عيون العرب - ملتقى العالم العربي

عيون العرب - ملتقى العالم العربي (https://www.3rbseyes.com/)
-   نور الإسلام - (https://www.3rbseyes.com/forum5/)
-   -   حُقُوقُ النَّبِيِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم (https://www.3rbseyes.com/t399855.html)

Qıoмı❀ 04-05-2013 08:25 PM

حُقُوقُ النَّبِيِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم
 
[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('http://vb.arabseyes.com/backgrounds/16.gif');"][cell="filter:;"][align=center].. مُقَدِّمَةُ المُؤلِّف ..
- - - - - - -


إن
الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ،
ومن سيئات أعمالنا ، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومَن يُضلِل فلا
هادِيَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهدُ أن محمدًا
عبده ورسوله ، أرسله بالهُدى ودِين الحق ليُظهِره على الدِّين كُلِّه ،
وكَفَى بالله شهيدًا .
أرسله بين يَدَي الساعة بشيرًا ونذيرًا ، وداعيًا إلى الله بإذنه وسِراجًا
مُنيرًا ، فهَدَى به مِن الضلالةِ ، وبَصَّرَ به مِن العَمَى ، وأرشد به
مِنَ الغَيِّ ، وفَتَحَ به أعيُناً عُميً ا، وآذانًا صُمًّا ، وقُلوبًا
غُلفًا ، فبَلَّغَ الرسالةَ ، وأدَّى الأمانة ، ونَصَحَ الأمة ، وجاهَدَ في
الله حَقَّ جِهاده ، وعَبَدَ رَبَّهُ حتى أتاه اليقينُ مِن رَبِّهِ ،
صلَّى عليه وعلى آله وسلَّم تسليمًا .

أمَّا بعد : فما مِن بِناءٍ إلَّا وله أصلٌ وأساسٌ يقومُ عليه ، وإنَّ أساسَ بِناءِ دِين الإسلام يقومُ على أصلين ، هما :

أ- عِبادة الله وحده لا شريك له .
2- الإيمان برسوله صلَّى الله عليه وسلَّم .

وهذا حقيقة قول "لا إله إلا الله ، محمدٌ رسول الله" ، فمَن خرج عن واحدٍ منهما ، فلا عمل له ، ولا دِين .

ومِن
أجل ذلك ، فإنَّ مِن المتعَيِّن على كل مسلم أن يعرف ما يدل عليه كل واحد
من هذين الأصلين وما يشتمل عليه من أمور وأحكام ، معرفةً تُخرجه من حَدِّ
الجهل على أقل الدرجات ، وأن يلتزم بذلك اعتقادًا وقولاً وعملاً ؛ لينالَ
بذلك الفوزَ والسعادة في الحياة الدنيا وبعد الممات .

وهذه الرسالة موضوعها الأصلُ الثاني من أصليْ هذا الدين ، وقد سَمَّيتُها :

"حقوق النبيِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - على أُمَّتِهِ في ضَوءِ الكِتابِ والسُّنَّة" .

وقد
دفعني إلى اختيار هذا الموضوع أهميتُه بالدرجةِ الأولى ، فهو - كما أسلفتُ
- يُعنى بأحد أصليْ الدِّين "شهادة أنَّ مُحمدًا رسولُ الله" .

فمِنَ
المهم والمفيد أن تُبحَثَ جوانبُ هذا الأصل ، وتُعرَفَ ، وتُعرَضَ وِفْقَ
ما جاءت بذلك نُصوصُ القُرآن والسُّنَّةِ وَوِفْقَ ما كان عليه سَلَفُنا
الصالحُ رضوانُ الله عنهم أجمعين .
وبخاصةٍ أنَّنا نعيشُ في زمانٍ قد حاد فيه كثيرٌ مِنَ الناس عن جادِّةِ الصوابِ في هذا الأصل ، واضطربوا اضطرابًا شديدًا .

فتجليةُ
الأمر ، وتوضيحُ الصوابِ ، وبيانُ الحَقِّ في هذا الأصل ، مِن الواجباتِ
المتعيِّنة على طلبة العلم في هذا الزمان ؛ نظرًا لعدم تَوَفُّر كِتابٍ
بعينه يكونُ شاملاً لجميع جوانبِ هذا الموضوع ، وتطمئنُ له النفسُ مِن جهةِ
سلامةِ ما احتواه ، يُمكنُ إحالةُ عامَّةِ الناسِ عليه .

فرأيتُ
أنَّ مِنَ الرأيْ القويم أن أكتبَ في هذا الموضوع ؛ لأجمعَ فيه ما تفرَّقَ
، وأُرَتِّبَ ما تشتَّتَ ، وأشرحَ ما يحتاجُ إلى شرح ، وذلك وِفْقَ ما كان
عليه مَنهجُ سَلَفِنَا الصالح مِن الاعتمادِ على نُصوص الكتاب والسُّنَّةِ
، ونقل كلام الصحابة والتابعين وأئمة هذا الدين رَضِيَ الله عنهم أجمعين .

فأرجو أن أكونَ قد وُفِّقتُ في عرض هذا الموضوع على الوجهِ المطلوب ، كما وُفِّقتُ في حُسنِ الاختيار أولاً .




تأليف : د. محمد بن خليفة التميمي

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]

sherlock holmes 04-05-2013 08:37 PM

لا اله الا الله محمد رسول الله
جزاك الله خير اختي سارا وجعله في ميزان حسناتك .

DJIHENE 04-05-2013 08:46 PM

ما شاء الله سارة

الموضوع روووعة بورك الله فيك

جزاكي الله خيرا من عملك الرائع

تسلمي حبيبتي بزاف

Qıoмı❀ 04-05-2013 08:47 PM

[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('http://vb.arabseyes.com/backgrounds/16.gif');background-color:black;"][cell="filter:;"][align=center]تمهيــــد
- - - -

الحمد لله الذي أكمل لنا ديننا ، وأتم علينا نعمته ، ورضي لنا الإسلام دينًا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، أرسله بالدِّين القَيِّم ، والمِلَّةِ الحنيفية ، وجعله على شريعةٍ من الأمر ، أمر باتِّباعها ، وأمره بأن يقول : { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي } يوسف/108 ، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا .

وبعد :

فإنَّ الله - عز وجل -لم يخلق الخلقَ عبثًا ، قال تعالى : { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ } المؤمنون/115 .

بل خلقهم لغايةٍ ذكرها في كتابه الكريم في أكثر من موضعٍ ، فقال تعالى : { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } المُلك/2 .

وقال تعالى : { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } هود/7 .

وقال تعالى : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } الذاريات/56 .

فالحِكمةُ مِن خَلْقِهِ للخَلْقِ هِيَ اختبارُهم وابتلاؤهم ؛ لِيَجزِيَ المحسِنَ بإحسانِهِ والمسيء بإساءتِهِ . فهذه هِيَ الحِكمةُ مِن خَلْقِهم أولاً ، وبَعثهم ثانيًا . ولذلك لم يتركهم هَمَلاً ، بل أرسل إليهم رُسُلَه ، فكان مِن سُنَّةِ الله - تبارك وتعالى - مواترة الرسل ، وتعميم الخلق بهم ، بحيثُ يبعث في كل أمة رسولاً ؛ ليُقيمَ هُداه وحُجَّتَه ، كما قال تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } النحل/36 ، وقال تعالى : { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيهَا نَذِيرٌ } فاطر/24 ، وقال تعالى : { ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا } المؤمنون/44 ، وقال تعالى : { رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيمًا } النساء/165 ، فالرُّسُلُ هم الواسطة بين الله عز وجل وبين خَلْقِهِ في تبليغ أمره ونهيه ، وإرشادِ العباد إلى ما فيه صلاحُ مَعاشِهم ومَعادِهم .

وإنَّ الله - تبارك وتعالى - جعل محمدًا - صلَّى الله عليهِ وسلَّم - خاتم النبيين ، وأرسله للناس أجمعين ، وأكمل له ولأمته الدين ، وبعثه على حين فترةٍ من الرسل وظهور الكفر وانطماس السُّبُل ، فأحيا به ما دُرِسَ من معالم الإيمان ، وقَمَعَ به أهلَ الشِّركِ والكُفر مِن عَبَدةِ الأوثان والنيران والصُّلبان ، وأَذَلَّ به كُفار أهل الكتاب ، وأهل الشرك والارتياب ، وأقام به منار دينه الذي ارتضاه ، وشاد به ذكر مَن اجتباه مِن عباده واصطفاه .

فاللهُ - سبحانه وتعالى - أرسل محمدًا - صلَّى الله عليه وسلَّم - للناس رحمةً ، وأنعم به نعمةً يا لها مِن نعمة ، قال تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } الأنبياء/107 .

وقال تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً } إبراهيم/28 ؛ و هم الذين لم يؤمنوا بمحمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم ، فإرسالُه أعظمُ نِعمةٍ أنعم اللهُ بها على عباده .
فقد جمع اللهُ لهذه الأمة بخاتم النبيين ، وإمام المتقين ، وسَيِّد ولد آدم أجمعين ، ما فَرَّقَهُ في غيرهم من الفضائل ، وزادهم من فضله أنواع الفواضل ، بل أتاهم كِفْلَيْنِ من رحمته ، كما قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } الحديد/28-29 .

وقال صلَّى الله عليه وسلَّم : ( إنما أَجَلُكُم - في أَجَلِ مَن خلا مِنَ الأُمَمِ - ما بين صلاةِ العصر إلى مَغربِ الشمس ، وإنما مَثَلُكُم ومَثَلُ اليهود والنصارى كَرَجُلٍ استعمل عُمَّالاً ، فقال : مَن يَعمل لي إلى نِصف النهار على قيراط قيراط ؟ ، فعملت اليهودُ إلى نِصف النهار على قيراط قيراط ، ثم قال : مَن يَعمل لي مِن نِصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط ؟ ، فعملت النصارى من نِصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط ، ثم قال : مَن يَعمل لي مِن صلاة العصر إلى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين ؟ ، ألَا فأنتم الذين يَعملون مِن صلاة العصر إلى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين ، ألَا لكم الأجرُ مرتين ، فغضبت اليهودُ والنصارى ، فقالوا : نحنُ أكثرُ عَمَلاً وأقلُّ عَطاءً ، قال الله : هل ظلمتُكم مِن حَقِّكم شيئًا ؟ قالوا : لا ، قال : فإنَّه فضلي أُعطِه مَن شِئتُ ) أخرجه بهذا اللفظ البخاري في صحيحه : كتاب الأنبياء ، باب ما ذكر عن بني إسرائيل . فتح الباري (6/ 495- 496) ح 3459 .

" وقد خص اللهُ تعالى محمدًا - صلَّى الله عليه وسلَّم - بخصائص ، مَيَّزَهُ الله بها على جميع الأنبياء والمرسلين ، وجعل له شِرعةً ومِنهاجًا - أفضل شرعة وأكمل مِنهاجٍ مُبين - كما جعل أمته خير أمةٍ أُخرجت للناس ؛ فهم يُوفون سبعين أمة ، هم خيرُها وأكرمُها على الله من جميع الأجناس ، هداهم الله بكتابه ورسوله لما اختلفوا فيه من الحق قبلهم ، وجعلهم وسطًا عَدلاً خيِارًا ، فهم وَسَطٌ في توحيدِ الله وأسمائه وصفاته ، وفي الإيمان برُسُلِهِ وكُتُبِهِ وشرائع دِينِهِ مِن الأمر والنهي والحلال والحرام ، فأمرهم بالمعروف ، ونهاهم عن المنكر ، وأحلَّ لهم الطيباتِ ، وحَرَّمَ عليهم الخبائث ، فأخرجهم بذلك من الظلمات إلى النور ، فحصل لهم ببركةِ رِسالته ويُمن سِفارتِهِ خيرُ الدنيا والآخرة .
[/align]
[/cell][/tabletext][/align]

Qıoмı❀ 04-05-2013 08:48 PM

[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('http://vb.arabseyes.com/backgrounds/16.gif');background-color:black;"][cell="filter:;"][align=center]فلقد هَدَى اللهُ الناسَ ببركةِ نُبَوَّةِ محمدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وبما جاء به مِنَ البَيِّناتِ والهُدَى هِدايةً جَلَّت عن وصف الواصفين ، وفاقت معرفة العارفين ، حتى حَصَلَ لأمته المؤمنين به عُمومًا ، ولأُولي العلم منهم خُصوصًا مِنَ العلم النافع ، والعمل الصالح ، والأخلاق العظيمة ، والسُّنَنِ المستقيمة ، ما لو جُمِعَت حِكمةُ سائر الأمم عِلمًا وعَملاً - الخالصة مِن كل شَوْب - إلى الحِكمةِ التي بُعِثَ بها ، لتَفَاوتا تفاوتاً يمنعُ معرفة قَدْرِ النِّسبةِ بينهما ، فللّهِ الحمدُ والمِنَّةُ كما يُحِبُّ رَبُّنا ويَرضَى " اقتضاء الصراط المستقيم / ص3 .

فهو المبعوثُ بالهُدَى ودِين الحق بين يدي الساعةِ بشيرًا ونذيرًا ، وداعيًا إلى الله بإذنه وسِراجًا مُنيرًا ، فكَمَّلَ الله به الرسالة ، وهَدَى به من الضلالة ، وعلَّمَ به من الجهالة ، وفتح برسالته أعيُنًا عُميًا ، وآذانًا صُمًّا ، وقُلوبًا غُلْفًا ، فأشرقت برسالته الأرضُ بعد ظُلُماتها ، وتألَّفَت به القلوبُ بعد شَتاتها ، فأقام بها المَلَّةَ العَوجاء ، وأوضح بها المحجة البيضاء ، فبَيَّنَ عن طريقه - صلَّى الله عليه وسلَّم - الكُفرَ من الإيمان ، والرِّبح من الخسران ، والهُدَى من الضلال ، وأهلَ الجنةِ مِن أهل النار ، والمتقين من الفُجار ، فهو المبعوثُ رحمةً للعالمين ، ومحجةً للسالكين ، وحُجَّةً على الخلائق أجمعين . ولقد نَوَّه الله عز وجل في كتابه الكريم بهذه النعمة العظمى التي امتَنَّ بها على هذه الأمة في آيات كثيرةٍ مِنها :

قولُه تعالى : { لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ } آل عمران/164 .
وقال تعالى : { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } الجُمعة/2-3-4 .
وقال تعالى : { كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ * فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ } البقرة/151-152 .
وقال تعالى : { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ } التوبة/128 .

وإنما كان إرسالُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى الناس أعظمَ مِنَّةٍ امتَنَّ بها على عباده ؛ لأنَّ في ذلك تخليصُ مَن وَفَّقَهُ اللهُ وهداه منهم مِن العذاب السرمديِّ ، وذلك بسبب الإيمان بالله ورسوله ، والابتعاد عن كل ما يُوجِبُ دخولَ النار ، والخلود فيها .

ولذلك فإنَّ الناسَ أحوجُ ما يكونون إلى الإيمان بالرسول صلَّى الله عليه وسلَّم ، والأخذ بما جاء به من الدِّين ، فهم أحوجُ إلى ذلك من الطعام والشراب ، بل ومن نَفَسِ الهواء الذي يتنفَّسونه ؛ فإنهم متى فقدوا ذلك ، فالنارُ جَزاءُ مَن كَذَّبَ بالرسول ، وتولَّى عن طاعته ، كما قال تعالى : { فَأَنْذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى * لا يَصْلاهَا إِلاَّ الأَشْقَى * الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى } الليل/14-15-16 ؛ أيْ : كَذَّب به ، وتولَّى عن طاعته ، فهم مُحتاجون إلى الإيمان بالرسول ، وطاعته ، والأخذ بما جاء به ، والالتزام بذلك في كل مكان وزمان ، ليلاً ونهارًا ، سَفَرًا وحَضَرًا ، سِرًّا وعلانيةً .

ولَمَّا كانت منزلةُ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عند ربِّه بهذه المرتبة ، وكانت حاجةُ الناس إليه بهذه الدرجة ، فقد أوجب اللهُ لنبيه - صلَّى الله عليه وسلَّم - على هذه الأمة جُملةً من الحقوق والواجبات ، تُنَظِّمُ العلاقةَ التي تربطهم به تنظيمًا دقيقًا ، لا لَبْسَ فيه ولا اشتباه .

وهذه الحقوقُ منها ما يَتَّصِلُ بجانبِ الرسالة التي بُعِثَ بها ، ومنها ما يتعلَّقُ بخاصةِ شخص الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - تفضيلاً وتكريمًا من الله له .

وقد وردت في شأن تلك الحقوق نُصوصٌ كثيرةٌ في كتاب الله عز وجل ، وسُنَّةِ نَبِيِّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم ، وضَّحت وفصَّلت وبيَّنت جوانبَ تلك الحقوق .

وهذه الحقوقُ في جُملتِها هي الأصلُ الثاني من أصلَيْ الدِّين ، كما يَدُلُّ عليه قولُنا " أشهدُ أن لا إله إلا الله ، وأشهدُ أنَّ محمدًا رسولُ الله ".

ولذا فقد كان لِزامًا على كل مَن ينطقُ بهذه الشهادة ، ويَدِينُ اللهَ بهذا الدِّين ، أن يُحيطَ بتلك الحقوق مَعرفةً ، ويَلتزِمَ بها اعتقادًا وقَولاً وعَملاً ، فذلك عَقدٌ من عُقودِ الإيمان الذي لا يحصلُ إيمانُ العبد إلَّا به .

ومِمَّا يُؤسَفُ له أنَّ كثيرًا مِن المسلمين اليومَ ، هم على درجة كبيرة من الجهل بهذه الحقوق ، فتراهم لذلك على طرفيْ نقيض هذا المقام :

- فإمَّا مُقَصِّرٌ عن القيام بهذه الحقوق التي أوجبها اللهُ على الأمة ، فتراه لا يُقيم لها وزنًا ، ولا يُلقي لها بالاً .

- وإمَّا غَالٍ مُبتدِع مُنكَبٍّ على ما ابتدعه ، يَظُنُّ أنَّه بما يفعله مِن أمور مُبتدَعةٍ في هذا المقام ، قد أحسن صُنعًا ، وأنَّه مُؤَدٍّ لِمَا أوجبه اللهُ من حَقٍّ لنبينا محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم ، وكِلا الطرفين صاحِبُ حالٍ مَذمومٍ غير محمود . فلَمَّا كان عامةُ أصحابِ هذين الطرفين إنَّما أوقعهم فيما هم فيه ، جَهلُهم بمعرفةِ تلك الحقوق على الوجه المطلوب شرعا ، ولَمَّا كانت هذه الحقوقُ هِيَ مِن جُملةِ هذا الدِّين الذي تَعَبَّدنا اللهَ به ، فكان لا بُدَّ فيها مِن تَوَفُّر شَرْطَي القَبول :

أ- الإخلاصُ .
2- الصوابُ ( الاتِّبَاع ) .
كما قال تعالى { فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً } الكهف/110 .

فقد أحببتُ أن أُوَضِّحَ تلك الحقوق النبوية وِفقَ ما جاءت بذلك النصوصُ الشرعية ، وما كان عليه سَلَفُ هذه الأمة وأئمتُها ، عسى أن يكونَ في هذا البيان والتوضيح تعليمٌ للجاهِل ، وتذكيرٌ للغافِل ، وتحذيرٌ ورَدْعٌ للمُبتدِع ، ومُدارسةٌ للعارِف .

فأسألُ اللهَ عز وجل التوفيقَ والرشادَ ، وأن يَرزُقنا التَّمَسُّكَ بِسُنَّةِ نبيه صلَّى الله عليه وسلَّم ، والسَّيرَ على هَدْيهِ ، والتَّأسِّي به ، وأن يشرحَ لذلك صُدُورنا ، ويُنيرَ قُلُوبنا ، إنَّه جَوادٌ كريم ، وعلى كل شيءٍ قدير .[/align]
[/cell][/tabletext][/align]


الساعة الآن 08:59 AM.

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011