عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-10-2020, 09:43 PM
 
إظهار العمل الصالح وإخفاؤه والتسويق

إظهار العمل الصالح وإخفاؤه والتسويق
روى البخاري عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه: أنَّ رجلًا ذُكِرَ عند النبي صلى الله عليه وسلم فأثنى عليه رجل خيرًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ويحك، قطعت عنق صاحبك -يقوله مرارًا- إن كان أحدكم مادحًا لا محالة فليقل: أحسب كذا وكذا، إن كان يرى أنَّه كذلك، والله حسيبه، ولا يزكي على الله أحدًا)).

وفي الحديث الآخر: ((قطعتم ظهر الرجل))، وفي صحيح مسلم أيضًا عن همام بن الحارث: أنَّ رجلًا جعل يمدح عثمان، فعمد المقداد، فجثا على ركبتيه -وكان رجلًا ضخمًا-، فجعل يحثو في وجهه الحصباء، فقال له عثمان: ما شأنك؟ فقال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا رأيتم المدَّاحين؛ فاحثوا في وجوههم التراب))، وقال: ((احثوا التراب في وجوه المدّاحين)).

ولكن ليس هذا على إطلاقه؛ فالمعروف من سيرته صلى الله عليه وسلم أنَّه مُدِحَ بالشعر والخطب والمخاطبة، ولم يَحْثُ في وجوه المادحين التراب، ولا أمر من حوله بذلك، كقول أبي طالب:

وأبيضُ يُسْتَسْقَى الغمامُ بوجْهِهِ

ثُمَالَ اليتامى عِصْمَةٌ للأرامل

ومدح العباس وحسان وكعب بن زهير له في شعرهم ذائع الصيت، بل ومدحه هو صلى الله عليه وسلم أصحابه فقال: ((إنَّكم لتقلون عند الطمع، وتكثرون عند الفزع)).

قال القرطبي : فنهى صلى الله عليه وسلم أن يفرط في مدح الرجل بما ليس فيه؛ فيدخله في ذلك الإعجاب والكبر، ويظن أنَّه في الحقيقة بتلك المنزلة، فيحمله ذلك على تضييع العمل، وترك الازدياد من الفضل؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ((‏ويحك قطعت عنق صاحبك))‏.‏ وفي الحديث الآخر: ‏((قطعتم ظهر الرجل)) حين وصفوه بما ليس فيه‏.‏
رد مع اقتباس