الموضوع: شكوى -2-
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-14-2008, 09:53 AM
 
Lightbulb شكوى -2-

شكوى

محمد اقبال



قد كان في اليونان فلسفةٌ وفي ال
رومان مدرسةٌ وكان المُلكُ في ساسانِ
لم تغن عنهم قوةٌ أو ثروةٌ
في المالِ أو في العلمِ والعِرفانِ
وبكل أرض ( سامريٌ ) ماكرٌ
يكفي اليهود مؤونةَ الشيطان
والحكمة الأولى جرت وثنيةً
في الصين أو في الهند أو طوران
نحن الذين بنور وحيك أوضحوا
نهج الهدى ومعالم الإيمان
من ذا الذي رفع السيوف ليرفع
اسمك فوق هامات النجوم منارا
كنا جبالاً في الجبال، وربما
سرنا على موج البحار بحارا
بمعابد الإفرنج كان أذاننا
قبل الكتائب يفتح الأمصارا
لم تنس أفريقيا ولا صحراؤها
سجداتنا والأرض تقذف نارا
وكأن ظِل السيف ظِلَّ حديقةٍ
خضراء تُنبت حولنا الأزهارا
لم نخش طاغوتاً يحاربنا ولو
نصب المنايا حولنا أسوارا
ندعو جهاراً لا إله سوى الذي
صنع الوجود وقدّر الأقدارا
ورؤوسنا يا رب فوق أكُفِّنا
نرجو ثوابك مغنماً وجوارا
كنا نرى الأصنام من ذهب
فنهدمها ونهدم فوقها الكفارا
لو كان غير المسلمين لحازها
كنزاً، وصاغ الحلي والدينارا
كمزلزل الصحراء الأشمُّ فما وهى
من بأسنا عزم ولا إيمان
لو أن أساد العرين تفزَّعت
لم يلق غير ثباتنا الميدان
وكأن نيران المدافع في صدور
المؤمنين الروح والريحان
توحيدك الأعلى جعلنا نقشة
نوراً تضيء بصُبحه الأزمان
فغدت صدور المؤمنين مصاحفاً
في الكون مسطوراً بها القرآن
من غيرنا هدم التماثيل التي
كانت تقدسها جهالات الورى ؟
حتى هوت صور المعابد سُجّداً
لجلال من خلق الوجودَ وصوّرا
ومن الأُلى حملوا بعزم أكُفهم
باب المدينة يوم غزوة خيبرا ؟
أمّن رمى نار المجوس فأُطفئت
وأبان وجه الحق أبلج نيِّرا ؟
ومن الذي بذل الحياة رخيصةً
ورأى رضاك أعز شيْ فاشترى ؟
نحن الذين استيقظت بأذانهم
دنيا الخليقة من تهاويل الكرى
نحن الذين إذا دُعُوا لصلاتهم
والحرب تسقي الأرض جاماً أحمراً
جعلوا الوجوه إلى الحجاز وكبّروا
فيسمع الروح الأمين فكبرا
محمود مثل إياز قام كلاهما
لك بالخشوع مصلياً مستغفراً
العبد والمولى على قدم التُّقى
سجداً لوجهك خاشعين على الثرى
بلغت نهاية كل أرض خيلنا
وكأن أبحرها رمال البيد
في محفل الأكوان كان هلالنا
بالنصر أوضح من هلال العيد
في كل موقعة رفعنا راية
للمجد تعلن آية التوحيد
أُمم البرايا لم تكن من قبلنا
إلا عبيداً في إسار عبيد
بلغت بنا الأجيال حُرياتها
من بعد أصفادٍ وذلٍ قُيًود
رحماك ربي هل بغير جباهنا
عُرف السجودُ ببيتك المعمورِ ؟
كانت شغاف قلوبنا لك مصحفاً
يحوي جلال كتابك المسطورِ
إن لم يكن هذا وفاءً صادقاً
فالخلق بالدنيا بغيرِ شعورِ
ملأ الشعوب َ جُناتُها وعُصاتُها
من ملحدٍ عاتٍ ومن مغرورِ
فإذا السحاب جرى سَقاهم غيثه
واختصنا بصواعق التدميرِ
قد هبت الأصنام من بعد البلى
واستيقظت من قبل نفخ الصور
والكعبة العليا توارى أهلها
فكأنهم موتى لغير نشور
وقوافل الصحراء ضل حُداتها
وغدت منازلها ظلال قبور
رد مع اقتباس