عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الصحية والإجتماعية > الحياة الأسرية

الحياة الأسرية القسم يهتم بشؤون الأسرة المسلمة والعلاقات الاسرية والزوجية وطرح الافكار الناجحة لحياة أجمل

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-01-2007, 08:28 PM
 
Lightbulb السلوك الإجتماعي موضوع مهم



المجتمع الإنساني مسرح حافل بألوان شتى من الأخلاق وأنماط متبانية من السلوك ففريق

من الناس تتجاوب أهواؤهم وتتقارب ميولهم ويلائمون بين مطالبهم وأوضاع المجتمع

يسبحون في تياره ويتخذون من نهجه إماماً وهم جمرته والعاملون في نموه وبقائه.

وفريقٌ منهم يرون أدواء المجتمع ويلمسون مواطن الضعف فيه فيألمون له ويشفقون عليه

ويطبون له فهم الهداة وحملة المشاعل ينيرون له السبيل ويرسمون المثل ويأخذون بيده

في مدارج الرقي وهم المصلحون.

وفريق قد أهمتهم أنفسهم, فهم حراص على إرضائها, وإرواء رغباتها, لا يبالون

بالمجتمع ولا يحفلون به بل ينقمون عليه ويحاربونه سراً وجهراً فيشفق بهم ويشفقون به.

وإنما اختلف سلوك الناس في المجتمع باختلاف عاملين عظيمين يؤثران في أنفسهم هما

الوراثة والبيئة فالناس يرثون استعداداً فطرياً للسلوك لا يكاد يختلف فيهم إلا قليلاً, إنها

الغرائز يزود بها كل امرئ على وجه البسيطة لكن هذه الطاقة الحيوية الموروثة قد تتجه

إلى الخير وقد تتجه إلى الشر وهذه الغرائز في حالتها الفطرية عند الإنسان تشبه الغرائز

في الحيوان. لولا تربية الإنسان وتجاربه لكان كالحيوان في تصرفه ولكان أسلوبه فطرياً

كأسلوب الحيوان في استجابته لدوافع الغرائز لكن السلوك الفطري لإشباع الغرائز قد

يلقى في المجتمع مقاومة ومعارضة فيضطر إلى تعديل أسلوبه الغريزي شيئاً فشيئاً

فيعلو به حيناً ويستبدل به أحياناً وكلما نما تقدم في سبيل التعديل حتى يصير سلوكه إجتماعياً.

ويحدث ذلك أطواراً بعضها البعض فلا يصل طفرة إلى السلوك المقبول في المجتمع وهو

ما سميناه سلوكاً إجتماعياً بل يمر بمراحل مختلفة من السلوك تمثل حياة الجنس البشري

في تاريخه الطويل, ومراحل نموه من الحياة الفطرية البدائية في الغابة إلى الحياة

المتحضرة في المدينة.

وهو يسلك في مبدأ حياته مسلكاً تحكمة اللذة والألم فما شعر فيه بسرور أتاه وما أحس فيه

ألماً تجنبه وإن له في هذا الطور من حواسه هادياً ودليلاً فيتجنب النار لأنها تؤلمه

ويتخطف الحلوى لأنها تمتعه.

ثم يعلو درجة في سلم النمو فيدرك الثواب والعقاب ويفهم الأمر ويعرف النهي ويصدع

بما يؤمر به مما ينبغي وينهي عما لا ينبغي فهو في هذا الطور خاضعٌ بما يؤمر به مما

ينبغي وينتهي عما لا ينبغي.

ويتطور معنى الثواب والعقاب في نفسه, فيرى الثواب في الثناء والمدح, ويرى العقاب

في الذم واللوم ويؤثر المتعة الكبيرة الآجلة على اللذة الصغيرة العاجلة ويخشى سخط

المجتمع ويحرص على رضاه فيستوحي أوضاعه ومثله المرسومة.

وهكذا تتكون الأخلاق فاساس السلوك الخلقي الغرائز المعدلة والعادات الصالحة

والعواطف التي تتجه بالحب إلى الخير والحق وبالبغض إلى الشر والباطل وتتحد هذه

العواطف التي تتجه بالحب إلى الخير والحق والبغض إلى الشر والباطل وتتحد هذه

العواطف متعاونة في تكوين سيدة العواطف وهي عاطفة اعتبار الذات وقوامها احترام

النفس فإذا قوية هذه العاطفة وستقرت وجهت السلوك توجيهاً مطرداً يكون في حقيقته

مرآة مصورة لمكنون النفس من مثل وأهداف وقد تسمى الذات المثلى أو الضمير.

وهي على كل حال تنمو في ظل المجتمع ومستواه الخلقي العام وتأثراً بسلطانه,

ومشاركة له في وجدانه غير أن الخضوع لسلطان المجتمع لا يصل بالمرء دائماً إلى

كمال الأخلاق فرب مجتمع ليس في وضع مرض من ميزان الخلق السامي, فلا يكون من

كمال المرء أن يترضاه أو يترسم خطاه.

وهنا يبدو طراز من الخلق أرقى من المستوى الذي يتحكم فيه سخط المجتمع ورضاه وهو

طراز الأنبياء والمرسلين والقادة الوطنين والهداة المصلحين أولئك الذي يصارحون

المجتمع بحيويته وأمراضه لا يجارونه ولا يدارونه ويجذبونه إلى سمائهم, ولا ينزلون

إلى أرضه وقد يكونون هدفاً لسهامه ولكنهم يمضون قدماً إلى غاياتهم مهما أصابهم من

عنت واضطهاد.

بيد أن طائفة من الناس تنحرف عن المجتمع فلا تذهب مذهبه كالطائفة الأولى ولا ترتفع

به كالطائفة الأخر أولئك الذين ضل سعيهم في الحياة , وضربوا في بيدائها بلا ليل سوى

غرائزهم لا يبغون عنها حولاً ولا يريدون بها بدلاً أولئك هم الأشقياء البائسون. إن كانوا

في رأي المربين مرضى نفوس وفي رأي علماء المجتمع التشريعي آثمين.

إنهم ضحايا بيئاتهم التي نشأوا فيها صغاراً لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا يدفعون عنها ضراً

فمهما قيل في أثر الوراثة في السلوك فإن للتربية القدرة على التعديل والتوجيه, حتى

أولئك الذين ورثوا صفات تؤثر في أمزجتهم آمنوا بنقص يؤدي إلى النقمة على المجتمع

حتى أولئك يمكن التربية أن تذهب بهم صالحة فتذهب سلوكهم وتوجههم توجهاً سلمياً.

ولقد يكون من الحق أن يقال: إن الذكاء وراثي وله خطره وقيمته في السلوك السليم ولقد

يكون من الحق أن يقال أن الميول الفطرية قوة دافعة والذكاء قوة مرشدة لكن من الحق

أيضاً أن يقال: إن للتربية عصاً سحرية تصلح ما جاءت به الوراثة من بذور الشر وأسس الفساد.

ينشأ الطفل في أسرته فيحاكي أباه وأمه من غير قصد , بل يتقمص شخصية أحدهما أو

كليهما فهما دستوره, وهما ضميره وهما مثله الأعلى لا يصدر إلا عن وحيهما ولا ينهج

إلا نهجهما فمعاملتهما له هي النواة الأولى في أساس سلوكه الإجتماعي, والأوامر

والنواهي قد تسنى وتبقى آثارها في النفس ضميراً متحكماً, نافذ الأمر, عظيم الخطر.

وموضوع الطفل في الأسرة له أعظم الأثر في نفسه, فقد يكون الأول وقد يكون الأخير

وقد يكون المفضل, وقد يكون المنبوذ, وقد يكون الذكر الفرد وقد يكون الأنثى الوحدة

ولكل عامل من هذه العوامل أثرة في تنشئة الطفل وتوجيهه.

فهب طفلاً حظى من أبويه بحب فياض, قد استوثق من مكانته في أنفسهما, وضمن منهما

الرضا على كل عمل يأتيه فلا زجر ولا منع, ولا كف ولا ردع , بل يرخيان له في

عنانه, ويمدان أسباب الجري في ميدانه, وما ميدانه إلا إشباع حاجاته وغرائزه وميوله

الفطرية. إن مثل هذا الطفل سيشعر أن كل شيء مباحٌ, وأن مبدأ اللذة هو الدستور, وأن

الإثم مفيد, والجريمة نافعة, والإغتصاب بطولة, فقد تعود أن يشعر الرضا في أذى

سواه, وأن الحرية المطلقة أساس الحياة, ومثله لا يشعر بتبعه, ولا يرعى لأحد حرمة,

لأنه لا ضمير له ولا وازع بل كان عبد غرائزه وطوع ميوله وأنه ليدهش بعد هذا إن

وجه إجراماً على إجرام, ومآل أمثاله إلي النفي والنبذ وبئس المصير.
لا ريب أن حب الآباء لأبنائهم من أسس التربية الصالحة, ولكن الإسراف فيه مبعث شر


ومصدر فساد, وما أجمل أن يكون هذا الحب جزاء على اتباع أمر بخير, أو استجابة

لنهي عن شر ذلك أحرى أن يؤدي إلى ضبط خلقي وأجدي في تنشئة طفل ذي ضمير

حي, يأبى إلا ما يقره المجتمع, أو ما توحي به الفضيلة.

ولعل قسوة الآباء على الأبناء لا تقل شراً عن الإسراف في إظهار حبهم, فإن القسوة تدفع

الأبناء إلى العصيان والمقاومة إن عاجلاً أو آجلاً, فإذا دأب الوالد على التهجم والغلظة,

وعاقب على أتفه الأسباب, تمثل الطفل في ضميره صورة أبيه فظة عابسة, وفقد الإيمان

بالعدل والحق والتمس اللذة الهمجية إرضاء للدوافع الأولية وهام في ضلالة عمياء لا

يردعه قانون ولا يصده عن غيه أيلام إنه...... إنه ينتقم.

وقد يكون الأب قاسياً على ابنه فيما يرسم له من مثل وتكون الأم رقيقة حانية, فيتمثل

الطفل في ضميره صورتين متناقضتين ويتقمص في شخصيته مثلين متنافرين فينشأ في

الحياة فيفعل الخير ويضعف حيناً فيقترف الإثم وهذه الذبذبة في العمل مظهر لصراع

نفسي عنيف لا يكاد يحسن في بين نزعاته إلا بعد جهد وعناء.

ولعل ما نراه من حيرة الشباب وقلقهم في الحياة قد نبع من اضطراب المثل في أنفسهم,

واختلافها في ضمائرهم, فانقسمت شخصياتهم, ووقفوا في الحياة حائرين يعانون آلاماً

خفية في أعماقهم لا يعرفون كيف ينهجون ولا يدرون كيف يسلكون.

ولعل من أسباب الحيرة أيضاً أن يسمع الناشئون ضرورباً من القول تخالف ما يشهدون

من فعل فإلى أي واد يدفعون؟

وقد ينشأ الطفل نشأة طبية ويتمثل في ضميره مثلاً صالحة ثم تتجاذبه شخصيات أخرى

زائفة فيتخذ من بعضها مُثلاً, ويشب في نفسه صراع بين المثل القديمة والمثل الجديدة,

وهذا أيضاً سبب من أسباب الحيرة في أنفس الشباب.

وبينما نرى شباناً خاضوا غِمار الحياة فخارت قواهم, ولا سيما إبان الأحداث التي تهز

المجتمع إذ بنا نرى آخرين يجتازون المحن سالمين, ذلك بأن ضمائرهم كانت أصلب

عوداً, وأقوى انسجاماً وأعظم استمساكاً من أن يجد الإغواء إليها سبيلاً.

وأشق الأشقياء أولئك الذين كتب عليهم أن ينحدروا من آباء لا حظ لهم من الصلاح ولا

خلاق لهم من الإستقامة, فهم مثل سيئة لأبنائهم, ولا بد للأبناء أن يشبوا على مثال الآباء,

فبئس ما رسموا لأبنائهم من أسوة وما نصبوا من قدوة.

وليس أقل منهم شقاء أولئك الذين نشأوا في أسرة يسودها الخصام, ويحطمها الشقاق فما

أشبه ضمائرهم بأسرهم.

ولا يكاد يقع شيء في حياة الطفل الأولى إلا وله خطرة وأثرة في شبابه ورجولته, اللهم

إلا إذا أتيح له في مدرسته أن ينقض بناءه الأولى ليعيده خلقاً جديداً.
  #2  
قديم 06-01-2007, 10:06 PM
 
رد: ** السلوك الإجتماعي ** موضوع مهم !!

اصبتي حالمة بكل كلمة قلتيها
والله يعطيك العافية على الجهد في عرض الموضوع
ودمتي لمن تحبين



حتما سنلتقي و لن نفترق

__________________

الوقت يداهمني والعمر يسرقني

لكن لا املك سوى شكر لكل من تقبلني في هذا المنتدى
واتمنى من الله ان يجمعنا في الجنان العليا




اخوكم


سامر البطاوي




  #3  
قديم 06-03-2007, 06:05 PM
 
رد: ** السلوك الإجتماعي ** موضوع مهم !!

يعافي قلبك يا رب من كل شر وسوء

أشكرك من أعماق قلبي سامر على مرورك العطر والمميز

لا عدمناك ،، دمت بكل الصحة والعافية
  #4  
قديم 07-03-2007, 02:09 PM
 
رد: السلوك الإجتماعي موضوع مهم

موضوعك رائع رغم طوله إلا أنه مرتب العبارات ومتسلسل الأفكار يؤدي الغرض منه..
عرضك للمجتمع وأنماط الناس جعلني أتسأل
من لذلك الطفل المسكين الذي إنفصل عن أمه في بداية حياته وهي الملهم والموجه له ومنها
يستمدالأناالأعلى(الضمير)في حياته
ولأجلها يعدل من سلوكه حتى يحضى بالحنان والقبول لابد أنه سيفقدالكثير وفي المستقبل سيعيش في صراع بين رغباته وشهواته وبين أنظمة وقوانين مجتمعه
ولكني أعود وأتفائل وأقول لنفسي
إن التربيه الإسلاميه كفيله بضمان الأمن الإجتماعي في أي زمان وكل مكان
لك كل الشكر على هذه الإطلاله
  #5  
قديم 07-08-2007, 04:11 AM
 
رد: السلوك الإجتماعي موضوع مهم

لقد أصبتِ القول عزيزتي شذى كلام أكثر من رائع أوافقك عليه الرأي بالفعل
((
إن التربيه الإسلاميه كفيله بضمان الأمن الإجتماعي في أي زمان وكل مكان ))

أشكرك من أعماق قلبي على مرورك وتعقيبك الرائع ..

لا عدمناكِ ،، ودمتِ لعيون العرب



موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
احذروا هذه الأحاديث " حـــرام نشرها " فهى موضوعـــة RooT نور الإسلام - 348 03-02-2017 09:11 PM
ماهي اللوكيميا!!؟ او سرطان الدم فراس الحلو صحة و صيدلة 7 07-14-2007 10:52 PM
فئات الدم Blood Group manouella صحة و صيدلة 6 04-02-2006 10:14 AM
فصائل الدم ومايناسبها من الاغذيه بــو راكـــــان صحة و صيدلة 3 11-11-2005 11:51 PM


الساعة الآن 07:31 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011