عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > ~¤¢§{(¯´°•. العيــون الساهره.•°`¯)}§¢¤~ > أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه

أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه هنا توضع المواضيع الغير مكتملة او المكرره في المنتدى او المنقوله من مواقع اخرى دون تصرف ناقلها او المواضيع المخالفه.

Like Tree75Likes
 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #6  
قديم 01-02-2013, 10:53 AM
 
5

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-color:black;border:5px inset crimson;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]




-5-






ألقى زين جسده فوق الأريكة الكبيرة وسط الصالة ، كما ألقى بمعطفه و حقيبته المدرسية جانبا ، استغرب كثيرا شعوره بالحر رغم جو نوفمبر البارد.

استلقى على الأريكة و ذهنه لايزال منشغلا بلايزا !

غير قادر على نزع صورتها من ذهنه ، تلك الفتاة الجميلة الرقيقة و ما تحركه في أعماقه ، عيناها الواسعة البريئة التي تشع اهتماما به و قلقا عليه ، و تلك العبارات الغامضة التي قالتها له و لا يستطيع التوقف عن التفكير فيها !

و رغم أنها جعلته مشتتا أكثر من قبل حتى و أججت شعوره البغيض بالضياع إلى أبعد حد ، إلا أنه ما كان نادما على تعرفه عليها ... لو كان ممكنا تسمية ما حدث اليوم تعارفا !

لكن لا معنى لأي من هذا الآن ، لقد استمر يتجول لساعات _و الهواء البارد يلفح وجهه دون أن يخفف من السخونة التي يشعر بها_ محاولا البحث عن جواب السؤال الأهم ، ما الذي يصيبه ؟!

رن الهاتف فوق المنضدة أمامه مقاطعا تساؤلاته ، فمد يده بتعب يلتقط سماعة الهاتف :

(آلو ... أهلا أمي.)

قال بصوته الخافت الهادئ ، بدت قلقة و هي تسأله :

(زين .. هل أنت بخير بني ؟ كدت أجن قلقا عندما لم تجب على إتصالاتي .. أين كنت ؟)

(لا داعي للقلق ، كنت أتجول قليلا ..)

(عند الشاطئ ، أليس كذلك ؟!)

(أعلم كيف تشعرين حيال ذلك ، لكنني بخير و لا شيء يدعو للقلق حقا.)

قالها وهو يغلق عينيه و يفركهما بإصبعه و إبهامه ، والدته الطيبة المسكينة !

رغم مرور سنوات على حادث اختفاءه إلا أنها دائمة الخوف من تكرار الأمر ، تخشى من اختفاءه مجددا عند ذلك الشاطئ الذي لا يكف يوما عن الذهاب إليه ، إنها خائفة من المرور عبر ذلك من جديد ، كما تعرب بين الحين و الآخر مبررة سبب قلقها الزائد عليه ، حتى أنها ما كانت لتذهب في رحلة العمل هذه لو امتلكت خيار الرفض.

(كيف يسير العمل ؟)

سألها محاولا تغير الموضوع ، فأجابت بتنهيدة :

(لقد عانينا من بعض المشاكل لكن كل شيء يسير بشكل جيد الآن ، كما و أن الجو دافئ هنا ، أخبرني هل تمطر عندكم ؟)

(ليس اليوم.)

قالها زين وهو يشعر أنه جالس تحت شمس صيفية ، و راح يجيب بصبر و هدوء على أسئلتها عن كل شيء و توصياتها له بالانتباه لطعامه و صحته ، إنه ناضج الآن و يستطيع تدبر أموره ، لا حاجة لأن تعيش في القلق طوال الشهرين الذين ستغيبهما عن المنزل.

تفاجأ زين حقا حين سألته :

(هل أنت مريض ؟ يبدو صوتك غريبا.)

كان يتحدث بصوت طبيعي جدا و أدهشه أن تشعر أن ثمة خطبا ما ، كذب قائلا :

(أنا بخير.)

(لا تبدو بخير يا زين .. أخبرني ما الخطب ؟)

(ما من خطب أبدا .. أنا متعب قليلا فحسب.)

صمت للحظات وهو يفكر فيما يمنعه من إطلاعها على حقيقة ما يصيبه من نوبات عجيبة ، و تخيل كم ستفزع لو فعل !

همست بتوتر :

(زين .. عدني أن تعتني بنفسك جيدا حتى عودتي ، لا أدري لما ينتابني شعور سيء بخصوصك !)

عقد زين حاجبيه :

(شعور سيء ... مثل ماذا ؟!)

أجابت بنبرة غريبة حزينة :

(لا أعلم تحديدا ... أشعر أن مكروها ما يقترب .. و أني قد أفقدك إلى الأبد ، و لا أستطيع إحتمال ذلك !)

ازداد انعقاد حاجبيه وهو يسمعها تواصل :

(شيء ما داخلي ينبئني باقتراب سوء ما ، و لم أستطع الكف عن التفكير في ذلك ، لو كان بوسعي إلغاء هذه الرحلة و العودة لفعلت ، أرجوك زين .. أرجوك عدني أن تعتني بنفسك لأجلي ، فأنت أهم ما لدي !)

(حسنا .. أنا أعدك !)

بدا ذلك أكثر من قلقها المعتاد ، بدا مزيدا من الكلام الغامض الذي يطالب بالإنتباه للنفس خشية الخطر المجهول الذي يتربص به ، راح زين يمرر يده في شعره بتوتر ، هل محيطه الذي تغير فجأة ؟ أم أنه هو الذي فقد صوابه ؟!

ضحكت أمه ضحكة متوترة ثم قالت :

(لعلك تخالني مصابة بجنون الارتياب !)

(آه .. لا .. أبدا !)

أجابها بأقصى طبيعية ممكنة ، و لم يعرف ماذا يقول أيضا !

تنهدت الأم و قالت :

(علي الذهاب الآن لدي الكثير من الأعمال لأنجزها .. لا تسهر كثيرا فغدا يوم دراسي ، محبتي !)

(إلى اللقاء.)

قال زين ، ثم أعاد سماعة الهاتف لمكانها متنهدا ، كم استغرب حديث والدته !

لكان قال بأنه أمر طبيعي بل و متوقع منها بعد سفرها ، لو لم يكن هو نفسه يملك شعورا مشابها ، شعور باقتراب خطر مجهول .. عليه الاعتراف بذلك ، لكن ماذا يعني هذا ؟!

اعتدل زين جالسا على الأريكة شاعرا بالتعب من كل هذا الغموض.

صعد إلى غرفته ليأخذ حماما باردا ، ثم ارتدى ثيابا خفيفة لأن الحمام البارد لم ينجح في تخفيض الحرارة التي يحس بها ، فاجأه الجوع الذي كان يشعر به و الذي سمح له بإلتهام قطعة بيتزا كبيرة الحجم كاملة ،

تذكر مرتاحا وهو يرتمي على فراشه أن نوباته العجبية لم تباغته سوى مرة واحدة هذا اليوم !

استعاد ذهنه صورة لايزا و شعوره الغريب باقتراب المجهول لا يفارقه ...

و بقي رأسه يدور من فكرة لأخرى حتى استسلم للنوم أخيرا.



¤ ¤ ¤


احتشدت الغيوم عند الأفق ، و هبت نسمات هواء باردة عصر ذلك اليوم.

كان زين واقفا عند نافذة غرفته ينظر إلى الخارج بشرود ، ينظر تحديدا إلى الفتاة التي تتحرك بخفة في حديقة المنزل المقابل ، لقد مر أسبوع على ذلك اليوم الذي خاطبها فيه عند الغابة ، و لايزا ظلت تتجاهله طوال هذا الأسبوع ، لا يدري لماذا يود و بشدة أن يرى تلك العيون الخضراء الدافئة عن قرب الآن ، لتجعله يختبر تلك الخفة الغريبة المريحة مجددا.

لكن ذلك كان مستحيلا و لايزا تصر بأقصى جهدها على أن تتجاهله ، صحيح أن ذلك سهل عليه مسألة مراقبتها ، لكن يبقى ذلك التوق المزعج شيئا حاضرا !

لقد راقبها طيلة الأسبوع ، (كما لو أنهما تبادلا الأدوار !)

فكر زين ساخرا من نفسه ، ثم عادت عيناه تتابعان حركاتها الرشيقة المرحة في حديقة المنزل ، كانت تلهو مع قطتها الصغيرة و تضحك بينما شعرها العسلي الناعم يتطاير حول وجهها بجمال ، إنها مفعمة بالحيوية و النشاط هذه الفتاة.

لقد لاحظ حبها لكل ما حولها و سرورها به لقد لاحظ حبها لكل ما حولها و سرورها به .. الناس .. الطبيعة .. و حتى الحيوانات الصغيرة!

إهتمام الفتاة بمثل هذه الأمور ليس اعتياديا هذه الأيام ، كما و أن الطريقة اللبقة الرقيقة التي تتحدث فيها و تحيي بها الآخرين أيضا تبدو مختلفة ... كما لو أنها من جيل آخر ، أرجع زين السبب في ذلك إلى كونها تربت على يد جدتها العجوز.

إن المرأة المسنة تبدو سيدة ارستقراطية خارجة من لوحة قديمة للعصور الوسطى ، كانت تملك أنفا شامخا و عينين سوداوين حادتين ، شعرها الشائب مربوط دائما بإحكام خلف رأسها و التجاعيد التي رسمها الزمن على وجهها تزيد ملامحها الجامدة قسوة ، لكن لايزا لا تشبهها في شيء ، بل إنها العكس تماما فهي ناعمة و لطيفة الملامح ، صحيح أنها قادرة على التأثير بمن حولها بنظرة كما قد تفعل جدتها ، لكن نظرتها تكون شيئا آخر بعيدا كل البعد عن تلك القسوة و ذلك التكلف ، ما كان بإمكانه تصور تعبير كذاك وهو يعلو عينيها الواسعة البريئة.

نهضت لايزا و أسرعت إلى الجدة العجوز التي خرجت إلى الحديقة ، كانت الجدة تقول شيئا ما و وجهها المتجهم ينظر بإتجاه منزله ، ارتفع بصرها إلى نافذة غرفته حيث كان يقف و منحته واحدة من تلك التحديقات الثاقبة المريبة كما العادة ، أرجع زين رأسه للخلف وهو يبادلها تحديقا صامتا فارغا.

هذه السيدة العجوز ... ترى هل كانت رؤيتها في تلك الليلة حلما ؟!

كلا .. ربما .. في الحقيقة هو ليس واثقا !

في تلك الليلة التي تلت تعرضه للهجوم المزعوم في الغابة القريبة ، مر بحالة عجيبة حتى أكثر من كل الغرائب في حياته ،

لقد كان يتألم كثيرا فالنوبات كانت تزداد سوءا مع مرور الوقت ، و قرر الخروج إلى الهواء الطلق ليخفف من شعور الإختناق الذي تخلفه تلك الحالة عادة ، و فقط عندما خطى أول خطوة إلى الرصيف شعر بأغرب شعور على الإطلاق !

شعر كمن غطس عميقا في مياه فاترة غمرت جسده بإحساس قوي من الخدر ، و صار يرى كل ما حوله ضبابيا .. كل شيء عدا ضياء ساطع من بعيد ينادي عليه !

تحرك جسده تلقائيا ، لم يكن يفكر و لم يكن يرى أي شيء عدا ذلك الضوء الذي يجذبه إليه بقوة غامضة !

لقد كان شيئا سحريا ، كانت قدماه تتحركان بخفة لا تكادان تلامسان الأرض ، و رأسه فارغ من كل شيء .. كل أفكاره و تساؤلاته .. كل شيء عدا هذا النداء الملح الذي ملأه بالسكينة ، ود لو يظل أسير ذلك الإحساس إلى الأبد !

لكن ذلك لم يدم طويلا ، فقد قطع عليه شخص ما السكينة التي كان غارقا فيها ،

قطعها بأن دفعه على الأرض بعنف زلزل الصورة الضبابية أمام عينيه و جعلها تنقشع عن الواقع لحظات رأى خلالها المرأة العجوز الطويلة القامة واقفة فوقه ،

تلفت حوله بحيرة عميقة لقد كان جالسا على رمال الشاطئ ، انتبه الآن فقط إلى صوت الموج الهادر.

بعيدا عن التفكير في ما أحضره إلى هنا تساءل وهو يرفع رأسه ليقابل الوجه المتغضن العابس أمامه ، من أين جاءت العجوز بتلك القوة التي دفعته بها ؟!

لعله كان حلما ... لعله مازال يحلم !

إهتز الواقع أمام عينيه في اللحظة التالية ، و إنسدل جفناه عندما شعر بذلك النداء يسحبه ليغرق تحت شلال ضياءه الخلاب من جديد ، كم هو مريح و مسالم هذا الشعور ، شعر بجسده ينهض دون أمر منه ليواصل المسير ...

كانت دهشته عظيمة عندما استيقظ في اليوم التالي ليجد نفسه مستلقيا على الأريكة الكبيرة وسط الصالة !

حاول اقناع نفسه بأن ذلك لم يكن أكثر من حلم ، لكن الأمر تكرر في اليومين التاليين أيضا ، مع اختلاف بسيط وهو أنه لم يبتعد أبدا كما في المرة السابقة ، و دائما تظهر تلك العجوز أمامه و تدفعه للعودة ، لقد كان يختبر شعورا عكسيا عندما يعود إلى محيط منزله كما لو أنه يخرج من تلك المياه المخدرة !

هذا كان يحدث في المساء فقط بعد غروب الشمس و كان كل شيء يبدو عاديا في الصباح كما لو أن ما مر به مجرد حلم فقط.

و لازال لا يعلم أكان حلما أم حقيقة ؟!

عاد ينظر إلى المشهد أمامه مشوش الفكر ، ينظر إلى جيرانه الغامضين العاديي المظهر !

..

أنهت العجوز حديثها لحفيدتها و عادت إلى داخل المنزل.

علمت لايزا التي استغربت كيف كانت جدتها تحدق بالمنزل المقابل ، أن زين هناك حتما حيث كانت تنظر !

و قلبها يبدأ بوتيرة نبضاته السريعة كلما كان قريبا منها ، حققت له رغبته أخيرا و منحته نظرة سريعة تحمل الكثير من العواطف ، قابلتها عيناه الزرقاء الباردة بتعبير غريب لم تفهمه ، قبل أن تسرع هي إلى دخول المنزل فجدتها تحتاجها في أمر عاجل !








....

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________




افتَقِدُني
music4

  #7  
قديم 01-02-2013, 10:57 AM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-color:black;border:5px inset crimson;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
احم .. صاروا خمس بارتات ...
بكمل الباقي بكرة ,,,
يمكن الرد NOW .. و يفضل الرد و التعليق ... و الا :n3m: .. هههه ..
تذكروآ لآ للردود السطحية
بآآآي

:glb:
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________




افتَقِدُني
music4

  #8  
قديم 01-03-2013, 11:11 PM
 
وااااااااااو الرواية روووووووووعة
فعلا إنك كاتبة مبدعة حياتي
بليييييييييييييييز كمليها ولا توقفيها ابدا مهما كان السبب
بتمنالك التوفيق بالمسابقة حبي
بإنتظار البارت القادم على أحر من الجمر
آآآخ زين هاد عجيييييييييييييب وأموووووور
كأنوا الفضائيون خطفوه هههههه
المهم مشكوورة مرة ثانية على الرواية
وإعتبريني من المتابعات
يسرني إني أكون أول رد على هذا الإبداع
Prismy likes this.
__________________
كل عااام وانتم بألف خير
أشكركم حقاً على كل الاوقات الجميلة التي قضيتها هنا
وكل الصديقات التي قادني الأيام للتعرف عليهن
ولكن الآن أنا لم أعد قادرة على الدخول , لدي الكثير من المشاغل
التي تشغلني .. لذلك سامحوني أرجوكم عن أي خطأ بدر مني
وتذكروني بدعائكم
من يعلم قد أعود في أحد الأيام لهذا الصرح لذا لن أقول أنه إعتزال مؤبد
فمن يعلم متى قد أتمكن من العودة و الدخول
  #9  
قديم 01-04-2013, 09:14 AM
 
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة * إبتسامة أمل *
وااااااااااو الرواية روووووووووعة
فعلا إنك كاتبة مبدعة حياتي
تسلمي حبيبتي اخجلتيني
بليييييييييييييييز كمليها ولا توقفيها ابدا مهما كان السبب
بتمنالك التوفيق بالمسابقة حبي
حاضر حبيبتي راح اكملها و لا يهمك .. و شكرا لك
بإنتظار البارت القادم على أحر من الجمر
وصل البارت عيوني الحين جبته
آآآخ زين هاد عجيييييييييييييب وأموووووور
كأنوا الفضائيون خطفوه هههههه
ههههههه يب يب زين حلو سعيدة انو عجبك .. بس مو الكائنات الفضائية اللي خطفوه
المهم مشكوورة مرة ثانية على الرواية
وإعتبريني من المتابعات
يسرني إني أكون أول رد على هذا الإبداع

اهلين فيكي حبيبتي و انا بعد يسرني انك تكوني اول رد .. سعيدة بك و فخورة بمتابعتك .. الف شكر غاليتي

__________________




افتَقِدُني
music4

  #10  
قديم 01-04-2013, 10:04 AM
 
6


[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-color:black;border:5px inset orangered;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

-6-





أغلق زين إحدى عينيه بقوة و ضغط على أسنانه محاولا إخفاء الآلام الفظيعة التي تجتاح صدره ، بينما يجلس في الفصل و يخفض رأسه بهدوء ، يسمع تلك الأنات الصارخة بعذابها من بعيد ، و صوت أستاذه الذي يشرح الدرس بنغمة مرتفعة يسبب الألم لأذنيه ، حتى همس زملائه و وقع أقدام من هم في الخارج ... ما عاد بوسعه الإحتمال أكثر !
إن هذه النوبات تزداد سوءا ، فألمها لم يعد فقط ذلك الألم الروحي ، إن جسده يعاني أيضا و لا يعرف إلى متى يستطيع الصمود.
تأوه وهو يغطي أذنيه بكفيه حين ارتفع الجرس معلنا نهاية الدرس و مسببا ألما رهيبا لأذنيه ، لم ينتبه له أحد وسط ذلك الصخب الذي تلى رنين الجرس فالآن وقت استراحة الغداء.
رباه .. كم يكره هذا التضخم في الأصوات الذي يعاني منه ، إنه يجعل أذنيه حساستين تكادان تنفجران لأي صوت !
أطلق زفرة حارة وهو يريح رأسه فوق ذراعيه المعقودتين فوق الطاولة ، لقد بدأ الألم ينحسر و سرعان ما سيشعر بالتحسن الآن لكن عليه إيجاد حل لما يعاني منه.
الإجابة و الحل سيكونان لديها بالتأكيد و لا مزيد من الانتظار ...
‏‏‏‏‏مدفوعا بهذه الفكرة حاسما أمره ، تحرك زين بإنهاك و خرج من الفصل ، تجول في ممرات المدرسة باحثا عنها ،
و توقف أخيرا ليسند جسده المتعب على حائط الممر حين وجدها.
كانت لايزا تقف برفقة فتاتين أمام واحد من الصفوف ، و بيد إحداهن مجلة خمن أنها موضوع هذا الحديث الشائق الدائر بينهن.
كانت لايزا تهز رأسها وهي تتحدث بحماس فتترنح خصلتا شعرها العسلي على جانبي وجهها ، كم تبدو جميلة و مشرقة اليوم بذلك اللون الكرزي الذي ترتديه !
لا يدري لما شعر أن كل خلية في جسده راحت تتفاعل مع ضحكتها الصافية !
هز زين رأسه نافضا عنه هذه الأفكار ، و عقد ساعديه أمام صدره ينتظر أن يتحركن للأمام فتراه لايزا.
لكنهن بقين مجتمعات على شكل دائرة و انتباههن منصب فقط على حديثهن الذي استمر لدقيقة .. اثنتان .. خمسة .. سبعة دقائق ، ما كان يملك القدرة على الصبر هذا اليوم فتحرك هو نحوهن.
(لايزا ... )
نادى ما إن أصبح على بعد متر واحد منها و وقف مواجها إياها ، التفتت لايزا إليه.
(نعم .. ؟!)

قالت بإستغراب بريء فضيق عينيه بإنزعاج ، إنها تعلم أنه يريد مخاطبتها الآن لكنها تدعي الإندهاش كما لو أنها تراه للمرة الأولى ، قال :
(أريد التحدث إليكي في أمر.)
ارتفع حاجبا لايزا و قالت :
(آه .. أنا آسفة و لكني كنت على وشك ..)
لم يدعها تكمل عذرها الضعيف أيا كان :
(لن آخذ الكثير من وقتك ، إن الأمر هام جدا.)
هزت لايزا رأسها و تمتمت _غير راضية_ بالموافقة ، لم يعجبه كيف رمقته الفتاتان بتعجب و استنكار ، لكنهما على الأقل اعتذرتا و انصرفتا ليتركاهما يتحدثان على إنفراد.
سأل زين بصوته الخافت ما إن ابتعدت الفتاتان :
(ماذا الآن ؟ لماذا تتجنبينني ؟)
(لأنك ستطرح أسئلة لن أستطيع الإجابة عليها !)
قالت لايزا ببساطة و سره إلى حد ما توقفها عن تمثيلها السيئ للبرود ، قال :
(لن تريدي الإجابة عليها .. أنت تعنين !)

(و هل هنالك فرق حقا ؟)
(انظري في وجهي !)
طالبها زين فجأة بينما كانت تشيح بعينيها إلى أسفل بعيدا عنه ... ليس هذا ما أراد قوله !
هزت لايزا رأسها دون أن ترفعه و دون أن تجيب.
لم ترد التعرض لتأثير تلك العيون الزرقاء الغامضة رغم شوقها إليها ،
و لم ترد رؤية ملامحه الوسيمة _التي ظلت تطاردها طيلة الأيام الماضية_ بقدر ما تاقت لذلك !
كانت تشعر بنبضات قلبها تدوي لمجرد وقوفها أمامه ، مزيج لم تألفه من المشاعر يجتاحها كلما كانت بقربه ،
و هي لم ترد أن يكتشف هذا الضعف بنظرة من عينيه التين تخترقان روحها !
(لايزا ...)
ناداها بصوته المنخفض الجذاب ثم اقترب خطوتين واسعتين ، جمدت في مكانها ...
ما عادت قادرة على السيطرة على نبضات قلبها الثائرة بعنف ،
و تماما مثل تلك المرة عند الشاطئ لامست أنامله ذقنها ترفعه بلطف لتلتقي عيناها بعينيه ،

عينيه ... حتى و هما تبدوان منهكتين خاليتين من التعبير تملكان بريقا غامضا بين زرقتهما الغنية ، بريقا آسرا لا مثيل له !
وقفته هكذا .. قريبا منها بقامته الطويلة بينما ينحني لينظر في وجهها بتأمل أربكها ، جعلتها تنسى الكلمات و لا تملك سوى الغرق باستسلام في ذلك البحر العميق لعينيه !
كان شعره الناعم الذي يصل حتى عنقه مشعثا قليلا ، بينما يضيق عينيه بنظرة ثاقبة ،
انقبض قلبها و أصبح التنفس صعبا ... إلهي كم هو وسيم !
انفرجت شفتاه و هم بقول شيء ما ، لكن قاطعته شهقة دهشة
جعلت كلاهما يلتفتان إلى الفتاة المذهولة _و المحرجة من عدم قدرتها على كبح دهشتها_ التي وقفت أمام باب الفصل و راحت تنقل بصرها بينهما و كأنها تشهد تساقط الثلوج صيفا في الصحراء !
لم يفهم زين ما يجري حوله حتى التفت ليرى عددا من الطلاب متفرقين عند طرفي الممر يتابعون ما يحدث بينهما بقدر كبير من الفضول و عدم التصديق !
احمر وجه لايزا و انكمشت مبتعدة عنه حين أدركت كيف يبدو لهم الأمر !

ما كان ذلك مشهدا غير مألوف في الثانوية ، فهنا قد يرى شاب و فتاة في زاوية ما يقبلان بعضهما البعض ،
لكن كون زين سوينر _الغامض الجذاب الذي لا يخاطب أحدا و لا يكاد يرى أحدا_ جزءا من هذه المعادلة ، هو ما جعله أمرا مدهشا غير قابل للتصديق !
(لنذهب إلى مكان أكثر .. انفرادا !)
اقترح زين بهدوء معتدلا في وقفته ، ما كان يبالي حقا في من حوله أو ما قد يفكرون به ، لكنه علم أن حديثهما سيكون مستحيلا تحت هذه الأنظار ، قال :
(هيا بنا !)
سار أمامها دون أن ينتظر جوابا ما جعل لايزا تعقد حاجبيها و وجهها يحمر غضبا و خجلا ،
تبعته حتى آخر الممر و هي ممتنة لكون الطلاب قد عادوا للإهتمام بشؤونهم أو تظاهروا على أي حال !
فتح لها باب غرفة في الزاوية كانت مخزنا صغيرا و تركها تدخل بتردد قبل أن يتبعها و يغلق الباب من خلفه.
المكان كان ضيقا بالكاد يتسع لشخصين ، قابلته ملامح لايزا الغاضبة عندما استدار فسأل :
(ما الأمر ؟)
(أنت تعلم ما الأمر !)
قالت عاقدة ساعديها أمام صدرها وهي تزم شفتيها بعبوس.
(ما يعتقدونه ليس مهما ، و أنت تعلمين أني لم أكن ..)

(أنا لا أتحدث عنهم ، بل عنك أنت و الطريقة التي تصرفت بها هناك ، سرت أمامي كما لو أنك ألقيت أمرا و علي تنفيذه و ..)
(أنا لم أقصد هذا.)
قاطعها زين متمتما ، لكنها واصلت :
(أولا تتصرف بـ .. بسخف ! ثم تلقي بأوامرك و تجعلني أبدو كالبلهاء و أنا أتبعك لتحضرني إلى هنا ..)
مستشاطة من أحاسيسها الغير مفهومة ، أشارت بيديها إلى الجدران الضيقة حولها و الممتلئة بأوراق و أدوات غطاها الغبار ، و تابعت و وجنتاها تحمران من جديد :
(الجميع يعلم أن هذا هو المكان حيث .. حيث يأتي العشاق طلبا للخصوصية في المدرسة !)
ارتفع أحد حاجبي زين ، حسنا .. هو لم يعلم بذلك أبدا !
هز رأسه و حاول جاهدا أن لا يشتت بسبب الفكرة التي قفزت إلى ذهنه فجأة لتجعل نبض قلبه يتعثر ،
لايزا ... كيف سيكون الشعور بها بين ذراعيه و كيف سيكون الأمر إن تحركت أنامله مداعبة بشرة وجنتها الناعمة أو محددة تلك الشفاه الرائعة و .. و
و ياللكارثة إن كانت هذه بداية نوع آخر من النوبات !!
ظلا يتبادلان النظرات ..
يداه في جيبه و وجهه الوسيم خالي من أي تعبير عدا عينيه التين برقتا أكثر ،

أما هي فقد كورت قبضتيها إلى جانبها كما لو كانت تنوي أن تؤذيه فعلا على بروده !
(حسنا .. أنا آسف لهذا لم أعلم بذلك.)
اعتذر زين فأطلقت زفرة و هدأت ملامحها :
(حسنا .. تفضل ما الذي أردت أن تسألني عنه ؟)
(هل الفكرة فظيعة إلى هذه الدرجة ؟!)
قال زين ، و اللعنة من جديد ليس هذا موضوعه ، لكن لايزا رددت بحيرة :
(أي فكرة ؟!)
صار مضطرا للتوضيح الآن :
(الفكرة التي تدور في ذهن كل من يقف خارج هذه الغرفة منهمكا بتخمين ما يجري داخلها !)
(ليست كذلك .. !!)
هتفت لايزا سريعا قبل أن تفكر حتى ، فأخفضت رأسها محرجة و صححت :
(أقصد .. ليست مسألة كونها فظيعة أم لا ، إنه ليس ما يحدث و أنا لا أريد أن يتصور أحد شيئا غير صحيح عني !)
ثم رفعت رأسها تنظر إليه و قالت مغيرة الموضوع :
(لقد قلت بأنك تريد الحديث في أمر هام.)
أومأ زين برأسه إيجابا فشعرت بالارتياح لتقبله تغيير الموضوع.
استمعت إليه وهي تراقب التصميم الذي أطل من عينيه الزرقاوين وهو يخبرها أخيرا بما لم يكن مفاجئا لها ... !


¤ ¤ ¤




[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________




افتَقِدُني
music4

 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ألـم اخـبركِ .... اريــدكِ انتِ Ặñâ EšRąâ CO0L ^_^ روايات وقصص الانمي المنقولة والمترجمة 560 01-01-2019 10:05 PM
( غيرت مدرستي فتغيرت حياتي ! ) Aj Lee روايات و قصص الانمي 329 08-23-2017 04:20 PM
{ذا الرداء الأسود} (رومانس&غموض) تأليفي gravitation أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 228 01-24-2013 01:03 AM
(الّ مكسيمليان) (رومانس , غموض ) تأليفي gravitation أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 899 11-06-2012 08:12 PM


الساعة الآن 06:29 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011