عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام العامة > مواضيع عامة

مواضيع عامة مواضيع عامة, مقتطفات, معلومات عامه, مواضيع ليس لها قسم معين.

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-06-2012, 01:05 PM
 
الشكر على أجهزة الحركة

الشكر على أجهزة الحركة
ومن أجل ألا تضيع الطاقة هباءً، ومن أجل أن يتم استثمارها في أعمال مفيدة، جهّزتَنا بأجهزة الحركة والحواس والنظام العصبي، وهذا ما يميزنا عن النباتات. ثم منحتَنا لسانًا وقدرة على الكلام، وهذا ما يميزنا عن سائر الحيوانات، ووهبتَنا -بإحسانك وفضلك- عقلاً ومشاعر لا تملكها الحيوانات كذلك، ومتّعتنا بميزات قلبية وروحية، ولطائف نجهل خفاياها، وثقافة وجدان لنسابق بها الروحانيين... إلهي! لقد وضعتَ الرزق في مركز الحياة لتتجلى كل هذه اللطائف والإحسانات التي ذكرناها... أما الرزق، فسخرته لنا من اللحوم والخضروات والفواكه والأشربة المتنوعة بطعمها وألوانها.
لم تمنح النبات نظامًا عصبيًّا ولا حركيًّا، لذلك قدّمت لها رزقها جاهزًا مجهّزًا فغذيتها بالشمس من فوقها وبالماء والتراب من تحتها. ولكن الحيوانات التي منحتها نعمة الحواس والقدرة على الحركة تسعى وراء ما أنعمتَ عليها لتعبّر عن شكرها لك، كما أعطيتَ بعض الحيوانات القدرة على تحويل ما تأكله، إلى لحم ولبن من أجلنا.. نعم، خلقتَ النباتات والحيوانات وسخرتها لتأمين رزقنا... هذا وقد خُلق الكون والكائنات بتوازن عجيب؛ فولادتها، وتكاثرها، ومواتها مبرمج حسب إعاشة بعضها البعض... فلم تعط -يا ربنا- أيًّا من الأحياء تكاثرًا وانتشارًا بلا حدود، فكل حي مرتبط في وجوده بالأحياء الأخرى في توازن بيئي عجيب يقوم على أساس الرزق.

لقد بدأتُ -يا إلهي- بالحديث عن الأعضاء حتى بلغتُ التوازن البيئي، فكل شيء خلقته ينظر إلى الآخر... فكان قد طلب مني أستاذي أن أمضغ قطعة الحلوة بتريّث حتى أتيح لنفسي فرصة التفكير والتأمل بهذه النعمة مليًّا وأعرف مدى أهمية الشكر لك، وفي أثناء ذلك كانت أشعة الشمس تنساب من بين أوراق الشجر لتلامس رأسي برفق.. فابتدر إلى مخيلتي فجأة أني أتناول -في حقيقة الأمر- الشمس والهواء والتراب في قطعة الحلوة هذه، ثم تعلق بصري بالأشجار فرأيتُ أن اللقمة التي أمضغها ما هي -في الحقيقة- إلا تحوّل الشمس إلى شكل نبات... حيث إن السكر الذي تشكّل من أشعة الشمس المجبولة بالماء والتراب بعد طََهْيها بالغاز الكثيف الموجود في الهواء، يتحوّل إلى الدقيق والدهن أولاً، ثم إلى حلوة لذيذة صنعتْها يد الإنسان الماهرة. أما اللسان الذي جعلتَه بابًا لكل هذه النعم ومتّعتَه بتمييز اللذائذ عن بعضها البعض، ما هو إلا حافز لإدراك حزائن رحمتك المديدة، ودفعٌ على الشكر لنعمائك اللامتناهية، حيث جعلتَ -يا رب- دوام الرزق بالشكر عليه.. وإذا جعلت تعطُّش الحيوانات للرزق والسعي وراءه نوعًا من الشكر الفطري، فإنك طلبتَ منّا أن نقوم بالشكر المنبعث من الشعور الإرادي الخالص.


نعمة الشكر
يا سلطاني، ويا صاحب القدرة والرحمة اللامتناهية! الآن أدركتُ أن الشكر من أعظم النعم! نسألك اللهم ألا تؤاخذنا عن عجزنا بشكر يليق بكرمك! إذ لم نع معنى العبودية لك، ولم ندرك معنى الشكر على نعمك التي أنعمتها علينا من خزائن رحمتك.. لم نعرف استخدام عقولنا التي سخرتها لنا لتزيح لنا أستار الحق والحقيقة، ولم نعرف استخدام بصرنا في سبيل الكشف عن جمالك، ولم نعرف -كذلك- استخدام ألسنتنا في سبيل تسبيحك وتقديسك.. أشكرك اللهم على نعمك التي لا تعد ولا تحصى ألف مرة ومرة.

إلهي! في كل نبضة من قلبي، وفي كل نفَس يخرج مني، وفي كل خطوة أخطوها بقدمي، وكل شربةِ ماءٍ ترويني، وكل لقمة أتقوّى بها، وكل طرفةِ عين، وكل صدى صوت في سمعي، وكل تحريكةِ مفصل، وكل حبةِ عرَقٍ تتدحرج على جلدي، وكل عبق يتسلل إلى أنفي، وكل جوعة وكل شبع، وكل كلمة تصدر من حلقي، وكل عمل تقوم به جوارحي وما ينتج عنه من آثار... إلهي! لا تحرمنّي إدراك أن ذلك كله بأمرٍ وإرادةٍ كلية منك... فلا يرفّ جناح لذبابة ولا ورقة في شجرة بلا علم أو إرادة منك... فهل يمكن أن تتحرك شعرة في رأس إنسان جعلته خليفة في أرضك إلا بعلمك وإرادتك؟!
لكننا في معظم الأحيان نغفل عن ذلك وننساك، وربما لا يذكر النعمة من يتذكر، إلا بعد أن تستردّ منه ما وهبتَه... فاجعلنا إلهي من الذاكرين لنعمك والشاكرين لك.


مرضاة الله
إلهي! ألهمني أن أستعمل أعضائي السليمة -التي وهبتنيها- في مرضاتك... اللهم أرغب إليك أن تأخذ أماناتك عن أن أعيش عيشة الغفلة عنك، فأكون في منأى عن خصومة هذه الأعضاء التي لا تقدّر بثمن. لقد حدثني دماغي عن قابليته وقدراته الكثيرة عند بيانه عن نفسه وعن خصائص تكوينه، غير أني لم أستعمله كما ينبغي... اللهم إني أسألك علمًا نافعًا أؤدي به وظيفة دماغي، فيعمل على اكتشاف أصول وقواعد جديدة تزيدني معرفة بك. وامنحني -يا الله- إرادة أغمض بها عيني عن المفاسد فلا أرى إلا الخير ولا أقرأ إلا كتاب الكائنات.

وأعنّي -يا رب- على السير إليك، واجعل لساني يلهج بذكرك، وأذناي تسمع الواردات من بيانك، وقلبي ينبض باسمك، وأنفاسي لأنفقها من أجلك، ومعدتي لأملأها من رزقك الحلال، ونفسي حتى تجد طمأنينتها في السعي في مرضاتك، والرغبات المشروعة من أمرِك، وأعنّي -يا الله- ليكون ذلك خلُقًا عندي أنال به رضاك... إلهي! نحن عبيدك الضعفاء العاجزون، المُلكُ ملكك تتصرف فيه كما تشاء، فتبتلي بعض عبيدك باسترداد بعض ما وهبتهم... فامنحهم إلهي الصبر، ولا تمتحنّا بما لا نقدر عليه، وارزقنا التعرف على نعمك علينا قبل زوالها، وارزقنا الشكر عليها يا أرحم الراحيم.



ـــــــ
الترجمة عن التركية: مصطفى حمزة.



المصدر : مجلة حراء ، العدد: 28 ، يناير - فبراير 2012 .
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مرض السكر, أعراض الاصابة بالسكر,مضاعفات سكر الدم,علاج مرض السكر ابتسم رغم الامي صحة و صيدلة 2 04-02-2020 01:21 PM
علاج السكر بالاعشاب هام لمرضي السكر l_kareem_l صحة و صيدلة 7 11-19-2011 01:20 PM
الشكر كل الشكر للأخ ( عبد الله ) على موضوعه الرائع الفرعون الجريح حوارات و نقاشات جاده 16 11-07-2011 08:24 PM


الساعة الآن 01:17 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011