عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-10-2013, 12:01 AM
 
ادواء الاخلاق الفاسدة ومداواتها الجزءالسادس

حمد الله خير ما افتتح به القول واختتم، وابتدئ به الخطاب وتمم والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم وبعد . قال الامام ابن حزم رحمه الله
لا تسلم عدوك لظلم ولا تظلمه، وساو في ذلك بينه وبين الصديق، وتحفظ منه، وإياك وتقريبه وإعلاء قدره، فإن هذا من فعل النوكى. من ساوى بين عدوه وصديقه في التقريب والرفعة، فلم يزد على أن زهد الناس في مودته، وسهل عليهم عداوته، ولم يزد على استخفاف عدوه له، وتمكنه من مقاتله، وإفساد صديقه على نفسه، وإلحاقه بجملة أعدائه.
غاية الخير، أن يسلم عدوك من ظلمك ومن تركك إياه للظلم، وأما تقريبه فمن شيم النوكى الذين قد قرب منهم التلف. وغاية الشر، أن يسلم صديقك من ظلمك، وأما إبعاده فمن فعل من لا عقل له. ومن كتب عليه الشقاء. ليس الحلم تقريب الأعداء، ولكنه مسالمتهم مع التحفظ منهم.
كم رأينا من فاخر بما عنده من المتاع فكان ذلك سبباً لهلاكه، فإياك وهذا الباب الذي هو ضر محض، لا منفعة فيه أصلاً.
كم شاهدنا ممن أهلكه كلامه، ولم نر قط أحداً ولا بلغنا أنه أهلكه سكوته، فلا تتكلم إلا بما يقربك من خالقك، فإن خفت ظالماً فاسكت.
قلما رأيت أمراً أمكن فضيع، إلا فات فلم يمكن بعد.
محن الإنسان في دهره كثيرة، وأعظمها محنته بأهل نوعه من الإنس.
داء الإنسان بالناس، أعظم من دائه بالسباع الكلبة، والأفاعي الضارية، لأن التحفظ من كل ما ذكرنا ممكن، ولا يمكن التحفظ من الإنس أصلاً.
الغالب على الناس النفاق، ومن العجب أنه لا يجوز مع ذلك عندهم إلا من نافقهم.
لو قال قائل إن في الطبائع كرية لأن أطراف الأضداد تلتقي لم يبعد من الصدق. وقد نجد نتائج الأضداد تتساوى: فنجد المرء يبكي من الفرح ومن الحزن، ونجد فرط المودة يلتقي مع فرط البغضة في تتبع العثرات. وقد يكون ذلك سبباً للقطيعة عند عدم الصبر والإنصاف.
كل من غلبت عليه طبيعة ما فإنه وإن بلغ الغاية من الحزم والحذر مصروع إذا كويد من قبلها.
كثرة الريب تعلم صاحبها الكذب لكثرة ضرورته إلى الاعتذار بالكذب، فيضرى عليه ويستسهله.
أعدل الشهود على المطبوع على الصدق: وجهه، لظهور الاسترابة عليه إن وقع في كذبه أو هم بها. وأعدل الشهود على الكذاب: لسانه، لاضطرابه، ونقض بعض كلامه بعضاً.
المصيبة في الصديق الناكث، أعظم من المصيبة به.
أشد الناس استعظاماً للعيوب بلسانه هو أشدهم استسهالاً لها بفعله، ويتبين ذلك في مسافهات أهل البذاء، ومشاتمات الأرذال البالغين غاية الرذالة من الصناعات الخسيسة من الرجال والنساء، كأهل التعيش بالزمر، وكنس الحشوش، والخادمين في المجازر، وكساكني دور الجمل المباحة لكراء الجماعات، والساسة للدواب، فإن كل من ذكرنا أشد الخلق رمياً من بعضهم بالقبائح، وأكثرهم عيباً بالفضائح، وهم أوغل الناس فيها وأشرههم بها.
اللقاء يذهب بالسخائم، فكأن نظر العين للعين يصلح القلوب، فلا يسؤك التقاء صديقك بعدوك، فإن ذلك يفتر أمره عنده.
أشد الأشياء على الناس الخوف والهم والمرض والفقر، وأشدها كلها إيلاماً للنفس، الهم للفقد من المحبوب، وتوقع المكروه، ثم المرض، ثم الخوف، ثم الفقر. ودليل ذلك أن الفقر يستعجل ليطرد به الخوف، فيبذل المرء ماله كله ليأمن، والخوف والفقر يستعجلان ليطرد بهما ألم المرض، فيغرر الإنسان في طلب الصحة، ويبذل ماله فيها إذا أشفق من الموت، ويود عند تيقنه به لو بذل ماله كله ويسلم ويفيق. والخوف يستسهل ليطرد به الهم، فيغرر المرء بنفسه ليطرد عنها الهم. وأشد الأمراض كلها ألماً، وجع ملازم في عضو ما بعينه. وأما النفوس الكريمة فالذي عندها أشد من كل ما ذكرنا، وهو أسهل المخوفات عند ذوي النفوس اللئيمة ومما قلته في الأخلاق:
إنما العقل أساس ... فوقه الأخلاق سور
فحلي العقل بالعلم ... وإلا فهو بور
جاهل الأشياء أعمى ... لا يرى كيف يدور
وتمام العلم بالعد ... ل وإلا فهو زور
وزمام العدل بالج ... ود وإلا فيجور
وملاك الجود بالنج ... دة والجبن غرور
عف إن كنت غيو ... راً ما زنى قط غيور
وكمال الكل بالتقوى ... وقول الحق نور
ذي أصول الفضل عنها ... حدثت بعد البذور
ومما قلته أيضاً:
زمام أصول جميع الفضائل ... عدل وفهم وجود وبأس
فمن هذه ركبت غيرها ... فمن حازها فهو في الناس راس
كذا الرأس فيه الأمور التي ... بإحساسها يكشف الالتباس
والى غد ان شاء الله سناتي على ذكر غرائب أخلاق النفس

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ادواء الاخلاق الفاسدة ومداواتها الجزءالخامس mohamed_atri نور الإسلام - 0 11-08-2013 01:42 AM
ادواء الاخلاق الفاسدة ومداواتها الجزء الرابع mohamed_atri نور الإسلام - 0 11-07-2013 01:36 AM
ادواء الاخلاق الفاسدة ومداواتها الجزء الثاني mohamed_atri نور الإسلام - 2 11-06-2013 01:27 AM
ادواء الاخلاق الفاسدة ومداواتها الجزء الثالث mohamed_atri نور الإسلام - 0 11-04-2013 01:06 AM
أدواء الأخلاق الفاسدة ومداواتها mohamed_atri نور الإسلام - 3 11-02-2013 01:47 AM


الساعة الآن 10:31 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011