عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > قصص قصيرة

قصص قصيرة قصص قصيرة,قصه واقعيه قصيره,قصص رومانسية قصيرة.

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-28-2009, 07:09 PM
 
الصياد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ان هذا الموضوع من أحسن المواضيع التى قرئتها وهذا الموضوع للاديب المصرى مصطفى لطفى المنفلوطى رحمه الله
الصياد

حدث أحد الأصدقاء : بينما أنا فى منزلى صبيحة يوم اذ دخل على رجل صياد يحمل فى شبكة فوق عاتقه سمكة كبيرة ، فعرضها على ، فلم أساومه فيها بل نقدته الثمن الذى أراد ، فأخذه شاكرا متهللا و قال : هذه هى المرة الأولى التى أخذت فيها الثمن الذى اقترحته ، أحسن الله اليك كما أحسنت الى ، و جعلك سعيدا فى نفسك ، كما جعلك سعيدا فى مالك ، فسررت بهذه الدعوة كثيرا ، و طمعت فى أن تتفتح له أبواب السماء المنغلقة .

و عجبت أن يهتدى شيخ عامى الى معرفة حقيقة لا يعرفها الا القليل الخاصه ، و هى أن للسعادة النفسية شأنا غير سعادة المال ، فابتسم ابتسامه هادئة مؤثره و قال : لو كانت السعادة سعادة المال لكنت أشقى الناس ، لأننى أفقر الناس ، فقلت : و هل تعد نفسك سعيدا ؟ قال : نعم ، لأننى قانع برزقى فرح بعيشى ، لا أحزن على فائت من العيش ولا تذهب نفسى حسرة وراء المطامع ، فمن أى باب يصل الشقاء الى قلبى ؟ قلت : أيها الرجل أين توجه ؟ ما أرى الا أنك شيخ قد فقد عقله . كيف تعد نفسك سعيدا ، و أنت حاف غير منتعل ، و عار الا قليلا من الأسمال الباليه و الأطمار السحيقه ؟ قال : ان كانت السعادة لذة النفس و راحتها و كان الشقاء ألمها و عناءها ، فأنا سعيد ، لأنى لا أجد فى رثاثة ملبسى ولا فى خشونة عيشى ما يولد لى ألما ، أو يسبب لى هما ، و ان كانت السعادة عندكم أمرا وراء ذلك ، فأنا لا أفهمها الا كذلك.

قلت : ألا يحزنك النظر الى الأغنياء فى أثاثهم و رياشهم ، و قصورهم و مراكبهم ، و مطعمهم و مشربهم ، ألا يحزنك هذا الفرق العظيم بين حالتك و حالتهم ؟ قال : انما يصغر جميع هذه المناظر فى عينى و يهونها عندى أنى لا أجد أصحابها قد نالوا من السعادة بوجودها أكثر مما نلته بفقدانها .
هذه المطاعم التى تذكرها ان كان الغرض منها الامتلاء فأنا لا أذكر أنى بت ليلة فى حياتى جائعا ، و ان كان الغرض منها قضاء شهوة النفس فأنا لا آكل الا اذا جعت ، فأجد لكل ما يدخل جوفى لذة لا أحسب أن فى شهوات الطعام ما يفضلها ، أما القصور ، فان لدى كوخا صغيرا لا أشعر أنه يضيق بى و بزوجتى و ولدى فأندم على أن لم يكن قصرا كبيرا .

و ان كان لابد من امتاع النظر بالمناظر الجميله فحسبى أن أحمل شبكتى على عاتقى كل مطلع فجر و أذهب بها الى شاطئ النهر ، فأرى منظر السماء و الماء ، و الأشعة البيضاء ، و المروج الخضراء ، فما هى الا لفتة العنق أن يطلع من ناحية الشرق قرص الشمس كأنه وشاح من ذهب أو قطعة من لهب ، فلا يبعد عن خط الأفق ميلا أو ميلين حتى ينثر فوق سطح النهر حليه المتكسر ، أو دره المتحدر ، فاذا تجلى هذا المنظر أمام عينى يتخلله سكون الطبيعه و هدوءها ، ملك هذا على شعورى و وجدانى فأستغرق فيه استغراق النائم فى الأحلام اللذيذه .

ولا أزال هكذا هائما فى أحلامى ، حتى أشعر بجذبه قوية فى يدى فأنتبه فاذا السمك يضطرب ، وما اضطرابه الا أنه فارق الفضاء الذى كان يهيم فيه مطلق السراح ، و بات فى المحبس الذى لا يجد فيه مراحا ولا مضطربا ، فلا أجد له شبيها فى حالتيه الا الفقراء و الأغنياء ، يمشى الفقير كما يشتهى و ينتقل حيث يريد ، كأنما هو الطائر الذى لا يقع الا حيث يطيب له الغناء و التنقير ، أما الغنى فلا يتحرك ولا يسكن الا و عليه من الأحداق نطاق ، و من الأرصاد أغلال و أطواق .

فاذا أخذت من السمك كفاف يومى عدت به و بعته فى الأسواق ، فاذا أدبر النهار عدت الى منزلى يعتنقنى ولدى و تبش فى وجهى زوجتى ، فاذا قضيت بالسعى حق عيالى ، و بالصلاة حق ربى ، نمت فى فراشى نومة هادئة مطمئنة لا أحتاج معها الى ديباج و حرير أو مهد وثير ، فهل أعد نفسى شقيا ، و أنا أروح الناس بالا ، و ان كنت أقلهم مالا ؟
لا علاقة بينى و بين أحد فى هذا العالم الا تلك العلاقة التى بينى و بين ربى ، فأنا أعبده حق عبادته و أخلص فى توحيده فلا أعتقد ربوبية أحد سواه .
و لقد كان هذا اليقين أكبر سبب فى عزائى و راحة نفسى من الهموم و الأحزان ، فما نزلت بى ضائقة ، ولا هبت على عاصفة من عواصف هذا الكون ، الا انتزعتنى من بين مخالبها و هونها على حتى لاأكاد أشعر بوقوعها .

ما العالم الا بحر زاخر ، وما الناس الا أسماكه المائجة فيه ، وما ريب المنون الا صياد يحمل شبكته كل يوم و يلقيها فى ذلك البحر فتمسك ما تمسك ، و تترك ما تترك ، وما ينجو من شبكته اليوم لا ينجو منها غدا ، فكيف أغتبط بما لا أملك ، أو أعتمد على غير معتمد ، اذن أنا أضل الناس عقلا و أضعفهم ايمانا .

قال المتحدث : فأكبرت الرجل فى نفسى كل الاكبار ، و أعجبت بصفاء ذهنه و ذكاء قلبه ، و حسدته على قناعته بسعادة نفسه ، و قلت له : يا شيخ ، ان الناس جميعا يبكون على السعادة و يفتشون عنها فلا يجدونها فاستقر رأيهم على أن الشقاء لازم الحياة لا ينفك عنها ، فكيف تعد العالم سعيدا وما هو الا فى شقاء ؟
قال : لا يا سيدى ، ان الانسان سعيد بفطرته ، و انما هو يجلب الى نفسه الشقاء بشدة طمعه فى المال فيتعذر عليه مطمعه فيطول بكاؤه و عناؤه ، ان كثيرا مما يصيب الناس من شقوة انما يأتى من طريق الأخلاق الباطنة ، لا من طريق الوقائع الظاهرة ، الحاسد يتألم كلما وقع نظره على محسود ، و الحاقد يتألم كلما تذكر أنه عاجز عن الانتقام من عدوه ، و الطماع يتألم كلما خاب أمله فى مطمع ، و الظالم يتألم كلما سمع ابتهال مظلوم بالدعاء عليه ، أو حاقت به عاقبة ظلمه ، من أراد السعادة فليطلبها بين جوانب النفس الفاضلة و الا فهو أشقى العالمين ، و ان أحرز ذخائر الأرض و خزائن السماء .

قال الصديق : فما وصل الصياد من حديثه الى هذا الحد حتى نهض قائما و تناول عصاه ، و قال : أستودعك الله يا سيدى و أدعو لك الدعوة التى أحببتها لنفسك و أحببتها لك ، و هى أن يجعلك الله سعيدا فى نفسك ، كما جعلك سعيدا فى مالك ، و السلام عليكم و رحمة الله
__________________

|x| مظلة الامل |x|


(( .. لوحة حب عاشق صنعتها تحت ظلال الهوي .. ))


قرآن يتلي آناء الليل وأطراف النهار
لمعظم قراء العالم العربي ..
www.livequran.org

انشره ولنا ولك الثواب



I Alexandria
  #2  
قديم 06-29-2009, 09:52 PM
 
رد: الصياد

بارك الله فيك
وجزاك الله خيرا
  #3  
قديم 06-30-2009, 01:26 AM
 
رد: الصياد

العفوا
شكرا لكي علي المرور
__________________

|x| مظلة الامل |x|


(( .. لوحة حب عاشق صنعتها تحت ظلال الهوي .. ))


قرآن يتلي آناء الليل وأطراف النهار
لمعظم قراء العالم العربي ..
www.livequran.org

انشره ولنا ولك الثواب



I Alexandria
  #4  
قديم 06-30-2009, 07:44 PM
 
رد: الصياد

هي القناعه فأحفظها تكن ملكا
لو لم يكن هناك راحه البدن
أنظر لمن ملك الدنيا بأجمعها
هل راح منها يغير القطن والكفن
__________________
قل لي من تصادق أقل لك من أنت
  #5  
قديم 07-01-2009, 01:40 AM
 
رد: الصياد

__________________

|x| مظلة الامل |x|


(( .. لوحة حب عاشق صنعتها تحت ظلال الهوي .. ))


قرآن يتلي آناء الليل وأطراف النهار
لمعظم قراء العالم العربي ..
www.livequran.org

انشره ولنا ولك الثواب



I Alexandria
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فن الرسم على الزجاج مع التطبيق سيف الإسلام إقتصاد منزلي 21 10-30-2012 05:57 PM
طريقة الرسم على الزجاج ......... Dark princes إقتصاد منزلي 14 08-17-2010 12:37 AM
قصة الصياد وخزنة الوالي رائعة merotifa قصص قصيرة 13 05-26-2008 10:04 PM
سحر السجاد +كيفية تنظيف السجاد+انواع السجاد+كيف تختار/ي السجاده أشواق وحنين إقتصاد منزلي 9 04-23-2008 01:28 AM
سحر السجاد قمرمصر إقتصاد منزلي 10 03-02-2007 12:34 AM


الساعة الآن 08:52 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011