عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام العامة > موسوعة الصور

موسوعة الصور جديد الصور, صور متنوعة, صور جميلة, صور طبيعية, صور غريبة, صور عجيبة, صور حيوانات, صور محزنه, صور رومانسيه, صور مضحكة, صور نادرة, صور قديمة, صور أطفال, صور مناسبات.

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 03-22-2010, 12:20 AM
 
من أعظم آيات الله فى الكون الجبال تلك الجبال التى نراها من حولنا وفى الصحراء، نمر عليها مر الكرام، بل تعجبنا ارتفاعاتها الشاهقة وأحجامها الضخمة وامتدادتها الشاسعة وكائننا ننظر الى حجر ضخم أصم، لا يتحرك بل تؤثر فيه عوامل التجوية المختلفة من رياح وأمطار وارتفاع الحرارة بالنهار وانخفاضها بالليل وغير ذلك من عوامل التعرية.
بل فى الحقيقة وعلاوة على ما سبق، فإن للجبال أوتاداً تغوص فى طبقة الضعف الأرضى asthenosphere وهى طبقة أسفل القشرة الأرضية، طبقة صخرية منصهرة عالية درجة الحرارة، فتلك الجبال تستقر بأوتادها فى تلك الطبقة المنصهرة لتحمينا من حرارتها المتلهبة التى اذا خرجت الى سطح القشرة الأرضية لأهلكت الأخضر واليابس.
فليس فقط الحماية، بل كلها منافع وفوائد ومتاع لقوله تعالى "قال تعالى: (وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) مَتَاعاً لّكُمْ وَلأنْعَامِكُمْ(33) [سورة: النازعات] " فالمهمة أو الوظيفة الحقيقة التى خلقت من أجلها الجبال هى تثبيت الأرض من أن تميد أى تضطرب وتمور، قال تعالى: "(وَأَلْقَىَ فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لّعَلّكُمْ تَهْتَدُونَ) [سورة: النحل - الأية: 15]" فهى تعمل على ثبات وتماسك وتوازن القشرة الأرضية من التقكك والاندثار ولذلك لكثرة الصدوع بالقشرة الأرضية، قال تعالى: " (وَالأرْضِ ذَاتِ الصّدْعِ) [سورة: الطارق - الأية: 12]" ولذا نجد القشرة الأرضية يوجد بها العديد من الجبال مثل جبال الهيمالايا وزاجروس والقوقاز والروكى والإنديز وسلاسل جبال البحر الاحمر والأطلس المغرب العربى وغيرها.
وبالمقارنة بالسماء، نجد السماء لا يوجد بها أى شقوق أو صدوع لقوله تعالى: " (الّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مّا تَرَىَ فِي خَلْقِ الرّحْمَـَنِ مِن تَفَاوُتِ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىَ مِن فُطُورٍ (3) ثُمّ ارجِعِ البَصَرَ كَرّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ(4)[سورة:الملك]" والجبال كلها فوائد من منذ نشأتها الى نهايتها فنشأة الجبال أما أن تكون عن طريق انبثاق البراكين الى سطح القشرة الأرضية أو أسقل مياه المحيطات أو عن طريق الحركات الأرضية plate tectonics وهى أما أن تكون حركات سريعة وتعرف بالحركات البانية للجبال أو حركات بطيئة وتعرف بالحركات البانية للقارات وهى تسبب طى للطبقات وتكوين الأحواض Basin وهذا ما نجده فى قوله تعالى: " (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبّي نَسْفاً (105) فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً (106) لاّ تَرَىَ فِيهَا عِوَجاً وَلآ أَمْتاً (107) [سورة: طه]" وكلمة أمتا: أى شديدة الإستقامة.
وهكذا يتبين من الأية السابقة إنه لا يوجد سوى نوعين فقط من الجبال وهى أما أن تكون شديدة الإسقامة وهى تلك الجبال التى تتكوم من الانفجارات البركانية التى تلقى على سطح القشرة الأرضية لقوله تعالى: "(وَأَلْقَىَ فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لّعَلّكُمْ تَهْتَدُونَ) [سورة: النحل - الأية: 15]".
والنوع الآخر من الجبال يكون على هيئة طيات المتكونة بواسطة الحركات التكتونية. إذن فالجبال أما أن تكون شديدة الإستقامة أو جبال مطوية.
فمن الفوائد التى تصاحب نشأة الجبال البركانية هو مصاحبتها بكميات هائلة من بخار الماء وصدق الله العظيم إذ يقول "(وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَاهَا(31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) مَتَاعاً لّكُمْ وَلأنْعَامِكُمْ(33) [سورة: النازعات]".
أما عند نهاية الجبال، أى عند تجويتها بعوامل التجوية المختلفة على مدار السنين فنجد إن تلك الجبال كانت محملة بالمعادن الثمينة وتلك المعادن التى لا يمكن لها أن تتكون الا تحت ظروف عالية جداً من درجة الحرارة والضغط أى فى منطقة الوشاح Mantle أسفل القشرة الأرضية .
فالجبال كلها فوائد ومتاع، فهى بيئة المحاجر والمناجم لمختلف المواد الاقتصادية من حديد وفوسفات وحجر حيرى ورملى .....الخ. ومن قديم الزمان، فقوم (عاد وثمود) فقد نحتوا الجبال ولذلك لأطوال اعمارهم، قال تعالى: (وَاذْكُرُوَاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوّأَكُمْ فِي الأرْضِ تَتّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوَاْ آلاَءَ اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ) [سورة: الأعراف - الأية: 74] وما زالت تستخدم الجبال حصونا واقية ضد الاعداء، قال تعالى: (وَاللّهُ جَعَلَ لَكُمْ مّمّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُمْ مّنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلّكُمْ تُسْلِمُونَ) [سورة: النحل - الأية: 81].
ومع هذا الوصف السابق، نجد الجبال أنها تتحرك لقوله تعالى: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرّ مَرّ السّحَابِ صُنْعَ اللّهِ الّذِيَ أَتْقَنَ كُلّ شَيْءٍ إِنّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) [سورة: النمل - الأية: 88] فلقد ثبت العلم التجريبى أن الجبال تتحرك بفعل تيارات الحمل convection current المؤثرة على الألواح التكتونية المكونة للقشرة الأرضية، فتلك التيارات النقل أما أن تسبب تباعد الألواح Divergent أو تصادمها Convergent أو إنزلاقها Transform Fault.
فلقد تكونت جبال الهمالايا نتيجة لتصادم اللوح الهندى باللوح الاسيوى أما جبال الإنديز فلقد تكونت نتيجة لتصادم اللوح المحيطى الهادى باللوح القارى الأمريكى (جنوب أمريكا)، وجبال الروكى تكونت بفعل الانزلاق، أما البحر الاحمر فلقد تكون نتيجة تباعد الصفيحة العربية عن الصفيحة الأفريقية، وكذلك المحيط الأطلنطى فلقد تكون نتيجة تباعد اللوح القارى الأفريقى عن اللوح القارى الأمريكى .... وهكذا تتحرك الجبال.
والجبال كما أنها تتحرك فهى تسجد وتسبح وتخشع لله تعالى، قال تعالى: (لَوْ أَنزَلْنَا هَـَذَا الْقُرْآنَ عَلَىَ جَبَلٍ لّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مّتَصَدّعاً مّنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنّاسِ لَعَلّهُمْ يَتَفَكّرُونَ) [سورة: الحشر - الأية: 21] وللأغرب من ذلك تكاد الجبال تخر هداً عند قول الكفار بهتانا على المولى عز وجل بأن يكون له ولدا وحاشى لله تعالى أن يكون له ولد، فقال تعالى: ( تَكَادُ السّمَاوَاتُ يَتَفَطّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقّ الأرْضُ وَتَخِرّ الْجِبَالُ هَدّاً (90) أَن دَعَوْا لِلرّحْمَـَنِ وَلَداً (91) وَمَا يَنبَغِي لِلرّحْمَـَنِ أَن يَتّخِذَ وَلَداً (92)) [سورة: مريم]، ولعظمة هذه الجبال فلقد تحدى المولى عز وجل الكفار فكيفية نصب الجبال فقال تعالى: (أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى الإِبْلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السّمَآءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَىَ الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الأرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20)) [سورة: الغاشية].
أفلا نتعظ ونعتبر، فتلك الجبال راسخة فى النار وعند تكونها تكون مصاحبة بكميات كبيرة وهائلة من بخار الماء وكذلك عند تصادم السحب بقممها العالية الشامخة فتكون ماءاً فراتاً ومكونة من معادن اقتصادية ثمينة.
ومع أن تلك الجبال راسية فى طبقة النيران مثبتة للأرض من الميل والاضطراب وفوق كل ذلك إنها تتحرك وتسبح وتخشع وتتصدع من خشية الله تعالى، فسبحان الله.
ونختم قولنا بقول الله عز وجل: (الّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكّرُونَ فِي خَلْقِ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ رَبّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النّارِ) [سورة: آل عمران - الأية: 191]"
د. إبراهيم طرابية
__________________
رد مع اقتباس
  #22  
قديم 03-22-2010, 12:25 AM
 
التغير البيئي وإشاراته في نصوص السنة النبوية
صورة لغابة في جمهورية التشيك أصابها الموت بفعل الأمطار الحامضية
بقلم / صبحي رمضان فرج
مدرس مساعد-كلية الآداب-جامعة المنوفية
بادئ ذي بدء ينبغي أن نشير إلى نوعين من التغيرات البيئية التي أخبرت بها النصوص الإسلامية(القرآن والسنة)، الأولى: تغيرات تقع بانفكاك عقدة النظام، والثانية: تغيرات طارئة تحدث في إطار النظام ذاته. ويشمل النوع الأول تلك التغيرات التي تقع بالنظام بقيام الساعة(يوم القيامة)، وأمثلة ذلك في القرآن كثيرة، ومن ذلك قول الله تعالي: • "فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ(8)وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ(9) وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ(10)" (المرسلات).
"إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ(1)وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ(2)وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ(3)"(الانفطار). • "فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ(7)وَخَسَفَ الْقَمَرُ(8)وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ(9)" (القيامة). • "إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ(1)وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ(2)وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ(3)وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ(4)وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ(5)وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ(6)" (التكوير).
• "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا(105)فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا(106)لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا(107)" (طه).
أما التغيرات من النوع الثاني، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بوقوع بعضها، الذي لم يعد غيب-كما كان على عهده صلي الله عليه وسلم-بل صار حقيقة مشاهدة بالعين أو بالدليل اليقيني. عن أنس بن مالك رضي الله أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:"لا تقوم الساعة حتى يمطر الناس مطراً عاماً ولا تنبت الأرض شيئًا"-رواه أحمد، وقال الهيثمي:رجاله ثقات.
إذ أنه لكثرة المعاصي تنزع البركة من الأرض، ويعاقب البشر بما كسبته أيديهم، ويأتي هذا العقاب عادة عبر ظواهر طبيعية يعرفها الإنسان ويدركها عقله، ففي ظل التلوث الذي يشهده كوكب الأرض، ينذر العلماء بخطورة هذا التلوث على نوعية الأمطار، ويقولون بأن مياه الأمطار كانت نقية قبل عدة قرون، أما هي اليوم فغالباً ما تكون ملوثة بحمض الكبريت، وهو ما يسمى بـ"الأمطار الحامضية" Acid Rain.
وروى الإمام مسلم في صحيحه عن معاذ بن جبل قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك فكان يجمع الصلاة فصلى الظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً حتى إذا كان يوماً آخّرَ الصلاة ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعاً، ثم دخل، ثم خرج بعد ذلك فصلى المغرب والعشاء جميعاً، ثم قال :"إنكم ستأتون غداً إن شاء الله تعالى عين تبوك، وإنكم لن تأتوها حتى يُضحى النهار، فمن جاءها منكم فلا يمس من مائها شيئاًًًً، حتى آتي"، فجئناها، وقد سبقنا إليها رجلان، والعين مثل الشراك، تبصر بشيء من الماء، قال: فسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم:" هل مسستما من مائها شيئاً؟" قالا: نعم، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقول؛ قال: ثم غرفوا بأيديهم من العين قليلاً قليلاً، حتى اجتمع في شيء، قال: وغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه يديه ووجهه، ثم أعاده فيها فجرت العين بماء منهمر، أو قال غزير حتى استقى الناس، ثم قال صلى الله ليه وسلم: "يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما هاهنا قد ملئ جناناً".
وقد تحولت المنطقة حول تبوك إلى مزارع عامرة بأفضل المزروعات، وأشهى الثمار والخضروات، حيث تتميز المنطقة بتركيبها من الحجر الرملي عالي المسامية والنفاذية (تكون جبل الساق، ومتكونات مجموعة تبوك الرملية)، وبمنكشف تزيد مساحته على عشرات الآلاف من الكيلومترات المربعة إلى الغرب من تبوك تعمل كمصيدة هائلة لمياه الأمطار التي تتحرك من سطح الأرض إلى ما تحت سطحها ومع ميل الطبقات إلى الشرق، فتخزن تحت أرض تبوك كمخزون مائي متخم يمثل أكبر مخزون مائي في أرض شبه الجزيرة العربية.
صورة رقم(2)،(3) بعض جنان تبوك التي تنبأ بها النبي صلي الله عليه ولم ليس هذا فحسب بل إن صخور"متكون تبوك" سمك هائل من صخور الصلصال والطفل التي تتبادل مع الطبقات الرملية، وينتج عن ذلك تعرية هذه الطبقات المختلطة من الصخور الرملية والصلصالية والطفلية تربة من أجود أنواع الترب الصالحة للزراعة، وبذلك تهيأت منطقة تبوك بكل مبررات تحولها إلى جنان كما تنبأ النبي صلى الله عليه وسلم منذ ألف وأربعمائة عام.
فقد أصبحت منطقة تبوك-بعد أن كانت منطقة صحراوية قليلة المياه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم- من أهم موارد المياه في المملكة العربية السعودية وأصبحت من المناطق الزراعية المهمة، حيث بلغت مساحة الرقعة المزروعة في عام 1420هـ حوالي 2283840 هتكار، وتركز 70% منها حول مدينة تبوك على طريق المدينة المنورة وطريق الأردن (الملك خالد سابقاً).
كما روى الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن أبي هريرة– رضي الله عنه- قال: قال رسول الله: "لن تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجا وانهارا". والمعنى الظاهر للحديث أن صحراء شبه الجزيرة العربية ستغطيها المروج –أي المراعي- والأنهار، في آخر الزمان قبل قيام الساعة، وقوله: "حتى تعود" يدل على أنها كانت كذلك في وقت سابق، وأنها ستعود إلى حالتها الأولى، وأن طبيعتها الصحراوية الجافة هي حالة طارئة عليها.
وسادت هذه الحالة الأولى في مرحلة متقدمة من حقبة جيولوجية تعرف باسم "الحقبة البليستوسينية "pleistocenc" والتي بدأت قبل أكثر من مليون سنة، وانتهت منذ عشرة آلاف سنة خلت، وخلال هذه الحقبة من الزمن ساد الأرض مناخ بارد وغطت الكتل والمسطحات الجليدية الضخمة الأجزاء الشمالية من أوروبا وأمريكا الشمالية- حتى وصل الجليد إلى شمال فرنسا- فيما أطلق عليه العصور الجليدية "Glacials " إلا أن الجليد كان يذوب خلال الفترات الادفأ –والتي عرفت باسم "الفترات بين الجليدية Interglacials" – فتحسنت الأحوال المناخية تحسنا كبيرا. ولقد أثبتت الدراسات التي أجريت خلال النصف الثاني من الثمانينيات بما لا يدع مجالا للشك أن تواترات العصور الجيولوجية ترتبط بتغيرات في توجيه الأرض أثناء دورانها حول الشمس، يضخم منها ما يحدث من تغيرات في محتوى الغلاف الجوي من ثاني أكسيد الكربون.
وتميزت الظاهرة الجليدية بالدورية؛ إذ يصل حجم الجليد إلى ذروته مرة كل مائة ألف سنة خلال 800.000 عام مضت، وجاء هذا متوافقا مع دورات اللامركزية. وبذلك يصل عدد الدورات الجليدية إلى سبع دورات، ولوحظ أن تناقص وتقهقر الجليد يتكرر حدوثه على فترات من 23 إلى 41 ألف سنة تقريباً متوافقة مع تكرارية حدوث تذبذب الميل والترنح القطبي. ولم يكن للعلماء أن يقيّموا قدرة المناخ على التقلب من حالة إلى أخرى مختلفة كلياً لولا عينات الجليد اللبية المجتزأة من الصفحة الجليدية الهائلة في جرينلاند في بداية التسعينيات من القرن الماضي.
وهذه الأعمدة الهائلة من الجليد التي يبلغ طولها نحو ثلاثة كيلومترات- دَفنت في طبقاتها مجموعة واضحة جدا من السجلات المناخية تغطي الـ110 ألف سنة الماضية. وتمكن العلماء من تمييز طبقات سنوية في هذه العينات اللبية الجليدية وتأريخها باستعمال طرائق متعددة؛ إذ يكشف تركيب الجليد نفسه عن درجة الحرارة التي تشّكل منها.
وكان انتشار المسطحات الجليدية في الأجزاء الشمالية –أثناء العصور الجليدية- يؤثر في مناخ الأرض فيؤدي إلى زحزحة نُطُقْ المطر إلى الجنوب، فلقد تحرك حزام المطر الاستوائي شمالا عندما بدأ العالم في الدفء، لكن الرياح المطيرة الأبعد شمالاً لا تزال يمتد أثرها إلى الجنوب طالما بقيت آثار ملاءات الجليد، وحظيت أفريقيا والشرق الأوسط بقدر أكبر من الرياح الموسمية المطيرة في الصيف، بجانب وفرة من مطر الشتاء. بينما وازدهر بنصف الكرة الجنوبي أشجار الكافور في مناطق بجنوب غرب استراليا، هى الآن جافة.
ويؤرخ(آلي) لذلك بنحو 5000 سنة حين حوّل جفاف مفاجئ الصحراء الكبرى الإفريقية من مروج خضراء مرصعة بالبحيرات إلى صحراء رملية حارقة. ويبدو أن قرنين من الجفاف قبل نحو 1100 عام، أسهما في انقراض حضارة المايا القديمة في المكسيك ومناطق أخرى من أمريكا الوسطى، وهى في ذات العروض التي تقع به صحراء شبة الجزيرة العربية والصحراء الكبرى الإفريقية. ويشير التأريخ بالنظائر المشعة إلى أن الصحاري العربية قد شهدت فترتين بحريتين الأولى:36000-17000، والثانية:9000-6000سنة مضت، وهذا ما نوه إليه الجيولوجي الأمريكي هال ماكلور(1976م).
وقد أجريت حديثاً دراسة مشابهة لشبه الجزيرة العربية، حيث أظهرت الصور الجوية وجود مجرى لنهر قديم عملاق يخترق شبه الجزيرة العربية من الغرب ويتجه إلى الشرق، ناحية الكويت، ويختفي مجرى هذا النهر تحت كميات هائلة من الكثبان الرملية، وأوضحت الصور أيضا أن مساحة شاسعة من شمال غرب الكويت عبارة عن دلتا لهذا النهر العملاق، ويشير هذا الكشف–كما ذكر الدكتور فاروق الباز-إلى وجود كميات هائلة من المياه الجوفية في مسار النهر القديم والى احتمال وجود آثار للإنسان القديم الذي لا بد انه عاش على جانبي النهر في العصور السحيقة عندما كان النهر يجري بالمياه قبل 5000عام.
وتدل التنقيبات الأثرية الحديثة على صحة هذه المعلومات، خاصة بعد اكتشاف عدد من المواقع الأثرية هي بقايا حضارات ومدنيات متقدمة، في مناطق هي الآن صحراء جافة!.
رقم(4) صورة لمجرى نهرين جافين قرب مساكن قوم عاد بالجزء الجنوبي لشبه الجزيرة العربية ولعل من أوضح الأدلة على ذلك الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربية والذي شغلته حضارة عاد والحضارات المنحدرة عنها، وهو ما أكده الجغرافي الإغريقي بطليموس (100-150 ميلادي).
وهو ما أطلق عليه اليونان قديماً "العرب السعيد"، ووصفه الباحث الإنجليزي "بيرترام توماس" في كتابه الذي ألفه عام 1932م تحت عنوان "أرابيا فيليكس"، هو الاسم الروماني للمنطقة التي تضم اليمن والجزء الأكبر من عمان. وأشار Joachim Chwaszcza في كتابه "اليمن" عام 1992م، إلى أن صور الأقمار الصناعية التي ألتقطها أحد الأقمار الصناعية التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا عام 1990م قد كشفت عن نظام واسع مِنْ القنواتِ والسدودِ القديمةِ التي استعملت في الرَيِّ في منطقة قوم عاد والتي يقدر أنها كانت قادرة على توفير المياه إلى 200.000 شخص.
هذا ويتوقع "هال ماكلور" عودة البحيرات إلى صحراء شبه الجزيرة العربية، فقد لاحظ في تموز (يوليو) 1977م سقوط أمطار شبه موسمية على امتداد ثلاثة أسابيع في شمال الربع الخالي، ولم ينتج عن ذلك تشكل بحيرات جديدة، ولكن –على حد قوله- "إذا تكرر هذا الأمر وبقوة كافية لتكوين بحيرات فقد يكون ذلك مؤشرا على عودة الأمطار الموسمية إلى الربع الخالي ومعها انقلاب في المناخ".
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن فاطمة بنت قيس- رضي الله عنها أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- جلس على المنبر وهو يضحك فقال ليلزم كل إنسان مصلاه، ثم قال: أتدرون لم جمعتكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة، ولكن جمعتكم لأن تميماً الداري كان رجلا نصرانيا فجاء فبايع وأسلم، وحدثني حديثاً وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال، حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلاً من لخم وجذام، فلعب بهم الموج شهراً في البحر، ثم أرفئوا إلى جزيرة في البحر حتى مغرب الشمس... فدخلنا الجزيرة فلقيتنا دابة أهلب كثير الشعر لا يدرى ما قبله من دبره من كثرة الشعر، فقلنا: ويلك ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة، قلنا: وما الجساسة؟ قالت: اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق، فأقبلنا إليك سراعاً وفزعنا منها، ولم نأمن أن تكون شيطانة، فقال: أخبروني عن نخل بيسان، قلنا: عن أي شأنها تستخبر، قال: أسألكم عن نخلها هل يثمر ؟ قلنا له: نعم، قال:أما إنه يوشك أن لا تثمر، قال: أخبروني عن بحيرة الطبرية، قلنا:عن أي شأنها تستخبر، قال: هل فيها ماء ؟ قالوا: هي كثيرة الماء، قال : أما إن ماءها يوشك أن يذهب، قال: أخبروني عن عين زغر، قالوا: عن أي شأنها تستخبر، قال : هل في العين ماء، وهل يزرع أهلها بماء العين، قلنا له: نعم، هي كثيرة الماء وأهلها يزرعون من مائها، قال : أخبروني عن نبي الأميين ما فعل ؟...) ومن العلامات المذكورة جفاف نخل بيسان وأنه لا يثمر، وفي هذا يقول العلامة المؤرخ ياقوت الحموي المتوفى سنة(626هـ)في كتابه معجم البلدان ما نصه:"بيسان: بالفتح ثم السكون وسين مهملة ونون. مدينة بالأردن بالغور الشامي، ويقال: هي لسان الأرض وهي بين حوران وفلسطين وبها عين الفلوس يقال: إنها من الجنة وهي عين فيها ملوحة يسيرة جاء ذكرها في حديث الجساسة ... وتوصف بكثرة النخل وقد رأيتها مرارا فلم أر فيها غير نخلتين حائلتين وهو من علامات خروج الدجال"،ومن علامات خروجه أيضاً جفاف بحيرة طبرية، وكذلك جفاف عين زُغر، وهي قرية بمشارف الشام في طرف البحر الميت؛وهاتان العلامتان يعرف من كان لديه أدنى إلمام بمشاريع العدو الصهيوني لسرقة المياه العربية أنهما على وشك التحقق.
حوض بحيرة طبرية والتغيرات الشهرية لمنسوب المياه به
رقم(5) صورة بالأقمار الصناعية لبحيرة طبرية وقد انخفض مستوى بحيرة طبرية منذ عشر سنوات نحو أربعة أمتار وبعد أن تجاوز الخط الأحمر فإن المستوى الحالي ليس بعيدا عن الخط الأسود فالوصول إليه يعني أن الحياة البحرية والبرية في حوض البحيرة ستصبح في خطر.
صورة رقم(6) توضح تراجع منسوب المياه في بحيرة طبرية بسبب الجفاف والسحب الزائد للمياه وتشير الدراسات البيئية إلى تدهور الوضع البيئي في بحيرة طبرية وأنه سيستمر.
والملفت هو أنهم وضعوا مقيايس جديدة-إلى جانب المقاييس القديمة-لتناسب الانخفاض الملحوظ للبحيرة، حيث تعتمد إسرائيل على المياه الجوفية وعلى بحيرة طبرية كمصادر مائية طبيعية لكن طبرية وصلت إلى مرحلة الخطر، ما دفع علماء البيئة إلى إطلاق تحذيرات لترشيد الاستهلاك. وشحّت المياه في البحيرة إلى أدنى مستوياتها في التاريخ بعد سنين متعاقبة من انخفاض معدلات سقوط الأمطار وزيادة الاعتماد على مياه البحيرة مع استنفاد باقي موارد المياه الأخرى في إسرائيل. وقد انخفض منسوب المياه في البحيرة على مدى السنوات الأربع الماضية إلى حد ظهور أجزاء من القاع. وأصبح لزاما على المستحمين في البحيرة الدخول لمسافة 100 متر من الشاطئ للوصول إلى سطح الماء.
__________________
رد مع اقتباس
  #23  
قديم 03-22-2010, 12:27 AM
 
هل الإنسان هو العاقل الوحيد في الكون
دكتور دسوقي عبد الحليم
أستاذ التكنولوجيا الحيوية بمدينة مبارك العلمية
مجموعة من النمل تمسك بخنفساء للصق بعض لاستعمالها في لصق بعض الأوراق لبناء عش للمملكة النمل
هل الإنسان هو العاقل الوحيد في الكون !؟، سؤال نسأله لأنفسنا كثيراً خاصة عندما يقع أمام أعيننا مشهدا أو سلوكا لحيوان أو طائر أو حشرة أو حتى ميكروب، يكون خارجاً عن مألوف ثقافاتنا ومعتقداتنا ومستغرباً صدوره من كائن لا يعقل ولا يشعر بمن حوله ولا يعرف حتى من هو؟، ولماذا هو هنا؟، وكيف حدث له هذا !؟، ولقد تحدث القرآن الكريم كثيراً عن ظواهر غريبة ومدهشة وغير معتادة تصدر عن الكائنات والمخلوقات بشتى أشكالها وأنواعها، مثل كلام النمل ومنطق الطير، وسجود النجوم والشجر والشمس والقمر، وتسبيح الرعد والجبال، ويكفي أن الله عز وجل ساوى بين الإنسان ومخلوقاته في قرآنه الكريم بل ذكر أن جميع المخلوقات تطيعه جل شانه وتسجد له، ما عدا عدد كثير من بني البشر، وذلك حين قال تبارك وتعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) الحج 18.
هذه الآيات استخدمها الكفرة والملحدين وسيلة للتشكيك في صدق هذا القرآن ومصدره الرباني حتى وصل الأمر لاتهام النبي صلى الله عليه وسلم بتأليف القرآن، ولكن الله عز وجل ضمن حفظ كتابه من التحريف، كما ضمن كشف أسراره ورد المشككين فيه إلى جحورهم لم ينالوا شيئاً، وفي ذلك يقول رب العزة تبارك وتعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) الحجر 9.
إن هذه المخلوقات على اختلاف أنواعها وأشكالها وأجناسها، لتستحق منا النظر والتدبر والتفكير العميق والمتأني، تستحق أن نبذل في سبيل تبيان وعيها وإدراكها وكشف غموضها كل ما لدينا من موروثات ثقافية ودينية وفلسفية وحقائق ونظريات علمية، ولنطرح الموضوع للنقاش، بلا خجل أو وجل، ونتساءل: هل تعقل هذه المخلوقات؟ هل لهذه المخلوقات عقل يدرك ويعي ويحلل ويختار ما بين ما هو ضار وما هو نافع!؟، هل لها قلب به من العواطف والمشاعر والأحاسيس ما قد نفتقده في عالم البشر اليوم؟.
إن أمهات الكتب والمراجع العلمية والمنتديات والمواقع وخاصة التي تبحث في سلوك الكائنات الحية لتمتلئ عن أخرها بما يسميه أصحابها بغرائب وعجائب عالم الحيوان والطيور والجمادات.
ستجد مجموعة من الأسود تتبع قطيع جاموس يفر أمامها، فتهجم على صغير منها لم يستطع الجري مثل كبار القطيع، فما يكون من قطيع الجاموس إلا أن يعود لهذا الصغير وبعد مناورات شاقة ومضنية استطاعوا جميعاً إنقاذ صغيرهم من فم الأسود المتكالبة عليه وأنضم سالماً للقطيع، فإذا كانت هذه الحيوانات لا تعقل ولا تدرك ما يدور حولها، فلماذا بربك غامرت وعرضت حياتها لخطر محقق من أجل صغيرها، وفلذة كبدها!!؟
(المصدر لمن يريد المشاهدة: ).
ستشاهد أيضاَ قصة لوفاء أسد هذا الوحش المفترس، قوي الشكيمة، الملقب بملك الغابة. تقول القصة: إن إحدى السيدات في دولة كولومبيا عثرت على شبل أسد جريح (الشبل هو رضيع الأسد)، فأخذته وعالجته ومكث عندها فترة، ثم رأت أن ترسله إلى حديقة الحيوان، وبعد 6 سنوات من إرساله ذهبت لتزوره في الحديقة، فما كان منه إلا أن أستقبلها بالأحضان والقبلات في مشهد أثار دهشة واستغراب جميع الحاضرين!
(المصدر لمن يريد المشاهدة: ).
لقد أستطاع الأسد تذكر هذه السيدة، بل تذكر المشاعر الحميمية التي كانت تعامله بها، وهو يرد لها بعض فضلها عليه؟ إذن هذا الكائن عاقل، لديه ذاكرة قوية يتذكر سيدته بعد 6 سنوات، يا الله ! إنه يميز بين من أحسن ومن أساء إليه، إن ما فعله حقاً يحتاج لقدر هائل من الفطنة والذكاء !!.
فأينما توجد الذاكرة، أينما توجد القدرة على الإدراك والتمييز، وأينما توجد القدرة على التواصل ونقل المعلومات، وجب حتماً وجود العقل !.
ومن المشاهد المؤثرة جداً، هذا النمر الذي أخذ يفترس أنثى قرد حامل في شهرها الأخير، وأخذ يجرها بقسوة صاعدا بها شجرة من الأشجار العالية يريد أن يتوارى بها عن أنظار منافسيه من النمور الأخرى، وبينما هو يأكل جزءا من جسدها إذ خرج من بطنها قرد رضيع، وعلى الفور، انتابت النمر حالة من الندم والذهول وتوقف، وقام باحتواء الرضيع بحنان غريب مدهش، اخذ يلحسه بلسانه وأحتضنه بين جوانبه بشكل مؤثر للغاية، فهل من المناسب الآن أن نقول، إن هذا الوحش المفترس الجبار لا يعقل، فكيف إذن علم أن هذا طفل رضيع لا حول له ولا قوة ويحتاج إلى من يرعاه؟ هل تصدر هذه التصرفات عن كائن جاهل لا يعلم من أمر نفسه شيء!!
(المصدر لمن يريد المشاهدة: ).
في تجربه مثيرة بطلها الرئيسي احد قرود الشامبانزي، قام احد الباحثين بوضع قرد في غرفه بها فتحة علوية يصعب على القرد الوصول إليها بدون مساعدة، وضع عند هذه الفتحة طعام له عبارة عن ثمرات من الموز الناضج زكي الرائحة، وترك في الغرفة لوحين من الخشب بحيث إن استخدم احدهما فقط سقط، فعليه استخدام اللوحين معاً للوصول للموز، ومع ملاحظة سلوك القرد، وجد العلماء انه حاول أول الآمر بكل طرق القفز التي يتقنها أن يصل للموز فلم تفلح محاولاته، وهنا أخذ يبحث في الغرفة عن شيء فوجد الألواح الخشبية، فأخذ إحداها ووجهها ناحية الفتحة، وتسلقها فسقط، فقام بجر اللوح الآخر وتسلق فوصل إلى مبتغاة.
إن سلوك هذا القرد لسلوك ذكي يتسم بالتبصر والتجريب والقدرة على اتخاذ القرار، بلا جدال، إنه كائن ذكي!.
وهناك العديد والعديد من القصص التي يقف أمامها العقل البشري حائراً مندهشاً، لا يكاد يصدق ما يرى، إن بها معاني غاية في الرقة والجمال تمتلئ بالأمومة والأبوة والمشاعر البكر النقية مثل التضحية والفداء والصداقة والتعاون وعمل الفريق، كل هذا وغيره الكثير تجده - بدون جهد في البحث والملاحظة - في عالم الحيوان.
قد تقول إن هذا السلوك الذكي المتبصر ربما يكون مواهب وملكات خص الله تبارك وتعالى بها الحيوانات فقط، لكن ستدهش إذا دخلت معي إلى عالم النبات، وشاهدت بعينيك كيف تتدبر النباتات شؤون حياتها، وكيف أن منها ما يتغلب على أقصى الظروف البيئية من جليد، أو أمطار، أو جو جاف لا ماء فيه طوال العام.
إن الكثير من التجارب العلمية الحقلية التي أجريت على أيدي خبراء في علوم النبات، أثبتت أن النباتات تحس وتشعر تفرح وتتألم كما الإنسان تماما بتمام، وأن محصولها وإنتاجها من حيث الغزارة والقحط يتأثر بشدة بهذه العواطف والمشاعر، وأن منها ما يطلق صفارات إنذار لإخوانه من حوله في حالة الخطر ومنها ما يتغير لونه وطعمه إذا تناوله عدو له !!.
هل هذه النباتات تسمع وترى !؟ هل تعقل؟.
عالم الطيور عالم مليء بالقصص والحكايات والنوادر، عالم كله ذكاء في ذكاء، حمام يرسل الرسائل إلى أقصى الأرض ثم يعود إلى بيته مرة أخرى دون أن يضل الطريق، غربان تفكر وتحلل وتأخذ القرارات، ببغاوات تتكلم وتتعلم الحساب، هداهد غاية في الذكاء، أمومة طاغية، صداقات، ولا تعجب، أيضاً محاكمات لمن يخطئ وقانون عقوبات يطبق بكل صرامة تصل فيه العقوبة لحد الإعدام ونتف الريش والنفي من مدينة الطير، وهناك من يضحي بعمره لأجل بيته وأسرته ومنها ما يقوم بالحراسة أو الاستطلاع، وأشياء مدهشة، تجعلك ترجع معي إلى تساؤلنا الأول، هل يمكن أن تعقل هذه الكائنات؟ فمن أين جاءها هذا العلم والقدرة على التحليل!!؟.
الحشرات أيضاً كائنات تتمتع بقدر عالي من الذكاء والقدرة الذهنية وحسن التصرف في المواقف الصعبة، إن بعضها يعتبر معلماً للإنسان، فتتميز الحشرات وخصوصاً طائفة النمل والنحل بقدرات خارقة على البناء، فمساكنها في غاية الفن والعمارة وتستخدم فيها أفضل وسائل الراحة والآمان، إن مساكنها تشهد لها بتفوقها على غيرها في علم الهندسة، ليس ذلك فحسب بل إنها تتمتع بالمعيشة في مجتمع متحضر للغاية يفتقر إليه معظم سكان الأرض من البشر، فلديها نظام صارم في العمل والمواصلات، حتى حروبها - التي تشنها بعضها على بعض - منظمة جداً، فهناك قادة وجنود وطاعة للأوامر ووضع للخطط وغير ذلك، الحشرات لديها قدرة عالية على التمويه والخداع للهروب من الأعداء، وهذا ما جعلها تمثل 20% من الكتلة الحيوية على كوكب الأرض، لقدرتها العالية في الحفاظ على حياتها وبقائها.
الميكروبات ليست أقل من المخلوقات التي ذكرناها ذكاءً وفطنة، فستدهش إذا علمت أن للميكروبات لغة تخاطب، ولكل جنس منها لغته الخاصة به، والأكثر دهشة أن بعض أفراد أجناس الميكروبات يعملون كمترجمين ينقلون لغة أجناس أخرى إلى لغة بني جنسهم، وأقرأ إن شئت عن العلم الجديد المسمي (Quorum sensing)، كما أن للميكروبات وسائل رائعة في الدفاع عن نفسها، وما المضادات الحيوية التي نستخدمها في علاجاتنا إلا أحد هذه الوسائل، كما أنها تسبح وتهاجر في أسراب كما يحدث في عالم الطيور والحيوان تماما بتمام.
هذا عن الكائنات الحية، فماذا عن الجمادات؟ وأسمعك تسأل متعجباَ، أتظن أيضاً أن الجمادات تعقل!؟، وأقول نعم أظن ذلك، وأضرب لك مثلاً بالماء، فالماء يتفق العلماء على انه ليس كائنا حيا، ووحدة بناءه هي الهيدروجين والأكسجين، وهما عنصران يوجدان بالطبع في كل كائن حي لكن لا يشكلان بمفرديهما كائناً حياً على الإطلاق.
بل وفي دينانا في قصة جذع النخلة أول منبر نبوي عندما حن عندما تركه النبي عليه الصلاة والسلام، فهو خشب قد قطع من شجر وهو جماد في الأصل والفرع، ومع ذلك عندما تركه عليه الصلاة والسلام شعر بذلك وحن وصوت حتى سمعه جميع من في المسجد. والقصة صحيحة في جميع أمهات كتب السنة لم ينكرها أحد.
ويقول الشيخ متولي الشعراوي رحمه الله: قد يقول بعض الناس: هل الجماد يحس؟ وهل تريدون أن تفهمونا أن الجماد يبكي ويضحك؟ نقول لهم أقرءوا قول الحق في سورة الدخان الآيات ( كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آَخَرِينَ (28) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ) الدخان 25-28، وهكذا نعرف أن الجماد له عواطف وأنه يبكي وإن كنا لا نسمع بكاءه، والرسول أخبرنا بقوله المروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: ما من عبد إلا وله في السماء بابان، باب يخرج منه رزقه وباب يدخل منه عمله وكلامه فإذا مات فقداه وبكيا عليه.
وكثيراً ما يلفت نظري هذه الأشياء من شجر وحجر يدهش الناس عندما يشاهدون عليها كتابات عربية كنطق الشهادتين، أو سبحان الله، أو كلمة التوحيد لا آله إلا الله، أو أن السحاب في السماء يكتب أسم الله العظيم في الأفق.
ولما العجب، أوليس هو الله القائل: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) الإسراء 44.
إن كل المخلوقات لا تختلف عنا نحن البشر، بل على العكس هي تولد وعلمها معها لا يحتاج معظمها إلى معين، فإذا فقست بيضة الدجاجة ولم تجد أمها معها، عاشت وأدت ما عليها نحو الإنسان التي خلقت لتخدمه وتعطيه البيض واللحم الطيب الشهي، والكثير من أفراخ عالم الطير والحشرات تولد معتمدة على نفسها بالكامل من الولادة وحتى الموت.
إنها كائنات مثلنا، لها عائلاتها وقبائلها وشعوبها وأيضاً قاراتها التي تنتمي إليها، وسبحان خالق الكون تبارك وتعالى عندما يؤكد لنا هذه الحقيقة فيقول جل شانه: (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) الأنعام 5.
ولقد توصل العلماء إلى أن هناك تطابقاً في كل شيء بين الإنسان والكائنات الأخرى والتي تنطلق جميعها في التصنيف الحديث المعتمد على الجينات الوراثية من نقطة واحدة مما يدلل على أن الخالق واحد، وهو الله رب العالمين.
وكثيراً ما يقع بعض العلماء في خطأ أثبتت التجارب العلمية الحديثة خطأه، وهو أن ذكاء الكائن الحي يعتمد على حجم مخه، فكلما كبر حجم المخ زاد الذكاء، وهذا لا ينسجم مع واقع الحال فكم من حشرات صغيرة لا يرى مخها إلا تحت عدسات مكبرة وتتمتع بذكاء وقدرات عقلية خارقة، ولكم في النمل والبعوض والنحل والميكروبات وغيرها أكبر الأمثلة، وكم من حيوانات ضخمة تعتبر ذات ذكاء محدود وقليلة الحيلة.
قال الله تعالى: (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) الأنعام 5.
__________________
رد مع اقتباس
  #24  
قديم 03-22-2010, 07:44 AM
 
الشتاء في شلالات نياقرا


__________________
رد مع اقتباس
  #25  
قديم 03-22-2010, 09:23 AM
 
بارك الله فيك وجزاك الف خير
...
__________________
{لا تستوحشو طريق الحق لقله سالكيه}
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
○○ابداعات الخالق انظر كيف تكونت ○○ МŘ. ali afandi أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 11 12-13-2009 05:58 PM
بدائع الخالق فى خلقه entsaar أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 7 07-10-2007 04:34 PM
تعالوا معا نتدبر قدرة وعظمه الخالق fras1 أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 6 05-03-2007 11:22 AM
ابداع الخالق في احد خلقه.... النمل 0000 كيف يبني بيته على شكل كلمة الله زينة البنات أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 15 06-15-2006 07:26 PM


الساعة الآن 11:30 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011