عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-10-2006, 09:25 PM
 
قم الى الصلاة.....

بسم الله الرحمن الرحيم
- - -
قم إلى الصلاة ..

واجهد جهدك على أن تخشع فيها ، فإن روح الصلاة الخشوع ،
وبالخشوع تتوالى على قلبك ألوان من المسرات الروحية ، وبهذا تجد روحك روحها ،
ويطيب لقلبك وقوفه وركوعه وسجوده ، ويلتذ بذلك ،
أروع لذة عرفها إنسان على وجه هذه الأرض ..!


خطواتك الأولى إلى تحصيل ذلك الخشوع :
أن تعلم يقيناً أنك تقف في هذه اللحظات بين يدي مولاك ، خالقك ورزاقك ومبديك ، و
المنعم عليك مع كل نفس يتردد في صدرك ، فإذا نجح قلبك في استشعار هذا المعنى ،
وتجلى له عظمة هذا الموقف خضع ولابد أجلالاً ومهابة ، وأطرق سكينة وخضوعاً ،
وتتطامن ذلاً وحياءً ، وانكسر عجزا وافتقاراً ..

ومنها :

أن تشهد قيامك يوم يبعث الله الخلائق للحساب العسير ، على مثاقيل الذر وما دونها ،
والجهد قد أخذ من الناس كل مأخذ ، والعرق يخنق كثيرين منهم ، والشدة على أعنف ما تكون

وبقدر الأدب في مقامك الذي أنت الآن فيه ، في الصلاة ، ،
يكون تيسير قيامك بين يديه في ذلك اليوم المهول ، فاجهد جهدك هنا لعلك ترحم هناك ..!


ومنها :
أن تشهد أن ما أنت فيه اللحظة ، قد يكون آخر عمل لك تلقى به وجه الله سبحانه ،
فأحسن القيام بكامل الأدب ، وحقق الإخلاص ، وجدد الصدق لله ، وتفكر في أمرك ،
فلعلك تكون مودعاً لهذه الحياة في هذه الدقائق التي تركع وتسجد فيها بين يدي الله سبحانه ..!

بل تفكر أنه قد حددت ساعة قبض روحك عند تمام قولك مختتما الصلاة :
السلام عليكم ورحمة الله .. السلام عليكم ورحمة الله ..
فكأنما أنت تلقي السلام على قوم في عالم آخر !!!

فانظر كيف تحب أن تلقى ملك الموت ، وعلى اية حال تودع الدنيا ،
ولذا قيل : صلّ صلاة مودع .. لعله لا يصلي بعد صلاته هذه ابداً ..!


ومنها :

أن تعلم كيف كان يصلي رسولك العظيم الحبيب محمد صلوات ربي عليه ،
لقد كان يقف وقوفا طويلاً ، وقد يبكي في صلاته حتى يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل من الغليان !
وكان يسكن فيها ، ويطمئن إليها ، ويرتاح معها ،
ويحلق خلالها كأنما يعرج بروحه من سماء إلى سماء ..!
ولذا كان يقول في انتشاء كلما حان موعدها : أرحناا بها يا بلال ..!!


ومنها :

أن تتذكر كيف كان تلامذته صلى الله عليه وسلم من اصحابه رضوان الله عليهم ،
ومن بعدهم من صالحي هذه الأمة ..
يصلي أحدهم فلا يملك عينه من البكاء ، ولا صوته من النواح ، شوقا وخوفا ، وحنيناً وحبا وحياءً ...
وكان بعضهم يقف في صلاته فكأنما هو عمود مركوز ثابت ، فإذا سجد فكأنما هو خرقة مرمية ،
فتأتي الطيور لتقع على كتفيه أو رأسه إن كان واقفا ، أو ظهره إن كان راكعا أو ساجدا ،
فلا يتحرك كأنما هو ميت !!

وتسقط بعض أعمدة المسجد وأحد هم في صلاته فما تحرك ولا اضطرب ، وبقي في صلاته ساكنا
كأنما تلك الفرقعة الهائلة والدوي العنيف ليس بقربه ،
بل ربما كانت بالنسبة له كأنما سقطت في القمر ، بينما هو في الأرض يركع ويسجد ..!
ولا يجد بعضهم مسكناً ليبتروا ساقه بالمناشير ، إلا أن يدخل في صلاة خاشعة ،
ينسى بها الدنيا وما فيها ومن فيها !! ويكبر ويركع ويسجد ويسافر بروحه ويحلق بعيدا بعيدا ،
فإذا استغرق مد لهم رجله ، فعملت المناشير عملها ..!!

قارن بين صلاتك وصلاة هؤلاء ، وتحسر على نفسك وأنت ترى حالك بعيدا عن الجادة ،
ومع هذا تزعم أنك ، وأنك ، وأنك ..!!
يُخشى والله عليّ وعليك أن يكون أحدنا واهماً وهو لا يشعر !


إن لم تكونوا مثلهم فتشبهوا ** إن التشبه بالكرام فلاحُ
**
قم إلى الصلاة ..

وتخيل : إن الحور الحسان في الجنان ، كلما نظرن إليكَ من عالم الغيب ، وأنت متكاسل
عن القيام إلى لقاء مولاك وسيدك وخالقك في صلاة لا تستغرق بضع دقائق ، قلن في تأفف:

قبحك الله من عبد لئيم ، تُمني نفسك أن نكون أهلاً لك ، وتكون أهلاً لنا ،
ثم أنت لا تقدم مهرنا ! تأخر أيها المفلس ، فلسنا أهلاً لمن يتكاسل عن خدمة مولانا ومولاه ..رب العالمين ..!

وكذا يقلن لمن رأينه في الصلاة لكنه لاهٍ عنها ، منشغل الفكر بسواها ، لا يدري أركع أم سجد ،
أم قام أم سلم ، إنما هو في حركة روتينية أوتوماتيكية ! ويحسب أنه يحسن صنعا !!

فقم مسارعا إلى الصلاة في أول وقتها ، وطر إليها فرحا بها ، فعن قريب تكون هناك ،
وما أدراك ما هناك !؟ هناك في جنات لم تر العين مثلها ، وأنهار مطردة ، وقصور من ذهب ،
وحيث الحور العين يفرحن بك ، ويزغردن من حولك ، ويطربن بوصولك ، ويتهللن بوجودك ،
ويقمن الأفراح لمجيئك ، فلقد أديت المهر اللازم من أجلهن ..!!


فإذا أنت في نعيم متصل ، يتجدد مع الساعات ، نعيم ينسيك كل شدة ، وكل تعب ، وكل معاناة ،
ويلهيك عن كل بلاء مر بك في طول حياتك وعرضها ، وثق أن الدنيا مهما طالت فهي قصيرة ،
أقصر من حبل الكذب ، فأنظر إلى ما مضى من عمرك واعتبر به إن كنت معتبراً ،
ألا تراه مضى كأنما هو طيف مر بك مسلما ثم ولى مسرعا ..!

وكذا سيكون عمرك الآتي ، سيصبح هو الآخر مجرد ذكرى مطوية ،
فلا تبع آخرتك بدنيا منسية ، ولا تستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير ..
لا تستبدل اياماً فانية ، وشهوات منقطعة حقيرة ، بخلود
تتجدد فيه المتعة ،
ولا ينقطع فيه النعيم .، مع رضوان من الله أكبر ..!

منقول
__________________


اذا نسيتك.... لا تنساني يا ربي