لاتظلمــــوا المطــــر ..! - عيون العرب

**حمزه عمر** · #1 12-22-2009, 07:30 AM

بسم الله الرحمن الرحيم

- التساقط الجميل للامطار ، لوحة فريدة من العطاء والخصب والحب للأرض والانسان، .يوقظ في النفس مشاعر مختلفة ، تختلط فيها قدرة الخالق بأسرارالكون و الحياة .
المطريسقي الارض والبشر، ينبت الزرع ، بدونه يستحيل العيش، غير ان زخات المطر منذ ان تبدأ بالنزول تربك الناس ، ويصبح المشهد ينبىءعن خير وفير طالما انتظرناه ، واذا تأخر تقام له الدعوات والصلوات ، بل زائرا غير مرغوب به، قدومه يعني اعباء اكثر وتخزين مزيد من الطعام والشراب والوقود ، وكأننا لانعيش الفصول الاربعة بل فصلا قطبيا يمتد على مدار العام .
مع كل هطول غزير للمطر تبدأ الطوابير امام المخابز ومحطات الوقود ،وفي الشتوة الاخيرة وبحسب تصريحات لمعنيين تناقلتها وسائل الاعلام ، فالطلب تزايد بشكل كبير على المشتقات النفطية ، ووصل 13870 طنا لكل من الكاز والديزل والبنزين و 143 ألف اسطوانة من الغاز المسال.
وفيما تستهل نشرات الاخبار بالعبارة التقليدية '' امطار الخير تعم البلاد '' ، غير ان ما يتلو ذلك من حديث عن ازمات وحوادث السير ومداهمة مياه الامطار للمنازل والمحلات و تعطل السيارات وكشف المستور في هشاشة البنية التحتية التي حولت الشوارع الى برك ومستنقعات بسبب سوء التصريف وضعف الصيانة ، تظهر المطر في صورة المتسبب بكل ما يحدث من أضرار في الناس والممتلكات ، وكأنه نقمة وليس نعمة .
المطر يعني اعلان حالة بيات شتوي ، ومبرر ل''الفليلة '' قبل انتهاء الدوام ، والتلكؤ عن القيام ببعض الواجبات الاجتماعية، ركود تام وتعطل للمصالح ، وتحكي زميلة بانها يوم الخميس الفائت وشهد هطولا لامطار كثيفة، راجعت احد البنوك فلم تجد زبونا واحدا في صالة الانتظار، على عكس الايام الاخرى حيث يستغرق سحب او ايداع بعض النقود زمنا يتجاوز في احيان كثيرة نصف ساعة او اكثر، فيما شهد مجمع تجاري قريب من البنك كما تقول اكتظاظا لشراء المواد التموينية المختلفة ، ويضيف '' مالك اراضي وعقارات '' بأن نزول المطر أفسد عليه بيع اكثر من شقة وكثيرين ممن اتصلوا ليعاينوا الشقق قاموا بتأجيل مواعيدهم الى ايام يكون فيها الجو صحوا ، وكأن الناس لايخرجون من بيوتهم اذا امطرت السماء .
يسعى البعض لتشويه صورة المطر، بعض السائقين يستعرضون مهاراتهم برشق الماره بمياه الامطار، ويقول ''شاهد عيان '' بأن سائقا مسرعا رشق شابة تنتظر تاكسي في منطقة جبل الحسين ، وأغرق وجهها وملابسها بالمياه الموحلة ، يتابع:'' المطر جميل ، لكن سوء تصرف البعض ، يجعلنا نحسب له الف حساب ، يريدون منا ان نكره المطر ؟
نزول المطر يحسن من حالة الركود الذي تعيشه كثير من المحلات التجارية منذ عيد الاضحى ، وتقول ''مسؤولة '' باحد المحلات في مجمع تجاري كبير بان المطر والبرد يجبر الناس على شراء الالبسة الشتوية وعدم الانتظار حتى مواسم التخفيضات الموسمية، وقد اعلن المحل مؤخراعن خصم لبضعة ايام على معظم البضائع الشتوية في المحل ،
المطرايام زمان اجواء من البساطة والدفء واستعداد بسيط يبدأ من تفقد اماكن التسرب ''الدلف''في السقوف والجدران في المنزل ومعالجتها ، او اضافة ''زينكو'' لاحد النوافد حتى لايدخل المطر، فيما كان للصغار لعبة جميلة لاتحلو الا تحت زخات المطر وهي التسابق للابحاربسفن من الورق في برك المياه التي تتجمع في ساحات البيوت ، وهناك من كان يحلو له تسيير القوارب في سطل او طنجرة يملؤها بماء المطر، ، اما تجفيف الغسيل فأكثر ما يقلق الامهات في الايام الماطرة بخاصة اذا ما تعلق الامر بثياب المدرسة ، حيث كان يتم نقلها بين اكثر من حبل لحمايتها من البلل.
مياه الامطارتفيد الصحة وتخفض خطر الاصابة بالامراض بحسب دراسة استرالية ، حيث قام باحثون من جامعة موناش في ملبورن بمراجعة 300 منزل يستخدم سكانه مياه المطر كمصدر رئيسي للشرب ، واخبروهم بانه سيتم ازالة اية كائنات محتملة تسبب التهابات معوية فيما نصف الاجهزة لم تكن تحوي على مرشحات . وسجلت العائلات حالاتها الصحية على مدى عام كامل لتكون النتائج مفاجأة فحالات الاصابة بالتهاب معوي للمجموعتين كانت متشابهة جدا.
لعل اكثر ما يكشفه المطر ليس مستوى التقصير من قبل العديد من الجهات الذي يجعل مدننا وقرانا وبوادينا تغرق في'' شبر مية '' بل وفي تعاملنا مع هذا الغيث الجميل ، والذي نجعل منه عبئا ثقيلا بدل ان يكون مصدر راحة واطمئنان بموسم زراعي جيد وتوفر للمياه في ايام الصيف القادمة .
كريمان الكيالي

__________________
[