عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-28-2008, 11:10 AM
 
السُّنن الكونيَّة والسُّنن الشرعيَّة

السُّنن الكونيَّة والسُّنن الشرعيَّة / حامد الحامد
التاريخ:25/07/1429 الموافق |القراء:156 | نسخة للطباعة

المختصر/
الإسلام اليوم / كصحيح المنقول، وصريح المعقول، ومشروعية التوافق بينهما تسير القاعدة على هذا الهدي في السّنن الكونيّة والسّنن الشرعيّة.
السّننالكونيّة هي الآيات البيّنات في الآفاق وفي أنفسنا، والسّنن الشرعيّة هيالهدي النبوي (من كتاب وسنة) الذي جاء ليهدينا سواء السبيل، ويبين لنا سننالفطرة، لا لينشئ لنا طريقاً جديداً لم تعرفه السّنن الكونيّة من قبل.
وإنمن كمال الشريعة الإسلامية أن تأتي السّنن الشرعيّة موافقة للسّننالكونيّة، ومن كمال إيمان المرء أن يؤمن بالسّنن الكونيّة كإيمانه بالسّننالشرعيّة، ويعلم أن إيمانه بالسنن الكونيّة جزء من إيمانه بالسّننالشرعيّة.
وجميعنا يقرأ السيرة النبوية، ويرى كيف عمل النبي -صلى اللهعليه وسلم- بالأسباب؛ إيماناً منه بالسّنن الكونيّة، كاختفائه في غار ثورفي أعلى الجبل، ولو شاء الله لأسرى به إلى المدينة كما أسرى به إلى المسجدالأقصى، وكلبسه للدرع حال الحرب، وغير ذلك كثير.
وأنت ترى الكراماتوخوارق العادات تحصل للعُبَّاد أكثر من حصولها للعلماء، كما ذكروا عنالشيخ عبد الله اليونيني أحد العُبَّاد: "أنه كان يحجّ في بعض السنين فيالهواء، وقد وقع هذا لطائفة كثيرة من الزهّاد وصالحي العباد، ولم يبلغناهذا عن أحد من أكابر العلماء". [ابن كثير في البداية والنهاية 17/104] وذلك أن العلماء أعلم بسنن الله الكونيّة والشرعيّة من غيرهم؛ فوكل اللهتعالى العلماء إلى ما عندهم من العلم، وأعطى عباده الصالحين من الكراماتما تطمئنّ به قلوبهم ويقوى به إيمانهم.
ومن المعلوم أن السّنن الكونيّةليست على نسق واحد في الطبائع والبلدان والزمان والمكان، ولذا فإن الشريعةالإسلامية كذلك لم تأتِ على نسق واحد في هذا الشأن، بل جاءت بقواعد كليةصالحة لجميع الطبائع والبلدان والزمان والمكان.
وأما ما لا مجال فيهللتغير في السّنن الكونيّة فقد جاءت السّنن الشرعيّة فيه على نسق واحد،كالقواعد الكليّة، والأخلاق الإنسانيّة، والعبادات المحضة، والأمورالغيبيّة ونحوها.
وكونها على نسق واحد لا يعني وجوب الاتفاق فيها بين علماء المسلمين؛ لأن الخلافلايرجع إلى ذاتها وإنما يرجع إلى فهمها، وهذا تختلف فيه المدارك بحسب اختلافالطبائع، وهذا موافق لسنّة الله الكونيّة، والإيمان بهذا إيمان بالسّنةالشرعيّة.
وفي طبائع الناس قد ترى رجلاً سمْحاً إذا باع وإذا اشترىوإذا اقتضى، وآخر بعكس ذلك، وهذه سنّة كونيّة، وإذا تعلم أحدهم وأصبحعالماً فإن السّنة الكونيّة ستؤثر على نظرته للسّنة الشرعيّة.
وإذا كانالنبي -صلى الله عليه وسلم- قد دعا بالرحمة لرجل سمْح إذا باع، وإذااشترى، وإذا اقتضى، فكذلك ينبغي أن يُقال: رحم الله رجلاً سمْحاً إذا علّموإذا تعلّم.
والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله له به طريقاً إلى الجنة". فأشار إلى الطريق بصيغة التنكير ليبين أن طرق العلم متعددة، وتعدّدها بناءعلى تعدّد السُّنن الكونيّة، وكذلك الطريق إلى الجنة ليس طريقاً واحداً،وإنما هو (بعدد أنفاس العباد).
فهذا في مجال العلم.
وفي مجال آخر وهو مجال النصرة على الأعداء ترى بعض الناس يقرأ قوله سبحانه: (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ) ويحيل باللائمة على غيره ممن تركوا شرع الله، فتركوا كذا وعملوا كذا،ويبدأ بتعداد أمور يعتقدها من أسباب النصر، وهي في الحقيقة مسائل اجتهاديةدخلها شيء من الهوى والتعصّب للرأي، والذي هو مانع من موانع النصر.
وإذاكانت السنّة الشرعيّة تفسر القرآن فكذلك السّنة الكونيّة، ونحن نعلم أناتحاد القلوب مطلب كونيّ للانتصار، بعكس اتحاد العقول، فإنه لا يستمر؛لأنه مخالف للسّنة الكونيّة، وكل شيء مخالف للسّنة الكونيّة فهو مخالفللسّنة الشرعيّة.
وقسْ على هذا مجالات كثيرة جاءت فيها السّنة الشرعيّة موافقة للسّنة الكونيّة وملائمة لها، وما يعقلها إلاّ العالمون
رد مع اقتباس