وقال لي: أتذكرين، عندما ذهبت وحدك أنت للمقبرة حيث لوكا، ثم لحق بك لوي و حدث أشياء و مشاهد عاطفية، على كل! لابد أنك تذكرين! هل تذكرين عندما أطلق مايكل النار عليك؟
نظرت له و قلت مغمغمة: لا أعرف ما تقوله لكنني أتذكر كل شئ، لذا توقف عن طرح الاسئلة البلهاء و الاجابة عليها بنفسك.
أطلق ضحكة خفيفة و قال: كنت أراقب كل ما يحدث، عندما أطلق مايكل النار عليك، هرب، بينما أنا جئت للأنقلك هنا للمشفى.
عندها قاطعته ليليان مكملة كلامه: كنت في حالة غيبوبة، مر منذ ذلك اليوم إلى يومنا هذا، سنة.
كانت كلماتها مثل السهم الذي قد إخترق تفكيري و أوقف عقلي، سنة كاملة، و أنا من كان يظن بأن ما حدث كان بالامس، حسناً، سوف أكذب لو قلت بأنني مستغربة، لكن مع هذا الدهشة كانت تغطيني وقتها، شعرت بشئ ما تغير، مع أن أشكالهم لم تتغير كثيراً إلا انني شعرت، المشفى، الاطباء، الممرضات، الهواء، كل شئ!
إبتسم كارل و قال لي: لا تبدو عليك الصدمة مثلما توقعت.
نظرت للأسفل و قلت بحزن: حسناً، ربما للأنني كنت أرافق روحاً مليئة بالالغاز لوقت طويل.
رفعت رأسي و قلت بإندفاع و قلق: إذن أين لوي الآن؟
فأجابني جاك: لوي منذ أن دخلت أنت في الغيبوبة أصبح يعتبر المشفى منزله، لم يبرح مكانه، كان ينظر لك بين الحين و الآخر، حتى انه قد فقد وعيه عدة مرات، و هناك أوقات أوقات أصبح مريضاً بسبب سوء التغذية و قلة النوم.
عندها قال كارل: كما ترين كنت اجبره على العودة للشقة في أغلب الاوقات، لكنه كان يرفض دائماً لذا كنا نجبره أنا و ليليان، لذا هو الآن في شقته يغط في نوم عميق لا أكثر، لا تقلقي، ما إن يستيقظ سوف يأتي إلى هنا.
أخذت نفساً عميقاً و تنفست الصعداء بإرتياح، عندها نظرت لنيكولاس و سألته: إذن، أين هنري؟
ظل صامتاً في البداية، لكنه أخذ نفساً و جاوبني: في بداية الامر، لم يكن لوي يريد إخباري و هنري عن ما حدث لك، لم يخبرنا إلا بعد مرور أشهر عن الحادثة.
فقال كارل بإبتسامته المعتادة: لم يقل لهما إلا عندما ألح عليه لويس بشكل كبير، حسناً، لم أكن ألومه.
ثم أردف: عندما علم نيكولاس بما حصل، جاء إلى هنا و لكم لوي لكمة قد أستقطت أحد أسنانه-
قاطعته ليليان عندما أعطته لطمة على رأسه لكي يسكت، و قالت له بغضب: لا تبالغ!
ثم قالت لي: كنت تحتاجين في ذلك الوقت لعملية زرع كلى، و لم يكن هناك أحد بيننا يتوافق معك، لذا إضطر لوي في ذلك الوقت أن يخبر أخويك، في البداية كان نيكولاس يريد أن يتبرع إلا انه كذلك لم يكن يتوافق معك، الوحيد كان هنري.
عاد القلق مرة اخرى، فسألتهم بإندفاع: هل حدث شئ لهنري !؟
فجاوبني نيكولاس فوراً :لا! كل ما في الامر انه يشعر ببعض الارهاق لذا هو تحت رعاية طبية .
شعرت في صوته شيئاً ما، و كأنه كان يريد أن يقتل القلق في نفسي فوراً، لم يكن يكذب، إلا انه كان يشعر بأنه عاجز تماماً، لذا أراد على الاقل أن يقتل القلق و التشاؤم من نفسي فوراً! أكان يشعر بالعجز و الضعف طول هذه المدة؟ أكان سرطان الندم يلتهمه طول هذه المدة؟ أكل هذا بسبب انني الوردة التي تركتها والدتها و ذبلت قبلها ؟
تجمعت العبرات في عيني و فاضت لتشق طريقها على خدي، غطيت وجهي بيدي و أنا أجهش بالبكاء، كنت اجهل سبب تلك الدموع، و هذه الحالة كانت تراودني دائماً منذ وفاة والدتي، مع أن مر على وفاتها الكثير من السنوات، إلا انني عندما أبكي بدون سبب هكذا، أشعر بأنها هي السبب.
تقدمت لورين لي و إحتضنتني، صديقتي، صديقتي الاولى، مع تلك الدموع التي كانت تفيض من عيناي إلا انني شعرت بالامان و أنا في حضنها.
إبتعدت عني بعد أن توقفت عن البكاء، ثم قالت: لقد أتيت هنا للأرى إن كنت بخير أم لا، بما أنك في كامل صحتك سوف أنصرف الآن.
ودعتني و إنصرفت، ثم تبعها جاك و ليندا اللذان قالا بأنهما سوف يذهبان للطبيب بشأن الفحص الدوري لليندا الحامل، شئ يدعو للضحك صحيح؟ تغير الناس من حولي في سنة واحدة كنت نائمة فيها لا أعلم ما يحصل حولي، كنت فقط في تلك الحفرة المظلمة وحدي أفكر، جاعلة من هم أعزاء علي يقلقون فحسب.
إنتصب كارل على ساقيه و مدد ذراعيه للأعلى و قال لليليان: بما أن كاثرين بخير، هل ننصرف نحن ايضاً؟
فقلت لهما: منذ متى و انتما مع بعضكما؟
أغمضت عينيها و إلتزمت الصمت، فأطلق كارل ضحكة خفيفة ثم إنصرف هو و ليليان بعد أن ودعاني، بقيت أنا و نيكولاس لوحدنا، كان صامتاً، و كأن ما في داخله يضج بالكلام لكنه غير قادر على الكلام، فإبتسمت و قلت له: لماذا أنت هادئ هكذا؟
أنكس رأسه و قال: أنا.. أنا آسف..
ثم أردف: أنا آسف للأنني لم أستطع فعل شئ من أجلك.
رفع رأسه فرأيت دموعاً في عينيه، كان يحترق من الداخل، بسبب عجزه؟ بسبب انه لم يفعل شئ؟ تنهدت ،مددت يدي لتمسك يده و قلت له: هل كنت بجانبي دوماً و أنا نائمة؟
توسعت عينه، ثم قلت له بهدوء: أتعلم، كل ما اتذكره بأنني كنت في مكان مظلم، شديد الظلمة، لم يكن بجانبي أي أحد، لكن، أتذكر يا نيكولاس؟ أيام الطفولة، عندما كنت تحضنني وسط الظلام، كل ما كنت تفعله هي مواساتي، احياناً كنت تسد اذني لكي لا أسمع صراخ أمي أو هنري، أتذكر كل لحظة، أتذكر دفئك و هو يغمرني عندما أستيقظ في منتصف الليل خائفة و أنا بجانبك، كلها أتذكرها، لذا، لا تلم نفسك هكذا.
العبرة التي كانت معلقة في مقلته قد سقطت على خده آنذاك، إبتسم بإرتياح ثم ربت على رأسي، إنتصب على رجله و قال: سوف أذهب للأرى هنري الآن، هل تريدين أن أحضر لك شيئاً معي؟
كنت أريد أن ارى هنري، إلا أن عضلاتي متصلبة لا تتحرك، لذا إنصرف نيكولاس من الغرفة ،ظللت وحدي، أنا مع زهرة شقائق النعمان الحمراء، كانت الرياح القادمة من النافذة تداعبها برقة، داعبت شعري كذلك، حركت الستائر ذات اللون الابيض الاصم بشكل جميل، الهدوء كان يعم المكان ،أسمع صوت أنفاسي، عقارب الساعة، أخذت نفساً عميقاً و حاولت تحريك جسدي المشلول.
حركت الجزء السفلي مني بصعوبة و جلست على حافة السرير، حركة بسيطة مثل هذه جعلتني ألتقط أنفاسي و كأنني قد أنهيت تمارين شاقة، أخذت نفساً عميقاً آخر و أمسكت أحد الكراسي التي بجانب سريري، حاولت الوقوف، لكن إنتهى بي الامر بالوقوع على وجهي بقوة! كانت صدمة قوية حيث كنت فاقدة السيطرة على عضلاتي المتصلبة، كل ما رأيته في تلك اللحظة هو قطرات دم حمراء قد سقطت من رأسي، ثم أغمضت عيني!
. . .
فتحت عيني مرة اخرى، هناك ضمادة طبية قد لفت على رأسي بإحكام، تحسستها بيدي، كان أول شخص قد وقع نظري عليه هو لوي، نعم إنه هو !كان يحدق بعينيه الجميلتان فيني، شعره الفحمي قد تدلى على جبهته، أو بالاحرى أصبح أطول من ذي قبل، لكن ما لاحظته كذلك هي هالات سوداء تحت عينيه و علامات إرهاق، خسر كثيراً من وزنه و بشرته قد فقدت رونقها، ما إن تلاقت عيني مع عينيه حتى إبتسم بهدوء، لم يذرف أي دمعة عكس البقية، لكن إبتسامته كانت كافية لتبعث السرور في نفسي مرة اخرى بعد أن هجرتها تلك المشاعر لسنة.
رفعت يدي بصعوبة لكي أصل إليه، فتناول يدي ووضعها هناك عند منتصف وجه و قبلها، فقلت له متمتمة: تكلم، قل أي شئ.
ظل ممسكاً يدي بكلتا يديه، مغمضاً عينيه قال بهدوء: شكراً، شكراً للأنك لم تتركيني مثل البقية.
سقطت دمعة على خدي، فمسحها بإصبعه ثم أبعد خصلات شعري من على وجهي بيده و قال متمتماً: مضى وقت طويل منذ أن رأيت هذه الاعين مفتوحة.
فقلت له مغيرة الموضوع: أخبرني يا لوي، هل تأكل و تنام جيداً؟ جسدك قد أصبح نحيفاً.
كانت إبتسامة تعلو محياه، ما إن أنهيت جملتي حتى أغلق عينيه بشكل لا إرادي، ألقى برأسه على حضني، فأبعدت شعره الفحمي من على وجه للأراه يغط في نوم عميق، سمعت أنفاسه الهادئة و هي تجري الغرفة، يبدو بأنه لم ينم ببال مرتاح منذ فترة، فقط غط في النوم بشكل تلقائي، و كأنه كان ينتظر رؤيتي فحسب لكي يرتاح.
أدخلت أصابعي بين خصلات شعره الفحمي الهادئة، خصلات تحمل هدوء الليل، و أعين تحمل بريق النجوم، لطالما إفتقدته، مع انه كان نائماً ،إلا انني كنت اتمنى لو تدوم تلك اللحظة إلا الابد، ففرحة اللقاء تشفي جرح مرارة الفراق.
. . .
مر شهر و أنا في المشفى، في تلك المدة كنت اتلقى رعاية طبية لعضلاتي و عظامي، لكي أتحرك بسهولة مرة اخرى، كنت مثل طفل يخطو خطواته الاولى.
خرج هنري من الرعاية الطبية لكن و هو تحت وطأ الادوية لكي لا تتدهور حالته الصحية مرة اخرى، كيفين مواصل لمسيرته الرياضية كنجم كرة سلة، كل مرة يراني فيها أشعر بأن يفتقد شئ ما، و كأنه يحاول أن يمسكني إلا انه لا يستطيع هذا.
لويس أصبح يعمل في شركة اخرى كمشرف عام أو شئ من هذا القبيل، نانسي قد تغيرت و نضجت، فهي فتاة صغيرة في سن نمو بعد كل شئ.
في أحد الايام و بعد مرور الشهر، كنت وحدي في غرفة المشفى، حيث كان نيكولاس و هنري في المنزل يأخذان قسط من الراحة بعد أن لازماني كالظل، لوي ذهب ليشتري شيئاً يأكله، كان الوقت ليلاً، الساعة 9:00، كان المكان موحشاً، في ذلك الوقت تخلو الاصوات من الممرات في الخارج، لذا شعرت بالوحشة و الخوف نوعاً ما، أو بالاحرى كنت أشعر بهذا الشعور كل مرة أكون وحدي في هذا الوقت.
أخذت نفساً عميقاً للأرتاح، إلى أن فتح الباب، كنت أعتقد بأنه لوي، لذا شعرت بالراحة، لكنني تجمدت مكاني عندما رأيته، كان آخر مشهد مر علي قبل أن تنام روحي، شعره الليلي قد وصل لكتفه و قد إزداد طولاً، ملامح وجه لم تتغير، محياه لم يتغير، إنه مايكل.
عندما رأيته تصلبت مثل الجلمود، إعتراني ذلك الخوف مرة اخرى، الخوف الذي يلتهمني في كل مرة ارى هذا الانسان، دخل إلى داخل الغرفة و أغلق الباب ورائه، حاولت أن أطلق صرخة إستغاثة إلا أن حنجرتي قد جفت فجأة! أصابني شلل في عمودي الفقري و لم أستطع الحراك!
فقال مايكل: كنت أظن بأنني قتلتك بآخر رصاصة كانت لدي، لكن من كان يتوقع بأن تعودي للحياة؟ أنك عنيدة يافتاة.
أصبت بشلل فظيع للأول مرة في حياتي و في كل أجزاء جسمي، حتى لساني و عيني، تجمدت بالفعل مثل دمية من الخزف، الخوف من الموت مرة اخرى قد أصابني بسهمه، كان اشبه بسيف قد شطر قلبي إلى نصفان! خائفة، خائفة، كنت خائفة، لهذا لم أستطع فعل أي شئ!
كل ما حدث كان في لحظة، دخوله و إغلاقه للباب، تصلبي و تحجر جسمي، لحظة إخراجه لمسدس من جيبه، كنت أظن بأنني سوف أموت هذه المرة و للأبد، إلى أن فتح الباب، دخل يجري نحو مايكل و هو يحمل سكيناً في يديه و غرسها في ظهره، تفجرت الدماء و سقط المسدس من يده، كان هانتر!
سقط مايكل على الارض يصارع الموت، حاصد الارواح الذي قد حصد روح العديد من البشر والاطفال بدافع المتعة، تحصد روحه هنا بأداة يستعملها البشر لتقطيع الطعام، أما هانتر فكان ينظر لصديقه المنهار من الاسفل، يقف بصمود و كأنه قد نجا من الموت و كبريائه لم يتزحزح و لو للحظة، ممسكاً السكين التي كان الدم يقطر منها، لكنه سرعان ما ألقاها على صديقه ،ثم قال له: كنت هنا أنتظرك، كنت أعلم بأنك سوف تأتي هنا مرة اخرى لكي تقتلها مرة اخرى، فأنا أعرفك أكثر من أي شخص.
كان مايكل لا يزال في وعيه، أطلق ضحكة غريبة و هو في آخر لحظات حياته، عندها توسعت عيني و أطلقت تلك الصرخة التي قد دوت في المكان بأكمله، كانت مسجونة في حنجرتي تصارع الخوف، الآن تحررت، و أنا أصرخ سمعت هانتر يقول لي: آسف، للأنني إستعملتك و جعلتك ترين هذا المشهد.
في لحظة، تجمع الاطباء و الممرضات في المكان، و لم يمض وقت حتى جائت الشرطة، أخذت جثة مايكل و ألقت القبض على هانتر، بينما أنا كنت أرتجف من الخوف، محاولات الممرضات في تهدئتي كانت عبثاً، إلى أن جاء لوي، وضع يده على يدي، ثم جبهته على جبهتي، كنت لا أزال أرتجف بخوف، أغمض عينيه بهدوء و قال: لا تقلقي، كل شئ بخير الآن.
لم أهدأ، إلى أن تدفقت دموع ساخنة من عينيه، لم تكن دمعة، بل مثل شخص قد تحرر من سجن، فبكى بفرح عندما إلتقى بأحبته، انها للأول مرة ارى لوي يذرف هذه الدموع، لم أعرف سببها، كل ما يفعله هو إمساك يدي، جبهته لا تزال على جبهتي، أعينه مغلقة و الدموع تشق طريقها حتى انها قد سقطت على حضني.
تذكرت في تلك اللحظة، عندما كنا في الثانوية، قال لي هذه الكلمات ذات يوم..
" عندما يسكن الهم جسداً، يقتله ببطئ و الروح لا تزال حية، يرفض بأن يرمي بعضه في دمعة أو اثنتان، لذا يا كاثرين، إلى أن يحين ذلك الوقت، أرجوك بأن تبقي بجانبي"
لم أفهم كلامه في ذلك الوقت، لكنني تذكرته عندما بكى بهدوء يضج بألم أمامي هكذا، كان الامر اشبه بأن الروح الغامضة التي بجانبي قد تخلصت من الهم في كيانها، و أنا وفيت بوعدي و بقيت بجانبه، هل كان يعلم بأن هذا سوف يحدث؟ هل كان يرى المستقبل؟
أصبحت أنا و هو في بعد مختلف تماماً عما كان يحدث في تلك الغرفة، نسيت أمر بقعة الدم التي ينظفها العمال، إنتشار رجال الشرطة في المكان، ظل هانتر و هو يختفي بعيداً، و روح مايكل و هي تغادر من الغرفة لتذهب إلى ذلك المنشود، شعرت بالطمأنينة، الراحة، بعد أن توفت أمي، ذقت مرارة اليتم منذ صغري، فارقت أخواي الوحيدان عندما وصلت للثانوية، للأقابل روحاً مجروحة، تكبل ساعديها أغلال الهموم أينما ذهبت، وحيدة اينما تذهب مع انها محاطة بكثير من البشر، لا تثق في أي أحد، رأيت في هذه الروح إنجذابي لها، لسبب ما اجهله، ليس للأنه مثلي، فأنا لست سوى شخص من بعد آخر عن الذي هو فيه، فحطمت هذا البعد و دخلت إلى قلبه، شائت الاقدار فنمت مشاعر الحب في قلبي من حيث لا أعلم، في البداية كان كل ما في تفكيري هو جعله مثل النجمة البراقة في الليل، إلا انه قد غدا مثل القمر المنير و سكن هنا، في اقصى اليسار من جسمي.
. . .
مرت خمس سنوات عن ذلك اليوم، في هذه الخمس سنوات حدثت أشياء كثيرة، الاهم بأنني عرفت بأننا قد تجاوزنا جميع المحن الذي وضعها الزمان أمامنا، كان هذا عندما رأيت لوي يذرف تلك الدموع الساخنة أمامي، واضعاً جبينه على جبيني و كأنه يريدني أن أشاركه أفكاره، أن أكون معه في عالم مختلف، فأكون أقرب إلى نبضه.
هانتر، حكم عليه بالسجن المؤبد للأنه قد تبين بأن لديه سوابق اخرى، قتله لمايكل كان بمثابة آخر شئ يفعله قبل أن يذهب وراء القضبان، كارولينا لا تزال على حالها، احياناً يذهب إيان لزيارتها، و هو الآخر قد غدا عازف كمان عبقري.
آه، جاك و ليندا، كونا عائلة مؤخراً، جاك قد نمت في قلبه مشاعر إنجذاب لليندا اخيراً، لهذا، البشر يقعون في الحب أكثر من مرة.
لورين تواصل عملها في الصيدلية، تأتي لي احياناً للهو و الخروج معها، ليليان، أصبحت ملازمة لكارل، لا أدري إن كانت تكن له مشاعر أم ماذا، إلا انها قد تغيريت منذ أن رأيتها أول مرة، أصبحت ترتدي ملابس للنساء و تضع مساحيق التجميل، تأتي لي احياناً للهو مثل لورين، إلا انها تعيش وحدها في شقة، و تمضي أغلب أوقاتها مع كارل.
شئ آخر، تم إعادة بناء القصر الذي كان يسكن فيه لوي و الآخرون، فذهبت هناك معه، بجانب لويس و زوجته الجديدة، مع نانسي و كيفين، حتى أن نيكولاس و هنري أصبحا يعيشان معنا.
تعرف لويس على زوجته التي تكون زميلة له في العمل، نانسي قد أصبحت في سن الثالث عشر ربيعاً، تغيرت، أخذت جمال والدتها التي قد ذهبت إلى مكان نجهله، صفات كيفين و بعضاً من ذكاء والدها و لوي، غدت حياتها أكثر إشراقاُ بعدما تعرفت على صديقات جدد لها في المدرسة.
كيفين، لم يتغير هذا الشخص مطلقاً، حاولت أن اكلمه يوماً بشأن الزواج و تكوين حياة خاصة له هو الآخر، لكنه رفض الموضوع و قال بأنه يريد أن يواصل مسيرته كلاعب كرة سلة فقط لينشهر عالمياً لا غير.
نيكولاس، وجد له عملاً كمعلم في مدرسة إبتدائية، هنري، في أغلب الاوقات كان ملازماً للفراش إلا انه كان يتحرك بشكل أكثر من الرقود هناك، احياناً أشعر بالندم للأنني السبب في كونه يعاني من المرض في أغلب الاوقات إلا انه كان يعاتبني عندما أشعر هكذا.
أنا، ماذا تتوقعون؟ ما إن خرجت من المشفى، إنتظرت بضع أشهر حتى تعود عضلاتي لوضعها الطبيعي و تزوجت لوي، في البداية لاقيت رفضاً من عند نيكولاس، لكنه كان رفضاً إيجابياً بعد كل شئ.
أصبح لي طفلان، ولد و فتاة، الولد يدعى "نيكولاس" مثل اسم خاله، لديه أعين لوي ووالدته، أي بالاحرى جدته، في البداية نفر لوي منه عندما رأى لون عينيه، فهو و لحد الآن يكره لون عينيه الغريب الذي ورثها من عند والدته، يعتبرها مثل وصمة العار، لكنه سرعان ما إقترب منه، يبلغ من العمر الآن خمس سنوات تقريباً، لديه معالم جدته لوكا بشكل غريب و ملاحظ، شعره فحمي مثل لوي، لكن شخصيته كانت أقرب لي أنا، حيث كان قليل الكلام، جبان، لكنه طيب القلب، يذكرني بنفسي في أيام الطفولة، لهذا كنت أنجذب له خصوصاً عندما يخاف، أما بشأن علاقته مع لوي، كانت شبه معدومة، لسبب ما اجهله ،يخاف منه، ربما بسبب النظرات الحادة التي يملكها؟ أو قلة خبرته مع الاطفال؟ أو بسبب كلامه غير المفهوم؟
على كل، الفتاة تدعى "مارجريت"، بالاختصار "ماغي"، سماها لوي بعد أن إقترح كيفين عليه الفكرة، تحمل نفس اسم والدته، تبلغ من العمر ثلاث سنوات، شعرها أشقر و أعينها مثل لوي كذلك، لكنها كانت واسعة بشكل غريب مما جعل إختلاف الالوان يظهر بشكل ملفت للنظر، حتى عندما أخرج بها للخارج تكون محط الانظار، مع انها تبلغ ثلاث سنوات فقط، إلا أن شخصيتها قوية مثل لوي، فمع انها الاصغر إلا انها تجعل نيكولاس يبكي في أغلب الاوقات، عندما ترى أي شئ أمامها بعد أن يغضبها شخص ما، تأخذه و ترميه عليه، حتى انها قد قذفت صحن زجاجياً على وجه كيفين! و لعبة سيارة على وجه نيكولاس! مع أن شخصيتها كانت بين نيكولاس و لوي، إلا انها كانت لا تتوافق مع هاذان الاثنان بالذات، تنسجم معي و مع نانسي فقط.
غريب صحيح؟ الآن بعد هذه السنوات نحن مثل أي عائلة طبيعية، من يكون يتوقع بأن بعد كل ما مررنا به أنا ولوي من تجارب و مغامرات بأن نعود للإنسانيتنا؟ بعضها تجارب مميتة، مشاهد مرعبة، لحظات فراق تفطر القلوب، لحظات تشعر فيها بأنك على حافة المنية، هواجس قد أثقلت القلوب، و أصوات لم تصل.
كنت في حديقة القصر أفكر و بدهشة، كيف تتلاعب الاقدار في مصير الانسان؟ تارة ترفعه و تارة تدفنه، كان هناك رواية بعنوان "طفل اسمه نكرة"، كنا نحن، نحن نكرة، قبل أن يعترف بنا القدر و نغدو مثل أي إنسان طبيعي، مثلنا مثل الطفل الذي في الرواية.
أغلقت تلك الرواية بعد أن إنتهيت من قرائها للمرة الخامسة، فقطع حبل أفكاري صوت نيكولاس و هو يبكي، إلتفت له فرأيته يجري نحوي و دموع الطفولة على وجنتيه، فمسحت الدموع بإصبعي من على خده و سألته عن ماذا حدث مع انني كنت أعلم، فقد رأيته واضعاً يده على رأسه و يبكي، عندها بلحظات جاء لوي و هو يحمل ماغي، كانت تسحب خصلات شعره السوداء بأحد يديها، و اليد الاخرى كانت تسحب خده بينما المصاصة لا تزال في فمها.
تقدم لوي لي و هو بهذه الوضعية و قال كاظماً غضبه: ألا يمكنك فعل شئ لهذه الشقية؟ قذفت لويس بالحذاء على وجه بعدما أخذ من عندها شوكة طعام كانت تلعب بها، ثم ذهبت و ضربت أخاها بعصا البيسبول الخاص به على رأسه متعمدة بدون سبب!
أطلقت ضحكة خفيفة، ثم تناولت ماغي من عند والدها، مع هذا لم تترك شعره إلا بعد ما سحبه لوي، جلست على حضني، عندها نظر لوي لنيكولاس الصغير و قال له :و أنت إلى ماذا تنوي أن تبكي؟ الرجال لا يبكون!
بعدها بفترة جاء كيفين و هو يحمل كرة سلة، نادى نيكولاس ليأتي و يلعب معه، فذهب هو الآخر، ظللت أنا ولوي مع ماغي، رفعت يدها الصغيرة فأخذت تتلمس خصلات شعري بنعومة على عكس لوي، فأخذت أنظر لها بنوع من الحنين، عندها سألني لوي: ما الخطب؟
حركت رأسي بخفة و قلت أنا أحتضنها: لاشئ، كل ما في الامر بأنني اتمنى بأن يعيشوا حياة طبيعية.
ظل يحدق، ثم نزل على ركبتيه، أمسك يدي و قبلها، ثم أمسكها بيده و قال بثبات: لا أمانع لو ظللت في ذلك الليل إلى الابد، فقد كان يحمل نجمة معه كانت تضئ حياتي.
قال لي، بأنني كنت بمثابة المنقذ على آخر لحظة، عندما كان يوشك على أن يسقط ذلك الكرسي الذي تحت قدماه ليتدلى جسده الهامد بعدها من الحبل المحزوز في رقبته، كنت أنا من قطع هذا الحبل، جاهلاً بأنه كان مفتاح قلبي.
Baka-, alaastar, "Naro" and 4 others like this.
__________________
.
.
،*
Laugh until tomorrow ♡
رد مع اقتباس
  #407  
قديم 03-01-2015, 09:00 PM
 
اللهم صلي على محمد و آل محمد
السلآم عليكم
احم احم، طبعاً أنهيت الرواية ع خير بـ 36 فصل" class="inlineimg" />
ثالث رواية لي، من وجهة نظري هي أحسن وحدة بين الثلآثحب8
إلي قرأ رواياتي السابقة يخبرني إذا كان هو بعد رايه جذي" class="inlineimg" />
تعلقت بالشخصيات فعلاً!خصوصاً لويحب7حب7
بيوحشني
اريقاااتو على الرودود و تشجيعكم يا متابعيي! سواء كملت الرواية للأخير أو لا
فعلاً مشكورين! فرحتوني و شجعتوني
روايتي الرابعة يصير خير عليها، للأن الحين مدرسة و أنا اصلا ما رتبت أفكاري:kesha:
المهم شنو رايكم بالنهاية؟ و احلى الشخصيات عدكم؟ و احلى جزء بالرواية؟
اسئلة واجد عندي، على العموم
إلى اللقاء في رواية ثانية إن شاء الله" class="inlineimg" />
الحقوق محفوظة و ما أحلل النقل بدون ذكر المصدر!
__________________
.
.
،*
Laugh until tomorrow ♡
رد مع اقتباس
  #408  
قديم 03-01-2015, 09:37 PM
 
حجز
لاااا باقي عندي كلام كثير ما كتبه هنا
ليه الفصل الأخير أنا متعلقة بالرواية واااااااجد
ي حسرتهاا ي حسرتهاا
كنت احسب ان عاد فيه على الأقل بارتين
وانا ووجهي دايما ردوديحجزززززز (:2
يله انتظري ردي 2:"(
"من ذلحين حزينة "(
#لا-حد-يكلمني

آسف
R i m a#! and KEMOCHI like this.
__________________
إعتزال

التعديل الأخير تم بواسطة شمس راكبه جمس ; 03-01-2015 الساعة 09:49 PM
رد مع اقتباس
  #409  
قديم 03-01-2015, 10:37 PM
 
...
R i m a#! and KEMOCHI like this.
__________________
لست هنا
رد مع اقتباس
  #410  
قديم 03-02-2015, 01:06 AM
 
حجز اسطوري
R i m a#! and KEMOCHI like this.
__________________





مدونتي >>

^




رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أحبگ بقلمي خـبـلات لـلابـد❤ نثر و خواطر .. عذب الكلام ... 7 07-23-2012 09:32 PM
فَمَا طَمَعِي في صَالِحٍ قَدْ عَمِلْتُه/ الامام علي بن أبي طالب فــهــد أحمـد الــحقيـل قصائد منقوله من هنا وهناك 2 04-09-2010 02:41 PM
لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا حمزه عمر نور الإسلام - 1 12-07-2009 11:31 AM


الساعة الآن 08:21 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011