الموضوع: كأنها لم تكـن !!
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-30-2018, 07:14 PM
 
ذهبي كأنها لم تكـن !!







” إنه يوم عادي ..إنه يوم عادي ، مهلاً ما الذي اقوله ! كيف يكون يوم عادي ؟ إنه يومي الأول في الجامعة أنا متأكدة أنني لن اتأقلم مع باقي الطلاب ، لا شك أني سـ أبقى تلك الفتاة غريبة الأطوار التى تجلس في أخر مقعد صامتة و لا تتكلم مع أي أحد "
" عفواً يا أنسة .. "
نظرت خلفي بـ إستغراب عندما سمعت تلك الجملة
" أنا ؟ "
ردت على بـ إبتسامة لطيفة " أجل أنتِ "
ثم أكملت " لقد أوقعتي البطاقة الجامعية خاصتك "
اه هذه عادتي أنا لا أنتبه لما يحدث حولي بسبب تفكيري و توتري الزائد عن حده
" حسناً ، شكراً جزيلاً لكِ "
ردت الفتاة و الإبتسامة مازالت على وجهها " لا شكر على واجب ، تفضلي بطاقتك يا فريدة ..مهلاً فريدة على أنتِ شريكتي في السكن الجامعي لم أتوقع أنني سأقابلك بهذه الطريقة "
نظرتُ إليها بدهشة و قلتُ لـ نفسي يالها من صدفة عجيية
" في الحقيقة لقد كنتُ ذاهبة إلى المسؤولة عن السكن الجامعي لـ أعرف أين غرفتي و من هي شريكتي و لكن لا داعي لذلك الأن فـ لقد وجدتكِ ، معكِ حق إنها صدفة غريبة أن نتقابل بهذه الطريقة ! "
ردت على بـ ثقة " أجل لا داعي لـ ذلك فـ أنا سبقتك و عرفت مكان الغرفة ، لا تقلقي سـ أرشدك إليها بعد المحاضرة "
قاطع حديثنا صوت الجرس و هو يرن لـ يُعلن عن بدء المحاضرة ..فاتجهت أنا و جميلة إلى قاعة المحاضرات
كانت محاضرتي الأولى جيدة نسبياً فـ لقد كان شرح الدكتور ممتاز و أنا كـ عادتي لم أفوت كلمة قالها إلا ودونتها في كشكولي الصغيرة ، في الحقيقة أنا أرى أنه لم يكن هناك داعي لكل هذا التوتر الذي شعرت به ، و لكن ما باليد حيلة التوتر الزائد هو طبعي الذي لا أستطيع التخلص منه ..
محاضرة تلي محاضرة هكذا انتهى يومنا الدراسي و بعدها توجهت مع جميلة إلى السكن الجامعي ، لم تغلق جميلة فمها طوال الطريق ، صحيح اني اكره الثرثرة و احب الهدوء و لكني لا أنكر أن أحادثيها تجذبني كثيراً ، كانت جميلة عكسي تماماً ، إنها فتاة اجتماعية و مرحة جداً و لكن الغريب في الأمر أني كنت صديقتها الوحيدة في الجامعة كلها ، أنا أقصد أن فتاة اجتماعية مثلها كان سيكون لديها العديد من الأصدقاء لكني كنتُ صديقتها الوحيدة ..
بعد أن وصلنا إلى غرفتنا ، غيرت ملابسي ثم اندفعت إلى سريري و ذهبت في نوم عميق .. لقد كنتُ متعبة كثيراً
مرت الأيام و كانت احضر جميع محاضراتي ، كنتُ حريصة جداً على دراستي ، و كنت أريد تحقيق حلمي بشدة ، أنا أريد أن أكون طبيبة
مثل أمي ، و علاقتي مع جميلة تطورت جداً لقد كانت صديقة رائعة ، لم تكن صديقة فقط بل كانت اخت ، لقد أخرجتني من وحدتي دون أن أشعر ، و لكنها مازلت على حالها لم تكون اي صداقات بل كنت انا صديقتها الوحيدة حتى أنها لم تكن تتكلم مع الأساتذة ، لم تكن تتكلم مع اي أحد إلا أنا ..
و كنا بعد كل محاضرة نذهب إلى المقهى و نطلب القهوة و نتحدث معاً و نضحك كثيراً ، ذات مرة سألتها "لماذا لم تكوني أي صداقات في الجامعة ؟" نظرت إلي و ابتسمت و لم تجبني !!
ذات يوم استيقظت من النوم و لم اجد جميلة على سريرها ، بحثت عنها و لكني لم أجدها في أي مكان في الغرفة !! قلت لـ نفسي ربما استيقظت باكراً و ذهبت للمحاضرة قبلي ، ارتديت ملابسي و اتجهت إلى قاعة المحاضرات ، لم تكن جميلة موجودة هناك أيضاً ، لم استطع التركيز في المحاضرة بسبب قلقي على جميلة ..
بعد أن انتهت المحاضرة توجهت إلى المقهى على أمل أن أجدها هناك و لكنها لم تكن موجودة أيضاً ، لقد بدأت المحاضرة الثانية و مازلت جميلة مفقودة ، كانت كل دقيقة تمر علي يزداد فيها قلقي على جميلة ..
بعد انتهاء المحاضرة اخرجت هاتفي لـ اتصل عليها "تباً !! أين رقمها" أنا لا أجد رقمها في هاتفي و كأنه حُذِف ، ما الذي يحدث ؟! ..
ليست من عادتي أن اتذكر أرقام الهواتف و لكن من حسن حظي ان رقم جميلة كان سهل و يسهل حفظه ، كتبت الرقم على هاتفي و اتصلت ، "الرقم الذي طلبته غير صحيح ..يرجى التأكد من الرقم و إعادة المحاولة" ..
ماذا ؟!! انا متأكدة أن هذا هو رقمها ، أعدت الاتصال مراراً و تكراراً و لكن بلا فائدة ..
ماذا سـ أفعل الأن ؟..
بينما أنا واقفة لا حول لي و لا قوة سمعت طالبة تقول لـ صديقتها "انتظريني هنا ! أنا ذاهبة إلى مكتب شئون الطلبة"
شئون الطلبة ! كيف لم يخطر بـ بالي أن اسأل عنها هناك بالتأكيد سـ أجد معلومات عنها أو عن أهلها هناك ..
توجهت سريعاً إلى مكتب شئون الطلبة و كانت المسؤولة عن ملفات الطلبة امرأة أربعينية تجلس خلف مكتبها و يبدو أنها مشغولة بأمر ما ..
"مرحباً سيدتي ! أنا طالبة هنا اسمي فريدة و أنا لا أجد زميلتي في السكن أنا ابحث عنها منذ الصباح و لكني لم اجدها هل يمكنك أن تبحثي عن ملفها ؟ ربما أجد فيه أي معلومات عن أهلها لـ اتصل بهم و اخبرهم بالأمر"
ردت علي بهدوء "اهدأي يا عزيزتي و اخبريني ما اسم صديقتك"
أخبرتها بالاسم كامل فـ بدأت تفتش في الملفات عن الاسم
ثم فتحت أحد الأدراج و أخرجت منه عدداً من الملفات و وضعتهم أمامي و قالت لي "هذه جميع الملفات التي تحمل نفس الاسم الذي قلتيه"
بدأت ابحث في جميع الملفات عن صورتها و لكني لم أجدها
"أنا لا أجد ملفها يا سيدتي ، هل أنتِ متأكدة أن هذه هي جميع الملفات التي تحمل اسم جميلة ؟!"
ردت علي باستغراب "أجل أنا متأكدة يا عزيزتي"
"حسناً شكراً لكِ" خرجت من المكتب و أنا محبطة ، كل ما افكر به هو اين جميلة ؟! ..
و بينما أنا تائهة في أفكاري مرت من أمامي طالبة كانت تحضر في جميع المحاضرات التي حضرتها أنا و جميلة .."مهلاً مهلاً انتظري"
التفتت إلي مستغربة فـ أكملت "هل تذكريني ؟ أنا كنت احضر معك في نفس المحاضرات"
ردت علي "اه صحيح لقد تذكرتك أنتِ الفتاة غريبة الأطوار"
نظرت إليها بـ تعجب "ماذا تقصدين بـ غريبة الأطوار ؟"
بدت عليها علامات التوتر "في الحقيقة أنتِ تتصرفين بـ غرابة ، أنتِ تتكلمين مع نفسك و أحياناً تظرين إلى الهواء و تبتسمي و كأنك تنظرين إلى شخص ما غير مرئي"
ما هذا الذي أسمعه أقسم أنني لم أعد أتحمل أنا أكاد أجن نظرت إلى الفتاة و قلت "حسناً ، شكراً لكِ" ثم رحلت من أمامها ..
هل أنا مجنونة ؟! كيف هذا ؟! كيف يعقل أنها لم تكن موجودة لكني كنتُ أراها ! كنتُ أتحدث معها ! كنتُ ألمسها ! لم تكن سراباً بالتأكيد ..
.
.
.
مرت ثلاث سنوات منذ تخرجي من الجامعة أنا لم انسى جميلة ولو لـ لحظة مازلتُ لا أعرف من كانت و من أين جاءت أو إلى أين ذهبت و لا أعرف حتى إن كانت بشرية أم لا ؟!! ..
كل ما أعرفه أنها اختفت من حياتي فجأة كأنها لم تكن ....
__________________
.
رد مع اقتباس