عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيــون الأقسام العلمية > شخصيات عربية و شخصيات عالمية

شخصيات عربية و شخصيات عالمية شخصيات عربية, شخصيات عالمية, سير الأعلام.

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #6  
قديم 09-24-2007, 05:27 PM
 
رد: بين يدى محمود درويش

من ديوان لماذا تركت الحصان وحيداً :

في يدي غيمة

البئر

تعاليم حورية

ليل يفيض من الجسد

عندما يبتعد













في يدي غيمة

أسرجوا الخيل،

لا يعرفون لماذا،

ولكنّهم أسرجوا الخيل في السهل

... كان المكان معدًّا لمولده: تلّةً

من رياحين أجداده تتلفّت شرقًا وغربًا. وزيتونةً

قرب زيتونةٍ في المصاحف تعلي سطوح اللغة...

ودخانًا من اللازورد يؤثّث هذا النهار لمسألةٍ

لا تخصّ سوى الله. آذار طفل

الشهور المدلّل. آذار يندف قطنًا على شجر

اللوز. آذار يؤلم خبّيزةً لفناء الكنيسة.

آذار أرضٌ لليل السّنونو، ولامرأةٍ

تستعدّ لصرختها في البراري... وتمتدّ في

شجر السنديان.

يولد الآن طفلٌ،

وصرخته،

في شقوق المكان

افترقنا على درج البيت. كانوا يقولون:

في صرختي حذرٌ لا يلائم طيش النباتات،

في صرختي مطرٌ; هل أسأت إلى إخوتي

عندما قلت إني رأيت ملائكةً يلعبون مع الذئب

في باحة الدار? لا أتذكّر

أسماءهم. ولا أتذكّر أيضًا طريقتهم في

الكلام... وفي خفّة الطيران

أصدقائي يرفّون ليلاً، ولا يتركون

خلفهم أثرًا. هل أقول لأمّي الحقيقة:

لي إخوةٌ آخرون

إخوةٌ يضعون على شرفتي قمرًا

إخوةٌ ينسجون بإبرتهم معطف الآقحوان

أسرجوا الخيل،

لا يعرفون لماذا،

ولكنهم أسرجوا الخيل في آخر الليل

... سبع سنابل تكفي لمائدة الصيف.

سبع سنابل بين يديّ. وفي كل سنبلةٍ

ينبت الحقل حقلاً من القمح. كان

أبي يسحب الماء من بئره ويقول

له: لا تجفّ. ويأخذني من يدي

لأرى كيف أكبر كالفرفحينة...

أمشي على حافّة البئر: لي قمران

واحدٌ في الأعالي

وآخر في الماء يسبح... لي قمران

واثقين، كأسلافهم، من صواب

الشرائع... سكّوا حديد السيوف

محاريث. لن يصلح السيف ما

أفسد الصّيف - قالوا. وصلّوا

طويلاً. وغنّوا مدائحهم للطبيعة...

لكنهم أسرجوا الخيل،

كي يرقصوا رقصة الخيل،

في فضّة الليل...

تجرحني غيمةٌ في يدي: لا

أريد من الأرض أكثر من

هذه الأرض: رائحة الهال والقشّ

بين أبي والحصان.

في يدي غيمةٌ جرحتني. ولكنني

لا أريد من الشمس أكثر

من حبّة البرتقال وأكثر من

ذهبٍ سال من كلمات الأذان

أسرجوا الخيل،

لا يعرفون لماذا،

ولكنهم أسرجوا الخيل

في آخر الليل، وانتظروا

شبحًا طالعًا من شقوق المكان...




البئر

أختار يومًا غائمًا لأمرّ بالبئر القديمة.

ربّما امتلأت سماءً. ربّما فاضت عن المعنى وعن

أمثولة الراعي. سأشرب حفنةً من مائها.

وأقول للموتى حواليها: سلامًا، أيّها الباقون

حول البئر في ماء الفراشة! أرفع الطّيّون

عن حجرٍ: سلامًا أيها الحجر الصغير! لعلّنا

كنّا جناحي طائرٍ ما زال يوجعنا. سلامًا

أيها القمر المحلّق حول صورته التي لن يلتقي

أبدًا بها! وأقول للسّرو: انتبه ممّا يقول

لك الغبار. لعلّنا كنا هنا وتري كمانٍ

في وليمة حارسات اللازورد. لعلّنا كنّا

ذراعي عاشقٍ...

قد كنت أمشي حذو نفسي: كن قويًّا

يا قريني، وارفع الماضي كقرني ماعزٍ

بيديك، واجلس قرب بئرك. ربّما التفتت

إليك أيائل الوادي ... ولاح الصوت -

صوتك- صورةً حجريّةً للحاضر المكسور...

لم أكمل زيارتي القصيرة بعد للنسيان...

لم آخذ معي أدوات قلبي كلّها:

جرسي على ريح الصنوبر

سلّمي قرب السماء

كواكبي حول السطوح

وبحّتي من لسعة الملح القديم...

وقلت للذكرى: سلامًا يا كلام الجدّة العفويّ

يأخذنا إلى أيّامنا البيضاء تحت نعاسها...

واسمي يرنّ كليرة الذّهب القديمة عند

باب البئر. أسمع وحشة الأسلاف بين

الميم والواو السحيقة مثل وادٍ غير ذي

زرعٍ. وأخفي ثعلبي الوديّ. أعرف أنني

سأعود حيًّا، بعد ساعاتٍ، من البئر التي

لم ألق فيها يوسفًا أو خوف إخوته

من الأصداء. كن حذرًا! هنا وضعتك

أمّك قرب باب البئر، وانصرفت إلى تعويذةٍ...

فاصنع بنفسك ما تشاء. صنعت وحدي ما

أشاء: كبرت ليلاً في الحكاية بين أضلاع

المثلّث: مصر، سوريّا، وبابل. ههنا

وحدي كبرت بلا إلهاتٍ الزراعة.

[كنّ يغسلن الحصى في غابة الزيتون. كنّ مبلّلاتٍ بالندى]...

ورأيت أنّي قد سقطت

عليّ من سفر القوافل، قرب أفعى. لم

أجد أحدًا لأكمله سوى شبحي. رمتني

الأرض خارج أرضها، واسمي يرنّ على خطاي

كحذوة الفرس: اقترب ... لأعود من هذا

الفراغ إليك يا جلجامش الأبديّ في اسمك!..

كن أخي! واذهب معي لنصيح بالبئر

القديمة... ربما امتلأت كأنثى بالسماء،

وربّما فاضت عن المعنى وعمّا سوف

يحدث في انتظار ولادتي من بئري الأولى!

سنشرب حفنةً من مائها،

سنقول للموتى حواليها: سلامًا

أيها الأحياء في ماء الفراش،

وأيّها الموتى، سلامًا! .





تعاليم حورية

فكّرت يومًا بالرحيل، فحطّ حسّونٌ على يدها ونام.

وكان يكفي أن أداعب غصن داليةٍ على عجلٍ...

لتدرك أنّ كأس نبيذي امتلأت.

ويكفي أن أنام مبكّرًا لترى منامي واضحًا،

فتطيل ليلتها لتحرسه...

ويكفي أن تجيء رسالةٌ منّي لتعرف أنّ عنواني تغيّر،

فوق قارعة السجون، وأنّ

أيّامي تحوّم حولها... وحيالها

أمّي تعدّ أصابعي العشرين عن بعدٍ.

تمشّطني بخصلة شعرها الذهبيّ.

تبحث في ثيابي الداخليّة عن نساءٍ أجنبيّاتٍ،

وترفو جوريي المقطوع.

لم أكبر على يدها كما شئنا:

أنا وهي، افترقنا عند منحدر الرّخام... ولوّحت سحبٌ لنا،

ولماعزٍ يرث المكان.

وأنشأ المنفى لنا لغتين:

دارجةً... ليفهمها الحمام ويحفظ الذكرى،

وفصحى... كي أفسّر للظلال ظلالها!

ما زلت حيًّا في خضمّك.

لم تقولي ما تقول الأمّ للولد المريض.

مرضت من قمر النحاس على خيام البدو.

هل تتذكرين طريق هجرتنا إلى لبنان،

حيث نسيتني ونسيت كيس الخبز [كان الخبز قمحيًّا].

ولم أصرخ لئلاّ أوقظ الحرّاس.

حطّتني على كتفيك رائحة الندى.

يا ظبيةً فقدت هناك كناسها وغزالها...

لا وقت حولك للكلام العاطفيّ.

عجنت بالحبق الظهيرة كلّها.

وخبزت للسّمّاق عرف الديك.

أعرف ما يخرّب قلبك المثقوب بالطاووس،

منذ طردت ثانيةً من الفردوس.

عالمنا تغيّر كلّه، فتغيّرت أصواتنا.

حتّى التحيّة بيننا وقعت كزرّ الثوب فوق الرمل،

لم تسمع صدًى.

قولي: صباح الخير!

قولي أيّ شيء لي لتمنحني الحياة دلالها.

هي أخت هاجر.

أختها من أمّها.

تبكي مع النايات موتى لم يموتوا.

لا مقابر حول خيمتها لتعرف كيف تنفتح السماء،

ولا ترى الصحراء خلف أصابعي لترى حديقتها على وجه السراب،

فيركض الزّمن القديم

بها إلى عبثٍ ضروريٍّ:

أبوها طار مثل الشركسيّ على حصان العرس.

أمّا أمّها فلقد أعدّت،

دون أن تبكي، لزوجة زوجها حنّاءها،

وتفحّصت خلخالها...

لا نلتقي إلاّ وداعًا عند مفترق الحديث.

تقول لي مثلاً: تزوّج أيّة امرأة من

الغرباء، أجمل من بنات الحيّ.

لكن، لا تصدّق أيّة امرأة سواي.

ولا تصدّق ذكرياتك دائمًا.

لا تحترق لتضيء أمّك، تلك مهنتها الجميلة.

لا تحنّ إلى مواعيد الندى.

كن واقعيًّا كالسماء.

ولا تحنّ إلى عباءة جدّك السوداء،

أو رشوات جدّتك الكثيرة،

وانطلق كالمهر في الدنيا. وكن من أنت حيث تكون.

واحمل عبء قلبك وحده...

وارجع إذا اتّسعت بلادك للبلاد وغيّرت أحوالها...

أمّي تضيء نجوم كنعان الأخيرة،

حول مرآتي،

وترمي، في قصيدتي الأخيرة، شالها! .





ليل يفيض من الجسد



ياسمينٌ على ليل تمّوز، أغنيّةٌ

لغريبين يلتقيان على شارعٍ

لا يؤدّي إلى هدفٍ ...

من أنا بعد عينين لوزيّتين? يقول الغريب

من أنا بعد منفاك فيّ? تقول الغريبة.

إذن، حسنًا، فلنكن حذرين لئلا

نحرّك ملح البحار القديمة في جسدٍ يتذكّر...

كانت تعيد له جسدًا ساخنًا،

ويعيد لها جسدًا ساخنًا.

هكذا يترك العاشقان الغريبان حبّهما فوضويًّا،

كما يتركان ثيابهما الداخليّة بين زهور الملاءات...

- إن كنت حقًا حبيبي، فألّف

نشيد أناشيد لي، واحفر اسمي

على جذع رمّانةٍ في حدائق بابل...

- إن كنت حقًا تحبّينني، فضعي

حلمي في يديّ. وقولي له، لابن مريم،

كيف فعلت بنا ما فعلت بنفسك،

يا سيّدي? هل لدينا من العدل ما سوف

يكفي ليجعلنا عادلين غدًا?

- كيف أشفى من الياسمين غدًا?

- كيف أشفى من الياسمين غدًا?

يعتمان معًا في ظلالٍ تشعّ على

سقف غرفته: لا تكن معتمًا

بعد نهديّ - قالت له ...

قال: نهداك ليلٌ يضيء الضروريّ

نهداك ليلٌ يقبّلني. وامتلأنا أنا

والمكان بليلٍ يفيض من الكأس ...

تضحك من وصفه. ثم تضحك أكثر

حين تخبّئ منحدر الليل في يدها...

- يا حبيبي، لو كان لي

أن أكون صبيًّا... لكنتك أنت

- ولو كان لي أن أكون فتاةً

لكنتك أنت!...

وتبكي، كعادتها، عند عودتها

من سماءٍ نبيذيّة اللون: خذني

إلى بلدٍ ليس لي طائرٌ أزرقٌ

فوق صفصافة يا غريب!

وتبكي، لتقطع غاباتها في الرحيل

الطويل إلى ذاتها: من أنا?

من أنا بعد منفاك في جسدي?

آه منّي، ومنك، ومن بلدي

- من أنا بعد عينين لوزيّتين?

أريني غدي!...

هكذا يترك العاشقان وداعهما

فوضويًّا، كرائحة الياسمين على ليل تمّوز...

في كلّ تمّوز يحملني الياسمين إلى

شارع، لا يؤدّي إلى هدفٍ،

بيد أني أتابع أغنيّتي:

ياسمينٌ على ليل تمّوز......



عندما يبتعد

للعدوّ الذي يشرب الشاي في كوخنا فرسٌ في الدخان.

وبنتٌ لها حاجبان كثيفان.

عينان بنّيتان.

وشعرٌ طويلٌ كليل الأغاني على الكتفين.

وصورتها لا تفارقه كلّما جاءنا يطلب الشاي.

لكنّه لا يحدّثنا عن مشاغلها في المساء،

وعن فرسٍ تركته الأغاني على قمّة التلّ...

... في كوخنا يستريح العدوّ من البندقيّة،

يتركها فوق كرسيّ جدّي.

ويأكل من خبزنا مثلما يفعل الضيف.

يغفو قليلاً على مقعد الخيزران.

ويحنو على فرو قطّتنا.

ويقول لنا دائمًا:

لا تلومو الضحيّة!

نسأله: من هي?

فيقول: دمٌ لا يجفّفه الليل.../

... تلمع أزرار سترته عندما يبتعد

عم مساءً! وسلّم على بئرنا

وعلى جهة التين. وامش الهوينى على

ظلّنا في حقول الشعير. وسلّم على سرونا

في الأعالي. ولا تنس بوّابة البيت مفتوحةً

في الليالي. ولا تنس خوف الحصان من الطائرات،

وسلّم علينا، هناك إذا اتّسع الوقت.../

هذا الكلام الذي كان في ودّنا

أن نقول على الباب... يسمعه جيّدًا

جيّدًا، ويخبّئه في السّعال السريع

ويلقي به جانبًا.

فلماذا يزور الضحيّة كلّ مساءٍ?

ويحفظ أمثالنا مثلنا،

ويعيد أناشيدنا ذاتها،

عن مواعيدنا ذاتها في المكان المقدّس?

لولا المسدس

لاختلط الناي في الناي ...

... لن تنتهي الحرب ما دامت الأرض فينا تدور على نفسها!

فلنكن طيّبين إذًا. كان يسألنا أن نكون هنا طيّبين.

ويقرأ شعرًا لطيّار (ييتس):

أنا لا أحبّ الذين أدافع عنهم،

كما أنني لا أعادي الذين أحاربهم...

ثم يخرج من كوخنا الخشبيّ،

ويمشي ثمانين مترًا إلى

بيتنا الحجريّ هناك على طرف السّهل.../

سلّم على بيتنا يا غريب.

فناجين قهوتنا لا تزال على حالها.

هل تشمّ أصابعنا فوقها?

هل تقول لبنتك ذات الجديلة والحاجبين الكثيفين إنّ لها صاحبًا غائبًا،

يتمنّى زيارتها، لا لشيءٍ...

ولكن ليدخل مرآتها ويرى سرّه:

كيف كانت تتابع من بعده عمره

بدلاً منه? سلّم عليها

إذا اتّسع الوقت...

هذا الكلام الذي كان في ودّنا

أن نقول له، كان يسمعه جيّدًا جيّدًا،

ويخبّئه في سعالٍ سريع،

ويلقى به جانبًا، ثم تلمع

أزرار سترته، عندما يبتعد...
__________________

اول الصدقة فى بيتك واول العدالة مع جارك
"تشارلز ديكنز "
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 09-24-2007, 05:28 PM
 
رد: بين يدى محمود درويش

من ديوان حصار لمدائح البحر :

موسيقى عربية

لحن غجري

يطير الحمام













موسيقى عربية

( ليت الفتى حجرٌ )

يا ليتني حجر...

أكلّما شردت عينان

شرّدني

هذا السحاب سحابًا

كلّما خمشت عصفورةٌ أفقًا

فتّشت عن وثن?

أكلّما لمعت جيتارةٌ

خضعت

روحي لمصرعها في رغوة السّفن

أكلّما وجدت أنثى أنوثتها

أضاءني البرق من خصري

وأحرقني!

أكلّما ذبلت خبّيزةٌ

وبكى طيرٌ على فنن

أصابني مرضٌ

أو صحت: يا وطني!

أكلّما نوّر اللوز اشتعلت به

وكلما احترقا

كنت الدخان ومنديلاً

تمزقني

ريح الشمال، ويمحو وجهي المطر?

ليت الفتى حجرٌ

يا ليتني حجر...




لحن غجري

شارعٌ واضحٌ

وبنت

خرجت تشعل القمر

وبلادٌ بعيدةٌ

وبلادٌ بلا أثر ...

حلمٌ مالحٌ

وصوت

يحفر الخصر في الحجر

اذهبي يا حبيبتي

فوق رمشي ... أو الوتر

قمرٌ جارحٌ

وصمت

يكسر الريح والمطر

يجعل النهر إبرةً

في يدٍ تنسج الشجر

حائطٌ سابحٌ

وبيت

يختفي كلّما ظهر

ربّما يقتلوننا

أو ينامون في الممرّ ...

زمنٌ فاضحٌ

وموت

يشتهينا إذا عبر

انتهى الآن كلًّ شيء

واقتربنا من النهر

انتهت رحلة الغجر

وتعبنا من السفر

شارعٌ واضحٌ

وبنت

خرجت تلصق الصور

فوق جدران جثّتي ...

وخيامي بعيدة

وخيامٌ بلا أثر ..




يطير الحمام

يطير الحمام

يحطّ الحمام

- أعدّي لي الأرض كي أستريح

فإني أحبّك حتى التعب...

صباحك فاكهةٌ للأغاني

وهذا المساء ذهب

ونحن لنا حين يدخل ظلٌّ إلى ظلّه في الرخام

وأشبه نفسي حين أعلّق نفسي

على عنقٍ لا تعانق غير الغمام

وأنت الهواء الذي يتعرّى أمامي كدمع العنب

وأنت بداية عائلة الموج حين تشبّث بالبرّ

حين اغترب

وإني أحبّك، أنت بداية روحي، وأنت الختام

يطير الحمام

يحطّ الحمام

أنا وحبيبي صوتان في شفةٍ واحده

أنا لحبيبي أنا. وحبيبي لنجمته الشارده

وندخل في الحلم، لكنّه يتباطأ كي لا نراه

وحين ينام حبيبي أصحو لكي أحرس الحلم مما يراه

وأطرد عنه الليالي التي عبرت قبل أن نلتقي

وأختار أيّامنا بيديّ

كما اختار لي وردة المائده

فنم يا حبيبي

ليصعد صوت البحار إلى ركبتيّ

ونم يا حبيبي

لأهبط فيك وأنقذ حلمك من شوكةٍ حاسده

ونم يا حبيبي

عليك ضفائر شعري، عليك السلام

يطير الحمام

يحطّ الحمام

- رأيت على البحر إبريل

قلت: نسيت انتباه يديك

نسيت التراتيل فوق جروحي

فكم مرّةً تستطيعين أن تولدي في منامي

وكم مرّةً تستطيعين أن تقتليني لأصرخ: إني أحبّك

كي تستريحي?

أناديك قبل الكلام

أطير بخصرك قبل وصولي إليك

فكم مرّةً تستطيعين أن تضعي في مناقير هذا الحمام

عناوين روحي

وأن تختفي كالمدى في السفوح

لأدرك أنّك بابل، مصر، وشام

يطير الحمام

يحطّ الحمام

إلى أين تأخذني يا حبيبي من والديّ

ومن شجري، من سريري الصغير ومن ضجري،

من مراياي من قمري، من خزانة عمري ومن سهري،

من ثيابي ومن خفري?

إلى أين تأخذني يا حبيبي إلى أين

تشعل في أذنيّ البراري، تحمّلني موجتين

وتكسر ضلعين، تشربني ثم توقدني، ثم

تتركني في طريق الهواء إليك

حرامٌ... حرام

يطير الحمام

يحطّ الحمام

- لأني أحبك، خاصرتي نازفه

وأركض من وجعي في ليالٍ يوسّعها الخوف مما أخاف

تعالى كثيرًا، وغيبي قليلاً

تعالى قليلاً، وغيبي كثيرًا

تعالى تعالى ولا تقفي، آه من خطوةٍ واقفه

أحبّك إذ أشتهيك. أحبّك إذ أشتهيك

وأحضن هذا الشعاع المطوّق بالنحل والوردة الخاطفه

أحبك يا لعنة العاطفه

أخاف على القلب منك، أخاف على شهوتي أن تصل

أحبّك إذ أشتهيك

أحبك يا جسدًا يخلق الذكريات ويقتلها قبل أن تكتمل

أحبك إذ أشتهيك

أطوّع روحي على هيئة القدمين - على هيئة الجنّتين

أحكّ جروحي بأطراف صمتك.. والعاصفه

أموت، ليجلس فوق يديك الكلام

يطير الحمام

يحطّ الحمام

لأني أحبّك (يجرحني الماء)

والطرقات إلى البحر تجرحني

والفراشة تجرحني

وأذان النهار على ضوء زنديك يجرحني

يا حبيبي، أناديك طيلة نومي، أخاف انتباه الكلام

أخاف انتباه الكلام إلى نحلة بين فخذيّ تبكي

لأني أحبّك يجرحني الظلّ تحت المصابيح، يجرحني

طائرٌ في السماء البعيدة، عطر البنفسج يجرحني

أوّل البحر يجرحني

آخر البحر يجرحني

ليتني لا أحبّك

يا ليتني لا أحبّ

ليشفى الرخام

يطير الحمام

يحطّ الحمام

- أراك، فأنجو من الموت. جسمك مرفأ

بعشر زنابق بيضاء، عشر أنامل تمضي السماء

إلى أزرقٍ ضاع منها

وأمسك هذا البهاء الرخاميّ، أمسك رائحةً للحليب المخبّأ

في خوختين على مرمر، ثم أعبد من يمنح البرّ والبحر ملجأ

على ضفّة الملح والعسل الأوّلين، سأشرب خرّوب ليلك

ثم أنام

على حنطةٍ تكسر الحقل، تكسر حتى الشهيق فيصدأ

أراك، فأنجو من الموت. جسمك مرفأ

فكيف تشرّدني الأرض في الأرض

كيف ينام المنام

يطير الحمام

يحطّ الحمام

حبيبي، أخاف سكوت يديك

فحكّ دمي كي تنام الفرس

حبيبي، تطير إناث الطيور إليك

فخذني أنا زوجةً أو نفس

حبيبي، سأبقي ليكبر فستق صدري لديك

ويجتثّني من خطاك الحرس

حبيبي، سأبكي عليك عليك عليك

لأنك سطح سمائي

وجسمي أرضك في الأرض

جسمي مقام

يطير الحمام

يحطّ الحمام

رأيت على الجسر أندلس الحبّ والحاسّة السادسه.

على وردة يابسه

أعاد لها قلبها

وقال: يكلفني الحبّ ما لا أحبّ

يكلفني حبّها.

ونام القمر

على خاتم ينكسر

وطار الحمام

رأيت على الجسر أندلس الحب والحاسّة السادسه.

على دمعةٍ يائسه

أعادت له قلبه

وقالت: يكلفني الحبّ ما لا أحبّ

يكلفني حبّه

ونام القمر

على خاتم ينكسر

وطار الحمام.

وحطّ على الجسر والعاشقين الظلام

يطير الحمام

يطير الحمام
__________________

اول الصدقة فى بيتك واول العدالة مع جارك
"تشارلز ديكنز "
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 09-24-2007, 05:30 PM
 
رد: بين يدى محمود درويش

من ديوان حبيبتي تنهض من نومها :

الجسر

جواز السفر

يوميات جرح فلسطيني ( إلى فدوى طوقان )

الرجل ذو الظل الأخضر ( في ذكرى الراحل جمال عبد الناصر )
















الجسر

مشياً على الأقدام،

أو زحفاً على الأيدي نعود

قالوا..

وكان الصخر يضمر

والمساء يداً تقود..

لم يعرفوا أنّ الطريق إلى الطريق

دمٌ، ومصيدةٌ، وبيد

كلّ القوافل قبلهم غاصت،

وكان النهر يبصق ضفتيه

قطعاً من اللحم المفتت،

في وجوه العائدين

كانوا ثلاثةً عائدين:

شيخٌ، وابنته، وجنديٌّ قديم

يقفون عند الجسر..



كان الجسر نعساناً، وكان الليل قبعةً.

وبعد دقائق يصلون. هل في البيت ماء؟

وتحسّس المفتاح ثم تلا من القرآن آية...



قال الشيخ منتعشاً: وكم من منزلٍ في الأرض يألفه الفتى

قالت: ولكنّ المنازل يا أبي أطلال !

فأجاب: تبنيها يدان..

ولم يتمّ حديثه، إذ صاح صوتٌ في الطريق: تعالوا !

وتلته طقطقة البنادق..

لن يمرّ العائدون

حرس الحدود مرابطٌ

يحمي الحدود من الحنين



أمرٌ بإطلاق الرصاص على الذي يجتاز هذا الجسر

هذا الجسر مقصلة الذي رفض التسوّل تحت ظلّ وكالة الغوث الجديده.

والموت بالمجّان تحت الذلّ والأمطار، من يرفضه يقتل عند هذا الجسر.

هذا الجسر مقصلة الذي ما زال يحلم بالوطن .



الطلقة الأولى أزاحت عن جبين الليل

قبعة الظلام

والطلقة الأخرى..

أصابت قلب جنديٍّ قديم

والشيخ يأخذ كفّ ابنته ويتلو

همساً من القرآن سوره

وبلهجةٍ كالحلم قال:

- عينا حبيبتي الصغيره

لي، يا جنود، ووجهها القمحيّ لي

لا تقتلوها، واقتلوني



كانت مياه النهر أغزر..

فالذين رفضوا هناك الموت بالمجّان أعطوا النهر لوناً آخراً.

والجسر، حين يصير تمثالاً، سيصبغ – دون ريبٍ-

بالظهيرة والدماء وخضرة الموت المفاجئ .

... وبرغم أنّ القتل كان كالتدخين..

لكنّ الجنود "الطيّبين"،

الطالعين على فهارس دفترٍ..

قذفته أمعاء السنين،

لم يقتلوا الاثنين..

كان الشيخ يسقط في مياه النهر

والبنت التي صارت يتيمه

كانت ممزّقة الثياب،

وطار عطر الياسمين

على صدرها العاري الذي

ملأته رائحة الجريمه

والصمت خيّم مرّةً أخرى،

وعاد النهر يبصق ضفتيه

قطعاً من اللحم المفتت

.. في وجوه العائدين

لم يعرفوا أنّ الطريق إلى الطريق

دمٌ ومصيدةٌ. ولم يعرف أحد

شيئاً عن النهر الذي

يمتصّ لحم النازحين



والجسر يكبر كلّ يومٍ كالطريق،

وهجرة الدم في مياه النهر تنحت من حصى الوادي

تماثيلاً لها لون النجوم، ولسعة الذكرى،

وطعم الحبّ حين يصير أكثر من عبادة .





جواز السفر

لم يعرفوني في الظلال التي

تمتصّ لوني في جواز السفر

وكان جرحي عندهم معرضاً

لسائح يعشق جمع الصور

لم يعرفوني، آه... لا تتركي

كفي بلا شمسٍ،

لأن الشجر

يعرفني...

تعرفني كل أغاني المطر

لا تتركيني شاحباً كالقمر!



كلّ العصافير التي لاحقت

كفى على باب المطار البعيد

كل حقول القمح،

كل السجون،

كل القبور البيض

كل الحدود،

كل المناديل التي لوحت،

كل العيون

كانت معي، لكنهم

قد أسقطوها من جواز السفر!



عارٍ من الاسم، من الانتماء ؟

في تربة ربّيتها باليدين؟

أيوب صاح اليوم ملء السماء:



لا تجعلوني عبرة مرتين!



يا سادتي! يا سادتي الأنبياء

لا تسألوا الأشجار عن اسمها

لا تسألوا الوديان عن أمها

من جبهتي ينشق سيف الضياء

ومن يدي ينبع ماء النهر

كل قلوب الناس... جنسيتي

فلتسقطوا عني جواز السفر!





يوميات جرح فلسطيني

-1-

نحن في حلٍّ من التذكار

فالكرمل فينا

وعلى أهدابنا عشب الجليل

لا تقولي: ليتنا نركض كالنهر إليها،

لا تقولي!

نحن في لحم بلادي... وهي فينا!



-2-

لم نكن قبل حزيران كأفراخ الحمام

ولذا، لم يتفتّت حبنا بين السلاسل

نحن يا أختاه، من عشرين عام

نحن لا نكتب أشعاراً،

ولكنا نقاتل



-3-

ذلك الظل الذي يسقط في عينيك

شيطان إله

جاء من شهر حزيران

لكي يعصب بالشمس الجباه

إنه لون شهيد

إنه طعم صلاه

إنه يقتل أو يحيي،

وفي الحالين! آه !



-4-

أوّل الليل على عينيك، كان

في فؤادي، قطرةً من آخر الليل الطويل

والذي يجمعنا، الساعة، في هذا المكان

شارع العودة

من عصر الذبول.



-5-

صوتك الليلة،

سكينٌ وجرحٌ وضماد

ونعاس جاء من صمت الضحايا

أين أهلي؟

خرجوا من خيمة المنفى، وعادوا

مرة أخرى سبايا!



-6-

كلمات الحب لم تصدأ، ولكن الحبيب

واقعٌ في الأسر – يا حبي الذي حمّلني

شرفاتٍ خلعتها الريح...

أعتاب بيوت

وذنوب.

لم يسع قلبي سوى عينيك،

في يوم من الأيام،

والآن اغتنى بالوطن!



-7-

وعرفنا ما الذي يجعل صوت القبّرة

خنجراً يلمع في وجه الغزاة

وعرفنا ما الذي يجعل صمت المقبرة

مهرجاناً... وبساتين حياة!



-8-

عندما كنت تغنين، رأيت الشرفات

تهجر الجدران

والساحة تمتد إلى خصر الجبل

لم نكن نسمع موسيقى،

ولا نبصر لون الكلمات

كان في الغرفة مليون بطل!



-9-

في دمي، من وجهه، صيفٌ

ونبض مستعار.

عدت خجلان إلى البيت،

فقد خرّ على جرحي... شهيدا

كان مأوى ليلة الميلاد

كان الانتظار

وأنا أقطف من ذكراه... عيدا!



-10-

الندى والنار عيناه،

إذا ازددت اقتراباً منه غنّى

وتبخرت على ساعده لحظة صمت، وصلاه

آه سميه كما شئت شهيدا

غادر الكوخ فتى

ثم أتى، لما أتى

وجه إله!



-11-

هذه الأرض التي تمتصّ جلد الشهداء

تعد الصيف بقمح وكواكب

فاعبديها!

نحن في أحشائها ملح وماء

وعلى أحضانها جرح... يحارب



-12-

دمعتي في الحلق، يا أخت،

وفي عينيّ نار

وتحررت من الشكوى على باب الخليفة

كل من ماتوا

ومن سوف يموتون على باب النهار

عانقوني، صنعوا مني... قذيفة!



-13-

منزل الأحباب مهجور،

ويافا ترجمت حتى النخاع

والتي تبحث عني

لم تجد مني سوى جبهتها

أ تركي لي كل هذا الموت، يا أخت.

أ تركي هذا الضياع

فأنا أضفره نجماً على نكبتها



-14-

آه يا جرحي المكابر

وطني ليس حقيبة

وأنا لست مسافر

إنني العاشق، والأرض حبيبة!



-15-

وإذا استرسلت في الذكرى!

نما في جبهتي عشب الندم

وتحسرت على شيئ بعيد

وإذا استسلمت للشوق،

تبنّيت أساطير العبيد

وأنا آثرت أن أجعل من صوتي حصاة

ومن الصخر نغم!



-16-

جبهتي لا تحمل الظل،

وظلي لا أراه

وأنا أبصق في الجرح الذي

لا يشغل الليل جباه!

خبئي الدمعة للعيد

فلن نبكي سوى من فرح

ولنسمّ الموت في الساحة

عرساً... وحياه!



-17-

وترعرعت على الجرح، وما قلت لأمي

ما الذي يجعلها في الليل خيمة

أنا ما ضيّعت ينبوعي وعنواني واسمي

ولذا أبصرت في أسمالها

مليون نجمة!



-18-

رايتي سوداء،

والميناء تابوتٌ

وظهري قنطرة

يا خريف العلم المنهار فينا

يا ربيع العالم المولود فينا

زهرتي حمراء،

والميناء مفتوح،

وقلبي شجره!



-19-

لغتي صوت خرير الماء

في نهر الزوابع

ومرايا الشمس والحنطة

في ساحة حرب

ربما أخطأت في التعبير أحياناً

ولكن كنت – لا أخجل – رائع

عندما استبدلت بالقاموس قلبي!



-20-

كان لا بد من الأعداء

كي نعرف أنا توأمان!

كان لا بد من الريح

لكي نسكن جذع السنديان!

ولو أن السيد المصلوب لم يكبر على عرش الصليب

ظل طفلاً ضائع الجرح... جبان.



-21-

لك عندي كلمه

لم أقلها بعد،

فالظل على الشرفة يحتل القمر

وبلادي ملحمة

كنت فيها عازفاً... صرت وتر!



-22-

عالم الآثار مشغول بتحليل الحجارة

إنه يبحث عن عينيه في ردم الأساطير

لكي يثبت أني:

عابر في الدرب لا عينين لي!

لا حرف في سفر الحجارة!

وأنا أزرع أشجاري، على مهلي،

وعن حبي أغني!



-23-

غيمة الصيف التي... يحملها ظهر الهزيمة

علّقت نسل السلاطين

على حبل السراب

وأنا المقتول والمولود في ليل الجريمة

هاأنا ازددت التصاقاً... بالتراب!



-24-

آن لي أن أبدل اللفظة بالفعل، وآن

لي أن أثبت حبي للثرى والقبّرة

فالعصا تفترس القيثار في هذا الزمان

وأنا أصفرّ في المرآة،

مذ لاحت ورائي شجرة!





الرجل ذو الظل الأخضر




نعيش معك

نسير معك

نجوع معك

وحين تموت

نحاول ألاّ نموت معك!

ولكن،

لماذا تموت بعيداً عن الماء

والنيل ملء يديك؟

لماذا تموت بعيداً عن البرق

والبرق في شفتيك؟

وأنت وعدت القبائل

برحلة صيف من الجاهلية

وأنت وعدت السلاسل

بنار الزنود القوية

وأنت وعدت المقاتل

بمعركة... ترجع القادسية



نرى صوتك الآن ملا الحناجر

زوابع

تلو

زوابع...

نرى صدرك الآن متراس ثائر

ولافتة للشوارع

نراك

نراك

نراك...

طويلاً

...كسنبلةٍ في الصعيد

جميلاً

...كمصنع صهر الحديد

وحراً

... كنافذة في قطار بعيد...

ولست نبيّاً،

ولكن ظلّك أخضر

أتذكر؟

كيف جعلت ملامح وجهي

وكيف جعلت جبيني

وكيف جعلت اغترابي وموتي

أخضر

أخضر

أخضر...

أتذكر وجهي القديم؟

لقد كان وجهي يحنّط في متحف إنجليزي

ويسقط في الجامع الأمويّ

متى يا رفيقي؟

متى يا عزيزي؟

متى نشتري صيدلية

بجرح الحسين... ومجد أميّة

ونبعث في سدّ أسوان خبزاً وماء

ومليون كيلواط من الكهرباء؟

أتذكر؟

كانت حضارتنا بدوياً جميل

يحاول أن يدرس الكيمياء

ويحلم تحت ظلال النخيل

بطائرة... وبعشر نساء

ولست نبيّاً

ولكن ظلّك أخضر...

نعيش معك

نسير معك

نجوع معك

وحين تموت

نحاول ألا نموت معك

ففوق ضريحك ينبت قمحٌ جديد

وينزل ماء جديد

وأنت ترانا

نسير

نسير

نسير.
__________________

اول الصدقة فى بيتك واول العدالة مع جارك
"تشارلز ديكنز "
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 09-24-2007, 05:31 PM
 
رد: بين يدى محمود درويش

من ديوان العصافير تموت في الجليل :

العصافير تموت في الجليل ( عصافير الجليل )

ريتا أحبيني

غريب في مدينة بعيدة

سقوط القمر ( في البال أغنية )













عصافير الجليل

- نلتقي بعد قليل

بعد عامٍ

بعد عامين

وجيل...

ورمت في آلة التصوير

عشرين حديقة

وعصافير الجليل.

ومضت تبحث، خلف البحر،

عن معنى جديد للحقيقة.

- وطني حبل غسيل

لمناديل الدم المسفوك

في كل دقيقة

وتمددت على الشاطئ

رملاً... ونخيل.



هي لا تعرف-

يا ريتا! وهبناك أنا والموت

سر الفرح الذابل في باب الجمارك

وتجدّدنا، أنا والموت،

في جبهتك الأولى

وفي شبّاك دارك.

وأنا والموت وجهان-

لماذا تهربين الآنّ من وجهي

لماذا تهربين؟

ولماذا تهربين الآن ممّا

يجعل القمح رموش الأرض، ممّا

يجعل البركان وجهاً آخراً للياسمين؟...

ولماذا تهربين ؟...



كان لا يتعبني في الليل إلا صمتها

حين يمتدّ أمام الباب

كالشارع... كالحيّ القديم

ليكن ما شئت - يا ريتا –

يكون الصمت فأساً

أو براويز نجوم

أو مناخاً لمخاض الشجرة.

إنني أرتشف القبلة

من حدّ السكاكين،

تعالي ننتمي للمجزرة !...



سقطت كالورق الزائد

أسراب العصافير

بآبار الزمن...

وأنا أنتشل الأجنحة الزرقاء

يا ريتا،

أنا شاهدة القبر الذي يكبر

يا ريتا،

أنا من تحفر الأغلال

في جلدي

شكلاً للوطن...





ريتا أحبيني

في كل أمسية نخبئ في أثينا

قمرا وأغنية ونؤوي ياسمينا

قالت لنا الشرفات

لا منديله يأتي

ولا أشواقه تأتي

ولا الطرقات تحترف الحنينا

نامي ! هنا البوليس منتشر

طليقا في أثينا

في الحلم ينضم الخيال إليك

تبتعدين عني

وتخاصمين الأرض

تشتعلين كالشفق المغني

ويداي في الأغلال

((سنتوري )) بعيد مثل جسمك

في مواويل المغني

ريتا أحبيني ! وموتي في أثينا

مثل عطر الياسمين

لتموت أشواق السجين

الحب ممنوع

هنا الشرطي والقدر العتيق

تتكسر الأصنام إن أعلنت حبك

للعيون السود

قطاع الطريق

يتربصون بكل عاشقة

أثينا . . يا أثينا . . أين مولاتي ؟

على السكين ترقص

جسمها أرض قديمه

: ولحزنها وجهان

وجه يابس يرتد للماضي

ووجه غاص فبي ليل الجريمه

والحب ممنوع

هنا الشرطي ، واليونان عاشقة يتيمه

في الحلم ينضم الخيال إليك

يرتد المغني

عن كل نافذة . ويرتفع الأصيل

عن جسمك المحروق بالأغلال

والشهوات والزمن البخيل

نامي على حلمي .مذاقك لاذع

عيناك ضائعتان في صمتي

وجسمك حافل بالصيف والموت الجميل

في آخر الدنا أضمك

حين تبتعدين ملء المستحيل

ريتا . . أحبيني . . وموتي في أثينا

مثل عطر الياسمين

لتموت أشواق السجين

منفاي : فلاحون معتقلون في لغة الكآبه

منفاي : سجانون منفيون في صوتي

وفي نغم البابة

منفاي : أعياد محنطة . . وشمس في الكتابه

منفاي : عاشقة تعلق ثوب عاشقها

على ذيل السحابه

منفاي : كل خرائط الدنيا

وخاتمة الكآبه

في الحلم شفاف ذراعك

تحته شمس عتيقه

لا لون للموتى ولكني أراهم

مثل أشجار الحديقه

يتنازعون عليك

ضميهم بأذرعة الأساطير التي وضعت حقيقه

لأبرز المنفى وأسند جبهتي

وأتابع البحث الطويل

عن سر أجدادي وأول جثة

كسرت حدود المستحيل

في الحلم شفاف ذراعك

تحته شمس عتيقه

ونسيت نفسي في خطى الإيقاع

ثلثي قابع في السجن

والثلثان في عشب الحديقه

ريتا أحبيني . . وموتي في أثينا

مثل عطر الياسمين

لتموت أشواق السجين

الحزن صار هوية اليونان

واليونان تبحث عن طفولتها

ولا تجد الطفوله

تنهار أعمدة الهياكل

أجمل الفرسان ينتحرون

والعشاق يفترقون

في أوج الأنوثة والرجوله

دعني وحزني أيها الشرطي

منتصف الطريق محطتي

وحبيبتي أحلى قتيله

ماذا تقول ؟

تريد جثتها ؟

لماذا ؟

كي تقدمها لمائدة الخليفه ؟

من قال إنك سيدي ؟

من قال إن الحب ممنوع

وإن الآلهه

في البرلمان؟

وإن رقصتنا العنيفه

خطر على ساعات راحتك القليله

الحزن صار هوية اليونان

واليونان تبحث عن طفولتها

ولا تجد الطفوله

حتى الكآبة صادرتها شرطة اليونان

حتى دمعة العين الكحيله

في الحلم تتسع العيون السود

ترتجف السلاسل

يستقيل الليل

تنطلق القصيدة

بخيالها الأرضي

يدفعها الخيال إلى الأمام . . إلى الأمام

بعنف أجنحة العقيدة

وأراك تبتعدين عني

آه . . تقتربين مني

نحو آلهة جديده

ويداي في الأغلال لكني

أداعب دائما أوتار سنتوري البعيدة

وأثير جسمك

. . تولد اليونان

تنتشر الأغاني

يسترجع الزيتون خضرته

يمر البرق في وطني علانية

ويكتشف الطفولة عاشقان

ريتا . . أحبيني وموتي في أثينا

مثل عطر الياسمين

لتموت أحزان السجين





غريب في مدينة بعيدة

عندما كنت صغيرًا

وجميلاً

كانت الوردة داري

والينابيع بحاري

صارت الوردة جرحًا

والينابيع ظمأ

- هل تغيّرت كثيرًا?

- ما تغيّرت كثيرًا

عندما نرجع كالريح

إلى منزلنا

حدّقي في جبهتي

تجدي الورد نخيلا

والينابيع عرق

تجديني مثلما كنت

صغيرًا

وجميلاً..





سقوط القمر

في البال أغنيةٌ

يا أخت،

عن بلدي،

نامي

لأكتبها...



رأيت جسمك

محمولاً على الزرد

وكان يرشح ألواناً

فقلت لهم:

جسمي هناك

فسدّوا ساحة البلد



كنا صغيرين،

والأشجار عاليةٌ

وكنت أجمل من أمي

ومن بلدي...



من أين جاؤوا؟

وكرم اللوز سيّجه

أهلي وأهلك

بالأشواك والكبد!...



إنّا نفكّر بالدنيا،

على عجلٍ،

فلا نرى أحداً،

يبكي على أحدٍ.



وكان جسمك مسبيّاً

وكان فمي

يلهو بقطرة شهدٍ

فوق وحل يدي!...



في البال أغنيةٌ

يا أخت

عن بلدي،

نامي... لأحفرها

وشماً على جسدي.
__________________

اول الصدقة فى بيتك واول العدالة مع جارك
"تشارلز ديكنز "
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 09-24-2007, 05:32 PM
 
رد: بين يدى محمود درويش

من ديوان آخر الليل :

أحبك أكثر

المستحيل

الورد و القاموس

وعود من العاصفة

ريتا و البندقية

لا تنامي حبيبتي

مغني الدم

القتيل رقم 18

رد فعل











أحبك أكثر

تكبّر…تكبّر!

فمهما يكن من جفاك

ستبقى، بعيني ولحمي، ملاك

وتبقى، كما شاء لي حبنا أن أراك

نسيمك عنبر

وأرضك سكّر

وإني أحبك… أكثر

يداك خمائل

ولكنني لا أغني

ككل البلابل

فإن السلاسل

تعلمني أن أقاتل

أقاتل… أقاتل

لأني أحبك أكثر!



غنائي خناجر ورد

وصمتي طفولة رعد

وزنبقة من دماء

فؤادي،

وأنت الثرى والسماء

وقلبك أخضر…!

وجزر الهوى، فيك، مدّ

فكيف، إذن، لا أحبك أكثر

وأنت، كما شاء لي حبنا أن أراك:

نسيمك عنبر

وأرضك سكّر

وقلبك أخضر…!

وإنّي طفل هواك

على حضنك الحلو

أنمو وأكبر!





المستحيل

أموت أشتياقاً

أموت احتراقاً

وشنقاً أموت

وذبحاً أموت

ولكنني لا أقول :

مضى حبنا، وانقضى

حبنا لا يموت




الورد و القاموس

وليكن.

لا بد لي...

لا بد للشاعر من نخب جديد

وأناشيد جديده

إنني أحمل مفتاح الأساطير وآثار العبيد

وأنا أجتاز سرداباً من النسيان

والفلفل، والصيف القديم

وأرى التاريخ في هيئة شيخ،

يلعب النرد ويمتصّ النجوم



وليكن

لا بدّ لي أن أرفض الموت،

وإن كانت أساطيري تموت

إنني أبحث في الأنقاض عن ضوء، وعن شعر جديد

آه... هل أدركت قبل اليوم

أن الحرف في القاموس، يا حبي، بليد

كيف تحيا كل ّهذي الكلمات!

كيف تنمو؟... كيف تكبر؟

نحن ما زلنا نغذيها دموع الذكريات

واستعارات... وسكّر!



وليكن...

لا بد لي أن أرفض الورد الذي

يأتي من القاموس، أو ديوان شعر

ينبت الورد على ساعد فلاّح، وفي قبضة عامل

ينبت الورد على جرح مقاتل

وعلى جبهة صخر...





وعود من العاصفة

وليكن ...

لا بدّ لي أن أرفض الموت

وأن أحرق دمع الأغنيات الراعفة

وأعري شجر الزيتون من كل الغصون الزائفة

فإذا كنت أغني للفرح

خلف أجفان العيون الخائفة

فلأن العاصفة

وعدتني بنبيذ

وبأنخاب جديدة

وبأقواس قزح

ولأن العاصفة

كنّست صوت العصافير البليدة

والغصون المستعارة

عن جذوع الشجرات الواقفة



وليكن ...

لا بد لي أن أتباهى بك يا جرح المدينة

أنت يا لوحة برق في ليالينا الحزينة

يعبس الشارع في وجهي

فتحميني من الظل ونظرات الضغينة



سأغني للفرح

خلف أجفان العيون الخائفة

منذ هبّت في بلادي العاصفة

وعدتني بنبيذ وبأقواس قزح





ريتا و البندقية

بين ريتا وعيوني...بندقية

والذي يعرف ريتا، ينحني

ويصلي

لإله في العيون العسلية!



...وأنا قبّلت ريتا

عندما كانت صغيرة

وأنا أذكر كيف التصقت

بي، وغطت ساعدي أحلى ضفيرة

وأنا أذكر ريتا



مثلما يذكر عصفورٌ غديره

آه... ريتا

بينما مليون عصفور وصورة

ومواعيد كثيرة

أطلقت ناراً عليها...بندقية



اسم ريتا كان عيداً في فمي

جسم ريتا كان عرساً في دمي

وأنا ضعت بريتا...سنتين

وهي نامت فوق زندي سنتين

وتعاهدنا على أجمل كأس، واحترقنا

في نبيذ الشفتين

وولدنا مرتين!

آه... ريتا

أي شيء ردّ عن عينيك عينيّ

سوى إغفاء تين

وغيوم عسلية

قبل هذي البندقية!

كان يا ما كان

يا صمت العشيّة

قمري هاجر في الصبح بعيداً

في العيون العسلية

والمدينة

كنست كل المغنين، وريتا

بين ريتا وعيوني... بندقية.




لا تنامي حبيبتي

عندما يسقط القمر

كالمرايا المحطمة

يكبر الظلّ بيننا

والأساطير تحتضر

لا تنامي... حبيبتي

جرحنا صار أوسمة

صار وردا على قمر...!



خلف شباكنا نهار

وذراع من الرضا

عندما لفني وطار

خلت أني فراشةٌ

في قناديل جلّنار

وشفاهٌ من الندى

حاورتني بلا حوار!

لا تنامي... حبيبتي

خلف شباكنا نهار!



سقط الورد من يدي

لا عبير، ولا خّدر

لا تنامي... حبيبتي

العصافير تنتحر

ورموشي سنابلٌ

تشرب الليل والقدر

صوتك الحلو قبلةٌ

وجناحٌ على وتر

غصن زيتونةٍ بكى

في المنافي على حجر

باحثاً عن أصوله

وعن الشمس والمطر

لا تنامي... حبيبتي

العصافير تنتحر



عندما يسقط القمر

كالمرايا المحطمة

يشرب الظلّ عارنا

ونداري فرارنا

عندما يسقط القمر

يصبح الحب ملحمة

لا تنامي حبيبتي

جرحنا صار أوسمة

ويدانا على الدجى

عندليبٌ على وتر




مغني الدم

لمغنيك، على الزيتون، خمسون وتر

ومغنيك أسيرً كان للريح، وعبدا للمطر

ومغنيك الذي تاب عن النوم تسلّى بالسهر

سيسمّي طلعة الورد، كما شئت، شرر

سيسمّي غابة الزيتون في عينيك، ميلاد سحر

وسيبكي، هكذا اعتاد،

إذا مرّ نسيم فوق خمسين وتر

آه يا خمسين لحناً دمويا

كيف صارت بركة الدمّ نجوماً وشجر؟

الذي مات هو القاتل يا قيثارتي

ومغنيك انتصر!

إفتحي الأبواب يا قريتنا

إفتحيها للرياح الأربع

ودعي خمسين جرحاً يتوهّج

كفر قاسم...

قرية تحلم بالقمح، وأزهار البنفسج

وبأعراس الحمائم




- أحصدوهم دفعة واحدة

أحصدوهم

.........................

........حصدوهم....
.
.............



آه يا سنبلة القمح على صدر الحقول

ومغنيك يقول:

ليتني أعرف سرّ الشجرة

ليتني أدفن كل الكلمات الميتة

ليت لي قوة صمت المقبرة

يا يداً تعزف، يا للعار! خمسين وتر

ليتني أكتب بالمنجل تاريخي

وبالفأس حياتي،

وجناح القبرة

.......................



كفر قاسم

إنني عدت من الموت لأحيا، لأغني

فدعيني أستعر صوتي من جرح توهّج

وأعينيني على الحقد الذي يزرع في قلبي عوسج

إنني مندوب جرح لا يساوم

علمتني ضربة الجلاّد أن أمشي على جرحي

وأمشي...

ثم أمشي...

وأقاوم!





القتيل رقم 18

غابة الزيتون كانت مرةً خضراء

كانت.. والسماء

غابةً زرقاء.. كانت يا حبيبي

ما الذي غيّرها هذا المساء?

.. .. ..

أوقفوا سيارة العمال في منعطف الدرب

وكانوا هادئين

وأدارونا إلى الشرق.. وكانوا هادئين

.. .. ..

كان قلبي مرّةً عصفورةً زرقاء.. يا عش حبيبي

ومناديلك عندي، كلها بيضاء، كانت يا حبيبي

ما الذي لطّخها هذا المساء?

أنا لا أفهم شيئًا يا حبيبي!

.. .. ..

أوقفوا سيارة العمّال في منتصف الدرب

وكانوا هادئين

وأدارونا إلى الشرق.. وكانوا هادئين

.. .. ..

لك مني كلّ شيء

لك ظل لك ضوء

خاتم العرس، وما شئت

وحاكورة زيتون وتين

وسآتيك كما في كل ليله

أدخل الشبّاك، في الحلم، وأرمي لك فلّه

لا تلمني إن تأخرت قليلاً

إنهم قد أوقفوني

غابة الزيتون كانت دائمًا خضراء

كانت يا حبيبي

إن خمسين ضحيّه

جعلتها في الغروب..

بركةً حمراء.. خمسين ضحيّه

يا حبيبي.. لا تلمني..

قتلوني.. قتلوني..

قتلوني..





رد فعل

وطني! يعلمني حديد سلاسلي

عنف النسور، ورقة المتفائل

ما كنت أعرف أن تحت جلودنا

ميلاد عاصفةٍ… وعرس جداول

سدّوا عليّ النور في زنزانةٍ

فتوهّجت في القلب… شمس مشاعل

كتبوا على الجدران رقم بطاقتي

فنما على الجدران… مرج سنابل

رسموا على الجدران صورة قاتلي

فمحت ملامحها ظلال جدائل

وحفرت بالأسنان رسمك دامياً

وكتبت أغنية العذاب الراحل

أغمدت في لحم الظلام هزيمتي

وغرزت في شعر الشموس أناملي

والفاتحون على سطوح منازلي

لم يفتحوا إلاّ وعود زلازلي!

لم يبصروا إلاّ توهّج جبهتي

لن يسمعوا إلاّ صرير سلاسلي

فإذا احترقت على صليب عبادتي

أصبحت قديساً… بزيّ مقاتل
__________________

اول الصدقة فى بيتك واول العدالة مع جارك
"تشارلز ديكنز "
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فيديو للشيخ محمود المصرى قصيدة ليس الغريب رائعة خديجه أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 12 09-30-2007 06:23 PM
جميع حلقات الصلاة/ محمود المصري fares alsunna خطب و محاضرات و أناشيد اسلاميه صوتية و مرئية 6 06-23-2007 02:45 PM
اقترح لقباً للعضو محمود 200000 ماجد السعودية ختامه مسك 46 04-17-2007 11:08 PM


الساعة الآن 01:51 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011