عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الترفيهية > نكت و ضحك و خنبقة

نكت و ضحك و خنبقة القسم لا يهتم بشيء سوى الفكاهة والضحكة البريئة والمواقف الساخرة والمقالب بين الأعضاء

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-21-2009, 10:39 PM
 
ملفّ التسلح في منطقة المغرب العربيّ ......mk

يتزايد اهتمام الدول العظمى في منطقة شمال إفريقيا أو المغرب العربيّ يوميّا. وتخوض كلّ من روسيا والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والصين معارك نفوذ للسيطرة على المنطقة أو كسب ما يمكن كسبه من سوق ضخمة تضمّ أكثر من ثمانين مليون نسمة داخل مساحة مترامية الأطراف تبلغ 5.782.140 كلم2، وتزخر بالنفط والغاز الطبيعيّ والفوسفات والحديد، وتقبل دوله على استيراد البضاعة الغربية بكافة أصنافها. وبالرغم من أنّ فرنسا وبعض الدول الأوروبيّة تعتبر المغرب العربيّ جزءا من مجالها الحيّوي الذي لا تزاحمه فيه دول أخرى، إلا أنّ السنوات الأخيرة حملت عدة مفاجئات غير سارة للفرنسيين بتدخّل العم سام والعملاق الصينيّ والدبّ الروسيّ على الخط طمعا في البعض من ثروات المنطقة.
كنتيجة طبيعيّة للتجاذبات المسجلة في المنطقة والتي انخرطت فيها حكومات الدول المغاربية حتى النخاع، سجلت السنوات الأخيرة حركة تسلّح مريبة في بلدان المغرب العربي، خصوصًا ليبيا والجزائر والمغرب وتونس في سيناريو يذكر بحقبة الحرب الباردة، حيث تسود لغة الديبلوماسية إعلاميا، وتتسارع – بالتوازي - وتيرة تكديس السلاح خلف الكواليس.
وباتت دول المغرب تحتل المرتبة العشرين بين الدول الأكثر تسلحا في العالم. وتوسعت صفقات الأسلحة في الفترة الأخيرة بين تلك الدول، وبشكل خاص المغرب والجزائر لخلافهما على الصحراء المغربية، مما أنشأ مخاوف من نشوب حرب او توتر العلاقات بين دول منطقة. الا ان معظم الدول المغاربية تتزعم توجهها الى عقد صفقات عسكرية "للحفاظ على استقرارها ومواجهة الارهاب المتربص بأمنها"، بينما يرفض العديد من العسكريين في تلك الدول التعليق أو الحديث عن موجة التسلح التي تعصف بالمغرب العربي.
السلاح الفرنسي والروسيّ والأميركيّ المصدّر إلى المغرب العربيّ دفع بمنظمة الأمم المتحدة إلى توجيه تحذير للبلدان المغاربية من اشتداد حمى سباق التسلح بينها بعد أن بلغ هذا التسابق حدا ينذر بالخطر الحقيقيّ على مستقبل العلاقات بين دول المنطقة التي أصيبت هي الأخرى منذ مدّة بتنامي المدّ السلفي الإرهابيّ ورغبات الولايات المتحدة في إقامة قاعدة عسكرية تحفظ مصالحها وتراقب من خلالها تحركات الجماعات الأصولية.
واليوم، باتت الدول المغاربية تحتل المرتبة العشرين من بين الدول الأكثر تسليحا في العالم. وطبقا للتقرير السنوي ل"معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام" استأثرت أربعة بلدان مغاربية (ليبيا والجزائر والمغرب وتونس) بثلث تجارة السلاح في القارة الأفريقية في السنة الماضية، مع ما يعنيه ذلك من شحن للأجواء وتوتر للعلاقات وعودة منطق التحالفات والأحلاف. ورفعت سياسة الإفراط في التسلح التي يتبعها المغرب العربي منذ سنوات قليلة ماضية درجات الاستعداد القتالي على حساب المشاريع التنموية لشعوب لتلك الدول، في ظل أزمة مالية عالمية لم تخفف من عزم الدول على التسلح وتكديس السلاح "تحسبا لأي هجوم إرهابي"، بل ورفعت ميزانيتها المخصصة لشراء المعدات الحربية.
هل يبرر مكافحة الإرهاب كل هذا الإنفاق العسكري؟ وما أسباب التسلح وجدواه؟ وما تداعيات صفقات الأسلحة على تلك الدول والجوار؟
"إيلاف" تفتح ملفّ التسلح في منطقة المغرب العربيّ عبر شبكة مراسليها بالعواصم المغاربيّة لإحاطة القراء علما بموضوع عسكرة المغرب العربي وأسبابه ومن يدفع إليه ومن يوفّر السلاح وكم يصرف على اقتناءه، وتداعيات كلّ ذلك على المنطقة وشعوبها.

1) تونس
*جيش صغير بتمويل محتشم و التسلح ليس على سلم الأولويات
*تونس تُخيّر علاقات وثيقة مع قوى عظمى على التسلّح
على الرغم من أنّ الحكومة التونسية تتابع باهتمام شديد "تهافت" جيرانها المغاربة على شراء الأسلحة من الدول العظمى، إلا أنها لم تفكر يومًا في النسج على المنوال الليبي أو الجزائري أو المغربي في تكديس السلاح. وكيف يمكن للجمهورية التونسية الفقيرة من حيث الثروات الطبيعيَّة، على عكس أشقائها المغاربة، توفير المال الكافي لشراء السلاح بالقدر ذاته أو الثمن؟ اختارت تونس منذ حصولها على الاستقلال في العام 1956 حصر القوات المسلحة في الدور الدفاعيّ البحت الذي يمكن ملاحظته من خلال تواضع قطعها العسكرية وعدد جنودها ودور الجيش الوطنيّ والميزانية التي تصرف لفائدته. وعلى الرغم من التكتم الشديد الذي تنتهجه الحكومة على موضوع السلاح والتسليح فإنّ جل المتابعين أجمعوا على أنّ البلاد كوّنت قوّاتها العسكرية تحديدًا لهدف الحفاظ على الحدود والأمن الداخلي لا أكثر ولا أقلّ، مقابل السعي قدر الإمكان من أجل ربط علاقات قوية ووثيقة مع القوى العظمى في العالم درءا لأي خطر خارجيّ غير متوقّع و الذي يظلّ مستبعدا بكلّ الأحوال.
ارتفعت ميزانية وزارة الدفاع الوطني التونسية من 340 مليون دولار سنة 2001 إلى 520 مليون دولار سنة 2005، قبل أن تتراجع إلى 669.136 مليون دينار تونسي في العام 2008 أي ما يعادل 481.05 دولارا أميركيا. وارتفع عدد جنود الجيش التونسي الذي تأسس في العام 24 يونيو 1965 من 35000 رجل سنة 2004 علاوة على قوات شبه عسكرية تقدر ب 12000 رجل إلى 50000 جندي سنة 2005.
وتشير إحصاءات قديمة نسبيّاً تسرّبت عبر عسكريين متقاعدين إلى أنّ الجيش التونسي ضمّ لوقت غير بعيد قوات برية متكونة من 27000 جنديّ يستعملون 84 دبابة حربية فقط أغلبها m60a1;3 بالإضافة إلى 117 مدفعية مُوجهة 91 قاذفة هاون. ووفقًا للتسريبات ذاتها، تمتلك القوات الجوية وعديدها 3500 رجل 29 طائرة حربية من نوع ف 5 الأميركية والميراج إضافة الى أعداد أخرى من طائرات التدريب مجهولة العدد 2 طائرة من نوع F-5E Tiger II/F-5F Tiger II.



وبالنسبة إلى القوات البحرية، فتضمّ 4500 جنديّ وتمتلك 6 سفن حربية تعززت مؤخرا بأسطول من السفن الحديثة وقاذفات للصواريخ علاوة على 20 خافرة سواحل وعدد غير معروف من السفن الدعم والتموين من طراز Salambo Conrad ويرى متابعون أنّ تونس تحرص على تسويق صورة خارجية قوامها انها بلد مسالم لا يملك جيشا قويا أو مسلحا بالعتاد الكافي للهجوم، و إنما الموجود هو عبارة عن قوّة محلية صغيرة بأسلحة قديمة نسبيا هدفها الاول تعطيل العدوّ في حالات الغزو الخارجيّ لبضع ساعات في انتظار التدخل السريع من الحلفاء أي القوى العظمى التي تحاول ربط علاقات مميزة معها في مجال الدفاع. هذا وتطغى المهمّات المدنية والمساعدات خلال الكوارث الطبيعية و إسناد مهمات حفظ السلام تحت غطاء الأمم المتحدة على وظائف الجيش في تونس.
واستنادا إلى الخطاب الرسميّ فإنّ للجيش مهمة "تقليدية تتمثل في الدفاع عن استقلال الوطن وسيادته ومراقبة حدود البلاد وحماية حرية الشعب ومؤسسات الدولة ويتولى الجيش الوطني ووفق السياسة التي رسمها الرئيس زين العابدين بن علي القائد الأعلى للقوات المسلحة تنفيذ مهام تكميلية توافقا مع متطلبات التنمية وتأتي على رأس هذه المهام مساهمة الجيش في انجاز عديد المشاريع المهمة الممولة من قبل صندوق التضامن الوطني 26/26 المخصّص للمساعدات الإنسانية".
وللقوات المسلحة في تونس دور كبير في مجابهة الكوارث الطبيعية عبر ما تقوم به من تدخلات بفضل الوسائل اللوجستية والتجهيزات والمعدات بما ساهم في أكثر من مناسبة في إنقاذ الأرواح و التخفيف من معاناة الضحايا ومحو أثار ومخلفات الكوارث كالفيضانات.
وساهم الجيش التونسي في 17 عملية لحفظ السلام في كل من كمبوديا والكونغو ورواندا وبورندي والبانيا والكوت ديفوار وغيرها. وبخصوص الدول التي تزوّد تونس بهده الكميات القليلة من السلاح ، تظلّ كل من الولايات المتحدة و ايطاليا وفرنسا من الدول التي تتعامل معهما تونس في هذا السياق.

والتقى في مارس الماضي وزير الدفاع التونسي كمال مرجان مع الفريق أول الدو تشينالي الكاتب العام الايطالي للدفاع خلال زيارة رسمية أداها للبلاد و استمرت أربعة أيام،وتطرق الجانبان إلى "دور التعاون الثنائي على الصعيد العسكري في مزيد تعزيز هذه العلاقات" ولم يكشف خلال المحادثات هل ستشتري تونس أسلحة إضافية من ايطاليا أم لا ، لكن المحادثات أقرت مكان وزمان احتضان الدورة الحادية عشرة للجنة العسكرية المشتركة التونسية الايطالية التي تنعقد سنويا بالتداول بين البلدين. ومن المنتظر أن تبحث اللجنة في أوجه التعاون الثنائي العسكري بين البلدين و يرجح أن يعقد الجانبان صفقة أسلحة صغيرة.
الولايات المتحدة تربطها أيضا علاقات عسكرية مع تونس و تحديدا على صعيد سلاح الجوّ. وعرف التعاون بين سلاحي الجو الأميركي والتونسي تطورا كبيرا خلال السنوات الأخيرة ، و يتمثل ذلك في المناورات الدورية المشتركة و التي تشرف عليها قيادة سلاح الجو الأميركي بأوروبا وتقدم خلالها دعما تقنيا ولوجستيا و تدريبيا لعناصر الجيش التونسي .
وتعتبر الزيارة التي أداها الجنرال وليام هوبينز قائد القوات الجوية الأميركية في أوروبا إلى تونس في العام 2006 والتقى خلالها كبار المسؤولين العسكريين في البلاد - و تم الاتفاق خلالها على تجهيز سلاح الجو التونسي بأجهزة و تكنولوجيات حديثة - أبرز محطات التعاون بين البلدين.يرى متابعون أنّ المال القليل الذي تصرفه تونس على الجيش لم يجعل الحكومة محلّ انتقاد الأوساط المعارضة كذا الشأن في دول مجاورة ، حيث تتعرض الحكومات إلى تهم إهدار المال في شراء الأسلحة على حساب مشاريع التنمية وتوفير فرص الشغل لآلاف المعطلين عن العمل.

2)ليبيا
*ليبيا تتسلح من روسيا والغاية... فرض إحترام الجيران
ما إن رُفعت العقوبات الدولية عن الجماهيرية الليبية في العام 2004، حتى وضع النظام هناك استراتيجية متكاملة لإعادة تسليح البلد وتحديث مؤسسته العسكرية. فرنسا وروسيا كانتا قبلة العقيد القذافي لإرضاء رغبته في استيراد السلاح الثقيل من طائرات ودبابات ومدافع. وعلى الرغم من أنّ الجيش الليبي حاليا وقوامه 76 ألف رجل لا يتناغم مع عدد سكان الجماهيرية البالغ عددهم 6 ملايين نسمة، إلا أنّ تاريخ الصراعات العسكرية التي خاضتها ليبيا في السابق (مصر في العام77، و الحرب مع تشاد) جعل التسلح من أولويات النظام الحالي خصوصا في فترة ما بعد العقوبات الدوليّة وإمكانية الاستفادة من عائدات الثروة النفطية.

زار العقيد معمر القذافي العاصمة الروسية موسكو في الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني ) من العام 2008، وتوصّل حينها إلى صفقة عسكرية وصفت بالتاريخية تمّ بموجبها شراء 12 مقاتلة متطورة من طراز ميغ 29 MiG-29SMT 2 أخرى من طراز سوخوي 30 أم كيو Su-30MK2 ودبابات من طراز تي 90، وغواصتين من طراز 636 تعمل بالنظام المزدوج الكهربائي و"ديزل".
كما اشترت ليبيا من روسيا أنظمة دفاع جوية طويلة المدى وأخرى قصيرة المدى في صفقة ضخمة بلغت ال 2.2 مليار دولار. وأبرمت ليبيا مع فرنسا صفقة عسكرية هامة خلال زيارة للرئيس ساركوزي لطرابلس، تمّ بموجبها تحديث الأسطولين الجويين العسكري والمدني، بالإضافة إلى شراء خافرات سواحل وأجهزة رادار متطورة. وشملت الصفقة تحديث 30 طائرة حربية من طراز ميراج إ كانت اشترتها ليبيا قبل فرض حظر على تصدير الأسلحة إليها. وبلغت قيمة الصفقة التي تُؤمنها كل من شركتي "أستراك" و"داسو للطيران"، قرابة العشرين مليون يورو لكل طائرة. وتتميز الطائرات الفرنسية بكونها مجهزة بصواريخ جَو-جَو من طراز "ماجيك". وتعمل مجموعة "إيدس" ( EADS) الفرنسية للتصنيع الحربي أيضا على تجهيز ليبيا بنظام رادار لمراقبة الحدود والمواقع النفطية.

يقول عسكريّ ليبي تقاعد منذ 6 سنوات و يقيم حاليا في احد الدول الأوروبية لإيلاف: "بعد صفقات السلاح الضخمة التي اشرف العقيد القذافي عليها شخصيا، يمكن القول أنّ الجيش الليبي أضحى جيشا قتاليا قادرا على الهجوم كما الدفاع، فهو يضمّ قرابة الألفين وخمسمائة دبابة والآلاف من العربات المصفحة وناقلات الجند سريعة الحركة والتي تتوائم و تضاريس الجماهيرية، والمئات من القطع المدفعية من مختلف الأعيرة."
ويتابع العسكريّ الذي رفض الكشف عن اسمه:"تتوفر ليبيا اليوم على راجمات صواريخ عملاقة وغواصات وفرقاطات مقاتلة، أما سلاحها الجويّ فيتجاوز الخمسة وعشرين ألف عنصر و يوجد أكثر من خمسمئة مقاتلة في الوقت الحالي بعضها غير صالح للعمليات القتالية، ناهيك عن صواريخ جو – جو ومضادات الطائرات المتقدمة. ويرى المصدر ذاته أنّ الجيش الليبي حاليا يعاني من انخفاض مستوى التأهيل والتدريب العسكري في تنافر كبير مع تكديس السلاح المتطور و اللهفة على شراء كل ما تجود به فرنسا و روسيا من سلاح فقد عمليا جدواه كون الدول المصدرة للسلاح أثبتت أنها تحتفظ بالسلاح الحديث و الفتاك لنفسها و تبيع القديم لغيرها من الدول".
كما أشار إلى "غلبة معايير الزبونية والولاء للقذافي على معايير القدرة والكفاءة في قيادة الجيش الحالي". منذ أسابيع قليلة عبرت الولايات المتحدة – بطريقتها الخاصة - عن رفضها لتفرد روسيا ببيع السلاح للجماهيرية، إذ اعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن الولايات المتحدة ستقوم بدراسة عقد صفقات سلاح مع ليبيا يحتمل أن تتضمن طائرات نقل وأنظمة للأمن الساحلي والحدودي.
وقال عسكريون أميركيون إنهم سيدرسون طلبات ليبية بالحصول على معدات دفاعية تمكنها من بناء قدرات في مجالات "تخدم مصالحنا المشتركة، ومن أمثلة ذلك أنظمة تستخدم للأمن الحدودي والساحلي بالإضافة إلى الجسور الجوية لمسرح الأحداث بإشراك طائرات مثل هيركيليز سي-130 التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن والتي يمكن أن تنقل قوات ومعدات". وقد لا يجد الأميركيون فرصة أفضل من الوقت الحالي لبيع سلاحهم لليبيين خصوصا مع عودة العلاقات و التمثيل الدبلوماسي بين البلدين و طيّ صفحة القطيعة التي سادت لعقود بينهما.
ولمزيد تسليط الضوء على قضية التسلح في المغرب العربيّ و أبعادها المحليّة و الدولية، اتصلت "إيلاف" بالخبير في الشأن المغاربيّ و المحلّل رشيد خشانة مُعدّ دراسة "سباق التسلّح في المغرب العربيّ". ويشير خشانة في البداية إلى أنّه علينا "فهم حقيقة ّأنّ صفقات السلاح بالنسبة للدول لا يمكن أن تُقرر وتُبرم في وقت سريع وبناء على تطورات من هنا آو هناك، كما أنها لا يمكن أن تأتي ردا على صفقة تعقدها دولة قريبة جغرافيا أو معادية تاريخيا، كذا الحال بالنسبة لكلّ من ليبيا والجزائر والمغرب على اعتبار أن تونس لم تنتهج سياسة التسلح، وإنما تندرج الصفقات تلك في إطار الإستراتيجية العامة للدولة. وحينها يتمّ ضبط المنظومة الشاملة للأمن القومي في ضوء تحديد مصدر التهديد ومن أين يمكن أن يأتي الخطر (بحرا أم برا أم جوا؟) ومدى دائرة النفوذ التي ترسمها تلك الدولة لنفسها وهي مرتبطة عادة بالمصالح الاقتصادية. كما تتحدد الإستراتيجيات في ضوء الموارد الوطنية للبلاد ومصادر الدعم الخارجي الثابتة.
ويعتبر رشيد خشانة سباق التسلح في المنطقة المغاربيّة مدخلا للعبة النفوذ التي تلعبها القوى الكبرى التي تبيع السلاح في المنطقة وهي الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا،مستثمرة في ذلك الصراع المغربي – الجزائري على الصحراء الغربية الحدود، و تطلعات العقيد معمر القذافي إلى لعب دور إقليمي في القارة الأفريقية و تضخيم الأميركان لخطر القاعدة في المغرب الإسلامي و سعيهم المحموم لعسكرة منطقة شمال إفريقيا خدمة لمصالحهم القومية التي تقتضي أيضا التصدّي للنفوذ الصيني المتعاظم في القارة السمراء و الزاحف نحو المخزونات الكبيرة من النفط و الغاز الطبيعيّ التي تزخر بها المنطقة.
وبالتالي سيجد المغرب العربيّ نفسه تلقائيا أحد الأسواق الرئيسية لما جادت به مصانع تلك الدول الكبرى من أسلحة. الأسلحة التي اقتنتها ليبيا مؤخرا – استنادا إلى رشيد خشانة – تعبر عن رغبة صريحة من القذافي لتحقيق نوع من التّوازن مع القِوى الدولية الكبرى المؤثرة في القارة الإفريقية، خصوصا مع تنامي دور الجماهيرية في احتضان الوساطات وخلافات دول الاتحاد الافريقيّ.
ومع سعيها لتنويع مصادِر السلاح، ظلّت ليبيا مضطرّة للمحافظة على مصدر التزويد التقليدي وهو روسيا الاتحادية كون ذلك يوفر الكثير من النَّفقات لأن المنظومات الروسية معروفة لديها، إذ تدرّبت عليها القوات الليبية سابقا وتتوافَر عندها قِطع غيِارها التي حصلت عليها في صفقات سابقة، وهو ما يُحقِّق المبدأ الذي يُسميه الخبراء "تجانس المنظومات". أموال طائلة تصرف على السلاح في المغرب في مساع عدة لفرض احترام الجيران وكسب الحلفاء باعة السلاح و الاضطلاع بدور رياديّ و إقليميّ، لكلن تلك المساعي تضلّ موجهة إلى الخارج وقد لا تعني كثيرا مواطني دول المغرب في صراعهم مع الفقر و البطالة و الأمية.
يقول خشانة: " المغرب العربي لا يحتاج إلى طائرات ودبابات لأنها لا تُطعم الجياع ولا تكافح هجرة سرية أو إجراما و لا توفر مستشفيات أو مدارس أو كليات لهم. أما العسكريّ الليبي المقيم بأوروبا فيقول:" تبرم البلدان المغاربية بما فيها ليبيا خلال سنتين الصفقات العسكرية التي تتجاوز في مجملها ما أبرم من صفقات طوال عقد من الزمان ورغم أن الإتحاد المغاربي يعتبر كيانًا مشلولاً في الوقت الحاليّ، فإن تكديس السلاح في المستودعات المغاربية سيكون حتمًا على حساب المشاريع التنموية الضخمة التي يمكن أن تساعد – لو أنجزت – في رأب الصدع بين الدول المغاربية الخمس".

3)المغرب
*المغرب يستعد لجميع الإحتمالات لحماية حدوده

تزايد في المغرب العربي، في السنوات الأخيرة، شغف التسابق للحصول على أكبر قدر من الأسلحة والمعدات العسكرية المتطورة إلى درجة شغلت المجتمع الدولي، ما جعل الأمم المتحدة توجه، أخيرا، تحذيرا إلى هذه البلدان لتنبيهها إلى انعكاسات هذه التحركات على مستقبل العلاقات المغاربية- المغاربية، وتبعاتها على الأمن والاستقرار في شمال أفريقيا، والحوض الغربي للمتوسط عموما. وجاء هذا التحذير بعد أن أشار التقرير السنوي ل " معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام " إلى أن أربعة بلدان مغاربية ( ليبيا، والجزائر، والمغرب، وتونس ) استأثرت بثلث تجارة السلاح في القارة الأفريقية، قبل سنتين، ما شكل علامة قوية على شدة السباق نحو التسلح في المنطقة.
ورفع المغرب ميزانية هذه السنة المخصصة للجيش، إذ جرى رصد 9.5 مليارات درهم مغربي لاقتناء المعدات والعتاد العسكري وتسديد النفقات الموازية المخصصة للاستعلامات العسكرية، مع تخصيص 10 مليارات درهم لبناء قواعد عسكرية، وإصلاح الثكنات والمدارس العسكرية، وإقامة مدرسة عليا للإستراتيجية الحربية لتكوين كبار ضباط الجيش، إضافة إلى هذا سيجري رصد حوالى 15 مليار درهم مغربي لتحسين الوضعية الاجتماعية للموظفين والجنود والضباط برفع رواتبهم، وتشييد مشاريع سكنية خاصة بهم، إضافة إلى مصحات طبية عسكرية وتطوير عدد من المستشفيات التابعة للجيش.

غير أن الاهتمام بالجانب العسكري، يختلف المراقبون حول تفسيره، ففيما يربطه البعض فقط بالتطورات في قضية الصحراء والصراع حول المواقع في المنطقة، ترى فئة أخرى أن هذه الدول تواجهه تحديات كبرى تتمثل في مواجهة الإرهاب، الذي ارتفع مستوى خطره بعد ظهور "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، التي تسعى إلى التوسع إقليميا وتلعب ورقة الرهائن للضغط، إلى جانب الهجرة غير الشرعية، وعصابات الجريمة المنظمة وتهريب الأسلحة، التي تنشط بقوة في منطقة الساحل جنوب الصحراء.
وفي هذا الإطار يقول محمد الغماري، أستاذ جامعي خبير في الدراسات الاستراتيجية والعسكرية، إن "هناك حملة تسلح مهمة في منطقة المغرب العربي والدول الأوروبية المحيطة به، خاصة بالنسبة للمغرب والجزائر، اللذين زادت قيمة صفقاتهما العسكرية في السنوات الأخيرة". وربط الغماري، في تصريح ل "إيلاف"، هذه الحملة بالعلاقات المغربية الجزائرية- والمغربية الإسبانية، مشيرة إلى أن العلاقة الأولى مرهونة بالنزاع المفتعل حول قضية الصحراء، أما الثانية فترتبط بسبتة ومليلية السليبتين.
وأضاف أن المغرب يعرف جيدا أن الجزائر تقف بشكل قوي وراء البوليساريو الذي يسعى إلى جر الرباط إلى حرب جديدة، وهو ما يجعل المملكة تبقى على استعداد دائم لأي تطورات محتملة.
أما بالنسبة إلى حكومة مدريد، يشرح الخبير المغربي، فكلما سمعت كلمتي سبتة ومليلة السليبتين، إلا وبدأت في استعراض قوتها العسكرية، مشيرا إلى أن الشكوك تجاه إسبانيا تبقى دائما قائمة بالنسبة إلى المغرب، خاصة أن الجيش الإسباني يرفض بشدة إعادة مدينتي سبتة ومليلة إلى المملكة.

وقال الغماري "العالم كله يتسلح، والمغرب يبقى دائما مستعدا لجميع الاحتمالات لحماية حدوده وترابه الوطني"، مضيفا أن "المملكة لا تتردد في إعطاء الأولوية للسلاح في ظل الظروف الراهنة". وليس هذا وحده ما يجعل المغرب ينخرط في هذا السباق، إذ يوضح الخبير في الدراسات الاستراتيجية والعسكرية أن "دول المنطقة، وفي مقدمتها المغرب، تساعد الدول الكبرى في حربها على الإرهاب، وهذا ما يجعلها تتجهز لذلك"، فيما ألقي على كاهلها أيضا التخفيف من حدة الصداع الذي يقلق راحة أوروبا، والمتمثل في الهجرة غير الشرعية، التي ساعدت الرباط في تراجعها بشكل كبير.
وتوجت تحركات المغرب في هذا السباق المحموم بإبرام صفقة مع الولايات المتحدة الأميركية لشراء 24 طائرة حربية أميركية متطورة من طراز "أف 16"، بقيمة 233.6 مليون دولار،إضافة إلى تجهيزات وخدمات ملحقة بقيمة إجمالية يمكن أن تصل إلى مليارين 00 مليون دولار. وتنوي القوات الجوية الملكية المغربية بناء قاعدة خاصة بطائرات "إف 16".
وكشف الموقع العسكري للقوات الجوية الأميركية أن عسكريين مغاربة وتقنيين تابعين للقوات الجوية الملكية المغربية توجهوا، منتصف آذار (مارس) الماضي، إلى قاعدة "ليوك" الجوية في ولاية أريزونا الأميركية، وهي أكبر قاعدة تدريب في العالم لطائرات "أف 16"، وذلك بغرض تلقي تكوين على يد القوات الجوية الأميركية.
وأشار إلى أن المغرب يقوم ببناء البنيات التحتية للقاعدة العسكرية التي ستقلع منها طائرات "إف 16" مكان قاعدة قديمة لم يتم تحديد مكانها، لتصبح القاعدة الجوية الخامسة عشرة التي تتوفر عليها القوات الجوية الملكية المغربية. كما قررت الرباط اقتناء أربع طائرات من صنع اسباني لتوظيفها في الشحن العسكري والمراقبة ومهام عسكرية أخرى. وتأتي هذه العملية في إطار تحديث الترسانة العسكرية المغربية التي تشمل القطاعات الثلاثة البرية والبحرية والجوية لتوازي التحديث العسكري الحاصل في دول الجوار، اسبانيا والجزائر.
ويتعلق الأمر بطائرات من نوع "سي 27 خي سبارتان" بقيمة إجمالية تصل إلى نحو 130 مليون يورو، أي حوالي 32 مليون يورو للطائرة الواحدة. وتعتبر "سبارتان" من الطائرات الأكثر تطورا في مجال النقل العسكري والمراقبة، واقتنت منها الولايات المتحدة عددا كبيرا خلال السنوات الأخيرة ولا سيما أنها طائرة قابلة للاستعمال الحربي كذلك.


وتأتي هذه الصفقة الثالثة من نوعها، بعد إبرام المغرب صفقة تحديث 27 طائرة من نوع "ميراج اف 1" الفرنسية الصنع للرفع من قدرتها القتالية من حيث حمل صواريخ ورادار متطور. كما أبرم المغرب مع فرنسا، في السنة الماضية، صفقة اقتناء فرقاطة من نوع "فريم" المتعددة المهام، قبل أن يوجه طلبية إلى شركة الصناعات البحرية الفرنسية بهدف صنع 3 فرقاطات أخرى من النوع نفسه. وفي هذا الصدد، قال الخبير محمد الغماري إن "هذا النوع من الصفقات يعد قفزة بالنسبة إلى المغرب، إذ إن القوة البحرية كانت رمزية بالنسبه له، وتشكل ثغرة، أما الآن فبدأت تأخذ مكانها الصحيح، بعد أن انتقلت من الاكتفاء بتدريب الأطر إلى التجهيز".
ويمتلك الجيش المغربي نحو 48 دبابة روسية من طراز "تي 72" بعضها مزود بدروع تفاعلية، كما يتوفر على 300 دبابة أميركية من طراز "إم 60"، ونحو 440 ناقلة جنود مدرعة أميركية من طراز "إم 113"، على جانب آاليات أخرى متطورة. وأجرى المغرب، أخيرا، مناورات عسكرية في جنوب المملكة، شاركت فيها طائرات هيلكوبتر وطائرات حربية من نوع "إف 5" و"إف 16"، إلى جانب فرقة من المظليين، كما أجرى أيضا تدريبات في الجنوب مست عددا من الآليات، أشرف عليها الجنرال دو كور دارمي عبد العزيز بناني، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية قائد المنطقة الجنوبية.

4) الجزائر
*التسلح في الجزائر .. خيار إستيراتيجي دائم

إتسّم الحديث عن ملف التسلح في الجزائر على الدوام بقدر مضاعف من الحساسية والخصوصية، على نحو جعل الشارع المحلي هناك يتعاطى دوما بتحفظ ظاهر مع الموضوع فهو أكثر المسائل غموضا وإنطباعا بالسرية، حتى وإن كان الخوض في التسلح خلال السنوات الأخيرة شهد نقلة نوعية إعلاميا، مع بدء المسؤولين الجزائريين مع تولي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مقاليد الحكم، في الحديث عن الإنتقال بالجيش الجزائري إلى طور الإحترافية وتحديث المعدات الحربية التي تآكلها الصدأ منذ أواسط ثمانينيات القرن الماضي. وقصد تسليط الضوء على راهن منظومة التسلح الجزائرية، ومختلف الأشواط التي قطعتها منذ إستقلال الجزائر في يوليو/تموز 1962، قامت "إيلاف" برصد ما إكتنف مسار التسلح، بمعية الخبيرين الجزائريين "كمال منصاري" و"د/إسماعيل معراف".
3 مراحل وكتلة من التطورات
تشير المعلومات الرسمية المتوفرة إلى رصد السلطات الجزائرية على مدار الفترة ما بين 1963 998 لمخصصات بحدود 10 مليارات دولار بغرض اقتناء أسلحة عصرية ومتطورة، غالبيتها جرى جلبها اعتبارا من مطلع التسعينيات لاعتبارات ميدانية فرضتها مكافحة الإرهاب ودعم إحترافية الجيش، ويلاحظ الفاحص لتفاصيل قوانين الموازنة السنوية أنّ حجم ما تستفيد منه وزارة الدفاع الجزائرية أكبر بكثير مما يتم إقراره لصالح الأسلاك القطاعية الأخرى، حيث واظب معدّوا قوانين الموازنة منذ استقلال البلاد على رفع سقف المبالغ الخاصة بالشأن الدفاعي وتسليح الجيش.
وتقول وثائق غربية كُشف النقاب عنها حديثا، إنّ دولة مثل ألمانيا الديمقراطية لعبت سنوات السيتينيات دوراً محورياً في بناء أسس الصناعة العسكرية الخفيفة في الجزائر، من خلال تزويد مصانع ألمانية عدة للجانب الجزائري بمعدات ذات تقنية، ومنحها فرص تكوين وتأهيل للكوادر الجزائرية داخل المؤسسات العسكرية في ألمانيا الديمقراطية وقتئذ، وهو ما دعمته الجزائر التي خرجت من احتلال فرنسي استمر 132 سنة، بعقد صفقات خلال تلك الفترة مع كل من بلغاريا ويوغوسلافيا وكوريا الشمالية.
وفي مقابلة خاصة مع "إيلاف"، قسّم الدكتور إسماعيل معراف المسلك الذي اتخذه التسلح في الجزائر إلى ثلاثة مراحل كبرى، بدأت الأولى - بحسبه - مباشرة بعد الاستقلال، واعتمدت بشكل تقليدي على الاتحاد السوفياتي الراحل في مجال تزويد السلاح والمعسكر الاشتراكي بشكل عام، ويضيف معراف إنّ صفقات التسلح آنذاك اقتصرت على المجالين البري والجوي فقط، بينما شهدت المرحلة الثانية اعتبارا من العام 1974، تحولا بسبب مخلفات أزمة الطاقة آنذاك، والمواقف التي اشتهرت بها الجزائر خلال عهد رئيسها الراحل "الهواري بومدين" بمناهضتها الامبريالية والسيطرة الأمريكية والغربية، بالتزامن مع بروز خلاف وعداء قوي مع المغرب، ويفيد الأكاديمي والباحث الاستيراتيجي اسماعيل معراف إنّ هذه المرحلة الثانية تميزت بالتركيز على تنويع مصادر اقتناء السلاح مع شركاء متعددين محسوبين على المعسكر الاشتراكي، مع دخول فرنسا على الخط، إثر العودة التدريجية للعلاقات الجزائرية الفرنسية، ويركّز معراف على أنّ باريس كانت تبيع السلاح للجزائر والمغرب حتى تبقي التوازن سيدا للموقف في منطقة محسوبة عليها تاريخيا بحكم احتلالها للبلدين، ورغبة الساسة الفرنسيون إبقاءها مركزا للنفوذ.
وبمنظار د/معراف، فإنّ المرحلة الثالثة في مسار التسلح بالجزائر، انطلقت العام 1984، ولا تزال مستمرة بتقديره إلى غاية اليوم، وتتميز برأي الخبير بدخول الجزائر بقوة على المستويات البرية والبحرية والجوية، ويستدل محدثنا بارتفاع ميزانية التسلح بشكل مطرد بين عامي 1980 985، قبل أن تتراجع سنة 1986 بسبب الأزمة المالية وتراجع أسعار البترول، لكنها سرعان ما عاودت الارتفاع مع سنة 1992 التي اقترن شتاؤها بنشوب الأزمة الأمنية في الجزائر، بيد أنّ الدكتور معراف يلح على أنّ تلك العودة كانت مُحتشمة، فعدا روسيا وبعض الدول "الصديقة" التي واصلت إمداد الجزائر بالسلاح، سارت كل من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية في اتجاه معاكس، على خلفية الموقف الذي اتخذته كل من باريس وواشنطن من "الاسلام السياسي"، واعتبارهما آنذاك أنّ النظام الجزائري قام بما نعتته العاصمتان (حماقات) انتابت التعامل مع ظاهرة "صعود نجم" الاسلاميين المتشددين، وما رافق ذلك من توجيه الاليزيه والبيت الأبيض لاتهامات إلى السلطة الجزائرية اشتهرت في تلك الفترة، بما أطلقا عليه "انتهاكات حقوق الانسان".
لكن تفجيرات الحادي عشر سبتمبر/أيلول 2001، أحدثت تحولا مفصليا، سارع معه الرئيس الأميركي السابق "جورج دبليو بوش" إلى اتخاذ الجزائر كحليف أساسي في "حربه على الإرهاب"، وتصنيفها ضمن قائمة البلدان "الصديقة والشريكة" التي تم تزويدها بمعدات وأجهزة عسكرية ثقيلة، واستفادت من إنجاز برامج خاصة بالتدريب والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب ضمن "خطة دعم موسّع"، في سياق دعّم جهود الجزائر لتحديث قواتها المسلحة، حيث اقترحت واشنطن رصد مساعدات للجزائر بحدود 2.8 مليون دولار خلال العام 2007.
وفي تصريحات خاصة ب"إيلاف"، يشرح الأستاذ كمال منصاري أنّ الجزائر دخلت منذ سنة 1999 في مرحلة تطوير جيشها وجعله محترفا وفقا لمعطيات جيو إستراتيجية عديدة اتسمت بظهور أحادية القرار على المستوى العالمي وبروز ظاهرة الإرهاب، وعليه عملت الجزائر على التعاطي مع هذه المتغيرات بتنويع مصادر تموينها بالسلاح التي كانت مقتصرة على روسيا، ومن إفرازات ذلك ما يميز العتاد العسكري الجزائري حاليا بمختلف أنواعه، إذ جرى جلبه من: فرنسا، الصين، الولايات المتحدة، بريطانيا، باكستان، جمهورية التشيك، فضلا عن روسيا الحليف التقليدي.
ويلاحظ د/معراف أنّ انتعاش أسعار المحروقات وتمكن الجزائر من إنقاص دينها الخارجي إلى جانب ارتفاع احتياطي الصرف إلى مستويات قياسية، وفر امكانية تسلح كبيرة للجزائر، بحيث تموقعت كأحد أكبر الشركاء في منطقة جنوب المتوسط، وجعل اقتناء أسلحة حديثة أمرا حتميا، خصوصا مع كون السلاح الذي اشترته الجزائر فيما مضى اتصف بكونه "تقليديا" نوعا ما، ما أثار حفيظة المؤسسة العسكرية في الجزائر، وجعلها تبدأ في حراك متصل اعتبارا من العام 2004، توجته في مارس/آذار 2006 بإبرام أضخم صفقة أسلحة في تاريخها مع روسيا بواقع 7.5 مليارات دولار ما جعلها تتبوأ الصدارة كأول زبون إفريقي لروسيا في مجال السلاح، وهي حادثة يقول الدكتور معراف أنّها أصابت أطراف خارجية ب(الهوس)، وجعلتها تمارس تأثيرها على "نخبة معينة" داخل النظام الجزائري، ما جعل حكاية الأسلحة الفاسدة تأخذ مداها المعروف، ويقرّ الدكتور معراف جازما:"ليست هناك كفاءات تعرف قيمة هذا السلاح".
وحتى نضع القارئ في الصورة، فإنّه في أعقاب الاتفاق العسكري الجزائري الروسي في ربيع 2006 الذي أخذ بعين الاعتبار تعويض ديون الجزائر منذ عهد الاتحاد السوفييتي الراحل والمقدرة ب4 مليارات دولار لقاء اقتناء طائرات سوخوي وميغ ودبابات وبوارج وصواريخ، قام الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بزيارة مفاجئة إلى موسكو في 17 شباط/فبراير 2008، كان عنوانها الأبرز، ما سُمي آنذاك (معضلة) الأسلحة الروسية، حيث تناقلت أوساط مطلّعة أنّ بوتفليقة احتجّ لدى نظيره الروسي فلاديمير بوتين بشأن الشكوك التي طرحت بحدة حول مستوى صلاحية واردات السلاح الروسي، لا سيما قضية "70 طائرة مقاتلة من نوع "ميغ 29"، التي أوقف الجزائريون صفقتها -جزئيا- لتقديرهم أنّ قسما منها "رديئ" غداة تقرير أعدّه خبير جزائري مقيم بروسيا واشتمل على ملاحظات سلبية بشأن 24 من مقاتلات "ميج 29" التي استلمتها الجزائر، وتضمن التقرير المشار إليه ملاحظات حول عيوب وتحايلات انطوت عليها عملية تجهيز مقاتلات "ميغ 29" الروسية الصنع، من حيث إقدام شركة "إركوت" الروسية لصناعة الأسلحة على استعمال معدات قديمة، وهي محاذير دفعت وزير الدفاع الجزائري الفريق "أحمد قايد صالح" لاتخاذ قرار التخلي عن تلك المقاتلات، تبعا لعدم احترام الجانب الروسي ما نصّ عليه دفتر الشروط الساري المفعول .

ورغم هذه الهزة، سعى الجانب الجزائري بالتزامن إلى الانتقال إلى مرحلة أخرى، تعلقت بشراء راجمات للصواريخ مجهزة برادارات مضادة للطائرات، عُرفت باسم ''بانتسير س.1" التي تستخدم كدروع جوية، حيث تعاقدت الجزائر وروسيا على شراء مائة من هذه الراجمات، كما تضمن الاتفاق الجزائري الروسي المبرم قبل ثلاث سنوات، تحديث الغواصات الجزائرية ذات محركات "الديزل الكهربائي" التي تعود إلى عام 1980، واحتوت الصفقة أيضا على اقتناء الجزائر ل 40 طائرة صيادة من نوع "ميج 28"، و"سوخوي 30 م.ك" 6 طائرة تدريب وقتال من نوع "ياك 13"، وثمانية أنظمة صواريخ أرض جو من نوع س 300 ب. م. أُو، وأربعين دبابة من نوع ت 90 ، وهي معطيات أكدها مدير الشركة الروسية "روسوبرون إيكسبورت" المكلفة بتصدير الأسلحة، وعلّ السفير الروسي بالجزائر بشأنها:"موسكو مستعد لتلبية أي طلب جزائري من السلاح إلا ما يتعلق بالسلاح النووي"، وتحدث المسؤول ذاته قبل أشهر عن طلب جزائري لشراء عتاد عسكري روسي متطور موجه لمحاربة الإرهاب، كما تحدث عن طلب يخص سلاح الدفاع الجوي وتجهيز القوات البحرية والبرية بمعدات جديدة.
وفي برنامجها الخاص بالعام الحالي 2009، خصصت الجزائر 6.2 مليار دولار كميزانية للتسلح، وجاء في افتتاحية لمجلة الجيش الجزائري، أنّ قيادة الأخير تطرح إشكالية التسابق نحو التسلح والتوازنات في ظل عودة العالم إلى سباق الحرب الباردة، كما قدّرت أنّ الطريق بات مفتوحا أمام استخدام أسلحة جديدة تستخدم تكنولوجيا فريدة تعطيها درجة عالية من الدقة، وهذا السيناريو مرهون بمنظار الدكتور معراف بخطة وزارة الدفاع الجزائرية في المرحلة المقبلة لتحديث الجيش .
تحديث تقاطع مع متغيرات
ردا عن مدى توازي سباق الجزائر إلى التسلح مع تدريبات جيشها، يوضح المحلل الجزائري "كمال منصاري" المختص بالشؤون العسكرية ل"إيلاف"، أنّ الجزائر لم تدخل في سباق نحو التسلح فور استقلالها، بل كان عليها في بداية الأمر تأسيس جيش نظامي قادر على تأمين حدودها الشاسعة وحمايتها بعد انسحاب فرنسا وجلاء قواتها نهائيا سنة 1968، ويلفت الأستاذ منصاري إلى أنّ الجزائر شرعت في بناء جيش دفاعي بعد إرسائها نظام الخدمة العسكرية الإجباري سنة 1969، وبحكم انتمائها إلى المعسكر الشرقي الاشتراكي إبان الحرب الباردة، قامت الجزائر بشراء عتادها العسكري من الاتحاد السوفيتي سابقا (روسيا حاليا).
ويحرص منصاري على التأكيد بأنّ وتيرة التسلح اشتدت أول مرة بعد العدوان المغربي على الجزائر سنة 1963 فيما عُرف آنذاك ب"حرب الرمال"، وأخذ نسقا أكبر عقب اندلاع الحرب في الصحراء الغربية بين حركة بوليساريو والمغرب، حيث كان لزاما على الجزائر -مثلما قال- أن تؤمّن حدودها آنذاك لاسيما بعد المناوشات التي جرت بين الجيشين الجزائري والمغربي في منطقة "امقالة" على الحدود بين البلدين.
وخلافا للاعتقاد السائد بأنّ هاجس التسلح كان لصيقا بما شهدته العلاقات الجزائرية المغربية من منعطفات، يكشف كمال منصاري عن نشوب عدة أزمات حدودية بين الجزائر وليبيا كانت أخطرها ما وقع في سنتي 1985 و 1986، عندما تحركت فيالق عديدة للجيش الجزائري باتجاه الحدود لصد هجمات محتملة للجيش الليبي.
ويعتقد الدكتور إسماعيل معراف أنّ الجيش الجزائري دخل الاحترافية عام 1998 بخطى بطيئة لكنها ثابنتة، ما جعل الجزائر القوة الأولى في شمال إفريقيا، خصوصا بعد استفادتها من خبرات أجنبية، تبعا للاتفاقيات العسكرية الموقعة مع ايطاليا واسبانيا وفرنسا، إلى جانب تدريب روسيا للكوادر العسكرية الجزائرية بريا وبحريا.

الإرهاب الرقم الصعب في معادلة التسلح
يرجع المحلل كمال منصاري أسباب تنامي التسلح في الجزائر، إلى معاناة الأخيرة من الإرهاب، وهو بحسبه سبب رئيس دفع الجيش الجزائري إلى التأقلم مع الواقع الجديد، لاسيما مع دخوله في شراكة مع المجموعة الدولية على رأسها الناتو والولايات المتحدة التي صارت بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 أول شريك للجزائر في محاربة الإرهاب في المغرب العربي وشمال إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط، ويرفض منصاري حصر مسألة التسلح الجزائري في زاوية ضيقة مربوطة بما هو كائن مع الرباط، فهو بمقابل اعترافه بوجود توتر دبلوماسي فعلي بين الجزائر والمغرب بسبب قضية الصحراء الغربية، إلا أنّه يقحمه في مستوى التراشق الكلامي فحسب، مسجّلا أنّ الجزائر بحكم ثقلها السياسي الاقتصادي والاستراتيجي في المنطقة المغاربية وشمال إفريقيا، وهو ثقل يدركه المغرب تمام الإدراك، أكدت أكثر من مرة على عدم وجود نية لديها ل(الاعتداء) على المغرب، وهو معنى أبرزه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بوضوح سنة 2004 بجوهانسبورغ خلال قمة الاتحاد الإفريقي، حينما شدّد على أنّه لن تكون هناك حرب بين الجزائر والمغرب، مثلما ليس من مصلحة أحد حتى الدول العظمى، أن تندلع حرب في منطقة المغرب العربي، بسبب المصالح الاقتصادية للعديد من الدول في المنطقة لاسيما الشركات النفطية المنتشرة في الصحراء الجزائرية وكذا المشاريع الكبرى المبرمجة لاستغلال موارد طبيعية ضخمة بينها الفوسفات واليورانيوم، ويتصور منصاري أنّه ليست من مصلحة المغرب يضا أن يتورط في صراع عسكري مع الجزائر، لأنه غير قادر على استيعابه اقتصاديا وعسكريا، خاصة وأنّ قضية الصحراء الغربية قد أنهك العرش العلوي عسكريا وماليا، ما جعله يسارع إلى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع جبهة بوليساريو سنة 1991 بعدما لم يقدر على اختراقها بالمفهوم العسكري.
من جانبه، يرى الدكتور إسماعيل معراف أنّ التسلح في الجزائر ظلّ مرتبطا بقضايا داخلية متعلقة بالشق الأمني، وأيضا بقضايا اقليمية تتعلق بما هو حاصل في منطقة المغرب العربي وبقاء معضلة الصحراء الغربية محتبسة، غير أنّ معراف يستبعد وجود مستفيد معيّن من التسلح الجزائري، ويستشهد برفض الجزائر القاطع إقامة أي قاعدة عسكرية أجنبية على أراضيها.

هستيريا التسلح ورهان التنمية: من يسبق من؟
يعارض الأستاذ كمال منصاري الاتجاه القائل بأنّ الميزانية المخصصة للتسلح في الجزائري تأتي على حساب مشاريع ذات طابع إنمائي اجتماعي ثقافي رياضي، ويعتمد في كلامه على أنّ عقود التسلح الجزائرية بما في ذلك الصفقة المبرمة مع روسيا ب7.5 مليار دولار، والمرشحة لرفع قيمتها إلى عشرة مليارات دولار، تماما مثل عقود سابقة أبرمتها الجزائر مع روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2000، لم يتم تجسيدها على حساب التنمية المحلية في الجزائر، بحكم خاصيتها كعقود بعيدة المدى، ويستدل منصاري كذلك بكون الجزائر أطلقت مشاريع تنموية تفوق نفقاتها حجم عقود التسلح كمشروع الطريق السيار شرق غرب والبالغ طوله 1200كلم، حيث تعدت تكلفته عارضة الأحد عشر مليار دولار.
على طرف نقيض، يرجّح كمال منصاري صحة الأمر بالنسبة للمغرب الذي عرف اقتصاده انكماشا رهيبا بسبب ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية في العشر سنوات الأخيرة ثمما تسببت به مخلفت الأزمة الاقتصادية العالمية، ومن نتائج ذلك عدم استطاعة المغرب إبرام صفقات عسكرية هامة مقارنة بالجزائر، حيث تخلى عن شراء 18 طائرة قتالية من نوع (رفال) الفرنسية العام قبل الماضي بسبب اختناقه المالي.
ولا يتفق الدكتور إسماعيل معراف مع رأي الأستاذ كمال منصاري، إذ يذهب معراف إلى كون النظام الجزائري متأثر بأجندات خارجية جعلت الانفاق يتفوق على مناحي اجتماعية حيث أنّ ميزانية وزارة الدفاع تتفوق على جميع القطاعات، ويربط معراف ذلك بما سماها (هستيريا) التسلح في المنطقة العربية، حتى وصل الأمر مستوى شراء أسلحة لكي يصيبها الصدأ، وتلك معادلة غريبة بحسبه، مستهجنا إقدام كثير من دول الخليج على شراء أسلحة متطورة بمبالغ خيالية، رغم عدم امتلاكها الكادر البشري، والملحوظة -يضيف معراف- تنطبق على الجزائر التي تعاني من نقص كفاءة موادرها، ما دفع السلطات للاستعانة بخبرات من ألمانيا واسبانيا وفرنسا.

المصدر
http://www.elaph.com


__________________
ليبي

  #2  
قديم 02-06-2010, 11:46 PM
 
__________________
ليبي

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المغرب ادكى شعب في العالم ..... imane112 مواضيع عامة 12 12-24-2009 11:22 AM
صور من المغرب الحبيب مغربية أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 2 10-06-2007 04:01 AM
الجزء الأول من الدول العربية: المغرب: تونس :السعودية :الجزائر: مصر: azertyuiop أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 13 08-17-2006 03:27 AM


الساعة الآن 08:24 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011