عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-05-2008, 12:20 AM
 
{ستبقى أنت كما أنت .. طفلاً كما عهدتك}

بسم الله الرحمن الرحيم

توالت السنين والأيام وأنا مع ذلك الطفل الذي أرضعته الحياة الحليب الشيطاني الممزوج بالأشواك الذاعرة المخيفة ..
فالسم يسري في ذرات دمه شيئاً فشيئاً .. وهو في غفلة من أمره .. يحسب أن الدنيا هي لعبة ينتصر فيها الأشد قوةً وعناداً ، لما يملأ رأسه من شعرات الشياطين .. وهمسات الجن والملاعين .. ففي لحظة غفلة عن قوة الباري .. حصل ما حصل .. وأقترب الموت والأجل .. لكن الله برحمته أنتشل .. فأخرجه من تلك القوقعة المخيفة .. التي ترهب السلاطين .. والربان والمساكين .. وبعد هذه العاصفة .. والمجازفة!!

تراه الأمثل والأحسن .. يحتضن الإنسان .. ويسقيه الحنان .. ويعالج الأورام .. فكم من ناظرٍ تعجب لما رآه .. وأخذته ذروة الفضول ليتسائل عن هذا التحول الإستاتيكي .. ولا يلاقي غير الأسطوانة الشائعة بين الألباء ( إن الله يهدي من يشاء) .. أما الآن .. !!

فجاء دوري لأستقي منه ما أحببت .. وما عشقت وفضلت .. لأدنو منه لاهثاً .. باحثاً عما كنت أنتظره طيلة السنين .. ألتفت يميناً وأخرى شمالا .. أرى أنظار الورى فأتعجب .. فهم يحاولون إنذاري وإخباري ب ... ، بلغة وللأسف كنت أفهمهاااا .. وأتقنها أشد إتقان .. كانوا يحذرونني وينذرونني من هذا الطفل المتستر برداء الطيبين الأبرار .. خير البرية الأطهار .. !!

تجاهلتهم وأنا أسير في خُطاً حثيثة .. متوجها إلى تلك المنارة المشعة .. والقدوة البارزة .. فكأن غمامتاً سوداء تتكأ على عيني وعقلي وقلبي .. لتبعدني عن التفكر في أمره .. أو التمعن في ماضيه .. فأقتربت منه وأقتربت .. إلى أن ناديته
(صديقي) .. ؛؛ويا لها من لحظةٍ تجمعت فيها كل همزات الغباء والفشل في رأسي؛؛ ..

ومنذ ذلك الحين وأنا أسايره بلطف .. وأحامده وألاعبه .. لا أرنو سوى ما يرنوا .. ولا أقول خلاف ما يقول .. ولا أسمع غير ما يسمع ، فأحببته حب الجنون .. حبٌ يذهل العيون .. ويذبل الجفون .. ويسقط أوراق الغصون .. ولكن ..!! إلى أين ؟؟

أوصلني إلى تلك الهاوية الحامية .. التي لا تخمد أنفاسها مياه الينابيع والأنهار .. ولا قطرات الندى والأمطار .. إلى .. إلى .. إلى ما يعجز قلمي أن يسطره في هذه الصفحة الصادقة .. المليئة بكل الحسرات والندم ..

و سأصرخ .. سأصرخ .. سأصرخ .. بقلبي الهزيل .. !!

{ستبقى أنت كما أنت .. طفلاً كما عهدتك}


تحياتي العطرة