قصِر كبيرْ يقع على أطراف الغابة ، انتشرَ فيه الخدمْ كالنمل ، تحتَ آمرة سيدهم ، ابنه البكرّ ، بل الوحيد على الأحرى ، يجلس في غُرفتِه الواسِعة ، كانتْ أشبه بِـ منزل مُنفرد .. بَـ الطبع فهوَ جناح خاص !


تربعَ على سريره ، وَاضِعاً حاسبه أمامه ، وَقدْ ملئ أذنيه بَـ الموسيقى الصاخِبة مِنَ السماعاتْ التي على رأسِه ..


طُرِقَ البابْ .. مرة .. اثنتانْ .. ثلاث .. لكنهُ لمْ يكُنّ يسمع !!


فُتِحَ البابْ لتدخُلَ شابه بِـ زيّ الخدمْ ، وَتقول " سيديّ ! "


شعرَ أخيراً بِها بعدَ وقت مِنَ المناداة ، أرخى السماعات لتكونَ حولَ رقبتِه ، وَقال " مرلينّ ؟! ما الأمر ؟! "


انحنتْ قائِلة " السيدْ كارلوس يُريدُك في مكتبِه حالاً ! "


نهضَ عنْ السريرْ قائِلاً " أخبريه بأنني آتٍ حالاً ! "


انحنتْ للمرة الثانية ، وَاعتدلت بعدها لتخرُج مِنَ الغُرفة ، وِمنَ الجناح بأكملِه بعدها !


،،


بالنسبة له فقدْ رتبَ شكله أمامَ المرآة نظراً إلى أنَّ والِده السيد { كارلوس } يهتمّ بالترتيبْ وَالنظافة وَالنِظام وَإلخ !


خرجَ مِنَ الغُرفة ليسيرَ بِتلكَ الممراتْ الكثيرة فَـ يخرُج مِنَ الجناح ، إلى الصالة الرئيسية ، حدقَ مِنَ شُرفة الدور الثانيْ إلى الدور الأول ، كانَ التلفازُ مفتوحاً ، وَيجلسْ أمامه طفلْ صغيرّ بدا بِعُمر العاشِرة أو الحادية عشرّ ، نادى عليه " بيتر ! "


ألتفَ الطفلْ ذو العينينّ الزرقاوتينّ ، وَالشعر الأشقر قائِلاً بِخوف " لمْ أفعل شيئاً .. لم أفتح مُذكِراتك .. وَلم أمسـ... "


قاطعهُ قائِلاً " لا تقلق .. لكنّ أينَ عمتيّ ؟! "


أجابه " والدتيّ في الخارج لتبضُع ! أنتَ تعرِفُها !! "


" إذاً أسمع .. أريدُ مِنكَ أنّ تطلُب مِن أزيا أنّ تُعدْ المعكرونة على الغداء ، اتفقنا ؟! "


" لكنَّ عميّ سيغضبْ ! "


" من يهتمّ ... أنا أرغب بالمعكرونة .. ألا أعد مِن سادة هذا المنزل أيضاً ؟! "


" حسناً ، سأخبرُها .. لكِنّ إنَّ غضبَ ابني .. فسأخبرُه بأنَ ابنه المُدلل هوَ من طلبَ ذلِك !! "


صاحَ بِغضبْ " ما الذيّ قُلته أيُها القزم الأبيض ؟! "


" كُفى عن مناداتيّ هكذا ! "


" إن كففتَ عنْ مُناداتيّ بِـ الابنّ المُدلل "


" لكنكَ كذلِكَ فعلاً >< ! "


" أنتَ أيضاً قزمٌ ابيض ! "


" سُحقاً .. فلتمُتْ ! "


" لا يجبْ على الاطفال أنّ يتعلموا الشتمّ "


" لا شأنَّ لك ! "


وأسرعَ بالذهابْ قبلَ أنّ يطولَ الأمر مع الابنْ المُدلل العنيد !


بينما ألتفَ الاخير ليُكمل طريقه إلى مكتبْ والِده ، سارَ في المزيد ، وَالمزيد مِن تلكَ الممراتْ حتى دخلَ إلى جناح المكتبْ الخاص بِـ والِده ، توقفَ أخيراً بعدَ مُدة أمامَ بابٍ خشبيّ محروق ، بِـ لافِته ذهبية كُتِبَ عليها [ ازوياكا كارلوس ] ..


طرقَ البابْ ليأتيه صوتُ والِده " تفضل بالدخول ! "


دخلَ قائِلاً " يكفيّ أنّ تقول تفضل ، أو أدخل .. لِمَ الاثنتانِ معاً == ؟! "


نظرَ إليه للحظاتْ ثُمَ عادَ للكتابة على الأوراق " ألمْ تطلُبنيّ \= ؟! "


نظرَ إليه ، وَعادَ لِلكِتابة ..


فَزفرَ الأخير بِـ ملل ، وَاتجه إلى أريكة جلدية موضوعة جانِباً ، استلقى عليها " إذا انتهيتْ أخبرنيّ ! "


وَأخرجَ مُشغل الموسيقى الخاص بهِ ، وَشبكَ بهِ السماعاتْ حولَ رقبتِه .. وَقبلَ أنّ يبداء قال " تهانيَّ لكْ ! "


رفعَ أحدَ حاجبية ، وَقال " أعدّ ما قُلته ؟! "


" تهانيَّ لك ! "


اعتدلَ في جلستِه قائِلاً " ما الذيّ تعنيه ؟! "


مدَّ لهُ الورقة قائِلاً " هذا ما أعنيه ! "


ألتقطَ الورقة مِن بينْ يديّ والِده " أهذا عقدْ بينَ شركتينّ ؟! "


" أجل "


" وَما شأنيّ أنا لِتُهنئنيّ \= ؟! "


" لأنَّ هذا العقد .. أنتَ هوَ أساسُه ! "


صمتَ للحظاتْ ، ثُمَ قالَ بِـ غباء " أنا ؟! "


" أجل عزيزيّ ميشيل !! "


" أنا لمْ أفهمْ إلى الآنّ ! "


نهضَ ليُطِل مِنَ المنظرْ الزُجاجيّ خلفه " في الواقِع .. لدى صاحبْ الشرِكة السيد " ميلتونّ " ابنه في الثامِنة عشرّ .. "


توقفَ عنْ الكلام ، ليُشعِل سيجارةً ، لكنهُ قال " أنسيتَ أنِ أعانيّ الربو ؟! "


تنهدَ والِدُه ، وَأغلقها بِسُرعة قآئِلاً " المُهِم .. هوَ يُريدك كَـ خطيبْ لها ! "


لحظاتْ صمتْ ، قطعها ضحِك ميشيل الذيّ قال " لا بُدَّ وَأنكَ تمزحُ معيْ !! "


رمقهُ بِنظرة ، وَقال " هل اعتدتَ المُزاحَ منيّ ؟! "


صاحْ " أبــــــــــي أنا ... "


قاطعه " لا أريدْ أنّ اسمعْ أيّ كلِمة أخرى .. إلى غرفتِك ! "


لكنّ أتنظونّ أنَّ هذا الابنْ المُدلل العنيد .. سيستسلم وَيعود إلى غُرفتِه ؟!


بالطبعِ لا .. قال " لنّ اتحركَ خطوة واحِدة حتى تُلغيّ هذا المُخطط الفاشل !! "


" لا لنّ أُلغيّ شيئاً .. بالإضافة هذا مُخطط رائِع ، وَمُبتكرْ ! "


" رائِع ؟! مُبتكر ؟! ألمْ تُفكِر للحظة بأنّ لا نتفق أنا وَهيَ فَـ يؤديّ ذلِك إلى انفِصال الشركتينّ ؟! "


" لنّ يحدُث ذلِك .. فَـ ظِمنَ العقد أنكَ ستكونْ زوجها المُستقبليّ .. وإنّ حدْ آنّ لا تتفِقا فأنَّ هذا لا يُلغيّ الشراكة أبداً ! "


ضربَ المكتب أمامه بِقوة ، وَقال " أبي .. أنا لا أزال في الثانية وَالعشرينّ ... لا أزالُ صغيراً على الزواج !!! "


" ليسَ هُناكَ عُمرّ مُحدد لِـ زواج ! "


" ماذا ؟! أنتَ لمْ تتزوج إلا في سنّ التاسعة وَالعشرينّ .. لِمَ أتزوجُ أنا في الثانية وَالعشرينّ إذاً ؟! "


" تغيرَ الزمنّ !!! "


" الناس تتزوج في الثلاثينّ الآن .. وَأنتَ تقول ليّ تزوج في الثانية وَالعشرينّ ؟! "


" إذهبْ إلى غُرفتِك .. وَلا تُطِلّ هذا الحديثَ الفاشِل ! "


" هذا الحديثْ الفاشِل كمَّ تقول .. هوَ الذيّ سيُحدد مصيرَّ حياتيْ !!! "


" مصيرَّ حياتك ؟!.. اذهبْ إلى غُرفتِك وَحسبْ !! "


" أنا ... "


التزمَ الاثنان الصمتْ حينَ دخلتْ تلكَ السيدة الشقراء قائِلة " كارل .. ميشيل .. ما الذيّ يحدُث هُنا ؟! "


طأطأ ميشيل رأسه ، وَتعدى عمته إيزابيلا ليخرُج مِنَ المكتبْ " ما الذيّ فعلته كارل ؟! "


" وجدتُ لهُ فتاة !! "


" ماذا ؟! إنهُ لا يزالُ يدرُس .. كيفَ تقول إنكَ ستُزوِجة ؟! "


" لم أقُل إنِ سأزوجه .. بل خطبتُ لهُ وِحسبْ .. أمَ الزواج فهوَ شيءٌ آخر !! "


رمقتهُ بِـ نظرة .. وَخرجتْ عِلماً مِنها بأنهُ ذو رأسٍ مُتحجِر !!!!


،،


خرجَ مِنَ القصرّ بِكامِله ، ليأخّذ خيله مِن إسطبل الخيول ، خرجَ بِسُرعة ، لا يعلمْ إلى أينْ .. لكنهُ سارَ في الغابة بِلا هدف .. هارِباً مِنَ الواقِع .. هارِباً مِن حياته .. هارِباً مِن كُل شيء !!!