عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-16-2010, 03:08 PM
 
Thumbs up اهوال القبور البا ب التاسع والعاشر

الباب التاسع
في ذكر محل أصحاب أرواح الموتى في البرزخ

أما الأنبياء عليهم السلام فليس فيهم شك أن أرواحهم عند الله في أعلى عليين .
326- وقد ثبت في الصحيح أن آخر كلمة تكلم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته " اللهم الرفيق الأعلى " وكررها حتى قبض .
327- وقال رجل لابن مسعود : قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فأين هو ؟ قال : في الجنة .
وأما الشهداء فأكثر العلماء على أنهم في الجنة وقد تكاثرت بذلك الأحاديث .
228- ففي صحيح مسلم عن مسروق قال : سألنا عبد الله بن مسعود عن هذه الآية { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون } قال : أما إنا قد سألنا عن ذلك فقال : " أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش ]تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل ] فاطلع إليهم ربهم إطلاعة فقال : هل تشتهون شيئاً ؟ قالوا : أي شيء تشتهين ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا . ففعل ذلك بهم ثلاث مرات فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا : يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا " .
329- وخرج الإمام أحمد وأبو داود والحاكم من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش فلما وجدوا مأكلهم ومشربهم ومقلبهم قالوا : من يبلغ عنا إخواننا أنا أحياء في الجنة نرزق لئلا ينكلوا عن الحرب ولا يزهدوا في الجهاد قال : فقال الله تعالى : أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله تعالى { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون } .
330- وخرج عبد الله بن منده وغيره ، حدثنا إسماعيل بن المختار عن عطية عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أرواح الشهداء في طير خضر ترعى في رياض الجنة ، ثم يكون مأواها إلى قناديل معلقة بالعرش فيقول لهم الرب سبحانه وتعالى : هل تعلمون كرامة أكرم من كرامة أكرمتوها ؟ فيقولون : لا إنا وددنا أنك رددت أرواحنا في أجسادنا حتى نقاتل مرة أخرى فنقتل في سبيلك" .
331- وخرج أبو الشيخ الأصبهاني وغيره من طريق عبد الله بن ميمون عن عمه مصعب بن سليم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يبعث الله الشهداء من حواصل طير بيض كانوا في قناديل معلقة بالعرش " .
332- وخرج الإمام أحمد والترمذي وصححه من حديث عمرو بن دينار عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أرواح الشهداء في طير خضر تعلق من شجر الجنة " كذلك رواه عمرو عن الزهري ، ورواه سائر أصحاب الزهري عنه ، ولم يذكروا الشهداء إنما ذكروا نسمة المؤمن ، وسيأتي حديثهم إن شاء الله . وقد ذكرنا فيما تقدم حديث عبادة بن عيسى بن عبد الرحمن عن الزهري عن عامر بن سعد عن إسماعيل بن طلحة بن عبيد الله عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم في شهداء أحد وهو منكر ، وأبو عبيدة هذا ضعيف جداً .
333- وخرج ابن منده من طريق يحيى بن صالح عن سعيد بن سويد أنه سأل ابن شهاب عن أرواح المؤمنين قال : بلغني أن أرواح الشهداء كطير خضر معلقة بالعرش تغدو ثم تروح إلى رياض الجنة تأتي ربها سبحانه كل يوم تسلم عليه .
وهذا أشبه . وكذا قال الضحاك وإبراهيم التيمي وغيرهما من السلف في أرواح الشهداء .
334- وخرج ابن منده من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن حيان بن أبي جبلة قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الشهداء إذا استشهدوا أنزل الله جسداً كأحسن جسد ثم يقال لروحه : ادخلي فيه فينظر إلى جسده الأول ما يفعل به ويتكلم فيظن أنهم يسمعون كلامه وينظر فيظن أنهم يرونه حتى تأتيه أزواجه - يعني الحور العين - فيذهبن به " .
335- ويشهد لهذه النصوص أيضاً ما في الصحيحين عن جابر قال : قال رجل يوم أحد : أين أنا إن قتلت يا رسول الله ؟ قال : " في الجنة " فألقى تمرات كن في يده ثم قاتل حتى قتل .
336- وفي صحيح مسلم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوم بدر : { قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض } وذكر قصة عمير بن الحمام .
337- وفي صحيح البخاري عن المغيرة بن شعبة أنه قال أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن رسالة ربنا أنه من قتل صار إلى الجنة .
338- وفيه أيضاً عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم أن عمر قال للنبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية : أليس قتالنا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ .
339- وفي صحيح مسلم عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف " .
340- وفي صحيح البخاري عن أنس قال : أصيب حارثة يوم بدر وهو غلام فجاءت أمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله قد عرفت منزلة حارثة مني ، فإن يكن في الجنة صبرت واحتسبت ، وإن تكن الأخرى ترى ما أصنع ؟ قال : " ويحك أو هبلت ؟ جنة واحدة هي ؟ إنها جنان كثيرة وإنه في جنة الفردوس " .
341- وخرج الترمذي والحاكم من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " رأيت جعفر ( بن أبي طالب ملكاً ) يطير (في الجنة ) مع الملائكة ( بجناحين ) " .
342- وخرج الغمام احمد وأبو يعلى وابن أبي الدنيا من حديث ثابت عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبه الرؤيا الحسنة فكان فيما يقول : " هل رأى أحد منكم رؤيا " فإذا رأى الرجل الذي لا يعرفه الرؤيا سأل عنه فإن أخبر عنه بمعروف كان أعجب برؤيا . قال : فجاءت امرأة فقالت : يا رسول الله رأيت في المنام كأني خرجت فأدخلت الجنة فإذا أنا بفلان وفلان حتى عدت اثني عشر رجلاً ، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية قبل ذلك فجيء بهم عليهم ثياب طلس تشخب أوداجهم . فقال : اذهبوا بهم إلى نهر البرزخ فغمسوا فيه ووجوههم كالقمر ليلة البدر ، وأتوا بكراسي من ذهب فأقعدوا عليها ، وجيء بصحفة من ذهب فيها بسر فأكلوا من بسره ما شاؤا فمايقبلونها من وجه إلا أكلوا من فاكهة ما شاؤا وأكلت معهم . قال : فجاء البشير من تلك السرية فقال : يا رسول الله كان كذا وكذا وأصيب فلان وفلان حتى عد اثني عشر رجلاً فقال : عليَّ بالمرأة فقال : قصي رؤياك على هذا " فقال الرجل : هو كما قالت ، أصيب فلان وفلان .
343- وروى ابن عيينة عن عبد الله بن أبي يزيد سمع ابن عباس يقول : أرواح الشهداء تجول في أجواف طير خضر تعلق في ثمر الجنة .
344- وروى معمر عن قتادة قال : بلغنا أن أرواح الشهداء في صورة طير بيض تأكل من ثمار الجنة.
345- وروى أبو عاصم عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن عمرو قال : أرواح الشهداء في أجواف طير كأنها الزرازير ، يتعارفون ويرزقون من ثمر الجنة .
346- وروى ابن المبارك عن زائدة حدثنا حدثنا ميسرة الأشجعي عن عكرمة عن ابن عباس عن كعب قال : جنة المأوى جنة فيها طير خضر ترعى فيها أرواح الشهداء . كذا رواه عطية عن ابن عباس قال : قلت لكعب إني أسألك عن شيء فإن كان في كتاب الله فحدثني ، وإن لم يكن في كتاب الله فلا تحدثني ، فذكر مسائل ، فقال كعب : ما سألتني عن شيء إلا وهو في كتاب الله ، قال : وأما جنة المأوى فإنها جنة فيها أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تأوى إلى قناديل الجنة .
347- وروى أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج حدثنا عمرو بن عمر الأحموسى عن السفر بن نسير قال : سئل أبو الدرداء عن أرواح الشهداء . قال : هي طير خضر معلقة في قناديل تحت العرش تسرح في الجنة حيث شاءت ثم ترجع إلى قناديلها .
348- وروى عن مجاهد أنه قال : ليس الشهداء في الجنة ، ولكنهم يرزقون منها.
349- فروى آدم بن أبي إياس حدثنا ورقا عن بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى : { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً } الآية قال : يقول : أحياء عند ربهم يرزقون من ثمر الجنة ويجدون ريحها وليسوا فيها .
350- وروى ابن المبارك عن ابن جريج عن مجاهد قال : ليس هم في الجنة ، ولكن يأكلون من ثمارها ، ويجدون ريحها .
351- وقد يستدل لقوله بما روى ابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الشهداء على طريق بارق نهر الجنة فيه قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم بكرة وعشيا " .
352- وخرجه ابن منده ولفظه " على بارق نهر في الجنة " وهذا يدل على أن النهر خارج من الجنة وابن إسحاق مدلس ولم يصرح بالتحديث هنا ، ولعل هذا في عموم الشهداء ، والذين في القناديل التي تحث العرش خواصهم : ولعل المراد بالشهداء هنا من هو شهيد من غير قتل في سبيل الله كالمطعون والمبطون والغريق وغيرهم ممن ورد النص بأنه شهيد .
فالحاديث السابقة كلها فيمن قتل في سبيل الله وبعضها صريح في ذلك ، وفي بعضها أن الآية نزلت في ذلك وهو قوله تعالى { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً } الآية نص في المقتول في سبيل الله .
وقد يطلق الشهيد على من حقق الإيمان وشهد بصحته بقوله تعالى : { والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم } .
353- قال ابن أبي نجيح عن مجاهد في هذه الآية يقول : يشهدون على أنفسهم بالإيمان بالله .
354- وروى سفيان عن رجل عن مجاهد قال : كل مؤمن صديق وشهيد ثم قرأ { والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم } .
355- وخرج ابن أبي حاتم من رواية رشدين بن سعد عن ابن عقيل عن أبيه عن أبي هريرة قال : كلكم صديق وشهيد . قيل له : ما تقول يا أبا هريرة ؟ قال : إقرأ { والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم }.
356- وخرج ابن جرير من طريق إسماعيل بن يحيى التيمي عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مؤمنوا أمتي شهداء " ثم تلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : { والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم } ، وإسماعيل هذا ضعيف جداً . ويعضد هذا ما ورد في تفسير قوله تعالى { لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا } من شهادة هذه الأمة للأنبياء بتبليغ رسالاتهم ، وبكل حال فالأحاديث المتقدمة كلها في الشهيد المقتول في سبيل الله لا يحتمل غير ذلك ، وإنما النظر في حديث ابن إسحاق هذا والله أعلم .
وأمابقية المؤمنين سوى الشهداء فينقسمون إلى أهل تكليف ، وغير أهل تكليف فهذان قسمان : أحدهما غير أهل التكليف كأطفال المؤمنين فالجمهور على أنهم في الجنة ، وقد حكى الإمام أحمد على ذلك الإجماع . وقال في رواية جعفر بن محمد : ليس فيهم اختلاف يعني أنهم في الجنة . وقال في رواية الميموني لا أحد يشك أنهم في الجنة . وذكر الخلال من طريق حنبل عن أحمد قال : نحن نقر بأن الجنة قد خلقت ونؤمن بأن الجنة والنار مخلوقتان قال الله عز وجل { النار يعرضون عليها غدواً وعشياً } لآل فرعون ، وقال : أرواح ذراري المسلمين ، في أجواف طير خضر تسرح في الجنة يكفلهم أبوهم إبراهيم فيدل هذا أنهما خلقتا . وكذلك نص الشافعي على أن أطفال المسلمين في الجنة ، وجاء صريحاً عن السلف على أن أرواحهم في الجنة كما روي .
357- الليث عن أبى قيس عن هذيل عن ابن مسعود قال : إن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تسرح بهم في الجنة حيث شاؤا وإن أرواح أولاد المسلمين في أجواف عصافبر تسرح بهم في الجنة حيث شاءت فتأوى إلى قناديل معلقة في العرش . خرجه ابن أبي حاتم ، ورواه الثوري والأعمش عن أبي قيس عن هذيل من قوله لم يذكر ابن مسعود .
358- وخرج البيهقي من طريق عكرمة عن ابن عباس عن كعب نحوه . وخرج الخلال من طريق ليث عن أبي الزبير عن عبيد بن عمير قال : إن في الجنة لشجرة لها ضروع كضروع البقر يغذى به ولدان أهل الجنة حتى إنهم ليستنون إستنان البكارة .
359- وخرج ابن أبي حاتم بإسناده عن خالد بن معدان قال : إن في الجنة شجرة يقال لها : طوبى . ضروع كلها ترضع صبيان أهل الجنة وإن سقط المرأة يكون في نهر من أنهار الجنة يتقلب فيه حتى تقوم الساعة فيبعث ابن أربعين سنة ويدل على صحة ذلك ما في صحيح مسلم قال .
360- لما توفي إبراهيم قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن إبراهيم ابني وإنه مات في الثدي وإن له لظئرين يكملان رضاعه في الجنة " وخرج ابن ماجه نحوه من حديث ابن عباس وخرج الإمام أحمد نحوه من حديث البراء بن عازب .
361- وروى سعيد بن منصور عن إسماعيل بن عياش عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن مكحول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن ذراري المؤمنين أرواحهم في عصافير في شجر الجنة يكفلهم أبوهم إبراهيم عليه السلام ". وكذا رواه علي بن عثمان الأحفى عن حماد بن سلمة عن خيثم عن مكحول إلا أنه قال : عصافير خضر في الجنة وهذا مرسل ولفظه يشبه لفظ الحديث الذي احتج به الإمام أحمد على خلق الجنة كما تقدم .
362- وقد روي متصلاً من وجه آخر من رواية عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن عطاء بن فروة عن عبد الله بن ضمرة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ذراري المؤمين يكفلهم [ أبوهم ] إبراهيم في الجنة " خرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح الإسناد . وخرجه الإمام أحمد عن موسى بن داود عن ابن ثوبان إلا أنه شك في رفعه , ولكن رواه عن واحد عن ثوبان ولم يشك في رفعه .
363- وروي من وجه آخر من رواية مؤمل عن سفيان عن ابن الأصبهاني عن أبي حازم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أولاد المسلمين في جبل في الجنة يكفلهم إبراهيم وسارة عليهما السلام فإذا كان يوم القيامة رفعوا إلى آبائهم " وكذا رواه محمد بن عبد الله بن نمير عن وكيع عن سفيان مرفوعاً ، ورواه ابن مهدي وأبو نعيم عن سفيان موقوفاً قال الدارقطني : والموقوف أشبه .
364- ومما يستدل لهذا أيضاً ما خرجه البخاري عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى في منامه جبرائيل وميكائيل أتيا به ، فانطلقا به ، وذكر حديثاًً طويلاً وفيه " فانطلقنا حتى انتهينا إلى روضة خضراء فيها شجرة عظيمة وفي أصلها شيخ وصبيان وإذا رجل قريب من الشجرة بين يديه نار يوقدها فصعدا بي في الشجرة وأدخلاني داراً لم أر قط أحسن منها فيها رجال وشيوخ و شباب ونساء وصبيان ، ثم أخرجاني منها فصعدا بي الشجرة فأدخلاني داراً هي أحسن وأفضل فيها شيوخ وشباب " وذكر الحديث " وفيه قالا : والشيخ في أصل الشجرة إبراهيم [ عليه السلام ] والصبيان حوله فأولاد الناس " وفي رواية " فكل مولود مات على الفطرة " وفي رواية " ولد على الفطرة " والدار الأولى التي دخلت دار عامة المؤمنين وأما هذه الدارفدار الشهداء .
365- وروى أبو خالد عن أبي رجاء العطاردي عن سمرة وفي حديثه " قلت فالروضة قال : أولئك الأطفال وكل بهم إبراهيم يربيهم إلى يوم القيامة " .
366- وخرج الطبراني والحاكم من حديث سليم بن عامر عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه قال : " بينا أنا نائم انطلق بي إلى جبل وعر " فذكر الحديث وفيه " ثم انطلق بي حتى أشرفت على الغلمان يلعبون بين نهرين قلت : من هؤلاء ؟ قال ذراري المؤمنين يحضنهم أبوهم إبراهيم عليه السلام ، ثم انطلق بي حتى أشرفت على ثلاثة نفر قلت : من هؤلاء ؟ قال إبراهيم وموسى عليهم السلام وهم ينتظرونك " .
وذهبت طائفة إلى أنه يشهد لأطفال المؤمنين عموماً أنهم في الجنة ، ولا يشهد لآحادهم وهو قول ابن راهاويه نقله عنه إسحاق بن منصور وحرب في مسائلهما ولعل هذا يرجع إلى الطفل المعين لا يشهد له حينئذ أنه من أطفال المؤمنين ، فيكون الوقف في آحادهم كالوقف في إيمان آبائهم ، وحكى ابن عبد البر عن طائفة من السلف القول بالوقف في أطفال المؤمنين وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وابن المبارك وإسحاق وهو بعيد جداً ولعله أخذ ذلك من عمومات كلام لهم ، وإن أرادوا بها أطفال المشركين ، وكذلك اختار القول بالوقف طائفة منهم الأثرم والبيهقي ، وذكر أن ابن عباس رجع إليه ، والإمام أحمد ذكر أن ابن عباس إنما قال ذلك في أطفال المشركين وإنما أخذه البيهقي من لفظ روى عنه كما أنه .
367- روى في بعض ألفاظ حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الأطفال ؟ فقال : " الله أعلم بما كانوا عاملين " ولكن الحفاظ الثقات ذكروا أنه سئل عن أطفال المشركين .
368- واستدل القائل بالوقف بما أخرجه مسلم من حديث فضيل بن عمرو عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت : توفي صبي فقلت : طوبى له عصفور من عصافير الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أولا تدرين أن الله خلق الجنة وخلق النار فخلق لهذه أهلاً ولهذه أهلاً " .
369- وخرجه مسلم أيضاً من طريق طلحة بن يحيى عن عمته عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت : دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجنة صبي من الأنصار فقلت : يا رسول الله طوبى لهذا عصفور من عصافير الجنة لم يعمل السوء ولم يدركه . قال : " أو غير ذلك يا عائشة إن الله خلق للجنة أهلاً خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم " وقد ضعف أحمد هذا الحديث من أجل طلحة بن يحيى وقال : قد روى مناكير وذكر له الحديث ، وقال ابن معين فيه ، ليس بالقوى ، وأما رواية فضيل بن عمرو له عن عائشة فقال أحمد : ما أراه سمعه إلا من طلحة بن يحيى يعني أنه أخذه عنه ودلسه حيث رواه عن عائشة بنت طلحة .
370- وذكر العقيلي أنه لا يحفظ إلا من حديث طلحة ويعارض هذا ما خرجه
مسلم من حديث أبي السليل عن أبي حسان قال : قلت لأبي هريرة إنه [ قد ] مات لي ابنان فما أنت بمحدثي عن رسول اللله صلى الله عليه وسلم تطيب به أنفسنا عن موتانا قال : نعم . صغارهم دعاميص أهل الجنة يتلقى أحدهم أباه - أو قال أبويه - فيأخذ بثوبه أو قال بيده كما آخذ [ أنا ] بصنفة ثوبك هذا فلا يتناهى أو قال فلا ينتهي حتى يدخله الله [ وأباه ] الجنة " .
371- وفي الصحيحين عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من الناس مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم " ولهذا قال الإمام أحمد : هو يرجى لأبويه فكيف يشك فيه يعني أن يرجى لأبويه دخول الجنة بسببه ولعل النبي صلى الله عليه وسلم نهى أولاً عن الشهادة لأطفال المسلمين بالجنة قبل أن يطلع على ذلك لأن الشهادة على ذلك تحتاج إلى علم به ، ثم اطلع على ذلك فأخبره والله اعلم .
القسم الثاني : أهل التكليف من المؤمنين سوى الشهداء وقد اختلف فيهم العلماء قديماً وحديثاً والمنصوص عن 372 الإمام أحمد : أن أرواح المؤمنين في الجنة ذكره الخلال في كتاب السنة عن غير واحد عن حنبل قال : سمعت أبا عبد الله يقول : أرواح المؤمنين في الجنة ، وقال حنبل في موضع آخر : هي أرواح المؤمنين في الجنة وأرواح الكفار في النار والأبدان في الدنيا يعذب الله من يشاء ويرحم من يشاء قال أبو عبد الله : ولا نقول هما يفنيان بل هما على علم الله باقيتان يبلغ الله فيهما عمله نسأل الله التثبيت وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا وقوله : ولا نقول : هما يفنيان يعني الجنة والنار فإن في أول الكلام عن حنبل أن أبا عبد الله حكى قصة ضرار وحكايته اختلاف العلماء في خلق الجنة والنار ، وأن القاضي أهدر دم ضرار ولذلك استخفى إلى أن مات وأن أبا عبد الله قال : هذا كفر يعني القول بأنهما يخلقان بعد ، قال حنبل : وسألت أبا عبد الله عمن قال إن كانتا خلقتا فإنهما إلى فناء ؛ ثم ذكر هذا الجواب من أحمد ولا يصح أن يقال : إن أحمد إنما نفى الفناء عنهما معاً فيصدق ذلك أن تكون الجنة وحدها لا تفنى لأن ما بعد هذا يبطل هذا التأويل وهو قوله : هما على علم الله باقيتان فإن هذا ينفي ذلك الاحتمال والتوهم ويثبت البقاء لهما معاً وهذا يقول كما يقول زيد وعمر ، فهذا قد يحتمل أن يراد نفي العلم عنهما جميعاً دون أحدهما ، فإذا قلت بعد ذلك بل هما جاهلان ، زال ذلك الإحتمال ، وأثبت الجهل لهما جميعاً ، وأيضاً فلا يقع استعمال نفي عن شيئين والمراد نفي اجتماعهما خاصة إلا مع ما يبين ذلك في سياق الكلام وعن لفظ يدل عليه فأما مع الإطلاق فلا يقع ذلك بل لا يجوز استعماله مع الإيهام كما لا يقال الآلة والنار لا يبقيان ، وكما لا يقال الخالق الله المخلوق وحده يفنى ، ولا يقال الدنيا والآخرة لا تفنيان ويراد بها أن الدنيا وحدها تفنى ولا محمد ولا مسيلمة لا يصدقان ولا يكذبان ، والمراد به صدق محمد وحده وكذب مسيلمة وحده فإن هذا كله استعمال قبيح ممنوع ولا يعهد مثله في كلام أحد يعتد به ، وقول أحمد بعد هذا : نسأل الله التثبيت أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا يدل على أن القول بخلاف ذلك عنده من الضلال والزيغ وقد خرج بهذا فيما نقله عنه حرب قال حرب في مسائله ، هذا مذهب أئمة أهل العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المعروفين بها المقتدى بهم ممن أدركت من علماء أهل العراق والحجاز والشام فمن خالف شيء من هذا المذهب فيها أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مبتدع خارج من الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق، وهو مذهب أحمد وإسحاق وسعيد بن منصور وغيرهم ممن جالسنا وأخذنا عنهم العلم فكان من قولهم الإيمان قول وعمل وذكر العقيدة ومن جملتها قال : لقد خلقت الجنة وما فيها وخلقت النار وما فيها خلقهما الله ثم خلق الخلق لهما لا يفنيان ، لا يفنى ما فيهما أبداً فإن احتج مبتدع أو زنديق بقول الله تعالى { كل شيء هالك إلا وجهه } وبنحو هذا فقل له كل شيء مما كتب الله عليه الفناء والهلاك هالك والجنة والنار خلقتا للبقاء لا للفناء ولا للهلاك وهما من الآخرة لا من الدنيا وذكر بقية العقيدة ، فقوله في آخر كلامه خلقتا للبقاء لا للفناء ولا للهلاك يبطل من أول الكلام على أن المراد به لا يفنى مجموعهما ، وقد نقل هذا الكلام الذي نقله حرب كله عن أحمد صريحاً كذلك نقله عنه أبو العباس أحمد بن جعفر الأصطخري أنه قال : هذا مذهب أهل العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المتمسكين بعروقها المعروفين بها المقتدى بهم فيها من لدن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا ، وأدركت من أدركت من علماء الحجاز وأهل الشام وغيرهم فمن خالف شيئاً من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مخالف مبتدع خارج من الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق فذكر العقيدة كلها ، وقد خلقت الجنة وما فيها وخلقت النار وما فيها خلقهما الله وخلق الخلق لهما فلا يفنيان ولا يفنى ما فيهما أبداً فإن احتج مبتدع أو زنديق بقول الله تعالى { كل شيء هالك إلا وجهه } ونحو هذا من متشابه القرآن فقل له : كل شيء مما كتب الله عليه الفناء و الهلاك هالك والجنة والنار خلقتا للبقاء لا للفناء ولا للهلاك ، وهما من الآخرة لا من الدنيا وذكر بقية العقيدة ، وقد رويت هذه العقيدة عن الإمام أحمد من وجه آخر من طريق أحمد بن وهب القرشي عنه ، والمقصود هنا قول أحمد : أرواح المؤمنين في الجنة وأرواح الكفار في النار .
وقد حكى القاضي أبو يعلى في كتاب " المعتمد " ومن اتبعه من الأصحاب هذا الكلام عن عبد الله بن أحمد عن أبيه ولم ينقله عبد الله إنما نقله حنبل . وأما ما نقله عبد الله عن أبيه فقال الخلال : أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : سألت أبي عن أرواح الموتى أتكون في أفنية قبورهم أم في حواصل طير أم تموت كما تموت الأجساد ؟ قال :
373- روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " نسمة المؤمن إذا مات طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده فيبعثه الله "
374- وقد روي عن عبد الله بن عمرو قال : أرواح المؤمنين في حواصل طير خضر كالزرازير ثم يتعارفون فيها ويرزقون من ثمارها ، وقال بعض الناس أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تأوي إلى قناديل في الجنة معلقة في العرش انتهى . وهذا الكلام أيضاً يدل على أن أرواح المؤمنين عند الله في الجنة إلا أنه ذكر في جوابه الأحاديث الدالة على ذلك المرفوعة والموقوفه ولم يذكر سوى ذلك ففي رواية حنبل جزم بأن أرواح المؤمنين في الجنة وفي رواية عبد الله ذكر الأدلة على ذلك .
375- فأما الحديث المرفوع الذي ذكره من رواية مالك عن ابن شهاب أن عبد الرحمن بن كعب أخبره أن أباه كعب بن مالك كان يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده " كذا رواه مالك في الموطأ ورواه عن مالك جماعة منهم الشافعي ورواه الإمام أحمد في مسنده عن الشافعي وخرجه النسائي من طريق مالك أيضاً وخرجه مالك من طريق الحارث بن فضيل عن الزهري بهذا الإسناد ، وكذا رواه عن الزهري يونس والزبيدي والأوزاعي وإسحاق ورواه شعيب وابن أخي الزهري وصالح بن كيسان عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن جده كعب ، وقال صالح في حديثه : أنه بلغه أن كعباً كان يحدث وقال شعيب في حديثه إن كعباً كان يحدث فهو على رواية صالح ومن وافقه منقطع ، وذكر محمد بن يحيى الذهلي أن ذلك هو المحفوظ وخالفه ابن عبد البر في ذلك ورجح رواية مالك ومن وافقه ، وقد روي - يعني حديث كعب - من وجوه متعدده .
376- فروى حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر حديث القبر بطوله في حق المؤمن قال : " ويعاد الجسد إلى ما بدىء منه وتجعل روحه في نسيم طير يعلق في شجر الجنة ". خرجه الطبراني وغيره ، وخرجه ابن حبان في صحيحه من طريق معتمر عن محمد بن عمرو به ولفظه ، وتجعل نسمته في النسيم الطيب وهو طير يعلق في الجنة ، وقد سبق أن غيرهما رواه عن محمد بن عمرو فوقفه على أبي هريرة .
377- وقد تقدم حديث أم هانىء الأنصارية عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تكون النسم طائر تعلق بالشجر حتى إذا كان يوم القيامة دخلت كل نفس في جسدها " .
378- وخرج ابن منده من رواية موسى بن عببيدة الربذي عن عبد الله بن يزيد عن أم بشر بنت المعرور قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أرواح المؤمنين في حواصل طير خضر ترعى في الجنة تأكل من ثمارها وتشرب من مائها وتأوي إلى قناديل من ذهب تحت العرش فيقولون : ربنا ألحق بنا إخواننا وآتنا ما وعدتنا ، وإن أرواح الكفار في حواصل طير سود تأكل من النار وتشرب من النار وتأوي إلى حجر من النار يقولون : ربنا لا تلحق بنا إخواننا ولا تؤتنا ما وعدتنا " . وموسى بن عبيدة شيخ صالح شغلته العبادة عن حفظ الحديث فكثرت المناكير في حديثه .
379- وخرج ابن منده أيضاً من رواية معاوية بن صالح عن حمزة بن حبيب قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أرواح المؤمنين فقال : " في طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت " قالوا : يا رسول الله وأرواح الكفار ؟ قال " محبوسة في سجين " وهذا مرسل .
380- وخرج أيضاً من رواية عيسى بن موسى عن سفيان الثوري عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أرواح المؤمنين كالزرازير تأكل من ثمر الجنة " ثم قال ابن منده رواه جماعة عن الثوري موقوفاً ، يعني علي عبد الله بن عمرو والصواب وقفه .
381- وقد سبق أن الإمام ذكره في رواية ابنه عبد الله موقوفاً وكذا رواه وكيع عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن عمرو قال : أرواح المؤمنين في أجواف طير خضر كالزرازير يتعارفون فيها ويرزقون من ثمرها . أخرجه الخلال . وخرج أيضاً من حديث أبي هشام عن أبي إسحاق عن الأحوص عن عبد الله بن مسعود فذكر احتضار المؤمن وأن روحه تعاد إلى جسده عند سؤاله في القبر ثم ترفع روحه فتجعل في أعلا عليين . ثم تلا عبد الله الآية { إن كتاب الأبرار لفي عليين . وما أدراك ما عليون . كتاب مرقوم } قال السماء السابعة وأما الكفار فذكر الكلام وتلا { إن كتاب الفجار لفي سجين . وما أدراك ما سجين } .
قال : الأرض ، وروي مثل هذا المعنى عن أبي هريرة وعبد الله بن عمرو ، وذكره ابن عبد البر . وروى سعيد عن قتادة قال : ذكر لنا أن عبد الله بن عمرو كان يقول : سجين هي الأرض السفلى فيها أرواح الكفار .
382- وروى ابن المبارك عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن منصور بن أبي منصور حدثه قال سألت عبد الله بن عمرو عن أرواح المسلمين حين يموتون قال : ما تقولون يا جهال العراق ؟ قلت : لا أدري . قال : فإنها صور طير بيض في ظل العرش وأرواح الكفار في الأرض السابعة .
383- وروي أيضاً عن كعب من رواية الأعمش عن شمر بن عطية عن هلال بن يساف قال : كنا جلوساً إلى كعب فجاء ابن عباس فقال : يا كعب كل ما في القرآن عرفت غير أربعة أشياء فأخبرني عنهن . فسأله عن سجين وعليين . فقال كعب : أما عليون فالسماء السابعة فيها أرواح المؤمنين ، وأما سجين فالأرض السابعة فيها أرواح الكفار تحت خدّ إبليس . وقد ثبت في الأدلة أن الجنة فوق السماء السابعة ، وقد ذكرنا ذلك في كتاب " صفة النار " متوفي .
384- وروى أبو نعيم من طريق الحكم بن أبان قال : نزل بي ضيف من أهل صنعاء فقال : سمعت وهب بن منبه يقول : إن لله في السماء السابعة داراً يقال لها البيضاء تجتمع فيها أرواح المؤمنين ، فإذا مات الميت من أهل الدنيا تلقته الأرواح فيسألونه عن أخبار الدنيا كما يسأل الغائب أهله إذا قدم عليهم .
385- وخرج ابن منده من طريق سفيان عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن سلمان الفارسي وعبد الله بن سلام لقي أحدهما صاحبه فقال : إن مت قبلي فحدثني بما لقيت وإن مت قبلك حدثتك بما لقيت . قال : وكيف يكون ذلك ؟ قال : أرواح المؤمنين تذهب في الجنة حيث شاءت . وخرجه ابن أبي الدنيا من طريق جرير بن يحيى .
386- وخرج أيضاً من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن منصور بن أبي منصور أنه سأل عبدالله بن عمرو عن أرواح المؤمنين إذا ماتوا أين هي ؟ قال : هي صور طير بيض في ظل العرش .
387- وروى ابن أبي ليث عن أبي قيس عن هذيل عن ابن مسعود أن أرواح آل فرعون في أجواف طير سود تغدو على جهنم وتروح عليها فذلك عرضها . وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله تعالى { النار يعرضون عليها غدواً وعشياً } قال : هم فيها اليوم يغدى بهم ويراح إلى أن تقوم الساعة . خرجهما ابن أبي الدنيا.
388- وخرج اللالكائي من رواية عاصم عن أبي وائل عن أبي موسى الأشعري قال : تخرج روح المؤمن وهي أطيب من المسك فتعرج به الملائكة حتى تأتي ربه وله برهان مثل الشمس وروح الكافر أنتن من الجيفة وهو بوادي حضر موت في أسفل الثرى من سبع أرضين .
وقد يستدل للقول بأن أرواح المؤمنين في الجنة , وأرواح الكفار في النار من القرآن بأدلة منها قوله تعالى : { فلولا إذا بلغت الحلقوم . وأنتم حينئذ تنظرون } إلى قوله : { فأما إن كان من المقربين . فروح وريحان وجنة نعيم . وأما إن كان من أصحاب اليمين . فسلام لك من أصحاب اليمين . وأما إن كان من المكذبين الضالين . فنزل من حميم . وتصلية جحيم } هو دخول النار مع إحراقها وإنضاجها فجعل هذا كله متعقباً للاحتضار والموت وكذلك قوله تعالى في قصة المؤمنين في سورة يس : { قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون . بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين } وإنما قال هذا بعد ما قتلوه ورأى ما أعد الله له { يا أيتها النفس المطمئنة . ارجعي إلى ربك راضية مرضية } على تأويل من تأول ذلك عند الاحتضار ، وكذلك قوله تعالى : { فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا : أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين * قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار } الآية ونظير هذه الآية قوله : { الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون } الآية .
389- ومما يستدل به أيضاً لذلك ما رواه مجالد عن الشعبي عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن خديجة قال : " أبصرتها على نهر من أنهار الجنة في بيت من قصب لا لغو فيه ولا نصب " خرجه البزار .
390- وخرج الطبراني بإسناد منقطع عن فاطمة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : أين أمنا خديجة ؟ قال : " في بيت من قصب بين مريم وآسية امرأة فرعون " قالت : ممن هذا القصب ؟ قال : " من القصب المنظوم بالدرر واللؤلؤ والياقوت " .
391- وخرج أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجم الأسلمي الذي اعترف عنده بالزنا قال : " والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها " .






فصل

وإنما تدخل أرواح المؤمنين والشهداء الجنة إذا لم يمنع من ذلك مانع من كبائر تستجوب العقوبة أو حقوق آدميين حتى يبرأ منها

392- ففي الصحيحين عن أبى هريرة أن مدعماً قتل يوم خيبر قال الناس : هنيئاً له الجنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " بلى والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا ً" .
393- وعن سمرة بن جندب قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" ها هنا أحد من بني فلان " ثلاثاً فلم يجبه أحد ثم أجابه رجل فقال : " إن فلاناً الذي توفي احتبس عن الجنة من أجل الدَّين الذي عليه فافتكوه أو فافدوه ، وإن شئتم فأسلموه إلى عذاب الله " خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي بألفاظ مختلفة . وخرج البزار من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
وفي حديثه قال : " إن صاحبكم محبوس على باب الجنة " أحسبه قال بدين .
394- وخرج الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه من حديث ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من فارق الروح و الجسد وهو بريء من ثلاث ، دخل الجنة من الكبر والغلول والدين " .
395- وخرج الطبراني من حديث أنس قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل يصلي عليه فقال : " على صاحبكم دين ؟ " فقالوا : نعم . قال : فما ينفعكم أن أصلي على رجل مرتهن في قبره لا تصعد روحه إلى السماء ، ولو ضمن رجل دينه قمت فصليت عليه فإن صلاتي تنفعه " وفي المعنى أحاديث متعددة .
396- وخرج ابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت من طريق سيار بن حسن قال خرج أبي وعبد الواحد بن زيد يريدان الغزو فهجموا على ركية عميقة واسعة فأدلوا حبالهم بقدر فإذا القدر قد وقعت في الركية قال : فقرنوا حبال الرفقة بعضها ببعض ، ثم دخل أحدهما إلى الركي فلما صار ببعضها إذا هو بهمهمة في الركي فرجع فصعد فقال : أتسمع ما أسمع ؟ قال : نعم , فناولني العمود فأخذ العمود فدخل في الركية فإذا هو برجل جالس على ألواح وتحته الماء . فقال : أجنيٌّ ؟ قال : بل إنسي . قال : ما أنت قال : أنا رجل من أهل أنطاكية وإني مت فحبسني ربي هنا بدين علي وإن ولدي بإنطاكية لا يذكروني ولا يقضون عني فخرج الذي كان في الركية فقال لصاحبه غزوة بعد غزوة فدع أصحابنا يذهبون فساروا إلى أنطاكية فسألوا عن الرجل وعن بنيه فقالوا : نعم إنه لأبونا وقد بعنا ضيعة لنا فامشوا معنا حتى نقضي عنه دينه . قال فذهبوا معهم حتى قضوا ذلك الدين ثم رجعوا من أنطاكية حتى أتوا موضع الركية ولا يشكون أنها ثم ، فلم يكن ركية ولا شيء فأمسوا فباتوا هناك فإذا الرجل قد أتاهم في منامهم وقال : جزاكم الله خيراً فإن الله حولني إلى مكان كذا وكذا من الجنة حيث قضي ديني ، وروى في كتاب المنامات حدثني زكريا بن الحارث النظري قال : رؤي محمد بن عباد في النوم فقيل : ما فعل الله بك ؟ فقال : لولا ديني دخلت الجنة . وقالت طائفة : الأرواح في الأرض ، ثم اختلفوا فقالت فرقه منهم : الأرواح تستقر على أفنية القبور وهذا القول هو الذي ذكره عبد الله بن الإمام أحمد في سؤاله المتقدم . وحكي ابن حزم عن عامة أصحاب الحديث . وقال ابن عبد البر : كان أبو وضاح يذهب إليه ويحتج بحديث النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى المقبرة فقال " السلام عليكم دار قوم مؤمنين " فهذا يدل على أن الأرواح بأفنية القبور . ورجح ابن عبد البر أن أرواح الشهداء في الجنة وأرواح غيرهم على أفنية القبور تسرح حيث شاءت .
397- وذكر عن مالك أنه قال : بلغني أن الأرواح مرسلة تذهب حيث شاءت .
398- وعن مجاهد قال : الأرواح على القبور سبعة أيام من يوم دفن الميت لا يفارقه ذلك .
399- واستدل هو وغيره بحديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم " إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده في الغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار يقال : هذا مقعدك إلى يوم القيامة " وهذا يدل على أن الأرواح ليست في الجنة وإنما تعرض عليها بكرة وعشياً .
وكذا ذكره ابن عطية وغيره ، ولا حجة لهم فيه لوجهين : أحدهما : أنه يحتمل أن يكون العرض بكرة وعشياً على الروح المتصل بالبدن والروح وحدها في الجنة وتكون البشارة والتخويف للجسد في هذين الوقتين باتصال الروح به . وأما الروح أبداً في تنعم أو عذاب . والثاني أن الذي يعرض بالغداة والعشي هو مسكن ابن آدم الذي يستقر فيه في الجنة أو النار وليست الأرواح مستقرة فيه مدة البرزخ وإن كانت في الجنة أو النار .
400- ولهذا جاء في حديث البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم " إن المؤمن إذا فتح له في قبره باب إلى الجنة وقيل له : هذا منزلك . قال : رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي " . وأما السلام على أهل القبور فلا يدل على استقرار أرواحهم على أفنية قبورهم فإنه يسلم على قبور الأنبياء والشهداء وأرواحهم في أعلى عليين ولكن مع ذلك لها اتصال سريع في الجسد ولا يعلم كنه ذلك وكيفيته على الحقيقة إلاالله عز وجل . ويشهد ذلك الأحاديث المرفوعة والموقوفة على أصحابه ، ومنهم عبد الله بن عمرو بن العاص في أن النائم يعرج بروحه إلى العرش مع تعلقها ببدنه وسرعة عودها إليه عند استيقاظه ، فأرواح الموتى المتجردة عن أبدانهم أولى بعروجها إلى السماء وعودها إلى القبر في مثل تلك السرعة والله أعلم .
401- وخرج ابن منده من طريق علي بن زيد عن سعيد بن المسيب ، أن سلمان قال لعبد الله بن سلام : إن أرواح المؤمنين في برزخ من الأرض تذهب حيث شاءت وإن أرواح الكفار في سجين وعلي بن زيد ليس بالحافظ خالفه يحيى بن سعيد الأنصاري مع عظمته وجلاله وحفظه .
402- فروى عن سعيد بن المسيب . قال فيه : إن أرواح المؤمنين تذهب في الجنة حيث شاءت كما سبق ذكره . وقد تقدم عن مالك أن الأرواح مرسلة تذهب حيث شاءت ن وخرجه ابن أبي الدنيا عن خالد بن خراش قال : سمعت مالكاً يقول ذلك .
403- وخرج أيضاً عن حسين بن علي العجلي حدثنا أبو نعيم حدثنا شريك عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن عبد الله بن عمرو وقال مثل المؤمن حين تخرج نفسه أو قال روحه مثل رجل كان في سجن فأخرج منه فهو ينفسخ في الأرض ويتقلب فيها .
404- ومما استدل به على أن الأرواح في الأرض حديث البراء بن عازب الذي تقدم سياق بعضه وفيه صفة قبض روح المؤمن " فإذا انتهى إلى العرش كتب كتابه في عليين ويقول الرب سبحانه وتعالى : ردوا عبدي إلى مضجعه فإني وعدتهم أني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى فترد إلى القبر " وذكر الحديث ، وقال في روح الكافر " فيصعد بها إلى السماء فتغلق دونه فيقول الرب سبحانه وتعالى : ردوا عبدي إلى مضجعه فإني وعدتهم أني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى " وفي رواية " ويقول الله : ردوا عبدي إلى الأرض فإني وعدتهم أني أردهم فيها ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : { منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى } وهذا يدل على أن أرواح المؤمنين تستقر في الأرض ولا تعود إلى السماء بعد عرضها ونزولها إلى الأرض في الجنة لا سيما الشهداء .
405- وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة في صفة قبض روح المؤمن قال : " ثم يصعد به إلى ربه عز وجل فيقول ردوه إلى آخر الأجلين " وقال مثله في الكافر وقال فيه رد النبي صلى الله عليه وسلم ربطة على أنفه يعني لما ذكر نتن ريحه . وهذا يشهد برفع الحديث كله .
406- وخرج ابن أبي الدنيا من حديث قسامة بن زهير عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم " إن المؤمن إذا احتضر أتته الملائكة بحريرة فيها مسك وضبائر االريحان فتسل روحه كما تسل الشعرة من العجين وتقول : أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية مرضياً عنك إلى رضوان الله وكرامته ، فإذا خرجت روحه وضعت على ذلك المسك ، وطويت عليها الحريرة ، وبعث بها إلى عليين ، وإن الكافر إذا احتضر أتته الملائكة بمسح فيه جمرة فتنزع روحه انتزاعاً شديداً ويقال : أيتها النفس الخبيثة اخرجي ساخطة ومسخوطاً عليك إلى هوان الله وعذابه ، فإذا أخرجت روحه وضعت على تلك الجمرة فإن لها نشيشاً ويوى عليها المسح ويذهب بها على سجين " وخرجه النسائي وغيره من حديث قتادة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه مخالف لما قله ، وذكر في روح المؤمن حين ينتهون بها إلى السماء العليا ، وقال في روح الكافر حين ينتهون بها إلى الأرض السفلى .
وقد ذكرنا فيما تقدم عن ابن مسعود أن الروح بعد االسؤال في القبر ترفع إلى عليين وتلا قوله تعالى : { كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين } .
407- وقالت فرقة : تجتمع في موضع من الأرض كما روى همام بن يحيى السعودي عن قتادة قال : حدثني رجل عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمرو قال إن أرواح المؤمنين تجتمع بالجابية ، وأما أرواح االكفار فتجتمع بسبخة بحضر موت يقال له برهوت خرجه ابن منده ، ورواه هشام الدستوائي عن قتادة عن سعيد بن المسيب من قوله لم يذكر عبد الله بن عمرو ، خرجه من طريق ابن أبي الدنيا وقد تبين أن قتادة لم يسمعه من سعيد إنما بلغه ولم يدر عمن أخذه .
408- وخرج ابن منده من طريق فرات الفزاري عن أبي الطفيل عن علي قال : شر واد بئر في الأحقاف برهوت بحضر موت ترده أرواح الكفار .
409- قال : رواه حماد بن سلمة عن علي بن يزيد عن يوسف عن ابن مهران عن ابن عباس عن علي قال : أبغض بقعة في الأرض واد بحضرموت يقال له : برهوت فيه أرواح الكفار وفيه بئر ماءه في النار أسود كأنه قيح تأوي إليه الهوام . وروى بإسناده عن شهر بن حوشب إن كعباً رأى عبد الله بن عمرو وقد تكالب الناس عليه يسألونه فقال رجل لرجل : سله أين أرواح المؤمنين بالجابية وأرواح الكفار ببرهوت وبإسناده عن سفيان عن أبان بن تغلب قال : قال رجل : بت فيه يعني وادي برهوت كأنما حشدت فيه أرواح الكفار وهم يقولون يا دومه فحدثنا رجل من أهل الكتاب هو الملك الذي على أرواح الكفار . قال سفيان : وسألنا الحضرميين فقالوا : لا يستطيع أن يبيت فيه أحد بالليل . وقال ابن قتيبية في كتابه غريب الحديث ذكر الأصمعي عن رجل من أهل برهوت يعني البلد الذي فيه هذا البئر قال تجد الرائحة المنتنة الفظيعة جداً ثم تمكث فيأتينا الخبر بأن عظيماً من عظماء الكفار قد مات فنرى أن تلك الرائحة منه . قال وقال ابن عيينة : أخبرني رجل أنه أمسى ببرهوت فكأن فيه أصوات الحاج . قال : وسألت أهل حضرموت فقال : لا يستطيع أحدنا أن يمسي فيه .
411- وقال ابن أبي الدنيا حدثنا الحسن بن عبد العزيز حدثنا عمرو بن أبي سلمة عن عمر بن سليمان قال مات رجل من اليهود وعنده وديعة لمسلم ، وكان لليهودي ابن مسلم فلم يعرف موضع الوديعة فأخبر شعيباً الجبائي فقال أئت برهوت فإن دونه عين بتسقيب فإذا جئت في يوم السبت فامش عليها حتى تأتيعيناً هناك فادع أباك فإنه يجيبك فاسأله عما تريد ففعل ذلك الرجل ومضى حتى أتى العين فدعا أباه مرتين أو ثلاثاً فأجابه . فقال أين وديعة فلان ؟ فقال تحت إسكفة الباب فادفعها إليه .
412- وفي كتاب الحكايات لأبي عمرو أحمد بن محمد النيسابوري حدثنا بكر بن محمد بن عيسى الطرطوسي حدثنا حامد بن يحيى بن سليم قال كان عندنا رجل بمكة من أهل خرسان يودع الودائع فيؤدبها فأودعه رجل عشرة ألاف دينار وغاب وحضر الخرساني الوفاة فما ائتمن أحداً من أولاده فدفنها في بعض بيوته ومات فقدم الرجل وسأل بنيه ، فقالوا ما لنا بها علم فاسأل العلماء الذين بمكة وهم يومئذ متوافرون فقالوا ما نراه إلا من اهل الجنة وقد بلغنا أن أرواح اهل الجنة في زمزم فإذا مضى من الليل ثلثه أو نصفه فائت زمزم فقف على شفيرها ثم ناده فإنا نرجوا أن يجيبك فإن أجابك فاسأله عن مالك فذهب كما قالوا فنادى أول ليلة وثانية وثالثة فلم يجب فرجع إليهم فقال : ناديت ثلاثاً فلم أجب فقالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ، ما نرى من صاحبك إلا من أهل النار فاخرج إلى اليمن فإن بها وادياً يقال له بلهوت ، فيه أرواح أهل النار ، فقف على شفيرها فناده في الوقت الذي ناديت في زمزم ، فذهب كما قيل له في الليل فنادى يا فلانا بن فلان فأجابه من أول صوت فقال له ويحك ما انزلك هاهنا وقد كنت صاحب خير قال كان لي أهل بخرسان فقطعتهم حتى مت فأخذني الله فأنزلني هذا المنزل وأما مالك فإني لم آمن عليه ولدي وقد دفنته في موضع كذا فرجع صاحب المال إلى مكة فوجد المال في المكان الذي أخبره .
ورجحت طائفة من العلماء أن أرواح الكفار في بئر برهوت منهم القاضي أبو يعلى من أصحابنا في كتابه المعتمد وهو مخالف لنص أحمد أن أرواح الكفار في النار ولعل لبئر برهوت اتصالاً في جهنم في قعرها كما روي في البحر أن تحته جهنم والله أعلم . ويشهد لذلك ما سبق من قول أبي موسى الأشعري : روح الكافر بوادي حضرموت في أسفل الثرى من سبع أرضين . وقال صفوان بن عمرو : سألت عامر بن عبد الله اليماني هل لأنفس المؤمنين مجمع ؟ فقال : يقال : إن الأرض التي يقول الله : { إن الأرض يرثها عبادي الصالحون } قال : هي الأرض التي تجتمع أرواح المؤمنين فيها . حتى يكون البعث خرجه ابن منده ، وهذا غريب جداً وتفسير الآية بذلك ضعيف .
413- وخرج ابن أبي الدنيا في كتاب " من عاش بعد الموت " من طريق عبد الملك بن قدامة عن عبد الله بن دينار عن أبي أيوب اليماني عن رجل من قومه يقال له عبد الله إنه ونفراًمن قومه ركبوا البحر وإن البحر أظلم عليهم أياماً ثم انجلت عنهم الظلمة وهم قرب قرية قال عبد الله : فخرجت ألتمس الماء فإذا أبواب المدينة مغلقة تجأجأ فيها الريح فهتفت بها فلم يجبني أحد فبينا أنا كذلك إذ طلع علي فارسان تحت كل واحد منهما قطيفة بيضاء فسألاني عن أمري فأخبرتهما بالذي أصابنا في البحر وإني خرجت أطلب الماء فقالا لي : يا عبد الله اسلك في هذه السكة فإنك ستنتهي إلى بركة فيها ماء فاسق منها فلا يهولنك ما ترى فيها قال : فسألتهما عن تلك البيوت المغلقة التي تجأجأ فيها الريح فقالا : هذه بيوت فيها أرواح الموتى قال فخرجت حتى انتهيت إلى البركة فإذا فيه رجل معلق مصلوب على رأسه يريد أن يتناول الماء بيده وهو لا يناله ، فلما رآني هتف بي وقال : يا عبد الله اسقني قال : فغرفت بالقدح لأناوله فقبض بيدي فقال : بلَّّ العمامة ثم ارم بها إليَّّّّّ فبللت العمامة لأرمي بها إليه فقبض بيدي ، فقلت : يا عبد الله غرفت بالقدح لأناولك فقبضت يدي ثم بللت العمامة لأرمي بها إليك فقبضت يدي ، فأخبرني من أنت ؟ فقال : أنا ابن آدم أنا أول من سفك دماً في الأرض .
414- وروى أبو نعيم بإسناده عن ابن وهب حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال : بينما رجل في مركب في البحر إذا انكسر بهم مركبهم فتعلق بخشبة فطرحته في جزيرة فخرج يمشي فإذا هو بماء فتبعه فدخل في شعب فإذا برجل في رجليه سلسلة منوط فيها بينه وبين الماء شبر فقال : اسقني رحمك الله قال : فأخذت ملء كفي ماء فرفع بالسلسلة فذهب بالماء فلما ذهب الماء حط الرجل قال : ففعلت ذلك ثلاث مرات أو أربعاً . قال : فلما رأيت ذلك منه قلت له : مالك ويحك ؟ قال : هو ابن آدم الذي قتل أخاه ، والله ما قتلت نفس ظلماً منذ قتلت أخي إلا يعذبني الله بها لأني أول من سن القتل .
415- وروى عاصم بن محمد الرازي في كتاب " الرهبان " . حدثنا عصمة العباداني قال : كنت أجول في بعض الفلوات إذ نظرت ديراً وفيه صومعة وفيها راهب فناديته فأشرف علي . فقلت له : من أين تأتيك الميرة ؟ قال : من ميسرة شهر قلت : حدثني بأعجب ما رأيت في هذه المواضع . قال : بينا أنا ذات يوم أدير بصري في هذه البرية القفر و أتفكر في عظمة الله وقدرته إذ رأيت طائراً أبيض مثل النعامة كبيراً قد وقع على تلك الصخرة وأومى بيده إلى صخرة بيضاء فتقيأ رأساً ثم رجلاً ثم ساقاً وإذا هو كلما تقيأ عضواً التمت بعضها إلى بعض أسرع من البرق فإذا هم بالنهوض نقره الطائر فقطع أعضاءه ثم يرجع فيبتلعه فلم يزل على ذلك أياماً فكثر تعجبي منه وازددت يقيناً بعظمة الله وعلمت أن لهذه الأجساد حياتاً بعد الموت ، وذكر أنه سأل عن ذلك الرجل يوماً عن أمره فقال : أنا عبد الله بن ملجم قاتل علي بن أبي طالب أمر الله هذا الملك أن يعذبني إلى يوم القيامة . قال : قال لي الملك : قد أتاني النبي صلى الله عليه وسلم فأمرني أن أخرج بهذا الجسد إلى جزيرة من البحر الأسود التي تخرج منها هوام أهل النار فأعذبه إلى يوم القيامة .
وقد رويت هذه الحكاية من وجه آخر خرجها ابن النجاري في تاريخه من طريق السلفي بإسناد له إلى الحسن بن محمد بن عبيد اليشكري حدثنا إسماعيل بن أحمد بن علي بن أحمد بن يحيى بن النجم سنة عشر وثلاثمئة أنه حضر مع يوسف بن أبي التياح ببلاد سنباط حين فتحها وأن سنباط حضر مجلسه . وحدثنا عن راهب سماه فأحضر يوسف الراهب فحدثه الراهب بعد الامتناع أن ملكاً نفاه إلى جزيرة على البحر منفردة قال : فرأيت يوماً طائراً . فذكر شبيهاً بالحكاية .
416- ورويت من وجه آخر من طريق أبي عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي صاحب السداميات المشهورة عن علي بن هارون عن محمود الوراق حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر البزار سمعت أبا بكر محمد بن أحمد بن أبي الأصبغ قال : قدم علينا شيخ غريب فذكر أنه كان نصرانياً سنين وأنه تعبد في صومعة قال : فبينا هو ذات يوم جالساً إذ جاءه طائر كالنسر أو كالكركي . فذكر شبيهاً بالحكاية مختصراً . وكل ما ورد من هذه الآثار فإنه محمول على أن الأرواح تنتقل من مكان إلى مكان ، ولا يدل على أنها تستقر في موضع من الأرض والله أعلم .
417- ويشهد لهذا ما روي عن شهر بن حوشب قال : كتب عبد الله بن عمرو إلى أبي بن كعب يسأله أين تلتقي أرواح أهل الجنة وأهل النار : فقال : أما أرواح أهل الجنة فبالبادية ، وأما أرواح الكفارفبحضرموت . ذكره ابن منده تعليقاً .
وقالت طائفة من الصحابة : الأرواح عند الله عز وجل . وقد صح ذلك عن عمرو وقد سبق قوله وكذلك .
418- روي عن حذيفة خرجه ابن منده من طريق داود عن الأودي عن الشعبي عن حذيفة قال : إن الأرواح موقوفة عند الرحمن عز وجل تنتظر موعدها حتى ينفخ فيها . وهذا إسناد ضعيف . وهذا لا ينافي ما وردت به الأخبار من محل الأرواح على ما سبق .
419- وقالت طائفة : أرواح بني آدم عند أبيهم آدم عن يمينه وشماله وهذا يستدل له بما في الصحيحين عن أنس عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " فرج سقف بيتي وأنا بمكة " فذكر الحديث وفيه " فلما فتح علونا السماء الدنيا فإذا رجل قاعد عن يمينه أسودة وعلى يساره أسودة فإذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى فقال : مرحباً بالنبي الصالح [ والابن الصالح ] . قلت لجبريل : من هذا ؟ قال : هذا آدم ، وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه فأهل اليمين منهم أهل الجنة . والأسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر عن شماله بكى ...." وذكر بقية الحديث . وظاهر هذا اللفظ يقتضي أن أرواح الكفار في السماء وهذا مخالف لقوله تعالى { إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء } وكذلك حديث البراء وأبي هريرة وغيرهما أن السماء لا تفتح لروح الكافر ، وأنها تطرح طرحاً ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ : { ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق } .
وكذا حمله بعضهم على أن هذه الأرواح التي عن يمين آدم وشماله هي أرواح بنيه التي لم تخلق أجسادهم بعد ، وهذا في غاية البعد مع منازعة بعضهم في خلق الأرواح قبل أجسادها .
420- وقد ورد من حديث أبى هريرة ما يزيل هذا الأشكال كله من رواية أبي جعفر الرازي عن الربيع عن أنس عن أبي العالية وغيره عن أبي هريرة فذكر حديث الإسراء بطوله إلى أن قال : " ثم صعد به على السماء الدنيا فاستفتح فقيل من هذا ؟ قال جبريل ، قيل ومن معك ؟ قال : محمد قالوا : وقد أرسل إليه ؟ قال: نعم . قال : حياه الله من أخ ومن خليفة . فنعم الاخ ، ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء قال : فدخل فإذا هو برجل تام الخلقة لم ينقص من خلقه شيء كما ينقص من الناس عن يمينه باب يخرج منه ريح طيبة وعن شماله باب يخرج منه ريح خبيثة إذا نظر عن يمينه ضحك واستبشر وذا نظر عن شماله بكى وحزن والباب الذي عن يمينه باب الجنة فإذا نظر من يدخل من ذريته الجنة ضحك واستبشر والباب الذي عن شماله جهنم فإذا نظر من يدخل من ذريته جهنم بكى وحزن " وذكر الحديث ، وقد خرجه بتمامه البزار في مسنده وأبو بكر الخلال وغير واحد وفيه التصريح بان أرواح ذريته في الجنة والنار وإنه ينظر إلى أهل الجنة من باب عن يمينه وإلى أهل النار من باب عن شماله وهذا لا يقتضي أن تكون الجنة والنار في السماء الدنيا وإنما معناه أن آدم في السماء الدنيا يفتح له بابان في الجنة والنار ينظر منهما إلى أرواح ولده فيهما . وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم الجنة والنار في صلاة الكسرف وهو في الأرض وليست الجنة في الأرض ، وروى أنه رآهما ليلة الإسراء في السماء وليست النار في السماء .
421- ويشهد لذلك أيضاً ما في حديث أبي هارون العبدي مع ضعفه عن أبى سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء الطويل إلى أن ذكر السماء الدنيا " وإذا أنا برجل كهيئته يوم خلقه الله عز وجل لم يتغير منه شيء وإذا تعرض عليه أرواح ذريته فإذا كان روح مؤمن قال روح طيبة وريح طيبة اجعلوا كتابه في سجين ، قلت : يا جبريل من هذا ؟ قال أبوك آدم " وذكر الحديث ففي هذا أنه تعرض عليه أرواح ذريته في السماء الدنيا وأنه يأمر بجعل الأرواح في مستقرها من عليين وسجين فدل على أن الأرواح ليس محل مستقرها في السماء الدنيا . وزعم ابن حزم أن الله خلق الأرواح جملة قبل الأجساد وأنه جعلها في برزخ وذلك البرزخ عند منقطع العناصر يعني حيث لا ماء ولا هواء ولا نار وأنه إذا خلق الأجساد أدخل فيها تلك الأرواح ثم يعيدها عند قبضها إلى ذلك البرزخ وهو الذي رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة أسري به عند سماء الدنيا أرواح أهل السعادة عن يمين آدم وأهل الشقاوة عن يساره وذلك عند منقطع العناصر وتجعل أرواح الأنبياء والشهداء في الجنة ، قال : وذكر محمد بن نصر المروزي عن إسحاق بن راهويه أنه ذكر هذا الذي قلناه بعينه قال : وعلى هذا أجمع أهل العلم . قال ابن حزم : وهو قول جميع أهل الإسلام غيره . فكيف يكون قول جميع أهل الإسلام وكلامه يقتضي أن الأرواح رآها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء تحت السماء الدنيا ، والحديث يدل على أنه إنما رآها فوق السماء الدنيا . وما حكاه عن محمد بن نصر عن إسحاق بن راهويه فلا يدل على ما قاله بوجه ، فإن محمد ابن نصر حكى عن إسحاق بن راهويه إجماع أهل العلم أن الله استخرج ذرية آدم من صلبه قبل خلق أجسادهم فاستنطقهم واستشهدهم على أنفسهم { ألست بربكم قالوا بلى شهدنا } ، ولم يذكر أكثر من هذا ، وهذا لا يدل شيء مما قاله ابن حزم في مستقر الأرواح ألبتة . بل ولا على أن الأرواح بقيت على حالها ، بل في بعض الأحاديث أنه ردها إلى صلب آدم ولم يقل إسحاق ولا غيره من المسلمين أن مستقر الأرواح حيث منقطع العناصر بل وليس هذا من جنس كلام المسلمين بل من جنس كلام المتفلسفة .
422- وقد خرج ابن جرير الطبري في كتاب " الأدب " له من طريق أبي معشر عن محمد بن كعب عن المغيرة بن عبد الرحمن قال : قال سلمان لعبد الله بن سلام : إن مت قبلي فأخبرني عمن تلقى ، وإن مت قبلك أخبرتك بما ألقى فقال له الناس : يا عبد الله كيف تخبرنا وقد مت ؟ قال : ما من روح تقبض من جسد إلا كان بين السماء والأرض حتى يرده في جسده الذي أخذ منه . هذا لا يثبت وهو منقطع وأبو معشر ضعيف وقد سبق رواية سعيد بن المسيب لهذه القصة بغير هذا اللفظ وهو الصحيح . وقد تقدم في سؤال عبد الله بن الإمام أحمد لأبيه عن الأرواح هل تموت بموت الأجساد ؟ وهذا يدل على إن هذا قد قيل أيضاً وهو كذلك . وقد حكي عن طائفة من المتكلمين وذهب إليه جماعة من فقهاء الأندلس قديماًمنهم عبد الأعلى بن وهب بن محمد بن عمر بن لبابة ومن متأخيرهم كالسهيلي وأبي بكر بن العربي وغيرهما قال أبو الوليد بن الفرضي في " تاريخ الأندلس " : أخبرني سليمان بن أيوب قال : سألت محمد بن عبد الملك بن أيمن عن الأرواح ؟ فقال لي : كان محمد بن عمر بن لبابة يذهب إلى أنها تموت وسألته عن ذلك . فقال: كذا يذهب عبد الأعلى بن وهب فيما قال ابن أيمن فقلت له : إن عبد الأعلى كان قد طالع كتب المعتزلة ، ونظر في كلام المتكلمين فقال : إنما قلدت عبد الأعلى ليس من هذا شىء انتهى . وقد استدل أرباب هذا القول بقوله تعالى { كل نفس ذائقة الموت } ، وهذا حق كما أخبر الله به لا مرية فيه لكن الشأن في فهم معناه فإن النفس يراد بها مجموع الروح والبدن كما في قوله تعالى: { ونفس وما سواها . فألهمها فجورها وتقواها } وقوله سبحانه وتعالى { فلا تزكوا أنفسكم } وقوله تعالى { ولاتقتلوا أنفسكم } وقوله تعالى { كل نفس بما كسبت رهينة } وقوله تعالى {يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها }.
423- وقول النبي صلى الله عليه وسلم0" ما من نفس منفوسة إلا الله خالقها " .
424- وقوله عليه السلام " 0مامن نفس منفوسة اليوم يأتي عليها مائة سنة وهي حية يومئذ " .
425- وفي رواية " لا يأتي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم " والمراد موت الأحياء الموجودين في يومه ذلك ، ومفارقة أرواحهم لأبدانهم قبل المائة سنة ليس المراد عدم أرواحهم واضمحلالها فكذلك قوله سبحانه وتعالى { كل نفس ذائقة الموت } إنما المراد كل مخلوق فيه حياة فإنه يذوق الموت وتفارق روحه بدنه ، فإن أراد أنها تعدم وتتلاشى فليس بحق وقد اشتد نكير العلماء لهذه المقالة حتى قال سحنون بن سعيد وغيره : هذا قول أهل البدع ، والنصوص الكثيرة الدالة على بقاء الأرواح بعد مفارقتها الأبدان ترد ذلك وتبطله ، ولكن تخيل بعض المتأخرين موت الأرواح عند النفخة الأولى مستدلاً بقوله تعالى { ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله } ورد عليه آخرون وقالوا : إنما المراد به يموت من لم يكن مات قبل ذلك ، ولكن ورد عن طائفة من السلف في قوله { إلا من شاء الله } أن المستثنى هم الشهداء . روي ذلك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الصور الطويل ، ومن وجه آخر بإسناد أجود من إسناد حديث الصور ، وهذا يدل على أن للشهداء حياة يشاركون فيها الأحياء ، وقد قيل في الأنبياء مثل ذلك أيضاً .
426- وعلى هذا حمل طائفة من العلماء منهم البهيقي وأبو العباس القرطبي قول النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى { ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى } فأكون أنا أول من يبعث فإذا موسى آخذ بالعرش فلا أدري أجوزي بصعقة الصور أم بعث قبلي وفي رواية " أو كان ممن استثنى الله " ولأن حياة الأنبياء أكمل من حياة الشهداء بلا ريب فشملهم حكم الأحياء أيضاً ويصعقون مع الأحياء حينئذ لكن صعقة غشي لا صعقة موت إلا موسى تردد فيه أصعق أم كان ممن استثنى الله فلم يصعق مجازاة له بصعقة الطور لكن على هذا التقدير فموسى مبعوث قبل محمد صلى الله عليه وسلم لا محالة ، فكيف يتردد النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك كله .
والفرق بين حياة الشهداء وغيرهم من المؤمنين الذين أرواحهم في الجنة من وجهين : أحدهما أن أرواح الشهداء يخلق لها أجساد أو هي الطير التي تكون في حواصلها ليكمل بذلك نعيمها ويكون أكمل من نعيم الأرواح المجردة عن الأجساد ، فإن الشهداء بذلوا أجسادهم للقتل في سبيل الله فعوضوا عنها بهذه الأجساد في البرزخ ، والثاني أنهم يرزقون من الجنة وغيرهم لم يثبت له في حقه مثل ذلك ، فإنه جاء أنهم يعلقون في شجر الجنة ، وروي يعلقون بفتح اللام وضمها فقيل : إنهما بمعنى وأن المراد الأكل من الشجر . قال ابن عبد البر . وقيل : رواية الضم معناها الأكل ، ورواية الفتح معناها التعلق . ذكره ابن الجوزي ، وبكل حال فلا يلزم مساواتهم للشهداء في كمال تنعمهم في الأكل والله أعلم .
وقد ذهب طائفة من المتكلمين إلى أن الروح عرض لا تبقى بعد الموت وحملوا ما ورد من عذاب الأرواح ونعيمها بعد الموت على أحد أمرين : إما أن العرض الذي هو الحياة يعاد إلى جزء من البدن أو على أن يخلق في بدن آخر وهذا الثاني باطل قطعاً ، لأنه يلزم منه أن يعذب بدن غير بدن الميت مع روح غير روحه ، فلا يعذب حينئذ بدن الميت ولا روحه ولا ينعمان أيضاً وهذا باطل قطعاً والأول باطل أيضاً بالنصوص الدالة على بقاء الروح منفردة عن البدن بعد مفارقتها له وهي كثيرة جداً ، وقد سبق ذكر بعضها .
427- وقد احتج بعضهم على فناء الأرواح وموتها بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخل المقابر قال " السلام عليكم أيتها الأرواح الفانية والأبدان البالية والعظام النخرة , التي خرجت من الدنيا وهي بالله مؤمنة ، اللهم ادخل عليهم روحاًً منك وسلاماً منا " وهذا حديث خرجه ابن السني من حديث عبد الوهاب بن جابر التيمي حدثنا حبان بن علي عن الاعمش عن أبى عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا لا يثبت رفعه وعبد الوهاب لا يعرف وحبان ضعيف , لوصح حمل على أنه أراد بفناء الأرواح ذهابها من الأجساد المشاهدة كما في قوله تعالى { كل من عليها فان } وبعض الأبدان باقية كأجساد الأنبياء وغيرهم وإنما تفارق أرواحها أجسادها ، وذكر عن ابن عباس أنه سئل أين تكون الأرواح إذا فارقت الأجساد ؟ فقال : أين يكون السراج إذا طفي والبصر إذا عمي ولحم المريض إذا مرض ؟ فقالوا : إلى أين ؟ قال : فكذا الأرواح . وهذا لا يصح عن ابن عباس والله أعلم .





















البابُ العاشر

في ذكر ضيق القبور وظلمتها على أهلها وتنورها عليهم بدعاء الأحياء وما ورد من حاجة الموتى إلى دعاء الأحياء وانتظارهم لذلك

وقد تقدم في الباب الثاني أن القبر يقول : أنا بيت الظلمة وبيت الضيق إلا ما وسع الله .
429- قال ابن المبارك وحدثنا صفوان بن عمرو حدثني سليم بن عامر قال : خرجنا في جنازة على باب دمشق ومعنا أبو أمامة الباهلي فلما صلى على الجنازة وأخذوا في دفنها قال أبو أمامة : إنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تغنمون فيه الحسنات والسيئات توشكون أن تظعنوا منه إلى منزل آخر وهو هذا - يشير إلى القبر - بيت الوحشة وبيت الظلمة وبيت الضيق إلا ما وسع الله ثم تنتقلون منه ِإلى يوم القيامة .
430- وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن سلمة بن سعيد قال : كان هشام الدستوائي إذا ذكر الموت يقول : القبر ، وظلمة القبر ، ووحشة القبر ، فلما مر بعض إخوانه إلى جنبات قبره قال : يا أبا بكر والله صرت إلى المحذور . وروى بإسناده عن امرأة هشام الدستوائي قالت : كان هشام إذ طفىء المصباح غشيه من ذلك أمر عظيم فقلت له : إنه يغشاك أمر عظيم عدن المصباح إذا طفىء قال : إني أذكر ظلمة القبر ، ثم قال : لو كان سبقتني إلى هذا أحد من السلف لأوصيت إذا مت أن أجعل في ناحية من داري قال : فما مكثنا إلا يسيراً حتى مات قال : فمر بعض إخوانه به في قبره فقال : يا أبا بكر صرت إلى المحذور .
431- وقال الحسن بن البراء حدثني عبد الوهاب بن غياث حدثتني جمعة جارة لهشام الفردوسي قالت : كان هشام إذا رجع من جنازة لم يتعش تلك الليلة وكان لا ينام إلا في بيت سراج قال : فطفىء سراجه ذات ليلة فخرج هارباً فقيل له : ما شأنك قال : ذكرت ظلمة القبر .
432- وروينا حديث خالد بن خداش قال : كنت أقعد إلى أشيم البلخي عم قتيبة وكان أعمى وكان يحدث ويقول : أواه القبر وظلمته ، واللحد وضيقه ، وكيف أصنع ؟ ثم يخشى عليه ، ثم يعود فيحدث فيصنع مثل ذلك مرات حتى يقوم .
433- وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن وهيب بن الورد قال نظر ابن مطيع يوماً إلى داره فأعجبه حسنها فبكى ثم قال : والله لولا الموت لكنت بك مسروراً ولولا ما نصير ] إليه ] من ضيق القبور لقرت بالدنيا أعيننا ثم بكى بكاء شديداً حتى ارتفع صوته .
434- وبإسناده عن الفيض بن إسحاق قال : قال لي الفضيل بن عياض : أرأيت لو كانت لك الدنيا فقيل لك : تدعها ويوسع لك في قبرك ما كنت تفعل ؟ قال فقال : فضيل أليس تموت وتخرج من أهلك ومالك وتصير إلى القبر وضيقه وحدك ثم قال : { فما له من قوة ولا ناصر } ثم قال : إن كنت لا تعقل هذا فما في الأرض دابة أحمق منك . قال :
435- وأخبرنا محمد بن الحسين حدثني محمد بن حرب المكي قال : قدم علينا أبو عبد الرحمن العمري العابد فاجتمعنا إليه وأتاه وجوه أهل مكة قال : فرفع رأسه فنظر إلى القصور المحدقة بالكعبة فنادى بأعلى صوته : يا أصحاب القصور المشيدة اذكروا ظلمة القبر يا أهل النعيم والتلذذ اذكروا الدود والصديد وبلى الأجساد في التراب قال : ثم غلبته عيناه فنام .
436- وقال : في كتاب " العزلة " : حدثنا حسن بن عبد الرحمن عن رجل قال : دخلت على رجل بالمصيصة في بيته فيه فرشه وقماشة ، فقلت : أما يضيق صدرك من هذا فبكى وقال : إذا ذكرت القبر وظلمته اتسع هذا عندي ولهيت عن غيره .
437- وذكر بإسناد له أن سعيد بن عبد العزيز دخل على سليمان الخواص فقال : مالي أراك في الظلمة ؟ قال : ظلمة القبر أشد .
438- قال أبو الحسن بن البراء : حدثنا أبو حمزة الأنصاري حدثني أبو المضرجي قال : خرجت غازياً فمررت ببعض حصون الشام ليلاً فوجدت باب الحصن مغلقاً ومقبرة على الباب ، فبت بجنب المقبرة بالقرب من قبر محفور فلما نمت إذا بهاتف من القبر وهو يقول شعراً :
أنعم الله بالخيـالين عينا وبمسراك يا أميم إلينا
عجباً ما عجبت من ثقل التر ب ومن ظلمة القبور علينـا
قال : فانتبهت فإذا بالباب قد فتح وإذا بجنازة يقدمها شيخ فقلت له : ما هذه الجنازة ؟ قال : جنازة ابنتي قلت : ما اسمها ؟ قال أميمة . قلت : القبر محفور لمن ؟ قال قبر ابن أخي وكان زوجها فتوفي ، فدفنته ثم توفيت ابنتي فجئت أدفنها ، فأخبرته بما سمعت من الهاتف في القبر .
439- وخرج ابن أبى الدنيا من طريق مجالد عن الشعبي قال كان صفوان بن أمية في بعض المقابر فإذا شعل نيران قد أقبلت ومعها جنازة فلما دنوا من القبر قال : انظروا قبر كذا وكذا قال : وسمع رجل صوتاً من القبر حزيناً موجعاً يقول شعراً :
أنعم الله بالظعينة عينا وبمسراك يا منين إلينا
جزعاً ما جزعت من ظلمة القب ر ومن مسك التراب منينا
فأخبر القوم بما سمع فبكوا حتى خضبوا لحاهم ثم قالوا : هل تدري من منينة ؟ قال : لا . قالوا : صاحبة هذا السرير . وهذه أختها ماتت قبل عام أول .
440- وخرج ابن المنذر الهروي المعروف بيشكر في كتاب " العجائب " له من طريق أبي حمزة اليماني قال : جاء رجل إلى طلحة بن عبد الله بن عثمان بن معمر في الجاهلية فقال : إني رأيت عجباً مررت بقبور فنمت فسمعت قائلاً من القبر يقول شعراً :
أنعم الله بالظعينة عينا وبمسراك يا منين إلينا
نفساً ما نفست من ظلمة القب ر ومن مسك التراب منينا
فانتبهت فإذا أنا بأهل جنازة فقمت إليهم فأخبرتهم فقالوا : هذه منين وهذه أختها فدللتهم على القبر فدفنوها إلى جانبها ، وبإسناده عن إسماعيل بن راشد قال : حجت امرأة ، فماتت في بعض المنازل ، فلما كان من العام القابل حجت أخت لها فماتت في ذلك المكان فجهزوها وأخرجوها ليدفنوها فبينما هم يطلبون قبر أختها ورجل قد سرى ليله فأتى القبور فرمى بنفسه فنام فيها فاستيقظ فقال : ما تطلبون قالوا : قبراً قال : هو تحتي . قالوا : وما علمك ؟ قال سمعت قائلاً يقول :
يا منينا يا منينتي يا منينا أنعم الله بالظعينة عينا
نفسا مانفست من نفس القبـ ـر ومن مسك التراب منينا
لم نجد بعدكم منين رجاء أقبل الدهر بالغناء علينا
قال : فدفنت إلى جانبها .
441- وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن أمينة بنت عمران بن يزيد قالت : رأيت أبي في منامي فقلت : يا أبت لا عهد لي بك منذ فارقتنا . قال : يا بنية وكيف تعهدين من فارق الحياة إلى ضيق القبور وظلمتها ؟ قالت : فقلت : كيف حالك منذ فارقتنا قال : خير حال يا بنية بوّئنا المنازل ، ومهدت لنا المضاجع ، ونحن هنا يغدا علينا ويراح برزقنا من الجنة . قلت : فما الذي بلغكم هذا قال : الصبر الصالح وكثرة التلاوة لكتاب الله عز وجل . وخرج أبو نعيم بإسناد له عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يقول في موعظة له طويلة يذكر فيها أهل القبور : أليسوا في مدلهمة ظلماء أليس الليل والنهار سواء ؟
442- قال أبو الحسن بن البراء أنشدنا إسماعيل بن إدريس السمار لأبي العتاهية يبكي على نفسه في مرثية .
لأبكينَّ على نفسي وحق ليه يا عين لا تبخلي عني بعبرتيه
لأبكين لفقدان الشباب فقد جد الرحيل عن الدنيا برحلتيه
يا نأي منتجعي يا هول مطلعي يا ضيق مضطجعي يا بعد شقنيه
المال ما كان قدامي لآخرتي مالاً أقدم من مالي فليس ليه



فصل

443- وقد روى ابن أبي الدنيا من طريق أبي غطفان المري قال : قال عمر : يا رسول الله لو فزعتنا أحياناً لفزعنا فكيف بظلمة القبر وضيقه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنما يبعث العبد على ما قبض عليه " وهذا مرسل .
444- وبإسناده عن وهب بن منبه . قال : كان عيسى عليه السلام واقفاً على قبر ومعه الحواريون وصاحبه يدلى فيه فذكروا القبر ووحشته وضيقه وظلمته قال عيسى عليه السلام : قد كنتم في أضيق منه أرحام أمهاتكم فإذا أحب الله أن يوسع وسع .
445- وبإسناده عن جعفر بن سليمان قال : شهد رجل يدلى في حفرتة فقال : إن الذي يسهل على الجنين في بطن أمه قادر أن يسهل عليك ، قال : وقال بعضهم : شبل ابن عورة هو المتكلم بهذا .
446- وخرج الإمام أحمد حديث الأسود الذي كان ينظف المسجد فمات فدفن ليلاً فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر فقال : " انطلقوا إلى قبره " فانطلقوا فقال إن هذه القبور ممتلئة على أهلها ظلمة وإن الله عز وجل ينورها بصلاة عليها فأتى القبر ، فصلى عليه .
وخرج مسلم نحوه من حديث أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن قد قيل : إن آخره مدرج في حديث أبي هريرة .
447- وروى محمد بن حميد الرازي ثنا مهران بن [ أبى ] عمر ثنا سفيان عن علقمة ابن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على قبر حديث عهد بدفن ومعه أبو بكر وعمر فقال : قبر من هذا ؟ قال أبو بكر : هذه يا رسو الله أم محجن كانت مولعة بأن تلتقط الأذى من المسجد قال : ألا آذنتموني قالوا : قد كنت نائما فكرهنا أن نجهدك ، قال : فلا تفعلوا فإن صلاتي على موتاكم تنور لهم في قبورهم . قال: فصف بأصحابه فصلى .
448- وقد ذكرنا فيما تقدم عن أبى قلابه أنه راى ميتا في نومه فقال له : جزى أهل الدنيا خيرا أقرأهم منا السلام فإنه يدخل علينا من دعائهم نور مثل الجبل .
449- وقال ابن أبى الدنيا حدثنا أبو عبد الله بن يحير حدثني بعض أصحابنا قال : رأيت أخا لي في النوم بعد موته فقلت : أيصل إليكم دعاء الأحياء قال: أي والله يترفرف مثل النور ثم يلبسها .
450- وروى بإسناده عن بشار بن غالب البحراني قال : رأيت رابعة العدوية في منامي وكنت كثير الدعاء لها فقالت لي : يا بشار بن غالب هداياك تأتينا على أطباق من نور مخمرة بمناديل الحرير ، قالت : هكذا دعاء المؤمنين الأحياء إذا دعوا للموتى فستجيب لهم جعل ذلك على أطباق النور وخمر بمناديل الحرير ، ثم أتى به إلى الذي دعا له من الموتى فقيل : هذه هدية فلان إليك .
451- وبإسناده عن عمرو بن جرير قال : إذا دعا العبد لأخيه الميت أتاه ملك في قبره فقال له : يا صاحب القبر الغريب هدية من أخ شفيق عليك . وبإسناده عن بشر بن منصور قال : كان رجل يختلف إلى الجبان زمن الطاعون فيشهد الصلاة على الجنائز فإذا أمسى وقف على باب المقابر فقال : آنس الله وحشتكم ورحم الله غربتكم وتجاوز عن سيئاتكم وقبل الله حسناتكم . لا يزيد على هذه الكلمات قال : فإذا أمسيت ذات ليلة فانصرفت إلى أهلي ولم آت المقابر فدعو كما كنت أدعو قال : فبينما أنا نائم إذا أنا بخلق كثير قد جاؤني فقلت لهم : ما جاء بكم ؟ قالوا نحن أهل المقابر . قلت : وما تريدون ؟ قال : إنك كنت عودتنا منك هدية عند انصرافك إلى أهلك قلت : وما هي ؟ قال: الدعوات التي كنت تدعو بها . قال : فقلت : إني أعود لذلك فما تركتها بعد .
452- وبإسناده عن سفيان بن عينية قال : كان يقال : الأموات أحوج إلى الدعاء من الأحياء إلى الطعام .
453- وبإسناد له عن بعض المتقدمين قال : مررت بالمقابر فترحمت عليهم فهتف هاتف : نعم فترحم عليهم فإن فيهم المهموم والمحزون .
454- وروى جعفر الخلدي عن العباس بن يعقوب بن صالح الأبياري سمعت أبى يقول : رأى بعض الصالحين أباه في النوم فقال : يا بني لم قطعتم هديتكم عنا قال : يا أبت وهل تعرف الأموات هدية الأحياء ؟ قال : يا بني لولا الأحياء هلكت الأموات ، نسأل الله العفو والغفران
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-22-2010, 03:55 PM
 
تم نقل الموضوع .. أرجو وضع المواضيع القادمة في اقسامها الصحيحة ..
وجزاكم الله خيراً..

__________________
مابين حضور وغياب

شكوتُ الى وكيعِ سوء حفظي فارشدني الى تركِ المعاصي وقال لي ان العلم نورٌ ونورُ اللهِ لايُهدى لعاصي
اسفة لن ارد على الرسائل الخاصة بسبب انشغالي الشديد .. [/SIZE][/COLOR][/B][/CENTER]
وشكرا لكم على السؤال عني واعتذر عن اي استفسار



رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اهوال القبور البا ب الثاني ibrahimovich2000 نور الإسلام - 19 12-21-2013 05:49 PM
اهوال القبور البا ب الخامس و السادس ibrahimovich2000 نور الإسلام - 1 03-22-2010 04:03 PM
اهوال القبور البا ب الثالث والرابع ibrahimovich2000 نور الإسلام - 1 03-22-2010 04:01 PM
اهوال القبور البا ب السابع و الثامن ibrahimovich2000 نور الإسلام - 1 03-22-2010 03:54 PM
لماذا تقول الخراف امبا امبا ، شوف واضحك على راحتك ! * gad.fat_tm أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 21 04-21-2007 12:57 AM


الساعة الآن 10:51 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011