عيون العرب - ملتقى العالم العربي

عيون العرب - ملتقى العالم العربي (https://www.3rbseyes.com/)
-   روايات وقصص الانمي المنقولة والمترجمة (https://www.3rbseyes.com/forum184/)
-   -   " رواية عيناك عذابي ... " (https://www.3rbseyes.com/t392314.html)

roxan anna 02-24-2013 08:39 PM

" رواية عيناك عذابي ... "
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://im32.gulfup.com/DUMom.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
http://im32.gulfup.com/sSIFo.png


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعجبتني هذه الرواية جدا فقررت نقلها الى هذا المنتدى
وهي رواية مكتملة

انا من اضاف اللمسات التنسيقية للرواية [/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://im32.gulfup.com/DUMom.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


اسم الرواية : ""عيناك عذابي... مميزة ومكتملة ""
الكاتب الاصلي : dew


المصدر الذي نقلت منه : شبكة روايتي الثقافية

التعديل المشرفة شيشيكو



البارتات

[cc=اضغط لتجد بارتات الرواية كاملة]البارت الاول والثاني والثالث

البارت الرابع والخامس والسادس والسابع

البارت الثامن

البارت التاسع

البارت العاشر

البارت الحادي عشر

البارت الثاني عشر والاخير
[/cc]


http://im32.gulfup.com/56337.png

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

roxan anna 02-25-2013 07:13 PM

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/28_01_14139093807305871.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]





(((عيناك عذابي...............))))



الفصل الأول : ((حدث غير متوقع))



(جوش ,إنك تدرك مافعلته أليس كذلك ؟)
(نعم ,آنسة باركر !) تمتم الطفل الحزين الذي كان يكلم دانييل بعد أن تشاجر مع زميل له في الصف يدعى بيتر .
أحست دانييل برغبة في البكاء عندما سمعت النبرة الحزينة لكنها تمالكت نفسها .قالت مسيطرة على ثبات صوتها(جيد والآن أريدكما أن تعتذرا لبعضكما وتتصافحان لأنكما صديقين .هيا )
تبادل الطفلان كلمت الاعتذار ثم أخذت دانييل نفسا عميقا وقالت (والآن لنبدأ الدرس )
دانييل باركر معلمةموسيقى تعشق مهنتها التي توفر لها الراحة خصوصا أنها تعلم الأطفال اللذين في الصف الثاني وهذا عمر جيد للتحكم في تصرفات الأطفال ....دانييل ذات الستة والعشرين عاما تعشق الى جانب هوسها بالموسيقى القراءة فبإمكانها أن تقرأ أكثر من كتاب في يوم واحد.كانت ولازالت القراءة والموسيقى ملجأها من كل مايحزنها ........
لقد تعرضت هذه الفتاة لكثير من الأحداث خلال حياتها ,فهجر والدها لها ولوالدتها وموت والدتها قبل سنتين أثرا فيها بشكل كبير ومع ذلك كانت ابتسامتها لاتفارقها .
عند انتهاء دوام المدرةسة ,اتجهت الى مقهى تحبه وتعرف كل العاملين فيه ..دفعت باب المقهى الثقيل ورن الجرس الصغير الذي ينبئ بدخول الزبائن ...أرسلت أشعة الشمس الذهبية في الشتاء ألوانا رائعة عنما انعكست على شعرها الكستنائي المائل للنحاسي الذي كان لايكاد يلامس كتفيها فقد كانت تقصه بانتظام حتى يصبح عمليا أكثر ..كان جمالها هادئا لم تكن من النساء الشقراوات ذوات العينين الزرقاوين بل كان لون عينيها الخضراوين يتناقض مع شعرها الداكن وقد ورثتها عن والدها .
أخذت دانييل تتلفت في المقهى المزدحم ولم تجد مكانا تجلس فيه ..كان مقهى تشارلي معروفا في نيويورك فقد كان البعض يأتي من الطرف الآخر للولاية حتى يجلس في مقهى تشارلي .
حياها تشارلي صاحب المقهى من بعيد ملوحا لها لتأتي اليه ..كان بمثابة العائلة لها بعد موت والدتها العزيزة فقد كان شخصا لطيفا بشعره الأسود الذي يتخلله بعض الشعر الأبيض وتلك العينين الحنونتين .
(مرحبا ,تشارلي ) قلت بابتسامة واسعة
(مرحبا ياطفلتي ,طلبك المعتاد؟)
-(بالطبع, كيف حال ترافيس وزوجته؟)
(إنهما بخير ,جيسيكا متوترة من عدم قدرتها على العتناء بالطفل )ابتسم ثم أضاف (أظن بأنها ستفقد عقلها خلال هذا الأسبوع اذا كان الصبي يشبه ترافيس )
ضحكت دانييل (ومالذي كان يفعله ؟)
رفع حجبيه باستمتاع قائلا(لقد كان ينام طيلة النهار ويستيقظ طوال الليل ويبدأ بالبكاء حتى الفجر )
قالت دنييل مشفقة على الوالدين الجديدن (يالها من مسكينةجيسيكا) شربت قليلا من الموكاتشينو الذي طلبته وأضافت (ألهذا ستيلا معهما ؟)
(نعم ,وأنا كاتائه من دونها ) كانت ستيلا زوجة تشارلي لطيفة أيضا
(اذا أردت بإمكاني المساعدة ,أنا مستعدة )
(أوه عزيزتي ,هذا لطف منك .لكنك لابد مرهقة من تعليم هؤلاء الصغار منذ الصباح )
نظر تشارلي الى ركن المقهى ليرى أحد الزبائن يشير اليه فقال لدانييل (عظيم ! مالذي فعله الفتى الجديد الآن ؟؟)

كان هناك موظف جديد في طافم تشارلي وقد كان اسمه براد في السابعة عشرة ,كان دائما يرتكب الأخطاء قيضيع الطلبات أو يخلطها وقد صبر تشارلي معه لأنه صغير لكنها تعرف أن صبر تشارلي سرعان ماينفذ ..قالت (لاتقلق ,وتذكر أن تعد الى عشرة )
ضحك تشارلي وذهب .

أخذت دانييل تفكر في حياتها ,ياترى هل أبدى والدها اهتماما بها عندما ولدت ؟هل كان يساعد والدتها في رعايتها أم أنه لم يرغب بها منذ البداية ؟

أغمضت عينيها للحظة ,ترسم في مخيلتها منظر العائلة التي لظالما حلمت بها ..والدها جالس على الأريكة ووالدتها بجانبه وهي تعزف على البيانو الموجود في غرفة الجلوس ونار المدفأة تمد الغرفة بالدفء والحنان والمودة الأسرية ..قرع جرس باب المقهى ليوقظها من أحلامها الوردية التي لن تتحقق لعدة أسباب أولها وأهمها هي أن والدتها قد توفيت محطمة الفؤاد وثانيها أن والدها تزوج من امرأة أخرى ونسي أن لديه ابنة من زواج أول وهي تكرهه لذلك !
تكرهه؟! أهي حقا تكرهه؟ لايمكن ..قد تكون مستاءة منه لأنه تركها ..
كانت تهم بالمغادرة عندما اقتربت ليندا منها وهي عاملة في المقهى قائلة (دانييل ,كدت أنسى .لقد كان هناك رجل يسأل عنك )
رجل؟! ويسأل عنها؟!
عقدت دانييل حاجبيها وقالت (ماذا كان يريد؟)
لم تكن لديها ديون حتى يأتي ليسأل عنها رجل وهي لاتعرف غير ترافيس وتشارلي ..من يكون ؟؟
قالت ليندا متحمسة (لم يقل ولكنه قال أنه سيعود)
سألت دانييل (هل قال اسمه ؟)
ردت ليندا(لم يقل أيضا )أضافت (أرجو أن أكون موجودة عندما يعود فهو وسيم جدا)
ابتسمت دانييل (الكل عندك ياليندا وسيمين )
ضحكت ليندا بخجل
خرجت دانييل وهي تفكر من يكون هذا الرجل ؟؟ولماذا يبحث عنها ؟
ركبت سيارتها اللاند روفر الكحلية متوجهة الى منزلها .لقد كانت تسكن في المنزل الذي كانت والدتها تسكن فيه بعد أن ذهبت دانييل الى الجامعة وهو طبعا ليس المنزل الذي كانت تسكن فيه عندما كانت صغيرة فبعد أن طلق والدها أمها انتقلوا من المنزل يعد أن عرض عليهم والدها السكن فيه ..لكن والدتها عارضت وانتقلوا الى هذا المنزل الجميل الملئ بالذكريات
ركنت سيارتها في المرآب ودخلت البيت الملئ بالذكريات الجميلة مع والدتها ...نظرت من خلال النافذة ورأت الشمس تغرب ......
آه كم أكره الغروب!!!


-------------------------------------------


استيقظت دانييل في الصباح في غرفة الجلوس بعد أن غلبها النوم وهي تقرأ كتابا معانية من ألم في رقبتها جراء النوم على الأريكة ..كان اليوم هو السبت وهذا يعني أنها في اجازة لذلك خططت لقضاء اليوم في المتنزه وقد تقرأ كتابا

أخذت تتمشى في المتاحف والمتاجر وخاصة متجر هدسون لأنه المفضل لدى دانييل واشترت بعض الأشياء وعندما جاء منتصف النهار ,جلست تحت ظل شجرة وأخذت تقرأ كتابا اشترته .
مر الوقت وهي تقرأ منصتة الى الى زقزقة العصافير والهواء النقي يلفح وجهها ..كانت مستغرقة في القراءة لدرجة أنها لم تسمع الخطوات التي كانت تقترب منها ...أجفلت دانييل عندما سمعت صوتا عميقا لدرجة أن الكتاب طار من يدها يقول(دانييل باركر؟)
صرت دانييل على أسنانها فقد قاظعها في جزء مهم من الكتاب وعندما همت أن تأخذ الكتاب اذا بيد تمتد وتلتقط الكتاب بكل خفة ,زاد غضب دانييل (لقد أفزعتني ,من تكون ؟)
تنقلت نظرات دانييل من حذاء الرجل الذي كان يدل على أنه ثري الى بذلته الثميتة الى جهه ولاحظت ذلك الوجه الوسيم ,وذلك الشعر الكثيف الشديد السواد والذي كانت الشمس ترسل أشعتها عليه ,وتلك العينان السوداوين ...لم تر في حياتها مثلها أبدا ..وخفق قلبها
لم يجب على سؤالها بل بادلها نظرتها ثم رفع أحد حاجبيه قائلا (هل أنت دانييل باركر ؟)....
انه حتى لم يعتذر منها لأنه أخافها .....فعلت مافعل بحاجبه وقالت




(هذا يعتمد على من يسأل )

وقفت على قدميها ومدت يدها نحوه وقد كانت بعيدة لكن قلبها الغبي لم يكف عن الخفقان ..لقد كانت تظن أن السبب هو فزعها منه عندما أخافها .نظر الى يدها الممدودة باستفهام فقالت (الكتاب من فضلك )

أعطاها الكتاب وعلى وجهه علامات نفاذ صبر وقال(رايانويليامز,يجب أن نتحدث ياآنسة باركر .هناك مقهى في الشارع المقابل ,لنذهب )
صدمت دانييل من استبداديته وقالت بحدة (انتظر لحظة ,من أنت لتصر الأوامر بحق الله؟)
بدت على وجهه علامات الصدمة التي سرعان ماندثرت تحت قناع وجهه الذي من جديد




(ظننت أنني قلت من أنا ,لكنك على الأرجح لم تسمعيني .أنا رايان ويليامز)

ضحكت باستهزاء وقالت (لقد سمعتك من قبل ولكن من يكون رايان ويليامز)

أرسل لها نظرة من عينيه الباردتين ارتعدت لها أوصالها ثم قال بصوت منخفض زاد من رعشتها (ستعرفين عندما نذهب )
ثم شرع بالمشي متوقعا أن تتبعه
لم تجد دانييل أمامها الا أن تتبعه فجمعت أغراضها بسرعة ولحقت به مكرهة وقد كرهت نفسها
أخذت تسرع في المشي وعندما وصلت الى جانبه نظر اليها ولاحظ الأغراض التي معها فقال (دعيني أحمل عنك)
ردت بحدة (كلا,أستطيع تدبر أمري )
مضت لحظة صمت قصيرة قال بعدها (كما تريدين)
عندما وصلا الى باب المقهى فتح الباب وتنحى جانبا لتدخل فقالت بسخرية (شكرا) وأكملت في نفسها ..الآن تذكرت آداب المعاملة ....
جلسا الى الطاولة فقالت (ماذا تريد ياسيد ويليامز؟)
في تلك اللحظة اقترب تشارلي ليأخذ طلبهما عندها قال للمدعو ويليامز(اذن لقد وجدتها!)
ثم أضاف قائلا لدانييل (لقد جاء يبحث عنك )
كانت تريد أن تعلق على كلام تشارلي لكن رايان سبقها قائلا(أشكرك سيد يورك, على مساعدتك .أقدر لك هذا حقا )
نظرت دانييل بسرعة اليه بسبب اللهجة التي تكلم بها ,لقد كانت لهجة دافئة ..لكنها عندما نظرت اليه لم تلحظ أي تغيير في وجهه الجامد.
قال تشارلي (لاشكر على واجب يابني ...نادني تشارلي )
ذهب تشارلي فأخذ رايان يتململ في مقعده وقال (حسنا,دانييللدي خبر سيء ) توقف قلب دانييل ليس بسبب مناداته لها باسمها الأول بل بسبب ماقاله
خبر سيء؟!!
قال بشيء من التمهل لأنه شعر بخوفها (إن والدك يريدمقابلتك ...) أخذ رأسها يدور وهجرها كل احساس بالمنطق وأحست بغضب يتصاعد داخلها
أراد أن يكمل كلامه لكنها قاطعته بسخرية (هذا خبر سيء حقاياسيد ويليامز ) لماذا يريد رؤيتها ؟والآن بعد كل هذه السنوات ؟!ثم وقفت بسرعة لتغادر لكنه أمسك بمعصمها يمنعها من الرحيل فقالت ( اتركني )
ألم يجد والدها الوقت ليأتي بنفسه ؟ألم يستطع أن يعطي ابنته الوقت ؟وأيضا ألم يجد غير هذا الأحمق المتعجرف البارد حتى يستدعيها اليه وكأنها أحد موظفيه الأغبياء ....
قال رايان بغضب وحدة (أيتها الحمقاء الغبية هذا ليس الخبر السيء .....إنه مريض ....لقد أصيب بنوبة قلبية )
شحب وجهها شحوب الأموات وتهالكت على المقعد .........مرت لحظة طويلة جدا أحست فيها بطنين في أذنيها تلاه صمت مميت على الرغم من أصوات الناس في المقهى ............مريض؟؟!
قال رايان (إنه يريد رؤيتك)
وكأن صوته أعادها الى الواقع ولم تعرف مالذي حصل لها .لقد أحست بفجوة في قلبها ..تذكرت والتها طريحة الفراش في ذلك المستشفى البارد ولم يأت أحد لمواساتها ...لم يأت الشخص الذي أرادته أن يأتي .....والدها ...والآن يريد رؤيتها ؟مرت أكثر من عشر سنوات ...لم يأت اليها ...لماذا تأتي اليه الآن ؟ّّ!
تابع رايان (إنه في مستشفى ميرسي في لونغ ايلند ...أريدك أن تأتي معي لتريه .......)
قاطعته (لاأستطيع )
(ماذا؟؟) شرعت بجمع أغراضها لقد كان قرارها وليد لحظة متهورة ...لحظة قلبت الموازين ...لحظة غيرت حياتها الى الأبد ....
همست




(لاأستطيع رؤيته )

وعندما همت بالخروج قالت بصوت بارد وعينين استحالتا الى قطعتين من الثلج ( سأصلي من لأجله !)

وأسرعت بالخروج .
جلس رايان في المقهى وقد صدم من هذه المرأة ..انها ليست كما وصفها جوناثان باركر أبدا ...انها متوحشة ...انها دنيئة ..انها .....ولم يجد أي كلمة يقولها فقد أصيب بخدر في كل أنحاء جسمه .....لكنه يعرف شيئا واحدا ....انه يكرهها وسيكرهها الى الأبد وسوف يحطمها ........
نظر الى فنجان الموكاتشينو الذي يخصها وأراد أن يكسره وكأنه بذلك يحطم تلك المرأة ......


*********************************



أنتظر ردودكم بفارغ الصبر



[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

• мįηнσ 02-25-2013 08:47 PM

كيف حالك ؟

اعجبتني الرواية كثيرا ، وقد طغى عليها الحزن فواد من روعتها

شكرا على نقلها ، وننتظر الفصل القادم على احر من الجمر


تحيااتي ..

roxan anna 02-26-2013 03:02 PM

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/28_01_14139093807305871.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


(((عيناك عذابي...............))))




الفصل الثاني :


((لا تـــــــــــــــــــــــــــــــــرحل .))




عندما وصلت دانييل الى المنزل كانت ترتجف كورقة في مهب الريح , لم تصدق أنها فعلت ما فعلت

لقد رفضت رؤية والدها المريض ,كان يريد أن يراها *إنك قاسية القلب *أخذ صوت يهمس في أذنيها فوضعت يديها عل أذنيها ...كانت لا تزال مستندة الى الباب ..لقد كانت ترتجف بشكل واضح وساقيها لم تقدر أن تحملها فتهالكت جالسة في الردهة وتقوقعت على نفسها محركة جسدها الى الأمام والخلف كالمجنونة ..
إنها مجنونة !!!!
لقد رفضت والدها وهو في أمس الحاجة اليها ....فقط بسبب غبائها وقلة عقلها !!
كان المكان يغرق في الطلام والصمت وكأن هذا الصمت يقول لها كم أخطأت ليزيدها تعاسة وبؤسا ..تمنت لو أن والدتها معها لتواسيها وتحتضنها ...تحتضنها؟؟؟
إنها تستحق الضرب لما فعلت وتلقائيا أخذت تضرب نفسها بيديها ..
صرخت في المنزل الخالي (ماذا فعلت هذا ؟إنني لا أستحق الحياة ,أتمنى لو أنني من مات عوضا عن أمي )
الموت ؟؟
ماذا لو أن والدها مات وهو يطلب رؤيتها ؟ ماذا لو مات ولم أستطع أن أراه ؟؟؟ ماذا لو أخبره رايان ويليامز بأني رفضت رؤيته وكرهني ولم يسامحني ؟ماذا لو .......
أخذت تشهق باكية واستحالت شهقاتها الى بكاء مرير استمر لساعة بعد ذلك تخول الى نشيج محدقة الى الفراغ وهي لا ترى شيئا ....
أرجوك ياإلهي خذ حياتي الآن فأنا لا أستحقها ......
استندت بيدها الى الجدار وجرت نفسها الى غرفة الجلوس ,كانت الشمس قد بدأت بالغروب فأحست بطعنة نجلاء في صدرها .....
إن حياة والدها تذوي مع مرور الدقائق كالشمس التي تفقد نورها ند الغروب وهي جالسة هنا رافضة رؤيته .غطت وجهها بيديها وعادت الى البكاء متهالكة على الأريكة حتى غلبها النوم .


*****************************

****************************************

أطلقت دانييل صرخة قوية عندما راودها حلم مريع ...فاستيقظت ونظرت الى يديها التي تتصبب عرقا ثم أحست ببرد شديد فارتجفت .....
لقد رأت والدها ..كانت تمشي في طريق طويل ومظلم وخالي ,كانت خائفة وفجأة ظهر شخص بعينين خضراوين وشعر أشقر ..لقد كان والدها فركضت اليه لكنه أوقفها بإشارة من يده قائلا (لا تقتربي مني ) واستدار وتركها ....عندها أحست بكلاب تطاردها فاستيقظت .
إنه يكرهها ..إنها تستحق هذا ..جلست غلى الأريكة حوالي العشر دقائق مفكرة وشاعرة بالوحدة
إنها تحتاج الى من يواسيها ولكن من ؟
نهضت وغسلت وجهها وذهبت الى غرفتها وبدلت ملابسها ,ارتد نظرها الى درج صغير كانت عاهدت نفسها ألا تفتحه لكنها أخذت المفتاح وفتحته ,كان يحتوي على صور طفولتها مع والدها ..آه كم تحبه وطفرت الدموع من عينيها وهي تتذكر ما حصل ....كانت سعيدة جدا الى أن افترق والداها ..
بدأ الانشقاق في حياتها ندما كانت في الحادية عشرة من عمرها ,لاحظت أن والديها يتشاجران لأتفه الأسباب ,مرت سنة على هذه المشاجرات وأصبح والدها يغيب عن المنزل معللا غيابه بأمور العمل وعندما كان والدها يعود كان هو ووالدتها يستمران بالشجار
حتى جاء ذلك اليوم .....
وعدها والدها بالذهاب الى نزهة ,فقط هو وهي وعندما سألت والدتها بالمجيء معهم رفضت ..كانت في قمة السعادة ذلك الى أن حان وقت العودة حيث قال والدها بجدية ( دانييل طفلتي ,أريد أن أقول لك شيئا مهما )
لقد أخبرها بأنه سيغيب عن المنزل لفترة طويلة ,سألته بكل براءة ( لكنك ستعود ,أليس كذلك؟)
تنهد والدها بعمق ( كلا ,لن أعود للعيش معكما يا طفلتي !هل تفهمين؟)

قاطعنه دانييل ( كلا ,لا أفهم مالذي تعنيه ؟) صمتت ثم قالت ( إنك أبي )
قال لها جوناثان ( عزيزتي ,لن تفهمي الآن لكنك ستكبرين وتفهمين ...) لكن دانييل لم تستمع له بل بدأت بالركض فركض خلفها فأخذت تصرخ باكية ( إنك لا تحبني )
(أبدا ,لا تظني أبدا أني لا أحبك يا طفلتي فأنت حياتي )
قالت باكية ( لا ترحل ,أرجوك ) لكنه لم يرد بل أخذها الى البيت .
كانت زيارات والدها تقتصر على نهايات الأسبوع والمناسبات وكانت دانييل تتمنى لو يعود والديها لبعضهما لكن لا جدوى فقد كانت كل زيارة لوالدها تنتهي بشجار ..مرت الأيام وهي على تلك الحال حتى أصبح عمرها خمسة عشر سنة وجاء ذلك اليوم عندما ذهب والديها الى المحامي للطلاق بدونها ..انتهى كل شيء وعندما عادا ودعها والدها وكان يريد الجلوس معها لولا نظرات المحامي له وغادر ومنذ ذلك اليوم لم تره ..إنها تتذكر بكاء والدتها في غرفتها ,عندها أحست دانييل بالغضب فدخلت على والدتها قائلة ( اذا كنت ستحزنين هكذا فلم جعلته يرحل ؟
إن هذا خطؤك )
(عزيزتي ,إنك لا تفهمين ..) لكن دانييل لم تسمع بل انطلقت خارجة من البيت ...عندما تذكرت دانييل كل هذا ,أدركت شيئا واحدا إنها ترفض رؤية والدها مع يقينها بأنها تريد رؤيته تماما مثل مافعلت والدتها ...وهي لا تريد أن تعيد التاريخ المرير نفسه ,كلا ..
سوف تذهب لوالدها وتطلب منه مسامحتها وتستمتع برفقته ,,إنه عائلتها الوحيدة ...

*********************************

أخذ رايان يدعك جبينه وعينيه من شدة التعب ,لقد كانت ليلة البارحة متعبة فقد أخذ يتفحص بعض الأعمال في الشركة وقد أنهكه هذا العمل لأنه لم ينم منذ ثلاثة أيام ...والآن هاهو في المستشفى الى جانب جوناثان منذ الصباح ...
قال للمرأة بجانبه ( اذا قال الطبيب عندما أتى ؟)
تنهدت مورا باركر زوجة جوناثان ناظرة الى زوجها بعينين دامعتين ( قال بأنه قد يبقى في غيبوبة ليومين ) ثم التفتت الى ابن أخيها قائلة بتضرع
( أريد فقط أن أسمع صوته )
جلسا بضع دقائق بدون أن يتكلما لا يقاطع صمتهما الا أصوات الآلات الموصلة بجوناثان حتى دخلت ممرضة فأفسح رايان وعمته المكان للممرضة لتقوم بعملها بكل احتراف ...وتساءل رايان ..كيف حصل هذا لجوناثان النشيط والقوي ...ما إن خرجت الممرضة حتى أحس رايان بحركة صادرة من جوناثان فنظر الى عمته التي شحب وجهها من الفرح ..ثم اقتربا من السرير فأمسكت مورا بيد زوجها وهمست بصوت ضعيف 0( جون ,عزيزي..) وانحدرت دمعة على خدها
همس جوناثان بصوت لا يكاد يسمع ( دانييل ....) ولم يكمل كلامه اذ عاد يغط في نوم عميق ..
نظر رايان الى عمته التي قالت ( ماذا يعني هذا؟)
قال رايان بتمهل (إن هذا يحصل عند المرضى فهذه ليست غيبوبة دائمة .لذلك من الطبيعي أن يستسقظ المريض من حين لآخر ثم يعود الى الغيبوبة ..لا تقلقي عمتي سيكون بخير ..)
أخذت مورا تبكي وهتفت ( لا أستطيع العيش بدونه .سأموت بعده)وبكت بصوت خافت ...قالت بعد حين ( هل ستأتي دانيييل ؟) كانت مورا تعرف بزواج جوناثان الأول وبأن له ابنة
أخذ رايان يفكر في تلك الابنة ومدى كرهه لها .إنه يشك بأن تكون ابنة جون ,لكن كل شيء فيها يذكره بجوناثان ,ذلك الوجه وذلك الأنف وطريقة كلامها وصوتها الشبيه بصوت والدها لكن بشكل أنثوي وأيضا تلك العينان الخضراوان اللتان تلمعان بشكل باهر مع كل انفعال ..الشيء الوحيد المختلف هو شعرها البني اللامع .
الذي لا يستطيع فهمه هو تصرفها إزاء مرض والدها ,لقد توقع أن تصرخ ,أن تبكي لكنها فقط شحبت كالأموات .....
انتشله صوت عمته من أفكاره عن دانييل وقد ارتاح لذلك فلسبب ما كانت تلك الفتاة لا تفارق أفكاره
قالت عمته (رايان عزيزي ,ما بك ؟) قال
(لاشيء .) ثم تنهد.
(ألن تأتي دانييل ؟) .......ماذا يفترض به أن يقول ؟ أنها لن تأتي ويجرح شعورها وشعور جون ...ولكن ماذا بوسعه أن يفعل .رباه ما هذه الورطة !
وجد نفسه يقول ( انها مسافرة .!)
(مسافرة ؟؟؟) تعجبت مورا وقالت ( الى أين ؟)
تمنى رايان لو يختفي .مالذي جعله يكذب بهذا الشأن ؟ ولم يعرف كيف تابع كذبته ( لقد سافرت الى بوسطن وسترجع قريبا ,لا تقلقي سأخبرها حالما تأتي )
ترددت مورا ( لكن ألا تستطيع أن تتصل بها وتطلب منها المجيء ؟)
(لا أظن أن هذه موضوع يناقش عل الهاتف ,
لا تقلقي سأحرص على أن تعلم حال عودتها )
*ياإلهي !!* صرخ رايان عندما أصبح لوحده ,ماذي فعلته؟ لماذا كذبت ؟لماذا غطيت عليها ؟إنه يكره تلك الفتاة ويتمنى لو يقتلها

بيديه ..............أنا أكرهها ..............


*******************************


لم تذق دانييل طعم النوم ,بعد أن تذكرت كل شيء عن طفولتها وعن حياتها ....معرفتها بأن والدها مريض جعل حياتها جحيما لا يطاق ...جاء يوم الاثنين ، نظرت من النافذة كل شيء كما هو في الخارج
الطيور ترفرف بجناحاتها على الأشجار والسماء صافية والنسيم يهب والأطفال يتوجهون الى المدرسة وكأن الحياة لا تزال مستمرة في الخارج بينما داخل منزلها لا تزال الحياة متوقفة عند معرفتها بمرض والدها ...لقد قررت الذهاب لكنها لم تجد الجرأة ...
ارتدت دانييل ملابسها لتذهب الى المدرسة لتقدم إجازة لمدة شهرين فهي لم تذهب في إجازة منذ توظيفها ..,وبالفعل طلبت الإجازة وهي هناك أحست بالنظرات تلاحقها لمنظر وجهها المنتفخ لكنها لم تعرهم الاهتمام
عندما خرجت الى ملعب المدرسة وجدته فارغا ,توجهت الى مكان للعب كرة السلة المفضلة لديها
لقد كانت تلعبها مع والدها ...إنه أبي الحبيب ....
(دانييل !) التفتت بسرعة لترى القادم , لقد كان ترافيس ابن تشارلي ...تقدم اليها وقال ( دانييل ,أين كنت ؟لقد بحثت عنك كثيرا ) ثم توقف فجأة لينظر اليها ( مالذي حصل لك؟إنك شاحبة ,لم تأت الى المقهى البارحة فقلقنا عليك )
ضحكت بتعب وقالت ( إنني آسفة ولكن كنت أعاني صداعا مؤلما البارحة ) صمتت ثم تصنعت المرح قائلة ( ماذا تفعل هنا ؟أليس من المفترض أن تكون مع جيسيكا ؟)
(بلى ,لكن أتيت أتأكد من إجازتي ) كان ترافيس معلما للرياضيات وصديق عزيز لدانييل
تابع ( بما أنني وجدتك فلنذهب الى المقهى فوالدي قلق عليك وكذلك أمي )
ما إن وصلت دانييل مع ترافيس حتى عنفتها ستيلا زوجة تشارلي لشحوبها وقدمت لها الطعام المكون من حساء الدجاج مع كأس من العصير .وجدت هناك جيسيكا وهي صديقة مقربة لدانييل وابنهما جوزيف ...لم تستطع دانييل أن تتحمل مظاهر السعادة ..لماذا لا يكون لها عائلة كهذه ..وتذكرت والدها ..إنه يدين لها بتفسير لتركه لها بهذا الشكل بدون أن يتكبد عناء السؤال عنها تأجج غضبها لدرجة أن دمعة تدحرجت على خدها فمسحتها بسرعة بدون أن ينتبه اليها أحد ..أخذت تقلب الحساء السخن في صحنها بدون شهية مع أنه لذيذ إلا أنها تفقد شهيتها عنما تتوتر أو يكون هناك شيء يشغل تفكيرها .نظرت الى خارج المطعم من النافذة التي تطل على المنتزه القريب ...لترى الأشجار التي تهزها رياح نهاية الشتاء ورأت الناس من كافة الأعمار ...أناس ذاهبين الى أعمالهم ..أطفال يلعبون ,كان يوما جميلا دافئ والشمس تمد أشعتها على العشب الأخضر في المنتزه ونسمات باردة تحرك الأشجار بخفة .....
(أين وصلت ؟) قال تشارلي بخفة فاتفتت وهي ترسم ابتسامة على فمها الجميل ثم تنهدت ( ليس الى مكان معين )
(مالأمر ؟) قال بجدية وتابع ( انك لست على مايرام)
قالت بدون مقدمات ( سأذهب الى لونغ ايلند لأزور والدي )
صمت ثم قال ( لماذا ؟) ضحكت متعبة وقالت ( ألا تظن أنه حان الوقت لتقديم تفسيرات ؟) صمتت ثم تابعت ( بالإضافة الى ذلك فهو مريض
وقد أرسل في طلبي ...)
(وهل تذكر الآن أن لديه ابنة ؟بعد أكثر من عشر سنوات لم يسأل خلالها عنك ..) كان هذا ترافيس الذي كان يستمع الى كلامها
(ترافيس !) نبهه والده لكنه لم يصمت ( لقد تأخر كثيرا في طلبك ..أنظر اليها كيف تبدو ...لابد أنه طلبها ليطلب منها الغفران ... )
قالت بحدة ( قد يكون كذلك ولكن هذا لا يمنعني من أن أذهب الى والدي الذي يحتضر أريد أن ان كان يحبني أملا !أريد أن أعرف ما اذا كنت ولدت بغير ارادته !انه يدين لي بتفسيرات لا تحصى ..وفوق هذا كله مرضه قد يكون الآن ميت وأنا لم أره ولم أسمع صوته ...) صمتت وهي تتنفس بسرعة ناظرة الى ترافيس
الذي تفاجأ من ردة فعلها ...
تابعت بعد فترة قصيرة بصوت مخنوق ( إنك لاتفهم ولن تفهم )
حدق تشارلي بابنه بنظرة مؤنبة لإيلامها هكذا ...قال بعد لحظات
( أن آسف ,لم أكن أقصد)
قاطعته قائلة ( لابأس ترافيس ,كلامك قد يكون صحيحا ) ثم هزت كتفيها ورفعت نظرها الى تشارلي قائلة ( ولكن هذا شيء واجب علي فعله ) ثم أحست بغصة في حلقها تضغط عليها فأخذت نفسا عميقا لتهدأ نفسها ولكن دمعتين خانتاها فمسحتهما بغضب وقالت بغصة ( لقد وعدت نفسي ألا أبكي ) مد تشارلي يده وربت على يدها الباردة قائلا ( عزيزتي ,إنك محقة في قرارك ونحن ندعمك ..) ثم نظر الى ترافيس وتابع يمزح ليبدد الغيوم التي هاجمت حياة دانييل من دون سابق انذار ( ولاتبدي اهتماما لما يقوله ترافيس .فهو كما عهدته أثناء دراستكما معا مغفل دائما ) ضحكت من قلبها بسبب النظرة المعارضة من ترافيس ,
بعدها قال تشارلي ( هكذا أريدك دائما ..سعيدة..)
أخذت تتأمل العلاقة التي تربط تشارلي وترافيس ,إنها علاقة أب بابنه ...قريبا ستلتقي بوالدها وستفهم كل شيء ...

***********************************


أتمنى يعجبكم وألقى ردود من الأعضاء الباقين ,,,

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]


roxan anna 02-26-2013 03:03 PM

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/28_01_14139093807305871.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
(((عيناك عذابي...............))))


الفصل الثالث

(( ارتباك واتهامات ))


امتدت الحقول إلى جانبي سيارة دانييل الكحلية ,لقد استيقظت منذ الصباح الباكر لتصل إلى لونغ آيلند مبكرا ....
امتدت الهالات السوداء تحت عينيها لتسبغ عليها مظهرا تعيسا ,لم تستطع النوم ..وكيف تنام وأمامها لقاء لا تعرف كيف سيتم ؟هل سيتعرف إليها والدها ؟
ارتشفت قليلا من القهوة التي أعدتها لتساعدها في التركيز على القيادة لمدة ساعتين ....لكن أين ستذهب أولا ؟هل تذهب إلى المستشفى أم تذهب مباشرة إلى منزل والدها ...
توقفت عند فندق صغير وحجزت غرفة فيه ..كانت الغرفة جميلة وصغيرة ,أخذت ترتب ملابسها القليلة التي جلبتها معها .بدأت بتعليق فستانها الوردي الذي أصرت جيسيكا أن تأخذه معها ,أخذت دانييل تجادل جيسي
(ولم أحتاج إلى فستان بحق الله ؟)
قالت جيسيكا
( لأنك قد تحضرين حفلة هناك .)
(أنا لست ذاهبة لأحضر حفلات بل لأزور أبي )
(ولكنهم قد يقيمونها على شرفك .)
ضحكت دانييل
( إنك حالمة جدا يا جيسي .)
والآن وهي تقوم بتعليقه أدركت أنها ارتكبت خطأ اذ استمعت إليها .
ارتدت بنطال أسود وقميصا أبيض وربطت شعرها بربطة مرقطة بالأبيض والأسود استعدادا للذهاب إلى المستشفى انطلقت دانييل بسيارتها بعد أن سألت عامل الاستقبال عن موقع مستشفى ميرسي .لقد حفظت اسم ذلك المكان عن ظهر قلب فهو المكان الذي ينام فيه والدها طريح الفراش .قادت دانييل سيارتها خلال شوارع لونغ آيلند التي تغيرت إلى حد كبير خلال السنوات التي غابت عنها ..زلقد كانت تعيش هنا قبل أن تنتقل مع والدتها إلى نيويورك ...
لقد كانت أياما جميلة مليئة بالسعادة زلكن لا شيء يدوم ..
(وأخيرا ,مستشفى ميرسي !) تمتمت وهي تركن سيارتها في موقف سيارات الزوار وقد تملكتها مشاعر الخوف والارتباك ..جلست في سيارتها ممسكة بالمقود ..ماذا لو رفضها والدها وزوجته ؟ماذا لو عاملها ببرود ؟ولكن لا ..لا شيء سيقف في طريقي الآن بعد أن وصلت ...قالت دانييل فينفسها ....وبسرعة تحررت من حزام الأمان واختطفت حقيبتها ومعطفها ونزلت من السيارة بسرعة قبل أن تخونها أحاسيسها وخوفها من الرفض ....ولكن على الرغم من هذا كانت لاتزال ترتجف ...
وما إن وقفت أمام بوابة المستشفى حتى انفتحت آليا وكأنها تقول لها بأن لا مجال للهرب والرجوع عن قرارها ...تقدمت بخطى واثقة مزيفة بمعطفها المقلم بالبني والبيج والسكري ...
(عذرا ...لكن أين غرفة جوناثان باركر؟) قالت لعاملة الاستقبال
تقدمت ممرضة كانت بالقرب من عاملة الاستقبال ( عفوا ولكن هل لي أن أعرف من أنت ؟) تعجبت دانييل ! هل من العادة أن يسألوا عن اسم الزوار (أنا دانييل باركر ....ابنته ) ردت بثبات
انفرجت أسارير الممرضة (أحقا؟ آسفة إذ سألتك عن اسمك فهناك أوامر مشددة حول الزوار وهم فقط من العائلة ,تبدين متعبة !)
ابتسمت دانييل للممرضة وهي تقودها نحو غرفة والدها والخوف يتملكها , كان المستشفى خاليا إلا من بعض الممرضات والأطباء المنوبين ..تلقائيا نظرت إلى ساعتها إنها الثامنة والنصف ... .....توقفت الممرضة عند باب غرفة خاصة وفتحت الباب قائلة (لقد تعرض إلى نوبة قلبية حادة لكن لحسن حظه اجتازها بعد إجراء العملية له ولكنه الآن في غيبوبة قد يستيقظ منها اليوم أو غدا ...تفضلي ,,لا تخافي ) قالت بعد أن رأت أن دانييل لا تقوى على الحركة ...تنفست دانييل بعمق مبتسمة للممرضة ابتسامة فارغة وتقدمت إلى الأمام في منتصف الغرفة حيث توقفت ...وهناك رأته ممددا تحت تلك الأغطية الباردة موصولا بعدد لا يحصى من آلات مراقبة القلب وفي داخل أنفه أنبوب ...وتلقائيا تقدمت دانييل إلى السرير واضعة يدها حول فمها مخافة أن تطلق صرخة كتمتها في داخلها منذ زمن ...أرادت أن ترى والدها ولكن وقد رأته تمنت بأنها لم تره ...
تمنت بأن لم تره هكذا ...طريح الفراش لا يقوى على الحركة ..وقد غاب عن هذه الحياة مؤقتا ..لم تكن تريد أن ترى والدها النشيط والقوي ضعيفا وخائر القوى ..نظرت إلى والدها ..كم هو غريب عنها وفي نفس الوقت تعرفه حق المعرفة ..ولكن السنين غيرته ...من الخارج على الأقل .,فذلك الوجه الجميل القوي الذي ينضح شبابا وثقة قد أصبح الآن جميلا تغمره التجاعيد حول عينيه وفمه وذلك الفك البالغ التصميم قد أصبح أكثر تهاونا وكأنه قد تعب من السباق مع الزمن ..وذلك الشعر الأشقر غزاه الشعر الأبيض فأصبح لونه رمادي ..لقد تغير كثيرا وهي لم تكن معه خلال تلك السنوات التي فعلت به هذا ... وبهدوء انحنت على سرير والدها وأخذت تبكي بحرقة ممسكة بيده وكأنها كانت تخاف أن يأخذها أحد بعيد عنه ...
أحست بحركة بادرة من والدها بعد مرور حوالي العشر دقائق ...وبسرعة مسحت دموعها بظاهر يدها ونظرت إلى والدها ..كان يرفرف جفنيه ويحاول أن يقتلع ذلك الأنبوب من أنفه ...تصرفت دانييل بسرعة إذ ضمت يدي والدها بنعومة قائلة (أبي ,لا تخف ) ثم ألقت جرس استدعاء الممرضة ..
لم تمر دقيقة إلا والممرضة موجودة وباحتراف أخذت تقوم بعملها فهدأ والدها وتمتم من بين شفتيه بصوت خشن
(ماء......)
فأخذت دانييل الماء ليشرب تحت إشراف الممرضة ...بعدها اتسعت عيناه الخضراوين الشبيهتين بعينيها ونظر مباشرة إلى عينيها قائلا بصوت متعب (نيلي,هذا أنت يا طفلتي ....) ضحكت دانييل ضحكة واسعة وقد تجمعن الدموع في مآقيها اثر ما قاله والدها ...لطالما دعاها بنيلي .....قالت تغيظه كما كانت تفعل (مرحبا أيها العجوز الطيب )..استطاع والدها أن يرسم ابتسامة على ثغره المتعب وقال بمزاح (لا أظن أني سأجادلك في هذا يا طفلتي ..) ثم أغمض عينيه بألم صامتا لثوان ظنت بأنه نام لكنه تمتم(سامحيني يا طفلتي ....) أحست دانييل بأن قلبها قد طعن بطعنة نجلاء ...هذا التوسل قد أزال كل سوء ظن وسوء فهم ...قالت في نفسها *لقد سامحتك منذ زمن طويل *ولم تستطع أن تقول له هذا إذ غط في نوم عميق فظنت دانييل بأنه رجع للغيبوبة لكن الممرضة قالت ( لقد تخطى مرحلة الغيبوبة إنه الآن نائم فقط ) صمتت ثم أضافت (لقد انتظرنا استيقاظه منها وخصوصا عائلته ولكن أظن أن قدومك هو المفتاح ) اغرورقت عينا دانييل بدموع حارة لم تستطع كبتها وانهمرت بصمت ...إنها لم تخطىء بمجيئها ..سمعت الممرضة تقول بأن الطبيب سيأتي ليقوم بجولته ثم أضافت
(هل أتصل بالسيدة باركر ؟حتى تأتي أم أنك ستتصلين بها ؟)
صمتت دانييل ,إنها خائفة من هذا اللقاء إنها لا تحب أن تلتقي بأناس جدد فكيف بزوجة والدها التي لا تعرفها ولا تعرف اسمها
انتبهت للممرضة التي لا تزال تنتظر الجواب فقالت بتوتر
(هلا تتصلين بها من فضلك؟) أومأت الممرضة فشكرتها دانييل
تهالكت على مقعد قرب السرير مفكرة هل ستحب زوجة والدها أم أنها ستكون مثل القصص الكلاسيكية شريرة ...ابتسمت ساخرة من نفسها ..إنها تفكر بطفولية ...أحست بالنوم والراحة تدب في أوصالها ..أخذت العديد من الأفكار تقفز إلى ذهنها ...هل أنجبت زوجة والدها أطفال ؟ ابتسمت لهذا فلطالما تمنت بأن يكون لها أخوة ...وفجأة طرأت على ذهنها فكرة أجفلتها ..هل سيأتي رايان ويليامز ليزور والدها ؟هل ستلتقيه مرة أخرى ؟هذه الفكرة أجفلتها كثيرا ...خصوصا بعد الذي قالته في المقهى ....لكن على الأرجح أنها لن تراه مرة أخرى فلابد أنه لن يزعج نفسه بزيارة والدها ...فارتاحت لهذه الفكرة وغطت في نوم عميق على صوت آلة مرقاب القلب وقد ارتسمت ابتسامة صغيرة على فمها الجميل ..

**********************************


قاد سيارته بأسرع ما يمكن عندما اتصلت عمته به لتخبره أن
جوناثان قد استيقظ من الغيبوبة فقال لها أن تسبقه هي وأخته
أحدث صوت العجلات صريرا حادا عندما توقفت السيارة عند المواقف ونزل بسرعة مرتديا معطفه الكحلي فوق بذلة رمادية أنيقة .أسرع في مشيه لكن الممرضة استوقفته قائلة أن جوناثان قد نقل إلى الطابق الثالث (شكرا ليديا ) تمتم على عجل ..لقد كان يعرف العاملين في هذه المستشفى لذلك حظي جوناثان بهذه المعاملة الخاصة ...وجد الغرفة وقد كان الباب غير مغلق كليا فقد سمع ضحكة رقيقة يقابلها صوت عميق على الأرجح هو صوت جوناثان وبسعادة ارتسمت ابتسامة على فمه وفتح الباب بقوة لكن الابتسامة ماتت بسرعة لذلك المنظر الذي رآه ...إنها هناك ...جالسة بجانبه ممسكة بيده ...لم يتوقع رؤيتها أبدا وعلى ما يبدو هي لم تتوقع رؤيته أيضا فقد اختفت الابتسامة واختفى المرح من وجهها ,لكن رايان شعر بشيء غريب ,شيء قريب من السعادة لرؤيتها ..ولكن لماذا يكون سعيدا لرؤيتها فهو يكرهها ...
لكن الذي لم يرد أن يعترف به كان موجودا مهما كانت رغبته في إبعاده ...
لقد كانت دانييل تشغل أفكاره ليل نهار ...لا يعرف لماذا ؟!
والآن وهو يراها بقميصها الأبيض وشعرها الشبيه بذيل الحصان لا يستطيع أن يفكر بشيء آخر ... إنه يكرهها ...ولكن مالذي تفعله هنا؟
(هل أنت بخير يا رايان ؟) قال جوناثان باستغراب
استدرك رايان نفسه وقال بعد أن اقترب من السرير (من المفترض أن أسألك هذا السؤال ) صمت ثم أكمل بصوت عميق ( هل أنت بخير ؟هل تشعر بأي ألم ؟) ضحك جوناثان وربت على يد رايان بكل محبة (أنا بخير ما دامت نيلي بجانبي )ثم نظر إلى دانييل مكملا (إنها طفلتي الجميلة ..) نظر إليها وهي تبتسم لوالدها تلك الابتسامة الجميلة التي تخطف الأنفاس ....لكن مالذي يفكر فيه ؟يا لك من أحمق !!!
سمع جوناثان يقول (إنكما تعرفان بعضكما طبعا ,فقد ذهب رايان ليخبرك ) قالت (طبعا ,لقد تعرفنا على بعضنا ) ولم تقدر أن تنظر إلى رايان ...ساد صمت متوتر وكأن كلا منهما يتوقع أن تقول شيئا لكنها اكتفت بالابتسام ...وكيف تقول شيئا وقد رأته من جديد ..لقد كانت متخوفة من هذا اللقاء ...لقد كانت تتمنى ألا تراه مجددا ولكن وقد رأته اضطربت مشاعرها ...كانت تضحك مع والدها عندما دخل ..وياله من دخول ...لقد أحست أن حضوره ملأ الغرفة ,لقد رأته وسيما جدا ببذلته الرمادية ومعطفه الكحلي وشعره الكثيف الأسود ...أما عيناه فكانت ما شد انتباهها
فقد كان فيهما من الغموض والبرود ما جعل رعشة تتملكها ,تماما كما رأته أول مرة ولكنها لم تره في المرة الماضية كماالآن شفقد كان ذهنها مشغولا ...وهي ليست بتلك الفتاة التي تلاحظ كل شيء من المرة الأولى خاصة عندما تكون متوترة ...إنها لم تشعر أبدا بمثل هذه المشاعر ,إنها مشاعر متضاربة من الخوف والإثارة ...والآن وهي تنظر إلى جانب وجهه رأت مالم تره ذلك الأنف المستقيم وكأنه قد نحت في منتصف وجهه ...لا يوجد كلمة تصف مثل ذلك الأنف إلا ارستقراطي ....نعم! أنف ارستقراطي
(.........يا دانييل ؟)عنفت نفسها بسرعة إذ أخذتها التأملات في ذلك الرجل الذي لا بد يحتقرها وذلك واضح من تلك النظرات التي يرمقها بها قالت
(عفوا؟)
قال والدها
( هل أتى الطبيب عندما كنت نائما ؟)
قالت
( أجل ,وقال بأن كل شيء جيد وبأنه سيبقي والدي بضعة أيام ليطمئن )
رد والدها مشمئزا
( لا أظن بأني أحتاج إلى بضعة ؟أيام فأنا أريد الخروج اليوم )
أجابه رايان بحزم (
جوناثان ,أنت تعلم مدى أهمية هذه الفحوصات ...وأيضا ماذا يضر لو أخذت راحة لبضعة أيام ..)
هل هذا اهتمام الذي سمعته في صوت رايان !!!!ولكن أي علاقة هذه التي تجمع بينه وبين والدها ...وقطبت حاجبيها
تنهد والدها وقال مستسلما (لك ما تريد ) صمت ثم وجه كلامه إلى دانييل (إذا كان لا بد أن تعرفي شيئا عن رايان فهو أنه عنيد لا يقف في وجهه شيء أبدا ) ثم ضحك والدها
أما هي فقد أحست بالارتباك من هذا الجو فابتسمت محرجة وهي تنظر إلى والدها مع علمها أن رايان يخترقها بنظراته ثم رفعت يدها تملس شعرها شأنها عندما تشعر بعدم الراحة والإحراج ..
قال والدها (ما بك ؟إنك تبدين مرهقة ؟هل أكلت شيئا ؟) ضحكت دانييل في نفسها ..لو أنه يعلم
قالت (لا تقلق يا أبي لكني تذكرت بأني لا بد أن أجري اتصالا هاتفيا ..) لقد كان هذا الاتصال منقذا لها وأيضا ضروري
سأل والدها مقطب الحاجبين
(لمن هذا الاتصال ؟)
أجابت
(لأصدقائي فقد وعدتهم أن أتصل بهم فور وصولي )
رد والدها ( حسنا ...وأبلغيهم تحياتي ) خرجت وسمعت صوت والدها يسأل رايان (متى ستأتي مورا وكايت وميا ؟)
من هؤلاء ؟!!!سمعت رايان يجيب ( سيأتون لا تقلق , ربما عمتي مورا تريد أن تكون أنيقة من أجلك ) ضحك والدها
إذن مورا هي زوجة والدها ..لكن لم يدعوها بعمته ؟أهو نوع من الاحترام ؟
طلبت رقم مقهى تشارلي ...رن الهاتف ثلاث مرات عندها سمعت صوت ترافيس يقول
(مقهى تشارلي ,هل من خدمة؟)
ردت بمرح
(مرحبا ترافيس ,هذه أنا )
0أهلا بك أيتها الغريبة ,ألم أقل لك أن تتصلي بي حالما تصلين ؟)
أجابت ضاحكة (اهدأ ,ها أنا ذي أتصل ) صمتت ثم أضافت (كيف حالكم ؟) رد ترافيس ( بخير , لقد كنا ننتظر مكالمتك إنهم يبلغونك تحياتهم وجوزيف أيضا .كيف سار اللقاء ؟) تجمعت الموع في عينيها وردت (لم يحدث شيء من الذي تخيلت أنه سيحدث لي ,لقد عرفني وناداني باسم التدليل الذي اعتاد أن يناديني به عندما كنت صغيرة ) وصمتت وقد أحست بأنها سوف تبكي .شعر ترافيس بذلك فقال ممازحا (ألديك اسم تدليل ؟ما هو؟)ضحكت وقالت (هذا مضحك جدا يا ترافيس )
(إنني جاد في هذا ,ما هو؟) استسلمت وقد عرفت بأنه لن يترك الموضوع حتى يعلم (إنه نيلي)
صمت ترافيس ثم قال (هممم ,إنه لايناسبك .فهو أنثوي )
(مضحك مرة أخرى يا ترافيس )
(إنني جاد ,اسم التدليل الذي يناسبك يجب أن يكون فيه شيء من القوة ) صمت مفكرا وقال (آه إنه داني ,فهو يناسبك .زفأنت تشبهين الرجال في تصرفاتك )
(ترافيس!!!) أخذ يضحك لأنه قدر أن ينتزعها من حالة البكاء التي داهمتها ...غريب كيف أن ترافيس يعرف كيف يخرجها من مزاجها السيء ..تكلمت معه قليلا ثم أقفلت السماعة وبسرعة قفز ذهنها إلى رايان ...لماذ يرمقها بهذه النظرات الغاضبة ؟ إنها لم تفعل أي خطأ ,صحيح أنها تهورت في كلامها لكنها رجعت وحكمت عقلها .....وصلت إلى غرفة والدها وفوجئت بوجود امرأتين إحداهما في منتصف الأربعينات ذات شعر حالك السواد وعينان سوداوين تشبهان عيني رايان والأخرى قد تكون أصغر من دانييل بشعر أحمر وعينان رماديتان لكن أقل حدة من المرأة الأولى ..
(هاقد جاءت نيلي ) أعلن والدها بفرح ..أحست بأن كل العيون تنظر إليها فأصيبت بالارتباك ...
أكمل والدها (هذه زوجتي مورا وهي عمة كايت ورايان ) إذن هذا يفسر حدة العينين نهضت مورا لتلقي التحية فمدت دانييل يدها لكن المرأة احتضنتها بكل مودة ...اتسعت عينا دانييل ...لم تتوقع هذا , سمعتها تقول ( إنني سعيدة لحضورك ) ثم تأملت دانييل قائلة (إنها تشبهك يا جون ) ضحك الجميع ما عدا رايان الذي كان مقطب الحاجبين ابتسمت دانييل فتدخلت كايت قائلة (اتركوا الفتاة وشأنها ,إنكم تحرجونها ,,,,أنا كايت ويليامز ..أخت هذا المقطب الحاجبين ) وأشارت إلى رايان الذي اكتفى برفع حاجبه تعليقا على أخته ...استمتعت دانييل بحديث مورا وكايت ونسيت رايان الذي كان يراقبها ,,,لقد عرفت أن لديها أخت عمرها تسع سنوات واسمها ميا وعلمت أن لدى والدها شركة أدوية ,وأن كايت تعمل في أحد متاجر بلومنغدايل وهذا يفسر أناقتها .سمعت مورا تقول ( يجب أن تزورينا في أقرب فرصة ,ما رأيك الليلة ؟) ثم أكملت تجيب ( لكن لا بد أنك متعبة من سفرك فأنت لابد لم ترتاحي بعد رجوعك من بوسطن ,أليس كذلك ؟)
(بوسطن؟؟) استفهمت وقد تركزت عيناها فجأة على رايان الذي بان عليه التوتر لكنه أخفى ذلك تحت قناع وجهه الذي لا يسمح لمثل هذه المشاعر بالظهور فقال وهو يركز نظرته على دانييل تتحداها أن تنفي الذي سيقوله (نعم ,لقد رجعت من بوسطن وقد اتصلت بها هاتفيا بعد خروجها من ندوة بشأن مناهج التعليم وقلت لها ولم أكن أتوقع حضورها بهذه السرعة ) ثم رفع حاجبيه متحديا ...ما هذا الكلام ؟؟!لكنها فهمت الرسالة التي نقلها بواسطة حاجبيه المعبرين فقالت

(نعم ,إنني متعبة جدا ..ربما آتي غدا )
بالكاد سمعت موافقة مورا لأنها أخذت تفكر مالذي دفعه لقول هذه الكذبة .لكنها كذبة بيضاء أراد بها ألا يجرح مشاعر والدها ومورا ,وهي التي لم تفكر في والدها في خضم تلك المشاعر التي انتابتها يومذاك ,ستشكره على هذا .إنها تقدره لفعل هذا .
تنبهت إلى أن رايان استأذن بالخروج وخرج ,أحست بالفراغ يملأ الغرفة بعد خروجه على الرغم من الحاضرين ...ياله من شخص !
لكنها انحرفت بأفكارها ونهرت نفسها ...فما بالها تفكر بشخص يرسل إليها نظرات كافية لنسف مدينة نيويورك بأكملها ؟!هذا غاية في الحماقة ...إنها فقط تريد شكره لما فعله من أجل والدها ...إنها تشعر نحوه بالامتنان ..نعم!!الامتنان ..لأنه غطى عليها ولم يخبر والدها بحقيقة ما جرى في نيويورك ..
مرت نصف بعد خروج رايان ,تكلمت فيها إلى طايت الحلوة المعشر والتي كانت نقيض شقيقها بعينيها الودودتين وابتسامتها العذبة ........استأذنت بالخروج فجادلها والدها بشأن مكوثها في فندق وبيت والدها مفتوح لها كما قال (لقد كنت خائفة أني لن أتذكرك ؟) ساد صمت قطعته مورا قائلة (دعها ترتاح وغدا تأتي ,أليس كذلك ؟) وجهت كلامها لدانييل التي أومأت لتتخلص من الجدال .
فكرت دانييل بأنها لن تستطيع أن تعيش مع والدها فهي ستشعر بالغرابة وبالتأكيد ستقابل رايان الذي لا تريد أن تصادفه لفترة طويلة ....كانت تفتح سيارتها عندما سمعت صوته يقول (ها قد أتيت أخيرا !) التفتت بسرعة فوقعت خصلة من شعرها على جبينها الأبيض وقابلت نظرته التي اشتدت حدتها حتى ظنت أنها ستشقها نصفين ...
قال والشرر يتطاير من عينيه (كيف تسير الخطة؟) متقدما منها ببطء أخافها وهمست مندهشة (الخطة؟) مالذي يقوله؟

ومالذي يحصل؟
أخرج يدا من معطفه حيث كان واضعا إياها وقال ملوحا بها في وجه دانييل المصدوم(يجب أن أعترف أنك كدت تخدعينني بذلك الارتباك وذلك الخجل إلى أن أدركت ما تسعين وراءه ..يا لك من مستغلة وماكرة ...لطالما آمنت بعدم الاستهانة بما يمكن أن تفعله المرأة في سبيل تأمين حياتها ..لكنني لن أسمح لك بتدمير هذين المسكينين ..عمتي وجوناثان بسبب جشعك وطمعك)
لم تصدق ما تسمعه أذناها ..ماذا يقول هذا الأبله ؟
(مالذي تثرثر به أيها الأحمق؟) قالت متمنية أن تستيقظ من هذا الحلم
لكن هذا لم يوقفه بل زاد غضبا واقترب منها (لا تنكري بأنك تخططين للإستيلاء على ثروة والدك بقدومك إلى هنا مرفرفة بعينيك بكل براءة ...لو لم أرك على حقيقتك في نيويورك لصدقتك ..لكن لا بد أنني حطمت كل ما تصبين إليه وهذا ما سأفعله ..لن أسمح لك باستغفال هذه العائلة التي اعترفت أنك لا تريدين أن نكوني جزءا منها )
تابع (لذلك أحذرك يا صائدة الثروات بأنك لن تنالي ما تريدين فعودي إلى نيويورك لأنك إن لم تفعلي ستندمين أشد الندم ) دار رأس دانييل لهذه الاتهامات فشحب وجهها ولم تقدر على قول شيء فأساء فهم صمتها وقال ساخرا (ما بك؟ هل صدمتك إذ عرفت حقيقتك ؟) حاولت دانييل تبني موقف الهدوء .زلطالما آمنت بوجوب حل المسائل بهدوء فقالت (إنك مخطىء ..هناك نوع من سوء الفهم..) لم يدعها تكمل فقد قاطعها بضحكة خشنة خدشت أذنيها (آه ,إنك حقا متلاعبة محترفة .تحاولين تبني موقف الهدوء لتغطي خطتك الدنيئة ) قالت بحدة برقت لها عيناها فأصبحت كالزمرد ...

(هل تدرك ما تقول ؟أنا التي أتيت من نيويورك
ولم أذق طعم النوم منذ أن سمعت بمرض أبي قاطعة مسافة لابأس بها بدون أن أضع شيئا في معدتي غير أطنان القهوة,قد أتيت لاستغلال والدي أملا في....ثروته ؟!) صمتت وقد احمر وجهها من الانفعال
قال بهدوء مخيف(أنا أعرف أنك هنا من أجل المال وكلامك هذا عن تضحياتك ومجيئك إلى جناح السرعة ..لن يستدر عطفي ) تكونت عقدة في حنجرتها ...الويل لها إذا بكت أمام هذا المتحجر ..تسارع تنفسها كأنها في ماراثون ...
قال (عودي إلى نيويورك,نحن لا نحتاجك هنا ) لم تعرف كيف خرجت تلك الضحكة الساخرة منها (أبي يحتاجني ,ولن أعود إلى نيويورك إلا عندما أريد العودة وفكر بالذي تريده أيها المتعجرف الأحمق ..) ركبت سيارتها على عجل حتى لا يلاحظ ارتجافها وهمت بإغلاق الباب عندما أمسك بالباب وقال متوعدا (ستندمين)
(أرني ما لديك!) تحدته فاستحالت ملامحه كتلة جامدة وقال (سنرى لمن الضحكة الأخيرة ) وصفق الباب بقوة كافية لتحطيمه ..وابتعد ...أما هي فقد هدرت بالسيارة بسرعة جنونية لكنها توقفت للارتجاف الذي أصابها ...كيف له أن يظن به هكذا ؟هل شكلها يوحي بالجشع ؟لكن لماذا تلوم نفسها ؟؟ بل هو من يقع عليه اللوم لأته حكم عليها في لحظة مؤسفة ...هل أصبح الناس هكذا ؟؟يظنون السوء بالآخرين تدحرجت دمعة على خدها فمسحتها بغضب ...لن تسمح لنفسها أن تبكي أمامه أو بسببه!!سترد له الصاع صاعين إذا كررها مرة أخرى .....كل الذي يهمها هو والدها فقط ...أحست أن الارتجاف توقف فاتجهت إلى الفندق لتنشد الراحة في غرفتها ...........




انتهى الفصل الثالث ...
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

roxan anna 02-27-2013 05:54 PM

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/28_01_14139093924387421.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

(((عيناك عذابي...............))))



الفصل الرابع ...

((عودة الابنة الضالة .......))

مرت عدة ساعات بعد ذلك اللقاء العاصف مع رايان ولا زالت تشعر برغبة في التقيؤ كلما تذكرت كلماته ....وتتمنى لو أنها سددت له صفعة إزاء تهديده الهمجي ....كيف يجرؤ ؟؟؟
على الرغم من إرهاقها إلا أنها لم تستطع النوم ....لقد أخطأت في تحديه !فهي لا تعرف ما قد يفعل ,لا سيما وهو يعتقد بصدق أنها صائدة ثروات .......صائدة ثروات !!!!!!!!!!
يا للكلمة البشعة التي لا تنطبق عليها لا من قريب ولا من بعيد ..
هي التي لم تنتهك القوانين في حياتها قال لها هذا ....جلست على السرير ومررت يدها في شعرها الكستنائي بتعب وتأوهت ,ماذا ستفعل الآن ؟ كيف تغير رأيه وتجعله يستمع إليها ؟؟؟
*لا شيء* تردد صوت في داخلها *لا شيء ستتصرف على طبيعتها ولن تقوم بأي جهد لتغير رأيه فهو لا يهمها ....
لكن إذا كان لا يهمك فلماذا أمضيت ساعات تفكرين فيه؟!!!!
*إنك حمقاء للغاية * تمتمت لنفسها وشدت الغطاء لتنام ...
كان نومها مضطربا مع أنه كان يخلو من الأحلام والكوابيس إلا أنها عند استيقاظها أحست وكأنها لم تنم , نزلت إلى كافيتيريا الفندق المتواضع وقد ارتدت بنطال جينز وقميص كحلي بعد أن استحمت ....كان الفندق جميل وصغير ليس لأنها لاتستطيع أن تتحمل تكاليف الفندق الغالي الثمن لكنها تفضل المريح وهذا يناسبها جدا ,قفز عقلها إلى رايان الذي اتهمها ...لو يعلم هذا الأحمق كم تملك من المال لما قال ما قاله !!
تناولت فطورها وهي تفكر كيف كان لقاءها مع والدها وعائلته ..لقد أحبتهم ما عدا رايان ,لماذا أخذ موقف الهجوم ضدها ؟أهو بسبب ما قالته في نيويورك .....إنها لاتلام فقد كانت متألمة ومستاءة من والدها لكن بعد أن رأته لم تستطع أن تحمل استياءها في قلبها تجاهه ...لكن هذا لن يمنعها أن تسأله عما حصل بينه وبين والدتها ...
إن والدتها لم تنظر إلى رجل آخر بعد انفصالها من جوناثان مع أن لديها مقدارا وافرا من الجمال ,فقد كانت ذات شعر بني كشعر ابنتها طويل وأملس ولها عينان عسليتان وكأنها حجران من التوباز تتناقض مع لون شعرها مما أضفى عليها سحرا وجاذبية .لم تكن دانييل تشبه والدتها إلا في لون الشعر أما تصرفات دانييل فكانت متزنة فهي لم تكن كوالدتها تثير الأعصاب أو كوالدها الهادئ إلى درجة السلبية مع أن دانييل عصبية إلا أنها لم تكن كوالدتها ..
غريب كيف أن والدتها لم تحب رجلا بعد والدها وتتزوج كوالدها ..لكنها كانت تعلم السبب ولم تفتش كثيرا ,فالحقيقة أن أماندا باركر كانت تحب جوناثان بعمق لدرجة أنها عقدت على نفسها عهدا ألا تحب رجلا بعده ,,لم تفهم دانييل هذا النوع من المشاعر لأنها لم تختبره بعد فقد كانت تستخف بوالدتها عندما كانت تقول لها وهي في الثامنة عشرة بأنها عندما تلتقي برجل الأحلام لن تقدر على المقاومة وستصبح بلهاء مرتبكة عندما تكون بجانبه فتضحك دانييل قائلة لأمها ( كم أنت رومنسية يا أمي ,لن يحدث هذا لي أبدا .لأن لا أحد سيحبني ولن أحب أحدا لأنني لا أريد أن يعاني أولادي ما عانيته من انفصال والديّ )وتذهب تاركة والدتها حزينة لطريقة تفكيرها ....
أنهت فطورها وخرجت إلى حيث ركنت سيارتها بعيدا عن الفندق فقد كانت في حالة نفسية لا تحسد عليها بالأمس لم تمكنها من التفكير جيدا .....
همست دانييل بخوف لذلك المنظر الذي أمامها (يا إلهي !)


***************************

تنهد رايان بتعب وهو يشرب قهوته ,لو أنهم يكفون عن الكلام عنها ...لقد أخذت عمته وشقيقته تتكلمان عن دانييل وكأنهما لم تريا بشرا في حياتهما ...لقد أعجبتا بها إلى حد أنهما لم تتوقفا عن الكلام عنها منذ أن عادوا من المستشفى وحتى صباح اليوم *آه * تنهد بغضب *لو أنهم يعرفون حقيقتها *
(أليس كذلك ,يا رايان ؟) كان السؤال من عمته
(ماذا؟) قال بفظاظة لم يتعمدها فقطبت مورا حاجبيها (ما بك؟ إنك لست على ما يرام ؟هل تعرف شيئا عن جوناثان لا أعرفه ؟) وبخ نفسه بعنف فعمته ستقلق من لا شيء وهذا كله بسبب الفأرة دانييل , رد قائلا
( لا يا عمتي ,لا شيء حصل لجوناثان .إنها فقط أعمال الشركة )
ردت كايت ( لا تقلقي يا عمتي إن رايان حتى وهو يضحك مقطب الحاجبين ) ضحكت عمته لقول كايت التي ضحكت لملامح رايان المتجهمة قائلا
( مضحك جدا يا كايت)
اندفعت ميا إلى داخل المطبخ وهي تجادل روزيتا مدبرة المنزل
قالت مورا
(مالذي حصل ؟)
ردت روزيتا غاضبة واضعة يديها على خصرها
(لقد رفضت ميا ارتداء التنورة الجديدة التي اشترتها كايت لها )
تدخلت ميا (إنها
تعيق الحركة !!)
قالت كايت غاضبة ( ومالذي تنوين فعله بها ؟تمارسين الجمباز بها ؟ستذهبين إلى المدرسة بها حبا بالله )هنا ارتدت ميا قبعة البيسبول المفضلة لتغيظ كايت التي قالت
(عمتي قولي شيئا )
(آه لقد سئمت هذه المناقشة كل صباح !) وخرجت ...ضحك رايان فقالت كايت
(كل هذ بسببك ,إنك وعمي تدللانها )
( أوه .,هيا لديها متسع من الوقت لترتدي هذه الثياب ,لا زالت صغيرة) اعترضت ميا (أنا لست صغيرة إنني في التاسعة )
قال رايان وهو يضرب كفه في كفها الصغير (لكنك طفلة كبيرة ,أكبر من فوكس ) وغمز لها ,ففوكس هو صديق ميا الذي وعلى الرغم من مشاجراتهما إلا أنهما صديقان حميمان وميا دائما أقوى منه وهو هادئ لكنه يغضب عندما تسخر من اسمه قالت ميا وهي تعانق رايان بمحبة هل قلت لك كم أحبك ؟)
(همممم.........ليس اليوم ) رد ممازحا (أنا أحبك) قالت مسرعة عندما سمعت حافلة المدرسة ......توجه رايان نحو شركة الأدوية وهويفكر بعائلته وحياتهم ....كل شيء يسير على مايرام لولا مرض جوناثان ...حياتهم مليئة بالسعادة والفرح لكن بظهور هذه المدعوة دانييل لا بد أن تتغير حياتهم هل يا ترى نحو الأفضل أم الأسوأ ؟ لكن مالذي يفكر به ,طبعا للأسوأ فهي انتهازية لا تعرف التعاطف وهذا واضح من لقائه بها في نيويورك وفي موقف السيارات ...كم أكرهها !!!! وضرب المقود بقوة وغضب


********************

ذهب الصباح الهادئ أدراج الرياح ,فهاهي الآن تتكلم مع الشرطة وهي غاضبة جدا لما حصل وزاد غضبها لأسئلة الشرطي الغبي ,قالت بحدة وهي ترجع شعرها للوراء ( ألا تدرك أن سيارتي مسروقة وأنت لا تساعدني بأسئلتك الغبية ...) صمتت حين سمعت الشرطي يقول (سيدتي هذه الأسئلة مهمة ,هل يستخدم أحد سيارتك غيرك ؟)
زاد غضبها إلى حد أنها صرخت ( كنت لأعرف إن كان أحد يستخدم سيارتي غيري !!رباه !!!) ساد صمت قصير قال الشرطي بعده
(سنكون عندك بعد دقائق )
أقفلت السماعة بقوة كافية لتحطيمها ثم قالت بأعلى صوتها

(آه كم أكره حظي ) وركلت حجرا صغير بقدمها
إنها بحاجة لتفرغ غضبها وإلا فقدت عقلها ,طوال فترة نشأتها في نيويورك لم تسرق سيارتها أبدا وهي هنا يحدث لها هذا ..غير معقول ..تسمرت مكانها عندما خطرت ببالها فكرة هل من المعقول أن يكون رايان هو من فعل هذا ؟..كلا غير معقول ..لكن مالذي يمنعه ؟ألم يهددها ؟؟ أحست بصداع فوضعت يديها على صدغيها لتخفف من ألمها ...
فجأة رن هاتفها فردت بسرعة
(دانييل هنا )
ساد صمت حذر ثم سمعت صوتا مألوفا يقول (إما أنك تمرين بصباح سيء أو أنك لا زلت نائمة ) لقد كانت كايت فقالت دانييل ضاحكة
( شيء من هذا القبيل كيف حالك يا كايت ؟)
(إذن تمرين بصباح سيء ! ) استنتجت مازحة
ضحكت دانييل بتعب
( يمكنك قول هذا ,بالمناسبة أتعرفين أحدا في قسم الشرطة ؟؟)
صرخت كايت
(بهذا السوء ؟ مالذي حصل ؟ سأكون عندك بعد دقائق )
(كايت ,لا ......) لكن لم يلق ندائها آذانا صاغية فأقفلت السماعة وقالت (أنا وفمي الكبير )



****************************

غادرت الشرطة وبدا أن وجود كايت مفيد جدا فقد انتهت المعاملات على خير مايرام وهدأت كايت من غضب دانييل
(لم يبق إلا شيء واحد ) قالت كايت وهي ترشف القهوة في المقهى الصغير
(ماذا ؟) سألت دانييل
( أن تحزمي أمتعتك وتأتي إلى بيتنا ...بيتك !)

( لا أظن هذا ) تمتمت دانييل وهي ترشف القهوة
(لكن لماذا ؟وأيضا عمتي أصرت

أن تأتي بعد أن عرفت ما حصل .)
(أخبرتها ؟)
( بالطبع ! وقالت إن لم تأت ستكلم والدك ليقنعك بنفسه , هل تريدين أن يقنعك والدك ؟)
ردت دانييل بسرعة ( كلا .ولكن ..)
قالت كايت بفرح ( إذن قضي الأمر ,ستأتين !)
(انتظري لحظة ,أنا لم أوضح موقفي ...)
قاطعتها كايت ( ومالذي توضحينه ؟ إنك ذاهبة معي الآن !)


*****************************


لم تعرف كيف أقنعتها كايت لكنها كانت ممتنة جدا لها ,فهي تود لقاء العائلة كثيرا وخصوصا أختها الصغيرة .
غفت قليلا في السيارة لأنها كانت متعبة منذ أسبوع ,سمعت صوتا رقيقا يناديها ( استيقظي يا دانييل ! لقد كدنا نصل )
استيقظت وهي لاتدري أين هي ..ثم تذكرت كل شيء
قالت كايت ( لقد نمت كالأطفال !)
ابتسمت دانييل بتعب فأكملت كايت ( لقد وصلنا ,انظري ها هي عمتي تنتظرنا في الشرفة )
أما دانييل لم تجد كلمة تصف صدمتها ,أحست أن الذاكرة تعود بها إلى أكثر من 14سنة ..تناهت إليها ضحكاتها السعيدة وهي تدور في ذلك المرج الأخضر الذي يحيط بالمنزل (إنه منزل جميل يا أبي ,إنه رائع ) وركضت نحو والدها الذي أمسك بيد والدتها بحب وهما يبتسمان لابنتهما الصغيرة ,رد والدها بحنان (لقد اخترته خصيصا لأنه قريب من البحر فهو على بعد ميل ونصف من البحر.) إنها لاتصدق أنه ما زال يسكن هذا المنزل ..المنزل الذي لم تسكنه هي ووالدتها أبدا فقد تطلقا قبل ذلك بكثير ..,كيف له أن يسكن فيه وله كل تلك الذكريات مع والدتها
(هل أعجبك البيت ؟) سألت كايت بتشكك
أومأت دانييل بحرارة وهي تكاد تذرف الدموع للذكرى
قالت كايت ( آه , لقد خفت من ملامح وجهك .فقد ظننت أنك لا تحبينه مثل كلوديت )
( من كلوديت ؟؟)
( سأخبرك لاحقا ! لننزل الآن !)
استقرت في غرفتها التي تأثرت لأن والدها قد اختارها لها منذ زمن وكأنه كان يعلم أنها ستعود يوما ما ..استلقت على السرير بعد أن استحمت وارتدت قميصا ورديا وبنطال جينز باهت تفكر في شكل أختها كيف ستكون , وتفكر في الأوقات التي ستمضيها معها ..سمعت صوت باص المدرسة فتوجهت نحو النافذة ورأت فتاة ذات شعر أسود ترتدي قبعة بيسبول وخلفها فتى في سنها وكأنهما كانا يتشاجران ..ابتسمت وخرجت متوجهة للسلالم لكنها أبطأت سيرها عندما سمعت صوت عمتها يقول ( اذهبي أو سأعاقبك ياميا)
توقفت عند منتصف السلالم ويبدو أن أحدا لم ينتبه لها سمعت ميا تقول (لن أذهب فأنا ليس لدي أخت )
(ميا ,كفي عن هذا الكلام.....) قاطعها الولد الصغير الذي قال ( هل هذه هي يا سيدة باركر؟) سكتت مورا عندما رأت دانييل التي استاءت من ردة فعل أختها لكنها ابتسمت لكن ميا أسرعت تصعد السلم متجاوزة دانييل ,نادتها مورا (ميا !!...) لكن دانييل قالت (اتركيها ,ستحتاج إلى الوقت لتتعود على فكرة ظهور أخت لها من العدم )
شرحت مورا ( لكن والدها كان يكلمها عنك طوال الوقت )
استغربت دانييل لكنها غيرت الموضوع وقالت محيية الصبي الظريالظريف ذو الشعر البني الذي يصل إلى أذنيه ويتدلى بحرية حول وجهه الصغير المغطى بالنمش ( مرحبا ,أنا دانييل ) ومدت يدها له
صافحها بخجل قائلا (أنا ....آه فوكس ستيوارت ,تشرفت بمعرفتك ) ضحكت دانييل من تهذيبه البالغ (كم أنت مهذب يا فوكس !) تحسرت مورا قائلة (أكثر تهذيبا من ميا ..) نظرت دانييل إلى ملامح فوكس الطفولية وأحست بحب كبير نحوه فضمته إليها قائلة ( سررت بلقائك يا فوكس ) خجل الصبي وخرج مسرعا فضحت المرأتان لمنظره المرتبك ..سمعت دانييل صوتا في الخارج لم يلبث أن انفتح الباب على اتساعه وشخص عرفته دانييل يبتسم وكأنه كان يكلم فوكس وقال اذ لم ينتبه لوجود دانييل ( عمتي ,ماذا فعلت ميا لهذا الصبي الآن ؟ إنه مرتبك جدا )
لكنه تسمر مكانه عندما رأى دانييل تقف مع عمته التي قالت ( إنها ليست ميا بل أختها ,يبدو أن الأختين اتفقتا عليه ..خصوصا وأن الكبرى جميلة جدا ) لم يصدق عينيه عندما رآها ,مالذي تفعله هنا؟
ساد صمت متوتر بينهما وهما يقفان في الردهة ,قالت مورا ولم تلاحظ الجو السائد( سأذهب لأرى إن كانت روزيتا تستطيع تقديم وقت العشاء قليلا لأن دانييل لابد مرهقة ) وذهبت تاركة دانييل تشعر بالغباء لوقوفها ذاك معه ..إذ لم ينطق بكلمة ,توجهت نحو السلالم لكنه أوقفها قائلا (إنك لن تستسلمي,أليس كذلك ؟)
نظرت إليه وقالت ( ماذا؟)
وصل إليها عند السلالم وقال ( حسنا ,لقد أعلنت الحرب لكن عندما أحطمك لا تقولي بأني لم أنذرك ) وصعد السلالم لكن جاء دورها الآن لتقول (اسمع أيها المتعجرف ,أنت من بدأ هذه الحرب أو مهما كان اسمها وأنا مستعدة لها تماما ..إنني أشفق عليك أتعلم هذا؟ لأنك مريض ) وتركته متوجهة نحو غرفتها بكل ثقة لكنها عنما أغلقت الباب كانت ترتجف بشدة ..

***************************


ساد صمت خلال العشاء ملأه حديث كايت ومورا أما دانييل فقد كانت تشعر بنظراته تحرقها من كثرة حقده عليها ,لماذا يفعل بها هذا ؟ ليس له الحق في معاملتها هكذا ..سمعت كايت تقول (أتعلم يا رايان أن سيارة نيلي قد سرقت ؟)
نظر رايان إلى دانييل وقال بلهجة لم يفهمها إلا دانييل ( أحقا؟ربما كان هذا عقاب !!) وحدج دانييل بنظرة ردتها له بصمت ,استفهمت مورا وقالت (ماذا تقصد ؟) هز كتفيه با ستهجان (إنني أضرب احتمالات يا عمتي !) تصاعد غضب دانييل وقالت بلهجة تماثل لهجته (أو ربما أحدهم فعل هذا متعمدا !) ونظرت إليه تتهمه بصمت ,زم شفتيه إذ فهم الرسالة فتساءلت كايت هذه المرة (ماذ تقصدين؟) فعلت ما فعل بكتفيه قائلة (إنني أضرب احتمالات يا عزيزتي !!) شعرت بضحكة خفيفة فرفعت نظرها نحوه وليتها لم تفعل إذ كان ينظر إليها بتلك العينان اللتان لا يسبر غورهما ..إنها بالغة السواد وفيها وميض مخيف ..لكنها عندما تنظر إليه لاتعرف ما يحصل لها ,إنها لا تقدر على إشاحة نظرها عنه ..هذا جنون ..
أخذت تتكلم عن مهنتها كمعلمة موسيقى وأحست إنها جذبت اهتمام أختها وربما رايان لكنه لم يظهر هذا ...كانت أختها تتكلم معه وكأنه شقيقها ..من الواضح أن الإثنين يحبان بعضهما كثيرا .لماذا لاتحبها أختها ؟؟سمعته يقول لميا (بالطبع ستذهبين لرؤية والدك وستذهبين معي) ضحكت ميا بفرح وتابع قائلا (إن كنا سنذهب إلى جوناثان فمن الأفضل أن لا نتأخر ) ونظر نحو دانييل وكأنها ستؤخرهم ..المتعجرف !!إنها تكرهه !!!
تجهزت بسرعة قياسية لزيارة والدها حتى لا كون هناك حجة للسيد المغرور مع أنها ستذهب مع أخته ..أخذت تنظر إلى غرفة الجلوس الدفئة بأثاثها الجميل الرائع ..ونقلت نظرها فيها حتى وقع على رف المدفأة المليء بالصور الرائعة ,التقطت صورة لوالدها ولرايان مبتسمين ومتماسكين كأصدقاء أو .........كوالد وابنه ..نظرت إلى رايان الباسم وجذبتها ابتسامته الرائعة ..تذكرت بزوغ الشمس بعد توقف المطر الغزير عنما رأت ابتسامته ..ما هذه الأفكار الحمقاء التي تفكر بها ؟ وضعت الصورة لكن صورة أخرى جلبت الدموع إلى عينيها ,إنها صورة لها مع والدها عنما كانت صغيرة ..كان والدها يغيظها جالسا على الأرجوحة وهي تضع يديها على خصرها مستاءة منه ..إنها من أجمل الصور مع والدها وهي تتذكر تلك الأيام كثيرا ..لماذا تركهم ؟ لماذا لم يعد إليها ؟
التفتت بسرعة عنما سمعت صوتا فوجدت رايان ينظر إليها فلعنت نفسها لأنه رآها هكذا قالت بسرعة (أنا آسفة إن كنت تأخرت ) وخرجت تاركة رايان يفكر لماذا كانت تبكي ! إنه لا يفهمها أبدا ورأى الصورة التي كانت تمسكها ..إنه يحب تلك الصورة فهي تمثل البراءة في العالم ...وخرج وهو يفكر في ابنة جوناثان ....

*********************************

انــــــتــــــهى الفصل الرابع ,,,

أتمنى ينال إعجابكم ,,,


http://im32.gulfup.com/56337.png[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

roxan anna 02-27-2013 10:15 PM

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/28_01_14139094023593441.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


(((عيناك عذابي...............))))



الفصل الخامس ...


((الأمان ..))





مرت أربعة أيام منذ وصول دانييل ,,مرت بسرعة ما بين زيارتها لوالدها والتفتيش المستمر عن سيارتها التي وجدوها مففكة في أحد المناطق المجهولة إلى قطع وهاهي الآن تتصل بشركة التأمين بسبب هذه المشكلة ..طبعا أصيبت دانييل بالإحباط لكنها قد تشتري سيارة جديدة عند وصولها إلى نيويورك .



شيء آخر كان يثير تساؤلات دانييل هو مهنة رايان ,,لطالم رأته مشغولا وهي تراه يخرج من المنزل ,وفي أحد الأيام رأته خارجا من المنزل وهي تجلس مع كايت وكأنها نطقت بالسؤال فقالت كايت (إنه طبيب !) نظرت دانييل إليها مندهشة ,,فقالت كايت ضاحكة (كأنك لا تصدقين) اعتذرت دانييل وقالت (لم أقصد ) لكنها كانت تقول في نفسها أيعقل أن يكون ذلك المتعجرف المتحجر الأحاسيس طبيبا ,إنها لاتتخيله يداوي الجراح أو يواسي عائلة فقدت عزيزا ...قالت كايت ( لاتقلقي ,لطالما كان رايان رجلا غامضا فتحت مظهره القوي يكمن رجل في غاية اللطف والحنان )


كانت دانييل تفكر في كلام كايت وهي ترتشف العصير في المطبخ

أيعقل أن يكون لطيفا ؟؟؟؟
( مرحبا ,مالذي تفعلينه هنا ؟) قالت مورا عندما رأت دانييل تجلس وحدها فقالت دانييل مبتسمة ( لاشيء ,لقد أصابني الملل فقط )
جلست مورا إليها على الطاولة قائلة ( فتاة في مثل سنك لا يجب أن تشعر بالملل ..حتما هناك أشياء تستطيعين القيام بها هنا )
(أعلم ولكن لاأجد هذا مناسبا ) قالت بجدية
( مالذي تعنينه يا نيلي ؟) قطبت مورا حاجبيها وأصبحت تشبه رايان كثيرا في تلك اللحظة *كفي عن التفكير به * نهرت دانييل نفسها ..
(لا تسيئي فهمي يا عمتي ولكن ماذا سيكون موقفي عندما يحصل شيء لأبي وأنا في الخارج أتنزه ) صمتت قليلا وقالت
(أنا لم آتي إلا لأجله )...
(أعلم هذا ) ردت مورا بتعاسة ثم قالت بحماسة (لكن بإمكانك الذهاب إلى البحر فهو لايبعد سوى .....)
(ميلين ونصف ) قالت دانييل مقاطعة مورا ثم نظرت إلى عيني زوجة أبيها وقالت (أعرف هذا ) ثم شربت ما تبقى في كأسها من العصير جرعة واحدة لتنظر بداخله بتمعن وكأنها بتحديقها إليه ستحل مشكلة السلام في العالم ..
ساد صمت قصير قطعته مورا قائلة ( لقد أخبرني والدك كل شيء)
اشتعل غضب دانييل ليس من زوجة أبيها بل من والدها بنفسه ,كيف يجرؤ أن يشرح للناس ما حصل ؟وهي لا تعرف ما حصل ولم يبالي بشرحه لها ,لكنها حاولت أن تخمد غضبها فما ذنبها المرأة على أي حال ؟ نهضت لتغسل الكأس فقد أرادت أن تشغل نفسها حتى لا يتأجج غضبها قالت وهي تدير ظهرها لمورا (أحقا ؟) هذا ما استطاعت قوله ,سمعت صوت عمتها وكأنه يأتي من البعيد ( إنه يريدك أن تفهمي أن ما حصل كان لابد أن يحصل ,أغنه سوف يشرح لك وسوف تفهمين لماذا فعل ذلك ..إنه نادم فعلا لأنه لم يرك طوال تلك النوات ,نادم لأنه لم يشاركك فرحك وحزنك ..) اخذ رأس دانييل يدور وأحست أنه على وشك الانفجار
لماذا تقول لها كل هذا ؟
(دانييل ,أنظري إلي !) كانت هذه مورا التي أصبحت خلف دانييل فاستدارت دانييل تنظر إليها بقوة زائفة وهي تعلم أنها إن لم تخرج من هنا ستجهش بالبكاء
(إنه آسف !) قالتها مورا واضعة يديها على كتفي دانييل
فتحت دانييل فمها لتقول شيئا لكنه ضاع عندما دخلت روزيتا بوجهها المحمر نشاطا وحيوية قالت دانييل في نفسها *ياله من توقيت * ابتسمت دانييل ابتسامة كاذبة (أظنني سأذهب لأتمشى في الحديقة ) واستطاعت أن تخلص نفسها من عمتها التي قالت بعد أن رأت أن دانييل لن تتحمل كلنة أخرى ( لا تتأخري على العشاء )
(لا تقلقي !) وخرجت مسرعة من الباب الخلفي
أخذت تفكر وهي تمشي بين زهور الحديقة المتفتحة في الشتاء وقد أخبرتها روزيتا أنها لاتتفتح إلا في الشتاء ..واتجه فكرها إلى زوجة والدها التي استطاعت أن تقرأ ما تفكر فيه فحتى والدتها كانت لا تستطيع فهم ابنتها في معظم الأحيان ...
وضعت يديها في جيبي تنورتها الطويلة واستنشقت ملء رئتيها هواء نقيا وأخرجته على دفعات صغيرة تماما كما تفعل عندما تتوتر مغمضة عينيها ,وعندما فتحتها وقع نظرها على الأرجوحة التي نصبها لها والدها عندما كانت صغيرة ..اقتربت منها متذكرة تلك المرة التي أتوا فيها ليروا المنزل هي ووالدها ووالدتها ,لقد ركبت هذه الأرجوحة وجعلت والدها يدفعها عاليا ..
بدون أي تردد ,جلست دانييل على الأرجوحة ثم أخذت تدفع نفسها عاليا مغمضة عينيها وكأنها عادت طفلة في العاشرة .زادت دانييل سرعتها وهي تتذكر عندما قالت لوالدها (بقوة يا أبي ,دعني أطير عاليا )
(لن تستطيعي الطيران بدون أجنحة )
أجفلت دانييل من الصوت الذي ظنته من مخيلتها وفتحت عينيها لترى رجلا غريبا يقف بعيدا عنها قليلا وهو يبتسم واضعا يديه في جيبيه ,من هو ذلك الرجل لم تره في حياتها .....عينان بنيتان وملامح طفولية
تقدم منها قائلا (ياله من عار أن تنسي شقيق صديقتك العزيزة )
صمت ثم ضحك إزاء ملامح الذعر الواضحة على وجهها فقال (دعيني أذكرك قليلا ..جيريمي الثرثار )
( يا إلهي !) شهقت وقد عرفت من هو ..إنه شقيق تيريزا مايسون ...صديقتها وهو توأم تيريزا وصديقها العزيز ...تخلصت من الأرجوحة وركضت إليه لتحتضنه كما تحتضن الأخ الذي طال غيابه وهي تضحك ..
قال ضاحكا (هذا يعني أنك عرفتني )
نظرت إليه غير مصدقة (إنني أعجز عن الكلام ,لقد تغيرت كثيرا .إنك ....) ولم تستطع وصفه .
(وسيم !) قال مكملا جملتها فضحكت وتابعت (وطويل أيضا ,من كان يظن أن جيريمي صاحب النظارات التي بحجم شاشة التلفاز والقصير سيصبح هكذا ؟)
قال ممازحا (صمتا يا فتاة ,ستدمرين صورتي أمام النساء ) صمت ثم قال ناظرا إليها من رأسها حتى أخمص قدميها (ومن كان يظن أن نيل باركر ذات الضفائر بلون الوحل والوجه المليء بالنمش ستصبح أجمل من عارضات الأزياء ؟؟!!) ضحكت دانييل من قلبها وقالت (إنك تجاملني يا جيري, كيف حال تيريزا ؟)
(ماتت!) قالها بجدية فانصدمت دانييل لكن ملامحه أنبأتها بالكذب
(أيها الكاذب !) ضحك جيري من أعماقه ,ضربته دانييل على كتفه وقالت (هذا ليس ظريفا يا جيري )
(بل ظريف صدقيني ,كان لابد أن تري تعابير وجهك ) وأخذ يقلدها فقالت دانييل (حسنا ,لست بهذه البشاعة .والآن أخبرني كيف هي تيريزا ؟)
(إنها أم لثلاثة أطفال صبيان وفتاة )
( يا إلهي ! بمن تزوجت ؟)
( برجل فرنسي ,أتى عن طريق شركة السياحة التي تعمل فيها ..)
سألت بمكر(وماذا عنك أنت ؟هل هناك فتاة في حياتك؟)
تهد تنهيدة طويلة قائلا وهو ينظر إلى شيء خلفها (إنني مخطوب لهذ المرأة الجميلة ) فاستدارت لتنظر وإذا بنظرها يقع على كايت التي أتت إليهم ,لم تستطع دانييل أن تنبس ببنت شفة ..قالت بسعادة (لا أصدق ,,) واحتضنتهما قائلة (أنا سعيدة من أجلكما )
(شكرا ) أجاب الاثنان في نفس الوقت فضحكوا ,قالت دانييل
(لم لم تخبريني يا كايت ؟)
(لقد أردت أن أخبرك لكنه أراد أن يفاجئك ) ردت كايت بخجل
(وقد فاجأني حقا!) ثم تابعت (لندخل إلى المنزل وأخبراني كيف حصل ذلك ,هيا ) ثم دخلوا جميعا ..



**********************


كل شيء يسير على ما يرام ,فوالدها تحسنت صحته وعلاقتها بمورا وكايت كانت طيبة أما علاقتها مع أختها فلم تكن مثل علاقتها مع كايت ومورا لكنها بدأت تتحسن فبعض الأحيان كانت ميا تضحك عندما تسمع دانييل تضحك مع كايت لكنها تعود وتنغلق على نفسها مرة أخرى لكن مشكلتها الحقيقية ليست مع ميا بل مع رايان ,وتذكرت مشاجرتها منذ يومين فهو لازال على اعتقاده السخيف ...ذلك اليوم كانت في غرفة مكتب والدها والتي من الأفضل أن تسميها مكتبة لأنها فسيحة بسقفها العالي المزين بالنقوش وبتلك الثريا المتوسطة الحجم . كانت قد انتهت من اتصال لشركة التأمين بشأن سيارتها ,فأخذت تتأمل المكتبة برفوفها المليئة بالكتب المنوعة وحدثت دانييل نفسها أنها ستمضي الكثير من الأمسيات وهي تقرأ في هذه الكتب ..لفت نظرها لوحة معلقة على الحائط وقد عرفتها ,أنها لوحة لكاندينسكي فقد قدمت أطروحة تخرجها عنها عندما درست في جوليارد ..(أي شخص ينظر لهذه اللوحة سيظن أنها خربشات أطفال لكن المحترف هو الوحيد الذي يقدر الفن ) كانت افتتحت الأطروحة بهذا السطر ونالت عليها علامة رائعة ... لكن مالذي تفعله هذه اللوحة هنا ؟صحيح أن والدها يقرأ الشعر والروايات لكن اللوحات والتحف هي آخر اهتماماته


(هل أعجبتك؟) أتى هذا الصوت الساخر من عند الباب فالتفتت ورأت رايان يقف ممسكا بالباب ,,تسارعت نبضات قلبها تماما مثل ما تفعل عندما تراه ,كان وسيما جدا فقد نمت لحيته بشكل طفيف وارتخت ربطة عنقه الرمادية التي تلاءمت مع بذلته السوداء ..لابد أنه رجع لتوه من الشركة كما علمت أنه يعمل فيها مع والدها منذ سنة ونصف ...


كانت تريد شكره للكذبة التي أطلقها بشأن سفرها إلى بوسطن حتى يغطي غيابها لكنها تتردد مخافة أن يقوم بفتح ذلك الموضوع عن سبب قدومها إلى هنا ويبدأ باتهامها مرة أخرى ,ويبدو أنها ستؤجله مرة أخرى فملامحه تدل عل أنه سينفجر في أي لحظة قالت (إنها المفضلة لدي لكني لا أعرف كيف يحتفظ بها أبي لأ.....)

دخل الغرفة ورمى الحقيبة على أحد الكراسي مقاطعا بعبوس
(إنها هدية من عمتي بمناسبة عيد زواجهما.)
(آه !) هذا مااستطاعت قوله وكان هذا غباء منها فقد فسرها رايان بشكل خاطئ ,لأنه نظر إليها بحدة بتلك العينين التي لن ترى فيهما غير الحدة والكراهية والغضب وقال
( ماذا يعني هذا ؟)
(لاشيء,إنها جميلة ) ثم ابتسمت متابعة كلامها (لابد أنك متعب ,سأتركك الآن ) واستدارت مغادرة الغرفة
(انتظري!) اخترق صوته العميق سكون الغرفة فتجمدت مكانها ,مالذي يريده ؟إنها تتمنى أن يكف عن ذلك التهديد والتوعد ,لتعيش بسلام في هذه الفترة مع والدها .
استدارت لتجده جالسا على حافة مكتب والدها عاقدا يديه على ذراعيه ووجهه خال من التعابير ,,,,قال وعينيه مثبتتين على وجهها (هل كنت تخططين للاستيلاء على تلك اللوحة ؟؟) لم تصدق دانييل ما قاله وتصاعد غضبها الذي جعل وجهها يحمر مثل ميزان الحرارة تقدمت إليه وقد أعماها الغضب (اسمع أيها المتذاكي ,أنا لا أسمح لك بأن تتهمني بهذا الشكل ..)
(بل لي كل الحق بذلك يا عزيزتي ) نهض الآن وأصبح قريبا منها لدرجة أنها لم تستطع التنفس فابتعدت خطوة إلى الخلف لتضع بينهما مسافة لأنها قد تتهور وتصفعه مع أنه يستحق هذا .
تابع يقول(واسمعيني جيدا ,لأني سأقول هذا مرة واحدة ولن أكرره ..من الواضح أنك لن تذهبي قبل أن تحققي مرادك لذلك قولي الآن ماهو ثمن خروجك من حياتنا ؟؟) استغرق دانيل لحظة لتفهم قصده ثم شهقت عندما فهمت ..أيرشوها هذا الأحمق المجنون ...فقالت بحدة (ماذا قلت ؟)
(أظنك سمعتني جيدا ) قال واضعا يديه في جيبيه
(سمعتك لكنني لست واثقة مما تعنيه ,أترشوني ؟)
صرخت به بحدة
(لا داعي لادعاء الدهشة عزيزتي ,إنك تضيعين الوقت على كلينا .فكم..) لم يكمل لأن دانييل رفعت كفها لتصفعه لكنه أمسك بيدها بدون أن يهتز مقدار أنملة وكأنه كان يتوقع ردة فعلها هذه
قالت وهي تهتز غضبا (لم يحدث أن رفعت يدي في وجه أحد لكنك تستحق هذا ..دعني أيها المختل ... ) نفضت يدها من يده فتركها وتابعت (من تكون لتقول هذا عني ؟هل أتيتك طالبة المال لتستنتج أني لست هنا إلا من أجله ؟هل أبدو كالمتسولة ؟أجبني..)
(إني أعرف شاكلتك من النساء ) قال وعيناه تقدح شررا
اهتز صوتها لكنها ضبطته (إنك لا تعرفني )
تابع وكأنها لم تتكلم (وأعرف أيضا كم يقاسي المعلمين في أحوالهم المادية ,لذا وفري علي هذا الهراء .)
(يا إلهي! إنك مريض عقليا ,إنك تعاني من جنون الارتياب ) مشى بسرعة إليها وأصبح قريبا منها لدرجة استطاعت معها أن تلاحظ رموشه الطويلة وقال والغضب يتطاير من عينيه التي أصبحت مثل الكهف المظلم (لن أسمح لامرأة أخرى باستغفالي!) ثم وكأنه صحا من حلم مزعج فقد ظهرت عليه الدهشة فعرفت دانييل أنه قال الكثير مما لم يرد أن يقوله ؟,لقد باح بما لم يكن يريد أن يعرفه أحد وخصوصا هي ..من هي تلك المرأة التي خدعته واستغفلته كما قال ,أرادت أن تسأله لكنها لم تفعل ..
إنه يراها على هيئة هذه المرأة الجشعة ..فغضبت ولمعت عيناها وكررت (إنك لاتعرفني) ثم استدارت بشجاعة لتخرج من هذه الغرفة فقد أحست بالاختناق لكنه أمسك بذراعها مانعا إياها من الخروج فسقطت خصلة من شعرها على جبينها
قال (لقد اسنفذت كل الفرص ,لقد عرضت عليك المساعدة لكنك رفضتها أنا أحذرك , سأبقى أراقبك ) نفضت يدها منه وقالت بسخرية ( هل تسمي هذه مساعدة ؟بل هي ابتزاز ..) تابعت وهي تضحك بسخرية ( لقد اعتقد أننا من الممكن أن نصبح أصدقاء لكن من المستحيل أن يكون لدي صديق بهذه العقلية المختلة ) خرجت من الغرفة صافقة الباب وأحست بأن الدموع تتجمع في عينيها لكنها لن تسمح له أن يبكيها أبدا ,أخذت نفسا عميقا وتوجهت إلى غرفتها لكن مورا استوقفتها عند باب غرفة الجلوس قائلة ( مالذي حصل يا دانييل ؟لم أنت غاضبة ؟؟)
لو تعرفين !!حدثت دانييل نفسها ...
لكنها ردت كاذبة (إنهم أصحاب شركة التأمين الأغبياء سيؤخرون معاملاتي ,,كنت أود الجلوس والتحدث معك قليلا لكنني أشعر بصداع ..سأصعد قليلا لأرتاح ..أراك لاحقا ) وصعدت السلالم بسرعة ولم تنتظر جواب مورا التي أخذت تتساءل عما أصاب دانييل ...ماذا جرى لها ؟أرادت أن تريها البيانو الجديد الذي اشترته من أجل دانييل وميا لتتعلم دروس الموسيقى ..
فتح باب مكتب جوناثان وخرج رايان غاضبا جدا ,,مثل دانييل ..لكن ألم تكن دانييل هناك منذ دقائق ؟هل تصادمت مع رايان ؟
منذ أن ظهرت دانييل وهناك نوع من التوتر بينها وبين رايان ..
مالذي بينهما ؟لقد أملت بأن يكون هناك نوع من الترابط بينهما فدانييل هي الفتاة التي ستجعل رايان سينسى تلك المخلوقة المنحطة ..فمنذ سنة ونصف ورايان لم يعد كما كان ,لم يعد اللطيف والضحوك بل أصبح يغرق نفسه في العمل ليل نهار وكأن العمل هو طعامه وشرابه ,ليس من الصحيح أن يبقى هكذا وليس من الصحيح أن يخرج غاضبا بهذا الشكل
(رايان ؟) تداركته قبل أن يخرج فتوقف واستدار فقالت
(مابك؟إلى أين أنت ذاهب؟)
(لقد نسيت شيئا في المكتب ,يجب أن أحضره لن أتأخر ) وخرج بنفس السرعة التي صعدت بها دانييل السلالم ..هناك شيء وستحاول أن تعرف ما هو ...



*****************************

هبت ريح رطبة قادمة من البحر , تخللت خصلات شعرها الكستنائي وهي تجلس متذكرة ما حصل مع رايان منذ يومين

ما أروع هذا المكان إنه كما تتذكره تماما عندما كانت تأتي هنا في صغرها . الأمواج المتلاطمة بهدوء تريحها وتذهب التوتر منها .نهضت ونفضت بنطالها الجينز الذي يتناسب مع الكنزة البيضاء التي ترتديها والسترة الوردية وعادت أدراجها نحو المنزل مفكرة في والدها الذي لم يخرج من المنزل إلى الآن ,لقد تحسن كثيرا عن أول مرة رأته فيها فقد أزالوا الأنابيب والأجهزة منه ... مرت من طريق مختصر فرأت منزلا رائعا في البعيد يبدو مهجورا ,يا للأسف فهو يبدو جميلا جدا ,,المنزل الذي لطالما حلمت بامتلاكه ...من قد يترك منزلا مثله ,,مع أنه يبدو حديث البناء ..أكملت طريقها وفجأة أحست بصوت قريب فظنته أرنبا فالأرانب تكثر في هذه الأنحاء لكنها رأت جسما صغيرا يستند إلى شجرة وكأنه طفل ,اقتربت أكثر فرأت فوكس صديق ميا شقيقتها


(مرحبا ,مالذي تفعله هنا؟) جلست بجانبه وقد بدا على ملامحه الطفولية الجميلة الحزن (مرحبا آنسة باركر!) ياله من طفل مهذب!

(ما بك؟) سألت دانييل وقد رأت التردد على ملامحه فأجاب سائلا (هل لي أن أقول شيئا ولا تقولي لأحد خاصة ميا ؟)
(بالطبع!)
(هل تعدين بذلك ؟) قال ملحا وخصلات شعره تتطاير وفقا لحركاته فأجابت ( أعدك وبشرف الكشافة !) ثم رفعت يدها تؤدي تحية الكشافة فضحك فسألت مدعية الغضب (ماذا؟)
(إنها اليد الخطأ ) فضحكت قائلة
(لم أدخل الكشافة لذلك لاأعرف والآن أخبرني !)
بدأ فوكس بالكلام شارحا لها أنه قد اشترى هدية عيد ميلاد ميا لكن أحد الأطفال في صفه قد كسرها وأراها الهدية التي كانت عبارة عن مجموعة أحصنة صغيرة فخارية جميلة أحست دانييل بالكآبة للطفل الصغير وأكمل قائلا (وضربته !!) شعرت أن أحدهم قد عاقبه على فعلته وقد أصابت لأنه قال (وأمي رفضت أن تعطيني نقودا لكي أتعلم ألا أضرب شون مرة أخرى لكنه يستحق هذا لأن ميا كانت مستاءة لأنها تظن أنهم نسيوا عيد ميلادها )عندها بزغت فكرة رائعة سوف تقربها من أختها الصغيرة وقالت (لدي فكرة )
(ماهي ؟) سأل ببراءة فقالت (يجب أن تساعدني وسوف أساعدك)
نظر إليها وتابعت ( سأشتري لك هدية أخرى لميا وسوف تساعدني لأقيم حفلة عيد ميلاد رائعة لميا ,ما رأيك ؟)
تردد الطفل وقال (لكن أمي سترفض )
(لا تقلق ,سأتدبر الأمر!والآن هل تساعدني أم لا ؟)
فكر قليلا وقال (حسنا ,اتفقنا !) ثم احتضنها قائلا (شكرا لك !)
وعندما كانا في طريق عودتهما قال فوكس فجأة (إن اسمي ليس فوكس!) نظرت إليه باستغراب وقالت (ما هو إذن؟)
قال (اسمي سامويل !لكن لاأعرف لماذا ينادونني بفوكس لأنه اسمي الأوسط؟) قالت دانييل (أتريد أن أناديك به؟) هز رأسه موافقا وقالت ( سأناديك سامي اذا ناديتني نيل أو دانييل

(حسنا !)


**********************


عندما وصلت إلى المنزل وجدت سيارة رايان متوقفة عند الممر الرئيسي للمنزل واستغربت هذا لأنه ليس موعد عودته إلى المنزل عندما دخلت إلى المنزل سمعت أصواتا عالية
آتية من غرفة الجلوس
توقفت عند الغرفة وسمعت ميا تقول


( لقد اشتقت لك كثيرا يا أبي!)

أبي!!!
دخلت دانييل إلى الغرفة ورأت والدها يجلس هناك وأحست أن الدموع تتجمع في عينيها وهمست (أبي!!) التفت إليها الجميع ولم تعرف كيف وصلت إلى والدها واحتضنته بقوة وهي تنشج بهدوء
قال ممازحا( لقد أصبحت طويلة جدا يا نيلي ) ضحكت من بين دموعها التي مسحتها وقالت (لقد اشتقت إليك كثيرا ,لم لم تخبرني بقدومك اليوم ..)
تدخلت مورا وقالت (حتى نحن لم نعرف ,,لقد أتى مع رايان ) انتبهت دانييل إلى وجود جيريمي وكايت بالإضافة إلى مورا ووالدها وميا ..عندها دخل رايان فضحكت كايت قائلة (عندما نتكلم عن الشر يظهر ) تسمرت دانييل مكانها عندما رأت ,كان أوسم من كل مرة تراه فيها وقد ارتدى بنطال أسود وكنزة كحلية مع سترة بنية ,,لم تره بالملابس العادية فقد تعودت شكله بالبذلات وتلك الابتسامة التي أطلقها لأخته عندما سمعها كانت أروع ابتسامة رأتها في حياتها ,,أحست بوهن في عظام ركبتيها لابتسامته ..
قالت مورا ( ويحك يا كايت ,,إن رايان ليس شر بل هو الابن الذي لم ألده ) واحتضنته بحب ,توقعت أن يبدو غير مرتاحا لعناق عمته فقد رأت ترافيس عندما تحتضنه والدته ,كان يشعر بالحرج لكن رايان احتضن عمته بحب متبادل ,,لم تستطع أن تشيح بنظرها عنه إنه يحيرها ,,إنه يبدو محبا مع الجميع لكن معها ينقلب حاله 180 درجة وترى في عينيه التي ترى فيها الحب الآن ,ترى فيها البغض والكره ...نظر إليها عندما ترك عمته ووجدها تنظر إليه فأشاحت بنظرها بسرعة ,,,رأته يتجه نحوها فأدركت أنه سيجلس بجانبها ,,لاتريده يجلس بجانبه فالمشاعر التي تشعر بها تجاهه لاتريحها لكن لامفر لأن الأريكة التي تجلس عليها هي الوحيدة الفارغة لكن لو تفسح كايت المكان الذي تجلس فيه سيكفيه ,,,,ماهذا؟؟لو نهضت الآن سيشعر الآخرين بما فعلت ,,,تبا لهذا ...
جلس بجانبها وقال لها بعفوية ( كيف حالك يا داني ؟؟)
رمشت بعينيها وقالت بتوتر (ماذا تعني بهذا السؤال ؟)
ابتسم ساخرا وقال ( لا يوجد إلا معنى واحد لهذا السؤال!)
ردت بتوتر ( أنا بخير ما دام أبي كذلك !)
( جيد ) رد ثم أهملها كليا وقد انسجم مع والدها الذي أحسته كأب له أكثر من مجرد زوج عمته ..كيف يحبان بعضهما هكذا


*********************


جلسوا بعد العشاء يرتشفون القهوة وقد بدت دانييل مستغرقة في أفكارها تفكر في العلاقة الوطيدة التي تجمع بين والدها ورايان .


أحس رايان بشرودها فتساءل عما يشغل بالها ,,كانوا يتكلمون عن دروس ميا للموسيقى واعتراضها على هذه الدروس
(إنها صعبة للغاية ) كررت ميا بغضب فتخل رايان وقال

(لنسأل داني !)
التفتت دانييل إليه وقالت (عفوا ؟؟) نظرت إليه متصلبة
سأل رافعا حاجبيه (هل دروس الموسيقى صعبة ؟)
(آه!) رت ثم تابعت ناظرة إلى ميا (إنها ليست صعبة وبإمكاني المساعدة إذا أردت ) حدقتها ميا بنظرة عنيفة وقالت ( لاأريد أن أتعلم !) وخرجت مسرعة من الغرفة فقال والدها ( ما هذا ؟؟)
ردت كايت ( إنها مدللة فقط !) أحست دانييل بالغضب يمتزج داخلها فقالت (اعذروني ) وخرجت خلف ميا سأل الأب (مالذي يحدث؟) مالت كايت على رايان وقالت (لاأدري لنسأل رايان !)
(وما شأني أنا ؟) ثم تابع ( ربما ميا مستاءة لأنها تظن أننا نسينا عيد ميلادها ) لكن كايت أكملت هامسة ( ربما هو شأنك بسبب التوتر الذي ألاحظه بينك وبين دانييل !)
( إنك حمقاء يا كايت ) هزت كتفيها بعدم اقتناع
سمع عمته تقول (أوه لاتقلق فقد أخبرتني نيل أنها ستقوم بهذه المهمة فهي ستقوم بحفلة مفاجأة لأختها )
(أحقا ؟؟) رد رايان بتشكك وقد فرح الجميع
صعدت دانييل السلالم وهي تشعر بالغضب من أختها ..هذا يكفي من الألعاب الطفولية ,وصلت إلى غرفة ميا وقد علق عليها إشارة ابق خارجا ,طرقت الباب عدة مرات لكن لارد ففتحته ووجدت أختها تتصفح مجلة رسوم متحركة وقالت بحدة (ألاتعرفين أن تطرقي الباب ) ردت دانييل بغضب ( لقد طرقته )
( ماذا تريدين ؟) تابعت ميا بوقاحة فسحبت دانييل المجلة منها وقالت (اسمعيني ,أتظنين أني قد أتيت لأفسد حياتك أو آخذ منك أبي ,إنه ليس لي وحدي ,إنه لي ولوالدتك وكايت ورايان ..إنني فقط أريد أن أعرفه ,أريد أن أراه عندما يصرخ....)
قاطعتها ميا (إنه لايصرخ !) ردت دانييل بحزن
(لكني لاأعرف هذا)
ثم سكتت وقد أرادت أن تقول أريد أن نكون أصدقاء لكن ستكتفي بهذا ثم خرجت من الغرفة فاصطدمت برايان عند الباب فتأففت قائلة (ليس أنت أيضا !!) وابتعدت


*************************


مرت ساعة وهي تجلس في الشرفة في زاوية مظلمة مستندة على حاجز الشرفة ....نظرت إلى تحرك أغصان الأشجار واستمعت إلى حفيف الأوراق تحت الليل الدامس الذي تضيئه ألف نجمة والتي تعكس أضواءها على بركة السباحة ومياهها الراكدة التي تكاد تكون مثل السماء في سوادها ..أخذت تنظر إلى ذلك براحة وهدوء ناسية ما وتر أعصابها قبل وقت قريب .


كادت أن تنام من الهدوء والسكينة فالجميع لابد أن يكونوا نيام الآن .سمعت حركة عند باب الشرفة فرأت ظلا طويلا لم تتبينه لكنها أحست بشيء غريب يسري في أوصالها ..تقدم ذلك الشخص حتى ظهر وجهه تحت ضوء النجوم ,أظهرته أضواء النجوم الخافتة وسيما جدا فحبست أنفاسها ,,لقد جعلها متأرجحة بين مشاعر لم تألفها ,,,لماذا أتى ؟؟ثم تذكرت أنها رأته عند غرفة ميا فتأجج غضبها ..أيظن أنها ستجرح أختها الوحيدة ؟


تصاعد غضبها فأشاحت بنظرها وقد لاحظها فتقدم منها ..

تمتمت بصوت مسموع لتجرحه (لقد تساءلت ما سيفسد هذا المنظر علي؟؟) استند على الحاجز ولم ينظر إليها بل نظر إلى الأشجار التي تحيط بهم كالأسوار (حقا وماهو ذلك ؟)كان صوته أجشا وظهرت فيه لكنة خفيفة فاستغربت لأنها لن تنتبه لذلك
أجبته بحدة (أنت ) ونظرت إليه متوقعة أن ترى الغضب لكن لدهشتها ضحك ضحكة خفيفة ..إنه لم يضحك لها أبدا
وبهذه المسافة القريبة ,أحست باندفاع حمرة الخجل إلى خديها حتى كادت أن تلمسها لتخفف الاحمرار لكنها لم تفعل ولم تستطع أن توقف خفقان قلبها الأحمق ،ماذا دهاها ؟؟
لحسن حظها لم تكن الأضاءة قوية ليلاحظ ماحدث من تغيرات في وجهها لكن مزاجه تبدل عندما لاحظ سكوتها وتحديقها به فقال (ما بك؟)عادت ملامحه إلى العبوس مع أنها لاتحب هذه الملامح لكنها أسلم لها من ابتسامته الجذابة ,ردت (لاشيء ,لكني ظننت أنك تتكلم بلكنة .لابد أنيي أتخيل لأنك أميركي ..) قالت جملتها الأخيرة بهمس وكأنها تكلم نفسها ..أخذ يحدق إليها للحظات ثم استدار عنها وتهالك على الأريكة التي في الشرفة وقال بملل
(لا تقولي لي أن كايت لم تخبرك عنا ..)
نظرت إليه وقالت (عنكم؟؟)
(أنا ,هي وعمتي؟؟) قال بعدم تصديق وفهمت قصده فقالت بنفاذ صبر(ماذا تعني؟) لمعت عيناها تحت الضوء الخفيف فبدت جميلة جدا حتى بشعرها الكستنائي المربوط إلى الخلف والغير مرتب وقد بدت بشرتها بلون الفضية النقية تحت النجوم .
وضع رايان يده على جبينه مغمضا عينيه ليبعد عنه الصورة الجميلة عنها بلمعان عينيها وبشرتها الجميلة ..ماذا دهاه؟*قل لها ما تريد واذهب فلديك مناوبة بعد أربع ساعات *لابد أنه الإرهاق الذي يجعله يهلوس هكذا ,قال بنفاذ صبر
(نحن إيرلنديون )
(أحقا؟) ردت بلهجة فكتمت حماسها عندما رأته يدعك جبينه فقالت(يجب أن تذهب لتنام .) رفع رأسه بحدة فأكملت وهي مرتبكة وخافت أن يفهمها خطأ ( أقصد أنك تبدو متعبا ولديك عمل في الغد !!) ثم صمتت وقد أحست بالغباء لما قالته ..
حدق بها للحظات ثم قال بجدية ( اسمعي,أظن بأن العائلة لاحظت ما يحصل بيني وبينك ..لذلك..)
قاطعته ( مايحصل بيني وبينك ؟ماذا يعني هذا ؟)
(أقصد ما يحصل من مشاجرات لأن كايت لاحظت وبما أنها لاحظت هذا يعني أن عمتي لابد قد لاحظت لذلك يجب أن نتظاهر بعدم كره بعضنا حتى نقوم بتسوية ما بيننا )
ردت بحدة (قد ننجح بذلك إذا قمت بشيء واحد وهو أن تتخلى عن الأفكار الحمقاء التي كونتها عني ) وتابعت بغضب وتهور (ليس لأن امرأة مختلة خانتك يعني أن كل النساء مثلها فأصابع اليد غير متساوية !) لاحظت أنها تمادت لأنها رأت ملامحه تسود وفكه يشتد فهمست (أنا آسفة ) نهض واقترب منها حتى أصبحت تشم رائحة عطرة فارتجفت ظنا منها أنه سوف يضربها لكنه قال ( لقد جئت ظنا مني أن بإمكاني القيام بمعاهدة صداقة كما يقول السياسيون لكنني غيرت رأيي ,,وأتعرفين المثل القائل أبق أصدقائك قريبين ....أنا متأكد أنك تعرفين البقية ..)
فأكملت هامسة ( وأعدائك أقرب ..هل أصبحت العدو الآن ؟؟؟)
هز كتفيه وكأنه يقول لها أنها لم تبق لديه أي خيار ..
قالت بكل مرارة( لماذ تفعل هذا؟)
قال (أنت تعرفين لماذا , وأيضا ألم تقولي بأنك لا تريدين صديقا مختلا مثلي ؟؟) ثم تابع ببرود مخيف ( وأيضا لا تبدي رأيك في ما لايعنيك ,فأنت لاتعرفين عني شيئا )
قالت ساخرة (أذكر أنني قلت نفس الشيء عني ) لكنه لم يستمع لها واستدار خارجا فنادته (رايان!)
(نعم ,عزيزتي !) رد بسخرية
قالت بتصميم ( عندما تعرف الحقيقة وتعرف أنك مخطئ ,
ستعض أصابعك ندما )
أجاب ليغيظها ( لا ,لن أفعل لأنني أعرف الحقيقة وأعرف أنني دائما محق ) أحست بالجنون لثقته فصرخت به
(ولا تنادني بعزيزتي ,فأنا لست عزيزتك أيها الأبله ) لكن الصمت هو الوحيد الذي رد فتهالكت على الأريكة والغيظ يأكلها ..


انتهى الفصل الخامس ...


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

roxan anna 02-28-2013 02:18 PM

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/28_01_14139094023593441.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
http://im32.gulfup.com/sSIFo.png


(((عيناك عذابي...............))))


(( الفصل السادس))

( الخــــداع )


استغرقت دانييل في التحضير لحفلة ميلاد ميا السرية لكن ذلك أسعدها وملأ أوقات الفراغ التي كانت تشعر بها ,,,والأهم من ذلك جعلها تنسى المشاعر الغريبة تجاه رايان ,,,لم تشعر بهذه المشاعر طوال حياتها ,,إنها مزيج من الخوف والارتباك والاضطراب ,,طوال حياتها كانت تتعامل مع مختلف الأشخاص من خلال عملها ,,فقد صادفت كل أنواع الآباء والأمهات ,,منهم المتطلب والمهتم والمخيف والمثير للإضطراب والمتكاسل ,وتعاملت مع كل منهم فحاولت أن تلبي طلبات ذلك المتطلب لكن ليس إلى الحد الذي يجعله يتدخل في عملها بل وضعت له الحدود لتطلبه وطمأنت المهتم ووقفت في وجه المخيف ,فلماذا يصيبها الارتباك كلما رأته ؟؟أهو بسبب تلك العينان التي تطل منهما المودة والدفء ....غريب كيف أنها عندما رأته لأول مرة ظنت أنها باردتين لأنها رأت البرودة فيهما تلك الليلة عند الشرفة عندما أخذت تثرثر عن تلك المرأة التي استغلته كما قال ...
من هي يا ترى ؟أهي مميزة بالنسبة إليه ؟؟لابد أنها كذلك
وإلا لما بقي مريرا إلى الآن!!!لابد أنه أحبها كثيرا
ليصاب بخيبة الأمل هذه !!!
استحمت دانيل بعد أن ركضت قليلا في الصباح ثم جلست عند ضفة البحر لتشاهد الشروق ...فهي دائما تقوم بالهرولة ..لأنها تجعلها تشعر بالانتعاش ...أخذت تنظر إلى ثيابها المعلقة في خزانتها . كانت قد جلبت ثلاثة فساتين بسيطة إلى جانب فستان السهرة الذي أصرت جيسيكا على أخذه .
لقد أصيبت بالملل من تلك التنانير الطويلة وسراويل الجينز ..سترتدي شيئا مختلفا اليوم ,ذلك لأن مزاجها كان ضبابيا ولاتعرف لماذا ؟ والأكثر أهمية هو بسبب نظرات تلك المرأة لها ,,مديرة كايت في العمل التي أتت لتزور والدها ,لقد كانت جميلة جدا بذلك الثوب الأسود الصوفي الذي كانت متأكدة من أنه من إحدى الماركات العالمية ,قد تكون من سان لوران أو ديور ..
ضحكت باستخفاف ..لقد رأتها تلك المرأة في أسوأ حالاتها فقد كانت ترتدي بنطالا عاليا يصلح لطفل صغير أكثر منه لامرأة راشدة لونه كحلي ولبست تحته بلوزة خضراء بلون العشب وقد كانت تمشي بجوار المنزل حين هطل المطر فجأة فركضت نحو المنزل لكن بلا فائدة فقد التصق الوحل في بنطالها ووصل الى كاحلها وعندما دخلت المنزل وجدت تلك المرأة الأنيقة الجذابة التي تجلس بكل وقار مع رايان في غرفة الجلوس فنظرت الى دانييل بعبوس وكأن دانييل آتية من المريخ لكنها لاتلومها ,,,
لكن الذي أغضب دانييل حقا هي نظرات الدهشة والازدراء من رايان ...فليذهب الى الجحيم ذلك الأبله ,انها لاتهتم به ولابرأيه ,لابد أنه يراها كالفأرة المبللة بشعرها المبلل وثيابها المتسخة
كانت تلك المرأة تجلس مع والدها ومع مورا ورايان في غرفة الجلوس وكان اسمها كلوديت ماننغ ,لقد ذكرت كايت
هذا الاسم في أول يوم لها في البيت
عندما استحمت ولبست تنورة طويلة رمادية وبلوزة صفراء وسرحت شعرها وتركته منسدلا ذلك اليوم ,دخلت على كايت في المطبخ مع روزيتا وقد كانت غاضبة ..
ألقت دانييل التحية وهي تجلس على احدى الكراسي
(مابك ؟تبدين غاضبة)
( تلك الأفعى المنافقة ,إنها تثير غضبي )
اكلت دانييل قطعة من كعك روزيتا اللذيذ وقال
(لماذا ؟ماذا فعلت لك ؟
قالت كايت وهي ترتب أكواب القهوة مع روزيتا بعصبية في صينية (إنها تدعي الطيبة بمجيئها لزيارة عمي جوناثان )
صمتت ثم قالت بسخرية (كلنا نعرف لماذا هي هنا )
ثم تنهدت متابعة (ما عداه )
أحست دانييل بشيء غريب (ماذا تقصدين؟)
دفعها الفضولالى السؤال ,قالت كايت بهمس
( إنها تقوم بهذه المناورات لتحصل على اهتمام رايان )
تابعت ( والذي يبدو غير مدرك لهذه الاهتمامات التي تقذفها اليه)
أخذت روزيتا الصينية من كايت بهدوء وخرجت من المطبخ فأكملت كايت ( ذلك اليوم أخذت تقول بأنها تحب ايرلندا وتحب الشعب الايرلندي أمام رايان ثم نظرت اليه
بكل وقاحة نظرات كلها هيام وحب )
صرخت كايت (آآه كم أكرهها ..أقسم أنه لو لم تكن مديرتي لقتلتها
ضحكت دانييل ضحكة خفيفة لكنها في داخلها تشعر بالاختناق ..أحست وكأن أحدهم يقبض على صدرها ..لماذا تنتابها هذه الأحاسيس ؟وماذا لو كانت تلك المرأة الجميلة والجذابة معجبة برايان ؟أو حتى تحبه ؟نعم ماذا لو كانت كذلك ؟ إنها لاتهتم ..لكنها فجأة أحست برجفة وهي ترفع كوب العصير فوضعته لئلا تلاحظ كايت ذلك ..ازدردت ريقها وقالت بصوت مبحوح عندما لاحظت أن كايت كانت تنتظر تعليق (إنها جميلة جدا)
أطلقت كايت صرخة احتجاج (عندما تقوم بمسح ذلك الماكياج عن وجهها ستصبح مثل الغول ) ضحكت دانييل (إنك تبالغين !)
عندها دخلت روزيتا لتقول بأن مورا تريدهم في غرفة الجلوس ,انضمت دانييل اليهم مع كايت وما ان دخلت حتى أحست بكره بالغ تجاه تلك المرأة الجالسة بكل ارتياح بجانب رايان الذي كان مستمتعا بتلك الجلسة ..

لايبدو عليه الضيق من تلك المرأة .. هل هو معجب بها وفجأة طرأت على بالها فكرة هل هو يظهر عدم المبالاة ليخفي إعجابه بكلوديت أو كلوي كما تحب أن يسموها ؟
؟في أعماقها أحست بالغضب لسبب لاتعرفه ..
وضحكت بسخرية في نفسها ..لقد كان هناك امرأة لايكن لها رايان كل الحقد بسبب تلك التي خانته ..
كا ن من الممكن أن تعجب بتلك المرأة لولا أنها تكثر من الكلام عن نفسها وهذا ما تكرهه دانييل فهي ليستمن ذلك النوع ..ورأت أن كايت تبالغ عندما قالت أن كلوي تضع كثيرا من مستحضرات التجميل وتخيلتها بدون الماكياج ,ولابد أنها ستبدو جميلة بعينيها الزرقاوين وشعرها الأشقر النحاسي ,,سمعت كلوي تقول لها ( لقد سمعت بأنك معلمة موسيقى متخرجة من جوليارد )
كانت قد قالت هذا بالاسبانية فضحكت وقالت (اعذروني ,لازلت متعودة على اللغة الاسبانية ..فقد كنت هناك منذ أشهر)
قالت دانييل بنفس اللغة ( ما سمعته صحيح يا عزيزتي !)
فقد درستها في الكلية
التفت اليها كل الموجودين في الغرفة وقال والدها
(لم أكن أعرف بأنك تتكلمين الاسبانية يا نيل )
فقالت دانييل في نفسها بحسرة *أنى لك أن تعرف يا أبي ؟*
هزت دانييل كتفيها بخفة (تعلمتها في الكلية وأنا أقوم بممارستها مع جيسيكا صديقتي الاسبانية )
قالت مورا (هذا جميل ,أليس كذلك يا كلوي ؟حتى أن لكنتك
جميلة وقوية يا نيل )
ردت كلوي ببرود (أجل ,جميل جدا )
قالت كايت وهي سعيدة جدا بخيبة كلوي (رايان يعرف اللغة جيدا )
لم تستطع دانييل أن تنظر الى رايان لترى دهشته ..فلسبب ما كانت تريده أن يندهش من معرفتها ..فنظرت الى كايت( هذا رائع )
فنظرت الى ساعتها مرتبكة بسبب صمت رايان وقالت كاذبة
(يجب أن أذهب ,لدي ما أقوم به من أجل حفلة ميلاد ميا ,سررت بمعرفتك يا كلوي )
قالت كلوي ببرودة ( أنا أيضا ) اصطدمت عينا دانييل بعيني رايان التي كان فيها تعبير غريب لم تعرفه . عندما خرجت ,كانت دقات قلبها مسرعة وكأنها كانت تركض لساعات فأخذت نفسا عميقا وأكملت طريقها ..
تذكرت دانييل كل هذا وهي ترتدي فتانها العشبي المزين بورود حمراء برتقالية ذو أكمام قصيرة .زثم نزلت الى المطبخ حيث سمعت أصواتا تتردد في الردهة ,كان صوتا أنثويا يقابله صوت عميق دافئ ..لابد أنه والدها ومورا فدخلت سعيدة ووجهها ينضح نضارة وقالت (صباح الخير) لكن صوتها اختفى عندما رأته جالسا في قميص أبيض ناصع وبنطال أسود ولم تنتبه الى مورا التي قالت بإعجاب (عزيزتي ,تبدين جميلة جدا ,أليس كذلك يا رايان ؟) فنظر اليها بتعبير جامد لثوان معدودة وقال
(تبدين مختلفة يا داني ) ثم عاد يشرب من قهوته ..
وجدت أن هذا أقصى ما سيخرج منه فهو لايريد أن تشك عمته في الخلاف الذي بينهما وأيضا عرفت بأنه يسميها داني لاعتقاده أن هذا الاسم يلائمها أكثر من نيل فقد قال عندما سألته كايت
(لماذا تسميها داني ؟)
(لماذا ؟هل تستاء من هذا الاسم ؟لأنه على حسب قول صديقها هذا الاسم يناسبها أكثر ) دهشت من تذكره لما قالته عندما سألتها كايت ماهو الاسم الذي تفل أن تناديه به
لكنها تعرف أنه لا يقصد بهذا اهتماما بل ليراقبها ..
رجعت الى الواقع وقالت ( شكرا عمتي ) ثم قالت وهي تجلس بعيدا عن رايان (وشكرا لك يا رايان )
ثم سألت مورا وهي تصب بعض العصير لها وقد لاحظت أن مورا تعد صينية لوالدها ( هل استيقظ والدي ؟)
(نعم عزيزتي .إنه يستيقظ عندما تخرجين للهرولة كل صباح )
أحست دانييل بالذنب ( إنني آسفة .لم أقصد أن أثير الضجة )
لوحت مورا بيدها بالهواء قائلة ( لا ,يا عزيزتي إنك لا تثيرين الضجة لكن والدك تعود أن يأخذ دواءه في هذا الموعد )
(هذا جيد فقد ظننت أني أيقظت الجميع ) ومدت يدها الى صينية الخبز في الوقت الذي كا ن رايان يأخذ قطعة فاصطدمت اليدان ..فأحست دانييل بحرارة تصعد الى ذراعها حتى استقرت في أولى فقرات عمودها الفقري وارتفعت الحمرة في وجنتيها فتمتمت
( آسفة )وأبعدت يدها عندما أخذ رايان قطعة
(صباح الخير ) قالت كايت وهي تدخل الى المطبخ بصوت ناعس وآثار النوم لازالت ظاهرة على وجهها ردوا التحية فقالت
( فيم كنتم تتحدثون ؟)
قالت مورا (عن دانييل ورياضتها الصباحية فهي نشيطة
وليست مثلك ...)
( من الذي سيقدر على مزاولة الرياضة في الصباح الباكر ؟بالنسبة الي أفضل النوم بدلا من ذلك )
ضحك الجميع ثم قال رايان
( إنك كسولة ,أتساءل مالذي رآه جيمي فيك ليتزوجك ؟)
عبست كايت مما أضحك دانييل ومورا وقالت كايت
( لقد رأى جوهري الداخلي ..) فابتسم رايان بخبث فلم تعره كايت أي اهتمام وبدلا من ذلك قالت لدانييل ( ولكني أحسدك فعلا يا نيل ,كيف تقدرين على ذلك ولاتفوتين يوما واحدا ؟)
فتدخل رايان ( ربما هي تفعل ذلك من أجل شخص ما ؟)
فقالت دانييل (مالذي تقصده؟)
(قد تكونين تقومين بالرياضة إرضاء لصديقك الحميم ؟!)
قال بمكر ..ابتسمت دانييل ابتسامة خالية من أي تعبير ( أنا لاأفعل ذلك من أجل شخص ما ,أقوم بذلك من أجلي ,,من أجل صحتي .)
قال رايان بتحدي (أهذه طريقتك الحزينة للقول أنك وحيدة وليس لديك صديق مميز؟)
(رايان !) كانت هذه الصرخة التأنيبية من مورا وكايت ,نظرت دانييل الى ذلك الذي ينظر الى أعماق عينيها ولم يهتم بالمرأتين نظرات تبحث عن شيء لم تعرفه دانييل فبادلته النظرة بثقة وقالت (لست من ذلك النوع أبدا ..ولعلمك أنا لست بائسة ووحيدة ..فلدي العديد من الأصدقاء اللذين أعتبرهم عائلتي ..) صمتت ثم تابعت (وأنا أشمئز من أولئك اللذين يقولون بأن المرأة يجب أن تكون مرتبطة برجل لتشعر بالأمان والحماية ..فبضع دروس في الكاراتيه والدفاع عن النفس ستضمن لك ذلك ) لقد كانت غاضبة من هذا الرجل الذي يحملق بها ساخرا منها بكل جرأة فلم تهتم بالحاضرين أو تراعي التهذيب أمامهم ..
( إنك تشبهين أمك في هذه اللحظة !) رفرف جفنيها قبل أن يستقرا على والدها عند باب المطبخ وقد بدا بخير وبصحة جيدة ..لكنها قطبت حاجبيها عندما سمعت ما قاله ولم يلاحظ ذلك أحد كما اعتقدت لكن رايان لاحظ ذلك الوجه المتوهج تحت الأشعة المنسابة من نافذة المطبخ لتضفي شيئا رائعا على وجهها ,لم يشعر رايان بالارتياح من هذه المشاعر التي تنتابه فهذه المرة الثانية التي يشعر فيها بذلك ..لحسن حظه لم يلاحظ أحد ذلك التعبير المتأمل على وجهه ,فقد كانوا يصبون اهتمامهم على جوناثان الذي دخل الى المطبخ ثم جلس على كرسي بجانب ابنته وسمع عمته تعنف زوجها قائلة ( من المفترض أن تكون في الفراش ,كنت على وشك أن آتيك بالفطور في الغرفة ..)
قال والدها بعبوس (لقد مللت من الجلوس في تلك الغرفة والجدران تحيط بي من كل جانب )
ابتسمت دانييل (من المفترض أن تدلل نفسك يا أبي بهذا الاهتمام الذي يحيط بك )
ردت مورا بجدية واستياء من زوجها (لطالما كان والدك مريضا صعبا ) فرد جوناثان معترضا(كلا ,لست كذلك )
(أحقا ؟ وعصيان أوامر الطبيب بأخذ الأدوية ,ماذا تسمي ذلك ؟)
أخذت دانييل تضحك لمرأى والدها محاصر باتهامات مورا ,فقد كان عابسا ومستاء كالطفل (هذا غير صحيح..رايان؟؟!) استنجد والدها برايان الذي أضاءت وجهه ابتسامة جميلة
كما هي حاله عند حضور والدها
..غريبة هي هذه العلاقة التي تربط بين والدها ورايان ,,كأنهما صديقين بل إنها كعلاقة الأب والابن ,,ووالدها لايعدو أن يكون زوج عمته والسؤال الأكثر غموضا هو كيف أتى رايان وأخته ليعيشوا مع عمتهم وزوجها ؟وأين والديهم ؟هناك شيء غريب ..
انتبهت الى أن رايان نهض من كرسيه وهو يقول لوالدها مازحا (أنت بمفردك يا جوناثان فأنا لاأقدر أن أفوز في جدال مع عمتي )
ضحكت دانييل ,لم تكن تعرف أنه يقدر على المزاح فلطالما ظنته متحجر وثقيل الظل ..إن هذا الرجل ملئ بالغموض والأسرار والأسوأ من هذا هو أنه يثير فضولها ..وأيضا هناك شيء فيه يثير مشاعرها ,إنها لاتعرف ما هو هذا الشعور فهي لم تشعر بهذه الأحاسيس في حياتها وهي لاتريد أن تحس به لأنه يهدد شعورها بالاستقرار والطمأنينة ..
أخذت تقلب الطعام في صحنها وقد أصابها فقدان شهية مفاجئ بسبب التوتر الذي هاجمها بسبب أفكارها الغبية ..
(أين ستذهب ؟) كان ذلك والدها ,يسأل رايان عندما رآه ذاهبا
(لدي أشياء أقوم بها ..) قال رايان وهو يرتدي سترته السوداء على قميصه الناصع البياض والتي تتماثل
في سوادها مع بنطاله الأسود ..
( وماهي هذه الأشياء ؟ لقد قلت بأنك أخذت عطلة لمدة أسبوع من العمل في المستشفى ..) قالت مورا بغضب ,إنه يرهق نفسه بذلك العمل ..
قطب رايان حاجبيه ,إنه لايريد أن يسمع هذه المناقشة من عمته فحاول أن يبسط أساريره فقال (بقي لدي الشركة يا عمتي ,هل نسيت ؟أراكم لاحقا ) ثم خرج تاركا دانييل في دوامة منذ أن سمعت كلامه ثم أغمضت عينيها ..يا للهول إنه في عطلة من المستشفى ,هذا يعني أنه سيكون في المنزل معظم الأوقات ..صحيح أنه سيذهب الى الشركة لكنه لايأخذ وقتا طويلا هناك ..فهي وبدون أن تدرك أصبحت تعرف مواعيد دخوله وخروجه من المنزل ولكن لماذا يوترها هذا فهي لاتهتم ما اذا كان سيبقى في البيت أم لا..صحيح؟
لكنها لم تصدق ذلك الكلام الذي تحاول إقناع نفسها به ..فرايان ولسبب ما يسكنها ويثير خوفها ليس فقط بسبب كلامه الغير منطقي بل لسبب لاتريد الاعتراف به ..
(داني !) أجفلت من ذلك الصوت العميق والذي جعل قلبها يتخبط في مكانه لعودة الشخص الذي تفكر فيه ولمرأى تلك الجاذبية والرجولة التي كانت تفيض منه
..أحست بأنها سوف تبكي لأفكارها تلك ..
قال مقطب الحاجبين (اتصال لك)
(لي أنا ؟؟؟) سألت بغباء ,,لكنها لم تسمع صوت الهاتف يرن.وكيف تسمعينه وأنت مستغرقة في أفكارك الحمقاء رددت في نفسها ..
قال بجمود (قال أن اسمه ترافيس )
(ترافيس !) صاحت بفرحة جعلت وجهها يشع فلم تلاحظ العبوس الذي لاح على وجه رايان ونهضت عندما سأل والدها ( من هو ترافيس؟)
(انه صديقي ) ردت وهي تخرج من المطبخ وحبست أنفاسها وهي تمر من جانب رايان تلقائيا ,,أخذ رايان ينظر اليها وهي تقطع الردهة وشعرها يتطاير بفعل الهواء من سرعتها .
سمع ضحكة أعادته الى الوقع
صدرت من جوناثان الذي قال(يبدو انه مميز)
خرج من المطبخ وهو يشعر بغضب غير مبرر ,مر بغرفة الجلوس وسمع صوتها السعيد وهي تتحدث مع المدعو ترافيس وسمعها تسأل عن أشخاص آخرين ,,جيسيكا وتشارلي وستيلا وجوزيف ...من هؤلاء أهم أصدقاؤها ولماذا ترافيس الوحيد الذي يتصل بها لابد أنه صديق مميز ,,نظر الى نفسه في مرآة غرفته وهو مستغرق التفكير في هذه المرأة ,ارتد بصره الى الساعة المعلقة على الحائط وشتم غباءه فقد ضاعت عشر دقائق وهو يفكر في هذه الحمقاء ,أخذ يبحث عن حقيبته لكنه لم يجدها وضاعت عشر دقائق أخرى تمتم غاضبا (أين هذه الحقيبة بحق الله ؟) عندها تذكر أنه وضعها في غرفة الجلوس *أيها الأحمق* ونزل الدرجات مسرعا وكاد أن يصطدم بدانييل عند غرفة الجلوس لولا أنها قالت بحدة (انتبه!) فنظر إليها ..كان قريبا منها لدرجة أنه رأى ما يشابه الشامة بالقرب من أذنها ..ثم انتقل الى عينيها الخضراوين اللتين تلمع بشدة ..أهو الغضب ؟لكن لا ..لقد رآها وهي غاضبة ولم تكن عينيها هكذا ..لابد أنه بسبب المدعو ترافيس ثم عاد غضبه المجهول يتأجج ..فأخذ يحاول تهدئة نفسه فأخذ نفسا عميقا لكنه أخطأ في ذلك اذ استنشق عطرا جميلا هو مزيج من اللافندر والتوت البري التي تغلغلت في أعماقه فاجتاحته شحنة كهربائية ..عندها تراجعت دانييل الى الوراء لتسمح له بالدخول ..فلاحظ حركتها الرشيقة *كفى * قال لنفسه ..
قالت ببرود وصلابة ..(حسنا ,هل ستمشي أم أمشي أنا ؟)
اشتعل غضبه من كلامها ومن نفسه ,لأنه شرع في تأملها ولابد أنها لاحظت ذلك ,,لابد أنه بدا كالأحمق
فقال ليرد اعتداده بنفسه (بإمكاني البقاء مكاني ان أردت )
(سوف يسبب لي هذا مشكلة )
قال بسخرية (أحقا؟) ثم صمت وتابع (اذن سأبقى هنا بالتأكيد فأنا لاأمانع في أن أسبب لك مشكلة ) ابتسم متهكما ليزيد غضبها ..
قالت غاضبة (من الأفضل لك أن تبتعد قبل أن أرفسك لأني لست في مزاج لتقبل تهكمك الأرعن ) ثم مرت من جانبه تخرج من الغرفة ..ماذا أصابها ؟لم هي غاضبة بهذا الشكل ؟حسنا لطالما كانت تغضب عندما تكون برفقته لكن ليس لدرجة أن تضربه ؟مابها؟ كان يفكر بذلك وهو يقود سيارته الجيب الرمادية من نوع شيفروليه الى شركة الأدوية ..إنه يذكر عندما استلم العمل في الشركة منذ حوالي السنة وتسعة أشهر ..كان ذلك بعد تلك الحادثة المؤسفة والتي قلبت حياته رأسا على عقب بدءا من ذلك اليوم الذي التقى فيه صاحبة الجمال الطفولي والتي اكتشف فيما بعد أنها أفعى سامة ..فخلف مظهرها الطفولي يكمن شر خالص .
.كان اسمها صوفيا لورمير .
(صوفيا لورمير !) صرخ رايان ذلك اليوم في غرفة الانتظار المزدحمة في قسم الطوارئ الذي يعمل به مناديا على المريض الذي سيتولى علاجه ,كان في ذلك الوقت في الثامنة والعشرين من عمره سعيد بما أنجزه خلال سنوات توظيفه في مستشفى ميرسي*الرحمة* كطبيب مقيم في غرفة الطوارئ ,لكنه لم يكن يعرف بأن ذلك اللقاء سيأتي بأشياءلم يحلم بها رايان في أسوأ كوابيسه .
ظهرت أمامه وهي تعرج بكل براءة ودلال ..لم يلحظ هو تلك الحركات في البدء إلا عندما أخذت تطلق الملاحظة بشأنه أولا حول كفاءته وكيف أنه استطاع تشخيص ما بها ,ضحك رايان ذلك اليوم وقال (إن طالب في كلية الطب سيعرف أنه مجرد التواء بسيط .هذا ليس بالشيء الكبير يا آنسة )
فقالت وعيناها البنيتان تحملقان بكل إعجاب فيه (أرجوك نادني صوفيا ,إنك صاحب أجمل ابتسامة في هذا العالم)
وغيره من تلك المجاملات لدرجة أن الممرضات لاحظن ذلك ..
فقال رايان وقد أحس بالدهشة من جرأتها (هذا من لطفك) فقد وضع قاعدة لنفسه بألا يتورط مع أي مريضة يعالجها ..وهذه الفتاة تتضمن القاعدة مع أن رايان رآها جميلة ..
قال لها وهو ينهي ربط قدمها الصغير (عودي اذا آلمتك أكثر ,اتفقنا ؟) وكتب في وصفتها القليل من المسكنات
وياليته لم يقل هذا لأن تلك الحمقاء فسرتها كدعوة ,وما ان جاء اليوم التالي حتى وجدها أمامه مبتسمة إحدى ابتساماتها التي أطلقتها مساء البارحة فظن رايان أن قدمها تؤلمها
(هل تؤلمك قدمك؟) هزت كتفيها بنعومة (قليلا فقط )
عندما أعاد ربطها (سوف تشفى خلال أيام ..أتمنى ألا أراك )
قاطعته وقطبت حاجبيها وأوشكت على البكاء (لماذا ؟لابد أنني مزعجة ) كانت ممثلة بارعة جدا
(لا! لم أقصد ذلك بل أقصد بأني أتمنى أن لا تصابي بأذى فتأتين الينا ) قالت( لاتقلق ,ستراني كثيرا خارج المشفى ) كانت واثقة جدا
في نفس الليلة كان رايان قد أنهى مناوبته في الثامنة مساء فاتجه الى سيارته فوجدها هناك تنتظره فأحس رايان بالغرابة
(ماذا تفعلين هنا؟)
(كنت أريد أن أدعوك الى عشاء بسيط كعربون شكر
هذا ان لم تكن مشغولا )
(ليس هناك من داع ,,حقا يا صوفيا )
(أعرف ذلك ولكني لاأحب أن أتناول العشاء بمفردي لكن يبدو أنك مشغول .سأتركك ,لابد أن صديقتك تنتظرك الى اللقاء )
وابتعدت قليلا تبدو مجروحة ووحيدة ,,
فكر رايان واتخذ قرارا قلب حياته (انتظري ,صوفيا )
توقفت واستدارت (نعم؟؟)
(سأذهب معك)
أخذت تقول (ليس هناك داع لذلك حقا ,فصديقتك ...)
قاطعها (ليس لدي صديقة ..فلنذهب )
توالت الأيام وأخذ يخرج معها معظم الوقت ..كانت حقا فتاة جيدة ,كانت محدثة رائعة إلا أنه لم يكتشف حقيقتها إلا عندما لاحظ المسكنات التي تطلبها وفي فترات قصيرة ..ذات يوم طلبت منه أن يعطيها بعض المسكنات م المستشفى فرفض وقال ( ألم أصرف لك شريط قبل يومين لصداع رأسك وقبلها لألم معدتك ؟)
تغير وجهها وأصبح مسودا وأصبحت عصبية لدرجة فظيعة
(هل تقوم بعد الحبوب التي تعطيني اياها ؟)
فشعر رايان أنها تعاني من مشكلة بل متأكد من ذلك وتحتاج الى المساعدة فقال بهدوء ( صوفيا ,هل تعانين من مشكلة التحكم في نفسك بشأن المسكنات ؟)
فدفعته بعيدا بقوة وقالت بوحشية ( لاتبدأ بالكلام كأحد المستشارين النفسيين )
(دعيني أساعدك ..أستطيع مساعدتك ..) قال متوسلا ,فقد أحس بأنها ضعيفة ولا تستحق أن يحصل لها هذا بل لايصلح
أن يحصل لها أو لأي شخص آخر ...
أخذت ترفض مساعدته بكل عنف فقال لها مهددا لتقبل
مساعدته ( اذن يجب أن ننفصل )
(لك ذلك ) وابتعدت عنه لكنها قالت (أنا لم أصادقك إلا من أجل المسكنات ) وذهبت ..أحس بالحزن من أجلها فهي وحيدة كما قالت له ..لكن هل هي صادقة في كل ما قالت
قبل أن يكتشف حقيقتها لم يرها لمدة شهر أو نحوه
,حتى ذلك اليوم الذي وصلت إليه فيه رسالة
عندما قرأها أحس بالأرض تنهار تحته ..هذا مستحيل ..هذا لا يحدث ,لقد كانت مذكرة استدعاء الى المحكمة بتهمة التحرش وبتهمة سوء ممارسة المهنة باسم المجني عليها صوفيا لورمير
ياللقذرة ,لم يقدر على ايجاد وصف لها ,,إنه لايصدق ,,رايان ويليامز الذي لم يتلق مخالفة مرورية يستدعى للمحاكمة
أجفل رايان عندما سمع بوق السيارة خلفه ينطلق بإلحاح فاستيقظ من الكابوس الذي حاول أن ينساه لكنه كان مختبئا في مكان ما ..مالذي جعله يتذكر ذلك الآن ؟ إنها هي ..تلك التي تنضح براءة كلما تحركت أو تكلمت لكنه تعلم أن المظاهر خداعة ..ألم تكن صوفيا ممتلئة بالبراءة عندما التقاها وأيضا جميلة مع أن دانييل أجمل منه بكثير بشعرها الكستنائي وعينيها الجميلتين لكن هذا لايجعلها آمنة بل هي أخطر بكثير من صوفيا فكيف سيطمئن بأنه لن يتعرض للخداع مرة أخرى ؟
نظر الى المتاجر والمكاتب التي تحيط به وفجأة وجد الجواب ماثلا أمام عينيه ,لقد نجحت هذه الطريقة في التخلص من الخداع الأول فلا بد أن تنجح هذه المرة ,لكن رايان لم يفكر في عواقب ما بفعله ,لقد كان في غمرة غضبه وثورته عندما دخل الى المكتب الصغير فقال الرجل الذي خلف المكتب (كيف أساعدك؟)
(أريدك أن تستعلم عن أحد الأشخاص !)
ابتسم الرجل ابتسامة صغيرة ( تقصد أتحرى ,هذه الكلمة الصحيحة فأنا متحري خاص ! من هو الشخص ؟)
تردد رايان قليلا لكن أحداث المحاكمة أخذت تزدحم في ذهنه فأحس بالغضب يتزايد( دانييل باركر!!!!)


******************** ********


( نيل ,دعي الأطباق واذهبي للتسوق مثلا !) كانت تلك روزيتا المدبرة الحنونة تحاول جعل دانييل تترك أطباق الطعام والتي كانت تغسلها ,كانت دانييل تحاول مساعدتها وأيضا تساعد نفسها على نسيان ما حدث منذ ثلاث أيام
منذ ذلك الاتصال الذي كان من ترافيس وعكر مزاجها لكنها حاولت النسيان وذلك بإقامة حفلة ميلاد ميا التي نجحت وقربتها من أختها واقتحت أن تأتي دانييل لتراهميتدربون على لعب البيبسبول ,,
لقد تمتع الجميع بتلك الحفلة حتى رايان الذي أدهش دانييل بشخصيته الرائعة تحت مظهره المخيف لكنه وخلال الحفلة كان يبدو شارد التفكير ,,بمن يفكر ياترى ؟؟
تلك الليلةحصلت ميا على ثلاث هدايا من دانييل
وحدها وقد اشترك معها فوكس أو سامي
الأولى كانت عبارة عن قبعتي بيسبول موقعة من لاعبها المفضل أما الثانية فهي عبارة عن كرة ثلجية داخلها حمامتان بيضاوان على غصن صغير صرخت ميا (إنها رائعة ) واذا كانت ميا أُعجبت بالهديتين الأولى فالثالثة أفقدتها عقلها (كيف عرفت ِ؟)
سألت وقد انعقد لسانها
قالت دانييل مبتسمة (لقد أخبرني سامي عنها !) لقد كانت عبارة عن كاميرا متطورة مرا بها عند واجهة متجر عندما قال سامي بعفوية ( لطالما أرادت ميا الحصول على كاميرا مثل هذه لكنها لم تجرؤ على القول فهي تحب التصوير ) ثم وكأنه صحا م حلم وضع يده على فمه فاشترتها دانييل
قال سامي (هل أنت غاضبة ياميا ؟) هزت رأسها نافية ثم التفتت الى دانييل قائلة(شكرا ) ثم ما لبثت أن عانقتها بقوة
في تلك الليلة عندما خلد الجميع الى النوم ,أخذت دانييل تعزف على البيانو في غرفة الجلوس وقد أغلقت الباب لتمنع الصوت أن يتردد في المنزل ,وعندما اندمجت في العزف سمعت صوتا خلفها فأجفلت واستدارت لتجد ميا تقف عند الباب في بيجامتها الزرقاء ,قطبت دانييل حاجبيها فقالت بصوت دافئ حنون
(ميا ,عزيزتي .ما بك؟) لم يكن هناك رد من ميا بل اقتربت من البيانو تتلمسه (هل أنت مريضة ؟)
(لا,لم أستطع النوم !) ثم نظرت الى البيانو
أوه لا , لقد أيقظها صوت البيانو ..
(إنني آسفة ,لم أشعر بنفسي وأنا أعزف )
قاطعتها ميا بابتسامة ( إن عزفك جميل ) ابتسمت دانييل (حقا؟)
جلست ميا على المقعد بجانب دانييل ثم مررت يديها
على البيانو ثم قالت وقد نظرت الى دانييل بجدية(هل تعلمينني العزف على البيانو ؟) لقد نجحت ! لقد نجحت في إقامة رابطة بيني وبين أختي ..ابتسمت دانييل ( سأكون سعيدة بذلك )
فنظرت اليها ميا بحزن وقالت
(أنا آسفة على مافعلته ,لقد كنت....)
قاطعتها دانييل ( كلا ,إنني أفهم ما تشعرين به )
ثم احتضنت أختها


***************************


تذكرت هذا وهي تساعد روزي الحبيبة في غسل الأطباق التي تصر على أن تترك هذا العمل وتخرج من المنزل الذي تلازمه دانييل برأي روزي لكنها لم تشعر بالملل أبدا فبين مساعدتها لمورا في تنسيق الحديقة الخلفية وقضاء الوقت
مع والدها كانت سعيدة ,,قالت دانييل
( روزي ,لن أذوب اذا غسلت بضعة أطباق وسأنهيها الآن )
استسلمت روزي وقالت ( حسنا ,لكني أشعر بأني
لم أعد أفعل أي شيء في هذا المطبخ عندما تدخلينه!)
ضحكت دانييل وقالت ( إنك تبالغين ,ألم تساعديني
في عمل الكعك بالشوكولا للأولاد ؟)
(هذا لأني لاأعرف كيفية صنع ذلك النوع من الكعك !)
ثم أكملت بعد أن ابتسمت بخبث
( لكنه لذيذ ,ستكونين زوجة وأم رائعة لشخص ما !)
ابتسمت دانييل وقد استندت على الطاولة الموجودة في منتصف المطبخ والمصنوعة من خشب السنديان اللامع
(أحقا تظنين ذلك؟)
قالت روزي بكل ثقة ( بالطبع ,أي أحمق هذا الذي لايتأثر عندما يرى جمالك وبراءتك وطيبتك وخصالك الطيبة كلها ؟) لكن دانييل لم تقتنع بذلك ..فقد كانت متخوفة بأنها ستصبح مثل أمها تربي طفلا مراهقا بمفردها محاولة قدر المستطاع أن بألا ينقصه شيء ..فهي لن تحتمل ذلك بل لا تريد أن تكون كوالدتها التي أخذت تجتهد في عملها ناسية بأن لديها طفلا يحتاج الى أن يتحدث عن نفسه ,عن أفكاره ,عن أي شيء تافه يثير اهتمامه معللة عدم قيامها بذلك بأنها يجب أن تؤمن مستقبل ابنتها التي لن تجعلها تحتاج الى أحد ولم تحتج أحد لكنها في نفس الوقت أصبحت وحيدة على الرغم من صداقتها مع عائلة ترافيس ..
لم يكن هناك من يستطيع أن يفهمها من دون أن تتكلم ,يعرف حزنها من دون أن تتفوه بكلمة ,لشخص يعرف ما تريد أن تقول من دون أن تقوم بشرح مفصل ,إنها تحتاج لشخص بهذه المواصفات ..تبحث عن التفاهم والانسجام ,الاحترام والمودة ,,واذا اجتمع كل ذلك أتى الحب ,,فالحب من غير تفاهم وانسجام لايكون حبا بل لايعدو أن يكون وهما ..
أين ستجد ذلك الشخص يا ترى ؟
كانت روزي تقول ( إن حياة المدينة لاتناسبك ,فعندما أتيت الى المنزل كنت نحيفة وشاحبة ,أما الآن فقد زدت بعض الباوندات واكتسبت لونا جميلا ورديا على خديك ..آه لم لا تنتقلين الى المنزل بشكل دائم؟) أكملت روزي كلامها بفرح ..
وأرى رايان دائما ,فيكفيها أن تراه خلال هذه الفترة
التي ستمضيها مع أهلها فبين اتهاماته وطريقة تأثرها به
ستصاب بانهيار عصبي ..
لكنه خلال اليومين الأخيرين تغير قليلا فلم يعد يعيد عليها تلك الاتهامات بل أصبح مهذبا ودائما مستغرق التفكير
أو يعمل لكن خلال وقت فراغه لاتدري أين يذهب وتراه دائما يدخل الى المنزل مع ميا وسامي ,,أيعقل أنه يمضي وقته معهم ؟لكن هذا مستحيل ! إن هذا الرجل سيفقدها صوابها حتما .. لكن لم لا؟ فهو لطيف مع أختها ويمازح سامي دائما ,,وكأن روزي علمت أن دانييل تفكر برايان فقالت (ورايان يحتاج أيضا الى إجازة فهو دائما يعمل ولم يذق طعم الراحة منذ سنة ونصف منذ أن ...) وبترت روزي جملتها ,,كادت دانييل أن تسألها عما حصل لرايان منذ سنة ونصف وهل له علاقة بتلك المرأة ؟؟لكن يبدو أن روزي لاتريد التكلم عن الموضوع وبدلا من ذلك قالت ( إنه بحاجة الى امرأة جميلة وطيبة الأخلاق ,تجيد التعامل مع الأطفال
وتجيد صنع الكعك !)
رفعت دانييل رأسها بحدة عندما سمعت كلام روزي فوجدتها تبتسم بخبث ماكر ,,ياإلهي !إنها تقصدني أنا ,مالذي أوحى لها بهذا الكلام ؟هل لاحظت ما يحصل لي عندما أراه ؟رباه ! ماذا لو لاحظت وقالت لمورا ؟أو الأسوأ من ذلك ماذا لو لاحظت وقالت لرايان ؟رباه ! ماذا أفعل ؟؟؟ أفضل سياسة هي عدم الفهم .
قالت ببرود مصطنع وقد كانت تغلي من الداخل (أرجو له التوفيق في ذلك ..) ونظرت الى ساعتها مدعية عدم الاهتمام ثم قالت
( يجب أن أبدل ملابسي لأذهب الى الملعب ..أراك لاحقا )
(ماذا عن الكعك ؟)
(سآخذ البعض منه في طريقي الى الخروج ..)
صعدت مسرعة الى الطابق العلوي وأغلقت باب غرفتها ثم وقفت عند المرآة تنظر الى نفسها ..إلام كانت روزي تلمح ؟هل كانت تقصد أنها هي ورايان يكونان ثنائيا جميلا ؟هذا مستحيل فرايان يكرهها ويكره الأرض التي تمشي عليها وذلك لاتهام لايوجد فيه أي أثر للصحة ..لكنها أخذت تفكر كيف كانا سيكونان لو أنه لايكرهها هذا اذا كان معجب بها ,,فأخذت تتخيل نظراته الدافئة والحميمة لها والكلمات العذبة التي سيهمس بها في أذنها أخذت تتخيل كيف سيطوقها بذراعه بحنان فتصاعدت الحمرة في وجهها وارتفعت حرارتها فنظرت الى وجهها في المرآة فوجدته محمرا من الخجل فاستدارت وقد غضبت من نفسها وأمسكت وجهها بيديها *حمقاء * نهرت نفسها إنك حمقاء فهو لن يفعل شبئا كهذا لك أبدا فأنت ستكونين آخر امرأة ينظر إليها بإعجاب ومودة ..
(مرحبا يا روزي ) قال رايان بتعب وقد عاد لتوه من الشركة على الرغم من أنهم في عطلة الأسبوع فقد واجه مشاكل مع المحاسب فبعد كل سنتين يقومون بكشف للحسابات ووجد في هذه السنة أنه تم سحب مبلغ لايستهان به من أرباح الشركة قبل سنتين الى رقم حساب مجهول وهم الآن يحاولون أن يعرفوا صاحب هذا الحساب
(مرحبا عزيزي,كيف حالك؟) قالت روزي
وقد رأت معالم التعب على وجهه
(متعب جدا ) ثم جلس الى الطاولة فاشتم رائحة طيبة ..رائحة شيء مخبوز فوقع نظره على سلة مليئةبكعك الشوكولا ,
كان منظرها شهيا
(هل أعد لك بعض الشطائر قبل أن تذهب ؟)
قال وهو يقضم قطعة من الكعك ( لا, سأكتفي بهذه ..امممم إنها لذيذة جدا ياروزيتا لقد أصبحت تجيدين خبز هذا النوع !)
ثم أخذ قطعة ثانية
(إن دانييل هي هي التي أعدتها !) كاد أن يغص بالقطعة عندما سمع ما قالته وحاول أن يتصنع الهدوء (أحقا؟)
هزت روزيتا رأسها بحماسة وقالت (إنها رائعة تلك الفتاة )
(نعم ,لقد تأخرت ,أراك لاحقا ) قا
ل وهو يضع القطعة في الصحن ثم خرج صاعدا الى غرفته
توجهت دانييل نحو الملعب سعيدة وهي تحمل الكعك والعصائر والفواكه للأولاد ولدهشتها وجدت ميا وسامي فقط جالسين على الأرض ,,وصلت اليهما وقالت وقد رأت ملامح الاستياء على وجوههم (مابكما ؟هل أنتما بخير ؟)
ردت ميا غاضبة ( نعم ,لكن بيبر الحمقاء لم تأت بعد؟!)
قال سامي حانقا ( ستأتي ,لقد وعدتني )
(من هي بيبر؟)
قالت ميا ( إنها الفتاة التي في فريقنا وقد تأخرت هي وشقيقها في المجيء ,إنهم في فريقنا ) ثم نظرت الى سامي
( فريقنا الذي سيهزم أمام فريق شون بسببك)
(لقد قلت لك ....)
(أنا هنا !) قالت ذلك فتاة جميلة في عمر ميا لكنها أقصر من ميا ذات شعر أحمر ووجه مليء بالنمش
قالت ميا وهي تقف غاضبة لمرأى الفتاة وحدها ( أين أليكس؟)
(لقد التوت قدمه وهو يتسلق شجرة !) ردت بيبر بانزعاج
(ماذا ؟) صرخ سامي وميا في نفس الوقت
حاولت دانييل أن تخفف عنهم
(أنا واثقة من أن كل شيء سيكون على ما يرام
اذا وجدتم بديلا له )
وافق سامي ( أجل ,لابد أن المدرب سيجد حلا لكن أين هو ؟
لقد تأخر ...)
(أنا هنا !) أحست دانييل أن شعرها قد استقام بسبب ذلك الصوت ,كانت تدير ظهرها وأخذت ترجو في سرها ألا يكون هو لكن ولخيبة أملها كان هناك بشحمه ولحمه ..
ركض الأولاد لملاقاة رايان شارحين له مصيبتهم وهي تقف متجمدة مكانها ,,إن هذا الرجل لاينفك عن مفاجأتها
أولا مدير تنفيذي في شركة ثم طبيب
ثم مدرب فريق بيسبول للصغار ,,
لاحظ رايان دهشة دانييل عندما علمت بأنه هو المدرب
فقد اتسعت عينيها الخضراوين وأخذت ترفرف بجفنيها ..
(هل أكلت القطة لسانك؟) قال بعد أن سمع شكوى الأولاد
وأصبح قريبا منها .
ردت وهي تزدردي ريقها ( أنت المدرب؟؟!)
(نعم ,هل لديك مشكلة في ذلك؟)
(أجد هذا صعب التصديق قليلا )
(ولماذا ؟) قال ضاحكا بخفة
قالت بكل جرأة ( لأنك لم تعطني الانطباع بأنك لطيف )
نظر اليها متأملا شكلها الطفولي ..إنها حقا امرأة غريبة فهو لم يقابل امرأة تحب أن تخفي نفسها تحت ذلك الطابع الصبياني فهاهي ترتدي سروالا عاليا بلون رمادي وبلوزة زيتية اللون تحته أما شعرها فضمته في ضفيرة فرنسية فبدت كفتاة في السابعة عشرة ..
أيقظه صوت ميا من تأملاته (ماذا سنفعل يا رايان؟)
خطرت في باله فكرة (لدي بديل عن أليكس ) قال وهو ينقل نظراته من دانييل الى ميا (أحقا ؟) قال الأولاد ثم قالت ميا ( من هو؟)
نظر الى دانييل بمكر ( إنها دانييل ) نظرت إليه بحدة حتى أن عنقها كاد ينكسر قالت صارخة (ماذا ؟)
قال بخبث (نعم ,إنها فكرة جيدة ,أليس كذلك يا أولاد ؟)
ضحكت دانييل ضحكة جوفاء وذلك لفرح الأولاد ثم قالت
( هل سيقبلون بي في الفريق ؟)
لاحظ انزعاجها من اقتراحه هذا ولكنه يجد متعة كبيرة في ازعاجها ( إنها ليست مباراة دولية فهذا تحد فقط بين الصغار فاسترخي يا داني ..بالإضافة ..)
ثم عاد ينظر اليها متأملا فاحمرت من الخجل وقد أجفلت .
..لماذا ينظر إلي بهذا الشكل لكن خجلها تحول الى غضب عندما قال ( تبدين في هذه الملابس كمراهقة في السابعة عشرة
لذلك لن يلاحظ أحد ) ثم حمل مضرب البيسبول والكرات
وصرخ محمسا ( هيا لنبدأ التدريب )
كان الغضب قد استبد بها فاحمر وجهها حتى وصل إلى جذور شعرها كيف بجرؤ؟ أحمق ,,,نظرت الى ملابسها ’إنه محق إنها تبدو كمراهقة لكن هذا لايعطيه الحق
لاحظ غضبها كما لاحظ كيف نظرت الى ملابسها ,لقد لمعت عيناها من الغضب ,,هل تعلم أن عينيها تتحول الى الرمادي عندما تغضب ؟إنه لون جميل ,إنه لانفك يفكر في هذه المرأة ,امرأة؟ بل فتاة هو التعبير الأصح فهي ليست كغيرها من النساء ,إنه لم يسمعها تتذمر من إمضاء الوقت مع والدها أو مع عمته بل إنها تمضي الوقت مع روزيتا ,إنها تبدو كفتاة في مثل عمر ميا فهي تحب اللعب مع الصغار وتعلمهم أيضا وعندما تنتهي تذهب لتقرأ لوالدها في المكتبة بعد العشاء وتساعد عمته في الحديقة ,,ومن الواضح أن العائلة تحبها كثيرا فهم لايتوقفون عن الكلام عنها ,,
كل ليلة بعد أن ينام الجميع أو هكذا يخيل اليها ,,تذهب لتعزف على البيانو ,عندما سمعها تعزف للمرة الأولى ,شعر بالارتياح بل وشعر بشعور آخر لم يعرفه ,كان في الشرفة تلك الليلة والتي تطل على غرفة الجلوس ,,لقد عزفت بعاطفة جياشة أحس بها من خلال الجدران التي تفصل عنهما ,,كانت مقطوعة حزينة تنبأ بحزن الشخص الذي يعزفها ,,هل تتألم يا ترى ؟ هل رؤيتها لعائلته تحزنها ؟ لماذا؟
عنَّف نفسه قائلا *كف عن التفكير فيها ولماذا تهمك ؟*
لكن السبب أصعب من أن يتفوه به ,فقد كانت تسكن أفكاره وصورتها في عقله ليل نهار ,فهو لايستطيع أن يبرر شعوره بالبهجة عندما يراها في مكان ما أو تأثره بكلامها الحكيم عندما يسمعها تتكلم مع والدها أو اللمعان الذي في عينيها والذي ينبئه بحالتها النفسية ,,هذا لايدل الا على شيء واحد إنه معجب بها ,لكنه لايستطيع المخاطرة بمشاعره ,,ليس قبل أن يرد عليه ذلك المتحري لقد قال أنه سيستغرق أسبوعا وها قد مرت ثلاثة أيام ..
كانت تلك الأفكار تضج في رأسه وقد أحس بثقل في صدره ,,لماذا يؤنبه ضميره على فعلته ؟إنه فقط لايريد أن يتعرض للخداع مرة أخرى ,,
كانت غاضبة منه ومن نظراته التهكمية والتي على الرغم من التهكم الذي فيها الا أنها ستشقا نصفين ,كان يبحث في حقيبته الرياضية عن شيء فأخرج قبعة بيسبول واقترب منها قائلا
( هل تعرفين لعب البيسبول ؟)
ردت كاذبة فهي لاتعرف شيئا عن البيسبول
لكنها لن تعترف له( بالطبع أعرف )
كان قد اقترب منها لدرجة أجفلتها فحبست أنفاسها
ودون أن تدري وضع القبعة على رأسه
ا فأخفت جزءا من عينيها وكان ذلك من حظها فقد اضطربت لحركته العفوية ولرائحة عطره الزكية لكن ذلك لم يدم طويلا لأنه انحنى ونظر الى عينيها ثم اقل (لنر ما لديك يا آنسة باركر ) وضرب باصبعه مقدمة القبعة رافعا حاجبيه ثم ابتعد
غضبت ثم قالت ( ماذا عنك؟) فقد رأته من دون قبعة ..
صرخ لأنه ابتعد (أنا لاأتأثر بالشمس ) ياله من متباه !فرفعت دانييل قبعتها ثم وضعتها بالمقلوب ( بل لأن لديك رأس مثل الحجر) تمتمت بذلكفقال ( قلتِ شيئا ؟) أعادت عليه ماقالت بجرأة
فرسم ابتسامة مذهلة ( هل هذا مديح يا داني ؟)
هزت كتفيها بسخرية ( ما رأيك ؟هل هو كذلك ؟)
فضحك قائلا ( أظنه كذلك !) وهز رأسه
كان التدريب ممتعا ,فقد كان الأولاد ماهرين أما دانييل فجلست تراقب كما قال المدرب الأبله فقد عرف بأنها لاتعرف اللعبة لكن يجب أن تعترف أنه رائع بل مذهل فطريقته في التعامل مع الأولاد ممتازة ,مابين التشجيع والتدريب كان رايان ساحرا ..
(داني ,إنه دورك !) قال باستعجال
أخذت موقعها بسرعة واستعدت فسمعت ضحك الأولاد الخافت ورايان يهز رأسه بنفاذ صبر فقالت (ماذا؟)
تقدم اليها ثم أمسك بإحدى يديها ووضعها على مكانها الصحيح على قبضة المضرب ,أحست دانييل بكهرباء تصعد الى ذراعها وتستقر في قدمها وتسارعت نبضات قلبها
وأحست بالنيران تشتعل في يديها عندما لمسها
(هذا هو مكانها الصحيح ) قال وهو ينظر اليها
وقد تحولت عينيها الى الأخضر القاتم ,,مابها؟
هزت رأسها موافقة وحاولت أن رتجع خصلة الى الوراء كانت تضايقها لكنها لم تستطع فقد خشيت أن تغير مكان يدها فتركتها ,,
مد رايان يده وأرجع الخصلة وراء أذنها برقة متناهية ثم عبس عندما نظرت اليه بدهشة (ستشتت انتباهك ,والآن لنبدأ ) ثم عاد الى موقعه تاركا دانييل تتخبط في مشاعر لم تعرفها من قبل
,تبا له وتبا لها لأنها تشعر بهذه الأحاسيس ,,
سمعته يقول ( هل أنت مستعدة ؟) (مئة بالمئة !) كانت غاضبة جدا
رمى رايان الكرة فضربتها بكل ما أوتيت من قوة وكانت مغمضة عينيها ,,
( آه ,أيتها الحمقاء !) سمعت صرخة رايان ففتحت عينيها ووجدته جالسا القرفصاء ممسكا برأسه
(يا إلهي ) ركضت اليه مسرعة (هل أنت بخير ؟أجبني !)
تهالك رايان على العشب الأخضر
وأخذ ينظر الى السماء الزرقاء وأحس بدوار
,لقد ضربته بالكرة بكل ماأوتيت من قوة تلك المتوحشة .
على الرغم من أنها كرة صغيرة إلا أنها قوية ,رأى أربعة وجوه أحدها كان قريبا جدا ..لقد كانت هي فقد اشتم رائحة اللافندر فأغمض عينيه ليتمالك نفسه ,,هل يخيل اليه أم أن عينيها أصبحت أكثر خضرة مع رموشها الطويلة السوداء
بأطراف ذهبية وبشرتها أصبحت أكثر نقاوة
(هل أنت بخير؟ ) سألت وفي صوتها الكثير من الاهتمام
فغضب لتأثره باهتمامها ..
(ماذا تعتقدين وقد قذفت بالكرة بكل قوتك ؟هل أنت مجنونة ؟)
ثم حاول الجلوس لكنها عارضت ( لا, ربما تعرضت لارتجاج)
قاطعها ( من كرة صغيرة ؟ لاأظن ذلك
..بالإضافة أنا طبيب وأعرف الأعراض )
ثم جلس عندما قالت (الأطباء لايستطيعون معالجة أنفسهم )
( ومن أين أخذت شهادتك في الطب
؟من قاعات الغداء في مدرستك المتواضعة ؟)
نظر اليها وقد رأى الغضب في عينيها فشتم نفسه فقد كانت تريد مساعدته وكانت مهتمة به فقد رأى الاهتمام ( لاتقلقي ,فأنا أرى عينان خضراوان يطل منهما الغضب بدلا من ثلاث )
وأمسك برأسه شاعرا بالألم
(هل أنت بخير؟) كانت تلك ميا
( أظن ذلك ,آه ) تألم عندما لمس جبهته في مكان الضربة ,أحس بها وهي تغالب ضحكها فقد لاحظ اهتزاز جسمها فنظر اليها وهي تعض شفنيها تمنع نفسها من الضحك وقال
(من الأفضل لك أن تمسحي تلك الابتسامة الحمقاء من وجهك )
فقالت وهي تحاول أن تكبت ضحتها (لست الوحيدة التي تضحك!) فنظر الى الأولاد فكانوا مثلها يغالبون ضحكهم فانخرطت في ضحك متواصل ,نظر اليها وهي تضحك ,,كانت ضحكة رائعة مثل انسياب الماء في النهر ولإشراقة الشمس بعد المطر الغزير لقد كانت جميلة وهي تضحك ,وقد كانت عيناها تتألقان ,فلم يلبث ن ضحك عاليا ليشاركهم الضحك
...لقد مضى وقت طويل منذ أن ضحك هكذا ..
أخذا ينظران الى بعضهما البعض ,أحست دانييل بشيء غريب يدخل أعماقها ,لقد كان شيئا متسللا كاللص في الليل المظلم ,لم يسبق أن رأته بهذه العفوية من قبل
..لقد أضاءت عيناه فرحة لم تر مثلها من قبل ..
(هذا يعني أن وقت الراحة قد حان !) صرخ سامي وصرخت الفتاتان معه وابتعدوا متوجهين الى سلة الطعام التي أحضرتها دانييل ,لكن دانييل ورايان لم يبرحا مكانيهما فقد أسرتها عيناه ولم يطلق سراحها ,,نظرت الى جبهته المحمرة من أثر الضربة فمدت يدها تتحسسها وقد شعرت بالذنب وقالت هامسة
(أنا آسفةحقا ’لم أقصد ذلك )
شعرت به يجفل للمستها ثم عبس ناظرا إليها وقال
(لاشيء يستحق الأسف!) ونهض بسرعة ,,
*حمقاء* مالذي جعلها تلمس الكدمة ؟ سيظن بأنها تتقرب منه ,وكيف لا وهو الذي يظن بها أسوأ الظنون
تناولوا الطعام بصمت يملؤه أحاديث الصغار ,أما هما فكانا غارقين في أفكارهما الخاصة ,كل منهما يفكر بما حصل له منذ قليل خاصة رايان فقد انصدم من ردة فعله عندما لمست الكدمة ,نظر اليها وهي تشارك الأطفال أحاديثهم ..هل يا ترى أحست بما شعر به ؟ مدت اليه بقطعة من فاكهة الكيوي فقال ساخرا
(هل تريدين قتلي ؟)
قالت بحدة
(ماذا؟)فنظر اليها ,قالت ميا ضاحكة
(إن رايان لديه حساسية من الكيوي !)
قالت بتهذيب وهي تغلي من الداخل ..(أنا آسفة !)
(أحقا أنت كذلك ؟) قال بسخرية ثم تابع (ألن تستغلي الفرصة ؟)
فقالت بالأسبانية حتى لايفهمها الأولاد
( سأفعل ذلك عندما لايكون هناك شهود يشهدون مقتلك !)
فقال يرد عليها بنفس اللغة ( لقد كنت محقا فأنت متوحشة حقا)
آثرت الصمت على الرد عليه ,لأنها لم تجد ما تقوله
انتهت فترة التدريب وعادوا الى المنزل ,دخلوا من الباب الخلفي وهناك وجدوا العائلة بأكملها في المطبخ بالإضافة
الى جيريمي وديمتري معلم ميا للموسيقى
,,لقد أصبح يكثر من زياراته للمنزل ,فكر رايان ..
لماذا؟ لكنه عرف الإجابة بسرعة عندما وجده ينظر الى دانييل بإعجاب وقد كانت تتحدث معه ,أحس رايان بشيء مثل لهيب النار في صدره وجاءته رغبة طفولية في التعارك مع ديميتري
,,,,لكن لماذا ؟
كانت ميا تهمس في أذن والدها شيئا فرفع جوناثان
حاجبه ونظر الى رايان وقال ( كيف هي الضربة ؟)
فضحك رايان وقال لميا (إنك ثرثارة !) فردت
(لكن شكلك كان مضحكا )
نظر الى دانييل التي مازالت تتكلم مع ديميتري ,,مالذي أتى به الى المطبخ ؟أليس من التهذيب أن يجلس في غرفة الجلوس ؟هاه ..يجلس هنا وكأنه فرد من العائلة ,فقال بصوت مسموع لتسمعه دانييل ( لم أكن أعرف أن دانييل متوحشة هكذا يا جوناثان )
نظرت اليه بحدة فأدار وجهه ينظر الى الذي قال بسعادة (أوه ,هي تصبح كتوحشة عندما تكون غاضبة فاحذر غضب دانييل .)
فاحمر وجهها وتابع والدها ( هل تذكر يا جيريمي عندما تعاركت مع تلك الفتاة في الثامنة بسبب أن تلك الفتاة نعتت دانييل بذات الشعر الموحل ؟) ثم ضحك والدها الذي شاركه جيريمي الضحك
فقال جريمي (أذكر ؟ذلك المشهد مطبوع في ذاكرتي ,لم أكن أتوقع أن تتحول دانييل اللطيفة لإلى قطة ذات مخالب !) ثم أخذوا يضحكون لمنظر دانييل المحرج ..
أحس رايان بالمتعة لسماع تلك القصة
وتمنى لو أنه عرفها عندما كانت صغيرة ,,فقال ببطء وهو يرى جمال وجهها المحرج( إذن يجب أن نحذر منك في المستقبل )
حدجته بنظرة ثابتة (نعم ,يجب أن تفعل ) ونظرا الى بعضهما
(أنا لاأصدق بأن امرأة بهذا الجمال قد تكون متوحشة كما يقولون!) رفعت حاجبيها لهذا المديح الغير متوقع من ديميتري ونظر اليها نظرات إعجاب فتمتمت محرجة (شكرا )
أحس رايان بالقرف من نفسه ومن ذلك المتملق ذو الشعر الأشقر ,فشرب كوب الماء جرعة واحدة وقال بتسرع
(لاتثق أبدا بامرأة جميلة )
نظر اليه الجميع أما هو فثبت نظره على ديميتري الذي أجفل من نظرات رايان له ,,فقال رايان (المعذرة ,لدي ملفات أراجعها !) وخرج تاركا دانييل في موجة من الحزن ,,لقد آلمته تلك المرأة كثيرا ,,لابد أنها جميلة وإلا ماذا عنى بجملته تلك
؟أحست بالغيرة من تلك المرأة التي أحبها ,,,نعم ,الغيرة
حاولت دانييل جهدها أن تبدو طبيعية ولاتتأثر بكلام رايان حتى أنها قبلت دعوة ديميتري للعشاء الليلة راجية أن ينسيها رايان

...................



أتمنى يعجبكم وسامحوني على القصور


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

roxan anna 03-01-2013 03:18 PM

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/28_01_14139094023593441.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

http://im32.gulfup.com/sSIFo.png


(((عيناك عذابي...............))))


(( الفصل السابع ))

(( كـيــف؟؟ ))


بينما كانت تنتظر ديميتري لينتهي من درس مياالموسيقي في المطبخ ,دخلت مورا وهي متحمسة وقالت (لدي خبر جميل ,سنقيم حفلا رائعابمناسبة شفاء والدك وسيأتي أبي ليزورنا من لندن)
داني بتعجب !! (ألستم ايرلنديين؟)
(بلى ولكن أبي يعيش في لندن ليدير شركاته ,إنه مدير مصانع النسيج)(ولماذا يأتيالآن؟) كانت هذه كايت التي بدت غاضبة جدا لمجيء جدها (كايت لايصح أن تتكلمي هكذا عن جدك ,إنه آت بداعي الواجب سيزور عمك جوناثان )
أخذت دانييل تفكر بما يزعج كايت منزيارة جدها ؟كايت التي لم ترها ابدا منزعجة هي الآن غاضبة بشكل غريب ,,حاولت دانييلأن تبدد جو التوتر فقالت (ومتى ستقيمين الحفل ؟)
(قد يكون ذلك بعد خمسة أيام على الأكثر ) ثم أخذت تفكر وقد أخذمنها الحماس كل مأخذ فأكملت متابعة (سندعو طبعامدراء الأقسام في الشركة وندعو ..) وأخذت تعدد الأسماء فأجفلت دانييل من كثرة العدد وقالت(هل تنوين دعوة كل الولاية ؟)
(إذا كانوا يعرفون والدك سأدعوهم ..فأريدهمأن يروا زوجي الحبيب وقد تماثل للشفاء وأريدهم أن يروا ابنته الجميلة دانييل )
(إذا كنت ستقيمين الحفل وتدعين العديد من الناس فقط لأجل أن يروني فلا داعي لذلك ..) قالت عابسة ,,لكن اعتراضها لم يجد آذانا صاغية من مورا التي خرجت وهي تعددالأشياء التي ستجلبها للحفلة ,,نظرت إليها كايت وقالت (لاتقلقي ,كلنا نعاني منها عندما تخطط لحفلة فلا تتعبي نفسك بالاعتراض ,)
كانت كايت تجلس إلى طاولة المطبخ تتظر جيريمي ليأخذها الى العشاء وقد كانت تبدو جميلة جدا بثوبها الأسود والعقد الذي يزين عنقها ,,قالت كايت وهي تنظر الى ملابسها (هل أبدو جيدة ؟)
ردت دانييل مازحة (لا! )
(نيل! إنك تبدين أجمل من هيلين طروادة ) فاحمر وجه كايت ثم قالت (في كل مرة أخرج مع جيريمي أشعر بالتوتر وكأنها أول مرة ,,لاأدري لماذا ؟هل شعرتِ بذلك نيل؟)
(لا,ليس فعلا ) ثم ضحكت متابعة ( لاتسأليني عن هذا فأنا أبعد مايكون عن هذه المشاعر )
سألت كايت بخبث (حتى الآن ؟) أحست دانييل بشيءغريب (ماذا تعنين؟)
(أعني ألاتشعرين بالتوتر لخروجك مع ديميتري ؟)
(لا ولمَ أشعر بذلك؟)
(هذايعني أنه لايعجبك ؟)
أجفلت دانييل (بلى يعجبني ,ألم أقبل دعوته للعشاء ؟فهولطيف ووسيم ومهذب ..) ثم لم تعد تعرف كيف تصف ديميتري فقالت (ولطيف )
ردت كايت بمكر (لقد قلتِ هذا ,,)
(أعرف ,لقد كررتها للتأكيد على لطفه ..) قالت كاذبة لأنها لم تكن تعي أنها كررت هذه الصفة وهذه غلطة فادحة فهذا دليل على أنها غيرمقتنعة بديميتري ,,بل هي مقتنعة ,,أقنعت نفسها بقوة ,,
قالت كايت بمكر (رايان لطيف ووسيم ومهذب)
ماذا تقصد بهذا ؟ هذا ما كان ينقصها ,,تلميحات من كايت
فردتمدعية عدم الاهتمام (بالطبع هو كذلك ,,وأتمنى أن يجد شخص مثل ماوجدت ديميتري
(وحدها الأيام ستثبت لنا ) قالت كايت هذا فأحست دانييل بالاختناق من هذا الكلام (سأرى إن كان ديميتري قد انتهى )
(أراكِ لاحقا )
خرجت دانييل من المطبخ متوجهة إلى غرفة الجلوس وماإناقتربت منها حتى سمعت صوت مفاتيح البيانو الغير متناسقة ..
قالت وهي تقترب من ميا وديميتري(هل تستمتعون بوقتكم؟)
(لا,إن البيانو صعب وديميتري يزيده صعوبة )
(اعترفي أنك لاتريدين التعلم ,فلولا أنه ليس من ضمن المنهاج لتركته ) قال ديميتري وهو يبتسم في وجه ميا(بالطبع )
أكملت دانييل بحزن مصطنع ,,(وتتخلين عنالتحدي
...لقد ظننت أنك مغامرة يا ميا ,,)

(إذاً لمَلا تعلميني ؟) ابتسمت دانييل لنجاحها في تحفيز أختها
(يبدو أنني قد خرجت من اللعبة ) ثم نهض لتجلس دانييل على المقعد فقال(والآن دعينا نسمع من فتاة جوليارد الجميلة )
ابتسمت دانييل ( المفتاح الأول للنجاح في العزف هو أنك عندما تنظرين إلى البيانو فحاولي ألا تنظري إليه علىأنها عيدان خشبية بل تخيليه مثل الكلمات أو الحروف التي تنتظر أن تنظم على هيئةجملة أو كلمة ,,عندها وعندها فقط ستعرفين العزف فكل عود خشبي هو عبارة عن نوتةوالنوتة هي حرف إذا جمعته مع حرف آخر سيشكل كلمة ..) نظرت إلى ميا ثم أكملت بمحبة
(هل تريدين أن تجربي ؟)

نظرت ميا بتردد إلى البيانو فقالت دانييل (لاتترددي فقط اعزفي لي النوتات التي تعرفينها ,اتفقنا؟)
(حسنا ) عندها بدأت تضغط علىالمفاتيح التي تعرفها فكانت تعرف معظم النوتات وهذا جيد
(عمل رائع ,ميا ) استدارت الأوه لتنظر إلى رايان الذي اتكأ بعفوية على باب غرفة الجلوس واضغا معطفه بلا مبالاة على كتفه ..تسارعت نبضات قلب دانييل الأحمق لرؤيته فقد كان وسيما جدا في بذلته السوداء والتي عكست لون عينيهالسوداوين فأصبحتا لايسبر غورهما ,,أحست بتعرق مفاجئ في كفيها
ركضت ميا إليهقائلة بفرح( أحقا؟ هل عزفي مثل عزف نيل؟)
نظرإلى دانييل الرائعة الجمال فيفستانها الأزرق الذي عكس لون شعرها الكستنائي وعينيها الخضراوين فقال (لاأدري إنكان مثل عزف داني ولكن عزفك مشابه له ,,) ابتسمت دانييل للفرح الذي ظهر على وجه أتها دانييل
(هل بإمكاني الذهاب ؟لقد وعدت بيبر أن آتي لأدرس معها ..)
(لنسأ لمعلمك ,,) قال رايان وهو ينظر إلى ديميتري المحدق في دانييل بغباء بنظرات تثيرالغثيان فقد كان ينظر إليها
بكل هيام ,,ياله من أحمق

(ديميتري ,هل انتهى الدرس؟) وكاد أن يضيف أيها المراهق ,,فقد كان يماثل المراهقين بنظراته الهائمة ولكن كيف له ألا يفعل وهو ذاهب إلى العشاء مع امرأة جميلة
(نعم ,,بإمكانك الذهاب ياميا فقد تأخرنا أنا ودانييل )
(سأجلب حقيبتي ) وخرجت مسرعة بعد خروج ميا
بقي رايان وديميتري في غرفة الجلوي وساد الصمت
وهما ينظران إلى بعضهما ,,

تنحنح ديميتري قائلا (سأعيدها في العاشرة والنصف )
(ولماذا تقول لي هذا؟) سأل بسخرية وتابع (لست ولي أمرها )
(لكنك بمثابة أخيها ..!)
اعتراه شعورغريب لايعلم ماهو لكنه يعلم أنه لايريد
إطالة الحديث فقال(إلى اللقاء ديميتري )

أراد أن يتوجه إلى غرفته لكنه كان جائعا فذهب إلى المطبخ وعند الباب اصطدم معدانييل والتي كانت محمرة الوجه فوقعت حقيبتها وتناثرت أغراضها
(أنا آسفة !) قالت هذا وهي تجمع أغراضها من الأرض ,,انحنى يساعدها أما دانييل فأقحمت الأشياء بسرعة ووقفت تتمتم شاكرة فقال ناظرا إلى وجهها المحمر(نسيتِ فرشاة شعرك)
فنظرت غليه وهو يلوح بالفرشاة فمدت يدها إليها إلا أنه أبعدها وقال ساخرا (أكل هذا استعجال لملاقاة ديميتري العزيز)
أجفلت (هذا ليس من شأنك ) وأخذت الفرشاة بسرعة منه
(طبعا) رد ساخرا ثم مر من جانبها لكنها أوقفته قائلة (كلا! لاتدخل ,,انتظر إلى أن ....يخرج جيريمي وكايت ..) ثم احمر وجهها
ابتسم ,,إذن لهذا السبب هي محمرة الوجه ,,إنه بسبب الخجل وليس بسبب حماسها للخروج مع ذلك الأحمق
بادلته الابتسام ,,فقال (لهذا أرادنا أن ننهي عملنا مبكرا ذلك المحتال ) فقد كان جيريمي هو محاسب الشركة
(وهل تلومه ؟إن أختك جميلة جدا ) قالت وقد اتسعت ابتسامتها
هز رأسه موافقا ( إنها كذلك ,فهي تشبه جدتي كثيرا ) ولمحت نظرة حزينة في عينيه لكن صوت ديميتري قطع عليها تأملاتها ..
كان العشاء ليكون رائعا لو أنها توقفت عن التفكير به ,,كان ديميتري محدثا رائعا لكنها أصيبت بالملل لسبب لاتعرفه ,,بل هي تعرف فكرت في نفسها فهي لم تتوقف عن التفكير في رايان لدقيقة واحدة وفي تلك النظرة الحزينة في عينيه
,,مابالها هذه العائلة المعقدة ؟ .

فكرت ساخرة في نفسها *وكأن عائلتك كاملة * .
عند العاشرة والنصف عادت إلى المنزل واستعدت للنوم لكنها سمعت صوت كايت (هل نمتِ يا نيل ؟)
فتحت دانييل الباب ودخلت كايت جذلى تكاد تتشقق من السعادة ,,أخبرت دانييل أن جيريمي حدد موعد الزفاف وأخذتا تضحكان على رد فعل كايت الباكيحول القرار فقد ظنت أنه سيقطع خطوبتهما .
بعد ان خرجت كايت نزلت دانييل إلى الطابق السفلي فقد جافاها النوم وهي تفكر في سعادة كايت الواضحة ياترى هل سيحدث له اذلك هي الأخرى ؟!
هل ستشهد اليوم الذي يعلن فيه الرجل الوحيد الذي تحبه ويحبهاعلى هذه الأرض حبه اليائس لها وأنه لايستطيع العيش بدونها .
بدا ذلك مستحيلا بالنسبة لدانييل فقد كانت مقتنعة أن الحب لايدوم أبدا حتى إن وجدته ,تماما مثلماحصل لوالديها فقد أحب بعضهما البعض بشغف لدرحة أن ظنوا أن هذا الحب لن يفرقه أحدأو أي شيء ,,لكن أحلامهم تلاشت وحبهم كذلك ,واكتشفوا أنه على الرغم من الحب الذي يجمعهما فهولايكفي ..فقد كان التفاهم والقدرة على المناقشة على والحوار بالمنطق والهدوء معدومةبينهم ..نزلت وقد وعت فوق بيجامتها عباءة نوم فضفاة فهي متاكدة أن لاأحد مستيقظ ,
أعدت لها كوبا من الكاكاو الساخن ودفعت باب غرفة الجلوس وقد أحضرت كتاباكلاسيكيا اسمه لاروشفوكو لتقرأه بهدوء
,,ثم قد تعزف قليلا ,,

أضاءت النور وجلس تعلى الأريكة بارتياح (مرحبا)
أطلقت صراخا مدويا عندما سمعت هذا الصوت الأجش آتيا من النافذة البعيدة من غرفة الجلوس وقفت مفزوعة ,,لكنه لم يكن إلا صوت رايان ,,
قال ساخرا ( هذه الصرخة كافية لتحطيم ناطحة سحاب ياداني )
نظرت إليه بغضب (لقد أخفتني أيها الأحمق ,,مالذي تفعله هنا؟)
لم يجبها بسرعة إذ نظر إليها قليلا عابسا (لقد ظننت أنك رأيتني عندما أضأتِ النور لكن يبدو أنكِ مستغرقة في التفكير فلم تريني )
(وكيف أراك وانت تتوارى في الركن المظلم كاللص )
فجأة نهض وتقدم منها فلاحظت أنه في ملابس نومه فاضطربت ,قال ولايفصل بينهما سوى الأريكة (أنا آسف لإخافتك ) واستدار حول الأريكة ليجلس براحة ممسكا بكوب من العصير في يده
نظرت إليه بدهشة وهي تقف على مقربةمنه
(ماذا تفعل ؟) قالت وهي ترفرف بعينيها فقد ظنت أنه سيغادر
رفع الكوبليرشف لكن قبل أن يقول باستهزاء (في هذه اللحظة أشرب العصير ) ثم جرع قليلا منالعصير
هزت دانييل رأسها بحدة ثم انفجرت قائلة (لاأريدك هنا )
لم يهتمبانفجارها ذاك ,فقط رفع حاجبيه بتساؤل ودهشة وسخرية كعادته دوما ثم استوى في جلسته بعد أن وضع الكأس على طاولة القهوة وقال(عفوا؟! ماذا قلتِ ؟لم أسمعك جيدا )
شعرت بالحرج فهي لم ترد أن تخرج الكلمات بهذه الحدة والفظاظة لكنها لم تكن تريد أن يشاركها أحد خلوتها لم ترد لأحد أن يعرف بوعدها ,,لاأحد خصوصا هو ,,لكنكان دافع خفي يدفعها دفعا لأن تخبره فلم تعرف كيف خرجت الكلمات
(لقد وعدتُ أميأنأعزف لها كل ليلة )

نظرت إليه بثبات وهي تتابع التغيرات على وجهه ,,الصدمة,الدهشة ,عدم التصديق ثم السخرية
(إنك فاشلة في الكذب ,داني)

تصاعد الغضب في نفسها لأنه لم يصدقها واحمر وجهها حتى أصبح كحبة طماطم ناضجة تكادتنفجر ,,ضغطت على الكتاب بين يديها بقوة حتى ابيضت أصابعها ,,وكادت الدموع أن تنهمرعلى وجنتيها لكنها صّرت على أسنانها تمنعها من الانهمار ,,قالت والعذاب ينهشأحشاءها (لقد جعلتني أعدها وهي على فراش الموت أن أعزف لها كما اعتدتُ أن افعلعندما كنت صغيرة .....)
صمتت واغرورقت عينيها بكثرة فاتجهت نحو الباب لتخرج وهيتتابع (لكن لماذا تصدقني ؟فأنا المرأة التي أتت لتسرق خزنة العائلة الثمينة .) شتم تنفسها بعنف لصوتها المهزوز بتلك النبرة المهينة ,,لقد عاهدت نفسها ألا تبكي أبداخصوصا أمام هذا المتعجرف العديم الأحاسيس ,,أخذت تصارع قبضة الباب لكنها لم تستطعأن تفتحه للمشاعر التي تنتابها وتهدد بالانفجار ,,عندما استطاعت فتحه ,,امتدت ذراعهمن فوق كتفها بكل هدوء لتغلق الباب فانتفضت وتسمرت مكانها مطأطئة رأسها مخافة أنيرى دموعها التي تموج في عينيها ,,

قال بصوت أجش عميق(لاتخرجي ,,دانييل ) فرفعت رأسها بحدة لتنظر إلى وجهه الذي حمل تعبيرا غريبا ,,أهي الشفقة أم الازدراء لكن لايمكن أن يكون ازدراء ,,بل هي مزيج من التفهم والتأثر ,,لايعقل هذا ,لايعقل أن تكون كذلك بل هي شفقة وهيلاتريد شفقته ,,لاتريد شفقة أي أحد ,,
قالت محذرة وهي تحاول السيطرة على اتزانصوتها المهزوز
(إياك أن تشفق علي !)

لم يجب وبقي صامتا ,,كان الصمت الذي يترددفي المنزل أقوى من الرعد فرفعت رأسها إليه بعد أن نكسته في محاولة ضعيفة للسيطرةعلى دموعها ,,تشابكت نظراتها مع نظراته الغاضبة والعابسة ..لماذا هو غاضب هكذا؟
لايحق له ان يغضب بل هي التي يحق لها ذلك لسخريته المعدومة اللياقة والأحاسيس ,,لكنها كانت تشعر بأشياء غير الغضب ..كان هناك نوع من الترقب والخوف وهي تنظر إليه ,فجأة أسدل جفونه كأنه كان يخفي شيئا خلف ذلك الستار السميك وفتحهما بسرعة قائلا( لاتخرجي ,وأكملي ماكنت تفعلينه ..) ثم فتح الباب وأكمل وهووهو يدير ظهره لها (أنا آسف,) وخرج مغلقا الباب بهدوء

لم تصدق أبداماسمعته ,,هو يعتذر لها ,,إنها لاتكاد تصدق ,,إن هذا الرجل خليط من التناقضات ,,تارة يكون لايطاق ,فظ ساخر وتارة يصبح ساحر ومذهل ,,مدرِّب ,وطبيب ,,إنهالاتستطيع التكهن بما ستكون عليه حاله فهو كالثعبان يغير جلده كلما طاب له ذلك ,,
لم تشعر بدموعها وهي تنهمر على خديها فقد كانت في دوامة أحاسيس ومشاعرمتضاربة ..لمَ أصبح بهذه الرقة والعذوبة ؟لقد أصبح في الأيام الماضية يعاملها بدونتلك المرارة التي كان يشعر بها ..ولم يعد يهددها ويمطرها بوابل من التحذيرات ..لماذا ياترى ؟هل صدق أخيرا أنها بريئة من تلك الاتهامات التي يرميها بها ؟ وهويحاول جاهدا أن يعقد الصلح معها ,,تذكرت أنه ناداها باسمها كاملا وبدون ذلكالاختصار الذي تكرهه ,,أحست بالبرد عندما تذكرت كيف نطق به ..كان بمنتهى العذوبةوالرقة وقد نطق به بتلك اللكنة الايرلندية التي تحبها والتي لازمته على الرغم من عيشه في أمريكا ..كانت تبعث القشعريرة في جسدها ,,
إنها على وشك الوقوعفي شيء خطير ,,شيء لن تستطيع تحمل عواقبه هذا إن لم تكن قد وقعت فيه ,,لقد سحرهاذلك الرجل بطيبته التي لاتظهر إلا مع أقرب أقربائه وتفانيه في عمله المضني وحبهللأناس المقربين منه وجاذبيته وسحره اللذان يطغيان على المكان ..
أحست أنها انجرفت في أفكارها ,فنهرت نفسها وتوجهت إلى البيانو لكنها لاحظت الكوب الذي تركهعلى الطاولة ..أحست بأنه يزال في تلك المنطقة التي جلس فيها على الأريكة مستريحامثيرا في نفسها الغضب ,وتذكرت كيف أمسك بالكأس بقوة ,,بأصابعه القوية الطويلة
*إنك حمقاء *نهرت نفسها وجلست على البيانو لتعزف لكنها حدقت إلى البيانو بغباءوكأنها تراه كقطعة خشب جامدة *ياإلهي ماذا حصل لي *

*******

سألت زوجها باهتمام (ماذا نفعل ؟)
(بماذا ؟) نظر جوناثان إلى زوجته من فوق الصحيفة الصباحية التي يقرؤها ولم يكن هناك سواهما في المطبخ ,,
قالت مورا منزعجة ,,(مالذي قلته لك ليلة البارحة ؟ألا تتذكر؟)
طوى جوناثان الصحيفة وقال يمازح زوجته ( كلام الليل يمحوه النهار ,يا عزيزتي )
(كن جادا أرجوك ,,فمستقبل الولدين يعتمد علينا ,,)
لقد تحدثا عن نيل ورايان ليلة البارحة وقد لاحظا التوتر الذي بينهما ,,والذبذبات السلبية والحذر الذييحيط بهما ,,
قال جون لزوجته ساخرا( كيف تكونين متأكدة من أنهما قد يكونا نمعجبان ببعضهما ؟) ثم أكمل بعد أن رشف قليلا من عصير البرتقال(بصراحة أنتم النساءلديكن مخيلة خصبة ,,)
استاءت زوجته من كلامه وردت بحدة (إن مابينهما واضح وهوليس من نسج مخيلتي الخصبة كما تقول )
(ولكن كيف ؟وهما بالكاد يتكلمان مع بعضهما )
ردت مورا بانتصار (هذا هو العارض كما يقول الأطباء ,,فهما يحسان بالتوتر من هذه المشاعر فيلتزمان الصمت ,,إنها فقط لم ينسجما بعد ,,إنني متأكدة من ذلك )
عبس جوناثان ( كيف تعرفين هذه الأشياء ؟)
قالت بتودد ومحبة (لأن هذا ماشعرت به عندما أحببتك )
أمسك جوناثان بيدها عبر الطاولة وضغط عليهابحب ,,(وأنا أحبك )
ابتسمت وهي تتذكر كيف التقت به ,,
كان محامي الشركة التيأسسها شقيقها على الرغم من اعتراضات والده _روبرت ويليامز_على عمله,عندما نجحشقيقها في إدخال الشركة _شركة الأدوية _في المراتب الأولى في نيويورك ,,أصابه شيءلايعرفه أحدفقد أصبح مهملا في واجباته نحو الشركة وأيضا نحو عائلته ,,فتلقت اتصالامن شخص وهي في لندن تعمل مع والدها في شركته للنسيج اسمه جوناثان باركر ,,كانوالدها قد قاطع أخاها لأنه انفصل عن كنف والده واتخذ مهنة خاصة به مغايرة لطبيعةعمل والده ,,ملك النسيج كما يلقبونه في لندن
قال جوناثان بصوت مضطرب عبر الهاتف ( يجب أن تأتي ,,شقيقك يحتاجك)
لكن من سوء حظها كانت الرحلات إلى نيويورك ممتلئة وعندما وصلت كانالأوان قد فات ومات شقيقها وزوجته إيرينا في حادث سيارة شنيع ,,
وقابلت جوناثان ووقعت في حبه منذ النظرة الأولى ,,في المستشفى ,,على الرغم من أنه كان متزوجا فيتلك الأثناء ..وقد شعرت بالذنب وظنت بأنها إنسانة مريعة لحبها الخفي لذلك الرجل المتزوج لكنها لم تستطع أن تقاوم حبه خصوصا أنها تراه في الشركة التي استلمتإدارتها ..بعد ذلك عرفت أنه يواجه مشاكل زوجية وتعاظم ذنبها بشدة عندما شعرت بمايشبه الغبطة لذلك ,,كرهت نفسها في تلك الأيام وحاولت أن تكون مثال الصديق الذي كان عندما توفي شقيقها ..
لكن في أحد الأيام فوجئت به وبعد فترة من طلاقه يعترف لهابحبه ويريد أن يتزوجها ويكون أبأً لأولاد شقيقها ..رايان وكايت ,,
كان رايان في التاسعة عشرة مراهق غاضب من الكل لكنه أبدىارتياحا لجوناثان الذي كان مثل الوالد للاثنين ,,
عادت إلى الحاضر وهي تتأملعيني زوجها التي اختفى منها المرض وحلت السعادة بدلا منها لكنها لازالت تدرك بأنهلايزال يحب زوجته السابقة ,
هي تحبه ومن لايفعل فهو كريم وشهم ومحب للكل ,و
قالت له(أنت عائلتي الوحيدة) قال ممازحا (حتى مع قدوم والدك ؟ ملك النسيج؟)
كررت له( أنت عائلتي الوحيدة ,,أنت ورايان وكايت وميا وحتى دانييل ) ابتسم زوجها ,,فزوجته لديها قلب كبير يتسع للكل بدون استثناء ,,قال (بالنسبة لدانييل ورايا ,,فلا تفعلي أي شيء )
(ماذا؟!)
(دعيهما يكتشفان مشاعرهما لأنهما إذا عرفا بخطتنا سيعاندان ولن يعترفا أبدا,,فاتركي الزمن يحل كل شيء)

***

تجولت مع كايت في المتاجر لتتبضع للحفلة التيستقيمها مورا وتتبضع من أجل زفاف كايت التي أشرقت منذ تحديد الموعد .
كان عقلدانييل بعيد آلاف الأميال عن كايت التي أخذت تهاجم المتاجر كسمك القرش ,,
كا نتتفكر في وظيفتها التي على المحك فمنذ اتصال ترافيس بها ذلك اليوم وأعلمها أن المجلسالتعليمي يقوم ببعض التغييرات في المدارس ومن بينها مدرسة دانييل وقد يقومون بفصلبعض المعلمين وإنهاء خدماتهم التعليمية ,لمشاكل في الميزانية وخصوصا أولئك اللذينلم يمضوا الكثير في الوظيفة ,,
إنها أزمة حقيقية ,,إنها لاتحتاج المال لكنهالاتريد أن تكون عاطلة عن العمل ستبحث عن عمل بشهادة التعليم أو شهادة إدارة الأعمال التي أصرت أمها على أن تحصل عليها ,,كانت معارضة لذلك في البدء لكن والدتها وهي الأستاذة في الحقوق أقنعتها ,,كانتبارعة جدا في الإقناع
قالت لها في ذلك الوقت (سوف تحتاجينها دانييل ,,إنك لاتعرفين كيف سيكون العالم بعد عشر سنوات بل بعد خمس سنوات ,,سوف تبقى الشهادة معكولن تثقل عليك أبدا,,صدقيني )
أخذت دانييل تدرس اقتراح والدتها وقد أعجبها قليلا فقالت ممازحة (إنك بارعة في الإقناع ,أتمنى لو استعملت هذه الموهبة
لمنع أبي من الرحيل ,)

أظلم وجه والدتها وقالت (لم يكن باستطاعتي فعل ذلك ..دانييل )
)ولماذا ؟) غضبت فجأة لازالت تعاملها كطفلة ,,
(لن تستطيعي أن تفهمي )
(أليس لديك غير هذه الجملة لتسكتيني ,,لقد مللت منها ياأمي )
(ماذا تريدي نأن أقول ؟) ردت والدتها بحدة كافية لجعل دانييل تتراجع مراعاة لمشاعر والدتها ,,
لكنها لم تتراجع كثيرا ..إنها تريد أن تفهم ..فردتبحدة (أي شيء ,قولي أي شيء لكن لاتقولي أني لن أفهم )
ظهر حزن في عيني أمها وقالت هامسة (أتريدين أن أقول بأن والدك لم يحبني في حياته ؟)
تدحرجت دمعة يتيمةعلى خد دانييل ولم تشعر بها لصدمتها بما سمعت(أنتِ تكذبين ..)
(دانييل ..) توسلت والدتها بخنوع ,,صرخت وقد وضعت يديها على أذنيها (كـــلا !!! توقفي )
نظرت دانييل إلى صاحبة الصوت وقد تشوش رأسها بالذكريات الأليمة كانت ترى والدتها لكن الصوت ليس صوتها بل صوت كايت
(دانييل !,مابكِ؟ هل أنت مريضة ؟) أخيرا اتضحت الرؤية وانجلى ضباب الذكريات ,, اغتصبت ابتسامة وقالت مازحة (لقد تعبت من الدوران حول المتاجر لقد اشتريتِ كل شيءيا كايت ..)
(بل بقي شيء واحد ..) قالت كايت غير مدركة ماحصل لدانييل لحسن الحظ
(ماذا ؟) قطبت حاجبيها ونظرت إلى اللائحة التي كتبتها روزي
(فستان جديد لك في الحفلة ..) قالت كايت بافتخار
(لا ,لاوألف لا ..) هزت دانييل رأسها نافية بقوة واستدارت مبتعدة عن كايت
(ولمَ لا؟) استفهمت كايت وهي تحاول اللحاق بدانييل
(لدي فستان في الخزانة ..) قالت وهي تنظر إلى اللائحة
(ذلك الفستان الذي أكل عليه الزمان وشرب ..لاأقصد الإهانة لكنك لن ترتدي ذلك الفستان فاللون أولايناسب الحفلة وثانيا أنتِ تريدين فستانا يظهرك وليس يخفيك ..أريدك أن تضيئي الحفلة )
توقفت عن المشي واستدارت إلى كايت ( إنني لاأحب التسوق ! بل لاأعرف وخصوصاشراء الفساتين الثمينة وفستاني لم يأكل عليه الزمان ويشرب كما تقولين والأكثر منذلك أنا لاأريد أن أضيء الحفلة فالمصابيح التي ستضعها عمتك ستكفي ..)
قطبت كايت حاجبيها (هذا ليس مضحكا ,,دعي هذه المهمة لي )
(كايت !) لكن كايت أبت الاستماع ,,

****

(ناوليني مقص الأعشاب الضارة ,,) قالت مورا وهي مستغرقة في تنظيف حديقتها ,,استدارت دانييل لتناولها المقص وقد كانت أيضا تنظف الحديقة لتساعد مورا ,,
قلبت المقص في يدها وقالت (هل لي أنأسألك سؤالا ؟)
ردت مورا (بالطبع ,عزيزتي )
(أين والديّ كايت ورايان؟)
لقد كان الفضول يقتلها ولكنها لم تستطع أن تبوح بذلك ..لقد كانت تنتظر أنتخبرها كايت أو مورا ,,فمن طبعها ألا تسأل عن أي شيء ليس من شأنها فقد كانت خجولةوهي تكره هذا الخجل بعض الأحيان نظرت مورا إليها باستغراب( لقد توفيا ! ) وأطالت النظر إلى دانييل المصدومة (ألم تخبرك كايت ؟لقد ظننتك تعرفين عندما أسمعكما تتحدثان في غرفتك )
هزت دانييل رأسها نافية وقالت بعدم تصديق (أنا آسفة ,,لم أكن أعرف ,,)
استقامت مورا ونفضتالتراب من قفازيها المخصصين للعمل واقتربت من دانييل (لا تقلقي ,لقد مر زمن طويلعلى ذلك ,,)
رفعت دانييل نظرها إلى وجه فقرأت مورا السؤال الذي لم تستطع التفوهبه (كيف؟! لقد توفيا في حادث سيارة غامض ,,لاأحد يعرف إلى الآن ماجرى وأظن هذاالسبب أن كليهما لم يتكلما عنه ,,خصوصا رايان فقد كان في السيارة معهما ونجا بأعجوبة ولم يقل لنا ماحصل ,,لقد ادعى بأنه كان نائما )
(ألا تصدقينه؟) استفسرت دانييل بصعوبة ,,
(عزيزتي ,إنني أعرف رايان ..ومن المستحيل أن ينام في السيارةهذه ليست عادته أبدا لكن قد أكون مخطئة وغلبه النوم ,,أما كايت فقد كانت تنام في منزل إحدى صديقاتها ,,لقد كان ذلك صعبا عليهما وصعب علي أيضا فقد كان أخي الحبيبوالذي لم أره منذ سنة تقريبا ,,فقد انشغلتُ في وظيفتي الجديدة والتي كانت في مصانعوالدي فلم يقدر أن يزورني بسبب الخلاف بينه وبين أبي ,,لقد كان عنيدا جدا ورايانيشبهه جدا إنه نسخة مصغرة منه ,,كلما رأيته رأيت أخي إدموند ..)
غامت عينيها فيسحابة الذكريات للحظات ثم هزت رأسها (لما استطعت اجتياز تلك المحنة ,لولا مساعدة والدكِ )
ابتسمت وأكملت (لقد ساعدنا في المعاملات العالقة في الشركة ..وساعدنيفي إدارة الشركة وساعدني أيضا في تحسين علاقتي مع رايان حيث أصبح صعب المراس بسببإصابته في ساقه بكسر مضاعف وقد كان لايطاق إلا أن والدك قام بتحسين مزاجه وأصبحقريبا منه ..كانا ثنائيا لا ينفصلان ..)
صمتت فجأة للتعبير الذي علا وجه دانييل ..تعبير الحزن والحرمان ,,
أخذت دانييل تغوص في دوامة أفكارها الحزينة ..إذن هذاما كان والدها يقوم به عندما كانت في أمس الحاجة إليه ..لكن هذا غير مستغرب ..ألايقولون أن الرجال يفضلون المواليد من الصبية ..لقد كان ..لقد كان يلعب دور الأب بدل أن يفعله مع ابنته الوحيدة ..
راعها أن تسمع موراتكرر ماكانت تفكر به (أعرف بما تفكرين به ,,ولاأستطيع أن أقول لك أي شيء ..وتظنينأنني سرقته منك ومن والدتك ,,لكن ..)
قاطعتها ( لا تقلقي عمتي ,لقد فات أوانتبادل الاتهامات وإلقاء اللوم وعلى كل حال ,,المرأة ليس لها ذنب ,,
انتبهت إل ىشيء يحرقها في راحة يدها ,,لقد كان جرحا صغيرا من كثرة الضغط على المقص وقد دخل فيه بعض الغبار والأتربة ..وجدت فيه الملاذ لتلعق جروحها المعنوية بعيدا عن الكل ..فقالت وهي تغتصب ابتسامة (سأغسل يدي لكي لا يتلوث ) مشيرة إلى الجرح الصغير
دخلت المطبخ وفتحت الصنبور لتنهمر المياه على جرحها وكأنها دموعها التي لم تنهمر آبية (ياله من جرح!!)
أطلقت صرخة صغيرة عندما سمعت الصوت الساخر بالقرب من كتفيها ,,فتناثرت قطرات منالماء على قميصه الكحلي والذي بدا متناسقا مع بذلته الأنيقة ..
توقعت أن يغضب لكنه نظر إلى قميصه ثم إليها وفي نظراته تسلية فابتسمت غير مدركة لفعلتها تلك وقالت (هذا سيعلمك بألا تتسلل على الناس خفية ..)
مسح قميصه وقال ممازحا (حسناً ,لقدأحسنت صنعا في تنظيف البقعة في قميصي ..فقد وجدتُ صعوبة في ذلك)
ومسح بقعةوهمية مبتسماً ..ضحكت وهي تستغرب مزاحه المرح ..ماذا حصل له ؟
لكن ابتسامته كانتكشعاع شمس ..تضيء العالم بصدقها لقد طردت الحزن من قلب دانييل بسرعة البرق ..أخذتتنظر إليه مسحورة ..الحق يقال أنها دائما عندما تراه تصاب بذلك الإحساس من الترقبوالإثارة ..إنه ذلك الإحساس الذي لم تكن تعتقد أنها ستصاب به .. إنه الـــــــــــحب !!
لكن كيف تحبه وهي تعرف بأن هذه اللحظات الهادئة بينهمالا تدوم لأكثر من خمس ثوانٍ ؟
كيف؟! وتعرف بأنه يعتقدها ..إنها لا تريد أن تفكربذلك حتى
كيف؟! ياله من سؤال سخيف ..لقد عرفت عنه خلال هذه الأيام ما جعلها تقعفي حبه من رأسها حتى أخمص قدميها ..
(كيف حصل هذا؟!) أجفلت من سؤاله ..هل علمبما تفكر فيه ..
سألت متخوفة ..(ماذا؟)
أشار إلى يدها المجروحة ..وارتاحتلأنه قصد ذلك ..ابتسمت
( لقد جرحتُ نفسي وأنا أقطع الأعشاب الضارة في الحديقة )

أمسك يدها قبل أن تعترض وبدون أن تنتبه ,,أخذ يتفحص الجرح ,,لحسن حظها أنه كانمحنيا رأسه الأسود .لكن هذا لم يساعدها في تهدئة أعصابها المتلفة ..فقد كانت لمستهمثل فعل النار في الهشيم ..لقد تصاعدت الحرارة في يدها حتى أصبحت متيبسة ..فازدادتضربات قلبها وأخذت تدعو ألا يلاحظها ,,
كان ذهنه بعيدا كل البعد عن مشاعرها التي تتأجج داخله فقد قال ممازحا (أظن هذا الجرح يحتاج لعملية ملحة يا داني ..) ثم رفع رأسه لكنه لا يزال ممسكا يدهابرقة وقال بجدية عندما نظر إلى عينيها (لحسن الحظ لم تدخل شوكة من الأشواك الصغيرةفي يدك
(إذأً ,لن أحتاج لعملية أيها الطبيب ..!) هنأت نفسها
على صوتها الثابت

ضحك وقال (لا , لن تحتاجيها ..) وأخذ ينظر إليها ..
قالت له وهي تسحب يدها من يده الدافئة (شكراً)
وابتلعت ريقها بحذر ..لماذا يفعل هذا؟ لماذا هولطيف هكذا؟ لماذا يعذبها ؟ أيعقل أنه عرف بمشاعرها تجاهه ويريد استغلالها ..إن كان كذلك فهو دنيء
استند على الجدار قائلا (لماذا لا تستخدمين إحدى القفازات التي تستعملها عمتي عند عملها في الحديقة ؟)
قالت بجدية بالغة (إنني لا أحب ارتداءهافهي تعيقني عن العمل ..)
(لقد صممت لسلامتك ..) قال هذا وهو يضع فنجانين في صينية ويهم بإعداد القهوة ,,
(حسناً ,إنها تعيق العمل ..مالذي تفعله ؟) نظرت إليه وهو يعمل بكفاءة
(إنني أعد القهوة للضيفة !)
(الضيفة؟)
(أجل ,كلوي هنا !) قال ناظرا ثم عاد إلى عمله ..
إذن هذا يفسر المزاج المرح ,,وأحست بلهيب ,,بدأ بالاشتعال كالنيران التي تشتعل في غابات الأمازون ..وشعرت بأنها على أهبةالبكاء ,,إنها الغيرة ,,إنها تعرف ذلك مع أنها لم تشعر بها من قبل ( هل بإمكانك مساعدتي ؟)
ترددت ما بين القبول والرفض ,,من جهة تريد الرفض بقوة فهي لن تساعده في خدمة غاليته كلوي ومن جهة تريد مساعدته ..
(لقد تأخرت يا عزيزي !) كانت هذه كلوي التي كانت تتبختر في فستان من المستحيل أن ترتديه دانييل ..فهو يكشف أكثر ممايخفي من عنقها وصدرها ,,اقشعر جسد دانييل من الاشمئزاز
(أوه ,دانييل عزيزتي ,,لم أرَك !)
تمتمت دانييل بصوت خافت لايسمع *وكيف تريني وأنت تسمرين نظرك عليه ؟!*
اغتصبت ابتسامة (مرحبا ,كلوي )
نظرت إليها كلوي من رأسها حتى أخمص قدميها ثمردت ببرودة (مرحباً) وأشاحت نظرها إلى رايان قائلة بهيام
(هل تريد مني المساعدة؟)

إنها تثير الغثيان ..وتلك النظرات ! لاعجب أنه واقع في غرامها ..فنظرة منهاتجعل أقسى القلوب تركع عندها ..وأحست بسكين ينغرز في صدرها ..لماذا لا يحبها؟ لماذايعاملها هكذا؟ حتى أنه لم ينظر إليها منذ دخلت كلوي ,,نظرت إلى ملابسها المكونة منجينز باهت وكنزة خضراء عكست لون عينيها فوجدتها ملطخة بالوحل والأتربة ثم نظرت إلىكلوي البالغة الأناقة وسخرت من نفسها ..بالطبع لن ينظر إليك وأنت بهذا الشكل ..فأمامه سيدة الأناقة ..يجب أن تخرج من هنا بسرعة .. فقالت بمرح زائف (يبدو أن لديك من يساعدك يا رايان ..لذلك سوف أذهب ..)
قال مقطبا حاجبيه الساحرين (أين؟)
فكرت *هاه ! ,,وكأنك تهتم * ,,إنه فقط يسألهابداعي التهذيب ..تباً له ! إنها لا تريد شفقته أو تهذيبه فقالت كاذبة (سأذهب لأرى ديميتري ,,إلى اللقاء ) ولدهشتها لم تتكسر الابتسامة المزيفة التي رسمتها عل شفتيها على الرغم من حزنها البالغ ..لماذا قالت بأنها تريد رؤية ديميتري هافرشام ,,إنها لا تريد رؤية أحد فاكتشافها أنها تحب رايان قد صدمها ,,
لقد تسلل إلىأعماقها مثل المخدر ..وانتهى بها الأمر إلى حبه ..حب ذلك الرجل الذي يظن بأنها هنالتحطم عائلته ..بل عائلتها ..نعم! عائلتها ,,إنها لاتهتم بذلك الأحمق المتعجرف ..إنها لاتهتم به مثقال ذرة ,,إنها لا تحبه ,,هذا وهو وخيال ,,لكن عقلها وقلبها لميرضخا لقرارها بعدم حبه ,,وأخذت تردد لنفسها وهي تبتلع الأرض بخطواتها المسرعة ,,(أنا لاأحـــبه ! لا أحــبه ) فمن المعروف عن الدماغ البشري بأنه يختزن المعلومةالتي تتردد مراراً وتكراراً عليه حتى تصبح واقعاً حتمياً ..(أنا أحــــبه! لا أحـــبه ) رددت لكن قلبها ردد شيئاً واحداً (لاتكذبي على نفسك! )

****

http://im32.gulfup.com/56337.png
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]


catwoman 03-01-2013 07:03 PM

حلوا الروااايه ابداااااااااااااااع :)
مستنيه التكمله

ღ.’.Hiba ♥ Suliman.’.ღ 03-01-2013 08:23 PM

الرواية عنجد رووووعة كتييييير
ارجو ان تعتبريني من المتابعين عزيزتي

Simoni Rai 03-01-2013 08:26 PM

الرواية جمييييييلة جدا ورائعة وممتعة:looove::looove:
اتمنى تقبلي متابعتي لقصتك الشيقة وما تنسي ترسلي لي الرابط لما تنزلي بارت جديد

Super Black 03-01-2013 09:54 PM

مشكووووره وننتظر التكملة

roxan anna 03-01-2013 10:13 PM

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/28_01_14139094023593441.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

http://im32.gulfup.com/sSIFo.png

(((عيناك عذابي...............))))



(( الفصل الثامن ,, ))

(( أسرار وذكريات , ))

أحست برغبة قوية في الركض بعد خروجها من المطبخ ,,لقد كانت تكذب على نفسها .إنها تحبه بل هي غارقة في حبه حتى أذنيها ,إنهاتعترف بهذا ,نعم تعترف به لقد أحبته لكن الذي أشعرها بالتعاسة هو مصير هذا الحب ,,صحيح أنها تحبه لكنه لايحبها بل هو واقع في حب تلك المتعجرفة الحمقاء والتي منالواضح أنها واقعة في غرامه
إنها تكره نفسها لماذا زجت نفسها في هذه المعضلةالتي ليس لها حل فالحب من طرف واحد ليس فكرتها عن الحب ,,لقد كانت تشك في أن تلتقيبالرجل الذي تحبه والذي يكون مثالا للرجل في الحياة لكنها التقت به ولكن ولسخريةالأقدار لم يكن لها بل لامرأة أخرى جميلة وجذابة ومثال المرأة اللامعة ,,امرأةأعمال واثقة من نفسها ,,ليست مثلها ,,الفتاة التي تستمتع باللعب مع الأطفال ولبسالجينز والسراويل العالية الملطخة بالوحل والتي تدفن وجهها في الكتب والروايات ,ملاذها الوحيد من هذا العالم المحمرة الوجنتين خجلا ,,تنهدت بغضب ,الشيء الذيلاتفهمه هو موقف رايان منها ,,فقد أصبح لطيفا فلماذا يفعل ذلك ؟
*سأبقى أراقبك* تردد هذا الصوت البارد الغاضب داخل عقلها ,,لقد كان صوت رايان وهو يهددها عندما أتتإلى البيت وأراد رشوتها لتعود إلى نيويورك
*رباه* أهذا ما يفعله ؟ألهذا أخذ يمازحها ويضحك معها ؟أكل هذا جزء من خطته الدنيئة لكشف نواياها ؟إنها لاتصدق ذلك ,,*بل صدقيه*أخذ صوت صغير يهمس في داخلها ,,فكل شيء يشير إلى صحة ظنونها ,,أولاتهديد ثم رشوة ثم هدنة ولكن ليس طويلا فمن الواضح أنه يقوم بتنظيم شيء في ذهنه ,,ضربة ساحقة لها
*ياإلهي * صرخت في نفسها *لقد أصبحت مصابة بجنون الارتياب *فربما تكون نواياه طيبة ,قد يكون أصلح من رأيه فيها وقد رأى بأم عينه كيف أنهاكانت مخلصة ومتفانية لعائلتها خلال الأيام الماضية ,,ليس أنها قامت بذلك بداعيالسمعة بل لأنها كانت محرومة من العائلة منذ سنوات ,,
*إنني متعبة جدا * قالتوقد استندت إلى جذع شجرة ,,لم تجلس على كرسي منذ أن استيقظت وذهبت مع كايت للتسوق ثم ساعدت مورا وكايت في كتابة بطاقات الدعوة للحفلة ثم ساعدت مورا في الحديقة والآنهذا المجهود الفكري والبدني الذي بذلته ,,أراحت رأسها على جذع الشجرة القاسيواستمعت إلى صوت النسيم الذي يداعب أوراق الأشجار وكأنها سيمفونية وتنشقت رائحةالجذع الرطبة الجميلة *سأغفو لدقائق فقط *رددت لنفسها
ماإن مرت خمس دقائق حتىسمعت صرخة تشق السكون من صوت مألوف لها فأجفلت واستقامت جالسة لتتأكد من أنها لمتكن تتخيل تلك الصرخة لكنها عادت تسمع صرخة ذعر من ماكانت متأكدة أنه صوت طفل ,,ركضت وهي لاتعلم وجهتها كل ماكان يسيطر على تفكيرها هو أن تصل إلى ذلك الطفل ,,وهي تركض كانت تسمع همهمات قريبة ,,لابد أنها تكاد تصل, اصطدمت بشخص بقوة وكادت أنتقع لكنه أمسك بذراعها بثبات ,,كان رايان
كانا مندهشين من رؤية بعضهما

(ماذاتفعل هنا؟)
(ماذا تفعلين هنا؟)

تكلما في نفس الوقت وهما لايستطيعان السيطرةعلى أنفاسهما المتسارعة من الركض لكن صرخة دوت مرة أخرى منعتهم من الكلام شقتالسكون بقوة قال رايان بفزع (ميا!)
وركض بقوة نحو الصوت وتبعته خائفة
ياللهول ! مالذي حصل لميا ,,
وصلا إلى المكان فنظرا إلى ميا التي علا وجهها الشحوب وهيتنظر إلى شخص في أعلى الشجرة فلحقا بنظراتها وهناك رأيا سامي متشبثا بغصن شجرة يكادان ينكسر وهو يتأرجح عليه وقد اصفر وجهه من الخوف ..
همس رايان(ياإلهي !)
(رايان ,,ساعدني أرجوك ) كان ذلك سامي الذي رأى رايان
أسرع رايان إلىالشجرة ثم خلع سترته وهمَّ بتسلق الشجرة فقالت دانييل(دعني أتسلق الشجرة فأنا أخفوزنا منك فقد ينكسر الغصن )
لم ينظر إليها بل رمى السترة قائلا وهو يتسلق (أحتاجك هنا حتى أسلمك إياه لتمسكيه عندما أبدأ بإنزاله ,,هل تستطيعين فعل ذلك ؟)
هزت رأسها ولكنها عرفت أنه لن يستطيع رؤيتها (نعم,أستطيع ,,رايان؟) نادته خائفةفاهتز صوتها فنظر إليها ,,قالت (كن حذرا )
نظر إليها لثوانٍ ثم عاد يتسلق الشجرة
تراجعت من أسفل الشجرة وهي تلتقط سترته وأمسكت بميا التي كانت تبكي قائلة (لقدعلقت الطائرة الورقية في الشجرة وكان هو وأليكس يتشاجران على من سيتسلقها فتسلقهاوعندما أنزلها تحرك الغصن فذهب أليكس وبيبر ليأتوا بالمساعدة ..)
احتضنتها دانييل قائلة (لابأس عزيزتي ,,سينقذه رايان )
ونظرت إلى أعلى الشجرة وقد رأتراين يقترب من سامي قليلا وهو يقول كلمات لم تتبينها لكنها تعلم أنه كان يهدئه
(سامي ,عندما أقترب منك حاول أن تمد يدك نحوي وتمسك به بكل ماأوتيت من قوة ,هل تفهم؟)
لكن سامي هز رأسه نافيا ولم يلبث أن أخذ يهتز إيذانا ببدء البكاء ونظرإلى الأسفل
فقال رايان(سامي لاتبدأ بالبكاء ولاتنظر إلى الأسفل ,هل فهمتني ؟هياالرجال لايبكون ماذا ستقول دانييل وميا عنك عندما تبكي ؟فقط انظر إلي وافعل ماأقولهل أنت مستعد؟)
همس بخوف(نعم )
( والآن سأقترب قليلا وعندما أقول لك أن تمد يدك افعل ذلك وأمسك بذراعي ولاتفلتها ..)
اقترب ريان وقال (الآن يا سامي ,,)
مديده نحو سامي الذي أمسك ذراع رايان بقوة عندها تحرك الغصن وتأرجح ثم لم يلبث أنانكسر
صرخت دانييل لذلك المنظر وغطت وجهها *ياإلهي سيموت*أما ميا فقد تعلقتبعنق دانييل بصرخة ضعيفة
ساد سكون في المكان ففتحت دانييل عينيها ببطء ونظرتإلى الغصن المتهشم على الأرض كقطعة زجاج متوقعة أن ترى شخصا فاقد الوعي أو يتألملكن لم يكن هناك أحد وغمرها ارتياح كبير ثم نظرت إلى الأعلى حيث كان رايان يمسكبذراع سامي ثم شده إلى الأعلى حتى استقرا على مكان متين على الشجرة ,,رأت سامييحتضن رايان بقوة وقد ابتسم هذا الأخير ابتسامة عريضة عندها أدركت أن حبها له قدعظُم لدرجة الانفجار وعرفت أيضا أنه لايمكن أن تحب أي شخص آخر مثل حبها له فهو شخصشجاع ,شهم ,ساحر وجذاب له قلب كبير يتسع لكل الناس فكيف لاتحبه؟ستبقى تحبه حتى وإنلم يبادلها هذا الحب
صاح من أعلى الشجرة (داني ,إنه دورك)
عندها بدأ سامي بالنزول بمساعدة رايان ودانييل تنتظره عند أسفل الشجرة ,,عندما نزل سامي احتضنتهدانييل بكل قوتها وهي تحاول السيطرة على دموعها التي حبستها فأغمضت عينيها
(نيل,إنك تؤلمينني ) قال سامي وهو لايكاد يستطيع التنفس
ضحكت دانييل ثم قالت(إياك أن تفعل هذا مرة أخرى ,هل فهمتني ؟)
(أجل ,,لاتقلقي ) هز رأسه مؤكدافتطايرت خصلاته الطفولية ,,عندها سمعت وثبة على الأرض خلفها ,,فعرفت بأنه رايانواستدارت إليه ,أخذت تنظر إليه بكل فخر وهو يبادلها النظرات صامتا ,,كان الصمت أبلغمن الكلمات ,,تناهى إليها صوت ميا تسأل سامي ,,
قالت (هل أصابك الخوف؟) وكأن هذاالسؤال صدر من دانييل
(لا,لم أشعر بأي خوف ) رد سامي بشجاعة مزيفة فابتسم رايان لقوله وكأنهما كانا يتكلمان مع بعضهما البعض
قالت ميا( لقد خفتُ كثيرا عليك ) كانا لايزالان ينظران إلى بعضهما وكأن كلام ميا قد صدر من دانييل فقد قطب رايان حاجبيه ,تابعت ميا ( لقد أخذتُ أفكر مع من سوف أتشاجر إذا حصل لك شيء ومع من سألعب ..) عندها أحست دانييل بضرورة أن تشيح بنظرها لأن كلام ميا قد نطقت به عينا دانييل ..فقد أصابها الخوف عليه وظنت أنهما سيلقيان حتفيهما .عندها ستفقد حب حياتها وتبقىتعيسة للأبد .
تناهت إليها أصوات قريبة ثم ظهر ديميتري وأليكس وبيبر ,,نظرت إلىرايان فوجدت ان عينيه اكتستا ستارا أسود معتم وعاد إلى مزاجه الماضي ,لقد عاد إلىحذره المعتاد ,لماذا يخفي مشاعره ؟ لماذا لايسمح لأحد أن يدخل إلى أعماقه ؟لماذا لاينطلق ويخرج من قوقعته التي يخفي نفسه فيها ؟
سمعت ديميتري يقول
(مالذي حصل؟لقد أخبرني الطفلين بما حصل ولم أصدق )
سأل ريان بنبرة متهمة مبطنة بالسخرية
(وكيف عثرا عليك ؟هل ذهبا إلى بيتك ؟) لم يفهم ديميتري السخرية وأجاب ( كنت قادما لرؤيتك يا نيل ,,عندما وجدت الأولاد يركضون فزعين )
(هكذا إذن ! ..) قال رايان وهو ينظر إليها نظرات تكاد تشقها نصفين ..ماباله هذا الرجل ؟مالذي فعلته الآنلتستحق هذه النظرات السوداوية منه؟
(هل هذا صحيح يا رايان؟) كان هذا سامي ,,استرعى انتباه رايان
(ماذا قلت؟)
(أنا لم أبكِ ,صحيح؟)
ابتسم رايان وأخذ يبعثر شعر سامي بمحبة وقال (لا! إنه لم يبكِ ,لقد كان شجاعا )
(هل سمعت ؟) قال سامي لأليكس قال الأخير (لكنه خاف ,أليس كذلك ؟)
ابتسم رايان وقال (لقد خفتُ أنا أيضاً ..لا شجاعة من دون خوف .هذا هو شعاري .وعندما يقول لك شخص بأنه لم يخف فهو كاذب فالكل يخاف حتى الشجعان ..) صمت ثم تابع (والآن اذهبوا مع داني إلىالبيت ,جميعكم وأخبري عمتي ياميا بأنني لن آتي على العشاء الليلة )
أخذت تغلي غضبا من تجاهله لها هذا يكفي! قالت في نفسها
(هيا بنا ياأولاد )
(وهل أنا منهم ؟) قال ديميتري مازحا فضحكت دانييل وقالت (إن كنت تريد أن تكون منهم فهذااختيارك )
(دانييل !) تسمرت مكانها عندما سمعت صوته البارد يناديها باسمها كاملا فهو نادرا مايفعل ,,استدارت إليه ,,كان ينظر إليها بتعابير وجه جامدة ثم مديده يشير إلى ما كانت تحمله في يدها وقال( السترة من فضلك !) نظرت إلى السترة التيكانت تحملها منذ أن تسلق الشجرة فاحمر وجهها بدون سبب ثم ناولته إياها ,عندهااصطدمت اليدان ببعضهما فأحست بكهرباء تصعقها كتلك التي صعقتها عندما تفحص جرحها ..يا ترى هل يشعر بما تشعر به ؟ بالتأكيد لا !
لأن ردة فعله كمن لمس شيئا لايجب أن يلمسه فقد اختطف السترة منها واستدار مبتعدا عنها .أرادت أن تضربه وأن تركضللبيت لتبكي فيه ...تتقوقع على نفسها وتموت من حظها السيء الذي جعلها تقع في حب رجل يحتقرها ..

***

كانت الساعةالرابعة عصرا عندما عادت إلى المطبخ بعد أن استحمت وارتدت فستانا أبيض ذو كمينقصيرين وعليه سترة بلون التفاح الأخضر ,,وجدت أن الأولاد قد ذهبوا وصعدت ميا لتستحم فبقي في المطبخ مورا وديميتري الذي كان يتأمل أن تقبل دعوته إلى العشاء لكنها رفضتبكل تهذيب متذرعة بالصداع الذي أصابها عندما رأت سامي متعلقا بغصن تلك الشجرة فتقبلرفضها وقال لها أن تريح نفسها ,,ماإن خرج حتى قالت لعمتها (مالذي حصل لرايان منذ سنة ونصف؟)
اتسعت عينا مورا بدهشة فهي لم تتوقع هذا السؤال ..لكن دانييل أخذت تقلب الأمر في ذهنها وربطت الخيوط مع بعضها ,,أولا كلام رايان عن تلك المرأة ثمتردد روزي عندما كادت أن تبوح بالحقيقة ثم عمل رايان المفاجئ كما قالت كايت فيالشركة منذ سنة ونصف ...كل هذا وراءه قصة وهي تريد أن تعرفها ولتفكر مورا بما تشاءفهي قد سئمت هذا الحال ..تريد أن تعرف التبرير الذي يدفع رايان لمعاملتها هكذا ,,
عندما أرادت التردد على وجه عمتها الذي اكتسحته موجة من العذاب والألم ,,فقالت دانييل (أرجوك ,أريد أن أعرف .)
(لقد أحب امرأة وأراد الزواج منها .)
أرادت دانييل ان تجهش بالبكاء من هذه البداية الغير مشجعة ,,
(لقد التقاها في غرفة الطوارئ وبدأت علاقتهما ..في البدء كانت فتاة لطيفة المعشر وجميلة ,على مرالأشهر كانت تبدي اهتماما برايان حتى ليظن المرء بأنها واقعة في حبه لكن وفي الأشهرالأخيرة لعلاقتهما ..كانت على حسب قول رايان متوترة الأعصاب وتصرخ على أشياء تافهة ولا يعرف ما بها هذا بالإضافة لإلى استهلاكها للأقراص المسكنة ..) صمتت مورا وقد تاهت عيناها في حزن ..
أما دانييل لم تعرف ما تقول من هول الصدمة (أتعنين أنها ...)
لم تقدر على أن تكمل فأكملت مورا (مدمنة؟ للأسف هذا صحيح ..أما رايان فقدتألم من هذه الحقيقة ولكن ليس بقدر تألمه لما فعلته فيما بعد ..فعندما اكتشفها قامتبرفع دعوى عليه اتهمته فيها بالتحرش وسوء ممارسة المهنة لتنتقم منه ..)
همست دانييل (ياإلهي !)
(لقد أردنا انا ووالدك أن تقوم بالتسوية خارج المحكمة ونخرجهامن حياتنا لكن رايان لم يقبل ...إنني أتذكر كلماته بالحرف الواحد فقد قال : لن أقومبالتسوية وكأنني فعلتُ شيئا خاطئا وكأنني فعلتُ ما تتهمني به ..إذا كانت تريد أنيصل الأمر إلى المحكمة فلها ذلك ..أنا لستُ خائفا منها ولا من محاميها الغبي ..)
ضحكت مورا ضحكة مابين الحزن والفخر لما فعله (هذا الصبي حقا شجاع فلو أنني كنتُ مكانه لما رضيت بأن يصل الأمر إلى المحكمة ...) سكتت وقد رأت علامات التلهف على وجهدانييل فأكملت (استمرت المحاكمة لمدة شهرين طويلين ,استمر رايان فيها بالعمل فيالمشفى وقام أيضا بالعمل في الشركة ..لقد ضغط على نفسه كثيرا خلال تلك الفترة ..كانوالدك يقوم بما في وسعه لإنقاذ رايان لكن رايان قام بخطوة لم يعرفها والدك ..لقدأراد أن يثبت أنها كانت لا تزال تتعاطى المسكنات وأنواع أخرى من الممنوعات فوظفمتحريا خاصا ليراقبها وبالفعل كانت لا تزال تتعاطى ,واستخدم رايان ذلك ضدها عندهاخاف محاميها بأن يخسروا القضية وعرض التسوية ..)
(هل قبل بذلك ؟) سألت دانييلبلهفة وتخوف ..لا يمكن أن يكون قد قبل بها ..فقد كان من الممكن أن يقبل بها فيالبدء ,,
هزت مورا رأسها نافية (لا ,لم يقبل بل طلب منهم بأن تقوم بسحب الدعوىوتقديم اعتذار رسمي أمام المحكمة مرفق بخطاب تنظيف سجله المدني والمهني ) صمتت ثم تابعت بحزن (لقد ظننا جميعا بأنه سيعود إلى حاله الطبيعي قبل الحادثة ,,رايانالضاحك والمتفائل ..لكنه تغير قطعا ..لم يعد كما كان ,أصبح يغرق نفسه في العملمابين الشركة والمستشفى ..لم يكن يريد العمل في الشركة من قبل ..لكن بعد الحادثة أظن بأنه أراد أن ينسى مافعلته به صوفيا ..) نظرت إلى دانييل التي كانت ترتجف من هول ماسمعت ,,إنه يكرهها ويرى فيها تلك المرأة المدعوة صوفيا ,,تلك التي خدعتهواستغلته ..لكن لماذا يفعل هذا بها ؟ إنها لم تفعل ولا أي شيء قريب مما فعلته تلكالتافهة ....الذي فعلته هو ردة فعلها الحمقاء عندما صدمت بطلب والدها لها بعد كلتلك السنوات وقالت تلك الجملة الحمقاء *سأصلي من أجله ! *
أهذا ما أوحى له بأنها مثل تلك الدنيئة ..تجمعت غصة في حنجرتها فكتمتها لعلمها بأنها إن أطلقتهافإنها لن تبقى متماسكة بل وستصاب بانهيار عصبي ...
(لماذا تسألين عن هذه القصة يا نيلي ؟ مالذي حصل؟)
نظرت إليها بشجاعة هشة فقالت بغموض (كان لا بد أن أعرف ..) ثم وقفت لتخرج قبل أن تفلت زمام الأمور من عقالها ..
قالت مورا ..(إل أين؟)
(سأعود !)
(لكن الشمس على وشك المغيب والتجول بعد المغيبليس جيدا فالعالم ليس آمنا يا نيل ,هناك العديد من المجانين في هذه الأنحاء..)
(لا تقلقي ,سأعود قبل ذلك بكثير ..) ثم دفعت باب المطبخ الخلفي لتخرج مسرعة فيخطواتها التي تحولت إلى ركض سريع نحو الغابة ...
(دانييل ؟مالذي حصل؟) سمعت صوت كايت يناديها لكنها لم تعرها أي اهتمام ,تريد فقط أن تصل إلى مكان مجهول لتلعق جراححبها المحكوم عليه بالموت قبل الولادة ,,
(مابها دانييل يا عمتي ؟) سألت كايت هذا السؤال عندما دخلت المنزل مع جيريمي ,,,
رفعت مورا رأسها لتنظر إلى كايتالمندهشة وفي عينيها السوداوين كعيني ابن أخيها حزن عميق (أظن بأن رايان يعاقب دانييل على ما فعلته به صوفيا ..)
صرخت كايت وجيريمي معا (ماذا ؟)
وأكملت كايت (لكن ما ذنب دانييل ؟)
(لا أعرف , ولكن دانييل أخذت تسأل عن الذي حصل لرايان قبل سنة ونصف و لاأدري ماذا أفعل لهذي الأحمقين )
(لا شيء ! ) كان هذاصوت جوناثان الذي دخل المطبخ ,,
(لكن يا عزيزي ...) أخذت مورا تجادل ...
لكن جوناثان أكد بلهجة قاطعة ( لن نفعل أي شيء ,وسوف يقومان بإصلاح ماهو بينهما ..لأننيإن كنت أعرف ابنتي سوف تطالب بتفسيرات ولن تسكت أبدا عن هذا الوضع ..)
أخذ كلمنهم ينظر إلى الآخر وهم غير متأكدين من كلام جوناثان ...
لكن الذي لم يعرفهجوناثان أن دانييل فقدت كل رغبة في الكلام وجل ما أرادته هو البكاء المرير الذي قديستطيع بطريقة عجائبية غسل حبها الجديد ,,
كانت تركض بلا وجهة محددة إلى أن تعبتثم أبطأت خطواتها ثم استندت على جذع احد الأشجار وأخذت تنظر بلا عينين مالبثت أنانفجرت بالبكاء المرير ,,لماذا يحصل لها هذا ماكان لها ان تأتي أبدا إلى هنا ,,لوأنها أصيبت بحادث في ذلك اليوم الذي أتى فيه رايان إليها في المتنزه ورأت عينيهالغامضتين اللتين خفق لهما قلب دانيييل البريء .
كيف سمحت لنفسها هي العاقلة والمنضبطة أن تقع في الحب ؟ لقد حولها الحب إلى امرأة حمقاء ,,لقد صدقت والدتهاعندما قالت أنه حالما تقع في الحب سوف تتحول إلى امرأة حمقاء مرتبكة غير واثقة من نفسها ,,
عادت إلى البكاء وأخذت وقتها لتغسل بدموعها أحزانها المؤلمة ,,,
أغمضت عينيها ثم أسندت رأسها الذي كان يضج من كثرة البكاء ومر الوقت وهي علىوضعها ذلك دون ان تنام ,,فجأة سقطت قطرة من الأعلى على أنفها ,,ففتحت عينيها لتتبينبأنها كانت قطرة مطر ..لم تتنبه إلى السماء التي كانت الغيوم السوداء تتجمع فيهاوكأنها مزاج دانييل ..أخذت قطرات المطر تنزل على هيئة رذاذ مالبث أن انفتحت السماءبوابل غزير فنهضت بسرعة وهي تنظر حولها ,,لقد ابتعدت عن المنزل كثيرا .تبا ,هذا ماكان ينقصني .ثم رفعت سترتها على رأسها لتركض مسرعة من حيث جاءت ..ألا يوجد مكان لتحتمي فيه إلى أن تنتهي العاصفة ؟ فجأة برق ضوء من السماء ..كان قويا جدا ..ثموكأن ذلك الضوء أضاء كل خلية في جسدها ,أخذت تفكر وهي تنظر إلى البرق ,كانت لحظةصفاء ..إنها لن تصبح ضعيفة بمجرد أنها وقعت في الحب ,,ولن تكون امرأة غير واثقة مننفسها ...بل ستقف قوية متماسكة تجاه هذا التيار الجديد فهي ليست أول من وقع في حبشخص لا يبادله هذا الحب ,,
نظرت إلى السماء الممطرة بتصميم ,,لقد سمحت لرايانبدخول أعماقها لكنها لن تسمح له أن يحولها إلى شخص تكرهه ,,
برق ضوء آخر في السماء ثم دوى صوت الرعد عندها انتبهت إلى أن الشمس قد بدأت تختفي تدريجيا خلف ذلكالأفق البرتقالي ,,
ركضت بكل قوتها وهي تخفي رأسها تحت السترة المبتلة التي تقطرماء ,,لاح منزل من بعيد شكرت حظها ثم أكملت ركضها ,,لقد كان ذلك المنزل الذي رأتهمنذ ثلاثة أسابيع والذي كانت تتلهف لدخوله ,,لكنه كان مهجورا ..لم يكن هناك أضواء ! لم يعد لديها خيار سوى أن تدخله حتى تقل الأمطار قليلا أو حتى ستقف في الشرفة فهي تكره أن تدخل أماكن مجهولة في الظلام ,,
وصلت إلى المنزل وصعدت الدرجتينالمؤديتين إلى الشرفة ,,نفضت سترتها المبللة ثم لبستها لتقيها من البرد على الرغممن تبللها ,,نظرت إلى المنزل الغارق في الظلام إلا أنها استطاعت تبين ملامحه ,,ذلكالجدار الجميل الذي ملأته الأتربة على الرغم من حداثته ,,وقنطرة الباب الجميلةوالتي كانت أيضا مغطاة بالأتربة وأحواض الزهور الخالية والتي نمت فيها أعشاب ضارة ..أين صاحب المنزل الأحمق الذي ترك هذا المنزل الرائع لتأكله الأتربة والنمل الأبيض؟
دوى صوت الرعد مرة أخرى بقوة ,,فصرخت صرخة صغيرة ولخوفها أخذت تصارع قبضةالباب ودخلت لتغرق في ظلام دامس بحثت عن مفتاح الضوء لكنها لم تجده من الخوف ,,إنهاتكره الظلام ثم جاءها صوت مورا *هناك العديد من المجانين في هذه الأنحاء * دخلهاالخوف كما لم يفعل من قبل حتى عندما انطفأت الكهرباء عليها وحدها عندما كانت صغيرةووالدتها لم تكن موجودة ,,
فتقدمت إلى الأمام خائفة ,ماإن خطت إلى الأمام حتىظهر طيف ضخم ممسكا بها نحو الجدار بقوة فصرخت صرخة كافية لتحطيم البيت حتى الأساساتوقالت متوسلة (أرجوكِ, لا تقتلني .)

&&&&&&&&&
*******


لم يصدق عينيه أبدا ,,لقد أتى إلى هنا حتى يفكر ويقوم بالتدقيق في الحسابات بعيدا عن المنزل وعن كل الناس ..فقد أراد أن يعرف من صاحب ذلك الحساب المحول له مبلغ لا يستهان به من المال ..لقد كان ذلك الحساب مغلقا عندما اراد التحقق ولم يستطع أن يعرف صاحبه السابقوأيضا جاء ليبتعد عن مرأى تلك المرأة التي سكنت خياله ليل نهار ,,لقد قلبت حياتهرأسا على عقب ..لم يعد يعرف كيف يفكر أو يتصرف ..لقد كان يعيش في سلام قبل مجيئهامسيطرا على حياته ..والآن هي هنا !!!
أخذت تقول (أرجوك,لا تقتلي )
كان قريبا جدا لدرجة مكنته من رؤية رموشها الطويلة المبللة وشعرها المنسدل والميتل أيضا وقدأصبح لونه داكنا من البلل ,,أخذت نبضاته تتسارع كثيرا ثم أخذ يتأملها للحظات طويلة ,,عندها أدرك أنها ترتجف ,,أهو الخوف أم البرد؟ ربما من الاثنين
عندهاا بتعد عنها متمتما
(أيتها الحمقاء ! مالذي تفعلينه هنا بحق الجحيم؟)
فتحت عينيها بسرعة عندما سمعت صوته ..أيعقل أن يكون هو ؟ إنها لا تصدق .أخذت ترفرف جفنيها من هول المفاجأة ثم انزلقت تجلس على الأرض فقد أبطأت ضربات قلبها بعدارتفاعها من الخوف حتى أحست بضعف في ركبتيها وأغمضت عينيها
(هل أنتِ بخير ؟) سألها باهتمام وقد شعرت به قريبا ,,لم تفتح عينيها وإنما أرادت أن تهدأ بعد الصدمة وأيضا لردة فعلها عندما رأته أمامها
(داني! )
(أيها الأحمق !,غبي ,,أحمق ) أخذت تردد مغمضة عينيها ثم فتحت عينيها والشرر يتطاير منها (لقد أخفتني ,لقد .....كدتُ ....أحمق...) صرخت بالكلمة الأخيرة
(مالذي فعلته أيتها الغبية ؟) سألوقد احتقنت عيناه بالغضب
(مالذي ...؟ لقد كدتُ أموت ...لقد كدتُ أصاب بنوبةقلبية بسببك أيها الأحمق !) عندها نهضت بسرعة وأخذت ترتب شعرها بسرعة
(لو لم تدخلي متسللة لما كنتُ أخفتك ِ ألم تتعلمي أن تطرقي الباب أيتها الذكية ؟) سأل بسخرية
(كنتُ سأطرق الباب لو رأيت أي مصباح مضاء ..لقد كان منظر البيت مهجورا ..) صمتت ثم قالت (مالذي تفعله هنا؟)
(أنا الأحق بطرح هذا السؤال! )
ضحكت بسخرية (بصفتك من؟)
نظر إليها بثبات (بصفتي صاحب البيت يا عزيزتي !)
(ماذا؟!) فغرت فمها في وجهه غير مصدقة
(أجل,أنا صاحب البيت . لذا أخبرينيمالذي جئت تفعلينه هنا؟ )
(أنت صاحب هذا البيت الجميل ؟إن هذا مستحيل ..)
قالت غير مصدقة
ابتسم ابتسامة باهتة وقال ساخرا ( على الرغم من هذا الكلام الطافح بالإطراء إلا أنني لا أريد أن أعتبره كذلك..)
كانا طوال ذلك الوقت يقفان في الردهة الشبه مظلمة ..عندها أضاءت الغرفة بنور البرق وتبينته واقفا بكل عنفوان وذلكالظل خلفه يعطيه هيبة ,,كانت تتأمله لكنها صحت من تأملاتها عندما رأته ينظر إليهابسخرية
فقالت لتعيد شيئا من كرامتها (حسنا ,لم أكن أريد مديحك في كلامي لأنطريقة اعتنائك بالبيت لا تدل على اهتمامك به ..)
رفع حاجبيه قائلا (حسنا ,أنا لمأطلب رأيك يا فيلسوفة وأمر اعتنائي بالبيت هو شأني الخاص ..)
(أهذا يعني أنني غير مرحب بي في بيتك المتواضع ؟)
نظر إليها من رأسها حتى أخمص قدميها المبللتين ثم (حسناً ...)
لكنها لم تدعه يكمل كلامه إذ استدارت وفتحت الباب لتخرج إلىالشرفة ..إنها لن تبقى هنا حتى يطردها بملء فمه ..
لكن يداً فولاذية أمسكتذراعها وشدتها إليه في حركة سريعة فالتقت العينان الخضراوان المتمردتان بعينيهالسوداوين ,,قال والشرر يتطاير من عينيه
(على الرغم من رغبتي في البقاء وحيدا إلاأنني لا أستطيع أن أحمِّل ضميري عبء تركك في هذا المطر لتصابي بذات الرئة ..)
تباً له إنها لاتريد شفقته
قالت ساخرة (عجباً ,ألديك ضمير؟)
زاداسوداد عينيه وقال(لا تمتحني صبري !!)
لاحظ ارتجافها من البرد أم هو الخوف ؟ *لا تشغل نفسك بها * أخذ يردد في نفسه ثم تابع (وادخلي بالله عليك فأنت ترتجفين كورقة في مهب الريح !)
وسحبها إلى داخل المنزل ...

******

كان لابد أنتعترف بأن المنزل جميل حقا فما إن دخلت ما هو واضح أنه غرفة الجلوس المضاءة بلهيبالشموع حتى انبهرت بالديكور الحديث والدافئ في نفس الوقت ..فهذه الغرفة تجعلك ترغبفي الجلوس فيها طوال اليوم ,,قاومت رغبة ملحة في الذهاب لرؤية بقية المنزل ..
(خذي !) مد يده بمنشفة نظيفة تجاهها والتقطتها وهي تبتسم فجأة
أخذ يمعنا لنظر فيها (مالذي يضحكك؟!)
لم تعتقد بأنه كان يراقبها فقالت (أوه ,لا شيء ...فقط أنك تحتفظ بالمناشف في حين ليس لديك نظام إضاءة في المنزل ..)
اعتدل في وقفته وقال واضعا يديه في جيبيه (هناك نظام كهربائي في المنزل لكنني لم أكن أريدإضاءة عالية فضوء الشموع يكفيني ..عندها انقطع التيار ,,بالإضافة إلى أنني لم أريدأن يلاحظ أحد بأن هناك من يسكن البيت لكنني لم أحصل على ما أريد ,صحيح؟)
دعكترأسها بالمنشفة بغضب وقالت ساخرة (حسناً, أنا آسفة على إفساد خططك الرومانسية لكن كما قلت لم يكن لدي خيار آخر ..فقضاء الليلة في جو عاصف خارج المنزل ليس بالضبط من هواياتي المفضلة ولا الركض تحت المطر لالتقاط التهاب رئوي ..) فجأة خطرت على بالها فكرة أرعبتها ,هل يعقل أنه ينتظر امرأة في الكوخ ؟فلا يوجد رجل يجلس في هذا الكوخ والمنعزل لوحده؟
والشموع؟! لا بد أنه ينتظر كلوي ..التفتت إليه بحدة فنظر إليهاباستفهام وهو يقف قرب المدفأة الغير مكتملة التركيب (ماذا؟)
(لاتقل لي بأنك تنتظر امرأة هنا ..)
لقد توقع كل شيء ..كل شيء إلا هذا الذي قالته ..
أخذ ينظر إليها وقد توالت التعابير على وجهه ,,الصدمة ,التسلية !
ثم لم يلبث أن ضحك عاليا ..قطبت حاجبيها ,,قالت في نفسها

*مالمضحك؟*
رددت في غضب (إذاً؟!)
قالوقد سيطر على ضحكاته (أفضل عدم الإجابة ..) ثم هز رأسه وأكمل مبتسماً ( سأذهب لأبحث عن شيء يمكن إحراقه ليقوم بتدفئتك بعد أن تبللتِ ..)
إنها لاتريد اهتمامه الفج هذا فقالت (ربما لاأريد أن أتدفأ!)
(حسنا سيقول الناس أنني لم اهتم بك ..أناالطبيب )
هزت رأسها بأسى ( إنك تهتم بآراء الناس كثيرا )
عندها ارتدى وجهه قناعا غامضا لم تستطع قراءته ثم قال (ستدهشين عندما تعرفين رأيي بشأن آراء الناس .) استدار خارجا من الغرفة تاركا إياها جالسة تفكر فيما قاله ,,مالذي قصده ؟ إنهالاتفهم هذا الرجل والأكثر من هذا أنهاغاضبة لتهربه من سؤالها ,لقد تفادى السؤالبطريقة محترفة مما يدل على أنه حقا ينتظر إحداهن هذا إن لم تكن كلوي ......
أخذت تنظر إلى الغرفة وهي تسبح في لهيب الشموع ,,عندها أخافها الصمت فنهضت مسرعة ونادته
( رايان؟ أين أنت ؟ سآتي معك )
(لا تأتِ ,فالمكان غير مرتب وقد تقعين على السلالم ..) جاء صوته من أعلى السلالم فاختطفت شمعة وأخذت ترتقي السلالم بحذر قائلة (لاأهتم ,لاأريد أن أجلس هنا وحيدة ...)
(هل أنتِ خائفة ؟ ) ظهر أمامها كالشبح فكادت أن تطلق صرخة لكنها كتمتها بغضب قائلة ( إياك أن تفعل هذا مرة أخرى !)
(ماذا؟ تركك وحيدة ؟لم أكن أعلم بأنك ستفتقدينني بهذه السرعة..!)
كان يتكلم برقة وبشكل قريب منها ..فأمسكت أنفاسها المتسارعة مع نبضات قلبها وقالتبتماسك مزيف( لا تكن سخيفا ,لقد قصدتُ إخافتي ..) نظر إليها متأملا وفي عينيه نظرةغامضة لم تستطع أن تتبينها ..فقد كان الظلام يطغى على ضوء الشمعة اليتيمة التي فييدها ..بادلته النظر بخوف وترقب ..حتى إنها أخذت ترتجف كثيرا من نظراته ,,لقد كانلهيب الشمعة يضفي على ملامحه عمقا وجاذبية وهي تنعكس على ذلك الأنف الارستقراطيوذينك الحاجبين المعبرين ..لقد بدا مثل أولئك المحاربين الإغريق الذين تقع في حبهن النساء ,,
احمرت وجنتاها لتفكيرها ذلك ,,عندها أدركت أنهما وحدهما في المنزل ! فاتسعت عيناها ,,أي تصرف خاطئ منها ويعرف بأنها واقعة في حبه ..لذلك يجب أن تحذر ,,
(يجب أن أتصل بالمنزل .) أكان ذلك الصوت البارد صوتها ؟
أمعن النظر فيها ثم استدار عنها وهو يجمع بعض الأخشاب الموجودة في الممر المليء بالفوضى وقال بسخرية
( لماذا؟ هل ينتظرك ِ ديميتري ؟)
غضبت من سخريته فقالت بحنق ( ربما! هل لديك هاتف هنا ؟)
نفض يده من الغبار ثم أخرج الهاتف الخليوي من جيبه وهو يسجنها بنظراته الغريبة ,,ظنت بأنه سيعطيها الهاتف فمدت يدها نحوه لكنه ضغط على أحد أزرارهثم وضع سماعة الهاتف في أذنه ..لم تصدق ما فعل (عفوا؟ مالذي تفعله؟) نظر إليها ببراءة مرفرفا جفنيه وأجابها متسليا (أتصل بالمنزل لأخبر ديميتري عن سبب تأخرك ..ألاتريدين ذلك ؟)
( بلى ولكن ....)
(مرحبا عمتي) قاطعها متكلما مع عمته في الهاتف ..عندها وصل الغضب حده ,,كان يستمع إلى عمته فقال بنبرة هادئة ( لا تقلقي ,إنها معي .إننا في منزلي )
ثم نظر إليها من رأسها حتى أخمص قدميها ولاحت شبه ابتسامة في عينيه انه يتسلى بها هذا الأحمق ..تبا له
(عفوا ؟أعطني الهاتف !) قالت له بغضب
(سأفعل يا عمتي ,لا تقلقي ) كان يقول لعمته ثم صمت ليستمع إلىماكانت عمته تقوله ثم أردف ( حسنا ,لن نفعل .أراك لاحقا ) ثم أقفل الهاتف
لم تستطع دانييل أن تقول كلمة من غضبها ,,ففغرت فمها محاولة إيجاد الكلمات وهو ينظرإليها محاولا كبت ضحكة
(ما كان هذا بحق الله؟) أخيرا نطقت
(ماذا؟) سأل ببراءة
صرخت بغضب
(لماذا لم تعطني الهاتف لأكلم عمتك
وأشرح لها ما حصل ؟)

رد بهدوء وهو يعيد الهاتف إلى جيبه ثم ينحني ليحمل الأخشاب (أظنها فهمت ما حصل ولاداعي للشرح ..) نظر إليها وهي تغلي غضبا ثم أردف ( لاداعي للغضب هذا كله ,لن أقوم بأي
عمل مشين ) ثم رفع حاجبيه بسخرية
شهقت لمعنى كلامه وقالت (لن تجرؤ !)
هز كتفيه وكأنهي قول أنها لاتعرف ماإذا كان سيقوم بذلك أو لا ,,تابع كلامه (هذا بالإضافة أن عمتي طلبت مني أن نبقى في البيت إلى انتهاء المطر ..)
قاطعته (المسافة للبيت غير بعيدة ..لمَ لا ترسل كايت لتصطحبني ؟)
هز كتفيه وقال ( لا أعرف ,لكن على حسب قولها ,,,بما أنك معي فأنت بأمان ,,)
مغرور !
(يبدو أنها لا تعرف حقيقة ابن أخيها المتوحش )
نظر إليها ببرود ارتجفت له أوصالها ثم رد بهدوء مخيف ( لن أردعلى هذه الإهانة لأنك حمقاء متهورة ..) ثم أسرع متجاوزا إياها عائدا إلى غرفةالجلوس والغضب يتطاير من جسمه كالذبذبات ..
(حقا؟ وأنت مستبد مغرور ..) ودخلتوراءه مكرهة ,ورأته يهز رأسه وهو يجمع الخشب في المدفأة ..انشغل بإضرام النيرانوراقبته وهو يقوم بذلك بكل احتراف وكانت حركاته رشيقة وسريعة وفكرت أنه لابد أن قامبهذه المهمة عشرات المرات في مواعيده الغرامية والتي كان له نصيب منها بالتأكيدفالنساء سيسقطن صريعات سحره وجاذبيته ,,لم يعجبها مجرى أفكارها فوضعت يديها على صدغيها من الألم الذي ينبئ بصداع أخذ يتسلل إلى خلايا رأسها ,,سمعت صوت تحركاته فيالغرفة ثم سمعت صوته يقول
(سأعود بعد لحظة ...)
رفعت يدها بإشارة متعبة وهمهمت بشكل غير مفهوم ,,
أخذ ينظر إليها وهي محنية رأسها وساوره القلق ...مابها؟ هلالتقطت فيروس أو شيء ما ؟ تأمل شعرها الكستنائي الذي تساقط حول وجهها بحرية وتذكرالتشوش الذي أصابها عندما أخذ يتكلم معها برقة عند السلالم ,,لقد أبدت شجاعة مزيفةوعدم تأثر لكن عينيها نطقت بالكثير وخرج بنتيجة واحدة ,,إنه يؤثر فيها لكنها لاتريد الاعتراف بذلك وهذا مازاد إعجابه بها ,فمعظم اللاتي يحاولن أن يلفتن نظره لايتركن أي فرصة لإظهار لهفتهن ..وهذا مايكرهه وأكبر مثال على ذلك هو كلوي ..فعلىالرغم من جمالها وأناقتها إلا أنه لم يتأثر بها كما تأثر بهذه المرأة الجالسة علىالمقعد والتي لا تطيقه ..خرج من غرفة الجلوس متوجها إلى المطبخ المجهز بأدوات كاملة ولكن للأسف لم يسكن فيه إلا بضعة أشهر لأنه بعد الحادثة .. لم يعد يريد أن يرى هذاالبيت والتحطم في جانب المنزل خير دليل ..فقد قام بتكسير الجدار بالفأس بكل قوتهليهون من العذاب في داخله .زوتركه وقد فكر في بيعه لكنه كان يؤجل الفكرة يوما بعديوم إلى أن دخله منذ حوالي .....شهر ونصف؟ إنه لايتذكر فقط انه منذ ذلك اليوم الذيوجد دانييل تقرأ في المتنزه في نيويورك عندما رآها لأول مرة ..أخذ يتردد إلى المنزل ..وكل يوم كان يأتي ويضع أشياء جديدة فيه ,,,وتذكر شيئا ,,فتح أدراج المطبخ ثم ابتسم .. بماأنه طبيب فإنه وضع أول شيء يخطر بباله
...

الأدوية ! سحب شريطا من المسكنات وأخذ قرصين وقد تأكد من مدة صلاحيتها وقد غلا بعض القهوة على نار الفرن
دخل غرفة الجلوس وقد حمل الصينية وعليها الأقراص والقهوة ,كانت لا تزال واضعة يديها حول رأسها ..وضع الصينية بهدوء ثم حمل الأقراص وكوب القهوة واقترب منها ..شعربأنها أحست بوجوده لكنها لم ترد رفع رأسها ,قال بهدوء ( تفضلي !)
رفعت رأسهابهدوء مقطبة حاجبيها فوق أنفها الصغير وقد أعجبه التجعد الجذاب الذي ظهر في أعلىأنفها ,,تفاجأت بما يحمله .قام بتقريب الكوب فأخذته بدون وعي ثم نظرت إليه بتمعن
(ماهذا؟)
قال مازحا ( هممم .....أظن بأنه ...سم! )
ظهرت التسلية فيعينيها وانحلت العقدة التي تعلو جبينها ,,لقد نجح في جعلها تبتسم ..وتحولت الابتسامة إلى ضحكة خافتة ,,عندها قالت (إذن ,لابد أ، أشربه )
ابتسم هو الآخروقال ( نعم ,واشربي هذه معها ) ومد يده بالأقراص ,,ظهر تساؤل في عينيها فأكمل شارحا ( إنها مضادات حيوية ,أنا أظن بأن هناك فيروسا دخل جهازك المناعي
لذلك تشعرين بصداع...)
(كيف عرفت أنني أعاني من صداع ؟) همست وهي تنظر إليه ,,,
انحنى ثم أخذيدها وفتحها ووضع الأقراص فيها ,,ثبت نظره في عينيها المنذهلتين وقال ببطء (أنا طبيب وأشعر بهذه الأعراض ,,لا تقلقي لن تقتلك ! ) أكمل مازحا
سحبت يدها من يده ببطء وقد ظهر التشوش في عينيها مرة أخرى ,,أراد أن يبتسم كما أراد أن يلمسها ليتأكدمن أنها حقيقية هذه المرأة الجميلة ....جميلة ولم ير أحد مثلها أبدا ,,لقد اعترف فينفسه بأنها جميلة منذ ذلك اليوم الذي ارتدت فيه ذلك الفستان العشبي ذلك الصباح ..وأيضا عندما كانوا يلعبون البيسبول وأزاح خصلات شعرها من جبينها فقد قام بذلكبذهن غائب وقد سحره جمالها ,,
راقبها وهي تبتلع الأقراص
(شكرا .) تمتمت بذلك فاستقام وابتعد عنها قائلا (لامشكلة )
والتقط كوبه وأخذ يرشف منه ,,
ساد صمت طويل لم يشعر فيه الاثنين بضرورة الكلام فقد كان كلا منهما يشعر بأنه لا ينبغي كسرهذا الصمت الذي يتخلله صوت المطر والرعد ,,
ومن دون أن يعرفا تكوّن بينهما نوعم ن الهدنة ..كانا ينظران إلى الخشب المحترق في المدفأة ...تنهدت براحة لهذا السكونولم تعلم أنها قامت بذلك بصوت عالي إلا عندما سمعت صوته يطمئنها
( لا تقلقي ,لن يطول المطر كثيرا )
هزت رأسها ونظرت إليه (لم أكن أفكر في ذلك بل كنت أفكر فيأننا في نيويورك لا يحصل هذا لنا ..)
(ماذا ؟الاحتجاز؟) سأل مازحا
ضحكت (نعم ,لكن لم أقصد هذا بل أقصد هذا النوع من الهدوء ..فعندما يهطل المطر تحاول جاهدا أنتستمع إلى صوته يرتطم بالنافذة لكنك لا تقدر بسبب صوت سيارات الشرطة أو شجار جيرانكأو الموسيقى المنبعثة من آخر بناية في الشارع ..لذلك أجد هذا الموقف فرصة لن تتكرر ..)
وجدته يبتسم (أظن هناك شيء إيجابي خرج من هذه الليلة ,صحيح؟)
(نعم!) ابتسمت وارتشفت القهوة وقد كان مذاقها رائعا
(شكرا للقهوة ) تمتمت بذلك
(على الرحب والسعة ..)
(كيف تعلمت صنعها ؟ فالرجال لا يستطيعون صنع
مثل هذهالقهوة إلا تشارلي بالطبع ! )
(من هو تشارلي ؟) سأل متلهفا
قطبت حاجبيها (إنك تعرفه ,إنه صاحب المقهى الذي تقابلنا فيه ..)
(آه ,السيد يورك ..) تذكر,,,يا لسخافته فقد ظن أنه أحد أصدقائها
(إذاً ؟!)
(حسنا ,تعلمتها من إمضاء الليالي في الدراسة في كلية الطب ..كان لابد أن أتعلم صنعها بعد أن تقفل المقاهي حتى أستطيع الدراسة
(لم يكن هناك مخرج آخر ,أليس كذلك ؟) ابتسمت
(نعم ,لو أنك تذوقت أول محاولاتي في صنعها ..لكنتِ أصبتِ بتسمم .لقد كان مذاقها مثل الطين ..) تذكر مبتسما أما هي فضحكت عاليا
أكمل وقد فرح لأنه تمكن أني ضحكها (إنني لاأمزح ,حتى أن شريكي في السكن أصابه ألم في البطن عندما شربها ..) لم تستطع أن تتحمل أكثر فأخذت تضحك مقهقهة فشاركها الضحك مستمتعا ,,
(يا له من مسكين ...) قالت من بين ضحكاتها
(نعم , مسكين غريغ ..لكن بعد مضي شهر أصبحت أفضل من يصنع القهوة في سكن الطلاب كله ..)
صمت ثم أكمل ( ماذا عنكِ؟)
(أنا؟ لا أظن بأني مثلك ..لكن دعني أفكر ..) صمتت مفكرة (آه ,,أذكر عندما كنتُ في الثانوية ..في صف علم البيولوجيا ...........) سردت قصتها مع ترافيس في أحد مقالبهمالعديدة لجيسيكا عندما وضعا ضفدعا في حقيبة جيسيكا بعد الصف وتعالى صراخ جيسيكا
(دعيني أستوقفك ,,جيسيكا هي التي تعلمك الاسبانية ؟) سأل باهتمام
(نعم ,,) اندهشت من قدرته على التذكر ,,
(أكملي من فضلك ,,) أكملت القصة وكيف أن جيسيكاغضبت منهما وهي وترافيس يضحكان عليها
(هل تحبينه؟) رمى السؤال مقاطعا ,,فانعقد لسانها
(من؟)
(ترافيس ؟ فمن الواضح أنك تحبينه ..) كانت عيناه تغطيهما
ستارة من التعابير الغريبة
شربت قليلا من قهوتها ثم قالت (بالطبع أحبه ,,) فجأة نهض ببطء ليقترب من المدفأة ويحرك الجمر فيها وقال مديرا ظهره لها
(أكثر من ديميتري؟ )
(أنا لاأعرف ديميتري ,,لذلك لا أستطيع الحكم ,,)
أصبح مواجها لها وضوءالنار في المدفأة يرسل ظلا ليزيد من جاذبيته واستند على الجدار قائلا ( إذن ,لابدأن تتزوجيه ! )
(من ؟ترافيس ؟) ضحكت عاليا فقطب حاجبيه وقال (وما لمانع ؟)
وضعت دانييل كوبها على الطاولة وقالت (إنه متزوج !)
نظر إليها بعدم تصديق
(نعم ,إنه متزوج من جيسيكا ولديهما ابن عمره ستة أشهر )
(وتحبينه ؟! ) سأل باشمئزاز
(أجل ,أحبه ..وما الخطأ في ذلك ؟)
فغر فمه ثم قال (ألا ترين الخطأ؟أم أنك فقط تدعين عدم الفهم ؟)
صمت ثم أكمل بغضب (إنه متزوج ! هل تريدين أن تدمري عائلته؟)
صمتت وهي تحاول أن تفهم ما يقوله ..ثم اتسعت عيناها ونهضت شاهقةبسرعة وقالت بغضب (لا أصدق ذلك! هل تظن أني ...) ولم تستطع أن تكمل فأكمل عنها بغضب
(على علاقة به ؟نعم! أعتقد ذلك ..)
(إنك ..إنك تافه ..دنيء ..) تمتمت غير مصدقة
(أحقا ؟) سأل باستهزاء
(نعم ,لأن ترافيس هو صديقي العزيز وبمنزلة أخي أيها الأبله ولا أفكر فيه على ذلك النحو ! )
رد بسخرية (كما تشائين ,)
(نعم ,كما أشاء ومشيئتي هي ألا تكلمني أيها المغفل بعد الآن ..) صرخت فيه وأشاحت بوجهها
وجلست عاقدة يديها على صدرها ..ساد صمت متوتر ..أحست فيه دانييل بالغضب فانفجرت (أتعرف؟ إذا بقيت على هذه الأفكار الدنيئة سوف تكبر لتصبح أحد كبار السن اللذين يشعلون السجائر وكلابهم تحيط بهم ستكبر لتكون عجوزا وحيدا ..)
(لا مشكلة لدي في ذلك ,,) قال ذلك متسليا
قاطعته بغضب (لا تكلمني ..)
ضحك بخفة (أنتِ التي بدأتِ في الكلام )
(كان علي أن أثبت وجهة نظري ..)
(وما كانت ؟ أنيري تفكيري يا فرويد !!!)
(بأنك ستصبح عجوز وحيد لا يريد الناس الحديث معه ويمرالأطفال راكضين من أمام عتبة بيته ..) ليغيظها أخذ يضحك
قطبت حاجبيها (أتعلم ؟هذه ردة فعل نموذجية منك ..لقد صدق فرويد عندما قال بأن الايرلنديين لا يتقبلونا لتحليل النفسي ..)
أخذ يهز رأسه بصبر
ساد صمت قطعه رايان (هل تستمتعين بعملك؟)
(مالذي تقصده من وراء هذا السؤال ؟)
هز رأسه بأسى وقال ( إنني أحاول فتح حديث معكِ , فأمامنا وقت طويل حتى يتوقف المطر ..)
ترددت في الإجابة ثم قررت أنتجيبه على سؤاله (نعم ,إنه عمل جميل .....) وهكذا أمضيا الساعة وهما يتحدثان فيما المطر يهطل ,,تحدثا كما لو أنهما صديقين قديمين حتى إن دانييل أخبرته عن إمكانية استبدالها وفقدان عملها ..ظنت بأنه سيفرح لقرار طردها لكن وعلى العكس لقد أبدىاهتماما كبيرا فقال( مالذي ستفعلينه؟)
(لاأدري ,قد أعمل في مجال إدارة الأعمال ..)
(وما أدراكِ في إدارة الأعمال ؟)
(لدي شهادة في إدارة الأعمال ,,)
(إنك تمزحين!) قال بدهشة
ضحكت وقالت (لا ,في الواقع إنني لاأمزح .لقد أصرت أمي على أن اقوم بتحصيل شهادتين كنوع من الضمانة..)
أخذ نفسا عميقا وقال (أرجوألا تمانعي سؤالي ولكن كيف ماتت والدتك ؟)
(لقد توفيت بسبب حادث سيارة لكن أظنأنها توفيت قبل ذلك بكثير ,,ذلك اليوم الذي أعلن فيه الطبيب بأنها تعاني من سرطان الرئة ..)
(أنا آسف جدا ,,) ظهر في صوته التأثر ..فاندهشت وأحبت الاهتمام الذيصدر منه ,,اغرورقت عيناها بالدموع للذكرى الأليمة فتمتمت (لا بأس , بالطبع لمتخبرني أمي عن السرطان ,,,فقد كنتُ أعيش في منزل آخر ..إلى أن اتصل المستشفى ليخبرني بأنها ....ز) وتلاشى صوتها فتوقفت عن الكلام قليلا ثم أكملت وقد استجمعتقواها (لكن ,من حسن حظي ,وصلتُ قبل أن يأخذوها إلى غرفة العمليات حيث أخذتُ أكلمها وأشجعها لكنها جعلتني أعدها بأن أعزف لها كل ليلة _كما قلتُ لك _ بعد أن تموت ...)
ساد صمت متوتر في الغرفة فقالت بابتهاج مزيف
(وأنت كيف تقوم بوظيفتين في الوقت نفسه ؟)
اخترقها بنظراته وأحست بأنها تحت تحقيق من قبل الاستخبارات بسبب نظراته لكنه نقل نظره إلى الكوب الذي يحمله وقال بكل هدوء (لابأس أن تحزني يادانييل )
(أعرف ذلك ,,) همست وقد أوشكت على البكاء
ساد صمت قصير فقال يقطع هو قد أحس برغبتها في البكاء (إنه عمل سهل ,إذا عرفتِ ما تقومين به ..)اندهشت من قدرته على معرفة عدم رغبتها في استكمال الحديث من دون والدتها وسمعته يكمل (فيا لبدء ,لم أجد أي مشاكل في تولي الإدارة في الشركة والمشاركة في بعض الفحوصات المخبرية في مختبر الشركة وأيضا العمل في المستشفى كان سهلا ..لكن نقطة ضعفيا الوحيدة التدقيق في الحسابات لذلك أتيتُ اليوم هنا لأكمل التدقيق..)
إذن هذا ماجلبه هنا وليس موعد غرامي مع كلوي
ودخل قلبها فرح عامر
(إذن ,هل حالفك الحظ؟) سأل باهتمام
(في الواقع ,هناك مشكلة بسيطة ,هناك رقم حساب ,حولت إليه الشركة مبلغا ...)وذكر لها الرقم وبدا كبيرا لدانييل
وأكمل (وإلى الآن ,لم أعرف صاحب الحساب فالحساب مقفل وسياسة البنك لم تفصح عن صاحب الرقم ..)
(هذا فظيع ,لكن هل سألت والدي عنه؟ قد يعرف )
(لا,ف التوقيت لم يكن ملائما مع مرضه )
التقطت دانييل دفتر الحسابات من على الطاولة وأخذت تقرأ الأرقام ,,عندها توقفت عند الرقم الملون بلون صارخ ليتم التعرف عليه وقرأت الرقم ,,عندها أحست بطنين في رأسها وتشوشت الرؤية ولم تعد تسمع صوت رايان الذي كان يقول شيئا ولكنها لم تعرف ماهو ..فالرقم الذي أمامها تعرفه حق المعرفة ..رباه ..هذا لايعقل كيف من الممكن أن تكون شركة والدها قد حولت هذا المبلغ لحساب والدتها .؟ ...إلا إذا....
بالطبع! إلا إذاكانت الأموال من والدها ولكن كيف ؟فوالدتها أكدت أنه لا يوجد أي اتصال بين والدها ووالدتها ..
(داني؟) كان هذا صوت رايان الذي قطع سيل الأفكار الجهنمية التيداهمتها ..نظرت إليه وقد شعرت بالغثيان
(مابك؟ تبدين شاحبة ,,هل أنت بخير؟)
اغتصبت ابتسامة وقالت (نعم ,أنا بخير ..مالذي كنت تريده؟)
(لقد توقف المطر !) ابتسم ثم نظر نحو النافذة
لقد أثرت فيها ابتسامته ,,لأنها أدركت أنه ماإنيعرف بشأن الأموال حتى يعود لاتهاماته ..إنها لا تستطيع تحمل ذلك ..ليس بعد أن قضتهذه الليلة الرائعة معه ,,فقد ساعدتها هذه الليلة على رؤية رايان الحقيقي ..رايانالذي كان قبل حادثة صوفيا وقبل المحاكمة وقبل كل شيء ..يجب أن تخرج من هنا ..
قالت بسرعة (هذا رائع ,لنعد إلى البيت إذاً )
لقد كانت الرحلة إلأىالمنزل سيرا على الأقدام في الأرض الموحلة مضنية مع كل الأفكار التي تقاذفتها من كلجانب فلزمت الصمت ورايان كذلك حتى وصلوا إلى المنزل فأسرعت لتستحم وتقضي بعض الوقتبمفردها حتى يحين موعد العشاء ,,أرادت أن تعتذر لكن ليس لديها عذر مقبول ,,وقد يشكوالدها ومورا في ذلك ..
كانت أول من انتهى من العشاء ولم تكد تأكل شيئا بل أخذتتحرك الطعام في صحنها معظم الأحيان وترفع منه لقمة إلى فمها الذي أحس به كالرمل
عندما استلقت لتنام ..لم تستطع النوم وأخذت تفكر ..مالذي دفع والدها ليحول ذلكالمبلغ من المال إلى والدتها؟
ولماذا الآن بعد كل تلك السنوات يقوم بذلك ؟أهوتأنيب الضمير أم ماذا ؟
في ذلك الوقت كان رايان يستعد للنوم ..لكنه لم يستطع ..فقد اختبر مشاعر جديدة هذه الليلة لقد ظن أنه منيع ضد هذه المشاعر وذلك بعد الذيحصل له؟
لكن دانييل استطاعت وبطريقة ما أن تدخل أعماقه ..لقد أحس هذه الليلة بالارتياح والاطمئنان والرضى ...و
الســــــــعـــادة !
وضع يديه تحت رأسهعلى الوسادة ..لكن الذي لا يستطيع فهمه هو ذلك الشحوب الذي اعتراها عندما رأت رقمالحساب ؟ هل تعرفه؟ بالـتأكيد هي تعرفه ..يجب أن يسأل جوناثان عن ذلك ويجد إجابةلذلك ,,لكن الشيء الوحيد الذي لا يستطيع أن يجد إجابة له هو شعوره ,تجاه دانييل؟حتى صوفيا لم تستطع أن تثير فيه فيه هذه المشاعر ..فدانييل مرحة وحساسة ولاذعةعندما تغضب ...وتذكر نعتها له بالعجوز الوحيد فضحك ضحكة خافتة ..وانقلب على جنبها لأيمن ..وأخذ يفكر ...من كان يظن أن دانييل باركر هي من ستنسيه ألم الماضي ؟ فطوى لمكوثها في المنزل لم يفكر كثيرا بصوفيا ......

**********

http://im32.gulfup.com/56337.png
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]


انين الورود 03-02-2013 05:25 AM

هرتينى طول الليل عشان اقرا البارتات

روعه وهتخلينى نفسى اقومك من نومك واقولك كملى البااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااارت

بس الساعه اربعه ونص حرام عليا صح

بس كدا بئه هتخلينى طول اليوم بفكر ولا دراسه ولا غيرو

روعه حبيبتى سلمت ابداعاتك

roxan anna 03-02-2013 03:33 PM

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/28_01_14139094023593441.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
http://im32.gulfup.com/sSIFo.png



(((عيناك عذابي...............))))

((الفصل التاسع ))



أرادت أن تتصل بترافيس الساعة الرابعة فجرا ,,فهي لم تذق طعم النوم ,,طوال الليل أخذت تتقلب في فراشها ..وتحلم بكوابيس مزعجة جعلتها تستسلم وتستيقظ ...أرادت أن تخبر شخص ما عما يقض مضجعها ,,رفعت سماعة الهاتف في غرفتها لكنها أحست بتأنيب الضمير ...قد يكون نائما لكنها تريد أن تخبره أو تخبر جيسيكا ..وضعت سماعة الهاتف ثم رفعت ساقيها وجلست جاعلة ركبتيها تصل إلى صدرها وأخذت تفكر ..مالذي جعل والدها يعطي والدتها ذلك المبلغ الكبير من المال ومن شركة ليست شركته وحده بل هي شركة مورا وابني أخيها وابنته الصغيرة ..ليس لديه الحق ..حتى ولو كان ذلك هو ثمن ابتعاده عنهم ..وثمن نفقتها هي ووالدتها ...هل كان يظن أنه بهذا المال سيشتري سعادتها ؟ هل يظن حقا أن ذلك المال سيعوض سنين من الاشتياق له ومعاناتها من فقدان حبه ..كلا ! لن يعوض أبدا ,,هل نسي الحب والعطف الذي كانت تنتظره ؟ أو مجرد وجوده عندما كسرت ساقها بعد طلاقهما مباشرة ,, كانت تتجه إلى المدرسة على دراجتها عندما خرج شخص من اللامكان وكادت أن تصطدم به لكنها انحرفت بدراجتها وانقلبت ,,كان ذلك الشخص هو ترافيس وهكذا التقت به وبوالده الذي أخذها إلى المشفى مباشرة ,,غالبت دموعها وألمها ذلك لعدم تواجد والدتها لأنها كانت في جلسة استماع في المحكمة مع أحد زبائنها وشعرت بحزن عظيم لعدم تواجد أبويها معها في ذلك اليوم المشؤوم ,,,ومنذ ذلك اليوم بدأت صداقتها مع ترافيس وعائلته اللطيفة .كانت والدتها قد عادت إلى ممارسة المحاماة التي تركتها عند زواجها واكتفت بكونها أستاذة حقوق ,, مما أشعلها عنها ..
تدحرجت دمعتان على خديها وهي تتذكر المرات التي تأخرت فيها في المدرسة والمسرحيات التي كانت تعزف فيها والتي لم تحضرها والدتها أو حتى تأخرت في حضورها ,,
رمت بنفسها على الوسادة ودموعها تتساقط على وجنتيها كالشلال وهي لاتزال تشد على صدرها بساقيها ,,لم تكن تريد أن تذهب للركض ,,ضحكت بسخرية من نفسها ,,لطالما كان الركض دواءها إلى جانب الموسيقى والقراءة من الأحزان لكنها لاتريد أن تذهب ,,,,
مرت أكثر من عشرين دقيقة وهي مستلقية بدون أي حركة ,عندها قررت أن تخرج للركض.
ارتدت ملابس الركض وعقصت شعرها ,,لقد ذهبت مبكرة عن موعدها الاعتيادي لكنها لم تهتم .نزلت السلالم بهدوء يعم الأرجاء ..وصلت إلى الباب الأمامي( أليس الوقت مبكرا قليلا على الركض؟) جاءها صوته الساخر وتسمرت مكانها
رباه! هل من المعقول أنها من كثرة حبها له أصبحت تتخيل صوته ,,
استدارت نصف استدارة ويدها على مقبض الباب ,,إنه هناك يقف عند نهاية السلالم بجانب غرفة الجلوس
تسارعت نبضات قلبها لرؤيته ..فعلى الرغم من منظره في عباءة النوم وشعره المبعثر والذي يدل على أنه استيقظ من نوم مريح إلا أن هناك هالة من الجاذبية والثقة تحيط به
ازدردت ريقها بعد أن أيقنت أنه ينتظر جوابا منها ,فجاء صوتها بارد ولا مباليا قائلة
(لقد اكتفيت من النوم فقلت لمَ لا أبدأ مبكرة هذا اليوم الرائع؟)

هز رأسه بدون أن يقول كلمة وكأنه لا يصدقها فانتبهت إلى الكوب الذي يحمله فقال (حسنا ,تمتعي بركضك!) وأكمل في نفسه *وبأفكارك*
تمتمت (شكرا ,وأنت أيضا )
نظر إليها متسائلا وقد خشي أن يكون قد عبر
عن أفكاره بصوت عالي

قالت شارحة (تمتع بما تشربه)
ابتسم وقال (شكرا ,ولو أنه مجرد كوب من الماء)
ردت إليه الابتسامة (أراك لاحقا ) وفتحت الباب لتخرج
(داني؟)
تسمرت مكانها عندما سمعت صوته يناديها ...ماذا يريد ؟
ألن يطلق سراحها ؟ألا يدرك عذابها؟

قالت وهي تدير ظهرها له (نعم؟)
(كوني حذرة من المجانين الذين يجوبون الشوارع)
لم تصدق ماسمعت ..رايان يهتم بها !
استدارت بسرعة فرأته عند الفسحة التي في السلالم فقال
(أراك لاحقا ..) ورفع يده بإشارة وداع وأكمل طريقه
صاعدا السلالم ..

لدقيقة كاملة لم تستطع التحرك حتى سمعت صوت باب غرفته يقفل بهدوء في البيت الساكن ..استجمعت شتات نفسها ثم خرجت .
لم تعرف ما حصل لكن أحست بان كيانها كله قد شحن بدفعة من الفرح والسعادة ..أهذا كله لأنه تكلم معها ولو كلمات تافهة ؟ أهذا لأنه قال لها أن تتوخى الحذر ..بضع كلمات متعارف عليها ملأت حياتها ولو لساعة طوال ركضها بالسعادة والرضى والأمل بأن الحياة ليست دائما بهذه السوداوية .هذه الكلمات التي لطالما اعتبرتها مملة مع والدتها أو حتى مع تشارلي الذي كان بمثابة ......لن تقول الأب ..بل العم او الخال ..هذه الكلمات خرجت من حبيبها كالذهب النقي .
حبـــــيــــبــــهــــا؟؟!!
توقفت عن الركض ..وتباطأت خطواتها وقد وصلت إلى البحر ,,أي حبيب هذا؟ هل هو رايان المبتسم والذي قضت معه أجمل ثلاث ساعات في حياتها أم هو ذلك الذي اتهمها في أول يوم لوصولها بالاحتيال؟
لأنهما شخص واحد ,,فأيهما أحبت وحتى لو أحبته فهي لن تسمع الكلمات التي تريده أن يقولها ..لأنه ماإن يعرف بأن صاحب ذلك الحساب هو والدتها ,حتى يتغير بل يجب أن تقول يعود لشخصيته الحقيقية ...
هل هو حقا ذلك الشخص الساخر المليء بالكراهية والبرود أم هو ذلك المرح والذي تضيء بسمته عالمها كله ؟
لن يحبها أبدا ,,ستبقى تذكره بصوفيا وما فعلته به ..لكن هل حقا هي تشبهها لهذا الحد ؟ هل لها نفس الشعر ونفس العينين ؟
كانت تقف مواجهة للبحر وخيوط الصبا تتسلل بخجل من خلف الغيوم السوداء فجلست لتراقب الشروق الذي بدا في هذه اللحظة لها كئيبا بشكل فظيع وممل أيضا ..

******

حاول مستميتا العودة إلى النوم ,لكنه لم يستطع ...مالذي جرى له ؟
ألأنه رآها قبل قليل ولم يتوقع رؤيتها أحس بكل هذا ؟ حسنا ..هذا صحيح!
لأنه كان يفكر فيها قبل نومه وعندما استسلم للنوم ..أخذ يحلم بها ,,أحلام جميلة جدا عنه وعنها لكن يتخللها التعقيد
كانت تمشي إليه وهي في أبهى حلة مرتدية فستانا ذهبيا يميل إلى النحاسي فنظر إليها مسحورا بجمالها وبراءتها ,,وعندما وصلت إليه قالت بدون أي مقدمات مما أصابه الذهول (أنا أحبك !) ,,لم يستطع أن يصدق وتحول ذهوله إلى فرح غامض . عندها ظهرت صوفيا من اللامكان وظهر ذلك التحري ليخبراها عن ذلك التحقيق الخاص الذي قام به بشأنها فتحول حبها الناري إلى رماد بارد واستدارت تاركة إياه يغرق في بحر شكوكه وأوهامه ,,أراد أن يناديها ليشرح لها لكن صوته لم يخرج ..عندها استيقظ وهو يحس بالاختناق وبالجفاف فنزل ليشرب وقد وجدها أمامه ,,جميلة وقد عقصت شعرها بطريقة عفوية وعيناها تتألقان في ضوء البيت الخافت لكن ليس كتألقها الدائم فقد كان هناك غموض في عينيها وتساؤل وحزن أيضا ,,مالذي يكدرها هكذ؟
أكل هذا حدث بشأن ذلك الحساب المجهول ؟هل تعرفه؟ هل هو حسابها الخاص ؟لابد أنها تعرفه وإلا لما أصيبت بذلك الذهول والشحوب الذي اعترى وجهها الجميل .سيسأل عن هذا الرقم في الصباح ,سيسأل جوناثان ولن يتزحزح من مكانه حتى يعلم ..نظر إلى الساعة ,,لقد مرت ساعة ,متى ستعود ؟ نفض الغطاء ونهض بخفة لينظر إلى الشروق من شرفة غرفته ثم قام ببعض التمارين الرياضية ومشى قليلا على جهاز المشي ,,لقد اشتراه لأن ليس لديه الوقت ليركض كما تركض هي ,,أراد أن يرافقها لكنه أيقن أنها لاتريد لأحد ان يرافقها ,,أخذ يتدرب ونسيم الصباح يعبث بشعره ..عندما مرت ساعة ونصف أنهى تدريبه واستحم فيها ,كانت لم تعد بعد ,,مالذي جرى لها ؟إنها لاتتأخر بهذا القدر ,,هل أصيبت بشيء؟
ولم يستطع أن يفسر شعور القلق الذي ينتابه بشأنها ,,,عنَّف نفسه قائلا أن دانييل باركر تستطيع الاعتناء بنفسها
سمع صوت سيارة تقترب ..من الذي سيأتي هذا الصباح ؟
وفي السابعة والنصف أيضا !! اقترب من النافذة وفتحها ليخرج إلى الشرفة ....ياإلهي!! ,,مالذي أتى به إلى هنا؟ لقد عرفه من نوعية السيارة التي يقودها فعلى الرغم من بلوغه الثمانين إلا أنه يقود سيارة تصلح لشباب في مثل عمر كايت
*ملك النسيج أتى !!!*
تمتم بذلك وقد أحس أن المشاكل قد كشفت عن أنيابها ,رأى جده وهو يخرج بكل عنفوان وأنفة وكأن هذا المنزل لايليق به وأيضا من دون أثر للتعب من قيادة السيارة
*لايجب عليه أن يقود في سن كهذا *

ارتدى ثيابه وخرج من غرفته وتوقف عند غرفة عمته وجوناثان وطرق الباب طرقات خفيفة وانتظر لكن سرعان ماانفتح الباب ووقفت عمته بكل جمال مرتدية فستانا جميلا
اندهش رايان وقال( واو ,تبدين جميلة )
انضم جوناثان إلى زوجته وقد ارتدى ملابس جميلة لكن ليست برسمية ملابس مورا وقال(يجب أن تكون كذلك ,فكما تعرف...)
وأكمل الاثنان كلامهما معا( ملك النسيج قد أتى !) وضحكا معا مما أسخط مورا فقالت (كفى ,أنتما الاثنان .سأذهب الآن لأرتدي الباب...)
قال رايان (لاأظن لذلك داع ,فأنت ترتدين ملابس جميلة كما أن الباب ثقيل عليك ,,,) فضحك جوناثان
(أقصد ,سأذهب لأفتح الباب وأنتما كفا عن مزاحكما الثقيل ..)
يالها من علاقة غريبة تلك التي تجمع مورا بوالدها ,,فلطالما انتاب مورا التوتر والارتباك عندما يزورها روبرت ويليامز لكنها حاولت ألا يظهر ذلك عليها ..
وقف رجل غزا شعره البني في وقت مضى الشعر الأبيض إلا أنه لا يزال يحتفظ بثقته التي أضفت عليه مزيج من الكبرياء والجاذبية ,,
(مرحبا بك ياأبي ) قالت مورا وقبلت والها على خديه ,
(عزيزتي ,تبدين جميلة ومتعبة أيضا ...) أنهى كلامه معنفا
(هذا لأنها استيقظت مبكرة لتجهز غرفتك ,كيف حالك يا روبرت رد جوناثان مقتربا من زوجته وأحاطها بذراعه
نظر روبرت إلى جوناثان بشيء من التحفظ وقال( جوناثان ! أرى انك تبدو بحال جيدة نظرا لما حصل لك في الآونة الأخيرة .)
(هذا بفضل رايان ..) ونظر إلى رايان الذي كان يقف بعيدا عنهم ,,
نظر إليه روبرت وهو يفكر كم كبر حفيده !
فهاهو ناضج ورجل كما تمنى والده

قال روبرت بتأثر( رايان! كيف حالك يا بني؟)
تقدم رايان إليه ومد يده ليصافح جده وكأنه غريب عنه وهذا صحيح إلى حد ما
أجاب رايان( أنا بخير ,وأنت؟)
رد روبرت بكبرياء (بالطبع أنا بخير ) مشكلة الاثنين أنهما عنيدين ولن يقبل أي منهما بالتنازل عن كبريائه والبدء بهدنة فكل منهما يحمل في قلبه معاناة وذكريات مريرة تعود إلى سنين خلت ..
جلسوا في المطبخ بعد جدال دار بين مورا وروبرت الذي أصر على الجلوس في المطبخ بينما أصرت مورا على غرفة الجلوس
جلس رايان متململا ناظرا إلى ساعته بين الحين والآخر متمنيا لو يذهب ويبحث عنها ويتمنى لو ينتشلها من ذهنه أيضا
مابها؟ مالذي أخرها هكذا؟
فكر بسخرية ,,ألم تكتف من الركض العدّاءة الأولمبية ؟
انتبه إلى جده الذي قال (هل لازلت تعمل كطبيب؟)
كانت هذه المسألة حساسة جدا بالنسبة إلى الجد الذي لطالما تمنى ان يتخذ ابنه وحفيده نفس المهنة الذي اتخذها وغضب جدا عندما اتخذ ادموند مهنة الطب ,,قد يكون هذا أنانيا لكنه أراد أن يخلفه ابنه عندما يتقاعد من الشركة
حاول بعد اتخاذ إدموند مهنة الطب أن يتكيف مع الوضع وللأسف لم يستطع
رد رايان بجمود وقد علم مايدور في ذهن جده (نعم ,لازلت أعمل كطبيب,,)ثم صمت منهيا الحديث لكن عمته أكملت بفخر(لكنه الآن يعمل الآن بنصف دوام في المستشفى وبقية اليوم في الشركة ووهو الذي يقوم يتمويل المستشفى الذي يعمل به ,ألا يدعو هذا للفخر؟)
قال جده بصوت غريب (بلى ,إنه كذلك...)
كانت فكرة تمويل المستشفى فكرة رايان فقد تعرض المشفى الذي يعمل به إلى نوع من الصفقات السيئة فقد قامت إحدى الشركات التي يتعامل معها المشفى بالاحتيال عليهم وتمويلهم أدوية تنتهي مدة صلاحيتها بعد شهر فقط من تسليمها للمشفى فقام المجلس الاداري بفض اتفاقيتهم مع تلك الشركة فعرض رايان تمويل الشركة

كره رايان أن يكون محط اهتمام الجالسين ,كما كره قلقه المتواصل على تلك المتهورة المدعوة دانييل !أين هي ؟ لقد تعدت الساعة الثامنة والنصف وهي لاتزال غائبة
سينتظر عشر دقائق فإن لم تأت فسيذهب للبحث عنها
سمعوا وقع أقدام تقترب منهم ولم يلبث إلا أن فتح الباب بقوة
(جدي!(
كانت تلك ميا التي ألقت بذراعيها حول جدها والذي أخذ يعانقها بقوة
(كيف حال صغيرتي الجميلة ؟)
(أنا بخير ,لم لم تقل لي بأنك ستأتي ؟كنت انتظرتك عند الباب )
(لقد أردت أن أجعلها مفاجأة لك ,وقد جلبت لك هدية جميلة)
لم يسبق أن راى رايان جده بهذه المودة والحنان ,فقد كانت علاقته هو وكايت مع جده سطحية جدا فقد كان يكتفي فقط بجلب الهدايا ويترك أمر الاهتمام والرعاية والحب إلى جدتهما التي توفيت منذ ثلاثة سنوات ,,لم يكن يحب أن يعانقه أي منهما ولم يكن فيه صفات أي جد عادي
(هدية أخرى ؟لكنك جلبت لي هدية يوم عيد ميلادي )
(ومالضير في ذلك ؟ألا أستطيع أن أجلب لك هدية أخرى ؟)
(لا .لاتستطيع ذلك لأنك ستفسدها بالدلال !)
كانت هذه كايت التي دخلت وعلى ملامحها الجميل علامات الغضب والاستياء..
ساد صمت في المطبخ إثر تعليقها العاصف ,فنهض روبرت وتقدم إليها قائلا برقة (عزيزتي كايت ,إنك تزدادين شبها بجدتك يوما بعد يوم ..)
ضمها إليه فأجفلت كايت لهذا ,لم تتعود من جدها هذا الحنان .ماذا حصل له؟
شعر روبرت بها تجفل ولم يلمها لأنه لم يكن قريبا من حفيديه ..تركها وهو يشعر بالحزن عندها لمح الخاتم في اصبعها
قال بتهور (ألن يتزوجك ذلك الأحمق جيريمي ؟)
تصليت كتفا كايت ونظر رايان إلى جده باستياء ..أهكذا يسأل عن أحوال حفيدته ؟ عندها أنقذت مورا الموقف قائلة (إن كايت ستتزوج بعد أربعة أشهر يا أبي )
تفاجأ روبرت ولم يصدق ماسمعه (أهذا صحيح؟)
قالت كايت بعناد (نعم ,هذا صحيح .واذا كان لديك أي اعتراضات ....) صمتت وهي تلتقط تفاحة وتهم بالخروج من المطبخ وأضافت (فالأوان قد فات على تقديمها ) ثم خرجت
ازدادت خيبة أمل روبرت من هذا اللقاء فقد كان يأمل أن تتحسن علاقته مع أحفاده الكبار فهو مقصر في حقهم منذ زمن بعيد وهو يحاول منذ أن توفيت زوجته أن يعوضهم عن حنان جدتهم الذي فقدوه كانت مهمته تقتصر _عندما زوجته حية_على تقديم الهدايا وعلى زوجته الحنان والمحبة وهو مستغرق في العمل
حاولت مورا أن تغير الأجواء ,لطالما كانت الابنة المطيعة ,,تطيعه في كل شيء ماعدا عندما تزوجت جوناثان ,,
قالت مورا بلهجة تشبه الرجاء من ميا
( ميا ,لم لاتذهبين وتنادين نيل لتقابل جدك؟)

أجابت وهي مستغرقة في أكل فطورها (لكنها ليست في غرفتها!)
تفاجأ جوناثان (لكن أين يمكن أن تكون؟)
أجاب رايان بهدوء مصطنع (قابلتها قبل أن تذهب ,كانت تريد الركض مبكرا )
تبادل جوناثان النظرات مع مورا خفية ,,نظرات ذات معنى
سأل روبرت (من نيل؟)
اجابت ميا بسرعة (إنها اختي واسمها دانييل لكننا نسميها نيل وهي تعزف البيانو بشكل رائع!)
(أختك؟! مورا عمن تتحدث الطفلة لم أفهم شيئا )
استنجد بابنته التي ابتسمت

(إنها ابنة جوناثان ..إنك تعرفها لقد رأيت صورتها على منضدة المدفأة )
(وهناك صورة أخرى في المكتب )قال جوناثان
قالت مورا وقد أرادت أن تدرس ردة فعل رايان (إنها جميلة جدا ,ستحبها ياأبي فهي رائعة ,أليس كذلك يا رايان ؟)
نظر رايان نحو عمته وقد علم بمخططها ..فأراد أن يراوغ في إجابته لكنه علم اان عمته ستفوز فقال(نعم ,هي كذلك )
وثبت نظره على عمته التي رأى في عينيها السعادة لإجابته ,,تبا لذلك .
(لكن ,مع كل احترامي يا جون لم تكن ابنتك جميلة ..فقد شاهدت صورتها ..إنها تبدو مثل الأولاد ..)علق روبرت
(لقد تغيرت ..) قال جوناثان بنبرة حزينة
عندها انفتح الباب الخلفي للمطبخ ودخلت منه دانييل ,,لم يعلم رايان مقدار قلقه عليها إلا عندما رآها تدخل بسلام عبر الباب
دخلت ولم تنتبه للموجودين فقد كانت مستغرقة في التفكير وكان شعرها مبللا وعيناها غائرتين تظللها ظلال سوداء من تحتها ,,ماذا حصل لها ؟ قطب رايان حاجبيه مستغربا
تسمرت عندما رأت الجميع ينظرون إليها وكأنها لم تتوقع أن تراهم ,,همست بخوف (ماذا حصل؟ )
ضحكت مورا وتقدمت نحوها محيطة إياها بذراعيها قائلة (لقد جئت في الوقت المناسب ,,أريدك أن تقابلي أبي)
أرادت دانييل في تلك اللحظة أن تختفي ,,أن تنشق الأرض وتبتلعها ..إنها ليست في شكل لائق لمقابلة ضيوف وخاصة هو ,,فقد أرادت أن تترك انطباعا جيدا ..وليس البنطال الكاكي والقميص البني بالملابس اللائقة ..*تبا لي *
احمروجهها وهي تصافح والد مورا وقدم نفسه بشكل لبق وقد غض الطرف عن شكلها فلم يعلق ..أحست بالخجل فرفعت يدها تملس شعرها شأنها عندما تكون محرجة ..تسمرت يدها مكانها عندما شعرت بالبلل في شعرها ,,
تبا ,تبا ,تبا ..
لقد نسيت أنها رشت شعرها بالماء عندما كانت عند البحر وقد استرسل على كتفيها بعد أم حلت الرباط الذي تربطه به
مالذي جعلها تدخل من الباب الخلفي ..فلو أنها دخلت من الباب الأمامي لما تعرضت لهذا كله ..
التفتت نحو رايان فرأته يحاول كتم ضحكته ,,تبا له ..إنه يستمتع برؤيتها محرجة ,,لقد كان في غاية الأناقة بل الجميع كذلك
ماعدا ميا بالطبع التي كانت لاتزال في ملابس نومها ,,
لابد أنه كان يعلم أن جده قادم عندما التقته ولم يخبرها عن ذلك ,,سددت إليه نظرة ثاقبة تتهمه بصمت فرفع حاجبيه بكسل
(لقد كنا نتكلم عنك قبل قليل ) أجفلت عندما سمعت صوت روبرت ويليامز..لقد كان صوته عميقا قويا وحادا لايوحي بكبر سنه
(أرجو أن يكون خير ) ردت بنبرة مازحة
أجاب روبرت (كل خير يا عزيزتي .لاتقلقي)
اندهشت دانييل من التشابه بينه وبين حفيده ,,فرايان يشبهه كثيرا ,,ملامح الوجه ,الأنف الارستقراطي ,حدة العينين ولونهما ,ماعدا أن العجوز كان يغطي شعره الذي لم تتبين لونه الشعر الأبيض والرمادي وشعر رايان أسود
(لاأظن أنها تمطر بالخارج ,أليس كذلك يا داني ؟) سأل رايان ساخرا
لم تفهم دانييل قصده فأجابته بصدق (كلا ,لم تكن تمطر)
(فلماذا شعرك مبلل ؟!) ولاح شبح ابتسامة ماكرة على وجهه الوسيم
قالت مورا (صحيح ,لماذا تبلل شعرك ؟)ونظر إليها والدها وروبرت ,,
نظرت إليه وهي تكاد تقتله بنظراتها ,ألا يكفي أن جده رآها هكذا فيزيد من ملاحظاته الساخرة ,,
لم تجد أي مهرب من السؤال فأجابته بشجاعة (لقد رششت نفسي بماء البحر لأتنشط ..)
ضحك والدها وقال(هذه ابنتي)
أكمل رايان ساخرا (جيد أنك لم تستحمي بها !) ثم نهض وهو يهم بالخروج
تأجج غضب دانييل فقالت بتهور (ربما أفعل في المرة القادمة)
)انتبهي ألا تصابي بالبرد )
(لن أفعل ,دكتور !!) وشددت على الكلمة الأخيرة بسخرية ..فابتسم
(جيد ,والآن سأذهب ,,أراكم لاحقا ) نظر إلى دانييل لثوان ثم خرج
ساد صمت غير مفهوم بعد خروجه ,,فلم تعرف ماتقول ..فتذكرت أن عليها أن تستحم أيضا فقالت على عجل (اعذروني ,سأذهب لأبدل ملابسي)
وخرجت .
التقت رايان عند السلالم فقالت هامسة بغضب (لمَ لم تقل لي أن جدك قادم هذا الصباح ؟)
كان يرتدي سترته فقال (لم أكن أعرف بقدومه )
أكملت هامسة (أتريدني أن أصدقك؟ إنك لا تطاق !)
(سؤال ؟)رفع سبابته في وجهها مستفسرا
(ماهو ؟) همست غاضبة ..فنزل الدرجة الأخيرة وأصبح مواجها لها ثم قال مقلدا صوتها (لماذا تهمسين؟)وابتسم ابتسامة عريضة
رباه ! بإمكان المرأة أن تموت من تأثير هذه الابتسامة الرائعة
تشوشت بفعل ابتسامته وقالت بصوت أجش (لاأعرف )
ساد صمت غريب ,وكان ينظر إليها نظرات غريبة ,,لولا معرفتها به لقالت أنها نظرات إعجاب ,,يجب أن تتحرك من هنا ,,
أخذت تتمتم (سأدعك تذهب ,,أراك لاحقا )
ماإن صعدت أولى درحات السلم حتى أمسك ذراعها ,,لم تكن القبضة قوية لكنها كانت كافية لإيقافها ..صعدت شحنة كهربائية هزت جسدها كله
ازدردت ريقها ببطء وصعوبة والتفتت إليه ,,قال برقة
(هل أنت بخير؟ )

استغربت سؤاله فأجابت (بالطبع ,أنا بخير ) صمتت قليلا ثم أكملت ساخرة (مابك يارايان ؟لم يرني جدك مغمسة بالوحل !
سأتغلب على موقفي)

لم يكن يعني هذا ..لكن يبدو أنها لاتريد التحدث بشأن مايزعجها وماسبب الهالات السوداء تحت عينيها الغائرتين ..وهو أيضا لم يصدق أنه سألها بهذه الرقة ,,فقد انزلق السؤال بسرعة قبل أن يكتمه
(آسف إن كنت ازعجتك ) ترك يدها بخفة وقد كره أن يتركها لسبب ما ,,أحس بابتعاد البهجة عنه عندما ترك يدها الصغيرة
ابتسمت وقالت (لم تزعجني ,بل على العكس .إنه شعور جيد أن تعلم ان هناك من يهتم ! أراك لاحقا .يجب أن تذهب وإلا تأخرت على عملك)
ثم أكملت طريقها بخفة على السلالم
..أخذ ينظر إليها مفكرا مالذي يزعجها

هذه الفتاة بارعة في كتم انفعالاتها !
التقط حقيبته ثم خرج وهو لايشعر بأدنى رغبة في العمل ,,شعور لأول مرة يشعر به .

*******

مالذي عناه بذلك السؤال ؟فكرت وهي تستحم ,,لقد كان في عينيه تساؤل واهتمام ..وكأنه حقا أراد ان يعرف مالذي يزعجها
لكن كيف عرف أن هناك مايزعجها ؟ وجدت الإجابة عندا نظرت إلى المرآة ورأت وجهها المتعب
أمضت الصباح وهي تراقب الشمس تشرق ولأول مرة لم يفلح ذلك المنظر أن يمحو تلك الأفكار التي تتزاحم في رأسها
مرت بها لحظات أرادت فيها أن تغوص في أعماق البحر الهائج ,,أن تصل إلى أعماقه المظلمة ولاتعود أبدا ,,أرادت ان تسبح داخله مع الأسماك ولاتعود
كانت الساعة العاشرة صباحا عندما انتهت من الاستحمام ,,ثم استلقت على سريرها شاعرة بالاسترخاء والراحة تدب في أوصالها
وغرقت في نوم عميق متكومة تحت الغطاء الدافئ كطفل صغير

*********

ارتدت ملابسها على عجل عندما استيقظت في الساعة الواحدة ظهرا ,,يجب أن لا تتأخر فيكفيها أن روبرت ويليامز رآها في شكل لاتحسد عليه
ارتدت كنزة بيضاء نقش عليها ورود صغيرة وتنورة وردية ومررت المشط على شعرها وخرجت
وماإن أغلقت باب غرفتها حتى انفتح آخر في آخر الردهة وعرفت أنها غرفة الضيوف وخرج منها روبرت نشيطا ويبدو أنه مثلها نال قسطا من الراحة
ابتسمت له قائلة (مرحبا )
انتبهت إلى نظرات الدهشة في عينيه وصوته أيضا إذ قال
(لم أكد أعرفك ,تبدين رائعة )

ضحكت ووجهها محمر وأجابته (شكرا ) ثم تابعت بتهذيب
(بإمكاني أن أرافقك إلى غرفة الطعام سيد ويليامز)

كانا ينزلان السلالم عندما قال (ناديني روبرت أو روب إن أردت )
(أو بإمكاني مناداتك بوبي ) قالت مازحة
(لا! أرجوك .فمن سيسمعك سيظن أنك تنادين طفلا في السابعة ) ضحكت دانييل
سألها (إذن أنت عازفة ؟)
(بل معلمة موسيقى ,فعازفة كلمة كبيرة علي )
(لكن وفقا لشهادة الجميع ,أنت تعزفين أفضل من أي عازف شهير)
غمزت له مازحة (حسنا ,أنت تعرف العائلة .إنهم يريدون أن يظهروا أبناءهم أفضل من الجميع)
ضحك روبرت (إنك متواضعة حقا .لذلك يجب أن تعزفي لي حتى أحكم على عزفك )
(كما تريد سيد ....أقصد روبرت ) صححت اسمه عندما رأت نظرة التحذير في عينيه المازحتين ,,
كم يشبهه حفيده !
عرفت كيف سيكون شكل رايان عندما يتقدم به فهو سيبقى وسيما تماما مثل الآن
رفض روبرت أن يجلس في غرفة الجلوس بل أراد أن يجلس في المطبخ ليراقب وليساعد على حد قوله ,,اندهشت دانييل من جو التوتر الذي كان سائدا
ولاحظت المعاملة الجافة بين كايت وجدها ,,واستغربت تلك التصرفات من كايت الودودة
أما دانييل فقد استمتعت بالتحدث مع روبرت الذي اتضح لها انه مرح على عكس ماأوحى لها الجميع
(إذاً هل لك صديق مميز ؟) سأل روبرت بمكر
كانت تقطع بعض الخضار لتضيفها إلى السلطة بينما كانت روزيتا تقوم بتحريك الحساء ومورا تتأكد من الفطيرة في الفرن
ضحكت وهمت بالإجابة لكن صوتا ساخرا أجاب عنها
(نعم, واسمه ديميتري)

التفت جده إليه وقال ساخرا
(تبدو وكأنك تعارض هذه الصداقة )
هز رايان كتفيه بلا مبالاة (ولماذا أعارض ؟) ونظر إلى جده
أكمل جده وكان من الواضح أنه يستمتع بهذا
(لاأعرف ,لمَ لانسأل دانييل؟(

أما دانييل التي توقف ذهنها عن العمل فقد استجمعت نفسها وقالت بصوت هادئ وثابت (رأيي أن علاقتي بديميتري ليست كما تظنون ,,فنحن صديقان فقط )
لقد تشوش ذهنها إثر دخوله المفاجئ
,,بدا وسيما وقد أخرى ربطة عنقه

(آه ,فهمت !) رد روبرت وعلى ثغره ابتسامة ماكرة
اقترب رايان من روزيتا التي كانت تقطع الجزر للسلطة وحاول أخذ جزرة لكن روزيتا ضربته على يده مازحة ضربة خفيفة
(انتظر إلى أن يجهز الغداء)

وأدارت ظهرها له تحرك الحساء فسرق جزرة خلسة ورأته روزيتا وهو يقضم الجزرة فقالت (يالك من محتال !)
(وأنت غير لطيفة) أجاب مازحا ,,راقبت المشهد وعلى فمها ابتسامة ..لم تكن أنه يمتلك هذه الروح العالية وأنه مرح
رباه! إنها غارقة في حبه حتى أذنيها وفات الأوان للقيام بشيء لإصلاح الوضع
نظر إليها عندما شعر بنظراتها فأدارت وجهها مدعية أناها منغمسة في العمل
سمعت روبرت يقول (إذاً ,كيف كان العمل اليوم؟)
رد رايان ببرود (لم أكن أعلم أنك تهتم)
رد روبرت بتوتر(بالطبع أهتم)
عاد رايان يرد ببرود(أجل,صحيح.أين جوناثان؟)
لم تعرف دانييل مالذي كان يحصل بين الحفيدين والجد ..فتصرفات كايت تتسم بالحدة والتوتر أما تصرفات رايان فكانت مابين البرود واللامبالاة ,وكأن هذا الشخص ليس جدهما ,,
قالت مورا وهي ترمق رايان بنظرات استياء (إنه في المكتب )
هم رايان بالخروج فتابعت عمته
(لاتتأخرا ,فالغداء سيجهز خلال ربع ساعة )

أشار رايان بيده وهو يخرج فتنهدت عمته(هذا يعني أنهما سيتأخرا...)

(إذن ,دعينا لانستعجل في تحضير الغداء )
قال روبرت بمرح زائف


********

جلست في الشرفة ممسكة بالكتاب الذي لم تستطع أن تقرأ منه كلمة بسبب أفكارها ...مالذي حصل ياترى بينه وبين والدها ؟؟فلقد كان منظر وجهيهما لايبشر بالخير ..هل عرف رايان ؟بالتأكيد عرف وإلا لما كان بمثل ذلك التشوش ..
ذهبت لتناديهما للغداء تحت طلب عمتها وإذ بباب غرفة مكتب والدها تفتح وكادت أن تصطدم به لكنه تسمر عندما رآها وأخذ ينظر إليها نظرات غريبة .لم تكن نظرات غضب أو استياء بل كانت تقرب إلى التفهم وشيء آخر لم تعرفه
قالت (الغداء جاهز)
(شكرا ,ولكن لدي عمل يجب القيام به ..إلى اللقاء )قالها بسرعة طفل كان يلقي الدرس على معلمه الصارم ..وخرج مسرعا ..استغربت تصرفه ثم دخلت لتنادي والدها ...فوجدته جالسا محنيا رأسه وقد وضع يديه على رأسه وكأن مصيبة حلت عليه
(أبي؟) همست خائفة
رفع رأسه وكانت عينيه زائغتين وقال بذهول (أماندا؟)
تسمرت مكانها فصحح لنفسه (دانييل!) ثم نهض مدعيا المرح وأكمل (هل الغداء جاهز ؟أكاد أموت جوعا .هيا بنا )
وأحاطها بذراعه ليخرجا من الغرفة
أغلقت الكتاب ثم عقدت يديها على صدرها ..هل هناك مشكلة في الشركة ؟وهل غضب رايان عندما علم بصاحب الحساب؟
فكرت في نفسها ...لكن هذا مستبعد فهو لم يكن غاضبا ...
اتسعت عينيها عندما فكرت باحتمال آخر ,,هل أفلست الشركة؟
ستحاول أن تعرف القصة من والدها وعلى كل حال فهي قررت أن تعيد المبلغ باسم مجهول ,,,لكن لماذا ناداها والدها باسم والدتها؟
(هل تنتظرين أحدا ؟) أجفلت من صوت روبرت والذي كان يقف على مقربة منها ولم تنتبه له ..ضحكت وقالت تشير إلى الكتاب (كنت أقرأ ..)
جلس روبرت بجانبها والهواء يعبث بشعره الرمادي (لاأظن ذلك فأنت لم تقلبي الصفحة منذ ربع ساعة)
فغرت فمها ثم ضحكت (حسنا,كشفتني .كنت أفكر )
(هذا مالاحظته)
(إنك تلاحظ كثيرا ,كان لابد أن تعمل في التحقيقات ..)قالت مازحة
(لايروقني هذا العمل ,والآن هل لي أن أعلم بم كنت تفكرين؟)
هزت كتفيها (أشياء تافهة)
(لاأظن هذا ,فأنت لست من ذلك النوع..)
ضحكت وقالت )أحقا ؟تبدو متأكدا ولكنك التقيت بي اليوم فقط)
قال (ربما ...) سكت ناظرا إلى الحديقة المنسقة بشكل جميل(وربما أنا متأكد بأنك تهتمين بحفيدي الأحمق!)ثم نظر إليها متحديا أن تنكر ..
تسمرت مكانها لكنها آثرت التصرف السريع فضحكت ولكن الضحكة لم تخرج وقالت (إنك تتوهم الأمور الآن ..)تبا لصوتها المهزوز
هز كتفيه فتخبطت في كلامها (إنني ..أنا أحترمه ..)
ياله من عذر واه يادانييل حتى الطفل بإمكانه أن يقول كذبة أفضل
*اخرس* قالت لصوت عقلها
قال ساخرا(وأنا أيضا ,لكنني لاأشع فرحا عندما يدخل الغرفة ..)
احمر وجهها وأرادت أن تختفي من وجه الأرض ..تبا لهذا
اعترفي! أخذ قلبها يكرر
(مرحبا جدي!)قالت ميا راكضة عبر الحديقة وخلفها أصدقائها بطائراتهم الورقية فضحك الجد ولوح لها ثم قال
(سرك بأمان معي ,,لاتقلقي)

(إنك لاتفهم ...)أرادت التشبث بمحاولة أخيرة للإنكار لكنه نظر إليها متحديا منتظرا الشرح فسكتت غير قادرة على الكلام
(جيد .والآن ألن تعزفي لي؟) نهض من مكانه فنهضت مخدرة ..
عندها سمعا صوت سيارة تقترب وكانت سيارته ونزل منها حاملا أوراقا بيده ,,استرعى الأطفال انتباهه وكانوا يطلبون منه أن يثني على ارتفاع طائراتهم
فابتسم ابتسامته التي تخطف منها الأنفاس وقال شيئا لم تتبينه ..لم تدرك أنها تبتسم إلا عندا التفتت إلى روبرت ورأت ابتسامته الماكرة فأشاحت بوجهها
صرخ روبرت وقد رأى ان رايان يتوجه نحو الباب الخلفي لمكتب جوناثان (رايان ,هل تنضم إلينا لنستمع إلى عزف دانييل ؟(
(ربما مرة أخرى)
لم تدرك أنها تتأمل انضمامه إليهم حتى أحست بخيبة أملها من رفضه ,,

****************

لم تره طوال اليوم ,,لاتعلن إن كان يتجنبها أم لا ,,اتصلت بجيسيكا وبعد أن عنفتها جيسيكا لعدم اتصالها بهم سألتها
(إذن ,هل تعرفت بأحدهم؟)

أرادت دانيييل المزاح فقالت (أجل, تعرفت إلى عائلتي )
(آه ,إنك تعرفي قصدي .إنك حقا تثيرين غضبي ..) ضحكت دانييل فلطالما كانت جيسيكا سريعة الغضب
تنهدت ثم قالت لصديقتها (جيسي ,إني واقعة في الحب !)
ساد صمت طويل من جهة جيسيكا ,,ولاتلومها فلو أنها أخبرتها أنها ستقفز من سطح مبنى الامباير ستايت ماكان ذهولها اكبر
(جيسيكا!)نادت دانييل بحذر
صرخت جيسيكا وقد كادت ان تصيب دانييل بالصمم (ياإلهي!)
ابتسمت دانييل بخجل وهي تجلس على سريرها في غرفتها )أعرف!)
(كيف حصل هذا ؟أخبريني بكل التفاصيل)
تنهدت دانييل (سأخبرك,لكن هناك مشكلة .فهذه ليست قصة خيالية)
أخبرتها كل شيء بدءا من أول مواجهة له معها وقصته مع صوفيا وانتهاء بذلك اليوم في الكوخ وقصة رقم الحساب
(عزيزتي ,هذا سيء جدا لكنه ليس ذنبك )قالت جيسيكا
(لكن أشعر أني السبب ,فهو أبي الذي أرسل ذلك المال إلى أمي وقد عرفت أنا ذلك ولم أخبر رايان مخافة أ
ن يتهمني أو حتى يفهمني خطأ)

(لكن إذا فهمك خطأ ,,فهذا ذنبه وليس ذنبك ,,فهو الذي يعاني من جنون الاضطهاد..)قالت جيسيكا غاضبة
همست دانييل (ماذا أفعل؟)
(قولي له كل شيء لكن في الوقت المناسب ,,فالتوقيت المناسب هو المفتاح ..لاتخبريه وهو غاضب فقد لايفهمك لكن لاتؤجلي الأمر ,,إذا كان رجلا صالحا فهو سيتفهم موقفك ,,صدقيني..)
أنهت مكالمة جيسيكا ,,ونامت لكن كان نومها متقطعا ,,نزلت لتشرب الحليب ليساعدها في النوم ..أخذت الحليب وتوجهت نحو غرفة الجلوس بدون أن تضيء كثير من الأضواء وجلست على الأريكة ,,بعد مضي وقت ليس بقصير سمعت صوت الباب يفتح وصوت سقوط المفاتيح وأوراق ..لابد أنه هو فقد سمعت صوته يشتو بصوت منخفض ...نظرت إلى الساعة فإذا هي الواحدة صبباحا ,,ألازال يعمل حتى هذا الوقت ؟
توقعت أن يتوجه إلى غرفة المكتب لكنه دخل إلى غرفة الجلوس وأضاء النور عندها رآها فقطب حاجبيه ثم حاول النظر إلى ساعة يده فأجابت (إنها الواحدة صباحا إذا كنت تتساءل )
تقدم إليها ثم وضع الأوراق على طاولة القهوة ثم رمى نفسه على الأريكة بتعب قائلا (مالذي يبقيك مستيقظة فيي هذا الوقت؟)
لم ترد أن تقول له إنها لم تذق طعم النوم فقالت (نمت بضع ساعات واكتفيت من النوم ..)
بدا متعبا فقد أحنى رأسه ووضع يديه على رأسه ضاغطا عليه بقوة وكأنه يخفف من الصداع الذي داهمه وتمتم (جيد,فلقد ظننتك تنتظريني فلقد بدوت مثل الزوجات الغاضبات من أزواجهن..)
حمدا لله أنه كان محنيا رأسه حتى لايرى الارتباك الذي غزا وجهها من كلامه فقالت محاولة ان تبقي صوتها ثابتا
( لكنك أذكى من أن تظن ذلك .)

لم يجبها ...
قالت بهمس (هل أنت بخير؟)
رفع رأسه ثم مرر يديه حول شعره مبعثرا إياه ثم قال(لا, لدي عمل كثير ووقت قصير لأقوم به فيه وأنا متعب وأريد أنام ..)ثم ابتسم بتعب وقرب أحد الملفات إليه
وسألت(صفقة جديدة ؟)
(نعم, فأحد المستشفيات تريد أن نمولها بالأدوية ..)قال مستغرقا في القراءة لكنه تمتم بذهن غائب
(رائع ,والآن لاأستطيع رؤية الكلمات ..)

أشفقت عليه (هل يجب أن تنهي هذه الليلة ؟)
(أجل.)
سكتت ثم عادت تسأله (هل بإمكاني المساعدة ؟)
رفع رأسه إليها وكأنه لأول مرة يراها فقال بلهجة تقرب إلى التوسل فأشفقت عليه (هل بإمكانك أن تعدي لي أكبر إبريق من القهوة ؟)
ابتسمت(هذا من دواعي سروري)
خرجت وتوجهت نحو المطبخ لتعد القهوة وهي تشعر بسعادة لا تعرف كيف تصفها لهذه المساعدة البسيطة التي تقوم بها
جهزت القهوة بعد حوالي العشر دقائق وتوجهت إلى غرفة الجلوس وقد توقعت رؤيته مستغرقا في القراءة لكنه كان مستغرقا في شيء آخر ,,
لقد نـــام! لقد غلبه النوم واستلقى على الأريكة والملف على صدره وقد خلع حذاءه ..أخذت تنظر إليه وهو نائم ..لقد كانت طريقة نومه كالأطفال ,,
استرخت ملامحه وأصبحت ملامح التعب أكثر وضوحا على وجهه
أرادت أن توقظه لكن لم يطاوعها قلبها على ذلك ..ستجعله ينام لساعتين والعمل سيتأجل ..عندها سيستيقظ نشيطا ليقوم بعمله بأكمل وجه ,وضعت صينية القهوة تحسبا إذا استيقظ
ثم تقدمت لتأخذ الملف الذي كان على صدره ..ازدردت ريقها وهاجمها خجل مفاجئ ..لكنها عنفت نفسها والتقطت الملف ووضعته على الطاولة ثم تناولت الغطاء الذي يوضع على الأريكة وغطته به ..نظرت إليه نظرة أخيرة وقاومت رغبة شديدة لتمد يدها وترجع الخصلة السوداء التي تتدلى على جبينه ..وخرجت من الغرفة

*********

تململت في فراشها عندما أحست بأشعة الشمس المتسللة من خلال الستائر ,فتحت عينيها ببطء وهي تحدق بالسقف وداخلها فرح غريب لاتعلم مصدره ,,
لكنها تعرف السبب ,,الحب! إنها واقعة في الحب
هذه أول مرة يحصل لها هذا ,,وأخيرا عرفت ماتتحدث عنه الروايات ,عرفت معنى أن تسهر ليلها مفكرة بحبيبها الذي ماإن رأته الليلة الماضية حتى نامت كطفل صغير ...
توقفت يداها عن تسريح شعرها الذي رفعته عاليا وفكرت بشيء آلمها ,إنه لايحبها ..بل يحب أخرى أو على الأقل هي تعجبه ,,
كلوي!
لماذا اختارها ؟هل لأنها أنيقة ومتزمتة وباردة أعجبته ؟
إنه لايحبها وإن تحسنت علاقته معها فهو يعدها مثل كايت أو حتى مثل ميا ,,إحدى قريباته اللاتي يجب أن يكون مهذبا معهن
نزلت السلالم متجهة نحو الأصوات التي تعلو في المطبخ بمعنويات منخفضة ,,لابد أنهم استيقظوا جميعا ,,أول مرة تتأخر في الاستيقاظ ,,كانت الساعة العاشرة والنصف صباحا ,,,,
إذا كانت حماستها قد انخفضت بسبب أفكارها فهي قد انحدرت إلى الحضيض عندما رأت من يجلس في المطبخ ,,كلوي!
مالذي أتى بها الآن ؟ لم تظن أبدا أنها ستشعر بنيران الغيرة تنهشها وهي ترى اناقة كلوي ,,تمنت أن تبلعها الأرض و لاأن ترى هذه المخلوقة
(نيل! هاأنت استيقظت اخيرا ...)أعلن والدها بفرح ,,
أجفلت دانييل من صوت والدها ولم تكن تعي أنها تسمرت مكانها من الصدمة ,,
(مرحبا !)خرج صوتها متحشرجا وكأنها كانت تنازع الموت ..
ودخلت المطبخ محاولة السيطرة على غضبها وتبني موقف مرح ,,
فقالت وقد سيطرت على صوتها (صباح الخير,كلوي)
نظرت إليها كلوي بكل برود وقالت(صباح الخير ,دانييل .هل تستيقظين دائما في هذا الوقت؟)
أنهت جملتها بضحكة عفوية
تبا لك ! أرادت دانييل أن تصرخ بهذه الكلمات لكن بدلا من ذلك ابتسمت دانييل ببرود ..ولم تكلف نفسها عناء الرد ..
ردت مورا مدافعة (دانييل تستيقظ دائما مبكرة لكن اليوم حالة استثنائية .هل أنت بخير؟)
(هل تشعرين بشيء يؤلمك عزيزتي ؟)استفهم والدها بقلق
ضحكت ..لقد مر وقت طويل منذ أن اهتم أحد بصحتها ..واغرورقت عيناها عندما تذكرت والدتها ,,تنهدت وقالت (أنا بخير)
(عزيزتي ,إن كنت مريضة فقولي لنجلب الطبيب) قال والدها
(لاتقلق أبي ,,أنا بخير .انظر إلي )أكدت وهي تدهن الخبزبالمربى
تدخل روبرت قائلا بمكر (إنني أعرف مابها هذه الفتاة الجميلة ,وهي تعلم أنني أيضا متأكد)
ابتسمت بمكر (بالطبع تعرف فأنت هولمز الجذاب ,,لكن يا شارلوك لاتقبل نظريتك بدون أدلة )
(أوه ,إن الدليل لدي ..)وغمز لها فضحكت
(أرى أنك أنشأت صداقة قوية مع السيد ويليامز يا دانييل)
قالت كلوي وصوتها ينضح غضبا مبطنا وحقدا ,,لقد كانت تحاول منذ مجيئها أن تنشئ صداقة ولو سطحية مع هذا الرجل لعلها تفوز بقلب حفيده إن فازت بقلب الجد ,,لكنه درع لايمكن اختراقه تماما مثل حفيده ..أرادت بيأس أن تكسب ود الحفيد الذي سكن قلبها منذ حوالي السنة عندما أتى ليطمئن على أخته التي فقدت الوعي في المتجر ,,لقد وقعت في حبه من النظرة الأولى ,,أسرها بعدم اهتمامه بها ,,هي ! التي تدير الرؤوس
لكن هذه الفتاة أسرت اهتمام هذه العائلة وأسرت اهتمام رايان حتى ولو لم يبد هذا الأمر ..واستطاعت الوصول إلى قلب جده فاشتعل قلبها غيرة
قالت دانييل(إن روبرت تحت مظهره الحازم ,قلب من ذهب )
ضغط روبرت على يد دانييل بدفء ومحبة بالغة وقال بتأثر
(هذا لأنك إنسانة طيبة القلب عزيزتي )

ضحكت مورا وجوناثان في حين أن كلوي تكاد تصرخ من غيظها
قالت مورا (أنت الفتاة الوحيدة التي استطاعت أن تكسب محبة أبي يانيل في وقت قصير ,,يجب أن تفرحي لذلك فلاأحد يستطيع)
قالت دانييل مازحة لروبرت(عجبا ,هل أنشأت حولك حصنا منيعا لجذب النساء؟)
(بل لحمايتي منهن!) قال روبرت برعب مصطنع فضحك الجميع ..

قالت كلوي (متى سيعود رايان؟كنت أريد أن أسأله النصيحة في أمر ما؟)ورفرفت بأهدابها المثقلة بالكحل بكل براءة مصطنعة .
يالوقاحتها ..كان هذا ما فكر به روبرت ومورا ودانييل في نفس الوقت
أما جوناثان الذي كان غافلا كعادته عن مثل هذه الامور قال (لست متأكدا متى سيعود فقد نهضت في الصباح الباكر لأجده يتصفح الملفات في المكتبة)
تنهدت مورا قائلة (هذا الصبي يرهق نفسه كثيرا )
(إنه يحتاج إلى أن يرفه عن نفسه .) أقرت كلوي ذلك بجرأة
*وأنت حتما وسيلة الترفيه!*كادت دانييل أن تقول ذلك لكنها لجمت لسانها وعضت عليه ..كانت دانييل ترتجف من كثرة غضبها واستيائها وفقدت شهيتها فقالت بعد فترة حتى لايشعر أحد باستيائها (المعذرة ,لكن أظن أني سأتمشى قليلا)
وخرجت مسرعة من المطبخ .كانت تريد أن تصعد لغرفتها لكنها أحست أنها ستختنق فتوجهت إلى الباب الأمامي لتخرج إلى الحديقة وماإن مدت يدها لتفتح الباب حتى انفتح الباب ..أعمتها أشعة الشمس عن رؤية القادم لكنها عرفت من يكون ,,لا تعرف إن كان حدسها قد أنبأها بذلك لكنها تأكدت بأنه هو من رائحة عطره الأخاذ ..تسارعت ضربات قلبها حتى ظنت بأنه قد يسمعها فابتلعت ريقها مرتين قبل أن ترفع عينيها نحوه ..ساد صمت طويل شعرت معه بأنهما الوحيدين في ذلك البيت ,تراجعت إلى الوراء تلقائيا مما سمح له بالدخول وإغلاق الباب
(مرحبا .) قالت بصوت أجش مرتبك
كبت رايان ابتسامة وقال(صباح الخير,لقد فاتك الركض هذا الصباح)
كان يمازحها فخجلت ورفعت يدها تملس شعرها قائلة بتلعثم (حسنا,لقد غلبني النعاس )
رباه! إنها جميلة جدا ببنطالها الجينز وكنزتها البيضاء ,,إنها بسيطة جدا وخجلها هذا يزيد من جمالها ويجعلها غاية في البراءة
خصوصا عندما ترفع يدها لتملس شعرها فقد انتبه بأن هذه هي حركتها عندما تخجل فقد لاحظها عندما كانوا في المستشفى مع والدها ع جده والآن ...
إنها نقيض النساء اللاتي عرفهن ..ذوات اللباس المتكلف والمبالغ فيه فهي بسيطة في لباسها لكنها تبدو جميلة كما لو أنها لبست فستانا لأحد أولئك الشهيرين اللذين تعرفهم كايت وتعرف تصاميمهم
لماذا ينظر إلي هكذا ؟صحيح أنها لاتريده أن يعبس في وجهها لكن تحديقه بذلك الشكل يصيبها بالارتباك ..ساد صمت طويل لم يجد فيه الاثنان مايقولانه
فقالت مقاطعة الصمت بتوتر (لماذا أتيت؟)
رفع أحد حاجبيه المعبرين فعرفت بأن سؤالها في غير محله فأضافت وهي تلوح بيديها بارتباك (أعني لماذا أتيت في هذا الوقت؟ ليس...أعني.....أقصد أنك تستطيع المجيء متى أردت فهذا منزلك ..)
ابتسم لتخبطها في الكلام (لقد نسيت أحد الملفات في المكتبة !)
(آه! )عبست ثم أضافت (في المكتبة؟ لكنك كنت في غرفة الجلوس)
قالت هذا بسرعة قبل أن تكتم هذا التعليق لكن الأوان فات لأنه رفع حاجبيه مرة أخرى فاحمر وجهها
فقال (لقد انتقلت إلى المكتبة لأن روزيتا كانت لتقتلني إذا رأت تلك الملفات ملقاة في كل مكان ..)فابتسمت لكن في داخله كان يصرخ *كاذب *
فقد استيقظ ليجد نفسه مغطى بعناية والملفات مرتبة وصينية القهوة بجانبه وقد بردت ..فاجتاحته شحنة كهربائية لمعرفته بأنها هي من فعل ذلك وحاول أن يخرجها من تفكيره لكنه لم يستطع ..لم يستطع أن ينسى رؤيتها وهي تنتظره رغم أنها قالت أنها لم تكن كذلك لكنه أحب رؤيتها عندما يعود من عمله متعب ولم ينس أيضا أنها غطته بذلك الغطاء الذي كان يتخيلها وهي تقوم بتغطيته به ..رباه! إنها تثير فيه مشاعر لم يكن يظن بأنه سيشعر بها ...
(حسنا,لن أؤخرك عما تقوم به !)قالت هذا فاستيقظ من أحلام اليقظة ,,هز رأسه ثم تجاوزها ..
حمقاء! هل ظننتِ بأنه سوف يشكرك على مافعلته له البارحة؟ ربما نسي ذلك أصلا.....
فتحت الباب عندما قال لها (بالمناسبة ..)
توقفت ثم استدارت فانعكست أشعة الشمس على شعرها الكستنائي محولة إياه إلى نحاسي جميل فأخذ يتأملها ثم قال بتمهل (شكرا على القهوة .....وشكرا على الغطاء ..)ثم ابتسم ببطء
ابتسمت ابتسامة واسعة ثم قالت (على الرحب والسعة ,,مسرورة لمساعدتك .) سادت لحظة صمت أخرى
(رايان!) أجفل الاثنان من هذا الصوت الصارخ
فالتفت كلاهما ليريا كلوي ..

(كلوي !) قال رايان مندهشا
تقدمت كلوي بخطوات رشيقة نحوه قائلة بصوت عذب معاتب تقريبا (لقد كنت أنتظرك ولكني فقدت الأمل)
(هاأنا ذا هنا)قالها بسخرية لم تنتبه إليها المرأتين فإحداهما وهي كلوي كانت مجتهدة في لفت انتباهه أما الأخرى وهي دانييل كانت متخبطة في مشاعرها ..
(كنت أريد نصيحتك في أمر ما ..لكن ..)ثم رفرفت بعينيها مرة أخرى قائلة (لكنك مشغول الآن ..)
رباه! يالها من ممثلة بارعة ..أحست دانييل برغبة طفولية في شد شعر هذه المرأة
(حسنا ,إني كذلك نوعا ما ..لأنني في عجلة من أمري لكن بإمكانك أن تخبريني في المكتب)
مالذي تفعلينه هنا أيتها الحمقاء ؟أخذت تعنف نفسها لكنها لسبب ما لم تقدر أن تتحرك ..لكنها أجبرت ساقيها على التحرك فسمعت كلوي تقول وهي تدخل معه المكتب (حسنا,إنه ليس بأمر خطير ...)
وتلاشى صوتها عندما أغلقت دانييل الباب الأمامي بهدوء وكم ودت لو تصفق الباب بعنف ليخفف من غضبها
مشت في الحديقة بهدوء ثم اتخذت مكانها على الأرجوحة وهي تفكر ..مالذي يمكن أن تطلب كلوي نصيحة رايان فيه؟
فلاشيء يجمع بينهما في ميدان العمل ...فهو طبيب ومدير شركة أدوية وهي مديرة أحد المتاجر التي تبيع الملابس الباهظة ..إلا إذا كانت تريد أن تخيط ثيابا للعاملين في المستشفى الذي يعمل فيه ,,,,فكرت بسخرية
ثبتت نفسها على الأرجوحة وأخذت تدفع نفسها بتمهل ..حتى أنه نسي وجودي عندما أتت كلوي ...حمقاء
تحول مجرى أفكارها إلى والدها فهي تريد أن تكلمه عن حسااب والدتها وتريد أن تستفسر عن بعض الأشياء التي تدور في فكرها عن الماضي
ستحاول أن تكلمه اليوم بالتحديد ..لأن مورا ستصطحب والدها للقيام بنزهة بمفردها فقد طلبا من والدها الذهاب لكن والدها رفض قائلا بأنه وقت الأب وابنته وكايت لن تأتي فقد تذهب مع خطيبها ..ورايان! ..حسنا لن يعود قبل وقت طويل ,هذه هي فرصتها
(هل تحتاجين إلى مساعدة ؟)
التفتت إلى مصدر الصوت لترى ديميتري
قادم نحوها وهو بكامل أناقته ..

(مرحبا ديميتري !)رددت مبتسمة ..وتفكر ..لمَ لم تحب ديميتري ,فهو وسيم ومن الواضح أنه يهتم بها
(مرحبا أيتها الغريبة ! لم أعد أرك منذ فترة)
ابتسمت وهو يقف أمامها (حسنا,إنني موجودة ولم أبارح مكاني ...لكنك أنت من قاطعني ..)
(حسنا, بإمكاننا أن نصلح الوضع)
قال متوددا وفي عينيه بريق غريب بعدها لمس وجنتها دافعا خصلة وراء أذنها ...تسمرت مكانها
رباه! إنها لاتريد جرح مشاعره ..إنها تكن له مشاعر أخوية وهو يأخذ الأمر على محمل الجد ..إنه يظنها تبادله مشاعره
(دعيني أدفعك على الأرجوحة )واتخذ مكانه خلفها وأخذ يدفعها,,,,,, كيف تقول له؟كيف؟
نظر رايان من خلال النافذة متوقعا أن يراها وحدها وإذا به يصدم وأحس كمن تلقى لكمة في بطنه ..كانت تبتسم لديميتري ثم اتخذ ذلك المراهق مكانه أمامها حاجبا عن رايان رؤيتها ثم لم يلبث أن أخذ يدفعها على الأرجوحة ..أحس بالرغبة في تحطيم شيء فابتعد عن النافذة وهو يحاول بشدة السيطرة على أعصابه ..
مالذي رأته في ذلك الأحمق المراهق؟ ألأنه أشقر أزرق العينين سلمت نفسها له ؟هل هي سطحية بذلك الشكل؟
(رايان؟)
انتشله صوت كلوي من مشاعره المضطربة
(أنا آسف,لم أسمعك جيدا ..)قال بحدة
صمتت لحظة ثم قالت (يبدو أنك مشغول ,سأحاول أن آتي مرة أخرى )ثم نهضت وهي ترتب سترتها متمنية أن يقول أي شيء
أحس باذنب لأنه لم يستمع إليها فربما المرأة تملك مشكلة حقيقية وهو غارق في مشاعره العاطفية ..نظر إليها ..إنها جميلة ..صحيح أنها متزمتة وباردة بشكل لايصدق إلا أنها جميلة ..خطرت في باله فكرة ..
(أتعلمين ؟)
توقفت كلوي وقد شعرت بالفرح (ماذا؟)
(مارأيك بدعوة إلى العشاء لتشرحي لي مشكلتك بعيدا عن الملفات والفوضى ؟)ولوح بالملف الذي بيده
أرادت أن تصرخ من كثرة بهجتها ..لقد نجحت خطتها ...
قالت بارتباك مصطنع لتخفي بهجتها (هل أنت واثق؟)
(أجل ,مارأيك في الليلة ؟هل هذا جيد؟)
أرادت أن تقول بل ممتاز لكنها اكتفت بالقول (نعم,جيد)
(لماذا أنت صامتة ؟)سأل ديميتري
رباه! ,سامحني ..إنها لاتريد خداعه وهذا يصب في مصلحته
(ديميتري ؟)
(نعم, عزيزتي )أغمضت عينيها
(لاأظن بأني أستطيع فعل هذا )ثم أوقفت الأرجوحة عندما وضعت قدميها على الأرض
(ماذا؟ التأرجح؟)سأل مازحا
(لا ..لاأظننا سننجح ..)ثم أضافت هامسة (في صداقتنا ..)استرعت انتباهه فقد وقف أمامها وهو يقول (مالذي تقولينه؟)
(أرجوك ,افهمني وسامحني ..إنني لاأراك على ذلك النحو ..إنك لطيف و...)
(لاأصدق ذلك ..)
نهضت دانييل مجاولة جهدها أن تفهمه (أنا آسفة جدا ..إنني أكن لك محبة أخوية وأنا واثقة من أنك ستجد امرأة أخرى تحبك بالطريقة التي تحبها فيها لكناه ليست أنا ,,وأنا لست المرأة المناسبة لك ..)
(لكنني ظننت أنك تبادليني المشاعر وإلا فلماذا كنت تقبلين دعوتي إلى العشاء ...)
صمت ثم أضاف (لقد خدعتني !)
(أنا آسفة ,لقد ظننت أن بإمكاني أن ....أن أبادلك المشاعر لكنني لم أستطع,,,, ديميتري؟)صرخت عندما كاد أن يرحل فأمسكت يده وقالت (أرجوك سامحني !)
(أحتاج أن أكون بمفردي دانييل ..) ثم تركها وذهب
راقبته وهو يبتعد مطلقة على نفسها أبشع النعوت والصفات ..مالذي ينقص ديميتري ؟فهو وسيم ولطيف وطيب القلب
إنه ليس رايان ! أخذ صوت صغير يردد داخلها
توجهت نحو الباب الأمامي وهي مستاءة من حالها وأيضا قلقة على ديميتري ,وصلت إلى الحديقة عندما خرجت كلوي والبهجة تتفجر من وجهها
عندما رأت دانييل التي أرادت أن تختفي من فورها عندما رأت هذه المرأة حتى لاترى الحزن على وجهها
قالت كلوي(أوه ,مرحبا دانييل ,مابال ديميتري ؟)
نظرت دانييل إلى ديميتري الذي لم يعد يظهر منه إلا لون قميصه وقالت (لاشيء ,أرجو أن تكوني وجدت حلا لمشكلتك ...)
توقفت كلوي عند سيارتها وقالت بفرح (حسن’ليس بعد لكني واثقة من أننا سنجد حلا بعد العشاء ...)
(العشاء؟؟) كررت دانييل بغباء
كانت كلوي تنتظر هذه اللحظة التي تثير فيها غيرة دانييل وتابعت(نعم,سنذهب أنا ورايان للعشاء الليلة لنتكلم ..)
لطالما تساءلت دانييل عن تلك العبارة التي تقول *أشعر كمن دهسه باص* والآن اختبرت هذا الاحساس فلقد تحطمت إلى آلاف القطع لهذا الخبر
كانت تعلم أن كلوي معجبة به لكن لم تتوقع بل كانت تأمل ألا يكون هذا الإعجاب متبادل لكن ويالخيبة الأمل !
رسمت دانييل ابتسامة عريضة كادت أن تكسر فكها وقالت
(هذا رائع,أرجو أن تتوصلي لحل مشكلتك ...)

اتخذت كلوي مكانها في السيارة وأحكمت حزام الأمان قائلة (أنامتأكدة من ذلك فرايان رجل حكيم و....وسيم أيضا )أنهت جملتها بهمس ثم ضحكت متوقعة أن تشاركها دانييل نكتتها السمجة ,,فلم يبدر من دانييل إلا ابتسامة صغيرة كانت فقط التواء لفمها لسخافة هذه المرأة
ماإن توارت سيارة كلوي حتى أسرعت بدخول البيت كالرصاصة قبل أن تنهار وهي تدعو ألا تقابله في طريقها لكن حظها لم يحالفها لأنها ماإن ارتقت السلالم حتى سمعت صوته يقول ساخرا
(هاي داني ,لم العجلة ؟)

تبا لك رايان ! كادت أن تصيح به لكنها أكملت طريقها وهي تحاول السيطرة على صوتها ودموعها فقالت
(لاشيء لكن خطر في بالي أن أتصل بجيسي )

أما رايان الذي راقبها تصعد إلى غرفتها بدون أن تنظر إليه حتى فقد تصاعد غضبه ويبدو أنه لم يلاحظ المها لأنه كان غارقا في غضبه والذي يود أن ينفسه على هافرشام .
لقد جعلت من نفسك أضحوكة يا دانييل ,,فكرت بذلك في غرفتها ,,نظرت إلى نفسها ووجهها الشاحب يحدق في انعكاس صورتها ,,*أنت لست هنا للوقوع في حبه *أخذت تكلم نفسها بغضب وهي تمشط شعرها ,*أنت هنا من اجل والدك ووالدتك الميتة ومن أجلك أيضا *
كان من عادتها التكلم مع نفسها عندما تكون غاضبة أو لاتقدر على التكلم عن سببب غضبها ..خبطت بفرشاة شعرها على طاولة الزينة *فليذهب رايان ويليامز إلى الجحيم * وابتسمت لنفسها مشجعة قبل أن تنزل لمساعدة روزيتا في الغداء لعلها تنسى رايان قليلا ولو انها تشك في ذلك
مرت فترة الظهر بسلام وخصوصا أن علاقة كايت بجدها تحسنت عندما أبدى روبرت الرضى عن جيريمي وتحدث معه بطلاقة مازحا
وجاعلا كايت سعيدة لاهتمامه ,,كان الجميع يضحك على كايت التي يحمر وجهها لتعليقات جدها عليها ومدافعة جيرمي عنها التي تثبت للكل كم هو واقع في حبها بقوة وبعمق
تساءلت هل ستحظى بهذا الحب الذي تراه في عيني جيرمي وكايت لبعضهما أم كتب عليها نفس القدر الذي لحق بوالدتها وهو أن تعيش محرومة من هذا النوع من الحب ,,لطالما سمعت صوت نشيج بكاء والدتها عندما تغلق على نفسها الغرفة لتأوي للنوم وكم يؤلمها هذا خصوصا أن والدتها أخلصت لوالدها رغم أنها تتمتع بالجمال,,,فقد كانت تتمتع بجمال خارق والرجال كانوا يظهرون اهتمامهم بها لكنها لم تتأثر بهم ,,كم شعرت بالحرمان للعلاقة التي تربط ترافيس بوالده وتمنت لو أن لديها علاقة الأب مع ابنته ,,
أحست انها على وشك البكاء ,لماذا حصل هذا لوالديها ؟لقد كانا يعيشان بانسجام,,فمالذي حصل؟
نظرت إلى الجالسين بذهن غائب حول طاولة الغداء ,,إلى وجوههم الضاحكة ,,الكل موجود ماعدا رايان ,,وتركزت نظرتها على وجه والدها الضاحك لزوجته بحنان ,,تخيلت وجه والدتها وتساءلت كيف ستكون حياتهم لو كانت والدتها مكان مورا لكنها هزت رأسها من هذه الأفكار السخيفة ..لأن السؤال المهم هو هل أحب والدها والدتها كما يحب مورا ؟

*************

أحست برغبة في البكاء فأقفلت الكتاب بعنف يعكس مابداخلها ونهضت لتبحث عن آخر في المكتبة ,,كان البيت هادئا فقد خرج الجميع ماعدا والدها الذي صعد ليأخذ قيلولة .
إنها تحس بأنها كقطة على صفيح ساخن ,,فبينما الجميع يضحك ويمرح كانت هي تغلي غضبا ,,استوقفها كتاب قرأت اسمه من قبل ,,قطبت جبينها وسحبت الكتاب وتسمرت مكانها لأنها عرفت الكتاب ,إنه نفس الكتاب الذي وجدته في غرفة والدتها بعد موتها وهي ترتب أغراضها بعد الجنازة ,,إنه كتاب أشعار ,,بل مقتطفات من أجمل الشعر ..اغرورقت عينا دانييل وفتحت أول صفحة من الكتاب وكانت صدمتها كبيرة عندما قرأت مابداخله


*إلى أجمل ماحصل لامرأة ...أهديك هذا لتتذكرني دائما ..

المخلصة ‘أ‘ *


إنه خط والدتها والتوقيع توقيعها ,لكن.....وقبل أن تكمل ماتظنه جاءها صوت والدها من خلفها يقول
(لقد احتفظت به دائما ,,لأتذكرها)

تقدم منها والتقط الكتاب بابتسامة كئيبة وتابع (كان هذا الكتاب المفضل لديها ولم أعرف بأنها تحب الشعر أبدا لكن في ذكرى زواجنا الحادي عشر وكنت أنات في العاشرة أهدتني هذا الكتاب قائلة لي أن أحتفظ به مهما حصل ...)
فُتح الكتاب على صفحة وكأنه كان دائما يفتح على تلك الصفحة ليقرأها شخص عشرات بل مئات المرات
(وهذه ...)قال والدها بصوت مرتجف ثم أكمل بعد أن سيطر على صوته (المفضلة لديها ...فقد أخبرتني بذلك )أمسكت دانييل الكتاب وقرأت الأبيات فاغرورقت عيناها بالدموع حتى لم تعد ترى شيئا من الكتابة
....إنها القصيدة نفسها ,,
إنها القصيدة نفسها التي كانت والدتها تقرأها آلاف المرات وهي القصيدة التي وجدت دانييل الكتاب وقد انفتح عليها ليلة ذهبت إلى منزل والدتها
همست بصوت مهزوز (أعرف هذا ) لقد كانت القصيدة تتكلم عن الحب والإخلاص والوفاء لمدى الحياة ,,هذا ماكانت والدتها تفعله ,,لقد أحبت والدها وأخلصت له حتى مماتها ,,كانت من النوع الذي يحب ويموت على ذلك الحب ..
أغلقت الكتاب ووضعته على الطاولة بهدوء وعاكس تماما للغضب الذي يعتمل في صدرها ...فتحت فمها لتتكلم مرتين لكنها أغلقته في المرتين ,,لم تعلم ماتقول
أتقول له بأنها كانت تقرأ القصيدة ذاتها كل ليلة وحتى مماتها ؟لكنها بدلا من ذلك قالت بكل برود (هل تؤمن بهذا ؟)
(بماذا؟)
(الحب والإخلاص وكل هذا الهراء ؟)
قال والدها باستنكار
(بالطبع أؤمن به ..لما كنت متزوجا لو لم أكن كذلك...)

أجابت ساخرة( أحقا؟) كانت ترزح تحت ضغط هائل ..لاتعرف كيف تراكم
(اجل يا عزيزتي ,مالذي أصــ........)
لم يكمل لأنها قاطعته بحدة (ماذا عن أمي ؟)
(أمك ؟)
(نعم! أمي .أماندا إن كنت نسيت اسمها ...هل أحببتها؟ )
ساد صمت قصير قطعه والدها قائلا بوضوح (أجل !)
(أجل ماذا؟)كررت
تنهد والدها ثم قال (أجل أحببتها ,,مهما كان ماقالته لك ...)
قاطعته مرة أخرى (لم تقل أي شيء بل أنت الذي فعل ...)
(دانييل ...أنا ...سأشرح لك ...)
(كلا! دعني أُخرج ماكان معتملا في صدري طوال هذه السنين ..)
أصبحت الآن ترتجف من الغضب وخائفة أن يحدث لوالدها شيء من عصبيتها لكنها تريد أجوبة ,,
الآن!
(هل كنتَ سعيدا؟ )
رد بسرعة (أجل! )
(هل كانت حياتنا سعيدة ؟)
(أجل! )رد بنفس السرعة
(هل كنت تحب أحدا في ذلك الوقت ؟هل كنت ...)
قاطعها بثبات (كلا!)
(فمالذي حصل إذا ؟ لماذا تطلقتما ؟لماذا تركتني ورحلت ؟)
كانت الآن تصرخ وكررت (لماذا ؟لماذا تركتني؟)
(بسبب أمر عدم التعرض الذي صدر بحقي من المحكمة )قالها بهدوء
تسمر رايان من الصدمة عند الباب الخلفي لغرفة المكتبة ..كان يهم بالرحيل عندما سمع صوت دانييل وجوناثان وعلم أن الأجواء متوترة لكنه لم يكن يتوقع هذا أبدا
أما دانييل والتي لايمكن لأي كلمة أن تصف حالتها النفسية .. كانت ترتجف كورقة في مهب الريح وكانت ركبتاها كهلام إلا أنها ظلت واقفة بطريقة ما ..
(ماذا؟) همست بصوت مبحوح ..
تنهد والدها وقال (سأشرح كل شيء من البداية ..لقد أحببنا بعضنا أنا وأمك في الجامعة وماإن استقرت بنا الأمور وتخرجنا حتى قررنا الزواج, لم نرزق بك بسرعة لذلك أخذنا نعمل أنا ووالدتك ,,كانت بروفسورة في القانون في الجامعة وأنا كنت أعمل لدى شركة إدموند ,,لم نكن نرى بعضنا كثيرا خلال اليوم فقط عند العشاء ...)
جلس والدها على الأريكة بجانب رف المكتبة وأكمل بتعب (كانت حياتنا بسيطة ..لم تكن هناك خلافات ..لكن عندما تركت عملها لتعتني بك بعد الولادة ,,تغيرت كثيرا ..)
نظر إليها وعلم مافكرت به لذا قال(لم تكوني السبب لكن والدتك كانت بدأت تشعر بالملل لمكوثها في البيت طوال اليوم وخصوصا عندما بدأت تذهبين للمدرسة وكانت تقترح أن تعود للعمل وتوظف جليسة أطفال لتجلس معك ,,لكني كنت أرفض .مرت فترة وظننت أنها نسيت الموضوع ..عندها بدأنا نتجادل حول أشياء سخيفة ..لم أعرف سببها وكانت تنتقدني بشدة وأني لاأنفع في شيء .ظننتها تحاول استفزازي لأوافق على عودتها للعمل فقلت لها ذات ليلة أن بإمكانها أن تعود للعمل وأبقى أنا في المنزل على سبيل المزاح لكنها بدأت تبكي وقالت لي أفظع شيء سمعته في حياتي ...)
(ماذا؟ هل شتمتك ؟)
ضحك والدها بتعب وقال(ياليتها فعلت ,,قالت .....أنها لن تستطيع الإنجاب مرة أخرى لأنها تحمل جينات مرض وراثي من ناحية عائلة والدها ,أنجبت مرة واحدة لأنها كانت متأكدة أنها لن تنقل المرض إليك)
عادت الذاكرة بدانييل إلى يوم لاتتذكر منه شيئا سوى الإبرة الضخمة التي تلقتها من طبيب العيادة يوم كانت في السابعة ...لكن...
(هل هذا هو سبب الطلاق؟ رغبتك في الإنجاب؟ )
)لا! بل كانت فكرة والدتك ,تلك الليلة الفظيعة أخبرتني بأن ننفصل لأننا لن نستطيع العيش معا ..لم أصدقها ورحت أؤكد لها بأنني لاأهتم بذلك لأن لدي هي وأنت في هذه الدنيا وهذا يكفيني ,,أنتما جوهرة حياتي ولاأحد غيركما ,لم أهتم أبدا بمسألة المرض ولا بمسألة عدم التمكن من الانجاب لكنها قالت لي بأني لطالما تمنيت عائلة كبيرة غضبت منها وقلت لها ألا تفتح هذا الموضوع مرة أخرى ......)
تابع بعد برهة (مشكلتي أني لم أفهم والدتك أبدا ولم خططها إلا بعد فوات الأوان ..كانت كل يوم تستفزني بعد العودة من العمل وعندما أكون متعبا وتنتقدني وتقول لي دائما أني أدللك وأتركك لها كل صباح مع دلالك ..كنت أغضب بسرعة ولم أفهم أن هذه خطة منها لتجعلني أبدأ بالشعور بالملل من هذه الحياة ونجحت خطتها وانتقلت من المنزل وحاولت لأجعل الأمور أكثر هدوءا لكن كلما تقدمت خطوة ابتعدت عشر خطوات بسبب والدتك ..إلى أن طلبنا الطلاق لكن الذي لم أتوقعه منها هو أن تصدر أمرا من المحكمة يمنعني من رؤيتك أو رؤيتها بأي شكل من الأشكال ,,ووعدتني أن ترسل صورا لك بالبريد ,,لم أحتمل هذا أبدا كان فوق طاقتي ,,وكلما حاولت أن أراك كانت تمنعني ...)
تمسكت دانييل بحافة المكتب لأنها كادت تقع من هول ماسمعت
كانت تريد الحقيقة وهاهي الحقيقة بكل مرارتها وبشاعتها ..رباه! ساعدني
(لماذ؟) همست
ابتسم حزينا(سألتها هذا فأجابتني بأني بإمكاني أن أجد حياة أخرى لأبدأ فيها أما هي فقد انتهت حياتها وتريد أن تحتفظ بك لوحدها)
رباه! ماأفظع هذا !
(يكفي ياأبي !)
لكن والدها تجاهلها وفتح خزانة صغيرة فيها علبة ,فتح العلبة وأخرج صورا ثم أكمل (لم أقدر أن أضع هذه الصور أمامي لأنها كانت ...لقد كنت أراك في كل صورة سعيدة سواء في حفل ميلاد أو حفل تخرج أو أي صورة أخرى وكنت أتحسر وأندم على بعدي عنك ..على الرغم وجود مورا والأولاد إلا أنني لم أتمكن من نسيانك ..)
(ألهذا وضعت المال في حساب أمي ؟)
رفع بصره مندهشا (كيف عرفت بشأن الحساب ؟)
(لقد عرفت بنفسي ,لقد رأيت رقم الحساب ..في الحقيقة عندما ماتت أمي ورأيت الحسابات وكل تلك الأشياء وعرفت بشأن المال ظننتها قد استثمرتها في شركة المحاماة التي تعمل بها لكن لم أتوقع أن تكون منك ,,لكن السؤال الأهم هو كيف سمحت لك أمي بذلك ؟)
(لم تعرف أو هذا ماأظنه لأنها لم تكن تتفقد حسابها في ذلك الوقت,,وأيضا وضعت المال برقم حساب مجهول)
(وهذه هي طريقتك في التعويض ؟لمَ لم يخبرني أحدكم عن هذا ؟لقد عاملتموني كطفلة حتى عندما بلغت سن الرشد ,كان بإمكانك أن تأتي إلي يا أبي وتفهمني الأمر ..ألم تفكر بما تفعله عندما تأخذ هذا المبلغ من شركة والد رايان ؟)
قاطعها (إنها أموالي على مر السنوات ,,كنت أحفظها من أجلك ..)
(أنا لا أريد هذه الأموال ,إنها ليست لي ...)
أنهت كلامها وقد شحب وجهها
(أريد أبي ! فقط!)
&&&&&&


http://im32.gulfup.com/56337.png[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

-Bill 03-02-2013 03:52 PM

ححححجججججززززز1
لي عودة بعد القراءة

v for vendetta 03-02-2013 04:47 PM

قصة فوق الخيال

ارجوكي نزلي البارت بسرعه واعلميني بنزوله
ارسليه في رابط

ارجوكي اترجاكي لا تتاخري لان القصة فوق الخيااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااال
ارجوك لا تنسي ايضا ترسلي لي رابط البارت القادم ولا تنسي اايضا الا تتاخري

رجاءا

Super Black 03-02-2013 04:56 PM

مشكووووره وننتظر التكملة

قلب الياقوت 03-02-2013 05:09 PM

[frame="3 80"]مشاءالله
أبدعت اختي الكريمة الرواية روعة فاقت الخيال
يانتضار البارت القادم لا تتاخري فانا متشوقة لقراته وشكرا
[/frame]

-Bill 03-02-2013 05:20 PM

روايتك رائعة بل مذهلة بل لا مثيل لها أبدًا
لم أقرأ في حياتي شيء بهذا الجمال والروعة
وأسلوبك الروائي متناسق وجذّاب جدًا فأرجو
أن تقبليني بصفتي متابعة جديدة لروايتك المميزة

ɾεძ բlօωεɾ 03-02-2013 08:18 PM

ودي اعرف منو صاحبه الروايه
لان الروايه جونان احس انها مبتكره
الي سواها مبدع بجد

roxan anna 03-02-2013 08:28 PM

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/28_01_14139094023593441.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
http://im32.gulfup.com/sSIFo.png

الفصل العاشر .

لاتــــقـــل أبـــداً ...أبـــــداً


لم تعرف كيف خرجت من المنزل إلا وهي تقود سيارة والدها ولم تتوقف بها إلا عند الشاطئ .كان الوقت يقارب الغروب ..تريد أن تبكي لكنها لم تستطع ولم تعرف لماذا ..تحتاج أن تفرغ طاقتها المكبوتة ..أرادت أن تصرخ ,,تبكي ,,أو حتى تجد أحدا لتتكلم معه ..
جلست على صخرة قرب الشاطئ ..كانت عالية تقريبا .
توقف على بعد منها وحدق إليها ..كانت تجلس وحدها على تلك الصخرة الضخمة ..لقد توقع أن يجدها هنا ..كان يعلم أنها لن ترحب بوجوده إلا أنه كان عليه أن يطمئن عليها ليس فقط لأن والدها الذي شحب وجهه كالأموات بعد خروجها العاصف طلب منه ذلك بل لأنه أراد ذلك ..
أخذ نفسا عميقا وتوجه نحو الصخرة التي تجلس عليها بخطوات ثابتة على رمل الشاطئ ..إذا كانت انتبهت إلى وجوده فهي لم تظهر ذلك لأنها لم تحرك ساكنا بل ظلت تحدق إلى البحر المتلاطم الأمواج ...
توقف وهو يقف إلى جانبها وحدق هو الآخر إلى البحر ...
ساد صمت قصير ,عندها التفت إليها وقال بكل هدوء (توقعت أن أجدك هنا!)
خلعت حذاءها وهي تقول بسخرية (وإلى من أدين شرف هذه الزيارة الغير متوقعة ؟)
ابتسم قائلا (إن العائلة كانت قلقة عليك ,وخصوصا والدك !)
(حقا؟) نهضت ونفضت تنورتها الطويلة ثم تقدمت إلى مقدمة الصخرة ,,كان يضع يديه في جيبيه ..أسرع يمسك بذراعها قائلا بتوتر (ماذا تفعلين؟)
التفتت إليه مبعدة يده عن ذراعها قائلة بابتسامة حزينة (لاتقلق ,لستُ يائسة وحزينة لهذا الحد لأرمي نفسي ..إذن والدي قلق علي؟!)
نظر إليها وإلى وجهها الحزين ..وأراد أن يمسح هذه النظرة البائسة الحزينة من عينيها الزمرديتين ..
(كلمة قلق لاتعبر عن الحالة التي يمر فيها الآن !)
لم ترد عليه بل أخذت تبتعد عنه تنزل حيث الصخور القريبة من البحر ..تبعها رايان بصمت إلى أن توقفت عند صخرة منبسطة ,كان بإمكان زبد البحر أن يلامس قدميها الحافيتين وكان بالإمكان أن تنزلق قدميها لذا اقترب منها أكثر لكنه توقف أولا ليخلع سترة بذلته الكحلية التي يرتديها ثم خلع حذاءه وجواربه ورمى بها مع السترة إلى رمال قريبة ..
ساد صمت طويل لم يقطعه أي منهما ..كانت هي غارقة في أحزانها وهو ينتظر ..لايعرف ماذا ينتظر ..
أخيرا قال (ألن تتكلمي معي عن الأمر؟)كان هادئا جدا ويبدو أن هدوءه أغضبها لأنها انفجرت غاضبة (أتكلم عن ماذا يا رايان؟عن طفولتي السعيدة ؟أم عن مرض والدتي الذي لاأعرف شيئا عنه ؟أم عن معاملتي كطفلة حمقاء لعينة لاتعرف كما يظنون أن تحفظ الأسرار ؟ماذا تريدني أن أفعل ؟)
اجاب بهدوء (افعلي ماتريدين فعله ,المهم ان تخرجي ما بداخلك )
نظرت إليه وأحس بأن الدنيا ضاقت به عندما رأى عينيها المغرورقتين بالدموع فاقترب منها ,,قالت(أتعرف ماأريد؟)
ثم أدارت وجهها إلى البحر ,أكملت (أريد ان أغرق في هذا البحر وأن أنسى أنني قد ولدت في هذه الدنيا ..هل يرضيك هذا ؟)
هز رأسه وقال (لا ,لايرضيني .لأن هذا لن يحل المشكلة )
نظرت إليه ثم صرخت بقهر(وماشأنك أنت ؟هل تهتم بما يحصل لي ؟أتعرف ؟يجب أن تكون سعيدا لأنك رأيتني محطمة تماما !)
صمت لحظة ثم قال بهدوء ويديه في جيبيه (الشماتة ليست من طبعي يا دانييل!)
ساد سكون للحظات ثم توسلت إليه (أرجوك! اتركني وشأني يارايان!)
لم يتحرك من مكانه لكنه تأثر لتوسلاتها
أما دانييل التي رأت أنها على وشك البكاء لم تحتمل أن يراها بهذه الحالة ...لمَ هو مهتم بها هكذا؟لمَ لايذهب ويتركها ؟
(ماذا تريد مني؟هل تريد أن تراني ذليلة ؟أهذا هو نوع النصر الذي تسعى إليه ؟)
صرخت في وجهه ورأت أنها أغضبته فقد اشتد فكه وتكورت يداه داخل جيبيه لكنه تفاجأ عندما رأى عينيها تدمعان ..ظن بأنه يتخيل لكنها أحنت رأسها وأخذت تنشج بصمت ..جلست بانهزام وهي تبكي على الصخرة الملساء ووضعت رأسها على ركبتيها ..لم يتأثر في حياته لبكاء أحد إلا هي ..صحيح أنه تعاطف مع الكثير لكنه لم يشعر كما يشعر الآن معها ...أراد أن يضمها إليه لتبث أحزانها كلها داخله .أراد أن ينسيها كل الأحزان التي مرت بها
جلس بجانبها وهو يكرر (لابأس يا دانييل ,أخرجي ما بداخلك .)
أحست بيده الدافئة على ظهرها وهو يربت عليها برقة متمتما بهدوء ,,وعلى الرغم من حزنها شعرت بأنها آمنة معه ..بكت بشدة اكثر ومالت على كتفه وأطلقت سراح دموعها المكبوتة ..
(لابأس عليك يادانييل ...أنا هنا....أنا هنا....)
نعم,هاهو بجانبها كما تريده أن يكون وأحست بأنها ملكت الدنيا كلها وهي آمنة معه بالتأكيد ..إنه حبها الأول والأخير ولن تحب أحدا بعده أبدا
تحولت شهقاتها إلى نشيج بسيط بعد حوالي العشر دقائق ,لم تلبث أن هدأت بعدها لكنها بقيت تريح رأسها على كتفه لمدة قصيرة ,,أحست أن عبئا كبيرا قد أزيح عن كاهلها ,,,ساد صمت طويل لم يشعر أي منهما بأدنى رغبة في الكلام ..جلسا يستمعان إلى صوت تلاطم الأمواج القوية ,,
(لم أكن أظن بأن الحقيقة مؤلمة بهذا الشكل .) قالت بهدوء وكأنها كانت تكلم نفسها ...
قال بعد لحظة (أعرف ...لقد سمعت ..سمعت جدالك مع والدك ..)
رفعت رأسها وللحظة أحس بالخيبة والضياع لأنها ابتعدت عنه لكنه أخذ يعنف نفسه ..مسحت وجنتيها بيديها ثم رفعت شعرها المتساقط على جبينها ونظرت إليه بحزن وتعب ثم أكملت متجاهلة ملاحظته (لقد ظننت أنه سيقول بأنه لم يعد يحبها وبأنه أحب عمتك وتنتهي القصة ,لم أكن أظن بأنهما ...) ولوحت بيديها بعجز وكأنها لم تقدر أن تجد الكلمة ..
تنهد رايان وقال واضعا يديه حول ركبتيه (على الأقل والديك افترقا وهما يحبان بعضهما ..)ونظر إلى البحر
مالذي يقصده ؟
أكمل ونظراته غائمة بذكريات الماضي (ولم يسيئا إلى بعضهما في آخر لحظات حياتهما ..)
(أتعني والديك ؟)أومأ ولم يلتفت إليها
أخذ يتكلم وكأنه كان يكلم الهواء والصخور ,لم يكن يشعر بها وكأنه كان في عالم آخر ,يوم كان مراهقا (كان والدي يقود السيارة ,ولابد أنهما ظنا أني نائم لأنهما بدءا يتكلما عن أشياء واشخاص لم أكن أعرفهم وفجأة بدأت أمي بالاشتكاء كيف أن والدي لا يعيرها اهتماما وكيف أنه لاهم له إلا الشركة ,,سمعتها تشتم وتصرخ متمنية لو أنها لم تتزوجه ,كان والدي يحاول أن يهدئها لكنها رمت بالقنبلة فقالت بأنها تهتم بشخص آخر وبأنها لم تعد تحبه وتريد الطلاق ,عندها سمعته يشتم وانحرف بالسيارة وآخر شيء أتذكره هو صراخ حاد ,,ثم استيقظت بعد عشر ساعات في المستشفى ..)
ساد صمت قصير غرق فيه في أحزانه
(أنا آسفة!) أجفل من صوتها الحزين ,المتهم والمتعاطف معه ونظر إليها ..إلى جانب وجهها الذي أضاءته شمس الغروب مضفية عليها توهجا سحريا ..لم يسبق أن قال لأحد قصة حادث والديه لأحد ولاحتى صوفيا التي ظن بأنه يحبها لكنه اكتشف بأنه لم يحبها ولا يظن بأنه كان سيحبها في يوم ما ..لأن دانييل ..هي ...شيء آخر
لم يستطع قول شيء لأنه كان متأكدا أن صوته سيخونه
قالت( لقد كان لدى عمتك شك بأن هناك شيء خلف الحادث ..)
(أعرف ..)قال هذا ثم نظر إليها وأكمل (لم أخبر أحدا بهذا وقد أخذت عهدا على نفسي بألا أفعل ..وأنت أول شخص أخبره بما حصل ..)
أحست بالسعادة لأنها اكتسبت ثقته ليخبرها بما حصل لوالديه ..لأنه رأى فيها شخصا يمكن أن يفضي له أسراره وهمومه
سألته (لماذا لم تخبرهم بما حصل ؟)
تململ في جلوسه ثم قال (بعد أن استيقظت من الغيبوبة ,صدمت لحقيقة وفاتهما و.....)صمت وكأنه أدرك شيئا للمرة الأولى فهز رأسه (أتدرين؟ لاأعرف لمَ لم أخبرهم فعندما سألتني عمتي عما حصل قلتُ لها أني كنت نائما ..)
(ربما أردتَ أن تحتفظ بالألم لنفسك )
قال يمازحها (أهذا صحيح يا فرويد ؟)
ضحكت وقالت (لقد عاهدتُ نفسي بألا أبكي أمامك أبدا ....)
أراد أن يسألها عن السبب لكنه علم بأنها ستتهرب من الإجابة وبدلا من ذلك قال(تعرفين القول السائد,,لاتقل أبداً ...أبداً ..)
سكتت لحظة وقالت(كانت أمي )
(أمك؟) سأل باستغراب
تنهدت وقالت (لقد كان الحساب هو حساب أمي ,الرقم الذي لم تحصل على اسم صاحبه ..السبب هو لأنني أقفلت الحساب بعد موتها وحولته إلى حسابي ..)
تجرأت ونظرت إليه منتظرة أن يعنفها ,,أو أن يصرخ فيها لكنه التزم الصمت مبادلا إياها النظرات ثم قال (أعرف هذا ,وليس من الجدال الذي دار بينك وبين جوناثان ,,بل من والدك اليوم عند الظهر قبل الغداء ..)ثم سكت ..انتظرت أن يقول شيء آخر
فقالت (ألن تقول شيئا؟ )
ابتسم وقال (ماذا أقول ؟)
(ألن تصرخ في وجهي؟ )
(ولماذا أفعل ؟ أهو بسبب المال؟)سأل متعجبا
(أجل! )
(ولماذا أفعل ؟فهو حقك )
قاطعته (كلا ,ليس حقي ولهذا سأعيده )
تبادلا النظرات وقد اكتسى وجهه قناعا من الجمود ثم أكملت (إنني لاأحتاجه ولم أحتاجه في حياتي فلدي ما يكفيني من الناحية المادية ..)
نظر إليها وقد اقتنع بأنها ليست كما ظنها في البداية ..انتهازية ..صائدة ثروات باردة القلب بل كانت فتاة مجروحة وتحتاج الطمأنينة ,,فلو أنها كما اعتقدها لما تركت هذه الفرصة تفلت من يدها ولطالبت بالمزيد باسم تعويض عما فقدته من حنان والدها ..
لكنها رفضت المال
لايمكن لصاحبة هاتين العينين الجميلتين أن تكون انتهازية ففيها من البراءة والنقاء مايملأ العالم كله ..
(ألن تقول شيئا ؟)حثته على الكلام ..
استيقظ من حلم يقظته وتنحنح قائلا (أتريدين معرفة رأيي؟)
(رجاء؟!)
(أظن بأن والدك سيغضب !)
(آه ,قل لي شيء لاأعرفه .أعلم أنه سيغضب لكن هذا المال لم ولن يكون لي أبدا ..)
ارتدى وجهه قناعا من الجدية وقال (دعينا من هذا ,لكن انظري للأمر من ناحية والدك فماذا كنت ستفعلين لو أنك فشلتِ في أمر وتريدين تصليحه ؟)
ردت بسرعة (أسعى للمواجهة !)
هز رأسه وقال (من ناحية والدك ,وضعي في الاعتبار أمر عدم التعرض )
صمتت لتفهم وجهة نظره .فهو على حق لقد فعل والدها ما يمكن لأي أب أن يفعل في مثل تلك الظروف ..فهو ظن أنه لن يرى ابنته أبدا وعلى ضوء ذلك تصرف
قال (لقد أدى واجبه ولو بشكل متطرف !)
نظرت إليه وشعره يتطاير بفعل الريح الرطبة الآتية من البحر وقد تحول لونه إلى البني بفعل شمس الغروب أما عيناه فازدادت دكنة ..لقد كانت تتحدث معه وكأنه صديقها الحميم ,حتى ترافيس لم تدخل معه في تفاصيل حياتها قبل مجيئها إلى نيويورك ..صحيح أنها كانت تتحدث عن والدها بين الحين والآخر لكن ليس بهذا التعمق الذي عمدته مع رايان
قال ممازحا (هل وجدت ِ ماتبحثين عنه؟)
ابتسمت ابتسامة واسعة نابعة من قلبها لأول مرة منذ أن جلسا مظهرة غمازة جميلة في خدها فزادت خفقات قلبه ثم سمعها تقول (لم أكن أتوقع ان أتحدث معك بهذا الشكل !لم أكن أتوقع انك متفهم ومستمع جيد )
(هل يجب أن أشعر بالاطراء أو بالإهانة ؟)سأل ممازحا
جارته في مزاحه وقالت(اعتبرها مزيج من الاثنين ..)
ضحك ضحكته العميقة الجذابة,,فنظرت إليه مسحورة ثم قالت بجدية (شكرا لك يا رايان ,,لقد كنت محتاجة إلى شخص أتكلم معه ,,لذلك ...شكرا ..)
أحست بأن صوتها اختنق فأشاحت بوجهها ونظرت إلى الشمس وهي تغرب ,,نظر إليها متأثرا من صوتها المفعم بالشكر والتقدير ,,
قالت(كم أكره الغروب !)
صدم عندما تقول هذا وقال (أنت أول فتاة أسمعها تقول هذا الكلام ..)
أجابته مدافعة (لأنني واقعية ,فكيف نحب الغروب وهو يقول لنا بأن لاشيء سيعود كما كان فمع مغيب الشمس يغيب كل شيء )
نظرت إليه متوقعة أن يؤيد إجابتها لكنه هز رأسه بأسى مسرحي قائلا (رباه! كم أنت متشائمة ..)
قالت بسخرية (أحقا؟)
(أجل ,فالغروب له معنى آخر .بالنسبة إلي هو فرصة ...فرصة لفعل شيء لم تفعله اليوم وأيضا وعد بأن الغد سيكون مختلفا عن اليوم لنه يوم جديد لذلك ننتظر الشروق ,,لأن الشروق هو امتداد للغروب ...)
(يالك من رومنسي !) قالت متفاجئة وأكملت (سأسميك من الآن فصاعدا أوسكار وايلد )
(أفضل همينغواي المعذَّب)
ضحكت عاليا لتعابير وجهه المازحة ..نظر إليها تضحك ضحكتها الجميلة ..كانت عيناها تتراقص بلون زمردي متوهج ..لم ير في حياته عينان تفشيان حالة صاحبها كما عينيها ..بإمكانه أن يضيع في هاتين العينين ..اشتبكت العيون بحوار صامت ..كان كلا منهما ينظر إلى الآخر بنظرة جديدة ..هاقد تبدد الضباب والغموض حول بعضهما ..أشاحت بوجهها لأنها لم تعد تقدر أن تنظر إليه بدون أن تفضحها مشاعرها ..إنها تحبه وهو يحب أخرى وعليها تقبل ذلك شاءت أم أبت ...
(هناك شيء آخر عليك معرفته !)صرح بهذا بعد الصمت السائد
نظرت إليه ينظر إلى القرص الأخير من الشمس الغاربة فأردف (والدك زارك مرة عندما كنتِ في التاسعة عشرة ..لقد قال لي عندما جاء يزورني في الجامعة حيث كنت أدرس السنة الأخيرة بأنه سيذهب لرؤية ابنته في عيد عيد ميلادها ,وعندما وصلناإلى بوابة الكلية التي تدرسين فيها أخذتُ أراقبه من بعيد ثم توقف عند أشجار محدقا إلى شخص لم أتبينه ثم لم يلبث أن عاد إلي حزينا وسعيدا في الوقت نفسه وعندما سألته لمَ لم يدخل الكلية أجابني أنها قصة طويلة ..)
نظر إليها وقال (ظننتك تريدين معرفة هذا ..)تدحرجت دمعتان على وجنتيها تبعتها اثنتين أخريتين ..لم تستطع أن تتكلم ..مدت يدها إلى يده تضغطها معبرة عن امتنانها ,,كاانت يدها باردة وصغيرة لكنها في الوقت نفسه دافئة وحنونة لمستها تلك
همست بضعف( شكرا يا رايان ,,لاأدري كيف أشكرك حقا)
سحبت يدها من يده فقال (سأكون شاكرا لو مسحت دموعك )
ابتسمت وهي تمسح وجنتيها بظاهر يدها كطفلة فناولها منديلا من جيبه فقالت (شكرا,لابد أنني أبدو فظيعة )ثم مسحت دموعها ,,
نظر إليها وفي عينيه إعجاب واضح فقال(بل تبدين رائعة وجميلة ..)
اتسعت عيناها لمديحه ..إنها أول مرة يقول فيها أنها رائعة وجميلة أيضا
أحست أنها فقدت القدرة على التنفس ..وقلبها توقف عن الخفقان ,,كان ينظر إليها نظرات إعجاب ..
نعم,إعجاب ..كيف ومتى حصل هذا؟
تمالكت نفسها بعد دقيقة فقالت مازحة (لاتبالغ يارايان ..ووفر هذا المديح لكلوي ..)
هزه الاسم ,,مالذي أتى بسيرتها ؟
(كلوي؟!)كرر مستفهما
نهضت دانييل ونفضت تنورتها قائلة (أجل,كلوي.فأنتما ستذهبان للعشاء الليلة ,أليس كذلك ؟أعني أنها أخبرتني بذلك )
تباً ,لقد نسي هذا الموضوع كلياً
أكد لها وقد شعر بعدم الرغبة في الذهاب (بلى ,سنذهب .)ونهض معها ..
التقط سترته وحذاءه ومشى معها وهي تمسك بحذائها إلى السيارة
انتبهت إلى عدم وجود سيارته فسألته (هل أتيت سيرا على الأقدام ؟)
(ولماذا التعجب ؟هل ترينني عاجزا ؟)سأل بسخرية
لقد تعمد المجيء سيرا على الأقدام ليعطيها المجال لخلوتها
لم ترد عليه بل حدجته بنظرة ثم قالت (هل أوصلك معي؟)
(بل أنا سأوصلك ,,فلست في حالة تسمح بالقيادة !)
غضبت من تعجرفه وقالت (أحقا؟ هل هي حالتي التي لاتسمح ؟أم أنك فقط متلهف إلى قضاء سهرتك وتظن بأني سأؤخرك ؟أم هو كبرياء الرجل؟)
مد يده مطالبا بصمت بالمفاتيح فناولته إياها وقد كبحت دافعا يدفعها إلى رميها في البحر حتى يتأخر حقا على موعده الأحمق
ركبا السيارة ولم تستطع أن تكبح قولها عندما انطلق بالسيارة
فقالت( دعنا لانتأخر على السندريلا ,,فقد تتحول إلى يقطينة )
ابتسم (أليست العربة هي التي تتحول إلى يقطينة ؟)
(مضحك جدا ,,,على كل حال أنا لاأحب هذه القصة فسنريلا هي مجرد فتاة حمقاء .إنها قصة بعيدة كل البعد عن الواقع حتى للأطفال )
قال ساخرا (وأنت سيدة الواقعية )
صمت ثم أكمل (لدي حدس يقول بأنك تغارين ..فقولي هل أنا محق ؟)
ضحكت باستنكار ودهشة لتغطي احساسها بالخجل لأنه عرف ما يجول في ذهنها وقرأه ككتاب مفتوح (بل أنت مخطئ ,فلماذا أغار؟)
هز كتفيه ولم ينظر إليها بل ركز على الطريق أمامه (لاأعرف ,,قولي لي)
(أنا لاأغار ,لأن لدي موعدا أنا كذلك مع ديميتري !)
خرجت منها هذه الكذبة قبل أن تكبحها ..ساد صمت قصير متوتر قطعه وقال (هنيئا لك ,أما الآن فدعينا لانتشاجر .لاأحب المشاجرات العقيمة ..)توقفت السيارة بصرير مزعج ولم تدرك أنها متمسكة بالمقعد إلا عندما نظر إليها (خصوصا في السيارة لأنهل تزيد توتري ,وأنا لاأحب أن أسرع ..وشيء آخر من الأفضل أن تتركي يديك عن المقعد فقد ابيضت ..)قال هذا وخرج من السيارة صافقا الباب
أدركت الآن وقد خرج من السيارة أنه كان يعني حادث والديه ,,تمنت يأنها لم تقل شيئا ..إنها حمقاء غبية ..
***************
أحس بأن فكيه قد ينكسران إذا استمر بتصنع الابتسامات ,,رباه!,,حاول طوال الأمسية أن يبدو مرتاحا وحاول أن يستمع إلى كلوي ,,لكن فكره كان في مكان آخر ..لقد اتصل بذلك التحري المدعو جونسون ليقول له بأنه لم يعد يريده ان يتحرى عن دانييل ..فقد تأكد وعلم مايكفي عن دانييل بنفسه ,,وبدرس صعب جدا ,علم أنها نقيةوبريئة كالأطفال ,,لكن التحري أخبره بأنه قد انتهى وأرسله عبر البريد
قرر أنه حين يستلم التقرير سيحرقه أو يسلمه لها ويوضح لها لمَ فعل ذلك ..لكن الذي يشغله أكثر من ذلك هو موعدها مع ذلك الأحمق ..كان قد خرج من المنزل مبكرا حتى لايراها معه
(ألاتظن يارايان؟)
كان هذا السؤال من كلوي التي ارتدت تنورة واسعة تصل إلى الركبتين ,,سوداء من الحرير مع قميص أحمر أيضا ..كانت تبدو جميلة
(أنا آسف ,لم أسمعك ..لقد كنت أفكر ..)
(تفكر بمشكلتي ,أليس كذلك ؟)رفرفت بعينيها المكحلتين
ابتسم ساخرا (بالتأكيد !)
كانا يتناولان الحلوى ..لأنها قالت بأنها ستقول مشكلتها بعد العشاء
(حسنا ,,سأقول لك ..)
أخيراً ! تمتم في نفسه
ابتسم مشجعا فقالت (حسنا ,هناك شخص أحبه من كل قلبي ,,,لكني لاأعرف إن كان يحبني وأنا أريده أن يعلم كم أحبه لكنه يتجاهلني دائما ,فماذا أفعل؟)
لم يعلم ولم يدرك أنه المعني فأجابها ..(أخبريه بهذا ! وأنا متأكد أنه يحبك لأنك امرأة محترمة يا كلوي ..لقد أخفتني ..ظننت انك مريضة أو شيء من هذا القبيل)
(إذن من هو؟)سألها مازحا
نظرت إليه ومدت يدها إلى يده عبر الطاولة وقالت (أنت !)
تراجع رايان مندهشا (كلوي! أنا...لم أتوقع....)
(أحبك منذ أول مرة رأيتك فيها عندما تجاهلتني تماما ,,فهل تبادلني هذاه المشاعر؟)
لقد كانت متلهفة لمعرفة الجواب وهو تسمر عندما سمع كلامها ..سحب يده ببطء من يدها وقال بجدية(اسمعيني كلوي ,لم أتوقع أبدا أن أكون من تحبين وأنا آسف حقا لأنني لاأبادلك هذه المشاعر ..فأنا أنظر إليك كأخت و.....سامحيني لأني قاس بها الشكل لكنني لاأريدك أن تعيشي أوهاما ..)أنهى كلامه عندما رأى ملامح الاستياء على وجهها ..فقد تغضن وجهها بشكل مخيف
تمتمت (أهو بسببها؟)
(من؟)سأل مستفهما ..لكن كان لديه حدس بشخصية المعني بالأمر ..
(دانييل ! إنني أعلم أنك تحبها فقد رأيت نظرتك إليها وهي نظرات مليئة بالإعجاب إن لم يكن الحب ..فهل تحبها؟)
(إنك تتوهمين الأمور الآن !)
رباه! لقد سألته سؤالا كان يدور في ذهنه ,,فهل هو يحب دانييل ؟كان طوال الأمسية يتخيلها في ذهنه ويتشوق للمستها الدافئة ..فهل هذا هو الحب؟
أهو الحب عندما تكون صورتها هي أول ماتتذكر عندما تستيقظ من نومك والأخيرة عندما تنام ؟
أهو الحب الذي يجعلك تتشوق لتعود إلى المنزل وترى وجهها الجميل وتسمعها تتكلم بصوتها الأجش الجميل ..
(هل أتوهم؟ أم أنك لاتريد الاعتراف ؟كل ماأستطيع قوله هو أنها محظوظة لأنها وجدت من يحبها كل هذا الحب ..)
دافع رايان (مهلا ياكلوي ,أنا لم أعترف أني أحبها ..)
(لاداعي لذلك ,فانت تلاحقها بنظراتك وتتلهف لسماع رأيها عندما تتكلم بالإضافة إلى أن جدك يحبها والجميع يحبها فلمَ لاتحبها؟ أنا أيضا أحبهاعلى الرغم من انها منافستي ,,بل كانت منافستي ..)
ابتسمت بحزن (أرجو أن نبقى أصدقاء يارايان ..)
(بالتأكيد وأنا آسف )نهضت ونهض معها ليوصلها إلى المنزل فاعترضت قائلة (لاداعي لذلك ,,بإمكاني الذهاب وحدي ..)
دخلت سيارة الأجرة فكرر ممسكا لها الباب (أنا أعتذر بشدة ..)
قاطعته (لابأس ,فهذه الأمور تحدث لكن لاتظن أني لن آتي إلى حفل عمتك لأنني قادمة ولو لأتباهى بفستاني الفضي من تصميم شانيل ..)أكملت مازحة
ابتسم رايان فدخلت السيارة وذهبت
توقف عند سيارته معيدا كل كلمة قالتها كلوي ,,هل صحيح بأنه يلاحق دانييل بنظراته وهل مشاعره بهذا العمق والوضوح؟ تنهد وفتح باب سيارته لكنه لم يدخل بل ظل ممسكا بالباب ..كل مايعرفه وهو متأكد من هذا ,هو أنه في حياته لم يشعر هكذا تجاه أي امرأة ..وإذا لم يكن هذا هو الحب فهو على الأقل الطريق إليه ..كان يهم بدخول السيارة عندما لمح شخص يعرفه ..إنه ديميتري !
ازدادت ضربات قلبه لعلمه أنه سيرى دانييل لكن المرأة التي ترافقه كانت عكس دانييل تماما ..ذات شعر أشقر ,طويلة جدا ..حتى تكاد تكون إحدى لاعبات كرة السلة عكس جسم دانييل الرشيق المتناسق ..لكن مالذي يفعله ديمتري مع هذه ؟
أليس من المفترض أن يكون مع دانييل ؟هل يواعد فتاتين في الوقت نفسه ؟ صر على أسنانه للاحتمال الأخير ..كيف يجرؤ التافه على خيانة دانييل ؟لابد أنه ألغى موعد دانييل ليذهب معها! وكأن نظرات رايان أحرقت ظهر ديميتري لأنه التفت إليه ..تبادلا النظرات فرفع ديميتري يده في تحية قصيرة وأكمل طريقه
تمنى لو يذهب ويشده من تلابيبه ويشبعه ضربا ,,توقع رايان ان يرى نظرات إجفال من ذلك الرجل لكنه كان واثقا من نفسه جدا ,,تعهد رايان لنفسه بأنه ماإن يرى هذا الرجل على عتبة بيتهم حتى يطرده ! إنه لايستحق حتى ظفر من دانييل
*التافه الأحمق* تمتم رايان بذلك وهو يضغط على دواسة البنزين لتنطلق السيارة في صرير مزعج ,,
*******************
استيقظت بعد شروق الشمس لتبدأ رياضتها المعتادة ..على الرغم من أنها لم تنم إلا عندما سمعت صوت سيارته ليلة البارحة الذي كان بإمكان سكان سياتل ان يسمعوه ..كان صرير العجلات مزعج جدا وتكهنت أن هناك احتمالين على الأقل يبرر هذا الصرير ..الأول هو أن السهرة لم تنتهي بشكل جيد وتخاصم العاشقان !
وكم فرحت لهذا الاحتمال ..
أما الثاني فهو أنه متحمس فقط ولم يعي أنه كان مسرعا وكم أحزنها هذا أيضا
جلست طوال الليل تعد الساعات فقد دخلت غرفتها بعد حديث طويل تبادلته مع والدها قبل العشاء انتهى بالعناق والدموع من الاثنين ,,بعدها دخلت غرفتها مبكرة
بعد العشاء مباشرة على أمل أن تنام لكنها لم تستطع ,فقد كانت تفكر برايان وموعده المهم .
وتتخيل نظراته الحنونة الموجهة لكلوي والكلمات العذبة التي لابد يتبادلانها ...وكانت كلما تتخيل شيئا تضرب الوسادة بعنف حتى يكاد الريش يتطاير منها ..تباً
كانت في المطبخ تصب لنفسها عصير البرتقال بعد أن استحمت بعد الركض .
.يجب أن ترحل !
فمهمتها انتهت على الرغم من أنه لا يزال هناك أسبوعين من إجازتها ..وستزور العائلة في العطلات وفي عطلة نهاية الأسبوع ..
أدركت وبألم أنها لاتريد الرحيل حتى!
لا تريد العودة لبيتها وحيدة ..تريد ان تسكن هنا حيث والدها ..وأختها وكايت ومورا ...
ورايان!!
لكن يجب أن تعود لأرض الواقع وترتطم بصخرة الحقيقة ..فهي لاتستطيع المجازفة بألم قلبها وهي تراه يكرر مواعيده مع كلوي ..وربما خطوبة !
تفضل الوحدة على هذا الاذلال ..ألا يوجد علاج لشفاء الناس من مرض الحب؟!!
(صباح الخير!) أجفلت من صوته العميق الآتي من خلفها فانسكب العصير على أصابعها
تمتمت (تبا!) ووضعت الكأس وغسلت أصابعها قبل أن تتهيأ لمواجهته ..وأكملت مديرة ظهرها له (صباح الخير,ألن تكف عن هذه العادة؟)
سأل مستفهما (أي عادة؟)
استدارت إليه وهالها مارأت ,كان شاحب الوجه ويبدو عليه الارهاق والتعب ..مابه؟يبدو أنه أمضى ليلة مثلها ,إلا أنها كانت تفكر فيه أما هو فيفكر في كلوي !
أحست بالحزن فجأة وأجابته (عادة التسلل على الأشخاص! )
نظر إليها والتعب والارهاق باد على ملامحها ,,لابد أنها منزعجة لأن ديميتري ألغى الموعد ..إنها لاتستحقه ,,كانت متعبة من حديثها مع والدها فيأتي ذلك الأحمق ويحزنها أكثر ..
أجاب وهو يتناول القهوة (أنا لم أتسلل لأن كان بإمكانك أن تسمعيني أتحدث مع ميا في الردهة !)
جرع جزء من قهوته الحارة ,فأحرقت لسانه تمتم (تبا !)
تناولت دانييل فنجانه فاعترض لكنها لم تعره أي اهتمام بل استبدلت فنجانه بكأس من العصير قائلة (القهوة هي بداية سيئة ليومك ,إنني لا أفهم هؤلاء الذين يبدؤون يومهم بالقهوة منذ الصباح الباكر على أي عصير طازج ...)
استبدل كوب العصير بفنجان قهوته قائلا (ربما ليساعدهم ذلك في تخطي مناوبة مزدوجة ..)
سألت عاقدة ذراعيها على صدرها (مزدوجة ؟ألا يكفي أنك تقوم بوظيفتين؟)
نظر إليها حانقة مما يفعله ..إن هذه المرأة تبث الحيوية في حياته عندما يراها ..فقد تأثر عندما نصحته أن يشرب العصير بدلا من القهوة وهاهي مستاءة لأنه يعمل بكثرة ..لقد أحب قلقها حتى ولو كان بادرة لطف منها ...
أجاب (أحد زملائي طلب مني أن أغطي النصف الأخير من مناوبته ومناوبتي تبدأ بعدها لذلك لن أبقى في الشركة كثيرا اليوم ..ستبدأ مناوبتي عند الحادية عشرة )
جلست متمتمة (هذا ظلم ,يجب أن تقول له بأنك لاتستطيع أن تقوم بذلك .)
(لماذا؟) سأل مندهشا من كثرة اهتمامها ..
(لأنك تبدو في حال مزرية !!) صرحت بهذا فابتسم بخفة قائلا (شكرا لك ,لكن لاأظنك في موقف يؤهلك لإطلاق الأحكام لأنك تبدين كذلك أيضا ! )
(أعرف !) تمتمت بذلك مستاءة ثم قالت له بحدة (فلتكف عن شرب هذه القهوة سيكون الدم في شرايينك قهوة !)
تجاهلها وأكمل شرب قهوته ليغيضها وقال متابعا (إذن ؟ لماذا أنت شاحبة ؟هل سار موعد البارحة على مايرام ؟)
سأل سؤاله الأخير بحذر ليعرف أي حجة أطلقها ذلك التافه ليتملص من الموعد ..
نهضت من مقعدها ثم فتحت الثلاجة بتوتر قائلة (على أحسن مايرام ,لماذا تعتقد عكس ذلك ؟)
رباه! إنها لاتريد أن تكتشف ألمها ..سيخبرها
قال باندفاع (ربما من الأفضل لك أن تقطعي علاقتك بالوغــ...بديميتري )
كاد أن يكشف مشاعره لكن حمدا لله أمسك لسانه
أجفل عندما سمع انصفاق باب الثلاجة قائلة بحدة (أستميحك عذرا !!!)
ثم تقدمت عنده مكملة (ومن أنت لتقول لي هذا ؟)
وضع فنجانه بهدوء أغضبها (انا وصدقيني عندما أقول هذا صديق جيد لأنني سأقول لك شيئا سيجعلك تفكرين مرتين قبل تعنيفي الأحمق !)
(أحقا؟) قالت ساخرة ووجهها يتقد احمرارا من الغضب ..
(أجل ,لأن ديميتري كان مع امرأة أخرى البارحة في المطعم ,,)صمت ثم اكمل متابعا بسخرية (وصدقيني لم تكن أنت )
ساد صمت كانا خلاله ينظران إلى بعضهما البعض ,في نظراته التساؤل والتشوق لتقول له بأنها قطعت علاقتها مع ديميتري .أما هي ....فقد كانت نظراتها لاتنبئ بشيء ..كانت غامضة بشكل فظيع ..
أما دانييل فقد تفاجأت لما سمعته لكنها لم تصدم ..فديميتري رجل وسيم ولابد أنه لم يرد أن يمضي الليلة وحيدا ,لكنها أحست بجرح في الكرامة ..أبهذه السرعة استبدلها ؟لا عجب إذن إذا لم يشعر بها رايان ؟
سألت بوضوح (هل انتهيت ؟)
أجاب مشفقا عليها ,فلابد أنها تتألم (نعم ,وأنا آسف ويجب أن تشعري بالفرح لأنك اكتشفت ألاعيبه القذرة ..)
ثم ابتسم مشجعا (لقد انتهيت الآن بالتأكيد !)
ازدادت غضبا لهذا التشجيع والاشفاق منه عليها فهي لاتريد هذا أبدا ,,تمتمت قائلة (على الرغم من امتناني لقولك هذا إلا أنني أعتقد أن لاشأن لك أبدا بي أو بديميتري ...)
(ماذا؟) صرخ بحدة
(ماسمعته ,ورجاء اهتم بمواعيدك مع كلوي .والآن أرجو المعذرة ..)
خرجت غاضبة من المطبخ لتصطدم بروبرت الذي حياها بابتسامة تحولت إلى تقطيبة قائلا (إلى أين ؟)
(غرفتي !) قالت غاضبة صاعدة السلم
دخل روبرت المطبخ فوجد رايان جالسا ممسكا بفنجان قهوته بغضب حتى يكاد يكسره ,,تنهد روبرت ,,إنه خصام آخر!!
جلس وسكب عصيرا قائلا بهدوء (مامشكلتك ؟)
نهض رايان وهدر بغضب (إنها حمقاء غبية ,,هذه هي مشكلتها !)
وخرج غاضبا حتى انه لم يدرك أن جده كان يسأل عنه وليس عن دانييل ..
*********
مر اليوم على الرغم من استيائها ,,,فقد خرجت مع كايت التي تخطط لزفافها بسعادة ولم تستطع دانييل إلا أن تنجرف في أجواء الفرح المنتشرة فذهبت الاثنتان برفقة مورا إلى المتاجر للتجهيزات وأمضين وقتا رائعا ..
جلسن في إحدى المقاهي التبعة لأحد المتاجر يتجاذبن الأحاديث ..
قالت كايت (كم اتمنى لو نتزوج نحن الاثنتان في يوم واحد )
ضحكت دانييل على كلامها وقالت (إذن ستنتظرين طويلا لأنني لم أجد من يستحق أن أعيش معه إلى الأبد !)
تبادلت كايت مع مورا نظرات خبيثة فقالت كايت (أحقا؟ ولكن نظن جميعا أنك وجدته يا نيل ..)
وجدته لكنه لايحبني ! فماذا أفعل ؟!
قالت مراوغة (إذا كنت تقصدين ديميتري ..فقد انفصلنا يوم أمس ..)
(عزيزتي ,أنا آسفة جدا )كانت هذه مورا ..
أما كايت فلم تبدر منها ردة فعل بل قالت (أما أنا فلست آسفة لأنه لا يليق بك أبدا ..)
ضحكت دانييل قائلة (شكرا على الكلام المشجع )
لوحت مورا لإحدى صديقاتها وقالت (سأعود ,يجب أن ألقي التحية على كارا) وذهبت ,,حالما ابتعدت مورا ,صرحت كايت قائلة (لم نكن نعني ديميتري ,فنحن نعلم أنك لاتحبينه ..لقد كنا نعني ......رايان!)
ارتدت دانييل الى الخلف في مقعدها ورفرفت بعينيها فأكملت كايت (نحن نعلم أن تكنين المشاعر له وهو ...)
قاطعتها دانييل حتى لاتسمح لكايت بالتمادي في حلم مكتوب عليه الانتهاء ,,(إنني أعلم ما تشعرين به كايت فلقد أحست به جيسيكا وترافيس عندما تزوجا ..إنك تشعرين بالذنب لأنك لا تستطيعين أن تجعلي كل من حولك يشعرون بالسعادة التي تشعرين بها فأصبحت تتوهمين الأشياء ..لن تصدقي ما فعلاه جيسيكا وترافيس فقد عقدا العزم على تزويجي وذلك بتعريفي إلى عدد من الشبان ..)
(لكنني لاأتوهم !) صرخت بحدة
فقاطعتها دانييل (هاهي مورا قادمة ,لنذهب !)
عندها التزمت كايت الصمت مجبرة ..
أصبحت هذه عادة عندها وهي بالتأكيد عادة سيئة ..لقد كانت من قبل تغط في النوم ماإن يلامس رأسها الوسادة لكن الآن لم تستطع فالأفكار تتقاذفها من كل حدب وصوب فماذا كانت كايت ستقول ؟ان رايان يبادلها المشاعر وأن شجارهما الدائم هو نوع من خصام المحبين ؟ ابتسمت ساخرة لهذه الفكرة فكايت لا تعرف أخاها كما تعرفه دانييل ...
تناولت العشاء كالعادة مع والدها ومورا وكايت بصحبتها جيريمي اللذان ذهبا في نزهة بعد العشاء ..قرأت قليلا لوالدها ثم عزفت على البيانو بعد أن نام الجميع لكن مع هذا كله لم يغلبها النعاس ...نزلت إلى المطبخ حافية القدمين وسكبت قليلا من الماء ...نظرت إلى الساعة التي تشير إلى العاشرة والنصف ..لا يزال الوقت مبكرا لكن الجميع خلد إلى النوم ..ماإن جلست على الأريكة حتى رن جرس الهاتف ,نهضت بهلع فهي تكره المكالمات في أوقات كهذه لأنها تذكرها يوم ماتت والدتها
أسرعت برفع السماعة وإذا بصوت أنثوي يقول (هل كايت موجودة؟)
كان هناك ضجيج لكن دانييل سمعتها جيدا فأجابتها (للأسف كايت غير موجودة !)
قاطعتها المرأة بقلق (لكنني أريدها في موضوع . إنه عن رايان !)
رايان !
توقف قلب دانييل عن الخفقان ...مابه ؟
لم تدرك حدة صوتها وهي تسأل المرأة (رايان! ماذا حصل له ؟ هل أصيب بأذى ؟)
صمتت المرأة إزاء لهفة دانييل فأجابتها (لا ,ولكنه ....)
اتسعت عينا دانييل وهي تستمع للمرأة ...
نظرت دانييل حولها وقد كان المكان كخلية نحل ..لم تتوقع أبدا أن تدخل لهذا المكان في هذه الظروف ولكن ....
ازدردت ريقها مرتين وسحبت نفسا مرتعشا وتقدمت إلى حيث الاستعلامات والرجل ذو البزة الرسمية التي تخيف المجرمين .
(إنني أبحث عن رايان ويليامز ,لقد جاء منذ ساعة عندكم ,,)
أخذ الرجل يتصفح ملفا بعبوس متمتما (آه ,الطبيب المشاكس ..)
مشاكس!؟ لم تكن تعرف هذه الصفة عنه لكن الليلة وبعدما حدث هذه الكلمة تليق به ..
تنفست بعمق وقالت (أريد أن أدفع كفالته!)
هذا صحيح فهو في السجن وذلك لضربه أحد أقرباء مريض عنده ..حسب قول أليسون التي تحدثت مع دانييل على الهاتف ..كان رايان غاضبا جدا ..فاشتكى الرجل الذي ضربه رايان فأخذته الشرطة ..ارتأت أليسون والتي تعمل ممرضة معه أن تتصل بأخته ..
أغلق الشرطي الملف وقال(ألف دولار )
دفعت دانييل الكفالة ثم أخذها الشرطي حيث زنزانة رايان ..أحست بالخوف وهي ترى نظرات المجرمين تلاحقها وأخذت تفكر ..ياللهول ! إن رايان مع المجرمين ,لابد أنه يكاد يفقد عقله بالتأكيد لهذا
(إن صديقك محظوظ لخروجه بكفالة لأن الرجل تنازل عن القضية وإلا لكان عمل صديقك انتهى بالتأكيد ..)
دافعت عن رايان (إن رايان ليس متهورا ليضرب الرجل من دون سبب ..لابد أنه يستحق ذلك ..)
نظر إليها الشرطي ثم هز رأسه متابعا سيره ..إنها لاتهتم بما حصل للرجل الآخر بل برايان .يجب أن تخرجه من بؤرة الجحيم هذه ..
توقف الشرطي قائلا (هذا هو..)
تفاجأت عند رؤيته ,,فلم مذعورا أو خائفا بل كان مسترخيا مستندا على الجدار مغمضا عينيه وكأنه في نزهة في الحديقة ...
كانت لحيته النابتة تغطي وحهه المرهق وغير هذا كان في أفضل حال
فتح الشرطي الزنزانة قائلا (أيها الطبيب ,لقد دُفعت كفالتك !)
ابتسم رايان وهو لايزال مغمضا عينيه قائلا (آه ,أيها الشرطي كافانوغ .لطف منك ان تدفع كفالتي ..)
اندهشت من هدوء أعصابه فزاد إعجابها به .لم يهلع ولم يرتبك لموقفه أو لسمعته بل كان واثقا أنه فعل الأمر الصحيح .ياله من شجاع ..
تمتم الشرطي (لم أدفعها ,بل صديقتك فعلت .ولماذا أفعل وقد رفضت أن تتصل بأحد من عائلتك ؟)
أدار رأسه ببطء ثم فتح عينيه الثاقبتين الخاليتين من الخوف ورآها فقطب حاجبيه وجلس بهدوء
قالت (مرحبا رايان .)
نهض واختطف معطفه الأبيض وخرج من الزنزانة بكل برود لكن حاجبيه كانا سيلتقيان من كثرة تقطيبه
وقع الأوراق اللازمة هو ودانييل بدون أن يقول لها كلمة شكر ..عندما هم الاثنان بالخروج قال الشرطي لدانييل (أبعديه عن المشاكل ,مفهوم؟)
نظر رايان بحدة في وجه الشرطي ثم نظر إلى دانييل التي ابتسمت قائلة (لاتقلق ,سأفعل )
خرج رايان قبلها واضعا معطفه على كتفه فأسرعت تلحق به
(ماذا تفعلين هنا؟)سأل بغضب
(أنقذك!) ردت بسخرية وأكملت (فمن كنت تتوقع ؟أبي؟ أم مورا؟ أو ربما الرجل الخارق؟)
حدجها بنظرة ارتعشت لها وقال (أسدي لي معروفا واركبي السيارة وعودي إلى البيت ..)
غضبت وودت لو تصفعه لكنه نظر إليها قائلا( كيف أتيت إلى هنا؟)
(سيارة أجرة !) أجابته باقتضاب مستاءة
اشتعلت نار في عينيه السوداوين خافت منها ثم مشى مبتعدا لكن قبل أن يقول (إنك أكثر حماقة مما ظننت !)
تبعته والغضب يملؤها فصرخت (أحقا؟)
أكمل طريقه قائلا بغضب (بل أنت غبية ,كيف تأتين في سيارة أجرة في هذه الساعة المتأخرة ؟لم لم تأخذي سيارة كايت أو حتى سيارة والدك ؟)
ردت بغضب (بما أن كايت أخذت مفتاح سيارتها ومفاتيح سيارة والدي في غرفته ولم أجد ضرورة لإخافتهما وبما أن تفكيري كان مشوشا لفكرة أنك في السجن فقد أسرعت لإنقاذك لكن الخطأ خطئي لأني ساعدت شخصا أنانيا وناكرا للجميل مثلك ,ليس لديه من اللباقة لكلمة شكر صغيرة ..آآه كم أتمنى لو تركتك تتعفن في بؤرة الجحيم تلك ..)
استدارت مبتعدة ما إن أنهت كلامها وهي تلوم نفسها لإنقاذه ,,وتكره أحاسيسها المرهفة التي جعلتها تسرع لنجدته فلو أنها جعلت والدها يذهب لما عانت هذا الإذلال ..
أمسكت قبضة ذراعها فتوقفت متسمرة مكانها وقد عرفت صاحب اليد ,,أدارها بكل هدوء قائلا (انتظري ..)
أخفضت عينيها لئلا يرى دموع القهر التي تجمعت مهددة بالنزول ,سمعته يتنهد قبل أن يقول (أنا آسف جدا ,صدقيني. أنا أعترف أنني أناني وناكر للجميل وغبي أيضا .فلم أدرك ما مررت به في سبيل إنقاذي ..سامحيني وشكرا على إنقاذي من تلك الزنزانة ..)
كانت خفقات قلبها تتزايد مع كل كلمة يقولها وإزاء لمسة يده على ذراعها لكن أصبحت تلك الخفقات كعاصفة هوجاء عندما رفعت عينيها لتلتقي بعينيه البراقتين المليئتين بالرقة والشكر ..لم تستطع التحكم في دقات قلبها فابتعدت عنه قليلا حتى لايسمع ضربات قلبها المجنونة
قالت بهدوء (لا بأس ,هذا ما يفعله الأصدقاء .عمت مساء .)
لم تخط خطوة حتى سمعته يقول (لم لا ترافقيني ؟ سنذهب في نزهة لأثبت لك شكري وامتناني وأسفي ..)
(ماذا؟) لم تتوقع هذا أبدا
أكمل لها (هذا أقل ما يمكنني فعله من أجلك !)
(هل جننت ؟نزهة ؟ وفي هذه الساعة ؟)
(أجل ,ولم لا؟ وفي النهاية أحتاج للهواء النقي بعد جلوسي في تلك الزنزانة!) بدا القرف على وجهه ..
قالت مازحة (لم يبد عليك الاعتراض ,فقد بدوت وكأنك في نزهة عند شلالات نياغرا ..) وابتسمت
علق متهكما (أجل ,ويالها من نزهة !) نظر إليها ثم أكمل (إذن ,ماقولك ؟)
نظرت إليه وهو ييمسك بمعطفه على كتفه والهواء يلعب بشعره ,,بدا غير مكترث للهواء الذي جعل دانييل ترتجف من البرد تحت معطفها السميك ..
هزت رأسها وقالت (أقول أنك مجنون ,كما أنني لاأعتقد أننا سنجد مكانا نذهب إليه )
(لاتقلقي ,فأنا أعرف هذه الأنحاء عن ظهر قلب وأحبها جدا ...)
ترددت وشعر بترددها فأكمل ساخرا (كما أنني لا أعض ,أقسم بهذا ..)
حدجته بنظرة (أشك في هذا ...) ومشت أمامه بذقن مرتفع ,,ابتسم لما قالت ولحق بها ...
&&&&&&&&
(إذا مارأيك حتى الآن ؟) قال حاملا أكياس الطعام ليجلسا على مقعد خشبي بجانب الكافيتيريا التي مرا بها ...
جلست دانييل وخلعت معطفها ..لم تكن تتوقع أن يكون بهذه البساطة والمرح فقد مشيا لمسافة طويلة حتى وصلا إلى الكافيتيريا تكلما فيها بدون انقطاع ..بدون توتر ..لم يصادفا تلك اللحظات الحرجة التي لاتعرف ما تقول فيها وكان كلا منهما يضحك لمزاح الآخر ...وعندما وصلا إلى الكافيتيريا المفضلة لديه ,أخذ يتكلم مع البائع ببشاشة وعرفها عليه واسمه أندريه ..كان رجلا في أواخر الأربعينات تقريبا ..باختصار كان رايان ساحرا ...
ابتسمت وهي ترتب المقعد وتتناول منه العصير وقطعة البرجر منه قائلة (حتى الآن أنا متأثرة ,لم أتوقع هذا منك...)
وضع يده على قلبه مازحا (آخ ..هذا يؤلم ...)
ضحكت (كف عن هذا ..)
(سأسامحك على هذا وعلى العموم أنت لم تري شيء بعد .فالأمسية لازالت في بدايتها ..سأجول بك في المناطق التي تعجبني وأنا واثق أناه ستعجبك ..)
أغاظته (قد لاتعجبني ..)
رد بثقة (صدقيني ,ستعجبك )
(يالك من متواضع )سخرت منه فالتقت عيناها بعينيه فانحبست أنفاسها ولم تستطع أن تشيح بوجهها ..دققت في ملامحه الوسيمة بدءا من عينيه وأنفه الجميل الارستقراطي ,ليس مثل أنفها الصغير الذي لطالما تضايقت منه ..
لقد تغير كثيرا عن الرجل الذي قابلته لأول مرة في نيويورك ليخبرها عن والدها ..أم أن شخصيته هذه كانت نائمة تحت ستار الرجل الغامض والعاشق المجروح والمراهق الغاضب ؟ لايهم هذا!
فهي ستحبه في كل حالاته ,ستحاول أن تخرج الغموض من داخله وأن تشفي جراحه بصداقتها معه ,فهي لن تكون له حبيبة أبدا وستهدئ من غضبه وتستمتع بشخصيته المرحة ..
رن جرس هاتفها المحمول ليعيدها إلى الواقع فارتبكت ونظرت إلى الشاشة فظهر شبح ابتسامة على وجهها وأجابت (مرحبا أليسون !)
راقبها معجبا وهي تتحدث مع أليسون ..كانت تارة تمسك عنقها أو تلعب بخصلة من شعرها وهي تتكلم مع أليسون .
كانت تقول (لاتقلقي ,لقد دفعت كفالته ..)وصمتت لتسمع ماتقوله أليسون فردت (لم أكن أعلم أنه مثير للمشاكل هكذا ..)وضحكت وحمرة الخجل تعلو وجهها منذ بدء المكالمة ...ومادام يعرف طبع أليسون كان يعلم أنها لابد أن تلقي بعض الأسئلة والملاحظات بشأن دانييل فتوقع أن تطلب من دانييل أن تتكلم معه ..
(إنه هنا !) سمع دانييل تقول فناولته السماعة
(مرحبا أليسون !)
(حسنا ,حسنا .مالذي يجري بينك وبينها ؟)سمعها تقول له فابتسم لصحة تفكيره فأليسون تعرفه منذ مدة طويلة فهي صديقة مقربة , وركز نظره على دانييل التي كانت تركز اهتمامها على عشائها بتركيز مبالغ فيه قليلا
رد مراوغا (لاشيء )
(اعترف أو سأجعل غريغ يفعل هذا ..)
(أتوقع هذا ,فهو خاضع لك يا عزيزتي ..)أغاظها وهو لايزال ينظر إلى دانييل التي كانت تنظر حولها محاولة ألا تنظر إليه ..
تابعت أليسون (آه فهمت ..لاتستطيع الكلام لأنها بجانبك ..فقط أجبني بنعم أو لا ..هل هي جميلة ؟) ساد صمت أمعن النظر في دانييل ..هي جميلة بشعرها المربوط إلى الخلف بارتخاء وعينيها الخضراوين الصافيتين ..في نظر الآخرين قد لا تعتبر مقياسا للجمال فصحيح أنها جميلة لكن .......
لايهمه رأي الناس فهي جميلة حتى لو ارتدت زي مهرج ..
(أجل !) أعلن بوضوح لأليسون
(هل هي شقراء ؟)
ضحك رايان عندها نهضت دانييل قائلة بهمس (سأذهب لأجلب المزيد من المناديل الورقية ) هز رأسه وراقبها تبتعد بخطوات رشيقة طفولية ..
قال لأليسون (أتريدين أن تعرفي شكلها ؟ إنها جميلة ذات شعر كستنائي نحاسي وعينان خضراوان وأنف صغير وفم رائع ..ضحكتها تذيب أوصالي ولاأدري لماذا ؟لكنها رائعة من الداخل كما من الخارج .تعزف البيانو مثل ملاك جميل ولاأدري مايصيبني عندما أكون معها !)
ساد صمت على الجهة الأخرى من الهاتف عندها قالت أليسون ( إنك تحبها أيها المجنون ! أخبرها بذلك ..هل تحبها ؟) كررت مستفهمة
(أعتقد هذا ...فإذا لم يكن الحب فلابد أني على طريق الجنون !)
(إذن لمَ لا ....)
قطع سؤال أليسون المتوقع (إنها قصة طويلة ومعقدة )
ساد صمت آخر من جهة أليسون التي عرفت بأن رايان لن يبوح أكثر من ذلك فغيرت الموضوع قائلة (لابد أنك تريد معرفة ما حصل مع كيث روبنسون..)
حاولت دانييل أن تتباطأ ليكمل مكالمته مع أليسون ..إن الفضول يقتلها لتعرف علاقته بأليسون ...بل الغيرة ..فهي لم تسمعه يتكلم عنها أبدا ..لكن منذ متى كان رايان يتكلم عن أي من أصدقائه معها ..فلولا كلوي التي لابد عرفت إعجابها به لما عرفت بموعدهما البارحة ..
أخذت المناديل وجلبت علبتين من المياه واتجهت إلى حيث كان يجلس ..بدا شارد الذهن مقطبا حاجبيه ....ماذا حصل؟
انتبه إليها وابتسم ابتسامة لم تصل إلى عينيه
قال لها (إن أليسون ترسل لك تحياتها ..)
ابتسمت وهي تجلس (شكرا ,تبدو لطيفة )
(إنها كذلك )قال ذلك ولم يمس طعامه فأكمل ناظرا إليها (إنها لطيفة وجميلة لهذا هي مخطوبة لغريغ صديقي !)
(غريغ ؟! صديقك الذي تذوق القهوة الشبيهة بالطين ؟)كررت مستفهمة
ضحك (أجل ,إنه طبيب نفسي وهي ممرضة في الطوارئ )
(هذا رائع ! إذاً هل عرف غريغ مغامرتك هذه الليلة ؟)سألت بمكر
ضحك (ليس بعد!) ثم صمت
انتظرت منه أن يكمل كلامه لكنه لم يفعل فقالت (ألن تقول لي مالذي وجعل الطبيب المتزن الأعصاب يفقد أعصابه ويضرب شخص ليتحول إلى طبيب مشاكس ؟)
تغيرت ملامح رايان بشدة ,,زاد سواد عينيه وتحول فمه إلى خط مستقيم صارم ..لقد أخطأت السؤال !
قالت بسرعة (انس سؤالي ! ماكان لي أن أسأل ,فهذا ليس من شأني ..)
(بل هو من شأنك ,خصوصا بعد أن دفعت كفالتي ..)رد بهدوء
صمتت دانييل بارتباك فأكمل (أتى إلينا فتى في الثانية عشرة من عمره ,كان مصابا بالتهاب في الأذن ..عندا أخذت أفحصه لاحظت أنه يعاني صعوبة في التنفس والحركة ..عندما سألته إذا كان يعاني من شيء آخر قال أنه بخير وقد بدا عليه الارتباك ..فارتبت في الأمر عندها قلت له أن يرفع كم قميصه وذلك بحجة أن أعطيه إبرة لكن أردتُ فقط أن أعرف إن كان يتعاطى الممنوعات وهي تسببت في ذلك ..لكن بدلا من آثار الحقن رأيت آثار أخرى ..كلن هناك كدمات كثيرة صغيرة على طول ذراعه بدا أنها منذ أسبوع وعندما سألته قال أن يصاب بالكدمات بسرعة ..) صمت ليأخذ نفسا عميقا يهدئ من أعصابه المتوترة ثم تابع (لم أرغب بالضغط عليه لأن والدته أتت وحتى لايهرب الفتى تابعت الفحص فطلبت منه خلع قميصه لأستمع إلى تنفسه ..كانت حجة أخرى لأرى المزيد من الكدمات ..وفعلا رأيت الكثير ..)
صمت مرة أخرى والغضب يتزايد على ملامح وجهه (لقد هالني مارأيت ,لم تكن كدمة عادية أخرى ,,بل كانت علامة الحذاء على ظهره ..هل تعرفين شكل الحذاء عندما تمشين على الرمل وينطبع شكله ؟ لقد كانت هكذا ..فظيعة ..سألته بكل هدوء من فعل ذلك فتهرب من الأجابة إلى أن أقنعته بأني لن أقول لأحد ..عندها فقط بدأ بالبكاء قائلا بأن زوج أمه هو من فعل ذلك ولم أشعر بنفسي إلا وأنا أشبع الرجل بالضرب إلى أن فرقنا رجال الأمن ..)
(لكن لابد أنك لم تضربه كثيرا لتسجن ؟ فلا أثر لقتال عليك ..)
(كان يجب أن تريني بعد أن ضربته كانت يدي مغطاة بدم من أنفه وعندما ذهبت لأغتسل جاءت الشرطة واعتقلتني !)
قالت باندفاع (هذا ظلم ! ألم تخبرهم عن اعتدائه بالضرب على الفتى ؟)
(لقد أبلغت الخدمات الاجتماعية ,لكنهم قالوا أن الصبي قال أنه من فعل أصدقائه فهم يمزحون مع بعضهم هكذا ..وأنكر ماقاله لي ..)
صدرت من دانييل شهقة ألم (وماذا حصل للفتى ؟)
(عاد إلى البيت لكنه رجع بعد ساعة مغطى بالدماء غائبا عن الوعي بعد أن ضربه التافه وهرب مختفيا عن الأنظار ..)
(ياللهول ! ) رفعت دانييل يدها إلى فمها لتمنع صرخة ..
(قالت أليسون بأنهم ينظمون له سريرا ليدخل مركز الخدمات الاجتماعية إلى أن يحلوا مشكلته ! )
(ماذا عن والدته ؟)
(إن والدته امرأة تافهة وضعيفة ..لتسمح لذلك المتوحش أن يضرب ولدها هكذا ! )
كان غاضبا جدا ..
ساد صمت قصير بينهما
(أنا آسف ! )
(لابأس أتفهم موقفك ..لو كنت مكانك لكانت ردة فعلي مثلك تماما ..إنني آسفة حقا من أجل الفتى الذي فقد براءته وطفولته في هذه السن المبكرة ..وآسفة من أجل الأم التي فقدت ابنها ..ماسمه ؟)سألت بهدوء
(اسمه كيث !) رد بهدوء
(أرجو أن يجد كيث بداية جديدة لحياته مجددا ..)
ساد صمت أكملا فيه عشاءهما بهدوء ..تأثر لتعاطفها مع قصة كيث بهذه الرقة ..
أكملا نزهتهما بهدوء فقد كانا متأثران لقصة كيث , كان الحديث بينهما يتناول العديد من الأمور كالكتب والموسيقى المفضلة والأفلام وأدهش الاثنان أن يكون لهما ذوق متشابه تقريبا ..
مرا بجانب العديد من المحلات الصغيرة فاستوقف دانييل كشك صغير لبيع الأزهار والورود ..توقفت تلقائيا لتشم بعض الأزهار .فلم ينتبه إليها رايان ..كانت رائحتها رائعة على الرغم من نهاية اليوم ..
(ماذا تفعلين ؟)كان هذا صوت رايان ..
ابتسمت فرفعت إليها غصنا من ورود التوليب الحمراء (أليست جميلة ؟)
(أظن ذلك ) تمتم مفكرا
(مرحبا !) كان هذا البائع الذي حيا دانييل ..كان في الستينات من عمره ذو لحية بيضاء وشعر أبيض رمادي (هل أعجبتك التوليب ؟)
(إنها المفضلة لدي !) كان هناك زهرتان متبقيتان من التوليب واحدة حمراء وواحدة صفراء ..(كيف تحتفظ بها منتعشة لآخر اليوم ؟)
(عزيزتي ,هذه أسرار المهنة ..)قال الرجل بفخر .
(هل تريدينها ؟)كان هذا رايان الذي أصبح قريبا منها فرأت لحيته الصغيرة والتي أسبغت عليه منظرا جذابا
(الأزهار؟) سألت بغباء
(أجل ! سنشتريها ) أخذ يتكلم مع البائع ويدفع له الحساب ,لقد كانت ممتنة جدا لرايان وشعرت بالانتعاش لراحة الأزهار والورود الجميلة فأخذت تقول (لقد قرأت مقالا عن سيدة هولندية تزرع الأزهار ,لقد قالت أن كل نوع من الأزهار يمثل مناسبة معينة فالتوليب والروز تلائم مناسبات الحب أما بين الأصدقاء فتفضل زهور الأكاسيا والجيرانيوم أما إذا كنت تريد التعبير عن إعجابك بشخص في إطار العمل أو الزمالة فتفضل زهور عباد الشمس فهي توحي بشخصية قوية وبها ملامح وضوح وتعيش طويلا وبها جمال أيضا أما إذا أردت الاعتذار من شخص أخطأت في حقه فالأفضل هي زهور اللوتس والماديلايف )صمتت لتجد رايان ينظر إليها بدهشة وإعجاب والبائع كذلك فاحمر وجهها خجلا وتمتمت (أنا ........لقد ثرثرت كثيرا ......أليس كذلك ؟)
(لا ,أبدا ....لقد كنت ....) وعجز البائع عن قول المزيد ..
فأكمل رايان برقة (مثيرة للإعجاب ..كما هي حالك دوما )
ثم التفت إلى البائع وقال (هل بقي لديك عباد شمس ؟)
(أظن بقي واحدة )
(والجيرانيوم ؟) سأل رايان فاتسعت عينا دانييل
(مالذي تفعله ؟)
(أبدي إعجابي بزهرة عباد الشمس ,فهي تشبهك والجيرانيوم لأننا أصدقاء )
كان مبتسما عندما أعطاه البائع الباقة الجميلة فناولها لدانييل
(شكرا ..) تمتمت خجلة .إن هذا أجمل مديح سمعته في حياتها ..
(لا شكر على واجب ..هذا مايفعله الأصدقاء ..خصوصا بعد دفع ألف دولار كفالة ..)أكمل مازحا ..
أكملا طريقهما إلى المنزل ..ودانييل تشتم الأزهار بين الفينة والأخرى ..عندها مرا بحلبة تزلج ,كان هناك أربعة أشخاص يتزلجون مستمتعين فأخذا يراقبان المشهد ورذاذ الهواء البارد يتلاعب بين المتزلجين ..
(أمسك هذه ) قالت له دافعة بباقة الورود نحوه وقطعت طرقها نحو الحلبة
(إلى أين ؟)
استدارت قائلة (يجب أن تستمتع بنهاية الشتاء ,فهي أحلى الأيام ..)
وركضت لتستبدل حذاءها بحذاء التزلج فاقترب رايان من الحلبة وراقبها تتزلج بعذوبة وطفولية رافعة وجهها إلى السماء .
أشارت إليه (هيا ,انضم إلي ! )
(أوه ! لا ! ) هز رأسه نافيا
اقتربت من المكان الذي يقف عنده فتطاير الجليد من حذائها وقالت (هيا ,تعال . مابك ؟)
(أنا لاأتزلج ! فأنا لاأعرف كيف أتزلج ..) اعترف مكرها
رفعت يدها إلى فمها في صرخة مسرحية وهزت رأسها (ياللعار ! )
(هذا مضحك جدا يا داني )
( حتى الأطفال الصغار يستطيعون التزلج ..أما أنت ..) هزت رأسها بحسرة
حذرها (كفي عن هذا ..وإلا سحبتك من الحلبة ..)
أخرجت لسانها مغيظة وقالت (لن تستطيع ,فأنت لاتعرف التزلج ...)

(داني ! )
(لابأس ,جيد أنني عرفت أنك لاتستطيع القيام بشيء واحد على الأقل فهذا يكسر صورة رايان ويليامز الكامل *الطبيب المشاكس * )ضحكت لملامح وجهه الوسيمة الضاحكة لكنها تعثرت بحذائها فوقعت على الجليد واستلقت هناك لحظات مغمضة عينيها ,شعرت باندفاع للهواء ورائحة عطرة ,,كان اندفاع رايان لمساعدتها
(دانييل ؟) كم تحب سماع اسمها منه
(دانييل ...هل أنت بخير ؟) كان صوته مليء بالقلق
(آه !) تأوهت للألم الذي أصاب ظهرها جراء السقطة ..لكنها لم تلبث إلا أن أخذت تضحك مقهقهة
(أيتها الحمقاء!)
(آسفة ,لكن تخيلت نفسي أتباهى بمهاراتي وإذا بي أقع ..)وعادت تضحك مرة أخرى ,,مالبث ان بادلها الضحكات ..
سألها بعد لحظة باهتمام (أجل ,لاتقلق )
(لاأظن اني سأكف عن القلق قبل أن أرى صورة رأسك بالأشعة )
(أوه ! لا! ) فنهضت مثبتة له أنها بخير
(دانييل ؟)
(رايان ,إنك داخل الحلبة ..هذا إنجاز !) صرخت سعيدة ..أماهو فلم يبدو سعيدا على الاطلاق فقد نهض بخطوات حذرة وكأنه طفل يتعلم خطواته الأولى ..كاد أن يقع فأمسكت بيده وقالت بسخرية وتهكم (لا تقلق ,ماما هنا )
(داني!!!) حذرها بغضب فضحكت وقادته إلى خارج الحلبة ثم خلعت حذاء التزلج ولبست حذاءها ..وقالت (لقد كانت تجربة رائعة بالنسبة إليك ..)
(أجل ! وسأتذكرها دوما )رد متهكما
(أجل ! )
قال مصرا (يجب أن تذهبي إلى المستشفى غدا ..)
(حسنا ..أنا .....) ترددت فيما ستقول
فأصر (داني ,إن إصابات الرأس خطيرة ..)
(لكنني لم أضرب رأسي ,بالإضافة إلى أنني ..)
(داني ؟)
(هل بإمكانك أن تدعني أكمل كلامي ؟ أرجوك !)
ساد صمت فقالت (شكرا لك ,كنت أريدك أن تجري تحليل دم بشأن الأمراض الوراثية ..من أجلي ..)
لم يقل شيئا ..
فأكملت بتوسل (للتأكد فقط ...)
(بالتأكيد ..)رد بهدوء ..
أكملا الطريق وعندما لاح المنزل من بعيد قالت (أظنني سأعود إلى نيويورك..) لاتعلم مالذي جعلها تقول هذا
(لماذا؟) سأل بهدوء ..
(لعدة أسباب ..منها وظيفتي وأن هذا المنزل ليس منزلي الحقيقي )
(بل هو كذلك ) عجبت لكلامه ..وكأنه يريد منها البقاء .
(كن واقعيا ! لدي حياة في نيويورك ويجب أن أعود بالإضافة إلى أن عطلتي ستنتهي ..) صمتت ثم أكملت ( وبالإضافة إلى أنكم لن تشعروا بغيابي وأشك بأن يشتاق إلي أحد ..فسوف آتي كل عطلة أسبوع ..)
ساد صمت فاعترف رايان (أنا سوف أشتاق إليك )
كانا يقفان في الحديقة عندما قال ذلك فالتفتت إليه بسرعة ووجهه يحدق فيها بتركيز بالغ ..ازدادت ضربات قلبها بقوة حتى كاد أن يخرج من مكانه ..
ياليت هذا الكلام صادقا حقا ..إنه يجاملني ..لكنه يبدو صادقا حقا
ضحكت لتخفي ارتباكها .(أشك في هذا )
(إنك لاتعرفين !) قال بغموض فقطبت حاجبيها
وصلا إلى المنزل فقالت (شكرا على النزهة )
ابتسم وقال (شكرا على دفع الكفالة )
فضحكت (عمت مساء )
(عمتِ مساء )
وافترق الاثنين عند غرفتيهما ليفكرا في هذه الأمسية الاستثنائية ..الرائعة ..المذهلة ..
&&&&&&&

http://im32.gulfup.com/56337.png[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

-Bill 03-02-2013 10:41 PM

الــبـارت يخطف الأنفاس
ويوقف القلوب بجماله الأخاذ
أرجو أن تكمليها في أقرب
فــرصـــة

قلب الياقوت 03-02-2013 11:15 PM

[frame="9 80"]البارت رائع ,بس مسكين وليام اه اه اه اه ودانييل
بس هو ايضا احمق وغبي
حسنا بانتظار البارت القادم وشكرا[/frame]

*zozo* 03-03-2013 12:00 AM

قصه رؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤعه
كممممممممممممممممممملي والا بموتك

roxan anna 03-03-2013 12:05 AM

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/28_01_14139094023593441.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
http://im32.gulfup.com/sSIFo.png


الفصل الحادي عشر .....

بطــــــــلتي الـــــــعزيـــــزة .....

(هاأنت هنا ! كنتُ أبحث عنك ) دخلت كايت المطبخ ثم جلست إلى الطاولة حيث كانت دانييل تقرأ الصحيفة الصباحية ..
(وأين سأكون غير في المنزل ؟) ردت دانييل متابعة القراءة
التقطت كايت تفاحة من سلة الفواكه ..وقال مقتربة من دانييل (لقد عنيت البارحة ,لم أجدك في غرفتك عندما عدتُ البارحة ..لقد قلقت عليك ..)
(لقد كنتُ في نزهة ) وقع نظر كايت على باقة رايان
(ماأقبح هذه الباقة ,إنها غير مرتبة أبدا ...لابد أنها من ديميتري. هذا الرجل لايتمتع بذوق أبدا ....لاتقولي أنك كنت معه البارحة؟؟؟)
وضعت دانييل الجريدة بهدوء لترى رد فعل كايت على ماستقول وقالت بكل هدوء (إنها من رايان !)
ساد صمت في المطبخ ,كانت كايت فاغرة الفم وملامحها تنبئ بالصدمة قالت ( ياإلهي ! هل تقولين أنك كنت مع رايان البارحة ؟)
(نعم ! )
صرخت كايت بفرح ثم احتضنتها قائلة (ياله من خبر جميل ويالها من باقة جميلة ..لكن كيف ذهبتما ؟ ألم يكن لديه مناوبة البارحة ؟؟)
(بلى ! ) ثم صمتت ..كانت جدا مرتبكة وخجولة ..وأيضا لم تكن تريد أن تأمل كثيرا ..لكنه هو من يجعلها تأمل ..لقد كان لطيفا وساحرا ومذهلا ليلة البارحة ..سواء عندما أخبرها بقصة كيث أو عندما اشترى لها باقة الورد وفي حلبة التزلج ..لقد كانت تصرفاته مثل تصرفات

الــــــــــــــعــــــــاشــــــــق ؟!!!

نعم مثل تصرفات العاشق , لكن هل يعقل هذا ؟ وماذا عن كلوي ؟
(بلى ؟ بلى فقط ؟ أخبريني ماذا حصل يا فتاة ؟)
تنفست بعمق وقالت (حسنا ,في الواقع تلقيت اتصالا .......) وشرحت باختصار مغفلة تفاصيل دقيقة مثل التي مرت بهم عند بائع الأزهار وأغفلت ذكر باحة التزلج ..إنها لاتريد أن تشجعها كايت على الحلم بما هو صعب المنال ...
وذكرت لها قصة كيث فعلقت كايت (ياله من صبي مسكين ! )
(أجل ,لذلك تجدين أن الجانب الرومنسي الذي تفكرين فيه ليس موجودا فقد كان رايان منزعجا وأراد التنفيس عن غضبه ليس إلا ...)
صمتت كايت قليلا فارتاحت لأنها استطاعت إقناعها لكن راحتها لم تدم طويلا لأن كايت قالت (كان بإمكانه أن يتنزه لوحده ويرسلك إلى البيت في سيارة أجرة ...) ونظرت إليها نظرات ذات معنى ماكر
(كايت ,,لاتـ.........) بدأت دانييل في التراجع وأحست بالمنطق في كلام كايت ,كان بإمكانه أن يرجعها إلى البيت ويتنزه لوحده لكنها قالت (لقد أراد أن يعتذر عن فظاظته معي ..)
(كلمة اعتذار تكفي وليس نزهة ,ألا تظنين هذا ؟) ساد صمت في المطبخ وودت لو تخنق كايت على تعليقاتها المنطقية ..فماذا يحصل في رأس رايان ؟ هل ياترى يخدعها أم ماذا ؟ لا يمكن أن تتحول مشاعر البغض نحوها إلى حب عاصف ؟؟
(أنت تحبينه ! ) كان هذا تصريحا من قبل كايت وليس سؤالا فأكملت (اعترفي !! )
تأوهت دانييل بعمق وقالت (أجل , أنا مغرمة به .....لكن ....لكنني خائفة!)
كانت كايت ستقول شيئا لكن والدها دخل المطبخ مبتهجا ..(صباح الخير عزيزتيّ )
(صباح الخير ) ردت الاثنتان التحية ثم دخل روبرت ومعه مورا وتبادلوا الأحاديث لكن دانييل لم تكن معهم ..تكلموا عن الحفلة المقامة غدا والتي تقيمها مورا على شرف شفاء جوناثان وقدوم روبرت ..
قالت دانييل (أي حفلة ؟ )
نظرت إليها كايت وقالت (هل نسيت الحفلة التي تقيمها عمتي من أجل عمي جوناثان وجدي ؟)
ثم أكملت كايت بتقطيبة (يبدو أنك نسيتها ! )
ابتسمت بتعب ( أجل ,لقد نسيت تماما ..)
(الرقصة الأولى لي يادانييل ..) قال والدها ممازحا ..
(وأنا من بعده ! ) رد روبرت بحماس فضحك جوناثان وروبرت وبديا كأنهما صديقين عزيزين ..
(بالطبع , لكن رقصتان فقط ..) شاركتهم دانييل ...
(دانييل ؟ )
(نعم؟) كانت هذه روزيتا التي دخلت المطبخ قائلة (مكالمة لك ..إنه رايان)
رفرفت بجفنيها ...لم تتوقع المتصل ..ظنت أنه ترافيس ..نظرت إلى الجالسين ,,فوجدتهم يتبادلون الأحاديث ونظرت إلى كايت فكانت تصغي بانتباه لشيء يقوله جدها ..
خرجت من المطبخ وهي تشكر حظها أنهم لم يلاحظوا ارتباكها ...لكن مالاتعرفه هو أنها بمجرد خروجها ..أخذ الجميع يتبادل النظرات والابتسامات الماكرة ....
(آلو ؟) قالت بحذر ...
(داني ؟) جاء صوته إليها عبر الأسلاك فكان عميقا مطمئنا وفيه تلك اللكنة الايرلندية الخفية التي تعشقها فاقشعر جسدها ..
(مرحبا يا رايان , هل ضربت أحدا آخر اليوم ؟) رأت أن أفضل وسيلة لتخفي فيها ارتباكها هو السخرية ..
ضحك قائلا (مرة واحدة في السنة تكفي ,توقعي مني اتصالا في السنة القادمة ...) ضحكت لمزحته ...
(بالنسبة إلى ماأخبرتني به البارحة ,بإمكانك القدوم اليوم معي لنقوم بالتحاليل اللازمة ..) اكتست ملامحها الجدية وقالت ( بالطبع , هل آتي الساعة الثالثة عصرا ؟)
صمت قليلا وسمعت صوت حفيف الأوراق التي لابد يتصفحها ثم قال ( تبا ,لدي اجتماع الساعة الثانية والنصف ولن ينتهي حتى الرابعة والنصف ..هل بإمكانك القدوم في الخامسة إذن ؟ هل يناسبك؟)
(بالطبع ., فلن أذهب لمكان آخر !! )
(حسنا .) ساد صمت ثم قال باهتمام (هل أنت بخير ؟)
(بالطبع أنا بخير . لماذا ؟)
(صوتك غريب ! ) أغمضت عينيها وقالت في نفسها ..*كف عن تعذيبي *
(ربما لأنها المرة الأولى التي نتكلم فيها على الهاتف ..) (ربما .....)صمت قليلا ثم قال (حسنا ,أراك في الخامسة إذن ! )
(إلى اللقاء )
(دانييل ؟) ناداها قبل أن تغلق السماعة
(نعم! )
(لاتأت بسيارة أجرة, دعي كايت توصلك إلى الشركة .مفهوم؟)
ضحكت وقالت (إنك تبدو مثل أمي )
(على أحد ما أن يرعاك ! هل ستفعلين ؟)
صمتت ثم قالت (سأفعل , على الرغم من أنني امرأة ناضجة وأستطيع الاعتناء بنفسي ...)
(تجادلين حتى آخر لحظة !) علق ساخرا ..
(بالطبع ,فهذا واجب علي كامرأة !)
(دانييل ,سأقفل السماعة قبل أن تتحول المكالمة إلى ندوة من ندوات حقوق المرأة في العالم ..)
(مضحك جدا همينغواي ...)
انفجر ضاحكا قائلا ( إلى اللقاء يا دانييل ! )
(إلى اللقاء ! ) ووضعت السماعة مبتسمة فرأت كايت تراقبها مبتسمة بمكر وقالت (إنكما أحمقين !)
&&&&&&
(تبدو سعيدا اليوم !!) قالت سكرتيرته عندما أقفل السماعة وطلبها عبر الهاتف الداخلي أن تأتي إليه ..فتح إحدى الملفات بينما جلست سكرتيرته إلى إحدى المقاعد ليراجعا المواعيد والاجتماعات المقررة لليوم ..
(تتكلمين وكأنني كنتُ متجهما طوال الوقت !!) مازحها ..
كانت دون هدسن في الثانية والأربعين ..أم لتوأمان صبي وفتاة وأرملة منذ أربعة أعوام ...كانا –دون ورايان _متفاهمين جدا ...
قالت ( حسنا ,لقد كنت متجهما وذلك طوال استلامك العمل منذ حوالي السنة والنصف ..لقد كان الموظفين يخافون منك ...)
(إنك تمزحين ! ) لأول مرة يعرف هذا ..
(ألم تعلم ؟لقد كان على ملامحك لا مبالاة وثقة بالنفس في نفس الوقت وكأنك تقول *احذروا ...ممنوع الاقتراب ..) ,بالطبع وجدت الموظفات هذا عاملا جذابا أما الموظفين فكانوا يخافونك ...صحيح أنك لاتعاملهم بغلظة لكن هناك حزم وصرامة في تعاملك مع الجميع مما جعلهم يعملون بضعف لإرضائك ...)
رد بدهشة (لاأصدق أنك لم تخبريني هذا من قبل ...)
هزت كتفيها وقالت ( من جهتي ,كنتُ لاأخافك لأنني استطعت أن أعرف ما خلف تلك اللامبالاة والجمود في تصرفاتك ...لقد كنت تهتم بالناس لدرجة أدى ذلك إلى جرحك جرحا بالغا ...) نظرت إليه بتعاطف ..فقد كانت من القلة القلائل اللذين يعلمون بما حصل له مع صوفيا ,,لأنها كانت تساعد الفريق الذي جمعه رايان لكشف حقيقة صوفيا المزيفة ...وكانت دون خدومة وكتومة ..
ابتسم لها وقال ( إنك سكرتيرة عظيمة ...)
(مارأيك بعلاوة ؟) مازحته ..
(طماعة ! ) ضحك ثم سألها عن إحدى المواعيد المسجلة في المفكرة ..وعندما أجابته صمتت ناظرة إليه ....هناك شيء غريب في رايان ,إن عينيه تلمعان بحماسة وتشوق لم تر مثلهما طوال فترة عملها معه ,حتى عندما اكتشف حقيقة صوفيا لم يفرح لبراءة اسمه وكأنه انتهى من هذه الحياة ,,أما الآن فهو يكاد يقفز فرحا من مقعده لكثرة السعادة والبهجة في نفسه ..لقد اعتبرته مثل شقيق لها أو حتى ابنها مالكولم ..
(هل هو شخص مميز ؟) سألته وفي عينيها نظرة متسائلة ..
نظر إليها وكأنه عرف عمن تتكلم فقال (مميز جدا ..) لقد كان في صوته سعادة وثقة ووضوح ..فابتسمت له والدموع تتجمع في عينيها وقالت (تهاني ,إنك تستحق كل السعادة يارايان ,,)
بادلها الابتسام وقال مازحا ( هل هذه طريقتك في نيل العلاوة يادون ؟)
عبست في وجهه فضحك عندما قالت( ربما! )
مر اليوم ببطء شديد , أحس بالرغبة في أن يكون لديه عصا سحرية ليجعل الوقت يمر بسرعة أكبر ...
تنفس الصعداء عندما خرج من غرفة الاجتماعات ..نظر إلى ساعته الفضية ..الرابعة والنصف تماما ..لديه نصف ساعة إلى أن تأتي دانييل
رباه! كم يشعر بالسعادة لرؤيتها ..كانت غرفة الاجتماعات تفتح على غرفة مكتبه ..جلس على كرسيه لكنه مالبث أن نهض بسرعة من مقعده ثم فتح الباب ليطل على سكرتيرته التي قالت (مابك ؟ لقد أفزعتني ! )
(ابنة جوناثان الكبرى ستأتي في الخامسة ,أدخليها فور وصولها ..من فضلك ! ) ثم أقفل الباب بالسرعة نفسها ..قبل أن يتسنى لدون أن تسأل عن اسمها ,,,إن الرجل مجنون بحق !!!
%%%%%%
ترجلت دانييل من السيارة ,فلوحت لها كايت وانطلقت .
انتبهت دانييل إلى البناء الذي توقفت عنده ..كان مبنى رائعا من الرخام الرمادي اللامع على الواجهة وباب زجاجي ينفتح تلقائيا كتب عليه *شركة باركر _ويليامز للأدوية * لم تتوقع أن يكون البناء بهذه الضخامة ..
أحست بالفخر كونها ابنة أحد مؤسسي هذه المؤسسة الرائعة ..دخلت إلى البهو الرائع الذي تتدلى من سقفه ثريا عملاقة ..فتشوقت لرؤية المزيد من الشركة ...
توقعت أن تلتقي برايان في البهو لكنها فوجئت عندما أعطاها عامل الاستقبال بطاقة زوار وقال لها أن تصعد للطابق الثالث ,صعدت بالمصعد وهي معجبة باللون الدافئ للمصعد ..ليس مثل معظم المصاعد الشبه مظلمة ...
انفتحت الأبواب فظهر أمامها بهو آخر لكن أكثر جمالا وروعة من بهو الطابق الأرضي ..فهذا براق ودافئ ويوحي بالانتماء والراحة ...
(آنسة باركر ؟!) دهشت عندما سمعت اسمها فوجدت أن عاملة الاستقبال في الطابق الثالث هي من يناديها ...فأكملت ( اسلكي هذا الطريق ثم اتجهي يسارا وستجدين مكتب المدير أمامك ..)
(شكرا ..) في طريقها رأت الجميع يعمل بجدية ..وصلت إلى وجهتها ,,كانت هناك سكرتيرة تعمل بجد على آلتها الكاتبة وفي الوقت نفسه كانت تجيب على الهاتف ..انتبهت إلى دانييل فابتسمت ودعتها بصمت إلى الجلوس بينما أجابت المتكلم على الطرف الآخر ..جلست دانييل وجالت بنظرها على المكتب ..كل مافي هذا المكتب يوحي بالراحة ..
(إنني آسفة ! كان يجب أن أنهي المكالمة .أنا دون هدسن ) كانت السكرتيرة قد مدت يدها لدانييل مصافحة فصافحتها دانييل قائلة (لابأس ,أنا دانييل باركر ...تشرفت بلقائك ..)
(لي الشرف , علي أن أقول بأنك لاتشبهين والدك ..)
ارتاحت دانييل لهذه المرأة ..فقد كانت ودودة ..ابتسمت دانييل قائلة ( أنت الأولى ,الكل يقول أني أشبهه ..)
تمعنت دون في ملامح دانييل ثم هزت رأسها (كلا , تشبهينه في عينيه فقط ) تمتمت دانييل بالشكر ..
(على أي حال ...) استدارت دون حول مكتبها وأكملت ( يجب أن تدخلي لرايان وإلا سيوبخني ..) فتحت الباب وأشارت إلى دانييل بالدخول بصمت..
هناك رأته بين أكوام من الملفات ..مقطبا حاجبيه باديا بغاية الوسامة والجاذبية ..كان يتفحص إحدى الملفات عندما قال ( دون , هل لك أن تتصلي بالبيت لتري مالذي أخر دانييل ؟) لم يرفع رأسه ليرى من دخل فابتسمت المرأتان وخرجت دون بهدوء مغلقة الباب فقالت دانييل (لاداعي لذلك سيدي )
رفع رأسه بحدة عندما سمع صوتها فقد خيل إليه أنه أصبح يتخيلها صوتها ..لكنها هنا بمعطفها الكحلي تقف مبتسمة ..
كان ينتظرها على أحر من الجمر وقد قلق عندما تأخرت قليلا ..
(مرحبا ) لوحت له بيدها فاستجمع رباطة جأشه وود لو يخنق دون لوضعه في هذا الموقف الحرج ...
(مرحبا دانييل ..) نهض من كرسيه متقدما إليها ...
اشتعلت الغرفة بجو من التوتر الغير مريح ..وكأنها نوِّمت مغناطيسيا وذلك لرؤيته يتقدم نحوها وفي عينيه تلك النظرة التي تجعل قلبها يتسابق مع الريح ..توقف على مقربة منها ..وضع يديه في جيبيه ثم قال (كيف حالك؟)
(بخير ,لاأظن سيطرأ شيء خلال الساعات التي تلت مكالمتك )مازحته شاعرة بتوتر شديد ...
نظر إليها بشعرها المنسدل والذي زاد طوله خلال هذين الشهرين فأصبحت أطرافه تستريح على كتفيها ..كان يعلم أنها تشعر بتوتر وذلك من نظراتها التي أخذت تدور في أنحاء المكتب متجنبة نظراته ...
قالت (مكتبك جميل ! )
(شكرا , لكن الأصح القول هو أن مكتب والدك جميل فقد أمضى فترة أكثر مني هنا ولم أغير شيئا في الأثاث ..) صمت ثم قال (تفضلي بالجلوس)مشيرا إلى المقاعد الفاخرة مثل بقية أثاث المكتب ...
شكرته وخلعت معطفها ,ارتدت كنزة رمادية وبنطال أسود ..تأمل بساطة لباسها ..فارتبكت وغضبت لارتباكها ...
عند ذلك دخلت _دون_ بصينية عليها كأسين من القهوة ..امتنت دانييل لدخولها البريء ..تناولت الكأس من _دون_ التي قالت (كيف حال والدك؟)
(إنه بخير ,شكرا لك .) ردت دانييل ثم شربت قليلا من العصير ...
(كم اشتقت إليه ! ) قالت _دون_ بنبرة حزينة ..كانت تتكلم عن جوناثان وكأنه والدها ...أحست دانييل بالحزن في نفسها ..لقد مس والدها حياة كل شخص في حياته وحياة كل فرد في الشركة لكن الشخص الوحيد الذي لم يصل إليه هذا التأثير هو ابنته ...فبسبب تهور والدتها واستسلام والدها ..خسرت الكثير في حياتها ..حنان الأب .....والثقة في الحياة .. الثقة في وجود ما يسمى الحب الأبدي ..والعيش مع الحبيب إلى الأبد ..
تابعت _دون _ كلامها بدون أن تدرك حزن دانييل الذي أخفته خلف ابتسامة (لقد كنتُ أجلب له القهوة كل صباح ,وأعرف متى يكون في زاج جيد لرؤية الزبائن ..)
استمرت _دون _ في الكلام إلى أن رن جرس هاتفها فاستأذنت ثم خرجت ..لم يتكلم رايان بعد خروجها ..لقد لاحظ شحوب دانييل مع لمحة من الحزن على وجهها الجميل ..ماذا جرى لها ؟ لقد لاحظ أن عينيها اغرورقتا بالدموع خلف ابتسامتها الواسعة وتحولت عيناها الخضراوان البراقتين إلى بركة من الدخان الرمادي ..
وضعت الكأس بيد مرتجفة وتصنعت المرح قائلة (هل نذهب الآن ؟)
نظر إليها رايان متفحصا ثم قال بهدوء ( جاهز عندما تكونين مستعدة )
قالت ناهضة تلبس معطفها (أنا مستعدة )
(لنذهب إذاً )
أحست بالرغبة في التقيؤ ..لقد كانت خائفة حتى الموت ..خائفة أن تخسر مستقبلها ..لقد خسرت طفولتها ومراهقتها من دون والدها ولاتريد المزيد من الأحزان في حياتها التعيسة ..ساد صمت في السيارة ..نظر رايان إلى جانب وجهها لقد كانت خائفة حتى الموت ويعرف هذا ولايلومها فهو يشعر بالقليل من الخوف ..نظر إلى يديها المضمومتين في حجرها ..كادت أن تقطع سير الحقيبة من كثرة الضغط عليه ..كانت تنظر إلى الأمام بتوتر ومتأكد من أنها لاترى شيئا ..
مد يده إلى يديها وضغط عليها مطمئنا (كل شيء سيكون على مايرام .)
أجفلت ونظرت إلى يده ثم نظرت إلى جانب وجهه ..أحست بأنها على شفير البكاء ..قالت بصوتها المهزوز (كيف تكون متأكدا من هذا ؟)
ترك يدها وأمسك المقود قائلا ( أنا متأكد يا دانييل ! )
أحست بالغضب يتصاعد فقالت ( وكيف هذا ؟ أخبرني ! أنا لاأريد لهذا أن يحصل لي الآن ليس بعد أن وجدت والدي وليس وأنا ........)صمتت وقد كادت أن تقول *ليس وأنا مغرمة بك !* لكنها تابعت بهدوء (لقد كنتُ أنتظر لقاء أبي بفارغ الصبر فلاأريد لشيء أن يفسد فرحتي ..لاأريد لشيء أن يفرقني عنه كما فرق والدتي عنه ..لاأريد أن أبدو كالبلهاء والناس يتكلمون عن ذكرى جميلة مرت في حياته وأنا لاأعرفها ,,,لاأريد هذا !) همست بالجملة الأخيرة بأسف وهي تكاد تستسلم لنوبة هستيريا...
لم يقل رايان كلمة وقد توضحت له الأمور ...لقد كانت منزعجة في المكتب لحديث _دون _ الودي عن جوناثان فشعرت كالدخيلة ..إن هذه المرأة هي طفلة من الداخل ..طفلة حزينة ومهمومة بحاجة إلى الحب والحنان ...
(لقد قال والدكِ أن أمك أخذتك إلى عيادة وكانت النتائج سلبية لذلك أنا متأكد أنك لاتحملين المرض لأن الأعراض لم تظهر عليك فأنا أعرف التشخيص وقد عرفتكِ دانييل ,من المستحيل أن يكون لديكِ هذا المرض الوراثي ..ثقي بي ! ) طمأنها لكنه شعر أنها مازالت خائفة ..
ساد صمت في السيارة ..كانا يقتربان من المستشفى ...
(رايان ؟) نادته هامسة ...
(نعم! )
(هل تؤمن بالحب ؟وبفكرة أن تجد توأم روحك وشريك حياتك ؟هل تصدق بوجود هذا ؟)
لم يتوقع أبدا السؤال ..توقفوا عند إشارة سير فقال رايان (مالذي جعلك ِ تفكرين في هذا ؟ ) نظر إليها فوجدها تنظر إليه بعينين ذابلتين ..لأول مرة يرى عينيها هكذا ..خالية من البريق الذي يحول عينيها إلى قطعتين من الزمرد اللامع ..
أشاحت بنظرها وقالت متنهدة (لقد كنتُ أفكر ..لم يخطر في بالي هذا الأمر من قبل ..أما الآن وأنا أرى حياتي مهددة ..أريد أن أعيش هذه الأشياء .)
(الحب ؟ وتوأم الروح ؟) قال مندهشا ...
(أجل , لقد عرفت أمي الحب لكنه ضاع منها ..وشاهدتها كل يوم تتعذب وأشعر بالحزن في عينيها عندما ترى زوجين سعيدين ..هل وقعت في الحب من قبل ؟) سألته هذا فأجفل ...لم يتوقع سؤالها أبدا .فقد أدرك شيئا واحدا وهو أنه على الرغم من ظنونه بأنه وقع في حب صوفيا فهو متأكد أنه لم يحبها ..فهو يحب دانييل ..لأنه لم يشعر في حياته تجاه امرأة بالذي يشعر به مع دانييل ..انطلق بوق سيارة خلفه ..فأدرك أن الإشارة تبدلت إلى الخضراء ..استجمع نفسه وانطلق بالسيارة ولم يقل شيئا ...
(أنا آسفة ,لم يكن من حقي أن أسأل ! )
حمقاء!
عنفت نفسها ..مالذي جعلها تتفوه بهذه الأشياء ؟ أين كرامتك يا فتاة ؟ لكن قد أكون على شفير الموت ..أغمضت عينيها خائفة ...
سمعته يتنهد فقال (لا! )
فتحت عينيها ونظرت إلى جانب وجهه فأكمل (كلا ,لم أقع في الحب .ظننتُ أنني فعلت لكن ذلك لم يكن صحيحا ..)
سألته قائلة (هل أطلب منك شيئا ؟)
(بالطبع ! )
(عندما تجد المرأة التي تستطيع أن تقضي حياتك كلها معها ,فافعل مابوسعك لإسعادها ...) كانت تعرف أن من المستحيل أن تكون هي تلك المرأة ....
اندهش من طلبها ومن عدم فضولها لمعرفة المرأة التي أحبها ...هل هذا يعني أنها لاتهتم له ؟ أو لاتبادله مشاعره ؟ غضب من الاحتمالين فقال ( بالطبع سأفعل )
توقفا عند المستشفى فقالت (شكرا لك ! ) ثم أكملت مازحة متوقعة أن يبتسم (لقد أرحت بال امرأة على وشك الموت ..)
لكنه غضب فقد خرج من السيارة قائلا (كفي عن قول هذا !) ثم صفق باب السيارة ..رأته يستدير حول السيارة ليفتح لها الباب وقد بان الغضب على ملامحه الغضب ..غضبت هي أيضا لغضبه الغير مبرر ..ففتحت الباب قبل أن يصل وخرجت صافقة الباب هي الأخرى ...
&&&&&&&
ماإن دخلا المستشفى حتى اختفى رايان فقد كان القسم مزدحما بالمرضى قال لها أن تجلس في غرفة الانتظار حتى يعود ..واختفى مع وصول إصابات بالغة من حادث على الطريق السريع ...
أدركت وهي تراقبه من بعيد محاولا إنقاذ السائق بأنه حقا يتمتع بموهبة عظيمة ويستمتع بعمله .إنه منقذ رائع ...
(دانييل ؟) سمعت صوتا مألوفا ,فنظرت إلى يمينها فوجدت امرأة متوسطة الطول ذات شعر أسود وعينان ذهبيتان ..كانت لأول مرة ترى هذه المرأة بلباس الممرضات ..قطبت حاجبيها ..
(أنا أليسون ! ) قالت المرأة بفرح ...
(ياإلهي لم أتعرف عليك . آسفة ! ) ردت دانييل بدهشة
(لاعليك ,ياإلهي ! إنك كما وصفك ِ تماما ..) إنها تعني رايان بالتأكيد لكن لماذا يصفها لهذه المرأة ! كان بإمكانه أن يقول لها أن تناديها وستعرف من تكون دانييل .....لكن .......
ردت دانييل مازحة وهي تتوق لمعرفة ماقاله رايان ( هل هو وصف جيد أم سيء ؟)
ضحكت أليسون وقالت (صدقيني ,إنه رائع !)
(أليسون ,نحتاجك هنا !) نادى أحد الأطباء فاعتذرت أليسون وذهبت ..فكرت دانييل مبتهجة أن رايان قال عنها شيئا جميلا وأما امرأة غريبة عنها أيضا ..ماذا يمكن أن يعني هذا ؟

(هل أنت مريضة؟)
كان هذا الصوت الطفولي بجانبها ...فالتفتت لترى فتاة صغيرة بعينين بنفسجيتين ووجه مليء بالنمش ..بدت في الخامسة من عمرها ولم يكن معها أحد ...فابتسمت دانييل (كلا ,لستُ مريضة ,هل أنت مريضة ؟)
هزت الفتاة رأسها نافية وقالت (إن أبي هو المريض ,لديه زكام ..هل بإمكانك مساعدتي في آلة البيع ؟ لم أستطع وضع النقود فيها ...) أشارت إلى الآلة الضخمة فنهضت دانييل وسألتها ( أين والدك ؟)
(إنه مع الطبيب وقال لي أن أجلس معه لكنني تسللت لأجلب له هدية من الآلة ..) ضحكت دانييل لبراءة الطفلة ..ثم رفعت الفتاة وساعدتها لتضع النقود في الآلة وتختار الحلوى لوالدها ..عندما انتهت قالت الفتاة بطفولية(شكرا لك , يقول أبي أن علي أن أشكر الناس اللذين يساعدونني)
(فتاة ممتازة وبالمناسبة اسمي دانييل ) مدت دانييل يدها لتصافحها
(وأنا كلاريس ستونز ,إن شعرك رائع ) قالت وهي تتجاهل يد دانييل وتلمس شعرها_أي شعر دانييل_ بيدها الصغيرة بعد أن انحنت دانييل جالسة القرفصاء .
(وهو كذلك ! ) سمعت صوت رايان قريبا منها فاستدارت برأسها ورأته يشرف عليها وقد خلع سترة البذلة وظهر قميصه الكحلي النظيف ...احمر وجهها ارتباكا وخجلا ...
(ماذا تفعلين هنا يا كلاريس ؟إن والدك يبحث عنك ! ) قال للفتاة الصغيرة
(لقد جلبت له هدية ! ) وأرته الحلوى
(يالها من حلوى لذيذة ,ماذا عني أنا ؟ألم تجلبي لي هدية ؟)
أشارت لدانييل (دعها تجلب لك واحدة ,سأذهب لرؤية والدي !) وركضت في الممر نحو غرفة والدها ..راقبتها دانييل وهي تقف مبتسمة
نظرت إلى رايان فوجدته ينظر إليها بتركيز فقالت (هل انتهيت من المرضى ؟)
ابتسم ولم تعرف لماذا ابتسم ثم قال (تقريبا ,خمس دقائق أخرى وأجهز لك غرفة ! ) ثم ابتعد ملوحا لها بالملف الذي في يده ..راقبتها مبتعدا وأحست بانقباض في قلبها ..لاتعرف لماذا كانت تريد أن تشبع نظرها من رؤيته ..أرادت أن تناديه ليستدير إليها لكنها عضت لسانها ..
مابها ؟ وجلست على الكرسي ...
حاول رايان قدر المستطاع أن ينتهي من المرضى ,حتى يتمكن من إجراء التحاليل ..لقد قرر أن يعترف لها بحبه ولا يهتم بالنتائج فهي المرأة التي يحب والتي يريد أن يقضي حياته معها ..فهي رقيقة وحنونة ومحبة للجميع ..لقد رأى تصرفها مع ابنة كايل ستونز مريضه الذي كان يعالجه..لقد أضاء وجهها فرح سعادة عندما كانت تتكلم مع الفتاة ...
(دكتور ويليامز؟) كان هذا طالب الطب جاك والذي يقوم بدورته في قسم الطوارئ تحت إشراف رايان ...
(نعم جاك! ) أجابه رايان وهو يبحث في غرفة الأدوية عن المحاليل والإبر للتحاليل الوراثية ..
(لقد أنهيتُ آخر مريض لدي في هذه المناوبة ,فهل أنصرف ؟)
كان رايان يبحث في الرفوف السفلية عندما وجد ما يبحث عنه فابتسم لكلام جاك الذي ذكره بنفسه عندما كان طالبا ..استقام في وقفته ..
عند ذلك اختفت الابتسامة من وجهه لذلك المنظر الذي رآه ..كان منظرا يشيب له شعر الرأس ..
كان من ميزة غرف الطوارئ أنها تطل على غرفة الاستقبال وعلى غرفة الانتظار لذلك استطاع رؤية مايحدث ..لقد كان زوج والدة كيث روبنسون يمسك بأحد الأشخاص وفي يده سلاح أبيض عبارة عن سكين ضخمة ..وقد كان يعطي رايان ظهره فلم يستطع رؤية الرهينة لكنه لمح لون رمادي في القميص ..بل كان كنزة !
إنه يعرف لمن الكنزة ..عندها استدار ستروم وظهر الشخص
ربــــــــــــــــــــــــــاه!!!!!!
إنها دانـــــــيـــــيـــل !!!
كيف حدث هذا ؟
(دكتور ويليامز؟) نادى جاك عندما رأى شحوب وجه رايان فسحبه رايان من معطفه الأبيض فأجفل الفتى ..همس رايان وقال ( اسمعني ! إنني أعتمد عليك ..أريدك أن تساعدني ,إن ستروم لديه رهينة ...)
(رهينة ؟!!) ردد جاك بخوف ..
(اسمعني ! ) نهره رايان وتابع (أريدك أن تأخذ هذه الإبرة وتتجه نحو غرفة الفحص رقم 3 لأنها الأقرب ..إن فيها جرعة معقولة من المخدر كافية لإسقاطه ..عند إشارتي اهجم عليه ..هل ستفعل ؟)
هز جاك رأسه موافقا فأعاد رايان قوله (هل أعتمد عليك ياجاك؟)
(أجل ! )
(لاتجعله ينتبه لك ! ) نبهه رايان !
(لن أفعل !) واختفى جاك راكضا ...
أما رايان فقد خرج من غرفة الأدوية إلى غرفة الانتظار ..كان ستروم يناديه بصوته الغليظ الكريه ..
(أنا هنا يا ستروم ! ) قال رايان وقد كان بعيدا قليلا عن ذلك الرجل الضخم ...استدار ستروم بكل قوته فصرخت دانييل لضغط ذراعه الضخمة على عنقها ..أحس رايان بالأدرينالين يضخ في كل عروقه بالغضب ..أراد أن يقطع هذا المنحط إربا ...كانت عيناها مشوشتان ..وذراعه تضغط عليها ..همست عندما رأته (رايان؟! )
(لابأس يادانييل ! )
(لاتتكلم معها ! بل تكلم معي أيها التافه ! ..) زمجر ستروم
(مالذي تريده ؟) قال رايان بهدوء خطير
(أريد زوجتي ,أين هي ؟) صرخ بحدة فلاحظ رايان أنه يترنح ..لابد أنه ثمل ...
(وماأدراني أين هي ؟)
(بل تعرف ! لابد أنك أرسلتها مع ابنها العفن ذاك ..أيــ.....أين هي ؟)
أحس رايان بضرورة تهدئة نفسه ليستطيع التصرف مع هذا الأرعن فقال بهدوء ( اسمعني يا ستروم , صدقني أنا لاأعرف أين هي ..لكنني أستطيع مساعدتك في إيجادها ..إنها لن تبتعد كثيرا ..فهي تحبك وستحزن عندما تراك تضع هذه السكين على عنق دانييل ...)
نظر إلى دانييل فرآها ترمقه بنظرة تساؤل خائفة وكأنها تقول *لاتعط هذا الأرعن مايريد! *
(إنك كاذب ! ) صرخ ستروم
(أنا لاأكذب ,سأساعدك ..لكن أنزل هذه السكين ودعنا نتفاهم )
(كلا! ) وشدد على رقبة دانييل فصرخت ..اقترب رايان غريزيا فزمجر ستروم (ابق بعيدا ! ) وصوب السكين على عنق دانييل ..تراجع رايان فورا مكرها ...
(حسناً ,دعني على الأقل أتصل بالخدمات الاجتماعية لأرى إذا كانت مع ولدها ..)
تردد ستروم وكأنه يفكر بهذا الطلب ..رأى رايان من طرف عينه أن جاك ينتظر إشارته ..على جاك أن ينتظر قليلا بعد ..
(هل تعتقد أنها ستكون هناك ؟) قال ستروم وهو يترنح ..
لمح رايان شيئا لامعا مختبئا في كم دانييل الطويل ..لقد كان مشرطاً ..من أين أتت به ؟ كان ستروم ينتظر رده فقال (لاضير من المحاولة ) تنفس رايان الصعداء لرضوخه السريع ...
(اذهب واتصل من هذا الهاتف بجانبك .) رفع رايان السماعة وببطء ضغط على رقم ..فلطالما وضعوا الأرقام المهمة على لائحة الاتصال السريع وبالطبع لم يكن هذا الرقم الصحيح فقد اتصل بالشرطة فقال بلهجة الأطباء الغامضة (مستشفى ميرسي , لدينا حالة طارئة ,أب يريد زوجته واسمها ريبيكا ....)
عند ذلك أخرجت دانييل المشرط وغرزته في فخذ ستروك بعمق وصرخ عندها هجم عليه جاك وغرز الإبرة فيه وتجمع رجال الأمن ليمسكوا به ,,أما رايان فقد اندفع إلى دانييل التي تخشبت في مكانها ,تراقب مايحدث بعينين متسعتين من الخوف ...
(دانييل ؟ حبيبتي ...هل أنت بخير؟)
رفرفت بجفنيها ونظرت إليه لكنها لم تستطع سماعه ..كانت الرؤية ضبابية والدنيا تدور ..ثم مالبثت أن سقطت غائبة عن الوعي وصوتا عميقا ينادي اسمها ...
&&&&&&&&&
كان الضوء ساطعا فآذى عينيها فأغلقتها مرة أخرى ...تململت في مكانها ثم سمعت أصواتا غريبة وكأنها في مصنع ...فالصدى يتردد كثيرا ..كان عنقها يؤلمها فرفعت يدها تمسكه متأوهة وفتحت عينيها ببطء ...أين أنا ؟
(دانييل ؟!) سمعت صوتا مألوفا ..فالتفتت بحدة ..رأت رايان يقف عند النافذة الصغيرة التي تطل على حديقة المستشفى عاقدا ذراعيه ..نهضت بسرعة عندما تذكرت ما حدث ..فرات نفسها مستلقية على أحد أسرّة المستشفى
(ماذا حدث ؟) همست بخوف
تقدم إلى سريرها ..كان لايزال مرتديا قميصه الكحلي لكنه رفع الكمين إلى نصف ذراعيه القويتين ..بدا جذابا جدا لكن هناك لمحة من الحزن على وجهه (لقد أغمي عليك ,هل تذكرين ما حصل قبل ذلك ؟)
(أجل ,لقد كان هناك رجل يتخذني رهينة .لاأعرف من هو لكنك أخذت دعوته ستروم ! ) قالت الاسم باشمئزاز وارتجفت غريزيا ..أرجعها رايان لتستلقي بعد أن رفع السرير ثم همس ( كل شيء سيكون على مايرام ...انظري هنا )
وأخرج قلم دقيق خرج منه ضوء صغير ..وسلطه على عينيها ثم أشار عليها أن تتبع إصبعه بعينيها ففعلت وعندا انتهى ..نظر إليها وقال بصوت عميق مؤثر (لاتفعلي هذا مجددا ,هل سمعتني ؟) نظرت إليه دانييل كالبلهاء ..لاتعرف مالذي حصل له فأومأت برأسها ..ابتسم ثم أرجع خصلة من شعرها إلى الوراء ..تبادلا النظرات للحظات كانت ضربات قلبها جنونية ...
(لقد خفتُ عليك كثيرا! ) همس بحزن ,انعصر قلب دانييل للهجته الدافئة فأغمضت عينيها لتخفي عن نفسها هذه النظرات التي يرمقها بها ...
هل أصبحت تتخيل الآن ؟ لابد أنها فقدت عقلها بعد أن غابت عن الوعي ..فمن يدري ؟قد تكون ضربت رأسها بطاولة أو شيء ما لتفقد عقلها ..
(رايان ...أنا....)
(هذه هي ! ) قطع هذا الصوت ما كانت ستقوله ولم تعرف أصلا مالذي كانت على وشك أن تقوله ...
دخلت أليسون مع رجل لاتعرفه دانييل في نفس عمر رايان ذو شعر أشقر وعينان بنيتان ...كان وسيما لكن رايان أكثر جاذبية منه ...
ابتسمت دانييل ,أما رايان فقد بقي صامتا لدقائق
(هذه هي بطلتنا ,ألن تعرفنا على بعضنا يارايان عيب عليك ...انسي أمره أنا غريغ والتر صديقه المقرب ...) مد يده مصافحا فصافحته دانييل (تشرفنا , لقد سمعت الكثير عنك ..أنا ...)
(دانييل باركر ..إنني أعرف اسمك فأنت مشهورة جدا يا عزيزتي ..)
ضحكت دانييل ,بدا غريغ ودودا وكانت شخصيته تلائم شخصية أليسون الدافئة ...
راقبها ضاحكة مع أصدقائه وتمنى لو كان أصدقاؤه بعيدين الآن ليقول هلا كم يحبها وكم يحتاج إليها ...لقد كاد أن يفقد عقله عندما رآها تحت رحمة ستروم وكاد أيضا أن يجن أكثر عندما جازفت وطعنته لتقع بعدها غائبة عن الوعي .. لقد ظن أنه سوف يخسرها ..لقد كانت شحابة الوجه مستلقية على السرير وآثار ذراع التافه على عنقها ...بقي جالسا معها بعد أن تأكد أنها بخير وقد سحب منها عينة من الدم للفحوص الطبية ..لقد كاد أن يخسرها ...ربـــــاه! لو حصل لها شيء فإنه سوف يقتل ستروم ولو دخل السجن لبقية حياته ماضاع ذلك هباء ...
لكن هاهي هنا الآن بخير ولن يدعها تغيب عن نظره ,وماإن يصبحا لوحدهما حتى يعترف لها ...
(مابك يارايان؟) هل أكل القط لسانك؟) انتزعه صوت غريغ الماكر من أحلام يقظته ,نظر إليه رايان وعلى وجهه علامات نفاذ الصبر
(ألا توافقني الرأي أن دانييل بطلة شجاعة ؟) أكمل غريغ
نظر إلى دانييل برقة (بالطبع هي كذلك ! )
خجلت دانييل ثم قالت ( كفى جميعا ,لقد طغت علي فقط غريزة البقاء )
(من أين حصلت على المشرط؟) سألها رايان
تنفست بعمق وقالت ( كان هناك ممرضة تدفع عربة فيها أدوات جراحية فتوقفت عند آلة البيع عندما دخل ستروم فأحسست بشيء غريب في مظهره وعندما بدأ بتهديد الجميع اختطفت مشرطا بدون أن يلاحظ لكنه لاحظني بعد ذلك والباقي تعرفونه ...)
فقال غريغ (غريب أن تكون الممرضة بذلك الغباء لتضع أدوات جراحية أمام متناول الجميع ,,فقد يكون هناك مرضى نفسيين ...)

قال رايان مقاطعا (في هذه الحالة أنا سعيد لغبائها ومقدر له )
وافقته أليسون الرأي ,عندما مرت دقيقتان ,اعتذر غريغ وأليسون وخرجا من الغرفة ...ساد صمت مربك فقال رايان (مالذي كنت تريدين قوله قبل أن يدخل غريغ وأليسون ؟)
اندهشت من قدرته على التذكر فقالت كاذبة ولم تدر ماتقول ( لقد أردتُ ان أشكرك على إنقاذ حياتي )
(لم أفعل شيئا فأنت من قام بطعنه ..ألا تذكرين أيتها البطلة ؟ )
ضحكت لكنها قطبت جبينها بسرعة قائلة (هل وجدوا الأم ؟)
(أجل ,لقد التجأت إلى إحدى المؤسسات التي تحمي النساء من أزواجهن العنيفين ..كانت خائفة جدا على حياتها ..)
(وهل آذيتُ الرجل كثيرا ؟ هل سيعيش ؟) سألت بخوف وارتباك .....
إن هذه المرأة تحيره ..فهاهي تسأل عن حياة ذلك التافه الذي كان وبلا تردد سينهي حياتها ....
قال متهكما (أظنه سيرفع دعوى قضائية عليك ! )
(ماذا؟ ) صاحت بفزع ..
(اهدئي , إنه بخير ولن يجرؤ على رفع دعوى ضدك لأنني حينها سأقتله بيدي الاثنتين إذا اقترب منك ..) قال كلامه الأخير بوحشية لم تعهدها منه...
ساد صمت مذهل ..فقد اندهشت لأنه يهتم بها ..لذلك لم تستطع أن تكبت السؤال (لماذا ؟)
(لماذا ماذا؟ )
(لماذا أنت لطيف معي هكذا ؟ لمَ أنت مهتم ؟)
فكر ...هذه هي فرصتك يا ويليامز ..قل لها الآن لماذا تفكر بها ليل نهار وصورتها لاتفارق تفكيرك وصوتها يهمس في أذنك أرق الكلمات ...
قــــــــل لــــــــــــــــهــــــا !!!!!!!!!!
لكن لسبب ما ...قفزت صورة التحري إلى ذهنه وهو يعده بتقرير كامل عن حياة دانييل ...أدق التفاصيل ؟!! كان يشعر بالألم لفعلته هذه ..رغم ....رغم ماذا ؟
لايوجد تفسير منطقي لفعلته ..!!!!
راوغ في إجابته فقال (ولمَ لا أكون لطيفا معك ؟)
فتحت فمها لتجادله لكن ممرضة أطلت برأسها من الباب منادية رايان فخرج ...تبا له ..راقبته يصغي للممرضة السمراء والتي أعطته ملفا وأخذ يتصفحه ثم قال شيئا ..قد تكون كلمات شكر لأن الممرضة ابتسمت وذهبت ...نهضت من السرير فأحست بدوار خفيف ..استندت على الجدار قليلا ثم ارتدت معطفها الذي كان موضوعا على الكرسي بجانبها ..
(ماذا تفعلين ؟) جاءها هذا السؤال هادئا لكنه مبطن بخطر انفجار الشخص الذي طرحه بالغضب ...استدارت وهي تسوي من معطفها وتخرج شعرها من تحت ياقة المعطف قائلة ( هلا أعدتني إلى البيت ,من فضلك ؟) كانت هادئة مما أغضبه ..
(لازال هناك بعض الفحوصات وأريد كذلك أن أصور رأسك بالأشعة ..لذلك لاتظني أنك ذاهبة لأي مكان قبل أن خروج نتائجك ..هل هذا مفهوم ؟)
كان غاضبا وقد بان ذلك في عينيه السوداوين اللتين كانتا مليئتين بالدفء قبل قليل ...
صمتت قليلا ثم قالت واضعة يديها في جيبي معطفها ( مفهوم ,من ناحية أخرى إن أعصابي متوترة الآن ولارغبة لدي في الجلوس منتظرة نتائج تحاليل لم أعد أرغب في معرفتها الآن لذلك أرجوك ..إن كان بإمكانك أن توصلني أو بإمكاني الاتصال بكايت إن .....)
قاطعها ( ماذا تعنين أنك لم تعودي تريدين معرفتها ؟ ! )
تنهدت قائلة (افهمني أرجوك , قبل قليل كدتُ أموت وأنا مهددة من قبل شخص ثمل ومسلح وقد كان حظي كبيرا لأنني أعطيت فرصة أخرى ...)
(فرصة أخرى ؟ ماهذا الهراء الذي تتفوهين به ؟) قال نافذ الصبر
(فرصة أخرى للعيش ,لاأريد أن أنسفها بمعرفة نتائج تحاليلي لذلك عندما تظهر النتائج ,ألقِ بها في سلة المهملات فلم أعد أريدها ..)
أحست أنها أخطأت لأن الصمت امتد بينهما ولم تجرؤ على رفع رأسها لترى تعابير وجهه ...لكنها شعرت أنه غاضب جدا ...لكلامها الأحمق ..
أجفلت لسماع صوت ارتطام الملف على الطاولة يوضع بكل حدة ثم فتح الباب قائلا بهدوء غاضب ( انتظري هنا ! )
(رايان ,أنا .....) لكن الباب انغلق بحدة خلفه ...
ساد صمت مضطرب في السيارة ..أحست معه دانييل بالرغبة في الانفجار بالبكاء ..وذلك لكل الأحداث التي مرت خلال هذا اليوم الجنوني ..
(أنا آسفة لكلامي الفظ والمتهور ...) هاهي قالتها وقد أخذت تكرر هذه الجملة في عقلها عدة مرات قبل أن تقولها ....
استندت إلى باب السيارة متعبة ولم ينطق بكلمة ,كانت تتشوق إلى أن تنام قليلا وتستحم لمدة طويلة ..وبعثت فيها فكرة الحمام الدافئ الأمان فغلبها النعاس وغفت ....
أحس بأنها نامت ,فقد سمع صوت تنفسها المنتظم وأيضا لم يعتد أن تكون هادئة هكذا ...فدانييل امرأة حيوية ...عرف أيضا أنها نادمة لكلامها وخصوصا بعد أن اعتذرت ..كان غاضبا جدا منها بعد أن قالت ذلك الكلام في المستشفى ...
نظر إليها ورأسها يستند إلى المقعد وقد انتشر شعرها حول وجهها بحرية فبدت كالطفلة النائمة ..عندما توقف عند إشارة مرورية لم تتحرك ..لابد أنها متعبة ..نظر إليها وهو يحاول أن يشبع ناظريه منها .. مد يده يتحسس نبضها في عنقها فوجده جيد ومنتظم ..*كيف فعلتِ هذا ؟* تمتم بصوت منخفض وأكمل في نفسه * لقد امتلكتِ قلبي بشكل لم تفعله امرأة قبلك ...*
عندما وصلا إلى المنزل ,ساد الهلع لمعرفة ما حصل ..لا سيما عندما لاحظوا شحوب دانييل ...اعتذرت دانييل وتوجهت إلى غرفتها لترتاح هناك ..شرح باختصار ماحصل لها وأنها بخير ...
تبع جوناثان ابنته قائلا أنه سيمضي الليلة بجانبها ..راقبه رايان يصعد السلالم متمنيا لو بإمكانه أن يرعاها بنفسه ..
على حبه الانتظار ليلة أخرى ..فالوقت ليس مناسبا البتة ...
(لاتقلق ,,والدها معها ..ستكون بخير معه ..) التفت رايان ليرى جده برفقته بعد أن ذهب الجميع إلى غرفة بينما بقي مسمرا في مكانه ..
(لقد أحببتُ هذه الفتاة من كل قلبي ! ) قال جده هذا ثم نظر إليه ولأول مرة كان هناك تفاهم بين الاثنين ..فقد رأى رايان التفهم والحب في عيني جده ..ابتسم ولمس ذراع جده بود ثم احتضنه ,أحس أن جده لم يتوقع هذا فقد تردد لكنه احتضن حفيده ..لطالما عرف رايان أن جده يكن لهم الحب لكنه لم يعلم كيف يعبر عن هذا الحب ..
تركه رايان ثم قال (شكرا ) ثم توجه نحو الباب وقبل أن يخرج سمع جده يقول (على ماذا ؟) استدار مبتسما ورد ( على كل شيء ,أعلم أنك تحبنا لكن على طريقتك فأنا أشبهك بشكل ما ,,ولاتسألني كيف فأنا لاأعرف لكن اعلم أنني أحبك ..واعلم أيضا أن أبي أرادك أن تفخر به فقد كان يقول لي هذا دائما وكان هذا سبب اختياره لمهنة أخرى لأنه أراد أن يثبت لك أن تربيتك لم تضع سدى وأن بإمكانه أن يشق طريقا أخرى له بفضل نصائحك ..أراك لاحقا ..) وخرج تاركا جده متفاجئا من هذا الحديث لدرجة اغرورقت لها عينيه بالدموع ..فمسحها بظاهر يده وابتسم ..
&&&&&&&
كانت ليلة رائعة وصباح أروع ,,,بالنسبة لها لأن والدها أمضى الليلة يعتني بها ..وقد قالت له أن لاداعي لذلك وتوقعت أن يخرج من الغرفة حالما تنام لكنها استيقظت عند منتصف الليل لتجده نائما على كرسي بجانبها ,فنزلت من السرير وغطته بشرشف وأسندت رأسها على حافة السرير عند ركبتيه ...
كانت تشعر بالحيوية على الرغم من الفوضى التي تعم المنزل استعدادا للحفلة ..فمورا تتصل لتؤكد الحجز للقاعة وتتأكد من حضور متعهدي الأطعمة..
دخلت المطبخ وقالت بعد أن ألقت التحية على روزيتا وكايت (إن مورا تخيفني الآن ! )
قالت كايت ( إنها تفعل هذا في كل حفلة تقيمها ,,لاتخافي ..)
ابتسمت الفتاتان ثم قالت كايت (كيف حالك اليوم ؟)
(أفضل بكثير من البارحة )
(لقد قلقنا عليك كثيرا عزيزتي !) قالت روزيتا ..
(أجل ,لقد أخفتنا ,,كنت شاحبة مثل الورقة البيضاء ..ولاألومك فلو كنتُ مكانك لأصبت بنوبة قلبية ...) أكدت كايت ..
(نعم ,لم أخف هكذا في حياتي من قبل )
(حمدا لله أن رايان كان معك ..) قالت روزيتا بتأثر ...
أما هي فقد فكرت في الشيء نفسه ..وعند التفكير برايان ,,هل ياترى قبل اعتذراها لأن ملامحه عندما عادا إلى المنزل البارحة كانت غريبة وغير مفهومة .. ..كان هناك نظرات اهتمام منه أيضا ....فقدت شهيتها للأكل عندما وضعت روزيتا الفطور أمامها ....يجب أن تراه ..
(أين رايان ؟) سألت كايت بعد أن خرجت روزيتا مستجيبة لنداء مورا ..
قالت كايت (لاأعرف ,لم أره منذ البارحة .فقد نمت مبكرا ولم أره ...) أكملت كايت فطورها دون أن تعي تعاسة دانييل ...
(هل أنت مستعدة للحفلة ؟)
(أظن ذلك ,رغم أنني أشعر بتوتر لمقابلة أشخاص غريبين ..) طمأنتها كايت بثقة لم تنتقل لدانييل البتة ..فابتسمت دانييل لكايت ...
&&&&&&&&&&&&&
(سنتأخر يا دانييل ,,أسرعي ..)
سمعت دانييل نداء والدها فنظرت إلى نفسها نظرة أخيرة في المرآة وتنهدت بخوف ..التقطت حقيبتها ثم خرجت من الغرفة ..
(أنا مستعدة ...)
نزلت من السلالم ..كان الجميع متواجدين في الردهة ماعدا مورا التي سبقتهم إلى القاعة للتحضيرات النهائية ...ورايان أيضا اللذي لم يظهر منذ البارحة ...
(ياإلهي ! ) كان هذا روبرت الذي قطع الصمت الذي ساد فور نزولها من الطابق العلوي ...
ارتدت لهذه الليلة فستانا بلون العنب الداكن الأحمر ...الذي أظهر كتفيها بشكل بسيط وجذاب مطرز بنقوش فضية على الخصر ليعطيها تألقا كما الأميرات من العهد القديم ..كانت رائعة جدا بشعرها المرفوع بأناقة والذي تدلت خصلات منه بنعومة على عنقها الذي اختفت منه الكدمات جزئيا ..
(نيل ! تبدين رائعة ..) قال جيريمي ...ثم أكمل ضاحكا (لم تعودي ذات الشعر الموحل أبدا ...)ضحك الجميع فنظرت دانييل إلى والدها الصامت الذي كان يرمقها بنظرات غريبة ..
قالت (مارأيك أبي ؟)
احتضنها والدها برقة قائلا (تبدين مذهلة يا عزيزتي ,لقد أصبحت امرأة رائعة الجمال مثل والدتك تماما ..)
ابتسمت بتأثر (شكرا أبي ...)
(لكن ينقصه شيء واحد ..) أكمل والدها ثم فتح علبة لم تنتبه إليها في يده ..كشفت العلبة عن عقد لازوردي رائع من الذهب الأبيض مع القرطين ..خطف أنفاس الجميع وحتى دانييل ...
(أبي ,إنه رائع ..) ابتسم والدها بفرح لأنه أعجبها ..ألبسها والدها العقد والقرطين فبدت رائعة عليها ...
(يجب أن نذهب وإلا قتلتنا مورا ..) قال روبرت ضاحكا ..كانت ليلة رائعة, الجميع مرتاحون وتعرفت على الكثير من الأشخاص من معارف والدها ...وكانت داون هناك بفستان أخضر متألق ..لكن .......رايان لم يظهر بعد ..مابه ؟ ماذا حصل له ؟افتتحت قاعة الرقص وبدأ الجميع بالرقص ..مورا مع زوجها ..جيريمي وكايت وروبرت مع دانييل ...كانت مستمتعة بالرقص لكن أفكارها تشرد أحيانا نحو رايان ....
(لاتقلقي ,سيأتي بعد قليل ..) قال روبرت هذا فأجفلت لسهولة قراءة أفكارها ..(إنك ترعبني بملاحظاتك ,أتعرف هذا ؟)
ضحك روبرت وقال (هذا جزء من جاذبيتنا نحن آل ويليامز ..)
(أحقا هذا ؟) ردت ممازحة ..
أنهت الرقصة ثم اعتذرت لروبرت لتذهب إلى استراحة السيدات وماإن خرجت حتى اختفى روبرت بين الجموع ...فتوجهت لتشرب عصيرا ..ثم أخذت تراقب كايت وجيريمي يرقصان مفكرة بشرود ..
(ياآنسة ,هذا لك ..) استدارت لترى أحد الندلاء يعطيها منديلا مطويا فأخذته شاكرة باستفهام ..فتحت المنديل
*بنس ,لأفكارك فرويد!!!* ابتسمت عندما قرأت الجملة ...وقد عرفت أنه لايمكن أن يكون أحد غيره ...
استدارت باحثة عنه ولم تبحث طويلا فقد رأته يقف في مسافة غير بعيدة ..اشتبكت عيناها بعينيه ..ثم ابتسم ابتسامته المهلكة فتسارعت دقات قلبها ..بدا وسيما جدا في بذلته الأنيقة السوداء التي أسبغت عليه وقارا وأناقة ..
مشى نحوها فأحست بأن العالم توقف عن الدوران وأن لاأحد في هذا العالم غيرهما ..إنه شعور رائع .....أحست بأن كل أولئك الناس الموجودين لاوجود لهم في تلك القاعة الفسيحة والمليئة بأنغام الرقص وأصوات الناس ..
توقف على بعد خطوتين منها ..فوصلت رائحة عطره الممزوجة برائحة الغسيل النظيف إلى أنفها ...
أحنى رأسه تحية لها ..(مساء الخير!)
ردت بابتسامة (مساء الخير .)ثم أكملت (كيف عرفت أنني كنتُ أفكر ..)
أجاب وعيناه في عينيها (ليس من الصعب معرفة ذلك فوجهك مرآة لمشاعرك ..) قطبت جبينها خائفة من أن يكون قد عرف ماتشعر به نحوه ....سمعته يكمل ..(وفي هذه اللحظة تبدين ......بغاية الجمال دانييل ..)
غمرتها مشاعر الدهشة والسعادة لتفوهه بتلك الكلمات الرقيقة ..فاجتاحتها موجة خجل ,احمر لها خداها وتمتمت بصوت أجش (شكرا لك ,أنت أيضا تبدو وسيما ...) ابتسم لها وكم تمنت لو انه يحبها مثل حبها له..
(رايان ودانييل ! ) أعلن هذا الصوت الأنثوي بالقرب منهما ..فاستدارا ليجدا كلوي ومعها رجل غريب ...بفستانها الفضي الثمين ..بدت رائعة حسب ظن دانييل التي اندهشت من كلوي لإحضارها هذا الرجل المدعو مارك شاين ...أليست معجبة برايان ؟ يبدو أن هذا الرجل الذي معها يكن لها مشاعر عميقة من المودة ..واستغربت رد فعل رايان الذي بدا مرحبا بالرجل ..
(هيا بنا لنرقص يارايان ,فمارك لايحب الرقص ! ) سحبت كلوي رايان إلى حلبة الرقص فتملك دانييل الاانزعاج من تصرف كلوي الغير اللبق ,إذ يبدو ان مارك والذي بدا مسيطرا على الأمور في البدء ,قد أصبح الآن محرجا لأنه قال لدانييل (اعذريني فلست من محبي الأنغام والرقص ..)
(لابأس ) صمتت ثم قالت بفضول (منذ متى تعرف كلوي ؟)
(منذ ثلاث سنوات ! ) ولم يسلخ ناظريه عن كلوي التي كانت ترقص مع رايان ...
من ناحية أخرى قالت كلوي لرايان (إذن ,قل لي هل قلت لها ؟) ولاحظت كلوي نظراته التي تتابع دانييل مع مارك وهما يتحدثان مع بعضهما ...
(لا! )
(خائف يارايان ؟) سألت بهزء فنظر إليها ,,عرفت كلوي كيف تطلب انتباهه فقال رايان (تبدين سعيدة يا كلوي ,هل أقول تهانيّ ؟)
هزت كتفيها ثم قالت (إنه يحبني منذ ثلاث سنوات فقلت لمَ لاأجرب فقد ينتهي بي المطاف بمبادلته الحب ! )
انتبه رايان إلى أن جوناثان قد طلب من ابنته أن تراقصه فأصبحا في منتصف القاعة ..راقبها مبتسما فقد بدت سعيدة جدا ..
توقف رايان وكلوي وأفسحا المجال للأب وابنته ...افترق عن كلوي وراقب دانييل بعذوبتها ورقتها ..
مر بعض الوقت وهي ترقص مع والدها ..لكنه سرعان ماقطب حاجبيه عندما انتهت الرقصة ورأى ذلك الرجل يطلب من دانييل أن تراقصه ..
ديميتري !!!!!
مالذي يفعله هنا ؟
(ديميتري ؟) كانت مصدومة لرؤيته ..
(مرحبا دانييل ,تبدين رائعة الليلة ..)
(شكرا ....ما......مالذي تفعله هنا ؟) تمتمت مذهولة ..
بدا سعيدا جدا .. وليس كآخر مرة افترقا فيها ...
(لقد قدمت عمتك دعوة لي قبل انفصالنا ,فقلت لمَ لاآتي كي أخبرك عن أروع شيء حصل لي منذ سنوات ..وأنا متأكد أنك ستفرحين لأجلي ..)أكد بسعادة ...
(ماذا حدث ؟أخبرني ,لقد أثرت حماسي ..)
راقبهما رايان بغيرة قاتلة وقلب مثقل بالألم ...بدت سعيدة لرؤيته ..لرؤية ذلك الأحمق ...مالذي يحدثها بشأنه ياترى ؟؟
حاول أن يستمع للحديث الدائر حوله لكنه لم يستطع التركيز ...تكلم مع جده قليلا ..تطرق روبرت للموضوع الأكثر حساسية بينهما ..
قال روبرت وتأثر يراه رايان لأول مرة ( لطالما كنتُ فخورا بوالدك ,كنتُ طوال حياتي أتمنى أن يعمل معي لكن عندما قال أنه لايريد ,أعترف أني غضبت لكن عندما رأيت مدى نجاحه من دوني شعرت بالفخر لأن هذا الرجل الناجح هو ولدي ..وكم حزنت عندما لم أتمكن من رؤيته قبل موته..)
صمت قبل أن يفقد السيطرة على نفسه ..
ضغط رايان على يد جده مهدئا وقال (أعرف هذا ..)
غريب كيف استطاع الاثنين أن يخرجا ما بداخلهما من مشاعر ..لقد اختزنا مشاعرهما وأحزانهما لسنوات ولم يجدا أي جسر للوصول إلى بعضهما ..إلى أن جاءت حورية جميلة إلى المنزل ..فكانت هي الجسر
كان يظن في البدء أنها ستدمر عائلته لكنها زادت هذه العائلة اقترابا وتواصلا بدون أن تعرف ..حصلت على حب زوجة الأب والجد والحفيد ..حصلت على حب الجميع ..بطيبتها ومودتها ..نظر إلى حلبة الرقص لكنه لم يجدها هناك ..لقد اختفت ...
(المعذرة جدي ! ) تمتم بذلك وأخذ يبحث عنها ....
وجدها أخيرا عند آخر القاعة شاردة بأفكارها مرة أخرى لدرجة لم تسمع فيها خطواته على الرخام اللامع ..كانت تبدو كالملكات وهي تقف ونور الثريا العملاقة انعكس على بشرتها النقية ...
(دانييل ؟! )
أجفلت واستدرات إليه مبتسمة ...
(ماذا تفعلين هنا ؟) اقترب منها ...
(كنتُ أودع ديميتري !) قابلته في منتصف المسافة ثم ضحكت من الصدمة (لقد رحل إلى فرنسا ..)
(ماذا ؟ ) كانت صدمة رايان أعمق ..فقد ظن أن مابينهما ...
لم يعرف كيف يفكر ...فأكمل (كيف ؟)
(لقد أجرى مقابلة عمل للتعليم في إحدى المؤسسات الموسيقية المشهورة في فرنسا منذ ثلاثة أشهر ثم نجح في المقابلة والباقي تعرفه ..) ثم أكملت بفرح (أليس هذا رائعا ؟)
قطب حاجبيه ثم قال (ألستِ حزينة ؟)
(لماذا ؟) سألت بدهشة ..
(لأنه سيتركك ! ) أدركت مايعني فردت (تقصد بالنسبة إلى علاقتنا ! ) أومأ برأسه فقالت (لاتقلق علي فلاشيء بيننا .لقد انفصلنا ..)
بانت علامات الارتياح على وجهه فقال بصوت أجش (أنا سعيد لذلك ...)
(لماذا؟ ) أحست بالتوتر للهجته الرقيقة ...
(هل ترقصين معي ؟وعندها سأخبرك !! )
مد يد ه فأخذتها مسحورة لكن قبل أن يصلا إلى قاعة الرقص ..اعترضت داون طريقهما وقد بان الارتياح على وجهها لكن سرعان ماقطبت حاجبيها لرؤية دانييل فقالت بلهجة حذرة (اعذراني ,لكني أريد التحدث إليك يارايان ,رجاء )
أحست بتوتر رايان فقال لها (انتظريني ! )
واختفى هو ورايان في إحدى القاعات ..مالذي حصل ؟ مابهما ؟
أخذت تتمشى في الأنحاء وكان من ميزة هذه القاعة أنها تفتح على القاعات الأخرى ..أخذت تنظر بفضول إلى القاعات المجاورة ..
(هل وجدته ؟) قال بسرعة ...
(أجل ,وجدته. لكن يجب أن تقول لي مايجري ..)
كانت لهجة داون متصلبة وهو لايلومها بعد أن طلب أن تبحث معه عن الملف الذي أرسله التحري عن دانييل ..
(إنها قصة معقدة ..) أجاب بضعف وقد علم بمبلغ خطأه ..
(حسنا ,لن تكون معقدة لهذه الدرجة ...فقط أخبرني لماذا فعلت ذلك ؟ هل هي سيئة مثل صوفيا ؟ أخبرني لماذا طلبت من ذلك التحري أن يتحرى عن دانييل مثل مافعلت مع صوفيا ؟ لماذا يوجد ملف عن حياة دانييل ؟)
(لاأعرف ,صدقيني . لقد قمتُ بهذا في حالة ....)
وصمت إزاء الصمت الذي ساد والشحوب الذي علا وجه داون فالتفت بذعر ليرى دانييل تقف عند باب القاعة متسمرة وعلى وجهها علامات الصدمة ..ثم شحب وجهها شحوب الأموات حتى ظن أنها ستفقد الوعي ...
(دانييل! ) تقدم إليها لكنها تراجعت بخطى ثقيلة ...
توقع أن تصرخ في وجهه , لكنها قالت بهدوء (سأعود إلى المنزل ! )
وخرجت مسرعة ..ركض خلفها مناديا باسمها لكنها لم تقف بل أكملت طريقها مسرعة ..
(دانييل ,انتظري . سأشرح لك !)
عندها استدارت صارخة والدموع في عينيها تأبى الانهمار (أحقا ؟ إذاً افعل .اشرح لي لماذا مثل ماقالت داون هناك ملف عن حياتي ! )
صمت عاجز عن الكلام إزاء نبرتها المتألمة فضحكت متهكمة بسخرية مريرة (كنت ُ أتوقع هذا .. أجبني عن سؤال واحد ..هل هذا صحيح ؟ هل دفعت للتحري ليتحرى عن حياتي ؟) تردد صمت في بهو الفندق المقام فيه الاحتفال فقالت (أجبني ! تــبا لــك ! )
(أجـــــل ! )
(لماذا ؟ ) صرخت بهذا يائسة ..
(اهدئي ,حتى أستطيع أن أشرح ...)
(أهدأ ؟ وتجرؤ أن تتكلم معي عن الهدوء !! ماذا تشرح ؟ أتشرح أي رجل حقير استغلالي أنت ؟)
توقفت سيارة أجرة بالقرب منهما ,فأسرعت تفتح الباب وقالت بألم (لقد قتلت كل حب لك في قلبي ,لذلك ومن أجل سلامتك لاتريني وجهك حتى أغادر ..)
راقبها تختفي في سيارة الأجرة متسمرا مكانه ..فقد أصيب بالشلل لكلامها الأخير ..ماذا فعلت يارايان ؟؟؟
&&&&&&&&&&&

http://im32.gulfup.com/56337.png[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

قلب الياقوت 03-03-2013 02:01 AM

[frame="7 80"]اه اه اه ا ه اا لقد اكتملت خسارة
و لكني سعيدة انني شركتك قصتك الرائعة والمذهلة وكذلك النهاية جميلة
في انتظار ابداعاتك وشكرا[/frame]

oporo 03-03-2013 10:09 AM

روااايتك راااائعة جدااا يا قمر و بانتظار جديدك ^^

-Bill 03-03-2013 04:53 PM

لا أعلم ما الذي أقوله لكِ فكلمة إبداع قليلة في حقك أيتها الروائية المميزة
فأنا لا أصدق مقدار روعة هذه الكلمات التي تخرجها أناملكِ وتلك الأفكار
التي تتبادر في تفكيرك لتنتجي لنا أجمل ما قرأ لساني وشاهدته عيناي
فأرجو أن تستمري على إدهاشي بإبداعكِ وأسلوبكِ البرّاق وإذا كان هنالك
أي جديد في مؤلفاتكِ الفريدة فأتمنى أن تخبريني بذلك على الفور وفي نهاية
المطاف تقبلي مرور متابعتكِ ألا وهي أنا....{ Moe Kou }

Super Black 03-03-2013 05:46 PM

واو النهاية ممرة روعة

* إبتسامة أمل * 03-03-2013 06:27 PM

وااااااااااااو الرواية روووووعة بكل معنى الكلمة
عنجد خلصتها كلها من الحماس بيوم ونص << طبعا مع الدوام والشغل
كانت روووووووووووعة
مبدعة الله يحميكي .... بتمنى إنها ما تكون آخر رواية ليكي في المنتدى

نينا|Nina 03-03-2013 09:45 PM

حبيبتي كان من المفروض انك تنزلين البارتات
في كل اسبوع بارت حتى ينتهي ويكون في حماس
وانا انصحك في روايتك الجديدة تسوين مثل كذا
عشان يكون في حماس^_^

v for vendetta 03-04-2013 04:36 PM

نهاية رائعة بمعني الكلمة

والقصى رائعه بل ممتازه

وشكرا لانك وضعتها هنا

فعلا اعجبتني القصة لدرجه

لا تــــــــــــــوصفـــــــــــــ .

تقبلي مروري ^_^

j0o0j 03-04-2013 11:05 PM

ياااي دوختني رومنسيتها ميسري ع الروايه الحلوه

Andrya 03-05-2013 08:26 AM

لا اجد كلمات مناسبه لوصف روعة روايتك انت موهبة نادره
انتظر جديدك

ღ.’.Hiba ♥ Suliman.’.ღ 03-06-2013 03:21 PM

[gdwl]واااااااااااااااااااااااااااااو عنجد وااااااااااااااااااو

آآآآآآآآه قلبي الصغير لم يعد يحنمل :a7eh:

رووووووعة عنجد روووووعة

ريان انت الافضل بلا منازع

شكرا لمجهودك عزيزتي
وننتظر ابداعاتك [/gdwl]

roxan anna 03-06-2013 06:48 PM

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/28_01_14139094023593441.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
http://im32.gulfup.com/sSIFo.png

الفصل الثاني عشر .....

ذكرى الشتاء ....


فتُح باب المنزل وأدخلت حقائبها بصعوبة إلى الداخل ..أضاءت النور فغرق البهو بالإضاءة ...
لقد عادت إلى المنزل !!!
عادت إلى الأمان والسكون
لكن قاطع السكون صوت سيارة شرطة قادم آتٍ من البعيد ...
هاه !! أي سكون هذا ؟
جرجرت قدميها إلى المطبخ ثم فتحت أحد الأدراج ووجدت بسكويتا لم يفتح بعد ثم جلست إلى الطاولة في المنتصف ..لقد كانت جيسي تعتني بالمنزل في غيابها وهذا واضح من الأزهار الموجودة في المزهرية بمنتصف طاولة المطبخ والتي توشك على الذبول ....
قضمت البسكويت وبينما هي تمضغه تدفقت الدموع من عينيها كالنهر الفائض ..أخذت تبكي بكاء مريرا على ماحدث فوضعت رأسها على الطاولة وبكت .....
في تلك الليلة لم تبكِ بل أقفلت الغرفة على نفسها وأخذت تحدق في الظلام.. كانت تحت تأثير الصدمة وعلى الرغم من رغبتها في البكاء إلا أنها لم تستطع البكاء ..
بعد وصولها بحوالي العشر دقائق ..سمعت صوت سيارته وصوت خطواته السريعة على السلالم ثم وقوفه أمام غرفتها مناديا باسمها (يجب أن نتحدث يا دانييل ..) وعندما لم يسمع جوابا منها أردف بصوت أجش (أرجوكِ )
لكنه لم يسمع صوتا منها فقال باستسلام ( حسناً سنتكلم في الصباح الباكر!)
لكنها لم تدع الفرصة تسنح له ..فلا يوجد أي مبرر لفعلته الشنيعة تلك !
كيف يفعل ذلك بعد أن أمضيا كل ذلك الوقت معاً ؟
بقيت مستيقظة طوال تلك الليلة ثم ادعت النوم عندما سمعت صوت والدها يدخل غرفتها وما إن طلع الصباح حتى انتظرت تجمُّع الجميع في المطبخ لتخبرهم بقرار رحيلها بعد الظهر ...
(لماذا هذه السرعة ؟ ) قال والدها مستاء ً
كانت قد حضرت كذبتها ..فقالت ( المعلمة البديلة لي ستذهب لرؤية والدتها المريضة لذلك يجب أن أعود ..)
رفعت نظرها فوجدت أن رايان ينظر إليها عند الباب وقد علم أنها تكذب فقالت غير مكترثة بنظراته (سأذهب لأحزم امتعتي )
عندما وصلت إلى السلالم امتدت ذراعه إليها يوقفها وقال
(يجب أن نتحدث ! )
كان العزم والتصميم يبدو على ملامحه ..فنفضت ذراعها من يده وقالت وعيناها تلمعان بالغضب ( على جثتي !)
وسارت إلى غرفتها لكنه لم يتركها وقال (أتهربين؟)
(منك؟ بالتأكيد لا ! ) قالت مشمئزة
(فلماذا ترحلين ؟ )
(حتى لاأضطر إلى رؤية وجهك كل يوم ! ) وصفقت باب الغرفة في وجهه المصدوم ...
كانت متمالكة نفسها في ذلك الحين أما الآن تهدمت الحصون وانسابت الأنهار من عينيها الزمرديتين ..فاتجهت نحو غرفتها تلتمس فيها العزاء واستلقت لتكمل نوبة البكاء التي داهمتها ...
&&&&&&

مرت ثلاثة أيام بعد عودتها التي تساءل الجميع عنها وخاصة جيسيكا التي أحست بأن هناك شيء غير طبيعي ..وكانت دانييل تجيبها بعدم اكتراث مصطنع (لقد أُصبت بالملل فعدتُ إلى نيويورك لأتنشط ,بالإضافة أنني سأزورهم في عطلات الأسبوع ! ) وكم عذبها ضميرها لكذبتها هذه ..فلم يمر يوم واحد شعرت فيه بالملل مع عائلتها ..وعادت ذاكرتها إلى الأيام الجميلة التي أمضتها هناك مليئة بالفرح والسعادة وبالأحداث أيضا ..
أصبحت تغرق نفسها بالعمل لتنسى ...لتنساه !!!
لكنه أبى أن يبارح تفكيرها ..فهو موجود أينما كانت ..تغلغل إلى كيانها ..إلى عقلها وقلبها أيضا ...تراه عندما ترى أحدهم يرتدي معطفا يشبه معطفه الرمادي ..وتتذكره عندما ترى كشك الزهور أو عندما تقرأ كتابا وعندما تشرب قهوتها ...إنه موجود أينما ذهبت ...
إنـــــها تــحبـــه !
لكنه قتل هذا الحب عندما كلَّف ذلك المحقق بالتحري عن حياتها الخاصة
قتله ؟!!
الأصح أن تقول أنه جرح حبها له لأن حبه لا زال موجودا في شرايينها ,لايزال قلبها ينزف حباً ..
سيمر وقت طويل جدا لتنساه !!!!
لكنها ستحزن من أجل حبها الأول ..ستبكيه وستمضي بحياتها ..فهناك رجال غير رايان ويليامز وقد يستطيع أحدهم أن يعيد التئام الجرح ..
(إنك تفعلينها مجددا !)
أجفلت من الصوت ,فرفعت نظرها لتجد جيسي تنظر إليها ..فتذكرت أنها كانت تجلس في المقهى مع جيسي وجوزيف ابنها ..
أخذت دانييل تلاعب جوزيف في عربته قائلة (أفعل ماذا ؟)
(الصمت والشرود مع تقطيب الحاجبين ! مابك يا فتاة ؟ مالذي حصل ؟ ولاتقولي لي أنك شعرت بالملل فأنا لاأصدق هذه الكذبة !)
نظرت دانييل إلى جيسي المهتمة فأعطت جوزيف لعبة ثم عقدت ذراعيها على صدرها قائلة بألم ( ماذا تريدين أن تعرفي ؟ أن الرجل الذي ظننت أنني أحبه هو مجرد تافه استغلالي ؟ هاأنا قلتها ...) ورفعت يدها في الهواء ملوحة ثم وضعتها على الطاولة
قالت جيسي ( عزيزتي ,ماذا حدث ؟)
(لقد تحرى عني بواسطة محقق !) ثم سكتت ..
حثتها جيسي على الكلام (وبعد ؟ )
أغضب دانييل هذا الكلام (وماذا تريدين بعد ؟ هل كنت تنتظرين أن يذلني أكثر ؟هل .....)
قاطعتها جيسي (عزيزتي , هذا القرن الواحد والعشرين !!! إن التحري عن شخص هو عمل بسيط !!!)
(بسيط؟!!) جاء دور دانييل لتقاطع صديقتها مما استرعى انتباه شخصين بجانبهما فأخفضت دانييل صوتها تهمس بحدة (بسيط ؟ هل تمزحين معي؟ لو كنتُ هاربة من القانون أو أن لدي بعض التصرفات الغريبة لسامحته ولم ألمه لكن لا حق له أبدا أن يفعل مافعل !!)
نهضت غاضبة فأمسكت جيسي يدها معتذرة (سامحيني يا دانييل ,لم أقصد أن أغضبك ...)
جلست والغضب والألم يقطع فؤادها ...ليس من جيسي بل منه هو !!
كيف يفعل ذلك بها ....
همست وكأنها تتكلم مع نفسها ( فقط عندما ظننت ُ بأنه يبادلني شعوري أو حتى يهتم بي قليلا ,اتضح أن هذا كله كذب وهراء ..لايوجد شيء اسمه حب ...لقد ...لقد خدعني بلطفه واستغل اهتمامي المثير للشفقة به ..حتى أني صدقته ولم أشكّ به للحظة ..لقد كان مقنعا جدا ..)
(ربما كان صادقا ولم يكن يمثّل ! ) رفعت دانييل نظرها بحدة وألم نحو صديقتها والألم والدموع تموج في عينيها الخضراوين ..كبتت دموعها المهددة بالانهمار وقالت ملتقطة حقيبتها ومعطفها
(صدقيني ! كان ممثلا بارعا ! )
&&&&&&&&
أمضت ليلة سيئة فقد طاردتها الذكريات في أحلامها وكأنه لايكفيها أن تطاردها في يقظتها فتطاردها في أحلامها ...استيقظت وابتسامته ترافقها ,تأبى أن تتركها ...
وقفت أمام المرآة وهي ترتدي بذلة بنية اللون عبارة عن تنورة قصيرة وجاكيت بني مع قميص نسائي ناعم لونه بيج ...
تنهدت ...ولمست وجهها الشاحب بشكل كبير ..لقد فقدت الوزن خلال هذه الأيام القليلة وفقدت حيويتها ..والشيء الوحيد الذي يبعدها عن الذكريات هو العمل مع أولئك الأطفال المشاغبين ..ابتسمت ووضعت القليل من أحمر الشفاه ليعطيها بعض اللون ..لقد لاحظت النظرات التي يرمقها بها زملائها من الأساتذة ....
نظرات تساؤل وشفقة .......
وكأنهم كانوا يعلمون ...
لكن من اليوم فصاعدا .ستعود دانييل القديمة وتودع دانييل الحمقاء الواقعة في الحب ....
هذا الصباح أقيمت مسرحية ترحيبا بقدوم الربيع شارك بها صف دانييل وقامت هي بالعزف ..وبالنسبة لتلك الاشاعات بإقصاء بعض المعلمين فقد كانت كاذبة ....
كانت المسرحية رائعة والأطفال أروع ..لكن إحساسا غريبا راودها بأن هناك من يراقبها ..لم ترفع نظرها عن البيانو لأن ماأحست به سخيف ..
عندما عاد الجميع إلى الصفوف كان هناك شجار بين جوش وبيتر
(توقفا كلاكما ! ) صاحت بهما دانييل بعد أن رأت تينا وهي تلميذة أخرى وهي أيضا توأم بيتر تبكي..لأن جوش ضربها ...
توقف الثلاثة ينظرون إلى دانييل الغاضبة فهي أول مرة تغضب منهما بهذه الطريقة ...
(ماذا دهاكم ؟ ألا أستطيع أن أترككم لدقائق بينما أُحضر النوتات ؟ثلاثتكم معاقب وستكتبون عبارة *آسف لن أفعلها مرة أخرى *ثلاثين مرة على اللوح الخلفي )
تصاعدت الشهقات الطفولية فأحست بالذنب لكنها استجمعت نفسها وقالت (هذا يكفي ! )
وعندما أدرات ظهرها سمعت بيتر يقول لجوش (هذا خطؤك !)
(ممنوع الكلام وابدأوا الكتابة !)
مرت عشر دقائق صمت ,لايُسمع صوت في غرفة الصف ..ماعدا صوت الأقلام على الورق ..ذهبت إلى الغرفة الخلفية لترتب الآلات والنوتات ..كان موعد المغادرة من المدرسة فقررت أن تقول لهم أن يكملوا مايفعلونه غدا ...سمعت ضجة خفيفة وصوت مفاتيح البيانو ..هزت رأسها بنفاذ صبر ..يالهم من مشاغبين ....
(أنا لم أسمح لكم باللعب ! ) قالت هذا وهي تخرج من الغرفة الخلفية ناظرة إلى جدول الغد ...
(لم نفعل شيئاً ) قال جوش فرفعت نظرها عن الجدول ....
تسمرت من الصدمة وتوقفت عن التنفس فازدادت ضربات قلبها
ربــــــــــــــــاه!
هل تحلم ؟
لكن لا ....إنه هنا ......رايــــــــان هنا !
أحست بالشوق يعتريها لرؤيته ...كان يرتدي بنطال أسود من الجينز وقميص كحلي داكن وفوقه سترة ... بدا وسيما كعادته ..لكن هناك شيء غريب في ملامحه ..كان يبدو ........مهموما ؟
عادت إلى رشدها فكرهت نفسها ..كيف تفكر بهذه الطريقة ؟
كيف تتأمله كمراهقة وقد أقسمت أنها عندما تراه مرة أخرى سيرى الاحتقار والكره في عينيها ؟
(مرحبا دانييل ! ) قالها برقة فكادت تبكي لكلماته البسيطة ...
رن جرس انتهاء الصف فغادر الأطفال على عجل
(إلى اللقاء يا آنسة ! )
وجدت صوتها وقالت ( إلى اللقاء وستكملون هذا غدا ,هل فهمتم ؟)
ساد الصمت عندما خرج الأطفال ...نظر إليها متأملا ...بدت جميلة جدا ,لكنها فقدت بعض الوزن وفقدت عيناها البريق الذي يحبه ...
آآآه ! كم تعذب لفعلته وهو يستحق هذا ..إنه يريد منها أن تسامحه
هذا فقط مايريده !
أما حبه فهو يبقى في قلبه لأنه لن يجرؤ أن يقول لها عن عذابه ..لن تقبل بحبه بعد ما فعل ..فقد جرحها ...
(ليس مرحّب بك هنا ! ) قالت وهي ترتب الأوراق على مكتبها المرتب ثم نظرت إليه متوقعة أن يذهب لكنه لم يأتِ ليذهب ..فهو باقٍ ليشرح كل شيء ..لقد علم أنها تعرف قصته مع صوفيا من مورا التي رأت حالته المريعة ...
(ارحل يا رايان ! ) أمرته بهدوء غاضب ...
تقدم إلى مكتبها وقال وعيناه في عينيها ( بيننا عمل لم ينته !)
ردت متهكمة (أحقاً ؟ حسب ظني لايوجد أي شيء بيننا )
أحس بانكماشها لاقترابه منها فوقف على بعد خطوات منها ثم قال بجدية(أنا آسف ,لقد جرحتك .لاتعلمين كم عذبني تصرفي الأحمق ..
لقد ....)
(كفى ! لاأريد أن أسمع أعذارك السخيفة ! ) صاحت به وقد احمر وجهها غضبا ..حاول أن يبقى هادئا فقال (يجب أن تسمعيها على أي حال ! )
(لماذا ؟ كي أسمع المزيد من هرائك الكاذب ؟ لتضحك بعقلي بكلامك المعسول ..كنتُ غبية كي أتلقى صفعة على وجهي لكنني لستُ حمقاء لأدير وجهي للصفعة الأخرى ! )
(إنك تعرفين لماذا فعلتُ مافعلتُه !) تمتم صارفا بأسنانه
(أحقا ؟ لأنني لاأعرف ...هل كُتِبَ على جبهتي بكلمات عريضة *لصة* أو كما قلتَها أنت عندما التقينا* صائدة ثروات *؟أرجو أن أكون قد أضحكتك بشكل كافٍ لأنني لن أدعك تضحك علي بذلك الشكل مرة أخرى ! )
(هل انتهيتِ ؟) قال وعيناه تبرقان ببريق غاضب
(كلا ,أنا أكرهك وأحتقرك والآن أُخرج من مكتبي ! )
بسرعة البرق تقدم منها وأمسك بكتفيها قائلا بغضب ( هذا يكفي يا دانييل ,لو أنني شخص آخر لما تحمل هذه الإهانات والآن اسمعي جيدا )
تركها وقد لاحظ نظرات الذعر على وجهها ثم أكمل (منذ سنة ونصف تعرفتُ إلى صوفيا وظننتُ أنني أحبها ..كانت جريئة ومندفعة وغريبة بشكل معروف جدا ..أحسستُ أنني أكن لها المشاعر إلى أن اكتشفتُ أنها مدمنة مخدرات ,كما تعرفين القصة . انتهت القصة بقضية تحرش .كانت سمعتي في خطر فاستعملتُ تحريا ليتحرى عنها ويتجسس عليها ...دعيني أكمل ! ) أنهى كلامه عندما رأى الاعتراض على وجهها فسكتت مكرهة
تابع مرة أخرى (كنتُ محظوظا لأنها خرجت من حياتي لكنها بقيت تؤثر على قراراتي وحياتي ...أصبحتُ مجنونا بالشك ..لم أعد أتقبل الحياة كما السابق ..أصبحتُ انطوائيا ..كرهتُ نفسي لأنني سمحت لامرأة رخيصة أن تستغلني فأقسمتُ أنني لن أسمح لامرأة بدخول حياتي أو حياة عائلتي ...ذلك اليوم عندما قابلتك لأول مرة ......أحسستُ بشيء غريب حتى قبل أن أكلمك أخذت أراقبك من بعيد ..أحسستُ أنك خطرة على مشاعري وقراراتي بشكل كبير وعندما قلتِ أنك لن تأتِ لتزوري والدك ثم وجدتك عنده بعد أيام ساورني الشك ...بعض الأحيان كنتُ أراك صوفيا وكنتُ أكرهك بشدة وفي أحيان أخرى تبدين أكثر براءة من ميا ...لقد حيرتني فأصابني الجنون وفي لحظة متهورة طلبتُ من محقق أن يتحرى عنك وتتابعت الأيام وكنتُ أعرفك أكثر في كل يوم يمر وعرفت مع كل لحظة أنك لستِ تلك المرأة التي كنتُ أظنها وأنك بريئة من كل الاتهامات التي كنتُ أقذفها عليك فأسرعت إلى المحقق لإلغاء التحقيق لكن الأوان فات فقد أرسل الملف .كنتُ أنوي حرقه أو حتى إعطاءك إياه بعد أن أخبرك عن القصة كلها لكنك سمعت ماقالته _دون_ أولا ......)
ساد صمت ثقيل كانت هي فيه ترتجف من رأسها حتى أخمص قدميها (ماذا تريد مني الآن ؟)
صمت محبطا ثم رد ( لاشيء ....لايمكنني إلا أن أقول لك كم أنا آسف )
(يجب أن تكون كذلك ,هل تظن أنني أشعر بالفخر لسماعك تقول أنك احتقرتني وحكمت علي من اللقاء الأول ؟ هل ظننت أنه بهذه الخطبة الطويلة تستطيع أن تستدرج عطفي لكي أقول *آه يارايان دعنى ننسى كل شيء*؟ إذا كنت تظن ذلك فأنت مخطئ ) لم يقل كلمة إزاء انفجارها ..فهو من حقها وأكثر ..حتى أنه كان يتمنى أن تصفعه لتبرد النيران التي تشب في داخله ...
قال بانهزام لم تره فيه من قبل (قلتِ لي مرة أنه عندما أعرف الحقيقة سأعض أصابعي ندما ..حسناً أنت محقة ..لذلك سامحيني دانييل ! )
قالت متهكمة (لتستطيع النوم في الليالي يا رايان ؟ هل تعاني من عقدة الذنب ؟ قل لي سبب مقنع يجعلني أسامحك .....)
اقترب منها حتى أصبح على بعد خطوة منها وقال برقة(أريد منك أن تسامحيني لأستطيع أن أقول لك كــــــــم أنــــا أحــــــــــــبـــــــــــك ! )
تسمرت من الصدمة ....لم تتوقع أن يقول هذا ..حدقت في عينيه باحثة عن وميض كذب لكنها لم تر إلا شعاعا من الصدق ينبعث من تلك العينين السوداوين ..

ابتعد عنها ثم قال بألم ( لكنك لن تسامحيني وعلي أن أعيش مع هذا الواقع الأليم لبقية حياتي ...لاتظني أني أستدرج عطفك أو شفقتك فأنا أخطأت وسأدفع ثمن خطأي ...)
تركها خارجا من الغرفة فاصطدم بشخص وقد كان جيسيكا (أنا آسفة! )
(لابأس ! ) نظرت جيسيكا إلى رايان ثم إلى دانييل المصدومة فقالت (لقد رأيتك في المسرحية قبل ساعات ..لابد أنك رايان ! )
أعلنت جيسيكا بفرح ثم قالت (أنا جيسيكا يورك ,صديقة دانييل )
(أعرف, تشرفتُ بمعرفتك لكن علي المغادرة ...الوداع !)
قالها بسرعة وألقى كلمته الأخيرة بألم ..وكأنه لن يراها بعد الآن
تسمرت دانييل من الصدمة فلم تقدر على الحركة ..هل هذا حلم ؟ هل قال أنه يحبها ؟ وهل قال حقا الوداع ؟؟؟؟
سمعت صوت سيارته يغادر بصرير فأحست أن روحها غادرت جسمها ..مالبثت أن غابت عن الوعي ....
&&&&&&
بعد ساعتين ,كانت في المستشفى ..تعرضت لنوبة انخفاض في ضغط الدم بعد ارتفاع شديد ..ويجب أن تمضي الليلة في المستشفى ...
كانت تتوسل الجميع أن تخرج لكنهم لم يقبلوا ..كان ترافيس وجيسيكا معها فقال ترافيس (إنك مجنونة ,هل تريدين الموت ؟)
(جيسي ,أرجوك .يجب أن أذهب إليه أرجوك ! )
نظرت إليها جيسيكا باستسلام لكن ترافيس قال بحزم (كلا ! )
ثم دخلت الممرضة التي أعطت دانييل مهدئ فغطت دانييل في نوم عميق بسرعة ....
عندما فتحت عينيه في الصباح ,كانت تشعر بشيء من النشاط ...عندما وصلت للمنزل ..كانت هناك شاحنة أمام المنزل ...
نزلت مع جيسيكا وترافيس وإذا بصبي يقول (دانييل باركر ؟)
(أنا هي !)
(هذه لكِ ) ثم أعطاها ملف ورسالة ثم أمر بإنزال ثلاث درزينات من الزهور ..كانت منذهلة من الأعداد الكثيرة للأزهار التي ملأت المنزل ..كانت مزيج من زهور اللوتس والماديلايف ..عرفت من المرسل فورا
إنــــــــه هو !
قالت جيسيكا (ممن هي ؟)
فتحت دانييل الرسالة أولا ,,,كانت مختصرة وهذا خط يده ....
*قلتِ مرة أننا عندما نخطئ ونريد الاعتذار من شخص أخطأنا بحقه فأزهار اللوتس والماديلايف هي أفضل الزهور لهذه الحالة
سامحيني يا داني !
ملاحظة : عندما تفتحين الملف ستجدين نتائج تحاليلك الوراثية ,أعلم أنك لا تريدينها لكني أردتك أن تعرفي أن بإمكانك البحث عن توأم روحك على مهلك ...فلديك كل الوقت لذلك ...نتيجة الفحص سلبية ...
تقبلي تمنياتي لك بالسعادة
رايان *

وقعت دمعة على الورقة .......إنها تحبه وتعشقه ...يجب أن تقول له هذا..
اختطفت المفاتيح من يد ترافيس وهي تشعر بالسعادة في كيانها ...ثم اختطفت زهرة لوتس معها ...
(إلى أين ؟ ) صرخ بها ترافيس متفاجئا وجيسيكا تقف بجانبه
لوحت لهما مع انطلاق السيارة وقالت (إلى ذكريات الشتاء ! )
(ماذا ؟ مالذي يحـ.........) تمتم ترافيس بغضب ونفاذ صبر لكنه تلعثم عندما رأى زوجته تبكي ..(جيسي ,مابك ؟ )
(إنها تحبه ! ) ثم احتضنت زوجها ....
&&&&&
أقفل الملف بغضب ,لم يستطع أن يركز في أي شيء , وقد امضى الساعة الماضية يحدق في الملف قارئا السطر عشرات المرات ...
مرر يده على وجهه ثم رجع إلى الخلف بكرسيه ..إنه يشعر بالاختناق ويود لو يكسر شيئا ليريح نفسه ...
ضغط على زر في مكتبه (_دون_ أجّلي المواعيد لهذا اليوم ..سأخرج وقد لاأعود طوال اليوم ...) ثم نهض يرتدي المعطف
جاءه صوت _دون_ التي شعرت بالذنب لأنها سببت المشاكل بينه وبين دانييل لكن رايان طمأنها وقال أنه ليس ذنبها
قالت _دون_ (لكن قبل أن تخرج ,لديك زائر !)
توقف قليلا فقد كانت لهجتها تنبئ بالخطر ..فهو يعرف هذه النبرة وهو ان الزائر لاتحبه _دون_ بالتأكيد ...
فتح باب المكتب وأحس بالصدمة لمن كان هناك
(صوفـــــــــــــيا !! )
&&&&&&&
تباً ,تباً ......تمتمت بذلك فهي لم تخرج من نيويورك بعد بسبب الأشغال التي في الطرقات ..وقد امتلأ الشارع بالسيارات ....نظرت خلفها فلم تر سيارات فأرجعت سيارتها واتخذت طريقا مختصرة إلى لونغ أيلند ..
توقفت السيارة بعد وقت قياسي أمام الشركة بعد أن ذهبت إلى المستشفى وسألت عنه هناك فلم تجده ...
دفعت الأبواب الزجاجية الثقيلة مسرعة وتوجهت إلى المصعد بعد أن أعطاها الحارس التصريح (شكرا يا هانك! )
(لامشكلة يا آنسة ! )
أسرعت خطاها نحو مكتب رايان وعندما وصلت إلى غرفة السكرتيرة إذا رايان يخرج ومعه امرأة ..تسمرت مكانها من الصدمة ..كانت امرأة رائعة الجمال وكأنها خرجت لتوها من إحدى المجلات العصرية ..لم ينتبه إليها أحد فكانت تلك فرصة رائعة للهرب إلا أنها لم تستطع الحراك ...
(الوداع صوفيا ,أتمنى لك كل السعادة ..) كان يودع تلك المرأة بكل عطف ودفء ......صوفيا ؟؟ ربــــاه! إنها هي المرأة التي كان يحبها ..
(وداعا يا عزيزي !) همست بذلك بمحبة وهي تمسك ذراعه ثم توجهت نحو المخرج حيث كانت دانييل متسمرة ....
(دانييل ؟!!) وصل اسمها إلى أذنيها المضطربتين ..مرت بها المرأة وخرجت ..مرت دقيقة كان الصمت فيها هو سيد الموقف ..مالبثت أن استدارت لتهرب ..لكنها لم تنجح في ذلك لأن رايان أمسكها من ذراعيها وقال بذهول (مالذي تفعلينه هنا ؟)
تلعثمت والدموع تموج في عينيها (أنا ....إنني .....لقد ظننتُ ......ربـــاه! أشعر بالغباء ..) ثم نظرت نحو الورقة التي تحملها في يدها ..
رسالته ! ماأغباها ...وكم تشعر بالإحراج ....
(يجب أن أذهب ! ) حاولت أن تفلت ذراعها من قبضته لكنها لم تستطع لأنه قال (لا لن تفعلي ! فقد كنتُ في طريقي إليك ) ثم سحبها بلطف نحو مكتبه
(دانييل ؟ ) رددت _دون_ مذهولة لكن رايان لم يستمع بل أغلق الباب خلفهما في المكتب ..
تأملها مذهولا ..كانت لاتزال في نفس البذلة البنية التي رآها فيها البارحة إلا أن شكلها كان شاحبا ومريضا ..وشعرها الذي كان مربوطا بالأمس أصبح منسدلا ..إلا أنها بدت مريضة !!!
(هل أنت بخير ؟) قال مقتربا منها ..
أجابت بذهن غائب (لقد كنت في المستشفى !)
(ماذا ؟ ) صرخ مستفهما ...
وكأنها استيقظت فنظرت إلى الورقة وقالت (هل هذا صحيح ؟)
لم يفهم فرد عليها (ماذا؟)
(هل صحيح أن نتائج الفحص سلبية ؟)
في الحقيقة لم تكن تريد أن تقول هذا السؤال بل أرادت أن تسأله *هل صحيح أنك تحبني ؟*
ابتعد خائب الأمل (أجل وبإمكانك التأكد ! )
(حسنا ......)ثم سكتت فاشتعل غضبه (أهذا ما جئت تريدينني بشأنه ؟هل قطعت كل هذه المسافة لتقولي لي هذا ؟)
(كلا ! ) أجابته بغضب
(إذاً ماذا ؟ ) صرخ بها فحملقت به وقالت بغيظ (مالذي كانت صوفيا تفعله هنا بحق الله ؟)
صمت متفاجئا إذ لم يتوقع السؤال فتابعت غاضبة ( ماذا يجري هنا بالضبط ؟ البارحة فقط أعلنت وبشكل مثير للسخط حبك لي أو هذا مافهمته والآن أراك معها ؟هل تحبها ؟ هل عدت إليها ؟ قل لي الآن كي أستعيد بشكل ما كرامتي اللعينة !!!)
ساد صمت ثم نظرت إلى عينيه متوقعة أي شيء لكنه لم يلبث أن ضحك!!
نعم ! لقد قهقه ضاحكا ...
رباه! لقد جعلها أضحوكة ...لم تستطع تحمل ذلك فتوجهت نحو الباب لكنه وبحركة رشيقة سريعة سد الباب عليها فتراجعت موشكة على البكاء ..إنها غلطتها ! ماكان لها أن تأتي هنا !
وتحت مراقبتها أقفل الباب بالمفتاح ثم وضعه في جيبه فقالت مذعورة (ماذا تفعل ؟)
(لنتكلم على راحتنا ...) ثم اتكأ على الباب قائلا بصراحة (أنتِ تغارين يا داني ! )
(أجل ...لا .....لاأعرف بالضبط ....) تلعثمت
فابتسم قائلا (أنا أعرف , وجوابا على أسئلتك ..كلا أنا لاأحب صوفيا ,وكلا لم أعد إليها ولن أعود .....)
(مالذي كانت تفعله ؟ تتقدم إلى وظيفة ؟) أجابت ساخطة من هدوئه المغرور فضحك مرة أخرى ( لديك حس فكاهي رائع ..لقد أتت إلى هنا لتعتذر إلي عن تصرفها ..إنها الآن ضمن برنامج تأهيل من اثنتي عشرة خطوة وهي في الخطوة التاسعة حيث تقدم الاعتذار إلى كل شخص آذته وأنا أحد هؤلاء الأشخاص ...)
في الحقيقة ماإن رأى صوفيا حتى تأكد من عمق شعوره نحو دانييل فلم يصدق أنه ظن في يوم أنه أحب تلك الباردة ...
(أوه ! ) أدركت غلطتها ثم صمتت
(أوه؟ هذا كل مالديك لتقوليه ! ) كان غاضبا جدا ...
(حسناً ,أنا آسفة على إزعاجك ! شكرا ..)
(تبا دانييل ,إنك تثيرين غضبي حقا ! توقفي عن المراوغة والتلاعب بأعصابي أكثر من هذا ....)
(ماذا تريد مني أن أقول ؟أنني ومنذ أن عرفتك لم تعد حياتي كما كانت وبأنك قلبت حياتي رأسا على عقب وبأني كنتُ من الغباء والحماقة إلى درجة أن أُعجبت وأحببتُ رجلا يحتقرني على الدوام ...هل تريدني أن أقول هذا ؟) ردت غاضبة من نفسها ومنه ....
وبدلا من أن يجيب أمسك بيديها المرتجفتين وقال برقة (أنا لاأحتقرك ! أنا أحبك يا حبيبتي ...أحبك ...أحببتك منذ أول يوم عرفتك فيه ..منذ أن رأيتك في ذلك المتنزه تدسين أنفك الرائع في ذلك الكتاب بتركيز غافلة عن نظرات الإعجاب من حولك ..ظننتُ أن بإمكاني محاربة هذا الشعور لأنني كنتُ أظن أني في غنى عن هذا الهراء لكني كلما ابتعدت أكثر كلما أحببتك أكثر ...أحببتك عندما كنا نلعب البيسبول وأحببتك عندما كنا في منزلي بسبب العاصفة .....أحبك عندما تنظرين إلي غاضبة ...وعندما أخرتني من السجن وسأبقى أحبك على الدوام إلى آخر يوم في حياتي ....) ثم قبَّل يديها الصغيرتين ونظر إلى عينيها بحب ...
لم تحلم قط في حياتها بمثل هذه العاطفة نحوها ...لم تتخيل أن بإمكان أحد أن يقول لها هذه الكلمات ويعنيها بصدق ..لكنها الآن لاتحلم !!
وهاهو رايان يعترف بحبه بكل رقة وعذوبة ......من فرط سعادتها أخذت تبكي (لا,لاتبكي يا حبيبتي .لاأحب رؤيتك هكذا ..)
نظرت إليه من بين دموعها (كنت طوال الوقت تحبني في الوقت الذي ظننتُ أنك تكرهني وكنتُ أتعذب كل يوم لأنك لاتحبني ...)
وأكملت كلامها باكية فمسح دموعها بيديه برقة قائلا ( لم أكن أعلم أنني أحبك حتى ذلك اليوم في ساحة التزلج وعندما ظننتُ أنني سأخسرك عندما أخذك ستروم رهينة ...ذلك اليوم كاد الجنون يتملكني ..لفكرة خسارتك !)
ثم أكمل متجهما ( لكن ماجعلني أشعر بالذنب هو ذاك التحري ,فقد عرفتُ دانييل الحقيقية وهي لايمكن أن تكون مخادعة ....)
قاطعته وهي تضع يديها على وجهه برقة ( كف عن لوم نفسك فلقد سامحتك وحسب قول جيسيكا فالناس في القرن الواحد والعشرين يعتبرون هذا عملا بسيطا ...) ثم ضحكت
لكنه لم يضحك بل قال بجدية (هل تسامحيني دانييل ؟)
نظرت إليه بحب وقالت (وكيف لا أسامحك وأنت الرجل الذي أحب والذي يسكن أحلامي ؟ أنت الرجل الذي جعلني أعرف معنى أن يكون الشخص واقعا في الحب ! أنا أحبك ياريان ! )
أمسك وجهها بيديه وقال بتأثر (لاتعلمين كم كنتُ أتشوق لسماع هذا منك يا حبيبة عمري ,آه كم كنتُ أتعذب وأغار من ترافيس وكل اللذين عرفوك قبلي وديميتري أيضا ..كم كرهته ! لقد كنتُ أتشوق لك في كل دقيقة أراك فيها وكم كنتُ أشعر بالراحة لرؤيتك بعينيك الجميلتين وشعرك المذهل ..لقد أرجعتِ إلي حياتي وأرجعتِ لي الضحكة إلى شفتي ..أنت منقذتي يا دانييل ! )
(لقد كنتُ أشعر بالغيرة من كلوي لأنها أوهمتني أنك مهتم بها ..وقد اقتنعت بكلامها فأنت لك تكن تكرهها مثلي ..ولم ترمقها بتلك النظرات المخيفة ...فظننت أنك تحبها ...)
احتضنها قائلا بعذوبة ( أنا لاأحب أي امرأة أخرى عداكِ ...لاتتخيلين مدى ألمي وإحباطي هذه الأيام الماضية ..)
أحست بالأمان معه ...وتأكدت بأن أيام الوحدة والاكتئاب والحزن قد ولت ..مرت دقيقة صمت فقالت بذهن غائب (عندما غادرتَ البارحة أحسست أنني خسرتك للأبد ..خصوصا عندما قلت أنك تحبني وغادرتَ مسرعا ,فانتهى بي الأمر في المستشفى )
(ماذا ؟)صرخ بألم ونظر إلى عينيها
(لقد أمضيت ليلة هناك بسبب انخفاض مفاجئ في ضغط الدم بعد ارتفاع شديد )
(ياإلهي ! كدت تموتين )همس بخوف حقيقي
لمست خده وقالت (لكنني لم أمت ) تابعت بخوف (هل تظن أن حبنا سيدوم؟)
نظر إلى عينيها الخائفتين وقال بثقة (أنا متأكد أنه سيدوم لأن ما بيننا ليس فقط حبا بل احترام وثقة وتفاهم وهذا ما يجعله مميزا ..) ابتسمت وقالت (أحبك !)
(تزوجيني إذا !) قالها برقة فتسمرت من الصدمة
(ماذا؟)
(تزوجيني واجعليني أسير حبك طيلة العمر ..تزوجيني وأعدك أنني سأبذل جهدي لأسعدك ..) ثم أخرج من جيب سترته علبة مخملية سوداء ثم فتحها قائلا برومنسية (هل تشرفينني بالزواج منك يا دانييل باركر ؟)
نظرت إليه ثم إلى الخاتم المرصع باللازورد وماسة تتوسط الخاتم ..لقد أفحمها فلم تجد الكلمات ثم أكمل شارحا (لقد سافرت إلى نيويرك ليلة الحفلة وأخذت أوب محلات الجواهر لأجد الخاتم اللذي يناسبك فوجدت هذا, اللازورد لأنه يذكرني بعينيك اللازورديتين والماس لأنني أحبك!)
دمعت عيناها وقالت بتأثر (سأتزوجك ياريان ..لأنني أحبك أيضا)
ألبسها الخاتم والذي كان كبيرا على إصبعها فضحك الاثنين وقال (سأعدله ليناسب إصبعك إلا إذا أردت أن تستبدليه )
ابتسمت وقد عاد البريق إلى عينيها (بل أريد هذا ,لأنني في كل مرة أراه سأتذكر هذا اليوم الرائع )
احتضنها بسعادة فقاطع صوت الآلة همساتهما وجاء صوت _دون_ متضرعا (ماذا حدث يارايان ؟إنكما تثيران أعصابي )
ضحك الاثنان ففتح رايان الباب وذراع دانييل في ذراعه ...
فهتفت _دون _ بفرح (آه كم أنا سعيدة )
نظرت دانييل إلى رايان الذي كان يتأملها بحب ورددت في نفسها *بل أنا هي السعيدة *
ظنت أنها لن تجد الحب وبأن فارس أحلامها غير موجود في هذا العالم لكنه كان موجودا وهو يحبها وتحبه أيضا وستظل تحبه حتى آخر يوم في حياتها ,,,
&&&&&&&&





الخــــــــــــاتـــــــمــــــة

(هل تعرفين أنني أحبك ؟) قال هذا متأملا مالها في فستانها الفضي في عيد زواجهما الأول .....
كان يوم الزفاف رائعا فقد أقيم بعد شهرين فقط من ذلك اليوم الخرافي ...كانت تبدو رائعة في فستانها الأبيض وكم تمنت لو أن والدتها معها وعندما رآها والدها تبكي ممسكة بصورة أمها ...جلس بصمت إلى جانبها وقد امتلأت عيناه بالدموع هو الآخر وقال (كنتُ أتمنى لو تراك في هذا اليوم ,كم كانت لتكون فخورة بك يا عزيزتي ..)
ذلك اليوم شعرت أنها ستنفجر لفرط سعادتها ,,,فعائلتها تحبها وزوجها أيضا يعشقها ...
أجابته راقصة على أنغام موسيقى كلاسيكية في حلبة الرقص (كلا , لاأعلم) ثم ابتسمت بمكر
بادلها ابتسامتها وقال (إذن يجب أن تعلمي أنني أحبك يا أجمل من رأت عيناي )
إن زوجها رجل حنون ومحب ..وحبها له يزداد يوما بعد يوم ..وهي متأكدة أنه يحبها بنفس المقدار وهي تعلم أنه سيكون أباً رائعا ...
كان قد ترك العمل في المستشفى ليتفرغ أكثر ويرتاح أيضا من الضغط فقالت له آنذاك (هل أنت متأكد ؟ هل ستندم على قرارك هذا ؟)
أجابها بثقة (لن أندم لأنني سأكون معك ..)
بدا وسيما جدا الليلة فقالت له ( أريد أن أريك الهدية التي جلبتها لك ..)
أجاب متصنعا الملل ( هدية أخرى ! ) وكان يعني بذلك هديتها الأولى وهي عبارة عن ساعة من ماركة عالمية معها حذاء تزلج ضحك عندما رآه فقالت له (أريدك أن تتعلم التزلج ! لأنني أريدك أن تتزلج معي )
أمسكت بيده وخرجت به نحو الشرفة في منزلهما بعد أن أصلحه رايان وجدده ...توقف الاثنان عند طاولة نُصبت في منتصف الشرفة وعليها كيس صغير فقالت له (افتحه!)
كانت عيناها تبرقان بسعادة أما هو فقد كان متسائلا عن طبيعة الهدية وعندما فتحها وجد فيها ثيابا للأطفال ..كانت صغيرة بشكل لا يصدق ..لم يفهم ما يجري فنظر إليها متسائلا فتنهدت ساخطة وقالت له (اقرأ البطاقة)
قرأ البطاقة التي تقول * قلت لي مرة أنك تريد عائلة كبيرة تضم أطفالا رائعي الجمال حيث البنات يشبهنني والأولاد يشبهونك ..اليوم تحقق حلمك لأنني وبعد سبعة أشهر سأضع مولودا ..زوجتك الحبيبة *
رفع نظره عن البطاقة مندهشا فقال ( أهذا صحيح؟)
أومأت بسعادة (أجل )
(أوه دانييل ,إنني في منتهى السعادة ) ثم رفعها دائرا بها الشرفة بسعادة فضحكت لردة فعله ...
وهي سعيدة أيضا لأن حلمها هي أيضا تحقق وماأجمله من حلم!
تمتمت بحب (أحبك ! )
وستحبه حتى آخر العمر ....


%تـــــــــــــــــــــمـــــــــــــــــــــت %

http://im32.gulfup.com/56337.png[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

one girl 03-08-2013 12:44 AM

وااااااااااااااو رواااية رووعة تسسسلم يدينك على الرووواية الروعة

Simoni Rai 03-08-2013 12:33 PM

النهــــــاية روووووووووعــــــــــة وجميلة جدا
حقا استمتعت بقراءة هذه الرواية المذهلة ولابداعك المبهر الرائع
اتمنى لك التوفيق وان تستمري في اتحافنا واسعادنا باسلوبك الشيق وقصصك الجميلة
شكــــــــــــرا


الساعة الآن 02:38 AM.

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011