عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 05-28-2019, 08:39 AM
 
تقييم الذات

تقييم الذات

دخل فتى صغير إلى محلٍّ تجاري، ووضع كرسياً أسفل طاولة الهاتف، ووقف فوقه كي يستطيع الوصول إلى الهاتف، وبدأ يجري اتصالاً هاتفيّاً، انتبه صاحب المحل للفتى، وبدأ بالاستماع إلى المحادثة الهاتفية التي يجريها. فقال الفتى: "سيّدتي: هل يمكنني أن أعمل لديك في جزّ العشب في حديقتك؟"، فأجابته السيّدة: "أشرك، ولكن لا، فهناك شخصٌ آخر يعمل في جز عشب حديقتي"، قال الفتى: "سأقبل العمل بنصف الأجر الذي يأخذه ذاك الشخص"، ولكنّ تلك السيدة رفضت مرةً أخرى، فهي راضيةٌ بأداء ذلك الشّخص ولا تريد غيره.

إلّا أنّ الفتى أصبح أكثر إلحاحاً من ذي قبل وقال لها: "سأنظّف ممرّ المشاة، وموقف السيارة، والرصيف أمام منزلك، وسأجعل حديقتك الأجمل في المدينة"، إلّا أنّ السيدة لم تقبل عرضه أيضاً، تبسّم الفتى وأغلق الهاتف. تقدّم صاحب المحل الذي كان يستمع إلى المحادثة الهاتفية من الفتى وقال له: "لقد أعجبتني همّتك العالية ونشاطك وحبك للعمل، ولذلك فإنّني أَعرضُ عليك فرصةً للعمل لديّ في متجري"، أجاب الفتى الصّغير: "لا، وشكراً لعرضك، فقد كنت فقط أتأكّد من أدائي في عملي الحالي، إذ إنّني أعمل لدى هذه السّيدة التي كنت أتحدث إليها".

الرّجل والفراشة وقف رجلٌ يراقب فراشةً صغيرةً داخل شرنقتها، وقد بدأت تنفرج ببطء، وتحاول الخروج من الشرنقة عن طريق ثقبٍ صغيرٍ جداً، استمرّ هذا الرجل بمراقبتها عدة ساعات، إلّا أنّها سكنت فجأة وتوقفت حركتها تماماً، وبدت أنّها لا تستطيع الاستمرار بالمحاولة. حزن الرجل على الفراشة، وظنّ أنّها لن تكون قادرةً على الخروج من ذلك الثّقب الصّغير، فقرر أن يساعدها على الخرج، ولذلك فقد أحضر مقصاً صغيراً وقصّ الشّرنقة، فسقطت الفراشة منها بسهولةٍ كبيرة، إلّا أنّ جسمها كان نحيلاً جداً وضعيفاً، كما كانت أجنحتها ضعيفةً وذابلة، ظلّ الرّجلُ يراقبُها، معتقداً أنّ أجنحتها ستكبر وتصبح أقوى، وأنّ جسمها النّحيل سينمو ويصبح قادراً على الطيران، ولكنّ ذلك لم يَحدُثْ، فقد قَضَتِ الفراشةُ حياتِها بجسمٍ ضعيفٍ، وأجنحةٍ ذابلة، ولم تقو على الطّيران يوماً.

لم يكن ذلك الرجل يعرف أنّ الله سبحانه وتعالى بحكمته وعطفه وقدرته ورحمته بالفراشة لم يجعل الفراشة تقدر على الخروج من شرنقتها إلّا حين تخرج سوائل من جسمها لتصل إلى أجنحتها، والتي تقويها وتجعلها قادرةً على الطيران. أحياناً قد يتدخّل بعض الأشخاص في أمورِ الآخرين ظانّين أنّهم يقدّمون خدمةً إنسانيّةً، وأنّ الآخرين يحتاجونلمساعدتهم، ولكنّهم يفسدون أكثر ممّا يُصلِحون، إذ إنّهم لا يعرفون ما يخبئه القدر، ولا يُقدّرون الأمور حقّ قدرها.

رد مع اقتباس