عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام - > أرشيف القسم الإسلامي 2005-2016

أرشيف القسم الإسلامي 2005-2016 أرشيف مغلق للأستفادة من مواضيعه

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-04-2012, 07:32 AM
 
Thumbs up النيات في رمضان وكيف تُضَاعِف حسناتك فيه































(النيات في رمضان)
(وكيف تُضَاعِف حسناتك فيه)
M
إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله..........
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } [سورة آل عمران: 102]

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [سورة النساء: 1]

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }[سورة الأحزاب:70،71]

أما بعد....
فإن أصدق الحديث كتاب الله ـ تعالي ـ وخير الهدي هدي محمد r وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


يقول أبو طالب المكي - رحمه الله - كما في "قوت القلوب" (2/308):
النِيَّة الصالحة هي أول العمل الصالح، وأول العطاء من الله تعالى، وهي مكان الجزاء
وإنما يكون للعبد من ثواب الأعمال على حسب ما يهب الله تعالى له من النِيَّات، فربما اتفق في العمل الواحد نِيَّات كثيرة على مقدار ما يحتمل العبد في النِيَّة، وعلى مقدار علم العامل؛ فيكون له بكل نِيَّة حسنة، ثم يضاعف كل حسنة عشر أمثالها؛ لأنها أعمال تجتمع في عمل.

ويقول الغزالي - رحمه الله - كما في "الإحياء" (4/323):
الطاعات مرتبطة بالنِيَّات في أصل صحتها، وفي تضاعف فضلها، أما تضاعف الفضل فبكثرة النِيَّات الحسنة، فإن الطاعة الواحدة يمكن أن ينوي بها خيرات كثيرة فيكون له بكل نِيَّة ثواب، إذ كل واحدة منها حسنة ثم تضاعف كل حسنة عشر أمثالها. اهـ

ومن خلال هذا الكلام السابق يتبين لنا أن الله Uيعطي الأجر على حسب ما يجمع الإنسان من النِيَّات في العمل، فيعطي الله على كل نِيَّة أجر، ومن هنا يعظم الثواب وتتضاعف الحسنات؛
لذا كان هذا الموضوع (النِيَّات في رمضان، وكيف تتضاعف الحسنات فيه؟) من الأهمية بمكان
وهذا أوان الشروع للكلام عن هذا الموضوع.
أولاً: لماذا أَصُومُ؟ (نِيَّات الصيام)
1ـ أَصُومُ لأن الصوم لا مِثْلَ له:
فقد أخرج الإمام أحمد من حديث أبي أمامة tأنه قال لرسول الله r:
"مُرني بعمل أدخل بهالجنة، فقال النبي r: عليك بالصوم فإنه لا مثل له "
ـ وفي رواية عند النسائي:" عليك بالصوم، فإنه لا عدل له"


2ـ أَصُومُ لأن الصوم من أشرف العبادات:
فقد أضاف الله Uالصوم له، فهذا يدل على تشريفه دون سائر العبادات
فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة t قال: قال رسول الله r:
"قال الله U: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي" (متفق عليه)
قال ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ:
كفى بقوله:"الصوم لي" فضلاً للصيام على سائر العبادات. اهـ

3ـ أَصُومُ لأن الصيام رفعة في الدرجـات، والله يعطي على الصيام ما لا يعطي على غيره:
قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ:
المراد بقوله:"إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به"،أني أنفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته، وأما غيره من العبادات فقد اطَّلعَ عليها بعض الناس.

قال القرطبي ـ رحمه الله ـ:
معناه أن الأعمال قد كشفت مقادير ثوابها للناس، وأنها تضاعف من عشرة إلى سبعمائة إلى ما شاء الله، إلا الصيام فإن الله يثيب عليه بغير تقدير.
كما جاء في الحديث الذي أخرجه الترمذي أن الحبيب النبيrقال:
"إن ربكم يقول:‏ ‏كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والصوم لي وأنا أجزي به"
(صحيح الترغيب:968)
وفي رواية لمسلم:"كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدم يُضَاعفُ الْحَسَنَةُعَشْرُ أَمْثَالِهَا إلى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ U: إلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ"
ولك أن تتخيل إذا قال الله Uالكريم "وأنا أجزي به"فكيف سيكون العطاء؟


4ـ أَصُومُ لأصل إلى مرتبة المُتَّقين، وهي من أفضل المنازل عند رب العالمين:
قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُالصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183]
قال الشيخ السعدي – رحمه الله – في تفسير هذه الآية:
{ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى؛ لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه. اهـ
والتقوى هي أعلى المراتب التي يصل إليها العبد المؤمن، وهي أصل كل خير، ولهذا جمع الله الأوليين والآخرين، ثم وصاهم بوصية واحدة، فقال تعالى:
{وَلَقَدْوَصَّيْنَاالَّذِينَأُوتُواْالْكِتَابَ مِنقَبْلِكُمْوَإِيَّاكُمْأَنِاتَّقُواْاللّهَ} [النساء: 131]
قال الغزالي ـ رحمه الله ـ:
أليس الله تعالى أعلم بصلاح العبد من كل أحد، أوليس هو أنصح له وأرحم وأرأف من كل أحد، ولو كانت في العالم خصلة هي أصلح للعبد، وأجمع للخير، وأعظم للأجر، وأجل في العبودية، وأولى بالحال، وأنجح في المآل من هذه الخصلة التي هي التقوى؛ لكان الله أمر بها عباده.
فلما وصَّى الله بهذه الخصلة الواحدة وجمع الأوليين والآخرين من عباده في ذلك واقتصر عليها، علمت أنها الغاية التي لا متجاوز عنها، ولا مقصود دونها، وعلمت كذلك أنها الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، الكافية لجميع المهمات المبلغة إلى أعلى الدرجات.
ولست أرى السعادة جمع مال
ولكن التقي هو السعيد
فتقوى الله خير الزاد زخـراً
وعند الله للأتقى مزيد

5ـ أَصُومُ لأن الصوم في الصيف جزاؤه الري والسقيا يوم العطش:
فقد أخرج البزار عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ:
"أن رسول الله r بعث أبا موسى على سرية في البحر، فبينما هم كذلك، قد رفعوا الشِّراع في ليلة مظلمة، إذا هاتف فوقهم يهتف يا أهل السفينة! قِفوا أخبركم بقضاء قضاهُ الله على نفسه، فقال أبو موسى: أخبرنا إن كنت مخبراً، قال: إن الله ـ تبارك وتعالى ـ قضى على نفسه أنه من أعطش نفسه له في يوم صائف؛ سقاه الله يوم العطش". ـ الشِّراعُ: بكسر الشين المعجمة، هو قلاع السفينة.
ـ وفي رواية:"إن الله قضى على نفسه أن مَن أعطش نفسه لله في يوم حار، كان حقاً على الله أن يُرويه يوم القيامة " (حسنة الألباني في "صحيح الترغيب":1/412)
فكان أبو موسى يتوخَّى اليوم الشديد الحر الذي يكاد الإنسان ينسلخ فيه حراً فيصومه.

6ـ أَصُومُ لأن الصوم في الشتاء: الغنيمة الباردة:
فقد أخرج الإمام أحمد عن عامر بن مسعود tعن رسول الله r أنه قال:
"الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة"(1)(صحيح الجامع: 3868)
وقال قتادة ـ رحمه الله ـ:
إن الملائكة تفرح بالشتاء للمؤمن، يقصر النهار فيصومه، ويطول الليل فيقومه.

7ـ أَصُومُ لأن للصائم دعوة لا ترد:
أخرج البيهقي في "شعب الإيمان" من حديث أبي هريرة tقال: قال رسول الله r:
"ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر"
(صحيح الجامع:3031)
وأخرج البيهقي أيضاً بسنده عن النبي r قال:
"ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر" (صحيح الجامع:3032)

وأخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث أبي هريرة tقال: قال رسول الله r:
"ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يُفطِر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم
فأَعْظِم به من دعاء تنطق به شفاه ذابلة من الصيام، يصعد إلى السماوات فما يرده – بكرمه – الرحمن.

8 ـ أَصُومُ حتى يكون خُلوف فمي أطيب عند الله من ريح المسك:
فقد أخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة tعن النبي rقال:
"والذي نفس محمدٍ بيده لخُلُوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك".
قال الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ:
خُلُوف الفم: رائحة ما يتصاعد منه من الأبخرة، لخلو المعدة من الطعام بالصيام، وهي رائحة مستكرهة في مشام الناس في الدنيا، ولكنها عند الله طيبة، حيث إنها ناشئة عن طاعته وابتغاء مرضاته، كما أن دم الشهيد يجئ يوم القيامة يثغب دماً، لونه لون الدم وريحه ريح المسك.
قال ابن جماعة وابن حجر ـ رحمهما الله ـ:
وفيه: أن خُلُوف فم الصائم أفضل من دم الجريح في سبيل الله؛ لأن النبي rقال في الشهيد:
"إن ريحه ريح المسك"، وقال rفي خلوف الصائم:"أطيب من ريح المسك".اهـ
ومعنى طيب ريح خلوف الصا‍ئم عند الله U: أن الصيام لما كان سراً بين العبد وبين ربه في الدنيا، أظهره الله في الآخرة علانِيَّة للخلق؛ ليشتهر بذلك أهل الصيام، ويُعْرَفون بصيامهم بين الناس لإخفائهم صيامهم في الدنيا.
وقال أبو حاتم ـ رحمه الله ـ:
شعار المؤمنين في القيامة: التحجيل بوضوئهم في الدنيا، فرقاً بينهم وبين سائر الأمم، وشعارهم في القيامة بصومهم: طيبُ خُلُوفهم أطيب من ريح المسك؛ ليُعْرَفوا من ذلك الجمع بذلك العمل. نسأل الله بركة هذا اليوم.

9ـ أَصُومُ حتى أفرح عند فطري، وأفرح عند لقاء ربي:
فقد أخرج الإمام مسلم والإمام أحمد من حديث أبي هريرة tأن النبي r:
"للصائم فرحتان: فرحه حين يفطر، و فرحة حين يلقى ربه"
وفي رواية:"للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقى ربه فرح بصومه"

قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ:
·أما فرحة الصائم عند فطره: فإن النفوس مجبولة على الميل إلى ما يلائمها من مطعم ومشرب ومنكح، فإذا منعت من ذلك في وقت من الأوقات، ثم أبيح لها في وقت آخر فرحت بإباحة ما منعت منه، خصوصاً عند اشتداد الحاجة إليه، فإن النفوس تفرح بذلك طبعاً
·وأما فرحه عند لقاء ربه:
فيما يجده عند الله من ثواب الصيام مدخراً، فيجده أحوج ما كان إليه، كما قال تعالى:
{وَمَاتُقَدِّمُوالِأَنفُسِكُممِّنْخَيْرٍتَجِدُوهُ عِندَاللَّهِهُوَخَيْرًاوَأَعْظَمَ أَجرَاً}[المزمل:20]

10ـ أَصُومُ لأن الصوم جُنَّة عن الشهوات:
فقد أخرج البخاري من حديث أبي هريرة t أن النبي r قال:
"الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل".
وعند الإمام أحمد من حديث جابرt عن النبي r قال:
"يا كعب بن عُجرة: الصوم جُنّة، والصدقة تطفئ الخطيئة، والصلاة برهان ـ أو قال: قربان ـ يا كعب بن عُجرة، الناس غاديان: فمبتاع نفسه فمعتقها، وبائع نفسه فموبقها".
وعند الإمام أحمد أيضاً من حديث عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما –
عن النبي r قال: "خِصاء أمتي الصيام"

ففي الصوم كسر للشهوة، وقمع للشيطان بسد مسالكه وتضييق مجاريه؛ ولذلك وصفه الرسول r للشباب الذين ليس لهم قدرة على الزواج؛ ليُقوِّم أخلاقهم، ويكسر شهوتهم، ويعدل سلوكهم.
فقد أخرج البخاري من حديث عبد الله بن مسعودtقال: قال لنا رسول اللهr:
"يا معشر الشباب! مَن استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء".
ـ والوجاء: هو رضُّ عروق الخصية من غير إخراج لها (والرَّضُّ: الدق والكسر) فيكون شبيهاً بالخِصاء.
قال ابن حجر ـ رحمه الله ـ:
الجنة: الوقاية والستر، وتبيَّن بالروايات متعلق هذا الستر وأنه من النار.
قال عياض ـ رحمه الله ـ:
معناه: ستره من الآثام، أو من النار، أو من جميع ذلك، وبالأخير جزم النووي.
قال الشيخ عمر الأشقر ـ رحمه الله ـ: الصيام جنة ووقاية يقي العبد الذنوب والمعاصي، والبغيض من الكلام، والسيئ من الفعال، وبذلك يتقي العبد النار.
قال المناوي ـ في "فتح القدير":الصوم وقاية في الدنيا من المعاصي بكسر الشهوة. اهـ
لأنه يقمع الهوى، ويردع الشهوات التي هي من أسلحة الشيطان، فإن الشبع مجلبة للآثام، منقصة للإيمـان؛ ولهذا قال النبيr:
"ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه".
فإذا ملأ بطنه انتكست بصيرته، وتشوَّشت فكرته، وغلب عليه الكسل والنعاس؛ فيمنعه عن العبادات، ويشتد غضبه وشهوته فيقع في الحرام

11ـ أَصُومُ لأن الصوم كفارة للخطيئات:
قال تعالى: {وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً}[الأحزاب: 35]
فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة tأن النبي r قال:
" مَن صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تّقَدَّم من ذنبه"
وأخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة t عن رسول الله r قال:
"الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفراتٌ ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر".
وأخرج البخاري ومسلم من حديث حذيفة t عن النبي r قال:
"فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره؛ يكفرها الصيام، والصلاة والصدقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".
وأخرج الإمام مسلم عن أبي قتادة tقال: قال رسول الله r:
"صيام يوم عرفة، إني أحتسب على الله أن يُكَفِّر السنة التي قبله والتي بعده، وصيام يوم عاشوراء، إني احتسب على الله أن يُكَفِّر السنة التي قبله".
ولهذا قال "صاحب العدة":"ولذلك فإن الصيام لا يوجد شيء مثله من العبادات"
12ـ أَصُومُ لأن الصيام جُنَّة من النار:
أخرج الإمام أحمد والنسائي عن عثمان بن أبي العاص t عن النبي r أنه قال:
"الصوم جُنَّة من عذاب الله". (صحيح الجامع: 3867)
وفي رواية:"الصيام جُنَّة من النار كجُنَّة أحدكم من القتال".
وعند أحمد بإسناد حسن عن جابر t قال: قال رسول اللهr:
"الصيام جُنَّة يستجنُّ بها العبد من النار" (صحيح الجامع: 3868)
وعند أحمد بسند حسن عن أبي هريرة tعن النبي r قال:
"الصيام جُنَّة وحصن حصين من النار" (صحيح الجامع: 3880)
وأخرج ابن حبان بسند صحيح عن كعب بن عُجْرةَ t قال: قال رسول الله r:
"يا كعب بن عجرة: الناسُ غاديان: فغادٍ في فكاك نفسه فمعتقها، وغاد فموبقها.
يا كعب بن عُجْرةَ: الصلاةُ قربان، والصوم جُنَّة، والصدقة تطفئُ الخطيئة كما يذهبُ الجليدُ على الصفا".
قال المناوي ـ رحمه الله ـ في "فيض القدير":
وقاية في الدنيا من المعاصي، بكسر الشهوة، وحفظ الجوارح، وفي الآخرة من النار.
وقال أيضاً: الصوم جُنَّة من عذاب الله، فليس للنار عليه سبيل، كما لا سبيل لها على مواضع الوضوء؛ لأن الصوم يغمر البدن كله فهو جُنَّة لجميعه برحمة الله من النار.
ولذلك قال ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ: حسبك بهذا فضلاً للصائم.
أخرج البخاري ومسلم عن أبي سعيد tعن النبي r أنه قال:
"مَن صام يوماً في سبيل الله بَعَّد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً".
وعند النسائي من حديث عقبة بن عامر t بلفظ:
"مَن صام يوماً في سبيل الله، باعد الله منه جهنم مسيرة مائة عام".
وقال القرطبي ـ رحمه الله ـ: في سبيل الله: طاعة الله، فالمراد: مَن صام قاصداً وجه الله
وقال المناوي ـ رحمه الله ـ: في سبيل الله: أي لله ولوجهه، أو في الغزو، أو الحج.
وأخرج الترمذي من حديث أبي أمامة t أن النبي r قال:
"مَن صام يوماً في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار خندقاً كما بين السماء والأرض".
فإذا كان هذا بصيام يوم واحد نفلاً يباعد الله بينه وبين النار خندقاً مسافة خمسمائة عام، فما ظنّك بصيام شهر رمضان وهو الفريضة؟!.
·فمن أراد أن تُعْتَق رقبته من النار فعليه بالصيام
فقد أخرج الإمام أحمد والطبراني بإسناد حسن عن أبي أمامة t عن النبي r قال:
"لله عند كل فطر عتقاء "
ـ وفي رواية أخرى: "إن لله تعالى عند كل فطرٍ عتقاء من النار وذلك في كل ليلة "
(صحيح الجامع:2170)
فأَنْعِم به من شهر تُعْتَق فيه الرقاب من النار، ويُنَال فيه رحمة العزيز الغفَّار

13ـ أَصُومُ حتى يشفع لي الصوم عند الله يوم القيامة:
فقد أخرج الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله r قال:"الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي ربي منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه، ويقول القرآن: ربي منعته النوم بالليل فشفعني فيه: قال: فيشفعان" (صحيح الترغيب والترهيب:1/411) (صحيح الجامع:3776)
قال الألباني: أي: يشفِّعهما الله فيه ويدخله الجنة.

14ـ أَصُومُ حتى أكون من جملة مَن يُنادَى عليهم من باب الرَّيان:
1- فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث سهل بن سعد عن النبي r قال:
"إن في الجنة باباً يقال له الرَّيان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أُغلِق فلم يدخل منه أحد".
زاد الترمذي:"ومَن دخله لم يظمأ أبداً"
وزاد ابن خزيمة: "فإذا دخل آخرهم أُغلِق، ومَن دخل شرب، ومَن شرب لم يظمأ أبداً"
قال الزين بن المنير ـ رحمه الله ـ:
إنما قال:"في الجنة"، ولم يقل: "للجنة" ليشعر بأن في الباب المذكور من النعيم والراحة ما في الجنة، فيكون أبلغ في التشويق إليه.

15ـ أَصُومُ لأن الصوم سبيلي إلى الجَنَّة:
فقد أخرج الإمام أحمد عن حذيفة tقال:
"أسندتُ النبي r إلى صدري، فقال: مَن قال: "لا إله إلا الله " خُتِم له بها دخل الجنة، ومَن صام يوماً ابتغاء وجه الله خُتِم له بها دخل الجنة، ومَن تصدَّق بصدقة ابتغاء وجه الله خُتِم له بها دخل الجنة "
وأخرج البزار عن حذيفة t أن النبي r قال:
"مَن خُتِمَ له بصيام يومٍ دخل الجنة"(صحيح الجامع: 6224)
قال المناوي ـ رحمه الله ـ: أي مَن ختم عمره بصيام يوم، بأن مات وهو صائم، أو بعد فطره من صومه دخل الجنة مع السابقين الأولين، أو من غير سبق عذاب.
قال ابن خزيمة ـ رحمه الله ـ: إيجاب الله U الجنة للصائم يوماً واحداً، إذا جمع مع صومه صدقة، وشهود جنازة، وعيادة مريض. واستشهد بالحديث الذي رواه بسنده، ورواه كذلك الإمام مسلم من حديث أبي هريرة tقال: قال رسول الله r:
"مَن أصبح منكم اليوم صائماً؟ فقال أبو بكر: أنا، فقال: مَن أطعم منكم اليوم مسكيناً؟ قال أبو بكر: أنا، فقال: مَن تبِع منكم اليوم جنازة؟ فقال أبو بكر: أنا، قال: مَن عاد منكم اليوم مريضاً: قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله r: ما اجتمعت هذه الخصال قط في رجل إلا دخل الجنة".
فالله. الله في الصيام...فإن الحُور تنادي وتقول لك:
أتطلب مثلي وعنِّي تنام
ونوم المحبين عنَّا حرام
لأنا خُلقنا لكل امرئ
كثير الصلاة براه الصيام

وأخرج الإمام أحمد عن أبي مالك الأشعري t قال: قال رسول الله r:
" إن في الجنة غرفاً يري ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن أطعم الطعام، وألان الكلام، وتابع الصيام، وصلَّى بالليل والناس نيام" (صحيح الجامع: 2119)
فهنيئاً للصائمين... هنيئاً لمَن أُعدَّت لهم هذه الغرف
فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث سهل بن سعد t قال: قال رسول الله r:
"إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف في الجنة، كما تراءون الكواكب إلى السماء".
16ـ أَصُومُ حتى أكون في الجَنَّة مع الصِّدِّقين والشهداء:
فقد أخرج البزار وابن خزيمة بسند صحيح عن عمرو بن مُرَّة الجُهني tقال:
"جاء رجل إلى النبي r فقال: يا رسول الله. أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله وإنك رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وأديت الزكاة، وصمت رمضان وقمته، فمن أنا؟ قال: من الصِّدِّيقين والشهداء "
ولفظ ابن خزيمة:"جاء رسولَ الله r رجلٌ من قضاعة، فقال له: إن شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وصليت الصلوات، وصمت الشهر، وقمت رمضان، وأتيت الزكاة؟
فقال النبي r: "مَن مات على هذا كان من الصِّدِّيقين والشهداء "
قال ابن خزيمة ـ رحمه الله ـ:
استحقاق قائمة اسم الصديقين والشهداء، إذا جمع مع قيامه رمضان صيام نهاره، وكان مقيماً للصلوات الخمس، مؤدياً للزكاة شاهداً لله بالوحدانِيَّة مُقِراً للنبي r بالرسالة.
يا معشر الصُّوَّام... صوموا عن الدنيا وعن الشهوات، وجاهدوا أنفسكم حتى تسمعوا نداء الملائكة:{ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ }[الحاقة: 24]
قال مجاهد وغيره: نزلت في الصائمين
فمَن ترك لله في الدنيا طعاماً وشراباً مدة يسيرة، عوَّضه الله عنه طعاماً وشراباً لا ينفد، ومَن ترك شهوته عوَّضه الله في الجنة أزواجاً لا يمتن أبداً.
قال الحسن ـ رحمه الله ـ: تقول الحوراء لولي الله وهو متكئ معها على نهر العسل تعاطيه الكأس، إن الله نظر إليك في يوم صائف بعيد ما بين الطرفين، وأنت في ظمأ هاجرة من جهد العطش، فباهى بك الملائكة، وقال: انظروا إلى عبدي ترك زوجته وشهوته ولذته وطعامه وشرابه من أجلي؛ رغبة فيما عندي، اشهدوا أني قد غفرت له، فغفر لك يومئذ وزوجنيك (وزوجني إياك).
(لطائف المعارف: 167)
فهنيئاً للصائمين:
ومن يرد ملك الجنان
فلْيَدَعْ عنه التواني
وليقم في ظلمة الليل
إلى نـور القرآن
وليصل صوماً بصوم
إن هذا العيش فاني
إنما العيش جوار الله في دار الأمان

ثانياً: لماذا أَتَسَحَّرُ؟ (نِيَّات السحور)
1ـ أَتَسَحَّرُ اتِّباعاً للُّسنَّة ومخالفة لأهل الكتاب:
فالحبيب النبي r ما كان يترك السحور، وهو القائل r:
"السُّحُور أكلهُ بركة فلا تدعوه، ولو أن يَجْرَعَ أحدُكُم جرعةً من ماء"
(أخرجه الإمام أحمد من حديث أبي سعيد الخدري، وهو في صحيح الجامع: 3683)
وفي رواية عند ابن حبان:"تَسَحَّرُوا ولو بجرعةِ ماء"
فأصبح السحور شعار المسلمين لما فيه من مخالفة أهل الكتاب، فإنهم لا يتسَحَّرون.
كما ثبت ذلك في "صحيح مسلم" عن عمرو بن العاص t قال: قال رسول الله r:
"فصلُ ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أَكَلَةُ السَّحور[السَّحَر]"
قال ابن دقيق العيد: ومما يعلل به استحباب السحور: المخالفة لأهل الكتاب لأنه ممتنع عندهم، وهذا أحد الوجوه المقتضية للزيادة في الأجور الأخروية.
وقال التوربشتي: والمعنى أن السحور هو الفارق بين صيامنا وصيام أهل الكتاب؛ لأن الله تعالى أباحه لنا إلى الصبح بعدما كان حراماً علينا أيضاً في بدء الإسلام، وحرَّمه عليهم بعد أن يناموا أو مطلقاً، ومخالفتنا إياهم تقع موقع الشكر لتلك النعمة.
وقال الخطابي: معنى هذا الكلام الحث على السحور، وفيه إعلام بأن هذا الدين يسر لا عسر فيه، وكان أهل الكتاب إذا ناموا بعد الإفطار لم يحل لهم معاودة الأكل والشرب إلى وقت الفجر. اهـ
(فتح الباري شرح صحيح البخاري)

2ـ أَتَسَحَّرُ بنِيَّة أن الله Uيصلِّي عليَّ هو والملائكة:
فقد أخرج ابن حبان والطبراني في "الأوسط" عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أن النبي r قال:"إن الله تعالى وملائكته يُصلُّون على المُتَسحِّرين"(صحيح الجامع: 1844)

3ـ أَتَسَحَّرُ حتى أكون من خير الناس:
فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث سهل بن سعد t أن النبي r قال:
"لا يزال الناس بخير، ما عجَّلُوا الفطر" – زاد الإمام أحمد:"وأخَّرُوا السحور"
والحكمة من تأخير السحور أنه أرفق بالصائم، وأقوى على العبادة، وأن لا يزاد في النهار من الليل، وتعجيل الفطر وتأخير السحور من خصائص هذه الأمة. (فيض القدير للمناوي)
4ـ أَتَسَحَّرُ حتى أتعرَّض للوقت المبارك:
فوقت السحور وقت مبارك من جهات متعددة، فهو وقت النزول الإلهي، وهو وقت إجابة الدعوات، فعن أبي هريرة t أن رسول الله r قال:
"ينزل ربنا- تبارك وتعالى- كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: مَن يدعوني فأستجيب له؟ ومَن يسألني فأعطيه، ومَن يستغفرني فأغفرُ له"
(متفق عليه)
وهو أيضاً من أفضل أوقات الاستغفار: وقد أثنى الله تعالى على المستغفرين في هذا الوقت
فقال U:{وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ}[آل عمران:17]

5ـ أَتَسَحَّرُ لضمان إدراك صلاة الفجر في وقتها:
لأن النائم قد تفوته صلاة الفجر، أما الذي يُؤخِّر السحور فهو أقرب الناس حفاظاً على هذه الصلاة العظيمة، التي قال الله تعالى عنها:{أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً}[الإسراء: 78]
قال المفسرون:{وَقُرْآنَ الْفَجْرِ}أي: صلاة الفجر، وسميت قرآناً، لمشروعية إطالة القرآن فيها أطول من غيرها، ولفضل القراءة فيها، حيث شهدها الله، وملائكة الليل وملائكة النهار، والتي قال عنها r: "ومن صلَّى الصبح في جماعة فكأنما صلَّى الليل كله"(مسلم 656)، كما أن تأخير السحور أضمن لإجابة المؤذن بصلاة الفجر ومتابعته، ولا يخفى ما في ذلك من الأجر والثواب.
والخلاصة:
أن تأخير تناول السحور يصبح عبادةً إذا نوى بها التقوي في طاعة الله، والمتابعة لرسول الله r.


6ـ أَتَسَحَّرُ للحصول على البركة:
فقد أخرج الطبراني t قال: قال رسول الله r:
"البركة في ثلاثة: في الجماعة، والثريد، والسحور"(صحيح الترغيب: 1057)
وأخرج أبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان عن العرباض بن سارية t قال:
"دعاني رسول الله r إلى السحور في رمضان، فقال: هَلُمَّ إلى الغَدَاءِ المُبَارك"
(صحيح الترغيب:1059)
وفى رواية عند البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك t قال: قال رسول الله r:"تَسَحَّروا فإن في السحور بركة"
قال ابن دقيق العيد - رحمه الله -:
هذه البركة يجوز أن تعود إلى الأمور الأخروية، فإن إقامة السنة يوجب الأجر وزيادته، ويحتمل أن تعود إلى الأمور الدنيوية كقوة البدن على الصوم وتيسيره من غير إضرار بالصائم. (فتح الباري)
وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -:
إن البركة في السحور تحصل بجهات متعددة: وهى اتباع السنة، ومخالفة أهل الكتاب، والتقوِّي به على العبادة، والزيادة في النشاط، ومدافعة سوء الخلق الذي يثيره الجوع، والتسبب بالصدقة على مَن يسأل إذ ذاك أو يجتمع معه على الأكل، والتسبب للذكر والدعاء وقت مظنة الإجابة، وتدارك نِيَّة الصوم لمَن أغفلها قبل أن ينام. (فتح الباري شرح صحيح البخاري 4/250)
أضف إلى هذا أن الله Uوملائكته يُصلُّون على المتسحرين.

فلهذا وغيره كان النبي r يحث أمته على السحور وينصحهم بألا يتركوه.
فقد أخرج الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري t قال: قال رسول الله r:
"السحور أكلة بركة فلا تدعوه، ولو أن يتجرَّع أحدكم جرعة من ماء، فإن الله Uوملائكته يُصلُّون على المتسحرين"(صحيح الترغيب: 1062)
فما أسعدك يا عبد الله، يا مَن أطعت الله واستجبت لأمره، تأكل الأكلة، تكون لك فيها كل هذه البركة.



ثالثاً: النِـيـَّةُ عند الـنَّـوْمِ
احتسب عند نومى التَّقَوِّي على طاعة الله، فإن فعلت ذلك فأنا في طاعة.
يقول معاذ بن جبلt:"أما أنا فأنام وأقوم، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي"
أي: إذا أنت نمت فنَمْ بنية القوة وإجماع النفس للعبادة، وتنشيطها للطاعة، فترجو في ذلك الأجر كما ترجو الأجر في القيام.
فحذار أن تغفل عن هذه النية عند النوم؛ فإنك إذا كنت تنام في اليوم والليلة ثماني ساعات، فإنه ثلث العمر، فكيف ترضى أن يضيع عليك ثلث العمر في غير طاعة الله.
رابعاً: لماذا أُطْعِمُ الطعام؟ (نِيَّات إفطار الصائمين)
مما لا شك فيه أن إطعام الصائمين له أجر عظيم وثواب كبير
1ـ أُفَطِّر صائماً حتى يكون لي مثل أجره:
فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي عن زيد بن خالد عن النبي r قال:
"مَن فَطَّر صائماً كان له مثل أجره، غير أنه لا ينتقص من أجر الصائم شيئاً"

2ـ أُفَطِّر صائماً لأن هذا من أفضل الأعمال:
فقد أخرج ابن أبي الدنيا في "قضاء الحوائج" والبيهقي في "شعب الإيمان" عن أبي هريرة t عن النبي r قال:"أفضل الأعمال أن تُدْخِل على أخيك المؤمن سروراً، أو تقضي عنه ديْناً، أو تطعمه خُبزاً"
وهذا يرفع الوحشة، ويؤلف بين المسلمين، وتزداد المحبة بينهم، ويحصل الود والرحمة والتراحم، وكل هذا سبيله دخول الجَنَّة، كما ثبت في "الصحيحين":
"لن تدخلوا الجَنَّة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا"

3ـ أُفَطِّر صائماً حتى أُعْتَق من النار:
فلو أنفق الإنسان منا ولو شيئاً يسيراً؛ ربما كان هذا سبباً في عتقه من النار
فقد أخرج البخاري من حديث عدي بن حاتم t أن النبي r قال:
"اتقوا النار ولو بشق تمرة"

4ـ أُفَطِّر صائماً حتى أدخل الجَنَّة:
فقد أخرج الترمذي من حديث عبد الله بن سلام t قال: سمعت رسول الله r يقول:
"يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعِموا الطعام، وصلُّوا بالليل والناس نيام؛ تدخلوا الجَنَّة بسلام"
وعند الترمذي أيضاً من حديث عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – قـال: قال رسول اللهr: "اعبدوا الرحمن، وأطعِموا الطعام، وأفشوا السلام، تدخلوا الجَنَّة بسلام"
وأخرج الطبراني وابن حبان والحاكم عن أبي شريح t قال:"يا رسول الله، أخبرني بشيء يوجب لي الجَنَّة، قال: طيب الكلام، وبذل السلام، وإطعام الطعام"

5ـ أُفَطِّر صائماً حتى يُطْعِمُني الله من ثمار الجَنَّة:
فقد أخرج الترمذي أن الحبيب النبي r قال:
"أيما مؤمن أطعم مؤمناً على جوعٍ؛ أطعمه الله من ثمار الجَنَّة، ومَن سقى مؤمناً على ظمأ؛ سقاه الله من الرحيق المختوم"
قال ابن رجب – رحمه الله -:
فمَن جاد على عباد الله؛ جاد الله عليه بالعطاء والفضل، والجزاء من جنس العمل

وفَهِم السلف هذا المعنى وعقلوه؛ فكانوا أحرص الناس على هذا الهدي
ـ فها هو عليّ t يقول كما عند البخاري في "الأدب المفرد" : "لأن أجمع ناساً من أصحابي على صاعٍ من طعام؛ أحبّ إليّ من أن أخرج إلى السوق فأشتري نسمة فأعتقها"
ـ وقال أبو السِوار العدوي:
كان رجال من بني عدي يصلُّون في هذا المسجد ما أفطر أحدٌ منهم على طعام قط وحده، إن وجد مَن يأكل معه أكل، وإلا أخرج طعامه إلى المسجد، فأكله مع الناس، وأكل الناس معه"
ـ واشتهى بعض الصالحين من السلف طعاماً وكان صائماً؛
فوُضع بين يديه عند فطوره، فسمع سائلاً يقول: مَن يُقْرض الَمليّ الوفيّ الغني؟ فقال هذا الرجل الصالح: عبده المُعْدم من الحسنات، فقام فأخذ الصحفة فخرج بها إليه وبات طاوياً"
تنبيه مهم...
على الزوجة أن تُصّحِّح النية عند إعداد الطعام للزوج والأولاد:
وهذا فيه ما فيه من الأجر العظيم، والذي تستطيع أن تَتَحَصَّلَ عليه الزوجة عند إعداد الطعام للزوج والأولاد.
فقد أخرج الإمام مسلم عن أنس t قال:
"كنا مع رسول الله r في السفر، فمنا الصائم ومنا المفطر، قال: فنزلنا منزلاً في يوم حار، أكثرنا ظلاً صاحب الكساء، ومنا مَن يَتَّقِي الشمس بيده، قال: فسقط الصُّوَّام وقام المفطرون، فضربوا الأبنية، وسقوا الركاب، فقال رسول الله r: ذهب المفطرون اليوم بالأجر"
فهؤلاء مفطرون وذهبوا بالأجر، فما نقول في كون القائم علي خدمة الصائم صائماً مثله، فمما لا شك فيه أن أجره مضاعف، بل لا نبالغ إن قلنا: إن كثيراً من الرجال حرموا هذا الأجر، وخصّ الله به النساء، فعلى النساء أن يحتسبن نية تفطير الصائمين عند إعدادهن الطعام، فيأخذن أجر مَن تُفطِّر، فقد أخرج الترمذي عن زيد بن خالد الجُهَنِيّtعن النبيrقال:
"مَن فطَّر صائماً؛ كان له مثل أجره، غير أنه لا يَنْقُصُ من أجر الصائم شيئاً"
(صححه الألباني في "صحيح الترغيب": 1072)

خامساً: لماذا أعتكفُ (نِيَّات الاعتكاف)(1)
الاعتكاف هو الاختبار الحقيقي للإخلاص، ولم يُرَ لطلب الإخلاص مثل الوحدة، وفي الاعتكاف تفطم النفس عن شهواتها، ويخلو العبد بالله U، وتحقق عبودية التبتُّل، ويحصل المقصود الأعظم منه بعكوف القلب على الله تعالى.
لكن ما هي النِيَّات التي من الممكن استحضارها في الاعتكاف؟
1-نِيَّة تنفيذ سنة النبي r:
وأَكْرِم بها من نِيَّة، ففي تنفيذ سنة النبي r الفوز العظيم،
فعن أبي هريرة t:"أن النبي r كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى قبضه الله"
وعن أبي بن كعب: "أن النبي r كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان فسافر عاماً، فلما كان من العام المقبل اعتكف عشرين يوماً"(صحيح سنن ابن ماجة)
وقال الزهري: عجباً من الناس كيف تركوا الاعتكاف؟ ورسول الله r كان يفعل الشيء ويتركه، وما ترك الاعتكاف حتى قُبِض. (المبسوط: 3/114)، (عمدة القارئ: 12 / 1402)

2-نِيَّة اغتنام ليلة القدر:
{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ{1} وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ{2} لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 1-3]
فأقرب الناس إلى هذه الليلة هم المعتكفون، فنهارهم صيام، وليلهم قيام، وحالهم خشوع، وذكرهم دموع، وقلوبهم خضوع، مستغفرون بالأسحار ينتظرون رضا الرحمن.

3-نِيَّة المحاولة للتخلص من سموم القلب الخمس:
(فضول النوم – الأكل – الاختلاط – النظر – الكلام)
ولو تحقق ذلك لصلح قلبك، ولو صلح قلبك لصلح كلك، قال r:
"ألا وإن في الجسد مضغةً إذا صلُحَت صَلُحَ الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله وهي القلب" (متفق عليه)


4-نِيَّة حب المكوث في المسجد:
خذ هذه النِيَّة واستحضرها حتى تنال الخير الوفير، فبعد أن جلست عشرة أيام في بيت من بيوت الله لماذا لا تسأل الله تعالى أن يرزقك حب المكث بالمسجد؟ قال رسول الله r:
"سبعة يظلهم الله في ظلِّه يوم لا ظل إلا ظله ... ورجلٌ قلبُه معلق في المساجد"(متفق عليه)
قال النووي - رحمه الله - في "شرح مسلم":
"قلبه معلق في المساجد" معناه: شديد الحب لها والملازمة للجماعة فيها، وليس معناه دوام القعود في المسجد.اهـ

5-نِيَّة تعلُّم كثير من الأخلاق الحسنة:
ففي الاعتكاف من الممكن أن تتعلم الكثير من الأخلاق الحسنة التي من الصعب تعلمها خارجه
ومن هذه الأخلاق: خلق الزهد في الدنيا، والرضا عن الله، والصبر، والمجاهدة، تتعلم هذه الأخلاق وغيرها من خلال مكثك في المسجد.

6-نِيَّة الاستغلال الأمثل للوقت مع التعوُّد على النظام:
فأنت في الاعتكاف تسير وفق نظام معين موضوع في المسجد خاص بـ(النوم – الأكل – الحديث..) يجب الالتزام به؛ مما يساعدك على اكتساب النظام والمحافظة على وقتك لأبعد الحدود.

7-نِيَّة الوصول للبرآتين:
من خلال وجودك في المسجد لمدة عشرة أيام لن تجد فرصة أفضل من ذلك في بداية الوصول إلى البرآتين، اللتين أخبر عنهما المصطفى r بقوله
"مَن صلَّى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى؛ كُتِبَ له برآتان: براءة من النار وبراءة من النفاق"( رواه الترمذي وهو في صحيح الجامع:6365)
فخذ العزم الأكيد والنِيَّة على أن يكون الاعتكاف بداية طريق للحصول على البرآتين.


8-نِيَّة حفظ الصيام مما يفسده:
ولم لا؟ فالمعتكف بوجوده في أطهر بقاع الأرض: المساجد يأخذ هذه النية بأن يعمل جاهداً على الحافظ على صيامه مما يفسده.

9-نِيَّة رفع درجة صلاتك وقبولها:
هذه تكاد تكون غائبة عن السواد الأعظم من الذين يَمُنُّ الله عليهم بالاعتكاف، رغم أن المعتكف من الممكن أن يستحضر هذه النِيَّة، فقد قال r:
"وصلاة على إثر صلاة كتاب في عليين" (صحيح الجامع:3837)
"وصلاة على إثر صلاة": أي عقيبها، لا لغو بينهما: أي بكلام الدنيا، كتاب: أي عمل مكتوب، في عليين: فيه إشارة إلى رفع درجتها وقبولها، قال علي القاري - رحمه الله - كما في "عون المعبود في شرح سنن أبي داود": وهو علم لديوان الخير الذي دُوّن فيه أعمـال الأبرار
قال تعالى:{كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ{18} وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ{19} كِتَابٌ مَّرْقُومٌ{20} يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ} [المطففين:18- 21] أي: مداومة الصلاة من غير تخلل ما ينافيها لا شيء من الأعمال أعلى منها فكُنٌّى عن ذلك بعليين.

10- نِيَّة محو الخطايا ورفع الدرجات ونِيَّة الرباط:
مع بقاء المعتكف في المسجد طوال الاعتكاف من الممكن أن يزيد أجره باستحضار هذه النِيَّات، نعم بفضل الله من الممكن استحضار تلك النِيَّات، وقد جمعها حديث النبي r قال:
"ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط"(مسلم 251)
وقد قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200]
قيل في معناها: انتظروا الصلاة بعد الصلاة (هكذا قال ابن عباس) ويقال: اصبروا على أداء الفرائض واجتناب المعاصي، وقيل في "تفسير الجلالين": اصبروا على الطاعات والمصائب وعن المعاصي.

11- نِيَّة المداومة على قيام الليل:
فالاعتكاف فرصة عظيمة لحب قيام الليل والمداومة عليه من خلال صلاة التراويح كل ليلة، إضافة إلى صلاة التهجُّد، ولو قمت الليل وخرجت من شهر رمضان محباً لقيام الليل، لكفى به فضل ويساعدك على هذا الاعتكاف.
وهناك نِيَّات أخرى من الممكن استحضارها عند الاعتكاف
ذكرها الشيخ أبو حامد الغزالي – رحمه الله - منها:-
الخلوة ودفع الشواغل للزوم السر والفكر في الآخرة وكيفية الاستعداد لها، وأن يعتقد أنه بيت الله Uوأن داخله زائر الله تعالى فينوى ذلك، قال رسول الله r:
"مَن قعد في المسجد فقد زار الله تعالى، وحق على المزور إكرام زائره"
(رواه الطبراني في "الكبير" وأحد أسانيده رجاله رجال الصحيح)
والتجرد للذكر وإسماعه واستماعه، وأن يقصد إفادة علم وتنبيه من يسيء الصلاة، ونهيٍ عن منكر وأمر بمعروف؛ حتى ينتشر بسببه خيرات كثيرة؛ ويكون شريكاً فيها، وأن يترك الذنوب حياء من الله Uبأن يحسن نيته في نفسه في قوله وعمله، حتى يستحى منه من رآه أن يقارف ذنباً، وقس على هذا سائر الأعمال، ثم قال: فباجتماع هذه النِيَّات تزكى الأعمال وتلتحق بأعمال المقربين، كما أنه بنقصها تلتحق بأعمال الشياطين، كمن يقصد من القعود في المسجد التحدث بالباطل، والتفكُّه بأعراض الناس، ومجالسة إخوان اللهو واللعب، وملاحظة مَن يجتاز به من النسوان والصبيان، ومناظرة من ينازعه من الأقران على سبيل المباهاة والمراءاة باقتناص قلوب المستمعين لكلامه وما يجرى مجراه.اهـ

سادساً: لماذا أَقُومُ الليل (نِيَّات قيام الليل)
قيام الليل شريعة ربانِيَّة، وسنة نبوية، ومدرسة تربوية، وخصلة حميدة مرضية، ودموع وعبرات قلبية، وآهات وزفرات شجية، وخلو برب البريَّة، وسعادة روحية، وقوة جسمانِيَّة، تتعلق الروح فيها بالجنَّات العلية، وفيها من الثمرات والفوائد الجلية، ويبقى السؤال لماذا أقوم الليل؟
1-أقُومُ الليل بنِيَّة شكر النعم والتأسي بالرسول r:
فالنبي r قام الليل حتى تورَّمت قدماه، وذلك تحقيقاً لمعنى العبودية لله Uوشكر النعم.
فقد ثبت في "صحيح البخاري ومسلم" عن المغيرة بن شعبة t قال:
"إن كان النبي r ليقوم أو ليصلِّي حتى تَرِمَ قدماه أو ساقاه فيقال له: فيقول: أفلا أكون عبداً شكوراً"
وفى رواية أخرى عند البخاري ومسلم عن عائشة - رضي الله عنها-:
"أن رسول الله r كان يقوم من الليل حتى تتفطرَ قدماه، فقلت: لم تصنع هذا وقد غُفِرَ لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً".
وقد روى عن سفيان الثوري - رحمه الله - أنه شبع ليلة فقال:
إن الحمار إذا زيد في علفه زيد في عمله، فقام تلك الليلة حتى أصبح.
وثبت عند أبي داود وابن خزيمة عن عبد الله بن أبي قيس قال: قالت عائشة- رضي الله عنها-:"لا تدع قيام الليل فإن رسول الله r كان لا يدعه، وكان إذا مرض أو كسل صلَّى قاعداً".

2-أقُومُ الليل بنِيَّة التأسي بالصالحين والتشبُّه بهم.
فقد أخرج الإمام أحمد والترمذى من حديث أبي أمامة الباهلي t أن النبي r قال:"عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم..." (الحديث) (صحيح البخاري:4079)
فقيام الليل مضمار المتسابقين، ورأس مال الفائزين، وطريق السالكين إلى رب العالمين


3-أقُومُ الليل بنِيَّة أن أكون من الصِدِّيقِين والشهداء:
فقد أخرج البزار وابن خزيمة وابن حبان عن عمرو بن مُرَّة الجُهني t قال:
"جاء رجل من قضاعة إلى رسول الله r، فقال: إني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وصلَّيت الصلوات الخمس، وصمت رمضان وقمته، وأتيت الزكاة؟ فقال رسول الله r: "مَن مات على هذا كان من الصِّدِّيقين والشهداء " (صحيح الترغيب: 933)

4-أقُومُ الليل لكي أكون من أهل الإيمان:
{إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ{15} تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ{16} فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[السجدة: 15 – 17]

5-أقُومُ الليل حتى أُكْتب من الذاكرين الله كثيراً:
فقد أخرج أبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة وأبى سعيد- رضي الله عنهما- قالا: قال رسول الله r: "مَن استيقظ من الليل وأيقظ أهله فصليا ركعتين جميعاً؛ كُتِبَا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات" (صحيح الجامع: 6030)

6-أقُومُ الليل حتى أكون من المرحومين:
فقد أخرج أبو دواد والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r:
"رحم الله رجلاً قام من الليل فصلَّى وأيقظ امرأته فصلَّّت فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلَّت، وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء" (صحيح الجامع:3494)


7-أقُومُ الليل حتى أكتب من القانتين المخلصين، ولا أكتب من الغافلين:
فقد أخرج ابن خزيمة والحاكم عن أبي هريرة t عن النبي r قال:
"مَن صلَّى في ليلة بمائة آية لم يكتب من الغافلين، ومَن صلَّى في ليلة بمائتي آية كُتِبَ من القانتين المخلصين" (صحيح الترغيب: 636)
وأخرج أبو داود وابن خزيمة وابن حبان عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله r:"مَن قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومَن قام بمائة آية كُتِبَ من القانتين، ومَن قام بألف أيه كُتِبَ من المقنطرين"(صحيح الجامع: 6439)
ـ من المقنطرين: أي ممَّن كُتِبَ لهم قنطار من الأجر.

8- أقُومُ الليل لأنه أفضل الصلوات بعد المكتوبات:
فقد أخرج الإمام مسلم من حديث أبي هريرة t قال: قال رسول الله r:
"أفضل الصيام بعد رمضان: شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة: صلاة الليل" ـ وفى رواية: "أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل"

9-أقُومُ الليل أبتغي القرب من الله تعالى:
وقد مرَّ بنا في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد والترمذي:
"عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وهو قربة إلى ربكم..." (الحديث)
قال الحسن البصري - رحمه الله -:
ما أعلم شيئاً يتقرب به المتقربون إلى الله أفضل من قيام الليل في جوف الليل إلى الصلاة.
وفى الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري:
"وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه..."


10- أقُومُ الليل للفوز بمحبة الله تعالى:
فقد مر بنا في الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري:
"وما يزال عبدي بتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه..."
وأخرج الطبراني بسند حسن عن أبي الدرداء t عن النبي r قال:
"ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم، الذي إذا انكشفت فئة قاتل ورآها بنفسه لله U. فإما أن يقتل، وإما أن ينصره الله ويكفيه، فيقول: انظروا إلى عبدي هذا كيف صبر لي بنفسه، والذي له امرأة حسنة وفراش لين حسن فيقوم من الليل، فيقول: يذرُ شهوته ويذكرني، ولو شاء رقد، والذي إذا كان في سفر وكان معه ركبٌ فسهروا ثم هجعوا فقام من السَّحَر في ضراء وسراء"(صحيح الترغيب: 625)

11- أقُومُ الليل حتى أحوز الشرف الحقيقي:
فقد أخرج الحاكم في المستدرك والبيهقي عن سهل بن سعد t أن النبي r قال:
"أتاني جبريل فقال: يا محمد! عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب مَن شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزَّه استغناؤه عن الناس" (صحيح الجامع: 73، الصحيحة: 831)

12- أقُومُ الليل للثبات على الأمر، والإعانة على الأعمال وصلاح الأحوال:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ{1} قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً{2} نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً{3} أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً{4} إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً{5} إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً}[المزمل: 1-6]
قال الفراء: {أَشَدُّ وَطْءاً} أي: أثبت للعمل وأدوم لمَن أراد الاستكثار من العبادة، والليل وقت الفراغ عن الاشتغال بالمعاش؛ فعبادته تدوم ولا تنقطع.
وقال عكرمة:{وَأَقْوَمُ قِيلاً} أي: أتم نشاطاً وإخلاصاً وأكثر بركة
وقال ابن زيد: أجدر أن يتفقه في القرآن، وقيل: أعجل إجابة للدعاء.
13- أقُومُ الليل للنجاة من الفتن ما ظهر منها وما بطن:
فقد أخرج البخاري عن أم سلمة - رضي الله عنها-:
"أن النبي r استيقظ ليلة فقال: سبحان الله، ماذا أنزل الليلة من الفتنة؟ ماذا أنزل الليلة من الخزائن؟ مَن يوقظ صواحب الحجرات؟"
وفى الحديث تنبيه على أن الصلاة بالليل تقي من الفتن.

14- أقُومُ الليل حتى أصبح طيب النفس نشيط:
فقد أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r.
"يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلَّى انحلت عقده كلها، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان
– وعند ابن ماجه بلفظ:"يصبح نشيطاً طيب النفس قد أصاب خيراً، وإن لم يفعل أصبح كسلاً خبيث النفس لم يصب خيراً"
ورواه خزيمة فزاد في آخره: "فحلُّوا عقد الشيطان ولو بركعتين"
ـ قافية الرأس: مؤخره

15- أقُومُ الليل حتى يعطيني ربي ما أسأل:
فقد أخرج الإمام أحمد وابن حبان عن عقبة بن عامر t قال: سمعت رسول الله r يقول:"الرجل من أمتي يقوم من الليل يعالج نفسه إلى الطهور وعليه عقد، فإذا وضَّأ يديه انحلت عقدة، و أذا وضَّأ وجهه انحلت عقدة، وإذا مسح رأسه انحلت عقدة، وإذا وضَّأ رجليه انحلت عقدة، فيقول الله Uللذين وراء الحجاب: انظروا إلى عبدي هذا يعالج نفسه يسألني، ما سألني عبدي هذا فهو له" (صحيح الترغيب:627)
وأخرج الإمام مسلم عن جابر t قال: سمعت رسول الله r يقول:
"إن في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيراً من خير الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة".
16-أقُومُ الليل حتى ينير الله وجهي، يوم تبيضُّ وجوه وتسْودُّ وجوه:
قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ{38} ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ}[عبس:38 – 39]
قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: وجوه مسفرة من قيام الليل
وقيل للحسن البصري - رحمه الله -: ما بال المتهجِّدين بالليل من أحسن الناس وجوهاً؟
قال: لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره.

17- أقُومُ الليل لتُغْفَر لي الذنوب والمعاصي والزلات:
فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة t أن النبي r قال:
" مَن قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تّقَدَّم من ذنبه"
وقد مر بنا الحديث الذي أخرجه الترمذي وابن خزيمة عن أبي أمامة الباهلي t عن رسول الله r قال:
"عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى ربكم، وتكفير للسيئات ومنهاة عن الإثم" (صحيح الترغيب: 620)
وأخرج الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه والترمذي عن معاذ بن جبل t قال:
"قلت: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجَنَّة ويباعدني من النار، قال. لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على مَن يَسْرَّه الله تعالى عليه، تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت إن استطعت إليه سبيلاً. ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جُنَّة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم تلا: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ{16} فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[السجدة: 16 – 17]

يقول ابن الحاج: وفي القيام من الفوائد أنه يحطُّ الذنوب كما يحط الريح العاصف الورق الجاف من الشجرة، ويُنَوِّر القبر، ويحسن الوجه، ينشط البدن.

18- أقُومُ الليل ليكتب لي الحسنات:
فقد أخرج الطبرانـي عن فضالة بن عبيد وتميم الداري - رضي الله عنهما - عن النبي r قال:"مَن قرأ عشر آيات في ليلة كتب له قنطار [من الأجر]، والقنطار خير من الدنيا وما عليها، فإذا كان يوم القيامة يقول ربك Uله: اِقْرَأْ وارق لكل آية درجة حتى ينتهي إلى آخر آية معه، يقول الله Uللعبد:اقبِض، فيقول العبد بيده: يا رب أنت أعلم فيقول: بهذه الخلد وبهذا النعيم" (صحيح الترغيب:634)

19- أقُومُ الليل حتى أنجو من النيران:
فى قصة رؤيا ابن عمر - رضي الله عنهما- قال:
"فرأيت كأن ملكين أخذاني، فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا لها قرنان - يعنى كقرني البئر- وإذا فيها أناس قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، قال: فلقينا ملك أخر. فقال: لم ترع فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على النبي r فقال: نعم الرجل عبد الله لو كان يُصلِّي من الليل، فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلا"(متفق عليه)

20- أقُومُ الليل حتى أفوز بالجنان:
قال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{15} آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ{16} كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ{17} وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ {18} وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}
[الذاريات: 15- 19]
وقال تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ{16} فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[السجدة: 16 – 17]
جاء في "مستدرك الحاكم" عن عبد الله بن مسعود t قال:
"مكتوب في التوارة لقد أعدَّ الله للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لم ترَ عين ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب بشر، ولا يعلمه ملك مقرب، ولا نبى مرسل، قال: ونحن نقرؤها {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[السجدة: 17]
وأخرج الترمذي من حديث عبد الله بن سلام t قال:
"أول ما قَدِمَ رسول الله r المدينة اِنْجَفَلَ الناسُ إليه، فكنت فيمن جاءه، فلما تأملت وجهه واسْتَثْبَتُّهُ عرفتُ أن وجهه ليس بوجه كذَّاب، قال: وكان أول ما سمعت من كلامه أن قال: أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصلُّوا بالليل والناس؛ نيام تدخلوا الجَنَّة بسلام".(صحيح: الجامع:7865) (صحيح الترغيب:610)
ـ اسْتَثْبَتُّهُ: أي تحققته وتبينته
ـ اِنْجَفَلَ الناس: أي ذهبوا إليه بأجمعهم مسرعين

21- أقُومُ الليل حتى ترفع لي الدرجات في غرف الجَنَّة:
قال تعالى:{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً{63} وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً{64}إلى قوله...{أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَاماً{75} خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً} [الفرقان:63- 76]
ـ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ: أي الدرجة العليا في الجَنَّة.
وأخرج ابن حبان عن أبي مالك الأشعري t عن النبي r قال:
"إن في الجَنَّة غرفاً يُرَى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها؛ أعدَّها الله لمَن أطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلَّى بالليل والناس نيام" (صحيح الجامع: 2123)
وأخيراً:فثواب القيام لا تحيط به العقول، وتقصر عنه العبارات
ومن هنا نعلم معنى حديث النبي r:
"لا حسد إلا في اثنتين، رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وأطراف النهار، ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار"(رواه مسلم عن ابن مسعودt)
والمقصود بالحسد هنا: هو الحسد المحمود، وهو ما يطلق عليه الغبطة، وهى تمني مثل ما للمُغْبَط، فإن كان المغبط على حالة محمودة كما في الحديث السابق فهو تَمَنِّي محمودٌ يثاب عليه ويؤجر.


سابعاً: لماذا أَتَصَدَّقُ (نِيَّات الصدقة)
كان النبي r أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان
فقد أخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما- أنه قال:
"كان النبي r أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل u يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه النبي r القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة".
لكن يبقى السؤال: لماذا أَتَصَدَّقُ؟ والجواب
1-أَتَصَدَّقُ حتى يُخْلِف الله عليّ بأفضل منها:
قال تعالى: { وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ } [سبأ:39]
فكل مَن ينفق شيئاً لله فإن الله تعالى يعوِّضه خيراً منه، فإن ينابيع خزائنه لا تنضب، وسحائب أرزاقه سحاءُ الليل والنهار، وكلما أنفقت، أنفق الله عليك.
فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة t أن النبي r قال: قال الله U:
" أَنْفِق يا ابن آدم يُنْفَق عليك" – وفى رواية: "أَنْفِق أُنْفِق عليك" فمَن الذي سيُنْفِق عليك؟
إنه الله الكريم العظيم الذي بيده ملكوت السموات والأرض، فإذا أنفق عليك أكرم الأكرمين فكيف سيكون العطاء؟.
قال تعالى: {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}
[البقرة:245]
فالله يضاعف لكل مَن أنفق في سبيله، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة كما قال تعالى: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[البقرة:261]


2-أَتَصَدَّقُ حتى يقبل الله صدقتي بيمينه ثم يربيها لي حتى تكون يوم القيامة مثل الجبل:
ودليل ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة t قال: قال رسول الله r
"مَن تَصدَّق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فَلُوَّه حتى تكون مثل الجبل"
ـ عدل تمرة: أي بقيمتها ـ الفلو: المهر
وفى رواية عند الترمذي بلفظ: "أن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم، كما يربي أحدكم مهره حتى أن اللقمة لتصير مثل أُحُد، وتصديق ذلك في كتاب الله، قال تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة:104]
وقال تعالى: {يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ }[البقرة: 276]

3-أَتَصَدَّقُ حتى تدعو لي الملائكة:
فقد أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r
"ما من يوم يصبح العبد فيه إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقاً خلفاً، ويقول الأخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً".

4-أَتَصَدَّقُ لأن الصدقة تقي مصارع السوء وتطفئ غضب الرب:
فقد أخرج الطبراني بسند حسن عن أبي أمامة قال: قال رسول الله r: "صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الأرحام تزيد في العمر"

5-أَتَصَدَّقُ لأن الصدقة سبب للشفاء من الأمراض:
فقد أخرج أبو الشيخ عن أبي أمامة t أن النبي r قال: "داووا مرضاكم بالصدقة".
(صحيح الجامع:3358)
قال علي بن الحسن بن شقيق:
"سمعت ابن المبارك وسأله رجل: يا أبا عبد الرحمن: قرحة خرجت من ركبتي منذ سبع سنين، وقد عالجت بأنواع العلاج، وسألت الأطباء، فلم أنتفع به؟ قال: اذهب فانظر موضعاً يحتاج الناس للماء، فاحفر هناك بئراً، فإنني أرجو أن ينبع هناك عين ويمسك عنك الدم، ففعل الرجل فبريء"
6-أَتَصَدَّقُ لأن الصدقة تطهرني من الخطيئة:
فقد أخرج ابن حبان عن كعب بن عجرة t قال: قال رسول الله r:
"يا كعب بن عجرة: إنه لا يدخل الجَنَّة لحمٌ ودمٌ نبتا على سحت والنار أولى به
يا كعب بن عجرة: الناس غاديان، فغاد في فكاك نفسه فمعتقها، وغاد موبقها،
يا كعب بن عجرة: الصلاة قربان والصوم جَنَّة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يذهب الجليد على الصفا"
وعند الترمذي من حديث معاذ بن جبل t أن رسول الله r قال له:
"ألا أدلك على أبواب الخير؟ قلت: بلى يا رسول الله قال: الصوم جُنَّة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار".

7-أَتَصَدَّقُ حتى أكون في ظل صدقتي وتقيني حر الشمس يوم القيامة:
فقد أخرج الإمام أحمد عن عقبة بن عامر t قال: سمعت رسول الله r يقول:
"كل امرئ في ظل صدقته حتى يُقضَى بين الناس، قال يزيد: وكان مرثدُ لا يخطئه يوم إلا تصدَّق فيه بشيء ولو كعكة أو بصلة".
وفى رواية أخرى عند ابن خزيمة عن يزيد بن حبيب قال:
"كان مرثد بن عبد الله البيزني أول أهل مصر يروح إلى المسجد، وما رأيته داخلاً المسجد قط إلا في كمِّهِ صدقة: إما فلوس وإما خبز وإما قمح. قال: حتى ربما رأيت البصل يحمله: قال: فأقول: يا أبا الخير إن هذا ينتن ثيابك، فيقول: يا ابن أبي حبيب أما إني لم أجد في البيت شيئاً أَتَصَدَّقُ به غيره، إنه حدثني رجلٌ من أصحاب رسول الله r أن رسول الله r قال: ظل المؤمن يوم القيامة صدقته".
وكذلك أخبرنا الحبيب النبي r أن من جملة السبعة الذين يظلهم الله بظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلَّه: "رجل تصدَّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه".


8-أَتَصَدَّقُ لأن الصدقة تثقل الموازين يوم القيامة:
فقد أخرج ابن حبان في "صحيحه" عن أبي ذر t قال: قال رسول الله r.
"تَعَبَّدَ عابدٌ من بني إسرائيل، فعبد الله في صومعته ستين عاماً، فأمطرت الأرض فاخضرَّت، فأشرف الراهب من صومعته، فقال: لو نزلت فذكرتُ الله فازددت خيراً، فنزل ومعه رغيف أو رغيفان، فبينما هو في الأرض لقيته امرأةٌ فلم يزل يكلِّمها وتكلِّمه حتى غشيها، ثم أغمي عليه، فنزل الغدير يستحم، فجاء سائل فأومأ إليه أن يأخذ الرغيفين ثم مات، فوزنت عبادةُ ستين سنة بتلك الزنِية فرجحت الزنِية بحسناته، ثم وضع الرغيف أو الرغيفان مع حسناته فرجحت حسناته فغُفِرَ له".

9-أَتَصَدَّقُ حتى تكون صدقتي حجاب لي من النار:
أخرج البخاري ومسلم عن عديٍّ بن حاتم t قال: سمعت رسول الله r يقول:
"ما منكم من أحدٍ إلا وسيُكلِّمُه الله، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمنَ منه فلا يرى إلا ما قدَّم، فينظر أشأمَ منه فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة".
وفى رواية لهما: "مَن استطاع منكم أن يستتر من النار ولو بشق تمرة فليفعل".
وفى مسند الإمام أحمد عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله r:
"يا عائشة استتري من النار ولو بشق تمرة، فأنها تسدُّ من الجائع مسدَّها من الشبعان".
وفى مسند الإمام أحمد أيضاً عن عبد الله بن مسعود t قال: قال رسول الله r:
"ليَقِِ أحدُكم وجهه النار ولو بشق تمرة".

10- أَتَصَدَّقُ حتى تكون هذه الصدقة فكاكي من النار:
فقد أخرج البيهقي بسند فيه مقال عن عليٍّ بن أبي طالب t قال: قال رسول الله r:"تصدَّقوا فإن الصدقة فكاككم من النار".
وأخرج الترمذي من حديث الحارث الأشعري t أن رسول الله r قال:
"إن الله أوحى إلى يحيي بن زكريا - عليهما الصلاة والسلام - بخمس كلمات أن يعمل بهم ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهم... (فذكر الحديث وفيه): وأمركم بالصدقة، ومثل ذلك كمثل رجل أسره العدو فأوثقوا يده إلى عنقه وقرَّبوه ليضربوا عنقه، فجعل يقول: هل لكم أن أفدي نفسي منكم وجعل يعطي القليل والكثير حتى فدى نفسه".

ثامناً: لماذا أَقْرأُ القرآن (نِيَّات قراءة القرآن)
من فضائل شهر رمضان أن الله Uأنزل فيه القرآن، كما قال تعالى:
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185]
فرمضان هو شهر القرآن، وقد كان جبريل u يدارس النبي r القرآن في رمضان.
كما جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عباس – رضي الله عنهما - أنه قال: "كان النبي r أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل، وكان جبريل u يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه النبي r القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة".
قال ابن رجب - رحمه الله -:
دل الحديث على استحباب دراسة القرآن في رمضان والاجتماع على ذلك، وعرض القرآن على من هو أحفظ له؟ وفيه دليل على استحباب الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان.
وهكذا كان حال السلف مع القرآن في رمضان
فها هو الإمام مالك - رحمه الله -:
إذا دخل رمضان ترك قراءة الحديث، ومجالس العلم وأقبل على قراءة القرآن في المصحف.
وكان قتادة - رحمه الله -: يختم القرآن في كل سبع ليال دائماً، وفي رمضان في كل ثلاث وفى العشر الأخير منه في كل ليلة.
وكان الشافعي - رحمه الله -: يختم القرآن في شهر رمضان ستين ختمه
ويبقى السؤال: لماذا أَقْرأُ القرآن؟ ما هي النِيَّات التي استحضرها عند قراءتي للقرآن؟ والجواب.

1-أَقْرأُ القرآن لأنه شفاء:
قال تعالى:{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً } [الإسراء:82]
وأخرج البخاري عن عائشة- رضي الله عنها -:
"أن رسول الله r كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أَقْرأُ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها"
2-أَقْرأُ القرآن لأن الله Uيُفرِّج به الهم، ويُذْهِب به الغموم:
أخرج الإمام أحمد وابن حبان بسند صحيح صححه الألباني أن النبي r قال:
"ما أصاب أحداً قط همُّ ولا حزنٌ، فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك ماضٍ فيّ حكمك، عدلٌ فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك أو علَّمته أحداً من خلقك أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همِّي؛ إلا أذهب الله همَّهُ وحزنه، وأبدله مكانه فرحاً. فقيل: يا رسول الله، ألا نتعلَّمها، فقال: بلى. ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها".

3-أَقْرأُ القرآن لأنه سبب لنزول السكينة وغشيان الرحمة:
فقد أخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة tقال: قال رسول الله r:
"ما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفَّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمَن عنده".

4-أَقْرأُ القرآن حتى يكون نوراً لي في الدنيا وذخراً لي في الآخرة:
فقد أخرج ابن حبان بسند حسن عن أبي ذر t قال:
"قلت: يا رسول الله أوصني، قال: عليك بتقوى الله فإنه رأس الأمر كله، قلت: يا رسول الله زدني، قال: عليك بتلاوة القرآن فإنه نور لك في الأرض، وذخر لك في السماء".

5-أَقْرأُ القرآن حتى يُزاد لي في الإيمان:
فمَن أراد زيادة الإيمان يوماً بعد يوم فعليه بكتاب الله
فقد قال تعالى:{ َإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً}[الأنفال:2]، وقال تعالى:{وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}[التوبة:124]
وفى "نزهة الفضلاء" (1/ 383) يقول جندب t:
"كنا غلماناً حزاورة مع رسول الله r، فتعلَّمنا الإيمان قبل أن نتعلَّم القرآن ثم تعلَّمنا القرآن فازددنا به إيماناً".
ـ الحزاورة: جمع حزور، وهو الغلام إذا قارب البلوغ.
6-أَقْرأُ القرآن حتى لا أُكْتَب من الغافلين:
فقد أخرج الحاكم عن أبي هريرة tقال: قال رسول الله r
"مَن قرأ عشرآيات في ليلة لم يكتب من الغافلين، ولو قرأ مائة آية كُتِبَ من القانتين"
فقد أخرج الحاكم أيضاً عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r
"مَن حافظ على هؤلاء الصلوات المكتوبات لم يُكْتَب من الغافلين، ومَن قرأ في ليلة مائة آية كتب من القانتين".

7-أَقْرأُ القرآن حتى أتحَّصل على جبال من الحسنات:
فقد أخرج الترمذي عن عبد الله بن مسعود t أن النبي r قال:
"مَن قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول الـم حرف ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف".(صحيح الجامع: 6469)

8-أَقْرأُ القرآن لأنه خير من الدنيا وما فيها:
إذا فرح أهل الدنيا بدنياهم، وأهل المناصب بمناصبهم، وأهل الأموال بأموالهم، فجدير أن يفرح حامل القرآن بكلام الله الذي لا توازيه الدنيا بكل ما فيها من متاع زائل.
أخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r:
"أيحبُّ أحدُكم إذا رجع إلى أهله أن يجد فيه ثلاث خلفات عظام سمان؟ قلنا: نعم. قال: فثلاث آيات يقرأ بهم أحدكُم في صلاته خير له من ثلاث خلفات عظام سمان".
وأخرج مسلم عن عقبة بن عامر t قال:
"خرج رسول الله r ونحن في الصفة، فقال: أيكم يحبُّ أن يغدو كل يوم إلى بُطْحَانَ أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كَوْمَاوَيْن في غير إثم ولا قطع رحم؟ فقلنا: يا رسول الله كلنا يحب ذلك، قال: أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعْلمُ أو فيقرأُ آيتين من كتاب الله Uخيرٌ له من ناقتين، وثلاثٌ خيرٌ من ثلاث، وأربعٌ خيرٌ من أربع ومن أعْدادِهن من الإبل".
ـ بُطْحَانَ: موضع بالمدينة ـ الكَوْمَاءُ: هي العظيمة السنام من الإبل

9-أَقْرأُ القرآن حتى يفتح على أبواب الخير الكثيرة:
فقد أخرج الترمذي عن أنس tعن رسول الله r قال:
"مَن قرأ "قل يا أيها الكافرون" عدلت له ربع القرآن، ومَن قرأ "قل هو الله أحد" عدلت له ثلث القرآن". (صحيح الجامع: 6466 )
وفي "صحيح البخاري ومسلم" أن النبي r قال:
"َمن قرأ الآيتين من أخر سورة البقرة في ليلة كفتاه".
وأخرج الإمام أحمد و النسائي أن النبي r قال:
"مَن قرأ بمائة آية في ليلة كتب له قنوت ليلة".(صحيح الجامع: 6468 )
وأخرج أحمد عن معاذ بن أنس أن النبي r قال:
"مَن قرأ "قل هو الله أحد" حتى يختمها عشر مرات بنى الله له بيتاً في الجَنَّة"
(صحيح الجامع: 6472)
10-أَقْرأُ القرآن حتى يُحِبُّني الله Uوأكون من أهله:
فقد أخرج الإمام مسلم عن عائشة - رضي الله عنها-:
"أن رسول الله r قال: بعث رجلاً على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ" قل هو الله أحد" فلما رجعوا ذكر ذلك لرسول الله r، فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟ فسألوه فقال: لأنها صفة الرحمن: فأنا أحب أن أَقْرأُ بها، فقال رسول الله r: أخبروه أن الله يحبه".
فإذا أحبك الله أصبحت في معيته الخاصة وصرت من أهله وخاصته.
أخرج النسائي وابن ماجه عن أنس tقال: قال رسول الله r:
"لله من الناس أهلون، قالوا: مَن هم يا رسول الله؟ قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته"
فإذا كان أهل القرآن كذلك فإن الله U يكرمهم.
انتبه!...فإن قراءتك في المصحف سببٌ لمحبتك لله ورسوله
فقد أخرج البيهقي وأبو نعيم عن النبيr:
"مَن سَرَّه أن يُحبَّ الله ورسوله؛ فليقرأ في المصحف"

11- أَقْرأُ وأتعلَّم القرآن حتى أكون من خير الناس:
فقد أخرج البخاري أن النبي r قال:
"خيرُكُم مَن تعلَّم القرآن وعلمه".

12- أَقْرأُ القرآن وأحافظ على قرآته حتى لا أردّ إل أرذل العمر:
فقد أخرج الحاكم عن ابن عباس - رضي الله عنهما-:
"مَن قرأ القرآن لم يُرد إلى أرذل العمر، وذلك قوله تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ{5}
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } [التين:5-6]، قال: الذين قرءوا القرآن".

13- أَقْرأُ القرآن وأحفظه حتى أحفظ من فتنة الدجال:
فقد أخرج الإمام مسلم أن النبي r قال:
"مَن حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصِمَ من الدجال".

14- أَقْرأُ القرآن حتى أكون سبباً في رحمة والداي:
فقد أخرج الحاكم عن بريده الأسلمي قال: قال رسول الله r
"مَن قرأ القرآن وتعلَّمه وعمِل به أُلْبِس والداه يوم القيامة تاجاً من نور، ضوءُه مثل ضوء الشمس، ويُكسي والداه حُلَّتَين لا تقوم لهما الدنيا، فيقولان: بما كُسِينا هذا؟ فيقال: بأخذ ولدِكُما القرآن".

15- أَقْرأُ القرآن حتى أحفظ من الزيغ والضلال:
فقد أخرج الحاكم والترمذي عن ابن عباس - رضي الله عنهما-:
"أن النبي r خطب الناس في حجة الوداع، فقال: إن الشيطان قد يئس أن يُعْبَد في أرضكم، ولكن يرضى أن يطاع فيما سوى ذلك ممَّا تحقِّرون من أعمالكم فاحذروا، إني تركت فيكم ما إن تمسكتم به فلن تضلوا أبداً كتاب الله وسنة نبيه". (لصحيحة: 4/356-357)

16- أَقْرأُ القرآن حتى أنجو من فتنة القبر:
فقد أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود t أن النبي r قال:
"سورة تبارك هي المانعة من عذاب القبر" (صحيح الجامع: 3643)
وأخرج الحاكم بسند حسن عن عبد الله بن مسعود t قال:
"يؤتى الرجلُ في قبره فتؤتَى رجلاه، فتقول رجلاه: ليس لكم على ما قِبلي سبيل كان يقرأ في سورة الملك، ثم يؤتى من قِبَل صدره - أو قال: بطنه – فيقول: ليس لكم على ما قِبلي سبيل كان يقرأ سورة الملك، ثم يؤتى من قِبل رأسه فيقول: ليس لكم على ما قِبلي سبيل كان يقرأ في سورة الملك فهي المانعة تمنع عذاب القبر، وهى في التوراة سورة الملك مَن قرأها في ليلةٍ فقد أكثر وأطيب".

وأخرج البخاري عن سمرة بن جندب t قال:
"أن النبي r كان إذا صلَّى صلاة - وفى لفظ: صلاة الغداة - أقبل علينا بوجهه، فقال: مَن رأى منكم الليلة رؤيا؟ قال: فإن رأى أحد (رؤيا) قصَّها، فيقول: ما شاء الله، فسألنا يوماً فقال: هل رأى أحد منكم رؤيا؟ قلنا: لا. قال: لكن رأيت الليلة رجلين أتياني (فساق الحديث وفيه) فانطلقت حتى أتينا على رجل مضجع، وإذا أخر قائم عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر هاهنا فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إلى الرجل حتى يصبح رأسه كما كان، ثم يعود عليه، فيفعل به مثل ما فعل به المرة الأولى، فقلت: سبحان الله! ما هذا؟ فقالا لي انطلق (فذكر الحديث وفيه) أما الرجل الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فهو رجل يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة"


17- أَقْرأُ القرآن و أحافظ على قرآته حتى يستقبلني القرآن عند خروجي من القبر:
فقد أخرج الإمام أحمد بسند حسن عن بريدة t قال:
"كنت جالساً عند النبي r فسمعته يقول: تعلَّموا سورة البقرة فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة، قال: ثم مكث ساعة، ثم قال: تعلَّموا سورة البقرة و آل عمران فإنها الزهراوان، يظلان صاحبهما يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف، وإن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب، فيقول له: هل تعرفني؟ فيقول: ما أعرفك، فيقول: أنا صاحبك، القرآن الذي أظمأتك في الهواجر وأسهرت ليلك، وإن كل تاجر من وراء تجارته وإنك اليوم من وراء كل تجارة، فيعطى الملك بيمينه والخلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويُكسي والده حُلَّتَين لا يقوم لهما أهل الدنيا فيقولان: بما كُسِينا هذه، فيقال: بأخذ ولدِكُما القرآن، ثم يقال له: اقْرَأْ واصعد في درجة الجَنَّة وغرفها، فهو في صعود مادام يقرأ هذا كان أو ترتيلاً".

18- أَقْرأُ القرآن وأحفظه حتى أنجو من عذاب النار:
فالعبد يسعى بكل ما يستطيع لكي ينجو من عذاب النار، وقد كتب الله Uلمَن حفظ القرآن ابتغاء وجهه ألا تحرقه النار.
فقد أخرج البيهقي عن عصمة بن مالك أن النبي r قال:
"لو جمع القرآن في إهابٍ ما أحرقه الله بالنار".
أخرج الدارمي عن عبد الله بن مسعود t عن النبي r قال:
"اقرءوا القرآن فإن الله تعالى لا يعذب قلباً وعى القرآن، وإن هذا القرآن مأدبة الله، فمَن دخل فيه فهو آمن، ومن أحبَّ القرآن فليبشر".

19- أَقْرأُ القرآن وأحافظ على قرآته حتى يشفع لي يوم القيامة:
أخرج ابن حبان عن جابر t عن النبي r قال:
"القرآن شافعٌ مُشفَعٌ وماحلٌ مُصَدَّقٌ، مَن جعله إمامه قاده إلى الجَنَّة، ومَن جعله خلف ظهرِه ساقه إلى النار" (صحيح الجامع: 4443)
ـ ماحلٌ: ساع، وقيل: خصم مجادل.

20- أَقْرأُ القرآن وأحفظه حتى يكون سبيل لدخول الجَنَّة إن شاء الله تعالى
أخرج الطبراني في "الأوسط" عن أنس t أن النبي r قال:
"سورة من القرآن ما هي إلا ثلاثون آية خاصمت عن صاحبها حتى أدخلته الجَنَّة وهى تبارك".

21- أَقْرأُ القرآن وأحفظه حتى أرتقي في أعلى الدرجات في الجَنَّة:
بل يرتقي الإنسان في الجنة بقدر حفظه للقرآن
فقد أخرج أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله r: "يقال لصاحب القرآن: اقراْ وارقَ ورتِّل كما كنت تُرتل في الدنيا، فإن منزلكَ عند آخر آية تقرأ بها"
قال ابن حجر الهيثمي كما في "الفتاوى الحديثة" (156):
الخبر المذكور خاص بمن يحفظه عن ظهر قلب، لا بمن يقرأ بالمصحف،لأن مجرد القراءة في الخط لا يختلف الناس فيها ولا يتفاوتون قلة وكثرة، وإنما الذي يتفاوتون فيه كذلك هو الحفظ عن ظهر قلب
فلهذا تفاوتت منازلهم في الجَنَّة بحسب تفاوت حِفْظِهم.
قال أبو سليمان الخطابي في "معالم السنن":
جاء في الأثر أن عدد آي القرآن على قدر درج الجَنَّة، فيقال للقارئ: "ارْقَ في الدَّرج على قدر ما كنت تقرأ في آي القرآن". فمن استوفى جميع القرآن استولى على أقصى درج الجَنَّة في الآخرة، ومَن قرأ جزءاً منه كان رقِيُّه في الدرج على قدر ذلك؛ فيكون منتهى الثواب عند منتهى القراءة.

22- أَقْرأُ القرآن حتى أكون في أعلى الجنات مع السفرة الكرام:
فحين يفتخر أهل الدنيا بانتسابهم إلى العظماء والوجهاء والأغنياء، فإن حافظ القرآن يفتخر بأنه سيكون مع السفرة الكرام البررة الذين اختارهم الله عز جل، وشرَّفَهم بأن تكون بأيديهم الصحف المطهرة، كما قال رب العالمين في كتابه الكريم:{فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ{13} مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ{14} بِأَيْدِي سَفَرَةٍ}[عبس: 13-15]
فقد أخرج البخاري ومسلم عن عائشة – رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله r:"الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن وَيَتَتَعْتَعْ فيه وهو عليه شاق له أجران".
وبعد هذا الشرف والتكريم الذي ناله أهل القرآن يتضح لنا قول الحبيب المصطفى r:
الثابت في صحيح البخاري ومسلم عن ابن عمرـ رضي الله عنهما ـ أنه r قال:
"لا حسد إلا على اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب وقام به آناء الليل، ورجل آتاه الله مالاً فهو يَتَصَدَّق به آناء الليل وآناء النهار".
وفى "صحيح البخاري" عن أبي هريرة t أن رسول الله r قال:
"لا حسد إلا في اثنتين: رجلٌ علَّمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جارٌ له فقال: يا ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثلما يعمل، ورجل آتاه الله مالاً فهو يهلكه في الحق، فقال رجلٌ: يا ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثلما يعمل".
فهيا لنكون من أهل القرآن، وهذه هي التجارة مع الله المضمونة الرابحة، والتي يعطى الله عليها من فضله الكريم وعطائه الذي لا ينفد.
قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ{29} لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}[فاطر: 29- 30]

تاسعاً: لماذا أعْتَمِرُ في رمضان؟ (نِيَّة العمرة في رمضان(
أعتمرُ في رمضان لأنها تعدِل في الأجر أجر حَجَّة مع النبيr
فقد أخرج البخاري عن جابر t أن النبي r قال:"عُمرة في رمضان تعدل حَجَّة "
وأخرج الإمام أحمد عن ابن عباس – رضي الله عنهما –:
" أن النبي r لما رجع من حجة الوداع، قال لامرأة من الأنصار اسمها أم سنان: ما منعكِ أن تحجّي معنا؟ قالت: أبو فلان – زوجها – له ناضحان، حجَّ على أحدهما والآخر نسقي عليه، فقال لها النبي r: فإذا جاء رمضان فاعتمري، فإن عُمرة فيه تعدل حَجَّة ـ أو قال: حَجَّة معي ـ" ـ الناضح: الدابة يُسْتَقى عليها .
ـ وفي رواية عند سمويه عن أنس t أن النبي r قال:
"عُمرة في رمضان كحَجَّة معي"
وبعد...
فهذا آخر ما تيسَّر جمعه في هذه الرسالة
نسأل الله أن يكتب لها القبول، وأن يتقبَّلها منَّا بقبول حسن، كما أسأله I أن ينفع بها مؤلفها وقارئها، ومَن أعان علي إخراجها ونشرها......إنه ولي ذلك والقادر عليه.
هذا وما كان فيها من صواب فمن الله وحده، وما كان من سهو أو خطأ أو نسيان فمنِّي ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وهذا بشأن أي عمل بشري يعتريه الخطأ والصواب، فإن كان صواباً فادعُ لي بالقبول والتوفيق، وإن كان ثم خطأ فاستغفر لي
وإن وجدت العيب فسد الخللا
جلّ من لاعيب فيه وعلا

فاللهم اجعل عملي كله صالحاً ولوجهك خالصاً، ولا تجعل لأحد فيه نصيب
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا والله تعالى أعلى وأعلم.........
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك

(1) قال البيهقي ـ رحمه الله ـ: هذا موقوف على كلام أبي هريرة t،وقال السخاوي: وهو أصح.

(1) صحح نيتك لأبى أُبي أحمد مصطفى


__________________
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين،
وحمد الله ثلاثاً وثلاثين،
وكبر الله ثلاثاً وثلاثين،
فتلك تسع وتسعون،
ثم قال تمام المئة:
لا اله إلا الله، وحده لا شريك له،
له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير،
غفر له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر».لا اله الا الله محمد رسول الله
  #2  
قديم 12-12-2012, 08:11 PM
 
مممـــــؤؤضؤع خؤقـــــــآقيّ صصرآححح وآآآآآآوو .....


وجججكراّ عــــــلى آلمجججهوؤؤد آلرآئعع


ننتظر جديدك من آلآبدآعآت....<<<
  #3  
قديم 05-26-2013, 02:39 PM
 
الحمد الله الذي انعم علينا بنعمة الاسلام
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فرصة ذهبية لزيادة حسناتك في رمضان ! كبرياء ادم أرشيف القسم الإسلامي 2005-2016 5 08-06-2011 03:44 PM
كيف نستقبل رمضان؟ وكيف نعيشه؟ jawad321 أرشيف القسم الإسلامي 2005-2016 0 08-18-2010 02:32 PM
عيوبي ..... حسناتك .... شاهي ختامه مسك 116 08-01-2007 10:54 AM
خادمتك تأخذ حسناتك شموخ أنثى أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 0 04-08-2007 06:02 AM
*ضاعف حسناتك* عيون الطفولة نور الإسلام - 1 07-27-2006 06:09 PM


الساعة الآن 10:14 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011