الموضوع: احكام اللحية
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-19-2008, 01:52 AM
 
احكام اللحية

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأتم علينا نعمته، ورضي لنا الإسلام دينًا، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد
فإن إعفاء اللحية من سنن الفطرة التي فطر الله الناس عليها، لا تبديل لخلق الله، وهذه اللحية لها أحكام شرعية تتعلق بها، سوف نتحدث عنها بإيجاز فنقول وبالله التوفيق
تعريف اللحية

هي الشعر الذي ينبت على الخدين والذقن، والجمع لِحِىً، ولُحىٌ بالضم لسان العرب
اللحية زينة للرجال
قال ابن القيم شعر اللحية فيه منافع منها الزينة والوقار والهيبة، ولهذا لا نرى على الصبيان والنساء من الهيبة والوقار ما يُرى على ذوي اللحى، ومنها التمييز بين الرجال التبيان في أقسام القرآن لابن القيم ص
صفة لحية نبينا

عن أبي معمر قال قلنا لخباب أكان رسول الله يقرأ في الظهر والعصر، قال نعم، قلنا بم كنتم تعرفون ذلك ؟ قال باضطراب لحيته البخاري
عن جابر بن سمرة قال كان رسول الله قد شمط شاب مقدم رأسه ولحيته وكان إذا دهن لم يتبين وإذا شعث رأسه تبين، وكان كثير شعر اللحية مسلم
وعن البراء قال كان رسول الله رجلاً مربوعًا عريض ما بين المنكبين كث اللحية، تعلوه حمرة، جُمَّته إلى شحمتي أذنيه، لقد رأيته في حلة حمراء ما رأيت أحسن منه النسائي صحيح
تنبيه هام يجب أن يكون من المعلوم أن الحديث الذي فيه أن نبينا كان يأخذ من طول لحيته وعرضها، حديث موضوع، ولا تقوم به حجة عند علماء الحديث السلسلة الضعيفة ح
حُكم إعفاء اللحية

عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي قال خالفوا المشركين، وفروا اللحى وأحفوا الشوارب وفي رواية مسلم وأوفوا اللحى البخاري ح ، ومسلم
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله «جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس» مسلم
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي أنه أمر بإحفاء الشوارب وإعفاء اللحية مسلم ح
قال الفقهاء إن الأمر يدل على الوجوب حقيقة، وإنما يُصرف إلى غيره بوجود قرينة، وهذا مذهب جمهور الفقهاء والأصوليين
وعلى ذلك نقول وبالله تعالى التوفيق جميع الألفاظ التي وردت في هذه الأحاديث النبوية السابقة تأمر بإعفاء اللحية وتوفيرها وإرخائها، وهي تدل على الوجوب، لعدم وجود الصارف أو القرينة التي تدل على خلاف ذلك، فيجب إعفاء اللحية، وعدم التعرض لها بالحلق، أو التقصير، أو أخذ أي شيء منها، وهذا مذهب جمهور العلماء
فتاوى العلماء في حُكم إعفاء اللحية

نذكر بعضًا من فتاوى العلماء في حكم حلق اللحية
قال الإمام الشافعي رحمه الله اللحية من تمام خلْقة الرجل الأُم
قال ابن حزم رحمه الله أما فرض قص الشارب وإعفاء اللحية فلحديث «خالفوا المشركين، أحفوا الشارب وأعفوا اللحى» المحلى
وقال ابن حزم أيضًا اتفق الفقهاء على أن حلق جميع اللحية مُثْلة، لا تجوزمراتب الإجماع ص
قال الإمام النووي رحمه الله جاء في اللحية خمس روايات أعفوا، وأوفوا، وأرخوا، ووفروا، ومعناها كلها تركها على حالها، هذا هو الظاهر من الحديث الذي تقتضيه ألفاظه، وقال النووي أيضًا والمختار ترك اللحية على حالها وألا يتعرض لها بتقصير شيء أصلاً مسلم بشرح النووي
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يحرم حلق اللحية الفتاوى الكبرى
قال الحصكفي رحمه الله من علماء المذهب الحنفي «يحرم على الرجل قطع لحيته» رد المحتار للحصكفي
قال ابن مفلح الحنبلي رحمه الله من علماء المذهب الحنبلي «يعفي الرجل لحيته، ويحرم حلقها» الفروع لابن مفلح الحنبلي
قال العدوي رحمه الله من علماء المذهب المالكي يحرم إزالة شعر اللحية حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني
قال الشيخ علي محفوظ رحمه الله عضو هيئة كبار العلماء بمصر من أقبح العادات ما اعتاده الناس اليوم من حلق اللحية، وتوفير الشارب، وهذه البدعة سرت إلى المصريين من مخالطة الأجانب، واستحسان عوائدهم، حتى استقبحوا محاسن دينهم، وهجروا سنة نبيهم
عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي قال «خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب» البخاري
والأحاديث في ذلك كثيرة، وكلها نص في وجوب توفير اللحية، وحرمة حلقها، والأخذ منها الإبداع لعلي محفوظ ص ،
قال الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر رحمه الله بعد أن ذكر أدلة الفقهاء في حكم إعفاء اللحية أرى أن أدلة الطلب أي بإعفاء اللحية قوية، وأن القول بالوجوب أي وجوب إعفاء اللحية هو قول جمهور الفقهاء، فهو أرجح فتاوى عطية صقر ج فتوى رقم ص
سُئل الشيخ جاد الحق علي جاد الحق عن حكم إطلاق الأفراد المجندين اللحى، فقال رحمه الله بعد أن ذكر أدلة إعفاء اللحية وأقوال العلماء
إن ترك اللحية وإطلاقها أمر تقره أحكام الإسلام وسننه، إن الفقهاء قد اعتبروا التعدي بإتلاف شعر اللحية حتى لا ينبت جناية من الجنايات التي تستوجب المساءلة، إما بالدية الكاملة كما قال الأئمة أبو حنيفة وأحمد والثوري، أو دية يقدرها الخبراء كما قال الإمامان مالك والشافعي، ولا شك أن هذا الاعتبار من هؤلاء الأئمة يؤكد أن اللحى وإطلاقها أمر مرغوب فيه في الإسلام وأنه من سننه التي ينبغي المحافظة عليها، لما كان ذلك، كان إطلاق الأفراد المجندين اللحى اتباعًا لسنة الإسلام، فلا يؤاخذون على ذلك في ذاته، ولا ينبغي إجبارهم على إزالتها، أو عقابهم بسبب إطلاقها ؛ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وهم متبعون لسنة عملية جرى بها الإسلام، ولما كانوا في إطلاقهم اللحى مقتدين برسول الله لم يجز أن يؤثموا أو يعاقبوا، بل إن من الصالح العام ترغيب الأفراد المجندين وغيرهم في الالتزام بأحكام الدين، فرائضه وسننه، لما في هذا من حفز همتهم، ودفعهم لتحمل المشاق، والالتزام عن طيب نفس حيث يعملون بإيمان وإخلاص، وتبعًا لهذا لا يعتبر امتناع الأفراد الذين أطلقوا اللحى عن إزالتها رافضين عمدًا لأوامر عسكرية، لأنه بافتراض وجود هذا الأمر فإنها فيما يبدو لا تتصل من قريب أو بعيد بمهمة الأفراد، أو تقلل من جهدهم، وإنما قد تكسبهم سمات وخشونة الرجال، وهذا ما تتطلبه المهام المنوطة بهم، ولا يُقال إن مخالفة المشركين تقتضي الآن حلق اللحى، لأن كثيرين من غير المسلمين في الجيوش وفي خارجها يطلقون اللحى، لأنه شتان بين من يطلقها عبادة اتباعًا لسنة الإسلام، وبين من يطلقها لمجرد التجمل وإضفاء سمات الرجولة على نفسه، فالأول منقاد لعبادة يُثاب عليها، إن شاء الله تعالى، والآخر يرتديها كالثوب الذي يرتديه ثم يزدريه بعد أن تنتهي مهمته، ولقد عاب الله الناهين عن طاعته وتوعدهم أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى العلق والله سبحانه وتعالى أعلم
«فتاوى دار الإفتاء المصرية ج ، فتوى رقم ص ، »
حُكم الاستهزاء بمن أعفى لحيته

لا يجوز الاستهزاء بمن أعفى لحيته ؛ لأنه أعفاها استجابة لأمر رسول الله ، وينبغي نصح المستهزئ، وإرشاده، وبيان أن استهزاءه ممن أعفى لحيته جريمة عظيمة يخشى على صاحبها من الردة عن الإسلام ؛ لقوله سبحانه وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ التوبة ،
وقال تعالى إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاَءِ لَضَالُّونَ وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ المطففين فتاوى اللجنة الدائمة ص ،
شبهات والرد عليها

نذكر بعض الشبهات التي يثيرها بعض الناس في شأن اللحية وأصحاب اللحى، ونذكر أيضًا الرد على هذه الشبهات
الشبهة الأولى يقول بعض الناس إن سبب إعفاء اللحية مخالفة غير المسلمين، وهذه العلة غير موجودة الآن ؛ لأن غير المسلمين يعفون لحاهم
الرد على هذه الشبهة من عدة وجوه، نوجزها فيما يلي
أن الأمر بإعفاء اللحية ليس من أجل مخالفة غير المسلمين فحسب، بل هو من خصال الفطرة التي فطر الله الناس عليها
عن عائشة رضي الله عنه قالت قال رسول الله «عشر من الفطرة قص الشارب، وإعفاء اللحية » الحديث مسلم ح
إن الغالبية العظمى من غير المسلمين يحلقون لحاهم الآن، والقليل جدًا منهم يعفون لحاهم
إن الحكم إذا ثبت شرعًا من أجل سبب قد زال، وكان هذا الحكم موافقًا للفطرة، ولشعيرة من شعائر الإسلام، فإنه يبقى ولو زال السبب ومثال ذلك الرمل في الطواف الإسراع بالمشي مع تقارب خطوات الأقدام كان سببه أن يظهر النبي وأصحابه القوة أمام المشركين من أهل مكة، الذين قال بعضهم لبعض يقدم عليكم قوم أضعفتهم حُمى يثرب المدينة ، ومع ذلك فقد زالت هذه العلة وبقي الحكم، حيث رمل النبي وأصحابه في حجة الوداع
الشبهة الثانية يقول بعض الناس إن النبي إنما أعفى لحيته لأن قومه كانوا يعفون لحاهم، وكانت هذه عادة العرب
الرد على هذه الشبهة كان النبي يفعل ويأمر وينهى بما ارتضاه الله تعالى له ولأمته من الأعمال والأخلاق
الشبهة الثالثة يقول بعض الناس إن أصحاب اللحى يخدعون الناس بلحاهم، فجعلوا اللحية وسيلة ليحصلوا بها على متاع الدنيا ليغتر بهم عامة الناس ويظنوا بهم خيرًا، وأنهم من أهل التقوى والصلاح
الرد على هذه الشبهة اعلم أخي الكريم أن هذا ليس ذنب اللحية، إنما هو ذنب الذين يستترون خلف اللحية، إن المكر والخداع موجود في كل مكان وزمان، ولا يختص بأصحاب اللحية فقط
حقًا هناك بعض الناس الذين يحلقون لحاهم، ولكنهم يحافظون على أداء الفرائض أكثر من بعض الذين يعفون لحاهم، ولكن يجب أن نعترف أيضًا أنهم عاصون لأمر نبينا في عدم إعفاء اللحية، فإن وجود بعض الناس الذين يستترون خلف اللحية، ويخدعون الناس بلحاهم، لا يُحل لنا أن نحلق اللحية، ونترك ما أمرنا به نبينا ، بل يجب أن نمتثل لأمر نبينا ونصلح أحوالنا، وننصح أهل المكر والخداع بالحكمة والموعظة الحسنة
وللحديث بقية إن شاء الله
__________________
لا قرت اعين الجبناء
رد مع اقتباس