عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > ~¤¢§{(¯´°•. العيــون الساهره.•°`¯)}§¢¤~ > أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه

أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه هنا توضع المواضيع الغير مكتملة او المكرره في المنتدى او المنقوله من مواقع اخرى دون تصرف ناقلها او المواضيع المخالفه.

Like Tree10Likes
 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #6  
قديم 07-15-2010, 08:59 PM
 
هذا البارت الجديد لعيونكم الحلوة

*الجزء الثاني*

(ماذاقد يحدث باليوم الأول لها؟)

ابتسمت وعد بشرود وهي تلمح الساعة التي كانت تشير عقاربها الى السابعة والنصف صباحا..اليوم هو اليوم الاول لها في عملها في جريدة الشرق.. ترى كيف سيكون هذا اليوم بالنسبة لها.. وأي انطباع ستأخذ عن مكان عملها..

يقولون ان الانطباع الأول هو أهم من أيانطباع قد يأخذه الشخص في أيام قادمة.. لأن الانطباع الاول يبقى في ذاكرة الشخص.. وبه يحدد إن كان هذا المكان جيدا ام لا..

كانت وعد في شدة أناقتها هذااليوم..كانت تبدوا كالملاك وهي ترتدي ذلك البنطال الأبيض..وقميص ذا لون وردي هادئ.. يعلوه سترة بيضاء من النوع القصير.. وشعرها الكستنائي مرفوع بأكمله بربطة شعر ورديةاللون.. إلا من خصلات تسقط على جبينها ووجنتيها بنعومة..
التقطت حقيبتها وهي تشعر بالتوتر ترى ما الذي ينتظرها هناك..اخذت نفساً عميقا لتشعر بالقليل منالراحة..
ورسمت ابتسامة على شفتيها وان لم يغب عنها التوتر..هبطت الى الطابق الأسفل
وقالت بهدوء وهي تتوجه الى المطبخ حيث والدتها: أمي أنا ذاهبة الآن..
سألتهاوالدتها قائلة: هل تناولت افطارك؟أومأت وعد برأسها وقالت: عن اذنك الآن ياأمي..فيتوجب أن اكون في الصحيفة بعد نصف ساعة..
قالت والدتها بابتسامة: صحبتكالسلامة يا بنيتي..
ابتسمت وعد وهي تغادر المكان الى خارج المنزل..وتتوجه نحوسيارتها الحمراء..ولكن انعكاس في مرآة السيارة الجانبية جعلها تلتفت وتقول مبتسمة: هشام.. ماذا تفعل هنا منذ الصباح؟..
خفق قلب هشام.. وعد اليوم تبدوا جميلة.. وجميلة جدا ايضا.. انه يخشى عليها ان تذهب الى هناك وهي هكذا..لم ترتدي مثل هذهالملابس التي تزيد من جمالها وهي ذاهبة الى العمل؟..أكان ذلك متعمدا؟.. امانها...
وقطع أفكاره وهو يقول متجاهلا سؤالها: ما هذا الذي ترتدينه؟قالتبسخرية: بنطال وقميص ان لم تكن ترى..
صمت عنها لأنه ليس له سلطة في التحكم بهاولكنه مع هذا ابن عمها ولا يريدها أن تكون موضع لكل عين هناك..وقال في شيء منالحنق: عودي الى الداخل واستبدلي ملابسك..
ضحكت وقالت: في أحلامك..لقد بقيت ساعةكاملة وأنا اختار ملابسي..
قال وهو يبتسم بالرغم منه: انتبهي لنفسك.. واخبرينيبما يحدث معك هناك..
قالت وهي تلوح بكفها: إن وجدت الوقت الكافي.. معالسلامة..
قال في سرعة: الا ترغبين ان أوصلك؟
- لدي سيارة ان لم تعد ترى هذاايضا..
دلفت الى السيارة وانطلقت بها.. وعينا هشام اللتان تراقبها..وتتطلع اليهابابتعادها.. كانت تحمل حنان العالم كله..
* * * * * * * *
وصل عماد الى عمله في شركة والده قبيل وقت العمل بربع ساعة..وما ان فعل حتى رن هاتفه المحمول بغتة.. فتطلع الى الرقم قبل أن يجيبه قائلا: أجل يا أمي.. ما الامر؟استمع الى والدتهالتي كانت تتحدث في موضوع ما جعله يشعر بالضيق ويضطر لأن ينهي المكالمة قائلا: حسنا .. حسنا .. سأرى الأمر عندما أعود.. أنا منشغل اليوم.. الى اللقاء..
اغلق الهاتف وهو يزفر بحدة .. لم هم يهتمون هكذا الى هذا الامر.. ان تزوج او لم بتزوج.. ان ظل عازبا ام لا.. هل تعدى سن الأربعين حتى يحدث كل هذا.. فليتركوه وشأنه..
والدته كانت تتحدث اليه عن احدى الفتيات التي تنوي أن تخطبها له..عن طريق احدى صديقاتها.. وهو لن يقبل بفتاة مادام لم يشعر نحوها بأية مشاعر.. لا يريد الزواج هكذا دون انيكون له حتى العلم بشخصية هذه الفتاة..
انه يعترف بأنه معجب بوعد.. إعجاب بشخصها ليس الا..ولكنه لم يصل الى مرحلة ان يكون ما يحمله لها عبارة عن مشاعر قوية لاتنفصم..لكن لو كانت وعد توافق عليه كزوج.. هو سيقبل بالزواج بها.. لأنه يحمل لهاالإعجاب.. ومع الوقت قد تتولد المشاعر بينهما..
كان هذا ما يشغل ذهن عماد وهومستغرق بعمله..
ترى ما الذي يخبأه لك القدر يا عماد؟..
* * * * * *
ما ان وصلت وعد إلى مبنى الصحيفة.. حتى زاد توترها أضعافا..وخصوصا عندما وطأت قدماها ارضذلك المبنى..وتطلعت الى المكان في شيء من الشرود.. هذا هو الطابق الأرضي ويحمل مكتب الاستقبال..ومقاعد للانتظار ودورات مياه..
توجهت بخطاً ثابتة الى مكتب الاستقبال وسألت الموظف قائلة: من فضلك يا سيد.. في أي طابق توجد مكاتب الموظفين ؟اجابها قائلا:بالطابق الثاني والثالث..اي قسم ترغبين بالذهاب اليه يا آنسة..
تحدثت وعدالى نفسها قائلة ( وما أدراني انا..بأي قسم سأباشر عملي)
وأجا بته بارتباك: أظنانه قسم شؤون الموظفين..
كانت وعد تدرك ان هذا القسم مختص بتوظيف الايديالعاملة..ولهذا قد تعلم من هناك بمكان عملها..
وهنا اجابها الموظف قائلا: الطابقالثاني اذا..
شكرته وتوجهت نحو ركن المصاعد.. حيث استقلت واحدا الى الطابق الثاني وما ان وصل المصعد وخرجت منه الى الطابق حتى اصطدمت بها سيدة كانت تنويالدخول الى المصعد وهي تحمل مجموعة من الاوراق.. وقالت تلك السيدة بلا مبالاة: معذرة..
واصلت السيدة طريقها الى داخل المصعد في حين استغربت وعد هذه الفوضىالحادثة بالطابق الثاني على عكس الطابق الأرضي الذي كان يتسم بالهدوء..شخص يدخل هناليخرج آخر من هناك.. وآخر يرسل أوراق الى مكتب.. ليحمل غيرها الى مكتب آخر..يبدواان هذا المكان سلسلة اعمال لا تنتهي.. ترى هل سأستطيع أن اندمج مع كل هذا..
سارتفي طريقها بهدوء باحثة عن قسم شؤون الموظفين..وهي تدلف في احد الممرات لتتجه يميناومن ثم تبحث من جديد.. وأخيرا وجدته.. دلفت الى الداخل وسألت اول من وقعت عليهعيناها: من فضلك يا سيد..انا موظفة جديدة هنا.. اريد أن اعرف في أي قسمسأعمل..
التفت اليها وتتطلع اليها للحظة قبل ان يقول: بطاقتك الشخصية وقرارتعيينك هنا من فضلك..
سلمته ما يريد فبحث في سجلات الموظفين الجدد في سرعة قبلان يقول: قسم الصفحة الرئيسية..
ارتسمت ابتسامة على شفتيها.. ستكتب بالصفحةالاولى.. يا لي من محظوظة.. وقالت : شكرا لك..
اسرع يقول: ستجدينه بعد مكتبين منهنا..
أومأت برأسها وهي تبتعد عنه.. تطلعت الى المكاتب من حولها الى ان شاهدتالقسم الذي تحدث عنه ذلك الموظف.. دلفت الى الداخل وشاهدت ثلاث مكاتب فقط.. مكتبتجلس عليه سيدة تبدوا في الثلاثين من العمر.. وآخر يجلس عليه شاب منهمك في عمله حتىانها لا تستطيع ان تلمح وجهه.. وآخر مكتب كان خاليا .. وان توجد عليه بعض الملفاتوالأوراق المبعثرة توحي بأنه لأحدهم..
عقدت حاجبيها.. إذا أين اجلس أنا؟.. توجهت نحو السيدة لتستفسر منها الأمر قائلة: من فضلك .. انا موظفة جديدة هنا واريدان أسألك بشأن....
قاطعتها المرأة قائلة: لا شأن لي..اسألي الاستاذ (طارق)..
مطت وعد شفتيها وتوجهت الى ذلك الشاب الذي لم يرفع عينيه حتى ليرى من القادموقالت وهي تلتقط نفسا عميقا: من فضلك يا سيد.. لقد وظفت حديثا في هذا القسم وأريدأن أسأل اين هو المكتب الذي سأجلس عليه حتى أباشر عملي منه..
رفع رأسه عن مجموعةمن الأوراق كان منهمكا بالعمل عليها.. وقال ببرود وهو يلتفت لها: وما شأنيأنا..
توتر شديد أصاب وعد وهي تتطلع إلى هذا الشاب.. شعرت بجفاف حلقها واضطرابفي أنفاسها ..ترى ما الذي حدث لي..طارق



أكل هذا لأنه وسيم.. لا.. أقل ما يمكن أنيقال عنه هو أنه وسيم.. انه شديد الوسامة.. وخصوصا مع عينيه العسليتين اللتانتحملان برودا لم أرى مثيلا له..وشعره البني القاتم الذي يميل الى السواد..وملامحهالرجولية التي تشعر أي شخص يراه.. بحزمه وصرامته..انتشلت نفسها من أفكارها ووجدت نفسها تقول بتوتر: ماذاتعني يا سيد؟.. اين أجلس أنا اذا؟..
عاد ليلتفت عنها ويقول: اسألي من قام بتوظيفك هنا..
عقدتحاجبيها وهي تتطلع إليه.. أيمزح.. ام انه لا يُحمل نفسه عناء الاهتمام بأحدهنا..مغرور..كان هذا هو انطباع وعد الأول عن طارق هذا..
لم تعلم ما تفعله.. وهيواقفة مكانها غير عالمة الى أي مكان تذهب..وتطلعت الى المكتب الذي يجاور مكتب طارقوالذي كان خاليا وقالت متحدثة الى طارق ببرود: حسنا.. هل يمكنني الجلوس على ذاكالمكتب ريثما أجد حلا لهذا..
لم يجبها..ولم يهتم حتى بالإجابة.. فمطت شفتيها فيحنق...اي شاب هو هذا.. أكثر برودا من الجليد نفسه..كيف يحتمله الموظفونهنا..
اتجهت لتجلس على المكتب الخالٍ..أي يوم هو هذا.. لقد كنت سعيدة بالأمس علىتوظيفي في هذا المكان.. والآن أتمنى لو وظفت في أي مكان غير هذا.. انهم حتى لايأبهون بأمر أي موظف جديد هنا..
شعرت بالملل وهي تتطلع الى ساعة معصمها بين حينوآخر.. ترى إلى متى سأظل جالسة هكذا.. ترقب الداخل والخارج..وتتطلع الى الجميع وهميعملون ما عداها هي التي جالسة دون عمل أو...
قطع أفكارها صوت نغمة هاتفهاالمحمول وهو يعلن وصول رسالة.. تنهدت وهي تخرج هاتفها المحمول من حقيبتها وتتطلعإلى تلك الرسالة المرسلة من هشام..والتي كانت تقول..(ما هي آخرالأخبار؟)..
ارتسمت ابتسامة على شفتيها.. يظنها قد باشرت العمل الآن وتعلم بآخرأخبار العالم..لو يدرك انها لم تجد حتى مكتب لتجلس عليه ..
أرسلت له رسالةتقول..(قم بشراء الصحف..فلن اقوم بتسريب اية معلومات)..
وما ان فعلت حتى سمعتصوت أحد الأشخاص وهو يدلف الى القسم قائلا: لقد ظننت إنني قد استدعيت من قبل المديرحتى يخصم من راتبي لتأخري بالأمس.. ولكن حمد لله كان أمرا مختلفتماما..لقد...
بتر عبارته عندما لمح وعد تجلس خلف مكتبه.. وقال مبتسما وهو يلتفتلها: عفوا.. من أنت يا آنسة؟قالت في هدوء: موظفة جديدة هنا..ولا أعلم اين أجلسحتى..
اتسعت ابتسامته وهو يقول: لا عليك.. لقد تم استدعائي من قبل المدير لأجلهذا الأمر تحديدا..
قالت متسائلة: من أجل إحضار مكتب لي؟..
ضحك وقال: كلا منأجل تدريبك على العمل هنا.. وإعطائك فكرة عن المبنى..
وأردف وهو يغمز بعينه: أماعن المكتب فلا تقلقي..سأرسل احدهم في إحضار مكتب لك..
ابتسمت وقالت: شكرالك..
لوح بكفه وقال: لا داعي للشكر يا آنسة..
واردف مبتسما: مع اننياستحقه..
اتسعت ابتسامتها بالرغم منها.. فقال ذلك الشاب وهو يميل نحوها: أعرفكبنفسي..أحمد فؤاد..صحفي واكتب بالصفحة الرئيسية..
وأردف متسائلا: وماذا عنك ياآنسة.. لم تعرفيني بنفسك..
نهضت من خلف المكتب وقالت : وعد عادل.. صحفية وأكتببالصفحة الرئيسية ايضا..
مد يده مصافحا وقال مبتسما: تشرفنا..
صافحته بهدوءفأردف قائلا: هيا.. فأمامنا تدريب طويل..
أومأت برأسها وهي تلتقط حقيبتها من فوقالمكتب.. وقبل أن تغادر معه.. القت نظرة مختلسة على طارق..ذلك الشاب البارد الذياستطاع ان يجذب انتباهها له..
* * * * * *
(اعملوا بجد أكبر..لن ننتهي منموقع البناء هذا ان بقيتم متقاعسين هكذا)
قالها هشام وهو يتحدث الى العمال الذينيقومون ببناء تلك العمارة في احدى المدن الكبرى بالدولة..وأردف وهو يضع كفه عندجبينه ليحمي عينيه من الشمس: أريد الانتهاء منها قبيل الشهران القادمان..لا اريد أيتقاعس..
جاءه احد العمال وقال وهو يلتقط نفسا عميقا: سيد هشام.. نحن بحاجةللمزيد من الاسمنت..
قال هشام وهو يعقد حاجبيه: أخبر المسئول عن هذا الامربحاجتكم من مواد البناء..
قال العامل: لقد اخبرناه.. ولكنه يرفض..
- ولم؟
- يقول اننا نستخدم المواد بكميات كبيرة..بينما موقع البناء لا يحتاج الا لنصفهذه الكمية..
قال هشام في هدوء: سأرى الأمر وأتحدث الى المسئول بهذاالشأن..
وابتعد عن المكان ليتوجه الى سيارته..واتصل بالمسئول ليناقش معهالأمر..وما ان انتهى.. حتى أغلق هاتفه وقال بملل: يا له من شخص صعبالمراس..
اسند رأسه الى مسند المقعد وهو يعود للتفكير.. ومحور تفكيره هو شخصواحد أو فتاة واحدة على الأحرى.. وعد.. ترى ما الذي يجعلني أشعر بهذه المشاعرتجاهك؟.. ما الذي يجذبني اليك؟..بماذا تختلفين عن باقي الفتيات؟..هل هو عنادك؟.. اممرحك وحيويتك؟.. رقتك أم عصيبتك؟.. لم أعد أعلم يا وعد سوى أمر واحد فقط.. حتى وانلم تكوني تفهمينه..أو حتى تقدرينه وسترينه يوما ما..انك الوحيدة التي استطاعتامتلاك اغلى ما أملك...استطاعت امتلاك تفكيري وعقلي و...قلبي...
ولكن هيهات ياوعد.. هيهات أن أخبرك بما احمله لك من مشاعر حتى ولو انطبقت السماء علىالأرض..مادمت لا تفهمينها أو تشعرين بي حتى.. أعلم انك لا ترين أمامك سوى ابن عمفقط.. ابن عم ولا شيء آخر..ولكني سأنتظر.. سأنتظر حتى ترين حبي هذا وتبادلينه بحبأقوى منه يوما ما..
لن استسلم.. قبل أن أرى الحب يلمع في عينيك.. والهيام تعبرعنه شفتاك.. لن استسلم حتى تبادليني هذا الحب يوما.. هذا وعد أقطعه على نفسي.. ولنأخلف بوعدي هذا مهما حدث....
ترى أأنت محق فيما تقوله يا هشام..هل ستتمكن من أنتجعل وعد الصلبة والعنيدة تبادلك حبا بآخر؟..من جانبي فأنا ارى نسبة النجاح ضئيلة.. ولكن من يدري فلندع الايام هي من تحكم...
* * * * * *
كانت وعد تستمع الىأحمد باهتمام والذي كان يشرح لها طريقة استعمال الكاميرا لتصوير مختلف المناطق ومنمختلف الجهات..واختلاف الوقت أيضا.. وقال وهو يشير الى احد الأزرار بالكاميراالديجتال (digital): عندما تضغطين على هذا الزر يا آنسة وعد..سوف تقوم الكاميرابأخذ فترة معينة .. خمس ثوان مثلا..حتى تقوم بالتصوير وهذا يسمح لك بضبط وضع الصورةبطريقة افضل.. أو أن تقومي بتصوير نفسك مع ما ترغبين بتصويره..
قالت مبتسمة: هلعملي سيكون مقتصرا على التصوير؟قال مبتسما بدوره: بالتأكيد لا .. لم نطلب فيالوظيفة مصورا فوتوغرافيا..لكن تعلمين أهمية الصور مع أي خبر أو حدث..
اومأتبرأسها وقالت: بلى أعلم..فقد تجذب الصورة الشخص لقراءة الخبر بالصحيفة..
- أجلولهذا ينبغي أن تكون واضحة ومعبرة..
- أفهم هذا..
قال أحمد وكأنه لم يستمعالى عبارتها السابقة: والآن انت تعرفين بما يتعلق بالمقال الذي ستكتبينه بعد كل حدثوما يحتويه..من...
قاطعته مبتسمة وهي تكمل: من عنوان وتاريخ.. الوقت والمكان.. إضافة جميع الأمور الهامة ولكن بصورة مختصرة وغير غامضة.. أليس كذلك؟قالمبتسما: ياه.. هل كلامي سهل الحفظ إلى هذه الدرجة؟قالت وابتساماتها تتسع: بلأنا من لدي القدرة على استيعاب الحديث وحفظه في سرعة..
قال وهو يغمز لها: هذاواضح..
صمتت للحظات ومن ثم قالت: هل لي بسؤال؟
- بالتأكيد..
أدارت الأمرفي رأسها طويلا ومن ثم قالت: أتعرف الأستاذ طارق منذ فترة؟قال بحيرة: بلى منذثلاث سنوات.. لم؟قالت وهي تعقد حاجبيها: لا لشيء.. ولكني أحسسته غريب الطباع.. هادئ بشكل كبير الى درجة تجعله اقرب الى البرود.. لا يهتم بأحد ولا يفكر إلابنفسه..
قال مبتسما: معك حق في كل ما قلتيه.. ولكن أضيف الى هذا انه ذا قلب ابيضومتعاون الى ابعد الحدود.. لن يتأخر على مساعدة أي احد لو طلب منه ذلك او حتى لو لميطلب .. لكنه مع هذا صارم وحازم في تصرفاته.. تجبر الجميع على احترامه..
قالتوعد وهي تمط شفتيها: اعتقد بأنه شاب مغرور..
هز أحمد كتفيه وقال: الجميع اعتقدهذا في البداية.. ولكن صدقيني ستعرفين مع الوقت معدنه الحقيقي..
ومن ثم قال وهويتطلع الى ساعة معصمه الفضية: هيا فلنصعد الى الطابق الأعلى.. فقد انتهى تدريبكلهذا اليوم ولنا لقاء بالغد..
قالت في هدوء: أشكرك.. ومعذرة ان كنت قد تسببت فيإزعاجك..
قال مبتسما: ولو.. أنا دائما في الخدمة..
فكرة بسيطة التقطتها وعدعن أحمد.. شاب نشيط وجاد في عمله.. لكنه في الوقت ذاته يتميز بروحه المرحة التيتذيب الحواجز بينه وبين أي شخص يراه لأول مرة.. وتظن انه في الثلاثينيات من عمره أوأصغر بقليل..
وقال أحمد في تلك اللحظة مقاطعا لأفكارها وهما يستقلان المصعد: نسيت أن أخبرك.. أن طارق هو الصحفي الأكفأ تقريبا في هذه الصحيفة..
التفتت لهوقالت بدهشة: أحقا؟أومأ برأسه وقال وهو يضغط على زر الطابق الثاني: أجل.. والجميع يحاول أن يصل الى ما وصل اليه هذا الشاب الذي يلقبه الجميع هنا ب"الجليدالمتحرك"..
قالت وعد مبتسمة: حقا هو كذلك..
قال أحمد وهو يلتفت لها: صدقينيمادمت لا تعرفينه جيدا فسوف تحكمين عليه بشكل خاطئ..
هزت وعد كتفيها في لامبالاة.. ووصل المصعد في تلك اللحظة الى الطابق الثاني..فخرجت وعد منه يتبعهاأحمد.. ودلفا الى مكتب الصفحة الرئيسية..وهذا الأخير يقول: غدا سنكمل باقيالتدريبات وسأعرفك على المراحل التي يمر فيها الخبر أو الموضوع قبل نشره..
أومأتوعد برأسها.. وهي تتجه لتجلس خلف مكتبها الذي كان يتوسط مكتب أحمد وطارق بينمايقابله مكتب السيدة التي تدعى (نادية)..
والتقطت قلم حبر جاف وخطت فوق إحدىالأوراق الموجودة أمامها أول شيء خطر في ذهنها.."الجليد المتحرك".. وارتسمت ابتسامةباهتة على شفتيها..وهي تقرأ هذه العبارة مرارا وتختلس نظرات متفرقة وغير ملحوظة الىطارق..
وبغتة..انطلق رنين هاتفها المحمول.. فأسرعت ترسم خطوطا على العبارة حتىتخفيها وتمنع أي شخص من ملاحظتها.. والتقطت هاتفها لتتطلع الى الرقم قبل أن تجيبهقائلة بابتسامة واسعة: أهلا هشام..
قال هشام ببرود: ما هذا؟ أتخشين على فاتورةالهاتف لهذه الدرجة..ان كنت كذلك فسأدفع أنا قيمة فاتورة هذا الشهر..
ابتسمت وعدبمرح وقالت: لم؟.. مع إني أرحب بفكرة ان تدفع عني أنت فاتورة هذا الشهر..
قالمستاءا: ألم اطلب منك لاتصال بي وإخباري بكل ما يستجد؟..
- أجل.. وأخبرتك أناإني سأفعل ان وجدت الوقت الكافي..
- وما الشيء الهام الذي كان يشغل وقتك ويمنعكمن الاتصال بي؟..
قالت وعد مبتسمة: أنا الآن صحفية.. وهذا يعني انني سأكون علىانشغال تام.. فقد كنت أتدرب على إعداد التقارير وتصوير المناظر المختلفة...
- أحقا ؟..اذا يمكنك اعداد تقرير عن المبنى الذي وضعت الرسوم الهندسية له وأشرف علىبناءه الآن..
- كلا..لا تحرجني.. لا أريد أن أكون موضع للنقد والشتم بعد أن يسقطالمبنى..
قال هشام مبتسما: ولم كل هذا التفاؤل؟..
ضحكت وعد بخفة وقالت: حتىتعلم انني أخشى على مستقبلي المهني من....
(كفاك إزعاجاً هنا)
كانت هذهالعبارة كافية لأن تصمت وعد وترغمها على ابتلاع كلماتها التي كانت على طرف لسانهامنذ قليل..والتفتت الى مصدر الصوت لتتطلع الى ناطق العبارة السابقة.. ودُهشت..بلذُهلت عندما شاهدت انه طارق نفسه!..
وسمعت صوت هشام عبر الهاتف وهو يقول مستغرباصمتها: وعد ألا زلت على الخط؟..وعد..
انهت وعد المكالمة دون ان ترد على هشامحتى..وأغلقت الهاتف دون ادراك منها..قبل أن تلتفت الى طارق وقالت بصوت يمتلئبالدهشة: ماذا؟قال طارق بصرامة وببرود شديد في الوقت ذاته : عليك ان تعلمي انهمكان للعمل.. وليس للمحادثات الشخصية..انك تزعجيننا وتمنعينا من مواصلة العملبهدوء..
تطلعت اليه وعد ودهشتها تتفاقم من هذه اللهجة الصارمة وهذه الكلماتالقاسية التي قالها لها منذ قليل..دون ان يتحلى بقواعد الأدب في الحديث معها معانها تراه وتتحدث اليه للمرة الثانية وحسب..من يظن نفسه؟..مغرور..
وقالت وهيتنهض من خلف مكتبها: عن إذنكم..
قالتها وابتعدت خارجة من المكتب.. في حين أحسأحمد بالموقف المحرج الذي وضعت وعد فيه والذي لم يكن له أي داعي من الأساس..وقالمخاطبا طارق: لماذا تحدثت إليها بهذه الطريقة؟..
قال طارق وهو يعود للتركيز فيعمله: أي طريقة؟قال أحمد بهدوء: انها موظفة جديدة هنا.. ولم تعرف بعد الاالقليل عن هذا المكان.. فلم تكون قاسيا وتتحدث اليها هكذا..
- حتى تفهم..إنها فيمكان للعمل..ولن أسمح لأي شخص هنا بالاستهتار في عمله..
- ولكنها لم تعتد المكانبعد.. ثم لا عمل لديها بعد هذا التدريب الذي خضعت له هذا اليوم..
لم يعلق طارقبل اكتفى بنظرة باردة ألقاها على أحمد وعاد لمواصلة عمله..وهز أحمد رأسه اعتراضاوعاد لمواصلة عمله بدوره...
* * * * * *
أوقفت وعد سيارتها الحمراء الى جوارالمنزل عند الساعة الثانية ظهرا تقريبا..والابتسامة التي كانت تحملها عندما خرجت منالمنزل تحولت الى غضب وتجهم وهي تعود اليه.. دلفت الى المنزل وصعدت الى الطابقالأعلى دون أن تلقي التحية على والدتها أو والدها حتى..
وأغلقت على نفسها بابالغرفة قبل أن تستلقي على الفراش.. وتغرق بتفكير عميق..عن كل ما حدث هذا اليوم.. بدءا من بحثها عن القسم الذي ستعمل به..وانتهاءا بعودتها إلى المنزل..كل شيء كانيسير على ما يرام حتى...
حتى أحرجها ذلك المغرور أمام الجميع..
كان بإمكانه أنيخبرها بأن تنهي مكالمتها بشيء من الأدب والأخلاق لا أن يتسبب في موقف كهذا لهاأمام الجميع وكأنها قد فعلت ذلك متعمدة..وتعمدت إزعاجهم..تبا..تبا له..أي يوم هوهذا..
في البداية لا أجد حتى مكتب لأجلس عليه ثم يحرجني ذلك المغرور بقوله انه لاشأن له بالأمر..ويعود مرة أحرى ليحرجني أمام الجميع عندما كنت أتحدث بالهاتف..
الايعلم انه اليوم الأول لي بالعمل واني لم استلم وظيفتي الا منذ ساعات؟..
تقلبت على فراشها بملل.. وتذكرت بغتة أن هاتفها قد أغلقته منذ ذلك الحين.. فالتقطته منحقيبتها وقامت بفتحه لترى تلك الرسالة القصيرة المرسلة اليها..
عرفت انها من هشام قبل ان تفتحها..وقرأت كلماتها في سرعة والتي كانت تقول (سترين يا وعد.. تغلقين الهاتف في وجهي.. لا تحاولي الإنكار.. أعلم بأن البطارية لم تفرغ..)..
أي شيءتفكر فيه يا هشام..أنا أفكر في ما حدث لي وأنت تفكر في هذه الأمورالتافهة..
وحطم الصمت الذي غلف المكان منذ مدة صوت رنين الهاتف المتواصل..فمطت شفتيها وهي تطلع إلى رقم هشام الذي أخذ يضيء على شاشته..
ورمت الهاتف على الفراش وهي تقول بعناد: لن أجيبه.. أعلم بأنه سيفتح معي محاضرة لا بداية لها ولا نهاية.. ورأسي لا يكاد يحتمل كلمة أخرى بعد كل ما حدث..
وتوقف الهاتف على الرنين.. فتنهدت وعد بارتياح وما كادت تفعل حتى عاد للرنين مرة أخرى..فتطلعت إلى الهاتف باستنكار قبل أنترمي الوسادة عليه وتقول بحنق: لن أجيب.. يعني لن أجيب..

وكلما يتوقف الرنين للحظة.. يعود من جديد لدقائق..واستسلمت وعد أخيرا – مع انها لم تعتد الاستسلام- ولكن صوت الرنين المزعج هو ما دفعها لإجابته وهي تقول بصوت لا يخفي الضيق منه: أجليا هشام..ماذا تريد؟..
قال هشام بسخرية: لا شيء..سماع صوتك فقط..
قالت وعدمتحدثة الى نفسها بعصبية: (لا ينقصني إلا سخريتك أنت)
وأجابت على هشام قائلة: فليكن مادمت قد سمعته الآن.. الى اللقاء..
قال في سرعة: ما بالك ؟..هل أصابتكاصابة ما على رأسك في العمل ..حتى تفقدك عقلك؟..
قالت مستفزة: في الحقيقة.. كلا..
- اذا ماذا حدث لك اليوم؟..أخبريني لماذا لم تجيبي على اتصالاتي المتكررة؟..
قالت وعد بسخرية: لأني اضع لك في هاتفي نغمة خاصة تشير الى انك المتصل..
قال بسخرية بدوره: وهل هذه النغمة تدعو الى النوم الى هذه الدرجة حتىانك ربما تكونين قد غفوت ولم تسمعيها..
قالت وعد بسخرية لاذعة: بل انها نغمةصامتة..
قال هشام ببرود: استمعي إلي يا وعد..سؤال لن أعيده.. لماذا أغلقت هاتفكاليوم وأنا أتحدث إليك صباحا؟..
قالت هازة كتفيها وهي تعود للاستلقاء علىفراشها: أظنك قد أجبت على نفسك في تلك الرسالة القصيرة.. البطارية فرغت..
قالوهو يمط شفتيه: إياك والكذب فأنا اعرف كيف يكون وضع الهاتف عندما تنهين المكالمةبنفسك أو إذا فرغت بطاريته..
قالت بملل: هنيئا لي.. لدي ابن عم خبير بالهواتفوأنا لا أعلم.. كان الأجدر بك ان تعمل في متجر لبيع الهواتف.. فذلك يليق بك أكثرو..
قاطعها بحدة: أجيبي عن سؤالي يا وعد..
- هل هذا تهديد؟
- بلأمر..
قالت بسخرية: اذا لن أجيب..
قال هشام بغضب: وعد..تحدثي الي جيدا أواقسم على ان تندمي..
قالت بضيق: ماذا تريدني أن أقول.. أغلقته بغير قصد مني..ثمما لبثت أن أقفلته حتى لا يزعجني أحد..لأني انشغلت ببعض الأعمال..ونسيت إعادة فتحهحتى هذه اللحظة..
قال بشك: لا أصدق كلامك هذا..
- هذه مشكلتك وليست مشكلتي.. على العموم أنا متعبة وبحاجة للراحة..لذا دعني ارتح قليلا وانام. ولا تزعجنيباتصالاتك..
قال هشام ساخرا: نوما هنيئا يا سمو الأميرة..
قالت بابتسامةباهتة: أشكرك.. مع السلامة..
قالتها وأغلقت الهاتف في سرعة وقالت متحدثة الىنفسها وهي تضع الهاتف على منضدة صغيرة قريبة من فراشها : هذا أنت يا هشام لن تتغيرابدا.. ستظل تلاحقني وتلا حق كل تحركاتي خطوة بخطوة..وأنت الأعلم بمدى ضيقي بأنيُحكم الحصار حولي..تظن إن بهذا الشيء تهتم بي..لكنك على العكس تجعلني اشعر بالملل من تصرفاتك.. او بالاختناق على الأحرى...
وأغمضت عينيها بملل ونلك الكلمة تعودلترن في اذنيها..
(كفاك إزعاجا هنا)..ستندم يا هذا ... ستندم على كل ما سببته لي منإحراج..سأريك..أنت لم تعلم بعد من هي وعد..إنها كتلة من العناد والكبرياء..أقسم علىأن أجعلك تتخلى عن برودك هذا وتحترم تصرفاتك وحديثك معي..سأريك يا ايها "الجليدالمتحرك"..
واعلم إن وعد لم تخن عهدا قط....

هنا خلص البارت ولا تنسوا ردودكم الحلوة
Super Black likes this.
  #7  
قديم 07-15-2010, 09:02 PM
 
__________________
استهزئ على نفسك أما أنا فعود صعب عليك
كثرة حسادك دليل على نجاحك
  #8  
قديم 07-17-2010, 12:57 PM
 
*الجزء الثالث*
(هل يشعر أحد بتلك المشاعرالدفينة؟)
طرقاتخافتة على باب الغرفة.. أرغمت وعد على ان تفيق من نومها..وتفتح عينيها بتعب هي تقولبصوت لم يغب عنه آثار النوم بعد: من؟..
فتحت والدتها الباب وقالت باستغراب: وعد.. ألا تزالين نائمة؟..هيا انهضي..
قالت وعد وهي تعود لإغلاق عينيها: دعينيانم لدقائق فحسب يا أمي.. أنا متعبة..
قالت والدتها باستنكار: أتعلمين كم الساعةالآن..انه موعد العشاء..
فتحت وعد عينيها وقالت بدهشة: يا إلهي.. هل حقا نمت كلهذا الوقت؟..
قالت والدتها في سرعة: أجل..هيا أفيقي من نومك واغسلي وجهك وبعدهااتبعينا إلى العشاء..
قالت وعد بصوت ناعس: حسنا.. ها أنذا قادمة..
واعتدلت فيجلستها وارتدت خفيها لتتوجه الى دورة المياه التابعة لغرفتها..وتطلعت إلى وجههاالمليء بآثار النوم وقالت بسخرية: ها قد ظهر الوجه الحقيقي لي..
غسلت وجههابالماء البارد الذي جعل بدنها يقشعر وأحست برجفة أطرافها خصوصا بعد الدفء الذي كانيمتلكه جسدها بنومها..وأعادت تسريح شعرها وهي تحاول ترتيب خصلاته المبعثرة من اثرالنوم..وهمت بالخروج من الغرفة لولا رنين الهاتف الذي جعلها تعود أدراجها..وتقولبضيق: من هذا التافه الذي يتصل بوقت العشاء؟..
وتتطلعت الى الرقم الذي يضيء علىشاشة الهاتف قبل أن تقول وهي تبتسم بزاوية فمها: كنت أعلم انه تافه..
وأجابتقائلة في سرعة: أهلا هشام.. كيف حالك.. اتصل بي فيما بعد.. فسأذهب لأتناول العشاء.. عن اذنك .. مع السلا....
قاطعها هشام قائلا بسخريته اللاذعة: على رسلك.. هونيعلى نفسك.. أخشى ان تنقطع أنفاسك..
قالت بملل: ماذا تريد.. الا تكف عن الاتصالبي.. سوف اقوم بتغيير رقم هاتفي بسببك..
قال باستفزاز: سأتصل على هاتفالمنزل..أو هاتف والدك أو والدتك..
قالت ببرود: سأغادر البلاد حتى ارتاحمنك..
- سأتبعك حيثما تكونين..
قالت بسخط: أجل ..فلا استغرب ذلك على مجنونمثلك..
قال متحدثا الى نفسه وهو يتنهد بمرارة: ( معك حق..لقد كنت مجنونا عندماأحببت فتاة لا تشعر بي ولا تقدر مشاعري)..
قالت وعد منتزعة هشام من أفكاره: اخبرني الآن ماذا تريد؟
- جيد انك قد سألت أخيرا.. فقد كدت انسى مع كل هذهالمشادات التي تحدث بيننا كلما اتصل بك أو تتصلي بي..
وأردف بجدية: سأمر غدالأخذك بعد العمل و....
قاطعته باستنكار: ماذا؟..لا بد وانك تحلم..اياك وان تأتيوالا قمت بالبلاغ عنك عند حارسي الأمن..
قال بضيق: دعيني أكمل كلامي أولا.. فرحتريدك في أمر ما..أظن انه يتعلق باختيار أحد الفساتين من متجر ما..
قالت وهيتزفر بحدة : حسنا..هل من أمر آخر؟..
- كلا .. تصبحين على خير..
لم تستطع وعدمنع تلك الابتسامة من الارتسام على شفاتها.. فنادرا ما يكون هشام مهذبا في الحديثمعها..وقالت بابتسامة: وأنت كذلك..الى اللقاء..
قال في سرعة: وعد..
قالتمتسائلة: ماذا؟قال بحنان: اهتمي بنفسك..
قالت بملل: انا في المنزل الآن.. ليس هناك طرقا مليئة بالسيارات لأعبرها.. اطمأن..
- والاهتمام بالنفس لا يكونإلا عند عبور الشوارع.. يا لهذا الخيال الضيق..
- أشبهك في هذا..
ضحك وقال: معك حق..أتركك الآن..
- الى اللقاء..
قالتها وأغلقت الهاتف.. وسرعان ما تذكرتالعشاء فمطت شفتيها وهي ترمي بالهاتف المحمول على فراشها وتغادر الغرفة على الرغممن انها لا تشعر بالرغبة في تناول أي شيء...
* * * * *
تطلعت فرح إلى هشامالغارق في أفكاره وهو يتطلع الى الهاتف في شرود بعد أن أنهى مكالمته مع وعد..وتقدمتمنه في خفة وقالت وهي تطل برأسها فجأة أمامه وتتطلع الى الهاتف: هل يعرض هاتفكفيلماً شيقا الى هذا الحد؟..
قال هشام ساخرا وهو يضع الهاتف على الأدراجالمجاورة له: أجل..وخصوصا وهو يعرض مشهدا عن قتل شقيق لشقيقته لأنهاأزعجته..
قالت فرح مبتسمة حقا: أهذا فيلم ام هو عقلك الباطن الذي يتمنى هذاالشيء..
قال وهو يفتح أحد الأدراج: بل عقلي الواعي الذي يود فعل هذا الشيءالآن..
قالت بخبث: وماذا ذنبي أنا إن كانت وعد لا تهتم بأمرك..
تطلع إليهاببرود ومن ثم قال: من قال إنني اهتم بأمرها أساسا..
قالت بمكر: عيناك..
قالببرود وهو يستخرج الرسومات الهندسية لمبنى: أحقا؟..وماذا تقول عيناي..
- الكثيرأتود أن تسمع؟
- هيا.. كلي أذان صاغية..
تطلعت إلى عينيه بمكر شديد ومن ثمقالت وهي تعقد ساعديها أمام صدرها: أولا.. انت تشعر بالضياع..
قال مبتسما: بلى.. فقد نسيت عنوان المنزل..
قالت متجاهلة عبارته: وثانيا..أنت تميل إلى فتاة ما وهيلا تبادلك المشاعر..
شعر هشام بالضيق من كلام شقيقته وكأنها تؤكد له بأن وعد لاتهتم لأمره حقا..واستطردت فرح قائلة: ثالثا.. أنت تحاول بشتى الطرق ان تجعلها تشعربحبك لها دونما فائدة..ورابعا..من تحبها هي فتاة قريبة منك وتراها دوما..
قالبضيق: من قال إني أحب وعد؟..
قالت بخبث: ومن تحدث عن وعد الآن.. أنا أتحدث عنفتاة تحبها وهي قريبة منك أو أنت تراها دوما..
قال وهو يتظاهر بالانشغالبالرسومات الهندسية التي أمامه: ووعد هي من تنطبق عليها هذه الصفات..
مالت نحوهفرح وقالت وهي تغمز بعينها: من قال ذلك.. ربما تكون احدى زميلاتك بالعمل..أو ابنةخالي..
قال هشام وهو يمط شفتيه: لا تذكريني بها.. تلك المدللة..
- المهم.. لمتقل كيف كانت قراءتي لعينيك..
في داخله كان هشام يهمس لنفسه..هل حقا مشاعريواضحة للعيان الى هذه الدرجة..ولكنه قال متحدثا الى فرح بعناد: أمنحك واحدبالمائة..
قالت وهي ترفع حاجباها: ولم الواحد؟.. لم انت كريم الى هذهالدرجة؟..
- نتيجة لجهدك وتعبك..والآن يا شقيقتي العرافة..هلاّ تركتيني لوحديحتى انتهي من هذا العمل..
قالت بضجر وهي تتوجه نحو باب الغرفة: عمل في مكتبكوعمل في المنزل وعمل عندما نسافر.. ألا ينتهي عملك هذا ابدا؟..
قال مبتسما وهويراها تغادر الغرفة: بلى.. عندما اتقاعد أو أستقيل من وظيفتي..
خرجت فرح منالغرفة وهي تقول متحدثة الى نفسها ومختلسة النظرات عبر فتحة الباب الى هشام الذييعمل بصمت: (هشام..صدقني لا فائدة من كل ما تفعله.. وعد لا تشعر بك..ولا اظنهاستشعر بك يوما.. بصريح العبارة هي ليست لك.. عليك ان تتفهم هذا الأمر..أعلم بمشاعركتجاهها.. ولكني في الوقت ذاته ادرك ان وعد لا تحمل لك سوى مشاعر الأخوة.. حاول انتقدر هذا وتتفهمه.. حاول..)
وسارت مبتعدة عن المكان وهي تشعر بالألم يعتصر قلبهاعلى شقيقها الوحيد..الذي لا يستطيع أن يتخيل أو يتقبل فكرة ان وعد قد تتزوج يوما مامن غيره..ولا أعلم – أنا نفسي- ما قد يفعله لو حدث وتزوجت وعد بشخص آخرسواه....
* * * * *
تسللت أشعة الشمس الدافئة الى كل ركن من أركان المنطقة.. معلنة بذلك صباح يوم جديد..وبداية يوم عمل جديد..ليخرج الناس من بيوتهم منطلقين الىأعمالهم في همة او نشاط او حتى كسل..
وخير دليل على هذا هو ذلك المبنى الذيتعلوه لوحة كُتبت بحروف عريضة وواضحة ..مشيرة الى انه المبنى الخاص بصحيفةالشرق..بدا ذلك المبنى وفي ذلك الوقت المبكر من الصباح في فوضى دائبة.. كما يحدثيوميا..وكأن الممرات باتت اشبه بالشوارع المزدحمة..بسبب حركة الموظفين المستمرةفيه..
وقال ذلك الشاب وهو يستند على مسند المقعد ويتنهد بحرارة: وأخيراانتهيت..
فتطلعت اليه تلك السيدة بابتسامة: احقا؟..ومن اين توفر لك هذا الوقتلانهاء ثلاثة مواضيع كاملة.. على الرغم من انك كنت تدرب تلك الصحفية الجديدةبالأمس..؟قال احمد مبتسما: لا تستهيني بي ابدا..
قالت السيدة نادية متسائلة: لم تخبرني..كيف كان تدريبك لتلك الآنسة بالامس؟هز كتفيه وقال: عادي جدا..كنتاشرح لها وهي تستمع الي بانتباه تام..
صمتت لوهلة ثم قالت: وكيف تجدها؟..افضل منالصحفية السابقة التي وكلت أيضا بالإشراف عليها..
قال وهو يعيد ترتيب أوراقه: أفضل بكثير..فالآنسة وعد لها مستقبل باهر ينتظرها بالصحافة لو استمرت على هذاالمستوى من الذكاء والجرأة والحيوية..
- يبدوا وانها قد حازت علىاعجابك..
ضحك وقال: كصحفية فقط و...
واردف وهو يتلفت حوله بمرح: ولا تنسي انيعلى وشك الارتباط فلا أريد ان تحوم حولي اية شائعات..
قالت بخبث: لكهذا..
تطلع اليها وقال بجدية مصطنعة: أستاذة نادية.. لم اعهدك تفشينالأسرار..
قالت بصوت منخفض بعض الشيء: لست انا ولكن الجدران لها آذان..
قالمازحا وهو يلتفت الى طارق المنشغل بمكالمة هاتفية بخصوص مقابلة ما: بينما الاستاذطارق لا يتمتع بأي منها..
اتسعت ابتسامة نادية وقالت: معك حق..
لم يهتم طارقبأي مما كانوا يقولونه وقال منهيا حديثه بالهاتف: حسنا اذا كما اتفقنا .. سأكونبمكتبك بالغد..الى اللقاء..
(صباح الخير جميعا..)
التفت الجميع الى مصدرالصوت والتي لم تكن صاحبته الا وعد والتي توجهت نحو مكتبها بخطوات واثقة وثابتةوالتفت اليها أحمد ليقول بهدوء:صباح الخير.. واهلا بك في هذا القسم منجديد..
ابتسمت لطريقته العفوية والمرحة في الحديث وسمعت السيدة نادية تقول فيتلك اللحظة: صباح الخير..كيف حالك يا آنسة وعد؟قالت وعد مبتسمة: بخير..وانت؟..
قالت نادية وهي تواصل عملها: كالعادة.. على ما يرام..
صمتت وعدبانتظار الشخص الثالث أن يجيب على تحيتها او حتى يشير الى انتباهه لما قالته.. ولكنه بدا أشبه بالتمثال لولا انه يتنفس وهو مستمر في قراءة خبر ما احتل احدالجرائد..وأدهشها صمته هذا وجعلها لا اراديا تلتفت اليه وتتطلع اليه بدهشة.. هل هوأصم ايضا؟..
وسمعت احمد يقول لها بصوت خفيض: لا عليك يا آنسة انه لا يجيب علىتحية أي منا..
التفتت الى احمد وقالت بضيق: ألم أقل لك انه شاب مغرور لاغير..
قال في سرعة: ابدا.. ولكنه اعتاد أو ربما رغبة منه ان يدع الجميع يظنونانه لا يهتم بهم .. ولكنه على العكس لا يقبل أي كلمة على أي من زملائه اوزميلاته..
قالت وهي تمط شفتيها: يبدوا وانه مصاب بعقدة نفسية..
قال وهو يلتقطأوراقه من على المكتب: لا تحكمي على ظواهر الأمور وتدعي بواطنها..
مطت شفتيهابملل دون أن تهتم للأمر كثيراً..وسمعت أحمد يقول وهو ينهض من خلف المكتب: سوف أذهبإلى المدير الآن.. وأعود إليك من بعدها لننهي ما بدأناه من تدريبات..
أومأتبرأسها وهي تراه يخرج من المكتب ..وظلت صامتة للحظات .. وهي بانتظار عودةأحمد..أفكار كثيرة جالت بذهنها.. تجاه طارق هذا..عن أي طيبة يتحدثون..عن أي تعاونيتكلمون..انه لا يمتلك حتى ذرة إحساس ..مجرد مغرور يرغب في أن يثير الانتباه.. اويظن انه أعلى من الجميع لذا فهو لن يهتم ويتعب نفسه بالحديث مع من هم اقل مستوى منهفي ظنه..
بارد كالثلج..جامد كتمثال من الحديد..هادئ كهدوء الليل وسكونه..غامضكغموض البحر بما يخفيه من أسرار في اعماقه..غير مبالي وكأنه وحده من يحيا في هذاالعالم..أحقا يوجد بشر في هذا العالم على هذا النحو؟؟..
انتشلها من أفكارها صوترنين هاتفها المحمول..من يكون المتصل في ساعة مبكرة كهذه في الصباح..أخرجت هاتفهاوتطلعت الى رقم فرح الذي يضيء على شاشتها..وكادت ان تجيبه ولكن....
(آنسة وعد.. هاتفك يرن..)
تطلعت وعد إلى السيدة نادية ناطقة العبارة السابقة وقالت وهي ترفعرأسها لها: أعلم..ولكني لا أريد إزعاج أحد هنا..
قالتها وهي تقوم برفض المكالمةوتلتفت الى طارق.. ولا إراديا رفع رأسه هذا الأخير بعد أن سمع ما قالته وفهم بذلكإنها تعنيه هو.. وتطلع إليها بنظرة باردة كالثلج وعاد لمواصلة عمله..وكان شيئا لميكن..
وعلى الجانب الآخر عقدت وعد حاجبيها بضيق.. أي إرادة فولاذية يملك..لميهتم حتى بالرد على ما قلته..ألا يشعر؟..بالتأكيد لا.. شخص بارد المشاعر والأحاسيسمثله كيف له أن يشعر بشيء..
وجاءها صوت أحمد لينتشلها من هذا الضيق الذي تشعر بهوقال مبتسما: ها انذا جئت..هل أنت مستعدة؟..
قالت وهي تنهض من مكانها: بالتأكيد..
قالتها وابتعدت خارجة من المكان بصحبة أحمد.. وما ان فعلت حتى ارتفعتعينا طارق بهدوء شديد عما بيده ليتطلع الى النقطة التي كانت تقف بها وعد منذلحظات...

  #9  
قديم 07-17-2010, 01:00 PM
 
* الجزء الرابع*
(شجار..أم مجرد سوءتفاهم؟)
زفر هشام بضجرشديد وهو يحرك أصابعه بعصبية على المقود..بعد أن أوقف سيارته في احد المواقف الخاصةبمبنى الصحيفة..
وقال بسخط وهو يتحدث إلى فرح الجالسة إلى جواره: اتصلي بهاواخبريها بان هناك حمقى ينتظرونها بمواقف الصحيفة منذ نصف ساعة..
قالت فرح وهيتفتح عينيها المغمضتين من الملل: عبثا أحاول..لقد اتصلت بها خمس مرات ولا تجيب.. ربما قد وضعت هاتفها على الوضع الصامت..
قال هشام بعصبية: وأنا الأحمق الذي أخذتإجازة ساعة قبل انتهاء العمل بناء على تعليماتك..
قالت وهي تتطلع من نافذةالسيارة: صدقني.. انا متأكدة من إن موعد العمل قد انتهى منذ ربع ساعة لا اعلم لم قدتأخرت..
وأشارت بسبابتها الى الخارج وكأنها تؤكد صدق ما تقول: انظر بنفسك.. لمتبقى سوى اربع او خمس سيارات فقط بالموقف..
قال بسخرية لا تتناسب مع الموقف: وربما بقية الموظفين يذهبون بسيارات الأجرة او حتى الحافلات العامة..
وأردف وهويبتسم بسخرية لنفسه: أنا الأحمق في النهاية عندما استمع الى كلام الفتيات..
- ستصل بعد قليل..انتظر قليلا..
- اذا حان البعد قليل هذا فلتخبريني..انا الآنمتعب وجائع وسوف أعود الى المنزل..لن استمع الى كلام أي فتاة مرة أخرى والا كنتأبلها..
قالت وهي تعقد ساعديها أمام صدرها: تسخر منا..أليس كذلك؟..لكنك فيالنهاية لن تلبث ان تقع في حب احد منا..وتتمنى لو تستطيع ان تقدم لها كل ما تتمناهو...
صمتت فرح بغتة لأنها أدركت فداحة ما قالته خصوصا مع الألم الذي ظهر على وجههشام..كيف تقول هذا وهي الأعلم بحبه الذي لا يلقى أي تجاوب من وعد..
وتنهد هشاموقال في تلك اللحظة وهو يتطلع الى مرآة سيارته الجانبية: وأخيرا حضرتالأميرة..
وأسرعت فرح بالتطلع من النافذة لترى وعد تتقدم باتجاه سيارتهابهدوء..فأسرعت بالخروج من سيارة هشام ونادتها قائلة: وعد..
التفتت لها وعد وقالتبغرابة وهي ترفع حاجبيها: فرح ..ما الذي جاء بك الى هنا؟..
قالت فرح بحيرة: ألميخبرك هشام؟..
عقدت وعد حاجبيها في محاولة للتذكر وقالت: يخبرني ماذا؟..
خرجهشام من السيارة بنفاذ صبر وقال: الم اتصل بك بالأمس وأخبرتك باني انا وفرح سوف نمرلأخذك والذهاب الى احد المتاجر..
قالت وعد بغتة: بلى لقد تذكرت الآن ..
قالهشام بحدة: فليكن هيا بنا اذا فقد مللت الانتظار كل هذا الوقت..
قالت وعد وهيتهز كتفيها بلا مبالاة: ولم انت غاضب هكذا لم اطلب منك المجيء ..انت من جاءلوحده..
قال هشام بعصبية: معك حق.. انا المخطأ..
قالها وهو يصعد سيارته وفرحتراقبه بدهشة فصاحت هذه الأخيرة قائلة: هشام ..ماذا ستفعل؟..
قال هشام بصوتمرتفع متحدثا الى وعد وهو يشعل المحرك: وأوصلي فرح في طريقك..
قالها وانطلقبالسيارة من فوره فقالت فرح بدهشة واستنكار: انه مجنون.. لاشك في هذا..كيف يتركنيهنا؟..
قالت وعد مبتسمة وهي تصعد الى سيارتها: اصعدي الى سيارتي الآن.. قبل انامضي في طريقي ولا تجدين من يوصلك بعدها..
قالت فرح وهي تجلس في المقعد المجاورلوعد: أتعرفين..كل ما حدث كان بسببك..
قالت وعد بابتسامة: أنت الآن معي فلاتسيئي الي.. فلا يوجد سواي ليوصلك إلى المنزل.. بعد ان تركك شقيقك ورحل دون ان يهتملأمرك..
قالت فرح وهي تعقد حاجبيها: لست أمزح يا وعد.. لقد ترك عمله قبل ساعةوأخذني من المنزل لننتظرك هنا..فكما تعلمين عمله ينتهي بعدك بساعةكاملة..
وأردفت وهي تمط شفتيها: ومكثنا ننتظر هنا لنصف ساعة.. حتى جئت إليناو..
قاطعتها وعد بملل: وشقيقك العزيز قام بصب غضبه على رأسي أنا..
قالت فرحبحدة: لأننا كنا ننتظرك منذ فترة وأنت لم تقدري هذا بل قابلتينا بعدم اهتمام وكأننا ....
قالت وعد بملل: أرجوك كفى يا فرح..لم انتهي من هشام حتى تظهري انت ليالآن..
قالت فرح بحنق: هشام لا يستحق ما تفعلينه معه يا وعد..
قالت وعدباستنكار: وما الذي فعلته به؟..
- تتجاهلينه..لا تأبهين لما يفعل..لا تقدرينمشاعره و...
صمتت فرح وتنهدت وهي تشيح بوجهها..فقالت وعد باستنكار شديد: أناأتجاهله؟.. انه يتصل بي أحيانا حتى عندما أكون نائمة.. ولكن إكراماً له لا أحرجه.. شقيقك هذا- عن اذنك - مجنون..لن يكف على مراقبة تحركاتي والاتصال بي كل لحظة ليعلماين انا..
قالت فرح وهي تتنهد: لن تقدري مشاعره ابدا...
- وماذا افعل له حتىاقدر مشاعره.. و....
بترت وعد عبارتها وقالت باستغراب: عن أي مشاعر تتحدثين.. هلاصابتك عدوى الجنون من هشام..
قالت فرح وهي تتنهد بسخرية مريرة: ربما اكونكذلك..لا تهتمي لما قلته..
صحيح ان فرح طلبت من وعد ان لا تهتم للامر.. ولكن هذاكان اشبه بالحافز لهذه الأخيرة..فقد عقدت حاجبيها وهي تطيل التفكير بالأمر طوالقيادتها.. وتمتمت لنفسها قائلة : ( ما الذي تعنيه فرح بكلامها؟..عن أي مشاعرتتحدث؟..اتعني ما تقول حقا؟..ام انه مجرد توقع من توقعاتها؟..لو كان ما تقوله صحيحف...يا الهي لا اتمنى ان يكون حرفا مما قالته صحيحا والا سأكون في مشكلة.. هشاميحمل لي مشاعر في قلبه..انها الطامة الكبرى ولا شك..كلا هذا غير صحيح ان فرح بدأتتهذي او ربما تتخيل اشياء في غير محلها..أليس كذلك يا فرح..أليس كذلك؟)
لم تنتبهوعد الى نقسها وهي تنطق بشكل مسموع: أليس كذلك يا فرح؟..
تطلعت اليها فرح وقالت: تحدثيني؟؟..
قالت وعد وهي تهز رأسها: كلا..دعك مني فقد اقتربنا منمنزلك..
قالت فرح بهدوء: خذيني معك الى منزل عمي لا اريد ان اعود الآن الى منزليفلا بد ان هشام لا يزال غاضبا..وسأكون افضل شخص ..يفرغ غضبه فيه..
قالت وعدبمرح: فليحاول فقط وانا سأجعله يندم لو صرخ في وجهك فقط..
قالت فرح مبتسمة: وماالذي يمكنك فعله؟..أتذكرين قبل ان تدخلي الجامعة.. طلبت منه أن يأخذك الى هذهالأخيرة حتى تلتحقي بها..ولكنه نسي الامر وبسبب ذلك لم تتمكني من التسجيل في تلكالجامعة التي كنت ترغبين بالالتحاق بها...فغضبت وثرت وفي النهاية هدأت...امام شقيقيلن يمكنك أن تفعلي شيء..
قالت وعد بابتسامة: أتصدقين شقيقك هذا لديه وسيلة غريبةفي الإقناع.. على الرغم من اني كنت في ذروة غضبي.. ولم يكن لدي أي ذرة صبر او هدوءحتى استمع الى احد..ولكنه تمكن من ان يهدأ غضبي ويجعلني انسى الأمربالمرة..
قالت فرح بلهفة: ماذا قال لك يومها؟..
صمتت وعد في تفكير ومن ثمقالت وهي تهز كتفيها: لا اذكر جيدا.. ولكنه جعلني اقتنع ان الامر مسلمبه..
وأردفت في هدوء:ها قد وصلنا..هيا فلتذهبي الى المنزل ..وان حاول هشام اذيتكاخبريني.. انا له دائما بالمرصاد..
قالت فرح بمرح: سنرى من منكما سينتصر فيالنهاية..
واردفت وهي تفتح باب السيارة: أشكرك على توصيلي.. الىاللقاء..
اوقفتها وعد قائلة بابتسامة: والاجرة؟؟قالت فرح وهي تغمز بعينها: تحصلين عليها نهاية الشهر..مع السلامة..
قالتها وهبطت من السيارة..وبالرغم منهاأحست وعد وهي تبتعد عن منزل عمها- والد هشام- بشعور غريب يتملكها اثر كلمات فرحلها..شعور كان اقرب الى الخوف.. منه إلى الاستنكار..
*************
انشغلهشام بأخذ القياسات على المخطط الموجود أمامه لمبنى ما..ولم ينتبه إلى فرح التيطرقت باب غرفته ومن ثم لم تلبث ان فتحت الباب بعد أن يأست من أن يجيبها هشام وقالتبحيرة: هشام هل أنت نائم؟..
قال مبتسما: اجل..
تقدمت منه وقالت بضيق: أليسلديك وقت لتجلس معي قليلا .. دائما منشغل بعملك هذا..
قال في هدوء: مع الأسف لميتم توظيفي في شركتك الخاصة حتى أتذمر من كثرة العمل..
عقدت حاجبيها وقالت: لاتسخر مني..ثم ما أدراك من أن تكون لدي شركة خاصة في المستقبل..
قال بسخرية: هلبدأت تخططين للزواج من صاحب الشركة التي اعمل بها؟..
غمزت بعينها وقالت: ما رأيكفي عماد.. والده لديه شركة..صحيح ليست بالكبيرة.. ولكن في ذات الوقت تسمىشركة..وستصبح لي في المستقبل..
شعر هشام بالضيق.. ربما عندما علم بأن عماد افضلمنه ماديا.. وانه زوج مناسب لكل فتاة.. وازداد ضيقه وهو يتذكر ابتسامة وعد الواسعةلعماد في ذلك اليوم..
وأيقظته فرح من شروده وقالت وهي تتطلع الى المخطط الذييقوم بتعديله: مبنى جميل.. هل هو من تصميمك؟..
قال بغرور: بالتأكيد من تصميمي.. لم يكن كذلك حتى قمت أنا بإضافة تلك المناطق فيه..
قالت مبتسمة: أيهابالتحديد..
أشار إلى المخطط وقال: تلك النافذة التي تحتل عدة زوايا.. بالإضافةإلى هذا الباب الذي يمكن فتحه من الجانبين..وذلك الجدار المنخفض الذي يفصل غرفة عنأخرى..
قالت وهي تتطلع إليه: أفكارك ممتازة..
قال مبتسما: اعلم..
قالتمتسائلة: هل لي بسؤال؟؟قال وهو يمسك بتلك المسطرة الطويلة نوعا ما..ويعد بعضالقياسات على احد النوافذ: اجل.. ولكن بسرعة..
قالت بتردد: أتذكر عندما طلبت منكوعد إيصالها إلى الجامعة قبل عدة سنوات..وغاب الأمر عن ذهنك واضطرت وعد بعدها إلىالتسجيل في جامعة أخرى بسبب هذا الأمر..
ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتي هشاموقال: بالتأكيد اذكر..كيف لا وقد ملأت وعد الدنيا صراخا بسبب غلطتي التي لا تغتفركما تقول..
مالت نحوه فرح وقالت: ماذا قلت لها حتى هدأت بعد ذلكواقتنعت..
عقد حاجبيه وقال وهو يترك ما بيده: ماذا قُلت لها؟؟أومأت فرحبرأسها..صمت هشام في تفكير.. وقال بعد وهلة من الصمت: اذكر يومها إني طلبت منها اننتحدث بهدوء وبعيدا عن الآخرين ووافقت بعد جهد..
اومأت فرح برأسها وقالت مبتسمة: وبعد..
- وقلت لها ان ما حدث لم تكن غلطتي او غلطة أي شخص آخر..لذا ...
بترعبارته وهو يتذكر كلماته جيدا ومن ثم قال وكأنه يتحدث الى وعد: لا تنظري إلى الوراءيا وعد.. الماضي ولى وذهب.. والحاضر هو الموجود لي ولك وللجميع..وأمامك سيكونالمستقبل الذي تحلمين به..ربما ما حدث كان لصالحك وان تلك الجامعة لم تكن بذلكالمستوى..
ضحكت فرح وقالت: لم اعهدك فيلسوفا الى هذه الدرجة.. المهم بم أجابتكوعد؟..
- أتذكر انها قالت بعصبية (المستقبل الذي احلم به كان في تلك الجامعة.. وبسببك أنت خسرت حلمي بالالتحاق بها)..
ضحكت فرح وقالت: دائما وعد هكذا.. عنيدةمن الصعب إقناعها..
وأردفت باهتمام: وبعد.. ماذا قلت لها حتى اقتنعت؟..
قالهشام وهو يشرد إلى تلك اللحظة: نحن لن نستطيع تغيير الماضي مهما فعلنا.. لا نستطيعأن نعود إلى الوراء ولو للحظة..اسمعيني يا وعد قد أكون أخطأت عندما لم اتذكر هذاالأمر.. ولكن في النهاية أتمنى أن هذا قد حدث لخير لك..
قالت فرح بلهفة: وماذاحدث بعد ذلك..
قال هشام مبتسما وهو يهز كتفيه: ابدا لا شيء تطلعت الي مترددة ومنثم لم تلبث أن اقتنعت بوجهة نظري وانه لا ذنب لي في ما حصل.. وانه ربما كان ما حصللصالحها..وغادرت المكان..
قالت فرح وهي تغمز بعينها: لست سهلا أبدا.. اظنكتستطيع إقناع أي شخص بكل ما تريده..
قال بسخرية: اجل وخصوصا أنت عندما اقوللك..اخرجي خارجا لان لدي من العمل الكثير وقد صدعت راسي بوعد هذه..
قالت بملل: أنا صدعت رأسك بوعد..أم أنت الذي لا تصدق أن تجد أي فرصة لديك حتى تتحدث فيها إلىوعد على الهاتف..
قال هشام بسخرية لاذعة: أرجوك..كفي عن حديثك هذا والا احتجتالى النوم في مستشفى الأمراض العقلية..
عقدت حاجبيها وقالت بضيق: فليكن يا هشامسنرى من منا على حق في النهاية أنا أم أنت..
قالتها وخرجت خارج الغرفة وهي تغلقالباب في قوة.. فتنهد هشام وقال: أنت يا فرح.. أنت..
**************
غرقت وعدفي تفكير عميق وهي تفكر في كل كلمة قالتها لها فرح..ترى أكانت تقول هذا وهي تقصدمشاعره تجاهها كأبنة عم ام ك...؟صمتت وهي غير قادرة على استيعاب أي شيء..انكان هشام الآن يسبب لها الجنون باتصالاته المستمرة وبملاحقاته..وبسخريته المستمرة.. ماذا ستفعل ان اكتشفت انه يحبها!!.. سيزداد ما يفعله اضعاقا او ربما يتقدملخطبتها..وهي لا تريد هذا لان مشاعرها تجاهه لا تتعدى مشاعر أخت لأخيها..
ولكنلحظة لو حقا يحبها لتقدم لخطبتها منذ فترة..فهي كما تعلم قد حصل على وظيفته واستقرتعلى احواله منذ ثلاث سنوات..فما الذي منعه من خطبتها.. وهي ليست بالفتاة الصغيرةابدا...
لم تكن وعد تعلم ان هشام رافض لأن يتقدم ويخطبها وذلك بسبب تجاهلها لهبالإضافة الى انه قد قرر ان لا يتقدم لها حتى تبادله هي المشاعر.. الذي أصبح واثقاانها من طرفه فقط...
أقنعت وعد نفسها بذلك التفكير الذي وصلت اليه وان مشاعرهشام لها كمشاعرها له..وتذكرت ما فعلته ظهر اليوم .. وأحست بالعطف والشفقة تجاههشام.. وخصوصا وانه يبدوا غاضب منها فلم يتصل بها طوال اليوم..
ووجدت نفسها تضغطرقم هشام وتتصل به..وانتظرت رده وسمعته يقول ببرود بعد فترة من الرنين : نعم؟..
قالت وعد مبتسمة: أتعلم ببرودك هذا..تذكرني بشخص ما..
قال متجاهلاعبارتها: ماذا تريدين الآن.. تحدثي بسرعة فأنا مشغول..
قالت بسخرية: رويدك ياأخي..لا تتعب نفسك كثيرا..
- اشكر لك نصيحتك والآن ..ماذا تريدين؟قالتبابتسامة: السؤال عنك..
- انا بخير.. أي شيء آخر؟..
قالت بضيق: كل هذا البرودواللامبالاة لاني قلت اني لم اطلب منك المجئ.. ماذا ستفعل لو اني طردتك منالمكان؟..
قال ببرود متعمد: كنت سأجرك من شعرك الى السيارة..
قالت بسخرية: أتعلم.. أحيانا أكاد أصدقك..
قال بضيق: وعد ماذا تريدين الآن.. اخبريني انامشغول وقد اجلت معظم وقتي في هذا الحديث معك..
قالت وهي تمط شفتيها: لقد استغربتعدم اتصالك طوال اليوم..لاني اعلم انك لن تلبث ان تتصل بي بين لحظة واخرى .. واتصلتبك لأرى....
قاطعها قائلا: عملي هو ما منعني من الاتصال..
قالت وعد بحنق: إلىاللقاء الآن.. فلا أريد ان أضيع عليك لحظاتك الثمينة..
قالتها واغلقت الهاتف فيغضب وأردفت بحدة: أنا المخطأة ..لماذا اتصلت به.. انه لا يستحق ان يسأل عنه احد اوحتى يكترث لأمره.. ثم قد تخلصت أخيرا من ازعاجاته الدائمة لي.. ولن يقلق احدهم نوميبعد الآن..
وعلى الطرف الآخر أحس هشام بكلماته الباردة والغير مبالية التي تحدثبها الى وعد.. يعلم انه قد زاد من الجرعة هذه المرة حتى ان وعد اغلقت الهاتف دون انتنتظر سماع رده..وقال متحدثا الى نفسه: ( كان ينبغي ان افعل هذا يا وعد.. حتى تشعريانك بحق أصبحت تتجاهليني.. وتلتفتي إلى هذا الأحمق الذي وقع في حبك..والذي أصبحت كلشيء له في هذا العالم)...
**********
أسرع عماد يهبط درجات السلم وهو يتطلعإلى ساعته بين الفينة والأخرى.. وقال على عجل وهو يستعد للخروج: أماه أنا مغادرالآن.. أتحتاجين إلى شيء..
قالت والدته وهي تتطلع إليه: اجل انتظر لحظة..ارغب فيالحديث إليك..
قال وهو يراقب ساعته للمرة الخامسة: بسرعة يا أماه..فقد تأخرت عنالعمل نحو ربع ساعة..
قالت له والدته ببرود وهي تحثه على الاقتراب حيثما تجلس: لا أظن أن أحدا يستطيع ان يقول كلمة واحدة عنك او عن تأخيرك..فأنت ابن صاحبالشركة..
قال بهدوء وهو يجلس على مقعد مجاور لها: كوني ابن صاحب الشركة لايدعوني إلى الإهمال في العمل..او ان لا أكون دقيقا في مواعيد العمل كبقيةالموظفين..أليس كذلك؟..
قالت والدته بضيق: دعك من العمل قليلا وفكر فينفسك..
قال عماد بملل وضجر كبيرين: هل سنعود الى هذا الموضوع من جديد.. أخبرتكيا أماه أني لا أفكر بالزواج في الوقت الحاضر..
- متى إذا؟..
- أماه..أنا لمابلغ الأربعين بعد حتى تلحي علي كل هذا الإلحاح..لا أزال في التاسعة والعشرينو...
قاطعته والدته وقالت بحدة: وستمضي الأيام دون ان تشعر بها.. وبعدها سيكونقطار الزواج فد فاتك..
قال عماد مازحا: سأستقل طائرة إذا.. أظن إنها الأسرع.. اليس كذلك؟..
قالت والدته بضجر: حديث لا معنى له أو تهرب من الموضوع.. هذا مااجنيه منك كلما فتحت موضوع الزواج معك..
قال مبتسما وهو ينهض: دعي الأمر ليإذا.. وأنت أول من سأخبرها لو إنني فكرت بالزواج من إحداهن..
قالها وغادرالمنزل.. لينطلق بسيارته..وسيل جارف من الأسئلة تحوم برأسه.. وأفكار كثيرة عن عدمميله لأي فتاة حتى هذه اللحظة...
**********
سارت وعد بخطوات هادئة الى ذلكالقسم.. وما ان دلفت الى الداخل حتى شعرت باستغراب..اذ ان المكان خال من أيموظف..لا يوجد احد بالمكتب..أين ذهب الجميع؟..
وقالت متحدثة بصوت خفيض: هل جئتمبكرة الى هذه الدرجة..ام ان اليوم هو يوم اجازة رسمية ولا اعلم..
( كلا..ليستإجازة مع اننا جميعا كنا نتمنى ذلك..)
التفت وعد الى صاحبة الصوت ولم تكن سوىالسيدة نادية..فسألتها وعد على الفور: اين ذهب الجميع؟..
قالت نادية وهي تهزكتفيها: الأستاذ أحمد لديه تحقيق صحفي..والاستاذ طارق عند المدير..
قالت وعدبحيرة: لديه تحقيق؟؟..إذا من الذي سيقوم بتدريبي هذا اليوم..
قالت ناديةبلامبالاة: ليس الأمر مهم إلى هذه الدرجة.. ما دمت قد تدربت على الأمور الأساسيةوالأولية في العمل..
قالت وعد وهي تزفر بحرارة: ومتى سيعود الأستاذأحمد؟..
قالت نادية وهي تجلس خلف مكتبها: ربما اليوم..او ربما غدا..
صمتت وعددون ان تعلق على عبارة نادية وتوجهت نحو مكتبها لتجلس خلف مكتبها..وأسندت ذقنها الىكفها بملل..ماذا يمكنها ان تفعل الآن.. في الايام الماضية.. كانت تشغل اغلب وقتهافي تدريباتها مع احمد..والآن ماذا ستفعل؟..
وقالت بعد تردد: أستاذة نادية..ماذاافعل الآن؟..
قالت نادية وهي ترفع رأسها لوعد بهدوء: يمكنك فعل ما تشائين.. مادمت لا تزالين تحت التمرين.. ولم يسند اليك أي عمل حتى الآن..
واردفت وهي تبتسم: يمكنك قراءة المجلات.. او الجرائد..او كتابة موضوع ما..
وضعت وعد سبابتها أسفلذقنها كعادتها عند التفكير ثم ما لبثت ان قالت بابتسامة باهتة: فليكن..
التقطتإحدى الأوراق وفتحت غطاء قلمها الجاف..وبدأت بالكتابة.. أي شيء كان بذهنها حتى وانلم يكن بالمستوى المطلوب..
" في عقل كل منا..طفل..
هل شعرت يوما بالشوقلطفولتك؟..هل كنت تتمنى لو تعود الى تلك المرحلة؟..هل كنت تتمنى مشاركة الأطفالمرحهم؟..لا احد منا يستطيع انكار انه قد مر ولو لمرة واحدة باشتياق لعالم الطفولةالغامض..حيث الطفولة لها مفرداتها الخاصة التي يفهمها بعضهم البعض..
في عقل كلمنا يحيا طفل.. يتمنى اللعب.. المشاكسة.. الصراخ.. يتمنى ان يتحرر من التعقيداتالتي يفرضه عليه عالمه..عالم الكبار.........."
واستمرت في الكتابة والتفكير.. والوقت يسير ببطء شديد....
************
صمت تام غلف مكتب المدير.. الذي يجلسفيه هذا الاخير مع طارق..وانتظر تعليق من ما قاله له قبل قليل..وقال طارق بعدتفكير: وماذا عن أحمد؟..
قال المدير بهدوء: لديه تحقيق صحفي هام لهذا اليوم..ثمحتى وان لم يكن لديه..كنت سأختارك انت لهذا الامر..
قال طارق بهدوء: لا اعتقدانني سأستطيع تدبر الامر.. فكما تعلم انها المرة الاولى التي اذهب بها مع شخص ما فيتحقيق صحفي..
قال المدير في اهتمام: انك الأكفأ هنا... واعتقد انك ستكون خيرمثال وقدوة للصحفية الجديدة..ثم انك ستقوم بممارسة عملك كالمعتاد..وهي ستكتفيبالمراقبة.. وتعلم كيفية التصرف في كل تحقيق ترسل فيه في المستقبللوحدها..
واردف قائلا: ما رأيك؟..
صمت طارق للحظات.. ثم قال ببرود: لابأس..مع إني لا أظن إنني أصلح لهذا الأمر..
- حسنا مادمنا قد اتفقنا.. يمكنك مغادرة المكان..ومباشرة عملك..ولا تنسى اصطحاب الآنسة وعد معك..
نهض طارق من مكانه..وعلامات البرود لا تبرح وجهه..واتجه نحو القسم الذي يعمل به.. دون أن يعلم كيف سيتصرف مع الموقف الذي وضعبه....
*************
  #10  
قديم 07-17-2010, 01:04 PM
 
*الجزء الخامس*

هل سيمضي الأمر على خير؟


انشغلت وعد بترتيبالموضوع الذي أنهته منذ لحظات وبتعديل الأخطاء الإملائية ..وابتسمت برضا وهي ترىالموضوع النهائي بعد التعديلات و....
( آنسة وعد..)
صوت بارد كالثلج عرفت وعدصاحبه على الفور.. ورفعت ناظريها إليه وان كانت لا تزال تشعر بالحنق من تصرفهالأخير معها..وما أثار استغرابها هو انه قد ناداها..لا بد ان أمر ما قد حدث.. اوانه يود توجيه عبارة محرجة لها..ورفعت رأسها إليه وبنظرات باردة تطلعت اليه وقالت: ماذا؟..
قال وهو يقف عند الباب: لدينا مقابلة صحفية..مع احد المسئولين.. هيا..
عقدت وعد حاجبيها باستغراب وقالت متحدثة إلى نفسها: (يقول لدينا.. بمعنىأنا وهو الذين سنقوم بتلك المقابلة الصحفية..أنا اذهب مع لوح الثلج هذا.. لابد إنأعصابي ستتحطم..قبل أن نكمل نصف الطريق فقط..)
وقال طارق ببرود اشد وهو يراها لمتبرح مكانها بعد: لا أريد أن نتأخر..أسرعي هيا..
مطت وعد شفتيها وتطلعت إليهبنظرة تقول (الم يجدوا سواك لأذهب معه؟)..
طارق الذي لم يأبه بها..مضى في طريقهبصمت وتوجه نحو المصعد ليستقله..ووعد التي تبعته بخطوات مسرعة بعض الشيء..لأنهاتعلم بأنه لن يلبث أن يغادر من المكان دون أن يبالي بأحد..ففي النهاية هو ليس سوىشخص لا يهتم إلا بنفسه..
استقلت المصعد الذي صعد به منذ لحظات وهبطا الى الطابقالأرضي مع بعض الموظفين..وخرجا من المبنى الى ان وصلا الى مواقف السيارات..رأتهيتوجه الى سيارته..ويتوقف عندها للحظات ..وحين شاهدها تتوجه الى سيارتها قال: الىاين؟..
قالت وهي تمط شفتيها: سأستقل سيارتي..
قال وعلى شفتيه شبح ابتسامةساخرة: وهل تعرفين الطريق الى حيث سنذهب؟..
قالت بتحدي: سأتبعك بسيارتي..
هزكتفيه بلا مبالاة واستقل سيارته وانطلق بها..دون ان يلقي على وعد نظرة اخرى..وعلىالجانب الآخر .. كان ما يخيف وعد ان لا تكون أهل للتحدي الذي وضعت نفسها فيه منذلحظات..وان تضيع في شوارع المدينة دون ان يكون لها العلم حتى بالمكان الذي سيذهباناليه..
والقلق كان يرسم طريقه الى وجهها وملامحها..وهي تحاول ان تتبع سيارة طارقبدقة..وكلما فصلتها عن سيارته سيارة او أخرى يزداد قلقها اضعافا..
ومضى هذاالأمر على خير.. إذ وصلا أمام شركة ضخمة للمقاولات..وأوقفت وعد سيارتها في إحدىمواقف تلك الشركة.. وهي تشعر بالانبهار من ضخامة هذه الشركة..وخرجت من سيارتهاوقالت وكأنها تتحدث الى نفسها: كبيرة جدا..
ومع ان طارق قد سمع ما قالت الى انهقال ببرود وهو يسير باتجاه المدخل: اتبعيني..
شعرت وعد بالضيق.. أيظنها سكرتيرتهالخاصة حتى تتبعه.. إنها صحفية مثلها مثله.. لا يحق له التعالي عليها..وفي عنادأسرعت تسير حتى باتت تسير إلى جواره تقريبا.. ونظراتها مليئة بالتحدي.. بينمانظراته لا تختلف عن البرود الذي تحملانه..
وصعدا بالمصعد الى الطابق الثامن..وعدكانت صامتة تتحاشى حتى النظر اليه..اما هو فقد كان يقرأ ورقة ما.. ويخط عليها بضعكلمات إضافية..استغربت وعد عمله هذا وتساءلت بداخلها..ترى ماذا يفعل..ما هذاالموضوع الغارق في قراءته..والمندمج في تعديله؟..
لم تشأ سؤاله..ووصل المصعد فيتلك اللحظة الى الطابق الثامن..فخرج طارق اولا وسار في طريقه دون ان يلتفت الىالوراء ويتأكد ان وعد تسير خلفه..وكأنه قد نسي وجودها تماما او ربمايتناسى..
توجه الى حيث مكتب السكرتيرة وقال : اود مقابلة المدير العام منفضلك..
رفعت السكرتيرة رأسها اليه وقالت: هل يوجد موعد سابق؟..
اومأ طارقبرأسه ايجابيا فقالت السكرتيرة: حسنا..ومن يود لقاءه؟..
قال طارق وهو يناولهابطاقته المهنية: طارق جلال..صحفي من صحيفة الشرق..
عقدت وعد حاجبيها وهي تستمعالى ما قاله.. انه حتى لم يذكر اسمها..وكأنها ليست موجودة معه..او ستحضر هذا اللقاءالصحفي برفقته..اي شخص هذا..
ولم تمض بضع دقائق حتى خرجت السكرتيرة من مكتبالمدير العام وقالت: تفضل يا استاذ طارق..ان المدير العام ينتظرك..
ومن ثم فتحتله باب المكتب حتى يدلف الى الداخل ومن خلفه وعد..وما ان وطئت قدما وعد المكتب..حتىرفعت حاجبيها إعجاباً بفخامة المكان..وأثاثه الراقي الذي يعكس ثراء هذه الشركة.. وشاهدت طارق يصافح المدير العام ويقول: هل نبدأ الآن يا سيد فؤاد..أم انك تودمراجعة الأسئلة أولاً..
قال السيد فواد بابتسامة دبلوماسية: كلا ابدأ الآن..لاحاجة لمراجعة الأسئلة..
وشاهدته وعد يتطلع الى تلك الورقة التي كان يخط عليهابضع كلمات قبل قليل..إذا هذه هي الأسئلة التي سيسألها للمدير العام خلال اللقاءالصحفي..
قال السيد فؤاد في تلك اللحظة وهو يشير الى الأريكة: تفضلا منفضلكما..
ثم التفت الى وعد وقال: لم تعرفني بالآنسة..
قال طارق بلامبالاة: الآنسة وعد..صحفية جديدة في صحيفة الشرق..ولا تزال تحت التمرين..
صافحها السيدفؤاد ومن ثم قال متسائلا: ماذا تفضلان ان تشربا؟..
قال طارق ببرود: نشكرككثيرا..لكننا نود انهاء عملنا أولاً..
وأردف طارق وهو يخرج من جيب سترته جهازتسجيل: أأنت مستعد يا سيد فؤاد؟..
- اجل..
ضغط طارق زر التسجيل وبدأ في طرحالأسئلة..ووعد تراقب ما يفعله.. تراقب كيفية طرحه للأسئلة..وكيف يمكنه تدارك موقفرفض السيد فؤاد للإجابة..وكيف يمكنه إقناع هذا الأخير بوجهة نظره..إذاً لهذا جاءتمعه..حتى ترى بنفسها وتفهم كيفية التصرف مع أي شخص ستقوم بعمل لقاء صحفي معه..وكيفيمكنها السيطرة على أي موقف تواجهه..
وظلت تراقب اسألة طارق المتواصلة للسيدفؤاد..ولما وجدت الأول قد صمت للحظات..قالت: سيد فؤاد..هل لي بسؤال؟..
انزعاجواستغراب هو ما كانت تعبر عنه ملامح طارق..لقاء تدخلها في اللقاء الصحفي والذي قديفسد الأمر..والتفت لها بملامح باردة ومنزعجة..لكن وعد قالت بجرأة: لقد سمعت ان بعضالموظفين في الشركة..يحصلون على رشوى من العملاء..اهذا الحديث صحيح؟..وما رأيكبه؟..
ارتفع حاجبا طارق في استغراب من حديث وعد..انها المرة الأولى التي تأتيالى هذا المكان..هذا اولاً..وثانياً كيف تمتلك الجرأة لسؤال مباشر كهذا..
في حينتطلع اليها فؤاد وقال وهو يعقد حاجبيه: من اين سمعت مثل هذا الحديث؟..
قالتبحزم: ليس المهم المصدر.. المهم هو ان كان صحيحا ام لا..
قال السيد فؤاد بثقة: بالتأكيد لا..فالعمل هنا يسير بدقة..وهناك رقابة شديدة ولا يمكن لأي من الموظفين انيستلم رشوى من أي عميل..
هنا قال طارق محاولا تغيير دفة الحديث: يقال انك ستزيدمن ارباح شركتك لهذا العام..هل صحيح ما يقال؟..وكيف؟..
أجابه فؤاد عنسؤاله..واستمر اللقاء الصحفي..ووعد لم تحاول ان تتدخل فيما بعد وآثرت لصمت..كانتتريد ان تتأكد من مقدرتها على طرح الأسئلة ومن كونها قادرة على مواجهة أي موقف توضعفيه..وايضا..وبصراحة كانت تريد ان تتحدى طارق وتريه أي فتاة هي..وان عليه ان لايقلل من شأنها بعد اليوم....
*********
(هشام..عد إلى المنزل..تبدوامرهقا)..
قالها احد الموظفين..والذي يشترك مع هشام بالمكتب ذاته..فقال هذاالأخير بابتسامة باهتة: لست كذلك..لا تحاول..لا تصلح لأن تكون طبيبا..
قال زميلهمبتسما: ومن قال إنني أفكر بمهنة الطب من الأساس..
وأردف بجدية: ولكن حقا ياهشام..أنت تبدوا متعبا وكأنك لم تنم بالأمس..
تنهد هشام..واسند رأسه الى مسندالمقعد بتعب..ان ما يقوله زميله صحيح..هو لم ينم بالأمس..وكل هذا بسبب شجاره معوعد..أحس بتأنيب الضمير لما قاله لها ..وكاد ان يتصل بها منتصف الليل ليعتذر عنتصرفه معها.. ولكن أمرين منعاه من ذلك..لم يكن يريد مضايقتها وإيقاظها مننومها..وأيضا لم يكن يريد إهدار كرامته..وهي حتى لم تكترث لما حدث..ولكنها اتصلتبه..وحاولت ان تجعله ينسى المشادة التي حصلت لهمابالأمس..و...
وعد..وعد..وعد..الا توجد فتاة في العالم غير وعد ليفكر فيها..كيفلا..وهو يحبها...لا بل يعشقها.. لقد فتح عينيه على الدنيا ليجدها الى جواره..تلعبوتضحك..تدرس وتبكي..كل هذا أمام عينيه..انه يعرف وعد أكثر من نفسه..يعرف مايغضبها..وما يفرحها..ما يحزنها..وما....
ابتسم ابتسامة مريرة وساخرة لنفسه..الآنهو يحمل نفسه ذنب انه قد تشاجر معها بالأمس..وهي لا بد انها قد نست الأمر تماما ولمتهتم إن كان يحدثها أم لا..على العكس ستشعر بالسعادة لأنها سترتاح من اتصالاتهالمتكررة لها..
خطر في رأسه بغتة أن يرسل لها رسالة قصيرة..على الأقل بديلا عنالاعتذار الذي لا يستطيع ان ينطق به..أخرج هاتفه المحمول من جيبه وكتب رسالة قصيرةلوعد تقول (أتعلمين منذ ان علمت انك تعملين بجريدة الشرق..توقفت عنشرائها)..
تردد في إرسالها..ربما يزيد النار حطبا هكذا..او ربما تتضايق منرسالته..او...
ابعد هذه الأفكار عن رأسه وأرسل الرسالة القصيرة في سرعة..قبل أنيتردد مرة أخرى ولا يرسلها..ترى استفهم وعد ما بين السطور و الاعتذار الذي أرسله معهذه الرسالة ؟؟..
**********
سار طارق ووعد خارجين من الشركة..وتلك الأخيرةكانت تشعر ببعض التعب..فتطلعت الى ساعتها وشاهدت ان موعد العمل لم ينتهي بعد..وبقيعلى انتهاءه حوالي الساعتين..تريد ان تعود الى المنزل في سرعة حتى ترتاح قليلاو...
(كيف تسألينه مثل هذا السؤال؟..)
انتبهت على طارق الذي وقف للحظاتوالتفت عليها ليسألها السؤال السابق..وتطلعت إليه للحظات للتأكد ما اذا كان منزعجمما فعلته..أم متقبل الأمر على الأقل..
لكن ملامحه كانت أكثر جمودا من أن توضحأي شيء بداخله..وقالت أخيرا وهي تهز كتفيها: خطر بذهني..وأردت ان اسأله هذاالسؤال..
قال طارق وهو يعقد حاجبيه: ومن أين علمت بأمر الرشوى تلك؟..
ابتسمتبالرغم منها وقالت: كان الأمر مجرد حيلة لا أكثر لاستدراجه في الحديث..
صمت طارقوسار مبتعدا عنها الى سيارته..وأحست بأنه على الأقل غير رافض لما فعلته..وانه قدتقبل الامر..ثم عليه ألا ينسى إنني صحفية مثلي مثله ومن حقي توجيه الأسئلة خلال أيمقابلة صحفية..
دلفت الى سيارتها وكادت ان تنطلق بها لولا ان سمعت صول نغمة وصولالرسائل بهاتفها المحمول..من سيرسل لها رسالة في هذا الوقت..بالتأكيد فرح..فهشام قدتشاجرت معه بالأمس و...
التقطت هاتفها المحمول من جيبها..وفتحت الرسالة والتيكانت من هشام..استغربت كون ان هشام قد ارسل لها رسالة وخصوصا وإنهم بالأمس فحسب قدتشاجرا..ربما يكون قد نسي الأمر..أو ما عاد يهمه..قرأت الرسالة بسرعة..ثم لم تلبثان ابتسمت..هشام هو هشام..لن يتغير ابدا..أتجيب على رسالته ام لا..أليست غاضبةمماحدث بالأمس ومن اسلوبه في الحديث معها؟..حسنا لا بأس.. هي أخطأت وهو أخطأ..لقدتعادلا اذا..فلم الغضب؟..
اتسعت ابتسامتها وهي تترسل له رسالة تقول (أفضل..)..ولم تلبث ان انطلقت بالسيارة.. في طريقها للعودة الى مبنىالصحيفة..
********
فتح عماد باب المنزل في هدوء ودلف الى الداخل..وصعد الىالطابق الأعلى حيث غرفة نومه ..دلف الى داخل غرفة النوم وخلع ربطة عنقه..وما ان فعلحتى سمع صوت طرقات على الباب..التفت الى حيث الباب ..وتوجه اليه ليفتحه قائلاً: ماالأمر اماه؟..
قالت له والدته وهي تمنحه فاتورة ما: لقد قمت بشراء فستان من متجر (رونق)..ولكنه كان بحاجة الى بعض التعديلات..لذا تركته هناك حتى استلمه اليوم..هللك ان تذهب الى هناك وتستلمه بدلا مني؟..
التقط الفاتورة منها وقال بابتسامةهادئة: بالتأكيد..
وخرج خارج الغرفة..ليتوجه نحو الطابق الأسفل ومن ثم نحوسيارته لينطلق بها..وفي ذلك الشارع المجاور للمتجر..كان هناك ازدحام للسير..وقالمستغربا: هل هناك مناسبة ما..هذا الأسبوع وأنا لا اعلم..
و بالكاد وبعد ربع ساعةتقريبا استطاع العثور على موقف لسيارته..وكاد ان يوقف سيارته به..لولا ان شاهدسيارة أخرى تهم بالدخول في الموقف ذاته..فرفع حاجبه وقال مستنكرا: أبحث عن موقفلمدة ربع ساعة..لأترك هذه السيارة تدلف اليه..هذا ما ينقصني الآن..
شاهد صاحبةالسيارة والتي لم يتبين ملامحها جيدا تشير له بأن يتراجع للوراء..حتى توقف سيارتهاهي بالموقف..فقال باستهزاء: وأيضا تظن ان لها الحق في ان توقف سيارتها في هذاالموقف..
وسمعها تطلق بوق سيارتها ليتراجع..لكنه بدوره اطلق بوق سيارته حتىتتراجع هي..رفعت تلك الفتاة حاجبيها بدهشة وقالت: إلى متى سيستمر الوضعهكذا؟..فليبتعد..أريد إيقاف سيارتي..
أطلقت بوق السيارة من جديد..ولما وجد عمادان الوضع هكذا خاطئ وخصوصا وان السيارات التي خلفه بدأ تطلق صيحات الانزعاج..قررالابتعاد والبحث عن موقف آخر..وتراجع للوراء ليواصل السير في ذاك الشارع..في حينأوقفت تلك الفتاة سيارتها بالموقف وهي تقول براحة: وأخيرا..
وعلى الجانب الآخراستغرق عماد عشر دقائق اضافية حتى عثر على الموقف..وأوقف سيارته به وقال بسخرية وهويخرج من السيارة: هذا ضريبة كوني رجلا..وشهما مع الفتيات اللاتي لايستحقن..
توجه نحو المتجر ودلف اليه..وما ان وطأت قدماه المتجر حتى رآها..نفسالفتاة التي كانت بتلك السيارة..صحيح انه لم يرى ملامحها بوضوح..ولكنه متأكد منانها هي..خصوصا مع تلك النظارة الشمسية التي ترفع بها خصلات شعرها البنيالناعم..
ابتسم بسخرية بينه وبين نفسه لهذه الصدفة الغريبة..وتوجه نحو البائعةليقول بصوت هادئ وهو يقدم اليها الفاتورة: من فضلك يا آنسة..هذه فاتورة لفستان قمنابشرائه بالأمس..وقد احتاج بعض التعديلات..هل هو جاهز؟..
التقطت البائعة الفاتورةمنه..وتطلعت اليها للحظة ومن ثم قالت: آه..أجل..لحظة واحدة فقط..سأرسل من يحظره لكمن متجر الخياطة المجاور..
أومأ عماد برأسه بهدوء..وأرسلت البائعة احد موظفيهاالى هناك..ولم ينتبه عينا تلك الفتاة التي كانت تختلس نظرات متفرقة اليه..كانتتتحدث الى نفسها قائلةانه هو..ذلك الشاب الذي رفض الابتعاد عن الموقف..ثم لم يلبثان ابتعد وترك المجال لي..انا متأكدة..)
ثم لم تلبث ان اختارت احد الفساتين وتوجهت الى حيث البائعة وقالت: كم سعر هذا الفستان يا آنسة؟..
تطلعت البائعة الىالبطاقة الصغيرة المعلقة بالفستان وقالت: مئة وأربعون قطعة نقدية..
قالت الفتاة: أعني بعد التخفيض..
أخذت البائعة بحساب المبلغ باستخدام الآلة الحاسبة ومن ثمقالت: تسعون قطعة نقدية..
قالت الفتاة وهي تخرج من محفظتها بطاقة ائتمانية: وهلتقبلون البطاقات الائتمانية؟..
قالت الموظفة في هدوء: كلا..
صمتت الفتاةللحظات ثم قالت: حسنا سأذهب وسأعود بعد دقائق..
قالتها وغادرت المتجر..في حينتقدم عماد من البائعة وقال: ألم يصل الفستان بعد؟..
قالت البائعة بابتسامة: لحظات ويصل يا سيدي..
لمح في تلك اللحظة الفستان الذي تركته الفتاة..لم يجدها فيالمتجر وعلم انها قد غادرت..لهذا التقط الفستان من على الطاولة الموجودة أمامالبائعة..وتطلع اليه..انه ينم عن ذوق جميل..يبدوا فستانا انيقا وجميلا..بالإضافةالى انه هادئ الألوان..سوف يقوم بشرائه من أجل وعد..فعيد ميلادها لم يتبق لهالكثير..
وقال متحدثا إلى البائعة: سوف أقوم بشرائه..
قالت بلامبالاة: تسعونقطعة نقدية من فضلك..
وشاهدت ذلك الموظف الذي ارسلته منذ دقائق الى محلالخياطة..وهو مقبل عليهما وفي يده كيس..التقطت البائعة الكيس من عند الموظف وقدمتهلعماد الذي اخذه وقال: شكرا..وماذا عن الآخر..
قالت بابتسامة باهتة: ان كنتتريده فسأضعه في الكيس..
أومأ برأسه وقدم لها النقود..وما كاد أن يلتقط الباقيمنها..حتى سمع صوت تلك الفتاة وهي تقول: لقد أحضرت النقود المطلوبة..هل يمكننياستلام الفستان الآن؟..
التفت عماد إليها وعلم إنها تعني بذلك الفستان الذي قامبشرائه قبل قليل.....
**************
الجميع قد غادر القسم منذ نصف الساعةإلا طارق الذي انشغل بإعداد التقرير للقاء الصحفي..وما ان انتهى حتى تنهد بهدوء ثمحمل الأوراق والملف معه ونهض من على مكتبه..استعدادا للمغادرة..
وما ان سارمبتعدا عن المكتب بضع خطوات حتى عاد أدراجه..بعد ان لمح ورقة على المكتب الخاصبوعد..عقد حاجبيه باستغراب والتقطها من على المكتب..والتهمت عيناه الكلمات في سرعة ..وما ان انتهى منه حتى قال بهدوء: جيد..
ووضعه بين أوراقه وغادر القسم بخطواتهادئة..
**********
التفت عماد على تلك الفتاة والتي ظن انها ستغادر المتجرولن تعود..وهاهي قد عادت..وهو قام بشراء الفستان الذي اختارته..ما الذي ستفعلهالآن؟..
هز كتفيه وقال بلامبالاة محدثا نفسه: (وماذا يهمني أنا؟..لم يطلب احدمنها المغادرة..)
وتوجه ليغادر المتجر..وسمع تلك الفتاة تقول باستنكار قبل انيغادره : ماذا قام بشرائه؟..
- اجل..
قالت الفتاة في سرعة: حسنا..أليس لديكفستان آخر غيره؟..
- كلا.. انه الأخير..
قالت الفتاة وهي تعقد حاجبيها: أمتأكدة؟..
أومأت البائعة برأسها ايجابيا..فتنهدت الفتاة بحنق وأسى على الفستانالذي ناسب اختيارها اخيرا بعد عشرات المحلات التي دلفت اليها ولم يعجبها أيمنها..
واستدارت مغادرة..وهنا استطاعت ان تراه..هو من قام بشرائه..ربما لو تحدثتاليه يقبل ان يتنازل عنه ويبيعني اياه..ولكن...ألا يعد هذا جرأة مني...
قالتالفتاة مبتسمة بمكر وهي تتحدث الى نفسها ومن قال اني لست كذلك؟..)
وأسرعت إلىحيث يقف عماد ونادته قائلة بصوت مرتفع بعض الشيء: لحظة واحدة من فضلك ياسيد..
التفت اليها عماد..وعقد حاجبيه بغرابة وقال: هل من شيء؟..
قالت الفتاةبارتباك وتردد: الفستان الذي قمت بشرائه..
قال وهو يتطلع الى الكيس الذي بيده: ما به؟..
قالت وهي تزفر بحدة: لقد قمت باختياره..وقررت شرائه قبلك..أليسكذلك؟..
رفع حاجباه باستنكار وقال: وبعد؟..
قالت بتردد أكبر: هو الأخير فيهذا المتجر..ولم يبقى سواه.. ومنذ مدة أبحث عن فستان كهذا..هل..هل بإمكانك بيعيإياه؟..
قال وعيناه تتسعان استنكارا: لا بد وانك تمزحين..
قالت في سرعة: استمع إلي..سأقوم بدفع مبلغ أكبر من المبلغ الذي قمت بدفعه انت لشراء هذاالفستان..ما رأيك؟..
قال مستهزئا: أتظنين إنني أفكر بفتح متجر للملابس..ام إننيمحتاج لنقودك هذه؟..
فكرت قليلا ثم قالت برجاء: انني احتاجه للغد..لم يعد لديالوفت الكافي للبحث عن آخر..
قال وهو يمط شفتيه: ليست مشكلتي..
قالت بسرعةوهي تلتفت للبائعة:حسنا انتظر قليلا..
وقالت متحدثة الى البائعة: متى ستحضرونمثل هذا الفستان مرة اخرى..
قالت البائعة في هدوء: ربما بعد اسبوع..
عادتالفتاة لتلتفت الى عماد وقالت: أتحتاجه قبل هذه الفترة يا سيد؟..
هز عماد رأسهنفيا بهدوء..فأسرعت الفتاة تقول: حسنا ما دام الأمر كذلك..سأقوم بشرائهمنك...ويمكنك ان تأتي الى هنا بعد هذا الأسبوع لتشتري آخر..
قال وهو يعقدحاجبيه: وما الذي يضطرني الى هذا؟..
هزت الفتاة رأسها وقالت: لا شيء..لكن انت لنتخسر شيئا لو تنازلت لي عنه..اما انا فسأخسر الكثير..
صمت عماد لفترة ..فقالتالفتاة برجاء: لن يضرك ان تعود الى المتجر مرة أخرى بعد اسبوع..سأقوم بشراءه منكبالمبلغ الذي تريده..
تحدث عماد أخيرة بعد دقيقة من الصمت وقال: حسنا..يمكنكأخذه..
قالت بسعادة: احقا..أشكرك كثيرا ياسيد..صدقني لن انسى جميلك هذاابدا..
قدم لها عماد الكيس بهدوء وكاد ان يغادر فقالت بسرعة: انتظر..لم أمنحكالنقود بعد..
- لا يهم..
عقدت الفتاة حاجبيها وقالت بضيق: لست معتادة ان اقبلهدايا من أشخاص لا اعرفهم.. اما ان تأخذ النقود..او تعيد أخذ الفستان..
قال عمادبسخرية: فليكن..أعطني اياه اذا..
قالت الفتاة بارتباك: اتمزح؟..
ابتسم عمادلأول مرة منذ ان حدث هذه الفتاة وقال: لا لست أمزح..
رفعت له يدها بالكيس وقالت : فليكن ..خذه..
اتسعت ابتسامته وقال: أين النقود؟..
شعرت الفتاةبالسعادة..لأنها فهمت انها كان يمزح معها لاغير..وأسرعت تقدم له المبلغ وتقولبابتسامة واسعة: لا اعلم ماذا اقول..ولكنك كنت شهما معي..اشكرك كثيرا ياسيد..
قال عماد وهو يلتفت عنها: عن اذنك..
ومضى في طريقه مغادرا المتجر..دونان يدرك انه قد ترك الأثر الكبير في نفس هذهالفتاة..
**********
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أستاذ كان له أثر في حياتي ... ( حياتي أنا ) راااجي رحمة ربه قصص قصيرة 6 04-29-2013 04:51 PM
هل انت رومانسى؟؟ هل تفهم فى الصور الرومانسية ؟؟ لو انت فعلا رومانسى .. فاضغط و خش . البرنسيسة نوسة أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 11 02-08-2009 07:59 PM
هل انت رومانسى؟؟ هل تفهم فى الصور الرومانسية ؟؟ لو انت فعلا رومانسى .. فاضغط و خش . البرنسيسة نوسة أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 5 01-09-2009 12:00 AM


الساعة الآن 12:06 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011