يمنع وضع روابط لمواقع اخرى لؤلؤة بالقران



القاهرة 22 يوليو 2012 الساعة 09:18 ص

غرقت سفينة ولجأ ثلاثة سودانيين، رجلان وامرأة، الى جزيرة مهجورة. الرجلان قسّما الجزيرة الى شمال وجنوب، ثم تعاركا وكل منهما يدّعي أن المرأة تنتمي الى جزئه من الجزيرة.
ما سبق ترجمتي الى العربية طرفة تُروى عن شعوب العالم كله، فالإنكليزيان والإنكليزية على الجزيرة لا يحدِّث بعضهم بعضاً، لأنه لا يوجد مَن يقدِّم أحدهم الى الآخر. أما الفرنسيون الثلاثة، فيتفقون على أن يكون أحدُهما زوجَ المرأة والثاني عشيقَها ويعيشون مرتاحين.
في المقابل، هناك اليونانيون الثلاثة، ويعيش الرجلان أحدهما مع الآخر، ويتركان المرأة تطبخ لهما (هذه تهمة قديمة جداً عن رجال اليونان تعود الى أيام الإغريق القدامى).
أما الإيطاليون الثلاثة، فرجل يقتل الآخر ويتزوج الإيطالية، في حين أن الرجلين البلغاريين ينظران الى المرأة البلغارية، ويقرران السباحة هرباً منها.
ولن أنسى اليابانيين الثلاثة، فهم يرسلون رسالة بالـ «فاكس» الى طوكيو ويجلسون بانتظار التعليمات.
ما سبق مقدمة، ففي كل مرة أقرأ الطرفة السابقة عن هذا البلد أو ذاك، في الشرق أو الغرب، أحاول أن أفكر بمثلها عن بلد عربي، غير أنني أفضّل أن أتنقل بحذر بين رجلين وامرأة من العرب نجوا ولجأوا الى الجزيرة المهجورة، للابتعاد عن الشبهات والممنوعات والمحرمات، التي زادت أضعافاً بعد ثورات الربيع العربي.
لو كان هناك لبنانيان، لأخذ كل واحد منهما يتصل بالدولة التي يدين لها بالولاء لإنقاذه، ولو كانت معهما لبنانية، لزعم كل منهما أنه عازب ومليونير.
السعوديان راحا يفتشان في الجزيرة عن بورصة، ليعرفا آخر أرقام الأسهم والسندات، والشابة رفضت الزواج من أي منهما، لإدراكها أنهما متزوجان جداً.
الخليجية (من دون تحديد) رفضت أن تتزوج واحداً من الرجلين الخليجيين اللذين وجدت نفسها معهما، لأنه لا توجد خادمة وسائق وطباخ.
الكويتيان رأَسَ كلٌّ منهما حزباً سياسياً، ورفضا إعطاء المرأة حق التصويت... فقط حق الطبخ والإنجاب.
القطريان أسسا محطة تلفزيون وعرضا على القطرية أن تعمل مذيعة، شرط أن تتحجب أولاً.
السوريان أسسا مجلس معارضة خارجية، والبنت هربت منهما الى لبنان.
الأردنيان قالا إن الفساد هو المسؤول عن غرق الباخرة، والبنت رفضت الزواج من أي منهما، لأنهما عاطلان عن العمل.
عراقي حاول أن يجتث الآخر، لأنه من فلول البعث، ووعد العراقية إذا قبلت الزواج منه بأن يقضيا شهر العسل في قم.
اليمنيان شكَّلا حركة انفصالية، ورفضا الزواج من البنت اليمنية، لتقدُّمها في السن، فقد تجاوزت العشرين.
المصريان نظما تظاهرة مليونية وطلبا إعادتهما الى مصر، ونصحا البنت أن تختبئ وراء شجرة خوفاً عليها من أعضاء مجلس الشعب.
الليبيون الثلاثة اختلفوا، وانفصل كل من الرجلين في منطقة من الجزيرة مَنَعَ الآخر من دخولها، والليبية قالت لهما إنها تفضل العنوسة على الزواج من أمثالهما.
المغربيان سبحا شمالاً، وكل منهما يأمل في أن يعود قبل الآخر بمهر يغري البنت بالزواج منه.
بدأ أحد التونسيين الثلاثة يبحث عن محلات بيع خمور لتكسيرها، والآخر يحاول إقناع البنت بأنها لا تحتاج الى دخول الجامعة، لأن مكانها البيت.
الفلسطينيان انقسما فوراً، أحدهما يؤيد فتح والآخر حماس، والفلسطينية تحاول الهجرة الى كندا، فيما قاربٌ إسرائيلي يقترب من الجزيرة وعليه مستوطنون يصرون على أن الجزيرة جزء من أرض الميعاد.
الجزائريان رفعا يافطات تندد بنتائج الانتخابات الأخيرة، ونسيا أن البنت معهما...
أتوقف هنا لأقول إن الكتابة عن «الخواجات» أسهل، فهم يتحملون السخرية أكثر مما يفعل العرب، وكل بلد غربي يتهم الجار بما يتهمه الجار به، والعلاقات دائماً أسوأ ما تكون بين الجيران الأقربين، مثل الإنكليزي والإيرلندي، أو الألماني والبولندي، أو الروسي وشرق أوروبا كله.
وهكذا، فالأميركيان يريدان الانتحار لأن الاميركية لا تحب جوز الهند، ولا توجد «الكريمات» التي تناسب جلدها، أو «مول» للتسوق، أو مياه في زجاجات بلاستيك لتستطيع شربها، والكنديون الثلاثة سعداء ببؤس الأميركيين.

نقلا عن الحياة اللندنية