عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > ~¤¢§{(¯´°•. العيــون الساهره.•°`¯)}§¢¤~ > أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه

أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه هنا توضع المواضيع الغير مكتملة او المكرره في المنتدى او المنقوله من مواقع اخرى دون تصرف ناقلها او المواضيع المخالفه.

Like Tree75Likes
 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم 02-22-2013, 05:18 PM
 
[align=center][tabletext="width:70%;background-color:silver;border:7px groove black;"][cell="filter:;"][align=center]

-6-





جلست العجوز "مارغريت" في غرقتها تطالع واحدا من كتبها القديمة التي اصفرت أوراقها ،

قلبت صفحات الكتاب و توقفت قليلا عند صفحة معينة ، ثم أغلقته و وضعته فوق منضدة صغيرة كانت على يمينها.

إلتفتت إلى حفيدتها الجالسة أمامها منذ نصف ساعة و لديها _كما خمنت من خلال معرفتها بها_ كلام ترغب بقوله.

(حسنا يا لايزا ، أخبريني ما الأمر ؟)

نبرة الحنان التي لونت صوتها الخشن كانت مناقضة لتلك الملامح القاسية التي تغلف وجهها.

أومأت لايزا برأسها إيجابا و هي تقول :

(تحدثت إلى زين هذا اليوم.)

(و عما تحدثتما ؟)

سألت العجوز مارغريت بشيء من اللامبالاة ، ثم رفعت فنجان شاي من فوق المنضدة و ارتشفت منه ببطء.

(سيأتي لمقابلتك.)

أجابت لايزا بحذر وهي ترقب ردة فعل جدتها على كلامها ، لكن الأخيرة اكتفت بأن أومأت برأسها ببساطة قائلة :

(حقا .. و ماذا يريد هذا الفتى ؟)

(يريد أن يعرف الحقيقة .. وهو يدرك بطريقة ما أنه سيجدها لدينا !)

أعلنت العجوز بصرامة :

(ما من حقيقة نطلعها عليه الآن ، لايزال الوقت مبكرا على ذلك.)

عقدت لايزا التي توقعت مثل هذا الرد حاجبيها ، إنها المرة الأولى التي تخالف فيها رأي جدتها و تراه خاطئا :


(لكن أليس هذا من حقه ؟! جدتي .. إن جاء ليسألك ألن تخبريه بالحقيقة ؟!)

(لايزا .. لنكن واضحتين في هذا !)

قالت العجوز مارغريت وهي تضع فنجانها فوق المنضدة و تابعت وهي تنظر إلى الإصرار في عيني حفيدتها :

(ليس بمقدوري تجاهل مسؤوليتي عن هذا الأمر ، إن جاء الفتى يسأل فسيكون علي إطلاعه على الحقيقة لكن ذلك سيكون فقط إذا سألني بشكل مباشر !)

ارتسمت الحيرة على ملامح لايزا بعد عبارتها الأخيرة :

(ماذا تقصدين ؟!)

(أقصد أنني مادمت لا أستطيع الإمتناع عن الإجابة فلن أمنحه فرصة السؤال أبدا ، لست أدري أي أفكار تدور في رأسه الآن فمؤكد أنه لاحظ ما كان يحصل له بعد مغيب الشمس و ما كنت أقوم به لإيقافه و منع كارثة من الوقوع !)

تابعت العجوز و ابتسامة جافة ترتسم على وجهها المتغضن :

(لكنه يدهشني حقا ، إنه ذكي بما يكفي ليفهم معنى حدسه و يبقى بعيدا عن المتاعب ، و هذا سيسهل علي مهمة حمايته حتى يحين الوقت و يغدو جاهزا.)

هتفت لايزا :

(و لكن هذا ليس عدلا جدتي ، ليس عدلا أن تمنعيه عن الحقيقة في إنتظار مجيء يوم بعينه ، إنه يعيش الآن حيرة و ضياعا شديدين فكيف سينتظر حتى ذلك اليوم !)


ثم أطرقت رأسها بحزن ، و همست شاردة :

(أعلم أن هذا صعب عليه ، أن يبقى جاهلا لهويته الحقيقية .. صعب جدا !)

كانت صورة وجه زين لا تفارقها منذ ذلك اليوم عند الشاطئ ، و كذلك كلماته الحائرة !

هي ترى ما خلف ذلك الهدوء و الصمت العجيب ، ترى كيف أن عينيه تحويان ألما و معاناة خفيين ،

و كيف يظل ذلك التعبير الميت هو التعبير الوحيد المرتسم على وجهه دائما ...

إنه ليس بخير .. ليس بخير أبدا !

(لماذا تعتقدين هذا ؟)

سألت السيدة مارغريت مقاطعة شرودها ، و لم تعي لايزا أنها نطقت عبارتها الأخيرة بصوت مسموع إلا عندما كررت العجوز سؤالها بإهتمام :

(لما تعتقدين بأنه ليس بخير ؟)

تطلعت لايزا إلى جدتها للحظات محاولة فهم هذا الخوف الذي تشعر به تجاه زين حتى تستطيع توضيحه :

(لا أعرف ، ربما .. ربما لأنه وحده في ذلك المنزل أو لأنه قد بدا مريضا جدا هذا اليوم ، أنا .. في الحقيقة لست أدري لكنني قلقة !)

انعقد حاجبا السيدة مارغريت وهي تسأل :

(ماذا تعنين ببدا مريضا ؟)

أومأت لايزا برأسها و راحت تقص عليها ما حدث في مخزن المدرسة الصغير هذا اليوم ، عندما إنهار زين فجأة كمن يعاني آلام ذبحة صدرية !

لقد تملكها ذعر شديد حين تهاوى على ركبتيه فجأة و يده تقبض على صدره بعنف و لم يستطع إجابتها ،

كانت خائفة و لم تعرف ما يجب أن تفعله ، فكرت في الإسراع لطلب المساعدة لكنها لم تستطع أن تتركه و هو في تلك الحال !

لذا بقيت إلى جانبه بتوتر تطلب منه التماسك ،

أذهلها بأن استطاع النهوض بعد لحظات قليلة ، و أخبرها أن لا تقلق فذلك أمر عادي يصيبه بين الحين و الآخر ،

لكنها علمت وهي تراه يبتعد بخطوات ثقيلة و منهكة أنه فقط يتحامل على نفسه و يخفي ألمه !

عملت لايزا على توضيح هذه النقطة للسيدة مارغريت التي تمتمت أخيرا :

(قد يكون صادقا فيما قاله و لا داعي للقلق.)

قالتها رغم أنها كانت غير مقتنعة تماما ، صمتت للحظات قبل أن تستطرد :

(حسنا .. الوقت قد تأخر الآن لما لا تذهبين للنوم يا لايزا ؟!)

أومأت لايزا برأسها إيجابا ، كانت تعلم أن جدتها حين تتحدث على هذا النحو يكون هناك ما يشغلها بالتأكيد ،

لذا تحركت بإستسلام خارجة من الغرفة بعد أن تمنت لها ليلة سعيدة ، كاتمة انزعاجها لأن محادثتهما لم تنتهي !

‏‏نهضت العجوز مارغريت واقفة فور انصراف حفيدتها ، خطت ببطء حتى منتصف الغرفة و يداها معقودتان أمام خصرها.

ثم أغمضت عينيها .. فكأنها كانت إشارة جعلت أضواء الغرفة تنطفئ !

تنفست السيدة مارغريت ببطء دون أن تفتح عينيها ، صفت ذهنها و بدأت تأملها لتستطيع أن تعرف يقينا إن كانت شكوكها في محلها أم لا !

و عندما فتحت عينيها أخيرا كانت حدقتاها السوداوان تبرقان بوميض أخضر عجيب ..!!

تماما كوميض النار التي أشعلت تلك الشمعتين الموجودتين في زاويتي الغرفة على نحو مفاجئ و دون أن يقترب منها أحد !!

قالت العجوز بصوت ثقيل يتردد كالصدى :

(مستحيل أن يوجد خطأ ، كل شيء يسير كما ينبغي ... أنا واثقة !)

قالتها ثم أدارت رأسها إلى النافذة تنظر إلى المنزل المقابل .. منزل زين !

بدت و عينيها ماتزال تومض بذلك الضوء الأخضر الرهيب ، كائنا عجيبا .. و لغزا من أعظم الألغاز ... في حياة زين !!



¤ ¤ ¤



للمرة الأولى يكره زين ظلام غرفته الذي يحيط به ، لكنه ما كان قادرا حتى على الوصول إلى مصباح المكتب القريب بينما يتلوى ألما فوق سريره !


لقد بقي على هذه الحال مذ خرج من المدرسة ، هاربا لمنزله لا يدري مما ، و غير راغب في أن يكتشف أحد ما يمر به الآن !

أطلق تأوها مكتوما وهو ينكمش على نفسه ، بالكاد يقدر على التنفس ، ما عاد الأمر مجرد نوبات قصيرة المدة محتملة الآلام ، لقد غدا عذابا حقيقيا !

سمفونية الألم التي تعزفها تلك الأصوات بأنينها و صرخات أوجاعها تمزقه و بات يسمع فيها صدى لآلامه الرهيبة !

في كل مرة و قبل أن تمتد يده إلى صدره لتعتصر قميصه ، يكون واثقا من كون صدره يتمزق بثقب جديد هو ما يسبب له كل هذا القدر من الألم !

لكن جراحه ما كانت جسدية ، فألمه كان عميقا في الصميم.

زفر بإختناق و حاول إدخال الهواء إلى رئتيه التين تكادان تتوقفان عن العمل ، أي الجحيم هذا ؟!

إن روحه هي ما يتمزق ... و هل هناك شعور أقسى من ذلك ؟!

لقد فقد الإحساس بالزمن و لا يدري كم من الوقت ظل على هذه الحال ، ليت هذا يتوقف .. فقط للحظات قصيرة ، لحظات تمكنه من التماسك و التحلي بالقوة للصمود مدة أطول !

أغمض عينيه بضعف .. يصمد حتى متى ... و لماذا ؟!

ما الذي يجري له بحق الجحيم ؟!

عدم قدرته على إيجاد جواب شافي كان يزيد فقط من حدة معاناته !


...

قضى زين قرابة الليل يصارع آلامه التي لم تخف لحظة واحدة ، ما كانت هذه كأي نوبة أصابته من قبل.

و في لحظة ما من ساعات الفجر الأولى ، تحول كل ذلك الألم و الاختناق إلى حمى شديدة ،

لم يغمض له جفن طيلة الليل ، و شعر بجسده المنهك يشتعل حرارة ،

لابد و أن ذلك جعله يهلوس ، فقد بدأ يشعر بحركة مريبة داخل غرفته الهادئة.

(هادئة ؟!)

تساءل زين بذهن نصف واعي ، لم يلحظ قبل الآن توقف تلك الأنات المخيفة ، الغرفة حوله صامتة تماما ، مظلمة إلا من ضياء القمر المتسلل من بين ستائر النافذة ، و الذي جعل أثاث الغرفة البسيط يبدو كأشباح ليل سوداء.

شيء ما تحرك هناك عند خزانة الثياب .. لقد سمع صوتا غريبا ،

لكن جسده الذي يصارع الحمى لايزال غير قادر على الحراك ، و استطاع بجهد أن يدير رأسه جهة ذلك الصوت ،

ما إن وقع بصره على ذلك الشيء الضخم حتى اتسعت عيناه عن آخرهما ، لابد و أنه يهلوس لا غير ... لابد من ذلك !

ذلك الجسم الأسود الذي راح يتضخم بتزايد مستمر ، كان شبيها بذلك الطائر الذي رآه في الغابة ، بل إنه كان ليقسم أنه المخلوق نفسه لولا حجمه العملاق الذي احتل جميع أرجاء الغرفة تقريبا !


المكان كان مظلما ، لكنه استطاع بواسطة القدر الضئيل من ضوء القمر ، أن يرى تفصيلات جسد ذلك المخلوق و التي لم يتبينها في المرة الماضية ، ذيله الطويل و منقاره المدبب الخطر ، و حتى تلك الريشات الطويلة التي تزين أعلى رأسه ،

لم يكن يشبه أي طائر رآه من قبل !

توقف المخلوق عن النمو عندما كاد رأسه يلامس السقف ، و بدت عيناه لامعتين وهو ينظر إليه مباشرة ،

لم يستطع زين إبعاد عينيه عنه ، حاول اقناع نفسه أنه وهم فحسب ، فلاشك أن المرض أعياه و جعله يتخيل أشياء لا وجود لها !

(وهم .. وهم فحسب !)

كرر زين الكلمة في رأسه محاولا تصديقها ، لكن حتى وهو على هذه الحال كان يستطيع الشعور بتلك الصلة الغامضة التي تجمعه بهذا الشيء !

ما كان مخيفا و لا غريبا بالنسبة له فعيني ذلك الكائن كانت شيئا مألوفا للغاية .. مألوفا على نحو صعب التفسير !

ثنى الطائر رقبته الطويلة مقتربا من السرير حيث كان يرقد زين ،

صارت عيناه اللامعة العجيبة قريبة من وجهه لكن زين لم يجفل ،

بل إنه _و بحركة عفوية_ رفع يده رغم إعيائه ليلمس ذلك المخلوق !


بالرغم من أن زين كان واثقا من أنه حقيقي خلاف ما حاول اقناع نفسه به ، إلا أن صدمته كانت كبيرة حين لمست أنامله ذلك الجسم البارد لتثبت صحة وجوده فعلا ،

يالملمس هذا المخلوق الناعم العجيب ! ... لقد عزز ذلك من شعوره بالألفة مع هذا الكائن !

تضاعفت دهشته حين اقترب ذلك المخلوق برأسه أكثر بحيث صار يلامس كفه كله و راح يحرك رأسه لتداعبه يد زين كما لو كان حيوانا أليفا هو صاحبه !!

(مـ .. ماذا .. تكون ؟!)

سأل زين وهو يلتقط انفاسه بصعوبة ، توقف الطائر الضخم لينظر إليه بعيونه اللامعة و كأنه يجيبه ، ثم فتح فمه ببطء و أصدر صوتا عذبا بدا أشبه بعزف الموسيقى ، موسيقى لم يسمع لها مثيل من قبل !

لكنها جعلت جفنيه يثقلان فجأة ، و بالكاد صار قادرا على إبقاء عينيه مفتوحتين ، كان صوت ذلك الطائر الغريب لحنا جميلا جعله يسترخي و يشعر بالنعاس ،

حتى أنه خفف من آلام جسده الرهيبة !

(ما .. أنت ؟!)

همس زين من جديد قبل أن ينسدل جفناه و تسقط يده الممتدة نحو الطائر إلى جواره ،

و يستسلم لنوم عميق .. سحري !!



¤ ¤ ¤



البحر ... !!

إنه يقف أمام البحر لكنه ليس البحر الذي اعتاد على رؤيته ،

الشاطئ أكبر و يمتد حتى مسافة شاسعة لا يرى نهايتها ، و المياه حركتها ثقيلة كما لو كانت من سائل مختلف أكثر كثافة ،

إن له رائحة عجيبة أيضا ، يحملها النسيم البارد إليه بخفة ، إنها رائحة عطرية تنعش الروح !

المكان هنا كالحلم ، لكن أغرب شيء يكاد يحول هذه اللحظة إلى كابوس هو ذلك اللون المريب للقمر المنخفض في السماء ،

إنه بنفسجي .. ؟!!

قمر بنفسجي كبير جدا .. و منير جدا !!

انعكست صورته على صفحة مياه البحر مضطربة بفعل حركة الأمواج ، لقد جعل نوره القوي السماء تتلون بدرجات من ذات اللون الحالم ،

كما جعل ذرات رمل الشاطئ تعكس شيئا من ضياءه البنفسجي و تتلألأ كمسحوق نجمي شفاف !!

و المشهد كله _رغم استحالة تصديقه_ شكل أجمل منظر رأته عيناه !

تجول زين بعينيه في المساحة الشاسعة التي لا يرى لها نهاية ، تائها وسط حيرة غمرت عقله بضبابية ..

كيف يعقل أن يبدو هذا المكان .. شيئا يعرفه ؟! شيئا .. ينتمي إليه ؟!

كيف يبدو .. طبيعيا على هذا النحو الأكيد ؟!


ظل واقفا فحسب .. غير راغب في خسارة هذا السلام الذي يحسه.

أخذ نفسا عميقا و نسمات الهواء العطر تداعب وجهه و شعره الأسود.

شيء مثل الخيال ...

صوت لم يسمع له مثيل ...

غناء موسيقى أعذب من أن تصدق ، بدأ فجأة ثم راح يرتفع شيئا فشيئا !

كما لو كان ذلك الشخص أو الشيء الذي يصدر هذه الأنغام السحرية يقترب أكثر فأكثر منه ، لكنه ما كان قادرا على تحديد جهة الصوت ، لقد كان يملأ المكان كله ... يملأ تلك المساحة اللانهائية من الجمال.

انتابه فجأة شعور أن شيئا ما غير صحيح ،

و في اللحظة التي بدأت قدمه تتحرك فيها إلى الخلف ، هاج البحر كما لو أن بركانا قد تفجر أسفله و ارتفعت أمواجه تتلاطم بعنف ،

لينبثق منها ذلك الكائن العملاق !!

استغرقه الأمر ثانيتين فقط ، اتسعت عيناه الزرقاء بعدها بإدراك لهوية ذلك الكائن العجيب ،

و من بين قطرات المياه المتلألأة التي نثرها جناحا الطائر الضخمين من حوله ، استطاع رؤية عيني المخلوق اللامعتين و المألوفتين و هما تتطلعان إليه !!


هنا تحت هذا الضوء البنفسجي الساطع .. رأى تلك الألوان المبهرة التي حملها ريش هذا الكائن الخرافي ،

اللون اللامع في ذيله و عنقه بدا ذهبا خالصا سكب فوق ريشه الأسود المخملي ، كما كلل رأسه ذي المنقار المدبب تاج من ذات الذهب المتوهج ،

عيناه كانت بنفسجية تكاد تنافس ذلك القمر العجيب في بريقها !

ما هذا الشيء بحق السماء ؟!

بقي زين ينظر ذاهلا إلى الطائر الذي رفرف بجناحيه الضخمين ليظل معلقا على هذا الارتفاع المنخفض ، دافعا مزيد من تلك الرائحة العطرية إلى زين ، و مسمرا جسده بتأثير عينيه العجيبتين.

ما كان زين خائفا أو مصدوما ، كان _و ككل مرة يقابل فيها لغزا يخصه_ مشتتا غير قادر على الفهم !

ماذا يكون ذلك .. ذلك الإحساس الذي يربطه بهذا الشيء ؟!

و لماذا يبدو له في صوته السحري .. بل و حتى في عيونه البنفسجية كأنه يخاطبه و ينادي عليه ؟!!

أراد زين أن يسأله عن هويته .. عن هذا المكان .. و عما يريده منه ، لكن بغض النظر عن كون الطائر قادرا على إجابته أم لا ، لم يستطع هو أن ينطق حرفا ، و مهما حاول ما كان قادرا على تحريك فمه أو على إصدار أي صوت !

رباه .. لابد أن هذا كابوس من نوع ما !


ارتفعت يده إلى حنجرته تتحسسها ، دون أن تفارق عيناه عيني ذلك المخلوق الذي راح يهبط مقتربا منه.

صوته الناعم السحري غنى من جديد .. فعاد ذلك الإحساس الحالم يلف عقل زين ، مد يده الأخرى للمخلوق يستقبله بحركة بدت طبيعية ، كما لو أنه معتاد على فعل ذلك منذ زمن !!

(زين احذر .. ابتعد عنها !!)

تجمدت أنامل زين قبل أن تلمس ذلك الطائر العجيب حين اخترقت أذنيه تلك الصيحة المذعورة لصوت يعرفه جيدا.

شعر و كأنه قد استفاق فجأة ، فالتفت بدهشة إلى لايزا التي وقفت خلفه فوق الرمل المتلألئ !

كانت ترتدي ثوبا طويلا شاحب اللون تماوجت أطرافه بنعومة مع الرياح ،

نظرة خوف كانت تعلو تلك العيون الواسعة بينما شعرها الحريري يرفرف حول وجهها الفاتن بتمرد ،

بدت كجزء من هذه اللوحة الخيالية الجمال !

شعر أن رؤيتها أعادت إليه شيئا هاما كان على وشك نسيانه ، رغم أنه لم يستطع معرفة ماهية ذلك الشيء.

قالت بنبرة اهدأ لا تخلو من الخوف :

(زين لا تثق بها ... ستؤذيك !)

(بها ... ؟!!)

لم يستطع نطقها لكنه تساءل في ذهنه و تعبير مشوش يرتسم على وجهه ، أدار رأسه نحو الطائر الذي بقي يرفرف مكانه ناظرا إليه كما لو كان يكذب ما يقال عنه ،


ارتفع حاجباه بعدم تصديق لتلك الحقيقة البسيطة ، هل .. هل هو ... انثى ؟!!

استمرت لايزا تقول بأسى :

(لقد وعدتني زين .. وعدتني .. أنت لا تستطيع أن تذهب إليها ... إنها تخدعك .. سوف تؤذيك !)

صداع حاد بدأ يفتك برأس زين الذي شعر بالضياع و الحيرة وهو ينقل بصره بينها و بين ذلك الطائر السحري غير قادر على الاستيعاب.

(زين ... )

قاطع نداء لايزا ، زعيق حاد ارتفع من حنجرة الطائر الضخم ، زعيق مرعب لا يمت لصوته الموسيقي بأي صلة !

التفت زين إليه فاتسعت عيناه بصدمة ، لقد تغيرت سحنة المخلوق فجأة فاختفت تلك العينان البنفسجيتان و تأثيرهما المهدئ ، ليحل محلها عينان حمراوتان تحملان قسوة شديدة و تعكسان غضبا جهنميا يتطاير كالشرار ،

انتفش ريشه المخملي واقفا فبدا كالإبر ، و غدا الكائن الوديع الجميل بطرفة عين مخلوقا شيطانيا مرعبا !!

موجة من الإدراك البطيء اجتاحت زين وهو يتلقى تلك الضربة التي أوقعته أرضا من جناح الطائر العملاق ،

لايزا كانت مخطئة إنه لن يؤذيه ... لقد اكتفى بإبعاده عن الطريق بحرص ،

و لكن الأمر مختلف بالنسبة لها ... سيؤذيها حتما !

(لا ....)


صرخ زين لكن صرخته لم تتجاوز حلقه ،

رأى الطائر ينقض على جسد لايزا بمخالبه الضخمة الحادة في محاولة لتمزيقها ....

(لا ... !)

الكلمة خرجت من حلقه هذه المرة لكن بنبرة متقطعة إثر لهاثه !

و انهارت تلك الصورة الدموية المريعة أمام عينيه و تحولت إلى فراغ أسود !!


.....


اندفع زين جالسا بحركة سريعة جعلت رأسه يدور بألم ،

لقد كان على سريره في غرفته ، هل استسلم للنوم إذا .. أكان ذلك كابوسا فحسب ؟!!

فكر وهو يغلق عينيه بإنهاك ... أغرب كابوس على الإطلاق !!


(أمير زينارد !)


إنفتحت عينا زين فور أن اخترق أذنيه ذلك الصوت العميق الناقوسي ،

و تلفت حوله يتأكد من أن الذي سمعه ليس وهما آخر ،

عيونه الزرقاء توسعت بصدمة حين وقع بصره على هيئة تلك الفتاة البنفسجية البشرة و العيون بشكل مستحيل الحدوث ،

فاتنة كلوحة خيالية و شعرها الذهبي البراق يصل حتى الأرض ... لتجره خلفها كأطراف ثوبها الأسود المخملي !

تحركت شفتاها لتنطق بذات الصوت الناقوسي :

(معالي الأمير زينارد لقد حان الوقت ... مملكتك بحاجتك !)


...
[/align]
[/cell][/tabletext][/align]
__________________




افتَقِدُني
music4

  #32  
قديم 02-22-2013, 06:44 PM
 
البارت رهيييييييييييب رووووووووووووعة عنجد
تسلمي يا قلبي أخييييييييييييرا نزل البارت
لازم أعمل حفلة .... آآآآآآآآآآه إشتقت لزين كثييييييييييييييييير
والله إنوا المسكين قطع قلبي ... بتوجع لحالوا بدون ما حدا يحس فيه
جيبوه إلي أنا بساعدوا ... بحطوا بعيوني الإثنتين
بدي البارت الجديد بسررررررررررررررررررررررررررررررعة
__________________
كل عااام وانتم بألف خير
أشكركم حقاً على كل الاوقات الجميلة التي قضيتها هنا
وكل الصديقات التي قادني الأيام للتعرف عليهن
ولكن الآن أنا لم أعد قادرة على الدخول , لدي الكثير من المشاغل
التي تشغلني .. لذلك سامحوني أرجوكم عن أي خطأ بدر مني
وتذكروني بدعائكم
من يعلم قد أعود في أحد الأيام لهذا الصرح لذا لن أقول أنه إعتزال مؤبد
فمن يعلم متى قد أتمكن من العودة و الدخول
  #33  
قديم 02-24-2013, 04:08 AM
 
انك اسطورة زمن بلا شك رواية رائعه ان اكثر ما شد انتباهي هو مدى وصفك لداينميكية عيش انسان مثل زين الذي لا يملك اي احاسيس كما يبدو اتشوق لمعرفة المزيد عنه وكشف ستار غموضه
  #34  
قديم 02-28-2013, 10:42 PM
 
روعة مع انك تأخرتي كثيييييييييييييييييييييررع
__________________
وما ضرني غريب يجهلني وإنما ألمني قريب يعرفني



آسفه لاافبل صداقه الاولاد
  #35  
قديم 03-22-2013, 08:52 PM
 
وقفت عاجزة امام روايتك .. لم اعرف ماذا اكتب لاصفها ..
سوى انني استمتعت بكل حرف فيها ..
و اتمنى ان تواصلي ابداعاتك المتألقة ..
و بالتوفيق دائما .. و شكرا ..
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ألـم اخـبركِ .... اريــدكِ انتِ Ặñâ EšRąâ CO0L ^_^ روايات وقصص الانمي المنقولة والمترجمة 560 01-01-2019 10:05 PM
( غيرت مدرستي فتغيرت حياتي ! ) Aj Lee روايات و قصص الانمي 329 08-23-2017 04:20 PM
{ذا الرداء الأسود} (رومانس&غموض) تأليفي gravitation أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 228 01-24-2013 01:03 AM
(الّ مكسيمليان) (رومانس , غموض ) تأليفي gravitation أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 899 11-06-2012 08:12 PM


الساعة الآن 10:48 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011