عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > خطب و محاضرات و أناشيد اسلاميه صوتية و مرئية

خطب و محاضرات و أناشيد اسلاميه صوتية و مرئية القسم يهتم بالخطب بالاناشيد الإسلامية والمحاضرات المسجلة بالصوت والصورة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-20-2010, 10:33 PM
 
هل تشعر بقسوة قلبك " هنا العيادات الايمانية "

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


هل تشعر بقسوه في قلبك؟؟


اجمعوا قلوبكم مع الموضوع والكلمات ... .. فإني سأدلكم الليلة على عدد من العيادات المناوبة
التي لا تغلق أبوابها أبداً ..والتي نحن بأمس الحاجة إلى الاقبال عليها ..!


أخي الكريم .. أختي الفاضلة ..
إذا غلبك الهوى .. واستحكمت فيك شهوة ما ..
إذا استولى عليك الشيطان بوساوسه ..
إذا شعرت بقسوة قلب ..
إذا لم تعد تؤثر فيك المواعظ ..
إذا لم تعد تجد حلاوة الطاعة ولذة المناجاة .. رغم أنك تقبل عليها ..
إذا .. وإذا .... وإذا .........إذا شكوت من هذه الأعراض أو بعضها :



يوصيك أطباء القلوب : بسرعة مراجعة العيادات التالية ، فإن حالتك خطرة .. ! :





1_ عيادة الإكثار من نوافل الصلوات ( بعد القيام بالفرائض على وجهها ) ..
ويدخل في هذه النوافل :
صلاة الضحى ، وصلاة الوتر ، والسنن الراتبة .... ونحو ذلك ..
تذكر .. أن من صلى اثنتي عشرة ركعة غير الفريضة .. بنى الله له قصراً في الجنة..
وتذكر هنا أيضا :
أن كثرة الإقبال على النوافل هو الطريق السالك لتحصيل محبة الله ..
كما ورد في الحديث الصحيح .." ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه ....."

****************************** **************

2_ عيادة الإكثار من ذكر الله صباح مساء ، وليل نهار .. وفي كل حال ..
أذكار الصباح والمساء .. أذكار المناسبات والحالات .. الأذكار المطلقة ...
وتذكر هنا أن للذكر ( أكثر من مائة فائدة ) كل منها تستحق أن يبذل من أجلها الجهد
، وأن يفرغ من أجلها الوقت ، وأن ينفق من أجلها المال ..لو أمكن ..
ويكفي أن تنصب بين عينيك هذه الفائدة الجليلة :
قال تعالى ( فاذكروني أذكركم ) .. يا إلهي ! الله يذكرك ..! من أنت حتى يذكرك الله
رب السماوات والأرض ؟ ولكنه كرمه الواسع ورحمته العظيمة ..
فانتهز الفرصة ، وأقبل على الباب ، واعرف كيف تأتي البيوت من أبوابها ..!

****************************** *********************

3_ عيادة الإقبال على القرآن الكريم .. مع أنه عمدة الذكر وذروته ..
ولكن عليك أن تخصه بمزيد اعتناء واهتمام وتكثيف إقبال ...
كان كثير جدا من السلف الصالح يختمون المصحف كل سبعة أيام ..
ومنهم من يختم في أقل من ذلك .. فأنظر أين أنت من ذلك ؟!
يمر على بعضنا شهر ولا يختم كلام الله ولو مرة واحدة ..!!
حسبنا الله ونعم الوكيل ..


****************************** ************************



4_ عيادة الإقبال على الدعاء .. والإلحاح فيه ، والتضرع ، ومناجاة الرحمن ..
ويكفي أن تتذكر هنا أن الدعاء هو العبادة كما قرر ذلك الحبيب الأحب محمد ..
فانصهارك في الدعاء والتضرع والانكسار بين يدي الله ..
إنما هو تحقيق للعبودية في أروع صورها ..
فالدعاء تجسيد لإظهار الافتقار وإعلان عن الخروج من الحول والقوة إلى حول الله وقوته ..
هذه المعاني تعميق لحقيقة العبودية لله والواحد الأحد ..وهذا هو المطلوب الأول منك
وثمرات تحقيقك لهذه العبودية أكثر و أكبر وابعد مما تتصور ..


****************************** *********************



5_ عيادة قيام الليل .. وإن كانت هذه تندرج في ( النوافل ) ..
ولكن تخصيصها لأهميتها ، ولما لها من آثار واضحة مؤكدة ،
ففي خلوة الليل وقد آوى كل حبيب إلى حبيبه _ ولو كان الفراش ! _
يقف المتهجدون بين يدي مولاهم يناجونه ويتوددون إليه ، فيفيض على قلوبهم من
أنواره ..
ولذلك حين سئل بعض السلف عن وجوه المتهجدين وكيف أنها مشرقة منيرة .
قال : أولئك قوم خلوا بالرحمن فأفاض عليهم من نوره ! فظهرت على جوارحهم !


****************************** *********************


6_ عيادة الصدقات .. قلت أو كثرت .. فإن الصدقة تطفئ غضب الرب سبحانه .
وهاهنا نحب أن نلفت نظرك إلى أمر يغيب عن أكثر خلق الله ..
يلاحظ أن قوله تعالى ( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً)
جاءت هذه الآية وسط آيات الإنفاق تماماً ..!!
ففيها إشارة واضحة أن الحكمة تتجلى أوضح ما تتجلى في قضية الإنفاق ..
فليس كل منفق يصيب الحكمة !! وإن كان مأجوراً ..!
ولكن من أوتي الحكمة في هذا الجانب .. فإن أجوره تتضاعف بشكل لا يتصور !
فاعرف أين تضع مالك ..! وكيف تضعه


****************************** **********************


7_ عيادة حضور مجالس العلم والذكر والوعظ .. فإنها مجالس مباركة
ولأجوائها صدى واضح على كل من تردد عليها ، وزاحم بالركب فيها ..
وفي الحديث :
من سلك طريقا يلتمس فيه علماً ، سهل الله له طريقاً إلى الجنة..
وفي حديث الثلاثة الذين ذكرهم رسول الله قال عن الأول الذي
أقبل : ... أقبل فاقبل الله عليه ....فوطن نفسك أن تكون من المقبلين ليقبل الله
عليك ..
ومن لم يتمكن من حضور حلقات العلم .. فبمتابعة المحاضرات من شريط وإعادة السماع
أكثر من مرة وتلخيص ما تسمع ، ونقل أجمل ما انتفعت به وهكذا..

****************************** ********************


8_ عيادة التفكر والتأمل .. في النفس ابتداء .. نفسك التي بين جنبيك أولى بأن تعيد
فيها نظرك وتقلبه !!
ثم في الآفاق .. وآيات الله هاهنا وهناك لا يحصيها إلا هو سبحانه ..
وللأسف أن أكثر الخلق هم كما وصفهم الله سبحانه في كتابه :
( وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ)
فإنا لله وإنا إليه راجعون ...
ويكفي أن أكبر مساحة في كتاب الله سبحانه كانت تحث على إعمال الفكر
لأنه الطريق المؤدي إلى تحصيل اليقين ..
( وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ* وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ)
؟؟

****************************** ********************

9_ عيادة قراءة في السنة النبوية .. كأنك بين يدي رسول الله
وأنت تجلس وسط أصحابه الكرام ، وتصغي إليه و تتلقى عنه كما يتلقون ..!
فتهب عليك نسائم الجنة ، وأنت بعد تتنفس هواء الدنيا ..
ونركز هنا على الاهتمام بأحاديث الترغيب والترهيب كجرعة أولية ..

****************************** **********************


10_ عيادة مدارسة السيرة المطهرة .. ففيها زاد وأي زاد .. المهم أن تتفاعل مع ماتقرأ ..
عش الحدث ، وغص في أجوائه ، وافتح له قلبك لتجد صداه ..
كأنك ترى .. كأنك تسمع .. كأنك هناك وسط المعمعة ..!

****************************** ********************8


11_ عيادة سيرة الصحابة م ، وسير الصالحين في كل زمان وتحت كل سماء
فإن لها صولة وجولة في القلب يلمسها كل من جرب التردد على هذه العيادة ..!
ونعني هنا :
متابعة مواقفهم ، وأقوالهم أيضا والتفاعل مع هذه وهذه ..


****************************** ************************


12_ عيادة صيام النافلة .. الاثنين والخميس ، والأيام البيض .. ونحو ذلك ..
فإن الصيام طريق واصل إلى التحقق بالتقوى ..
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
ومن تحقق بالتقوى فقد امتلك السلاح الأقوى !!

****************************** *********************



13_ عيادة الاهتمام بالشريط الإسلامي ولا سيما ما يتعلق بالإيمانيات ، والتعريف
بالله ، والجنة والنار ، وأهوال يوم القيامة ، وعذاب القبر ونحو هذا ..
ونحو هذه الرقائق التي تهز القلب وتمنحه شحنة دافعة للإقبال على الله ..

****************************** ***********************


14_ عيادة مجاهدة النفس على ضبط الجوارح ( اللسان _ العين _ الأذن )
( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) ..
وهي مجاهدة مستمرة لا تنقطع ، قد تنجح تارة وتفشل تارة ..
فلا عليك .. المهم هاهنا أن تواصل الرحلة ولا تكل ولا تمل ولا تيأس ..
( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) ..

****************************** *******************8

15_ عيادة الدعوة إلى الله سبحانه .. وتذكير الآخرين بالله ..
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة .. ابتغاء تحصيل مرضاة الله...
هذه العيادة آثارها عجيبة للغاية ومن جربها وأكثر من الترداد عليها أدرك ما نقول
ولا يخادعنك الشيطان بوسوته أنك أنت تحتاج إلى من يدعوك فكيف تتجرأ وتدعو غيرك !!
هذه وسوسة شيطان مريد خبيث يريد أن يقطعك عن خير عظيم ينتظرك في الطريق
فلا تكترث لوسوسته ، بل كلما وسوس لك بهذا زد من تناول هذه الجرعة ، نكاية به !
قال تعالى : ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)

****************************** *********************


16_ عيادة بر الوالدين .. والتفنن في تحصيل رضاهما وبذل الجهد في ذلك .
فإن بر الوالدين من أعظم الأبواب الموصلة إلى تحصيل رضا الله سبحانه.
اجعل همك كله منصبا في كيف ( تتفنن ) في تقديم ألوان من البر لوالديك ..
فلعلهما جواز مرورك إلى الجنة ، بل إلى الفردوس ..!

****************************** ******************



17_ عيادة الزيارات : .. زيارة المرضى .. .. زيارة الأقارب والأرحام .. ونحو ذلك .
فإن لهذه الزيارات المتنوعة صداها الواضح في القلب ، ومن جرب هذه الجرعة ،
عرف حقيقة هذه الثمرة ..واهميتها


18_ عيادة .....( أكمل بما قد يفتح الله به عليك .. فإن الأعمال كثيرة )

****************************** **********************

ملاحظات هامة :


_ مما يعينك على سرعة الشفاء بإذن الله :
_ ضرورة تغيير البيئة ( الابتعاد عن صحبة السوء ، والارتباط بصحبة خير )
فإن الإنسان لابد أن يتأثر بالبيئة التي يتردد عليها شعر بذلك أم لم يشعر .!


_ ضرورة الابتعاد عن المثيرات ( من حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه )
فأول درجة في سلم الاستعلاء أن تبتعد عن المثيرات ، ليسهل عليك السيطرة على نفسك
.. وأكبر الفتنة : مقاربة الفتنة ..!


_ جاهد نفسك الأمارة لتراجع جميع هذه العيادات ، وعدم الاكتفاء ببعضها ..
فإنك قد لا تجد أثرا واضحا لبعضها ، ولكنك قد تجد هذا الأثر في البعض الآخر وهكذا


_ تذكر أنه قد لا يتم الشفاء في شهر أو شهرين .. بل ( قد ) تحتاج إلى بضعة أشهر ..
على حسب الحالة .. فأصابع يدك لا تتساوى .. إنسان يد يشعر بالشفاء في وقت قصير ،
وآخر قد يحتاج إلى وقت أطول ، وهكذا .
المهم أن تثق ، ولا تيأس ، واعزم على أن تواصل الطرق ولا تمل ..قال تعالى :
( إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) ..

****************************** *************************

==
ملحوظة مهمة جداً :
هذه العيادات مفتوحة على مدار اليوم والليلة .. 24 ساعة !!
لا تقفل أبوابها أبداً ..
وهذا من رحمة الله على عباده ..
وهي عيادات لا تحتاج أن تسافر إليها..!
ولا تحتاج إلى بطاقات صحية إن أضعتها عز عليك العلاج !!
ولا تحتاج إلى وساطات ..!!!
ولا تحتاج إلى أموال تبذلها من أجلها ..!!


فقط .. شيء من الهمة .. جرعة من العزم .. نفحة من التصميم والإرادة
فإذا أنت هناك ..
هناك ، في روح وريحان ورب راضٍ غير غضبان !
فاستعن بالله ولا تعجز ... ولا تمل ولا تكل ..


وكما تحرص على كثرة مراجعة العيادات من أجل صداع أو سن !!!
فافعل هاهنا كذلك .. أكثر من التردد على هذه العيادات .. ولا تيأس أبداً ابداً
وثق أن شفاءك أقرب من القريب ، فإن الله خير مجيب .. وهو خير حافظاً ..
وهو أرحم الراحمين ..
..والله ولي الهداية والتوفيق .. واستعن بالله ولا تعجز

منقول

ــــــــــــ

لا تنسوني من الدعاء


يتبع ........







__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-20-2010, 10:35 PM
 
أعرف ان الكلمات السابقة طويلة وهذه الكلمات ايضا ولكن لها فائدة عظيمة وعميقة ..

حاولو قرائتها بتروي ..

إحدى الفتيات قامت باستشارة في احدى المواقع الفتاوي
عن ضعف ايمانها بعد ما كان قويا

فكانت الاجابة كالتالي ...
احببت ان افيدكم بها :

بداية علينا أن نحدد عدة منطلقات في هذا الباب ، تكون واضحة جلية لنا كلنا ، كي ننطلق من مكان سليم :

* الأول : إن الله تعالى يفرح بمن يقبل عليه ، ولا يقفل بابه إلا على من أقفله على نفسه ، بل ويكافئ بأضعاف ما يقبل به العبد إليه ؛ ففي الحديث القدسي : ( يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ،وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة) رواه البخاري .

* الثاني : إن ما يصيبنا هو ناتج من تقصيرنا ، ومما نقترفه من ذنوب وأخطاء ؛ قال تعالى : { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَاقُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَىكُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ آل عمران : 165 ] , وقال تعالى : { وَمَاأَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ } [ الشورى : 30 ] ، وقال تعالى : { مَّاأَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِننَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً } [ النساء : 79 ] .

* الثالث : يجب أن لا يوقفنا الخطأ أو الذنب عن الانطلاق من جديد ، و نقف في حالة التحسر الدائم ؛ فإن هذا زيادة في تعقيد الحالة الإيمانية ، وتعميق لترهلها في النفس ؛ قال تعالى : { لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَاآتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } [ الحديد : 23 ].

* الرابع : إن للذنوب تبعات ، ولها أجواء تحيط بالنفس ، جاء التعبير القرآني في وصفها بليغا دقيقا غاية في الجمال الوصفي ؛ قال تعالى : { بَلَىمَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ } [ البقرة : 81 ] . للمعصية - أو التقصير - أجواء تحيط بها بعدها ، تحيط بالمرء منا إحاطة الدائرة تماما ، ويجب أن نخرج منها ، كيف يصلح الانطلاق الروحي .

* الخامس : إننا كبشر معرضون للذنوب والتقصير ، وهذا من كمال الله سبحانه وعزته وجبروته ، كي نعرف قدر أنفسنا ؛ قال عليه الصلاة والسلام : ( والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم ) رواه مسلم.

* السادس : إننا في سيرنا إلى تعالى ليس لنا إلا حالتين في هذا الصعود الروحي ، إما تقدم ، وإما تأخر ؛ قال تعالى : { لِمَنشَاء مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ } 37 : المدثر . برغم أن هناك حالة ثالثة في علم الديناميكا ، وهي حالة التوقف والسكون ، إلا أنه في السير إلى الله يعد التوقف في حد ذاته تأخر وتراجع .

هذه أسس ومنطلقات أولية لابد علينا أن نعيها وندركها ، كي نقدر على فهم الحالة أو الظاهرة، ونعي قدر أنفسنا ، ونتمكن - بحول الله وتوفيقه - من العلاج والنهوض الواعي .


اقترب وتقرب وارغب .. هذا أول المسار


ومن خلال هذه المنطلقات ، يكون العلاج ، ويكون الصعود الذي نريد .

إن أي عابد لله تعالى ، طامع في رضاه والجنان ، منكسر بين يديه سبحانه ، آمل في توفيقه وعونه وسنده ؛ لابد أن يقبل على الله تعالى بالطريقة التي يشعر بها أن روحه اطمأنت ، وأن قلبه استقر ، وأن نفسه في حالة طرب إيماني مع الله تعالى . ففي الحديث القدسي : ( إن الله قال : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ؛ فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته ) رواه البخاري .

فالحرص على الفريضة أول الأمر ، ثم تأتي أنواع النوافل التي تيمز بين سباق العباد لرضوان الله تعالى وفقا لقوله تعالى : { سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَاكَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } [ الحديد :21 ] ، بهذا السباق ومع هذه المسارعة : { وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَاالسَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } [ آل عمران : 133 ] .

يكون الحب من الله للعبد ولينعم العبد وقتها بما وعده الله تعالى في الحديث القدسي : ( إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال : إني أحب فلانا فأحبه . قال : فيحبه جبريل ، ثم ينادي في السماء فيقول : إن الله يحب فلانا فأحبوه ، فيحبه أهل السماء . قال : ثم يوضع له القبول في الأرض . وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول : إني أبغض فلانا فأبغضه . قال : فيبغضه جبريل ، ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه . قال : فيبغضونه ثم توضع له البغضاء في الأرض ). رواه مسلم ، ترابط عجيب لطيف جميل على النفس يبدأ بحرص على فريضة ، وإصرار على نافلة ودوام عليها ، ويجني العبد حبا لله تعالى ، يتبعه حب أهل السماء ، ومع القبول في الأرض ، ليكون ولياً لله تعالى .


كيف أتقرب ؟

آفاق التقرب إلى الله لا حدود لها ، غير أننا نقف عند الحد الأدنى من هذا التقرب ، والذي لا يستهان به ، بحيث لو التزم به المسلم أو المسلمة لجنى الكثير من الخير .

وقد أجاد الدكتور فتحي يكن في كتابه العيادة الدعوية ، ووضع لنا برنامجا جميلا للتقرب إلى الله تعالى ، أنقله هنا للفائدة منه .
يقول حفظه الله : هذا المشروع: مقترحٌ كحدٍّ أدنى لكلِّ مسلمٍ ومسلمة، يتضمَّن ثماني مهمَّات، محدَّدة الوقت، معلومة الثواب، محقِّقةً الفائدة بإذن الله تعالى، من ذلك: مغفرة الذنوب، الأمان من فتنة القبر، بناء بيتٍ في الجنَّة، استجابة الدعاء، الأمان من الفقر، قضاء الحوائج، تفريج الهمّ، إنَّ كلَّ ذلك لا يستغرق أكثر من ستِّين دقيقة.

1- المهمَّة الأولى:
أداء اثني عشرة ركعةً نافلة "السنن الراتبة"، وهي: اثنتان قبل الفجر + أربعٌ قبل الظهر واثنتان بعده + اثنتان بعد المغرب + اثنتان بعد العشاء.
الفائدة المرجوَّة: يبني الله للمداوم بيتاً في الجنَّة.
الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: ( من صلَّى في يومٍ ثنتي عشرة سجدة، تطوُّعا، بني له بيتٌ في الجنَّة ) رواه مسلم.

2- المهمَّة الثانية:
صلاة ركعتين في الليل .
الفائدة المرجوَّة: يستجاب الدعاء + يُغفَر الذنب + تُقضَى الحاجة.
الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: ( يتنزَّل ربُّنا تبارك وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له ) رواه البخاري.

3- المهمَّة الثالثة:
أداء صلاة الضحى ركعتين، أو أربعا، أو ثماني ركعات.
الفائدة المرجوَّة: تؤدِّي صدقةً عن كلِّ مفصلٍ من مفاصل العظام.
الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: ( يصبح على كلِّ سُلامى من أحدكم صدقة، فكلُّ تسبيحةٍ صدقة، وكلُّ تحميدةٍ صدقة، وكلُّ تهليلةٍ صدقة، وكلُّ تكبيرةٍ صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك، ركعتان يركعهما من الضحى ) رواه مسلم، وروى البخاريُّ جزءاً منه.

4- المهمَّة الرابعة:
قراءة سورة الملك.
الفائدة المرجوَّة: تنجي من عذاب القبر.
الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: ( إنَّ سورةً من القرآن ثلاثون آية، شفعت لرجلٍ حتى غُفِر له، وهي { تبارك الذي بيده الملك } ) رواه الترمذيُّ وأحمد، وقال الترمذيّ: هذا حديثٌ حسن.

5- المهمَّة الخامسة:
قول: ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلِّ شيءٍ قدير ) .
الفائدة المرجوَّة: تعدل فكَّ عشر رقاب، وتُكتَب مائة حسنة، وتمحو مائة سيِّئة، وتكون حرزاً من الشيطان.
الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: ( من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلِّ شيءٍ قدير، في يومٍ مائة مرَّة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيِّئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحدٌ بأفضل ممَّا جاء به، إلا أحدٌ عمل أكثر من ذلك ) رواه مسلم.

6- المهمَّة السادسة:
الصلاة على النبيِّ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مائة مرَّة.
الفائدة المرجوَّة: براءةٌ من البخل، وصلاةٌ من الله.
الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: ( فإنَّه من صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرا"رواه مسلم. وقوله: "البخيلُ الذي منْ ذُكِرت عنده فلم يصلِّ عليّ ) رواه الترمذيّ، وقال: هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيح.

7- المهمَّة السابعة:
قول: ( سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم ) مائة مرَّة.
الفائدة المرجوَّة: تُغرَس له في الجنَّة مائة نخلة.
الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: ( من قال سبحان الله العظيم وبحمده غُرِست له نخلةٌ في الجنَّة ) رواه الترمذيّ، وقال: حديثٌ حسنٌ غريب.

8- المهمَّة الثامنة:
قول: "أستغفر الله" مائة مرَّة.
الفائدة المرجوة: يفرِّج الله كربه، ويوسِّع رزقه.
الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: ( من لزم الاستغفار جعل الله له من كلِّ ضيقٍ مخرجا، ومن كلِّ همٍّ فرجا، ورَزَقه من حيث لا يحتسب ) رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم بسندٍ صحيح. انتهى كلام الدكتور فتحي يكن حفظه الله من كتاب العيادة الدعوية، ص : 59 وما بعدها.

وأضيف ..


9 - المهمة التاسعة:
قراءة ورد محدد من القرآن ، جزء أو حزب يومياً .
الفائدة المرجوة: جني الحسنات ومضاعفتها ، وطمأنينة النفس .
الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ) رواه الترمذي . وقال تعالى : { الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَبِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } [ الرعد : 28 ] .

10 - المهمة العاشرة:
جلسة دعاء وتبتل إلى الله يوميا مهما كانت قصيرة .
الفائدة المرجوة: زيادة القوة المعينة في النفس ، وتوطيد الصلة بمن يملك القوة والحول والطول ، ويكشف الكربات ، ويثبت على طريق الرشاد
الدليل : { أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء } [ النمل : 62 ] وقوله سبحانه : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَالدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْيَرْشُدُونَ } [ البقرة : 186 ] .


11 - المهمة الحادية عشر:
المحافظة يوميا على أذكار الصباح والمساء " المأثورات ".
الفائدة المرجوة : زيادة تعميق المعاني المتضمنة في هذه الأذكار ، وترسيخها في النفس ، مرتين بشكل يومي ، حتى يتنعم بها القلب وبمعانيها الإيمانية .
الدليل : { فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَوَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ } [ غافر : 57 ] .

12 - المهمة الثانية عشر :
الممارسة اليومية للأخلاق مع الناس جميعا ، والتحبب للخلق ، وترك القعود .
الفائدة المرجوة : تطبيق المعاني الإيمانية المكتسبة من الزاد الإيماني ، والشعور بالإيجابية في الإيمان والعيش به مع المؤمنين ، وليس مجرد ترديد أوراد وأذكار .
الدليل : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَوَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَسَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [ التوبة : 71 ] .
و قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق ) . رواه مسلم ، وقال صلى الله عليه وسلم قال: ( اتق الله حيثما كنت ، وأَتْبِعِ السَّيئةَ الحسنةَ تَمْحُها ، وخالقِ الناسَ بخُلُقٍ حسنٍ ) . رواه الترمذي
تلك اثنتي عشر مهمة إيمانية ، لو حرص عليها المسلم ، وداوم ، وأصر ، وثبت ، سيكون فيها الخير الكثير لصعوده الإيماني .


ثلاثية الفهم الإيماني



إننا كي نعي صعودنا ومعراجنا الإيماني هذا ، علينا أن نفهم بأن هناك ثلاث نقاط هي التي تحرك فينا الإيمان ، بحيث لو ضعفت ، تضعف فينا الإيمان ، وقد أطنب الإمام ابن القيم في شرحها بشكل متناثر في كتابه مدارج السالكين ، أضعها هنا مرتبة ، وهي :


أولاً : الأفكار الربانية : وهي التي تتكون في عقولنا ونفسنا وتكون نتاجا من أمرين :
1) " التفكر " الدائم في النفس وفي أحولها ، وفي أحوال الناس ما بين نعم ونقم ، وفي الكون الجميل الفسيح ، وفي سنن الله تعالى التي بثها في حركة الكون وحياة الناس .

2) " التذكر " المستمر لكل المعاني التي تعين على هذا الصعود الإيماني ، سواء من خلال تدبر القرآن الكريم ، أو من خلال دراسة سير الصالحين ، أو من خلال سماع المواعظ الإيمانية ، وصحبة الأخيار .

ثانياً : الأعمال المستمرة : فلا فائدة الأفكار الربانية ما لم تنتج أعمالا صالحة ، ولا تكمل الفائدة من هذه الأعمال الصالحة إلا بالاستمرار عليها ، فالبعض منا يتحمس لأيام ، ثم يعود كسولا فتورا ، كأنه لم يسمع ولم يتذكر ، فالقليل الدائم خير من الكثير المنقطع .

ثالثاً : طلب التوفيق الإلهي ؛ فإنه { مَايَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْفَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [ سبأ : 2 ] ، ومنه يطلب العون والتوفيق في الأفكار وفي الأعمال ، وكلما زاد وتعمق المرء فيه ، كلما زادت الرحمات ، وكلما كسب المرء ما يمكن أن نسميه ( القوة الدُعائية ) وأي قوة هذه لو فقهنا ، قوة متصلة بالقوي العزيز .

ومن خلال فهمنا لهذه الثلاثة لمسألة معراجنا الإيماني ، نركز على الأفكار التي تدور في حنايا النفس ، وخلجات الروح ، وكما قيل : ( همك على قدر ما أهمك ، خواطرك من جنس همك ) فلو جعلنا " حب الله " هو الهم الذي يهمنا الوصول إليه ، لكانت أفكارنا أجنة جميلة من هذا الرحم الإيماني والتطلع الرباني ، ولكانت أعمالنا جميلة على هدي النبوة المباركة من غير إفراط ولا تفريط ، ومع العون والتوفيق الرباني ، نصل بحول الله إن لزمنا باب رحمة الله .

ومن خلال هذه الثلاثية في فهم المعراج الإيماني نستخرج منها أعمالا تنميها فينا :

أولاً : ممارسة عبادة التفكر بشكل يومي ولو لعدة دقائق ، ويكون هذا التفكر منوعا ، تارة في أحوال الناس وسراءهم وضراءهم ، وتارة في أنفسنا وما قدمته وما أحجمت عنه ، وتارة في جمال الكون وصنعة الخالق سبحانه ، وتارة في أحوال المسلمين وتقدمهم وتأخرهم ، وهكذا بحيث يكون لنا بشكل دوري جلسة تفكر ، أو رحلة تأمل ، أو تطلع إلى نجوم السماء وبهجتها ، أو بحر جميل يرسل أمواجه على حبات رمل ندية .. ولا نحرم أنفسنا من ذلك أبدا .

ثانياً : تحديد وقت للخلوة مع النفس ، وقت في كل يوم ولو في الفراش لدقائق ، و وقت في الأسبوع لفترة أطول ، ووقت في الشهر كجلسة بين ساريتي مسجد عتيق ، ووقت في العام كتضرع في الروضة الشريفة ، وهكذا ، وحالم هو من كان كل وقته مخالطا بالناس ، ثم يريد الرقي دائما ، إن الخلوة مهمة جدا في السير إلى الله ، يقول الشيخ عائض القرني في كتابه لا تحزن عن فوائد العزلة : " استثمار العقل ، وقطف جنى الفكر ، وراحة القلب ، وسلامة العِرض ، وموفور الأجر ، والنهي عن المنكر ، واغتنام الأنفاس في الطاعة ، وتذكر الرحيم ، وهجر الملهيات والمشغلات ... وفي العزلة ستر للعورات اللسان ، وعثرات الحركات ، وفلتات الذهن ، ورعونة النفس ... كل اللامعين والنافعين ، والعباقرة والجهابذة وأساطين الزمن ، ورواد التاريخ ، وشداة الفضائل ، وكواكب المحافل ، كلهم سقوا غرس نبلهم من ماء العزلة حتى استوى على سُوقه ، فنبتت شجرة عظمتهم ، فآتت أكلها كل حين بإذن ربها " ص: 116 ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " لابد للعبد من عزلة لعبادته وذكره وتلاوته ، ومحاسبة نفسه ، ودعائه واستغفاره ، وبُعده عن الشر " . فلا نحرم أنفسنا من خير هذه الخلوات المباركة.

إننا بالتفكر والخلوة المنهجية هذه ، نشعل الهمة في ثلاثية التفكير والفكر والعمل الصالح ، وننير النفس بحسن التضرع إلى الله ، دون أن يرانا سواه .


محطات إيمانية



وأعني بها مصادر التزود الإيماني ، إن وجد المرء فينا أن المهام الإيمانية السالفة الذكر ، لا تشبع جوعه ، ولا تروي ظمأه الإيماني .


المحطة الأولى : إدخال السرور على قلب مؤمن ، قال عليه الصلاة والسلام : ( من أفضل العمل : إدخال السرور على المؤمن : يقضي عنه ديناً ، يقضي له حاجة، ينفس لهكربة ) صححه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع . بل إن الصدقة لتتفاخر على بقية الأعمال الصالحة كما قال عمر بن الخطاب رضوان الله عليه : ( إن الأعمال تتباهى فتقول الصدقة : أنا أفضلكم ) صحيح ابن خزيمة.

المحطة الثانية : المباعدة عن النار ، بصوم التطوع ؛ قال عليه الصلاة والسلام : ( من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا ) . رواه البخاري .

المحطة الثالثة : كنوز الجنة ، بكثرة قول " لا حول ولا قوة إلا بالله " ؛ قال عليه الصلاة والسلام : ( ... يا عبد الله بن قيس قل لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة أو قال ألا أدلك على كلمة هي كنز من كنوز الجنة لا حول ولا قوة إلا بالله ) البخاري .
المحطة الرابعة : ممارسة الدعوة إلا الله على بصيرة وحكمة ؛ قال عليه الصلاة والسلام : (... فو الله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم ) البخاري .

المحطة الخامسة : الصحبة الصالحة ، والأُخوة الصادقة من أعظم الأمور المساعدة على التذكر والتفكر ، والتشجيع على الأعمال الصالحة ؛ إذ المؤمن الصادق يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، وهو مرآة له ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمصاحبة الطيبين وتخير الصالحين فقال: ( لا تصاحب إلا مؤمناً ، ولا يأكل طعامك إلا تقي ) أخرجه ابن ماجة والترمذي وأحمد.

المحطة السادسة : صحبة الكتاب ، فإن الأفكار والأعمال الصالحة لا تأتي لخامل الفكر ، ولا تتوقد فيمن يهجر الكتاب وقراءته ، فمن أراد أن يثري نفسه وروحه ، عليه أن يكثر من الإطلاع في الكتب الطيبة ، ينوع فيها كتنوع الأزهار ، ليكون نتاجه رحيقا مباركا إيمانيا يعنيه في معراجه الذي نريد ، وقال ربنا الكريم { اقرأ وربك الأكرم } مع القراءة يكون الكرم الكبير غير المحدود من الله سبحانه على قلب العبد وعقله وروحه .

ولكل مسلم أن يزيد بحسب حاله ، فهذا بر الوالدين والحرص عليهما ، وهذه كفالة يتيم ، وهذا نشر للدعوة ، وهكذا وهكذا ، كل بحسب مقدرته وحاله .

وفي توجيه الآخرين مزيد خير ونفع ، فهذه خطة إيمانية شاملة كتبها الأستاذ عبد الحميد البلالي تتضمن أعمالا كثير في اليوم والأسبوع والشهر والعام والعمر :
http://www.islameiat.com/emaneh/inde...N_user_op=view



وصية


لكل مسلم في معراجه الإيماني ميل ولذة مع إحدى الطاعات ، وعلينا أن نستثمر هذه اللذة في هذه الطاعة ؛ بحيث لو شعرنا بنقص أو تعب إيماني نلجأ سريعا لهذه العبادة التي نحب ، ونتزود منها بشكل سريع ولذيذ على النفس ، حتى يرجع للروح ألقها الإيماني من جديد ، فتنطلق راشدة بحول الله ، وهذا الميل وهذه اللذة التي يجدها أحدنا في إحدى العبادات طبيعية ، وجدها الصحابة قبلنا ، فهذا سيدنا عبد الله بن مسعود وجد لذته في القرآن ووجد أن الصوم يتعبه ويشغله عن القرآن فلا يصوم كثيرا ، وكذا الأمر لكل مسلم ، عليه أن يعرف موطن لذته وينميه ويحرص على التزود منه دائما ، فمن الناس مَن يجدها في الذكر ، أو القرآن ، أو الصوم ، أو السجود والصلاة ، أو التصدق ، أو قضاء حاجات الناس .. إلى آخر العبادات الجميلة المتنوعة .

الأخت الفاضلة ميار :

وبعد هذا التطواف أيتها الأخت أنصح بما يلي :

* وازني بين انطلاقتك الذاتية التي سوف تسألين عنها يوم القيامة : { وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً } [ مريم : 95 ]، وبين حرصك على تواجدك مع أخواتك في الله ، فالصحبة الصالحة وسيلة على الخير ، وهي خير ، ولكن دورك أنت في ذاتك هو الأولى ، فإن للصحبة بين الأخوات أو آفات ذكرها ابن القيم رحمه الله في كتابه الفوائد فقال :
" الاجتماع بالإخوان قسمان :
1) أحدهما اجتماع على مؤانسة الطبع و شغل الوقت ، فهذا مضرته أرجح من منفعته ، و أقل ما فيه أنه يفسد القلب و يضيّع الوقت .
2) الثاني : الاجتماع بهم على أسباب النجاة و التواصي بالحق و التواصي بالصبر ، فهذا من أعظم الغنيمة و أنفعها ، و لكن فيه ثلاث آفات :
1- إحداها : تزيّن بعضهم لبعض .
2- الثانية : الكلام و الخلطة أكثر من الحاجة .
3- أن يصير ذلك شهوة و عادة ينقطع بها عن المقصود .

و بالجملة فالاجتماع و الخلطة لقاح إما للنفس الأمارة ، و إما للقلب و النفس المطمئنة ، و النتيجة مستفادة من اللقاح فمن طاب لقاحه طابت ثمرته و هكذا الأرواح الطيبة لقاحها من الملك ، و الخبيثة لقاحها من الشيطان ، و قد جعل الله سبحانه بحكمته الطيبات للطيبين ، و الطيبين للطيبات ، و عكس ذلك " .


* ما تشعرين به من نقص علمي ، أكمليه أختي بكثرة الإطلاع ، ولن يتوفر لك ذلك إلا بالصبر والخلوة ومصاحبة الكتب النافعة .

* أنصحك بالالتزام بحلقة حفظ للقرآن الكريم ، وأن تعقدي العزم على المضي فيها ، فإنها ستكون لك دافعا قويا ، وأنت في عمر يؤهلك لحفظ القرآن الكريم والإقبال عليه ، وستجدي فائدة نصيحتي هذه بعد سنوات .
* اعملي وحددي لك برنامجا مكتوبا تعرفينه أنت فقط ، وراقبي نفسك فيه ، دونيه في أوراقك ، وتابعي نفسك بدقة وأريحية .
* لا تضيقي على نفسك بكثرة الأعمال ، بل اجعلي ضمن برنامجك أشياء مسلية تحبينها ، فإن الصالحين دأبوا على الترويح على النفس ، والخروج للحدائق والبحر وتنسم الهواء العليل، وممارسة الرياضة ونحوها .


سدد الله دربك وحقق مرادك ، وجعلنا وإياك من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه .
ونسأل الله أن ينفع الجميع بهذا المعراج الذي هدفت له ، ولا ينسوني من دعوة صالحة تخرج من كنانة القلوب الصافية .








__________________


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
@البتراء المرشحة رسميا "لعجائب الدنيا الجديدة""""""" МŘ. ali afandi غرائب و عجائب 39 10-11-2015 04:06 PM
هل تشعر بقسوة قلبك " هنا العيادات الايمانية " فردوسالجنان نور الإسلام - 0 02-20-2010 10:30 PM
""لعشاق الساحره"""""""اروع اهداف القدم 92-2005""""""ارجوا التثبيت""""""" mody2trade أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 2 05-14-2008 02:37 PM


الساعة الآن 01:49 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011